رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

قيم لتعارف الحضارات: (لتعارفوا)

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات:13)، آية عظيمة اختزلت غاية من غايات الخلق، وهي: التعارف لا التنافر، والتواصل لا التصادم. التعارف بين الحضارات ليس ترفًا فكرياً، بل ضرورة إنسانية، وركيزة قرآنية لتحقيق السلام والتكامل في هذا العالم المتنوع. أولاً: الاحترام المتبادل التعارف لا يقوم إلا على أساس الاحترام، الذي يعني الاعتراف بإنسانية الآخر وخصوصيته، دون احتقار أو ازدراء. وقد بين النبي ﷺ ذلك عملياً في تعامله مع غير المسلمين، حيث زار مريضًا يهوديًا، وقام لجنازة فقال: «أليست نفسًا؟» رواه البخاري. ثانياً: العدل لا يمكن أن ينجح أي تعارف إذا غاب العدل. العدل قيمة عليا لا تفرق بين مسلم وغير مسلم، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ (المائدة: 8). ثالثاً: الحوار الحوار هو الجسر الذي يصل بين الحضارات، وأمر الله به نبيه فقال: ﴿ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ (النحل:125). وقد ضرب الإسلام أروع الأمثلة في آداب الحوار مع المخالفين، كما فعل النبي ﷺ مع وفد نصارى نجران، حيث استقبلهم في المسجد وأمنهم وناقشهم بأدب واحترام. رابعاً: الرحمة فالرحمة ليست حكرًا على أبناء الدين الواحد، بل تشمل كل البشر. قال ﷺ: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» رواه الترمذي. وهذه الرحمة تسهم في بناء علاقات إنسانية راقية بين الشعوب. خامساً: الاعتراف بالتنوع التنوع سنة إلهية، لا مفر منها ولا مصلحة في إنكارها: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ (هود:118). فالاعتراف بهذا التنوع لا يعني الذوبان، بل الفهم والتكامل، فكل حضارة لها ما تقدمه للإنسانية. وخلاصة القول: إن التعارف بين الحضارات ليس شعاراً نظريًا، بل مسار أخلاقي وسلوك عملي، يقوم على قيم سامية دل عليها الوحي، وثبتها السلوك النبي، وشهدت بها تجارب التاريخ. فلنكن سفراء لهذه القيم في واقعنا، نفتح نوافذ الحوار، ونغلق أبواب الصدام، ونظهر أجمل ما في حضارتنا لنرتقي بالعالم معاً. «لتعارفوا».

192

| 01 أغسطس 2025

الخطاب الديني للشباب.. فجوة الأجيال أم قصور التوجيه؟

في عالم يفيض بالمؤثرات ويتسارع فيه إيقاع الحياة، يعيش شباب اليوم في مفترق طرق بين الموروث الديني والثقافي، وبين الحداثة الرقمية المتغيرة. ورغم تزايد حاجة الشباب إلى خطاب يرشدهم ويواكب واقعهم، إلا أن كثيرا مما يقدم لهم - دينيا وثقافياً - إما لا يلامس قضاياهم الحقيقية، أو يأتي بلغة لا تحسن مخاطبة عقولهم. وهنا يأتي التساؤل الجاد: هل نحن أمام فجوة طبيعية في تباين الأجيال، أم ان هناك قصورًا عميقًا في التوجيه والطرح؟. إن الخطاب الديني والثقافي هو الجسر الذي يربط بين الجيل والموروث، وبين القيم والعصر. والقرآن الكريم قدم لنا نموذجاً خالدًا في مخاطبة النفس البشرية بمختلف طبقاتها. يقول الله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ (النحل:125)، فجعل الحكمة والموعظة الحسن أساسًا في الخطاب، لا الوعيد وحده ولا الإلزام المجرد. وهذا ما نفتقده اليوم في كثير من الطروحات التي تقدم للشباب، إذا تتسم أحيانا بالوعظ الجاف، أو التكرار، أو ضعف المصداقية. فالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم من خاطب الشباب، لم يكن يقدم لهم الخطاب نفسه الذي يوجه للكهول، بل راعى طبيعة المرحلة، وعقلية المتلقي. ففي قصة الشاب الذي جاء يستأذن النبي في الزنا، لم يصرخ فيه النبي أو يهنه، بل خاطب عقله وقلبه، وقال له: «أترضاه لأمك؟». فكان رد الشاب: «لا والله، جعلني الله فداءك». قال: «ولا الناس يرضونه لأمهاتهم» (رواه أحمد). فكان أسلوبه قائمًا على الحوار والإقناع والتفهم، لا الإدانة والصدام. أما اليوم، فكثير من شبابنا يشكو من فجوة واضحة في الخطاب الموجه اليه، سواء في المساجد، أو على المنابر، أو حتى في الفضاء الرقمي. بعض الخطباء يتحدثون بلغة الماضي البعيد، ويغيب عنهم فهم التحولات الذهنية والنفسية لدى هذا الجيل. فيما يقدم آخرون خطابًا استعراضياً يفتقر إلى العمق، فيزداد النفور وتضعف الثقة. وكما أن الخطاب الثقافي لا يقل أهمية، فالثقافة هي الإطار العام الذي تتشكل فيه نظرة الشاب للعالم، ولذاته، ولمجتمعه. فإذا غاب الخطاب الثقافي الذي يعزر الهوية، ويقدم نماذج فاعلة من التراث والمعاصرة، انجرف الشاب نحو ثقافات هجينة تروج للفردانية، والانفصال عن القيم، وتزين له أشكالاً من التمرد تحت شعارات الحرية والتميز. ومن الواقع، نرى أثر غياب الخطاب المتوازن في اتساع ظاهرة الإلحاد الناعم، أو الغرق في الاستهلاك المادي، أو حتى الهروب إلى عوالم الألعاب والدراما التي تمنح الشاب عالمًا بديلاً يعوض فيه غياب المعنى الحقيقي في حياته. شباب يعيش القلق الوجودي في زمن الوفرة، ولا يجد من يجيبه بلغة واضحة، وبخطاب يواكب فكره، ويصالحه مع ذاته ودينه وثقافته. * إن المطلوب اليوم ليس تجديد الدين، فالدين محفوظ، والحمد لله، بل تجديد الخطاب، وتجديد الوسيلة، وتجديد الفهم. أن نتعلم كيف نقدم الإسلام والثقافة العربية والإسلامية بلغة عصرية دون أن نفرط في الثوابت. أن نخاطب العقول والقلوب، وأن نعيد بناء جسور الثقة بين الشاب ومنابر الدين والثقافة. وهذا يتطلب تكاتفًا بين العلماء، والمفكرين، والمربين، والمؤسسات الإعلامية، والثقافية. فليس كافيًا أن نطلب من الشباب أن يستمعوا إلينا، بل علينا أن نستمع إليهم أولاً، أن نفهم تساؤلاتهم، أن نقترب من عوالمهم، ثم نقدم لهم ما ينير الطريق بلغة الحياة لا لغة الوعظ الجاف. وقد آن الأوان لإطلاق مبادرات وطنية حقيقة تعنى بصناعة خطاب شبابي ديني وثقافي متكامل، يدمج بين المضمون الأصيل والوسيلة المعاصرة، ويمنح الشباب شعوراً بالانتماء لا الإقصاء، وبالفهم لا بالتلقين. فالشباب ليسوا خصماً ولا أزمة، بل هم الفرصة والطاقة الحقيقة لصناعة المستقبل.

441

| 25 مارس 2025

الصلاة في حياتنا بين التهاون والالتزام

تظل الصلاة أعظم شعيرة في الإسلام، فهي صلة بين العبد وربه، وميزان الإيمان، وعنوان التقوى. وقد أمر الله تعالى بالمحافظة عليها في قوله: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ (البقرة: 238)، ليؤكد أن العناية بالصلاة ليست خيارًا، بل ضرورة، وأن التفريط فيها إخلال بعهد العبودية. لماذا أمرنا الله بالمحافظة على الصلاة؟ فالصلاة ليست مجرد طقوس أو حركات، إنها روح الإيمان وأساس الاستقامة، ومفتاح الخير في الدينا والآخرة. جاء الأمر الإلهي بالحفاظ عليها لأن النفس البشرية معرضة للغفلة والانشغال بهموم الحياة، فتأتي الصلاة لتعيد التوازن، وتزرع الطمأنينة، وتجدد العهد مع الله خمس مرات يوميًا. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر" (الترمذي)، وهذا يدل على أن الصلاة هي مفتاح الحساب، فمن حافظ عليها نجا، ومن ضيعها كانت علامة على خلل في إيمانه. الصلاة الوسطى وأهميتها خص الله سبحانه الصلاة الوسطى بالذكر في الآية، وهي بحسب أكثر أقوال العلماء صلاة العصر. لماذا؟ لأنها تأتي في وقت الانشغال بالحياة، حيث الإنسان في قمة أعماله أو استرخائه بعد يوم طويل. ولذا، كان الحفاظ عليها تحديًا، فجاء النص القرآني ليؤكد ضرورة العناية بها، وعدم الانشغال عنها بأي أمر دنيوي. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من فاتته صلاة العصر، فكأنما وتر أهله وماله" (البخاري)، أي كأنه فقد كل شيء، وهذا يدل على خطورة التهاون فيها. القنوت في الصلاة والخشوع فيها يأمرنا الله تعالى في نهاية الآية بقوله: ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾، وهو توجيه رباني للخشوع والخضوع في الصلاة، فلا تؤدَّى كعادة، بل يجب أن تكون مليئة بالتدبر والخشية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها" (أبو داود)، وهذا يبين أن الثواب يرتبط بمقدار الخشوع والانتباه. رغم هذا التأكيد الإلهي، نجد أن كثيرًا من المسلمين يتهاونون بالصلاة، فيتركونها أو يؤدونها على عجلة دون خشوع. ويزداد الأمر خطورة حين يصبح التهاون بها عادة اجتماعية مقبولة، فنجد أماكن العمل والمدارس لا تعطيها الاهتمام الكافي، والأنشطة الحياتية تأخذ الأولوية على حسابها. لكن في المقابل، هناك نماذج مشرقة من المسلمين الذين جعلوا الصلاة محور حياتهم، فلا يشغلهم عنها عمل ولا سفر ولا متاعب. هؤلاء أدركوا أن الصلاة ليست مجرد عبادة، بل سر النجاح والتوفيق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت قرة عيني في الصلاة" (النسائي). كيف نحافظ على الصلاة؟ الحفاظ على الصلاة لا يكون فقط بأدائها في وقتها، بل أيضا بجعلها ذات أثر في حياتنا، ومن ذلك: تنظيم الوقت وفق أوقات الصلاة: بحيث تصبح الصلاة محور يومنا وليس مجرد إضافة إليه. أداؤها بخشوع: والابتعاد عن العجلة والسرعة في أدائها. أداء الصلوات في المسجد: خاصة صلاة الفجر التي تعد مقياسًا للإيمان. تعليم الأبناء قيمة الصلاة: بالقدوة الحسنة والتذكير بأهميتها منذ الصغر. الدعاء بالثبات على الصلاة: كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: "اللهم اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء". وختاما فالصلاة ليست مجرد التزام ديني، بل هي الهوية الحقيقية للمؤمن، وهي المعيار الذي يفرق بين الطاعة والمعصية. جاء الأمر الإلهي بالحفاظ عليها والتأكيد على الصلاة الوسطى والقيام بين يدي الله قانتين لنستشعر عظمتها وأثرها في حياتنا. فهل نحن حقاً ممن يحافظون عليها كما أمر الله؟ أم أنها مجرد عادة نقوم بها على عجل دون روح؟

471

| 11 مارس 2025

القرآن.. رسالة النور في عالم مضطرب

في عالم يضج بالأحداث المتسارعة، وتتصارع فيه الأفكار والمذاهب، تبرز الحاجة إلى منهج هادٍ يرشد البشرية إلى برَ الأمان، ويمنح الإنسان بوصلةً يميز بها بين الحق والباطل. ومن اعظم ما أنزِل لتحقيق هذا الهدف، كتاب الله تعالى الذي وصفه بقوله:» ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ ﴾ (البقرة:185). فالقرآن ليس مجرد كتاب عادي، بل هو رسالة سماوية متكاملة، تخاطب الإنسان في كل زمان ومكان، وتهديه إلى سواء السبيل، وتضع له المبادئ والقيم التي تحفظ فطرته وتحقق له السعادة في الدينا والآخرة. الهداية القرآنية.. شمول وإعجاز عندما يصف الله كتابه بانه» هُدى لِّلنَّاسِ»، فهذا يعني أن كل إنسان، مهما كان مستواه الثقافي أو خلفيته الفكرية، سيجد في القرآن ما يرشده ويوجه حياته. والهداية القرآنية تتميز بعدة أبعاد: هداية روحية وإيمانية: فالقرآن يحيي القلوب ويمنحها الطمأنينة والسكنية، قال تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد:28) *هداية فكرية وعلمية: يدعو القرآن إلى التأمل والتفكر، ويضع أسسا للبحث العلمي القائم على الدليل، كما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (البقرة:111). هداية اجتماعية وأخلاقية: يرسخ القرآن قيم العدل والتسامح، ويحذر من الظلم والفساد، ويحث على التكافل والإحسان. هداية تشريعية وقانونية: وضع القرآن مبادئ القانون والحقوق، مثل العدل في القضاء، وتحريم الظلم، واحترام العهود، والمواثيق. *القرآن.. دليل في زمن الفوضى، ففي عصر تتعدد فيه المذاهب الفكرية، وتزداد الحروب والصراعات، نجد أن القرآن يقدم الحل الشامل لكل المشكلات التي تواجه البشرية. فهو يدعو إلى الوسطية والاعتدال، ويرفض الغلو والتطرف، ويرسخ ثقافة الحوار والتفاهم بين الشعوب، كما في قوله تعالى:» ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل:125). وفي ظل الثورة الرقمية وانفجار المعلومات، قد يقع الإنسان ضحية التضليل الإعلامي أو الانحراف الفكري، ولكن القرآن يبقى المرجع الثابت الذي يضيء العقول بنوره، وينقذ القلوب من الحيرة والاضطراب. كيف نستفيد من هداية القرآن؟ لكي نعيش الهداية القرآنية في حياتنا، لا يكفي أن نقرأه فقط، بل يجب: التدبر في معانيه، كما قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ (محمد:24). تطبيق تعاليمه في سلوكنا وحياتنا اليومية، فهو ليس كتاباً للموعظة، بل دستور للحياة. نشر الهداية القرآنية، عبر تعليم قيمه للأجيال القادمة، واستخدام وسائل الإعلام والتكنولوجيا لنشر نوره في المجتمعات. القرآن.. الهداية التي لا تغيب، فمهما تغيرت الظروف وتعاقبت الزمان، سيبقى القرآن المنارة التي تهدى الحائرين، والحبل المتين الذي يربط الإنسان بربه، والنور الذي يبدد ظلام الجهل والانحراف. فليكن شعارنا دائماً: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى﴾ (طه:123)، ولنحرص على أن يكون القرآن هادينا في كل خطوات حياتناـ فهو هدى للناس في كل زمان ومكان، وكما قال صلى الله عليه وسلم:» إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به أخرين» (رواه مسلم).

561

| 03 مارس 2025

الزكاة والعمل الخيري بين الواجب الديني والمسؤولية الاجتماعية

الزكاة ركن من أركان الإسلام، فرضها الله على المسلمين لحكمة عظيمة، تتمثل في تحقيق التكافل الاجتماعي، وتوزيع الثروة بعدالة، وإعانة الفقراء والمحتاجين. قال تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» (البقرة:110)، مما يدل على ارتباطها الوثيق بالعبادات الكبرى في الإسلام. كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهميتها بقوله: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة...» (متفق عليه). أهمية الزكاة في الإسلام: طهارة للمال والنفس: قال الله تعالى:» خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا» (التوبة:103)، فهي تبارك المال وتزيده. تحقيق التكافل الاجتماعي: تعمل على سد حاجة الفقراء والمساكين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في المال حقاً سوى الزكاة». (الترمذي) حماية المجتمع من الفقر والجريمة: عندما يؤدي الأغنياء الزكاة، يقل الفقر، ويزول الحقد الاجتماعي، ويعم الاستقرار. الحث على إخراج الزكاة: فالقرآن والسنة شدداً على ضرورة إخراج الزكاة، وعدم التهاون فيها، قال تعالى:» وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» (التوبة:34). كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من منعها، فقال: « ما منع قوم الزكاة، إلا منعوا القطر من السماء». (ابن ماجه). تعلم فقه الزكاة وإتقانها: معرفة أحكامها: يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة شروط الزكاة، نصابها، ومستحقيها، كما قال تعالى:» وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ»(النساء:5). إخراجها في وقتها: التأخير عن دفع الزكاة ظلم للفقراء، ومخالفة الشرعية. تحري المستحقين: قال الله تعالى:» إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ»(التوبة:60)، مما يستوجب صرفها في مصارفها الشرعية. الزكاة والمسؤولية الاجتماعية: لا تقتصر الزكاة على كونها واجباً شرعيا، بل هي ركن أساسي في بناء مجتمع متكافل. فهي تعزز القيم الأخلاقية، وتغرس في النفوس روح العطاء، وتجعل من العمل الخيري جزءًا من هوية المسلم، مما يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. فالزكاة ليست مجرد عبادة فردية، بل نظام اجتماعي متكامل يحقق الخير للأفراد والمجتمعات، ومن يقصر في أدائها يخسر بركة المال ويعرض نفسه للمساءلة أمام الله عز وجل. اللهم اجعلنا من الذين يؤدون زكاة أموالهم طيبة بها نفوسهم، وبارك لنا في أرزاقنا، وطهر أموالنا، وأغن بها الفقراء والمحتاجين. آمين.

513

| 25 فبراير 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

5049

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3675

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2796

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

2361

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1494

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1071

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

978

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

900

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

879

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

846

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

825

| 17 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يحلّق من جديد

في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...

774

| 17 أكتوبر 2025

أخبار محلية