رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

توحد العالم ضد داعش.. لكن ما الهدف؟!

وحدت داعش العالم، كما لم يتوحد في أي حرب سابقة عبر التاريخ الحديث والمعاصر وربما القديم أيضا، فها هي القوات الفرنسية والروسية والأمريكية بل والإسرائيلية والإيرانية وميلشيا نصر الله ونظيرتها العراقية وقوات الأسد وجيش العبادي والحشد الطائفي، في وضع التحالف والتنسيق العسكري من خلال القصف الجوي والعمليات البرية، تحت عنوان حرب داعش. ومن خلف قوات تلك الدول والميلشيات، صارت الأغلبية العظمى من دول العالم في وضع التوحد أو التحالف أو التنسيق، أو الاصطفاف أو تقديم الدعم أو التأييد السياسي والإعلامي والاستخباري للمشتبكين في هذه المعركة. توحد العالم بشرقه وغربه، وبأديانه ومذاهبه وأيديولوجياته المتعددة، وخطى الخصوم للالتقاء مع بعضهم البعض، تحت عنوان شامل هو الحرب على الإرهاب، الذي صار اسمه الحرب على داعش. تلك الحالة لم تبدأ اليوم، وإنما هي جاءت تصعيدا وتعميقا وتطويرا، للنداء والخطة والإستراتيجية التي كان أول من أطلقها وحض عليها وضغط على الجميع لأجلها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ونائبه ديك تشيني ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد –إلى درجة التهديد الصريح بالحرب تحت عنوان من ليس معنا هو ضدنا، وما حدث الآن هو تغيير اسم القاعدة كعنوان للحرب على الإرهاب، إذ حلت داعش محل القاعدة، وأبو بكر البغدادي محل أسامة بن لادن. والفارق الأهم بين الحملة التي بدأها وقادها جورج بوش منذ 11 سبتمبر 2001، وتلك الجارية الآن،لا يتعلق بتبديل اسم القاعدة بداعش، بل بطبيعة العلاقات بين الدول المشاركة في تلك الحرب العالمية وبالتالي بطبيعة أهداف كل منها. لقد بدأت تلك الحرب تحت قيادة منفردة وحاسمة وتامة، للولايات المتحدة، لكن الحرب الجارية الآن، هي حرب تتكافأ فيها القوى وتذهب إلى القتال منفردة وكل منها مستقلا يبحث عن مصالحه وأهدافه التي لا شك تختلف بين دولة وأخرى. الفرق، هو أن سطوة وسيطرة الولايات المتحدة قد خفت الآن، وأن المعركة لا تجري لتحقيق أهداف الولايات المتحدة وحدها، كما كان الحال عليه حين بدأت أمريكا تشكيل التحالف الدولي لحرب الإرهاب. فهناك من يسعى لإسقاط بشار إذ يعتبره ونظام حكمه وممارساته أو جرائمه هي ما ولد ظروفا أدت لظهور داعش. وهناك من يعلن الحرب على داعش كغطاء لحربه على الثوار السوريين، إذ هو داعم لبشار كما هو حال روسيا، ولذا هي تقصف الثوار بأكثر مما تقصف داعش. وهناك من يراها فرصة تاريخية لتصعيد حربه على السنة باعتباره طائفيا يقتل ويدمر ويحرق على الهوية، فيما أطراف أخرى تراها فرصة تاريخية للعودة لممارسة احتلالها السابق (القديم) في المنطقة، وهناك يستهدف منع داعش من التمدد إلى مجتمعه فيحاربها في الخارج حرصا على تأمين الداخل، باعتبارها حركة تمارس الإرهاب والقتل للأبرياء..إلخ. وحدت داعش العالم إذن، غير أن الحرب عليها لم تعد سوى يافطة ضخمة مطاطة يجري تحته كتابة مصالح الدول القوية تحت عنوانها، حتى تحولت الحرب على داعش إلى عملية كاملة لإعادة التأسيس لمرحلة جديدة، لم تعد سوريا عنوانها وحدها، بل صار العالم العربي والإسلامي عنوانها الحقيقي المستهدف.. وإذ كانت الولايات المتحدة –وبريطانيا-هي من فتح الطريق لعودة الاستعمار مجددا وفي صورته الحربية القديمة، فقد حضرت كل الدول الاستعمارية الأخرى الآن-مضافا إليها إيران التي تحولت إلى دولة استعمارية –كمنافس للولايات المتحدة ومصارع لها على النفوذ والمصالح. وهذا هو الفارق الحقيقي بين الحرب على القاعدة وتلك الراهنة في الحرب على داعش. وحدت داعش العالم تحت عنوان حربها، وحضر الجميع ليوقع في دفتر المصالح وحجز المساحات والسيطرة على الثروات وتغيير الحدود وغرس القيادات في إدارات الحكم، وكلما تمددت داعش في مكان أو دولة، جرى توسيع مساحة الحرب والتقسيم والاحتلال، حتى صار هناك من صار يتساءل بينه وبين نفسه: وهل للدول الكبرى القدرة على الذهاب إلى كل المناطق التي تصل إليها داعش؟

411

| 20 نوفمبر 2015

الحركة الوطنية العربية .. الحديثة !

عاد الاستعمار والاحتلال العسكرى التقليدى ..ولم تعد حالة الحركة الوطنية في المقابل.لقد غاب الحديث عن الحركة الوطنية في مختلف الدول العربية منذ مرحلة ما بعد تحقيق الاستقلال وخروج قوات الاحتلال،فيما كان مثل هذا الحديث رائجا استخدامه خلال حقبة المقاومة للاستعمار في الخمسينات والستينات.وقتها كانت القوى المطالبة والساعية للاستقلال يطلق عليها مصطلح «القوى الوطنية» ،فكان الحديث عن الحركة الوطنية المصرية والجزائرية و العراقية واللبنانية الخ.وفي تلك المرحلة جرى تقديم المسألة الوطنية باعتبار ما يجري هو تحرير للوطن ،وعقب التحرير جرت أعمال تأميم للممتلكات الأجنبية لاسترداد المقدرات الاقتصادية الوطنية تحت عناوين الاستقلال الاقتصادى،كما جرى تشكيل نظم حكم تحظى بتمثيل دولي في الأمم المتحدة تحت عنوان الاستقلال السياسي الوطني ..الخ.لقد قدمت تلك القضايا على ما عداها من القضايا وبشكل خاص على قضية الديموقراطية وقضايا الحريات إجمالا.جاء الاستقلال دون تحقيق الديموقراطية ودون تطبيق لمفاهيم الحرية ،فتشكلت نظم حكم جمهورية رفع بعضها شعارات اشتراكية وانحازت أخرى لنموذج الحكم الملكي ،وفى كلتا الحالتين كان القاسم المشترك هو غياب الديموقراطية ومنع قيام الأحزاب وفرض الوصاية على النقابات أو منع تشكيلها أصلا .والآن إذ يعود عدد متصاعد من الدول العربية إلى حالة الاحتلال العسكرى –وفق النسخه الإمبريالية القديمة- وإذ كان متوقعا أن تعود المجتمعات لإنتاج وطرح فكرة وحالة الحركات الوطنية في تلك البلدان ،فاللافت أن مثل هذا الأمر لم يحدث ،بل اقترن ظهور حركات الاستقلال والتحرير والمقاومة للاحتلال في المرحلة الراهنة بظهور واعتناق أفكار إيديولوجية وعقائدية متضاربة ومتصارعة داخل المجتمع الواحد ،لتحل فكرة الهوية عند البعض محل الوطنية ولتحل الطائفية عند البعض الآخر محل المشترك الوطني العام ،ولتطرح قضية الديموقراطية كحالة إقصائية لطرف ضد آخر،وليسود نمط من الاقتتال الداخلى والتفكك المجتمعي .وتبدو طبيعة الاحتلال والطرح الإيديولوجي والإعلامي للدول الاستعمارية ، أحد أسباب وقوع تلك الحالة ،ففي حالتي الاحتلال الإيراني للعراق ثم سوريا ،صارت عمليات المقاومة حالة دينية داخلية مضادة ،بعد أن نجح المستعمر الإيراني في تشكيل منظومات ميليشاوية ذات طابع مذهبي أو تحت الادعاء المذهبي،وبحكم تقديم المستعمر نفسه إعلاميا –وعبر فعل وسلوك قتالي-باعتباره متدخلا لأسباب طائفية أيضا .ويمكن القول بأن عمليات الاحتلال الراهنة –أمريكيا وإيرانيا وروسيا-قد جاءت في مواجهة صحوات إسلامية أو فى مرحلة توسع فيها نفوذ ودور الحركات والاتجاهات الإسلامية ،ولذا كان طبيعيا أن يطرح فكر التحرير الوطني عبر بوابة الرؤية الإسلامية .ولعل أحد أهم المؤشرات على مدى تأثير تلك الظاهرة هو هذا التغيير والتطور الواقع في حركة الاستقلال الفلسطينية ،فإذا كانت حركة التحرير الوطني الفلسطيني»فتح» هي القوة الرئيسية المهيمنة على الشعبية والقرار الفلسطينى خلال مرحلة ما قبل الصحوة الإسلامية ،فقد جرت عملية انتقال كبيرة في توازنات القوى ،بظهور حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وحركة الجهاد الفلسطيني « ولعبها دورا أساسيا على ساحة حركة الاستقلال الفلسطينى .وكذلك يمكن القول بأن اتساع حركة الصراع وأعمال الاحتلال لتشمل دولا إسلامية لا عربية فقط ،وظهور مفاهيم الصراع الديني والحضاري في الساحه الغربية الإعلامية والسياسية –وهو ما ورد في دراسات نظرية وفي تصريحات رسمية-كان له تأثيره هو الآخر في صبغ المقاومات وحركات التحرر بالصبغة الإسلامية والتعبير عن نفسها بتلك الصيغه بدلا من فكرة وحالة الحالة الوطنية العامة ،خاصة مع ظهور تمايزات واختلافات في رؤية و فكرة القوى والتيارات الوطنية العامة عن تلك الإسلامية في داخل المجتمعات ، بما وسع الشقاق والصراع وأبعد حالة الإجماع الوطني على نحو أو آخر .وبالإجمال يمكن القول بأن انشقاقا عميقا يضرب الحركة الوطنية العربية المناهضة للاحتلال ،وأن الحركة الوطنية بمفهومها القديم قد أخلت مكانها لنمط جديد من التمايز والاختلاف والصراع بين القوى الفكرية والسياسية ،وأن مجتمعاتنا صارت تعيش وقائع معركتين في وقت واحد ،أولاهما ضد المحتل والأخرى بين القوى والتيارات المجتمعية وبعضها البعض .وهذا ما يعيد طرح سؤال الديموقراطية مجددا.لقد غابت الديموقراطية في الحركة الوطنية العربية خلال الخمسينات ،فحضر الاستقلال وغاب بناء نظم قادرة على تحقيق البناء والاستقرار ،والآن تغيب الديموقراطية أو التوافق حولها ،بما يشعل الصراع قبل الاستقلال ويرسم علامات خطر حول نظم ما بعد الاستقلال .

3525

| 13 نوفمبر 2015

خدعة التضخيم من دور الأسد!

لا يتفق الدبلوماسيون والسياسيون المختلفون في كل شيء بشأن القضية السورية، إلا حول محورية دور الأسد سابقا وحاليا ولاحقا. وفي ذلك تستأسد طهران وميلشياتها في إظهار أن الأسد هو خط أحمر بالنسبة لها، فيما الموقف العربي الداعم للثورة السورية، يقول إن الخط الأحمر هو بقاء الأسد، وأنه لا بديل عن رحيله. وبين الموقفين يلعب الأمريكان والأوروبيون وأخيرا الروس، لعبة المراوحة بين إقصاء الأسد أو بقائه المشروط وقتا ودورا في المرحلة الانتقالية.وإذ لا ينكر أحد أن الفرد الحاكم في الدول الديكتاتورية، يلعب دورا محوريا في النظام السياسي، وأنه هو بذاته يمثل أداة تماسك واستمرار مثل هذا النمط من الحكم، فالخشية أن تكون بعض الأطراف الدولية والإقليمية تلعب لعبة التضخيم من دور الأسد، بغرض الالتفاف على أهداف الثورة السورية عبر اختصارها في خلع الحاكم، لتقع الثورة السورية بعد شلال الدماء والتضحيات التي قدمها الشعب السوري في ذات "المطب" الذي وقعت فيه ثورات الربيع الأخرى، باعتبار أن الأمر سينتهي إلى استبدال الأسد، بأحد مثله – وربما أسوأ- مع الإبقاء على كل المؤسسات والأجهزة التي كان يحكم من خلالها الأسد فيقمع شعبه وينكل به. تلك المؤسسات بحكم مصالحها –كمؤسسات وأفراد-وما تمرست عليه وطبيعة عداواتها المترسخة مع الشعب السوري، لاشك أنها ستعيد إنتاج نفس النظام، بل الأغلب أنها ستنتج الأسوأ، بحكم قيامها بعملية إعادة إنتاج النظام في بلد تحول إلى غابة من السلاح والمصالح الإقليمية والدولية المتضاربة.تلك الخشية وهذا القلق لم يعد يطرقان رأس المتابع، بحكم مراجعته لمجريات ثورات الربيع الأخرى فقط، بل هي ماثلة ومتجسدة وتطل برأسها، فيما ورد في بيان فيينا.لقد جرى الإعلان عن عدم الوصول إلى توافق أو اتفاق حول الدور المستقبلي للأسد، فيما البيان يتحدث دون لبس عن نظام حكم ليس إلا نسخة منقحة من نظام الأسد. لقد جرى النص بوضوح وصراحة وصرامة على علمانية سوريا القادمة، في البند الأول من البيان، الذي قرن وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها بهويتها العلمانية. كما نص البيان على أن سوريا (والحقيقة أنه لم يكن باقيا سوى النص صراحة على سوريا الأسد) والشعب السوري، هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية.ومن مراجعة النص يمكن القول إن إضافة جملة الشعب السوري لم تأت لتأكيد حق الشعب بقدر ما جرى لتأكيد أن المقصود بسوريا هو سوريا الأسد. كما جرى النص صراحة على بقاء مؤسسات الدولة دون أية إشارة لا إلى إعادة هيكلتها ولا حتى لتغيير سياساتها ومناهج عملها.. إلخ.القلق إذن من إعادة إنتاج نظام الأسد ليس توقعا دون دلائل، بل هو ينطق من بيان فيينا، وهو ما يدعو لمراجعة فكرة وحالة التضخيم من دور الأسد، إذ أهداف الثورة أبعد من إطاحة الأسد.وإذا كان من الطبيعي أن تطالب المعارضة والشعب السوري بإنهاء حكم الأسد ومحاكمته على ما ارتكبه من جرائم إبادة جماعية وطائفية أو جرائم ضد الإنسانية.. إلخ، فإن الحديث المتصاعد عن بقاء مؤسسات الدولة (دولة الأسد)، لا الأسد وحده (في المرحلة الانتقالية غير المحددة) بات مثيرا للقلق بشأن مستقبل الثورة السورية، خاصة مع النص صراحة على هوية سوريا العلمانية التي يمثل التأكيد عليها في البيان الختامي لاجتماع فيينا عليها، أمرا مخيفا وفتحا لبوابة جهنم في داخل سوريا حاليا ومستقبلا. والأمر يتعدى فرض الهوية على الشعب السوري، بل هو يعني إسباغ المشروعية على دخول قوى دولية وإقليمية في أعمال قتالية من الآن وحتى إقرار التسوية ضد حركات سياسية إسلامية، ترى في فرض العلمانية نمطا من أنماط الفكر المرفوض بالنسبة لها، وهو ما يؤكد مجددا استهداف الثورة السورية وإجهاضها ومنعها من تحقيق أهدافها في الحرية. التضخيم من مشكلة الأسد، يبدو أمرا مقصودا لدى البعض، ومجرد ستار يجري من خلفه إجهاض الثورة السورية، باستنساخ طريقة إجهاض ثورات الربيع الأخرى.

324

| 06 نوفمبر 2015

تعز.. عاصمة جديدة للوعي العربي

صمدت تعز في المواجهة، لكن هذا الصمود ليس وحده ما يميزها عن حواضر ومدن اليمن. صمود تعز جاء عنوانا للبيئة الثقافية والسياسية والدينية والحضارية، التي تميزت بها وتميز به صمودها وجعله صمودا يقهر الغزاة البرابرة، دون مساندة تذكر من الآخرين.جاء صمود تعز على أرضية فهم طبيعة المواجهة حضاريا، فأهلها عامة ورموزها خاصة، لم ينظروا للانقلابيين الحوثيين كغزاة عابرين أو مجرد منقلبين على الشرعية الديمقراطية، بل رأوا في الغزو والانقلاب تغييرا لعقيدة البلاد وثقافتها وقيمها ونمط العقيدة القتالية لجيشها ومضمون بناء دولتها ونظامها السياسي. صمدت تعز لإدراكها أنها تدافع عن تاريخ وعناوين حضارية، لا عن الأرض والمسكن والمأوى ولا عن النظام السياسي فقط.ذاك الإدراك هو ما مكن تعز من احتمال كل تلك التضحيات، وأن تصمد طوال الوقت وهي محاصره بلا غذاء أو ماء، والأمر نفسه هو ما جعل الحوثيين يوغلون في دم أبناء تعز أكثر من غيرها، وأن ينسحبوا من هنا وهناك إلا من أسوار تعز. الحوثيون يدركون مكامن قوة تعز هذه، بأكثر مما أدركها الكثيرون، ويعلمون أن انتصار تعز يعني فشل انقلابهم الديني والحضاري والثقافي، وأنهم لو هزموا في تعز، وتمكنوا بعدها من عقد صفقة تمكنهم من البقاء السياسي- بعد إسقاط الانقلاب- فلا قيمة لدورهم ولا إمكانية لتحقيق أهدافهم الحقيقية أو الجوهرية، إذ إن هزيمتهم في تعز تعني انكسار المشروع الصفوي أيديولوجيا وثقافيا، وليس فقط سياسيا واستراتيجيا، بحكم دور تعز في بنيان الفكر والثقافة والأيديولوجيا في المجتمع والدولة اليمنية.وبذلك انضمت تعز إلى الفلوجة وحمص وحماة وغزه، التي صارت جميعا عنوانا للوعي العربي الجديد أو المتجدد.قاتلت الفلوجة المحتل الأمريكي ومن بعدها قاتلت وتقاتل مجموعات الحشد الصفوي الطائفي، فصارت عنوانا للفكرة العربية والإسلامية ومجددة لها ولمفهوم الاستقلال ضد المحتل العسكري والمحتل الطائفي. وقاتلت حماة ضد التغول والحكم الطائفي القاتل لحافظ الأسد، كاشفة طبيعة هذا الحكم، فيما كان في أوج الترويج لنفسه تحت عناوين المقاومة والممانعة والبعث وكان الكل مخدوعا فيه. قالت حماة هو حكم طائفي،لا عروبي ولا قومي ولا بعثي ولا اشتراكي. سبقت حماة الجميع بوعيها. وقاتلت حمص وصمدت خلال الثورة على الطائفي الابن، فقدمت عنوانا عمليا بارزا، حين رأى العالم قوات بشار تتمركز في بعض حاراتها وشوارعها لتقاتل وتقتل وتدمر السوريين في الشوارع والحارات الأخرى في حمص. وصمدت غزة، فقدمت نموذجا لقدرة الشعوب على الانتصار، ولو كانت محشورة في عدة أمتار مقارنة بالعمق الاستراتيجي للدول الأخرى. وسجلت في التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي، كيف أن الفلسطيني المقاتل صار أعلى مهارة وكفاءة في القتال والتخطيط وإدارة المعارك، بإصراره وصموده وبإعادة القضية إلى جوهرها ومحفزها الديني. وكسرت حاجزا كانت مقامة حوله سياج في العقول، بأن الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح والتكنولوجيا، قادر على احتلال الأرض - متى أمرته قيادته- مهما كانت تضاريسها الطبيعية أو الجغرافية أو السكانية. فتحت غزة الباب لإدراك الشعوب أن المقاومة لا تقاوم إلا بالشعب، وأنها لا تنوب عن الشعب وأن لا نصر إلا بمشاركة الشعب كله في صناعة النصر.لكل هؤلاء انضمت تعز. وشكلت مزيجا من وعي الفلوجة وصمودها لنحو 12 عاما تقاتل فيها كل محتل أو ديكتاتور طائفي. ولحمص وحماة بأن كشفت مثلهم هوية الانقلاب الطائفي وقامت بتعرية إجراميته وقتله على الهوية. ولغزة التي قدمت نموذجا يقول للعالم أجمع، بأن الشعوب مهما حوصرت وحوربت بالجوع في زنزانة كبرى، لا يستطيع أحد هزيمتها مهما كانت قوته أو جبروته التكنولوجي، حتى لو وقفت وحدها.تعز تصنع الوعي العربي المتجدد هي الأخرى، وتطبع ثورة اليمن بخاتمها وتحدد طبيعة التغيير القادم في صنعاء وتحدد إطاره ومحتواه، فتعز عاصمة الوعي.

353

| 30 أكتوبر 2015

بوتين .. الخوف من شبح أفغانستان

يظهر الرئيس الروسي بشكل متصاعد، أن حربه وعدوانه العسكري على الشعب السوري، يستهدف إحداث تغيير في التوازن العسكري لفرض تسوية سياسية عاجلة ومستعجلة الخطى، خشية أن يتحول عدوانه من تحقيق المصالح الاستعمارية لروسيا، إلى حرب استنزاف للقوات الروسية تنتهي إلى إزالة كل النفوذ والدور الروسي في الشرق الأوسط. بوتن يعيش في ظل هاجس الخوف من تحول سوريا إلى أفغانستان، ولذا هو يتحرك عاجلا لاستثمار خطوته بالعدوان العسكري للحصول إلى توافق دولي وإقليمي حول حل في سوريا، يمكن روسيا من الحفاظ على وجودها ودعمه دون أن تتحول خطوة بوتن المغامرة إلى كارثة ارتدادية على روسيا.هنا كانت خطوة استدعاء بوتن لبشار في موسكو، وهنا يمكن تسكين تصريحات بوتن خلال وجود بشار، في تلك الخانة، إذ قال: إنه يأمل أن توفر التطورات العسكرية (يقصد عدوانه) في سوريا قاعدة لحل سياسي طويل الأمد تشارك فيه كل القوى السياسية والجماعات العرقية والدينية. ويجري تسكين حديثه عن الانفتاح على الإقليم والدول الكبرى في الوصول إلى هذه التسوية. وهنا يمكن البحث في هدف موسكو من لقاء وزراء خارجية روسيا وأمريكا والسعودية وتركيا، دون إصرار على حضور وزير الخارجية السوري أو الإيراني. فتلك اللقاءات تستهدف إظهار العدوان العسكري الروسي على الشعب السوري وثورته، وكأنه حالة إنقاذ للوضع والأزمة السورية، ووقف استمرار الصراع على طريقة إخماد المعارك بشن عدوان كبير!.غير أن شبح خوف بوتن سيتحول إلى حقيقة مهما فعل، طالما هو يقتل في الشعب السوري. الأمر يتعلق في جانب منه بمواقف بعض الأطراف الدولية التي تتعامل مع العدوان والتدخل العسكري الروسي في سوريا بمنطق إيقاع الدب لنفسه في المصيدة مختارا أو على سبيل الخطأ الاستراتيجي نتيجة تضييق الخناق عليه، وتلك الدول تؤمن أن سلخ الدب "القاتل" هو الحل الوحيد، الذي يجب تغطيته بمناورات هنا وهناك. والأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالقوى الحية للشعب السوري، التي رفضت من قبل كل ما طرحته روسيا خلال حواراتها مع بعض أطراف المعارضة في موسكو، وهي لن تقبل حلولا تفرضها روسيا بقوة السلاح والعدوان العسكري المباشر وأعمال القتل للمدنيين، وإلا لكانت قبلت بفرض بشار لبقائه بالقوة العسكرية.ومن قبل من بعد فالحلول الروسية التي تحاول إنقاذ الأسد من المحاكمة أو إنقاذ نظامه العسكري والأمني والاستخباري والطائفي، لا تعني لثوار سوريا، سوى إعادة إنتاج نظام الأسد محسنا أو مهجنا وليس إعادة تأسيس النظام السياسي وبناء دولة سورية، كما استهدفت الثورة وقدمت التضحيات ولا تزال.لذا، فان تعاملات بوتن مع الدول والأطراف الأخرى، بتصور أنها صاحبة قرار كامل وشامل في سوريا، قد تستهدف أيضا، تحطيم العلاقة بين الثورة والثوار في سوريا والحلفاء، كمقدمة لتغيير توازنات القوى، بأكثر مما يستهدف الوصول إلى حل للأزمة في الوقت الراهن.والحال، إن مواجهة قوات بوتن على الأرض السورية وإمداد الثوار ببعض من السلاح النوعي الآن، هو الخطوة الحقيقية في المواجهة العسكرية وفي المفاوضات الدبلوماسية معا. وإذا كانت خطة بوتن تقوم على إضعاف الثوار وتغيير موازين القوى لفرض حل لمصلحة النظام وإيران وروسيا بطبيعة الحال، فيجب إفشال المحاولة أولا، عبر دعم حركة الثوار عسكريا، بما يمكنهم ليس فقط من منع النظام من التحول من الدفاع إلى الهجوم، بل بالتصدي للطيران الروسي وبإخراج القدرات الجوية لنظام بشار من ساحة المعركة، وهو ما يضع بوتن أمام خيارين كلاهما مر. أما أن يوقف حملته العسكرية العدوانية ويذهب إلى طاولة الحوار لإنقاذ نفسه لا لإنقاذ بشار وإيران وميلشيا نصر الله، أو أن يتحرك بحماقة ويرسل قوات أرضية فتكون هزيمته أقسى، كما كان الحال في أفغانستان. تلك الهزيمة ستغير الأوضاع استراتيجيا في الإقليم كله، إذ إن الانتصار على حلف إيران – روسيا في سوريا، سيكون بمثابة الخطوة التي ستحدث نقلة كبرى في الصراع الجاري في العراق -بلا أفق قريب للحل-، وتدفع بتلك المأساة للوصول إلى خط النهاية.

388

| 23 أكتوبر 2015

هل تنقذ روسيا نصر الله؟!

ارتكب زعيم ميلشيا حزب الله –حسن نصر الله –حماقة كبرى جديدة، حين أيد ودعم وهلل بكل قوة إعلامية وسياسية للتدخل والاحتلال الروسي لسوريا وحين أصبحت مجموعاته العسكرية تقاتل- أو بالأحرى تقتل- الشعب السوري تحت حماية الطيران الروسي، وكذا حين بات واضحا انضمامه إلى الحلف العسكري الذي شكلته روسيا في المنطقة وضم إيران وميلشياتها – وعلى رأسها ميلشيا حزب الله-والحكومتين الطائفيتين في العراق وسوريا. ارتكب نصر الله واحدا من أخطر أخطائه – التي باتت تترى وكان الرجل وحزبه وميلشياته قد دخل في دورة انتحار الكيانات والكائنات - إذ انغمس قاذفا بكل قوته فيما هو تكتيكي على حساب ما هو استراتيجي، والقصد هنا أنه ارتكب جريمة على صعيد مصلحته، وهو ما أظهر عمق ما يعانيه حاليا من حالة ضعف وهزيمة وانكسار في سوريا.لقد وضع نصر الله نفسه وحزبه تحت الوصاية الدولية بتلك الموافقة على التدخل والاحتلال الروسي لسوريا، كما سجل سابقة تأييد احتلال بلد عربي. وهو حول نفسه لمجرد ورقة من أوراق روسيا في لعبتها الدولية الكبرى، سواء في مفاوضاتها أو في مساوماتها مع الغرب حول أوضاع المنطقة وإعادة ترتيبها، فضلا عما أصابه من هذا الموقف من انكشاف جديد، ومباشر هذه المرة، على صعيد العلاقات مع إسرائيل، إذ هو ظهر داعيا ومؤيدا لتدخل روسيا بقوتها العسكرية، وقد جاء على خلفية تفاوض ومساومات واتفاقات بينها وإسرائيل عبر زيارة نتنياهو لموسكو، ومن خلال زيارة الوفد العسكري الروسي لإسرائيل- لترتيب العلاقات بين محتلي سوريا وفلسطين- إذ لاشك أن نصر الله بات الآن في طرف المحتلين للأرض العربية. والورطة التي سيواجهها نصر الله من بعد، ستظهر بشكل جلي وبلا مواربة، حين يدفع الروس دميتهم بشار إلى مفاوضات مع إسرائيل، بهدف خلط أوراق الحالة الجارية ولتغيير قواعد اللعبة الإقليمية، إذ لاشك أن روسيا ستلعب بهذه الورقة حين يحين أوان التسويات.سيجد نصر الله نفسه في أشد الورطات حرجا في تاريخه بما سيفقده ما تبقى له من شعبية داخل طائفته، خاصة حين يجد نفسه وقد تحول إلى متعاون مع إسرائيل، وبوجوده كطرف في حوار وتعاون عسكري – شاء أم لم يشأ – بين روسيا وإسرائيل. وحين يجد نفسه مطالبا بتغيير سلوكه ليصبح على مقاس التعاون الروسي الإسرائيلي من جهة، والتعاون الأمريكي الإيراني من جهة أخرى. وحين يجد نفسه طرفا في لعبة التفاوض بين بشار وإسرائيل. وتلك وضعية سيتصاعد الانغماس فيها مع حسم التحالف العربي للمعركة في اليمن ليتحول للتركيز على سوريا، بما سيضيق خيارات نصر الله في الحركة وسيدفعه للولوج في إعلان مواقف انقلابية على مواقفه الإعلامية السابقة.والمعنى أن أسطورة نصر الله التي تبددت بظهور مدى ارتباطه بالمخططات الإيرانية وبفعل تحوله إلى قوة احتلال في سوريا وعدائه وقتله لأبناء سوريا الثائرين ضد الطاغية بشار، ستنتهي تماما ليس في الإقليم فقط، بل على صعيد شعبيته وسط طائفته في لبنان.وهكذا، ووفق كل المعطيات لن ينقذ نصر الله نفسه باندفاعته تأييدا ودعما للاحتلال الروسي لسوريا، أو أن روسيا لن تنقذ نصر الله من ورطته، بل هي ستدفعه للقاع. وغدا سنرى حسن نصر الله في خطاب مزايدة جديد على القضية الفلسطينية، وبقدر ما سيسمع الناس من مزايدات بشأن الانتفاضة والأقصى، بقدر ما يكون نصر الله قد بدأ يشعر بعمق القاع الذي يهوى إليه. فكما حاول نصر الله التغطية على إيغاله في دماء الشعب السوري بالحديث الأجوف عن أن الطريق إلى القدس يمر عبر إدلب وحلب والزبداني، فغدا قد يخرج ليطلق مزادا آخر، وربما يقول إن تأييده للدور العسكري الروسي ضد ثوار سوريا، هو من أجل القدس والأقصى والانتفاضة.

376

| 16 أكتوبر 2015

مأزق بوتين

هي الحرب.. والحرب مثل الاقتصاد، تجري التجربة وفق أفضل الحسابات تصورا، فتكون جديدة كليا في حركاتها ونتائجها، ومن يدخل فيها لا يعرف كيف يخرج منها، إذ فرض الوقائع على الآخر – ما بالنا إذ الآخرون كثر - يتعامل مع رد فعل، لا يستطيع التحكم فيه.. الحرب مثل الأسواق، بطبيعتها تنتج وضعا جديدا في كل لحظة. وقد دخل بوتين الحرب في سوريا أو على شعب وثورة سوريا مختارا، حتى لو كان دافعه متعلقا بتراجع واندحار حلفائه من نظام بشار وإيران وميليشيا نصر الله، ولخوفه على مصالحه الاستعمارية في سوريا. كان بإمكانه أن يوازن بين الخسائر الراهنة والخسائر المستقبلية.دخل بوتين المأزق بقدميه، وإن لم يسارع بتغيير فكرته وخطته، أو إن لم يعلن بوضوح دخوله الحرب للوصول إلى حل سياسي يستبعد فيه الأسد، فمأزقه يتصاعد يوما بعد يوم، حتى أن بعض التقديرات تصل حد القول، إن روسيا (الاتحاد الروسي) ستشهد تفككا، كما أنتجت الحرب والعدوان على أفغانستان تفكك الاتحاد السوفييتي السابق. وأن بوتين سيأخذ إيران في طريقه إلى حتفها وإن بعد حين، وقد أشرنا في مقال سابق،إلى أن حل إشكاليات البرنامج النووي الإيراني ، لا يعني سوى الأسوا على إيران في الإقليم، وليس فقط الأسوأ على الإقليم من جنون إيران.والآخرون لن يحتاجوا إعلان الحرب على روسيا، بل يستنزفون بوتين قطرة قطرة. ولن يجيشوا الجيوش لمواجهته عسكريا ، بل سيعلنون مواقف ويجرون تحركات سياسية وإعلامية لإلهاب مشاعر من انتظروا لحظة وقوع بوتين في هذا الخطأ الإستراتيجي ليحاسبوه على ما اقترفه في الشيشان وأوكرانيا وجورجيا، وتلك هي حالة الخطر التي راهن بوتين على عدم الوصول إليها، إذ تصور- مثله مثل كل الطغاة والمستعمرين -إن قوته العسكرية ستحسم الأمر لصالحه في وقت قصير.وبوتين يبدو قد تصور حرج المسافة بين قواته وحلف الأطلنطي، فقرر المراهنة على إستراتيجية حافة الهاوية، لكن الحسابات التي أجراها بوتين ونجحت من قبل في احتلاله وتقسيمه جورجيا وأوكرانيا لا تصلح هنا بل تجلب الكارثة على بلاده، والغرب دفع بلاده للانهيار من قبل دون أن يطلق عليها طلقة واحدة.لقد ظهرت بوادر المأزق، في البيان العربي الأمريكي الأوروبي. وها هي أفعال قواته تذهب حد الولوج في مأزق مع الأطلنطي بعدما اخترقت طائراته الأجواء التركية،غير أن الأخطر على بوتين هو ما سيقوم به ثوار سوريا أو ما سيواجهه على أيدي ثوار سوريا، وقد تمرسوا على قتال قوات بشار وميلشيات إيران والعراق ، وكادوا أن ينهوا أزمة الثورة مرتين على الأقل.لقد غير بوتين قواعد الحركة الإستراتيجية في الإقليم، بوصول قوته العسكرية وفرد عضلاتها في الإقليم. وهو قال عمليا إن أمريكا شيدت قواعد في العراق وأن روسيا تدشن قواعد لها الآن في سورية لتكون ندا في الشرق الأوسط. وهو لاشك سيقتل المزيد من أبناء الشعب السوري ، لكن وصول قواته، فتح مجالا للحركة لأطراف إقليمية ودولية في المنطقة.فالآن ستلعب الولايات المتحدة لتعويض خسائرها منذ شن العدوان على العراق وأفغانستان وحتى الآن، ستحاول الظهور بمظهر الرافض للاحتلال الروسي لسوريا والمساند للثورة السورية. ولاشك أن أوروبا ستلعب لعبتها هي الأخرى. ولم يعد لأحد أن يقلل من وزن تركيا بعد الآن، فبوتن وإن أراد حصارها من القرم شمالا إلى سوريا دنوبا، فتح لها بابا واسعا ليتعاون الغرب معها، ومن الآن يمكن القول كسبت تركيا وخسر بوتين، ستكسب عربيا وإسلاميا وأوروبيا وستضطر أمريكا لوقف مفاعيل لعبتها ضد أردوغان ، الذي بات في وضع يمكنه الآن من كسب الانتخابات القادمة. وبوتين فتح مساحة أعلى لقوات التحالف العربي لحسم المعركة في اليمن بوتائر أسرع مما كان جاريا من قبل، إذ الآلاعيب الأمريكية من جهة والإيرانية من جهة، تتنته الآن بفعل تدخل بوتين في روسيا وتشييده لحلف عسكري مع إيران.أمريكا بحاجة للخليج الآن، والحملة على الدور والنفوذ الإيراني في المنطقة (واليمن في أولها) ستأخذ منحى أشد فعالية.بوتين فتح أبواب الجميع أمام بعضهم البعض، ليكونوا في مواجهته على الأرض السورية.

349

| 09 أكتوبر 2015

حل سياسي بسوريا.. لمصلحة من ؟!

لن تذهب سوريا إلى الحل السياسي في ضوء معطيات الوضع الراهن أو في ضوء الفهم الراهن لقضيتها، بل التصعيد العسكري هو الحالة المقبلة، ومن يتصور غير ذلك، فهو لا يدرك طبيعة التغييرات التي جرت في سوريا طوال السنوات الخمس السابقة، إذ انتهى فعليا نظام بشار، وصارت البلاد تعيش حرب تحرير من الاحتلالين الإيراني والروسي والأخير بات يوفر الآن وقودا أشد لاستمرار الحرب.وهكذا، فمهما تحدث كيري عن حل سياسي، وسواء بدل الأوروبيون موقفهم اليوم من بشار ليقولوا عكس ما قالوا من قبل أو ليقولوا في الغد عكس ما يقولون اليوم، وأيا كانت نتيجة لقاء أوباما- وبوتين الخفي منها والمعلن، فكل تلك جهود تجري للتعامل مع وضع وحالة سابقة تخطتها الأحداث على الأرض ولم يعد قائما بالفعل منها إلا كياناتها الشبحية، ولذا لا حل سياسيا مقبلا في سوريا إلا إذا كان المقصود وقوع تسويات بين الطامعين فيها.وإذا كان هناك ما يمكن قوله حول كل هذه الأحاديث الجارية والضجيج العالي حول الحل السياسي والحكم الانتقالي وبقاء بشار رئيسا أو حتى طرطورا، فكل ذلك لم يعد يكفي لوقف القتال، إذ سوريا بات بلدا محتلا من إيران وميلشياتها وروسيا وعسكرها، ووفقا لوقائع التاريخ، فقد تخطى الأمر بشار وحكايته وبات الحال يتعلق بحرب تحرير سوريا، فإن حلت مشكلة بشار ونظامه بطريقة التراضي بين الدول الكبرى، فالسؤال الجاري هو ماذا عن الاحتلالين الإيراني والروسي..إلخ؟وواقع الحال، أن كل هذا الحراك الروسي والأمريكي والأوروبي لم يأت على أرضية حل قضية الثورة والشعب والأرض، ومن بعد هو حراك لاعلاقة له بتحرير سوريا، بل جاء كله بسبب الوتائر العالية لنشاط الثورة اقترابا من حسم قضيتها، فلم يجر تصعيد الدعم الروسي والانتقال من حالة الدعم إلى حالة الوجود القتالي إلا بسبب فشل قوات بشار وإيران وميلشياتها في مواجهة حالة الصراع العسكري الجارية بوتائر كبرى في المرحلة الأخيرة.كما لم يجر الحراك الأوروبي إلا بعد أن تفجرت سيول الهجرة إلى أوروبا وبعد أن تأكدت حكوماتها، أن لا مكان لها في سوريا المقبلة بحكم التغييرات وتحولات الصراع على الأرض.. ولم يجر التحرك الأمريكي، المستعجل الآن" الأعلى خلفية الوجود العسكري الروسي والتحالف العسكري الذي أعلن بين روسيا وإيران وقوات بشار في سوريا وقوات العبادي والحشد الشعبي الإيراني الطائفي في العراق وميلشيا نصر الله.. تحركت أمريكا بحثا عن مصالحها لا حلا لأزمة الثورة السورية.ولذا، فكل يغني على ليلاه من هؤلاء، ولا أحد منهم يتحرك دعما للثورة السورية.. هؤلاء يتحدثون عن تسويات فيما بينهم للحفاظ على مصالحهم في سوريا، ولا يتحدثون عن حل للشعب السوري ولا لقضية الثورة ولا لقضية الاحتلال -وبديلها التحرير-إذ لا فائدة إن غادر بشار وظلت قوات روسيا وميلشيات إيران محتلة لسوريا. يتحدثون عن تسويات تحفظ مصالحهم هم المتصادمة جميعها مع تطلعات الشعب السوري في التحرر مدعوما بالمخلصين من الأمة.والأدهى والأمر والعنوان الحقيقي المتمم لفشل كل تلك التحركات، هو أن نصبت الولايات المتحدة نفسها متحدثا باسم المعارضة في سوريا، إذ باتت تتحرك وكأنها الطرف الآخر في معادلة الصراع، دون أن يفوضها أحد للحديث بتلك الصفة ودون أن تقدم هي ما يمنحها هذه الصفة، بما يجعل دورها أقرب إلى وضع المحلل للاحتلال الإيراني والروسي.سوريا في مرحلة الحسم والمعارك العسكرية ستتصاعد، وكل ما يجري من مفاوضات وضجيج دبلوماسي، أمر لا علاقة له بمواقف الأطراف المسلحة الفاعلة على الأرض السورية، إلا إذا كان الأمر كالتالي: مفاوضات واتصالات هدفها إقصاء الفاعلين على الساحة الثورية أو العسكرية لكن ليس على طريقة مواجهة داعش، بل على طريقة اقترابية متحركة، تسمح للأطراف الدولية من الاتفاق على نظام خليط بين ممثليها أو حتى عملائها- على غرار الحكم الذي شكلته الولايات المتحدة في العراق عقب احتلالها -يكون هو أداتها في شن الحرب على الأطراف الثورية لإجهاض الثورة السورية.

347

| 02 أكتوبر 2015

حلف روسيا العسكري في الشرق الأوسط!

تتكاثر المؤشرات العملية على تشكيل تحالف عسكري روسي إيراني في الشرق الأوسط، يضم في تكوينه، الحكم الطائفي في العراق، والحكم الطائفي في سوريا، وبطبيعة الحال فإن ميليشيات نصر الله وتلك المتكاثرة في العراق ستكون في قلب هذا التحالف باعتبارها أدوات إيرانية، ولو ظل الحوثيون قيد البقاء والحركة كقوة عسكرية فلا شك أنهم سيكونون في داخل هذا الحلف، بما يعطيه امتدادات بالغة الخطر.وهو حلف لم يعلن عن نفسه إلا باعتباره حالة من حالات مواجهة الإرهاب لعدم إحداث حالة استفزاز أو مواجهة مع الآخرين في الإقليم.وبذا، فإن نزول القوات الروسية على الأرض السورية وتوسيع مشاركتها في مساندة الأسد قتاليا، لا يتوقف أثره على سوريا ولا على الثورة السورية فقط، بل هو إعلان وعنوان بتطورات كبرى تتعلق بنمط التوازنات وحالة الصراع والحروب الحالية والمستقبلية في الإقليم كله.ولذا، لم يكن مستغربا أن يتحدث زعيم الحمائم الإيراني -الرئيس روحاني - بتلك اللغة التي تحدث بها في تصريحاته المدوية أخيرا، بأن جيش بلاده والحرس الثوري والباسيج هي القوة القادر على مواجهة الإرهاب، والأخطر أنه لوح بالتدخل العسكري في دول أخرى، تحت عنوان مكافحة الإرهاب، إذ قال: إن القوات المسلحة الإيرانية قادرة على قهر "الإرهاب"، إذا ما انتقل إلى بلد آخر في المنطقة.. وإن طور تهديداته بإطلاق دفعة من مقولات الحرب النفسية على الدول العربية، إذ قال: إن على هذه الدول "ألا تظن أن القوى الكبرى ستدافع عنها".. وكذلك لم يكن مستغربا أن يجري الإعلان في سوريا، عن مناورات بحرية عسكرية روسية إيرانية على الشواطئ السورية، هي الأولى من نوعها وهي تأتي تالية للمناورات العسكرية الروسية الصينية في المتوسط أيضا، وهو ما يعزز فكرة التحالف العسكري ويمنحه صفة دولية!نحن إذن أمام ميلاد أو إعلان تحالف عسكري روسي إيراني – وفي الأغلب سيسحب هذا التحالف ليضم الصين ضمنيا أو عمليا– وما نراه الآن هو الإعلان العملي الأولي عنه – ولهذا هرع نتنياهو إلى موسكو على نحو عاجل- ومن بعد سيعلن هذا الحلف في صورة وتشكيله أوسع وإن تحت عناوين خداعية، إذ تضم إيران توابعها في المنطقة تحت قيادتها عمليا تحت عنوان التنسيق لمواجهة الإرهاب –هذا إن لم يسقط نظام بشار وإن لم تتغير المعادلات في العراق- بما يشكل حالة جديدة خطيرة في الشرق الأوسط، إذ تؤكد مؤشرات أخرى موازية أن الولايات المتحدة ستجلس في مقاعد المتفرج السعيد بتلك التطورات باعتبارها أوضاعا تفتح باب جهنم على إيران وروسيا في الإقليم من جهة وعلى كل الدول الأخرى في الجانب المضاد، بما لا يتطلب من الولايات المتحدة سوى البحث عن مصالحها دون مجهود يذكر.الآن انتهت مرحلة تغيير صورة إيران التي اعتمدتها الدول الغربية بعد الاتفاق النووي، وحل محلها صورة إيران الحقيقية، فإذ جرى نقل إيران من مربع محور الشر الأمريكي وتقديمها كدولة متعاونة مع الغرب ومنضبطة في إطار المعاهدات الدولية، فواقع الحال أن النتيجة الكلية المتحققة هو أن جرى إطلاق يدها في مواجهة المحيط العربي أو في مواجهة السنة بكافة دولهم ومكوناتهم السياسية، وإن جرى فتح باب المنطقة العربية أمام روسيا – والصين على حذرها -للفعل العسكري، وهو ما يشير إلى وضعية تحالفات دولية كبرى لإنجاز مشروعات تقسيم المنطقة وإعادة رسم خرائطها السياسية والسكانية على حساب طرف وفئة واحدة: هم السنة.الآن نشهد تطورات كبرى في الإقليم، وقليلون هم من يدركون طبيعة ما يجري ويتخذون خطوات استباقية... وكل عام أنتم بخير.

458

| 25 سبتمبر 2015

إعلان الحرب.. وليس اقتحاما للأقصى !

يبدو السؤال الحقيقي هو: ولم لا تقتحم إسرائيل المسجد الأقصى...؟ هل هناك ما أو من يردعها؟ ألم يتحول دور الجامعة العربية إلى مظلة وغطاء لامتصاص الغضب الشعبي العربي – أو ما تبقى منه بسبب الحروب الأهلية الجارية في معظم البلدان- بحكم اقتصارها على إصدار البيانات ثلاثية الكلمات (نشجب وندين ونستنكر) دون فعل مواجه، فيما النظم لا تسمح للشعوب بحراك ضاغط أو فاعل أو مواجه؟ أليس الاكتفاء بالبيانات مع قمع الحركة الشعوب، قد حول دور الجامعة إلى مجرد جهاز إعلامي يقتصر دوره على إبلاغ الشعوب بما تفعله إسرائيل- وربما الترويج له دون أن تدري- وإشاعة الهزيمة بالإثبات العملي لعدم القدرة على مواجهتها؟ ألم يجر حصار المقاومة وخنقها من قبل السلطة وعربيا.. وألم يدر حزب نصر الله ظهره لإسرائيل ليتحول إلى أحد أخطر أدوات القتل والتفكيك الطائفي وهدم الدول؟.. وألم يجر ترويض حالة السلطة الفلسطينية عربيا ودوليا، لتصبح كيانا ملحقا بسلطات الاحتلال، في مقابل إعاشة الفلسطينيين؟السؤال الحقيقي هو: وما الذي يمنع إسرائيل من اقتحام الأقصى.. وفي المقابل، فإن المراهنة الحقيقية الفاعلة تتعلق بقدرة المرابطين في الأقصى على أن يواجهوا الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وبقدرة ما تبقى صامدا من الدول العربية على تصعيد الضغط الدولي - خارج إطار بيانات الجامعة العربية- وبقدرة الضغوط الشعبية، وبإعادة ترتيب صفوف المواجهة من كل تلك القوى، إذ ما هو قادم أسوأ بكثير.فإسرائيل تستدرج الوضع الفلسطيني الآن إلى مواجهة تخرج منها أشد سطوة وسيطرة، واقتحام الأقصى هو خطوة في هذا الاتجاه، وما أعلنه نتنياهو من "إعلان الحرب" على ما سماه رماة الحجارة، واعتبار رمي الحجارة عملا من أعمال الإرهاب الذي يواجه بإطلاق الرصاص، هو الكاشف أكثر حتى من اقتحام الأقصى على بشاعته.والأمر باختصار؛ أن إسرائيل تفرض جدول أعمالها على الجميع، الفلسطينيين والعرب والأوروبيين والوضع الدولي أيضا.. وهي إذ تواصل إنفاذ خططها الإستراتيجية في تحقيق التهويد والسيطرة الكاملة على القدس والمقدسات، فقد اختارت هذا التوقيت تحديدا لتصعيد خطتها وفقا لحسابات إستراتيجية تتعلق بالتوازنات الحالية.وفي ذلك لا تمارس إسرائيل أمرا جديدا، بل هي لم تغادر نفس سلوكها الإستراتيجي الذي اعتمدته منذ إعلان قيامها وحتى الآن،إذ قامت دوما بفرض الوقائع على الأرض وفق خطة طويلة الأمد، تغتنم خلالها كل التغييرات الحادثة في قوة خصومها والوضع الدولي لتحقيق خطوات مرحلية تتلوها خطوات أخرى في ظروف تالية.لقد نظرت إسرائيل للوضع العربي وما آل إليه، سواء على صعيد الحروب الأهلية أو على صعيد النجاح الإيراني في جذب العرب لمواجهات تشغلهم عن مواجهة إسرائيل، وهي رأت الوضع الفلسطيني في حالة اشتباك واضطراب وحصار، إذ تشتبك السلطة ومنظمة التحرير مع نفسها ويتصاعد الصراع في داخلها على الزعامة والتمثيل، وهي رأت المقاومة محاصرة هنا وهناك، كما تكرس الانقسام بين الضفة وغزة.. وهي رأت الوضع الدولي متعدد الملفات وحالات الاشتباك الحامي بدءا من أوكرانيا إلى سوريا إلى معركة اللاجئين في أوروبا، وفي ذلك قررت مواجهة مخاطر تحولات في الرأي العام الدولي تجاه قضية وحل الدولتين، فقررت الذهاب خطوات أبعد لفرض الأمر الواقع في القدس والأقصى تحديدا، ولإدخال القضية في دوامة اشتباك خطر تمكنها هي من تغيير جدول الأعمال الدولي المتنامي باتجاه حل الدولتين.قررت إسرائيل ممارسة سلوكها الإستراتيجي الدائم.. فكما فرضت مواعيد الحرب والعدوان من عام 47 وحتى الآن -ولم يخرج عن هذا الخط سوى حرب أكتوبر 73 - فقد قررت الآن شن الحرب على الفلسطينيين بشأن الأقصى وفرض معركة إجهاضية لفكرة الانتفاضة الفلسطينية، وإطلاق رصاصة الرحمة على السلطة الفلسطينية وربما الاكتفاء بأن تطلق الرصاصة من داخل السلطة على نفسها، وكل ذلك ضمن خطتها لإنهاء حل الدولتين ودفنه.لم تنظر إسرائيل أبدا سواء العرب أو الدول الإسلامية أو العالم، إلا باعتبارهم مجرد منصة خطابية، وقررت أن تسير وفق سلوكها الإستراتيجي الدائم: نحن نفعل وهم يتكلمون ولا ضير من الكلام على الفعل.

285

| 18 سبتمبر 2015

الهروب من الوطن.. للبحث عن المواطنة!

يتعمق الجرح العام، فهؤلاء هم أبناء العرب والمسلمين يتقاطرون، هاربون، مهاجرون، فارون، يتحدون الموت عبر سلوك كل طرق الموت، للوصول إلى بلاد هي ذاتها من كانت تحتل أوطانهم، وكانوا هم ومن قبل آباؤهم وأجدادهم، في وضع الدفاع والتشبث بالوطن وفي وضع تقديم الحياة ثمنا لبقاء الوطن.وفي ذلك بدا ويبدو أو يتبدى ما حققته الحكومات التي سيطرت على بلادنا ما بعد التحرر من الاحتلال!.لم تعد بلادنا طاردة لأبنائها من الكفاءات فقط، ولم تعد بلادنا تعاني كثرة العاطلين والعوز والفقر فقط، ولا من آفة الديكتاتورية والظلم، بل صارت طاردة لكل أبنائها وبالجملة في صورة الطرد الجماعي والهجرات العابرة للحدود بل للقارات تحت تهديد القتل الجماعي، إذ لم يعد سكانها قادرين على الحياة على أرضها ولو كانت كلفة الهرب الموت برا وبحرا للوصول إلى بلاد يخرج منها من يقول لهم، أنتم مسلمون وبلادنا مسيحية فلا أهلا ولا سهلا، حتى لو حضرتم هربا من الموت الذي يتخطفكم في بلادكم.لقد صبرت الشعوب على الفشل والفساد والقهر، لكن بعضا من الحكام تعدى على حقهم في البقاء، فجعل حياتهم رحلة تحدي الموت أو حالة هرب من الموت عبر طرق الموت. صبرت الشعوب ممسكة بوطنيتها حافظة لها داخل جروح عميقة في عقولها ونفوسها، صبروا وثابروا وواصلوا الحياة، وحين طلبوا للكرامة، قررت نظم الحكم ونخب الفساد تغيير المعادلة. قالوا للشعوب لا حياة مع الكرامة، ومن أراد الكرامة فله الموت.هرب الناس من الوطن الذي لم يعرف المواطنة وذهبوا إلى لا وطن بحثا عن المواطنة، وذاك هو الدرس الثاني في كارثة الهرب واللجوء الجماعي. لا وطن ولا وطنية دون مواطنة.والأمر أن الناس لم تعد ترى في مثل تلك الأوطان ما يستحق البقاء له أو فيه، إذ ثمن البقاء هو الموت. والأمر أن الناس في تلك الأوطان لم تر ما رآه الشعب الفلسطيني في وطنه، وهو الذي لا يزال يقاوم لنحو القرن ولا يزال لاجئوه المكرهون على اللجوء في وضع الاستعداد للعودة. ولم تر ما رآه العراقيون في وطنهم وقت الاحتلال، وتلك كارثة الحروب الداخلية.فالحرب في مواجهة الاحتلال تثبت الناس في الأرض، تجعل منهم مقاومين أفذاذ، يقدمون أرواحهم لا يبرحون مساحة ميلادهم، أما الحروب الداخلية وظلم ذوي القربى فهي ما يدفع الناس للهرب وترك الوطن، خاصة إذا كان القتل على طريقة الجزار بشار أو الحشد الطائفي الإيراني ونوري المالكي السفاح في العراق.ذلك هو الدرس الثالث في محنة اللجوء والهروب الجماعي. فأهل العراق الذين فرغوا بالكاد من مقارعة أكبر قوة طاغية قاتلة عبر التاريخ حين بغت على أرضهم، هم أنفسهم من غادر بعضهم في هروب جماعي تحت حكم الطغاة الطائفيين في العراق!.والحال أن الهروب الجماعي لا شك ناتج ومؤشر على حالة من الهزيمة النفسية لدى البعض من الشعوب التي ناضلت وجاهدت لكي تعيش عزيزة على أرضها كريمة. وذاك وضع خطر الآن، وعلى القادة المؤمنين بأوطانهم حرية وكرامة ومقاومة أن يواجهوا تلك الآثار، فالقتلة من الحكام لاشك سعداء بما أنجزوا من تحويل بعض من الناس من المقاومة واللجوء في الجوار انتظارا للعودة إلى الهروب بلا عودة في بلاد الغرب. وذاك هو الدرس الرابع المهم والخطر في قضية الهروب الجماعي للسكان من بعض بلادنا. هو هروب ولجوء خلال حالات الثورة.والدرس الخامس أن الحكام الطاردين للسكان بالقتل والتهجير، أظهروا كيف هم في تحالف مع المستعمرين. فلم يكن اللجوء إلا نتيجة هذا التحالف. لا نقصد المعنى المتداعي إلى الذهن بأن ثمة توافقا على ترحيل المواطنين، ولكن القصد هو أن المستعمرين أصروا على بقاء الحكام ومنعوا من حاول إمداد الثوار بالقدرة على مواجهة وهزيمة الحكام، بل هم من عاملوا الثوار باعتبارهم إرهابيين، فانتهوا بالبلاد إلى وضعية توازن الموت الدائم على الأرض بين قوات النظام وقوات الثورة، حتى انتهى الحال بالناس بالهجرة إليهم.الغرب قرر استمرار من يقتل في سدة الحكم، وإن أدى ذلك إلى هروب جماعي للمواطنين في مأساة العصر.لم يسمحوا للثوار بتهجير فرد واحد هو الحاكم وسمحوا للحاكم بأن يهجر شعبا!.

6200

| 11 سبتمبر 2015

انقلب السحر على عون - نصر الله!

غيّر نصر الله وعون موقفهما من الحراك الشبابي الجاري في الساحة اللبنانية، فإذا كان موقف إعلامهما داعما ومؤيدا ومتحمسا ومحرضا، لهذا الحراك عند بدايته، فيما بدا أنه حالة نكاية في القوى السياسية والطائفية الأخرى، وتكتيك لاستخدام هذا الحراك كورقة ضغط مجانية على الحكومة التي كان يجري تعطيلها، فقد تغير الموقف من بعد، وبات تحالف عون نصر الله، في موقع المحذر من الحراك، لا الرافض له فقط. وقد بدا للمتابعين للوهلة الأولى أن تحالف نصر الله عون هو من يقف خلف الحراك، الذي بدا وكأنه امتداد لحركة التعطيل الممنهجة للحكومة التي هي آخر حصون الدولة في لبنان، كما شعر الجميع بالقلق إذ جرى دعم عون ونصر الله لهذا الحراك في وقت يشهد فيه لبنان حالة من الحركة الدافعة به إلى الجحيم أو إلى الحالة السورية أو إلى الحالة العراقية أو إلى الحالة الليبية.. وفي التعدد إشارة إلى إمكانية وقوع الحدث، وتأكيد على أن الواقع الإقليمي جاهز للدفع بأي دولة إلى هذا المنحدر. غير أن ما يلفت النظر أيضا، أن الانتقال من موقف الداعم للحراك الشبابي المستقل إلى الرافض والمحذر منه، لم يأت على خلفية تخفيف الاحتقان السابق صناعته من عون ونصر الله، بل جاء متزامنا ومرتبطا بالعودة إلى المربع السابق على انطلاق هذا الحراك، رغم تحذيرات بعض الأطراف السياسية من مخاطر ما كان يفعله عون بمساندة نصر الله، وبأن هناك من يدفع لبنان نحو المجهول، الذي هو معلوم للجميع، أي جحيم الحرب الأهلية، ورغم صدور تصريحات من رئيس مجلس النواب حول الحوار بين الفرقاء وصدور رد إيجابي من الحريري. وواقع الحال أن عون ومن خلفه نصر الله، كانا قد عادا قبل هذا الحراك المستقل، إلى لعبتهما القديمة التي سبق أن مارساها في عامي 2008 و2011، حين جرى إسقاط حكومتي السنيورة وميقاتي، وأنهما كانا بصدد تصعيد الصراع ضد الحكومة حتى الحصول على موقع الرئيس لعون، لكن جديدا حدث أربك المعادلات، إذ وسط التحضيرات لتفعيل خطة التعطيل، وخلال حالة الشحن والحركة المتدرجة المتصاعدة على الأرض من قبل مجموعات عون، ظهرت مجموعات من الشباب لا تنتمي إلى أي من الفريقين المتنافرين المتصارعين وتحركت ضد الحكومة وطرحت قضايا بيئية واجتماعية –على رأسها حملة التخلص من القمامة (طلعت ريحتكم)، وقضايا سياسية ومالية (بدنا نحاسب)، كما ظهرت شعارات تدعو للخلاص من الطبقة السياسية. وفورا ذهب الإعلام الموالي لنصر الله وعون إلى تكبير الحدث والدفع به للتطور سياسيا أو على صعيد حركة العنف بالشارع، إلى أن بدا لهذا التحالف، أن الحراك الشبابي قوي ومؤثر وأنه تكرار لبدايات 25 يناير في مصر وتونس وليبيا، وأنه لا أحد مستثنى من شعار "حلوا عنا" (لا نصر الله ولا عون) وأن هذا الحراك الشبابي سيدخل لبنان إلى موجة من موجات الربيع وأنه سيجري ضد كل التيارات والكتل الطائفية المتحكمة في المشهد اللبناني دون استثناء خاصة بعد رفع شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، كما ظهر لعون ونصر الله أن لعبة تعطيل البلد وشل حركتها ونظامها السياسي التي عملا عليها وجاءت نشاطات الحراك الشبابي دفعا لها، ستكون بوابة لإعادة ترتيب الحالة السياسية باتجاه آخر مختلف عن ذاك الذي يسعى لإنجازه عون ونصر الله، فانقلب عون وإعلام نصر الله وصاروا مدافعين عن الدولة اللبنانية ومنددين بمحاولات جر البلاد إلى العنف، ووصل الحال حد الاتهام بأن هناك من يدفع لبنان إلى مصير سوريا وبقية بلدان الربيع التي وصلت حدد الاقتتال الأهلي!. والحق أن عون ونصر الله لم يقلقا وحدهما، فعلى نفس الخلفية، جاء تحرك رئيس مجلس النواب اللبناني ورد فعل رئيس تيار المستقبل، إذ جاءت حركة كليهما للحوار، وكأنها بمثابة محاولة لاستيعاب ما يجري في حركة الشباب، أو كان الطبقة السياسية القديمة،عادت للتحالف المؤقت لمواجهة حركة الشباب المستقل عن الجميع. فهل ينجح بري والحريري في لجم حركة نصر الله عون أم سيقتصر دورهما وتوافقهما على تغيير الأجواء السياسية التي سمحت للشباب المستقل أن يتحرك ضد الجميع؟.

404

| 04 سبتمبر 2015

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6693

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2757

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2421

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1518

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1446

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...

1095

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

1047

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

981

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر

بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على...

891

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

729

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الشعبوي.. كظاهرة صوتية

من الشيق استرجاع حدث سابق تم تحليل واقعه...

678

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
بعد آخر توقيع... تبدأ الحكاية

ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...

678

| 29 أكتوبر 2025

أخبار محلية