رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

روسيا وإيران.. المتوعد الخائف!

تصعد روسيا في تصريحات مسؤوليها وكأنها في وضع المصمم على تثبيت احتلالها في سوريا حتى لو ذهبت الأوضاع إلى حرب شاملة أو حتى عالمية.وتتوعد إيران – وقادة ميلشياتها القادمة من العراق ولبنان- وكأنها سيدة الكون وأنها تملك وحدها أوراق ومفاتيح الوضع الإقليمي. يحاول الطرفان الظهور بمظهر الفاعل القادر، الذي لا يأبه بأحد، فيما كلاهما في وضعية المهاجم المتسرع والمتوعد الخائف، وفيما كليهما في وضعية الساعي لاقتناص نصر مستعجل، حتى لا يضطر للتراجع تحت ضغط رد الفعل الآن بحجم من قوة إستراتيجية قادرة على إعادة ترتيب التوازنات التي أربكها التدخل الروسي وكثافة الوجود الإيراني في سوريا. الأمر هنا لا يتعلق بحسابات الحرب العسكرية "الصرفة"، بل بالحسابات الشاملة لإدارة الصراع وحسابات المصالح الإقليمية واحتمالات وقوع روسيا وإيران في فخ عميق من الاستنزاف الخطر للغاية على كلا الدولتين.فروسيا التي أتت بقواتها لسوريا، منتقلة من التوسع في الجوار القريب (جورجيا وأوكرانيا) إلى الجوار البعيد (سوريا مضاف إليها العراق) لا شك باتت تدرك أن ما أحضرته من عوامل القوة أو ما نقلته من قوتها إلى هذه المنطقة، بات يهدد يجرها إلى حرب واسعة مزمنة في مستنقع يجري ضخ المياه فيه بهدوء وبطيء، يحول الوجود الروسي إلى جحيم لا يطاق. وإذ قرأت روسيا ما يجري وأدركت أنها ستصل حتما إلى لحظة خيار استراتيجي يهدد وضعها ومكانتها دوليا، فقد صارت تهدد بخيارات جنونية، لاستعجال الحل، قبل أن تصل إلى وضعية المأزق. روسيا تمارس حربا نفسية بالتهديد بأعلى أشكال التصعيد –كما فعل ميدفيدف الذي تحدث عن حرب عالمية- لقطع الطريق على فعاليات جارية تستهدف إيصال روسيا إلى نقطة الخيار الاستراتيجي، الذي لا تستطيع الذهاب إليه.وإيران، تهدد وتتوعد وكأنها ذاهبة للحرب غدا، وهي تحاول التأكيد والتصميم على رسم خط أحمر لمصالحها أو لوجودها في سوريا والإقليم، حتى لا يجري تكرار ما واجهته خطتها الإستراتيجية في اليمن. لكن التهديد والوعيد الإيراني لا يعدو أن يكون تعبيرا عن إدراك بأن أي اندحار جديد لوجودها ودورها في دولة عربية أخرى، سيحول الحركة المضادة والمواجهة لإستراتيجيتها إلى درجة الإعصار في بقية البلدان.هذا التهديد والوعيد الإيراني، يبدو مظهرا للخوف والتحسب والاضطراب الاستراتيجي بسبب تلك الخطوات الكبرى التي تحققها المملكة العربية السعودية – ودول الخليج- في حشد العالم الإسلامي لعزل إيران ومواجهتها، وبسبب تعمق التصريحات التركية باتجاه مواجهة دور إيران في المنطقة، وهو عنوان للخوف من تحول سوريا إلى وضعية استنزاف لا تستطيع إيران التعايش معها.البلدان، روسيا وإيران، تعيشان هاجس الخوف من الاستنزاف، وكلاهما يصعد من حربه النفسية على الخصوم والرأي العام، في محاولة لإيهام الجميع بقرب حسم الأوضاع في سوريا، غير أنهما تدركان أن نظام الأسد، قد انتهت معالم قدرته فعليا، وأن القوى التي تقاتل لمصلحتهما هي قوى من خارج سوريا يتحكم في وجودها عوامل غير سورية وأن القوى السورية المتعاونة مع مخططاتهما –كالأكراد – هي قوى تحمل مشروعات أخرى وقد تغير مواقفها في أي لحظة، وأن صمود الثوار وقدرتهم على تغيير إستراتيجيتهم القتالية سيحقق خسارة الدولتين للمعركة والذهاب بهما إلى مرحلة انكفاء استراتيجي خطير يؤثر على أوضاعهما الإقليمية والدولية مستقبلا.

527

| 19 فبراير 2016

ما بعد انتصار الشرعية في اليمن

تقترب قوات الشرعية والمقاومة – مدعومة بالتحالف العربي- من تحرير العاصمة اليمنية صنعاء. المعركة تحتاج بعضا من الوقت يقصر أو يطول بهذا المعنى أو ذاك، كما أن معركة تعز تظل العنوان الحقيقي للانتصار النهائي ولإعلان الحسم في هذه الحرب. وسواء سبقت صنعاء تعز في التحرر من ظلم القرون الوسطى الذي أرسته ميليشيات الحوثي مستندة إلى استبدادية صالح وأعوانه، أو تقدمت تعز على نحو مفاجىء – منهية الحصار الإجرامي الذي تعيشه - لتجعل تحرير العاصمة واقعاـ حتى إن تأخر إعلانه.سواء جرى هذا السناريو أو ذاك، فالأمر الأهم الذي يجب أن يشغل دوائر البحث والفكر والتخطيط الاستراتيجي، الآن، هو كيف تجرى أوضاع اليمن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا – وثوريا- ما بعد حسم المعركة وإعلان التحرير، إذ العمل العسكري الحالي ليس إلا عملا عنيفا غايته تحقيق الهدف السياسي في إنهاء الانقلاب أو دحره. أما تثبيت سلطة الحكم الانتقالي التي انقلب عليها الحوثيون وصالح، ومحتوى الحركة السياسية الداخلية وطبيعة العلاقات بين المكونات اليمنية المعقدة كتضاريسه، ومعالجة الأوضاع الاقتصادية التي خربها الحوثيون وصالح قبلهم - والحرب من بعد - وموقع الجنوب في إدارة البلاد وموقع ما تبقى من حزب صالح وما يتبقى من الحوثيين..إلخ، فتلك جميعها قضايا، يجب ألا تترك لوقتها، إذ مراحل ما بعد الحرب أصعب من الحرب ذاتها، كما أن مشروعية الانتصار على الانقلاب ستتبدد سريعا، إذا لم تكن هناك خطط محددة واضحة أو لنقل فلسفة مدققة لإدارة البلاد.يبدو مهما التذكير من الآن، بأن أحد أخطر نواتج الحرب هو ما تفرزه من تكوينات تتشكل خلالها، وتسعى للسيطرة على الحكم بعدها، استنادا إلى دورها في الحرب. وهو ما يتطلب ضبطا لفلسفة ومفاهيم الحكم الانتقالي الراهن وتحديدا لمهامه بعد التحرير. وأن أحد النواتج الخطرة ثانيا، هو ما يصيب أجهزة الدول من تفلت وتفكك وخراب واضطراب خلال الحرب، يمكن أن تستغله مجموعات متسلقة على دماء المضحين بأرواحهم، وهو ما ينبغي الاستعداد لمواجهته بالسرعة والحسم وبطرح آليات ديمقراطية لاختيار القيادات ولمواجهة الفساد الذي سيحاول استعادة السيطرة على الدولة مجددا. وثالث المخاطر هو حالة التفلت التي تصيب المجتمع، واليمن يبدو بلدا يعيش فيه الناس مستقلين متحصنين بتكويناتهم القبلية – المجتمعية الخاصة، خلف كل تبة أو جبل، وهو ما استثمره صالح ليكون هو الطرف الوحيد المسيطر على قلب العاصمة والدولة، عبر ترضيات للمهيمنين في الأطراف. وهو ما يتطلب توسيع شرايين نقل الدم بين العاصمة بإداراتها وقياداتها السياسية- بل بكل ضجيجها –من جهة، والمكونات المتشظية المنتشرة في ربوع اليمن من جهة أخرى. ينبغي أن تشهد إدارة البلاد، انتقالا إلى فكرة الأمة الموحدة والمجتمع الواحد. كما ينبغي استمرار حالة الثورة مع سعي فاعل لإحداث تغيير في النمط الثقافي والمعرفي لفكرة المواطنة، وإحداث ثورة حقيقية في الإعلام الجديد ما بعد التحرير، وقد كان ضعف إعلام الشرعية أحد أسباب تمكن صالح والحوثيين من تمرير فكر ديكتاتوري فاشي تحت ستر الظلام المعرفي. ورابع القضايا، أن يجري اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة في الأيام الأولى لتحرير البلاد. على قيادة الشرعية أن تعد رؤية محددة واضحة لفلسفة اقتصادية واجتماعية تعيد ترتيب أوضاع المجتمع اليمني، لتحقيق عدالة توزيع التنمية وعائداتها وتوسيع الفئات المجتمعية التي تشارك بفعالية في إدارة الاقتصاد والسلطة، فذلك ما يشل قدرة الانقلابيين ويحولهم إلى فلول مطاردة من المجتمع.هناك مهام ضخمة، قد يكون العمل العسكري الجاري أخف وطأة منها، والاستعداد لها بالفكرة والخطة والقرار، يبدأ من الآن، لا من الغد.

512

| 12 فبراير 2016

من أراد الحل.. فليدعم ثوار سوريا!

تنعقد المفاوضات فيشتد القصف والقتل والتدمير الروسي الإيراني والميلشياوي إلى حد الإبادة الشاملة، ويعود الحديث كما كان قبل جنيف 1 وزميلتها جنيف 2، عن محاولة لتعديل التوازنات على الأرض لفرض الأمر الواقع على الشعب والثوار السوريين.وتتحرك التصريحات هنا وهناك، كما جرى الأمر تكرارا مع كل مفاوضات، لتنتقل حالة الثورة إلى حالة خلافات دولية وإقليمية وسجالات بعضها خجول وبعضها مبهم وقليلها واضح، فيعاد إنتاج الآلية التي حولت الثورة على الأسد إلى صراع طائفي ثم إلى صراع إقليمي، ومؤخرا حدثت القفزة الجديدة نحو الصراعات والاتفاقات الدولية، لتبتعد المسافة أكثر وأكثر عن طريق الثورة، إذ أظهرت مفاوضات جنيف كيف أصبحت الأمور تدار بقرارات الأطراف الدولية وما تراه لتحقيق مصالحها لا لتحقيق أهداف الثورة.وبين هذا وذاك، وعبر المشوار الطويل من جرائم بشار وإيران وروسيا، جرى البحث وانطلقت التصريحات وتعددت المناشدات حول مواجهة المترتبات بالغة الضراوة التي يعيشها الإنسان السوري. جرى اقتراح متعثر لم ير النور بتشكيل منطقة آمنة أو عبر نداءات إدخال الغذاء والدواء وإنقاذ السوريين من وقائع مأساة هي الأشد وطأة وعارا في جبين الإنسانية في القرن الواحد والعشرين. وكلها جهود خيرة، تتعامل مع نتائج إجرام الأسد وروسيا وإيران وميلشياتها وتبحث عن قدر من إنقاذ الإنسان، غير أنها لا تطرح قضية الثورة أو برامجها.وهكذا، جرى الحال ويجري، وللأسف لا يبدو في الأفق، أن ثمة تغييرا أو خروجا من تلك الدوامة. وفي مثل تلك الحالة، لا يفيد ولا يحقق التغيير أن تسير الثورة في قلب الدوامة، إذ هي دوامة عاصفة يجب الخروج منها لا الدوران في داخلها. ولن يخرج الثورة ويسير بها في طريق النصر، إلا طرح عنوان وشعار واحد. من أراد حل مشكلات اللاجئين ومن أراد وقف آلة القتل الإجرامية ومن أراد وقف اللجوء لأوروبا.وباختصار.. من أراد حل قضايا سوريا والسوريين، فليدعم الثوار.هذا الشعار كان وحده هو القادر على إنهاء مأساة السوريين مبكرا، والآن لم يعد له بديل بعد فشل كل الخيارات الأخرى، وبعد أن أظهرت روسيا وإيران والنظام، أنهم يلعبون لعبة المفاوضات لأجل اغتنام الوقت لفرض الأمر الواقع بقصف الطائرات وتقدم الجنود، لتصل المفاوضات إلى مرحلة لا يكون لدى الثوار والمعارضة سوى خيار التوقيع على استسلام باسم الشعب السوري. ساعتها لن يكون التوقيع إقرارا ببقاء الأسد فقط، بل سيكون إقرارا باحتلال روسيا وإيران والولايات المتحدة للأرض السورية، وبتقسيم سوريا بين كل تلك الأطراف. وعندها تكون القوى الغربية وروسيا وإيران قد نجحت في إدارة عمليات التغيير التي ناضل لأجلها الشعب السوري، وفي تجيير شهادة آلاف السوريين لتحقيق مصالح استعمارية.لا حل في سوريا. ولا إنقاذ لشعب سوريا من الجوع والقتل والدمار. ولا إسقاط لنظام بشار الذي يمثل بقاؤه أخطر الجرائم في تاريخ البشرية. ولا مواجهة لاحتلال سوريا الجاري الآن وفق ترتيبات توسيع القواعد العسكرية وحالات بناء القواعد الجديدة. ولا قدرة على منع تقسيم سوريا، وقد صارت الولايات المتحدة أشد وضوحا في مساعيها لا الروس والإيرانيين فقط. بل لا مواجهة للعمليات التحضيرية الجارية لنقل عمليات التقسيم إلى بقية دول الجوار خاصة تركيا.. لا حل لكل تلك القضايا المصيرية إلا بتقديم الدعم العاجل لثوار سوريا.لقد ضاع وقت طويل. وسقط شهداء كثر. والآن يتهدد الخطر مجرد بقاء سوريا. ومن يرى الخطر بعيدا وسيظل في داخل حدود سوريا، فهو واهم لا يدرك أن تقسيم الدول لا ينتج دويلات في داخلها فقط، بل هو حدث يشبه انفجار النواة الذي يخرج طاقته التدميرية باتجاه الخارج.ادعموا ثوار سوريا.. لا حل سوى ذلك.

747

| 07 فبراير 2016

هل بدأ العد التنازلي للعدوان على غزة ؟

يبدو أن نتنياهو يستعد فعليا لإطلاق عدوان حربي جديد على غزة، يتوقع أن يكون الأشد ترويعا من كل ما سبق، والأغلب أن يتبعه أو يجعله متزامنا مع اجتياح واسع للضفة الغربية وأن يتخذ خلالها إجراءات أشد عدوانية ضد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر. من يتابع الآلة الإعلامية الإسرائيلية يلحظ دورانها لتهيئة الأجواء لشن مثل هذا العدوان الجديد، ويلحظ أنها انتقلت من وضعية التهيئه العامة إلى حالة الإعلام الحربى - وفق قواعد الإعلام الحربى - الذي يحدد خطوات تهيئة الرأي العام للحرب قبل الحرب مباشرة.لقد شهدت الشهور الأخيرة، إطلاق أخبار مجهلة عديدة تتحدث عن أن حماس استعادت بناء قدراتها التى كانت تضررت جراء العدوان الإسرائيلي خلال عام 2014 ، وفي ذلك جرى إبراز بعض التصريحات لقادة فصائل المقاومة التي تطلق لطمأنة الرأي العام الفلسطيني مع تغيير اتجاه تأثيرها لتظهر وكأنها حالة من حالات القوة الزائدة والرغبة في إطلاق الحرب. لكن الأيام الأخيرة شهدت قفزة في هذا الاتجاه، إذ يجري نشر أخبار من مصادر عسكرية إسرائيلية جرت صياغاتها وفق قواعد الإعلام الحربي في الإعداد للحرب. وأولى تلك القواعد هو أن يتحدث الطرف الذي يستعد للحرب عن أن خصمه هو من يريد إشعال الحرب وهو من يستعد لها وأن استعداداته ذات طابع هجومي، ليظهر هو - وهو من يستعد للعدوان - في وضع من يدافع عن نفسه ومن يخوض حربا دفاعية وأنه لا يريد الحرب. لقد جرى نشر تصريح لمصدر عسكري إسرائيلي- قيل إنه لم يذكر اسمه - ورد فيه هذا المعنى تحديدا، حتى إن الصحف العربية نشرته تحت نفس العنوان المستهدف «حماس مستعدة للحرب المقبلة»، قال نص الخبر المنشور في الصحف العربية « أقرّ مصدر عسكري في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، استعادت قوتها وباتت جاهزة للمواجهة المقبلة إذا اقتضى الأمر، فقد أعادت حماس ترميم الأنفاق الهجومية، ومنظومتها الصاروخية، وجمعت المعلومات اللازمة، وهي جاهزة لساعة الصفر».من يقرأ نص هذا التصريح جيدا يجده معدا في غرف الإعلام الحربي، إذ هو يدفع للناس بفكرة أن حماس بدأت اتخاذ إجراءات عسكرية هجومية - أنفاق هجومية - كما يتحدث عن أن حماس جاهزة لساعة الصفر، ومن لديه ساعة صفر في الحرب هو من سيبدأ الحرب، بطبيعة الحال.نتنياهو يستعد للحرب منذ وقت طويل، وهناك تصريحات تحريضية وصلت حد الحديث عن اغتيال كل قادة حماس دون استثناء، لكن توقيت الحرب لم يكن تحدد بعد، والآن يبدو أن خيار شن العدوان على غزة، قد وضع على طاولة القرار.نتنياهو يرى أن الجبهة الشمالية لم يعد بإمكانها أن تتحرك، وأنه ليس بحاجة لخوض معركة هناك لا الآن ولا غدا، سواء لدخول عامل الوجود العسكري الروسي على خط القرار الإيراني - وميليشيا نصر الله - أو لأن نصر الله قد أنهك قوته في سوريا، أو لأن رد نصر الله على العملية الإسرائيلية الأخيرة باغتيال سمير القنطار، قد طمأن نتنياهو إلى حد كبير.وهو يواجه حالة خطرة الآن في عموم الأراضي الفلسطينية، بل خطرة للغاية. فهناك حالة المقاطعة للمستوطنات وحالة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن ناحية ثانية صار الفلسطينيون داخل الخط الأخضر في وضع أقوى داخليا ودوليا، والأهم والأشد خطرا أن حياة المجتمع الإسرائيلي تكاد تصاب بالشلل الدائم. لقد فشلت أجهزة أمنه وصار ظهرها للحائط في مواجهة حالة الانتنفاضة الدائمة التي يشنها فلسطينيون أفراد. وهو قد هدد السلطة الفلسطينية بالهدم والتفكيك، للضغط عليها أكثر لتبذل جهدا أكبر لحماية إسرائيل، لكن أجهزة السلطة تبدو عاجزة مثل أجهزته، وبذلك لم يعد أمامه إلا مواجهة النموذج الملهم للانتفاضة، وأن يشن حربا على غزة، تكون مقدمة لحرب واسعة على الضفة، وخلالها يقوم باتخاذ إجراءات شديدة العدوانية تجاه الفلسطينيين داخل الخط الأخضر.الأغلب أن هذا هو القادم.

948

| 29 يناير 2016

القطار لا يميز ضحاياه على القضبان

تبدو الحرب الجارية في إقليمنا، معقدة وشاملة بالمعنى الذي لم تحدث به الحروب من قبل، لا الحرب العالمية الأولى ولا الثانية ولا أي حروب أخرى شهدها العالم. الأمر هنا واضح في أننا أمام حرب شاملة على المدنيين ولسنا أمام معارك بين جيوش.نحن أمام حرب تخوضها أعتى الجيوش ضد مجموعات مقاتلة متواضعة التسليح، يجري استخدامها مبررا وحجة لقيام تلك الجيوش بقتل المدنيين وتهجيرهم.وهي حرب تستخدم فيها الأسلحة الأشد تطورا، وهي تتفوق على أسلحة الحرب العالمية الثانية بعدة أجيال في محصلة القتل والتدمير–حتى إن روسيا وأمريكا تجربان تجارب عملية الآن على أسلحتهما وقذائفهما الجديدة – ويقوم على خططها أشد العقول شيطانية بين بني البشر، وهم يحشدون ويركزون قوة ساحقة ضد طرف واحد هم العرب أو السنة (كل الأطراف ضد طرف واحد). لكن، ورغم أهمية وجوهرية كل ذلك، فالأمر أشد شمولا وتعقيدا. فالحرب التي تشن على عالمنا الإسلامي، هي حرب تقوم على بعث قسري لثقافات ما قبل الإسلام في ربوع العالم العربي، فالعرق والقومية والهوية الثقافية، صارت ما يتمايز به الناس ويتقاتلون تحت راياتها، وهو ما يثير الفتن والفوضى الشاملة داخل كل المجتمعات وعلى مساحة جغرافية تتمدد دوما.وبذلك هي حرب هويات وثقافات وأعراق، عمل على بعثها وتحويلها لظواهر عسكرية وإدارتها علماء وخبراء. وهي حرب إبادة ضد طرف واحد، إذ مجموع ما قتل من العرب السنة يتصاعد وقريبا سيكون في مستوى إعداد من قتلوا في إحدى الحربين العالميتين. وهي حرب، القتلى فيها من طرف واحد، وكلهم من المدنيين.. وهي حرب إبادة تستخدم فيها كل أسلحة الحروب من الطيران إلى المدفعية إلى البراميل المتفجرة ضد المدنيين، وهي بدأت باستخدام قنابل اليورونيوم المنضب والقنابل الفسفورية في العراق وفي غزة، وعنوانها اليوم هو البراميل المتفجرة ومذابح القتل على الهوية، كما شهدت باستخدام السلاح الكيماوي كما حدث في سوريا.وهي حرب تهجير وطرد للسكان من أرضهم، من قراهم ومدنهم وتحويلهم إلى لاجئين مشردين، حتى بات بالإمكان القول، إنها حرب متوحشة لطرد السكان، وقد رأينا الأمر في العراق إذ مناطق الوسط التي يسكنها العرب السنة صار أهلها خارج ديارهم مشردين في خيام على أرض العراق أو في خارج العراق وعددهم بات بالملايين. والأمر كذلك في سوريا، إذ نفس المكون الإنساني العربي السني، صار مشردا بالملايين في دول الجوار وأوروبا. وهي حرب تدمير لمقدرات وقدرات الدول، أو هي حرب تحويل الدول القائمة إلى نمط الدول الفاشلة وكانت الافتتاحية في الصومال، وبعدها ذهبت أفغانستان والعراق وسوريا وليبيا إلى نفس المصير.. وهي حرب إعادة رسم الخرائط السياسية، إذ تخطط الدول الكبرى لإطلاق دورة من إعادة تشكيل دول جديدة في موجة ستعم الإقليم، وإذ بدا الأمر في إطلاق التقسيم في السودان بتشكيل دولة جنوب السودان، فليس معروفا بعد متى تكون البداية الرسمية في العراق وسوريا، إذ كل التحضيرات جارية، وما كل ما سبق من إنعاش هويات ما قبل الإسلام وتفكيك المجتمعات وطرد السكان بالملايين، إلا التحضيرات لإطلاق الإعلانات الرسمية... وهي حرب تمكين الأقليات ودعمها كأداة تفكيك أولا، وأداة تشكيل دول جديدة من بعد.وهي حرب تجري باستخدام الكل ضد الكل، في داخل مجتمعاتنا فلا يدفع المستعمر إلا النذر اليسير من قوته ثمنا لتحقيق أهدافه. ومن يتصور اليوم أنه سيأخذ نصيبه أو يحصل على ثمن ما قلم ويقوم به من جرائم قتل الآخر في وطنه، فهو واهم، إذ القطار لا يميز ضحاياه متى وضعوا أنفسهم على القضبان..

711

| 22 يناير 2016

إيران.. هل حان أوان تجرع السم.. ثانية؟

دخلت إيران وضع الارتباك الإستراتيجي على صعيد عمليات صناعة القرار ووصلت حد المأزق، بل بات قادتها أقرب إلى يوم يكررون فيه ما قاله الخوميني عن تجرع السم. والشواهد على ذلك متكاثرة الآن.ففي الأيام الأخيرة، لعبت إيران ذات اللعبة التي كانت لعبتها من قبل، وكأنها لا تدرك أن تكرار ذات اللعبة في ظرف مختلف،لا يؤدي لنفس النجاح الذي تحقق حين جرت اللعبة الأولى. أعادت إيران تكرار مشهد الاعتداء على السفارات الذي أدمنته – وهذه المرة ضد السفارة السعودية لا الأمريكية ولا البريطانية- دون أن تأخذ في تقديراتها مدى الاحتشاد العربي والإسلامي في مواجهتها.لم تدرك أنها وفرت وقودا وحطبا وأشعلت نارا ضدها في لحظة يجري مواجهة نفوذها واحتلالها في سوريا والعراق واليمن. لقد أسهمت إيران بأيديها في حشد الرأي العام ضدها، وهي طرحت بنفسها على الآخرين، ضرورة عزلها في العالم الإسلامي باعتبارها دولة يسودها الانفلات وتتعدد فيها مصادر القرار. وغير بعيد عن نمط أحداث العنف، كان ثمة خطأ إستراتيجي آخر، هناك في نيجيريا، إذ تحرك مركز نشاطها هناك، وانتقل إلى خطوة العسكرة قبل أوانها، فكان أن أدخلت "قاعدة نشاطها" في اختبار لا قبل له به، إذ كانت النتيجة المباشرة أن تدخل الجيش النيجيري وحسم الموقف بالقوة الخشنة، وفي ذلك أصبح نشاط التشيع الذي عمل في نيجيريا منذ الثمانينات، دون مراقبة أو مواجهة، واقعا تحت ضغط عسكري دائم.تلك التصرفات التي جرت مؤخرا، تكشف عن ارتباك قد يكون ذا طبيعية وقتية، إلا أن هناك من السلوك الإستراتيجي الإيراني ما يشير إلى ارتباك أعلى في صناعة القرار، بل ما يشير إلى أن إيران باتت في وضع أقرب لوضعية من نصب لنفسه فخا وصار يغلق على نفسه أبواب النجاة، كلما تحرك أكثر.لقد جاءت المواقف الإيرانية المساندة للقوات الأمريكية في احتلال العراق لتخمد البريق الذي أحدثته الثورة الإيرانية، وجاء تشكيل إيران للميلشيات الطائفية في العراق وما ارتكبته من أعمال قتل وإرهاب وتعذيب وتهجير للسكان، ليقلب الصورة التي رسمتها إيران لنفسها كدولة ممانعة ومقاومة، وليظهر البعد الطائفي المقيت لسياساتها. ومن بعد، وإذ لم تقيم إيران مخاطر ما فعلت بنفسها، وإذا تمادت، فكان أن ارتكبت الخطأ الإستراتيجي الثاني وهو أشد فداحة عليها، إذ وقفت طهران خلف الأسد وصارت جزءا من آلة القتل الوحشية للشعب السوري، وفي تلك المعركة صارت إيران في وضع القاتل للسنة على العموم – من العراق إلى سوريا- وفي كل مكان، وفي وضع الداعم لأنظمة ديكتاتورية ضد شعوب تطالب بالحرية، فوسعت طوابير المعادين لها، بل هي أفقدت ميلشيا نصر الله كل ما كانت قد حققت من سمعه ودعاية سياسية.. إلخ.ومرة ثالثة لم تتوقف إيران لتفكر وتقرر، بل استمرت باندفاعها في نفس الاتجاه، وأعطت الضوء الأخضر لأتباعها الحوثيين بالانقلاب على الثورة الشعبية اليمنية والسيطرة على السلطة السياسية بالقوة المسلحة،اعتمادا على حسابات تتعلق بالتحالف مع الرئيس المخلوع وبتوهم إمكانية نجاح أساليب الرشي القبلية في القفز على الحالة الطائفية وفي صناعة التفاف حول الانقلابيين. لم تحسب إيران رد الفعل السعودي والخليجي والعربي والإسلامي، فيما الأمور كانت واضحة أمامها، إذ كان بإمكانها القياس على تحرك قوات درع الجزيرة لمواجهة أتباعها في البحرين حين حاولوا الانقلاب على الحكم القائم.هذا التكرار والإصرار الممتد لفترة زمنية طويلة وهذا السير في نفس الاتجاه، يظهر أن الأمر لا يتعلق فقط بأخطاء في الحسابات، بل بطبيعة الأهداف التي سعت إليها إيران. نعم، سبب ارتكاب كل تلك الأعمال يعود إلى أن إيران ذات مطامع استعمارية، وأنها حددت لنفسها أهدافا استعمارية تفوق طاقة قدرتها. طبيعة تلك الأهداف وطبيعة نظرتها للآخر – كدولة استعمارية- هو ما جعلها توظف أتباعها ليكونوا وقودا لتحقيق أهدافها، وهو ما جعلها توغل في دماء الآخرين – فالمستعمر لا قيمة للبشر لديه- وهو ما وفر مساحة واسعة من العداء لها. وقد جاء وقوفها في صف الأنظمة الديكتاتورية ورعايتها لميليشيات طائفية مجرمة، واعتمادها نمط الاحتلال الاستيطاني في العراق وسوريا، ليوحد الجميع ضدها وهو ما أوجب وأوجد أشكالا عميقة من المقاومة المسلحة في مواجهتها. بل هي من وفرت النموذج لتفككها الداخلي بين الأقوام الشعوب والقوميات في داخل مجتمعها حين سعت لتفكيك المجتمعات العربية والإسلامية. وهكذا إذ حققت إيران اختراقات ونجحت في احتلال عواصم دول عربية وصارت تتحدث عن توسعها الإمبراطوري وتشيد بميلشياتها في لبنان واليمن، صارت رغم كل ما حققت في وضعية الخيارات المرة والأشد مرارة.ارتكبت إيران أخطاء، سمحت بتجييش الرأي العام العربي والإسلامي ضدها، وهي نفسها من دفعت أنظمة الحكم العربية دفعا لمواجهتها، وهي من وسعت رقعة اشتباكها في كل المحيط، وهي من لم تدرك مغزى ودلالات إعلان المملكة العربية السعودية عن تشكيل التحالف العسكري الإسلامي دون انضمامها له – ومن قبل لم تدرك مغزى إطلاق عاصفة الحزم لحرب أتباعها في اليمن- ولم تفهم دلالات وتأثير عدم قدرتها على التدخل، وكذا لم تدرك دلالات عدم قدرتها على كسر الثورة الشعبية في سوريا ووقوفها عاجزة رغم كل ما فعلت أمام تنظيم الدولة في العراق، ومن قبل ومن بعد، هي لم تحسب حساب يوم تتحرك الشعوب والحكومات الإسلامية ضدها وميلشياتها فصارت الآن في وضع الارتباك الإستراتيجي، حتى لم يعد مستبعدا اليوم الذي نرى فيه الخامنئي يردد مقولة الخومينني: إنني أتجرع السم.... نعم ستكون إيران قريبا في مواجهة تلك اللحظة.

1161

| 08 يناير 2016

الصدام مع روسيا

وقع الصدام مع روسيا. وأصبح بالإمكان القول، إن الصدام معها، قد أصبح صداما إستراتيجيا شاملا، إذ لم يعد ممكنا حسم أو حل أي من الصراعات الجارية في الإقليم دون المواجهة مع روسيا ومن تتحالف معهم في الإقليم.روسيا أصبحت اليوم "دولة جوار" في الإقليم، بوجودها العسكري العدواني –كمحتل- وبحكم هيمنتها وسيطرتها على الحكم في سوريا. وروسيا باتت دولة مصارعة من الداخل وفي داخل الإقليم من خلال وجود عسكري ضخم ومن خلال تحالفات عسكرية مع أطراف إقليمية، ضد أطراف إقليمية أخرى، باتت تتحرك نحو التحالف مع بعضها البعض لمواجهة الحلف الروسي الجديد. وروسيا هي من أدخلت الإقليم كله في وضع جديد مختلف كليا.. فهي لم تحتل سوريا فقط، بل أقامت حلفا عسكريا قتاليا مع إيران وميليشياتها ونظامي الحكم الطائفيين في العراق وسوريا من جهة، وصارت تشن حرب كسر عظم مع تركيا التي كانت مرشحة للعب دور إقليمي كبير في حسم أو حل القضايا المتفجرة، وروسيا أقامت علاقات تنسيق عسكري مع إسرائيل في الأجواء السورية والمياه البحرية لسوريا، بما غير توازنات القوى. وروسيا صارت في صدام عسكري مع الشعب السوري، بل في صدام مع مختلف شعوب المنطقة عبر دورها "الفظ" في دعم ومساندة الثورات المضادة، وبذلك أصبحت في صدام مع القوى المستقبلية التي تسعى للتغيير، وهو ما يعني أن روسيا باتت في وضعية تصدير وتعميم نموذج حكمها الديكتاتوري للبلاد التي جرت فيها محاولات لإحلال الديمقراطية.وإذ يجب القول بوضوح، إن روسيا لم تفعل إلا فعلته الولايات المتحدة وأوروبا في العراق وأفغانستان من أعمال احتلال وقتل وتدمير لمقدرات الدولة والمجتمع، ولم تفعل سوى ما فعله الغرب ضد ثورات الشعوب والربيع العربي، وأن الغرب تفوق ويتفوق بكثير على ما فعلته روسيا مع إسرائيل.. ولذلك يقف الغرب صامتا أو يعيش حالة تواطؤ – فإنه يجب القول أيضا، إن روسيا صارت في موقف الصدام المباشر والمعلن دون مواربة في كل مواقفها وتحالفاتها ضد العرب والسنة في كافة أنحاء الإقليم – وفق أجندة صراع وتدخلات عسكرية متمددة ومتوسعة- كما هي زادت على مواقف الغرب بعدا أعمق بإقامتها حلفا عسكريا مع إيران، وميليشياتها التي تقتل وتدمر على أسس طائفية، وبصراعها مع تركيا وبتمكين إسرائيل من العمل في الأجواء السورية (تحت حمايتها)، فقد صارت في وضعية من يحدث زلزال في توازنات الإقليم، فضلا عن كونها باتت في موقف العداء العلني مع ثورات الربيع التي لا يزال الغرب يدعى إعلاميا وقوفه إلى صفها.روسيا باتت في صدام إستراتيجي عسكري وسياسي ودبلوماسي وإعلامي في مختلف أنحاء الإقليم، وفي موقف عدائي حربي ضد قوى عديدة بينها دول وحكومات وحركات شعبية ديمقراطية وحركات مسلحة، وهو ما جعلها في موقع الجبهة الأمامية للصراع بل للصدام في المنطقة العربية ومع دول إسلامية أيضاً.وإذ تعكس الإستراتيجية والحالة الروسية تجاه قضايا ودول وصراعات المنطقة، وضعا توافقيا – بطريقة أو بأخرى -مع القوى الغربية وإسرائيل، وإذ تجري تلك الإستراتيجية من خلال حلف عسكري مع إيران وأتباعها، فلم يعد أمام المستهدفين بكافة مواقعهم في الحكم أو المعارضة، سوى إعادة تقدير الموقف وإعادة تحديد الأولويات واعتماد نمط جديد من إدارة التحالفات والبحث في كيفية استجماع طاقات كل القوى الرسمية والشعبية لمواجهة هذا الوضع الإستراتيجي الجديد والخطير، ومن قبل ومن بعد فقد صار مطلوبا التحلي بالإدراك الدقيق لطبيعة التوازنات الحالية والمستقبلية ولضرورات ربط مختلف تكتيكات الحركة –على كافة الصعد السياسية والدبلوماسية والإعلامية والجماهيرية والعسكرية-وفي مختلف المواجهات الجارية، برؤية وتقييم شامل للموقف الإستراتيجي العام في الإقليم وعلى الصعيد الدولي – حدوده وتوازناته وتوافقاته واختلافاته- حيث كل خطأ يجرى ارتكابه الآن في أية منطقة، ستكون له انعكاسات فورية في مختلف المناطق الأخرى. الصدام الإستراتيجي مع روسيا كشف المواقف الغربية وأزال كل الأوهام، ولم يعد ممكنا إلا مواجهة الحقائق عارية من تزييف.

903

| 01 يناير 2016

معارك العراق وسوريا.. توسيع نطاق الحرب!

أصبحت المعارك الجارية في العراق وسوريا، نقطة صدام وتفجير خطرة بين دول الإقليم، وباتت شراراتها تهدد بحروب من نمط آخر أشد تدميرا. وإذا كان هناك من حاول استثمار تلك المعارك لتعميق دوره أو نفوذه في داخل الدولتين على حساب مصالح شعوبها – دعما لنظم طائفية وديكتاتورية -فالأمر ذاهب الآن إلى حالة بالغة التعقيد والتشابك، قد تحدث دفعا نحو حروب تطاله.. وإذا كان تقاطر الطيران الحربي من مختلف الدول الكبرى، وفتح المساحات لأوسع عملية دخول للميلشيات والمجموعات القتالية، لتوسيع الأزمتين وصولا إلى مفاوضات تقسيم المصالح عبر طاولات المفاوضات المتنقلة من هذا المكان إلى ذاك، فالمؤشرات تتكاثر على توسع حالتي الأزمة هنا وهناك، وتخطي الأوضاع مرحلة تقسيم المصالح والدور والنفوذ بين القوى الدولية – في هذه المرحلة- بسبب احتمال الاندفاع نحو حروب قد ينتج عنها إعادة تشكيل أوضاع وحدود ودور القوى الإقليمية الكبرى ذاتها – وبما يطال الدول الكبرى- وذلك ما يبدو واضحا في توجهات بعض الدول الكبرى لتحويل أزمتي العراق وسوريا إلى نمط من الصدام الإيراني-الروسي، ضد تركيا. وإذ تكفلت إيران بوضع نفسها في حالة الصدام المتوسع مع الدول العربية والإسلامية بسبب مطامحها الاستعمارية وإذ اعتمدت نمطا عسكريا ميليشياويا متمددا لإدارة الصراعات داخل المجتمعات العربية، فالأمر قد يفضي إلى صدام عسكري كبير أيضا!لقد جرت المعارك في سوريا والعراق،كحالة من حالات التغيير الداخلي أو الصراع على الحكم عن طريق القتال – بين الشعوب والحكام- ثم تطور الأمر إلى نمط من الحروب بالوكالة إذ جرت أعمال مساندة للحكام ضد شعوبهم من قبل بعض الأطراف الاستعمارية، وبعدها جرت المفاوضات بتدخلات دولية بدا أنها تستهدف حل الأزمة الداخلية في كلتا الدولتين. لكن الماثل أمامنا الآن، هو مشهد آخر، إذ المعارك باتت تتوسع وتتعمق حتى أصبحت حالات لفرض المصالح الدولية، وقد جاء العدوان العسكري الروسي على الشعب السوري، ليحول الأزمة السورية إلى حالة صراع روسي إيراني، ضد تركيا -بسبب دعمها لحراك الشعب السوري -ومثله يجرى الآن في الحالة العراقية التي أنتجت صراعا مفتعلا هو الآخر ضد تركيا.أما المفاوضات التي جرت في بداياتها لحل أزمة صراع داخلي هنا أو هناك، فقد صارت تجرى الآن تحت عناوين دولية وتحت قيادة كل من روسيا والولايات المتحدة. وفي جانب آخر، فقد تحولت الأزمتان السورية والعراقية إلى حالة مواجهة للدور والنفوذ والوجود الاستعماري الإيراني، وهو ما قد يتطور ليصبح حالة صراع إقليمية كبرى.وبلغة أخرى، فإذا طرحت إيران مشروعا لتغيير التوازنات الإقليمية على حساب الدول العربية – وصولا إلى وضعية إعادة تشكيل إمبراطوريتها الفارسية حسب تصريحات رسمية علنية قاطعة - وصارت تدفع بالخلافات الطبيعية داخل الدول العربية، وتحولها إلى حالات اقتتال أهلي،استغلتها لتوسيع دورها وسيطرتها في الإقليم – ووصل الأمر إلى تشكيل حالة من حالات الاستعمار الاستيطاني الصريح في العراق وسوريا- وهو ما أنتج قلقا حقيقيا وشعورا بالتهديد،أدى إلى حالة استنفار عربي وإسلامي لمواجهة ما تقوم به إيران، بل لإنهاء أو انتزاع ما حققت ليس فقط على الأرض العربية –كما هو الحال في اليمن -بل في داخل معظم الدول الإسلامية. وبذلك صارت إيران في وضع اشتباك يدفعها يوما بعد يوم حد الورطة الإستراتيجية، والأخطر أنه بات ينتج حالة إجماع على ضرورة مواجهتها.وإذا اتخذت تركيا موقفا مساندا لحراك الأغلبية في المجتمعات العربية التي نهضت خلال ثورات الربيع العربي.. إلخ، فقد جاءت روسيا بقواتها لمواجهة هذا الدور التركي. لقد نزلت روسيا بقواتها في سوريا لإنقاذ الأسد وإيران وميلشياتها من الهزيمة أمام الثوار، لكنها سرعان ما تحولت لشن حرب كسر عظم ضد تركيا.وبذلك تحولت معركتا سوريا والعراق من حالة الصراع الداخلي والإقليمي على أرض البلدين،إلى وضعية تصدير الحرب وتوسيعها إلى درجة تهدد باندلاع معارك كبرى.

549

| 25 ديسمبر 2015

تحديات التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب

أعلنت الرياض عن إطلاق التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، ليكون التحالف العسكري الإسلامي الثاني الذي تطلقه منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز حكم المملكة العربية السعودية. وإذ ضم التحالف الإسلامي الأول –عاصفة الحزم-نحو 10 دول أو أكثر قليلا، وإذ كان مرتبطا بمواجهة الانقلاب العسكري والثورة المضادة للثورة اليمنية –دون غيرها -فقد جاء التحالف الإسلامي العسكري الجديد ليضم 34 دولة إسلامية، كما جاء إعلانا بحركة عسكرية تتوسع بقدر توسع ظاهرة الإرهاب في دول العالم الإسلامي.لقد جاء الإعلان عن قيام التحالف ليطرح دلالات مهمة أو غاية في الأهمية. فالمملكة العربية السعودية باتت تعزز وضعيتها كدولة قائدة في العالم الإسلامي، وعلى صعيد إستراتيجي عسكري مبادر تحرك صعودا من الساحة العربية والإقليمية إلى الوضع الدولي، إذ الدول الإسلامية المنضوية في التحالف العسكري الجديد تتوزع على قارتي آسيا وإفريقيا.لقد تحركت المملكة من مربع الدولة القيادية إلى موضع الدولة القائد في تشكيلها وقيادتها التحالفين، والأكثر دلالة أن المملكة لم تعد تستخدم أدوات القوة الناعمة فقط-كما كان معتادا لعقود-بل صارت دولة تستخدم أدوات القوة الصلبة أيضا، والأهم أن العالم الإسلامي يرسل رسائل مهمة على القبول بهذا الدور الجديد للمملكة، سواء لطبيعة التعاطف مع دور المملكة، بحكم الشعور بفراغ كبير على الساحة العربية الإسلامية.وهي قفزة جديدة وتطور كبير، على صعيد العالم الإسلامي، فإذا انهار النظام الرسمي العربي وصار خارج سياق المعادلات الإقليمية، فالآن يتحرك العالم الإسلامي باسمه ومكوناته وبالقوة العسكرية وفق نمط تحالف هو الجديد من نوعه، على صعيد الحالة العسكرية، وعلى صعيد الحركة على مستو دولي. وبذلك يمكن القول إن المملكة صارت في وضع مبادر لإعادة صياغة العلاقات الإسلامية-الإسلامية، بل إعادة صياغة العلاقات والتوازنات الدولية، وهذا هو سر قلق روسيا وإيران على الأقل.وإذ جاء التحالف العسكري الإسلامي عنوانا لمواجهة الإرهاب، فقد جاء لافتا عدم ورود أسماء دول مثل إيران والعراق وسوريا، بما يشير لاستمرار أو تصعيد الرؤية السعودية لمواجهة محاولات إيران اختراق الدول الإسلامية وتفكيكها كمجتمعات ودول.وهنا يبدو أول التحديات التي تواجه التحالف العسكري الإسلامي، إذ الأمر يتطلب وضوحا في الموقف من الميلشيات التي ترعاها إيران، إذ هي تمارس أشنع حالات الإرهاب.لقد كان طبيعيا أن لا يجري التمييز بين الإرهابيين –سنة كانوا أم شيعة أو من أي دين أو عرق-غير أن البعد الغائب دوليا وإقليميا،هو اعتبار تلك الميلشيات إرهابية، إذ انحصر الجهد الغربي والروسي على مواجهة تنظيم الدولة والقاعدة –واعتبرهما تنظيمين إرهابيين- فيما جرى الترحيب بممارسة الإرهابيين الحوثيين والميلشيات الفطرية التكاثر إيرانيا في العراق وسوريا، دون تجريم لما تقوم به من أعمال القتل الجماعي والحرق والإبادة. أول التحديات يتعلق بتصنيف الميلشيات الإيرانية في العراق وسوريا وغيرها كتنظيمات إرهابية.وثاني التحديات التي تواجهه التحالف الإسلامي ليس مواجهة الإرهاب وفق التوصيف الغربي أو الروسي،فقط، بل مواجهة العملية الأمريكية والروسية والأوروبية التي تخلط بين الإسلام والإرهاب. أما التحدي الثالث فيتعلق بمواجهة الإرهاب الذي يمارس ضد المسلمين تحت ظلال اتهام لهم جميعا بممارسة الإرهاب، والأمر هنا لا يتعلق بالخطاب الموجه للغرب وروسيا وإيران، فقط، بل يرتبط بمواجهة عملية واضحة لأعمال الإبادة الجارية للسنة تحت عنوان مكافحة الإرهاب. التحالف أمام تحدي مواجهة المذابح التي تجرى للمسلمين في العالم، إذ لا إطلاق تحالف عسكري إسلامي، دون اعتبار ما جرى ضد المسلمين في إفريقيا الوسطى أو ميانمار أو غيرها، عملا من أعمال الإرهاب. وذلك وحده هو ما يحول هذا التحالف العسكري الإسلامي من تحالف دول إلى تحالف يحظى بمشروعية جماهيرية ودعم وتأييد من الرأي العام الجاهز لتلقي مثل تلك الرسالة.

1421

| 18 ديسمبر 2015

تدمير شامل لكن بدون سلاح !

لم تكن داعش هي السبب ولا حتى التكئة، وقبلها لم تكن القاعدة، فزمن تدمير الصومال الأول جاء سابقا على هجمات سبتمبر 2001، وقبلها كان تدمير السودان بإغراقه في الحرب الأهلية، سابقا حتى على استقلال السودان في مطلع الخمسينات، وهكذا جرت حروب 48 و56 و67 وكافة عمليات التدمير الشامل في فلسطين ودول الطوق حول إسرائيل، قبل إطلاق مصطلح الإرهاب من الأصل. وحين جرى تدمير العراق، كان الشعار المستخدم للتغطية على التدمير الشامل لهذا البلد هو رعايته أو اتصاله بالإرهاب وحيازته الكيماوي والنووي، وثبت وفق اعترافات من أخذوا قرار التدمير الشامل أنفسهم، إن لم يكن هناك أي من تلك المبررات، كما أثبتت الأحداث والوقائع والشهادات التاريخية، أن متخذي القرار بالتدمير، كان معلوما لديهم – مسبقا- براءة العراق من كل تلك الاتهامات، التي لم يجر إطلاقها إعلاميا إلا لتبرير التدمير للدولة والمجتمع والمنجزات الحضارية بما فيها التاريخية، إذ تعرضت آثار العراق إلى عملية تدمير وسرقة ممنهجة. وحين جرى تدمير غزة مرة بعد أخرى، لم تكن هناك لا داعش ولا القاعدة، إذ لم يجرؤ أحد في العالم على القول، إن الحرب والتدمير كانت لوجودهما أو لنشاطهما. وقبل كل ذلك وبعده، فلم يكن هدم المساجد والمكتبات والقتل الجماعي والإبادة للمواطنين حتى قضى على 120 ألف إنسان في البوسنة والهرسك، لوجود القاعدة أو داعش، وقد جرى التدمير تحت عين وبصر أوروبا والولايات المتحدة بل والأمم المتحدة. والقصد أن المتأمل فيما يجري في المنطقة أو ضد المسلمين والعرب، منذ سنوات طوال، يجد الثابت الوحيد هو فعل التدمير والإبادة الشاملة والقتل الجماعي بمعدلات تفوق ما جرى حين استخدمت أسلحة الدمار الشامل في الحرب العالمية الثانية –فقد قتل في العراق وحده نحو عشرة أضعاف ما قتل بالقصف النووي في هيروشيما ونجازاكي -وأن المختلف في التدمير الشامل لبلد عربي أو إسلامي عن آخر، هو الأسباب والمبررات الإعلامية التي تساق هنا وهناك، وليس الفعل،الذي هو ثابت كواقع وهدف وجرائم مجسدة. ويجد أن الطرف الحقيقي الذي يقوم بكل أعمال التدمير الشامل هو السلاح الغربي والقوة الغربية، وأن قوى جديدة قد أضيفت لقوة التدمير في المرحلة الأخيرة، إذ صارت القوتان العسكريتان الروسية والإيرانية تمارسان ما تمارسه القوة العسكرية في الدول الغربية وأكثر، وذلك أحد أسباب توسع الدمار والقتل على طول المساحة الممتدة على خريطة العالم الإسلامي. كما يجد فعليا أن المنطقة لا تشهد حربا على الإرهاب بالدرجة الأولى، بل هي تعيش حرب تدمير تأخذ الإرهاب عنوانا ومبررا لها ليس إلا، إذ كان التدمير يجرى من قبل وفق مبررات أخرى مصنوعة أيضا.. بل يكاد يجزم أن داعش لو حلت نفسها غدا –أو انتهت إلى تفرق عناصرها – فذلك لن يوقف الحرب والدمار الشامل الجارية، إذ سيبحث الغرب وروسيا وإيران عن مبررات جديدة لاستمرار التدمير الممنهج والشامل.كما أن الملاحظ أن التدمير الشامل، هو شامل لكل شيء، فهو حرب على الدين والفكر والانتماء والبقاء والمجتمع والرمزيات، كما هو تدمير يحمل مضمون قوة العواصف وموجات تسونامي، إذ يقتل البشر وتدمر كل المنجزات الحضارية من المصانع إلى المساكن إلى المساجد إلى المتاحف والمكتبات، بل حتى المقابر يجرى تدميرها ونبشها، فحتى شواهد التاريخ تجري إزالتها.هي حروب تدمير شاملة لكل ما أنجز العرب والمسلمون عبر تاريخهم وحضارتهم-إلى درجة نهب الآثار وتهريبها وبيعها والاحتفاظ بها في الغرب -وحرب على بقائهم، إذ عداد القتلى صار بالملايين (من أفغانستان والصومال والبوسنة وفلسطين والعراق وسوريا..إلخ)، كما أن القتل يجري وفق نهج المذابح المفتوحة والتدمير الذاتي للمجتمعات، فالدول التي لا تحضر الطائرات والدبابات والقوات لهدم المنازل والمساجد وقتل السكان، يجري تحريك المجموعات الممولة لإحداث كل ذلك دون توقف.هي حقبة استعمارية جديدة عنوانها التدمير الشامل، لا تحقيق السيطرة عبر الاحتلال كما كانت حقبة التاريخ الماضية، وهي حقبة تستهدف إعادة المسلمين إلى ما قبل العصور الحديثة.

1430

| 11 ديسمبر 2015

إيران: مستعمر وحليف لكل مستعمر!

سيكتب التاريخ أن إيران كانت خلال هذه الحقبة،رصيدا دائما وداعما وحليفا خلال هذه الحقبة،لكل مستعمر أتى بقواته لاحتلال أية دولة عربية أو إسلامية،بما وضعها في الطرف الآخر المعادي لاستقلال دول الأمة وتمتعها بالحرية.كما سيكتب التاريخ أن إيران وحدها من لعبت الدور التفكيكي -للمجتمعات والدول الإسلامية –فحققت ما فشل كل المستعمرين في تحقيقه خلال حقبة الاستعمار القديم-وهو العائد حاليا ليقطف ثمار ما أنجزته إيران.تلك حالة باتت تكرس عداء شاملا بين إيران وكل أبناء الأمة،حتى صارت عدوا يرى كثيرون أنه الأولى بالقتال في العراق وسوريا،وهي التي كان ينظر لها في الأيام الأولى لثورة الخوميني كرصيد جديد يضاف إلى عوامل منعة وقوة الأمة! لقد وقفت إيران في صف المحتل الأمريكي في أفغانستان والعراق،وبذلك دشنت بداية دخولها في مرحلة العداء الظاهر والمعلن للعرب والمسلمين أو بداية انكشاف البعد الحقيقي لدور وتوجهات ثورة الخوميني،وهي اليوم في صف الاحتلال الروسي لسوريا قتالا على الأرض ضد الشعب السوري،وبذلك حصلت بامتياز على صفتين، الأولى،أنها الدولة الرصيد لكل مستعمر أو لكل الدول الاستعمارية،وأن محركها هو التعاون ضد العرب والمسلمين أيا كان الشيطان القادم للاحتلال،والثانية أن عداءها تطور من مساندة القوى الاستعمارية، كما حدث في حالتي احتلال العراق وأفغانستان،لتصبح هي نفسها دولة استعمارية بالسلاح والحديد والنار،ودولة تتشارك الاحتلال العسكري مع الدول الاستعمارية التي قدمت لمساندتها، كما الحال في سورية،بما حولها إلى وضعية المستعمر الإقليمي المتحالف مع المستعمر ذي الطبيعة والقدرات الاستعمارية على الصعيد الدولي.وبتعدد حالات العداء والقتال وبالتحول إلى دولة استعمارية، لم تعد إيران في عداء قتالي مع شعب ودولة واحدة،بل صارت دولة محتلة واستعمارية ومتعاونة مع كل دولة جاءت لاحتلال عموم أو أي من الدول العربية الإسلامية. تلك الحالة تغير النظرة لإيران،من مجرد دولة تعتمد سياسات براجماتية أو نفعية في هذا الظرف أو ذاك أو في هذه المعركة أو تلك،إلى وضعية الدولة التي تجعل من نفسها وقدراتها رصيدا للتحالف مع القوى الاستعمارية أيا كانت أيديولوجيتها أو طبيعة أهدافها،فهي مع المحتل المستعمر أيا كان وأيا ما يكون،سواء كان أمريكيا أو روسيا،وإلى الدولة العدوة بصفة شاملة بحكم نشاطها الاستعماري. كان الدور الإيراني قد اقتصر على دعم العملية العسكرية الأمريكية لاحتلال أفغانستان والعراق،على الدعم الاستخباري وتقديم المعلومات للعمل العسكري لقوات الاحتلال،وعلى الوقوف الفاعل دون علنية خلف الميلشيات والمجموعات السياسية الداعمة لقوات الاحتلال،لكنها تحولت بمواقفها ودورها إلى القتال المباشر بقدر من قواتها وبميلشياتها في صف الاحتلال الأمريكي بعدما أحرزت المقاومة العراقية والأفغانية انتصاراتها.وفي الحالة السورية جاء الحال مختلفا،إذ كانت هي صاحبة المشروع الاستعماري عبر مساندتها ودعمها القتالي لقوات بشار،وهي إذ فشلت وصارت أقرب إلى الهزيمة،تحولت للتعاون مع قوات الاحتلال الروسي،حتى صار التقييم السائد للسلوك الإيراني،أنها باتت دولة استعمارية فضلا عن أنها دولة رصيد متاحة جهودها وخبراتها لمن يأتي لاحتلال الدول العربية،وأنها دولة عدوه تقاتل مع أعداء الشعوب،وهو ما صار يؤسس لحالة عداء وحروب يعلم الله مداها وحدودها. لقد تحدثت إيران عن عدائها لنظام صدام قبل الاحتلال الأمريكي،لكنها تحولت إلى وضع عدائي وقتالي ضد المجتمع العراقي وضد استقراره بعد إسقاط الاحتلال الأمريكي لهذا النظام،بل هي صارت دولة احتلال للعراق،بما مثل قفزة نوعية في طبيعة وحالة الصراع، خاصة وقد جاءت أعمالها الحربية في العراق،وفق رؤية طائفية،بما طرح أبعادا أشد عمقا وخطورة لحالة عدائها للأمة. وتحدثت إيران عن دعم نظام بشار كنظام ممانع،ومن بعد لم يثبت فقط عداؤها للشعب السوري وثورته،بل ثبتت طائفيتها،وأنها في صف المستعمر،لتصبح الدولة الوحيدة التي تحظى برعاية ومساندة كل المختلفين والمتعادين دوليا،فكلهم متفقون على دعمها ومساندتها،حيث حشدها الطائفي يقاتل في العراق بغطاء الطائرات الأمريكية وميلشياتها وحرسها الثوري يقاتلان في سوريا بغطاء الطائرات الروسية. إيران صنعت وضعا عدائيا ضدها سيدوم لمرحلة طويلة.

1509

| 04 ديسمبر 2015

سقوط الطائره كشف نوايا بوتن.. تماما

جاءت واقعة تصدي الطيران الحربي التركي للطائرات الروسية وإسقاط إحداها،لتكشف الأبعاد الاستراتيجية الكاملة والأهداف الحقيقية لقرار بوتن بإرسال قواته لقتل الشعب السوري وإجهاض ثورته. لقد سرعت عملية إسقاط الطائرة من تطور الأحداث على الأرض السورية وبشأن قضايا الثورة،وهي غيرت اتجاه حركة الأحداث أيضا، بأن أدخلت بعدا دوليا وإقليميا للصراع العسكري المباشر-يظهر لأول مرة - بين دول داعمة لبشار وأخرى داعمة للثوار ورافضة لبقاء بشار في السلطة،لكنها كشفت الأهم،وهو أن قرار بوتن بإرسال جيشه إلى سوريا، لم يكن له هدف واحد يتعلق بدعم نظام بشار،كما لم يكن قرارا طارء يرتبط بتطورات المعركة على الأرض السورية لمصلحة الثوار،بل كان قرارا يحمل حركة استراتيجية ذات مروحة واسعة من الأهداف في سوريا والإقليم وعلى صعيد المصالح والإدارة الروسية للصراع الدولي. كان حدث إسقاط الطائرة كبيرا وذو طبيعة استراتيجية أبعد من فكرة اشتباك بين طائرتين.وهو أظهر مدى إدراك الإدارة السياسية في تركيا للدور الاستراتيجي لتلك البلاد، ولمصالحها في الإقليم بما في ذلك قرارها بالدفاع عن الأقليات التركمانية خارج تركيا، كما كشف إدراكها ووعيها بأهداف الحضور العسكري الروسي على حدودها،وهو ما دفعها لاتخاذ هذا القرار الخطير،والخطير للغاية، بالدخول في مجابهة عسكرية،كان يمكن أن تكون لها تداعياتها الخطيرة للغاية على السلم الدولي كله. لكن الأهم، أن إسقاط الطائرة كشف أهداف بوتن الاستراتيجية من قرار إرسال طائراته لسوريا،إذ جاءت ردود فعله،كاشفة لنواياه وأهدافه على نحو لم يكن ممكنا أن يظهر إلا تحت ضغط من حدث كبير.فبوتن أرسل جيشه ليتحول من حالة التأثير عن بعد في سياسات الإقليم إلى حالة السيطرة بالقوة ولعب دور مباشر بقوته العسكرية لتغيير اتجاه حركة الأحداث والصراع لمصلحة روسيا من فوق الأرض مباشرة.وهنا جاء سقوط الطائره ليكشف استهدافه لتركيا باعتبارها الدولة الأقوى في مواجهة خطته ولحفاؤه. كان انتهاك طائرات روسيا لسيادة تركيا عملا استفزازيا مقصودا مثله مثل تركيز القصف على مناطق التركمان قرب حدودها. بوتن شكل تحالفا عسكريا استراتيجيا مع إيران والنظامين الطائفيين في العراق وسوريا كقوة قتالية على الأرض لتحقيق سيطرته،كما تحول من فوره إلى بناء قواعد واضحة للعلاقات والتعاون مع إسرائيل، وبذلك لم يعد هناك سوى تركيا في الطرف المتماس مع سوريا.وهو حضر بقواته ليكون بديلا للدور والسيطرة أو الهيمنة الأمريكية– دون صدام مع الأهداف الأمريكية ولو مؤقتا- واختار لحظة انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية من البحر المتوسط ليكثف جهده العسكرى ويستعرض عضلاته. وهو أراد أن ينهي وحدة الغرب (ويضعف ضغوطه) بعد احتلاله في اوكرانيا تحت ضغط وجوده ودوره في الشرق الأوسط ضمن منظومة الحرب على داعش،ولذا بدا متعاونا للغاية مع القوات الفرنسية (حاملة الطائرات شارل ديجول) وأعلن على الإعلام إبلاغ قواته رسميا –كامر حرب-بالتعامل مع تلك القوات كحليف.وتكشف مترتبات حدث الطائره أنه وصل للمنطقه ليحقق حصارا شاملا لتركيا،اذ لا تعمل قواته فقط على مواجهة ثوار سوريا بشكل عام، بل هي استهدفت إعادة قوات نظام الأسد وإيران والميلشيات للسيطرة على الحدود مع تركيا في الجنوب،لتكتمل حلقة الحصار الروسي التي بدات بالسيطرة على شبه جزيرة القرم في شمال تركيا.وفي ذلك يكون بوتن قد وجه ضربته الثانية لحلف الاطلنطي لنطاقات الخط الأول للحلف في تركيا وفي اوكرانيا المرشحه لنشر صواريخ الدرع الصاروخى.وبوتن استهدف العودة بروسيا إلى وضع كانت قد فقدته بعد سقوط نظام القذافى وعقب ما جرى في اليمن،ودلالة حادث الطائره أنه تحول بوجوده من حالة العلاقات الثنائية مع الدول إلى فكرة الوجود العسكرى وبناء القواعد في المنطقه وفرض المصالح بالقوة العسكرية،وقد جاءت ردود افعاله على حادث إسقاط الطائره كاشفه للغاية،إذ رد بإرسال سفن جديدة،وبإرسال منظومات صواريخ اس 400 التي لم تخرج من قبل خارج روسيا، ليشكل جيشا حربيا كاملا،وليعلن احتلالا لسوريا ووقوعها تحت حمايته العسكرية والاستعداد لمد الدور العسكري لدول أخرى. ليشكل جيشا حربيا. وهنا يبدو الأكثر دلالة في كشف نوايا بوتن،ما قاله بوتن حول اسمة الدولة في تركيا،إذ بدا داخلا في حرب على الإسلام في تركيا،وهو ما كشف دوره الحقيقي وجوهر فكرته عن الحرب على الإرهاب،وسبب الحاح سوريا على إدراج أكبر قدر من المعارضه السورية على لوائح الإرهاب خلال محادثات فيينا.

1231

| 27 نوفمبر 2015

alsharq
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...

4521

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

4050

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

2187

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
السودان.. حوار العقل العربي مع مُشعِلي الفتنة

في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف...

2154

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
عيون تترصّد نجوم الغد

تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...

1857

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الصالات المختلطة

تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...

1494

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1344

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
مامداني.. كيف أمداه ؟

ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...

1230

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
عندما يصبح الجدل طريقًا للشهرة

عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...

1062

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

1020

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

990

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

981

| 05 نوفمبر 2025

أخبار محلية