رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أمي لن أجحدك بعد اليوم

إن الشريعة الإسلامية السمحة التي جاء بها خير البشر عليه الصلاة والسلام قد جاءت بتكريم الأم والحض على برها كل وقت، فالواجب على المسلمين أن يكتفوا بما شرعه الله لهم من بر الوالدة وتعظيمها والإحسان إليها والسمع لها في المعروف كل وقت وأن يحذروا محدثات الأمور التي حذرهم الله منها والتي تفضي بهم إلى مشابهة أعداء الله والسير في ركابهم واستحسان ما استحسنوه من البدع. فإن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن وقوع متابعة أمته للأمم السابقة وتقليدهم في كثير من الأمور من اليهود والنصارى، وليس هذا بلا شك من المدح لفعلهم هذا بل هو من الذم والوعيد، فعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراعٍ حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى قال: فمن؟) رواه البخاري. وليس ذلك خاصا بالأم فقط بل قد شرع الله للمسلمين بر الوالدين جميعا وتكريمهما والإحسان إليهما وصلة جميع القرابة وحذرهم سبحانه من العقوق والقطيعة ولقد خص هدي الإسلام الأم بمزيد العناية والبر. فكيف ينسى أو يتناسى الواحد منا الأيام الصعاب التي واجهها الوالدان في سبيلنا من حمل ومن رضاعة ومن تربية ورعاية وبذل للمال والنفس ولسنين طوال فلقد وهبوا لنا كل حنانهم ودعوا لنا بالخير والأمان. دون من ولا أذى وبدون مقابل ولا يريدون منا إلا البر اليسير والاحترام والتقدير والمداراة الجميلة البسيطة. فعناية الأم بالولد أكبر ما ينالها من المشقة في حمله وإرضاعه وتربيته. فالأم كلمة عظيمة كبيرة الكل يشعر بها والكل يتبارى لإيجاد السعادة بكلمة حب وهدية حب لأم قضت حياتها تعمل من أجل سعادة من تحب شعور متبادل ومحبة عميقة متأصلة داخل وجداننا مابين حب أم لأبنائها وحب أبناء لأمهاتهم الجميع مابين أمهات وأبناء ينتظر بلهفة شديدة مناسبة للتعبير عن أواصل متعمقة ومليئة بالحب والمودة.فالإنسان البار هو الذي يسعى جاهدا لرسم البهجة والفرحة على وجه الأم وهو يحنو عليها مقبلا رأسها ويديها. فتكون يديه ممتلئة بشيء من البر ومن هنا كان المسلم الحق بار بوالديه في الأحوال كلها، عاملا على إسعادهما وإدخال السرور على قلبيهما ما استطاع إلى ذلك سبيلا في حدود طاعة الله عز وجل،لا يدخر وسعا في تقديم ألوان البر والرعاية والإكرام لهما بالوجه الطلق المحيا الباسم الثغر الفائض بالحب والحنان والوفاء والعرفان بالفضل لصاحبي الفضل الكبير. فلماذا نريد أن نكسر خاطر الأمهات وندعي أن هذا ليس من الدين بل هو من صميم الدين فأيام السنة كلها بر بالأمهات وإن كان يزعجنا أن نسميه عيدا فلنقل عنه يوم الأم فلا تقل هذا من فعل الغرب بل نحن المسلمين أسبق منهم إلى البر ونحن أولى بالإحسان منهم فلماذا تريد كسر خاطر الأم. وينبغي أن نقول لمن أراد أن يحسن إلى أمه في أي وقت فليحسن وليداوم على هذا البر ولا يتوقف عند يوم معين فإن من شيمة ديننا الحنيف الوصية بالوالدين وما ينبغي للمسلمين أن تغيب فيهم هذه الخليقة مهما تعقدت أمور الحياة. ومهما طرأ عليها من تطور ومهما تجمع فوقها من ركام العادات المستوردة. فهي من الخلائق التي تحفظهم من تحجر القلب وتقيهم من أنانية السلوك. وتردهم إلى أصالتهم وإنسانيتهم ووفائهم. إذا ما تردى غيرهم في حضيض الأثرة والجحود والكفران وهي فوق ذلك كله تفتح لهم أبواب الجنان. فالمسلم يعي ويمتثل لهذه النصوص الوفيرة التي استفاضت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتي تدعوا إلى البر بالوالدين وحسن مصاحبتهما، فلا يسعه إلا أن يكون البر بالوالدين سجية من ألزم سجاياه، وخليقة من أبرز خلائقه. فلقد رفع الإسلام طاعة الوالدين إلى مرتبة لم تعرفها الإنسانية في غير هذا الدين. إذا جعل الإحسان إليهما والبر بهما في مرتبة تلي الإيمان بالله والعبودية له. فقد جاءت آيات الله تترى متضافرة متعاقبة تضع مرضاة الوالدين بعد مرضاة الله وتعد الإحسان إليهما فضيلة إنسانية تلي فضيلة الإيمان بالله يقول الله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين أحسانا)النساء: 36.فذلك القلب الذي شملني حنانا وتلك العيون التي سهرت على رعاية أفتستحق أمي بعد ذلك أن أجعل لها يوما فقط في السنة لا يا أمي. لن أجحدك بعد اليوم فعيدك يا أمي هو رؤيتك كل يوم فليس مطلوبا منا الكثير سوى أن نبدأ من الآن بود الوالدين وأن نعمل على رضاهم ونستثمر وجودهم. فوجودهم بيننا حسنات وعلينا أن نحافظ عليها ونستغل دعاءهم ورضاهم.

803

| 20 مارس 2014

نعمة العقل

إن الإسلام يمجد العقل لا باعتباره أداة لاستيعاب المعلومات وتخزينها ثم استرجاعها وتحليلها فحسب، بل يعتبره أهم أداة لمعرفة الخالق عز وجل ولولاه لأصبح الإنسان حيوانا بهيميا لا يعي من واقعه الاجتماعي شيئا ولا يهتم بأمر مثل اهتمامه بغرائزه الحيوانية. فالحق سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن صوره لأنه الكائن الوحيد في هذا الوجود الذي نفخ الله فيه من روحه. وقد كانت هذه النفخة الروحية الإلهيةهي مناط التكريم الذي حظي به الإنسان ومن أجل ذلك طلب الله سبحانه وتعالى من الملائكة أن يسجدوا لآدم تكريما له. فكان هذا التكريم الذي جعله للإنسان سببا في استخلافه في الأرض وتعميره لها ببقاء النوع الإنساني والأمة، نعيش في هذه الأوقات فتنا كبرى ومتغيرات خطيرة تعصف بنا كعصف الريح العاتية بالورقة اليابسة. فتن تمر على العباد كقطع الليل المظلم، تتبدل فيها الأحوال وتتغير فيها النفوس وتضيق بها صدور أهل الحق حتى يصبح فيها الحليم حيرانا.فالمسلم بحاجة إلى الثبات على الدين والحرص على القيم الإسلامية والفطرة السليمة والتصدي لهذه الفتن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في سجوده اللهم مثبت القلوب ثبت قلبي على طاعتك. فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بطلب الثبات ويدعو الله تعالى به في سجوده فالناسأولى وأحرى إلى ذلك. فمن أعظم الأسباب في تحقيق الثبات على الدين أن يعتصم المسلم بالكتاب والسنة، فإنهما الأصل وأساس الخير وحزام الأمان من الضلال بعد الهدى ومن الحور بعد الكور، فمن اعتصم بهما فقد هدي ومن استمسك بهما فقد فاز وأفلح، فلابد للفرد من الاجتهاد في تنمية قوة إدراك العقل لمفاهيم الخير والشر والتمييز بينهما عن طريق علوم الطبيعة والدين والأخلاق وما يتعلق بهما من معارف وغايات. فحينما يحاول العقل إنشاء العلوم النافعة للإنسان في حياته العملية، فإنه يستخدم طاقته الجبارة لإنشاء نظرية معاشية تدله على تعلم العلوم التطبيقية كي تدر عليه شتى أنواع المنافع، وتيسر له سبلالعيش الإنساني الكريم، فالإنسان يتمتع بغريزة حب الاستطلاع والفضول وكسب المعرفة واكتشاف أسرار الطبيعة فتوسعت مداركه بالمعرفة والنقاش العلمي البناء ولولا الفضول المتأصل عند الإنسان لما حصل التقدم العلمي والحضاري متمثلا بالاكتشافات والاختراعات التي حصلت في العالم ولبقي الإنسان بدائيا همجيا. فكل إنسان يمتلك عقلين الأول انفعالي يتعلق بالحزن والغضب والحب والخوف والثاني فكري يتعلق بالإدراك والفهم والتعامل مع الأمور بعقلانية فإذا نشط أحد العقلين يضعف الآخر ولغرض الوصول إلى المعرفة والتقدم الحضاري والعلمي لابد من إعطاء دور كبير وفاعل للعقل الفكري وعدم إغلاقه وإخضاع كل شيء للسؤال والنقاش لأدراك الحقيقة وهو الشرط الأساسي للتقدم العلمي والحضاري لكل أمة. فإن تعطيل عقل الإنسان المسلم ولجوئه إلى التقليد الأعمى بأساليب تعتمد على الوهم والدجل والخرافة والاعتقادات الغيبية والتي قد تصل إلى الأسطورة وإلى تعطيل التفكير السليم وإيقاف الإبداع عند الناس فتنتشر ظاهرة العرافين والسحرة الدجالين الذين يوهمون الناس بامتلاكهم علم الغيب وكشف الطالع ولكن الحقيقة ما هو إلا ضحك على عقول البشر. فقد نشط العديد من الفلاسفة والمفكرين المسلمين لتطهير الفكر الإسلامي مما تعلق به من شوائب وما تسرب إليه من أفكار وأساطير لكي يتواصل الإسلام مع الحضارة والعصرنة والتجديد الفكري المتوافق مع روح الإسلام وعقيدته السمحة وبما تتطلع له الإنسانية.فلقد أمر الإسلام بالشورى وحرية الرأي وحل المشاكل بالحوار البناء ولم يأمر بمصادرة الرأي ولا قطع الرقاب. فإن المسلمين مطالبون بفك العزلة مع المجتمعات الإنسانية والرجوع إلى العقل وتبنيهم لفكر يقوم على حرية التفكير وينظر إلى الإنسان باعتباره غاية الوجود وصاحب الإرادة والاختيار والذي يؤدي إلى إحداث نهضة في المجتمع الإسلامي. فإن الناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافا بينا، يظهر ذلك جليا في اختلافهم في استقبال المحن والمنح. فمنهم من ربى نفسه على الطاعة والقرب وأدبها في البعد عن المعاصي والملذات.فهذا لا تضره فتنة ولا تزعزعه شبهة ولا تغلبه شهوة صامد كالطود الشامخ فهم الحياة نعمة ونقمة يسرا وعسرا، ثم اجتهد في التوازن بين هذا وذاك لأنه علم أن كل شيء بقدر وأن مع العسر يسر فضبط نفسه في الحالين. فلم يحزن على ما فات ولم يفرح بما هو آت فتجده راضي النفس مطمئن الفؤاد، فحتى يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإن عليه أن يعمل على استقامة صلته بنفسه وبالله وبالناس وبالعالم الذي يعيش فيه. الأمر الذي يؤدي إلى أن يصبح بحق جديرا بأن يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازين العدل. ويرسي دعائم الحق ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين والعمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يحقق للإنسان البقاء وللأرض الإعمار والصلاح وللبشرية بالأمان.

1472

| 14 مارس 2014

احترام المرأة

إن المجتمع الذي يصل إلى احترام المرأة والتعامل معها كإنسان متكامل له كامل الحقوق الإنسانية وآمن بدورها المؤثر في بناء وتطور المجتمع يكون مجتمعا قد بلغ مرحلة من الوعي الإنساني وفهم أسس التربية الإنسانية الصحيحة فالمرأة في المجتمع لها أهميتها ومكانتها مما يجعل لها دور أساسي في نمو المجتمعات ونهضتها، فهي التي تضع الجزء الأكبر من اللبنات الأساسية في المجتمع، لكونها المربية الأولى للأجيال وتمتلك سلاح التأثير القوي وهو غريزة الأمومة، وتأكيدا لدورها وفضائلها فقد حفظ الإسلام للمرأة كل حقوقها، وكان لها دورها الفعال في عهد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلفاء الراشدين، فأخرجت أجيالا من العلماء وأسهمت في بناء حضارتنا الإسلامية، فالمرأة إن تم الاعتناء بها في جميع مراحل حياتها فإنها سوف تكون ناضجة فكريا، وتحمل في حياتها مفاهيم تربوية سليمة وعقلا راجحا تدرك به أهمية العلم، وتعمل دائما جاهدة على أن يصل أبناؤها إلى درجات أعلى منها وأفضل؛ فالبيت المسلم في هذا الزمن تواجهه كثير من التيارات والعواصف التي تهدد أمنه وتنذر بزعزعة استقراره ولكنه لابد أن يتحصن ضد هذه التيارات المختلفة فلا تعصف به إلى الهوية وتنتج نتاجا هشا ضعيفا يكون له الآثار السلبية التي تؤثر على بناء المجتمع واستقراره، فقد أرسى لنا الإسلام سبل التربية السليمة للأسرة المسلمة بما يغنينا عن تلك الطرق المستوردة وبما يحقق النفع الخاص للأسرة والنفع العام للمجتمع ابتداء بالطفل ومرورا بالزوج والزوجة فإن الله تعالى خلق الرجل والمرأة شطرين للنوع الإنساني يقول الله تعالى (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى )النجم :45 فالرجل والمرأة يشتركان في عمارة الكون كل فيما يخصه وبما منحه الله تعالى من قدرة على التكيف وبما أمده من تكوين على أداء هذه الوظيفة في حياته الدنيا فيكون عنصرا فعالا في المجتمع ويشتركان أيضا في عموم العبودية لله تعالى فالرجل والمرأة سواء أمام الله عز وجل يقول الله تعالى : (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )النحل:97.فكل من الرجل والمرأة يتعاونان على توصيل رسالتهم في الحياة فإن تبادل المشاعر الصادقة والاستعداد للبذل والعطاء والتضحية الصبورة التي لا تنتظر العوض والجزاء في الدنيا تحتاج لصدق في القول والعمل وإخلاص لرب البرية وهذه القيم لا توجد إلا في ظل الزواج الممثل أولا بالرجل والمرأة في آن واحد لذلك جعل الخالق سبحانه استمرار النوع الإنساني على الأرض منوطا بالزواج واستمرار النوع هدف وغاية للخالق سبحانه وتعالى والنسل الذي يصلح لعمارة الأرض وخلافتها وسكناها هو النسل الذي يأتي بطريق نكاح لا بطريق سفاح، فالمرأة الشق الثاني للرجل فهي ضالته التي استحوذت على كل تفكيره وشغلت قلبه وعقله، يجتهد ويجمع كل قواه في البحث عنها ويسلك كل الطرق التي توصل إليها، فهي التي تجعله في وفاق مع نفسه ومع الكون وتحقق له الرضا والطمأنينة بما يخلف عليه سعادة دائمة، فمع ما يتعرض له الرجل في خضم بحر الحياة من ضغوطات وهموم ومع التوتر الذي خلفته الظروف المعاصرة زاد إلحاح الرجل لإيجاد امرأة تعينه وتكون الشطر الثاني له تقف بجواره وتشد من أزره وتهدأ من وتيرة الحياة وتؤمن له الاستقرار والهدوء الذي يبحث عنه زوجة تمنحه الحب والحنان والعبقرية والنجاح، فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة تناصف الرجل في شؤون الحياة ولا يقل دورها عن الرجل فهي التي تعد أجيال الأمة وتصنع الرجال وتقوم على شؤون بيتها في ظل التكريم الذي منحه الله تعالى للمرأة وجعل لها من الحقوق مثل ما للرجل ولكن عليها واجبات عظيمة فهي التي تربي وهي التي تعلم وهي التي تتحمل المخاطر في سبيل تربية أولادها وإعدادهم للمستقبل.فيا أم المستقبل اعلمي أن للمنزل وللتربية الأسرية دورا كبيرا في هذا المجال ففي المنزل يبدأ الطفل بتكوين عاداته واتجاهاته التي تظهر في معاملاته داخل بيئته المدرسية ومجتمعه فالأولاد هم قرة عين الإنسان ومصدر سعادة الأسرة وبهجة حياة الوالدين فبهم تحلو الحياة ويطيب العيش ويستجلب الرزق وتعقد الآمال بهم فهم عماد الأمة ورجال المستقبل وبهم تطمئن النفوس وإذا كان الأب يرى في أولاده العون والقوة والتكاثر والامتداد وقوة الجانب فيشتد عضده بهم وتقر عينه بوجودهم فإن الأم ترى فيهم أمل الحياة وسلوى النفس وفرحة القلب وبهجة العيش وأمان المستقبل وهذا كله منوط بحسن تربية الأولاد وأعدادهم للمستقبل وسلامة تكوينهم وتحمل مسؤولية الحياة، أما إن أهملت تربيتهم وضاعوا بين طيات الزمن وانجرفوا وراء الشهوات وسلكوا المسلك الخطأ فنكون قد قصرنا في تربيتهم فعندئذ يكونون وبالا على الوالدين وشرا مستطيرا على المجتمع وبالأخص المرأة التي تعد صمام الأمان للأسرة.

1084

| 13 مارس 2014

صنائع المعروف

إن معرفة الطريق إلى الحق والهدى أول طريق السالكين ومنطقة سبيل المسترشدين والحصانة من كل سوء والأمان من كل زيغ ,إنها أزكى التحيات وأجملها وأطيبها وأنداها لذلك المؤمن الذي خشع قلبه لربه وتحلى بالتقوى في زمانه فسار على درب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذاك إلا تحت قول الله تعالى (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) التوبة 108 , إنه المؤمن الذي تطهر من دنس المعصية ومن ظلام الجهل وأنعم برجولته في سبيل طاعة ربه وأبى إلا أن يقتبس من نور الله ومن فيض الرسالة المحمدية ضياء, فاستنار له الطريق وأضاء دياجير الظلامفأصبح شعلة يهتدي به الضال يقول الله تعالى :( إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ) الكهف : 13 هذا هو الرجل الذي خلد القرآن ذكره بما استنار به بنور الطاعة المطلقة لربه عندما يحافظ على أداء الفرائض مخلصا لله تعالى وعندئذ نسمع قوله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) النور: 37 ,فخير الناس أنفعهم للناس كما علمنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ,ولأنأمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له ثبت الله قدمه يوم تزل فيه الأقدام ,أما يهزك ويحرك مشاعرك هذا الربح وهذا المغنم أما يوقد فيك شعلة حب عمل الخير وبذل المعروف أما وقد بشر صانع المعروف بجنةعرضها السموات والأرض وأن صنائع المعروف تقي العبد من مصارع السوء وأن الله عز وجل جعل لهم القبول في الأرض وينجيهم من الشدائد يوم القيامة ,فأهل المعروف في الدنيا هم أهله في الآخرة فهم وحدهم من يكسوهم الله ويطعمهم ويسقيهم ويغنيهم جزاء صنيعهم ورحمتهم بعباده في لدنيا, فعن أبي جري الهجيمي قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :يا رسول الله إنا قوم من أهل البادية فعلمنا شيئا ينفعنا الله تعالى وتبارك به ،قال صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا ولو تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط , فالمؤمن رحيم رقيق القلب محب للخير ساعٍ لبذل المعروف يشعر بآلام إخوانه ويتلمس حاجاتهم وهذا الإحساس نابع من التزامه بدينه دين الرحمة فعلى قدر الإيمان تكون المواساة والمواساة للمؤمنين تكون بالمال أو بالجاه بالخدمة أو بالنصيحة والإرشاد وبتقديم العون أو بالدعاء والاستغفار وأقلها التوجع لهم ولمصابهم, فخاب وخسر من لم يجعل الله تعالى في قلبه رحمة للبشر ,فمن لا يرحم لا يرحم والمؤمن الحق ذو عزيمة قوية وهمة عالية فمتى قدر على بذل المعروف عجله خشيةذهاب وقته وفوات أجره فكم من بلية في علم الغيب رفعت جراء بذل وعطية بذلتها سرا أو علانية ,أو جزاء هم وكربة فرجتها عن مسلم أو حاجة تلمستها لأخيك فقضيتها ,فأحسن يحسن إليك وأنفق من فضل الله الذي بين يديك وبهدى السلف الصالحين اقتدي ولين قلبك للمؤمنين وتلمس حوائجهم ولا تستصغر شيئا من المعروف فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس ) رواه مسلم.فالمعروف وبذل الخير باب واسع وبحر شاسع اغرف منه كيف شئت ولا تحرم نفسك أجر المسارعة في الخيرات وصنائع المعروف ,جعلنا الله وإياكم من أهل الطاعات مفاتيح الخيرات, فالتقي الخلوق لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس , بل تجده يحرص أشد الحرص على التحلي بحسن الخلق ونفع الناس وأن يكون كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة فترميهم بالثمار ,لذلك تجده دائما يزن الأمور بميزان الأخلاق والإيمان ولا يقصر في حق أحد ,لأنه يعلم أن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله تعالى ,هي التي تميز الإنسان المسلم عن غيره ,فلا تكن سلبيا إمعة وتقول لنفسك إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت تبهر العقول بأدبك الجم وأخلاقك السامية التي حقا يقال عنها إنها أخلاق الرجال الذين يعطون لكل ذي حق حقه، فلا يطغي حق على آخر فلا يكون مفرطا في مسؤوليته وإنما يزن الأحوال بميزان الدين والإيمان, ولكن لابد أن تكون لك وقفة مع نفسك وتأخذك الحسرة على ذنوبك وتبكي عليها ليلك نهارك.

1623

| 07 مارس 2014

أزكى لهن وأطهر

إن الإنسان لابد له من قيد يحكمه يكفيه شر نفسه وشر هواه وشر من حوله، وهذا القيد هو قيد الدين والأخلاق، وبهذا القيد ينعم الإنسان بحياة الأمن والرخاء والسعادة، وإذا حل أو انحل هذا القيد فسدت معيشة بني آدم واقرأ على الدنيا السلام فتفسد الأخلاق وتضيع الآداب وتكثر ذئاب البشر. فالخالق جل شأنه أعلم بما يصلح شأن البشر. فأوكل إلى المرأة القيام بشؤون أولادها وأهلها وأمرها بالحجاب بستر الوجه واليدين وسائر الجسد ونهاها عن التبرج. ولم يكن ذلك حرمانا لها من حق هو لها بل كان ذلك هو الذي يصلحها، فاستقرارها في البيت والتزامها بمبادئ دينها والتحلي بقيمه وآدابه يحفظ الأسرة من التفكك والانحلال وينشر في البيت العطف والمودة، حيث يعود الرجل فيجد زوجته قد استعدت له بكل ما يحب ويعطي المرأة فرصة لتمنح صغارها الحنان والرعاية والتربية، ويحفظها من الأشرار وكيد الفجار ويحفظ المجتمع من الهدم ويمنع عنها نظرات زائغة من قلوب مريضة، ويكفيها أذى الخبثاء ويصرف عنها كل سوء ويصونها ويبقيها في حصن الفضيلة والشرف. فالمرأة المسلمة التي نهلت من معين الإسلام الصافي ونشأت في جوه الوارف الظليل لا تلتزم الحجاب الشرعي تقليدا وعادة. بل تلتزمه وقلبها مطمئن بالإيمان إنه أمر من الله عز وجل ونفسها ممتلئة بالاقتناع أنه دين أنزله الله لصيانة المرأة المسلمة وتمييزا لشخصيتها وإبعادا لها عن مزالق الفتنة ومواطن الرذيلة ومهاوي الضلال.ومن هنا فهي تتقبله بنفس راضية وقلب مطمئن واقتناع راسخ كما تقبلته نساء المهاجرين والأنصار يوم أنزل الله فيه حكمه القاطع وأمره الحكيم. وإن إصرار كثير من التجمعات البشرية المعاصرة على تكشف المرأة وعريها دليل الانحراف والشرود والابتعاد عن هدى الله لا في بلاد المسلمين فحسب بل في بلاد العالم قاطبة. لأن المسلمين الذين يتعبدون بتلاوة كتاب ربهم الثابت المحكم المحفوظ آناء الليل وأطراف النهار لا يمكن أن يرضوا بهذا الانحراف. لأن نصوصه القاطعة من كتاب وسنة تقرع أسماعهم دوما محذرة المخالفين عن أمر الله ورسوله متوعدة إياهم بالفتنة في الحياة الدنيا وبالعذاب الأليم في الآخرة يقول الله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) النور: 63. فصلاح المرأة يرتبط أساسا بعودة المجتمع إلى هدي الإسلام وتعاليمه. وفي بلوغنا القيم الإيمانية التي تجعلنا نحيا في سبيل الله حياة ربانية كاملة في أقوالنا وأفعالنا ومشاعرنا وأذواقنا. وانطلاقا من غاية التربية الإسلامية ومناهجها المبنية على تكوين الفرد الصالح في نفسه المصلح لما استرعى عليه. وقد استرعيت المرأة على البيت المسلم الذي يمثل بحق نواة مصغرة للمجتمع كله بل الحياة بأسرها.فالمرأة في الإسلام لها المكانة والمنزلة والمجتمع يتسابق إلى خدمتها ويرون ذلك واجبا لا فضلا وقد حرم الشارع إيذاء المرأة بالضرب المبرح أو الضرب في الوجه وأمر بالعدل بينهن وجعل لها الحق في اختيار الزوج ومن مظاهر عناية الإسلام بالمرأة تخصيصها بالذكر في سور عدة وفي آيات كثيرة كسورة البقرة والأحزاب والنور والطلاق بل ومبالغة في إكرامهن سمى بعض سور القرآن بهن كسورة النساء وسورة مريم وقد سخر الإسلام الرجل لخدمة المرأة خارج البيت مقابل أن تخدمه في داخله، فيجب على الزوج أن ينفق عليها ولو كانت تملك أموال الدنيا، ولا يلزمها أن تنفق عليه درهما إلا عن طيب نفس واختيار. فهلا أدركت المرأة المسلمة أنها مكلفة مثل الرجل وأن الله سيحاسبها على أعمالها صغيرها وكبيرها يقول الله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) الزلزلة: 8. لذا يجب أن تدرك عندما تنفذ شرع الله أنها تبتغي بذلك وجه الله تعالى فإنها عندما ترتدي الحجاب ابتغاء مرضاته فلا بد وأن يوافق شرع الله عز وجل ويكون على منهج السنة النبوية العطرة بأن يكون فضفاضا فلا يظهر زينة ولا يكون ضيقا ولا شفافا فإنها محجبة تدرك معنى الستر والعفاف.أما ما نراه من أن بعض المحجبات اللواتي يرتدين الحجاب من أجل أغراض خسيسة وأن إحداهن تهز وسطها بين الرجال وهي مرتدية الحجاب فإننا لا ندري لماذا ترتدي مثل هذا الحجاب فإذا كان للتستر. فهي تمارس الخطأ علنا أمام الجميع وإذا كان السبب دينيا فأي دين يسمح لها بهذا المجون. فإننا نعيش في عصر طمس الحقائق عصر يتربع فيه الشيطان على عرشه. فالواعية لدينها الخائفة من ربها هي التي تعلم أن الله مطلع عليها فتتمسك بأوامر الله عز وجل وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم. فيؤدي ذلك إلى أنها تلتزم الحجاب الشرعي عند خروجها من البيت.

884

| 06 مارس 2014

الإسلام وكرامة الإنسان

جاء الإسلام ليحرر الإنسان من كل القيود والمعتقدات الفاسدة، التي تحط من شأنه وليحفظ له كرامته التي أعطاه الله إياها، فقد خلق الله الإنسان وصوره في أحسن صورة ما شاء ركبه ففضله على سائر المخلوقات، فالإنسان ليس كسائر المخلوقات فالله كرمه بأن خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته إكراما له وإظهارا لتفضيله على بقية الخلق، وجعله خليفة له في أرضه ,فإن من أهم ما يجب أن يدركه المرء في هذا الزمان فهم الواقع وإدراك الحال كما هو، وفهم أوضاع الأمة داخليا وخارجيا ليكون الفرد منا مدركا لأبعاد هدفه في الحياة وطريقة تعامله مع الآخرين وخبيرا بما يؤول إليه الحال, لذا ينبغي أن نربي الأجيال على الفهم العميق لمراحل الضعف التي تمر بها الأمة ومراحل التمكين وصفات جيل التمكين, فالإنسان حسب ما تقتضيه الشريعة الإسلامية منوط بالتكليف فهو مسؤول عن عمله ,إنْ خيرا فسوف يجزَى به و إنْ شرا فسوف يعاقَب عليه ، ويؤتَى يوم القيامة كتابه إما بيمينه أو بشماله فهو يقوم بدوره وواجباته في المجتمع ,انطلاقا من المسؤولية التي سيسأل عنها يوم القيامة فكل عبد سوف يأتي الله عز وجل فردا, وكل إنسان من ذكروأنثى في مجتمعه يمارس مجموعة من المسؤوليات التي يفرضها عليه مكان وجوده وقدراته, ومقدار معرفة الفرد لمسؤولياته وفهمه لها.ومن فضائل الحق سبحانه وتعالى على الإنسان أن أوجده من عدم وجعله شيئا مذكورا وخلقه في أحسن تقويم، وسخر له ما في السموات والأرض، وأرسل إليه رسله وأنبياءه هداة ومبشرين ومنذرين يدلُّون الناس إلى طريق الحق الذي يحقق لهم السعادة في الدارين، فالوحي الإلهي تكريم للإنسان لأنه دليله إلى الخير وما يحقق به سعادته في الدنيا والآخرة ,لذا ينبغي على كل مسلم أن يحرص على تحقيق المصلحة والفائدة المرجوة منها، مما يجعل المجتمع متعاونا فعالا تسوده مشاعر الانسجام والمودة بين أفراده, يقول الله تعالى : (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوُا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوْا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) الحج: ٤١ ، لذلك يجب على أفراد الأمة العمل على تحقيق الرقي والتقدم لتظهر ملامح النصر ومعالم التمكين, فعندما يعي المسلم أوامر الدين ونواهيه فيعود نفسه على حفظ الله في فرائضه ,فإن الله سبحانه وتعالى يحفظه في الدنيا ويورثه ثباتا في العزيمة والإرادة القوية ,فلا يبالي بالصعوبات التي تواجهه والآلام التي تعتريه، لأنه علم أن طريق التمكين إنما يكون بالعمل بفرائض هذا الدين، وأن الفرج يأتي من بعد الكرب وأن العسر يعقبه اليسر، وهذا هو الطريق الذي سلكه أنبياء الله جميعا عليهم السلام، فما كتب الله سبحانه وتعالى النصر لنوح عليه السلام إلا بعد سلسلة طويلة من الجهاد مع قومه والصبر على أذاهم ، وما أنجى الله نبيه يونس عليه السلام من بطن الحوت ، إلا بعد معاناة طويلة عاشها مستغفرا لربه راجيا فرجه معتمدا عليه في كل شؤونه حتى انكشف غمه وانجلى همه، وأنقذه الله تعالى من بلائه ومحنته وهكذا يكون النصر مرهونا بالصبرعلى البلاء والامتحان. فلقد جاء الإسلام ليؤكد كرامة الإنسان وليرسخ في الإنسان إحساسه بكرامته وليقوي فيه تمسكه بها، لأنها جوهر نسانيته فبدون الكرامة الإنسانية يصبح المرء لا قيمة له ولا خير يرجى منه ويصير عبدا للشهوات وذليلا لغيره، ويضل الصراط المستقيم, فمن عظمة الإسلام المساواة في شمول الكرامة الإنسانية لكل البشر، فقد منح الله هذه الكرامة لكل الناس بلا استثناء فلا فرق بين غني وفقير وحاكم ومحكوم، فالجميع أمام الله وأمام القانون سواء وفي الحقوق العامة سواء, فالجميع سواسية في طبيعتهم البشرية وعنصرهم الإنساني، وليس هناك جماعة تنحدر من سلالة خاصة ينتقل أصلها هذا إليها بطريق الوراثة، إنما يقوم التفاضل بين الناس جميعا على أسس خارجة عن ذلك مثل العلم والأخلاق والعمل فإن أكرمكم عند الله تعالى أتقاكم , فلقد جاء الإسلام ليقوي تلك الصفة في النفس البشرية وليدلها على الطريق القويم فتحفظ كرامتها وتحقق سعادتها في الدنيا والآخرة, فعندما بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم وجد الأمة لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا، فكانوا قوما أهل جاهلية يعبدون الأصنام ويأكلون الميْتة ويأتون الفواحش ويقطعون الأرحام ويسيئون الجوار ويأكل القوي منهم الضعيف, فدعاهم إلى الله ليوحدوه ويعبدوه ويخلعوا ما كانوا يعبدون هم وآباؤهم من دونه من الحجارة والأوثان وأمرهم بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ,فقد أكرم الله الإنسان وجعله منوطا للأمانة وحمله إياها واستخلفه في الأرض وارتضى له الإسلام دينا، فالإسلام دين الحياة يدعو الإنسان إلى أن يمارس هذه الحياة بالعمل والإنتاج وأن يكون له دور فاعل وأن يكون متصفا بالعزة والكرامة والشرف.

4103

| 28 فبراير 2014

الأسرة متابعة وتوجيه

إن التنشئة الاجتماعية هي التي يتم بها انتقال الثقافة من جيل إلى جيل، والطريقة التي يتم بها تشكيل الأفراد منذ طفولتهم حتى يمكنهم المعيشة في مجتمع ذي ثقافة صالحة، فهي تحمل أنماطا سلوكية معينة كالشجاعة والصبر وتعمل الأسرة على تعليمها للطفل عن طريق السلوك النموذجي للأبوين والطفل يقلد هذا السلوك عن طريق الملاحظة أو عن طريق التلقين المستمر أو عن طريق عرض الأحداث، واللغة السليمة التي هي أداة اتصال بين الأفراد فهي أول شيء يبدأ الطفل في تعلمه من أبويه والتي تسمح له بالاتصال والتفاهم مع أفراد محيطه وتلبية حاجاته النفسية، فالتنشئة الاجتماعية هي عملية تمرير للقيم الدينية والخلقية والثقافية من جيل إلى جيل، وبذلك تكون عملية حضارية تحمل في طياتها قيم علاقات التعامل الاجتماعي بين الأفراد كالصدق والتعاون والتكافل، فهي تتضمن عملية ضبط اجتماعي للفرد، فعن طريقها تتعلم الأجيال الجديدة الحقوق والواجبات داخل المجتمع فتحقق عن طريق اختيار العناصر الصالحة والتي تؤدي إلى رقي الفرد والمجتمع، ويدخل في ذلك ما يلقنه الآباء والمدرسة والمجتمع للأفراد من لغة ودين وتقاليد وقيم ومعلومات ومهارات.فإن الحياة بدون هدف لا قيمة لها والهدف ما لم يكن ساميا وكبيرا يظل نائيا وبعيدا، فإن أصول التربية وقواعدها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل، بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، وأن يكون خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق، ويحرص على تلبية نداء الحق والخير وحماية المجتمع من عوامل الفساد والضعف والابتذال والتخلف، ويعمل على تطوير مجتمعه والدعوة إلى البناء والإصلاح والصدق مع النفس، لكي يعيش الفرد حياته على جانب من الالتزام والمسؤولية بحيث يكون صادقاً مع نفسه ومع غيره ومع عمله ومجتمعه لا يخاف إلا الله، فأفراد الأسرة هم مرآة لكل طفل لكي يرى نفسه، والأسرة بالتأكيد لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية، ولكنها ليست الوحيدة في لعب هذا الدور، ولكن هناك الحضانة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات المختلفة التي أخذت هذه الوظيفة من الأسرة فإن أبناء اليوم الذين هم عماد المستقبل وأمل الأمة تراهم يتهافتون على مغريات الحياة الدنيا كتهافت الفراش على النار ولم يدر بـخلده أنـها ستحرقه، إنها مغريات كثيرة إحداها القنوات الفضائية الخليعة هـذه الفتنـة العظيمة وهذه البضاعة المنتنة يتسابق عليها بعض من الأبناء الذين ساءت تربيتهم وبعدت عنهم عين المتابعة والرقابة برغبة جامحة من أجل جسد عريان أو راقصة خليعة، أو نظرة محرمة ألم يعلم هؤلاء إنه غزو الفكر والعقل واستثارة الشهوات الكامنة لينتج عنها فضيحة المجتمع المسلم باتباع أدعيائهم من الغرب وتقليدهم ويصبحون هم قادتنا بعد أن كنا نقودهم وسادتنا بعد أن كنا أسيادهم، فلن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، ولهذا اهتم الإسلام كثيرا بالتربية وحثنا على الاعتناء بالنشء والاهتمام بتربيتهم والحرص على تكوين الشخصية السوية وصياغة أفكارها وتهذيب سلوكها لتحقيق الأهداف المنشودة وإكسابها المهارات والخبرات اللازمة. ومجتمعنا اليوم يمر بتحديات تحتم عليه أن يأخذ بكل أسباب العلم والقوة والعمل، وكم في ذلك من سعادة غامرة وبهجة تامة بحيث تبدو الحياة أمام الإنسان ناصعة مليئة بالسرور والارتياح والاطمئنان والرضا، فقد أوجب التشريع الإسلامي أن تسود الأسرة التربية الدينية الصحيحة التي تغرس في النفوس العقائد السليمة الراسخة وتربيتها الأبناء في جو من الأيمان الصحيح، وهو الدعوة إلى طاعة الله والامتثال إلى أوامره واجتناب نواهيه والتحلي بمكارم الأخلاق ومراقبة الله وحده وخشيته في السر والعلن. فإن بناء الأجيال وتربيتهم أمر من الأمور المهمة في الحياة، وهذه التربية لابد أن تقوم على أساس قوي من المنهج السليم والعقيدة الصافية التي لا يخالطها أي شائبة، فلا بد من توفر المربي المتمكن والناصح الأمين والناجح المدرك لأهمية المسؤولية وعظمها، الذي يستطيع أن يصنع الأجيال وفق ما تفرضه علينا عقيدتنا ويقرره لنا ديننا، وتربية الأجيال لها عدة أطراف لا بد من أن تجتمع لتحقق هذا الهدف، وهو إخراج الجيل الفريد. فالدين الإسلامي لم ترتفع على بقاع المعمورة رايته، وتعلو بين الأمم كلمته ويمتد على الأرض سلطانه وتنتشر في العالمين دعوته؛ إلا على يد هذه العصبة المؤمنة من الشباب الذين تربوا بين أحضان مدرسة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورضعوا من لبنها الصافي واستقوا من مناهلها العذبة فرقت قلوبهم وقويت شوكتهم وصفت نفوسهم، فحين تربي الأسرة طفلها فإنها تشكل اتجاهاته وميولاته وفق معايير معينة تقوم على أسس الدين ومنهج القرآن الكريم وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتعينهم على تكوين النظرة السليمة للحياة.

984

| 27 فبراير 2014

لا تسبوا الدهر

إن من حسن أخلاق المسلم وفضائل شيمه وحسن قيمه وآدابه أنه يحفظ لسانه من الزلل ويصونه من المعصية ,فلا ينطق إلا بخير ولا يتلفظ إلا بصلاح وطاعة يستحضر في كل لحظة منطق الحق ويعرف أن العبد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، ويعلم أن الله أمر عباده يقولوا التي هي أحسن ،ولكنك ترى معي كيف انتشرت بيننا آفات اللسان ومعاصي الكلام, وتعاظم في أوساط الناس السب والشتم وبذاءة اللسان, ولم يتورع الناس حتى عن سب الدين أو سب الحياة والدهر لأتفه الأسباب وكأنهم لا يحاسَبون على ما يقولون, ولا يعذَّبون في النار بما ينطقون وقد أخطأوا الفهم وأساءوا التدبير وهو عين التفريط والتقصير, وقد بين لنا الهدي النبوي أن سبب تعذيب الناس يوم القيامة هو ما تحصده ألسنتهم وتلوكه أفواههم من المعاصي والآثام، لذا قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: كف عليك هذا فقال :يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال :ثكلتك أمك يا معاذ ,وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم, فالمرء ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم سبعين خريفا, فمن كف لسانه ستر الله عورته. إن الحق سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته خلق الليل والنهار والشمس والقمر والظلمات والنور والحر والبرد والشتاء والصيف لحكم عظيمة ومنافع جسيمة ,فهذه المخلوقات من آياته ودلائل قدرته وعظمته وتوحيده، فيها مصالح للعباد في ليلهم ونهارهم في أمور دينهم ودنياهم, فتأمل في هذا الفلكالدوار بشمسه وقمره، ونجومه وبروجه، وكيف يدور على هذا العالم هذا الدوران الدائم على هذا النحو والترتيب والنظام وما في ذلك من اختلاف الليل والنهار والفصول والحر والبرد وما فيه من مصالح لشتى أنواع الحيوان والنبات ,فكل ذلك من العناية والحكمة والرحمة والإحسان من رب البرية فلله الحمد والمنة, فلقد خلق الله عز وجل الإنسان مزودا بقدرات وطاقات متعددة كامنة في داخله ،وللأسف الشديد لم يكتشف كثير منا هذه القدرات والطاقات فتضيع أعمارنا سدى وإذا بنا نتحرك في هذه الحياة بقدرات بسيطة وطاقات مهدرة ،لا نملك إلا الأماني والأحلام والحسرات على ما فاتنا من هذه لحياة,لذلك كان لابد من التغيير حتى نجد لحياتنا معنى نعمر من خلاله الأرض كما أمرنا الله عزوجل بذلك،ونشعر فيها بمتعة الحياة ولذتها،فإن التغيير ضرورة تفرضها طبيعة حياتنا حتى نحس بكياننا ووجودنا أما إذا استسلمنا لحياتنا اليومية دون تغيير؛ فإن عقولنا وطاقاتنا وكياننا وإحساسنا بكل شيء يتوقف ولا نشعر بمعنى الحياة وكفاحها،لأن لسان حالنا يقول اليوم مثل الأمس ، فمن هنا كان التغيير ضرورة تفرضها طبيعة حياتنا المتغيرة لمتسارعة,فنقطة البداية تبدأ من الإنسان نفسه ، وحتى تتم عملية التغيير لابد لها من قوانين تحكمها وتسيرها بثبات ومرونة،ومن أهمها الاستعانة بالله تعالى وحسن التوكل عليه ولا يمس هذا التغيير أسس الإسلام وعراه الثابتة والحرص على رسوخ العقيدة الصحيحة والسير وفق قيم الإسلام وآدابه. فمن هدي ديننا الحنيف أنه لا يحل للإنسان إذا ضاقت به الحياة أن يشتم الحياة فمن حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم فيسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار) رواه البخاري ,وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن سب الحياة والزمن فقال :لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر, أي هو المصرف للدهر وعلى الإنسان إذا ابتلي ببلية أن يصبر ويحتسب فإن الله أمر بالصبر,ولكن للأسف الشديد أن كثيرا من المسلمين يلومون عشرات الأطراف و ولا يفكرون أن يلوموا أنفسهم أبدا فكل مشكلة في حياتنا نعزوها إلى غيرنا، فيجب أن نعزو كل مشكلاتنا إلى أنفسنا لأن الله موجود، وليعلم الإنسان أنه ما من مصيبة إلا في الدنيا أعظم منها ، فإذا علم ذلك هانت عليه مصيبته, فالمجتمعات البشرية تحتاج إلى عناصر أساسية تقوم عليها حياتها ويستقيم بها أمرها وترتكز عليها عجلة الزمن وحركة التاريخ في دورانها, فإذا غاب عنصر ما من هذه العناصر اختل التوازن في المجتمع واضطربت أمور العيشة, فلا يجد الفرد مأمنا يركن إليه ولا مستقبلا يسعى له ولا هوية يعرف بها ,فالمسلم الحق هو الذي يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه يصلح بها دينه ودنياه بما يسر الله فيه من الصبر والإرادة بما يستطيع أن يؤدي عمله بهمة ونشاط وليعلم أن الناس يعيبون زماننا والعيب في كثير منا وليس لزماننا عيب سوانا.

770

| 20 فبراير 2014

إيجابية الرياضة

عاشت الدوحة خلال الأيام الماضية يوماً رياضياً اشترك فيه الجميع والتقى فيه الأصدقاء يمارسون الرياضة المحببة إليهم، فما أجمل اللقاء أن يكون وسيلة للتواد والتعاون والتحابب فيثمر رجالا صالحين ومجتمعا صالحا، فالمرء الإيجابي هو الذي تربى على هدي الإسلام فارتوت نفسه من معينه الطاهر فيكون حريصا كل الحرص على نفع الناس في مجتمعه، لكي يكون عضوا فعالا في جسد هذه الأمة التي ترتقي بسواعد أفرادها فهو يرفع من شأن أمته ويدفع الأذى عنها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم، فهذا الحديث من جوامع الكلم التي اوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو نصيحة غالية ودعوة صريحة للأمة أفرادا وجماعات أن يتملكوا أسباب القوة التي يحبها الله ورسوله، القوة في كل شيء مادية ومعنوية، وفي جميع معانيها المحبوبة لكل إنسان والحق سبحانه وتعالى لايحب للمؤمنين أن يكونوا في الجانب الضعيف ولا أن يكونوا من المتقاعسين الذين يضعفون عن مجابهة التحديات أو يجبنون عن مقاومة الأعداء، فالإنسان الايجابي الحقيقي يكون بحكم تكوينه وتنشئته على مبادئ الحق والخير والفضيلة والقيم ويصبح عنصرا بناء فعالا نافعا، لا يطيق أن يرى الفرصة متاحة لفعل الخير إلا وينتهزها، وإنه ليعلم أن فعل الخير يؤدي إلى الفلاح، فإنه ليسارع إلى فعل الخير، واثقا بمثوبة الله له في كل خطوة يخطوها في فعل الخير، لذلك تبرز أهمية الايجابية في أنها تحقق جوانب دينية واجتماعية فهي تحقيق للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن من يتمتع بالايجابية يكون همه كيف يصلح ويبني ويبتعد عن أي تصرف يفسد ويهدم فهو ينسى كيانه وذاته والانتصار لنفسه ويكون همه أعلى وهدفه أسمى، فمجتمع يتصف أفراده بالايجابية يحقق هذا المجتمع صلاحا عظيما وانجازا رائعا، لأن من يتمتع بالايجابية يحفز ويشجع على عكس من يثبط ويحبط، ويكون صاحب نظرة تفاؤلية ويبشر ولا ينفر وليس صاحب نظرة تشاؤمية، فهو مقبول عند الله وعند الناس لأن همه ليس تصيد أخطاء الآخرين بل إصلاحها، إنها درجة عظيمة يبلغها الإنسان الايجابي درجة ينسى فيها نفسه ومشاعره ويكون همه الآخرين وإصلاح المجتمع بقدر ما يستطيع، إنه ارتقاء بالنفس لمنزلة عليا، والسمو بالروح إلى خارج نطاق الإطار البشري المحدود وخارج القيود الأرضية الضيقة وحين أتحدث عن الايجابية اقصد بها التأثير الايجابي على أنفسنا وعلى الآخرين. فمن ايجابيات الرياضة التي تجمع الناس وتوحدهم وتعلم المرء أن يفعل الخير دوما فتراه دائما يحب الخير ويكثر من فعله لأنه علم قيمة الإيجابية فهو بعيد عن السلبية، فالإيجابية هي أن يكون الإنسان فيضا من العطاء متفائلا لا ييأس حتى وإن قنط الآخرون يستطيع أن يصنع من الشمعة نورا، فهو جميل لذا فإنه يرى الوجود جميلا خاصة أن يكون فيها المسلمون قدوة لغيرهم، فهذه سمة من سمات أبناء هذه الأمة ومن أجل ذلك تعد أمتنا أمة رائدة بما تحمل من عقيدة قوية وإيمان راسخ وبما تنتهج من وسطية واعتدال في شؤون حياتها الدنيوية والأخروية، فلا تعنت وتشدد يحدث خللا في أوساطها ولا تسيب وانفلات يقلبها رأسا على عقب وإنما بما لديها من إيجابية تستطيع من خلالها حمل راية القيادة فتدرك بذلك الأخطار الناجمة التي تحيط بها، فتعمل جاهدة على الحفاظ على كيانها واستقرارها، فتعمل على تحقيق الرفعة والتقدم، فإن جميع من يعيش على ظهر المعمورة يدركون أن أمة الأسلام أمة عريقة واسعة الأرجاء غنية التجربة راسخة الجذور. فإن الثقافة الإسلامية تطبع شخصية الفرد بطابع معين يميزه عن غيره، ومن تلك السمات الفريدة التي يمتاز بها المسلم الإيمان والتقوى والورع والخشوع لله تعالى والطاعة والصبر والمصابرة، والأمل والرجاء والتوكل والاعتماد على الله تعالى، فيتربى المسلم على نصرة الحق وإغاثة الملهوف والسماحة وإنذار المعسر والحلم والوفاء بالعهد والعقود وطلاقة الوجه والتمسك بالآداب العامة والنظافة وما إلى ذلك من السمات والخصال الحميدة والفضائل الخلقية، فإن الكمال البشري لا يصنعه شكل ولاصورة ولا تصنع في أمور الدين، إنما الكمال المنشود عمل حقيقي داخل النفس الانسانية تزكو به وتسمو فهو ايجابي خير معطاء وكل يوم يمر عليه يكون فيه ايجابيا يصلح فيه بين المتخاصمين ويعدل بينهما يكون له بذلك صدقة وأجر ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة يمشيها في طريق الحق تكون في ميزان حسناته.

1363

| 12 فبراير 2014

الهمة العالية

ما أجمل أن يحس المسلم أنه مطيع لربه منفذا لسنة نبيه، يسير على طريق الهدى يسعى نحو الجنة ويخشى النار يعلم أنه سيقف بين يدي جبار السموات يحاسبه على ما فعل في الدنيا وما صدر منه من قول وعمل، فيا سعادة من يأخذ كتابه بيمينه، ويا تعاسة من يأخذ كتابه بيساره, فليعلم كل عاقل أن طاعةالله تعالى هي الأصل الذي جاءت به الشرائع السماوية جمعاء ودعت إليه كل الديانات السماوية على لسان الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله عز وجل، منقذين للبشرية من الظلمات إلى النور, فإن جميع الرسل والأنبياء جاءت دعوتهم متفقة على مبدأ واحد وأصل ثابت وهو الدعوة إلى الإيمان بالله عز وجل، الواحد القهار, ووضعت لذلك أسس وشرائع من عبادات ومعاملات تقوم عليها سعاة البشرية, فبهذا الإيمان تستطيع هذه البشرية التي استخلفها الله تعالى في الأرض أن أن تعيش في سعادة وأمان ويتحقق لها الرخاء والطمأنينة, فإن بناء الرجال الذين تفخر بهم الأمة يقوم في حقيقته على الاهتمام ببناء النفس والعقل, فإن استشعار المؤمن أن الجنة محفوفة بالمكاره يتطلب منه همة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي للتغلب على نفسه وملذاتها، مع تنقية تلك الهمم من كل شائبة تجره إلى الفتنة والمعصية، وإنما تفاوت الناس بالهِمم لا بالصور والله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم,وحتى يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإن عليه أن يعمل على استقامة صلته بنفسه وبالله وبالناس وبالعالم الذي يعيش فيه, الأمر الذي يؤدي إلى أن يصبح بحق جديرا بأن يكون وكيلا عن الله في الأرض يقيم فيها موازين العدل, ويرسي دعائم الحق, ويزرع الخير الذي تعود ثمرته على الآخرين. وهذا ما ينبغي على هذا الوكيل أن يفعله إلى آخر نفس في حياته وإلى يوم القيامة, كما ورد في جميع الشرائع السماوية التي حثت على فعل الخير والبعد عن كل شر والعمل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما يحقق للإنسان البقاء وللأرض الإعمار والصلاح وللبشرية الأمان.فإن المسلم الصادق التقي الخلوق مهذب دمث مرهف الشعور لا يصدر عنه فعل قبيح يؤذي به الناس, بل تجده يحرص أشد الحرص على التحلي بحسن الخلق ونفع الناس وأن يكون كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة فترميهم بالثمار, لذلك تجده دائما يزن الأمور بميزان الأخلاق والإيمان, ولا يقصرفي حق أحد, فإن الناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافا بينا، يظهر ذلك جليا في اختلافهم في استقبال المحن والمنح، والإغراء والتحذير والنعم والنقَم والترغيب والترهيب، والفقر والغنى فمنهم سابق للخيرات وهو من أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان فربى نفسه على الطاعةوالقرب وأدبها في البعد عن المعاصي والملذات, فهذا لا تضره فتنة ولا تزعزعه شبهة ولا تغلبه شهوة، صامدا كالطود الشامخ، فهم الحياة نعمة ونقمة يسرا وعسرا، ثم اجتهد في التوازن بين هذا وذاك لأنه علم أن كل شيء بقدر وأن مع العسر يسر فضبط نفسه في الحالين, فلم يحزن على ما فات ولم يفرح بما هو آت, فتجده راضي النفس مطمئن الفؤاد هذا هو السابق إلى الخيرات ذو قيم ومبادئ كريم النفس صافي القلب، ولكن هذا الصنف قليل وما ضره أنه قليل لأنه هو العزيز والسر في عزته الإيمان، الذي إذا خالطت بشاشته القلوب ثبت صاحبه واطمأن وضرب بجذوره فلا تزعزعه المحن، ولا تؤثر فيه الفتن بل يزرع الخير ويجني الفوائد، لأنه يعلم أن ربط البواعث الخلقية بالإيمان بالله تعالى, هي التي تميز الإنسان المسلم عن غيره, فيتحلىبالإخلاص العميق لله تعالى وبثبات هذه الأخلاق وديمومتها فيه, مهما تقلبت الأيام, وتغيرت الأحوال, ذلك أنها صادرة عن وجدان حي مرهف يستحي من الخلق السيئ ويجتنبه, ويعلم أن الله عز وجل مطلع على الخفي من الأسرار فيستحي منه, قبل حيائه من الناس المطلعين على الظاهر من أخباره.. وهذاالحياء من الله هو مفرق الطريق بين أخلاق المسلم وأخلاق غير المسلم, فلا تكن سلبيا معه وتقول لنفسك إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت.. ولكن لابد أن تكون لك وقفة مع نفسك, وتأخذك الحسرة على ذنوبك وتبكي عليها ليلك نهارك، وتصحبك موجات من الندم وتبيت ليلك تتأوه حزنا وألما علىذنبك وتتضرع إلى الحكيم الخبير وتسارع إليه بالتوبة قبل فوات الأوان, ولا تجعل هذه النشوة المؤقتة تذهب بك إلى منزلق خطير وتطيش بك إلى منحدر سحيق حيث التمرغ بأوحال الخطايا والآثام فتنسيك نفسك وتفسد عليك أمرك وتكون من أصحاب قول الله تعالى (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهمأولئك هم الفاسقون) الحشر 19 , فمهما كانت الذنوب عظيمة فإن الله يغفرها جميعا ما لم يشرك به فإن الحسنات يذهبن السيئات.

886

| 07 فبراير 2014

الأدب مع الجار

إن من الأمور التي تعين على كسب وجمع القلوب حول المتحدث أو الناصح أو المربي أو الكاتب هي إخلاص النية وحسن الصلة بالله تعالى فإنها أولى الوسائل التي تساعد المتحدث على جمع وكسب قلوب الناس وهي إخلاص نيته لله وتنقيتها من كل شوائب وحسن الصلة بالله عز وجل فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله تعالى يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض ) رواه مسلم, فحب الله للعبد يتبعه حب الناس لذا فعليه أن يجيد فن التعامل مع الناس, فلتكن كالنخلة يرميها الناس بالحجارة وترميهم بالثمار , فالمسلمون الذين امتلأت قلوبهم بالإيمان الصحيح بالله تعالى والذي يثمر العمل الصالح المصلح للقلوب والأخلاق وأحوال الدنيا وأهوال الآخرة , فلهم أصول وأسس يتلقون فيها جميع ما يرد عليهم من أسباب السرور والابتهاج ويبعد عنهم أسباب القلق والهم والحزن .فالدين الحنيف أوصى بالجار حتى ظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيورثه فللجار على الجار في القيم الإسلامية وفي الآداب الشرعية حقوق تشبه حقوق الأرحام وهو الشيء الذي يلفت النظر، فمن هذه الحقوق المواصلة بالزيارة والتهادي تعبيرا عن المودة والزيارة حين المرض والمواساة حين المصيبة والمعونة حين الحاجة وكف الأذى, لذا تتبوأ الأخلاق الإسلامية مكانة عالية ومنزلة رفيعة عظيمة ,فإن حسن الخلق هو الدين كله وهو جماع لكمال الإيمان لذلك جعل رسولنا صلى الله عليه وسلم الغاية الأولى من بعثته والمنهاج المبين في دعوته هو ترسيخ مبادئ الأخلاق في نفوس الأمة فوضع المنهج للأمة في مكارم الأخلاق وحرص صلى الله عليه وسلم على توكيد هذه المبادئ العادلة حتى تعلمها أمته جيدا ,فلا تهون لديها قيمة الخلق وترتفع قيمة الامتثال في أنفسهم فعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وأشرف المنازل وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم ) رواه مسلم,ولكن بعض المنتسبين إلى الدين قد يستسهلون أداء العبادات المطلوبة ويظهرون في المجتمع العام بالحرص على إقامتها وهم في الوقت نفسه يرتكبون أعمالا يأباها الخلق الكريم والإيمان الحق, وإن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم توعد هؤلاء الخالطين وحذر أمته منهم ,وفي هذا ورد عن النبي أن رجلا قال له : يا رسول الله إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال : لا خير فيها هي في النار , ثم قال يا رسول الله إن فلانة تصلي المكتوبة وتتصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي في الجنة .فالمسلم الحصيف الواعي لأحكام دينه أحسن الناس معاملة لجيرانه وأكثرهم برا بهم , وخوفا عليهم ,وذلك لأنه يعي هدي الإسلام وتوصياته الغنية بالجار, والمكانة الرفيعة التي أحله إياها في سلم العلاقات البشرية , فقد أمر الله تعالى في محكم كتابه بالإحسان إلى الجار ,والجار ذو القربى هو الذي تجمعك به مع الجوار أصرة النسب والدين والجار الجنب هو الذي لا تجمعك به صلة من نسب والصاحب بالجنب هو الرفيق في أمر حسن ,فكل من جاورك في السكن له عليك حق الجوار ولو لم يكن بينك وبينه وشيجة من نسب أو رابطة من دين ,وفي هذا تكريم للجار أي تكريم في شريعة الإسلام السمحة الغراء للإنسانية , ومن هنا تأتي أحاديث الرسول الكريم تترى موصية بالجار على وجه العموم غير ناظرة إلى قرابته أو دينه مؤكدة أهمية علاقة الجوار في الإسلام فتبلغ الوصية بالجار حدا من الأهمية والخطورة يجعل الإحسان إليه والتنزه عن أذاه علامة من علامات الإيمان بالله واليوم الآخر ونتيجة حتمية من نتائجه الحسان , وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) رواه البخاري, فالمسلم الحق الذي استنار قلبه وعقله بهدي الدين الحنيف وسار على هدي النبي صلى الله عليه وسلم سمحا مع جاره حسن العشرة معه لطيف المعاملة ,فمن سعادة المرء الجار الصالح لأنه من وسائل السعادة في الحياة.

2417

| 06 فبراير 2014

عزائم الرجال

إن طاعة الله تعالى هي الأصل الذي جاءت به الشرائع السماوية جمعاء ودعت إليه كل الديانات السماوية على لسان الرسل والأنبياء الذين بعثهم الله عز وجل لينقذوا البشرية من الظلمات إلى النور ,فإن جميع الرسل والأنبياء جاءت دعوتهم متفقة على مبدأ واحد وأصل ثابت وهو الدعوة إلى الإيمان بالله عز وجل الواحد القهار ,ووضعت لذلك أسس وشرائع من عبادات ومعاملات تقوم عليها سعاة البشرية ,فبهذا الإيمان تستطيع هذه البشرية التي استخلفها الله تعالى في الأرض أن تعيش في سعادة وأمان ويتحقق لها الرخاء والطمأنينة, فإن بناء الرجال الذين تفخر بهم الأمم يقوم في حقيقته على الاهتمام ببناء النفس والعقل ، فما قيمة جسد ليس في قلب صاحبه إيمان وعقيدة,وما قيمة صورة لا يحمل صاحبها مبادئ ولا قيم,فإن استشعار المؤمن أن الجنة محفوفة بالمكاره يتطلب منه همة عالية تتناسب مع ذلك المطلب العالي للتغلب على نفسه وملذاتها، مع تنقية تلك الهمم من كل شائبة تجره إلى الفتنة والمعصية،وإنما تفاوت الناس بالهِمم لا بالصور والله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم,وحتى يصل الإنسان إلى هذه المرتبة فإن عليه أن يعمل على استقامة صلته بنفسه وبالله وبالناس وبالعالم الذي يعيش فيه. إن العبد المسلم الذي آمن بالله رَبَّا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا,يغتنم الأزمنة والأوقات فيتقرب إلى ربه بالطاعة لعله يفوز بجنة عرضها السموات والأرض,فإن من حكمة الله تعالى أن جعل الدنيا مزرعة للآخرة وعنوانا لها , فالإنسان الماهر هو الذي يستثمر عمره في الإكثار من الطاعة والقرب من الله تعالى بالعمل الصالح وما أجمل أيام الطاعة لكي يكثر فيها الناس من البر وحسن الخلق فالمسلم يتصف بالخلق الحسن تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن كما أجابت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه ,وأنه ربط الأخلاق بالإيمان عندما سئل:أي الناس أكمل إيمانا قال :أحسنهم أخلاقا, فالأيام تمر مر السحاب وسريعا ما تنقضي وتبقى منها الذكريات والعبر فإما أن تكون شاهدة للإنسان أو شاهدة عليه ,فالمسلم الحق الذي يغتنم أيامه ولياليه في طاعة الله تعالى ,فيبقى له العمل الصالح الذي يصعد إلى الله فيكون حجة له يوم القيامة يدافع عنه ويكون وسيلة لنيل أعلى الدرجات عند الله تعالى , فأفضل الأعمال أدومها وإن قل فليست العبرة بالكم وإنما العبرة بالكيف وبمدى قربك لله تعالى وامتثالك أوامره والإذعان له بالطاعة في كل وقت وحين ، والإكثار من ذكر الله تعالى في كل أوقاتك تستثمر أيامك في ذكر الله والتقرب إليه ,فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أمته بقوله:جددوا إيمانكم قيل : يا رسول الله ,وكيف نجدد إيماننا ؟ قال أكثروا من قول لا إله إلا الله ,فالمسلم يستعين على تقوية روحه وإصلاح نفسه بضروب من العبادة والذكر يقوم بها لله طائعا مخبتا قانتا وبذلك ترهف نفسه ويرق شعوره وتتيقظ حواسه فإذا هو في غالب الأحيان يقظ منتبه,مراقب لله في السر والعلانية ,مستحضرخشية الله ومراقبته إياه ولا يحيد عن الحق ولا ينحرف عن جادة السبيل ,حتى يكون من الذين قال الله تعالى فيهم أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما.فإن الناس مختلفون في بناء أنفسهم وتأسيسها وتربيتها اختلافا بينا، يظهر ذلك جليا في اختلافهم في استقبال المحن والمنح،والإغراء والتحذير والنعم والنقَم والترغيب والترهيب،والفقر والغنى فمنهم سابق للخيرات وهو من أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان فربى نفسه على الطاعة والقرب وأدبها في البعد عن المعاصي والملذات,فهذا لا تضره فتنة ولا تزعزعه شبهة ولا تغلبه شهوة ،صامد كالطود الشامخ فَهِم الحياة نعمة ونقمة يسرا وعسرا، ثم اجتهد في التوازن بين هذا وذاك لأنه علم أن كل شيء بقدر وأن مع العسر يسرا فضبط نفسه في الحالين ,فلم يحزن على ما فات ولم يفرح بما هو آت, فتجده راضي النفس مطمئن الفؤاد هذا هو السابق إلى الخيرات ذو قيم ومبادئ كريم النفس صافي القلب،ولكن هذا الصنف قليل وما ضره أنه قليل لأنه هو العزيز والسر في عزته الإيمان،الذي إذا خالطت بشاشته القلوب ثبت صاحبه واطمأن وضرب بجذوره فلا تزعزعه المحن،ولا تؤثر فيه الفتن بل يزرعالخير ويجني الفوائد ,فتجده مؤمنا بالله حق الإيمان ،وثيق الصلة به دائم الذكر له والتوكل عليه والاستعانة به، يستمد منه العون مع أخذه بالأسباب ،فيكثر من الطاعات لله تعالى فتحسن أخلاقه فيتعهد نفسه ويبني كيانه الجسمي والعقلي لأنه ليس مكونا من جسم و عقل فحسب ,وإنما يدرك أن له قلبا يخفق وروحا تهفو ونفسا تحس وأشواقا عليا تدفعه إلى السمو والاستغراق في عالم العبادة والتطلع إلى ما عند الله من نعيم والخشية مما لديه من أنكال وجحيم.

2017

| 31 يناير 2014

alsharq
لمن ستكون الغلبة اليوم؟

يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...

1128

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
إليون ماسك.. بلا ماسك

لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...

945

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
إنجازات على الدرب تستحق الاحتفال باليوم الوطني

إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...

678

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
غفلة مؤلمة.. حين يرى الإنسان تقصيره ولا يتحرك قلبه

يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...

654

| 19 ديسمبر 2025

alsharq
«يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب

هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...

645

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
الانتماء والولاء للوطن

في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...

615

| 22 ديسمبر 2025

alsharq
التاريخ منطلقٌ وليس مهجعًا

«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...

612

| 21 ديسمبر 2025

alsharq
قبور مرعبة وخطيرة!

هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...

585

| 19 ديسمبر 2025

alsharq
عمق الروابط

يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...

558

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
قطر رفعت شعار العلم فبلغت به مصاف الدول المتقدمة

‎لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...

519

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
بِر الوطن

في اليوم الوطني، كثيرًا ما نتوقف عند ما...

438

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
من أسر الفكر إلى براح التفكُّر

من الجميل أن يُدرك المرء أنه يمكن أن...

426

| 16 ديسمبر 2025

أخبار محلية