رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
"لاري هيستر" يُبصر النور في الولايات المتحدة الأمريكية بعد 30 عاماً من ملازمة العمى إثر زراعة محفز إلكتروني في عينه اليسرى مؤخراً, فالحدث لم يكن عادياً أو هكذا يبدو عند الكثيرين ممن لازمهم هذا الظلام القسري دونما إرادة, فلو تجاوزنا قليلاً حدود البُعد الإعلامي للحدث وحرفيته التي صورته في حجم ثورة وصلت به سريعاً إلى كل سكان الأرض رغم زحمة الأخبار العالمية التي لا تحمل لمتابعيها سوى الغثة والتعب النفسي, فالخبر كما يظهر يُبشر بفتح علمي جديد لمن قُدر عليهم العمى ويصل عددهم حالياً إلى حوالي 45 مليون أعمى، ناهيك عن ضعاف البصر في كل العالم وعددهم 135 مليون إنسان، غالبيتهم في الدول النامية، بل إن هذه الأعداد ماضية في التزايد، حيث يُقدر عدد مكفوفي العالم في العام 2020م بحوالي 75 مليون شخص، هذا خلاف جملة الإعاقات والأمراض الأخرى التي تفتك بالبشرية وتهدد مستقبلها ومستويات النمو والإنتاج فيها, ورغم ارتباط التقدم الطبي ومستويات تحسن الصحة العامة في المجتمعات بالموارد الاقتصادية ومعدلات الاستثمار ودعم أبحاث التقنيات الطبية وصناعات الأدوية والعقاقير إلا أن هناك "مافيا" عالمية تتحكم في توجهات الشركات المصنعة للأدوية وفي توجيه الموارد المالية نحو ما يحقق صالحها دون النظر في الجوانب الإنسانية لطبيعة عملها, بل حتى منظمة الصحة العالمية لم تسلم من تدخل تلك المافيا العالمية الشرسة التي تُهيمن على صناعة الدواء وتسيطر على قنوات صناعته وتسويقه واحتكار مكوناته بدوافع تجارية دون أن تلتفت إلى الجوانب الإنسانية في مهمتها وطبيعة عملها، ولعل أقرب دليل على ذلك هو ضلوع منظمة الصحة العالمية في تسويق الرعب بين الناس لجائحة أنفلونزا الخنازير في العام 2009م وتواطئها مع صناع الأدوية لتضخيم الحدث وضمان التسويق، فالمهم هو العائد للحسابات وحملة الأسهم، مثلها كمثل صناع السلاح وتجاره, فكثيراً ما نسمع عن التخويف والتهويل من توجهات الطب البديل أو اللجوء إلى الطب الشعبي والذي يحرم جيوب المستفيدين من موارد إضافية رغم أن الكثير من الأدوية في أصلها يعود إلى أعشاب وتركيبات طبية عالمية قديمة موروثة من ثقافات الهند والصين وحتى العرب بتاريخهم وبحوثهم الطويلة في هذا المجال، ولكن هي الهيمنة الغربية التي تحتكر جل تجارة الدواء في العالم، وفي أحد اللقاءات كان الحديث موسعاً عن تجربة "لاري هيستر" وهناك من الحضور من اعتبر إعلان خبر إبصاره تسويقياً بالدرجة الأولى وربما يكون مدفوعا من الشركة المصنعة لتقنية العدسة الإلكترونية وهو ما يهب بالكثيرين من فاقدي البصر للتوجه نحو الشركة أملا في تحقيق ما ناله السيد هيستر من معطيات تعد لهم حلماً مغيباً دون أن يعوا حقيقة الأمر وأبعاده الإعلامية والتجارية. عموماً مرضى العالم رغم ألوف كليات الطب والمستشفيات في نواحي العالم يواجهون "مافيا" تتاجر بمعاناتهم وأناتهم وبمرأى ومسمع من الجهات الرسمية التي لم تسلم أيضاً من النافذين لتمرير هذه التجارة وتوجيهها, لذلك يستلزم استقراء الحدث الطبي للسيد هيستر التأني والمعالجة الموضوعية والحيادية حتى لا يندفع فاقدو البصر نحو سراب يستهدف سلب جيوبهم فقط دون أن يقدم لهم الأمل في إبصار النور.
1056
| 19 أكتوبر 2014
مجريات أي لعبة لا يغيرها الأقوى غالباً، بل الأذكى، فهو من يستحوذ على كافة المجريات ويسجل النتيجة لصالحه، جربوا إسقاط هذه المسلمة الواقعية على مجريات الأحداث في أكثر من موقع وعبر حقب التاريخ تجدون أن النتيجة في كل الحالات لصالح ذلك الذي أعمر فكره وعقله للتعاطي مع كل ما حوله بذكاء وفطنة. لن تكون اللعبة المعنية في محور حديثنا اليوم محددة في الصراعات العلنية البارزة والحروب بين الأمم والشعوب فتلك نزعة تهلك الحرث والنسل ولا تفضي إلى خير لكل أطرافها حتى من كان يرتجي مكسباً من وقود المعارك وأسلحتها. ورغم أن علماء النفس لا يزالون في حيرة من أمرهم بشأن تحديد التعريف الأنسب للذكاء والذي لا تحدده فحوصات القدرة الذهنية واختباراتها أو حتى سرعة البديهية. فقد تفرع الذكاء وأصبحت له جملة عناوين ومظاهر مابين سياسي وعاطفي وعلمي وأدبي وغيرها، أعتقد أن من أهمها ضرورة الآن في ظروفنا الراهنة هو الذكاء الاجتماعي بعد أن تفرق الناس في ميولهم وفي مقاصدهم وغدت لكل فرقة حماستها الظاهرة ومباهجها التي تغذيها أسس ورؤى تحفزها على التفوق والمضي نحو الصدارة وبل وتزرع أمامها المآثر والنماذج وتستحضر التاريخ وشخوصه من أجل بناء روح الفريق بين الجماعة للتفوق على غيرها وهو ما يفضي في النهاية إلى جملة صراعات وتداخلات لا يمكن التحكم بمجريات العلاقة بينها. وهذه صورة تتكرر في كل المجتمعات وحقب التاريخ سوى أن الذكاء الاجتماعي الذي استنبطته ثقافة بعض الأمم ربما بعد تجربتها الطاحنة في التناحر والتقاتل هو ما جعل مثل هذه العقلانية واقعا يجب الأخذ به. فالذكاء الاجتماعي ليس له مدرسة محددة تلتزم بمنهاج عملي مجدول سوى أنها شعور حتمي بضرورة التعايش والتعاطي مع الآخر والتفوق على محفزات التغابي المكرسة للعمل على تداخل الشعوب وتحريضها ضد بعضها فقد خسرت البشرية منذ عهود قريبة كما حدث في التقاتل البيني بين دول أوروبا، خسروا الكثير من ملايين الأرواح والممتلكات سوى أن الحكمة كانت في طمس التعادي والعودة إلى مربعات التجمع والوحدة حتى غدت أوروبا الآن النموذج العالمي الأقرب لمستويات التطور الفكري الإنساني ووحدته. وعليه نستدرك أن الذكاء هو في صناعة محاور التقارب والتعاطي المتبادل للحقوق والواجبات بين الأفراد أولاً ثم بين كل مجموعة أو دائرة تحفل بالشراكة الإنسانية. وهنا قد يقول قائل إن مثل هذه الأفكار تحمل غباء وتنحيا عن الحق أو تنازل عن قيم موروثة وأحقيات مؤكدة، ولكن ليعلم الجميع أن حرية الفرد تنتهي ببداية حرية الآخرين وأن من يصنع الصراعات هو تولد تلك النزعات الموغلة في الأنانية والتطرف وإلغاء الآخر واستحداث مفاهيم رجعية تعود بالإنسان إلى ما قبل الفكر والتشريع، فعلاً نحن نحتاج جماعات وأفراد إلى إلغاء نزعات التطرف وميول التبعية الضيقة وتعميم الوحدة مع الناس ومع البشر عموماً فلذلك مكاسب عالمية تقود البشرية إلى التوسع في الخير والتعاون لمواجهة ظروف أشد وافتك. إذا ليس سوى الذكاء الاجتماعي الذي ندعو إلى تعميمه بين الجميع كل في مجاله وموقعه حتى يصار إلى فهم عام يحتم فيه المرء على نفسه ضرورة التعاون والمحبة مع الجميع.
1227
| 12 أكتوبر 2014
تعلمنا ضمن أبجديات الحكم والأمثال العالمية المتداولة " أن الوصول للقمة سهل ؛ ولكن الصعوبة تكمن دائماً في المحافظة عليها " هذه الحقيقة يدركها عملياً جماعة الإخوان في مصر الذين خططوا وعملوا وبذلوا في كل اتجاه وبكل السبل من أجل لحظات الوصول , فإذا بتلك اللحظات تسجل لهم نهاية مروعة, عموماً موضوع الإخوان لا يعنينا الآن بقدر ما هو العبرة الأقرب للتاريخ لمن أراد أن يذكر أو حتى من يستنبط فهم الأحداث وتحليل واقعها ومآلها عطفاً على ما جرى في اليمن مؤخراً حيث استيلاء الحوثيين على السلطة في العاصمة صنعاء بعد محاولات وحروب داخلية طاحنة مع الحكومة؛ ولكن كيف كان الطريق إلى القمة أمامهم سالكاً وبقدر غير متوقع حتى من الحوثيين أنفسهم. فهل هو فخ السلطة الذي أسدي لهم هواناً بعد تمكينهم من القمة أم هي ظروف الأحداث ومداراتها سوى أن الأقرب للفهم هو أن الوصول الحوثي كان مدبراً ومخططا له فهناك الكثير من الشواهد والمستدركات التي لا تنطلي حتى على عقول العامة والبسطاء ونتمنى أن يكون هذا المخطط محسوباً في نتائجه حتى لا تؤول الأمور إلى ما لا ينبغي من التبعات والأحداث تماماً كما آلت إليه صيغة الأحداث في العراق التي بارك العرب نشأتها ودعموا تطورها انتقاما من صدام حسين سوى أن الانتقام وسع دائرة الحدث وجاء بالخصوم مباشرة على الحدود وحواري المدن. ونتمنى أن لا يتحقق ذلك في اليمن باعتبار أن مسلمات الأحداث وشواهد مسبباتها متشابهة كما أن المفرزات غالباً لا توافق أحلام المخططين والساسة " فحسابات الحقل لا تطابق حسابات البيدر " حتى وإن بسطت الأمور وصيغت المعذرات وحشدت الأسباب فهناك قاعدة شرعية تشير إلى الجدلية المطلقة في الحكم على نتائج الأمور وعوائدها وهي الأخذ بالأسباب " أعقلها وتوكل " وهذا بالطبع لا يتنافى مع فكرة إذا فتحت الباب فإنك لن تستطيع تحديد كمية الهواء الداخلة منه , لأنك حين تمكن المختل من " السكين " فتوقع أبشع النتائج , ولكن للسياسة مقاديرها وحساباتها التي لا يحيط بها حتى أعرق المتعاطين معها , فهذا المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر يصرح بأن الوضع خطير هناك وهو نتيجة لحسابات خاطئة ارتكبتها جميع الأطراف , إنما من هي تلك الأطراف التي صاغت هذه الأحداث ونتائجها فربما هذا الأمر لا يهم الآن بالقدر الذي نحتاج فيه إلى مخرج يحفظ لليمن كيانه ودوره الإقليمي إيجابياً؛ وقد يتعاطى الحوثيون مع الواقع ويحسنون إدارة القمة خلافاً للقياس المرجح بسقوطهم كما سقط الإخوان باعتبار أن للقمة متطلباتها وهو ما لم يظهر في بوادر الاستيلاء على السلطة في صنعاء حيث الانتقام من الخصوم وفتح المحابس وهتك البيوت مع أن هناك من يرجح معطيات أوسع للحضور الحوثي والعمل في المراحل المتقدمة لتحقيق الأهداف المعلنة والواسعة , فحينها كيف لنا كعرب التبرير للتاريخ وللأجيال بتوالي سقوط العواصم العربية تباعاً وهل نكون نحن من بلع الطعم سريعاً لنواجه بما لا نحب , نتمنى حقيقة أن تفضي الأمور نحو ما يجلب الخير والاستقرار للمنطقة وأن لا تكون اليمن مسرحاً للقوى الانتهازية التي تعيده إلى المربع الأول وتحرم مواطنيه السعادة الموروثة , ولعل في اجتماع وزراء الداخلية في دول التعاون الخليجي مؤخراً ما يعطي رسالة ضمنية ومباشرة تجاه الأحداث هناك لأخذ موقف مشترك يضمن عدم التأثير الحوثي على المنطقة عموماً .
660
| 05 أكتوبر 2014
ما حدث في اليمن الأسبوع الماضي لا يمكن استقراؤه بحسن النية من كل الأطراف المعنية هناك وإن كان يمكن فهم مجريات الأحداث بأكثر من طريقه وبأكثر من آلية فهم يثير بعضها بلا شك علامات استفهام كبرى تستحضر التاريخ القريب والبعيد للمنطقة عامة واليمن خاصة والواقع المحموم الذي نعايشه اليوم في المحيط العربي المتخم بالكثير من المواقف وبؤر التوتر والخلافات بين القوى المؤثرة والتي أفرزها ما يسمى بالربيع العربي وتداعياته سوى أن ظاهر الأحداث يشي بتغيرات جوهرية في أجندة الأحداث في اليمن التي لفتها التغيرات الدراماتيكية المتسارعة حيث السيطرة الحوثية التامة على مفاصل الدولة ورموزها في العاصمة صنعاء وتخلي القوى العسكرية من الجيش والداخلية عن مواقعها وأدوارها أمام ذلك وبشكل سريع وغير مبرر أمام قوة قيل عنها طويلاً الكثير من التطرف والتبني لأجندات خارجية، بل وخاض اليمن ضدها عدة حروب طاحنة للحد حتى من مجرد وجودها على المشهد اليمني إنما أن تفتح لجحافلها المسلحة أبواب صنعاء وقلاعها هكذا!! فهذا واقع يحتاج إلى فهم أعمق من مجرد التسليم بما حدث أو حتى قبوله على مضض عند كل متابع ومهتم بشأن اليمن وعموم الأمة, ما حدث في صنعاء لا يمكن فهمه دون تحليل كل ما دار خلال الفترة وكل ما قيل في الخطب والاجتماعات التي عقدت بشأن اليمن أو أستحوذ موضوع اليمن على جزء منها أو حتى ما قالته الصحف والإذاعات في الدول المعنية بالشأن اليمني, فخطاب الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي في مناسبة احتفالات اليمن بذكرى ثورة 26 من سبتمبر التي تزامنت مع هذه الأحداث يدعو الشعب اليمني إلى تجاوز الصدمة والتعامل مع واقعها كتبرير للحد من ظهور المواجهات وتوسعها حتى لا يدخل البلد حرباً أهلية لا تحمد عواقبها والاكتفاء بدعوة الحوثيين للتراجع إلى خارج صنعاء بعد توقيع اتفاقية السلم والشراكة والتي تفضي إلى حضور سياسي للحوثيين مفروض بالقوة على الرئيس الذي استمر في مهام عمله ليكمل الدور والمشهد تحت مظلة المرحلة الانتقالية وبنودها, وبالطبع مهما كان هناك من المزايدات السياسية ومن باع على من، تحت الطاولة أو فوقها، فالحضور الحوثي كان قادماً لا محالة في ظل ظروف سياسية هشة وتصفية حسابات حزبية مكثفة وحالة اقتصادية منهكة، أيضاً ومن خلال سقوط كل الأجهزة وهروب الجنرالات وبقاء اسم السيادة في الرئيس وهو ما يُلمح إلى أن لدى الحوثيين بعضا من الذكاء لتمرير أجندتهم على مهل دون ترويع الجيران أو حتى المجتمع الدولي بحضورهم المفاجئ فهم لم يعلنوا صراحة سقوط الدولة ولا تنحية الرئيس فكل الأمور والأحداث جارية باسمه وقد يكون في الأكمة ما فيها إذا استبعدنا فرضية المزايدات والاتفاقيات حول اليمن , ولكن وجود الحوثيين في الواجهة بشكل كلي أو جزئي لن يكون المخرج الوحيد للأزمة اليمنية فهناك قوى وأحزاب أخرى وهناك مؤثرات قبلية ودولية لها رأي في الوضع اليمني ومسير أحداثه, سوى أن ما يحزن هو أن يستغفل المواطن اليمني وأن تمرر الأحداث استغلالاً لحاجته ولأمنه وأن تباع اليمن لهوى من يزيد أو تكون ضمن سلسلة مقايضات دولية كبرى فهذا ما لا ينبغي لبلد الإيمان والحكمة.
450
| 28 سبتمبر 2014
كان أمام هيئة كبار العلماء السعودية جملة من الملفات الساخنة التي تنتظر الرأي الشرعي الفصل باعتبارها المرجعية العلمية التي يؤخذ منها تحديد المسار في كافة قضايا المجتمع وأحداث الأمة وظروفها منذ تأسيسها عام 1971م. ولعل من أبرز القضايا التي تناولها أعضاء الهيئة وهم نخبة من الفقهاء المجتهدين من مدارس فقهية متعددة تناولوا مؤخراً البحث والدراسة في موضوعين على درجة كبيرة من الأهمية للبلاد والعباد سبق الرأي فيها الموضوع المتعلق بالحركات الفكرية المستجدة على الأمة بعد تمحيص ومطالعة دقيقة لمجريات الأحداث والفهم العميق لظروفها وتداخلاتها حيث صدر الرأي العام للهيئة بتجريم تلك الحركات ونشاطاتها المشبوهة وقياسها بالبعد عن روح الفكر الإسلامي خاصة داعش والقاعدة والحوثية بل تضمن قرار الهيئة تحريم الأفعال الظاهرة لتلك الحركات وفكرها القائم على القتل واستهداف الآمنين حتى من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتحوير مقاصد الجهاد وأهدافه. فالقرار يحرم الدعم لهذه الحركات بكل صوره ومستوياته سواء كان مادياً أو فكرياً أو الدعوة للانضمام لها. وقد قوبل رأي الهيئة في هذه الحركات بالقبول والارتياح داخل البلاد وخارجها حيث تحظى آراء الهيئة بالقبول العام لمكانتها وحيادية أراء أعضائها والموثوقية فيهم والمعرفة التامة بمقدار التعقل والبحث في الرأي قبل إصداره وبعد عرضه على كافة المصادر والمحكمات الشرعية المنتهجة في البلاد بكل مدارسها واجتهاداتها رغم ما يثار ضد الهيئة وآراء العلماء فيها من فئات لها مقاصد ومصالح تتقاطع مع دعوات الحق وتحديد المسار فيما ينفع الأمة ويجنبها المفاسد والمظالم. فالهيئة هي حائط الصد الشرعي لكل محاولات النيل من الأمة وشعوبها بخلط الآراء والتدليس على العامة ولها في ذلك الكثير من المواقف والتجارب كما أن آراء الهيئة ومواقف أعضائها وفتاويهم يؤخذ بها عند العديد من المؤسسة الشرعية التي تتولى إصدار الأحكام في العديد من الدول الإسلامية وغيرها من دول العالم. ونسأل الله أن تكون مثل هذه الأحكام بما فيها من مقتضيات ومحددات شرعية لا تخرج عن النهج الإسلامي الصحيح ومنابعه وأصوله، هي ما يسهم في إنارة الطريق أمام من يختلج أنفسهم " أفراداً وجماعات " بعض الشبه والظنون حول حقيقة تلك الحركات للعودة إلى الطريق القويم ونبذ الأفكار الدخيلة ومحاربتها والتضييق عليها لتخليص الأمة من شرور الفتن وتبعاتها التي لن تنتج سوى الخذلان للأمة والنكوص بها بعيداً عن مسار الحق. أما القرار الآخر الذي لم يصدر عن الهيئة قرار فيه فهو المشروع الخاص بفرض رسوم على الأراضي البيضاء في السعودية حيث أعيد المشروع للمجلس الاقتصادي الأعلى في إشارة إلى عدم اكتمال مسوغات القرار وربما كان لبعض العلماء آراء فقهية حوله ترتبط بالظروف العامة وحالة المعاش العام للموطنين خاصة أن الموضوع يتعلق بحالة اقتصادية ترتبط بمصالح الإسكان وتجارة الأراضي، فكان عزوف الهيئة عن البت في الموضوع محل ارتياح عند الغالبية وهو أيضاً ما يعزز المصداقية في نهج الهيئة وعلمائها.
455
| 21 سبتمبر 2014
لا يمل المرجفون من الحديث والتسويق لأفكارهم في كل محفل طمعاً في تحقيق مآربهم؛ فلا يغرنك تقلبهم في البلاد ولا عباراتهم المتزلفة خوفاً على العباد في دينهم وأمنهم ومعاشهم, فهم لا يميلون سوى للدمار والخراب ممتطين سنام كل بدعة ومنتهزين ذرى كل فرصة للكذب وصناعة الزيف وبثه بين الناس, فما أن أعلن عن اتفاق جدة الأخير بشأن العمل على محاصرة إرهاب داعش ومن نهج نهجه دولياً وشله بتعاون الدول الموقعة على الاتفاق الذي توافق أن يكون تاريخه في الحادي عشر من سبتمبر كموعد له في دلالة عند من استشعر لظى الإرهاب حين تكوم برجا التجارة في نيويورك إثر ما قيل إنه غزوة تعز الدين فإذا بالأمر يعود وبالاً على عموم المسلمين ويدخل العالم في دوامة عهد جديد ملامحه الريبة والتحارب وإعادة الحسابات وخرائط الحدود مما أسقط دولا وجز رقابا وأذاق الناس لباس الخوف والجوع, كل ذلك بسبب مغامرة غير محسوبة العواقب شرع لها جزافاً وسيقت لها التبريرات لياً وتطويعاً لأدلة دين لا يقر سفك الدماء ولا قتل الأبرياء بل يدعو بالحكمة والتي هي أحسن, وفي تاريخ الأمة وحروبها صور لقياس التوازنات ومعادلات الحروب وأهدافها لا الهمجية والانفعالية وخلط الفكر بالمصالح ورهنه للغير, فإعلان جدة استشاط منه المتعاطفون مع داعش بمبررات واهية وأنفاس تدرك نهاية مسلكها، فالعالم أجمع ماض نحو اقتلاع جذور الفتنة واستغلال الدين لنشر الذعر ومحاربة العالم دون وجه حق وبأساليب مروعة ودخيلة على كل الإنسانية وتاريخها, فالمرجفون يعنونون أحاديث خواطرهم الجانحة نحو الشر في إلصاق تهم الإرهاب وصناعته بالدول التي تتعاون الآن لمحاربته ويتمادون في ذلك بلملمة البراهين القديم منها والحديث وكأن أولئك المرجفين راضون عن جز الرقاب ونحر الأطفال وسبي النساء وتهجير الأقوام، وكأن تلك المناظر تطيب لهم وتؤملهم في عهد من الفوضى في كل مكان فتلك هي أحلام الوهم عندهم.. فالدول الموقعة على اتفاق جدة تدرك أهمية الوقوف في وجه التمادي الظاهر للفوضى في أكثر من موقع ببنود عمل ملزمة وفاعلة حيث لم يعد هناك مجال للتنظير والأخذ والرد فالخطر متفاقم وتعدى الخطوط الحمراء مما حتم ضرورة صده في ظروف غدت ملحة وسريعة مهما جوبهت بالخذلان والكسل والتبرير من البعض, فاتفاق جدة بما فيه من بنود وحيثيات تجيش لعسكرة أربعين دولة لشن حرب عالمية مصغرة لمواجهة داعش وفلوله؛ فهذه الحملة تواجه بتخوين للدول المتحالفة وللمتعاطفين معها بنشر التعليلات والحيثيات المثبطة لهمة المواجهة التي تخلص العالم من صور العنف المستطير, فهذه الأفكار السوداء لابد أن تقابل بحرب فكرية تُحشد لها الجهود المكثفة في كل مكان لتجفيف منابع الإمداد لهذا الإرهاب الغريب الذي استطاع أن يلم تحت راياته السود رجالا ونساء من أكثر من 70 دولة بصياغة محفزات جذب يصعب على العقل الرزين فهم مهيتها ومكنونها الذي يتجاوز كل المبادئ والقيم في كل الأعراف والأديان.. ومع التصميم العريض الذي ينتهجه مسوقو الإرهاب سراً وعلانية يحتاج العالم أجمع إلى مكاشفة وصراحة مطلقة للتضييق على منابع هذا الفكر ودعاته وإقصائهم بل ومحاكمتهم والنيل منهم جراء ما طال العالم من تداعيات فكرهم وممارساتهم, نتمنى أن يعود الجميع إلى رشده وأن يحكم العقل دائما صيانة لضمير الإنسانية والحد من تشويه سماحة الدين.
440
| 14 سبتمبر 2014
العالم يحتشد لمواجهة جهود التطرف التي غدت حالة مخيفة لكل الأوساط، إثر ملامح القتل الكثيف وصور القطع العلني للرقاب وتهجير الأقوام تبعاً لهويتهم في أشد أشهر الصيف دون هوادة أو رحمة.. ففي اجتماعات حلف الناتو الأخيرة يوجه القادة اهتمامهم نحو هذا الخطر الذي كان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد حذر منه تكراراً وبقوة في أكثر من مناسبة، استشعاراً بحجمه وخطورته, وقد كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين لعدد من السفراء المعينين في المملكة مؤخراً تدعو قادة العالم أجمع لمواجهة الإرهاب، قبل أن يصل سريعاً إلى بلدانهم؛ بل وحمل الملك عبدالله السفراء رسالة شفوية لقادتهم بهذا الخصوص.. وكان الملك عبدالله قد وجه مطلع شهر أغسطس الماضي كلمة للعالم بهذا الخصوص أعقبها بتوجيه مباشر لعلماء الدين في السعودية لاستنهاض جهودهم لمواجهة الفكر الداعم لهذا الداء المقيت والذي عانت منه السعودية طويلاً ولا تزال مشيراً إلى ضرورة تفعيل المركز العالمي لمواجهة التطرف والذي كانت السعودية قد دعت إلى تأسيسه مبكراً لتجفيف منابع الإرهاب بشتى صورها.. وتبعاً لمقولة "اشتدي يا أزمة تنفرجي" فيدو أن العالم بدأ يستوعب الخطورة الضمنية لهذا المد المتنامي بتحشيد قواه لمواجهة الممارسات العلنية المكثفة لهذه القوى الانتهازية بإعلان الحرب المكثف عليها في تنسيق لا يجب أن يغيب عنه الجانبان الفكري والمالي، فقد أوضح أحد المتورطين في هذا الفكر أن أعتى الجهود الاستخبارات يستعصي عليها التعرف على مصادر تمويل الإرهاب ومفاصل تنقلاته وهو ما يضع العالم أجمع أمام معضلة كبرى قد لا يكون حلها إلا بالتركيز المهني لفهم آليات هذا التمويل فكرياً ومالياً وهو ما يمكن الوصول إليه من خلال مراكز متخصصة تستجمع التجارب العالمية وتوظف جهودها لهذا الجانب، ويمكن للمركز العالمي لمكافحة الإرهاب الذي دعت إليه السعودية وأخذت فكرته بالتبلور حالياً بجهود أممية أن يسهم في هذا الجانب للوصول إلى عالم تنكسر فيه راية التطرف وتخبو خطورته التي تهدد العالم الآن في مفاصل حيوية، مؤملين أن توظف كل الجهود والطاقات نحو العمل الصحيح لتجنيب العالم ويلات هذا التطرف المقيت الذي يستهدف العودة بالبشرية نحو التخلف والتقاتل, أيضاً فالعالم مدعو حسب ما تنشط به بعض الجماعات العالمية المناوئة للتطرف والقتل والحروب أن تجتث دعائم الفكر والعمل الداعيين لهذا الجنوح بحل العديد من المشاكل العالمية العالقة مثل القضية الفلسطينية وتبعاتها على العالم بوضع جهود السلام العالمية على المسار الصحيح دون تغليب طرف على آخر، مع وقف الدعم السياسي والتسلحي لجهات الاحتلال وأن يكون للضمير العالمي هبة تعيد الحقوق لأهلها حتى لا تكون مثل تلك القضية وغيرها من القضايا التي يهمل فيها العالم حقوق الشعوب لتصير المشجب الذي يعلق عليه المتطرفون أهدافهم ويبررون ممارساتهم قبل أن يدخل العالم أجمع دوامة أكثر تعقيداً.. فقد كانت الحالة السورية وغياب العدالة الاجتماعية في العراق بين مجمل طوائفه مدعاة لظهور القوى المتطرفة مثل داعش وغيرها, فالساسة المجتمعون هنا وهناك ببدلهم الفاخرة و "جرافاتهم" البراقة والملونة مدعوون للحزم وللمكاشفة والمصارحة مع شعوبهم، فقد أخذ الخطر مأخذاً بالغاً في ظل انشغال الساسة بجوانب لا تحيط بالخطر المحدق وكوامنه حتى أن العامة في كل مكان أصابتهم خيبات أمل كبرى في ساستهم وغدوا يشكون في دعمهم لمثل تلك التجمعات المتطرفة ونموها..نعم، فالعالم أجمع مدعو لصحوة كبرى تتعدى الاجتماعات المنمقة والخطابات المنوعة إلى العمل الجماعي المخلص..
527
| 07 سبتمبر 2014
الرياض وطهران ليستا وجهان لعملة واحدة فلكل كيان خاصيته وأهدافه في استقراء ظروف المنطقة وفقاً لمحددات تاريخية وإيديولوجية تحدد الرؤية المستقبلية لها. كما أن البلدين ربما تعبا من التضاد وسوء الفهم والريبة المتبادلة التي افتعلتها مبكراً مظاهر الثورة الإيرانية وإعلاناتها المتكررة المحملة بالأطماع التوسعية والتي غدت في المرحلة الأخيرة مشاريع علنية ممارسة تفترض المواجهة في أكثر من موقع إقليمي. وكما يقال إن حساب الحقل لا يطابق حساب البيدر دائماً فالسياسة أيضاً لها حساباتها المُعقدة التي لا تعطي غالباً النتائج المرجوة وفق رؤية المخططين لها بل تنذر أحياناً بمعطيات وخيمة. لذلك ربما عمدت طهران مؤخراً إلى محاولة من التقارب مع الرياض بإعادة تعيين سفيرها السابق في المملكة السيد حسين صدقي لتولي مهمة التواصل الجديد بعد أن شُحنت أجواء العلاقة بين البلدين بمحفزات التوتر الكثيف والمُعقد إثر الموقف الإيراني من أحداث البحرين وظروف الثورة السورية وغيرها من الأحداث. أيضاً يرتقب البلدان زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والتي باتت في حكم المؤكدة حسب الإعلان الإيراني الأخير. وحقيقة فالظروف الراهنة في المنطقة تحتم مثل هذا التلاقي الذي يجب أن تستثمره البلدان للتفاهم المباشر حول الكثير من المواقف والرؤى وللحد من مسببات التفاقم والسيطرة عليها بما يخدم المنطقة باعتبار أن هناك حزما من التلاقي والأهداف المشتركة فأكثر ما يحتاجه البلدان هو تنمية الفهم المتبادل وبلغة سياسية ذات شفافية مطلقة تضمن الالتزام بمحددات تنمية العلاقة والابتعاد عن مؤثرات التوتر والتي تحددها السعودية وفقاً لسفيرها في الأمم المتحدة السيد عبدالله المعلمي الذي رحب بدور إيجابي لإيران في المنطقة باعتبارها دولة إسلامية كبرى وأن تمتنع من التدخل السلبي في الدول العربية. ومع أن الجميع لا يعرف المدى الذي تتعاطى من خلاله إيران لتمرير أجندتها المرتبطة بتلك الايدولوجيا الفكرية التوسعية والتي تتبناها سراً وعلانية وتوظف لها مجمل اهتماماتها سوى أن نجاحها التاريخي في العراق لا يضمن السلامة لها دائماً فتعتبر الظروف العراقية وتنامي الإرهاب هناك بالشكل الخارج عن السيطرة كما في حالة داعش وهو ما استلزم التوقف وإعادة الحسابات باعتبار الإرهاب في شكله وحجمه الظاهرين حالة لا تفرق بين عدو أو صديق كما أن إيران مهما فتحت من قنوات التواصل مع الغرب عبر الضغط ببرنامجها النووي وتقديم مزايا مستقبلية للغربيين تدرك حجم التأثير السعودي في تحديد عمق ذلك التواصل لمحددات تاريخية وبترولية أيضاً. ومن جانب آخر فموسم الحج على الأبواب وهو ما يحتاج إلى التنسيق السعودي الإيراني المشترك لضمان سلامة الموسم وتجنيبه الشعارات السياسية كما حصل في أعوام سابقة. ويرحب العقلاء في السعودية كما يتوقع ذلك في إيران بهذا التقارب مؤملين في أن يكون بادرة نحو فك الاختناق الذي وصل بين الشعبين إلى حالات خطيرة كما يبدو ظاهراً في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتغذيه إياد خفية تستثمر هذا التوتر للإضرار بعموم المنطقة وخلق مناخ متخم بالعداء المكثف. ولكن يبدو أن للساسة حنكتهم لاحتواء الموقف والعدول عن المزيد من التنافر والعمل لبناء مرحلة تختفي فيها الريبة وتعيد تصحيح مسار بعض الملفات بما يضمن سلامة الجميع ومصالحهم.
479
| 31 أغسطس 2014
ليس للصحفيين أعمار تفوق غيرهم من البشر سوى أنه بموتهم تموت الحقيقة وأحياناً تجز تلك الحقيقة مع رقاب من يحملونها تماماً كما فعلت داعش بالصحفي الأمريكي جيمس فولي مؤخراً الذي ناور التنظيم المشبوه للحصول على ملايين الدولارات فدية له بعد اختطافه في العام 2012م وهو يؤدي مهمة صحفية في سوريا حيث المعارك المستمرة بين النظام وثوار الشام الذين يواجهون الصلف والقوة دون أن يكون للعالم المتابع موقف مؤثر , جيمس فولي من جانب مهني محض هو زميل مهنة يبحث عن الحقيقة والمعلومة في البؤر الساخنة ولكن الثمن في مهمته لم يكن مجرد حزم من التعب المهني المتواصل بل كان الثمن رأسه المقطوع بسكين الداعشي الحادة ليضيف رأساً استثنائياً إلى قائمة ضحايا التنظيم الغريب بفكره وتأقلمه الهستيري مع العنف , مقتل الصحفي جيمس فولي " وسوف أعود إلى الصحفي " غير بعض ملامح اللعبة في واقع التعامل مع داعش من قبل الجماهير الغربية وحكوماتها خاصة البيت الأبيض فقد استفز مشهد القتل العلني للصحفي فولي وكذلك العبارات التي سبقت جز رأسه الرئيس أوباما فخرج يشخص في خطاب له حالة داعش المريبة وربما تحفز دماء فولي المزيد من دواعي الحزم ضد التنظيم الذي بلا شك قد أضرته الضربات الأمريكية المستمرة على مواقعه وتجمعاته فراح يتخلى عن دولارات الفدية مقابل بث الفزع في المجتمعات الغربية وهو تأكيد على إفلاس التنظيم واعتماده على دعاية الإرهاب العلني ولون الدماء وهي بضاعته الأهم دون أن تكون له منهجية مقبولة عند كل الأوساط والديانات فقد نشأ كحالة انتهازية تبطن جملة أهداف في ظروف استثنائية تقوم على فراغات الاختلاف والتضاد , ومن جانب آخر يعد القصف الأمريكي رغم محدوديته نجاحاً مؤثراً في الإضرار بالمكون الداعشي وتمدداته المريبة , فالمناظر والروايات من مواقع التنظيم في سوريا والعراق واستهداف اليزيديين والمسيحيين وقبلهم المسلمين كلها تكرس البغض لهذا التنظيم وتكثف حوله محاولات الاحتواء لشل مفاصله وتجفيف منابع التمويل له من كل المصادر كما فعل مجلس الأمن في قراراته الأخيرة , خاصة وأن العراق الدولة الحاضنة لبوادر ظهور التنظيم غدت تعي خطورة المناورة بتواجد مثل هذه التنظيمات الانتهازية بتكريس الطائفية والتمايز بين مكونات البلد فأصبحت العراق بتولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء هناك ضمن جملة تغييرات رئاسية يؤمل أن تستنهض هممها لمواجهة الظروف الراهنة في العراق والتي تسترعي المزيد من كثافة الوعي السياسي والتعاون الدولي للحد من التمدد الانتهازي لمثل داعش , أعود كما وعدت أعلاه إلى الصحفي جيمس فولي ومقتله المخيف الذي يضيف رقماً ضمن سلسلة استهداف مستمرة للصحفيين في أكثر من موقع عالمي ساخن حيث يدفعون بأرواحهم ثمناً لنقل حقيقة الأحداث في تلك المواقع دون أن تواجه تلك المقاتل سوى بالإدانة الباردة من قبل المنظمات المهنية التي تستنكر وتشجب فقط كما تفعل " اليونسكو " منظمة التربية والثقافة العالمية بعد قتل عدد من الصحفيين في أكثر من موقع , والسؤال كيف يمكن كف مثل هذه التصرفات أو حتى الحد منها باعتبارها تتجاوز أبسط مسلمات الحروب والقتال وتتعدى على الحقيقة والحرية المكفولة عالمياً لإبرازها ومواجهة مثل هذه التجاوزات غير الإنسانية تستلزم موقفاً عالمياً حازماً يفعل المواثيق التي تحترم الدور المهني للصحفيين أينما كانوا وندعو لموقف من كل الإعلاميين والصحفيين للقيام بدورهم لمواجهة هذا الفكر , ومع أن حديثنا عن المواثيق قد لا يعني داعش بالضرورة باعتبار هذا التنظيم المفلس لا يقر بميثاق أو أخلاق .
634
| 24 أغسطس 2014
مدن عديدة لم تطأها أقدام لويس نوا - العامل في مصنع النسيج في انزارا جنوب السودان، كما لم تحتضن أجواء تلك المدن أنفاسه المحملة بشذرات ذلك الفيروس القاتل الذي عبر به من فراش رخيص للرذيلة في العاصمة كينشاسا في الكونغو أو زائير، كما كانت تسمى إلى حيث مدينته وتحديداً زوجته تينا بائعة الماء في شوارع المدينة.. كان الفيروس إيبولا القاتل النهم الذي لا تهزه صحوة من ضمير للعفو عن مرضاه يتمدد كما يشاء, تماماً كما يفعل طبيب الباطنية أمير تاج السر بخيال قراء روايته المعبرة "إيبولا 76" التي نصب فيها المرض بطلاً للرواية إلى جانب حضور لويس نوا البطل المفترض الذي حمل المرض عبر أنفاسه إلى أجساد المنهكين دون أن يموت في مدن تُعبر عن ذات الإنهاك والفقر في كل حالاتها ومكوناتها لتعيش لذة خاصة مع المرض وفق السرد الساخر للروائي الطبيب الذي قدم للقارئ عنواناً ساخراً هو الآخر من قدرات الطب والمختبرات العالمية حين يطل مرض النزف الدموي من جديد على العالم بعد إطلالة فاشيته الأولى عام 1976م دون أن يكون لويس نوا هو البطل هذه المرة في رواية لا تزال فصولها ونهاياتها مفتوحة أمام العالم بجموع أطبائه ومنظماته التي لا نعرف هل هي تحاصر المرض أو تدعم حضوره ليوزع بطاقات الموت السريع على البشر.. إيبولا الآن ينافس حضور داعش في نشرات الأخبار العالمية التي تغض مضجع المتابعين بحالات جز الرؤوس المجانية في حماها الوهمي وتشترك مع إيبولا في التقارير الإخبارية الهامة وراياتها السود التي تمثل شعار الموت المخيف بيد أن حمى النزف الدموي الذي تحاصره منظمة الصحة العالمية بجملة جهود افتراضية تحوم حولها الشكوك العامة خشية اختراق المنظمة من قبل تجار وصناع الأدوية في العالم الذين يعبئون جيوبهم غالباً من صناعة الأمراض أو تعميم الوهم منها تماماً مثل أقرانهم من تجار السلاح الذين يجدون في اندلاع الحروب سوقاً لبضاعتهم الضخمة.. فالعالم الآن يعيش حالات الخوف المنوع التي تغذي أرصدة المتاجرين بدمائهم مرة بفعل الحروب ومرة عبر الفاشيات المرضية التي تجد رواجاً عالمياً مؤثراً بسبب الإعلام الواسع واستنهاض جهود المواجهة الصحية في كل دول العالم, وليس ببعيد عنا تلك التقارير التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية حول الخطأ في حجم التقدير لفاشية إنفلونزا الخنازير التي أشغلت العالم وأدخلته في دوامة المواجهة.. حتى باعت مخازن الأدوية والمعقمات ما يعادل الميزانيات المجمعة لعدد من الدول.. فكل ما نؤمله أن لا نواجه الفاشية الجديدة لإيبولا بسخرية أمير تاج السر الذي وظف المرض للتعريف بالفقر وفوقية التسلط كما في الرواية، ولا كما تجبرنا به تقارير منظمة الصحة العالمية من الوثوق التام في تقاريرها مستقلة أقصى درجات الاحتياط في التعامل مع ظروف الحالة, فالعالم يحتاج الموثوقية في التقارير والشفافية في التفاعل معها, مؤملين أن نصحو ذات يوم على تقارير تبشرنا بانحسار إيبولا ومعه داعش ذلك الفيروس الانتهازي المجسد في فكر ثلة تمارس الكذب المركب ترويجاً لحضورها المقيت.
608
| 17 أغسطس 2014
منذ يوم الجمعة الماضي تشن القوات الجوية الأمريكية حملة ضربات مركزة على ما يفترض أنها مواقع لبعض قوات داعش ومدفعيته التي استولى عليها التنظيم من الجيش العراقي الذي شكل فراره من مدينة الموصل حالة انهزامية قريبة ومدهشة لكل العالم, ويأتي تحديد مواقع القصف وفقاً للتقارير الاستخباراتية الأمريكية التي حضرت مبكراً للعراق كدعم لقواته الرسمية بعد تفشي داعش كحالة انتهازية لجسد العراق المنهك بالطائفية والتجاذبات السياسية الواسعة بعد الغزو الأمريكي دون أن يحقق ساسة العراق ما يحمي الوطن الغني بتاريخه وثرواته وتنوع أعراقه, عموماً داعش أو دولة الخلافة، كما ينعتون أنفسهم بها، تتمدد مستغلة ذلك الوهن السياسي ومستندة على الإرهاب النفسي الواسع الذي تديره عناصرها، كما أن القصف الأمريكي لا يلغي الحالة الذهنية عن فكرة تكون التنظيم وموارد تمويله، خاصة عند تحليل الخطاب الأمريكي المصاحب للقصف الذي وصف بالمحدود أو لمجرد دواعٍ إنسانية جراء ما تواجهه بعض الطوائف العراقية على يد عناصر التنظيم التي تكثف الذبح والهدم والتهجير والتوسع, فالمتابع للحالة الداعشية يدرك أن هناك خللا مبرمجا يفرض حضور هذا التنظيم المارق ظاهرياً، بينما استقراء واقعه وممارساته وخطابه يؤكد صلابة بنيويته وارتكازها على دعائم خفية تؤمن له حالة الاستمرار والقوة المخيفة في المنطقة، حيث لم يعد الأمر مجرد جهاد ضد المحتل، بل هناك أجندة واسعة تتفق مع المخططات التي تستهدف المنطقة عموماً, وفي ذات السياق كان خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للأمة والعالم يوم الجمعة قبل الماضي يشخص تلك الحالة ويحدد الإرهاب كهوية لتلك الممارسات الهمجية التي تستتر بالدين، بينما هي تشوه حقيقة جوهره وسماحته وكان يدعو العالم أجمع لمواجهة هذا الخطر الذي لا يُعرف له مدى ويحذر من التفاعل معه أو مجرد التغافل عنه لحجم ما يضمره من الخطورة والضرر على الجميع, ويأتي القصف الأمريكي مهما كان تشخيصه منسجماً مع دعوة خادم الحرمين للوقوف في وجه هذا الوباء الخطر ويعود بنا الخطاب إلى أهمية تفعيل مهمة المركز العالمي لمكافحة الإرهاب الذي دعت له السعودية مبكراً بعد أن حققت تقدماً في مواجهة مثل تلك الممارسات التي اكتوى بها مجتمعها وأصبح لدى الأمن السعودي تصوراً واقعياً عن دواعي الممارسات الإرهابية وتوجهاتها، مما يساعد العالم أجمع في هذه المواجهة دون أن تظل الممارسات مجرد إلقاء وتبادل للتهم كما فعل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي طويلاً دون أن يلتفت إلى مضامين الأمور ويعالج ما يمكن للحد من استفحالها, كما أن الساسة في العراق مدعوون الآن لتحمل مسؤولياتهم ودورهم التاريخي لإعادة نصاب الأمور إلى واقعها وحلحلة مسببات الوهن في بلادهم التي غدت مرتعاً للانتهازيين وأصحاب المخططات المدمرة وعليهم أيضاً التفوق على مصالحهم الحزبية والطائفية من أجل عراق معافى تختفي منه صور التشرذم والتمزق والإرهاب, حقيقة نتمنى أن نصبح ذات يوم قريب وقد صار حضور داعش وغيرها من دعاة الإرهاب من الماضي, كما أن القصف الأمريكي لداعش قد يجر تبعات وويلات غير محمودة على المدى الطويل، لما يولده من حنق تجاه العالم وما قد يوفره من تعاطف عقدي عند من يحملون عقدة ضد الغرب، لذلك يظل تمتين البنية المحلية في العراق هو الحل، كما تظل الإدارة الأمريكية مطالبة بمواقف عادلة وحازمة ضد كل ما يضر بالإنسانية في كل مكان، لا أن يقال دائماً إنها تكيل بمكيالين، فتقابل إرهاب داعش في العراق وتصد عنه في سوريا، بينما لا ترى أبدا ما يحدث في غزة.
909
| 10 أغسطس 2014
يتحدثون عن مصالحة خليجية قريبة قادمة تجب ما ظهر من خلافات بينية في بعض المواقف بين عدد من دول الخليج أدت إلى سحب سفراء السعودية والبحرين والإمارات من الدوحة في شهر مارس الماضي. ويبدو أن المبشرين بهذه المصالحة بنو توقعاتهم على التحركات الدبلوماسية والزيارات الأخيرة المكثفة التي قام بعض القادة وممثلوهم بين العواصم الخليجية وبالذات الزيارة الرمضانية التي التقى فيها سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جدة. فنحن في عموم دول الخليج نعلق على جملة هذه التحركات لحصد ثمارها بالعودة إلى مربع التلاقي والانسجام بين القيادات هنا لمعالجة ذلك التباين ومواجهة الظروف الراهنة والصعبة التي تمر بها المنطقة والتي تستلزم التجاوز العملي لكل الخلافات ووحدة الصف وتوحيد الرؤى والمواقف والتي طالما كانت هي السد المنيع أمام العواصف والنوازل التي مرت بها المنطقة وكانت تستهدف كياناتها. وحيث لا خيار الآن سوى العودة إلى التلاقي ونبذ الفرقة والعمل على اعتبار الخلافات الماضية دروساً تمتن المواقف القادمة لمواجهة المستقبل. ولعل من أجمل ما طالعته من القراءات التي تدعو إلى التعجيل في هذا التلاقي وهو الدعوة إلى التركيز المباشر على المصلحة الخليجية لشعوب المنطقة ودولها دون التنافس والتباري العلني بالمواقف لصالح غير ذلك. كما إننا في هذا الارتهان المباشر للظروف الحالية يجب أن نلتزم بالمكاشفة والمصارحة الحقيقية دون مواربة أو مزايدة على المواقف باعتبارنا جسد واحد يتناغم مع ظروف عموم أمته ومحيطها التي تلازمها الآن مخاطر واسعة وأطماع ومخططات علنية وتحشيد لمواقف الفرقة والاصطفافات الحزبية والطائفية بل والعمل الإرهابي المسلح الذي يستهدف شعوبنا ويستغل مقدراتنا وأبناءنا لخلط الأوراق وتعميق فجوة الخلاف والريبة بيننا. لقد وعت أجيالنا على نغمة نرددها جميعا " خليجنا واحد " وربما هذا هو أوان الوحدة وضرورتها بيننا جميعاً لمواجهة ما يدبر لنا وسط تداعيات واسعة وخطيرة. فليس سوى الصمود الجماعي والتعاضد بيننا دول وشعوب لنتجاوز هذه المرحلة المخيفة بسلام وأمان. أعود إلى تباين الآراء بين دولنا ولا نخطئ أحد بل ليكن هذا الاختلاف دعوة للتكامل وتبادل الأدوار والمواقف بين دولنا وهو ما نستشف حقيقته فعلاً في نمطية التعاطي السياسي لدولنا إذا ما حاولنا استقراء تلك النمطية عطفاً على متانة الروابط التاريخية بيننا وحتمية المستقبل المشترك لنا جميعاً بل هو عين اليقين التي تبت الثقة في نفوس المتابعين المعتدلين من أبناء الخليج ومن يدركون الشيمة والقيمة في طبيعة مبادئنا المشتركة وهو ما يفرض علينا كشعوب الالتزام بالاحترام المتبادل بيننا بدلاً من الانسياق خلف الشائعات وبناء الأكاذيب للنيل من بعضنا وتصنيف مواقفنا. نحن هنا وحدة فطرية موروثة لم تصنعها الأنظمة ولا تعيقها الحدود وهو ما يجب أن نستثمره بوعي واستدراك لذلك نحن ننتظر التوافق والمصالحة عاجلاً وندعو كل قادة الخليج للمضي في هذا الجانب والسعي له لنظل ننعم معاً بالخليج ومعنى الاستقرار والأمان في كل دوله.
716
| 03 أغسطس 2014
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6639
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6501
| 24 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2697
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2163
| 30 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1701
| 26 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1506
| 27 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1080
| 24 أكتوبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1029
| 30 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1026
| 27 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1011
| 29 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
1011
| 24 أكتوبر 2025
“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
966
| 27 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية