رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ما إن بدأت الهدنة بين إسرائيل وحماس حتى قفز سؤال من الذي انتصر؟. بالطبع الصهاينة في فكرهم وواقعهم يرون أن حماس لم تنتصر. وهنا أنوه بالحقيقة البسيطة جدا، وهي هل كانت الحرب بين جيشين نظاميين انتهت بهزيمة أحدهما واستسلامه؟ ما فعلته إسرائيل هو إبادة جماعية للمدنيين الفلسطينيين، فهي لا تواجه قواعد عسكرية تقوم بقصفها بالطائرات كمقدمة لتقدم جنودها، بل تقوم بهدم ونسف البيوت والمدارس والمستشفيات على من فيها. إسرائيل تعرف أن كتائب حماس ليسوا جنودا نظاميين يخرجون من قواعد عسكرية، ويتقدمون لمواجهة العدو في ميدان قتال، كما يحدث في أي حرب. لكنهم مجموعات قتالية لهم أماكن سرية يخرجون منها للمقاومة ويعودون. الحل في مثل هذا النوع من القتال هو أن يتقدم العدو إلى مراكز اختباء أولئك الجنود وإخراجهم أو القضاء عليهم. لكن إسرائيل التي تعرف مقدما أن ذلك أمر صعب عليها، حولت المعركة إلى معركة تقليدية، تبدأ بالغارات الجوية ثم تتقدم بعدها لتحقيق هدفها. هل كانت إسرائيل لا تعرف أن غاراتها الجوية ليست على عسكريين ولا قواعد عسكرية، وأن ضحاياها سيكونون من المدنيين العزل بشكل رئيسي؟. وهل إذا أنكرت ذلك بحجة أن قوات حماس تحت البيوت والمستشفيات، لم تشاهد حجم الدمار والموت للنساء والأطفال؟ هذا يؤكد لك أن الهجوم على المدنيين كان هو الهدف الأول منذ البداية. وهذا أمر يعكس فشلا وغِلا كبيرا، فكيف حقا يقوم جنود حماس غير المرئيين بغارات على المستعمرات الصهيونية على حدود غزة في السابع من أكتوبر ويأسرون أعدادا منها!. طالت الحرب بإسرائيل وتغير موقف شعوب العالم التي رأت أن الصهيونية لا تختلف عن النازية، بل هي النسخة الجديدة منها باعتبار ما تعلنه قيادات إسرائيل أنهم شعب الله المختار! وغير شعوب العالم التي انتفضت من أجل أبناء فلسطين، فبعض الدول التي ساندت وتساند إسرائيل بدأت قياداتها تتحدث عن ضرورة إطالة الهدنة، وعن ضرورة التوقف عن قتل المدنيين، وعن ضرورة إمداد غزة بالمعونات الإنسانية. ظهر ذلك في أحاديث مسؤولين مثل بايدن وماكرون. أو تصريح وزيرة خارجية ألمانيا بأن إسرائيل لن تستطيع العيش بسلام إلا إذا عاش الفلسطينيون في سلام. ناهيك عن دول تزداد كل يوم تطالب بقطع علاقاتها بإسرائيل، ومنظمات عالمية تطالب بتحويل نتنياهو والمساندين له مثل بايدن نفسه إلى المحكمة الدولية. الأمر كله يتغير لصالح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ومن ثم قياس النصر أو الهزيمة هنا ليس بين جيشين نظاميين. المعيار هو هل استسلمت حماس وجنودها وسلموا أنفسهم للصهاينة؟ حماس في الهدنة وتبادل الأسرى سلمت الصليب الأحمر أسراها من الإسرائيليين في شمال غزة، وهو ما أرادت إسرائيل بغاراتها وهجومها البري الفاشل عليه إفراغه من أهل غزة. حماس تقول نحن هنا لم ولن نرحل. الدعوات الآن بإطالة الهدنة وقد يتم هذا أو لا، لكن هل ستغيب عن الصهاينة الأسئلة بعدد قتلاهم حين أرادوا الهجوم البري بعد الغارات، وهو ما تعلنه الصحف الإسرائيلية نفسها، وتجاوز الألف، أو عدد المعاقين من جنودهم، أو عدد من قتلتهم قوات إسرائيل نفسها من جنودهم، أو ما يقوله العائدون من أسراهم عن حسن معاملة جنود حماس لهم، فلا شيء يمكن إخفاؤه. إسرائيل لم توافق على الهدنة إلا لأنها تخسر المعركة. والآن بعد خمسة وأربعين يوما من الغارات على شعب أعزل لم تستطع فيها إخضاعه، هل ستنجح في إخضاعه لو عادت للحرب؟ العالم ينفجر حول إسرئيل وإسرائيل ستنفجر من الداخل.
834
| 30 نوفمبر 2023
يختلف البشر حول كل الأفكار. هذا أمر طبيعي فلا أفكار مطلقة. الحرية فكرة مطلقة لكنها على الأرض تأخذ أشكالا مختلفة في الحكم. أعظم الأفكار وأهمها وهو الله خالق الكون، اختلف في أمره الناس، وتعددت أشكاله بين الشعوب وعبر الزمن، فضلا عن من ينكرونه تماما! السبب بسيط جدا احتاج إلى زمن طويل لإدراكه، وهو أنه لا يُرَى. لذلك جعل البشر له أشكالا مختلفة، بينما الإسلام مثلا أبعده عن التجسيد، فهو نور السماوات والأرض. حديث طويل ليس مكانه هذا المقال الصغير، لكنه تاريخ من الفكر والدين والفلسفة. الاختلاف حول الأفكار هو الطريق الحقيقي للتقدم، أو التراجع للخلف. لقد كانت الرأسمالية فكرة إلى الأمام قياسا على الإقطاع. جاءت الاشتراكية تبشر بعالم أجمل من المساواة، إلا أنها وقعت في فخ الديكتاتورية، فانهارت أكبر دولها وهي الاتحاد السوفييتي مثلا. الأفكار على الأرض ليست نهائية ولا مطلقة، وإدراك ذلك هو تاريخ البشرية. تبرير الأفكار المطلقة يكون دائما باستخدام الشرور من أجل المصلحة. لا نهاية للمقالات والخطب السياسية والخطب الدينية التي بررت حركات الاستعمار للشعوب الضعيفة، باعتبار أن الاستعمار هو التقدم، بينما هو سرقة ونهب للشعوب الضعيفة. مثلها من برروا تجارة العبيد من أفريقيا إلى أمريكا التي احتاج ضحاياها إلى مئات السنين ليحصلوا على حق المساواة مع السكان البيض. الحقائق تظهر وإن متأخرة، فللوهم طرق أكثر، خاصة حين يكون صاحبه مالكا للمال والقوة والعتاد. في عالمنا العربي حقيقة بشعة تم تبريرها بمبررات ليست من صناعتنا، لكنها من صنع العالم الغربي وعلى رأسه انجلترا. هذه الحقيقة هي وجود إسرائيل في مكانها بين الأمة العربية. المبررات منها وهمي مثل أن فلسطين هي أرض الميعاد لليهود، ومنها التكفير عن ذنوب أوروبا في حقهم، لكن الواضح لكل عاقل، أنه أريد بها أن يظل هذا العالم العربي، في حالة ضعف وعدم استقرار، ومن ثم فضحايا زرع إسرائيل من الفلسطينيين، رغم أنه حقيقة على الأرض، لا يقف عنده من زرعوها. تبرير الوجود الصهيوني لا يزال قائما رغم الحقيقة في التاريخ، فلم يكن هم أصحاب الأرض. لقد أخذ الصراع معها أشكالا من الحرب والسلم، ومهما اختلفنا حولها، فالحقيقة هي أن إسرائيل لا تعترف بالهزائم، لأن وراءها مساندة من دول الغرب قوية لا تنتهي، ووهم ديني كبير، والاعتراف بالهزيمة يعني بداية النهاية. وإذا كانت فكرة التطبيع معها قد ظهرت يوما مع مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 فلم تكن فكرة مطلقة. هي فكرة صارت محل اختبار، حافظت عليها الدولة المصرية ، لكن إسرائيل كانت تكذب. لن اسأل ماذا جنت مصر من التطبيع، وهل تقدمت اقتصاديا وسياسيا مثلا بعد أن ضمن حكامها أنه لا عدو يحاربونه على الحدود؟ هذا أمر يخصنا. السؤال الآن هل اعترفت إسرائيل بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة؟ أيضا ماذا جنى الفلسطينيون من اتفاقية أوسلو غير اتساع النفوذ الصهيوني والمستوطنات واعتبار القدس كلها عاصمة اسرائيل؟ الحقيقة الظاهرة أمامنا على الأرض أن إسرائيل بغطائها الديني الكاذب، وبدعم الدول الغربية، ترى في نفسها فكرة مطلقة، لا تتجاهل التارخ فقط، لكن تتتجاهل ماجرى من مقاومة وحروب معها. حتى التطبيع أفشلته. إيمانها الكاذب بأنها حقيقة مطلقة صار ثقافتها، والدليل استنفاد كل أبواب السلام التي جعلتها إسرائيل والغرب، وهما لنا، وفرصة ذهبية لهم. لذلك تأتي المقاومة المسلحة لها مهما غابت، وستستمر مادام الصهاينة يعتبرون الأفكار واقعا، لا يمكن الثورة عليه أو تغييره.
1104
| 23 نوفمبر 2023
منذ بدأت عملية طوفان الأقصي وإسرائيل وقادتها الصهاينة لا يكفون عن الكذب. كانت أكبر كذبة في البداية أن حماس اختطفت الأطفال في هجومها وقطعت رؤوسهم. ردد الكذبة الرئيس الأمريكي بايدن، لكن البيت الأبيض سرعان ما تدارك الموقف، وقال إنه لم تثبت لديهم أدلة قاطعة على ذلك. مع الوقت بدأت تظهر فيديوهات لإسرائيليين يتحدثون فيها كيف قتلهم الجيش الإسرائيلي نفسه في معركته مع جنود حماس حين هاجموا بعض المستعمرات – لا المستوطنات كما أقول دائما – وكيف حين تمت مطاردة جنود حماس الذين احتموا ومعهم الرهائن ببعض البيوت، صوَّب الجيش الإسرائيلي قذائفه على البيوت بمن فيها من حماس ورهائن. وحين تم الإفراج عن سيدتين مسنتين إسرائيليتين تحدثت إحداهما عن المعاملة الطيبة التي عاملها بها جنود حماس، وإن حاولوا بعد ذلك أن يجعلوها تقول شيئا آخر لكن لم يجدِ، إذ كان واضحا الضغط عليها. راحت إسرائيل تبرر قصفها للمستشفيات أن تحتها أنفاقا بها جنود حماس، وبسرعة يكتشف الناس أن ما يسمونه انفاقا هو طرق صغيرة للأسرّة المتحركة أو نهاية مَنزَل المصاعد مثلا. زاد الأمر فدخل في منطقة الهزل، وطبعا هم لا يقصدون الهزل، لكنهم مندفعون في الكذب، فيصورون بعض أدوات طعام الأطفال مثل « الببرونة» التي يرضع منها الطفل شيئا من اللبن في المستشفى، باعتبارها مما تستعد به حماس لاستقبال من تخطفه من أطفالهم. طبعا تعليق مثل هذا لا يمر بسهولة على المصريين أو غيرهم في صفحات «الاكس» أو «تويتر» سابقا فيقول أحدهم «طيب احمدوا ربنا أنهم مستعدين يرضعوا أطفالكم لا أن يقتلوهم». وصل الهزل إلى أسخف مظاهره حين يذيعون فيديو يصور أسماء أيام الأسبوع منذ السابع من أكتوبر بداية طوفان الأقصي، الموجودة في لائحة على جدار غرفة في مستشفي الرنتيسى، ويقولون إنها بعد بحث استخباراتي دقيق أسماء الجنود السبعة الذين كانوا يحرسون المستشفى، وأن علامة الشطب التي عليها هي دليل تبادلهم العمل!. طبعا الأيام منذ السبت السابع من أكتوبر حتى الجمعة الثالث من نوفمبر، ومن ثم تتكرر أسماء الأيام، وما يتم شطبه دليل على مضي اليوم. لا أعرف كيف لايوجد منهم من يعرف اللغة العربية، وأيّ بحث استخباراتي أحمق هذا!. مؤكد أنهم يعرفون، لكن الفيديو مخصص لمن لا يعرف العربية، فينتظر المتحدث العسكري المدجج بالسلاح الذي يشير إلى اللافتة، أن يصدقه من يراه ويسمعه. يكون من التعليقات الساخرة تعليق يقول إن أهم جندي بينهم هو السبت السابع من أكتوبر! لن أمشي مع السخرية فهي كثيرة، وهناك من يقوم بترجمتها من الشباب إلى لغات عديدة لتصل إلى العالم. أقف عند تعليق الإعلامية المصرية بقناة الجزيرة حياة اليماني التي تقول فيه « اللي مسمي ابنه أو بنته الخميس أو الجمعة أو الإثنين يستخبى يا جماعة شكلها مبتهزرش». اسرائيل اعتبرت أسماء أيام الأسبوع اسماء جنود لحماس، وأظن أنها في الأيام القادمة ستطلب من الدول المطبّعة معها، حذف أسماء خميس وجمعة، وهما الإسمان الأكثر شيوعا بيننا، ويصل أصحابهما إلى الملايين. ستعلن أنها تعتبر أن ما مضي كان نوعا من «النسوية» فهي الدولة الأولى التي تحفظ حقوق النساء! وستغفره للعالم العربي، وستقدر من فعل ذلك من قبل على «نسويته» فلقد أطلق أسماء خميس وجمعة على الرجال فقط، وحفظ للنساء براءتها! لكن من الآن لن تغفر النسوية لأحد، وعلى العالم العربي حذف خميس وجمعة من الرجال أيضا لأنها أسماء إرهابية.
1305
| 16 نوفمبر 2023
ستنتهي كارثة الإبادة الجماعية في غزة. مثل كل الحروب ستنتهي. سنمشي مع الأخطاء والخطايا ونقول سيكون هناك وضع جديد لغزة. سأفترض أن كل أهداف الكيان الصهيوني قد تحققت. هل ستنطفئ الذاكرة؟ هل أنا في حاجة لأقول للساسة وقادة الحروب، أن الذاكرة ليست في حاجة إلى مؤرخ من قلب الأحداث، أو حتي زائر للمكان بعدها يسمع الحكايات، كما عرفنا طوال التاريخ القديم. السبب واضح جدا، وهو أن كل ما يحدث يُتاح في اللحظة نفسها في فضاءات السوشيال ميديا، ومسألة مسحه أو إخفائه ستحتاج سنين ولن تنجح. إن ما يتم مسحه الآن ينكشف فورا ويُعاد إرساله. كيف سيرى من سيعيشون من الشباب والأطفال ما جري في بلادهم؟ هل سيرونه كما أراد الصهاينة، رد فعل طبيعي لما قامت به كتائب القسام في السابع من أكتوبر كما يراه كثير من السياسيين في العالم العربي والعالم؟ وهل لن يفهم أطفال وشباب المستقبل أن السياسة تختلق لنفسها المبررات الكاذبة على طول التاريخ، بينما الحقيقة دائما عكس ما يقول المعتدون. هل سيغيب عنهم ذلك وهم يرون الحقائق كل يوم أمامهم وينجيهم الله وحده فقط منها. الله وحده من فضلك ولا تبكي مثلي على حالنا. الإبادة الجماعية التي يقوم بها الصهاينة لأهل غزة ليست ثأرا مما جرى في السابع من أكتوبر. جزء كبير من رد فهل الصهاينة هو الصدمة، فهم يعيشون بين كذبتين. إحداهما تاريخية وهي أنهم شعب الله المختار، والثانية معاصرة، فهم لا يعترفون بهزائمهم، ولا يستطيعون إنكار أن قوتهم العسكرية مهما تضخمت هي مؤقتة، فلكل سلاح سلاح آخر يمكن أن يتفوق عليه، ويمكن جدا لأى شعب أن يجد من الأسلحة ما يفوق غيره، إن لم يكن اليوم فغدا. أهل غزة لا يملكون الآن سفنا ولا بوارج ولا طائرات ولا دبابات محصنة كما تملك اسرائيل، لكنهم يملكون الإرادة التي جعلت جنودهم يضعون القذائف على دبايات العدو مباشرة من المسافة صفر. المسافة صفر التي لا يعرفها جيش العدو المعتاد على الحرب السريعة تمهد فيها الطائرات لجنوده قبل التقدم البري. المسافة صفر التي يضع فيها المقاتل من غزة قنبلته علي دبابة العدو مباشرة، أصبحت أعظم معادلة رياضية، فصار الصفر في الحساب الذي لا يعني شيئا هو كل شيء. اضرب الصفر في أي رقم فستجد أن النتيجة صفر، لكن الصفر هنا يأتي بنتيجة لا تخطر على بال العدو، وهو تفجير مركبته الحربية بمن فيها. ما الذي جعل للصفر هذا المعني الذي يفوق كل مسائل الرياضيات العقلية. هي الإرادة. هي الروح التي تهزم كل العقول وتدبيرها. وهكذا نعود إلى السؤال الأول وماذا بعد النهاية؟ لن تزول الذاكرة لأنها لا تنتظر مؤرخا، بل تنفتح لها صفحات المواقع الافتراضية في كل العالم. ومن سيعيش من أهل غزة لن ينتظروا من ينعش ذاكرتهم بما جرى. سيبدأون هم إحياء الذاكرة ولو دون سلاح. ومهما طالت مدة الهدوء بعد أن يحقق الكيان الصيهوني أهدافه، ويرضي ساسته المعتوهين المرضى النفسيين، ستستيقظ الذاكرة من جديد. لقد نسي البشر عشرات المذابح في التاريخ لكن الزمن اختلف، فليست هي أخبارا نعرفها من بعيد أو بعد سنين. الساسة الصهاينة لا يدركون ذلك ولا يهمهم إلا تحقيق خرافاتهم، من أنهم شعب الله المختار، وأقوى دولة في الشرق الأوسط. سيذهبون إلي مزبلة التاريخ ومن أيدهم، وستبقي الذاكرة تصنع زمنا جديدا مهما طال الهدوء بعد النهاية التي يسعى إليها الصهاينة.
678
| 09 نوفمبر 2023
على السوشيال ميديا وقنوات تليفزيونية في مصر وخارجها في العالم حديث متواصل للبعض من الناس والإعلاميين عن منظمة حماس كمنظمة إرهابية. البعض يتعمق في المسألة ويتحدث عن نشأة حماس والشرخ الذي فعلته في الدولة الفلسطينية فصارت مستقلة عن الضفة الغربية بحكمها وحكامها، وطبعا مرجعهم في ذلك هو ما وراء حماس من أفكار دينية . ليس الأمر محزنا حين تقوله القنوات الغربية والإسرائيلية فهذه حربهم قامت على الأكاذيب. لكن المحزن أن يحدث ذلك في قنوات مصرية أو تبث من مصر، وأن يردده البعض على صفحات السوشيال ميديا متغافلا مجازر إسرائيل للفلسطينيين. لن أتحدث باللغة السهلة للسوشيال ميديا وأتهم أحدا بالعمالة أو التكسب مما يقول. ولن استخدم باعتباري سكندري المنشأ والهوى أصواتا أو ألفاظا سكندرية فأنا لا أبحث عن « تريند». لكن سأعود بكم إلى الحقيقة التي يتغافلها الجميع وهي المسألة الوطنية. حين تكون محاصرا من عدو لسبعين سنة ولا يعترف بوجودك ولا بحقك حتى في دولة مستقلة، فالمقاومة هنا ليست لأسباب دينية، لكنها مسألة وطنية. في المسألة الوطنية لا يختلف أحد، والهروب منها خيانة مهما تذرع الهارب. المسألة الوطينة ليست مسألة اجتماعية عن كيف نقيم نظام الحكم، وكيف تكون العدالة بين الطبقات، وكيف يكون النظام النيابي، وغير ذلك مما يشغل البلاد المستقرة أو المحررة بعد تحريرها. المسألة الوطنية هي كيف تقاوم الغازي لبلادك أو المحتل، وفيها يتفق الجميع ويرجئون خلافاتهم الفكرية عن شكل المجتمع والحياة الى ما بعد الاستقلال. نظرة واحدة إلى أيّ شعب يقاوم المحتل تجد اتفاقا على ضرورة التخلص من الاحتلال، وتكون المقاومة المسلحة أحد أهم مظاهر هذه المقاومة خاصة حين ييأس المقاومون من أي طريق سياسي. سأقول لك ببساطة كم من اتفاق بين الفلسطينيين ممثلين لمنظمة التحرير مع إسرائيل ولم تلتزم إسرائيل بتحقيق أبسط الأهداف وهو حل الدولتين. دولة فلسطينية إلى جوار الدولة الصهيوينة. من هذا المنطلق التاريخي والحقيقي في تاريخ مقاومة الشعوب قامت حماس بعملها في السابع من أكتوبر. هل مثلا حين غزا هتلر فرنسا اختلف الشيوعيون مع الليبراليين في المقاومة. كلهم حملوا السلاح وارجأوا خلافاتهم الفكرية عن شكل المجتمع. حتى الأدباء السرياليين هناك حملوا السلاح. الأمثلة كثيرة. لقد ضاقت الأرض بالفلسطينيين وبالقضية الفلسطينية، وكادت تدخل عالم النسيان في العالم العربي والعالم، وبدا الأمر كأن وجود اسرائيل حقيقة إلهية ولا مكان للفلسطينيين . مظاهر الحصار للضفة أو غزة لا تتوقف، بل يمعن الصهاينة في أحلامهم الكاذبة فأعلنوا القدس عاصمة اسرائيل بموافقة أمريكية أيام ترامب، ويستمرون في الاعتداء علي الأراضي الفلسطينية وسرقتها وطرد سكانها منها. كل مقاومة ظهرت من الفلسطينيين عبر التاريخ كانت مقاومة من أجل الوطن. تحرير الأرض من المغتصب هو القضية الوطنية التي لا يجب أن يختلف عليها أحد. الاختلاف في شكل الحكم بعد أن يعود الوطن. يأتي هؤلاء الذين يتحدثون عن فكر حماس وعقيدتها الدينية الآن ليشوهوا معنى المقاومة الوطنية ويصرفون الناس عن الحقيقة، ولا يسأل أحد نفسه ماذا قدمت إسرائيل مثلا لأهل الضفة الغربية التي لا تتحرك حكومتها في اتجاه المقاومة. ولا يسألون أنفسهم عن مرجعية الصهيونية الدينية التي يتباهى بها نتنياهو في كل خطاب له. إن ما يحدث من تحليل الآن لما هي حماس وماهي أفكارها، هو أبشع مما تفعله إسرائيل. لا الوقت وقته ولا الأرض الآن مكانه. أعيدوا الوطن لأهله ثم تحدثوا عن كيف يكون الحكم فيه.
3534
| 02 نوفمبر 2023
الحديث عما يحدث في غزة بدأ يختلف، دعك من حديث حكام الدول المؤيدة لإسرائيل، نظرة سريعة على الشعوب في العالم تفتح باب الأمل. نرى الآن المظاهرات المؤيدة لفلسطين والمنددة بمذابح إسرائيل تستيقظ، نراها تملأ ميادين الدول الداعمة للصهيونية مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، نرى قوات الشرطة تحاصرها وتمنعها أو تحاول، وتطارد الداعمين لفلسطين في الشوارع، وأصبح العَلَم الفلسطيني والكوفية الفلسطينية أمراً مرعباً لشرطة هذه البلاد. الحديث عن الوجه النازي لحكومات هذه البلاد أصبح عادياً الآن، لكن الوجه الآخر للشعوب بدأ يستيقظ، حتى الدور الآخر في المعركة، الدور اللعين الذي تلعبه السوشيال ميديا مثل الفيسبوك واليوتيوب وغيرهما تم فضحه، فبعيداً عما نعرفه من قيام هذه المواقع بحذف ما يدين إسرائيل، ظهرت الحقائق ونشرها موثقة نشطاء من تلك البلاد. حقائق من نوع الدعم المالي من إسرائيل لهذه المواقع، والذي بلغ سبعة ملايين دولار في الأيام السابقة، خصصت لليوتيوب وللفيسبوك وانستجرام وغيرها، ابتداء من النشر عليها حتى عمل اللايك أو الإعجاب، فلكل شيء من ذلك ثمن. الذين فعلوا ذلك يعرفون أنهم سينكشفون ولا ننتظر منهم خجلاً أو اعتذاراً، فهذه حرب في زمن مختلف تلعب فيه السوشيال ميديا دوراً كبيراً، لكن شعوب تلك البلاد هي التي تكشف هذه الحقائق، القتلة وداعموهم ينامون سعداء فهم يتقنون ما يفعلون ويؤمنون بأن هذه هي الحقيقة، يستهينون بحركة الشارع في العالم متصورين أنها ستنتهي إلى النسيان، فالمهم عندهم هو ما يتحقق على الأرض، لا يرون أنهم حتى الآن لم يحققوا على الأرض غير الدمار، فلا حماس استسلمت ولا كتائب القسام ولا أهل غزة وصور دمار غزة وقتل أطفالها ونسائها وغيرها تملأ ميادين العالم وتملأ السوشيال ميديا رغم حربها القذرة. إسرائيل ترجئ الهجوم البري وتظل تلقي القذائف من الطائرات والصواريخ تمهيداً له، وللخلاص من كل أهل غزة.. هل سيحدث ذلك؟ لن يتم الخلاص من أهل غزة مهما ارتفع عدد الشهداء، والجنود الإسرائيليون لم يتعودوا على المواجهة المباشرة التي ستحدث إذا قررت إسرائيل ذلك. إسرائيل تعرف أنه سيكلفها الكثير جداً من جنودها، إنهم غير قادرين على استيعاب ما كلفهم هجوم حماس وكتائب القسام على مستعمراتهم المحيطة بغزة، يتصورون في وحشية أنه هكذا انتهى العالم ولابد من عالم آخر. كيف حقا تقتل حماس أو غيرها أفراداً من شعب الله المختار، هكذا تفكر الدولة التي تروّج نفسها في العالم أنها ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط. استيعاب أن يموت منهم ألف جندي غير الأسرى والجرحى فوق طاقة عابدي الأساطير وخرافة إسرائيل وشعب الله المختار، لكنا صرنا نرى المظاهرات في إسرائيل نفسها ضد نتنياهو مجرم الحرب الذي لن يفلت أبداً من العقاب. وفي أمريكا طائفة كبيرة من اليهود تندد بما تفعله إسرائيل ويقتحمون الكونجرس وتقبض أمريكا على المئات منهم. حكومة إسرائيل والدول الداعمة لها يرفعون شعار شعب الله المختار ويرقصون رقصة سالومي أمام هيرودس بعد ذبح النبي يحيى – يوحنا المعمدان – بعد أن ألقوا القذائف على مستشفى المعمدان وأبادوا من فيه من مرضى ولاجئين. هكذا وسط عالم تغير ومهما كانت فيه من دول ذات أنياب استعمارية فالشعوب اختلفت، وإذا كانوا يعولون على صمت بعض شعوب الدول الأخرى المقهورة بحكامها، فهذا لا يعني أن العالم كله كذلك، وإذا كانوا يعولون على النسيان، فالذاكرة تستيقظ، ذهبت سالومي وذهب هيرودس القاتل وبقي يوحنا المعمدان فهل ستبقى إسرائيل؟ متى انتصر في التاريخ قتلة الأنبياء؟.
1194
| 26 أكتوبر 2023
لأوربا وأميركا وجهان عبر التاريخ. وجه داخل بلادهم من ثورات وانتفاضات من أجل الحرية والمساواة، ووجه خارج بلادهم لاستعمار البلاد الضعيفة، واستغلال ثرواتها وقتل شعوبها وتجارة العبيد. الوجه الثاني ابتعد عن المشهد كثيرا لكنه ظهر واستمر مع زرع اسرائيل في فلسطين تحت وهم أرض الميعاد التي وعد الله بها اليهود بعد الشتات، والحقيقة أنه سياسيا كان طريقة انجلترا لإضعاف الأمة العربية التي كانت تذهب إلى الاستقلال عن الاستعمار، سواء البريطاني أو الفرنسي أو الإيطالي، وهؤلاء هم من استعمروا معظم بلادنا العربية. طبعا لن أتحدث عن المحارق التي اقامتها أوروبا عبر التاريخ لليهود، وكان لزرع دولتهم في فلسطين وجه الاعتذار عن جرائمهم على حساب شعب آخر. إنجلترا هي التي زرعت دولة جنوب أفريقيا التي احتاجت أكثر من قرنين دفع فيها السكان الأصليون أثمانا باهظة حتى صارت دولة ديموقراطية تتسع للجميع. وهي التي زرعت إقليم كشمير بين الهند وباكستان ليظل شوكة بينهما. كانت تعرف انها سترحل عن مستعمراتها، فتركت خلفها ما يهدد هذه المستعمرات. في عالمنا العربي قبل وبعد إعلان دولة إسرائيل، شهدت الأراضي الفلسطينية وشعبها العربي مذابح يطول الحديث عنها. في كل هذه المذابح لم تكن أوروبا ولا أميركا بعيدة عن دعم الإسرائيليين الذين يقيمون المستعمرات ويسمونها مستوطنات، وهي لم تكن وطنا لهم من قبل قط، بل هي وطن الفلسطينيين. سكان هذه المستعمرات هم جنود في الجيش الإسرائيلي وقت السلم ووقت الحرب، ومعظم النازحين إليها ارتكبوا الفظائع وظلوا يحملون جوازات سفر مزدوجة، واحد إسرائيلي وواحد باسم الدولة التي جاءوا منها، خشية يوم للخروج العظيم. في كل تلك الحروب والمذابح كانت الأخبار تأتي للصحف والإذاعات، لكنها لم تكن بسرعة هذا العصر الذي صارت فيه السوشيال ميديا طريق الإعلام لا يغيب ثواني عما يحدث. تجتمع الحكومات الأوروبية، وبالذات التي لها تاريخ استعماري مثل انجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ومعهم أميركا، في دعم الهجوم البربري على أهل غزة وبيوتها ومستشفياتها ومدارسها وقطع المياه والكهرباء وكل شيء. إجماع لم نشهده من قبل لاختلاف وسائل التواصل، لكنه يوضح بجلاء أن الوجه الآخر لهذه الدول، من استعمار دول أخرى وقتل شعوب ونهب ثروات وتجارة في البشر، هو السائد في سياستها الخارجية ولم تتخلص منه مهما كانت اعذارهم بسبب محارقهم لليهود التي لم نفعلها نحن ولا شعب فلسطين. كلهم يرددون الأكاذيب عن حماس وكتائب القسام مثل أنهم يذبحون الأطفال ويغتصبون النساء، وفي نفس اللحظة تظهر الحقيقة أن الإسرائيليين هم من يفعلون ذلك، وتستمر هذه الدول في بغيها. بل اتسع نشاطها فصارت تمنع التظاهر دعما لفلسطين في بلادها، وتعتقل من يرتدي كوفية فلسطينية، وترفع صورة أي مشهور يعترض على ما تفعله إسرائيل من سجلاتها أو أنشطتها، وتعاقبهم على تغريدات لهم على تويتر أو الفيسبوك الذي صار بدوره يمنع أي حديث إيجابي عن الفلسطينيين، هو وبقية المواقع باستثناء تويتر الذي ظل متسعا إلى حد ما، لكن ولقد قرأت وأنا أكتب هذا المقال أن تويتر تراجع أيضا عن ذلك بعد طلب الاتحاد الأوروبي منه أن يمنع أي مناصرة لفلسطين. هذا الاجماع الهمجي على نصرة اسرائيل بما سبق وقلته، وبالسلاح أيضا، يذكرني بمسيرة التاريخ. فعلى طول التاريخ تصل دول إلى أعلى القمة لتسقط من جديد وتخرج من التاريخ. إنهم يرفعون من إسرائيل لأكثر من قيمتها وقدرتها، وهذا يعني عودة التاريخ إلى مساره، فستسقط اسرائيل حلم الصهيونية البشع.
960
| 19 أكتوبر 2023
العالم كله يعرف ماذا فعلت أوروبا باليهود من اضطهاد ومذابح عبر العصور. صار هروب اليهود إلى العالم العربي والإسلامي هو طريق النجاة لليهود. لم يتوقف اضطهاد اليهود وعلاماته كثيرة حتى القرن العشرين، أشهرها طبعا ما جرى في ألمانيا النازية والمحارق التي أقامها هتلر لهم. ما ذنب العالم العربي في ذلك؟ العالم الذي لاذوا دائما به وببلاده، مثل مصر وفلسطين ناهيك عن العراق والمغرب واليمن. لأسباب سياسية ولزرع عدو بين العالم العربي ابتكرت أوروبا البحث عن وطن قومي لليهود، والقصة معروفة انتهت باحتلال فلسطين. رأوا ورأى كبار اليهود أن ذلك سيكون أكثر جذبا، فهي أرض الميعاد في التوراة. ورغم أن ما جاء في التوراة والتلمود يدخل في قلب الخرافات والأساطير لكن هكذا آمنوا. ابتدعت أوروبا قانون تجريم معاداة السامية ويقصدون به معاداة اليهود تكفيرا عن ذنوبها. أما اليهود أنفسهم وقد صاروا صهاينة، فكل ما يفعلونه في فلسطين بالعرب والمسلمين مباح. يفعلون بالفلسطينيين ما فعلته أوروبا بهم من مذابح كنوع من الإزاحة النفسية البشعة، وتوافق أوروبا كنوع من التكفير البشع عن الذنب. استخدام تجريم معاداة السامية للتكفير عن الذنوب التي ارتكبتها أوروبا في حق اليهود، فتح المجال للصهاينة لفعل كل الجرائم ضد الفلسطينيين. المذابح التي أقامها اليهود للفلسطينيين قبل عام 1948 حيث أعلنت دولة اسرائيل وبعده لا تحصى. يقومون بأبشع مما فعلت أوروبا بهم وأصبح قتل الفلسطينيين هواية تسرّ نفوسهم، وصارت أفعال النازية شعارهم فكلاهما شعب الله المختار، ولا يدخل هذا في كذبة أوروبا عن تجريم معادة السامية، فللصهاينة حقهم المطلق في قتل الفلسطينيين. هكذا ترى تضامنا من حكومات دول مثل ألمانيا وفرنسا وانجلترا وإيطاليا وأميركا، مع ما تفعله اسرائيل في غزة من مذابح ردا على كشف عورتها فجأة بما فعلته حماس وكتائب القسام، من عبور طال انتظاره كلف إسرائيل خسائر لم تخسرها في حروبها السابقة كلها. اتُهمت حماس وكتائب القسام بقتل المدنيين في المستوطنات التي هاجموها، وهذه هي الكذبة الثانية، فسكان المستوطنات هم جنود إسرائيليون أقاموا مستوطناتهم على أرض غيرهم وبقتل الفلسطينيين. هم جنود في الجيش الإسرائيلي وقت الحرب ووقت السلم في انتظار التجنيد. أي تسقط عنهم صفة المدنية. بينما سكان غزة ليسوا مدنيين في نظر أوروبا التي تعاني من عقدة الذنب وتفرغها على أهل فلسطين. ماذا تسمى المذابح التي تتم في غزة من استهداف المدنيين عن قصد في البيوت والعمارات والمساجد والمدارس بالغارات، وقائد أي طائرة يعرف إلى أين يوجه صاروخه فالأمر ليس عشوائيا. لقد تجلت الروح الهمجية في قول نتنياهو نحن نفعل ما وعدنا الله به في التوراة، أما وزير دفاعه فيقول « منعنا المياه والكهربا والطعام عن غزة فسكانها ليسوا بشرا لكن حيوانات في هيئة بشر» ويسمعه العالم كله ولا تتحرك الدول رغم أن هذه جريمة قتل جماعي. نسمع فقط عن رفض من مؤسسات حقوقية لكن لا تعلن أميركا مثلا انسحاب حاملة طائراتها من حدود غزة، ولا تظلم فرنسا برج إيفل احتجاجا على مجازر اليهود للفلسطينيين، كما أظلمته احتجاجا علي عبور الفلسطينيين لحصارهم في غزة. وفي النهاية لقد كان عبور المصريين في أكتوبر 1973 له ما بعده من خروج الصهاينة من سيناء، والتخلي عن جزء كبير من حلمهم في دولة من الفرات إلى النيل، وسيكون للعبور الفلسطيني وعملية طوفان الأقصى رغم أي خسائر، دوره في تقليص جديد لهذا الحلم الخرافي.
1734
| 12 أكتوبر 2023
هناك مقولة راجت عند الكثيرين عبر التاريخ أن المصريين ألفوا الاستعباد، وأنهم شعب لا يُقاد إلا بالعصا. أبسط تفسير أراه لمن قالوا ويقولون هذه المقولة، أنهم يريحون أنفسهم من أيّ عمل سياسي أو رأي معارض للحكم. إن نظرة واحدة لتاريخ المصريين تراه حافلا بالثورات نجحت أو فشل بعضها. في العصر الفرعوني كان الحاكم إلها أو ابن إله لأن النيل كان مصدر الحياة الوحيد، وكانت مهمة الحاكم تنظيم مياهه ليقوم المصري بالزارعة، النشاط الأكبر الذي يوفر له كل شيء، ومن ثم لا حاجة له بالمعارضة. هذا الذي لخصه المطرب محمد عبد الوهاب في أغنية «محلاها عيشة الفلاح متهني قلبه ومرتاح» رغم أن هناك من اعتبرها موالسة للملك الحاكم، رغم أن المعنى الأقرب هو أنه حين يعجز المصريون عن التمرد على الحاكم يتركون أمره إلى الله ويكتفون بخير الارض. يصبرون ولم يكن هذا خنوعا قط. رغم ذلك شهدت البلاد قلاقل وثورات حين اشتد الظلم. من روائع المعارضة رسائل الفلاح المصري الفصيح إلي حاكم إقليم إهناسيا في نهاية الألف الثالثة قبل الميلاد حين وقع عليه الظلم والتي سجلتها الآثار. دخول الأديان السماوية مثل المسيحية أو الإسلام لم يشهد في البداية مقاومة كبيرة، لأن المصريين عرفوا يوم الحساب مبكرا، وكتبوا فيه التراتيل العظيمة التي تراها فيما بقى من ورق البردي أو النقش على الجدران، فلا حاجة للمقاومة. حين وفدت المسيحية إلى مصر وكانت الإسكندرية ميدانها الأكبر، تمسك بها المصريون أمام الحكم الروماني، ودفعوا الثمن غاليا حتى آمن بها الرومان، وهناك زمن كامل يسمى عصر الشهداء، لكنهم في النهاية جعلوا من كنيسة الإسكندرية مركز الأرثوذكسية في العالم. جاء الإسلام ويقال لم يقاوم المصريون ولا ينتبه أحد إلى الفكرة الرئيسية، وهي أننا لسنا ضد التوحيد من قديم الزمان. لكن العصور الإسلامية شهدت ثورات عديدة حين تحولت الجزية إلى جباية كبيرة وإكراه، منها ثورة البشموريين أهل شمال الدلتا ضد الدولة الأموية، وغيرها كثير ضد العباسيين والأتراك والمماليك. تاريخ تمرد المصريين في العصر الحديث طويل من مقاومة الحملة الفرنسية إلى الثورة العرابية إلي ثورة 1919 إلي المظاهرات ضد الاستعمار والملك في الثلاثينات والأربعينات حتى جاء انقلاب يوليو 1952. حين جاء انقلاب يوليو كان الملك تقريبا قد فقد معظم مزاياه، وكان الإنجليز قد ابتعدوا عن كل البلاد، وتمركزوا في منطقة قناة السويس تمهيدا للخروج من مصر. جاء انقلاب يوليو وحصد الجهد السابق للشعب بلا مجهود. هل مرت سنوات الخمسينات وحتى الآن بلا تمرد أو ثورات؟ لا. لكن الحكم العسكري عرف كيف يجهضها أو يتحايل عليها، لتنتهي إلى استمرار وجوده، وآخرها ثورة يناير 2011. من ينسى المظاهرات التي اندلعت مع وفاة مصطفى النحاس باشا أو بعد هزيمة 1967 أو عام 1971-1972 حين تلكأ السادات في الحرب. أو عام1977 أيام السادات ايضا أو بعدها. حدث ذلك كله رغم المعتقلات التي امتلأت بالكتّاب والمفكرين والمعارضين. هل تم محاسبة أحد على هذه الاعتقالات ؟ لا وحتى حين حدثت ثورة يناير وما جرى فيها من اغتيالات للثوار وبعدها من اعتقالات. جعلت رومانسية الثوار المحاكمات غير ثورية، ومن ثم نفد كل الفاسدين والقتلة من العقاب. لماذا إذن يُقال عن المصريين أنهم لا يقادون إلا بالعصا؟ ليس لأنهم كذلك، لكن لأن من استخدم العصا لم تتم محاكمته محاكمة حقيقة، ولم يدفع الثمن قط.
1110
| 05 أكتوبر 2023
قرأت أيام الشباب كتب المؤرخين القدامى عن مصر، مثل ابن إياس أو المقريزي أو الجبرتي. كان الجبرتي في موعده مع دخول الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798 وإبان عهد محمد علي، ومن ثم ما كان يكتب عنه في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» هو حصاد حوالي ألف عام وتعاقب دول عديدة على مصر بعد الأمويين والعباسيين مثل دولة المماليك والعثمانيين اللتين شغلتا أكبر مساحة في الزمن. لم تكن كتب هؤلاء مما يمكن اتهامها باعتبارها التاريخ هو تاريخ الحكام فقط، فلقد اتسعت في كتبهم مساحة للشعب والناس العاديين وحياتهم وغرائب الأفعال والأعمال والجرائم والسحر والشعوذة وغير ذلك. أي لم يصوروا هذه العصور باعتبارها هدية الحكام العظيمة فقط، بل بدوا مشغولين أيضا بحياة الناس حتى أنك تستطيع أن تخرج من كتبهم بعشرات الروايات والأفلام والمسلسلات إذا شئت. أنظر حولي في مصر الآن وأرى وقائع لم تعد في حاجة إلى باحث أو مؤرخ، لكن تكشفها السوشيال ميديا في لحظتها، منها جرائم قتل تتكرر للنساء والفتيات لمجرد أنها لم توافق على الزواج من القاتل أو من أحد من أهلها. أحداث تتكرر مثل فيديوهات بشكاوى البسطاء من المصريين من غلاء الأسعار الذي فاق كل توقع وكل زمان. رغم ذلك ففي هذه الحالة الصعبة يحول المصريون الألم إلي نكت يستعينون بها على الحياة بالطبع، وخاصة في حالة غلاء الأسعار، بعد أن أصاب الأغلبية من المصريين ما يمكن تسميته باكتئاب الشراء. أقصد به اكتئاب من يذهب لشراء الطعام أو غيره رجلا أو امرأة. كل الأطعمة ارتفعت أسعارها بجنون ولم تعد في قدرة البسطاء، ولا حتى الطبقة الوسطى التي انحدرت إلى الفقر. لكن هذا لم يمنع شخصا من نشر صورة فوتوشوب لفريد شوقي وكوكا في فيلم «عنتر وعبلة» وهو يسألها «إيش يريد أبوكي مهرا لك ياعبله» فتقول له «ألف بصلة» والحكاية طبعا في التاريخ ألف ناقة! صارت البصلة هدفا بعد أن ارتفع سعر البصل إلى أرقام غير متخيلة وصلت إلى ثلاثين جنيها للكيلو جرام، أي أن البصلة الواحدة بأربعة جنيهات، وهي التي كان يُضرب بها المثل على ما لا قيمة له «مايساويش بصلة». أو تكتب فتاة في كلية الفنون أنها لم تعد قادرة على شراء الألوان لترسم وليس أمامها غير الزواج من سمير أو علي. و «سمير وعلي» هو اسم اشهر المكتبات لبيع الكراسات وأدوات الكتابة في مصر. آخر المشاهد التي لم يحلم بها الجبرتي مشهد أعداد من الفقراء تم جمعهم في صوان ليقوموا بعمل توكيل للرئيس للانتخابات، ويغنون مع شادية أغنية «ياحبيبتي يا مصر» ويصفقون، وبينهم امرأة عجوز تغني وتصفق ثم تقول فجأة بعد أن طال الانتظار «هاتو الكرتونة بأه». والكرتونة هي ما سيعطونهم من الطعام في الكراتين ثمنا لتوكيلاتهم أو أصواتهم فيما بعد. لو عاد الجبرتي الذي كتب عن غرائب الأحداث لأحس أنه لم يكتب شيئا. والسبب بسيط جدا أن ما كتبه الجبرتي كان نتيجة ألف عام من الظلم ولا أحد يعرف شيئا إلا بالصدفة، لكن الآن وقد صار العالم هاتفا جوّالا، فأي كتاب للجبرتي سيتسع لهذا كله.
2904
| 28 سبتمبر 2023
كيف لم تدرك أم أخيل وهي تضعه في نهر الخلود ممسكة إياه من قدميه، أنه لن يطولهما الماء، فصار لكل منا نقطة ضعف قاتلة، رغم أن ذلك كان من أسهل ما يمكن إدراكه؟ سؤال اسأله لنفسي دائما حين أرى كثيرا مما حولي. بل وكنت اسأله لنفسي وقد عاصرت هزيمة 1967 شابا صغيرا، ثم ما جرى مع رؤساء مصر بعدها ونهاياتهم. لم أجد تفسيرا بسذاجة «ثيتس» أم أخيل، التي عرفت بنبوءة موته في معركة، فقامت بتغطيسه طفلا في نهر « ستيكس «، وهو نهر الخلود في الأساطير الإغريقية، ولم تدرك أنها وهي تمسكه من عقبيه أو كعبيه، منعت ماء الخلود من الوصول إليهما، فصار « كعب أخيل « هو نقطة ضعفه. وجدت التفسير المقنع لي حتى الآن أن هذه إرادة الأقدار، ولا خروج عليها مهما بدا من قوة وجبروت الإنسان. القدر لا يهمل الخطايا والخطائين، بل هم يستدعون النهاية بأخطائهم، وهم يتصورون أنهم أحرار في قراراتهم. حتى الإنسان العادي قد يكون قويا في حياته وعلى من حوله، لكننا لا نعرف نهايات كل الناس ولماذا وكيف. مع توفر السوشيال ميديا نقرأ عليها أخبار الراحلين، ولا نشغل أنفسنا بسبب الرحيل، أو نحضر جنازة من نعرفهم والعزاء في المسجد، ونطلب من الله الرحمة لهم والجنة. فقط هم الكبار من القيادات الذين نعرف من الأخبار أسباب رحيلهم. أسطورة أخيل لم تأت من فراغ، فالحكمة وراءها تظل خالدة. لكل إنسان نقطة ضعف لا يدركها لكن عليه أن يؤمن بذلك، ولا يتصور قط أنه عابر للزمن. أخيل مات خارج سور طروادة وهم يهاجمون المدينة، بسهم أطلقه باريس ابن ملك طروادة من فوق السور، وبالطبع لم يكن يقصد أن يصل السهم إلى كعب أخيل، لكنها الأقدار تصنع الأسطورة لتكون عبرة وعظة. المدهش أن أخيل تردد أكثر من مرة في خوض الحرب، وحين وافق كانت نهايته. بالطبع كان يعرف ما فعلته به أمه ويعتقد أنه خالد إلى الأبد. أتذكر الأسطورة دائما وأنا أنظر في أحوال كل ديكتاتور، قتل من شعبه الآلاف، وسجن منهم الآلاف، وضيق طريق الحياة عليهم بلا سبب، غير أن تفكيره هو الوحيد الصحيح، وعلى رجال دولته الاستماع إليه وتنفيذ مايقول، دون ترك أيّ مساحة للاختلاف في الفكر أو العمل. ورفع شعارات هي في الأصل عظيمة مثل الوطن، لكن تكتشف أن الوطن الذي يتحدثون عنه، هو الذي تعيش فيه تتلفت حولك خوفا من القبض عليك، أو اتهامك بأي شيء، وتضع يدك على جيوبك في كل لحظة، خوفا أن تكون هناك يد امتدت وأخذت ما فيها من نقود مهما كانت قليلة. الفهم الحقيقي للوطن هو الأرض التي يعيش عليها الجميع، وتكون فيها السلطة خادمة للشعب فهي زائلة والشعب باق، وليس هذا في حاجة إلى دليل، لأنك ببساطة تستطيع أن تعرف عدد الحكومات والحكام الذين مروا على مصر عبر التاريخ، ولم تذهب مصر إلى العدم الذي ذهبوا هم إليه. هي حكمة الله ماذا نفعل فيها. تبقى الشعوب ويذهب الحكام. الشعوب قادرة على إعادة بناء ما فسد أو تحطم في الحروب، وكم من دول خرجت من عثرتها بعد الحروب الطاحنة، لكن تظل المشكلة هي تتالي الديكتاتوريات دون إدراك لما سبق من نهايات لأخيل. حقا يدفع المواطن العادي الثمن لخطايا الديكتاتور، ويرى القانون يحكمه هو فقط ولا حيلة له، ويندهش أن القانون لا يحكم الديكتاتور، لكن في سماء الأقدار تظل العبرة من كعب أخيل قائمة.
717
| 21 سبتمبر 2023
ما جرى في المغرب من زلزال ثم ليبيا من إعصار، جعل الحزن ينصب خيمته حولي. للمغرب في روحي تاريخ يتسع من المحبة ويملأ الفضاء، في الإسكندرية تاريخ للمغاربة في التجارة والوكالات التجارية جعل لهم شارعا معروفا بشارع المغاربة. وغير الشارع فكل احتفالاتنا بموالد أولياء الله في الإسكندرية تجعلك تعرف بقليل من القراءة أن أكثرهم وفدوا إلى الإسكندرية من المغرب والأندلس، والبقاء بالمدينة العظيمة التي كانت ملاذا للصوفية في كل عصور العرب والمسلمين سنة وشيعة في مصر. الإسكندرية المعاكسة للحكّام على طول التاريخ جعلت للصوفية أرضا فجعلوا لها فضاء من الإنسانية والحب. قد تجد وليّا في الإسكندرية من أصول مصرية هو سيدي القباري ووليا من الصحابة هو سيدي أبو الدرداء، أو كما يقول أهل الإسكندرية «ابو الدرادر»!. مولد سيدي أبو العباس المرسي أو سيدي ياقوت أو غيرهما علامات لا تنتهي من المحبة في الإسكندرية، وتمتد لتشمل مصر كلها، ففي طنطا مقام السيد البدوي وفي قنا مقام سيدي عبد الرحيم القناوي وهكذا يطول الحديث. المغرب مشت معي منذ طفولتي في الموالد والشوارع، ومع القراءة عرفت الكثير عنها، ثم كانت النقلة الكبرى بعد أن نشرت شيئا من أعمالي، وتلقيت دعوات من مثقفي المغرب لزيارة بلادهم والمشاركة في مؤتمرات ومهرجانات ثقافية. عرفت الكثير منهم يطول الحديث عن أسمائهم، وعرفت إسهاماتهم العظيمة في الأدب والنقد والفكر، وزرت بلادا لا أنساها مثل طنجة وأصيلا والرباط والدار البيضاء وأغادير وفاس ومكناس وبلدا صغير رائعا هو بني ملال، ولي فيها كلها ذكريات حفلت بها كتبي المختلفة. كانت أول زيارة في بداية التسعينات وعدت لأكتب مقالا بعنوان «كيف كسب الملوك وخسر الرؤساء» بعد ما شاهدت في المغرب كيف يحافظون على تراثهم الحضاري فكرا وبناء وحدائق وأشجارا وشواطئ وطرقا، وكيف كان رؤساء الجمهوريات طريقا للديكتاتورية تنسف ما قبلها من جمال وثقافة مادية وروحية. لا أريد أن أستمر لأجعلك تنظر إلى حال الجمهوريات الآن وآفة الحكم العسكري. جاء زلزال المغرب فنصب خيمة الحزن حولي ولم يكن الأول في تاريخها للأسف. سبقه أكثر من زلزال أشهرها زلزال أغادير عام 1960 الذي قضي على كل بنايات المدينة وراح ضحيته أكثر من ثلاثين ألفا غير الجرحي. من مفارقات الزمن أني حين زرت أغادير منذ حوالي خمسة عشر عاما وجدت مدينة جديدة رائعة بينها مبنى قديم من طابق واحد مغلق. سألت عنه فقالوا انه كان قاعة سينما لم يهدمها الزلزال فحافظوا عليه ذكرى رغم أنه مغلق!. تمشي في شوارع المغرب فتجد من يسألك: «مصري؟»، ترد بالإيجاب فتكون محل كرم بالغ منهم في المقاهي والمطاعم ويسألونك عن ابو جريشة وعادل إمام وفريد شوقي حتى محمد هنيدي وغيرهم. من الطرائف أني كنت يوما في ساحة الفنا في مراكش، وهي الساحة التي تحفل بفنون المدن والقرى والصحراء، فإذا بفرقة موسيقية شعبية يسألني مطربها: مصري؟ وكانت معي زوجتي فقالت نعم، فأشار للفرقة أن تغني لنا وبدأت تعزف ويغني هو « كتاب حياتي ياعين ماشفت زيّه كتاب..الفرح فيه ساعتين والباقي كله عذاب» ونحن نضحك ونغني معه ونصفق. مرت السنون ونصب الحزن خيمته حولي، ثم جاء إعصار درنة في ليبيا ليؤكده فما أكثر روابطنا أهل الإسكندرية بالشعب الليبي ويحتاج هذا حديثا آخر، فكم لنا من روابط بكتابها ومثقفيها. لم يسعفني الوقت لأزيح الحزن عني، وأتذكر من غنى لنا «كتاب حياتي ياعين ماشفت زيه كتاب!!»
1161
| 14 سبتمبر 2023
مساحة إعلانية
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2811
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2472
| 30 أكتوبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
1920
| 03 نوفمبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1482
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
1146
| 04 نوفمبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1107
| 29 أكتوبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
741
| 30 أكتوبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
741
| 02 نوفمبر 2025
من الشيق استرجاع حدث سابق تم تحليل واقعه...
690
| 28 أكتوبر 2025
ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...
690
| 29 أكتوبر 2025
في السنوات الأخيرة، أصبحت الأغاني تصدح في كل...
639
| 30 أكتوبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
615
| 04 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية