رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مازال الكتاب بخير؛ ذلك ما لمسته في النسخة السادسة والعشرين من عمر معرض الدوحة للكتاب، فبرغم بعد المكان عن وسط المدينة، وصعوبة الوصول إليه لكثرة التحويلات، لكنّ عدداً مقبولاً ظلّ يداوم على الحضور في الأيام الثقافية التي اعتادها أهل الدوحة في أحد الكانونين، وبالتزامن مع اليوم الوطني للبلاد. على الرغم من الانتشار الواسع للكتاب الرقمي، وهيمنته، وسهولة الحصول على كثير من العناوين الجيدة والحديثة، وعلى الرغم من المبشرين بالشاشة الخامسة التي ستطوي عهد الورق إلى غير رجعة، فإن الواقف في ردهات قصر المؤتمرات يشاهد شباباً يحملون أكياساً يجهدون في حملها، وآخرين يجرّون وراءهم عربات ورقية وزعتها إدارة المهرجان مجّاناً تساعدهم في نقل مؤونتهم المعرفية إلى عام آخر، وإعلاميين وأدباء ومثقفين حالت الظروف دون لقائهم فكان اللقاء في المعرض. ولابدّ من التذكير بموسم حفل التوقيع، وقد أمست عُرفاً ثقافياً ينتظر فيه الكُتّاب هذه التظاهرة ليحتفلوا بإصداراتهم الجديدة، وقد بلغ عدد الإصدارات في العام الفائت قرابة ثمانين إصداراً، كتبنا عن معظمها في ملحق الشرق الثقافي. وفي الوقت الذي غدت فيه زيارة معرض الكتاب طقساً اجتماعياً ثقافياً لا يقتصر على المهتمين بشراء الكتاب، بل يخصّ طلبة المدارس، والموظّفين، ومتابعي النشاطات الثقافية، والمهتمّين بالفنون والآداب، فإن المساهمة في إنجاح معرض الكتاب مهمّة الجميع، وليس كثيراً أن يعود الناشرون وقد باعوا كلّ بضاعتهم. بالرغم من الأسعار المرتفعة في بعض دور النشر. موسم الكتاب هو موسم القراءة، وموسم الغيرة الثقافية عندما يعرض المشترون بضاعتهم على صفحاتهم الشخصية، وهم يزكّون العناوين التي انتقوها، وتكون رياح الحظّ طيباً إذا أصاب سهم الجائزة أحد الكتب التي اشتراها، وكلّنا يتذكّر ما حصل للروايات التي أعلن ترشيحها لقائمة البوكر القصيرة في منتصف أيام المعرض، فنفدت نسخ الروايات على الفور.
238
| 09 ديسمبر 2015
لفت الأنظار في مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام التسجيلية الفيلم الفلسطيني "روشميا" بطرافة موضوعه، وتمثّله الحقيقي لمفهوم "الديكودراما" التي تنزع السينما التسجيلية من خلالها إلى أن تكون حال الناس وحكاياتهم المليئة بغصص الواقع. يذهب المخرج سليم أبو جبل ابن الجولان السوري إلى وادي روشميا حيث يقيم الثمانيني العجوز أبو العبد أسفل الوادي مع زوجته في كوخ مسقوف بالزنك، في مكان شبه مهجور؛ فلا ماء ولا كهرباء ولا رعاية صحية، بعد أن هجرته عائلته وبقي متشبّثاً بالأرض، تساعده زوجته العجوز في تلك الوحدة القاسية.عجوزان يقاومان العزلة بالتدخين والثرثرة، في "ديالوج" ممتد طيلة الفيلم، يكسر من رتابته غير توالي الليل والنهار، تدخل الآخرين المارّين بهم، من صحفيين فضوليين، والصغار في الحيّ المجاور، وسائق الشاحنة، وصديق العائلة الذي يقدّم لهم الخدمات، إضافة إلى مزاج العجوزين المتقلّب طيلة الفيلم بين "خصام ورضا".حواريّة تذكر بفلاديمير وستراجون في "في انتظار غودو" ولكنّ العجوزين لاينتظران الخلاص، بل ينتظران الجرّافة، حيث استصدر قرار بهدم البيت لمصلحة إنشاء نفق جديد، مع تعويض العجوزين بثمانين ألف دولار. ومع إقرارهما بضعف الحيلة في مواجهة هذا القرار، فلا يمتلك أبو العبد إلاّ التحسّر على ذكرياته، وتقليب الراديو على المحطات الناطقة بالعربية، فيما تلوذ العجوز بذكرياتها أيام كانت هذه المنطقة قبل سنين جنّة حقيقية.ينسى المشاهدة للحظة أنه أمام عجوزين بائسين، ويكاد يميل أنهما ممثلان عظيمان، يختصمان ويتشاكيان ويتراضيان في حواريّة ممتعة "في انتظار الجرّافة"، عجوز حقيقية تستحضر في صلابتها وصبرها أم مكسيم غوركي، وأمّ غسان كنفاني، وعجوز صامد لم يجد في مواجهة الأمر الواقع إلاّ اختناق العتابا على شفتيه حزناً على فراق الكوخ السعيد.تحضر الجرّافة مع قوة مؤازرة للشرطة الإسرائيلية، ودون أي مقاومة تنشب الجرّافة اسنانها بالمكان، هكذا يقول المخرج في تركيز "الزوم" على أسنان الجرّافة، ومركّزا في الوقت ذاته على تعبير وجه العجوز، وهو يصرخ ويدعو على الظالمين لحظة الهدم المفجعة، ويستطيع أن يحبس أنفاس المشاهدين عند هذه اللحظة.أخبرني سليم أبو جبل مخرج العمل أنّ العجوزين انتقلا إلى شقّة مريحة، ولكنّهما لم يستطيعا التأقلم مع المكان الجديد، فتوفيّا تباعاً. وكان هذا الفيلم إهداء إلى روحيهما. ولا عجب أن يفوز مثل هذا العمل المؤثّر بجائزة الجزيرة الوثائقية.
514
| 02 ديسمبر 2015
في تحقيقه "هنا أفغانستان.. الرقة سابقاً" أعادني الشاعر الصديق إبراهيم الزيدي عن مدينة الرقة وهي في عُهدة تنظيم الدولة إلى "عداء الطائرة الورقية" لخالد حسيني، التي صوّرت أفغانستان في تقلباتها ربع القرن الأخير بين الملكية والشيوعية والتيارات الإسلامية المؤتلفة على قتال الروس، والمحتربة بعد سنوات الظفر، قبل أن تهيمن القاعدة والطالبان على مقاليد الحكم، الأمر الذي أفضى إلى الاحتلال الأمريكي في النهاية. يصدق على إبراهيم الزيدي قول الشاعر: "أشوقاً ولّما يمضِ غيرُ ليلةٍ؟" فالرقّة غالية كما قال مواطنه ربيعة قبل قرون "حبّذا الرقّة داراً وبلد" وهو في مدار نزوحه الصغير، لا يملك إلاّ أن يعود كلّ حين بحجّة وبغير حجّة، واقفاً على التغيّر العميق والسريع في آن. في حين يسافر أمير إلى أفغانستان وقد تركها مع أبيه بداية غزو الروس للبلاد، وذلك بعد رسالة تلقّاها من صديق أبيه تطلب منه المجيء لإنقاذ ابن رفيق الطفولة القديم، وعلى تخوم المدينة يرى أمير الدمار الذي خلّفته الحروب المتعاقبة: "نظر إليّ فريد نظرة تقول السمع ليس كالرؤية. كان هذا صحيحاً؛ لأنه عندما بدت كابول أمامنا، كنت متأكّداً، متأكداً تماماً أن فريد قد أخذ منعطفاً خاطئاً في مكانٍ ما، لابدّ أن فريد رأى تعبير الذهول على وجهي وهو ينقل الأشحاص من وإلى كابول، لابدّ وأنه أصبح معتاداً على هذا التعبير على وجوه الذين لم يروا كابول منذ زمن بعيد".ولكن شوق إبراهيم الطازج يتركه أسير الخوف من الحاجز، والخوف من التغيرات التي طالت المدينة بعد وجبات القصف التي اتفقت فيها جميع الأطراف، ولم تتفق في غيرها : "كنت أفرك يديّ ببعضهما كعادتي حين أرتبك، فمسافة الـ/ 35 / كم التي تفصل المنصورة عن الرقة، كانت بعيدة.. وبعيدة جداً، على ما يبدو أن القلق والتوتر والخوف هو الذي جعل الزمن ثقيلاً لتلك الدرجة التي لم يسبق لي أن خبرتها".ليس مجرّد شبه بيننا وبين أفغانستان، بين إبراهيم الزيدي وخالد حسيني، بل هي مأساة الشرق التي تتبادلها الشعوب في ماراثون الموت الطويل.
687
| 25 نوفمبر 2015
قبل شهر تقريباً قرأت كتاب الشاعر والناقد الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا "شارع الأميرات" الجزء الثاني من سيرته الذاتية بعد "البئر الأولى" وكان أحد كتب مكتبتي الرقمية الجديدة، ولا يغيب عن المتابعين أن الرجل عاش شطراً من حياته في العراق، متزامناً مع نكسة 1967 ونهضة العراق الفكريّة التي أسهم فيها الشاعر في مجالَي الشعر الحديث والفن التشكيلي، وكان غريباً أن تخلو السيرة من ذكر أهمّ روّاد المرحلة وهم: "بدر شاكر السياب- عبد الوهّاب البيّاتي - نازك الملائكة"، بينما يرد ذكر بلند الحيدري وحسين مردان وغيرهما من الحشد الشابّ الذي صنع ظاهرة قصيدة التفعيلة في بداياته الأولى.يبدو أن المقولة القديمة "المعاصرة حجاب" لا تغادر مكانها لحاجة النقد عموماً إلى هذه المقولة، فظاهرة التهميش والإقصاء ليست ابنة البارحة، بل هي ثمرة أجيال متعاقبة، عاشت المجد الآتي من التعب والحظّ، وفي هذا الأتّون برز ملمح غريب في الشخصية العربية، هو تجاهل المعاصِر، ونبذه وإقصاؤه، ولعلّ ظاهرة الشعر المولّد في العصر العباسي التي تذكّر بصراخ نقادها "خرّق خرّق" كلّما قرأوا عملا استجادوه، فنبّههم أحدهم أنه لشاعر معاصر.وفي كلّ مرحلة تجد هذا النوع من النقاد، يمتزج فيه الفنّي بالشخصي، إذ يشتغل النقد على المعايير الفنية في الظاهر، والغرض الشخصي في الباطن، حتى أصبح الأمر سمة عامة للنقد منذ القديم، ولعلّه تأسس منذ الدرس العباسي، فمن يقرأ رسائل نقاد المتنبّي على كثرته، يدرك أن الرجل ما طار وحلّق في الإبداع، إلاّ هرباً من متصيّديه، وقد لحقه في المسار ذاته أحمد شوقي الذي لم يسلم من معايير العقاد النقدية، والسيّاب الذي تعرّض للتجاهل كما في "شارع الأميرات" وللتشويه في رسائل عرضتها صحف لبنانية مؤخراً، ونزار قباني الذي كثر أعداؤه لأسباب مختلفة، ومحمود درويش حين غنى للمقاومة، ثمّ حين غنّى للحياة. ومؤخراً الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد الذي وافته المنية قبل يومين، وكانت مناسبة للغض من شاعريته.ليس هذا جديداً ولا طارئاً، ولن تكون الإشارة إليه اكتشافاً، لكنها فرصة لفهم كثير من الأحكام النقدية التي تخضع لمقولة "آفة الرأي الهوى".
653
| 11 نوفمبر 2015
في أثناء إذاعة حلقة المشّاء لهذا الأسبوع مع الشاعر المصري أحمد الشهاوي ثار جدل آخر حول جدارته الشعرية، وبدا أن مواطني جمهورية الشعراء لم يتفقوا بعد على أعلامها وممثليها، ففي حين أثنى الشاعر السعودي علي الدميني على الشاعر، مستشهداً بعباراته: "أعددت جنازتي ومخطوطاتي جاهزة للنشر والشعر العربي عند الغرب بلا أفكار، ومثلما نحن فقراء في السياسة والاقتصاد، ويتامى في أشياء كثيرة، فنحن يتامى عند الآخر في الشعر، وفي الإبداع، والكتابة، والفن التشكيلى، لافتًا إلى أن الانطباع السائد في الغرب حول الشعر المصري والعربي أنه بلا أفكار". مفرّغاً مضمون اللقاء التلفزيوني على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ومنبّهاً إلى موعد إعادة الحلقة، مصدّرا الخبر بعبارة: "الشاعر المصري الكبير". وفي الوقت ذاته كان الناقد والشاعر المصرّي عبدالله السمطي يثير الشكّ حول أحقية الشاعر الشهاوي بتصدّر المشهد الشعري، مشيراً إلى أخطائه العروضية التي أحصاها عليه في تسع منشورات متسلسلة في دواوينه المختلفة، مذكّراً بدفاع الشهاوي عن معضلة الوزن في شعره أنه "اشتباك عروضي" وبردّ الناقد الراحل عبد القادر القطّ عليه "سنفضّ الاشتباك". لا أظنّ برنامج المشّاء وضع في حسابه إجراء مقابلات مع أمراء الشعر وملوك الرواية، وكلّ ما في الأمر (في تقديري المتواضع) هو محاورات ومقابلات تقترحها أسرة البرنامج، دون إعطاء قيمة معيارية للضيف، حيث استقبلت مبدعين أقلّ شأناً وعمراً وشهرة من الشهاوي.جدّد الشهاوي طريقاً في الشعر، وبحسب بعض النقاد فإنه ممّن "يمتلكون مشروعا شعريا خلاقا؛ لأنه تميز بين أفراد جيله من شعراء الثمانينيات بقدرته علي ابتكار الصورة الشعرية الجديدة من خلال بلاغة النص الشعري الحداثي، ومخاتلة التراكيب اللغوية، وانزياحاتها اللفظية، واستنطاق النص الثقافي التراثي بأنواعه كافة" فقد أسهم عمله في الصحافة وموهبته في تعزيز مكانته الشعرية، في مقابل كثير من زملائه الذين ذوت مواهبهم.أتفهّم كثيراً توقّف كثير من النقاد والأدباء عند ظاهرة الشاعر هشام الجخّ، لأن الرجل نجح في خلط موهبته بكثير من المسرحة، وهو في الأساس شاعر شعبي، لكنّ شاعراً كالشهاوي لايمكن لنا أن نغضّ الطرف عن ناجزه الإبداعي.
286
| 04 نوفمبر 2015
بعد وجبة تصفيق منتظمة وحماسية كان الصراخ يدوّي (جيـ ..هاد) تحية لفريق ريفي يستحق التحية، هو فريق الجهاد من القامشلي، وفي مدرجٍ وحيد في الجهة الغربية. في تلك البلدة الصغيرة التي كانت تضع نجوم الكرة جانب أطبائها المشهورين، كانت الصحف الرياضية تتحدث عن "سفير الشمال" الصاعد إلى الدرجة الأولى بعد مباراة فاصلة مع فريق حلبي.كانت كرة القدم هي ما تلتقي عليه أحياء المدينة الموزعة على الطوائف والملل والإثنيات العرقية، بعدما كتمت عقابيل الثمانينيات الصعبة كل نشاط ديني أو سياسي، وكانت الكرة في مدينة كالقامشلي وصفة اجتماعية سياسية، فنجومنا فيها يسجلون الأهداف ويذودون عن الحمى. لكنّ ميمو وهو لقب "روميو إسكندر" ظلّ تلك الفترة مرادفاً لصيحة "جي هاد"، اللاعب الوسيم الهداف، بأهدافه التي يسجّلها بالقدمين والرأس، وقدرته على اللعب القويّ والعنيف أحياناً. حمل اسم روميو ذي الدلالة الرومانسية معنى جديداً، حين استُبعد من تمثيل المنتخب، برغم أحقيته، وانتقاد أكثر من محلل رياضي لهذا الحيف، وهكذا حمل روميو مظلوميته مع مظلومية مدينة مهمّشة.طبّلت وسائل الإعلام لفيلم سوري جديد، نال جوائز وتقديراً في المهرجانات المختلفة، وحضرناه فور عرضه في حلب.. فيلم (التقرير) الذي يتحدث عن الفساد الذي طفح كيله في كلّ مكان في البلاد، وكان صوت الفيلم عالياً، ولكنّها جرأة التنفيس عن الناس، فقد زاد منسوب الفساد أضعافاً، ولم يعد أي "تقرير" يستطيع إيقاف التايتانيك السورية عن الغرق. لكنّ ما أثارنا أن "تقرير" عزمي بيك السيدا، وقع بين أقدام اللاعبين الذين هرسوا يده، عندما اتجه نحو الملعب، وطلب من الحكم إيقاف المباراة ليقرأ تقريره على المسؤولين.الملعب ملعب العباسيين أيام التارتان، والفريق الأول دمشقي، والثاني كأنه الجهاد، وهذا (ميمو) يتشاجر مع لاعب آخر، وبينهما عزمي السيدا. وخرجت مذهولاً: "معقول؟ ميمو هو الذي دعس التقرير قبل أن يصل إلى المسؤولين؟؟!!!...تناثر الأشخاص في بلاد الله الواسعة، وتغيرت الأمكنة كذلك، وبقيت الحكاية التي كانت فيها كرة القدم ملاذ المدينة نحو الحياة الحلوة.
309
| 28 أكتوبر 2015
جدلٌ وسجال بين كثير من المهتمّين؛ أثارته استضافة الشاعر المصري هشام الجخ في برنامج منوّعات يستقبل مشاهير الفنّ في العادة، بدعوى أن الشاعر المذكور سارق وضعيف الموهبة.يثير موضوع الشاعر الأول في البلاد العربية إشكالية كبيرة، رغم كساد بضاعة الشعر في الحياة، وعلى مستوى الفنون عموماً، فلا اتفاقَ على شاعر العرب الأوّل، ولا حتى على مستوى الأقطار العربية، ومن الصعب ردّ هذا الإقرار إلى أسباب فنيّة بغض النظر عن الجانب الإيديولوجي أو حتى الشخصي.رغم أنّ كثيراً من المبادرات التنافسية حاولت الإشارة إلى شعراء بعينهم، ولكنّ كثرة المسابقات نثرت صورة البطل الإبداعي بين الشعراء، فالبرنامج الأثير أمير الشعراء استطاع لفت الانتباه لموسمين ولكنّه ولأسباب الربح ضيّع الهدف الحقيقي للبرنامج، وبات أمير الشعراء من يفوز بأصوات مشتراة، ولا يتذكر المتابع أسماء الفائزين بالجائزة مؤخراً، وبرغم أن الجخّ شارك في المسابقة ولمع اسمه فيها، بقصيدة منبرية مثيرة لا تخلو من كسور وزنية ولكنّ نزوعها الانتقادي لحال الأمة ومسرحة القصيدة بأداء الشاعر جعلها من أكثر النصوص مشاهدة على اليوتيوب. لكنّ المتابع العارف يدرك ضعف الرجل في بناء جملته الشعرية، وليس هذا مربط الفرس، فشهرة الرجل تأتي من تألقه في الشعر الشعبي الذي خاض في أنواعه، ولكنّ حظّه السيئ قاده إلى اقتراف الذنب الذي لايُغفر بسرقة بعض مربعات الواو، وهو قصيد شعبي يهتمّ بالجناس ويُنظم على البحر المجتثّ، ومن سوء حظّه أنه اكتشف سريعاً.تمتاز برامج المنوّعات في محطّات الترفيه العربيّة بقدرتها على جذب شرائح كبيرة من المتفرّجين أسهم تسطيح الوعي -من سمات العولمة عند الجابري- على استسلامهم لبرامج خفيفة الدسم، مفرّغة من المحتوى الفكري والسياسي، وتلامس ما يلبّي فضول الناس، وهذا ما وجده البرنامج في شاعر (حالة) في موقفه السياسي، وقصيدته الشعبية التي تعزف على هموم الإنسان العادي.لكنّ مثل هذه البرامج لا تستضيف الشاعر على أنه شاعر، تناقشه في موقفه من الحداثة والتجديد والأصالة والترجمة، ولكنّها استضافت فيه (الحالة) التي استطاعت جذب كثير من الناس، ولو لبعض الوقت.
338
| 21 أكتوبر 2015
مرّ الخميس الثاني من أكتوبر بخيبة مزمنة، فالفائز الجديد بالجائزة ليس عربياً، وبغض النظر عن المرشّح العربيّ المستمرّ، وبغضّ النظر عن موقفه من الحضارة العربية ومن الإسلام ومن الثورة السورية، فلست في وارد الهجوم عليه، أو الدفاع عنه، ولكنّ الرجل ظلّ أيقونة الثقافة العربية في مرآة الغرب على الأقلّ. ثمّة أدباء آخرون شاركوا أدونيس تجاهل الغرب في المواسم الأخيرة، شاركوه خريف نوبل وخريف أكتوبر الذابل، وفي كلّ مرّة نحتفل بمحظوظ نوبل الجديد، ونقرأ له كتاباً أو كتابين أعدّتهما دار نشر متلهفة تريد أن تلحق به معرض كتاب هنا أو هناك. إلاّ إن كانت الدار محظوظة أصلاً فطبعت للكاتب عملاً ما قبل مدّة.في ذاك الخميس تناقل المهتمون النتيجة التي أعلنت الواحدة ظهراً بتوقيت السويد، وأعيد طرح النقاش من جديد، وطرحت على صفحتي الشخصية فكرةً ربما كانت جديدة، وهذا نصّها: "أقترح أن تقوم لجنة غير رسمية وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي باختيار نوبل العرب كل عام، وبالتزامن مع إعلان نوبل أول أكتوبر، وتستمد قرارها من قاعدة ترشيح عريضة لا تقل عن 1000 اسم معتبر من الكتاب والناشرين والمبدعين ومحرري الصحف الثقافية ومختصين في المسرح والسينما".جاء الاقتراح في سياقٍ عدّه كثيرون من أصدقائي – للأسف - ترضية لأدونيس، وتفريجاً عن كربته المستعصية، وأصبت بخيبة أمل حقيقية، فالاقتراح يخصّ الأدب دون تطرقٍ إلى الأسماء، وما خفّف عنّي أنّي وجدت الاقتراح ذاته على صفحة أحد الأصدقاء، وقد لاقى تفاعلاً. نحن إذاً في حاجة إلى حقن المشهد الأدبي بمنشطات إعلامية، لم تعد تكلّف الكثير في عصر الشبكات السريعة، ولا يحتاج الأمر إلا لبضعة ناشطين في مجال الأدب، يصممون قاعدة بيانات، وشبكة تواصل بالشرائح التي أشرت إليها، للخروج من سوق المهاترات إلى ساحة الفعل، خاصة أن الامتياز العربي لكثير من المنتجات العالمية أدّى إلى منتجات ذات جودة عالية كالبورد العربي، والبوكر العربية وغيرها.إن إعلان نوبل العرب (الأدبية) ستساهم بشكل كبير في لفت انتباه سوق القراءة إلى كتابات عربية متفوّقة، وفي الوقت ذاته تكون عامل ضغط على مقرري الجائزة، لمعاملة الأدب العربي بشيء من الاحترام.
245
| 14 أكتوبر 2015
أعكف منذ أسبوعين تقريباً على نقل 1600 كتاب، إلى مكتبتي الرقمية بتقنية الـPDF، عن طريق رابطٍ أهداني إياه أحد الأصدقاء وينقل الكتاب دون جليل عناء يتجشمه مرتادو بعض المواقع المشهورة بتحميل الكتب. وقد فرحت بغنيمتي الجديدة، التي وفّرت لي مجموعة عزيزة ونادرة من الكتب حلمت بالحصول عليها دونما طائل، وصارت بينَ يدي كتب فكرية مهمة، وروايات عربية وعالمية شهيرة، ودواوين شعر مختلفة، لم أتمكن طيلة تجربتي مع القراءة وغواية اقتناء الكتب من الحصول عليها، إذ حصلت عليها مجاناً، ووضعتها جميعاً في ذاكرة لا تزن بضعة جرامات.ولكنّ التساؤل الذي تثيره ظاهرة الكتاب الرقمي أنّها من الأسباب التي تعجّل بوفاة الكتاب الورقي، الذي رافق التجربة الإنسانية في تحصيل المعرفة قروناً، وأنّ الكتاب الورقي أضاع حقوق دور النشر والكتّاب، وباتت عملية الكتابة تحدياً كارثياً يضع فيها الكاتب والناشر في موقف لا يحسدان عليه، فكتاب من 300 صفحة مثلاً يكلّف دار النشر عشرة دولارات يُنقل بواسطة الـPDF مجاناً وفي خمس دقائق على أبعد تقدير.تكاثرت مواقع نقل الكتب في الآونة الأخيرة، وباتت الشكوى منها مألوفة، إذ لا يكاد الكتاب أن يخرج من المطبعة حتى تجد من يعده إلكترونياً، وبعد تطوّر وسائط الاتصال وانتشارها بات في إمكان أصحاب الهواتف النقالة الحديثة واللويحات الإلكترونية نقل مئات الكتب إلى أجهزتهم، وقراءتها في سهولة قراءة الكتاب الورقي.آثرت منذ شهور خلت سؤال أكثر من صاحب موقع عن المبرّر الأخلاقي الذي يجعلهم يقدمون على نسف حقوق الكتّاب، في إطار تحقيق صحفي لم يستكمل، فأجابني بعضهم أنّ الكتّاب يهدون القارئ الكتاب بعد مرور فترة زمانية تكون النسخة الورقية منه قد استُنفدت ولعلّ تجربة الكاتب السعودي عبد الله الغذامي جديرة بالتقدير حين أهدى كتبه لطلاب جامعة فلسطينية بنقلها إلى تقنية الكتاب الرقمي، وأشار بعضهم إلى أنّ الترويج الإلكتروني للكتاب يحفّز كثيراً من القراء على شراء النسخة الورقية، لأنها أفضل في التصفح.ما زال الكتاب الورقي يلقى الإقبال، ولكنّ التحدّي كبير هذه المرّة، ولابدّ من حلّ يتجاوز كل الصعوبات.
1173
| 07 أكتوبر 2015
ثم جمَّعْنا الحواة في البرية، وقيدناهم بما بقي في البلد من حبال، كانوا رجالاً بقمصان بيضاء وربطات عنق، وبمعاطف سوداء طويلة، ولفّاحات حمراء وسوداء، وبعضهم ببزات عسكرية نظيفة. جمّعناهم وأشعلنا النار كما قرأنا في طرزان، ورقصنا حول النار، وقدمناهم إلى المحاكمة بسؤال وحيد: "لماذا خدعتمونا بقرب المطر؟"، وكانوا يستغيثون ويولولون.على ذلك الصعيد من براري التيه كنّا جميعاً نمشي على عكاكيز، ونحمل جوعنا وذلّنا وخيباتنا، وكان المطر بعيداً، في بلاد من عشب وآيس كريم، يفرّ إليها ذوو الأرجل السليمة والحواة طبعاً، وبقينا نحن نضرب في أرض المحنة والسؤال، وجاء العيد وراء العيد، ولم تنهزم فينا الطفولة، ولكنّنا من طين وماء، والمطر بعيد.تدافع الحواة بعيداً عن اللهب، واستنجدوا، وما لبثت النار أن ركضت في كلّ اتجاه، فركضنا أيضاً، وركض البحر والريح، وعطس الغيم، وأنجبت الدروب نازحين ولاجئين وقطارات.كنا حائرين، فبحثنا عن الحواة الذين تركناهم هناك، وقد وجدوا في الفصل الجديد فنادق وخمّارات وأماكن للعب الشدّة، والشطرنج، وبيع العقارات والمواقف. كانوا يتكلمون يتكلمون.. وكنّا نسترق السمع بقلوب واجفة على ذلك الصعيد بين الغيم والريح والنار.*وحده ظلّ هناك، وقال لي يا شاعر: "اكتب على أيّ بحرٍ تشاء؛ فالشاعر الحقيقي يصطاد سمكاً جميلاً. حتى على الأنهار اكتب؛ فالمياه الحلوة تنبتُ البطاطا والخسّ، ولكن لا تكتب على المستقعات؛ فهذا سيصيبك بوباء لن تنجو منه، ولن ينجو منه أهلك" وقال لي: "إذا استهم القوم على السفينة فعُد إلى الصخرة، ولا تبرحها حتّى يأتيك اليقين، وخذ من كلّ غيمةٍ حفنة ماء، فإذا جاؤوك فأطعمهم، وإن سكنوا الماء فدثرهم، وإن جادلوك فقل هاتوا أخشابكم، وإن قالوا لك اركب معنا، فقل هاتوا سفينتكم، وإن قالوا وراءنا ملك، فقل أمامكم بحر.. وليكن ليلك ضوئي ولتكن نارك قهوتي". *على ذلك الصعيد انهزمنا جميعاً، وتدبّر الموتى للأحياء حطباً وناراً، وهناك أيضاً تدبّر الموتى ورقاً لنكتب، وبحوراً جديدة لم ترسم في خريطة، وهناك وقف الحواة يبيعون الموت والنصوص على قارعة التيه.
345
| 30 سبتمبر 2015
لا نعرف الكثير عن المجر، لكنّا نتذكر فريقها الذهبي الذي كان على وشك حمل كأس العالم عام 1954 لولا أن خطفها الألمان، ونتذكر نجمها الأيقونة بوشكاش، وفريقها الكروي هو نفيد بودابست الذي لا يغيب اسمه عن بطولات أوروبّا. وفي بلاد يتقاطع فيها شرق القارة العجوز مع غربها بين الدم السلافي والجرماني، كانت البلاد محطة لحجاج الغرب إلى الشرق، وحجاج الغرب إلى الشرق، من حملات الصليبيين نحو الغرب، إلى الفتح العثماني الذي وصل النمسا. ومن هنا كانت عرقلة الصحفية المجرية الحسناء رياضية بامتياز، فالأب السوري لاعب ومدرّب كرة قدم في نادٍ سوري عريق هو الفُتوّة الديري، وحركة الإعاقة وقعت تحت مسمّى "فاول فنّي" إذا تعرّض الفريق من هجمة خطرة تبدأ من حامل الكرة وسط الملعب، وهكذا كان الشائعات المغرضة التي تدعو إلى الامتناع عن استقبال اللاجئين بوصفهم إرهابيين أو مشاريع إرهابيين، وقد شارك في هذه الشائعات للأسف كثير من السوريين الذين سبقوا إخوانهم في اللجوء، لكنّ المسكينة لم تعرف أنّ هذا "الفاول الأخلاقي" تسبب لها ببطاقة حمراء طردتها من ملاعب الصحافة إلى أجل غير معلوم.ولأن الرياضي والسياسي يشتركان في الجمهور، فقد تداعت أندية أوروبا الكبرى للمشاركة في التخفيف عن كاهل اللاجئين الذين شرّدتهم "فاولات" البراميل والسواطير، في مسعى واضح إلى تشريد شعب كامل بلغ عدد نازحيه النصف، وجد في قبول طلبات اللجوء من الغرب الأوروبي ملاذاً وخلاصاً. ولم يكن مبرراً ولا مفهوماً أن ترتكب دولة عبور مثل المجر هذا "الفاول" بحقّ عابرين إلى الغرب الأوروبي، يبحثون فيه عن الأمان والكرامة واللقمة التي عزّت في بلادهم.أمام كلّ هذه "الفاولات" التي تمنع السوريين من مرمى الحياة الآمنة، كانت عرقلة الصحفية العدوانية، وقد وجدت من يرفع في وجهها العقاب اللازم، ومن يعوّض الأب الرياضي المتجه إلى إسبانيا، حيث وجد عملاً في تدريب ناشئي نادي خيتافي، ولقي ابنه التكريم اللائق من نادي ريال مدريد، ولكن متى ستمنح البلاد ضربة جزاء أمام كلّ هذه "الفاولات"؟.
424
| 23 سبتمبر 2015
كل رحيل نحو الغرب تغريبة، قبل أن يلتبس المصطلح بمفهوم الاغتراب الآتي من الغربة، ولكنه اليوم يعود من جديد في الهجرة غير المسبوقة من السوريين نحو أوروبا الغربية، عبر أوروبا الشرقية، مما يمنح السوريين ميزة جديدة.لعلّ تغريبة الطرواديين المنكوبين بخديعة أوديس الذي خبّأ المحاربين في الحصان، تلتها تغريبة اليونانيين بعد سقوط القسطنطينية، وجاءت متزامنة مع تغريبة بني هلال الشهيرة إلى الغرب العربي بعد القحط الذي أصاب نجد، واستقرارهم في تونس الخضراء.وكان ثمة تغريبات أخرى وجدت في الغرب ملاذاً وساحة حرب، وفردوساً أرضياً، فالمغول غرّبوا من شمال الصين حتى فلسطين، والأوروبيون أخذهم هوس الاكتشاف إلى التغريبة البحرية التي منحتهم قارّتين وجدوا فيهما خلاصاً من ضيق موارد القارة العجوز، التغريبة التي شارك بها العرب (الشوام) في القرن التاسع عشر.غرّب الفلسطينيون القرن الماضي وشرّقوا بعد النكبة والنكسة، وكذلك فعل اللبنانيون، ثم تبعهم العراقيون، كان الغرب الاستعماري الذي شرّق قبل مائة عام أرض الأحلام، وتعدى شعار "باريس مربط خيلنا" صفة الانتفاخ الكاذب إلى الحقيقة المرّة، فقد جاءونا غازين، وجئناهم لاجئين، وفي كلّ الحروب التي خاضها العرب ضدّ الغرب المحتل لم يسقط شهداء عدد الضحايا التي خسرها العرب في حروبهم الأهلية.عندما ودّع السوريون ربيعهم المغدور سريعاً، كان أكثر من نصف السكان قد غادروا مساكنهم، وباتت التغريبة طبخة معدّة مسبقاً، في انتظار إعادة تسخين، فالطريق واضحة والمهرّبون مدربون، وجهات الاستقبال تملك الخبرة، ولم يعد في المسألة غير (الغرب والتغريبة) كمفهومين عجوزين يستعيدان عافيتهما من دم شعبٍ يقتل كلّ يوم وكل ساعة.بعد كلّ تغريبة ينبت أدبٌ عظيم، يكتبه شعب تذوق طعم الموت والفقد والذلّ، فقد ظلّت (الإنياذة) و(تغريبة بني هلال) أجمل أنشودتين تحكيان الرحيل والحب، واستعادة الأمل، في حين كانت ظاهرة الشعر المهجري (الشامي) ملحمة حنين متدفقة، قبل أن تذوب الأجيال التالية في ثقافات شعوب المستقر.بعد أن تهدأ حركة القطارات الذاهبة إلى ميونيخ وبرلين، وبعد أن يأخذ البحر حصّته، والقتلة حصّتهم، ستنطفئ النار، وسيكتب أبناء التغريبة أدباً لم تتذوقه لغة.
619
| 16 سبتمبر 2015
مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
17481
| 11 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
9777
| 13 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
8133
| 11 نوفمبر 2025
على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...
4830
| 11 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
3570
| 11 نوفمبر 2025
وفقًا للمؤشرات التقليدية، شهدت أسهم التكنولوجيا هذا العام...
1983
| 16 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1665
| 11 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1125
| 12 نوفمبر 2025
في بيئتنا الإدارية العربية، ما زال الخطأ يُعامَل...
1122
| 12 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم...
1053
| 14 نوفمبر 2025
يعكس الاحتفال باليوم القطري لحقوق الإنسان والذي يصادف...
900
| 12 نوفمبر 2025
الاهتمام باللغة العربية والتربية الإسلامية مطلب تعليمي مجتمعي...
864
| 16 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية