رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الاعتدال في الغرامات والرسوم

كل الملاحظات والآراء التي نقدمها في هذه المقالات هي بهدف الحث على تحسين بيئة الاعمال وتشجيع الجهات الرسمية لدعم وتمكين القطاع الخاص وتطويره. وفي هذا الاطار لاحظنا أن الرسوم والغرامات التي تفرضها جهات رسمية أو بنوك على الشركات أو مجتمع الاعمال على نحو عام كبيرة وفي أحيان متعسفة. يحكي رجال اعمال كثر عن معاناة شركاتهم مع وزارات وهيئات حكومية فيما يتعلق بتقدير قيمة مخالفات أو طريقة تحصيلها. لقد انتبهت الحكومة الى ارتفاع الرسوم التي تحصلها مقابل الخدمات التي تؤديها للقطاع الخاص مثل رسوم وزارة التجارة والصناعة او وزارة الثقافة، فعلى سبيل المثال كانت رسوم اصدار موافقة على تأسيس دار نشر لدى وزارة الثقافة تبلغ 100 الف ريال، تم تخفيضها الى 1500 ريال فقط، اما غرامة عدم تجديد الرخصة التجارية لدى إدارة السجل التجاري فكانت تبلغ 500 ريال شهريا، بما يعادل 6000 ريال سنويا، في حين تبلغ رسوم التجديد 1000 ريال سنويا فقط، وجرى تخفيض هذه الرسوم الى 500 ريال للتجديد. نستدل من ذلك أن الغرامات المترتبة على بعض المخالفات او التأخير في سداد رسوم على الشركات يكون مبالغا فيها في أحيان كثيرة. وقبل الإشارة الى التخفيضات الكبيرة التي أجرتها الحكومة على الرسوم والغرامات الخاصة بممارسة الاعمال العام الماضي، يجدر بنا الإشارة أولا الى أن رفع قيمة الرسوم او التعسف في التحصيل وفرض غرامات كبيرة على مخالفات بسيطة كعدم كتابة اسم المحل باللغة العربية على سبيل المثال والتي تصل الى 50 الف ريال يعود في المقام الأول الى الرغبة في تعظيم عوائد الجهة المعنية وكأننا في سباق يتم فيه الإشادة بمن عظم عوائده. جاءت التخفيضات في قيمة الرسوم والغرامات التي تفرضها الجهات الحكومية على الشركات نتيجة جهود كبيرة بذلتها جهات معنية بتطوير القطاع الخاص ومنها غرفة قطر، وكانت النتيجة أن جهات حكومية عديدة ادركت ان هذه الرسوم والغرامات تعوق تطور القطاع الخاص وتحد على نحو مباشر من تقدمه، بل إن بعض هذه الرسوم والغرامات تطول سمعة الدولة فيما يتعلق بسهولة ممارسة الاعمال وبالتالي تحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية، ونحن هنا لا نتحدث عن تدفق أموال، انما يتم حرمان مجتمع الاعمال من خبرات متصلة بدخول تلك الاستثمارات. الأمر الآخر والذي يحتاج الى وقفة هو منح الموظف الذي يقوم بتسجيل مخالفة أو تحصيل رسومها لحافز مالي، الامر الذي أدى الى تضخم في تسجيل المخالفات وكأنها أصبحت هدفا في حد ذاتها وخلق ما يمكن ان نطلق عليه تضارب المصالح، اعتقد من الأفضل أن تصدر الحكومة قرارا بالامتناع عن منح هكذا حوافز، فتلك الحوافز تخالف بالضرورة المسؤولية الأخلاقية في تسهيل ممارسة الاعمال. اما الغرامات والتي يصل في بعضها الى اغلاق المؤسسة التجارية أو اتحاذ إجراءات إدارية أخرى فيجب ان يسبق كل ذلك عدد من الإنذارات لا يقل عن ثلاثة، مع ضرورة التواصل مع المعنيين في هذه المؤسسات التجارية ومناقشة الحلول، وفي حال فشل كل هذه الإجراءات، يتم اللجوء الى القضاء، حيث إن اغلاق المؤسسة التجارية وإلغاء سجلها التجاري، فذلك من اختصاص القضاء وليس مجرد قرار اداري.

366

| 01 يونيو 2025

ردود فعل متطابقة

احتوى المقال الماضي على ما يمكن ان نطلق عليها مرارات في علاقات القطاع الخاص مع القطاع المصرفي وكنت اعتقد ان مثل هذه المرارات ربما تكون تجارب فردية الى أن انهمرت علي ردود فعل القراء، فأحسست أننا امام ظاهرة عامة تستحق أن نقف عندها طويلا ونمحص أسبابها ونبتكر حلولا لها. لخص أحد القراء المقال بقوله إنه (يناقش قضية محورية تتعلق بعلاقة البنوك بالتنمية الاقتصادية، ويركز بشكل خاص على الدور المنتظر من القطاع المصرفي في دعم القطاع الخاص في قطر ويسلط الضوء على العقبات التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة ورجال الاعمال في التعامل مع البنوك، مثل: الإجراءات البيروقراطية المعقدة. صعوبة فتح الحسابات. اشتراط أرصدة مرتفعة. ضعف التسهيلات المصرفية. كثرة الرسوم وارتفاع تكاليف الخدمات المالية ويطرح المقال حسب وجهة نظره (أسئلة جوهرية حول التوازن بين هدف البنوك الربحي ومسؤولياتها التنموية) فيما يعكس (خبرة الكاتب واحتكاكه العملي بالموضوع) وختم بقوله إن اهم ما يتميز به المقال هو (الربط المباشر بين الإجراءات المصرفية وتأثيرها على النمو الاقتصادي) فيما ارسل لي احد كبار رجال الاعمال تعليقا أشار فيه الى أن ما يحتوي عليه المقال من حقائق عن البيئة المصرفية (صحيح 100%) وكتب تحت عنوان (ما يعانينه المراجعون مع البنوك وفق تجاربنا في فروع الشركات الرئيسية) تلخيصا لتعقيدات منها: اجبار العملاء لتحديد موعد مسبق عبر الاونلاين حيث يأخذ ذلك من اسبوعين الى ثلاثة أسابيع (ذكر اسم البنك) في حال أن المستندات المطلوبة لم تكن مكتملة، لا يتم السماح بأرسال النواقص بواسطة البريد الالكتروني او الواتسب كما لا يتم السماح بإحضارها في اليوم التالي بل يتوجب تقديم طلب موعد جديد اونلاين. في كل معاملة (حتى ولو كانت صغيرة) يتوجب احضار جميع المستندات الخاصة بالشركة بداية من عقد التأسيس مرورا بالسجل التجاري والرخصة (بتاريخ حديث) وبطاقة قيد المنشأة وصور بطاقات المخولون بالتوقيع. عند السؤال عن سبب طلب كل هذه المستندات يتم التحجج بأنها تعليمات البنك المركزي وهي تعليمات يتم تحديثها كل فترة. الانتظار طويلا بالبنك انتظارا لمقابلة الموظف المعني. وتأكيدا حول ما جاء في المقال، تفرض البنوك رسوما إذا نقص الرصيد عن مبلغ معين ولا تقل الرسوم عن 450 ريالا شهريا. تفرض البنوك غرامة قد تصل الى 950 ريالا شهريا في حال عدم تجديد السجلات والرخص التجارية او في حال عدم موافاتهم بالجديدة. احيانا كثيرة تختلف المستندات المطلوبة لإنجاز معاملة ما من موظف الى اخر. تختلف رسوم الغرامات من بنك الى اخر. لا يوجد مدير للحسابات بالبنك يمكن اللجوء إليه عند مواجهة مشكلة ما. تختلف البنوك عن بعضها البعض في سهولة الإجراءات. وكتب أحد القراء قائلا(اضم صوتي الى صوتكم بضرورة مراجعة السياسات المصرفية الخاضعة لتوجيهات المصرف المركزي وذلك باعتماد إجراءات أكثر فعالية كتبسيط الإجراءات وتقليل المعوقات التي تحول دون نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تواجه تحديات تعيق حصولها على التمويل اللازم رغم مساهمتها الفاعلة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية). فيما كتب قارئ آخر قائلا (مقالكم يلامس صميم التحديات التي تواجه القطاع الخاص في علاقته مع البنوك. كما ان طرحكم للتساؤلات حول دور البنوك في التنمية الاقتصادية ودعم القطاع الخاص جوهري ومهم للغاية. حيث إن هذا الطرح المتوازن يعكس فهما عميقا للواقع المصرفي ودوره في التنمية) ووصف المقال بأنه يحتوى على (تحليل عميق وشجاع) هذه بعض من الردود المكتوبة والتي وصلتني من قراء تعاني شركاتهم وأعمالهم التجارية من تعقيدات في التعامل مع البنوك. اعتقد أن الأمر يحتاج الى وقفة جادة لمعالجة هذه التعقيدات والصعوبات.

372

| 25 مايو 2025

البنوك والتنمية الاقتصادية.. أي دور؟

الهدف من المقالات التي أكتبها أسبوعيا في جريدة الشرق الغراء هو طرح قضايا تهم القطاع الخاص القطري في محاولة الى لفت الأنظار الى المعوقات التي تواجهه في سعيه الى التقدم والنمو او توجيه الجهات الرسمية الى نماذج في الاعمال تخدم فكرة اشراك القطاع الخاص في التنمية. ولكن هناك جانبا لا يتم في الغالب طرحه في العلن تتعلق ببيئة الاعمال والتي يمكن وصفها بغير الصحية التي تجمع القطاع الخاص مع القطاع المصرفي، وهنا يتوجب الإجابة عن سؤال جوهري وهو ما الدور الذي يجب ان يلعبه القطاع المصرفي في اطار التنمية، هل البنوك هي مؤسسات تعمل من اجل الربح لنفسها او من اجل مساعدة الشركات والافراد في إدارة اعمالهم وبالتالي مساعدة المجتمع على النمو والتطور؟ من نافلة القول الحديث عن الدور المحوري للبنوك في التنمية الاقتصادية، ولكن اذا تم الإقرار أن هذه التنمية الاقتصادية لا يمكن تحقيقها دون دور رئيسي للقطاع الخاص، من هنا يأتي السؤال، هل تقوم البنوك بمساعدة القطاع الخاص حقا ليساهم في التنمية الاقتصادية؟ نلاحظ دون خوض في التفاصيل ما يلي: يعاني الافراد والشركات من صعوبات متزايدة في التعامل مع البنوك بكافة فروعها وتخصصاتها في الحصول على تسهيلات او قروض او حتى في تحديث البيانات، فالحصول على بعض الخدمات كفتح الاعتمادات البنكية أو التسهيلات المالية وغير ذلك من الخدمات اصبح أمرا صعبا بالنظر الى الإجراءات المعقدة والمتطلبات المتغيرة باستمرار. البنوك في قطر تتسابق نحو الودائع الحكومية وتتجاهل ودائع الافراد او القطاع الخاص ولا تبذل جهودا كافية لجذب هذه الودائع او تحفيز المودعين. تفرض البنوك إجراءات مشددة لفتح الحسابات للشركات وتضع شروطا مجحفة على الشركات الصغيرة والمتوسطة فيما يتعلق بإدارة الحسابات، فبعض البنوك تفرض حدا ادني لرصيد الحساب يصل الى 100 الف ريال وفرض غرامة تصل الى 500 ريال شهريا في حال نقص الرصيد عن ذلك الحد، فهناك شركات صغيرة او متناهية الصغر محرومة من فتح حسابات في مثل هكذا بنوك، كما أن وضع شرط حد أدنى يحرم هذه الشركات من الاستفادة من هذه الأموال المحجوزة وكان الحد الأدنى لرصيد الحساب لا يتجاوز 10 الاف ريال قبل عام 2023. ويبدو ان الهدف المستتر من وراء الحد الأدنى لرصيد الحساب هو حجز أموال شركات وكأنها ودائع مصرفية دون ان تدفع البنوك فوائد في مقابلها، او تقديم تسهيلات او قروض. رغم التوسع في استخدام التكنولوجيا المالية ولكن يلاحظ أن مئات العملاء ينتظرون في صفوف طويلة يوميا في الفروع التي تتعامل مع الشركات مما يشير الى تراجع خدمة العملاء في البنوك على نحو عام او في وضع اشتراطات واجراءات تجعل من انجاز المعاملات يستغرق وقتا أطول ويهدر جهودا دون طائل. رغم ان الشركات الصغيرة والمتوسطة تشكل ما نسبته 95٪ من عدد الشركات غير ان البنوك تتجنب او تصعب إجراءات منحها قروضا او تسهيلات مصرفية مما يضع علامات استفهام حول دور البنوك في التنمية الاقتصادية او تنمية القطاع الخاص. نعلم جميعا أن البنوك تخضع لرقابة من المصرف المركزي وأن جزءا كبيرا من عملياتها واجراءاتها والسياسات المصرفية التي تطبقها هي في الغالب تعليمات تتلقاها من البنك المركزي او هيئات رقابية أخرى ولكننا نطالب بضرورة ان تتسم هذه السياسات والإجراءات بمرونة تتيح للقطاع الخاص الاستفادة من خدمات البنوك، فتلك المرونة هي وحدها الطريق الى تنمية القطاع الخاص.

372

| 18 مايو 2025

الحلقة المفرغة ( 2 - 2)

هل نحن بالفعل ندور في حلقة مفرغة فيما يخص تسهيل ممارسة الأعمال، فمن جهة نستمع باستمرار إلى تصريحات من مسؤولين حكوميين يحدثوننا بالأرقام عن التشريعات والإجراءات الجديدة والتي تخدم سهولة الأعمال، كما نلمس في الوقت نفسه تخفيضات في الرسوم الحكومية، ولكن من الجهة الأخرى ما زلنا نرى طوابير الانتظار لتخليص المعاملات. تحدثنا في المقال السابق عن كيف أن هذه الأزمة (أزمة الطوابير) يعود في جزء كبير منها إلى تشدد موظفي الحكومة في التعامل مع المراجعين حسب تقرير اللجنة المشتركة بين الحكومة والبنك الدولي لعام ٢٠١٩ والتي شخصت أسباب تراجع قطر في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال. تلقيت فور صدور المقال ردود فعل من عدد من رجال الأعمال، مثل ما كتب لي أحدهم (المقال في جزئه الأول (1-2) يناقش بكل جرأة موضوع الفجوة الموجودة بين القول والممارسة الفعلية لدى الجهات الحكومية فيما يتعلق بتسهيل إقامة الأعمال في قطر، وما يميز المقال أنه طرح الفكرة بأسلوب مباشر وصريح والاستشهاد بمؤشر سهولة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي والكشف عن السبب الرئيسي لتراجع ترتيب قطر في المؤشر). فيما قال آخر (المقال متميز لأنه يتناول موضوعا مهما وهو تسهيل الإجراءات وتحفيز ممارسة الأعمال وهي قضية جوهرية تصب في صالح تطور القطاع الخاص، والاعتماد على المؤشرات الإحصائية أعطى زخماً ومصداقية كبيرة لأنه يعكس بوضوح مدى التقدم في تسهيل ممارسة الأعمال للقطاع الخاص كما أعطى مؤشراً مهما للمشكلة حيث تراجعت التصنيفات وفقا لمؤشرات المؤسسات الدولية، كما أنه يؤشر بوضوح للهوة الكبيرة بين تصريحات الجهات الحكومية وما هو على أرض الواقع بالفعل وأعتقد أن تناول مثل هذه القضايا والكتابة الجيدة المدعمة بالإحصائيات سيكون له أثر طيب في ازدياد توجه الحكومة لتحسين وتحفيز ممارسة الأعمال ودعم تطور القطاع الخاص ودوره في الاقتصاد الوطني) انتهى الاقتباس. أعتقد أن جزءا كبيرا من الحل لمثل هذه الإشكاليات - إذا جاز التعبير - يحتاج إلى ضرورة إعادة النظر إلى الطبيعة الجديدة لممارسة الأعمال في العصر الحديث، حيث اتجهت التجارة إلى فضاء الإنترنت الواسع والعريض، فنشأت شركات كبرى في العالم متاجرها عبارة عن منصات إلكترونية وموظفوها يعمل معظمهم من منازلهم، في حين ما زالت حكومات في منطقتنا تضع أمام قطاعها الخاص حزمة من الإجراءات التي عفى عليها الزمن. من الجهة الأخرى هناك ضرورة ملحة للشروع في برامج تدريب للموظف الحكومي بهدف تعديل رؤيته لمهمته ولعلاقته بمجتمع الأعمال، وفق السؤال التالي: هل دور الموظف أن يسهل وينجز للمراجع أوراقه أم أن يقف كحائط صد وكأن المراجع أمام قاضي في انتظار الحكم !!!! إذن أمام الجهات المعنية أن تعمل على أربعة أهداف إستراتيجية في هذا الشأن، فمن جهة عليها أن تخفف المزيد من الإجراءات لتسهيل ممارسة الأعمال استنادا إلى توجهات عالمية تعتمد على استخدام التكنولوجيا والفضاء الإلكتروني لإنشاء وتسيير الأعمال التجارية، ثانيا أن يتم الاستمرار في تخفيف الرسوم الحكومية، حتى نصل إلى أن تصبح رسوما رمزية، ثالثا أن تعمل على تعديل سلوك الموظفين الحكوميين ليصبحوا في خدمة الأعمال وليس في مقام آخر، ورابعا وهو الأهم، أن تساعد في إتاحة التمويل للشركات وأن تطرح مزيدا من المشاريع والمبادرات. وبمثل هذه التوجهات يمكن بث روح جديدة لتسريع وتيرة الأعمال والتنويع الاقتصادي المنشود والخروج من الحلقة المفرغة.

393

| 11 مايو 2025

الحلقة المفرغة (1 - 2)

قبل عام 1995 لم يكن هناك قطاع خاص قطري حديث، كانت مجرد أعمال تجارية وعقارية محدودة تتغذى من الرواتب التي تدفعها الحكومة للموظفين، ولكن هذا القطاع تطور على نحو سريع ومفاجئ وذلك من خلال رؤية ثاقبة تبناها سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (1995 - 2013) وهي فترة حفلت بالكثير من التطورات الاقتصادية المبهرة ومنها النجاح في مشروع تسييل غاز الشمال وبدء التصدير والشروع في تطوير البنية التحتية والحصول على شرف استضافة كأس العالم 2010. انعكست هذه النقلات الاقتصادية على القطاع الخاص والذي تطور بدوره إلى انفتاح على النماذج الاقتصادية الحديثة، فشهدنا مع مطلع هذا القرن مئات الشركات التي تم إنشاؤها وآلاف الموظفين والعمال الذين انضموا إلى سوق العمل، كما شهدنا أيضا مئات من الشركات الأجنبية التي دخلت إلى السوق القطري ومجموعة من المولات تم افتتاحها، ومئات الأبراج التي ارتفعت طوابقها إلى عنان السماء وهي تضم في جوفها شركات حديثة بمعايير دولية. وفي الجانب الآخر كان مطلوبا من الحكومة تطوير تشريعاتها وإجراءاتها لتسهيل بيئة الأعمال والسماح لعدد أكبر من المواطنين أو المقيمين لإنشاء شركاتهم والمساهمة في تنفيذ المشاريع أو تقديم الخدمات، وهنا يمكنني القول دون مواربة إن السرعة في تطور الأعمال التجارية لم تواكبها أبدا سرعة حكومية في إنجاز المعاملات أو تسهيل بيئة ممارسة الأعمال. هذا الوضع أدى إلى تباطؤ وتيرة تقدم القطاع الخاص وإلى ازدياد شكاوى المراجعين من العراقيل والتحديات التي تواجههم خلال إنجاز معاملاتهم الورقية (سابقا) والإلكترونية (حاليا)، بل إن طوابير المندوبين وأصحاب الأعمال وهم ينتظرون إنجاز معاملاتهم أمام نوافذ الوزارات أصبح منظرا اعتياديا في دولة قطر، وهذا لا يعني عدم وجود جهود حكومية متصلة لتحسين وتسهيل الإجراءات، بل إن مئات الملايين من الريالات تم صرفها لتطوير الأنظمة وزيادة أعداد الموظفين وفتح العديد من الفروع لإنجاز المعاملات وزيادة الوقت المخصص لذلك. ويبدو أن هذه الجهود والتي تم بذلها خلال السنوات العشر الأولى من صدور أول تقرير لمؤشر سهولة ممارسة الأعمال والذي يصدره البنك الدولي منذ العام 2003 أتت أكلها، فجاء ترتيب قطر في التقرير الذي صدر في العام 2011، في المرتبة 36 على مستوى العالم، محققة بذلك أفضل مستوى في ترتيبها منذ البدء في إصدار هذا المؤشر، ولكنها تراجعت بعد ذلك لتنحدر إلى المرتبة 83 لعام 2019، وبالتأكيد كان تراجعا مزعجا دفع المجموعة الوزارية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشاريع التنمية الاقتصادية، لتشكيل لجنة مع مجموعة البنك الدولي في ذلك العام للبحث في أسباب هذا التراجع، حيث كشف تقرير اللجنة أن أحد أهم أسباب تعثر سهولة ممارسة الأعمال في دولة قطر يعود إلى تشدد موظفي الحكومة في التعامل مع المراجعين وطالبي الخدمات الحكومية، كان اكتشافا يعرفه المراجعون ويعانون منه منذ سنوات طويلة. وفي الواقع وبينما يتوجب على الموظف أن يؤدي وظيفته بما يسهم في تسهيل الأعمال وتسريع معاملات المراجعين، نجد أن ما يحدث هو العكس تماما، فقد أصبح تأخير وتصعيب الإجراءات لدى الموظف هي الثقافة السائدة. خلال السنوات الخمس الأخيرة جرت مياه كثيرة تحت جسر تسهيل ممارسة الأعمال في الدولة، حتى أن آخر تقرير لمؤشر سهولة لعام 2020 - وهو بالمناسبة التقرير الأخير الصادر عن البنك الدولي - أظهر تقدم قطر إلى المرتبة 77 عالميا ويبدو أن ذلك نتج عن (سياسات الإصلاح التي انتهجتها الدولة وشروعها نحو تحسين لوائحها التجارية) و(تبسيط الإجراءات ودمجها، وتوفير الأطر التنظيمية والتشريعية والرقمية في مجال الأعمال) حسب تصريحات لمسؤولين في وزارة المالية آنذاك. يسعدنا أن نعرف أن سياسات الإصلاح ما زالت مستمرة، ولكننا نتأسف أن تشدد موظفي الحكومة ما زال مستمرا أيضا وهذا ما يجعلنا ندور في حلقة مفرغة.

972

| 04 مايو 2025

قوائم التمني

السفر إلى الصين وخصوصا إلى مدينة كوانزو الجنوبية والتجول في أسواقها ومصانعها له نكهة خاصة. فالسلع الصينية الفاخرة والتي هي تقليد دقيق لعلامات تجارية أوروبية وأمريكية تملأ الأسواق وتباع بأسعار لا تتجاوز 5٪ من أسعار نفس المنتج الأصلي في الأسواق العالمية. أما السيارات الصينية الجديدة والتي غزت الأسواق العالمية، فتلك قصة أخرى، فالتسابق على شراء هذه السيارات لا يتعلق بالسعر فقط ولكن جودتها والتكنولوجيا المتوفرة فيها أمر أذهل المستهلكين حول العالم. بالطبع لا يمكننا لوم الوكيل المحلي للماركات الأوروبية أو الأمريكية، فمن حقه أن يفتتح متجرا لبيع هذه الماركات بالسعر العالي المتفق عليه، ولكن من الجهة الأخرى يجب توعية المستهلك بأن الجزء الأكبر من المبلغ الذي يدفعه يذهب مباشرة كقيمة للعلامة التجارية وليس للمنتج. اليوم وبغض النظر عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي بدأها دونالد ترامب في ولايته الأولى 2016 -2020، ولكن هذه الحرب التي تجدد أوارها مؤخرا كشفت عن جانب آخر مظلم في التجارة الدولية، ذلك أن الدول الغربية ومنها الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وبالأخص إيطاليا وفرنسا تبيع المستهلكين حول العالم سلعا فاخرة تحمل ماركات مشهورة وبأسعار مرتفعة بشكل لا يمكن تصوره ولكن المنتجين الصينيين بدأوا منذ مطلع التسعينيات في إعادة إنتاج هذه السلع وبنفس الجودة الأوروبية والأمريكية لتباع بأسعار منخفضة في الأسواق الأوروبية والأمريكية نفسها. لقد شاهدنا مؤخرا وفي إطار الحرب التجارية في تطبيقات مثل تيك توك عشرات من عمال المصانع والتجار الصينيين وهم يكشفون عن خفايا إعادة إنتاج الحقائب النسائية والملابس والإكسسوارات والمصنوعات الجلدية والتي تحمل علامات تجارية مشهورة وكيف أنها تنتج في نفس المصنع والذي ينتج منها نسخا أخرى تباع بأسعار زهيدة !!!! ويبدو أن المستهلكين وخصوصا الطبقات الغنية منهم وقعوا ضحية ما يمكن أن نطلق عليها (قوائم التمني) ذلك أن أصحاب الماركات المشهورة ينتجون منها كميات بسيطة للغاية لتباع بأسعار عالية للغاية ويجعلون المستهلك يركض خلفهم لاقتناء المنتج وينتظر في بعض الأحيان أسابيع أو شهورا للحصول عليه، لذلك أطلقنا على مثل هذه الخطط والإستراتيجيات التسويقية (قوائم التمني)، ففي بعض الأحيان يتم وضع المشتري في قوائم الانتظار، حتى يشعر بأن ما سيحصل عليه شيء مميز ويستحق الانتظار والتمني، بينما يحصل أصحاب الماركات على مليارات الدولارات، حتى أن أحدهم أصبحت ثروته تزيد على مائة وخمسين مليار دولار من عوائد علامته التجارية. والآن، ربما تؤدي المنازعات التجارية الجارية حاليا مع الصين إلى فوائد ملموسة على المستهلكين حول العالم وبالأخص في دولنا الخليجية والعربية، لأنها كشفت لنا عن خفايا تصنيع منتجات العلامات التجارية المشهورة والطرق الخبيثة لتسويقها. فهل آن الأوان لكشف حقيقة الخديعة الكبرى التي أسرتنا لعقود من الزمان وجعلتنا ننتظر في (قوائم التمني) للحصول على منتجات هي في الواقع يتم تصنيعها في الصين بأسعار زهيدة لتذهب ما يزيد على 200 ٪ من قيمتها لصالح أصحاب العلامات التجارية. دعونا ننتظر

567

| 27 أبريل 2025

الجائزة الكبرى

وافق مجلس الوزراء الموقر الأسبوع قبل الماضي على توصية بإنشاء جائزة قطر لتوطين الوظائف في القطاع الخاص، وجاء هذا القرار امتدادا لقانون توطين الوظائف في القطاع الخاص والذي تم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 أكتوبر 2024، أي ان تطبيقه أصبح ساريا في تاريخ 17 ابريل الجاري. وأوضح مجلس الوزراء وهو يعظم هذه الجائزة أنها تهدف إلى (تشجيع المنافسة الإيجابية بين منشآت القطاع الخاص في مجال توطين الوظائف من خلال تكريم المنشآت التي حققت مستهدفات التوطين، وساهمت في تحقيق الرؤية الوطنية لدولة قطر ومستهدفات استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة الرامية إلى تكوين قوى عاملة جاهزة للمستقبل، ولتكريم المواهب المتميزة من المواطنين العاملين بالقطاع الخاص وأصحاب الرؤى المتميزة والرواد المبتكرين بهذا القطاع). إذن فإن الدولة وبهذه الجائزة تشجع القطاع الخاص لاستيعاب مزيد من المواطنين للانضمام الى قائمة موظفيها ولكن ومن وجهة نظري فإن اكبر جائزة يمكن تقديمها للقطاع الخاص هي المساعدة في تطويره ومنحه مزيدا من الثقة وتسهيل الاعمال وتسهيل الحصول على التمويلات والتسهيلات البنكية من خلال زيادة رأسمال بنك قطر للتنمية وانفتاح الدولة على شركات القطاع الخاص إضافة الى خلق شراكات حكومية قوية في مجالات أخرى متعددة او التوسع خارجيا. ومتى كان هناك قطاع خاص متطور وديناميكي وله قدرة حقيقية في خلق الوظائف فإن قيامه بتوطين الوظائف واستيعاب مزيد من الشباب القطري سيكون ممكنا وجاذبا في الوقت نفسه. ، فذلك يندرج ضمن المسؤولية الاجتماعية للشركات، ولكننا نقول دائما إن القدرة على خلق الوظائف هو الضامن الرئيسي للتوطين، فالشباب لا يبحث عن وظائف من اجل دخل أعلى فقط ولكنه يبحث أيضا عن وظائف جاذبة في شركات او منظمات قوية ولها اذرع استثمارية كبيرة، وألا ينتاب الموظف انه يشكل عبئا على الشركة او عبئا على ادارتها العليا أو أنه مجرد (تمامة عدد) لذا يجب أن يتم التركيز أولا على الشركات الحكومية وشبه الحكومية وشركات المساهمة العامة قبل فرض أي إجراءات على القطاع الخاص ويجب ألا يغيب عن بالنا في خضم كل هذا الحماس أن دولة قطر – والحمد لله – لا تعاني من نسبة بطالة عالية، بل إنها منخفضة الى حد انها لا تتجاوز 0.1% لقد شعرت بالسعادة من أن تطبيق قانون التوطين صاحبه تشجيع القطاع الخاص من خلال منحه تحفيزا معنويا في حال قيامه بتوطين بعض وظائفه، ولكن ما اخشاه حقا أن يتحول هذا التشجيع مستقبلا الى نوع من الضغط المعنوي او القانوني، فليس اقسى على القطاع الخاص من أن يصبح مجبرا للعمل ضد مصالحه. اطلقوا قدرات القطاع الخاص وتلك هي الجائزة الكبرى.

504

| 20 أبريل 2025

من دولة الرعاية إلى دولة الإنتاج

أعجبني التعبير الذي أطلقه معالي رئيس مجلس الوزراء وهو يعلق عن رؤية حكومته لدعم القطاع الخاص عندما قال (إن مفهوم "دولة الرعاية" فلسفة انتهت ويجب التحول إلى دولة منتجة). لقد جاء هذا التعبير في سياق الحديث حول ضرورة دعم القطاع الخاص عبر حزمة من القرارات وخطط تقوم بها الدولة لتأكيد التزامها بتسهيل بيئة الأعمال والارتقاء بالخدمات الحكومية المقدمة للقطاع الخاص انطلاقا من قناعة حكومية - أرى أنها بدأت تتبلور - بأن وجود قطاع خاص قوي يعتبر بمثابة ضمانة لجذب الاستثمارات المحلية او الأجنبية. بالطبع ليس من السهل تناول طبيعة الدولة ووظائفها دون النظر في تاريخ تطور الدولة والمجتمع الذي يحتضنها، ولكن وباختصار نقول إن تطور دولة الرعاية في اوروبا الغربية حيث منشأ هذا المفهوم يختلف كلية عن تطور هذه المفاهيم والفلسفة في دول اخرى وبالذات في دول الخليج او العالم العربي بكل تنوعه واختلافاته. ويبدو أن معالي رئيس الوزراء وهو يتحدث عن التحول الى دولة منتجة القصد منه أن الرعاية يجب ان تصبح مقابل الانتاج، وهو مفهوم جديد ومقبول من الناحية المنطقية والاجرائية، لذلك فإن التحول من الرعاية الى الانتاج يجب ان يكون الهدف منه رفاهية المجتمع والمشاركة في الثروة وتحويل قطاع الاعمال الى قطاع نشط وديناميكي يحاكي العصر الحالي، ويشكل اضافة للاقتصاد الوطني ولمجتمع الاعمال ويستفيد من الموارد الطبيعية المحلية، كما أن دعم القطاع الخاص يجب ان يكون القصد منه أيضا تسهيل الاعمال لتصبح اكثر انتاجا للسلع او الخدمات واكثر خلقا للوظائف، مما سيساعد دون ريب في احتضان مزيد من الشباب القطري في القطاع الخاص، وبالتالي يخفف العبء على الدولة في التوظيف، فالتوظيف كان وما زال جزءا اساسيا من فلسفة الرعاية الاجتماعية، حيث إن معظم الشباب يريدون ان يستظلوا بخيمة الوظائف الحكومية. من وجهة نظري اعتقد ان اكبر محفز للشركات لخلق وظائف حقيقية هو ان تجد دعما مباشرا وغير مباشر من الدولة بتسهيل بيئة الاعمال وتوطين الصناعات الإنتاجية والخدمية لتقوية مراكزها المالية، وبذلك تصبح هذه الشركات جاذبة للشباب للالتحاق بها، كما يصبح القطاع الخاص نفسه جاذبا للشباب لتأسيس اعمالهم الخاصة. لقد استمعت بعناية للأفكار والتوجهات الجديدة التي عبر عنها وزراء المجموعة الاقتصادية في مجلس الوزراء والتي تتمحور حول اعداد سياسات لتحفيز القطاع الخاص، ووجدت أن توطين الصناعات المحلية الإنتاجية منها والخدمية أصبحت تحتل الأولوية في خطط المجموعة الاقتصادية، واعتقد ان هذه التوجهات والروى تبدو صائبة تماما، كما يبدو ان تجربة الاستفادة من المنتجات المحلية للمشتريات الحكومية وشركات القطاع العام ومنها قطر للطاقة كانت ناجحة، ذلك ان توطين منتجات محلية من خلال المشتريات الحكومية ادى الى ظهور مصانع قطرية. ورغم هذه النجاحات وهذه الخطط لكنني أقول يجب أن نعي أن الطريق امامنا ما زال طويلا،

315

| 13 أبريل 2025

ضرورة عودة اللقاء التشاوري

لفت نظري الأسبوع قبل الماضي أن عددا من الوزراء يتقدمهم معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية حضروا منتدى بعنوان ( ملتقى التنمية الوطنية ) من تنظيم المجلس الوطني للتخطيط، ضم ذلك الملتقى أيضا عددا من الرؤساء التنفيذيين ورجال أعمال وممثلي عدد من الشركات المحلية والعالمية التي تمتلك مكاتب تمثيلية في قطر، وحسب ما ورد في خبر بثته وكالة الأنباء القطرية فقد (جرت مناقشات مستفيضة حول ركيزة التنمية الاقتصادية ) ضمن ركائز التنمية الواردة في رؤية قطر الوطنية 2030، وحسب الوكالة فقد تم أيضا ( استعراض سبل التعاون بين القطاعين العام والخاص ) بهدف ( تمكين القطاع الخاص من المشاركة بشكل فعال في لعب دور رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة) والتركيز على ( تعزيز دور القطاع الخاص في تنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة،) و( خلق نموذج عملي للنمو المستدام لتحقيق التحول إلى اقتصاد تنافسي ومنتج ومستدام). اعتقد ان فكرة تنظيم هذا المنتدى تبدو جيدة للغاية ولكن توجيه الدعوات وضيق الزمن الذي تم فيه الترتيب لم يكن موفقا، حيث يتوجب على الجهات المنظمة أن تطلب من ممثلي القطاع الخاص تقديم رؤيتهم لكيفية التعاون بين القطاعين العام والخاص او رؤيتهم في كيفية تمكين القطاع الخاص، فإذا كان للمجلس الوطني للتخطيط – منظم هذا المنتدى – من رغبة حقيقية في خلق ( الأرضية المناسبة للحوار البناء وخلق سبل تواصل وتوفير تغذية راجعة نستطيع البناء عليها لتحسين العمل.) حسب تعبير رئيسه سعادة الدكتور عبد العزيز بن ناصر بن مبارك آل خليفة، فقد توجب بالضرورة أن يكون المنتدى بحضور فعال من ممثلي القطاع الخاص. ولكن ما يثلج الصدر من خلال متابعة ذلك المنتدى أن معالي رئيس الوزراء أبدى إيمانه ( بأهمية إشراك القطاع الخاص في تعزيز المرونة الاقتصادية واقتناص الفرص الاقتصادية الناشئة) كما انه شدد خلال تصريحاته أيضا على (التزام دولة قطر بترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي على الساحة العالمية، بقيادة قطاع خاص مزدهر وتنافسي وديناميكي) ونحن في خضم هذا الحراك الكبير وهذا الحماس الواضح لتنفيذ استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة ( 2024 - 2030 ) يتوجب عودة اللقاء التشاوري السنوي والذي يجمع مجلس الوزراء برئاسة معالي رئيس المجلس مع ممثلي القطاع الخاص ( غرفة قطر ) لقد تم عقد سبع دورات متتالية من اللقاءات التشاورية، منذ أول لقاء جرى عام 2007، فتلك اللقاءات اتسمت بالشفافية والصراحة حيث يتقدم رجال اعمال بأسئلتهم واستفساراتهم وتعليقاتهم مباشرة الى معالي رئيس مجلس الوزراء ويتولى معاليه الرد الفوري، كما يطلب من وزرائه أيضا الرد، وفي بعض الأحيان يتم اتخاذ قرارات فورية لحل بعض الإشكالات، كما تتيح تلك اللقاءات والحوارات المباشرة فرصا كبيرة لتعزيز الثقة بين القطاع الحكومي والخاص. الآن تبدو الفرصة مواتية لعودة اللقاءات التشاورية من اجل ( قطاع خاص مزدهر وتنافسي وديناميكي ) لخمس سنوات قادمة، فما أكثر القضايا التي تحتاج الى نقاش وتحتاج أيضا الى قرارات حاسمة.

360

| 06 أبريل 2025

آليات فعالة لتحول الشركات للعالمية

سعدت للغاية بالتفاعل الطيب والذي تلقيته حول المقالات التي تنشرها لي صحيفة الشرق الغراء، أحاول في هذه المقالات تسليط الضوء على القضايا والتحديات التي تواجه القطاع الخاص القطري وهو يتجه بقوة في سبيل ترسيخ مكانته كلاعب رئيسي في مضمار التنمية الاقتصادية وفي مجال التحولات التي يشهدها الاقتصاد القطري، والذي يتجه من اقتصاد يعتمد على مصدر الدخل الواحد الى اقتصاد متنوع، وفي هذا الصدد تلقيت رسالة نصية يقول صاحبها (مقالات واقعية وتحفيزية، تسلط الضوء على فرصة كبيرة للنمو الاقتصادي من خلال دعم الشركات المحلية للتوسع عالميًا، خاصة مع وجود الكفاءات والخبرات، وضرورة دعم القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار الخارجي) فيما يقول قارئ آخر إن هناك (ضرورة لانتقال الشركات القطرية من السوق المحلي إلى الأسواق العالمية. حيث إن هناك شركات محلية تمتلك إمكانيات كبيرة وتجارب ناجحة، لكن ما زالت حبيسة السوق المحلي فبالتأكيد إن دخولها للأسواق الخارجية سيعود بفائدة كبيرة على الاقتصاد الوطني). ويكتب قارئ اخر ما يلي (مواضيع ومقالات مهمة جدا تسلط الضوء على ما يحتاجه السوق القطري من خطوات تطويرية لدعم القطاع الخاص والوصول لنمو اقتصادي حقيقي وملموس ينعكس بالإيجاب على جميع القطاعات الاقتصادية والتشجيع على الاستثمار). هناك فرص استثمارية ثمينة ومربحة، تساوي مئات ملايين الدولارات في قطاعات متعددة مثل المقاولات والخدمات والتكنولوجيا والصناعة وإدارة الموافق الحيوية توفرها دول تتطلع الى القطاع الخاص القطري للدخول اليها، ذلك ان هذه الدول تتجه بقوة نحو الخصخصة وتشجيع المستثمرين الأجانب ولكن يبقى السؤال الملح، هل شركاتنا قادرة على الاستفادة من هذه الفرص، لذلك أقول إن هناك آليات وحلولا لتطوير وتحفيز نمو الشركات المحلية والمؤهلة يجب تبنيها، لتصبح هذه الشركات قادرة على الانطلاق من السوق المحلي الى العالمية وتستفيد من هذه الفرص. من وجهة نظري أن بعض آليات تحفيز الشركات المحلية يكمن في دراسة تجارب دول أخرى في كيفية تطوير شركاتها، فالاستفادة من التجارب الدولية هام جدا، ومن أجله تُشكل اللجان وتُعقد المؤتمرات وتخرج السياسات والاستراتيجيات، ومن أجل كل ذلك يتم تبادل الآراء والخبرات مع أصحاب المصلحة بمختلف مشاربهم ومنظماتهم. أما الأمر الآخر والذي أعتقد بضرورة وضعه في الحسبان هو زيادة رأسمال بنك قطر للتنمية والذي يخوض تجارب جيدة ونوعية في دعم الشركات المحلية ومن خلال زيادة رأسماله يمكنه أن يتوسع في أنشطته الداعمة. بالإضافة الى ذلك، أعتقد أن احدى الاليات غير المنتبه إليها هي التكليف المباشر لتنفيذ مشاريع تنموية او خيرية تمولها جهات محلية قطرية في الخارج. نعلم جميعا ان دولة قطر تمول مشاريع متنوعة في عدد كبير من الدول العربية والإسلامية والافريقية وتتخطى الارقام المنشورة سنويا مبالغ تفوق المليار دولار، اعتقد من وجهة نظري وحسب تجارب دولية في هذا المجال فإن الدولة الممولة تشترط في اغلب الأحيان تكليف شركاتها المحلية بتوريد المنتجات او الخدمات المراد التبرع بها وتتجنب دائما الدفع النقدي المباشر. أما في المشاريع التنموية الخارجية الممولة من الدولة فيجب ان يتم التعاقد مع شركات محلية بنظام التكليف المباشر لإدارة تنفيذ المشروع وبذلك نحقق أهدافا لا حصر لها من خلال هذه الآلية. وللحديث بقية

318

| 23 مارس 2025

شركاتنا.. من المحلية إلى العالمية

خلال مشاركتي ضمن وفود تجارية قطرية الى عدد من دول العالم لاحظت أن هناك رغبة ملحة في استقبال استثمارات من القطاع الخاص القطري، ويمكنني القول إن المزايا والفرص الاستثمارية التي تعرضها هذه الدول، لها جاذبية ومرونة كبيرة وتشمل قطاعات عديدة حيث تتجه عدد من الدول الى الخصخصة وتشجع الاستثمارات الأجنبية ولكن يبقى السؤال: هل يكفي هذا الحماس وهذه الفرص للانخراط بالاستثمار خارج الحدود؟!! ولكن وقبل ان نجيب على هذا السؤال، علينا ان نتذكر أن شركات قطرية عديدة لها تجارب ناجحة في الاستثمار خارج الحدود، منها على سبيل المثال شركات مثل الخطوط الجوية القطرية وأوريدو، ناقلات، كتارا للضيافة وعدد من البنوك وفي مقدمتها بنك قطر الوطني، إضافة الى عدد مقدر من شركات القطاع الخاص وأقول دون تردد إن هذه الشركات رفعت اسم قطر عاليا في المناطق او الدول التي تعمل فيها، وذلك امر يجب الانتباه له جيدا، لأن الاستثمار في الخارج بجانب انه يساهم في تحقيق الأرباح او جمع الثروات ولكن وجود هذه الاستمارات الخارجية تتحول الى ما يطلق عليها القوى الناعمة والتي تخدم الأهداف العليا للدولة ومن هنا ننفذ الى النقطة الجوهرية وهي أن على الدولة ان تساعد في تقوية الشركات المحلية التي ترغب في توسيع نشاطاتها الخارجية وان تقوي علاقاتها مع الدول التي تطرح فرصا استثمارية. فقطر أصبحت في السنوات الأخيرة دولة يشار اليها بالبنان وتتطلع كثير من الدول الى استقبال رؤوس أموال قطرية، وهذا التطلع لا يقتصر فقط على الاستثمارات الحكومية والتي يديرها جهاز قطر للاستثمار ولكن أيضا الى استقطاب استثمارات القطاع الخاص، لذلك علينا ان نقوي شركاتنا المحلية من خلال دعمها لتصبح شركات عالمية، وفي هذا الصدد هناك تجارب دولية رائدة يمكن الإشارة اليها مثل تركيا او تايوان او هونغ كونغ او سنغافورة، وتشترك كل هذه الدول عدا تركيا في انها ذات مساحات صغيرة وعدد قليل من السكان مع رؤية واضحة في دعم شركاتها المحلية في الوصول الى الأسواق العالمية، أما إذا اخذنا تركيا على سبيل المثال ونظرنا الى قطاع واحد فقط وهو الصناعات الدفاعية والتي تتولاه شركات من القطاع الخاص سنكتشف منذ الوهلة الأولى كيف أن التقدم الذي احزرته هذه الشركات والتي وصل سبع منها هذا العام الى العالمية كانت تقف خلفه روية واضحة من الدولة استمرت في تنفيذها لنحو 20 عاما لتحقق أهدافا لا يمكن تصورها من قبل. فالعالمية التي نطمح اليها تأتي من خلال ركائز رئيسية يتمثل بعضها في دعم القطاع الخاص للاستفادة من فرص الاستثمار الخارجية لذلك ادعو الى خلق نموذج اقتصادي جديد للنهوض بالقطاع الخاص ودعم مقدراته للمنافسة الداخلية والخارجية. أقول أخيرا بوجوب أن تكون لدينا رؤية واضحة للأخذ بيد شركات المحلية المؤهلة للانطلاق بها الى العالمية بحيث تصبح رافدا قويا للاقتصاد الوطني.

504

| 16 مارس 2025

الحوار بين الحكومة والقطاع الخاص

في حديثنا عن مفاهيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وضرورة منح القطاع الخاص دورا في تنفيذ مشاريع كبرى في مجالات التنمية يجب ألا يغيب عن بالنا ضرورة إرساء قواعد وقنوات للحوار بين الحكومات والقطاع الخاص حول العالم. برز هذا الاتجاه (الحوار) في أعقاب انهيار المعسكر الاشتراكي خلال تسعينيات القرن الماضي، حيث ساد خلال ذلك القرن فكر يجعل الدولة هي محور مشاريع التنمية ويلغي أو يقلص دور القطاع الخاص إلى حدوده الدنيا ومن هنا وفي ظل توجهات جديدة برزت مؤسسات اقتصادية عالمية بهدف بناء الثقة بين الحكومات والقطاع الخاص وتسهيل الحوار للوصول إلى قيم مشتركة لدفع التعاون إلى الأمام ومن هنا انتشرت أفكار مثل المسؤولية الاجتماعية للشركات والحوكمة والشفافية ومحاربة الممارسات الاحتكارية كما انتشرت حول العالم قوانين الشراكة بين القطاعين العام والخاص وما يصحبها من ممارسات الخصخصة وخروج الحكومات من ممارسة الأعمال التجارية. بعض الدول النامية والتي يسود فيها الفقر والتهميش، ساعدت منظمات تابعة للأمم المتحدة بعثات كانت مهمتها هي تسهيل الحوار بين الحكومات والقطاع الخاص بهدف مساعدة الطرفين لوضع سياسات وإجراءات لتمكين القطاع الخاص من لعب دور رئيسي في خلق الوظائف أو المشاركة في مشاريع التنمية. وإذا جاز لي أن أتحدث عن دولة قطر وقطاعها الخاص، سأقول فورا ودون تردد إن البداية لنهضة القطاع الخاص القطري جاءت مباشرة بعد تولي سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لمقاليد الحكم عام 1995 وبدأ من وقتها ما يمكن أن نطلق عليه (عهد التفاؤل) وبعد نحو عشر سنوات من ذلك بدا جليا أن القطاع الخاص القطري تحرر من كثير من القيود التي كانت تكبل مسيرته ولكن يظل أن الدولة وهي تسعى إلى تحديث قوانينها وتشريعاتها الاقتصادية والتجارية يتوجب عليها أن تشرك القطاع الخاص في مناقشة بعض التوجهات والسياسات ذات الصلة. وكان أول الحوارات المباشرة أرسى دعامتها معالي الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء الأسبق عندما استجاب لتوجيهات سمو الأمير الوالد وبطلب من غرفة قطر في عقد اجتماعات عامة دعي لها رجال الأعمال، وكان أول لقاء تشاوري سنوي حضره رئيس الوزراء مع كوكبة من وزرائه التأم في مايو 2007 واستمر لخمس دورات متتالية وسار على الدرب معالي رئيس الوزراء الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني. ورغم أن هذه اللقاءات أو الحوارات – إذا جاز التعبير – كانت بنظام أسئلة واستفسارات يطرحها رجال أعمال وأجوبة يقدمها معالي رئيس الوزراء أو أحد وزرائه، ولكنها وفي ذلك الوقت كانت خطوة متقدمة في فتح قنوات الحوار كما أنها أسهمت في حل قضايا كانت معلقة وأدت إلى إطلاق مشاريع وتعديل العديد من القوانين وفتحت آفاقا جديدة في التعاون بين الدولة والقطاع الخاص. الآن وبعد مضي نحو خمسة عشر عاما على أول لقاء تشاوري رسمي مفتوح بين الحكومة والقطاع الخاص، أعتقد أن الوقت قد حان لأن يتطور هذا التشاور وأن تُشكل له لجنة عليا مشتركة مع غرفة قطر تتفرع عنها لجان خاصة، فما أكثر القضايا التي تحتاج فيها الحكومة للتحاور مع القطاع الخاص والاستماع إلى وجهة نطره ووضع اعتبار لها عند وضع أي سياسات أو إجراءات معينة تخص تقدمه وازدهاره.

993

| 09 مارس 2025

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

3354

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2580

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

2097

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

1803

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1554

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1230

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

897

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
نحو تفويض واضح للقوة الدولية في غزة

تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...

843

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

789

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

768

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

759

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

675

| 05 نوفمبر 2025

أخبار محلية