رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في طفولتي نشأت في حي كرموز العريق، الحافل بالقصص والحكايات ككل الأحياء الشعبية. والذي هو في الأصل جزيرة راكودا التي أمر الإسكندر الأكبر ببناء الإسكندرية، بالوصل بينها وبين جزيرة فاروس – حي الأنفوشي الآن – دق قلبي للأسف وأنا أكتب هذا لأن في حي كرموز أكبر منطقة للمقابر، هي مقابر عامود السواري، وخفت أن تصلها يد ما يسمى بالتطوير، فيتم هدمها كما يحدث في مقابر القاهرة، وهدم تاريخ عظيم طويل معها ومع من فيها. أجل. الآن نحن نخاف على الموتى أكثر مما نخاف على الأحياء، فلقد أصاب مصر ما يسمى بالكباري، التي يُقال أنها من أجل تسهيل مهمة المستثمرين في قلب مدينة كالقاهرة، بينما المصانع، إذا كانت هناك مصانع، يتم بناؤها خارج المدينة، ولن أحكي عن أعظم المصانع التي كانت على أطراف المدن، وتم هدمها من أجل اقامة عمارات ومولات، وآخرها مصنع الحديد والصلب بحلوان، الذي حين أنشئ في عهد عبد الناصر، اختيرت حلوان لأنها ضاحية على أطراف القاهرة. كون المدن ازدحمت بالبشر، لا بالمصانع من فضلك، فهذا خطأ الدولة التي لم تبن مدنا جديدة في الصحراء، محاطة بالمزارع والمصانع الصغيرة والكبيرة، ينتقل إليها الشباب يعمرونها ويعمرون البلاد. أعود إلى عم أحمد العنبسي الذي كان بقالا صغيرا، وكان رجلا مسنا يعمل معه أحد أبنائه الشباب. كان عم احمد العنبسي في أوقات الهدوء يجلس يحكي لمن حوله حكايات غريبة مبهجة. أذكر حين حدث العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 أن اجتمعنا حوله يحكي لنا بمناسبة الحرب والغارات التي حدثت على الإسكندرية، عن وقائع من الحرب العالمية الثانية، ومن بينها معركة العلمين بين قوات المحور، ألمانيا وإيطاليا، وقوات الحلفاء، إنجلترا ومن معها من الدول مثل أميركا وفرنسا، والبلاد التي تقع تحت التاج البريطاني، أو ما يعرف بالكومونويلث. حكي لنا نحن الصغار ما بين العاشرة والثانية عشرة من العمر، كيف دارت المعركة بين قائد قوات المحور، روميل الألماني من ناحية، والفيلد مارشال مونتوجمري القائد الإنجليزي من ناحية، فقال إن روميل كان بمدينة السلوم على الحدود المصرية الليبية، ومونتوجمري بالإسكندرية، وأمام كل منهما برميل مياه ينفخ فيه فتخرج منه الدبابات والمدافع والجنود تتقابل وتتقاتل. نفدت مياه روميل بسرعة من سرعة النفخ، بينما كان مونتوجمري هادئا فلم تنفد مياهه، ومن ثم استمر خروج الجنود والدبابات وتمت هزيمة روميل. طبعا كنا لا نكف عن الضحك. تمضي السنون لا أنساه، لكنه يستيقظ أمامي الآن وأنا أنظر حولي وأرى من ينفخ في المياه في السلطة، فتخرج منها القرارات التي تأتي بعكسها، في الاقتصاد والسياسة والتعليم والصحة، وتظل سابحة في فضاء الإعلام. لم أعد مقتنعا بأن أحدا يفكر، لكنه صوت عم احمد العنبسي يقول لي ارفعوا براميل المياه من أمام المسؤولين فمياهها عكرة لا يخرج منه شيء جميل. أجل المشكلة هي في البراميل التي لا أعرف كيف عرفوا بها وهم لم يقابلوا عم أحمد العنبسي، وكيف تمسكوا بها ينفخون فيها كل يوم فيتعكر الفضاء، ويقولون إننا السبب في تعكير المياه لأن الزيادة السكانية أكبر من قدرات أي أحد في السلطة على النفخ في المياه، ولا يسأل أحد كيف استفادت بلاد مثل الهند وماليزيا وسنغافورة من الزيادة السكانية. الحقيقة لا يفكر أحد في استيراد براميل من هناك، ماؤها نقي، فيردون الجميل لعم أحمد العنبسي مخترع البراميل العجيبة.
2499
| 31 أغسطس 2023
الكل يعرف أن الأيام السابقة شهدت وما زالت، جدلا حول الطائرة التي ذهبت من مصر إلى زامبيا، وتم القبض على بعض ركابها، وعلى مبلغ خمسة ملايين وستمائة ألف دولار، وشحنة من الذهب أو غير الذهب تتجاوز المائة كيلو جرام. كل الأخبار جاءت من خارج إعلام الدولة الرسمي، سواء صحفا أجنبية أو محلية مثل صفحة "ماتصدقش" على السوشيال ميديا، أو صفحة مدى مصر. لقد تم القبض على أحد الصحفيين من جماعة "ماتصدقش"، والحمد لله تم الإفراج عنه بعد يومين بعد أن أثار ذلك الكثيرين، ومنهم نقابة الصحفيين المصرية التي قامت بدورها بسرعة. كان السؤال الذي شغل الجميع منذ البداية هو أين النظام الحاكم مما يقال، ولماذا لا يصدر بيانا بالحقيقة؟!. طبعا لم يصدر غير بيان ساذج بعد يوم من المشكلة أنهم يتابعون الأمر. لا يهمني ذلك كله، فهناك الكثيرون كتبوا فيه ويكتبون وما زال الغموض مستمرا. يهمني خفة دم المصريين مع الأمر، فهناك من صار يدعو "اللهم اجعلنا من أهل زامبيا". وهناك من لم تنقطع الكهربا عن بيته في الموعد المحدد الذي يحدث كل يوم وقال "بركاتك يا زامبيا". ووجدت نفسي أكتب على تويتر إني ذاهب للعب الطاولة مع الصحفي الشاب محمد شبانة، واتفقنا أن من يفوز يتزوج بنت اسمها "زامبيا". وهكذا دخل الكثيرون في منطقة المرح التي ذكرتني بشخصيات كثيرة في الحياة المصرية من اختراع الناس وليست حقيقية، ومنها شخصية "أبو العربي" البورسعيدي. أي الذي ينتمي لمدينة بورسعيد، الذي كان في فترة مثار الأحاديث الضاحكة والنكت والأفلام أيضا، ومنها نكتة أن أحدا ذهب إليه مسرعا يخبره أنهم قبضوا على زوجته مع شخص في حديقة بيته، فقال له "يعني مترين نجيل عملتوهم حديقة" أو النكتة الأشهر أن أحد أصدقائه اتصل به ليلتقي معه، فقال له إنه مشغول في جلسة مع صحابة رسول الله ولن يقابل أحدا اليوم، فنزل صديقه من بيته جاريا ليذهب إليه قائلا لنفسه لقد جُنَّ أبو العربي. في الطريق قابل ابن أبو العربي فسأله يا بني ما الذي جري لأبيك؟ لقد اتصلت به فقال لي كذا وكيت، فقال له ابن أبو العربي "أنا لا أعرف من مع أبي، لكن كل السيارات أمام البيت مكتوب عليها ملاكي قريش!" هكذا صار لأبي العربي وريثا في "البكش". الحقيقة أن البكش في الحياة الشعبية المصرية له سحر عجيب، وأنا أعترف دائما أن أحد أسباب حبي لكتابة القصة، من قابلتهم من بكاشين واسعي الخيال. أصحاب أساطير يمشون على الأرض، خاصة أن الأمر لا يتجاوز الضحك، فالمتحدث يعرف أنه بكاش والسامع يعرف أنه يستمع لبكاش، ولا حل غير الضحك. لقد ساعد الضحك على مر التاريخ الشعوب المقهورة على الحياة، ورغم ذلك تجد من يلوم هذه الشعوب على صبرها ويقول إنها تستحق الاستعباد. حدث هذا الضحك في وقت غابت الحقائق عن أحداث رهيبة، مثل حادث مدينة العريش وقتل عدد من رجال الأمن في مقر أمن الدولة، من بعض العناصر المحبوسة. وهو حدث هز مصر كلها ولا تزال الحقيقة غائبة، رغم حلقات اليوتيوب التي يديرها بعض الكتاب والنشطاء في الخارج. جاء حادث زامبيا ليزيد الطين بلة، لكن في النهاية عرف المصريون طريق الضحك رغم الآلام. لقد صار أبو العربي حلا وأتخيله يقول "عصفورة صغيرة طارت ونزلت في زامبيا عملتوا منها طيارة وفيها دولارات كمان؟!".
3951
| 24 أغسطس 2023
صدر يوم الأحد الماضي الرابع والعشرين من هذا الشهر نوفمبر، قرار من النيابة العامة المصرية برفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرهاب. بينهم موتى أو لا يزالون مدرجين على ذمة قضايا أخرى، وهو أمر جيد. من أبرز القوانين المصرية التي تحدد الإرهاب ومعناه، ومن هو الإرهابي، وما هي الكيانات الإرهابية، القانون رقم 8 عام 2015. أثار القانون جدلا كبيرا وقتها. رأى البعص أنه يحتوي عبارات كثيرة فضفاضة، أو أعطى السلطة للنيابة بإدراج من تراه إلى قوائم الإرهاب، دون حكم نهائي من المحكمة. لكن وقتها كانت هناك عمليات إرهابية كثيرة، منها مقتل النائب العام هشام بركات، سوَّغت لمرور القانون. أثار القرار الجديد أيضا كثيرا من الجدل رغم جودته، خاصة وقد نشر أحد المواقع أن ذلك تم بتوجيهات السيد الرئيس. البعض رأى أن ذلك يقلل من قيمة القضاء والنيابة، فهي هكذا تعمل وفقا لتوجيهات الرئيس، وليس وفقا للقانون. أنا أرى أن هذا القول عادي وقديم في مصر تحت الحكم المركزي، فدائما يقال تحت توجيهات السيد الرئيس تم هذا العمل، ويتدرج الأمر إلى أعمال من مؤسسات وهيئات مختلفة، فيقال تحت توجيهات السيد رئيس المؤسسة أو الهيئة، فصرت أعتبره روتينا وهيراركية الدولة المركزية ولا أهتم به، بل أهتم بما يتم إنجازه. نقل أكثر من موقع أن الذين تم رفعهم من قوائم الإرهاب، مدرجون ضمن القضية 620 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، التي تضم 1526 متهمًا، ومن ثم يتبقى 808 أشخاص لم يتم رفعهم من القوائم، لكن قرار النيابة شمل دعوة الأجهزة الأمنية، لمتابعة بقية من هم مدرجين على قوائم الإرهاب في نفس القضية، للنظر في إمكانية حذفهم منها. الأسئلة انطلقت في الفضاء لأن من شملهم القرار ومن تمت الدعوة لبحث حالاتهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، فهل سيعود النظام الى الحالة القديمة من التعاون معهم. لكني ابتعد عن هذه الأسئلة الآن، ففي مصر لا نعرف ماذا ستأتي به الأيام، وأقف عند معنى الإرهاب. العقل يقول إن الإرهاب هو ما يرتبط بعمل جنائي مثل التفجيرات، أو الاغتيالات لأسباب سياسية. في نفس القانون المشار إليه سابقا تحديد للمواد المستخدمة في ذلك، حين يتم العثور عليها قبل أو بعد التفجيرات. كذلك في نفس القانون ما يشير إلى أن الاعتداء على الحريات الشخصية أو الأملاك العامة والخاصة يدخل في قائمة الإرهاب. وهنا نتذكر أننا نرى حولنا اعتداء الحكومة على بعض الأملاك الخاصة أوالتراثية كمقابر مشاهير من التاريخ، من أجل مرور كوبري أو كباري، لكن كلمة الإرهاب لا تطال الحكم. أضف إلى ذلك ما نعرفه وتعرفه كل الدنيا، من أن هناك الآلاف في السجون وفقا لقانونيْ التظاهر والحبس المفتوح لمجرد رأي كتبوه على منصة إعلامية مثل الفيسبوك أوغيرها. أليس في هذا اعتداء على الحرية الشخصية التي كفلها ذلك القانون. أم أن الإرهاب مرهون بالشعب ولا يمكن أن يتصف به الحكم، حتى ولو بمعناه الدارج وهو التخويف والرعب. هنا يطل السؤال الغائب الذي يثيره هذا القرار. خاصة وأن هؤلاء المحبوسين احتياطيا قريبون من ثورة يناير أو من صناعها. الثورة التي لا تزال تؤرق النظام الحاكم رغم مضي السنوات.. إذا كانت هناك فسحة من الأمل فهي لن تكتمل إلا بإعادة النظر في قانوني التظاهر والحبس المفتوح، والإفراج عن كل ضحاياهما، المتهمون دائما بالانتماء لجماعة محظورة يقصد بها عادة الإخوان المسلمين، يتم مراجعة الموقف من مئات من رموزها الآن!!!
63
| 28 نوفمبر 2020
مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6192
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5067
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3756
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2856
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2499
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1554
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1482
| 23 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1077
| 20 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
990
| 21 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
984
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
957
| 24 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
864
| 20 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية