رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هذا موسم التصريحات والأحاديث التي تسعى الصحافة للحصول عليها من الكُتاب والمثقفين عن آرائهم في المعرض وحركة البيع وأسعار الكتب والندوات وغير ذلك كثير. في كل تصريحاتي كان تركيزي على شيء واحد وهو أملي أن يكون لفلسطين وغزة وما يحدث فيها من مجازر بشعة من الصهاينة، مكان واضح وبارز أقله قاعة ندوات خاصة بفلسطين وإمكانية إيجاد شاشات تلفزيونية في الطرق بين قاعات عرض وبيع الكتب، عليها صور شعراء وأدباء من فلسطين، ومقاطع من أشعارهم تتالى على الشاشة يمكن أن تجذب الزائر إلى الوقوف أمامها لحظات، ومع تنوع الزوار سيراها مئات الآلاف منهم. لم أدلِ برأي سلبي في إدارة المعرض لأني أعرف أن من يشرفون عليه من هيئة الكتاب المصرية يبذلون أقصى ما لديهم كل عام لإنجاح المعرض. اعتذرت عن عدم حضور أي ندوة أو فاعلية لسبب بسيط أني أسكن بعيدا جدا عن المعرض في مكانه الجديد منذ سنوات، وصحتي لا تساعدني على الذهاب إلا مرة واحدة لإحضار بعض نسخ من رواية جديدة أو كتاب جديد سيصدر لي. انتهى زمن الحضور اليومي لمن هم مثلي وليس هذا عيبا في المعرض لكنه العمر وحكم السنين. لديَّ من الذكريات الجميلة الكثير خاصة وقد كنت أحد المشرفين على نشاط المقهى الثقافي لأكثر من عشر سنوات منذ نهاية الثمانينيات حتى عام 2000 حين ابتعدت عن كل عمل ثقافي تاركا الفرصة لأجيال جديدة. كان ذلك وقت رئاسة فاروق حسني لوزارة الثقافة وسمير سرحان لهيئة الكتاب وكانت أجمل الأيام. حتى لقاءاتنا مع حسني مبارك كانت ذات أهمية كبيرة، لكن للأسف لم يكن التلفزيون يعرض منها غير الأسئلة الشخصية لبعض المثقفين وتجاوب حسني مبارك معها، مما صَوَّر المثقفين كمجموعة انتهازية لا علاقة لهم بالواقع حولهم وكان هذا غريبا جدا، فاللقاءات كانت حافلة بالنقاش الجاد في كل قضايا مصر والوطن العربي. كثير جدا من الذكريات كتبتها في كتابي «الأيام الحلوة فقط». ما أتمناه هذا العام في المعرض هو أن تنفتح حفلات توقيع الكتب لتكون في دور النشر نفسها، فالسائد منذ تم نقل المعرض إلى مكانه البعيد في منطقة التجمع الخامس هو تخصيص قاعة لحفلات التوقيع مدفوعة الثمن، بينما كانت في مكانه السابق بمنطقة العباسية، تقام في دور النشر نفسها ودون مقابل، فكل دار نشر في قاعة بها عشرات من دور النشر، ومن ثم فرصة اهتمام الجمهور العام أكثر، ولا يكون الأمر مقصورا على من يعرف الكاتب فيذهب إلى قاعة التوقيع. ترك حفلات التوقيع في دور النشر أمر أجمل وأكثر تأثيرا رغم ما نراه من زحام في قاعة التوقيع. كما أن إتاحة ذلك بالمجان أمر طبيعي جدا في بلد مثل مصر تعاني من ظروف اقتصادية، ومع كتاب جدد يتمنون مثل هذه الحفلات لكن قد لا يتشجع الناشر لدفع المقابل المطلوب. الظروف الاقتصادية للبلاد التي تجعلني أتذكر حضوري أول معرض تمت إقامته عام 1969 قادما من الإسكندرية معي سبعة جنيهات، وعدت بعشرات الكتب، بينما السبعة جنيهات الآن لا تكفي ثمن تذكرة المترو إلى المعرض أو قريبا منه. أعرف والله ما جرى وسأبتعد عنه وأكرر طلبي بحضور كبير لفلسطين وبجعل حفلات التوقيع في دور النشر نفسها وبالمجان، فلا يقتصر الأمر على المشاهير. هذا أمر يمكن فعله دون انتظار لدراسة حتى مع بدء المعرض. أما أسعار الكتب فلنا الله، ما دام الدولار يقف أعلى جبل الأوليمب مع باخوس ويضحك.
1668
| 25 يناير 2024
هل كان الإنسان البدائي يعرف أنه سيأتي زمن تكون فيه الصناعة وثورة الاتصالات من التطور الذي جعل العالم مجرد هاتف في يدك؟ بالطبع لم يكن يعرف. كان كل همه أن يتغلب على الحيوانات المتوحشة والتغيرات في الطقس والبيئة، وشيئا فشيئا تحت ضغط الحاجة عرف الزراعة وعرف الأزياء وما يستره أو يدفئه في الأيام الباردة وعرف الصناعة. تغير شكل الحياة من أفراد إلى جماعات أو قبائل، ثم قرى ومدن ودولة، وكانت معركة الإنسان هي كيف تتم إدارة ذلك كله. على الجانب الآخر قامت حروب وضاعت دول وظهرت أخرى، وغير ذلك مما نعرفه أو يمكن معرفته بسهولة. ماهو العنوان الذي يمكن أن نضعه لهذه الرحلة. العنوان هو "الأمل". هل كان الأمل يشغل الجميع. بالطبع لا. هناك من أصابهم اليأس، لكن ظل الأمل هو الرافد الأعظم للحياة حتى لو لم يقل الإنسان ذلك. كل الأديان جعلت الأمل عنوانا لها، حتي التخويف من يوم الحساب كان من أجل أمل في العدالة في الدنيا. عشرات الحكايات حفلت بها قصص الأديان يمكن ايجازها في أن كل عذابات الأنبياء كانت من أجل وطن أفضل أو أملا فيه. حكايات نسجها كتاب للعودة إلى الوطن، من أعظمها وأقساها رحلة أوديسيوس بعد حرب طروادة في ملحمة الأوديسا، التي استغرقت عشر سنوات بين البحار والغابات حتى يعود إلي بيته في إيثاكا. خلال ذلك كان الكثيرون يريدون الزواج من زوجته بنيلوبي، فصارت تنسج بيدها قطعة نسيج وتخبرهم أنها بعد أن تنتهي منها ستنظر في الأمر، وما تنسجه بالنهار تفككه في الليل وتبدأ من جديد في اليوم التالي، يراودها الأمل أن تظل تخدعهم حتى يعود أوديسيوس ينتقم منهم، وحدث أنه عاد وانتقم. هي قصة وفاء المرأة لكنها قصة الأمل. أستطيع أن أمشي مع عشرات الحكايات التي تنتهي بالعودة إلى البيت، والبيت هو الوطن. يأخذني ذلك إلى ما يحدث في غزة بعد مضي مائة يوم حتى الآن على الإبادة الجماعية التي تقوم بها الدولة الصهيونية لأهل غزة. هل يحتاج غازٍ أو مستعمر لمائة يوم لإبادة شعب الآن؟ غازٍ أو مستعمر يملك كل هذه الأسلحة وفي هذا العصر؟ بالطبع لا. حقا هناك حكومات كثيرة من العالم تتفرج أو تساند هذا المحتل، لكن من المهم أن ندرك أن الصهاينة يدركون وأن أخفوا ذلك، أن أملهم ضاع في ابادة أهل غزة، وأن تراجعهم بشكل واضح يعني انفجارا داخل مجتمعاتهم، ومراجعة في شكل الحكم وفيما فعلوه، وانفجار الهجرة إلى البلاد التي جاءوا منها. تراجعهم هو اعتراف بالهزيمة، لأنهم يعلمون أن غزة ستنهض، وتجد من يساعدها في البناء من جديد، وأن الأسر الكاملة التي استشهدت ستأتي أسر وعائلات أخرى لا تنسى. الصهاينة يدركون جيدا خيبتهم وإن لم يفصحوا عنها، رغم أن بعضهم يتحدث الآن عن فشلهم، ويتجلى ذلك أيضا في انسحاب بعض قوات رئيسية لهم من المعركة، وفي سؤال معلّق في الفضاء كيف لم نستطع بعد كل هذا الوقت أن نفني غزة من الوجود؟ ما الذي جعل غزة تقاوم وتتحمل؟ لاشك أهلها وإيمانهم بأنهم أصحاب الأرض من ناحية، ومن ناحية أخرى لن يتخلى عنهم الله في السماء. سيكون سؤال الصهاينة كيف تركنا الله الذي وعدنا بالأرض من النيل إلى الفرات؟ كيف تركنا الله أو "يَهوا" - وهذا اسم إلههم - مائة يوم لا نستطيع تنفيذ خطتنا الإجرامية. إجابة هذا السؤال سيكون لها أثرها في تفكك عقائدهم الكاذبة ومن ثم دولتهم. ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
2097
| 18 يناير 2024
المجال الحيوي اصطلاح سياسي عن نفوذ الدولة تعرفه ببساطة حين تعود إلى التاريخ، وترى كيف امتدت الدول الصاعدة إلى ما حولها وتجاوزته، حين صارت قوتها أكبر من مجالها الخاص، فتقفز إلى الدول المحيطة لاحتلالها. بالضبط كشخص لا يستطيع الوقوف بين الزحام، ويريد أن يمدد ذراعيه ويلتقط انفاسه، بعد أن يترك حافلة مزدحمة بالواقفين والجالسين، فمع الفضاء يشعر باتساع العالم ويسرع في خطواته. هكذا رأت الدولة الفارسية يوما ضرورة ذلك، ووصلت إلى فلسطين ومصر واليونان بعد أن تمددت في العراق القديمة. وهكذا رد اليونانيون مع الإسكندر الذي وصل إلى فارس ومصر وحدود الهند. وهكذا فعلت الدولة الرومانية التي وصلت إلى مصر والشام، وفعلت الدولة الإسلامية التي وصلت إلى الأندلس عبورا بشمال أفريقيا، ومن ناحية الشرق إلى الهند. وهكذا فعلت الدولة العثمانية وبعدها الدول الاستعمارية في العصر الحديث، فوصلت انجلترا إلى أمريكا الشمالية وأسبانيا والبرتغال إلى أميركا الجنوبية، ووصلت إيطاليا إلى أفريقيا، واتسع هتلر النازي في أوروبا، والأمثلة كثيرة من التاريخ. بل ان سلطنة عُمان كانت يوما تمتلك معظم الساحل الشرقي لأفريقيا فضلا عن ساحل الخليج العربي، وكانت لها امبراطورية كبيرة. الأصل في المجال الحيوي هو اتساع النفوذ، فهذا ما تقتضيه قوة الدولة الصاعدة. تغيّر الأمر مع ظهور حركات الاستقلال، وأخيرا مع ظهور طرق أخرى للنفوذ، مثل السيطرة الاقتصادية أو العلاقات المختلفة في مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية. لم تعد الدول القوية تحتاج الى احتلال غيرها باستثناء الدولة الصهيونية، التي تقوم على وهم قديم نسجوه عن أرض الميعاد خلال السبي البابلي، بعدما اتسع مجال الفرس إلى فلسطين وأخذوهم سبايا. بالمناسبة لم تفرغ فلسطين وقتها من أهلها فهم لم يكونوا أهلها الوحيدين. تتعامل إسرائيل بالمنطق القديم الذي تغير في العالم، ولم يعد حتى يكفيها تأثيرها على بعض الدول بما يسمى بالتطبيع. ليس لأنها تعرف أن التطبيع يتم بين الحكومات بينما الشعوب العربية خارج المعادلة، لكن لأنها تقوم على وهم قديم يحتاج آليات قديمة، ولا تدرك حتى حالتها السياسية التي تتباهى بها ومن يؤازرها من الغرب، باعتبارها دولة ديموقراطية! يأخذني الحديث إلى حالتنا في مصر، وكيف كان المجال الحيوي للدولة القديمة يمتد جنوبا إلي منابع النيل متجاوزا أثيوبيا، وكيف كان في عصر الملكة حتشبسوت نفوذ مصر يمتد إلى هناك واستمر، كما يمتد شمالا الى الشام ويصل إلى شرق العراق. لم ينته الأمر مع الغزوات والفتوحات لمصر من الدول الصاعدة. وحين صارت هناك دولة مصرية مستقلة بعد تفسخ العصر العباسي، قامت الدولة المصرية بذلك في زمن المماليك، وبعدهم في عصر محمد علي وأولاده. من يقرأ تاريخ النيل يعرف كيف دبرت انجلترا المؤامرات لإبعاد القوات المصرية عن تواجدها في منابعه في عشرينيات القرن الماضي، وعن تواجدها في السودان. انهار الوجود المصري هناك بعد ذلك رغم استقلال مصر. مؤلم الآن أن نكون غير مؤثرين فيما يحدث من تمزق في السودان، وفيما يحدث من إبادة لأهل غزة، وفيما يحدث في ليبيا من نزاعات، وكلها تدخل في مجالنا الحيوي، لكن هذا التقوقع المصري لا يجب أن يجعلنا ننسى ما تفعله أثيوبيا الآن من بناء سد يزداد كل يوم ارتفاعا، وينذر بأن يكون مفتاح المياه في يد أثيوبيا حتي لو فاضت في بلادهم عن حدها المطلوب. كيف لا تجد مصر وسيلة حتى الآن لإيقاف ذلك بالطرق العصرية أو التقليدية؟ هو الأمر العجيب المؤلم، وتقوقعنا عن مجالنا الحيوي لا يكفي أبدا مبررا لذلك.
2160
| 11 يناير 2024
النوّة اصطلاح يعرفه أهل الإسكندرية وأهل البحار. تتعرض الإسكندرية مع فصل الخريف إلى عدد من النوَّات تنتهي في الربيع، أولاها نوَّة المكنسة. هكذا جاء اسمها لأن المطر يأتي بقوة شديدة يكنس الأرض مما عليها. وآخرها نوَّة عَوَّة في الربيع لأن الريح تعوي بلا مطر، ويقول أهل الإسكندرية «نوَّة عَوَّة مابعدها نوة» .. كانت الإسكندرية يوما بها طريقان لتصريف المياه أحدهما لمياه الشتاء والآخر لمياه الصرف الصحي للبيوت. لا أذكر هل في السبعينيات أم في الثمانينيات من القرن الماضي قام أحد المحافظين بجمع الطريقين في طريق واحد فصارت المياه أكثر مما تحتمل المصارف، وزاد ضيق المصارف بها مع مخالفات المباني الرهيبة في المدينة ومصر كلها، فصارت المصارف تطرد ماينزل إليها من ماء، أو تتركه فوقها في الطريق في الشتاء حائرا تغوض فيه السيارات، ويخلع الناس أحذيتهم ويشمرون سراويلهم وجلاليبهم للعبور. يتحدثون دائما عن قوة النوَّات والحقيقة أنها صارت ضعيفة جدا وتقريبا اختفت، وما نراه على الأرض هو بسبب ما قلت من خلل في طريقة الصرف التي لا تتحمل أقل مطر. النوة الأولى المكنسة موعدها في النصف الثاني من نوفمبر. بعدها باقي المكنسة ونوَّة قاسم والفيضة الصغرى ونوَّة الميلاد وتأتي آخر العام. ثم النوَّات الأخرى حتى الربيع. لم تأت نوة المكنسة إلا بأمطار لا تذكر، ولم تأت النوات الأخرى حتى الآن. كلنا نعرف أن المطر خير وأنه حين ينقطع المطر كان الناس قديما يصلون صلاة الاستسقاء فمعه يأتي الخير، ليس في الزراعة فقط، لكن في الحياة. ما يحدث ليس جديدا لكنه منذ سنوات طويلة. تأخرت النوات كثيرا أو صارت خفيفة حتي عام 2010 حين جاءت نوَّة المكنسة فهطل المطر رهيبا، وكتبت على صفحتي في الفيسبوك، انتظروا الخير لقد هلت البشائر بعد انقطاع كبير. عشرون يوما تقريبا وحدثت ثورة يناير 2011 ولا أنسى أيام الميدان حين كان الشتاء يهطل علينا. عادت النوات الجميلة ثم غابت شيئا فشيئا حتى كادت تختفي كأنها حزينة على ماجرى. أنا لست مغرما بالخرافات لكن هناك عقائد عبر التاريخ يصبح لها وجاهة الحقائق. فمن يستطيع أن يقول أن المطر ليس خيرا بعد هذه الآلاف من السنين. اختفت النوَّات إلا من أمطار ساذجة، فأهملتُ الاهتمام بالأمل أو صار في النسيان. احتفظت لنفسي بالشعور باليأس، وإن كنت اتساءل هل سيتأخر الخير علينا كثيرا إلى درجة أن مقدماته من مطر غابت تقريبا عن البلاد. حين اقبلت نهاية العام منذ أيام لم تأت نوة الميلاد رهيبة المطر. كانت هناك نَوّة أخرى بالتهاني من الناس لبعضها على صفحات السوشيال ميديا، لكني أزعم أن قليلين هم من احتفلوا في بيوتهم بنهاية العام، فلم تأتني من الشقق المجاورة في البيت أو الشارع، أيّ إشارة غناء أو موسيقى كما كان يحدث كل عام. لم تغب غزة وما يحدث فيها عن أغلب الناس، وكثيرون وجدوا الاحتفال الحقيقي لا يزال غائبا، وفي انتظار يوم تنتصر فيه غزة وتدفع اسرائيل الثمن بتفككها من الداخل. حتى طلقات الرصاص التي تنطلق في الساعة الثانية عشرة ليلا مودعة للعام سمعتها ضعيفة كأنها خجلى لا تريد الانطلاق. لكن ما إن بدأ العام الجديد، وفي اليوم الأول من يناير هذا، حتى هبّت نوَّة بقرارات برفع أسعار المترو والقطار وشبكات الإنترنت وكروت شحن الهواتف ورسوم شراء وبيع وتسجيل السيارات في يوم واحد، وربما ترتفع اسعار أخرى وأنا اكتب. هذه هي النَوَّات في بلادنا الآن، لكن رغم أي شيء، فيوما ما سيأتي المطر.
1140
| 04 يناير 2024
ما بين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من عمري، كنت اجلس على شاطئ ترعة المحمودية في الإسكندرية اقرأ في الجزء الأول من ملحمة الكوميديا الإلهية لدانتي الذي عنوانه «الجحيم». لا أذكر الآن في أي صفحة بينما دانتي يدخل إلى الجحيم رأى اللافتة على الباب تقول «أيها الداخل إلى هذا المكان تخلّى عن كل أمل» قرأت الثلاثية «الجحيم» و»المطهر» و»الفردوس» بترجمة حسن عثمان وغيرها من الكتب، وكانت الرحلة التي لم يبق منها غير متعة القراءة والكتابة، فلقد أدركت متأخرا أني دخلت من باب الجحيم. ليس لما قابلت، وهذا يعرفه كل الكتاب الموهوبين من صراعات وغيره مع غيرهم من الحاقدين، ولكن سذاجة الوعي مشت معي متصورا أن من بيدهم أمور الحياة، سوف يقرأون ويتأثرون وتتغير سياستهم. لقد صار ذلك في يقيني بسبب ما قرأت عن النهضة المصرية مع حكم محمد علي رغم كل الأهوال التي جرت مع الشعب، فالمحمودية نفسها تم حفرها في عهده ومات فيها الآلاف من العمال سخرة، وكانوا يدفنونهم في مكان حفرهم. لكن مفكرين مثل حسن العطار ورفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وغيرهم صارت آثار كتاباتهم حولنا في مصر مباني وشوارع ومدارس ومستشفيات وغير ذلك. ظل الأمر رغم الاحتلال البريطاني وكانت كتابات قاسم أمين وطه حسين وعباس العقاد وسلامة موسي وأحمد أمين وغيرهم، لها تأثير كبير في قرارات الحكومات، سواء كانت حكومات أحزاب الأقلية، أم حزب الوفد الذي لم يحكم غير ثلاث مرات، كلها تصل الى سبع سنوات عبر حوالي ثلاثين سنة، حتى وقع انقلاب يوليو. تغيرت الدنيا وصار الحاكم هو المفكر الأوحد. تتسع الأمور أحيانا مثل ما جرى في عهد مبارك، لكن تعود الأمور إلى ما كانت عليه. تستيقظ لافتة دانتي فوق الجحيم حين أنظر حولي وأرى اسماء الكتاب والمفكرين تملأ فضاء الثقافة، لكن ليس لمن يحكمون نصيب في معرفتها. مشكلات كثيرة تحدث حولك في المسائل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كأنه لا يوجد في الوطن كتاب ومفكرون يمكن أن يساهموا في حلها، وكل المسؤولين يتحدثون بطرق مختلفة تعرف منها أن الشعب هو السبب فيها، رغم أن الشعب ليس حاكما، ولا مجلس الشعب جاء بالاختيار الحقيقي، وكل الحقائق أمام عينيك. لا يتوقف المعارضون داخل مصر وخارجها عن الكتابة، وتنوعت الأساليب في التعبير، من كتابة في الصحف والمواقع أو البودكاست أو اليوتيوب، لكن يتم وصم الجميع بالأخونة والإخوان المسلمين، وكأنهم بحق كانوا الشعب كله. كلنا نعرف مثلا أن نجاح محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية كان لانضمام شباب الثورة إلى الإخوان في مواجهة أحمد شفيق باعتباره مرشحا ذا خلفية عسكرية، لكن صار الإخوان هم كل سكان البلد!. أحاول الابتعاد عن السياسة لساعة أو ساعات فهي جحيم مؤكد، وأنظر حولي فأجد كارثة مثل الأسعار، وهي أخطر تجليات الأزمة الاقتصادية، والتي يمكن اجمالها في اكتئاب ما قبل وبعد الشراء، والتي لا أعرف كيف يستعصي حلها في بلد حافل بالمفكرين، فترتفع لافتة دانتي بغير قصد، كأنها تعاند من يقولون الآن «احمدوا ربنا إننا مش زي غزة». أضحك وألوذ بالنكت المصرية أو القافية المصرية، وآخرها حديث جرى بيني وبين صديق قال لي إنه ذهب يشتري كيلو» توم» فوجده بمائة جنيه. قلت له «لو الكلام دا صحيح عبدالحليم حافظ سيخرج من قبره ويغير كلمات أغنية «توبة» إلى» تومة.. تومة.. تومة إن كنت أحبك تاني تومة».
792
| 28 ديسمبر 2023
شهدت السوشيال ميديا ولا تزال جدلا أراه عقيما عن القومية المصرية، فمن يرددونه يقصدون به فراقا مع العرب أو القومية العربية، ويكررون أننا ولدنا مصريين وعشنا مصريين، ومن يردون عليهم يصدقون أن هذا هو المعني الحقيقي للقومية المصرية وينتقدونهم، وبعضهم يغالي في الرد فيعتبر القومية المصرية اصطلاحا وفد إلينا من الخارج في إطار التفرقة بين المصريين والعرب. حقا هذا الاصطلاح وفد إلينا من الخارج متأثرا بفكرة القومية التي نشأت في أوربا في القرن التاسع عشر ضد أي غزو اجنبي، ومن ثم ظهرت في النصف الثاني من نفس القرن التاسع عشر في مواجهة الحكم العثماني. تأكد ذلك بعد الاحتلال البريطاني وأصبح شعارا لكل حركات المعارضة الوطنية في مواجهة الاحتلال ومنها ثورة 1919. السؤال هو هل غاب العرب عن مصر ذلك الوقت؟ كيف لا يعرف أحد أن مصر كانت ملاذا للعرب، ووفد إليها أعلام من الفنانين والكتاب والأدباء والشعراء ساهموا في النهضة المصرية أكبر المساهمات. مؤسس دار الهلال مثلا عام 1892 كان جورجي زيدان الأديب والمؤرخ اللبناني، ومؤسسا جريدة الأهرام كانا الشقيقين سليم وبشارة تقلا الصحفيين اللبنانيين، وكان ذلك عام 1876. مجلة رائدة مثل المقتطف نشأت في بيروت ثم انتقلت للقاهرة عام 1876 أو بعده بقليل، وانشأها يعقوب صروف وآخر أعدادها كان عام 1952 وكان يرأس تحريرها وديع فلسطين. كانت مجلة بين العلم والفلسفة ونافذة عربية على تطور العلم والفكر في العالم. وكان من كتابها شبلي شميل وأديب اسحق ومعهم مصريون مثل اسماعيل مظهر والقائمة طويلة، وكلهم اسهموا في النهضة تأليفا وترجمة رائعة. أما المسرح الحديث فلقد نشأ في مصر على يد الفنان اللبناني يعقوب صنوع في عصر اسماعيل عام 1876 في الوقت الذي ظهرت في الإسكندرية عروض لسليم ومارون النقاش. عروض أجنبية يترجمونها ومعهم أديب اسحق من الشوام أيضا. وطبعا لن انقلك الى السينما ودور العرب فيها وكيف لاذ الكثيرون بمصر، ومن أبرزهم الاخوان بدر وابراهيم لاما منتجين ومخرجين وطبعا أنور وجدي والقائمة طويلة. عليك أن تنظر إلى أسماء المساهمين في الأفلام القديمة، بل وعليك أن تنظر في اسماء المغنين الذين وفدوا على مصر قبل ثورة يوليو من العالم العربي مثل فريد الأطرش وأسمهان. حدث هذا وكان شعار القومية المصرية شعارا في مواجهة الإنجليز لا مواجهة العرب، وحين بدأ شعار القومية العربية في الوجود بشكل واسع نشأت الجامعة العربية في مصر عام 1945 فمن أين أتى القائلون بأن القومية المصرية هي الطريق لأنها تبعدنا عن العرب، ولماذا يصدق من ينتقدونهم ذلك ويردون عليه. ربما من أثر ما جرى اثناء الفترة الناصرية باعتبار الحروب التي دخلتها مصر ولم تكن في رأيهم تخصنا. والسؤال هل مصر لم تشارك في حرب 1948 ضد قيام اسرائيل قبل ثوة يوليو والناصرية؟ فلسطين هي جزء من المجال الحيوي لمصر في كل العصور والتخلي عنه تراجع وانكماش. لقد أخطأ عبد الناصر حقا في حرب اليمن، ففكرة القومية العربية لا تتحقق بالقوة، والتدخل في شئون دول عربية أخرى خطأ كبير. بل كان من التناقضات في عهد عبد الناصر أنه مع ارتفاع شعار القومية العربية، تم تأميم شركات العرب شأنهم شأن كل الأجانب. لعل الفريقين الآن يعرفان كيف نحن في حاجة إلى اتحاد عربي لا ينفي خصوصية كل بلد. كيف يكون ذلك؟ موضوع كبير لعل أوله أن تخرج الجامعة العربية من نومها.
624
| 21 ديسمبر 2023
عشت حياتي محباً للفلسفة، وحين التحقت بكلية الآداب كان يمكن أن أدرس بأي قسم من أقسام اللغات المختلفة، لكني كنت أريد أن أفهم ما وراء العالم، حكاية طويلة تحدثت عنها في بعض كتبي. مما أثارني أفكار الفيلسوف اليونانى زينون الإيلي، أي زينون من جزيرة إيليا. وكان من الفلاسفة ما قبل سقراط، كان من أفكاره براهين على عدم وجود الزمان والمكان والحركة، فأنا أكتب الآن وتمر الثواني والدقائق وتصبح ساعات، فأين هو الزمن الذي يمكن أن أمسك به، وأنا أسكن في بيت في شارع في حي في مدينة في عالم، فأين هو المكان. أثارني برهانه على عدم وجود الحركة. فأنت مثلا تطلق السهم ليصل إلى هدفه، وحتى يصل لابد أن يقطع نصف المسافة. وكي يقطع نصف المسافة لابد أن يقطع نصف نصف المسافة، وكي يقطع نصف نصف المسافة عليه أن يقطع نصف نصف نصف المسافة، وهكذا لكل نصف نصف فالسهم لا يغادر مكانه. طبعا هناك نظريات في علم الرياضيات نشأت من هذه الأفكار. لكن المهم أنني كنت كلما ادلهمت الأمور حولي أتذكر برهانه على عدم وجود الحركة، فيستريح البال. خدعة نفسية جعلت عنوانها العودة إلى زينون. هذه الأيام أرى الانتخابات الرئاسية حولي في مصر، أرى البسطاء الذي يجمعونهم بالسيارات، بعضهم فقراء نظير المال، وبعضهم موظفون يتم إجبارهم على ذلك، وللأسف تعج السوشيال ميديا بالفيديوهات. لكن كل ذلك لم يعد يشغلني.. هنا أعود إلى زينون لأرتاح وابتسم فلا فائدة في أي كلام. أترك الأمر للقدر رغم غرامي بالمعتزلة أهل الاختيار لا الجبر، خاصة أنها ليست أول مرة، هو تاريخ منذ عصر الانقلابات الذي بدأ مع انقلاب حسني الزعيم في سوريا في نهاية أربعينيات القرن الماضي، ثم انقلاب يوليو 1952، وما بعدها في دول كالعراق واليمن وليبيا. زينون كان منقذي دائما. هذه المرة أرى حولي ما هو أهم من الانتخابات، وأعني به ما يحدث في غزة. ما يحدث في غزة يضرب بكل أفكار زينون عرض الحائط. في غزة حركة وفي غزة زمان لن ينساهما أحد، ومكان مهما تهدم لا يمكن أن تعتبره غير موجود، فقليل من الإنسانية سيهاجمك حتى في الأحلام. زينون في إجازة الآن عن روحي. وجدت منشور على إكس بعنوان صوتي لفلسطين كتبت فيه، صوتي لفلسطين أمس واليوم وغدا. إنها ليست قضية دولة، لكنها قضية الأمة العربية والإنسانية. أعرف طبعا أن من اقترح هذا الهاشتاج يريد أن يقول إنه هنا الأصوات الحقيقية لا الانتخابات، لكني تغافلت عن المعنى الضمني، وتركت الانتخابات مع زينون. غزة تتحدى أفكار زينون بل وأفكار الوجودية التي ترى العالم لا معنى له، والتي جاءت منها فرق البيتلز الإنجليزية ومغنية وجودية وممثلة شهيرة مثل جولييت جريكو الفرنسية وغيرهما كثير جدا. تطورت الوجودية حين غزت ألمانيا فرنسا ووجد الوجوديون حلا في التزاوج مع الأفكار المادية، وانخرطوا مع غيرهم في النضال ضد النازي. هكذا البشر وقت الراحة يجدون العالم لا معنى له، لكن في الأزمات يتحدون صانعيها. الآن قسّمت زينون بين مصر فهو موجود، وبين غزة هو خارج الحقيقة. فالزمان موجود لن يُنسى، والمكان يشغل العالم، والحركة لا تنتهي إلى الأمام رغم الآلام. تهاوت كل الأفكار الفلسفية المريحة لي، وتأسفت لزينون قائلا دعك معنا في مصر، لكن في غزة لا مكان لك، واعذرني يا من أرحتني العمر كله مما يحدث في مصر، لكن في غزة هناك أمل يملأ الفضاء.
1800
| 14 ديسمبر 2023
ما الذي يجعل حكومات كثيرة لا تتوقف عن بث معلومات مضللة للشعوب في عالم منفتح على الحقائق. كثير يمكن قوله في السياسة، لكن مع التطور العلمي أقول إن هذه الحكومات ترى شعوبها روبوتات يمكن التحكم فيها بالمعلومات المضللة. لقد عادت إسرائيل بعد الهدنة القصيرة إلى الإبادة الجماعية لأهل غزة. ينكرون أنها وافقت على الهدنة المؤقتة، مضطرة ومرغمة من أجل استعادة عملها الإجرامي بقنابل أبشع وفدت إليها من الولايات المتحدة، ويقولون إن حماس السبب لأنها لم تلتزم بالهدنة! أحاديث قديمة تُعاد مثل شرق أوسط جديد ينتهي فيه وجود غزة، ويتم ترحيل أهلها إلى سيناء أكثر من غيرها، وطبعا تتسع إسرائيل. لن أعيد الحديث السياسي وهو أن توسع إسرائيل لن يتوقف عند ذلك. الذين يتجاهلون ذلك يريدون شيئا من الراحة لحكمهم، فلا يدخلون صراعا مبكرا قد يكلفهم استقرار حكمهم، خاصة في بلاد تعاني شعوبها من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والطائفية وغيرها.. في مصر التي هي الأقرب عبر التاريخ للقضية الفلسطينية، والتي بسببها انخرطت في حروب كثيرة حتى تمت معاهدة كامب ديفيد عام 1978، صارت الحكومات بعيدة عن القضية لكن هل صار الشعب كذلك؟ على العكس. لن أتحدث في تاريخ مقاومة التطبيع منذ تلك المعاهدة وما شهدته مصر من حركات مضادة ومظاهرات، وخاصة في سنوات 1980-1985 حين كانت إسرائيل تأتي للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وعمليات القبض على المعارضين حتى انقطعت إسرائيل عن المشاركة في المعرض. صارت مصر مفتوحة للسياحة للإسرائيليين لكن لا يشعر بهم أحد. صمت الشعوب العربية عن الشارع مقارنة بشعوب العالم هو صمت اضطراري وشرح ذلك يطول. لكن الفضاء الإلكتروني يرى معركة كبرى، فأعداد المعارضين من الشعوب العربية لما تفعله إسرائيل والدول التي تدعمها على السوشيال ميديا عظيم جدا. هكذا يثبت الملايين أننا لسنا روبوتات تنتظر المعلومات من حكامها. ولو كنا روبوتات فهي الأولى من نوعها التي لا تتحرك وفقا لتعليمات أو معلومات من النظم المؤيدة للصهاينة أو الصامتة. بل بسرعة الهواء تتمرد على هذه التعليمات وتصححها ولو في الهواء نفسه الذي تأتي منه. حتى الفهم للروبوتات عند الأنظمة المانعة لحركة شعوبها صار خطأ، لأنه في اللحظة التي اعتبروا فيها الشعوب روبوتات تتحرك بالتعليمات امتلكت الروبوتات الفضاء. المضحك الذي لا يدركه أحد أن الروبوتات نفسها يمكن أن تخرج على من شحنها بالمعلومات وتفعل ما تريد هي. هكذا كانت استقالة جوفري هينتون أبو الذكاء الاصطناعي من شركة جوجل منذ شهور، وهو يحذر من عمليات التطوير في هذا المجال التي قد تغرق العالم بالمعلومات المضللة، وأعلن ندمه على عمله. المعلومات المضللة من إسرائيل ومن يدعمها عن حماس تتعامل مع البشر كأنهم روبوتات سيكون رد فعلها متناسبا ومتماهيا معها، وتغفل ما يحدث من شعوب العالم من رفض لها. العمى السياسي يحول الشعوب إلى روبوتات في نظر حكامها، لكن نظرة بسيطة كما قلت على السوشيال ميديا ترى الشعوب العربية رافضة «للروبتة» - إذا جاز هذا التعبير- برفضها للإجرام الصهيوني ولو مؤقتا في الفضاء الإلكتروني. هم يتصوروننا روبوتات لكنا نعرف أننا بشر ونضحك. وسوف يأتي اليوم الذي تملأ فيه الروبوتات الشوارع بفكرها وحريتها، وسيشمل ذلك الكيان الصهيوني نفسه التي تغذيه حكومته الإجرامية بكل المعلومات المضللة. العمى السياسي يجعل الحكومات تتصور أن الشعوب روبوتات يمكن التحكم فيها بالضلال الفكري، لكنها كذبة يشهد عليها التاريخ مهما تأخر التمرد عليها، فما بالك في عالم لا تخفى فيه الحقائق.
1344
| 07 ديسمبر 2023
ما إن بدأت الهدنة بين إسرائيل وحماس حتى قفز سؤال من الذي انتصر؟. بالطبع الصهاينة في فكرهم وواقعهم يرون أن حماس لم تنتصر. وهنا أنوه بالحقيقة البسيطة جدا، وهي هل كانت الحرب بين جيشين نظاميين انتهت بهزيمة أحدهما واستسلامه؟ ما فعلته إسرائيل هو إبادة جماعية للمدنيين الفلسطينيين، فهي لا تواجه قواعد عسكرية تقوم بقصفها بالطائرات كمقدمة لتقدم جنودها، بل تقوم بهدم ونسف البيوت والمدارس والمستشفيات على من فيها. إسرائيل تعرف أن كتائب حماس ليسوا جنودا نظاميين يخرجون من قواعد عسكرية، ويتقدمون لمواجهة العدو في ميدان قتال، كما يحدث في أي حرب. لكنهم مجموعات قتالية لهم أماكن سرية يخرجون منها للمقاومة ويعودون. الحل في مثل هذا النوع من القتال هو أن يتقدم العدو إلى مراكز اختباء أولئك الجنود وإخراجهم أو القضاء عليهم. لكن إسرائيل التي تعرف مقدما أن ذلك أمر صعب عليها، حولت المعركة إلى معركة تقليدية، تبدأ بالغارات الجوية ثم تتقدم بعدها لتحقيق هدفها. هل كانت إسرائيل لا تعرف أن غاراتها الجوية ليست على عسكريين ولا قواعد عسكرية، وأن ضحاياها سيكونون من المدنيين العزل بشكل رئيسي؟. وهل إذا أنكرت ذلك بحجة أن قوات حماس تحت البيوت والمستشفيات، لم تشاهد حجم الدمار والموت للنساء والأطفال؟ هذا يؤكد لك أن الهجوم على المدنيين كان هو الهدف الأول منذ البداية. وهذا أمر يعكس فشلا وغِلا كبيرا، فكيف حقا يقوم جنود حماس غير المرئيين بغارات على المستعمرات الصهيونية على حدود غزة في السابع من أكتوبر ويأسرون أعدادا منها!. طالت الحرب بإسرائيل وتغير موقف شعوب العالم التي رأت أن الصهيونية لا تختلف عن النازية، بل هي النسخة الجديدة منها باعتبار ما تعلنه قيادات إسرائيل أنهم شعب الله المختار! وغير شعوب العالم التي انتفضت من أجل أبناء فلسطين، فبعض الدول التي ساندت وتساند إسرائيل بدأت قياداتها تتحدث عن ضرورة إطالة الهدنة، وعن ضرورة التوقف عن قتل المدنيين، وعن ضرورة إمداد غزة بالمعونات الإنسانية. ظهر ذلك في أحاديث مسؤولين مثل بايدن وماكرون. أو تصريح وزيرة خارجية ألمانيا بأن إسرائيل لن تستطيع العيش بسلام إلا إذا عاش الفلسطينيون في سلام. ناهيك عن دول تزداد كل يوم تطالب بقطع علاقاتها بإسرائيل، ومنظمات عالمية تطالب بتحويل نتنياهو والمساندين له مثل بايدن نفسه إلى المحكمة الدولية. الأمر كله يتغير لصالح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ومن ثم قياس النصر أو الهزيمة هنا ليس بين جيشين نظاميين. المعيار هو هل استسلمت حماس وجنودها وسلموا أنفسهم للصهاينة؟ حماس في الهدنة وتبادل الأسرى سلمت الصليب الأحمر أسراها من الإسرائيليين في شمال غزة، وهو ما أرادت إسرائيل بغاراتها وهجومها البري الفاشل عليه إفراغه من أهل غزة. حماس تقول نحن هنا لم ولن نرحل. الدعوات الآن بإطالة الهدنة وقد يتم هذا أو لا، لكن هل ستغيب عن الصهاينة الأسئلة بعدد قتلاهم حين أرادوا الهجوم البري بعد الغارات، وهو ما تعلنه الصحف الإسرائيلية نفسها، وتجاوز الألف، أو عدد المعاقين من جنودهم، أو عدد من قتلتهم قوات إسرائيل نفسها من جنودهم، أو ما يقوله العائدون من أسراهم عن حسن معاملة جنود حماس لهم، فلا شيء يمكن إخفاؤه. إسرائيل لم توافق على الهدنة إلا لأنها تخسر المعركة. والآن بعد خمسة وأربعين يوما من الغارات على شعب أعزل لم تستطع فيها إخضاعه، هل ستنجح في إخضاعه لو عادت للحرب؟ العالم ينفجر حول إسرئيل وإسرائيل ستنفجر من الداخل.
867
| 30 نوفمبر 2023
يختلف البشر حول كل الأفكار. هذا أمر طبيعي فلا أفكار مطلقة. الحرية فكرة مطلقة لكنها على الأرض تأخذ أشكالا مختلفة في الحكم. أعظم الأفكار وأهمها وهو الله خالق الكون، اختلف في أمره الناس، وتعددت أشكاله بين الشعوب وعبر الزمن، فضلا عن من ينكرونه تماما! السبب بسيط جدا احتاج إلى زمن طويل لإدراكه، وهو أنه لا يُرَى. لذلك جعل البشر له أشكالا مختلفة، بينما الإسلام مثلا أبعده عن التجسيد، فهو نور السماوات والأرض. حديث طويل ليس مكانه هذا المقال الصغير، لكنه تاريخ من الفكر والدين والفلسفة. الاختلاف حول الأفكار هو الطريق الحقيقي للتقدم، أو التراجع للخلف. لقد كانت الرأسمالية فكرة إلى الأمام قياسا على الإقطاع. جاءت الاشتراكية تبشر بعالم أجمل من المساواة، إلا أنها وقعت في فخ الديكتاتورية، فانهارت أكبر دولها وهي الاتحاد السوفييتي مثلا. الأفكار على الأرض ليست نهائية ولا مطلقة، وإدراك ذلك هو تاريخ البشرية. تبرير الأفكار المطلقة يكون دائما باستخدام الشرور من أجل المصلحة. لا نهاية للمقالات والخطب السياسية والخطب الدينية التي بررت حركات الاستعمار للشعوب الضعيفة، باعتبار أن الاستعمار هو التقدم، بينما هو سرقة ونهب للشعوب الضعيفة. مثلها من برروا تجارة العبيد من أفريقيا إلى أمريكا التي احتاج ضحاياها إلى مئات السنين ليحصلوا على حق المساواة مع السكان البيض. الحقائق تظهر وإن متأخرة، فللوهم طرق أكثر، خاصة حين يكون صاحبه مالكا للمال والقوة والعتاد. في عالمنا العربي حقيقة بشعة تم تبريرها بمبررات ليست من صناعتنا، لكنها من صنع العالم الغربي وعلى رأسه انجلترا. هذه الحقيقة هي وجود إسرائيل في مكانها بين الأمة العربية. المبررات منها وهمي مثل أن فلسطين هي أرض الميعاد لليهود، ومنها التكفير عن ذنوب أوروبا في حقهم، لكن الواضح لكل عاقل، أنه أريد بها أن يظل هذا العالم العربي، في حالة ضعف وعدم استقرار، ومن ثم فضحايا زرع إسرائيل من الفلسطينيين، رغم أنه حقيقة على الأرض، لا يقف عنده من زرعوها. تبرير الوجود الصهيوني لا يزال قائما رغم الحقيقة في التاريخ، فلم يكن هم أصحاب الأرض. لقد أخذ الصراع معها أشكالا من الحرب والسلم، ومهما اختلفنا حولها، فالحقيقة هي أن إسرائيل لا تعترف بالهزائم، لأن وراءها مساندة من دول الغرب قوية لا تنتهي، ووهم ديني كبير، والاعتراف بالهزيمة يعني بداية النهاية. وإذا كانت فكرة التطبيع معها قد ظهرت يوما مع مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد عام 1978 فلم تكن فكرة مطلقة. هي فكرة صارت محل اختبار، حافظت عليها الدولة المصرية ، لكن إسرائيل كانت تكذب. لن اسأل ماذا جنت مصر من التطبيع، وهل تقدمت اقتصاديا وسياسيا مثلا بعد أن ضمن حكامها أنه لا عدو يحاربونه على الحدود؟ هذا أمر يخصنا. السؤال الآن هل اعترفت إسرائيل بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة؟ أيضا ماذا جنى الفلسطينيون من اتفاقية أوسلو غير اتساع النفوذ الصهيوني والمستوطنات واعتبار القدس كلها عاصمة اسرائيل؟ الحقيقة الظاهرة أمامنا على الأرض أن إسرائيل بغطائها الديني الكاذب، وبدعم الدول الغربية، ترى في نفسها فكرة مطلقة، لا تتجاهل التارخ فقط، لكن تتتجاهل ماجرى من مقاومة وحروب معها. حتى التطبيع أفشلته. إيمانها الكاذب بأنها حقيقة مطلقة صار ثقافتها، والدليل استنفاد كل أبواب السلام التي جعلتها إسرائيل والغرب، وهما لنا، وفرصة ذهبية لهم. لذلك تأتي المقاومة المسلحة لها مهما غابت، وستستمر مادام الصهاينة يعتبرون الأفكار واقعا، لا يمكن الثورة عليه أو تغييره.
1119
| 23 نوفمبر 2023
منذ بدأت عملية طوفان الأقصي وإسرائيل وقادتها الصهاينة لا يكفون عن الكذب. كانت أكبر كذبة في البداية أن حماس اختطفت الأطفال في هجومها وقطعت رؤوسهم. ردد الكذبة الرئيس الأمريكي بايدن، لكن البيت الأبيض سرعان ما تدارك الموقف، وقال إنه لم تثبت لديهم أدلة قاطعة على ذلك. مع الوقت بدأت تظهر فيديوهات لإسرائيليين يتحدثون فيها كيف قتلهم الجيش الإسرائيلي نفسه في معركته مع جنود حماس حين هاجموا بعض المستعمرات – لا المستوطنات كما أقول دائما – وكيف حين تمت مطاردة جنود حماس الذين احتموا ومعهم الرهائن ببعض البيوت، صوَّب الجيش الإسرائيلي قذائفه على البيوت بمن فيها من حماس ورهائن. وحين تم الإفراج عن سيدتين مسنتين إسرائيليتين تحدثت إحداهما عن المعاملة الطيبة التي عاملها بها جنود حماس، وإن حاولوا بعد ذلك أن يجعلوها تقول شيئا آخر لكن لم يجدِ، إذ كان واضحا الضغط عليها. راحت إسرائيل تبرر قصفها للمستشفيات أن تحتها أنفاقا بها جنود حماس، وبسرعة يكتشف الناس أن ما يسمونه انفاقا هو طرق صغيرة للأسرّة المتحركة أو نهاية مَنزَل المصاعد مثلا. زاد الأمر فدخل في منطقة الهزل، وطبعا هم لا يقصدون الهزل، لكنهم مندفعون في الكذب، فيصورون بعض أدوات طعام الأطفال مثل « الببرونة» التي يرضع منها الطفل شيئا من اللبن في المستشفى، باعتبارها مما تستعد به حماس لاستقبال من تخطفه من أطفالهم. طبعا تعليق مثل هذا لا يمر بسهولة على المصريين أو غيرهم في صفحات «الاكس» أو «تويتر» سابقا فيقول أحدهم «طيب احمدوا ربنا أنهم مستعدين يرضعوا أطفالكم لا أن يقتلوهم». وصل الهزل إلى أسخف مظاهره حين يذيعون فيديو يصور أسماء أيام الأسبوع منذ السابع من أكتوبر بداية طوفان الأقصي، الموجودة في لائحة على جدار غرفة في مستشفي الرنتيسى، ويقولون إنها بعد بحث استخباراتي دقيق أسماء الجنود السبعة الذين كانوا يحرسون المستشفى، وأن علامة الشطب التي عليها هي دليل تبادلهم العمل!. طبعا الأيام منذ السبت السابع من أكتوبر حتى الجمعة الثالث من نوفمبر، ومن ثم تتكرر أسماء الأيام، وما يتم شطبه دليل على مضي اليوم. لا أعرف كيف لايوجد منهم من يعرف اللغة العربية، وأيّ بحث استخباراتي أحمق هذا!. مؤكد أنهم يعرفون، لكن الفيديو مخصص لمن لا يعرف العربية، فينتظر المتحدث العسكري المدجج بالسلاح الذي يشير إلى اللافتة، أن يصدقه من يراه ويسمعه. يكون من التعليقات الساخرة تعليق يقول إن أهم جندي بينهم هو السبت السابع من أكتوبر! لن أمشي مع السخرية فهي كثيرة، وهناك من يقوم بترجمتها من الشباب إلى لغات عديدة لتصل إلى العالم. أقف عند تعليق الإعلامية المصرية بقناة الجزيرة حياة اليماني التي تقول فيه « اللي مسمي ابنه أو بنته الخميس أو الجمعة أو الإثنين يستخبى يا جماعة شكلها مبتهزرش». اسرائيل اعتبرت أسماء أيام الأسبوع اسماء جنود لحماس، وأظن أنها في الأيام القادمة ستطلب من الدول المطبّعة معها، حذف أسماء خميس وجمعة، وهما الإسمان الأكثر شيوعا بيننا، ويصل أصحابهما إلى الملايين. ستعلن أنها تعتبر أن ما مضي كان نوعا من «النسوية» فهي الدولة الأولى التي تحفظ حقوق النساء! وستغفره للعالم العربي، وستقدر من فعل ذلك من قبل على «نسويته» فلقد أطلق أسماء خميس وجمعة على الرجال فقط، وحفظ للنساء براءتها! لكن من الآن لن تغفر النسوية لأحد، وعلى العالم العربي حذف خميس وجمعة من الرجال أيضا لأنها أسماء إرهابية.
1320
| 16 نوفمبر 2023
ستنتهي كارثة الإبادة الجماعية في غزة. مثل كل الحروب ستنتهي. سنمشي مع الأخطاء والخطايا ونقول سيكون هناك وضع جديد لغزة. سأفترض أن كل أهداف الكيان الصهيوني قد تحققت. هل ستنطفئ الذاكرة؟ هل أنا في حاجة لأقول للساسة وقادة الحروب، أن الذاكرة ليست في حاجة إلى مؤرخ من قلب الأحداث، أو حتي زائر للمكان بعدها يسمع الحكايات، كما عرفنا طوال التاريخ القديم. السبب واضح جدا، وهو أن كل ما يحدث يُتاح في اللحظة نفسها في فضاءات السوشيال ميديا، ومسألة مسحه أو إخفائه ستحتاج سنين ولن تنجح. إن ما يتم مسحه الآن ينكشف فورا ويُعاد إرساله. كيف سيرى من سيعيشون من الشباب والأطفال ما جري في بلادهم؟ هل سيرونه كما أراد الصهاينة، رد فعل طبيعي لما قامت به كتائب القسام في السابع من أكتوبر كما يراه كثير من السياسيين في العالم العربي والعالم؟ وهل لن يفهم أطفال وشباب المستقبل أن السياسة تختلق لنفسها المبررات الكاذبة على طول التاريخ، بينما الحقيقة دائما عكس ما يقول المعتدون. هل سيغيب عنهم ذلك وهم يرون الحقائق كل يوم أمامهم وينجيهم الله وحده فقط منها. الله وحده من فضلك ولا تبكي مثلي على حالنا. الإبادة الجماعية التي يقوم بها الصهاينة لأهل غزة ليست ثأرا مما جرى في السابع من أكتوبر. جزء كبير من رد فهل الصهاينة هو الصدمة، فهم يعيشون بين كذبتين. إحداهما تاريخية وهي أنهم شعب الله المختار، والثانية معاصرة، فهم لا يعترفون بهزائمهم، ولا يستطيعون إنكار أن قوتهم العسكرية مهما تضخمت هي مؤقتة، فلكل سلاح سلاح آخر يمكن أن يتفوق عليه، ويمكن جدا لأى شعب أن يجد من الأسلحة ما يفوق غيره، إن لم يكن اليوم فغدا. أهل غزة لا يملكون الآن سفنا ولا بوارج ولا طائرات ولا دبابات محصنة كما تملك اسرائيل، لكنهم يملكون الإرادة التي جعلت جنودهم يضعون القذائف على دبايات العدو مباشرة من المسافة صفر. المسافة صفر التي لا يعرفها جيش العدو المعتاد على الحرب السريعة تمهد فيها الطائرات لجنوده قبل التقدم البري. المسافة صفر التي يضع فيها المقاتل من غزة قنبلته علي دبابة العدو مباشرة، أصبحت أعظم معادلة رياضية، فصار الصفر في الحساب الذي لا يعني شيئا هو كل شيء. اضرب الصفر في أي رقم فستجد أن النتيجة صفر، لكن الصفر هنا يأتي بنتيجة لا تخطر على بال العدو، وهو تفجير مركبته الحربية بمن فيها. ما الذي جعل للصفر هذا المعني الذي يفوق كل مسائل الرياضيات العقلية. هي الإرادة. هي الروح التي تهزم كل العقول وتدبيرها. وهكذا نعود إلى السؤال الأول وماذا بعد النهاية؟ لن تزول الذاكرة لأنها لا تنتظر مؤرخا، بل تنفتح لها صفحات المواقع الافتراضية في كل العالم. ومن سيعيش من أهل غزة لن ينتظروا من ينعش ذاكرتهم بما جرى. سيبدأون هم إحياء الذاكرة ولو دون سلاح. ومهما طالت مدة الهدوء بعد أن يحقق الكيان الصيهوني أهدافه، ويرضي ساسته المعتوهين المرضى النفسيين، ستستيقظ الذاكرة من جديد. لقد نسي البشر عشرات المذابح في التاريخ لكن الزمن اختلف، فليست هي أخبارا نعرفها من بعيد أو بعد سنين. الساسة الصهاينة لا يدركون ذلك ولا يهمهم إلا تحقيق خرافاتهم، من أنهم شعب الله المختار، وأقوى دولة في الشرق الأوسط. سيذهبون إلي مزبلة التاريخ ومن أيدهم، وستبقي الذاكرة تصنع زمنا جديدا مهما طال الهدوء بعد النهاية التي يسعى إليها الصهاينة.
681
| 09 نوفمبر 2023
مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...
1989
| 24 ديسمبر 2025
حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...
1404
| 28 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
1143
| 22 ديسمبر 2025
أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...
1089
| 24 ديسمبر 2025
تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...
1080
| 26 ديسمبر 2025
-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...
885
| 25 ديسمبر 2025
لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...
666
| 24 ديسمبر 2025
-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...
648
| 23 ديسمبر 2025
انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...
558
| 23 ديسمبر 2025
أدت الثورات الصناعيَّة المُتلاحقة - بعد الحرب العالميَّة...
534
| 29 ديسمبر 2025
منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...
531
| 26 ديسمبر 2025
في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...
513
| 23 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية