رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المخاوف العالمية تحد من نمو المشروعات الصغيرة

لماذا لا تسهم التدفقات المالية والاستثمارات في زيادة المشروعات الفردية؟ وما مدى تأثير الوضع الراهن للديون الأوروبية وتوترات الشرق الأوسط على دخول الشركات الصغيرة في المشروعات؟ تلعب المخاوف دوراً مؤثراً في تراجع عجلة الصناعات، لتأثيرها على المبادرين من أصحاب الأعمال، والقلق الذي ينتاب الكثيرين من عودة انتكاسة الموارد المالية إلى ما كانت عليه في 2011. تطالعنا البيانات الاقتصادية بمؤشرات متنامية عن تدفقات رؤوس الأموال ونمو استثمارات عقارية وخدمية في المنطقة، يمكنها أن تتخطى حدود المخاوف إلا أنّ الوضع الراهن للاقتصادات العربية وعدم الاستقرار السياسي في الكثير من الدول لا يزال يشكل هاجساً. ولا تقف المخاوف عند حد عدم الاستقرار المالي أو دوامة الديون المتعثرة إنما تنسحب على الكثير من أوجه الحياة مثل التغير المناخي ونقص موارد المياه ونقص الغذاء وتذبذب أسعار النفط، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد وستؤثر بكل تأكيد على مسارات النمو. أتحدث هنا عن القلق الذي ينتاب الأسواق ومدى تأثيره على نشوء شراكات صغيرة ومتوسطة تدعم الشراكات العملاقة، وتشكل فيما بينها بنية أو نواة متزنة من التكاتف الاقتصادي الذي بدوره يعين كل القطاعات من الركود أو الانهيار، وهو بمثابة حجر الأساس لتكتل اقتصادي ذي وزن. ولا تزال مخاوف المبادرين من أصحاب الأعمال تحجم عن السوق بسبب تداعيات الربيع العربي، ورغم التقارير الدولية التي تشير إلى ارتفاع المؤشرات في منطقتنا إلا أنّ وتيرة النمو تترنح بين الصعود والهبوط، وما أعنيه أنّ البيانات الإحصائية تعتبر في المفهوم الاقتصادي ركيزة في بناء المشروعات الصناعية والخدمية والسياحية مثلاً، وهي تشكل قيمة مضافة في السوق وأيّ مشروع يخلو من تلك البيانات لابد وأن يقع فريسة الإخفاق. يشير تقرير المؤسسة العربية للاستثمار إلى انخفاض في التدفقات المالية الواردة إلى الدول العربية بسبب انخفاض مستوى الثقة في استقرار أوضاع المنطقة وعودة القلق من انتكاسات مالية متوقعة. يعود اهتزاز الثقة في الأداء إلى عدم توصل دول اليورو إلى حلول جذرية بشأن ديونها رغم الإجراءات التقشفية التي تنتهجها المؤسسات الاقتصادية والصناعية والاجتماعية، وعدم وجود سيولة نقدية كافية للأسواق المالية، ووجود عقبات أمام المبادرات الجديدة وغياب جهود معالجتها، وصعوبة اجتذاب أصحاب الخبرات في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية، وضعف التمويل، وعدم توافر برامج تدريبية وتطويرية تتناسب مع تلك المشروعات، أضف إلى ذلك طول العامل الزمني في تنفيذ المشروعات الجديدة مما يعوق الإنتاجية ويعرقل خطط التنفيذ مما يجعله أمراً في غاية الصعوبة. في رأيي أنّ أهم هذه العوامل الباعثة على انحسار الثقة هي عدم قدرة الأجهزة الاقتصادية على وضع منهاج عملي واضح لتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الارتباط باتفاقات وتعاقدات مع المشاريع الكبرى التي تخطها الدول لإعمار بنيتها التحتية، وعدم توافر الخبرات الكافية لتشغيل وإدارة المشاريع أو فشل سياسات الإنتاج مما يؤثر على معدل الكفاءة والقيمة، وهناك أيضاً غياب واضح لاستخدام التقنية في الشراكات، إذ يعتمد أغلبها على التقليدية بعيدا عن روح الابتكار التي تدخل المنافسة السوقية بقوة، والاعتماد أيضاً على التسويق العشوائي، وعدم الاستفادة من الدراسات الميدانية والإحصائية والبحثية في رسم خطى واضحة المعالم. يشير صندوق النقد الدولي إلى جملة من المخاوف المعرقلة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة على مستوى دولي وهي تخفيض حجم الإقراض المباشر لدول اليورو، وتخفيض حجم التمويلات للتجارة العالمية، وكثرة القروض السيادية للحكومات مما يفاقم من انهيار الثقة. ويذكر الصندوق أنّ المخاوف والإحجام عن المنافسة طالا الشركات الصغيرة وهي تشكل "45%" من الناتج القومي لدول أوروبا، و"35%" من ناتج الدول الأوروبية الناشئة، و"10%" من ناتج الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية، و"5%" لدول الشرق الأوسط، وهي نسب تقديرية بسيطة تتطلب إنماءها في ظل حراك نحو التكتل. ومما يفاقم من حالة القلق عدم استخدام الشركات للبيانات الاقتصادية بشكل يخدم توجهاتها الصناعية أو العملية، وأنّ الاضطرابات لم تنعكس على الأوضاع الاقتصادية والمالية فحسب إنما على السياسة والحياة الاجتماعية والخدمية ووضعت الدول في مواجهات مع المطالبات بتحسين الأوضاع المعيشية ومشكلات البطالة والفقر واتساع هوة العجز المالي في الموازنات العربية. ويؤكد صندوق النقد الدولي أنّ التوجه العالمي نحو بناء شركات صغيرة ومتوسطة ودعم القطاع الخاص يشكل دفعة قوية للاقتصادات المنهارة، ولكونها ركيزة مبنية على معطيات ماثلة أمامنا مثل العولمة والرغبة الدولية في النهوض من عثرته المالية، وأنّ المشروعات الصغيرة في الكثير من الدول هي التي دفعت بعجلة نموها إلى التقدم، فمثلاً تمثل أكثر من "99%" من المشروعات الصغيرة اقتصاد اليابان، و"80%" سوق العمل في الخليج العربي، و"96%" من اقتصاد أستراليا، و"93%" من اقتصاد المملكة العربية السعودية، و"22%" من إجمالي الناتج في الهند من المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

611

| 24 أكتوبر 2012

تباطؤ الجهود الدولية في الحد من التغير المناخي

لم يكن سعي دول العالم جاداً للحد من تأثيرات التغير المناخي طيلة الخمسين سنة الماضية، إذ أنّ ازدياد تقلب الطقس من حرارة وبراكين وفيضانات وأعاصير، سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على اقتصادات الدول، ودلالته أنّ المنظمات الدولية لم تتخذ التدابير التي تتناسب مع قضايا المناخ إلى أن تفاقمت وأثرت على الكوكب من احتباس حراري وتصحر وجفاف لأراضٍ زراعية وأودية مائية. المشكلة التي يطرحها خبراء المناخ على منصة البحث والتي تواجه كوكبنا كما يشير إليها تقرير الأمم المتحدة هي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي جعلت من الغطاء الجوي أكثر سمكاً منذ حوالي "250" سنةً، وتبعه تغير في ارتفاع حرارة الأرض، وزيادة الانبعاثات الصناعية، وحرق الفحم والنفط والغاز الذي يطلق بلايين الأطنان من الكربون. وقد وصفت الأمم المتحدة غياب منظومة موحدة للدول لمواجهة قضية المناخ بأنه السير في طريق التنمية غير المستدامة وتتبع المجتمعات الإنسانية لاتجاهات وقيم مختلفة، ستؤدي إلى المزيد من الإنتاج والاستهلاك ولن تحقق مبادرات المنظمات الدولية في الحد من تأثيرات المناخ أي مستوى مقبول. أما البيانات الإحصائية التي ترصدها المنظمات عن التقلب المناخي في القارات مخيفة، وتتطلب منا وقفة عاجلة لإعادة النظر في آليات المعالجة الفورية، إذ تشير الدراسات التي أوردتها بوابة منظومة الأمم المتحدة للتغير المناخي إلى تراجع المناطق الجبلية والأنهار الجليدية وانخفاض الغطاء الثلجي في قارة أوروبا، حيث تقدر الخسارة بـ "60%" حسب الانبعاثات المرتفعة الحالية بحلول 2080. وفي أمريكا الشمالية من المتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى تراجع مستويات الزراعة، وفي قارة آسيا من المتوقع أن تقل وفرة المياه بحلول السنوات العشر القادمة، وفي أستراليا ونيوزيلندة من المتوقع خسارة التنوع الإحيائي في المناطق البيئية وستظهر مشكلة الأمن المائي بحلول 2020. كما توقع التقرير الأممي ارتفاع حرارة باطن الأرض في قارة آسيا ما بين أعوام "2030 ـ 2050" مما سيفاقم مشكلات التربة وسيؤدي إلى هبوط مستوى الإنتاج الزراعي وشح المياه وتلوث المياه وتآكل مصادرها وانتشار الجفاف والأمراض. كانت توصف هذه البيانات في وقت مضى بنظرة سوداوية إلا أنّ الجهود العالمية لم تحقق مستوى جيدا من العمل، وتحولت النظرة إلى واقع معايش.. وبتنا اليوم نعاني من تقلبات مناخية أثرت على الاقتصاد العالمي بالدرجة الأولى، وستؤثر بكل تأكيد على مناحي الحياة الاجتماعية والبيئية والنفسية والذهنية للبشر. أرى أنّ المستقبل الفاعل هو الذي يبدأ الآن.. لأنّ المقدرات الطبيعية التي حباها الله عزّ وجلّ للمجتمعات لا تزال موجودة ولم تصل إلى مستوى الاندثار، وما يتطلبه الوضع القائم هو التحرك بجدية نحو وضع استراتيجية دولية للحد من التأثيرات المناخية، لتأتي الحلول العملية في مراحل متدرجة، فالكثير من الدول ترصد موازنات ضخمة لابتكار مشروعات في الطاقة الشمسية والمتجددة، وهناك دعم جيد من صناع القرار للبدء في تحقيق تنمية مستدامة من خلال الطاقات الحديثة. وقد جاءت قمة التغير المناخي التي ستعقد بالدوحة في وقت يتحرك فيه العالم بجدية لاتخاذ تدابير للحد من تفاقم سلبيات المناخ، وسيكون أمام صناع القرار والخبراء من شتى أنحاء العالم فرص كبيرة لعقد اتفاقات بحثية لدراسة آليات التفعيل. وأرى أنّ توظيف التقنية في مشروعات تقلل من تأثير المناخ من الأولويات، خاصةً وأنّ المشروعات القائمة باتت مرتبطة بالتكنولوجيا، بالإضافة إلى الارتقاء بالعمل البحثي ليكون قادراً على ابتكار معالجات واقعية، ووضع خطط مشتركة بين الحكومات لتنسيق الجهود، ووضع تشريعات قانونية تذلل العقبات أمام تطبيقها، ورسم الخطوط العريضة لاتفاقية دولية تحمي المناخ من الانهيار.

388

| 10 أكتوبر 2012

البيئة الاستثمارية وفرص النمو في آسيا

البيئة الاستثمارية المرتكزة على معطيات الاقتصاد القائم في كل دولة تعد مطلباً للنمو، لأنها تتيح للمبادرين اقتناص الفرص التجارية والصناعية، وصياغة تعاقدات تتكيف مع احتياجات الإنماء لديها. عالمنا اليوم يسعى إلى صياغة رؤية جديدة في جذب استثمارات عملاقة في مجالات البنية التحتية والاتصالات والطاقة المتجددة والسياحة، إذ لم تكن تلك الأعمال مقصداً أو مطلباً في وقت مضى ولكنها في عصر المستجدات أصبحت ضرورة تنموية لأيّ دولة تبحث عن ريادة اقتصادية. وما دعاني إلى تناول هذا الموضوع هو المؤتمر الذي تستضيفه الدوحة "آسياد آسيا" الذي يدرس آليات الجذب الاستثماري نحو آسيا في المجالات التي ذكرتها، فالخبراء يبحثون في كل محفل كيفية دعم الشراكات الفردية والمؤسسية لتأسيس بيئة أعمال آمنة. يوجز المؤتمر أهدافه بالكشف عن الفرص المتاحة في آسيا، وآلية الربط التناغمي بين قارة آسيا ودول الخليج، وكيفية الاستفادة من المعلومات المتخصصة التي يقدمها الخبراء للمستثمرين، والاستفادة من الأدلة المعلوماتية والصناعية التي تكشف تلك الفرص، وأهم تطورات البنية التحتية في كل دولة، وكيفية ممارستها لأعمالها التجارية. يشير تقرير "إتش بي سي" إلى أنّ فرص الاستثمار في آسيا واعدة أكثر منها في أوروبا، لتوافر الموارد الغنية غير المستغلة في الطاقة والزراعة والمياه، كما يشير أيضاً تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية "الأونكتاد" 2012 إلى أنه في 2010 ازدادت أهمية الاقتصادات النامية والآسيوية باعتبارها متلقية للاستثمارات الأجنبية، وبدأ العالم يتحول صوبها لما تملكه من مقومات واعدة للإنتاج، وأنشأت العديد من الصناعات المفتقدة مثل صناعة السيارات والطاقة البديلة والإلكترونيات والفضاء الجوي والاتصالات. يقدر "الأونكتاد" حجم الاستثمارات الأجنبية في 2011 بـ"1،6" تريليون دولار والمتوقع ارتفاعه إلى الضعف في 2013، فيما تمكنت آسيا من اقتناص أكثر من نصف هذه التدفقات. إزاء هذا التدفق الهائل من الاستثمارات كان لا بد من وضع خطط قابلة للتطبيق للاستفادة من الإمكانات والموارد المتاحة في آسيا والتي لم تتأثر بدرجة كبيرة بالانهيارات المالية التي تعصف بأوروبا. وما قصدته من البيئة هي المعطيات المتاحة في كل دولة لصياغة رؤية استثمارية تتجه نحو أقطاب اقتصادية عملاقة ستؤتي ثمارها خلال السنوات القادمة، وكلنا يعلم مدى النمو الذي حققته آسيا في كل المجالات، فقد برزت على الساحة الدولية كمجتمعات استطاعت أن تنهض بنفسها وبإنتاجياتها المحلية في وقت يعاني فيه عالمنا من عدم استقرار. فالسبيل إلى هذه البيئة هو دراسة الواقع بتأن، ثم الشغف الذي يجعلنا أكثر قرباً من الدراسة الجادة للوضع الراهن، وإيجاد فرص للتمكين في الاقتصاد الآسيوي، وأستشهد هنا بالاتفاقية الاقتصادية لأمانة دول مجلس التعاون الخليجي التي بينت الشروط الواجب توافرها في البيئة وهي توحيد الأنظمة الموجهة نحو الاستثمار، والعمل على تكامل الأسواق المالية، وتذليل الصعوبات أمام المستثمرين. التحدي الأكبر الذي يواجه العالم ليس في نقص الموارد المالية أو البنى التحتية إنما في رأس المال البشري الذي يدير تلك المعطيات بوعي، وأنه من دون وجود العنصر الكفؤ لا يمكن النهوض بأيّ استثمار. في نظرة سريعة إلى المشهد الاستثماري في دول الخليج فإنّ الأمانة العامة لدول التعاون عبر موقعها الإلكتروني تشير إلى أنها تحتل مراكز متقدمة في مؤشرات تحسن بيئة الاستثمار والحرية الاقتصادية والتنافسية العالمية، حيث تحتل قطر المرتبة "24"، والإمارات المرتبة "25"، والسعودية المرتبة "27"، وسلطنة عمان المرتبة "32"، والبحرين المرتبة "39" في مؤشر بيئة الاستثمار العالمية من مجموع "177" دولة. فالمنطقة الخليجية من الشراكات الإستراتيجية لآسيا لأنها ترتبط معها بتعاقدات صناعية وخدمية وتجارية، ولابد للشركات الوطنية أن تدرس بعناية البحث عن فرص جديدة فيها.

492

| 03 أكتوبر 2012

القطاع الخاص وتجنب التقليدية

تنفق دول مجلس التعاون الخليجي موازنات ضخمة على المشاريع لتحقيق عوائد مالية تشكل أرضية قوية لبنية اقتصاداتها المحلية، ولتكون قوة دافعة لتنمية كل الأنشطة البشرية، ولتعزيز النسيج الاجتماعي في ظل النمو. ورغم المؤشرات المالية القوية التي تحققها الاقتصادات الخليجية في مختلف الأنشطة إلا أنّ الواقع لا يشهد نمو شركات جديدة تطرق مجالات غير تقليدية تنافس السوق. فالمؤشرات المالية التي تطالعنا فيها التقارير الدولية تؤكد متانة الاقتصاد الخليجي وقدرته الفعلية على تبني شراكات فاعلة إذا أخذ القطاع الخاص زمام المبادرات، فالشركات الدولية تسعى لافتتاح فروع لها في دول التعاون، وتقتنص فرص الشراكة في مشاريع قطرية وغيرها، وهي فرص نوعية للقطاع الخاص إذا أحسن الاستفادة منها، ليأخذ دوره في النمو. كما تشكل الإحصاءات الرقمية المتقدمة قوة دافعة للتنمية إذا أحسنت القطاعات بناء دراسات جدوى تقوم عليها، فالحركة الإنشائية في دول التعاون من طرق ونقل وسياحة وخدمات واتصالات تعتبر محركاً فاعلاً لأوجه النشاط الاقتصادي. وأشير إلى أنّ مشاريع البنية التحتية لدول التعاون تبلغ "280"مليار دولار وقد تفوق ذلك بكثير، تنفق أكثر من "140" مليار دولار على مشاريع النفط والغاز، وتنفق "120"مليار دولار على النقل، و "85"مليار دولار على المشاريع الكيماوية، وهي بيانات تعتبر مؤثراً إيجابياً في أنشطة أخرى مثل الكهرباء والماء والخدمات والاتصالات والتقنية والبيئة والسياحة. وبرؤية أكثر قرباً من اقتصادنا المحلي لكونه يجذب الاستثمارات والمشاريع البنائية فإنّ المؤشرات القوية تعكس مدى المتانة والكفاءة في الإنتاجية الصناعية والتجارية والتبادلية بين الدول، فمن خلال البيانات التحليلية يتبين أنّ الدولة تنفق أكثر من "17"مليار دولار على مشاريع الطرق، وخصصت "13"مليار دولار لبناء المطار، و "35" مليار لمشروع المترو، و "7"مليارات دولار للمرفأ، مما يشكل قوة محفزة للشركات الوطنية لدخول التنافسية بثقة. والمتتبع للوضع الراهن فإنّ القطاع الخاص ينمو بحذر، وقد يكون هذا بسبب المخاوف الدولية من الديون الأوروبية، وعدم استقرار منطقة الشرق الأوسط، وعدم السعي أيضاً إلى فتح مجالات جديدة للتنمية سوى ما هو قائم. قرأت مؤخراً بيانات مالية متفائلة للبنوك تشير إلى وضع القطاع الخاص، الذي يحتفظ بودائع تتجاوز قيمتها "4،8"مليار ريال، وقروض وتسهيلات ائتمانية من البنوك إلى القطاع الخاص تقدر ب"2،7"مليار ريال.. وهذا يبين أنّ تعامل الشركات مع البنوك لا يزال في مستوى لا يتناسب مع السوق المحلي المفتوح على استثمارات وجاذب لارتباطات تجارية وصناعية خارجية، لذلك يتطلب الطموح التفكير بعقلية توسعية لدخول أسواق جديدة. وإذا كانت المعطيات تتيح أمام الشباب فرص الاستثمار في المشروعات القائمة أو بناء الجديد فلماذا يحجم كثيرون عنها، ما دامت الدولة هيأت الآليات القانونية والتجارية للدخول في صفقات واتفاقات. وقد فرض النظام العالمي الجديد بتحدياته الراهنة على الشباب بناء مؤسسات أكثر تأقلماً مع الحراك الاقتصادي، ومن هنا تسعى الحكومات إلى إثراء بيئات الأعمال وتعزيز التنافسية بما يخدم مصلحة المستثمرين الجدد أو العاملين في القطاع. وأرى أنّ القطاع الخاص في دول التعاون على مفترق طريق بين الاستفادة من الفرص المتاحة أو النمو الذي يراوح مكانه، إذا رغم بيانات القوة في النواتج المالية والتجارية إلا أنه لم يأخذ مساحته من السوق ويصل إلى مستوى التأثير، وعليه أن يدرس كيفية التكيف مع عصر التقلبات الاقتصادية، والقفز بالأفكار من التقليدية إلى الحداثة، والاستثمار في آفاق يزداد الطلب عليها كالخدمات مثلاً. وفي واقع يفرض علينا تغيير الأنظمة الاقتصادية للتعامل مع أزمات متلاحقة لابد من الشراكات الصغيرة أن تتبنى الخبرات الاقتصادية الجديدة التي تعزز مكانة الشركات، وتجنبها المخاطر ولو بقدر يسير، وأن ترتبط بالعولمة واللجوء إلى مصادر معلومات متماسكة تفتح آفاق الابتكار، وعدم انتظار قدوم الفكرة إنما الذهاب إليها.

462

| 26 سبتمبر 2012

أسواق المال العربية وسياسات التمويل في عصر متقلب

هشاشة النظام المالي العالمي تفرض على واضعي السياسات الاقتصادية إعادة النظر في الأنظمة المعمول بها في الأسواق العربية، لكونها أولى المتأثرين بتذبذب البورصات، وتأرجح هذه الأسواق بين ثقة وخوف المستثمرين أو إحجامهم عن خوض المنافسة. يأمل مصرفيون تفعيل توصيات مؤتمر المال المنعقد حالياً بالدوحة في إيجاد أدوات تعامل مالية ترتكز على تنويع مصادر الدخل كوسيلة لتحقيق الاستقرار المالي، وبناء بنية تحتية للتمويل الآمن الذي يجنب الشركات التذبذب في الأسواق، واستحداث طرق لدخول الأسواق النامية وبناء مشاريع قادرة على الارتباط في شراكات عالمية. فأسواق المال تأثرت بتداعيات الديون الأوروبية وتراجعت مؤشراتها ولكن الحكومات عملت جاهدة من خلال إجراءات تحفيزية ولوجستية على إنقاذ بنوكها ومصارفها من السقوط في فخ الانهيار. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد كان الربيع العربي سبباً رئيسياً في تراجع المؤشرات، وبروز التفاوت في أداء البورصات، مما حدا بخبراء السياسة المالية إلى المطالبة بإعادة النظر في التشريعات التعاملية لأسواق رأس المال. فقد عانت الأسواق العربية في 2011 من شح السيولة المالية بسبب الربيع العربي الذي أدى إلى خلل في نتائج الأنشطة الاقتصادية، حيث بلغ إجمالي أصول الصناديق المستثمرة في الأسهم العربية أقل من "2%" من قيمتها السوقية، وبلغت نتائج أعمال الشركات العربية في 2011 باستثناء دول الربيع العربي ما بين "64 ـ 38" مليار دولار مقابل "35" مليار دولار في 2010، فيما لم تحقق بورصات دول الربيع العربي أيّ نتائج ملموسة. البيانات الحالية تشير إلى نمو أعداد الصناديق الاستثمارية، فقد بلغ عدد الصناديق العاملة في الأسواق العربية "671" صندوقاً في 2011 منها "67" صندوقاً تستثمر في الأسواق الخليجية و"27" صندوقاً في الأسواق العربية، وإزاء هذا الارتفاع لم تطور الأدوات المالية الحالية للبنوك والمصارف طرق التفاعل معها وبقيت في موقف المحجم عن الدخول في صفقات بسبب اهتزاز الثقة في السوق المالي عموماً. وإذا كانت منطقة الشرق الأوسط تدير "600" صندوق استثماري بقيمة "64" مليار دولار و"219" مليار دولار حجم الاستثمارات الصناعية الخليجية فإنه يحتم على الأسواق المالية السعي إلى إعادة النظر في السياسات المالية القائمة، فالسوق العربي بحاجة إلى أخذ العبرة من الانهيارات المتتالية من 2007 وحتى يومنا هذا، وضرورة دراسة إدراج شركات جديدة في البورصات، وتهيئة الشركات الكبرى التي لم تدرج والشركات العائلية لدخول المنافسة، مما سيوسع من الكيانات المالية ويزيد من أعداد المستثمرين حتى لا تقتصر الأسواق على شركات بعينها. فالشركات العربية المدرجة حالياً في البورصات لا تتجاوز "1500" شركة في حين أنّ بورصتي نيويورك ولندن تضمان آلاف الشركات، وإزاء هذا الحجم يتطلب من الأسواق العربية دراسة ضمّ شركات أخرى لتستفيد من التوجه الاستثماري نحوها. يشير تقرير اتحاد هيئات الأوراق المالية العربية إلى أنّ الربيع العربي أثر على الأسواق بشكل متفاوت حيث سجلت البورصات تراجعاً وانخفاضاً أو إغلاقاً، ولعل انحسار المستثمرين الأجانب وتراجع نسب الدخول في صفقات مالية جديدة وسحب أموالهم من مداولات الأسهم ظاهرة تؤرق راسمي السياسات. ولعل الوضع المالي للأسواق الخليجية هو الأفضل حالاً وهذا مرجعه إلى سياسات التحفيز الحكومية والتدابير التي اتخذتها الحكومات لدعم مؤسساتها النقدية سعياً لإنقاذها من هوة الديون. التدابير القطرية التي اتخذتها لمواجهة أزمة الديون أسهمت في عودة ثقة المستثمرين في السوق، وإجراءات مصرف قطر المركزي في تطبيق معايير الرقابة الدولية زادت من عمليات انتعاش التعاملات المالية، مما أدى إلى دخول صفقات للتداول، وتؤكد المؤشرات المالية للقطاع المصرفي في 2011 متانة الوضع الراهن للبنوك. كما نجحت رؤية قطر في اقتناص استثمارات ذكية في مختلف أنحاء العالم، والتي ركزت على القطاعات العقارية والسياحية والخدمية والتقنية لبناء مداخيل ثابتة بعيدة المدى تكون رديفاً للدخل المحلي، حيث تعد الاستثمارات مساراً إيجابياً لتنمية الأموال على المدى البعيد، وأنّ تنويع الدخول هو مصدر حيوي لتحقيق عوائد ضخمة، إضافة إلى الفوائض المالية من الموازنات السنوية التي تعزز الدخول في شراكات عملاقة. على المستوى الخليجي فإنّ بناء أنظمة مالية أكثر تكيفاً مع الوضع الاقتصادي الراهن بات مطلباً ملحاً، خصوصاً وأنها تمتلك احتياطيات ضخمة من السيولة يشكل وفرة مالية استغلتها الحكومات الخليجية في المشاريع العملاقة للنقل والاتصالات والبنية التحتية والخدمات والبيئة. وعملت الاحتياطيات المالية ونمو القطاع المالي لدول مجلس التعاون الخليجي على تحريك البورصات من خلال ارتفاع نسب السيولة. على المستوى الدولي فقد لخص تقرير الأونكتاد2012 نشوء الاضطرابات المالية في 2007 إلى الضغوط الشديدة التي تعاني منها الأنظمة المالية والتي تفاقمت مع أزمة القروض العقارية في أمريكا 2008، وأدت إلى تجميد القروض وانهيار الأسهم ولجوء المؤسسات المالية إلى الحكومات لدعمها. وتحولت تلك الضغوط إلى نظم الرعاية الاجتماعية والميزانيات الحكومية التي تزامنت مع زيادات غير مسبوقة في التفاوت بين الدخول ونقص تمويل الخدمات العامة وارتفاع مستوى ديون الأسر المعيشية، ففي عام 2005 كانت قيمة الأصول العالمية تجاوزت الـ"140" تريليون دولار أي ثلاثة أمثال حجم الناتج العالمي ولم تستطع معدلات النمو أن تنهض بالديون ولكنها أدت إلى المزيد من الاستدانة حتى تفاقمت القروض، ثم وجدت نفسها مضطرة لدعم أسعار الأصول إلى أن فقدت المصارف المركزية سيطرتها على السيولة وأثرت على أسعار الفائدة. وأؤيد ما رمى إليه التقرير أنّ بيئة السياسات المواتية للتمويل هي المحرك الرئيسي للتحولات الاقتصادية الحديثة.

505

| 19 سبتمبر 2012

محاولات دولية للتكيف والاستثمار في التغير المناخي

يبذل المجتمع الدولي جهوداً قصوى لتحقيق نتائج ملموسة للتكيف مع الظروف المناخية المتقلبة، خاصة ً أنها تسببت في موجات جفاف ضربت مزارع المحاصيل في دول أوروبا، وأحدثت أضراراً في نتاج الزراعة على المستوى العالمي، والتي انعكست آثارها على الدول المستوردة للحبوب والمحاصيل الرئيسية. ولا تقتصر الجهود على محاولة التكيف مع هذا التغير فحسب إنما تسعى في محاولات جادة للتصدي للزيادة السكانية وانتشار الفقر والحد من تأثيرات الكوارث الطبيعية التي تسببت بشكل أو بآخر في التأثير على أوجه الأنشطة الإنسانية والصناعية. فقد تابعنا في أغسطس الماضي ما أسفر عنه اجتماع قادة الصندوق الأخضر للمناخ باعتباره أداة للعمل العالمي المشترك، من توجيه مليارات الدولارات لمساعدة الاقتصادات النامية على التكيف مع المتغيرات فقد وافقت الدول المتقدمة على زيادة المساعدات المناخية في 2009 إلى "100"مليار دولار بحلول 2020 وهي تبلغ حالياً "10" مليارات دولار سنوياً ولكنها لم تشهد نمواً منذ ذلك التاريخ، لمساعدتها في الحد من تأثير الانبعاثات الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري والفيضانات والجفاف وموجات الحرارة. الوضع الراهن لهذا التغير يتطلب تحركاً عاجلاً وألا تقتصر الحلول على إيجاد موارد مالية من دول مانحة أو تقديم مساعدات لوجستية لدول متضررة بقدر ما أرى الحاجة إلى تخطيط أوليّ مدروس في كيفية رسم خطوات التنفيذ الأولى. فالخطوة المبدئية هي التي توجد نقطة فاعلة ليبدأ بعدها الحراك الدولي، وأدلل في ذلك بتقرير منظومة عمل الأمم المتحدة في مجال تغير المناخ الذي قدم نتائج أبحاثه حول الظواهر المتقلبة، ونأمل أن تجد طريقها نحو التفعيل في تكوين قاعدة معلوماتية ترصد الظواهر البيئية على المستوى العالمي، وتدرس قيمة المعلومات الواردة، وتشخص الوضع القائم للتوسع الحضري والعولمة الاقتصادية والمخاطر الطبيعية المترتبة على تغير المناخ، وإيلاء البحوث أهمية في تطوير الآليات المعمول بها وإمكانية التنبؤ بالظواهر مستقبلاً. وكان البرنامج الدولي للبحوث المناخية قد حدد في هذا الصدد آليات تنبؤ واقعية عن مدى تأثير الإنسان على المناخ، وقدم خلال العشرين سنة الماضية تقييماً للمعلومات العلمية والفنية والاجتماعية بتغير المناخ ومدى انعكاسه سلبياً على الاقتصاد وخيارات التأقلم معه. ويرى خبراء الأمم المتحدة أنّ الحد من انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري في تشجيع الطاقة القابلة للتجديد، والحد من ذوبان الجليد، وتحسين فعالية الطاقة، ووقف استغلال وإزالة الغابات بهدف الحفاظ على الغطاء النباتي، والبحث عن وسائل نوعية لتغيير نمط الاستهلاك. وإذا تتبعنا تأثيرات هذا التغير فإنّ ارتفاع درجات الحرارة، وتفاوت مستويات هطول الأمطار هي المسبب الرئيسي في موجات الجفاف، إلى جانب ظواهر التصحر وجفاف الأراضي الزراعية والمياه المالحة، وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من ثاني أكسيد الكربون بنسبة "70%" خلال الأعوام "1970ـ2004" مع توقعات بزيادته إلى "90%" خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة. من العوامل المؤثرة أيضاً النفايات التي تشكل "5%" من الانبعاثات الغازية مع توقعات بارتفاعها إلى نسبة "30%" في 2030 وكذلك نفايات الصناعة، وتلوث الهواء، واتساع ثقب الأوزون، والأعاصير. وتعتبر التأثيرات الصحية والبيئية والاجتماعية هي الأخطر على الحياة البشرية لأنها نتاج تباطؤ الجهود الدولية في إيجاد طرق للتكيف مع المناخ، كما أنها عقبة في طريق التنمية التي كلما تقدمت عادت خطوات إلى الوراء، ومن المخاطر انتشار الأمراض ونفوق الحيوانات وتوقف نمو المحاصيل وسوء التغذية واعتلال الصحة العامة وتردي البيئات المجتمعية. إزاء هذه المستجدات يسعى الخبراء إلى تحفيز الحكومات على الاستثمار في توليد الطاقة والبحث عن منافذ للطاقة المتجددة مثل الشمسية والحرارية ورفع قدراتها في الدول النامية خلال السنوات العشر القادمة والاستعاضة عن الأنشطة الصناعية التقليدية بالمدن التقنية صديقة البيئة وابتكار آليات جديدة للاستفادة من النفايات ومخلفات الصناعة وتفعيل أبحاث وتجارب خزن الكربون. وتتوقع الأمم المتحدة في تقرير المناخ 2011 استثمار "20"تريليون دولار في تحسين البنية التحتية للطاقة وإذا حققت هذا النمو فإنها ستكون قادرة على بلوغ "60%" من خفض الهدر، أما في المباني والإسكان والتجارة فيمكن للاستثمار خفض الانبعاثات "30%". وإذا كانت الدول النامية تحصل على تدفقات استثمارية بنسبة "46%" من إجمالي الاستثمارات اللازمة حتى 2030 فإنها ستكون قادرة على الاستجابة لمحاولات التكيف المناخي في إذا وضعت إستراتيجية فعلية تقوم على التنفيذ الآني.

655

| 12 سبتمبر 2012

مرتكزات القوة في مؤشرات الاقتصاد القطري

بيانات النمو المتسارعة لاقتصادنا القطري تعزز مكانة الدولة الإستراتيجية عالمياً، وتفتح الباب أمام الشباب وأصحاب المبادرات الفاعلة لاقتناص الفرص في مجالات تنموية غدت مطلباً ملحاً في الأوساط الدولية مثل الاستثمار والسياحة والتقنية والطاقة المتجددة والبيئة، وأصبحت محوراً للنقاش في المؤتمرات التي تستضيفها دول التعاون. وانطلاقاً من المؤشرات النوعية التي تطالعنا بها مؤسسات اقتصادية دولية عن دولة قطر، يتبين أنها تقوم على مرتكزات قوية أبرزها الأنشطة الصناعية والتجارية والإنشائية والاستثمارية، والعوائد التجارية والفوائض المالية للموازنات المحلية في كل عام. ويأتي على رأس القوة الدافعة للنمو الدعم السخي من القيادة الرشيدة لكافة أوجه الأنشطة التي تشكل مصادر متنوعة للدخل المحلي، إلى جانب التشريعات والقوانين الممهدة لتنفيذ جميع المشروعات التي تضع الرخاء في صدارة أولوياتها وإنتاجياتها، وزيادة الإنفاق على المشروعات الحكومية، وإيلاء الاهتمام للشركات الوطنية في تنفيذ الأعمال الإنشائية، والتركيز على العنصر القطري كشرط أساسي في التعاقدات المحلية والخارجية بهدف تهيئة أجواء الخبرات أمامه وليكون قادراً على خوض المنافسة وقادراً على تلبية الطلب العالمي. تشكل الدفعة القوية من الحكومة الموقرة لأوجه الأنشطة الصناعية والتجارية والاستثمارية بداية فاعلة لأيّ مشروع، ومن المؤكد أنّ الثقة الوطنية في مشروعاتنا المحلية وتوجهاتها الاستثمارية محلياً وخارجياً تحظى بالدعم المجدي الذي يمكنها من الوقوف على قدميها، والتي ستكون بمثابة نقطة الانطلاق الأولى نحو أيّ مشروع. فقد أكد تقرير التنافسية العالمي 2013 نمو الاقتصاد المحلي وحفاظ الدولة على أداء أنشطتها، مما سيعزز من صياغة بيئة اقتصادية آمنة للأعمال وممهدة لاستثمارات واعدة. وكانت الدولة قد احتلت مكانة الصدارة في التقرير السابق للعام 2012 وتقدمت ثلاثة مراكز لتحتل المرتبة "14" على مستوى العالم، والمرتبة الأولى بين الدول العربية ودول الشرق الأوسط. من بيانات القوة أورد مثالاً نمو مؤشر الأعمال الذي استقطب "72%" من الزوار ورجال الأعمال، وتحول الأنظار العالمية إلى السياحة الرياضية في قطر مع استضافة بطولة العالم 2022، وكذلك تفضيل الدوحة كقاعدة ثقافية مهمة للمنظمات والمؤتمرات الدولية في الشرق الأوسط، وسعيها لاستضافة مهرجانات ثقافية وفي كل محفل تحظى الريادة الوطنية بالتأييد العالمي. ما يؤكد ذلك تقرير الاستقرار المالي 2011 لمصرف قطر المركزي الذي نوه بوتيرة النمو السريعة والمدروسة لاقتصادنا، وما يعزز الأداء أيضاً نمو القطاع غير النفطي، واستقرار بيئة القطاع المصرفي التي تعمل على تنويع مصادر الدخل، وزيادة الإنفاق على الأنشطة الخاصة بالبنية التحتية والمشروعات الخدمية، كما بين النمو الصحي لأرباح الشركات الوطنية الناشئة على حركة الاستثمارات، والتأكيد على متانة البنية المالية للبنوك والمؤسسات حققت الاستقرار، ووفرت السيولة لخدمة الأعمال. يساند هذا التقرير تحليلات مجموعة "QNB" التي أكدت استمرار تحقيق القطاع المصرفي في منطقة الخليج لمعدلات نمو سريعة خلال النصف الأول من العام 2012 حيث ارتفعت الأصول المالية إلى أكثر من "1،28" تريليون دولار، واحتلت المصارف القطرية المركز الثالث خليجياً وهي تستحوذ على "13،5%" من إجمالي الأصول، وأنّ النمو السنوي للمؤسسات المالية زاد بنسبة "17%" بفضل ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي ومشاريع البنية التحتية. مع تعاظم الدور الاقتصادي للدولة وما تدلل عليه البيانات الإحصائية الدولية.. إلا أنّ المبادرات الشابة لا تزال تحجم عن الدخول في خضم المنافسة، وأقصد بها المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي ترقى لمستويات شراكات محلية وخليجية وعالمية أيضاً، فالبعض لا يأخذ البيانات والتقارير الدولية التي تتابع متانة اقتصادنا ونموه بشكل جديّ، ولا تبني عليه مشاريع الغد، ويمكن القول إنها مشروعات لا تزال في طور التفكير والدراسات الميدانية، وكلنا يعي جيداً قيمة الوقت في عالمنا اليوم الذي تتصارع فيه أقطاب اقتصادية على اقتناص الفرص. الكثير من المشروعات الوطنية والعائلية بدأت من الصفر وما لبثت أن نمت وغدت شركات عملاقة تستند إلى إرثها التاريخي والصناعي أو التجاري، فالفكر الاقتصادي اليوم يرتكز على تطوير الفكرة وإثرائها بالعمل الميداني والتجربة المتراكمة المتعمقة لتكون أهلاً للمنافسة في السوق. فمن خلال المؤشرات الإيجابية التي تصدرها مؤسسات محلية وعالمية يتبين أنّ الوضع القائم للاقتصاد يقوم على ركائز الدعم اللامحدود والقوة المالية والاستقرار.. ونأمل في أن تواكب مشروعات الشباب وطموحاتهم مستوى التطور الاقتصادي الذي تنشده قطاعات الدولة.

608

| 05 سبتمبر 2012

الفجوة والتغير المناخي في حاجة إلى رؤية مستقبلية

تصاعدت حدة المخاوف من أزمة غذاء تلتهم المخزون العالمي من الحبوب، لتتفاقم معها مشكلات تطفو على السطح مثل نقص المياه، وضعف إمدادات الطاقة والكهرباء، وتذبذب الأسعار، وتراجع مستويات الزراعة والري، ولعل التأثير المناخي هو العامل المسبب للكثير من عوامل التصحر والجفاف، وهو ما يثير الهواجس لدى المعنيين في مجالات الزراعة والغذاء. كان البيان الصادر من صندوق النقد والبنك الدوليين حول مؤشرات ممكنة لتفجر أزمة غذاء على نطاق أوسع مما حدثت في 2007و2008 يثير القلق، وبدلاً من توجه الجهود نحو إيجاد حلول تنفذ على الأرض بدأت الدول المنتجة والمصدرة للحبوب الأساسية تأخذ خطوات مغايرة لذلك في وقف الصادرات وتقليص حجم النفقات وفرض رسوم جمركية وشراء عشوائي للغذاء. يشير البنك الدولي إلى أنّ تكلفة الغذاء الإجمالية هي أعلى الآن.. ولكنها لم تصل لمستويات قياسية مثل عاميّ 2007و2008، وأنّ الخطورة لدى البلدان الفقيرة في أنّ قوتها المالية تآكلت بسبب الأزمة المالية وفقدت قدرتها على التعامل مع فواتير واردات الغذاء بشكل مدروس. فيما حدد صندوق النقد الدولي رؤيته للأزمة بأنه حث الدول على التأهب لزيادة محتملة في فواتير الغذاء خلال الأشهر المقبلة بعد تراجع إنتاج روسيا الدولة الثالثة عالمياً في تصدير الحبوب من القمح من "80" مليون طن العام الماضي إلى "75" مليون طن هذا العام، وتخفيض تقديراتها لمحصول العام، وتعرض مزارع الولايات المتحدة الأمريكية لأسوأ موجة جفاف خلال نصف قرن حيث فقدت سدس محصول الذرة مما يهدد بموجة أزمة. وإذا عرجنا إلى التأثيرات المناخية المتقلبة من فيضانات وزلازل واحتباس حراري فإنها تعد المسبب الأول لتراجع مستويات الزراعة في الدول المنتجة للحبوب، وقد أثرت على الشرق الأوسط الذي يتعامل بشكل رئيس على استيراد الغذاء ومحاصيل الحبوب، ولعل أبرز المتأثرين بالأزمة القارة الإفريقية التي أنهكتها النزاعات المسلحة والأزمات المتلاحقة من فقر وجفاف وتصحر وتفشي للأمراض وتدهور القطاعين الزراعي والحيواني، الذي يعاني من نقص المياه، وعدم توافر وسائل مطورة لتنقية مياه الشرب وفقدان سياسات إنتاجية واضحة ومدروسة، وانعدام وسائل الري وطرق الزراعة الحديثة. أما القارة الأوروبية فهي تعاني من زيادة حدة الانبعاثات الكربونية والغازات الصناعية وتراكمات الديون، والشرق الأوسط ليس بأحسن حالاً فالتوتر على المستوى السياسي فاقم من تلك التداعيات. في استعراض للوضع القائم بالمنطقة العربية فإنّ دولنا تعد أكبر مستورد للحبوب في العالم وفق بيانات منظمة الأغذية العالمية "الفاو"، فهو يستورد نحو "50%" من الحاجات المستهلكة، وتعد المنطقة أيضاً من أعلى الأقاليم في معدلات الزيادة السكانية التي تضاعفت من "73" مليون نسمة في 1950 إلى مليارات نسمة ويتوقع البنك الدولي أن يتضاعف إلى أكثر من ذلك بحلول 2050. كما بلغت الواردات الزراعية "64،8"مليار دولار في 2009، واتسعت هوة الفجوة الغذائية من "13،5"مليار دولار في 2000 إلى "18،1"مليار دولار في 2006، كما ارتفعت أسعار الغذاء في 2007 بنسبة "40%" التي قدرت ب"25،3"مليار دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى "114" مليار دولار في 2020. وتقدر منظمة الأغذية العالمية "الفاو" حجم الفجوة الغذائية العربية ب"37" مليار دولار في 2010 ومن المتوقع أن تتضاعف مع النمو السكاني، وعدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط، وارتفاع معدلات البطالة وتراجع مستويات الأداء في المؤسسات الاقتصادية والصناعية. أمام استعراض الوضع المقلق للغذاء فإنّ الجهود الدولية تسير بخطى ليست في مستوى القبول لأنّ ثمار هذه التحركات لم تؤت أكلها، فقد بذلت دول العالم جهوداً لتحسين الإنتاجية وزادت من الاستثمارات الزراعية ومثال ذلك ما قدمه البنك الدولي من استثمارات في الزراعة ارتفعت من "2،5"مليار دولار في 2008 إلى "9،5" مليار دولار وقد يزداد عن ذلك، إلا أنّ توترات الشرق الأوسط ونزاعات القارة الإفريقية وتقلب المناخ في قارة آسيا حصد الأخضر واليابس وأصبحت الجهود تذرها الرياح. ومن هذه الجهود فقد أسست الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية مؤخراً صندوقاً دولياً للاستثمار الزراعي برأسمال قدره "600" مليون دولار لصياغة حلول عملية، وتعكف دول أوروبا على إيجاد مخرج لأزمة غذاء تزيد الوضع سوءاً مع الوضع المتردي من ديون، فيما تدرس الولايات المتحدة الأمريكية أوضاع المزارعين الذين تعاني مزارعهم من الجفاف، وقد بدأت فعلياً دول آسيا تعويض النقص في الغذاء المستورد بزيادة مخزونها من الأرز والحبوب. هنا أستشهد برؤية تحليلية لدراسة عربية عن الأمن الغذائي للدكتور وحيد مجاهد أورد فيها أن قيمة الفجوة الغذائية خلال عقد التسعينيات لم تعكس زيادة ملحوظة وقدرت بمليار دولار في 1990 وارتفعت إلى "12،0" مليار دولار في 1999 وتدرجت إلى "13،5" مليار دولار في 2000ثم "18،1" مليار دولار في 2006. وترى أن تفاقم أزمة الغذاء في المنظور المستقبلي تعود لأسباب طارئة كارتفاع أسعار النفط واستخدام الغذاء لإنتاج الوقود الحيوي وتحول استخدامات الأراضي الزراعية إلى استخدامات صناعية واعتماد الدول العربية على الواردات لتوفير احتياجاتها ونسب الاكتفاء الذاتي من الغذاء تميل إلى الانخفاض. لذلك أصبح من الضروري اليوم البدء في إعداد دراسات اقتصادية متأنية مبنية على تشخيص ورصد الوضع القائم من تخطيط وتسعير وزراعة وجني للمحاصيل، وعلى الخبراء وواضعي السياسات الزراعية والتنموية في منطقتنا الأخذ بعين الاعتبار تشخيص الوضع الزراعي والغذائي في إطار الأحداث الجارية على الساحة دون إعداد خطط مثالية لا تجد طريقها إلى التفعيل.

768

| 28 أغسطس 2012

مؤشرات القوة في الاستثمارات القطرية

في تقارير دولية نشرت مؤخراً تبين مؤشرات القوة في الاستثمارات القطرية، التي ترتكز على الثقة والفرص الذكية في شراء أو استحواذ المنشآت العملاقة، وأشارت إلى أنّ قطر أكبر مشترٍ سيادي للعقارات الأوروبية في الأشهر الاثني عشر الماضية حيث تؤكد البيانات الإحصائية أنّ النمو في تلك الاستثمارات في تصاعد مستمر. فقد أنفقت الدولة ما يقارب من "3،5"مليار يورو أي "4،3"مليار دولار في "8" صفقات في لندن وباريس وأوروبا. كما يبين أنّ العقارات الممتازة في أفضل المواقع العالمية ذات الشهرة المطلقة هي أفضل استثمارات في ظل أزمة مالية خانقة تتفاقم تأثيراتها يوماً بعد يوم، وأنّ هذا النوع من الاستثمار للحفاظ على المردود الآمن لسنوات طوال، ولضمان توافر السيولة في عقارات ومنشآت وخدمات ترتفع قيمتها المالية والتاريخية مع مضي الوقت. ويشير التقرير إلى أن سوق الغاز حقق إيرادات قدرها "36"مليار دولار من الغاز المسال العام الماضي حسب البيانات الدولية التي ترصد نتائج مبيعات الطاقة سنويا، ولكن اللافت للانتباه أن التوسع النوعي في هذا القطاع دفع بالاستثمارات الناجحة إلى الصدارة. ويبين أنّ جهاز قطر للاستثمار يمتلك صندوقاً سيادياً نشطاً، فقد أنفق "5،7"مليار يورو على العقارات في 2007 منها "80%" في لندن وباريس، ولعل افتتاح برج "شارد لندن" الشهر الماضي ببريطانيا مؤشر فعلي على رسوخ الاستثمارات القطرية على الأرض. وتخطط الدولة حالياً لإنفاق أكثر من "30" مليار دولار على الاستثمارات العام 2012، وقد اشترت فعلياً حصة قدرها "20%" من الشركة المشغلة للمطارات البريطانية، بهدف دعم محفظتها الاستثمارية، وهذا يبين مدى قوة التوجه القطري نحو الاستثمار كمادة فاعلة في ظل متغيرات مالية وصناعية قائمة. ومع تقدم مؤشرات النمو في الاستثمارات الخليجية فإنّ تقرير الاستثمارات في المنطقة العربية يكشف تراجع الاستثمارات الأجنبية بسبب الثورات العربية وعدم وجود مناخ آمن للتحرك الاقتصادي. ورصدت المؤسسة العربية لضمان الاستثمارات في تقريرها عن تراجع بياني وتشير الأرصدة العربية المستقبلية للاستثمارات غير المباشرة حتى 2010 التي بلغت "98،3" مليار دولار صافي الأرصدة التراكمية في الداخل العام الماضي مقارنة ب"110،3" مليار دولار في نهاية 2010 وبعد خروج "12" ملياراً من الدولارات من المنطقة العام الماضي. وبنظرة عالمية لاتجاهات الاستثمار الأجنبي كما كشفه تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" أنّ التدفقات الداخلة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة على نطاق العالم ارتفع بنسبة "5%" ليصل إلى "1،24" تريليون دولار في 2010 ويواصل انتعاشه ليحقق "1،6" تريليون دولار في 2011 قبل الأزمة ويتوقع الخبراء أن يصل إلى "1،7"تريليون دولار العام الحالي وإلى "1،9" تريليون دولار في 2013. ويبين تقرير دولي أنه من المتوقع أن تبلغ قيمة الاستثمارات حتى 2017 ما يقارب ال"70" مليار دولار وقد تفوقها بقدر "9%"، كما يشير إلى أنّ "4" دول نفطية من بينها قطر استحوذت على "63%" من مجمل الاستثمارات في العام الماضي بلغت قيمتها "312،5"مليار دولار لتمويل خطط طموحة للتنمية والتوسع تعتمد على الاستفادة من العائدات النفطية، ومن المتوقع أن ترتفع الاستثمارات القطرية إلى "354" مليار دولار خلال السنوات الست القادمة. من استعراض تلك المؤشرات يتبين أنّ القوة تكمن في اقتناص الفرص الاستثمارية النوعية في ظل توتر اقتصادي من تداعيات الأزمة المالية والبطالة واضطرابات الشرق الأوسط ورغبة القطاعات الاقتصادية في العالم في إعادة النمو وتهيئة الأجواء لاستثمارات جديدة، ومن هنا حرصت الرؤية القطرية على إيجاد فرص اقتصادية ذات عوائد بعيدة المدى ترتكز على المتانة الاقتصادية والمكانة الدولية التي نجحت في ترسيخها كمكانة عملاقة في الكيانات الاقتصادية.

520

| 22 أغسطس 2012

أزمة الغذاء تكشف غياب المنهجية

تبدو مخاوف الأسواق العالمية على أشدها من أزمة غذاء تلوح في الأفق أكثر صعوبة من تلك الأزمة التي حدثت في 2008، وتنتظر الأوساط الاقتصادية بترقب شديد بيانات الإنتاج الأمريكي من محاصيل الذرة وفول الصويا التي تشير إلى انخفاض مقلق بسبب الطقس الجاف، إلى جانب قلق عالمي من تأثر اليابان بنقص إمدادات الأرز وتباطؤ النمو فيه بسبب أحوال المناخ المتقلبة، وارتفاع أسعار النفط، وتوقعات عالمية ببلوغ تراكم أقل للحبوب بنهاية المواسم الزراعية في 2013. ويؤكد تلك المخاوف ما توقعته الأمم المتحدة في تقريرها أنّ أزمة الغذاء اليوم هي تحذير للمستقبل، وأنه من المتوقع بلوغ الزيادة السكانية "9"مليارات شخص بحلول 2050، ومن هنا تتطلب الحاجة إلى مضاعفة زراعة الغذاء إلى نسبة "70%".. وقد تكون الحاجة أكثر من ذلك بسبب تنامي أعداد الفقراء إلى مليار شخص جائع، مما يستدعي رفع جهود الاستجابة لتلك الزيادة بتوفير إنتاجيات عالية من الغذاء. وقد طلبت منظمة الأغذية العالمية "الفاو" زيادة حصة الإنفاق على الغذاء لتصل إلى مليارات الدولارات لإنفاقها على الاستثمار الزراعي، ومضاعفة حصة الإنفاق على الدول النامية بمعدل "50%" حتى يمكن الإيفاء بمتطلبات الغذاء بحلول 2050، وأنّ الحاجة ملحة أيضاً لزيادة حجم الاستثمارات إلى "70%" خلال الأربعين سنة القادمة. كما يشخص البنك الدولي الوضع الحالي بناء على المؤشر السنوي لعام 2011 وهو ارتفاعه إلى "24%" عن العام 2010، وأنّ أسعار الأغذية لا تزال مرتفعة مما يترك ملايين البشر فريسة للجوع والفقر وسوء التغذية.. ومع بيانات المخزون الأمريكي سترتفع أسعار الغذاء لتشهد ذروتها. الوضع الراهن للأسواق العالمية يفاقم التوقعات السلبية، فأزمة اليورو لا تزال تراوح مكانها وهناك بوادر اضطرابات مقلقة في أعداد العاطلين عن العمل والبطالة وتقليص حجم الإنفاق على الخدمات المعيشية إضافة ً إلى ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من توترات، انعكست بكل تأكيد على جهود المساعدات الدولية والحراك الإنمائي لمختلف المشروعات في الدول العربية، وبالتالي تراجعت مؤشرات الاقتصاد وأوجه التنمية عموماً بسبب عدم الاستقرار، كما أنّ جهود الأسواق لتفادي المخاوف ليست في مستوى القبول. من قراءتي للوضع الزراعي فإنّ المنظمات الدولية تبذل جهودا مضنية لتفعيل القطاع الزراعي في الكثير من الدول، وهناك موازنات ضخمة مرصودة لها.. فقد بلغت المساندات المالية التي رصدها البنك الدولي مثلاً في 2008 أكثر من "1،2"مليار دولار وزيدت إلى أكثر من "ملياريّ دولار في 2009 وتمّ مد أجل تلك المساعدات في 2012 استجابة ًلطلبات الدول الأشد تضرراً من الزيادة الكبيرة في الأسعار.. كما تبلغ قيمة برامج التصدي للكوارث الغذائية اليوم أكثر من "1،5"مليار دولار، ووزع منها "82%" على "47" بلداً.. وإذا نظرنا في واقع الحال فإنّ الخطط غير موجودة تطبيقياً على المساحات الزراعية أو الصناعية والاستثمارية أيضاً. ويكمن الخلل في الآليات الإدارية والتنظيمية لتفعيل هذا القطاع، وغياب الأهداف المرحلية الأولى وضبابية الرؤى العامة للمشروعات الزراعية التي ترتقي لمستوى الحلم في المخططات ولكنها تغيب عن الميدان، وغياب شفافية بيانات السوق الزراعي العالمي، والقيود المفروضة على سياسات التصدير الغذائي، بينما في الواقع نعايش وضعاً مقلقاً لهذا القطاع بسبب عدم دراسة المتطلبات بشكل منهجي لتبنى على أساس ذلك احتياجات النهوض بهذا القطاع من مشروعات وأيدي عاملة وخطط تنفيذية قصيرة المدى ودراسات مرحلية تفي بمتطلبات المرحلة التي تليها. وهنا يطرح السؤال نفسه عن مصير التحالف الدولي للتصدي للجوع الذي اتفق في 2008 على تشكيله من الحكومات والمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، مدته خمس سنوات لبلوغ الهدف في 2015 وهو تسهيل الحوار بشأن اتخاذ تدابير فعالة للتقليل من الجوع وتكثيف المساهمات للدول للنهوض ببرامج الغذاء لديها، إلا أنّ نتاج السنوات الأربع الماضية لا نراه ملموساً. ومما يفاقم المخاوف أيضاً تأثيرات التغير المناخي للكوكب التي انعكست على مشروعات التنمية خاصة ًالزراعة التي تضررت كثيراً، وأدى الجفاف أو الفيضانات إلى وقوع أضرار كبيرة بالسكان والمحاصيل، إلى جانب مشكلة حقيقية بدأت تؤرق صناع السياسات.. وهي نزوح الملايين من البشر من مناطق النزاعات المسلحة والحروب الدائرة على اقتسام الثروات أو التهجير أو الجفاف أو الفيضانات، وهذا يفتح الباب لاحتياجات غذائية من نوع آخر وهي المعونات الغذائية العاجلة التي قدمتها الدول المانحة حسب إحصائية البنك الدولي على شكل مساعدات غذائية بأكثر من "90"مليون شخص حول العالم، والتي ترفع هي الأخرى من الأعباء الملقاة على المنظمات الدولية بسبب عدم استقرار الأوضاع. في رأيي إنّ الجهود الدولية مطالبة اليوم بتوحيد الرغبة في التوصل إلى نتاج فاعل أولاً، ثم دراسة الوضع الراهن في ضوء المعطيات البيانية الآنية، وعدم هدر الوقت في وضع خطط وبرامج بعيدة المدى ستأخذ سنوات في تنفيذها، لأنّ الأزمة ستخلف وراءها مشكلات جمة أبرزها سوء التغذية والفقر وانتشار الأمراض وتردي الوضع الصحي والمعيشي.. وعندئذ ٍستكون الحلول مكلفة أيضاً لأنّ إصلاح الخلل يتطلب موازنات باهظة، وضرورة وضع خطط إنقاذية عاجلة تفي بالحاجة، وتهيئ الفرص لواضعي السياسات الغذائية في صياغة مخططات تأخذ طريقها إلى التنفيذ.

406

| 15 أغسطس 2012

الاستثمار المسؤول في التعليم والصحة

توجيه سيدي سمو الأمير المفدى باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحفيز وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في قطاعيّ التعليم والصحة ، وإنشاء شركات مساهمة بقيمة "50" مليار ريال .. دعم مؤثر للقطاع الاقتصادي ، وتوجه نحو الاستثمار المسؤول .. هذا ما خلص إليه اجتماع المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار الذي انعقد مؤخراً . وأعني بالاستثمار المسؤول .. الذي يضع أولويات التنمية الفكرية والاجتماعية والصحية في صدارة المشروعات الهادفة إلى بناء الإنسان القطري تعليماً وصحياً ، وهذا ما انتهجته الدولة في جميع خططها التنموية ، ويعني أيضاً ربط القطاعين بالجانب الاقتصادي لكونهما لا ينفصلان على النمو ، إضافة ً إلى إشراك القطاع الخاص بمؤسساته وأفراده في وضع بصمات مؤثرة في الإنتاجية. ففي ظل تنام ٍ سريع للقطاعات التنموية بدولتنا في السنوات الأخيرة كانت رؤية القيادة الحكيمة في التركيز على القطاع الخاص ، وإيلائه الاهتمام بتذليل العقبات أمامه للدخول في خضم الحراك الاقتصادي . فالتأثير الأبرز لإشراك القطاع الخاص في إنشاء شركات ، يهدف بالدرجة الأولى إلى تنويع مصادر الدخل التي تقوم على كيانات اقتصادية مكونة من أفراد قادرين على خوض المنافسة ، ومن مؤسسات ناشئة مدعومة بتشجيع الدولة ، وتستند أيضاً على الإنفاق السخي على قطاعين رئيسيين . ففي دراسة حديثة للجنة الدائمة للسكان صدرت في 2011 تشخص واقع القطاعات التي بلغت "33172" منشأة في 2010 ، وكانت "13814" منشأة في السنوات الماضية ، ومع هذا النمو يتطلب توسيع نوعية مجال عمل الشركات ، لتنويع خريطة الأنشطة الاقتصادية والخدمية والإدارية . ومن هنا تسعى الحكومة الموقرة إلى تهيئة بيئة مؤسساتية وإدارية تساهم في تنمية الأعمال وفي جلب واستقرار المستثمرين . ونوهت الدراسة السكانية أنّ التوسع في عدد المنشآت العاملة في قطر من الثمانينيات والتسعينيات بدأ ينحو في الفترة الأخيرة منحىً قوياً ، فقد بلغ عدد المنشآت في 1986 حوالي "12189" منشأة ، وزاد إلى "30284" في 2010 ليدعم القطاع الخاص ويعطيه مكانته. وتؤيد الدراسة أيضاً قوة المؤشرات الاقتصادية في تحديد دور التحولات في التوسع ، فالمنشآت الفردية هي النمط الأول ومن هنا تسعى الدولة الحديثة إلى بناء أنشطة اقتصادية تواكب التحولات وتتفاعل مع التطورات العلمية والتكنولوجية . كما تؤكد أنه لا يمكن التقليل من دور الاستثمارات والمشاريع الكبرى في بناء القطاعات وتحديد مستويات أنشطتها ، وهذا يعمل على الانتقال تدريجياً من بنية اقتصاد تقليدي إلى بنية متنوعة ، وقد وضع سيدي سمو الأمير المفدى أول خطوة في طريق تفعيل الاستثمار في قطاعيّ التعليم والصحة اللذين يعدان من أبرز القطاعات التنموية ومرتكزين أساسيين في رؤية قطر الوطنية. وهنا يأتي دور الشركات وأصحاب المبادرات الطموحة في ترجمة التوجهات النوعية إلى خطوات واثقة مدعومة بتحفيز الدولة ، خاصة وأنّ قطاعيّ التعليم والصحة متطلبان ضروريان في ظل التوسع العمراني والزيادة السكانية. وترى منظمة "الأسكوا" الدولية أنّ التعليم والصحة هما طريقا التنمية المستدامة ، وأنّ الاستثمار فيهما سيكون له مردوده على المدى الطويل في إنماء البحوث والدراسات وتحفيز الكوادر الوطنية على أخذ مكانها في هذين الموقعين ، والتأكيد على العلاقة الإيجابية بين التعليم والنمو وبين الصحة والتنمية السوية. أما تحديات الاستثمار في القطاعين التعليم والصحة فهي تتلخص في تهيئة البيئة المهنية للكوادر الشابة للدخول في خضم المنافسة ، وفي إعطائها فرصتها من إدارة المواقع الإدارية والإنشائية والبحثية والخدماتية ، إذ لا يقتصر دخول عالم الاستثمار أن نتعامل مع قطاعين رئيسيين بلغة الأرقام والاقتصاد ، لأنّ المردود الاجتماعي والبيئي والتنموي له أبلغ الأثر في الحياة العامة . وقد أطلقت الدولة التوجه إلى الاستثمار في قطاعيّ التعليم والصحة لتأكيدها على أهميتهما ، ودورهما في تنويع مصادر الدخل النوعي ، وألا يقتصر الاستثمار على قطاعات الصناعة والسياحة والعقارات والإنشاءات فحسب إنما وضع إطار مؤسسي لإشراك القطاع الخاص في عملية المساهمة. ولعل أبرز تلك التحديات كما أراها هي دراسة الوضع الراهن للتعليم والصحة ، وبناء قدرات وأفكار جديدة تنطلق في شكل شركات مساهمة لديها القدرة على مواكبة المستجدات . وتكمن النقلة الهادفة في تأسيس شركات حديثة ستبني واقعها وكيانها الاقتصادي بناءً على المتطلبات الحالية ، خاصة وأنّ الحكومات في العالم تولي التعليم والصحة جلّ الرعاية والاهتمام لكونهما معياراً حقيقياً على تقدم المؤشرات .

734

| 08 أغسطس 2012

الاستحواذ القطري يستند إلى متانة المؤشرات

تعطي تقارير الاستحواذ في الوطن العربي نظرة تفاؤلية للاقتصاديين رغم التأثيرات السلبية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، ومحاولات اليورو الجادة لاحتواء أزمات الانهيار المالي. يشير تقرير دولي إلى أنّ نشاط الاندماج والاستحواذ في الوطن العربي شهد ارتفاعاً ملحوظاً في الربع الثاني من 2012، فقد بلغ عدد الصفقات "43" صفقة قدرت قيمتها بنحو "16،73" مليار دولار مقابل "1،6" مليار دولار حصيلة صفقات الربع الأول من العام الحالي. وينظر التقرير إلى قطر نظرة متعمقة لكونها اقتصاداً واعداً، فقد استحوذت على المركز الأول في عمليات شراء العقارات التاريخية والشركات القوية تليها الإمارات ثم الكويت، وهي تعكس الاهتمام الكبير للاقتصاد المحلي في اقتناص الفرص الاستثمارية المناسبة في العالم، ورغبة الجهاز الاقتصادي في تنويع مصادر الدخل بمجالات رحبة. يعني الاندماج والاستحواذ بالمفهوم الاقتصادي قدرة الشركات العملاقة على احتواء عدد من الشركات في توليفة واحدة، وإدارة التعامل من بيع وشراء بحيث يتم الجمع بين تلك الكيانات في شركة عملاقة يمكنها خوض السوق بقوة، ولديها قدرة تنافسية لمثيلاتها. تتجه أنظار الاقتصاديين في عالمنا إلى الاستحواذ على قطاعات المال والبنوك والفنادق والخدمات والترفيه والإعلام، حيث تشكل الكيانات القائمة الحالية فرصة مناسبة للاستحواذ عليها لكون الأقطاب الاقتصادية الكبرى تعاني من تداعيات أزمات مالية ما زالت آثارها موجودة، ومن مخاوف تذبذب أسواق الأسهم العالمية. كما تسعى الأسواق الناشئة إلى تعزيز مكانتها بدفع محفزات النمو خلال السنوات الخمس القادمة، وقد تستحوذ على "41%" من الناتج المحلي الإجمالي في 2015 مقارنة بنسبة "31%" العام 2012، كما تسعى الاستثمارات الخليجية إلى توجيه استثماراتها في المشروعات التوسعية والخدمية ومنها قطر التي تفوقت على مثيلاتها في الاستحواذ وامتلاكها عدداً من المؤسسات العريقة والفنادق والبنوك. ويبين التقرير أنّ قطر نجحت في الاستفادة من الفرص المواتية وتمكنت من الاستحواذ على الشركات في أوروبا وأمريكا، بالإضافة إلى امتلاكها حصصاً في البنوك والعقارات والأسهم والمصانع رغم الوضع الراهن. لم يتوقف الاستحواذ القطري على الاستثمارات العالمية، إنما نجحت في الاستحواذ محلياً في قطاع الشركات العريقة وارتباطها بشركات أخرى لتقوية أدائها ونظامها المالي. ويعزز من قوة أداء الاستحواذ متانة الاقتصاد الصناعي وارتفاع مؤشرات النمو فيه، وهذا ما أورده تقرير مجموعة "كيو إن بي" الذي أصدر مراجعاته بشأن مستقبل الأداء الاقتصادي في الشرق الأوسط متوقعاً نمواً "5،5%" في العام الحالي، كما توقع صندوق النقد الدولي نمواً مضاعفاً قد يصل إلى "6%"، نظراً لزيادة الطلب على النفط وقوة النشاط الصناعي ونمو مؤشرات البناء والتوسع في إنتاجيات الطاقة والغاز. أضف إلى ذلك نمو مؤشرات القطاع العقاري فقد عزز تقرير الأصمخ للمشاريع العقارية من الأداء القوي لأنشطة القطاعات، مؤكداً أنّ العقار ركيزة مكملة للنمو خاصة المنشآت المزمع بناؤها لاستضافة مونديال 2022. ومن المؤكد أنّ النظرة الإيجابية للاستحواذ القطري على منشآت عالمية تستند إلى قوة الأداء في مصادر النمو الصناعي والعقاري والإنشائي، وأنّ غياب هذا النمو سيؤدي إلى إخفاق العديد من الصفقات وكلنا يعايش اليوم التعثر العالمي في الأداء الدولي بسبب ضعف الركائز التي يستند عليها مالياً وصناعياً وأدائياً. فالتوجه الاستثماري المحلي نحو فتح آفاق جديدة في السوق العالمية حقق مكانة مميزة، مما أدى إلى تحقيق عوائد مالية مناسبة.

365

| 01 أغسطس 2012

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6627

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6492

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2676

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2013

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1698

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1506

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...

1062

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

1014

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

1011

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...

1008

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

942

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
بين العلم والضمير

عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...

852

| 26 أكتوبر 2025

أخبار محلية