رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
اِضرِبْ عَدوَّكَ لاتَخَافُ وعيدا واقْطَعْ فَلسْتَ مهادنًا رعديدا مَـادامَ حبلُ اللهِ مَوصولًا فلا تَخْشَى البُغَاةَ عَتَادَةً وعَدِيدا لَنْ يَبلُغَ المَجْدَ المُظَفرَ خائِفٌ وجِـلٌ يُـأَمِّلُ بِالحياةِ خلودا يا شعبَ غزةَ والهمومُ تَخالطت طالَ الغيابُ ومجدُنا مفقودا شَحَّ الرجالُ كأنَّ يومًا لم نكن ملئَ الزّمَانِ صَخَابَةً ووجودا قُمْ عَلِّم التاريخَ درسَ بطولـةٍ أنّـى يَـخُطُ سِجِلَكـُمْ مَـوؤدا يا شعب غزة والصدور كمرجلٍ تغلي وإن مَنَعَ الجِهادَ قيـودا مالي سوى قلمي وحبرِ صبابتي ودعاءُ قلبٍ ركعةً وسجودا لم يبقَ حرفٌ للمديحِ يزورني شِعرًا ويرقى للمقامِ صعودا قَدْ عِشتَ مَرفُوعَ الجِبَاهِ مُظفرًا بطلًا وبرقًا ساطعًا ورعودا لله دَرُكَ كَمْ هَزَمْتَ عَزيمةً وبسالةً وشجاعةً وصمودا يا أمَّةَ المليارِ قَدْ طَالَ المَدى وعلى حِماكِ الخانِعُونَ قُعُودا أوليسَ يُوقِظُك صِراخُ مُيَتّمٍ غَضٍ وأَرمَلَةٍ وفَقدُ وليدا مَن يَبْتَغِي بِالذُّلِ نَيْلَ وَجَاهَةٍ يَرْقَى كَمَا تَرقَى الجِبالَ قُرودا يا شعب غَزَةَ والزَمَانُ كَمَا تَرَى يُعْلي الذميمَ ومِثْلُهُ مَحْمُودا هذي مَيادِينُ الرِجَالِ تَزَيَّنَتْ مُشْتَاقَةً لِمُدَجَجٍ صِنْدِيدا يَغْشَى المَنُونَ ولا يُؤَمِلُ أَوبَةً إما بنصرٍ أو يموتَ شهيدا فكَأنَّمَا الأحْزَابُ لمَّا طَوَّقَتْ برًا وبحرًا للصمودِ شُهودا لا شك عندي أن نصرك قادمٌ فوق الجباه لِواءهُ مَعْقودا قَدْ أرْضَعَتْكَ السُحْبُ في عَلْيَائِها عِزًا ومجدًا شامخًا وتليدا
3804
| 05 نوفمبر 2023
لا زلت أذكر كما يذكر أبناء جيلي في نهاية ستينيات القرن الماضي، كان المصروف اليومي للطالب في حدود النصف ريال، وكان يكفي لأن نشتري به «سندويتش» ومشروب من مقصف المدرسة، حتى في العيد كانت الدراهم المعدنية هي السائدة، القليل فقط من المقتدرين هم من يدفع نوط الريال، ومع ذلك كان هناك يوم فارق في السنة، في ذلك اليوم يأتي كل طفل الى المدرسة ومعه ريال ليسلمه إلى المعلم ويأخذ وصل من دفتر مميز، وكأني أنظر إليه الآن، ذلك الدفتر طبع خصيصًا لذلك اليوم المجيد، إنه يوم فلسطين الذي تحرص كل العوائل في الخليج على أن لا يخرج أبناؤها من المنزل إلا وقد دفعوا لكل واحدٍ منهم ريال فلسطين رغم قلة ذات اليد. لقد غرس فينا ريال فلسطين منذ نعومة أظفارنا الوعي المبكر بقضية المسلمين الأولى، ووجه وجداننا تجاه مسرى رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، كان رسالة إلى العالم بأسره بأننا على قلب رجل واحد تجاه قضيتنا، كان مهمًا آن ذاك لإيقاظ الضمائر وتوحيد المواقف والخطاب السياسي أكثر منه لسد حاجة صمود أهلنا في فلسطين. كانت نشرات الأخبار في وسائل الإعلام العربية متناغمةً لأبعد حدود في تصنيف قضيتنا الأولى، كان المصطلح السائد في بادئ الأمر وبالتحديد أثناء الانتداب البريطاني مصطلح «العصابات الصهيونية المسلحة»، وبعد أيام قليلة من قيام ما يسمى «بدولة إسرائيل» في عام 1948م، اتحدت تلك العصابات والميليشيات مُشَكِلةً جيش الاحتلال، عندها بدأ تداول مصطلح «الكيان الصهيوني» في وسائل الإعلام العربية. وفي العام 1951م أنشأت جامعة الدول العربية مكتب مقاطعة إسرائيل، وتمثلت مهمته في وضع لائحة سوداء مرتين في كل سنة باسم شركات الكيان الصهيوني أو باسم الشركات التابعة لدول أخرى تُجري مبادلات تجارية معه. وفي العام 1978م حصل أول اختراق لحالة الرفض العربي بتوقيع جمهورية مصر العربية لمعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني وبرعاية أمريكية، والتي عرفت بمعاهدة كامب ديفيد، وعلى إثر تلك المعاهدة قاطعت معظم الدول العربية مصر، وتم تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية ونقل مقرها إلى تونس. ثم جاءت اتفاقية أوسلو في العام 1991م بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني، وبدأ بعدها ماراثون التطبيع المشؤوم، وعلى إثر ذلك قام الإعلام بالترويج لمصطلحات تطبيعية حتى تتناسب مع المرحلة الجديدة، ولتهيئة الشعوب لعملية التطبيع التام، وقد أبلى موقع المركز الفلسطيني للإعلام بلاءً حسنًا في توضيح المصطلحات التي تعرضت للتشويه بما يخدم أهداف الكيان المحتل، ويوضح المركز على صفحته على شبكة الانترنت كيف أن مصطلح «المشرق الإسلامي» على سبيل المثال اصبح «الشرق الأوسط»، والكيان الصهيوني «دولة سرائيل»، وعملية الاستسلام «عملية السلام» أو «التطبيع»، والصراع مع اليهود «النزاع الفلسطيني الإسرائيلي»، والحقوق الفلسطينية «المطالب الفلسطينية»، وحائط البراق «حائط المبكى»، والمهاجرون اليهود «الإسرائيليون»، وأصبح الجهاد ومقاومة الإحتلال يسمى « الإرهاب والعنف الفلسطيني»، ومصطلح الأسير الفلسطيني أصبح «معتقل فلسطيني»، وقوات الاحتلال «جيش الدفاع الإسرائيلي». والسؤال بعد كل ذلك: هل نجح الإعلام الغربي والعربي (المطبع) في نزع القضية من وجدان الأمة؟ أعتقد بأن أحدث جواب جاء بعد السابع من اكتوبر ليثبت أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، حيث تجسد التأييد التام للمقاومة الفلسطينية في ردة فعل الشعوب العربية الإسلامية وأحرار العالم على ما قام به الكيان المحتل من جرائم ضد أهل غزة، وتشوهت صورته إعلاميًا لدى الشعوب الغربية وفقد مصداقيته وسوف يخسر كل شيء في الأيام القادمة. فلله درك يا ريال فلسطين فقد هزمت مليارات الدولارات التي أنفقها الإعلام لنزع فلسطين من صدورنا، ورغم التضخم الذي يشهده العالم إلا أن قوتك الشرائية تبقى الأكثر نموًا وتأثيرًا وصمودًا في سوق الأحرار. ونقول لشهدائنا الأبرار: يا من يَعُز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدمُ
2436
| 01 نوفمبر 2023
إن اعتقدت أن مقالتي سياسية فذاك شأنك.. وإليك القصة... منذ ما يقارب الأربعين سنة كان لي أصدقاء دراسة في الجامعة من مختلف الجنسيات، وكانت لهم هوايات متعددة، لكن الجميع تقريبًا كان مولعًا بلعبة الشطرنج، لاعبين أو متفرجين، كنا ننتهز أي فرصة للذهاب إلى كفتيريا الجامعة لممارسة لعبتنا المفضلة، إلا أن احد الطلاب ويدعى «عبدالله» كان محترفًا في اللعبة، وقد حقق بطولات إقليمية ودولية، كان ايضًا متفوقًا في المواد العلمية بشكل ملحوظ، ومتميزًا بطريقة تفكيره، ويتمتع بذاكرة قوية. ومن باب الشيء بالشيء يذكر، فإن لعبة الدامة المشهورة من قديم في الخليج قريبة بعض الشيء من لعبة الشطرنج من ناحية التخطيط والإستراتيجية إلا أن أحجارها متساوون في القيمة مع بداية اللعب حتى يتمكن أحد اللاعبين من أن يوصل احد أحجاره ليصبح «شيخًا»، أما الشطرنج فالمسميات والمواقع معروفة مسبقًا ولا يوجد مجال للخطأ أو تبادل الأدوار. لم يكن صاحبنا «أبوعابد» يستسيغ لعبة الدامة ولم يجد فيها نفسه، بل كان متمكنا من الشطرنج لدرجة أنه لا يجلس امام منافسه كما يفعل اللاعبون بل يلتفت للجهة الأخرى ويغمض عينيه متخيلًا الرقعة ويطلب من احدهم ان يحرك الأحجار بدلًا عنه، ويستمع لتحركات الخصم، ويضل متخيلًا وحافظًا للرقعة وما عليها من تطورات، وما هي الا دقائق معدودة حتى تسمع منه كلمة النصر المشهورة في اللعبة «كش مات» وسط دهشة الجميع. البعص كان يحاول تشكيك «أبوعابد» في ذاكرته ومخيلته، لعله يتردد في موقفه أو يتخذ قرارا مبنيا على تصور خاطئ لتموضع بيادق الخصم، ورغم كل المحاولات لتثبيط همته وتشتيت انتباهه، إلا أنه كان يصر وبكل ثقة على موقفه، ثم يرفع صوته بانفعال لطيف محاولًا إسكات كل الأفواه قائلًا: «كش مات... يا عرب»، يعني افهموها اللعبة انتهت وانا كاشفكم ومتأكد من موقفي، ولا ألتفت لما تقولون وما تهرطقون أيها الأصدقاء. كان معتدًا بنفسه وبقدراته ويضحك من أولئك الذين يشاهدون اللعب بعيون مفتوحة ولا يستطيعون التنبؤ بخطوته العبقرية القادمة، وكأنه من كوكب آخر، كان كلما جاء ذكرهم هز رأسه مرددًا ابياتًا للمتنبي وهو يقول: وَما أَنا مِنهُمُ بِالعَيشِ فيهِم وَلَكِن مَعدِنُ الذَهَبِ الرَغامُ أَرانِبُ غَيرَ أَنَّهُمُ مُلوكٌ مُفَتَّحَةٌ عُيونُهُمُ نِيامُ وقد شاءت الأقدار أن التقي به صدفةً في «السابع من اكتوبر» الجاري، كان لقاءً رائعًا للغاية، كنت بالفعل متشوقًا لمقابلته ومعانقته، كان يبدو هزيلًا بعض الشيء، وعند سؤاله عن حاله ابلغني بأنه اجرى عملية قلب مفتوح واستبدل بعض الشرايين المنسدة فرجع قلبه ينبض من جديد، قال لي بأسلوبه الهادئ: سبحان الله كانت اطرافي خاملة قبل العملية لدرجة الموت وما إن عولج القلب وانتزعت تلك التجلطات الخبيثة حتى تدفقت الدماء في عروقي ودبت في أطرافي الحياة. ورغم الجرح والألم الذي مر به، إلا أنه لا يزال يعشق الشطرنج ويلعبها عن ظهر قلب، اردت ان اختبر ذاكرته بعد كل هذه السنين التي مضت، فقلت له: هل ما زلت تحفظ تلك الجملة الشهيرة التي كنت ترددها كلما اجهزت على خصمك؟ فرفع صوته مبتسمًا وهو يقول: «كش مات... يااااعرب»، إي والله مات يابوعابد... انتهت القصة.
2583
| 25 أكتوبر 2023
في صباح يومٍ ما، وقف الحمار الذي أنهكه التعب متهيئا لسيده الفلاح كي يضع على ظهره سرج العربة الثقيلة التي يجرها كل يوم إلى سوق القرية محملةً بما تجود به أرضه من غلال، وقد صادف في تلك اللحظة أن مرت من أمامه عربة يجرها حمار آخر يبدو عليه النشاط والتفاؤل لدرجة أنه يمشي مزهوًا كالحصان مما أثار العجب والتساؤل لدى حمار الفلاح عن سر سعادة ذلك الحمار. التقى الحماران في سوق القرية، فسأل حمار الفلاح ذلك الحمار السعيد عن سر سعادته، فقال: إن سيدي أهداني العربة وسجلها باسمي، كما صنع بعض الفلاحين في القرية مع حميرهم، فأنا أملك هذه العربة وذلك سر سعادتي ومحبتي لسيدي، فأعجب حمار الفلاح بالفكرة التي ستجعله مالكًا للعربة وستغير مجرى تاريخ سلالته. وعندما عادوا من السوق، استحضر حمار الفلاح عزيمته ورباطة جأشه وأخبر سيده عن رغبته بأن تسجل العربة باسمه اسوة بباقي الحمير، نظر الفلاح إلى حماره نظرة لئيم دون أن ينبس ببنت شفة، فكر قليلًا، ثم أومأ برأسه واعدًا إياه بالذهاب معه في الغد إلى قاضي القرية لتلبية طلبه. وفي اليوم التالي ذهبا إلى قاضي القرية، وهناك سأله القاضي عن سبب اصطحاب الحمار إلى دار القضاء، فقال له الفلاح أريد أن تحرر لهذا الحمار الوفي ورقة تثبت فيها ملكيته للعربة بالصيغة التي سأمليها عليك، قال القاضي: تفضل ماذا تريدني أن أكتب في هذه الورقة، قال الفلاح وهو ينظر لحماره بابتسامة صفراء: أكتب بأن العربة ملك لهذا الحمار وأن الحمار والعربة ملك لسيدهم، فتهلل وجه الحمار سرورًا وانتفش جسده ودب في أطرافه عنفوان الحصان بل تخيل نفسه حصانًا بالفعل. أخذ الفلاح الورقة بعد أن ختمها القاضي وجعلها في عنق الحمار الذي انطلق يجر العربة رافعًا هامته وناصبًا ذيله وهو يهرول بسعادة وهمة ونشاط لم يعهدا عنه من قبل. وبعد أيام، ومع تزايد أعداد الحمير الذين يملكون العربات، انقلب حال القرية واعتلت اصوات الحمير وشكلوا اتحادًا فيما بينهم وأعلنوا العصيان، فما كان من اسيادهم إلا أن قرروا بيع الحمير العاصية واستبدالها بحمير مطيعة تجر العربات إلى السوق في الصباح وتأتي بالمال إلى اسيادها في المساء. وبعد هذا الدرس القاسي وقف حمار الفلاح خطيبًا في قومه وقد جرت على لسانه الحكمة بعد فوات الأوان فقال: كان علينا أن نفكر في حريتنا قبل أن نفكر في امتلاك العربات، فعندما نكون أحرارًا لن يعيبنا الفقر، أما عندما نكون مماليك سنظل نجر العربات حتى لو ملكنا الدنيا.
3000
| 18 أكتوبر 2023
تَعْمَدُ الجيوشُ في الحروبِ إلى استخدامِ سلاحِ التشويشِ على راداراتِ العدوّ حتى لا يتمكن من تحديدِ تحركاتِ الجيشِ وبذلك تُفْقِدُهُ القدرةَ على التواصلِ مع قادتهِ وجنوده وآلياتهِ حتى تَشُلَّ حركته تمامًا، وقد يكون التشويش باختراق أنظمة الاتصالات وبث رسائلَ خاطئة لإيقاعِ العدوّ في الفخِ والإجهازِ عليه. ومن التحدياتِ العظيمةِ التي تواجهُ المسلمينَ والعربَ على وجهِ التحديدِ هذا الكم الضّخم من التشويشِ الذي يبثهُ الأعداءُ والصهاينةُ بواسطةِ وكلائِهم في الداخلِ والخارجِ عبرالوسائل والوسائط المختلفة، وقد نجحوا إلى حدٍ كبير في مساعيهم لتثبيط الأمة الإسلامية والتأثير على الأفراد والجماعات، فيعمدون تارةً إلى شيطنةِ أهلِ الحقِ وتارةً إلى التسويقِ لأهلِ الباطلِ، كل ذلك في محاولاتٍ مستمرةٍ لخلطِ الأوراقِ والتلبيسِ والتدليسِ حتى ضاعتْ بوصلةُ الأمّةِ ورفعَ الرويبضةُ عقيرته وتولى أمرها من لا يحمل همها. إن مِنْ أشدِ الخطوبِ مَرارةً غِيابُ الوعيّ بما يُحاكُ لأمّتنا التي أقسم أعداؤها بأن لاتقومَ لها قائمةً بعد سقوطِ الخلافة العثمانية منذُ قرنٍ ِمنَ الزمانِ، فَعَمِدُوا إلى تفكيكها جُغرافيًا ودِينيًا ومَذهبيًا وعِرقيًا وجَعَلوا الحدود بين تِلك التَّقْسِيمات كلّها مُلتهبةً وقابلة للاشتعال ولو لم تمسسها نار، وبَدلًا مِن أن يَكون ذلك الاختلاف في التنوعِ الثقافيِ والثراءِ الحضاري والإرث الفكري مصدرَ قوة ومحورَ ارتكازٍ للأمة أصبح بؤرًا للنزاع والتوتر. ولا يحتاج غياب الوعي وضياع البوصلة إلى دليلٍ أكبرَ مِنْ تَبَايُنِ المواقفِ تجاه قضية عادلة وعدوٍ مجرمٍ مغتصبٍ لأرضنا ومنتهكٍ لمقدساتنا، ولا أقصدُ هنا تباين المواقف الرسمية ولا أتحدث عن الحسابات السياسية المنتنة، ولكن اتحدث عن بعض المجتمعات العربية والإسلامية التي تعرضت للتشويش الممنهج وغسيل الدماغ الفاخر حتى أصبحت تحمل الضحية تبعات جرائم العدو، وتنظر للعدو وكأنه صديقٌ حميم. ومن المفارقاتِ أن تجد البعضَ يتسكع بين العواصم الأوروبية متغاضيًا عن جرائم حرية الرأي التي سمحت للمعتوهين هناك بسب النبي الكريم وحرق المصحف الشريف، ويستقبلون في نواديهم الصهاينة، ويحتفلون مع من يتجرأ على الذات الإلهية، ثم يفتلون شواربهم على المحاصرين في غزة ويعيرونهم بأنهم قبلوا مساعدات عسكرية من إيران ليدافعوا بها عن انفسهم واعراضهم بعد أن تخلى عنهم الجميع، فما هذا العِوارُ والتّيه أيها المطففون؟!. يقول «أبو العبد»، وأقصد طرفة بن العبد: وَظُلْمُ ذوي القربى أشدُ مرارة على النفس من وقع الحسام المهند إن من دلائل الغثائية التي تعيشها الأمة هو أننا لا نفقه أولوياتنا في التعامل مع الأحداث والمستجدات، والجهل بالأولويات ينتج عنه اختلال في المواقف وضبابية في الرؤية. فعندما نركب الطائرة على سبيل المثال، لا يكون من أولوياتنا أن نسأل عن جنسية القبطان الذي سيأخذنا إلى الوجهة التي نقصدها، ولا أن نسأل عن جنسه ولا لونه ولا ديانته ولا مذهبه، كل ذلك لايعنينا فنحن نشترك معه في المقصد ثم يذهب كل منا في طريقه. وبالمثل عندما يعتدى على شعب ما وتغتصب أرضه تجد شرفاء العالم يقفون مع المظلوم بغض النظر عن دينه وعرقه وحزبه وايديولوجيته. إنه لمن المؤسف أن يَصِلَ الإنحرافُ الفكري لدى بعض المحسوبين على الدّعوةِ بأن يحشدوا طاقاتهم البلاغِيَّةَ وحُجَجِهِم الفِقهية، في كُلِّ مَوْقِفِ عِزَةٍ وكرامةٍ للمقاومة، لِيُخرجوا مَثَالِب إخوانهم المجاهدين، فيرمونهم بالحزبيةِ تارةً ويشككون في ولائاتهم وانتمائاتهم تارةً أخرى، ومثلهم في ذلك كمثل الذي يُجهز على جَريح، في الوقت الذي يحشد العالم الغربي كل إمكاناته المادية والمعنوية ويحرك البارجات وحاملات الطائرات ويسخرها للبغاة الصهاينة. إن أيَّ خِلاف أو اختلاف إن وجد بين الأمةِ قاطبة وفصائل المقاومة يجب أن يوضعَ جانبًا عندما يواجه رجالها العدو المحتل، وتلك من شِيَمِ الرجال. وختامًا أقول لمن أضاع البوصلة من إخواننا المسلمين، ما قاله الإمام علي بن ابي طالب عندما سئل عن كيفية معرفة أهل الحق في زمن كثرت فيه الفتن؟ فقال: «اتبعوا سهام العدو فهي ترشدكم إلى أهل الحق».
1995
| 11 أكتوبر 2023
قِفْ يا مُقاومُ شامخًا نُسْدِيكَ أوسِمَةَ الملاحمْ قف كالجبالِ مهابةً وعصية في عين راجمْ لا تلتفت للمرجفين الخانعين لكل ظالمْ قف يا مقاوم قف كالسراج توهجًا لِتُنِيرَ عَاشِيَةَ الغَيَاهِمْ هذا كِفاحُكَ قد أَقَضَّ مضاجعَ القومِ الغواشمْ نَظَمَ الشعوبَ من الخليجِ إلى المحيط ِبغير ناظمْ قف يا مقاوم قف دون حقكَ لا تحيدُ ولا تلينُ ولا تساومْ وانْقُضْ مواثيقَ الخنوعِ شُهودها من كل آثم قف عَلِمْ الرعديدَ درسًا في البطولةِ والمكارمْ قف يا مقاوم قف والعَنْ التطبيعَ والإذعان إن النصرَ قادمْ واسرِجْ خيولكَ مقبلًا فالعزُ في حدِ الصوارمْ واكتب لنا مجدًا يخلد في دواوين العزائم قف يا مقاوم قف إن هذا اليأس من صنع العمائم خدعوا شعوبًا كالقطيع يقودهم للدين هادم قف يا مقاوم قف إن هذا الجرح لا تبريه أطرافٌ نواعم جرحٌ ألمّ بأمةِ التوحيدِ والتوحيدُ قائمْ فَدَمُ الفِدَاءِ فِدَاؤُهُ قدسٌ تدنسه الشراذم قف يا مقاوم
3165
| 08 أكتوبر 2023
درج على مسامعنا مقولة إن «الاعتراف بالخطأ فضيلة»، ولنا في هذا المقال وقفة مراجعة لهذه المقولة من واقع التجربة، وأنا هنا أطرح رأيي وأدع الباب موارباً لعل أحد القراء يستدرك أو يؤيد ذلك. أقول من واقع تجربة إن الاعتراف بالخطأ ليس فضيلة، بل هو بداية التحول الإيجابي نحو تحقيق العدالة، فإن لم يتبع الاعتراف بالخطأ إرجاع الحقوق إلى أهلها أصبح أشدُ ألمًا على صاحب الحق، وبلا قيمة، فضلاً عن أن يكون «فضيلة». قد يترتب على الخطأ أثر مادي أو معنوي، فإن كان الأثر مادياً وترتبت عليه خسائر مالية، وجب على المتسبب أن يتبع الاعتراف بخطئه تعويض تلك الخسائر، وإن ترتب على الخطأ ضرر معنوي أصبح من الضرورة رد الاعتبار لصاحب الحق مباشرةً بعد الاعتراف بالخطأ، فما زاد عن رد تلك الحقوق دخل في حيز الفضيلة وإلا فلا. وعلى سبيل المثال، تعرض أحد المرضى لخطأ طبي في إحدى المؤسسات الصحية، ثم تقدم بشكوى لتلك الجهة، وبعد التحقيق تم التوصل إلى أن هناك بالفعل خطأ طبي، وعلى إثر ذلك تم التواصل مع المريض عن طريق الهاتف والاعتذار له، إلا أن تلك المؤسسة رفضت إعطاء المريض تقريراً طبياً بما حدث حتى يتمكن من تلبية طلبات جهة عمله التي اعتبرته متغيباً عن العمل بلا سبب، ورغم مطالبة المريض عن طريق القنوات الرسمية بإصدار أي مستند وبأية صيغة كانت بحيث يساعده على تخطي المحنة ويحفظ ماء وجه المؤسسة، إلا أنها لم تستجب له وتركته يواجه العقوبات الإدارية والآثار المعنوية والتكاليف المادية التي ترتبت على ذلك الخطأ، متذرعةً كما يبدو، بالمحافظة على سمعة المؤسسة، وهذا السلوك أبعد ما يكون عن المهنية، كما أن ذلك الاعتذار أبعد ما يكون عن «الفضيلة». بالتأكيد أنه لا أحد معصوم من الخطأ إلا الأنبياء والمرسلون، وأن كل من يعمل معرض للخطأ وهذا شيء طبيعي. إن الإشكالية هي كيف نتصرف بعد حدوث الخطأ؟ هل نعترف ونتحمل المسؤولية؟ أو نعترف ولا نتحمل المسؤولية؟ أو لا نعترف أصلًا بوجود خطأ رغم وجود الشواهد والأدلة القاطعة ونتصرف بلا مسؤولية؟. إن تعريف المسؤولية هو «الوعي بما يجب فعله وما لا يجب فعله، واتخاذ القرارات المناسبة، وتبني ما يترتب عليها»، وكلمة مسؤول يعني يسأل عن أفعاله ويتحمل تبعاتها، لا أن يسعى الواحد منا إلى الحصول على المنصب بكل الوسائل ثم يتنصل من مسؤولياته في أول محك. لذا علينا كمؤسسات وأفراد أن نكون على قدر المسؤولية، أو أن لا نكون، فإن لم نكن قادرين على تحمل تبعات قراراتنا علينا أن لا نتصدر المشهد وندع عنّا جانباً البروباغاندا الدعائية. ونختم بقول الحق جل وعلا : «وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ».. والله من وراء القصد.
2175
| 04 أكتوبر 2023
كنتُ أنظرُ من نافذةِ الطائرةِ كعادتي في السفر، فشد انتباهي خط طويل متجهٌ إلى شمال جزيرة العرب، لم أعرف ما هو ولم أستطع أن أحدد له بداية ولا نهاية بسبب الارتفاع وضبابية الرؤية، صرفت بصري عن النافذة لبرهة، فإذا بقائد الطائرة ينوه قائلًا: «بأنه بإمكان المسافرين الآن رؤية سكة الحديد العربية التي تربط دول الخليج بدول المغرب العربي عبر جمهورية مصر العربية، وأنه يمتد من ساحل الخليج إلى ساحل المحيط الأطلسي». عدت النظر مرة أخرى من شباك الطائرة إلى ذلك الخط البعيد الذي أصبح يجسد الحلم الساكن في أعماقي منذ الأزل، استغرقت وقتًا طويلًا وأنا أتأمل ذلك المشروع العملاق، شرقت وغربت بأفكاري وأحلامي وآمالي وأنا أكحل عيني برؤيته الضبابية حتى قطع خيط افكاري تصاعد الضجيج الذي أحدثه الركاب في الطائرة بعد إذاعة الخبر، كان كابتن الطائرة يرفع صوته عبر مكبر الصوت منتشيًا ويردد خلفه الركاب بعض الأهازيج بفرحٍ وبهجة وكأننا انتصرنا في مباراةٍ لكرة القدم، أو حققنا ميدالياتٍ ذهبية في الأولمبيات، أو التقينا مع مطربنا المحبوب في حفلةٍ غنائية صاخبة. حاولت أن أقطع صوت الضجيج بوضع السماعات التي وجدتها في جيب الكرسي ثم عاودت النظر إلى الأرض متتبعًا مسار سكة الأمل العربي، وإذا بي أسمع أحدهم يقدم شرحًا عن المشروع. كان الصوت واضحًا وهادئًا جدًا، حتى أنني لم أنس التفاصيل التي ذكرها عن المشروع وأثره على وحدة وتكامل الدول العربية، وعن الفرص الواعدة للشباب العربي، وعن فرص التجارة البينية، وذكر شيئًا عن تشكيل كونفدرالية سماها «الكتلة العربية الصلبة» على أن تكون مرحلة مبدئية في اتجاه الاندماج الكامل، كما تحدث عن الأهمية الجغرافية للوطن العربي، وعن أعداد الموانئ والمطارات، وعن حجم وتنوع الموارد الطبيعية، النفط، الغاز، الذهب، المعادن، الثروات الحيوانية والسمكية، الأراضي الشاسعة الخصبة، السدود والأنهار، مكامن الطاقة النظيفة والمتجددة، وذكر أيضًا الممرات المائية الخمسة التي يشرف عليها الوطن العربي الكبير وأهميتها الإستراتيجية بدءا من مضيق جبل طارق في أقصى الغرب مرورًا بقناة السويس حتى مضيق هرمز. وبدأت أتساءل في نفسي هل هذه حقيقة أم أنني أحلم؟ وذهب بي الخيال إلى البعيد وإذا بي أبحث عن اسمٍ يجسد هذا المارد العربي الواعد، هل نسميه الاتحاد العربي، أو نسميه المملكات العربية المتحدة، كيف ستكون العملة العربية الموحدة؟، ماهو حجم الاقتصاد؟ وكيف سنستثمر الموارد المهولة؟ هل ستختفي البطالة بين الشباب العربي؟ هل سنصبح عضوا دائما في الأمم المتحدة كباقي الدول العظمى؟، كيف سيكون النظام السياسي؟ وهل ستنتهي الهيمنة الغربية على الأرض العربية؟ وهل .. وهل .. وهل ... ثم سمعتُ صوتًا يهمس في أذني: «القطار ياسيدي ... القطار ياسيدي.» فتحت عيني واذا بالمضيف قد وضع صينية الفطار أمامي قائلًا: «عذرًا سيدي لإيقاظك فالطائرة على وشك الهبوط في مطار اسطنبول، افتح النافذة لوسمحت، نهارك سعيد.»
2145
| 27 سبتمبر 2023
نلتقي في مناحي الحياة مع طيفٍ من الشخصيات المتباينة، فنجد منهم الإيجابي، ذلك الذي يثني على الأشياء الجيدة، وينتقد الأشياء السيئة إنتقاد المحب، أو ما يسمى بالنقد البنّاء، ومنهم من يلزم الصمت، فلا تدري ما يدور في رأسه ولا ما يحيك في صدره، أهو يكتم رأياً أم يجهل ما حوله، ونجد منهم السلبي، ذلك المنتقد دائمًا لكل شيء، فعيناه لا ترى إلا الأخطاء، ويفسر كل شيء على أنه مؤامرة. وقد صادفت تلك الأنماط الثلاثة في أماكن العمل المتعددة التي عملت بها، فلاحظت أن الصنفَ الأول هو في الغالب الأكثرَ إنتاجيةً، ويليه في ذلك الصنفُ الثاني، وكانت الشخصيةُ السلبية المنتقدة دائمًا هي الأقل إنتاجية، وأذكر القارئ بأنها ملاحظة وليست نتيجة مبنية على بحث علمي، لذا لن أتفاجأ إذا ما اختلف معي البعض عليها. يقال إنه كلما زاد الوعي زاد الصمت وقل الانتقاد، فإن سلمنا بصحة تلك المقولة، فإن ذلك في اعتقادي يرجع إلى أن الواعي بمجريات الأمور يتوقع نتائجها فلا هو يتفاجأ بالأحداث ولا تخفى عليه مسبباتها ولاغاياتها، فوعي افراد الأسرة على سبيل المثال بإمكانيات الأب ينعكس على تماسكها، ويبرر ذلك الوعي تصرفات الأب وقراراته، أما إن جهلوا ظروفه فلن يجدوا مبرراً لعدم تلبية طلباتهم، وقد جاء في أمثال العرب قديمًا مقولة: « المرأة والأجير والطفل الصغير يحسبون أن أباهم على كل شيء قدير». وقياساً على ذلك فإن زيادة وعي أفراد المجتمع بالشأن العام على المستوى الوطني، أوالإقليمي، أو حتى على المستوى الدولي يؤدي كذلك إلى توقع الكثير من التحديات قبل وقوعها، ويفسر بعض القرارات التي تتخذها مؤسسات الدولة على أياٍ من تلك المستويات، لأن الجهل بمعطيات الأمور يفسح المجال للإشاعات التي تقودنا كأفراد إلى السلبية دون أن نشعر، وعندها يكون الصمت أولى من الكلام، وهذه ليست دعوة للسكوت بل دعوة للاهتمام بالشأن العام وتحليل معطياته، فهناك فرق شاسع بين الصمت والسكوت، فالصمت يتولد من الأدب والحكمة والوعي، أما السكوت فيتولد من الجهل أو الخوف. وهي دعوة أيضاً للمؤسسات والهيئات والدوائر الحكومية وشبه الحكومية لتكريس مبدأ الشفافية وتشجيع المشاركة المجتمعية في صنع القرار، أي إيجاد الآليات المناسبة لتيسير مشاركة كل فرد له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتلك الجهات، فإن تم ذلك على الوجه المطلوب، فإن من شأنه خلق فضاء إيجابي قادر على مواجهة التحديات، وتنمية مهارة الإصلاح والرقابة الذاتية، ورفع منسوب الرضا والإيجابية في المجتمع وبالتالي انحسار السلبية، فضلاً عن تعزيز الولاء وتكريس الانتماء. خلاصة القول: إن لم يسعنا الصمت في موقفٍ ما فلنكن موضوعيين في طرحنا ومتزنين في تعابيرنا فإن ذلك من الإيمان، قال عليه الصلاة والسلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت».
1374
| 20 سبتمبر 2023
كما هو معروف أن منطقة الخليج والجزيرة العربية منطقة صحراوية قليلة الأمطار، وأذكر عندما كنا صغارا أننا في موسم الأمطار كنا نضع الأواني في فناء المنزل كلما تلبدت السماء بالغيوم لعلها تمطر فتملأ أوانينا بالماء العذب المبارك، كان البعض يتكاسل عن الذهاب لإحضار إنائه ويكتفي باللعب تحت المطر إذا ما أمطرت، ثم تجده يستجدي الأطفال الآخرين ليعطوه شربة ماء من أوانيهم الممتلئة. عندما أفكر في تلك الفعالية العفوية البسيطة في مرحلة الطفولة، أجد لها دلالات عميقة جدا لم أكتشفها وأسبر أغوارها إلا بعد انقضاء زمن طويل لي في العمل، ومما ارتبط بتلك الفعالية في مخيلتي هو أن وضع الإناء يمثل حالة الاستعداد للفرصة، لذلك يجب أن يوضع الإناء مقابل السماء، فمن يضع الإناء مقلوبا على فمه لن ينتفع من أي فرصة لسقوط المطر. كذلك العقول المقلوبة لا يملؤها غيث العلم، ولا ينفع معها كثرة الاطلاع والمحاضرات ولا الشهادات، مفتاح المعرفة هو أن تفتح عقلك وقلبك وتستقبل وتنهل بوعي تام من معين العلم والمعرفة، لذلك عندما أرى حال بعض المتعلمين وحملة الشهادات العليا أتذكر أولئك الأطفال الذين اكتفوا باللعب تحت المطر وتبللت ثيابهم ولكن لم يشربوا منه ولم يعرفوا طعمه. ونجد البعض يردد اليوم أن فلانا محظوظ لأنه حصل على المنصب الفلاني، وفلان محظوظ لأنه فاز بالشيء الفلاني، وهذا تعريف غير وافٍ لمعنى الحظ والمحظوظ؛ فقد تعلمت من أواني المطر أن الحظ هو التقاء الفرصة مع وجود الاستعداد، ففي كل يوم هناك فرصة ما، تلك الفرصة ستذهب لمن هو أكثر استعدادا وليس لمن هو أقدم في مكان عمله مثلا. سألني أحد أبنائي يوما ما، وكان متأثرا ببرامج إحدى قنوات الأطفال المشهورة، سألني عن الرابط العجيب بين العقل والمظلة، فقلت له بكل حماس وثقة أن المظلة تحمي العقل من أشعة الشمس، فقال لي جوابك خطأ! وأردف قائلا قبل أن يعطيني فرصة أخرى، العقل يا والدي مثل المظلة لا ننتفع به إلا إذا فتحناه.
2415
| 13 سبتمبر 2023
في سبعينيات القرن الماضي وفي أحد المسلسلات الكويتية الشهيرة كان أحد الممثلين يؤدي دور «النوخذه بن عيدان» تاجر الخشب أو ما يسمى بـ «الدنجل» المشهور في الخليج، ومما تبقى في ذاكرة ذلك الجيل عن «بن عيدان» أنه شجاع لدرجة أنه يتعمد الإبحار في العاصفة كما يقال «ما يدش إلا في الضربة»، لكن شجاعته تلك أدت إلى خسارته كل ما يملك عندما جاءت الأخبار المفاجئة بأن «مركب بن عيدان طبع» أي غرق في البحر بكامل حمولته من الأخشاب. «ابن عيدان» وإن كان شخصية خيالية إلا أنه يجسد نموذجا لاسلوب حياة لا يقتصر على فئة دون أخرى، فهو يمثل الشخص الذي يتصرف بطريقة غير مسؤولة وكأن ليس لديه ما يخسره، سواءً أكان طالبًا على كرسي الدراسة أو موظفًا أو مسؤولًا، لا يفكر في مآلات الأمور عندما يقدم على عملٍ ما، ولا في عواقبها ظانًا أن ذلك من الشجاعة والبطولة، وينسى أن الشجاعة بلا حكمة ولا احتسابٍ للعواقب تسمى تهور، والمتهور مصدر تهديدٍ لنفسه ولأسرته وللمجتمع. قد تصادف ذلك النموذج في الطريق، يقود سيارته أو دراجته النارية بسرعة جنونية فيربك الحركة المرورية ويكتسح حقوق الآخرين برعونة، لا يحترم حقوق مستخدمي الطريق ولا يلتزم بقواعد المرور، فهو مشروع حادث وشيك قد يحدث في أي لحظة معرضًا الأبرياء للخطر. أما إذا دخل «بن عيدان» مجال التجارة فإنه يحلم بالثراء السريع ويتجاهل نصائح أهل الخبرة، فتجده جسورًا على الدخول في مشاريع تجارية غير مدروسة، وعلى المجازفة في الاقتراض وتكديس الديون، والتشبه برجال المال والأعمال، وعيش حياة الترف والبذخ، ثم لا يلبث أن ينتهي به الحال إلى خسائر فادحة، فينقلب ذلك الحلم إلى كابوس، ليجد نفسه بين عشية وضحاها من الغارمين الذين يبحثون عن طوق نجاة من التعرض للعقوبة، فيستجدي المؤسسات الخيرية ويحرج القريب والبعيد، ويصبح مصدر قلق لأسرته. تلك الفئة غير المنضبطة والتي لا تبالي بمصلحتها هي من باب أولى لا تبالي بالمصلحة العامة، وأعتقد بأن الأضرار التي يخلفها «البنعيدانيون» في المجتمعات لا تقتصر على ماسبق ذكره، بل إن بعض الدول والأقاليم قد عانت من ذلك النموذج في حراكها السياسي والاقتصادي، وفي قياداتها الحزبية المتحمسة لأيدولوجياتها دون أي اعتبار للحسابات السياسية والمنفعة العامة حتى أصبحت مقدرات تلك الدول أثرًا بعد عين. لذا ينبغي علينا كمؤسسات وأفراد أن نحرص على أن نتخذ كافة الإجراءات لردع هذا النموذج والحد من انتشاره، وأن نعمل على أن لا يصل «بن عيدان» إلى مراكز صنع القرار مهما صغرت المسؤولية. يقولون في الأمثال «ينفعك من نفع نفسه».
3384
| 06 سبتمبر 2023
لا يخفى على المتابع للشأن العام في الشرق الأوسط الأزمات التي يعيشها الوطن العربي على مدى عقودٍ من الزمن، ما بين ضياع البوصلة وغشاوة الرؤية وضآلة الإنجازات وضعف البنية المجتمعية، رغم ما يمتلك من مقومات بشرية، وموارد طبيعية، وجغرافيا إستراتيجية، لو استغلت بشكل صحيح لجعلت منه كتلة صلبة بين التكتلات السياسية، ورقما صعبا في الحراك السياسي الدولي. إلا أن الواقع غير ذلك تمامًا، فمعظم الشعوب العربية اليوم، وهذا من واقع المؤشرات الدولية، تعاني من تغلغل الفساد وعدم جدية المبادرات لمحاربته، ومن تواضع مخرجات التعليم، وتردي جودة الخدمات، وعرقلة مبادرات الإصلاح التي تتبناها مؤسسات المجتمع المدني، وضيق مساحة الحريات، فضلًا عن النزاعات الحدودية، والحروب الباردة، والمناكفات السياسية التي لا يأمن عواقبها المواطن البسيط إذا ما قرر السياسيون خوض غمارها من أجل حساباتهم الضيقة. ولست ممن يتبنى قضايا جلد الذات، ولا تلميع المعادن الرخيصة، وأميل بطبيعتي إلى التعامل مع الواقع والمستقبل أكثر من الاستغراق في التاريخ الذي أجهل ظروف كتابته، لذا أعجب من بعض المنتسبين للعلم والثقافة في وطننا العربي عندما يتجاهلون كل تلك التحديات التي نواجهها في واقعنا المعاصر، ثم ينبري أحدهم جاهدًا في نبش تاريخ الدولة العثمانية باحثًا عن مثالبها وعن هفوات سلاطينها، مجتهدًا في تشويه صورتها بشتى الوسائل، وأنا أتساءل لحساب من كل ذلك؟ تلك الإمبراطورية الإسلامية استمرت 622 عامًا، وخلال عقود بسيطة من نشأتها في العام 1299م، فرضت نفسها كقوة بحرية عالمية بعدما أحكمت قبضتها على عشرات الموانئ في آسيا ووسط أوروبا وشمال إفريقيا، فكانأسطولهاالقوة التي لا تغيب عنها الشمس، ولها من الإرث الحضاري ما يغنيها عن أن تستجدي من يدافع عن تاريخها وعن ثقافتها وعن عمرانها وعن صناعتها وعن مؤسساتها. ومع أننا لا نصدر صك «المدينة الفاضلة» لأي دولة عبر التاريخ الإسلامي عدا حقبة الخلافة الراشدة، فإنه لا يخفى على المتابع لهؤلاء الناعقين على كل صعيد بأن الهدف من هذه المحاولات البائسة لتشويه تاريخ الدولة العثمانية هو النيل من جذور الجمهورية التركية الحديثة بقيادة حزب العدالة والتنمية، تلك الدولة التي قامت على أنقاض دولة الخلافة العثمانية، أي منذ ما يقارب المائة عام، حيث معاهدة لوزان التي عقدت بين الدولة العثمانية ودول الحلفاء وهي آخر معاهدة للدولة العثمانية، وبالتزامن أيضًا مع نفاذ معاهدة سايكس بيكو المشؤومة. كان الأجدر بمن يرى القذى في تاريخ الخلافة العثمانية أن يبصر الشتات والتيه الذي يحيط به، كان الأولى أن يستخدم شجاعته اللفظية ومهاراته البحثية في إبراز التحديات التي تواجه الوطن العربي، والمساهمة في إيجاد حلول لأزماته المتلاحقة، كان الأولى بالمثقف العربي من هؤلاء أن يسلط الضوء على الإنجازات العظيمة للدولة التركية الحديثة خلال المائة عام الماضية متسائلًا عن أسباب تقدمها وتأخرنا كعرب على كافة مستويات عناصر النهضة الحديثة، ثم يتساءل ... أين نحن من صناعة السلاح؟ وأين نحن من صناعة الدواء؟ وأين نحن من صناعة الغذاء؟، بل أين نحن من حرية الرأي ومن حقوق الإنسان ومن نزاهة الانتخابات ومن استقلالية منظمات المجتمع المدني، ومن مكافحة الفساد السياسي؟ وختامًا يقول المثل العربي: “من كان بيته من زجاج،لا يقذف الناس بالحجارة”.
1812
| 30 أغسطس 2023
مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...
1038
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...
936
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...
696
| 15 ديسمبر 2025
السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...
669
| 14 ديسمبر 2025
يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...
633
| 19 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...
615
| 18 ديسمبر 2025
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...
615
| 18 ديسمبر 2025
في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص...
588
| 14 ديسمبر 2025
يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...
549
| 16 ديسمبر 2025
لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...
501
| 18 ديسمبر 2025
-إعمار غزة بين التصريح الصريح والموقف الصحيح -...
450
| 14 ديسمبر 2025
يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة...
441
| 15 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل