رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الخيانة

إن الإنسان في رمضان يحرص كل الحرص على الامتثال لتوجيهات الدين وتعاليمه حتى يفوز بما أعده الله لعباده المخلصين، فهو يحافظ على قيم الإسلام وآدابه ومن القيم الأساسية في الإسلام أداء الأمانة، وهي التزام الإنسان بالقيام بحق الله وعبادته على الوجه الذي شرعه مخلصا له الدين وكذلك التزام بالقيام بحقوق الناس من غير تقصير فكما تحب أن يقوموا بحقوقك من غير تقصير فإنهم يحبون أن تقوم بحقوقهم من غير تقصير فالحرص على أدائها أمر واجب يلتزم به الإنسان بصورة عامة تؤدي جميعها إلى هدف واحد وهو أداء الأمانة حسب مقتضيات الحال، فالأمانة قد تعني المحافظة على الشيء الذي يتم إيداعه لدى الإنسان كما أن الأمانة قد تعني المحافظة على العهد في الحالات العامة كالموظف الذي يحافظ على أداء عمله بإتقان وإخلاص ومن أبرز معاني الأمانة دخولها في مجال العبادة لله عز وجل ولذلك ورد في كثير من توجيهات القرآن الكريم وهديه الأمر لكل مسلم بالمحافظة على أداء الأمانات إلى أهلها، والمحافظة على الأعراض والأنساب والبعد عن ما يهتك الأعراض ويكون وسيلة لخراب البيوت وتدمير الأسر، من أجل التسلية بالتقنيات الحديثة ووسائل الاتصال فكم من متزوج يتحدث مع امرأة غيره وهو لا يستحي ولا يرعى حرمة زوجته وكم من امرأة تخون زوجها بالحديث والرسائل مع من لا يجوز الحديث معه كيف يكون لك ذلك، وأنت في رمضان صائم معك ملكان يعددان عليك أعمالك ويسجلان ما يكون منك إما لك وإما عليك، فلا تخسر نفسك ولا تخسر بيتك لأن البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت فاعمل ما شئت فكما تدين تدان. إن عبادة الله عز وجل وعمارة الكون بما يرضي الله سبحانه وتعالى باعتبارهما الهدف من وجود الإنسان أمانة يجب على كل إنسان الوفاء بها، فلا راحة في الحياة مهما تيسرت فيها سبل الرخاء، وتنوعت فيها وسائل المتع والملذات، دون أن يشعر فيها الإنسان بالأمان من البوائق، والسلامة من الشرور وينعم بظل الأمن الوافر حتى تستقر القلوب في حنايا الصدور، ولا يتحقق ذلك إلا بالإيمان الصادق بالله، والقيام بالأمانات الموكولة إلى الناس، فالأمانة أم الفضائل ومنبع الطمأنينة وهي من أبرز أمارات الإيمان، ودلائل التقوى بل إن الإيمان نفسه أمانة في عنق العبد، فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، ولا عجب فرسل الله يختارون من أشرف الناس طباعا وأزكاهم معادنا فظلت نفوسهم معتصمة بالفضيلة والمحافظة على حقوق الله وحقوق العباد وهدا يتطلب أخلاقا لا تتغير لاختلاف الأيام ومنها تحلي الرسل بالأمانة وإن من أجل الصفات لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي الصادق الأمين لذلك تجد حرصه في هديه لأمته وتربيتهم على الفضائل وحسن الخلق، فمن معاني الأمانة أن يحرص المرء على أداء واجبه كاملا في العمل الذي يناط به ويستنفذ جهده في إتمامه تمام الإحسان وأن يخلص الرجل لشغله وأن يعتني بإجادته، فلقد فرض الإسلام على المسلمين الأخذ بخلق الأمانة، وحرم عليهم أن يسلكوا مسالك الخيانة، فمن كان أمينا كان مطيعا لربه في إسلامه، ومن كان خائنا كان عاصيا لربه في إسلامه.إن الأمانة من أجل صفات المسلم التي تظهر بها ديانته، فهي الفضيلة العظمى والمسؤولية الكبرى، وهي قيمة كبرى من قيم الدين الحنيف التي تصان بها الحقوق وتحفظ بها الواجبات من الضياع، إنها الفريضة التي يتواصى المسلمون برعايتها، ويستعينون بالله تعالى على حفظها وقد أمر الله عباده المؤمنين بالمحافظة على الأمانة وأدائها إلى أهلها، وأن يحكموا بين الناس في تقويم أفعالهم وتصرفاتهم بالعدل يقول الله تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" فينبغي أن يكون المسلم ذا ضمير يقظ، تصان به حقوق الله تعالى وحقوق الناس، وتحرس به الأعمال من دواعي التفريط والإهمال وأن يكونوا أمناء.

431

| 15 يوليو 2014

إذا خاصم فجر

إن الصيام فريضة من فرائض الله تعالى وركن من أركان الإسلام التي يطهر الله بها المؤمن من أدران الذنوب والآثام، وهذا ما أوجبه الإسلام علينا في هذه الأيام المباركة، أن نتزود وخير الزاد التقوى ونبتعد عن كل ما يقطع أواصر المحبة بين الناس، فالغضب جمرة في جوف ابن آدم، فالناس يحتاج بعضهم إلى بعض وهذه سنة اجتماعية في الكون، فهي فطرة الله التي فطر الناس عليها، ومن المعلوم علميا أن الإنسان مدني بطبعه، فهو يحب أبناء جنسه ومجالستهم ومؤانستهم والتعامل معهم في حياته اليومية بمختلف المجالات، فتتكون لديه كثير من العلاقات، ولكن قد تنفصم هذه العلاقة، بل ربما تتحول إلى كره شديد وانقطاع دائم وذلك يرجع إلى التقصير في حفظ أسباب العلاقات الجيدة والتواصل الحسن، عندئذ ترى هتك الأعراض والحديث عن الصحاب بما لا يليق، وتناول الرسائل عليه بما يدمر حياته ويسيء إليه، وذلك ما هو إلا فجور في الخصومة ويعد هذا من أعظم الذنوب، فإنه بهذا يكون قد وقع في النفاق، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، وقام بالإساءة إلى الناس وهذا من سوء الأخلاق، والتشهير بالناس وهذا بهتان مفترى، فكم من الآثام يقترف من يفجر في خصومته ويجعل من وسائل التواصل وسيلة لإشباع رغبته الدنيئة، والتي ستكون سببا في تدمير حسناتك وسببا في دخولك النار، لأنك لم تحسن استخدام نعم الله بالحسنى وإنما وظفت ذلك في الدناءة والخسة.لقد ركب الله في الإنسان العديد من الغرائز والأحاسيس، فهو يتأثر بما يجري حوله، ويتفاعل بما يشاهد ويسمع من الآخرين، فيضحك ويبكي ويفرح ويحزن، ويرضى ويغضب، إلى آخر تلك الانفعالات النفسية، فلقد خلق الله تعالى الإنسان من تراب الأرض بجميع أنواعه الأبيض منها والأسود، والطيب والرديء، فنشأت نفوس الناس متباينة الطباع مختلفة المشارب، فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها، ومن هذا المنطلق راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وصاياه للناس، إذ كان يوصي كل فرد بما يناسبه وما يعينه في تهذيب النفس وتزكيتها إلا دوام المحبة بين أفراد المجتمع المسلم، لأن مجتمع المؤمنين لا تقوم المعاملة بين أفراده على المؤاخذة والمحاسبة والانتصار للذات، وإنما تقوم فيه المعاملة بين الأفراد على السماحة والصفح والصبر، فمن الأمور التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها الاسترسال في الغضب، فقد يخرج الإنسان بسببه عن طوره، وربما جره إلى أمور لا تحمد عقباها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: (لا تغضب، فردد مرارا: لا تغضب).بهذه الكلمة الموجزة يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الخلق الذميم، فالغضب جماع الشر ومصدر كل بلية، مما يجر المرء لفعل المحرمات، خاصة في وجود مسائل التواص الاجتماعي، فكم مزقت به من صلات وقطعت به من أرحام وأشعلت به نار العداوات، وارتكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها ساعة لا ينفع الندم، إنه غليان في القلب وهيجان في المشاعر، يسري في النفس فترى صاحبه محمر الوجه، تقدح عيناه الشرر، فبعد أن كان هادئا متزنا، إذا به يتحول إلى كائن آخر يختلف كلية عن تلك الصورة الهادئة، كالبركان الثائر الذي يقذف حممه على كل أحد، ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بالنهي عن هذه الآفة وبيان آثارها، بل بين الوسائل والعلاجات التي يستعين بها الإنسان على التخفيف من حدة الغضب وتجنب غوائله، فكل إنسان يغضب، وعادة ما يكون الغضب في بدايته صعبا، فإذا استطعت أن تسيطر عليه في بدايته ترتاح وتتخلص منه بسهولة، فليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب، فإن السيئة إذا قوبلت دائما بالسيئة أحرقت الصدور، وأورثت الأحقاد وأنبتت الضغائن، أما إذا قوبلت السيئة بالحسنة أطفأت أثوار الغضب وهدأت من فورة النفس، فلدوام الألفة بينك وبين من تتعامل معهم من بني البشر حسن المعاشرة واستمرار المحبة.

567

| 14 يوليو 2014

النفاق الاجتماعي

إن المرء الذي يسعى إلى السعادة ينشدها لابد وأن يعلم أن السعادة تتحقق له عند إسعاد الآخرين وإننا في هذه الأيام الطيبة أيام شهر رمضان أيام البر والإنفاق أيام يضاعف الله سبحانه وتعالى فيها الأجور والحسنات لمن أراد أن يتاجر مع الله فيبحث عن أبناء الأمة ويدخل عليهم السرور والسعادة فالإسلام دين التكافل الاجتماعي والتراحم والتعاون جعل العدالة الاجتماعية إحدى دعائم الدين وتكاليفه الشرعية، فمن أهم عوارض الإخلاص وأشهرها الرياء الذي يمكن أن نقول بأنه العمل لأجل البشر وهناك عارض آخر يطرأ على الإخلاص ولا يقل خطورة عن سابقه وربما يكون قسيما له لكن قل من يتفطن له وهو عبادة النفس بأن يعمل العامل العمل لأجل نفسه وامتداحها والثناء عليها ويعد هذا من عظيم خصال النفاق التي تدمر الحسنات ويخلو قلب صاحبها من الإخلاص ويكون ذلك محبط للعمل، فيأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، قال تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) الفرقان:23. إن المتيقن لاستخدام التقنيات الحديثة من وسائل الاتصال يجد أنها في غالبيتها تقوم على الكذب في الحديث وإخلاف الوعد والخيانة وكل هذا من علامات المنافق التي أخبرنا بها الهدي النبوي، فهذا يتحدث بشخصية غير شخصيته وهذا يوعد بما لا يستطيع فعله وآخر يقع في المحرمات، أليس من الأجدر بك أن تعي ما يدمر حسناتك وتبتعد عنه وما يضيع صيامك وتتقيه فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، فمن خصال المنافق المذمومة أنه يفعل فعلا ويظهر أنه قصد به الخير ولكن في الحقيقة يهدف من ورائه خديعة من ينافقه للوصول إلى أهداف معينة وهو في ذلك يمارس التضليل والتملق والتزلف والإطراء والثناء لمن ينافق ومن خصال المنافق أيضا التذبذب والتقلب فهو اليوم مع من له عنده حاجة وغدا مع غيره أي انه دائما انتهازي يخفي من ذميم الصفات ما يبديه من الكلام الجميل والمدح المبالغ فيه، ويعد هذا من الأمراض الخطيرة التي تصيب الأمم وهو النفاق المدمر بعينه والذي له آثار سلبية تدميرية على أفراد المجتمع فالبعض يرى أنه طبخة شيطانية مركبة من كل العيوب والمطامع الشخصية كالجبن والطمع، فالمنافقون أنانيون بالطبع ولا يهمهم سوى ضمان مصالحهم ويبررون سلوكهم الفاسد ويعتبرون ما يقومون به كياسة وفطنة أو فن تعامل أو دبلوماسية.وتكمن الخطورة الشديدة لهذا المرض الفتاك بالأعمال الصالحة والمدمر لها وهو الأنانية والتطلع لحب النفس وإيثار الذات، وفي الحقيقة أن النفاق إحدى حالات الانحراف وعقده نقص لدى البعض ومن أخطاره أن من الناس من يقع في شرك المنافقين ويصاب بداء العجب والتيه، فليس ظاهر الإنسان ولا ظاهر الحياة الدنيا، هو الذي يمنحه من الله رضوانه وعفوه وغفرانه، فإن الله تبارك وتعالى يقبل على عباده المخبتين المخلصين، ويقبل منهم ما يتقربون به إليه، أما ما عدا ذلك من زخارف الدنيا وتكلفات البشر فلا قيمة له ولا اكتراث به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) رواه مسلم، وجاء في الحديث أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز منها ما كان الله وما كان لغير الله رمى به في نار جهنم) رواه البيهقي، إن النفاق ظاهرة نفسية راجعة إلى فساد الطبائع وخلو نفس المنافق من القيم والمبادئ التي يربي الإسلام عليها أبناءه وعادة يكون المنافق مرائيا ومداهنا ويعمل على التعدي على حقوق الآخرين حتى ولو كان هناك تجاوز للفضيلة والشرف من خلال التفريق والدس والوقيعة بين الناس واستغلال الخلافات وتوسيع شقتها والإفساد في الأرض فهذا هو الداء العضال والانحراف الخلقي الخطير في حياة الأفراد، والمجتمعات والأمم، فخطره عظيم وشرور أهله كثيرة، وتبدو خطورته الكبيرة حينما نلاحظ آثاره المدمرة على الأمة كافة.

2373

| 13 يوليو 2014

العشق المحرم

إن الإنسان هو المستخلف في هذه الأرض لتعميرها، فهو يعمرها بالخير ويهدمها بالشر، لذا ينبغي عليه أن يعلم أن الله جعل له في أيام دهره نفحات وأمره بالتعرض لها لعل يصيب أحدنا نفحة فتكون سببا لسعادة البشرية لما يعود النفع على الفرد والمجتمع وهذه الأيام المباركة أيام شهر رمضان والتي نتعلم من خلالها الخلق الكريم، فالمسلم الحق يتصف بالخلق الحسن تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن كما أجابت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه، وقد مدحه الله سبحانه وتعالى في قوله: "وإنك لعلى خلق عظيم"، فإن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله، يميز الإنسان المسلم عن غيره بالإخلاص العميق في الأخلاق التي يتصف بها وبثبات هذه الأخلاق وديمومتها فيه، مهما تقلبت الأيام وتغيرت الأحوال، ذلك بأنها صادرة عن وجدان حي مرهف يستحي من الخلق السيئ ويجتنبه، ويعلم أن الله عز وجل مطلع على الخفي من الأسرار فيستحي منه قبل حيائه من الناس المطلعين على الظاهر من أخباره.وهذا الحياء من الله هو مفرق الطريق بين أخلاق المسلم وأخلاق غير المسلم، أما ما نراه من حديث بين الشباب والفتيات عن الحب والميل للنساء والوقوع في المحرمات وذلك من خلال ما يسمى بالتقنية الحديثة من وسائل للتواصل والتي ملأت الدنيا زورا وبهتانا من اقتراف الآثام والمعاصي باسم الحب والحب منهم بريء، لأن الإسلام وضع قيودا للحب، فالحب وهو الميل إلى الشيء ومنه ما هو مشروع ومنه ما هو مذموم، فمحبة الله ورسوله فرض على كل مسلم ومسلمة، بل إن تلك المحبة شرط من شروط الإيمان وحب المؤمنين والعلماء والصالحين وذلك من أفضل القربات وأجل العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل ومن أنواعه محبة الزوجة والأولاد، فحب الزوجة أمر جبلي مكتسب، إذ يميل المرء إلى زوجته بالفطرة ويسكن إليها، ويزيد في حبه لها إن كانت جميلة، أو ذات خلق ودين، أو لديها من الصفات ما يجعل قلب زوجها يميل إليها وكذا محبة الولد أمر فطري. أما الحب بين الفتيان والفتيات إن كان صاحب تقى وذا دين يخشى الله وقذف في قلبه حب امرأة فاتقى الله تعالى وغض طرفه، حتى إذا وجد سبيلا إلى الزواج منها تزوجها وإلا فإنه يصرف قلبه عنها، لئلا يشتغل بما لا فائدة من ورائه فيضيع حدود الله وواجباته، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) رواه ابن ماجة. أما من تمكن الحب من قلبه مع عدم قدرته على إعفاف نفسه حتى انقلب هذا إلى عشق، وغالب ذلك عشق صور ومحاسن وهذا اللون من الحب محرم وعواقبه وخيمة والعشق مرض من أمراض القلب مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم عز على الأطباء علاجه وأعيى العليل دواؤه وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، ومن هؤلاء من يجعلون لأنفسهم أخدانا ويعشق من خلال التواصل الاجتماعي والذي ينتج من خلاله كثير من البلايا وعظام الأمور التي تعرض الفتيان والفتيات للضياع، تضيع أوقاتهم وتضيع حسناتهم ويظهر منهم ما لا تحمد عقباه فمعظم النار من مستصغر الشرر فإنه سراب يجرهم للمهالك ويوردهم المآسي والمحن بأمراض نفسية عظيمة، فإذا امتلأ القلب بمحبة الله والشوق إليه دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، وأكثر من يقيم علاقات من حب أو نحوه قبل الشروع في الزواج فإنه يكون عاشقا وصده ذلك عن كثير من الواجبات. ولقد بين الشارع الحكيم علاج الحب بصورة عملية، وحدد مصارف الشهوة التي تذكي جذوته، بدءا بغض البصر والبعد عن المثيرات ودوام المراقبة وكسر الشهوة بالصيام وعند القدرة على النكاح بالزواج، فالإنسان الحق الخلوق لطيف يحسن اللطف ويتحلى بحسن الأخلاق.

8312

| 12 يوليو 2014

الصديق السوء

إن المرء دائما يحاول السعي نحو الكمال ويحث السير إلى الارتقاء المادي والنفسي، فإن مستقبله عند الله مرتبط بالمرحلة التي يبلغها في تقدمه، فإن أدركه الموت وهو في القمة كان من أصحاب الفردوس الأعلى، وإن أدركه وهو في هذه أعمى حشر يوم العرض أعمى، ومن كان قذرا بعث كذلك وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل الحريص على نقاوة بدنه ووضاءة وجهه ونظافة أعضائه يبعث على حالته تلك وضيء الوجه أغر الجبين، نقي البدن والأعضاء فكيف بالمرء وهو صائم يذهب إلى المساجد يتزين ليظهر أمام الناس شامة فإن الهدي النبوي يعلمنا أن المسلم الحق صحيح الجسم قوي البدن لبعده عن المنهكات والمهلكات من الأشياء الضارة الخبيثة المحرمة، ولتجنبه العادات السيئة المجهدة والمنهكة والتي توهي العزيمة ومنها الحرص على مجموعات التواصل دون معرفة كافية عن هؤلاء الذين تقضي معهم عظيم الوقت، فلربما أن يجرك أحدهم إلى المهالك بأفعالها الخبيثة السيئة إنه صديق السوء الذي يضيع صيامك وذكرك وقرآنك، فهل وعى الآباء خطورة اختلاط الأبناء بذويهم من بني جنسهم من زملائهم في التواصل مما يجعل له التأثير الكبير في حياة الأبناء إما بالسلب أو بالإيجاب وهذا يتوقف على نوعية ما يتأثر به الأبناء من أصدقاء، ومن هنا يجب أن ننتبه لهذه الناحية المهمة في علاقات أبنائنا وأن نتدخل بين الحين والآخر لنوجه هذه العلاقات وجهتها السليمة وأن نحرص على أن تكون صداقتهم ورفقتهم للنوعيات الجادة، كريمة الخلق والمعتقد والسلوك فإن أمامهم مستقبلا يحتاج إلى جدية وجهد وعمل، وإذا اتضح لنا أن الصلات نشأت بينهم وبين النوعيات الفاضلة يجب أن نصعدها وننميها ونرعاها بكل جهودنا وتفكيرنا، فمن خلال مجموعات الشات وغيره من وسائل التواصل يكون له كثير من الصدقات وربما تكون صداقات محرمة في الإسلام، فللصديق أصدقاء آخرون على شاكلته وهكذا يصبح صديق الصديق صديقا، ومع الزمن تتكامل السلسلة من أصدقاء فاضلين يشكلون مجتمعا تخفق في أعماق ضميره ووجدانه رايات الخير والفضيلة.إن الصديق يترك تأثيراته السلبية والإيجابية من خلال الجانب الشعوري على صديقه، مما يجعل مسألة الصداقة من المسائل التي تتصل بالمصير الإنساني في كثير من الحالات، فإننا نجد أن ديننا الحنيف قد أصل لهذه القواعد أصولها، وتناول قضية اختيار الصديق بتحليل مستفيض اختزن من فيضه تلك القواعد في أحسن سياق وأجمل مثال يفهمه الخاصة والعامة، ويفهمه كل من أراد أن يجعل من صحبته من يستفاد به في حياته ويعينه على الطاعة، ويكون له مصدر سعادة، يذكره إذا نسى ويشاركه الأفراح والأحزان، فلقد جاء في الهدي النبوي دعوة المسلم إلى النظر بعين التأمل والتحقق من الصاحب والخليل فقال صلى الله عليه وسلم:(المرء على دينه خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود، فالناس أشكال كأشكال الطير فكل يقع على شاكلته، وكل إنسان مع شكله ومن طلب الفضائل لم يساير إلا أهلها، ولم يرافق في تلك الطريق إلا أكرم صديق من أهل المواساة والبر والصدق وكرم العشرة والصبر والوفاء والأمانة والحلم، إن مثل هذه الخطوط التربوية التي انطلق منها هدي الإسلام في الجانب العام من تأثر الإنسان بالإنسان الآخر، وضرورة أن يبقى الإنسان مع فكره بحيث لا يخضع فكره للآخرين، وأن يتخلص من الأجواء الضاغطة، وأن يعمل على أساس أن يحمي إيمانه بالشكل الأساسي باعتبار أن الصداقات التي كانت تتحرك من خلال الأوضاع الطارئة في الدنيا سوف تنفتح على نتائج المسؤولية في الآخرة، ولذلك فإن الناس عندما يتحدثون عن الصداقة فإنهم يتحدثون عن الوفاء وعن التضحية فالصديق ينفعك وقت الضيق، ونحن عندما نفكر في الصداقة في دائرتها الشعورية المنفتحة على الدائرة الإيمانية، فإننا نرى أن الإسلام يفرض على الإنسان المؤمن أن ينفتح على أخيه المؤمن ليحمل همه وليفرج كربه وليقضي حاجته وليعينه في جميع أموره وليحفظه في نفسه وماله وعرضه.

1570

| 11 يوليو 2014

التناصح بالبر والوفاء

إن الخالق سبحانه وتعالى من على هذه الأمة بمنن كثيرة وجليلة فجعل لها في الأيام عبرة، وخاصة أيام رمضان ولياليه المباركة التي نعيشها حقا، إنها أيام طيبة خصها العزيز الكريم سبحانه بالتكريم والتفضيل، فهي خير أيام نلتمس خلالها الرحمة من الرحمن الرحيم، فالذكريات كثيرة صيام وبر وقرآن وذكر وطاعة وإحسان، فشهر رمضان أيامه كلها مباركة خصها الله تعالى بالتشريف؛ لأنه شهر الصيام وشهر القرآن وشهر البر والإحسان، يتقرب فيه المسلم بالطاعة فيربح هذه الأيام الطيبة ويكتب عند الله تعالى من الفائزين، فيكون الصيام شفيعا له يوم القيامة يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فالصيام والقرآن يشفعان للعبد، فكل مسلم يستثمر وقته فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، ومما لاشك فيه أن لوسائل الإعلام دورا مهما جدا في توجيه المجتمعات لما ينفعهم في حياتهم الدنيا وبما يعود عليهم ثوابه وأجره في الآخرة، وتربية المجتمع على الأسس والمبادئ الإسلامية، وبث القيم في نفوس الناس، مما يكون له الأثر البالغ في تربية الأجيال وبناء الأمة والمساعدة في رقيها وتقدمها، ولا يكون ذلك إلا إذا وظفت هذه الوسائل توظيفا صحيحا في البناء الصحيح الذي يقوم على أسس سليمة حتى يؤتي هذا التوظيف الثمار الطيبة.فالصائم لا يسعه أمام هذا الهدي النبوي العالي إلا أن يخفق قلبه بحب إخوانه وأخلائه ويقبل عليهم بقلبه ومشاعره، فإذا هو عنصر خير ووئام وبناء في دنياه والفائز برضوان ربه ومحبته في أخراه ومن مقتضيات المحبة والنصيحة والبر والوفاء، والمسلم الحق المتمثل أحكام دينه وقيمه لطيف المشاعر مع إخوانه رفيق بهم آلف لهم مألوف لديهم، وهو في ذلك كله يستقي من توجيهات الإسلام التي تحض على مكارم الأخلاق، لم يوكل الحق سبحانه وتعالى فهم شرعه إلى آراء البشر وأهواءهم، بل تولى تفاصيل شرعه بنفسه وأكمل دينه لعباده بحيث لا يقبل زيادة ولا نقصانا، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) سورة المائدة :3. وقال عليه الصلاة والسلام: (تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك) فإن الله سبحانه وتعالى عندما بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين القويم، بين فيه ما يحتاج إليه الخلق مما فيه صلاحهم في دنياهم وأخراهم بيانا واضحا لا لبس فيه ولا خفاء، فما أجمل أن يكون هناك أعلام إسلامي متميز يتمثل في الفضائيات الإسلامية التي أخذت على عاتقها مهمة جليلة ورسالة سامية تتمثل في تبصير الناس بأمور دينهم والتعريف بمبادئ الدين الحنيف وإظهار عظمة الإسلام وسماحته في التعامل مع الآخرين وبيان سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم مخلوق عرفته البشرية الذي ملأ الدنيا عدلا وحكمة ونورا أضاء مشارق الأرض ومغاربه يقول الله تعالى: (ولتكن منك امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) آل عمران : 104، ومن أجل أن يعرف هؤلاء الدعاة أهمية مسؤولياتهم وخطورتها، فإننا نقول إن بناء عمارة مهما عظمت يسهل إذا قيس ببناء الإنسان على قواعد الإيمان والتوحيد وعلى قواعد المنهاج الرباني، فبناء العمارات مهمة يقوم بها المهندسون والفنيون، فمثل هذه القنوات الإسلامية التي تقوم بالبناء والأعداد وإظهار عظمة الدين الإسلامي فنقول أن عليهم أمانة البناء والبحث والدراسة فيما يهم أمر المسلمين والبعد عن مواطن الإختلاف التي يكون لها أثر سيء على المجتمع المسلم وانتقاء ما يفيد المسلم في دنياه وأخراه، فمن أجل لقاء المؤمنين الصادقين العاملين وبناء الأمة المسلمة الواحدة، ومن أجل العهد مع الله والأمانة والخلافة والعمارة والعبادة التي خلق الإنسان لها، والوفاء بها في الحياة الدنيا، فإننا نذكر بأنه يجب أن نتعاون فيما أمر الله، وأن نتعاون في كل خير بما يعود نفعه علينا وعلى أمتنا.فلا ينقي الصدور ويطهرها ولا ينتزع الحسد من النفوس إلا أخوة صادقة عالية تسود حياة المسلمين وتقوم على المحبة والتواد والتناصح والألفة والبشاشة ويطهرها من الكيد والغل والحسد و التباغض، لذلك دعا الهدي النبوي إلى إفشاء السلام بين الإخوة ليكون مفتاح القلوب للمحبة والتلاقي على الخير، وكان صلوات الله وسلامه عليه يكرر هذا المعنى على مسامع أصحابه، حريصا على إلقاء بذرة المحبة في القلوب وتعهدها بالرعاية، حتى تثمر ذلك الحب المضيء الكبير الذي أراده الإسلام للمسلمين، وبهذه المحبة الناصعة بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم جيل الإسلام الأول الذي بلغ رسالة السماء إلى الأرض، وكان القاعدة الصلبة التي حملت صرح الإسلام الشامخ للناس، مما يجب على الإعلام أن ينتهج هذا النهج المحمدي الذي فيه صلاح الأنفس والمجتمعات.

812

| 10 يوليو 2014

ضياع الأوقات

إن الإنسان المطيع لله تعالى هو الذي يسعى نحو القرب والكمال، يغتنم الأيام والليالي في سبيل الظفر بجنة عرضها السموات والأرض. وإن المسلم في هذا الشهر الكريم، شهر رمضان شهر القرب والإحسان والطاعة والغفران، فهو يسعى لعمل الخير ونشر الخير، يسعد نفسه ويسعد من حوله، فإن مبادئ الإسلام وقيمه ترشد الإنسان بالحسنى لمحاولة إقناعه أن محبته الشديدة للمال والثراء قد تورده المتالف، وأنه لو فكر في حقيقة ما يملك وفي عاقبته لرأى أن السماحة أفضل من الأثرة، والعطاء خير من البخل والعمل خير من الكسل والمحافظة على الأوقات من أفضل الطاعات. أما إنها أيام تمر وسنوات تعد ولا ندري أنعد الأيام أم الأيام هي التي تعدنا وإننا وسط هذا وذاك من الغافلين، فالمسلم الحق الصادق يقظ القلب متفتح البصيرة منتبه إلى بديع صنع الله في الكون، موقن بأن يده الخفية العليا هي التي تسير أمر الكون وشؤون الناس، ومن هنا هو ذاكر دوما لله تعالى يرى آثار قدرته غير المحدودة في كل ومضة من ومضات الحياة، وفي كل مشهد من مشاهد الكون. فيتذكر صيامه ويتعظ بأيام الله ويغتنمها في التقرب إلى الله بالطاعة والامتثال لأمره ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فيزداد إيمانا به وذكرا له، وتوكلا عليه ويعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الكون عبثا، فهو موقن بالبعث وسوف يسأله الله عز وجل عن أعماله وأوقاته، فهو يقرأ قوله تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد) المجادلة: 6، فلا يجلس فريسة لوسائل التواصل الحديثة، فيضيع وقته ويقل عمره وهو سيسأل عن ذلك يوم القيامة. وإن المتأمل في آيات الله عز وجل، تتجلى أمام عينيه أهمية الوقت وقيمته وحيث يقسم الله تعالى بالوقت على مختلف مدارات الزمن في كثير من الآيات ومنها الفجر والضحى والصبح والشمس والقمر والليل والنهار، فإن الإسلام دين يعرف قيمة الوقت، يقدر خطورة الزمن ويؤكد الحكمة الغالية أن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.ولمعرفة أهمية الوقت وقيمته في الشريعة الإسلامية لابد أن يدرك المسلم أن الإسلام قد وزع عباداته الكبرى على أجزاء اليوم وفصول العام، فالصلوات الخمس تكتنف اليوم كله ورب العالمين لم يخلق شيئا عبثا، وقبيح بالناس أن يظنوا محياهم في هذا الوجود الرتيب سدى، الناس في غفلة عن هذه القيمة وهي قيمة الانتفاع بالزمن، إنه الميدان الذي أعد للسباق الطويل، السباق الذي لا يتقدم فيه إلا من يعرف ربه ويذكر حقه ويشكر نعمه، ومن يجعل من تواصل السنين تواصل دأب ونصب لإحراز الراحة الكبرى، أما الذاهلون عن هذه المعاني الهائمون وراء منافعهم المعجلة، فهم حمقى لا ينتصحون من حكمة ولا يستفيدون من درس، فتهيأ أيها المسلم للانتفاع من وقتك وعدم ضياعه سدى وتأمل أنه ما من يوم ينشق فجره إلا نادى منادٍ من قبل الحق: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة. فإن عمرك رأس مالك الضخم، ولسوف تسأل عن كل لحظة قضيتها وتصرفك فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن عمله ماذا فعل فيه) رواه الترمذي، والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه، فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان كان حكيما في محاربة طوائف المبطلين، الذين ينادي بعضهم بعضا، تعالَ نقتل الوقت بشيء من التسلية وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر، وإن قتل الوقت على هذا النحو إهلاك للفرد وضياع لعمره.

535

| 10 يوليو 2014

الغرور المدمر

أيام مباركة صيام وذكر وقرآن وشكر، ألسنة رطبة بذكر العلي القدير وأيد سخية ندية تعطي ولا تخش من ذي العرش إقلالا، وقلوب مخبته تفكر في خالقها وتسعى لنيل رضوانه، فالمرء الذي يسعى إلى النجاح ينبغي عليه أن يتحلى بعظيم الخلق فليكن لديه ثقة بنفسه يسعى نحو التفوق بخطى مدروسة ومعلومة يزينها التوكل على الله والاعتماد عليه فتجده واثقا بنفسه يسير على الأرض ملكا يعلم أن الخالق سبحانه وتعالى يحب عباده المتواضعين لأنهم أقوام أرواحهم مشرقة وأفئدتهم عامرة، وقلوبهم مضيئة بنور الإيمان الخالص الذي لا تشوبه شائبة فهم ينكرون ذاتهم لأنهم عقلاء لا يعرفون إلا سيدهم وولي نعمتهم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، فأوجد وخلق وأعطى ورزق، أما الذي يمتلئ قلبه بالغرور ويظن أنه لا يوجد في الدنيا غيره ويريد أن يكون فارس زمانه، فيرسل رسائله المسومة ليوقع في شباكه أصحاب القلوب المريضة فهو يقع في شر أعماله فإن الذي يتطاول بعلمه أو يتكبر بماله أو يغتر بذاته دائما فسيبتليه الله بنكبات لا مخرج منها إلا بقدر العزيز القدير.أما المطيع لربه المتواضع لنيل رفعة من الخالق فإنه يخلص العمل لله تعالى طمعا في نيل الثواب والأجر وإننا في هذه الأيام المباركة أيام رمضان والتي فرض الله علينا صيامه والذي يعد عنوانا للإخلاص والقرب من الله تعالى فعندما يسطع شعاعه في النفس يزداد المرء قربا لله تعالى وأشد ما يكون تألقا في الشدائد المحرجة فإن الإنسان عندها ينسلخ من أهوائه ويبرأ من أخطائه ويقف في ساحة الله أوابا، يرجو رحمته ويخاف عذابه، فالقلب المقفر من الإخلاص، لا ينبت قبولا، والقشور الخادعة لا تغني عن اللباب الرديء شيئا، إلا ما أنفس الإخلاص وأغزر بركته، أنه يخالط القليل فينميه حتى يزن الجبال ويخلو منه الكثير من العمل فلا يزن عند الله هباءة، فإن الثقة بالنفس تأتي من عوامل عديدة منها تكرار النجاح، والقدرة على تجاوز الصعوبات والمواقف المحرجة والحكمة في التعامل وتوطين النفس على تقبل النتائج مهما كانت والحرص على تصويب الأخطاء والاستفادة منها ومعالجة السلبيات وهذا شيء إيجابي، أما إذا امتزجت النفس بجحود أو اقترنت باستكبار وغرور وامتلأ صاحبها بالعجب والتيه فتؤدي به إلى الضلال وتورده المهالك وتكون سببا في خلوده في النار والعياذ بالله، فلقد امتلك قارون القناطير المقنطرة وما عاب أحد ذلك عليه بل طلبوا منه أن يعرف مصدر النعمة ويتوجه إلى المنعم عليه بهذا الفضل بالحمد والشكر وأن يبتغي بماله وعلمه الدار الآخرة مع استمتاعه بالحياة الدنيا، لكنه اختار طريق البغي والبطر ولجأ إلى التعالي والغطرسة وقال كلمته الفاجرة كما وضحت لنا آيات القرآن الكريم يقول الله تعالى: (قال إنما أوتيته على علم عندي)القصص: 78 وهي كلمة المطموس المغرور الذي يحسب الأسباب الظاهرة هي سبب كل شيء ويتناسى قدرة العليم الخبير الذي يعلم ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة يدبر الأمر فكل ما يجري في هذا الكون العجيب بتقدير العزيز العليم.فعلى قدر نقاء السريرة تكتب الحسنات وليس ظاهر الإنسان هو الذي يمنحه من الله رضوانه، فإن الله تبارك وتعالى يقبل على عباده المخبتين المخلصين ويقبل منهم ما يتقربون به إليه، أما ما عدا ذلك من زخارف الدنيا وتكلفات البشر فلا قيمة له ولا اكتراث به لذلك يعلمنا الهدي النبوي إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم فمن ربط حياته بهذه الحقائق فقد استراح في معاشه وتأهب لمعاده فلا يضيره ما فقد ولا يحزنه ما قدم، وحرارة الإخلاص تنطفئ كلما هاجت في النفس نوازع الأثرة والأنانية بحب الذات والتلذذ بالثناء بين الناس وحب السمعة، والتطلع إلى الجاه والرغبة في التصيت وحب العلو والافتخار، وما يعد ذلك إلا من نواقض الإخلاص التي تدمر الأعمال الصالحة ولا تجعل لها قيمة عند الله تعالى.

520

| 09 يوليو 2014

الصبر عن المغريات

أنت أيها الشاب التقي النقي في موسم الطاعات وأفضل الأيام. فليكن خلقك القرآن ومنهجك الإسلام وشريعتك وأحكامك الفرقان، ولتكن مميزا في كل شؤون حياتك، تظهر عليك علامات الإسلام وأمارات التقوى وصفات المسلم الذي يعتز بالقرآن وآدابه ويكون مثله وقدوته سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وتستطيع محاربة جميع المظاهر السلوكية المنافية لقيم الإسلام تعاليمه، فتكون عنصرا بناء فعالا نافعا، فلو سلمت للمسلم شخصيته الأصيلة وسلمت له مناهله الفكرية والروحية التي يستمدها من مبادئ الدين الحنيف من خلال القيم والمثل العليا التي ينبغي أن تغرس في أركان وجنبات كيان الأمة، فتحقق لأمتك هويتها التي بها أخرجت للناس فكانت خير الأمم، فالإسلام يدعو الناس إلى كل خير لما فيه من صلاح حياتهم الدنيا وسعادتهم في الآخرة وإننا في هذا الشهر العظيم، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فرض الله علينا صيامه وأمرنا بأن نكثر فيه من الطاعات، فهو يدربنا على الصبر والذي يجب علينا جميعا أن نتواصى به والنصح له والحرص على تقوى الله في جميع الأمور.وحيث إن المسلم يتدرب على الصبر، فليكن صبره في طاعة وعند جلوسه للذكر والقرآن وصلاة التراويح، أما الصبر الذي يضيع الأوقات ويهلك الإنسان ويكون سببا في اقتراف الآثام بجلوس المرء ساعات على شاشة التلفاز أو شاشة التليفون أو شاشة الكمبيوتر، يطالع الأسرار ويكذب في الحديث ويتخذ من المتحدثين أخدانا، فإنه يضيع الصيام والقرآن بعظيم الآثام ويدعي بأنه يسلي الصيام. لقد أخطأت في صبرك، فصبرك الآن على الآثام وأخطأت في عملك فضيعت بذلك الأوقات، وستندم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. أما الذي يترك ما لا يفيد وينشغل بما يفيد، فإنه يعلم أن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة وصفاء القلوب وصلاح المجتمع. فالصبر صفة يتسم بها المسلمون وتعتبر من صفاتهم وأخلاقهم التي يتسمون بها عن غيرهم والصبر يكون في جميع وجهات الحياة اليومية ونحتاج إليه في الحياة لكي نعيش بهدوء وعقلانية وحياة خالية من المشاكل. والصبر متعلق بالإيمان، لذلك ينال المرء عليه الأجر والثواب، فمن غمر قلبه الإيمان تزين بالصبر، لأن هذا الخلق العظيم وهذه الصفة تجعل من صاحبها إنسانا ذا مكانة عالية وعظيمة، يتزين بالوقار والاتزان والحكمة ويعطي الإنسان الهيبة واحترام الآخرين له، فالصبر صفة من صفات الأنبياء ينبغي أن يكون في طاعة وبعد عن المعصية، لأنه حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع وهو حبس النفس وقهرها على مكروه تتحمله أو لذيذ تفارقه وهو عادة الأنبياء والمتقين، وحلية أولياء الله المخلصين، وهو من أهم ما نحتاج إليه نحن في هذا العصر الذي كثرت فيه المصائب وتعددت، وقل معها صبر الناس على ما أصابهم به الله تعالى من المصائب والصبر ضياء، بالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور. وعندما نتكلم عن الصبر فإننا نتكلم عن نصف الإيمان وعن مبدأ أساسي من مبادئ ديننا والذي يساعدنا على الصبر هو فهم قيمته ومعرفته، لأن الله فرض علينا الفرائض ليزكي أنفسنا، فهذا رمضان الذي أوجب الله علينا صيامه والصيام يدربنا على الصبر وضبط النفس وقوة التحمل، فعلينا الاقتداء برسولنا في الصبر والتحمل لكي ننال الأجر والثواب.ومن أنواع الصبر المحمودة والتي يؤجر عليها المرء، الصبر على طاعة الله تعالى، لأن الطاعات تحتاج من الإنسان إلى بذل الجهد في القيام بها وأدائها على أكمل وجه، مثل أداء الصلوات في أوقاتها وغيرها من الطاعات التي تحتاج إلى صبر وعزيمة في القيام بها والصبر على الصيام والامتناع عن الطعام والشراب وكذلك الصبر على المعصية، فالمغريات كثيرة، لذلك نحتاج إلى الصبر العظيم والإرادة القوية لعدم الوقوع في المعصية.فالمسلم شخصيته اجتماعية تقف عند أوامر الله تعالى ونواهيه في السلوكيات عامة وكيفية المعاملة مع الناس.

1624

| 08 يوليو 2014

الكذب في الحديث

خير الشهور وأفضلها شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فأمرنا الله سبحانه وتعالى فيه بأن نتزود، وخير الزاد التقوى، فدعانا الإسلام إلى مكارم الأخلاق وأمرنا بالتحلي بأحسنها، لذا فإن قيمة الصدق في حياة الإنسان قابلة للاكتساب، قابلة للتنمية والترسيخ عن طريق التدريب العملي، والذي يتحرى الصدق لا يسمح لنفسه بأن يلقي كلاما دون ترو ولا بصيرة، لأنه يحرص على الصدق ويتحرى بإرادته الجازمة الصدق في أقواله وأعماله، لذلك يجب على الجميع التواصي بالصدق والنصح وتقوى الله في جميع الأمور، لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة وصفاء القلوب وصلاح المجتمع، فهو صادق مع نفسه ومع ربه ومع الناس. فإن الله عز وجل خلق الإنسان وعلمه البيان، فسبحانه يخلق ما لا تعلمون، فلكل زمن اكتشافهوتطوراته، فإما أن تكون وسائل بناء وعطاء وإما أن تكون وسائل هدم وخراب، فبعد ظهور الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة أصبح العالم قرية صغيرة واستطاع أفراده من كل الشعوب أن يتواصلوا ويتحاورا مباشرة دون قيد أو شرط ولساعات طويلة وبأقل تكلفة وللحديث شجون مما يجر البعض إلى الانجرار وراء الحديث بما يعلم وما لا يعلم والكذب في الحديث، وهو لا يدري أنه يكتسب بذلك السيئات ويضيع عمله هباء منثورا، فإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا، وأصبحت هناك مفاهيم عديدة لابد أن ندركها، وهي الثقافات عابرة القوميات وهي إما أن تكون بطريقة منظمة ومدروسة أو بطريقة فردية، فالمسلم شخصيته اجتماعية تقف عند أوامر الله تعالى ونواهيه في السلوكيات عامة وكيفية المعاملة مع الناس، فمن هذا الأصل الكبير من أصول العقيدة الإسلامية تتفرع الأخلاق الاجتماعية التي يتحلى بها المسلم التقي المرهف في سلوكه، وعلى هذا الأساس المتين يقيم المسلم الصادق علاقاته الاجتماعية مع الناس، فهو صادق مع الناس جميعا، لأن هدي الإسلام الذي تغلغل في كيانه علمه أن الصدق رأس الفضائل وأساس مكارم الأخلاق، وهو بالتالي يهدي إلى البر المفضي بصاحبه إلى الجنة، في حين يهدي الكذب إلى الفجور المفضي بصاحبه إلى النار، فمن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يدعو إلى التحلي بعادة الصدق والحرص عليها، كما يحذر من الكذب وينفر منه لكي يزرع في القلوب كراهية عادة الكذب فتكون عاملا مساعدا للتربية وتأصيل عادة الصدق في نفوس أفراد المجتمع المسلم، ذلك أن المجتمع الذي تسود فيه عادة الصدق تقوى فيه الروابط الاجتماعية وتحفظ الحقوق وتصان العهود، ومن هنا تظهر حاجة المجتمعات إلى التحلي بخلق الصدق والعمل على تنمية هذه القيمة وتعويد الأبناء وتدريبهم عليهافي الأقوال والأفعال. إن ديننا الحنيف دين القيم والأخلاق قد اهتم بتثبيت هذا الخلق في نفس من يخلص إلى ربه، فكيف بك وأنت صائم وتكذب، وهو يراقب تصرفات الناس بعضها البعض، فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وذلك لتجنب وقوع الناس في رذيلة الكذب، ويضع قاعدة عامة في الشرع الحنيف، أن المرء إنسان له حقوقه في الحرص على التعامل الإنساني معه، ولا يجوز لأحد خداعة بأي وسيلة كانت والتأكيد على تأصيل القيم والأخلاق في نفس المسلم من خلال السلوك العملي الذي ينتهجه الإسلام في تربية أبنائه.إن تربية الصدق في نفس الولد وفي نفس كل مسلم، رجلا كان أو امرأة، تؤدي إلى ضبط السلوك الفردي فتكفه عن الألفاظ والأعمال، التي لا يقبلهاالمجتمع المسلم، كما تشجعه على القول السديد لكي يعيش في أمن مع أفراد مجتمعه، فيستطيع بذلك أن يكتسب محبتهم واحترامهم، فإن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين الصدق والتناصح في جميع شؤون الحياة، وحرم عليهم الكذب والخيانة، وما ذاك إلا لما في الصدق والتناصح وأداء الأمانة من صلاح أمر المجتمع والتعاون السليم بين أفراده

571

| 07 يوليو 2014

عقوق الوالدين

إن العبد يفرح بالنعمة ويتمتع بها "فأما بنعمة ربك فحدث"، فعندما تكون في نعمة وخير التجئ إلى ربك ورطب لسان بعظيم الشكر والامتنان، واحذر أن تكون النعمة سببا في ضياع عملك في الدنيا وجحودك على أقرب الناس إليك فتخسر الدنيا والآخرة، فالنعم لا تعاب ولا تكره إلا إذا امتزجت بجحود أو اقترنت بضلال ومعصية وبعد عن الهدف وامتلأ صاحبها بالعجب والتيه فتؤدي به إلى الضلال وتورده المهالك وتكون سببا في خلوده في النار والعياذ بالله، فإن الذي يتطاول بعلمه أو يتكبر بماله أو يغتر بذاته دائما يبتليه الله بنكبات لا مخرج منها إلا برحمة العزيز المنان، فقد يوكلك الله إلى نفسك ويمنع الارتواء عن بستان قلبك فلا سند لك ولا ظهير فتكون كالذي برأسه يدبر حاله كما كان يظن أنه ملك الدنيا وبيده زمام الأمور، فإن الله تعالى يرفع عنه غطاء رحمته، أما من ستر نفسه برداء الطاعة فقد دخل حصن الله الحصين ونوره المبين الذي من دخله كان من الآمنين، إن الأعداء لديهم بضاعة يقدمونها ويصدرونها إلى الضعاف وهي كل ما يسلب الأخلاق ويدمر القيم ويذل الأمة ويخدر شبابها ويميع أبناءها، فهم يقلدون غيرهم في كثير من أمور الحياة والاستهتار والانحلال وفي التخلي عن الروابط الاجتماعية والجرأة على المحرمات الشرعية، إن غزوهم شامل في العقيدة والاقتصاد والتعليم وجميع مناحي الحياة.لذا فعلينا أمة الإسلام جميعا أن نكسر هذه الأغلال ونحطم هذه القيود، إن ديننا الإسلامي ثري بتعليماته وآدابه وقيمه مما يحقق لنا الرفعة والكمال، فالإنسان في شهر الخيرات يسعى بكل جهده وطاقته نحو البر يطمع في رحمة ربه ويخشى عذابه لعله يلحق بركب الصالحين فهو يصوم لله ويتقرب إليه بالأعمال الصالحة ولا تكون الوسائل الحديثة وسيلة لعقوق الوالدين وانشغالك بهذه الوسائل عن بر والديك وطاعتهما والإحسان إليهما، فبر الوالدين يكون بالإقبال عليهما بالقلب النابض بالحب، واليد المبسوطة بالبذل خاصة في أيام رمضان والتي يضاعف الله فيها الأجر الحسنة بعشر وتضاعف أضعافا كثيرة، ويبرهما بالكلمة الطيبة والبسمة المفعمة بالود، وإن هذا البر لخليقة أصيلة من خلائق المسلمين وما ينبغي للمسلمين أن تغيب فيهم هذه الخليقة مهما تعقدت أمور الحياة، ومهما طرأ عليها من تطور ومهما تجمع فوقها من ركام العادات المستورة، فهي من الخلائق التي تحفظهم من تحجر القلب وتقيهم من أنانية السلوك، وتردهم إلى أصالتهم وإنسانيتهم ووفائهم إذا ما تردى غيرهم في حضيض الأثرة والجحود والكفران وهي فوق ذلك كله تفتح لهم أبواب الجنان، ومن أبرز صفات المسلم الحق البر بالوالدين والإحسان إليهما، وذلك لأن البر بالوالدين من أجل الأمور التي حض عليها الإسلام وأكدتها نصوصه القاطعة الحاسمة، والمسلم الواعي المتمثل هذه النصوص الوفيرة التي استفاضت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلها تدعوا إلى البر بالوالدين وحسن مصاحبتهما، فلا يسعه إلا أن يكون البر بالوالدين سجية من ألزم سجاياه وخليقة من أبرز خلائقه، فهدي الإسلام يقوم على بث روح المسؤولية واحترام القيم، وتعويد الأبناء على احترام الأنظمة الاجتماعية ومعايير السلوك فضلا عن المحافظة على حقوق الآخرين واستمرارية التواصل ونبذ السلوكيات الخاطئة لدى الأبناء، مثل التعصب الذي يعده البعض اتجاها نفسيا جامدا ومشحونا وانفعاليا، وكذلك ظواهر أخرى تعد محرمة دينيا، أو التقرب منها يعد عدوانا على حقوق الغير، ويسمو القرآن الكريم في تصوير مكانة الوالدين وبسط السلوك الخلقي الواقي الذي يجب على المسلم أن يتتبعه في معاملة والديه إذا تنفس بهما أو بإحداهما العمر وأن يحيطهما بأجمل مظاهر الاحترام والتقدير، ويغض من صوته أمامهما تأدبا منهما وإجلالا لهما ويخفض لهما من جناحه، وينتقي العبارات المهذبة اللطيفة في حديثه معهما، فلا يجري على لسانه معهما لفظ ناب أو عبارة خشنة جارحة ولا يبدو منه في تعامله معهما فعل عار عن أدب التوقير والتكريم والإجلال.

637

| 06 يوليو 2014

الفتوى بغير علم

إن التفكر في آلاء الله تعالى وآياته تجعل الإنسان يقف على حقيقة بديع خلق الكون وأجزائه، وإن النظرة السليمة التي ينبغي أن نسلكها نحن المسلمين ليست التي تقف بنا عند ظواهر الأشياء، بل التي تحملنا من الظاهر المشهود إلى الباطن المحجوب، ومن معرفة المخلوق إلى معرفة الخالق عز وجل الذي أنشأ وأبدع له النظام المحكم، فشهر رمضان المبارك شهر الصوم وشهر الإحسان وشهر الدعاء فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران ويتقبل الله من عباده أعمالهم وتفتح أبواب السماء فيجيب الله الدعاء ويعطي لكل سائل سؤله، لذلك أمرنا المولى عز وجل أن نتضرع إليه ونسأله فقال ادعوني استجب وأخبر النبي صلى الله عليه بأنه إذا سأل عباده فإنه قريب يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، فينبغي على كل مسلم عليه أن يعلم أن الله عز وجل قد سلط على الناس من يوسوس لهم ويغويهم، وذلك من أجل المجاهدة والفتنة والاختبار،لذا يجب عليه أن يتحصن بذكر الله ودعائه ويتعلق برحمة ربه خاصة في هذه الأيام المباركة، لأن الله سلط الشيطان على الإنسان كما يسلط الذباب على العيون القذرة، والأوبئة على من أهمل النظافة ولا يقع في الفريسة إلا من ليس له قدرة على المقاومة، وينجو الأصحاء المحصنون بذكر الله، فالشياطين لا تتنزل إلا على كل أفك أثيم، فلقد أمرنا الخالق القادر أن نلجأ إليه وحده دون سواه وأن ندعوه، ليحمينا من شر الخلق ويقينا من أذى مخلوقاته ومن نفوسهم المظلمة.إن تلقي الفتاوى في الدين والعلم بالأحكام لا يقف عند حد وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي وتناقل الفتاوى بغير علم ومعرفة، إن مثل هذه الأمور تمثل خطرا على شريعة الله وأحكام الدين، فإن الإفتاء في مسائل الدين والشرع من المناصب الإسلامية الجليلة، والأعمال الدينية الرفيعة والمهام الشرعية الجسيمة، يقوم فيها من أنعم الله عليه بنعمة العلم وفهم النصوص بالتبليغِ عن رب العالمين، ويؤتمن على شرعه ودينه، وهذا يقتضي حفظَ الأمانة والصدقَ في التبليغ، لذا وصف أهل العلم والإفتاء بأنهم ورثة الأنبياء والمرسلين، والْموقّعون عن رب العالمين والواسطة بين الله وخلقه، فمن خصائص المفتي أن يراعي حال السائل ومناسبة الوقت وهذا باب عظيم يقوم عليه باب الإفتاء، وهو يتعاضد مع الأدلة الشرعية ولا يتعارض معها وهذا هو الحال بالنسبة للأمور الشرعية وما ينبغي أن يراعى فيها حال الناس ومناسبة الزمن والوقت، فإن لم يكن الوقت مناسبا لإظهار أمر دعوي أو رأي خاص فلا يخرجه الداعية وهذا مما ينبغي أن يتربى عليه الداعية من خلال قوته العلمية بالإضافة إلى مخالطة الناس والدخول إلى عمق مشكلاتهم والمشاركة في حلها والإصلاح بينهم والقرب من واقعهم، ولكن ما نراه وما نطالعه على صفحات الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي حول اختلاف علماء المسلمين وفتاوى جديدة ما أنزل الله بها من سلطان، وتناسى هؤلاء أن هذا من أخطر الأمور التي تثير الشك عند العامة وتجعل الكثير ينظر إلى ديننا الحنيف بنظرة مختلفة عن حقيقته.فهل علم كل من يتصدر الحديث في أمر الدين وإظهار الفتاوى والأحكام ما هي شروط المفتي وهل تنطبق عليه هذه الشروط أم لا؟ أم هي شهوة الشهرة وحب السمعة التي أصبحت مرتعا للظهور والرياء وحب الذات بإصدار الفتاوى على الهواء دون رقيب ولا حسيب، وما يريد بعضهم ألا أنه يظهر بمظهر المتمكن يريد عرض الحياة الدنيا ونسي مسؤولية ما يقول فلتعلم أن من شروط المفتي أن يكون حافظا لكتاب الله عز وجل مدركا لتفسيره وأسباب نزوله ويكون على علم بأحوال العامة من الناس فالفتوى تختلف باختلاف الأحوال والناس، فنسأل المولى أن يقينا شر الليل إذا أظلم وأطبق بعتمته ومن جماعات النمامين الذين يقطعون روابط الألفة وعلاقات المودة بسعيهم ومؤامراتهم ونمائمهم، ومن شر الحاسدين الذين أكل الحسد قلوبهم فأعماهم عن الالتجاء إلى الله.

421

| 05 يوليو 2014

alsharq
السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...

1353

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
لمن ستكون الغلبة اليوم؟

يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...

1137

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
الانتماء والولاء للوطن

في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...

1107

| 22 ديسمبر 2025

alsharq
إنجازات على الدرب تستحق الاحتفال باليوم الوطني

إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...

699

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
التاريخ منطلقٌ وليس مهجعًا

«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...

681

| 21 ديسمبر 2025

alsharq
غفلة مؤلمة.. حين يرى الإنسان تقصيره ولا يتحرك قلبه

يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...

660

| 19 ديسمبر 2025

alsharq
«يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب

هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...

657

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
قبور مرعبة وخطيرة!

هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...

594

| 19 ديسمبر 2025

alsharq
مشــروع أمـــة تنهــض بــه دولــة

-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...

576

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
لماذا قطر؟

لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...

573

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
قطر رفعت شعار العلم فبلغت به مصاف الدول المتقدمة

‎لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...

555

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة

أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...

540

| 24 ديسمبر 2025

أخبار محلية