رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الرمزية الجندرية في المشهد الثقافي المحلي

بعد أن توصلنا لمفاهيم متجددة للثقافة خاصة عند اسقاطها على المنظور المحلي وما حولها من معان، والتي نستدل من خلالها على الإحساس والتعبير واستخدام الأدوات الإبداعية بشكل تجريدي يعبر عن الداخل ويصقل الإمكانيات بالخارج من حيث تحديد المسار وتخصيص الهوية وغيرها. كما حاولنا أن نحدد مسيرة المشهد الثقافي وفقاً لعدة عوامل تبرز في التعليم، التمكين والدور الإعلامي وحتى فهم المشهد الثقافي خلال فترة الأزمات. وكل تلك العوامل تستحق مقالاً آخر للحديث عن أثرها الثقافي العميق على المجتمع. نأتي الآن إلى المنظور الجندري، وذلك لأجل الاقتراب من المفهوم بشكل إنساني معمم، خاصة وعندما ننوه عن المرأة وعلاقتها بالحراك الثقافي. وأنا أكتب لأجل المرأة لهذا المقال بالتحديد، أدرك تماماً ان ابراز المرأة في كل شيء والتنويه على وجودها يعني التأكيد على استثنائيتها في المواضيع عامة، وكأنها تطلب لفت النظر للمساواة حتى في سياق الحديث! وأنا ضد حشر المرأة في زاوية التمييز، بعكس المتداول والذي يتم بشكل اعتيادي عند الحديث عن الرجل لأنه يشمل عموم المجتمع من دون التنويه على أهمية وجوده، فهو في واقع الامر مهم كحال المرأة ولكن باختلاف مستوى الحشر الجندري في مواضيع حقوقية وتنافسية على سبيل المثال. بالتالي، ما يحدث أن المرأة في هذه الحال تظل العنصر الحساس بحسب مكانتها من النقاش المحوري. وأنا شخصياً لا أحب تمييز المرأة ولا أحبذ التنويه على مكانتها بالحراك الثقافي. لأنني في هذه الحال سأنساب نحو الإنشاء في سرد إنجازاتها في كافة المجالات وسأتغافل عن الحديث عن محوريتها الرئيسية في كل تلك المجالات بما فيها الثقافة. ولكن، لابد من التعبير عن جذور الثقافة القطرية وفهم موقف الثقافة من المرأة. فليس بغريب أن نعبر عن ذلك الموقف بناء على تجسيد الثقافة التقليدية وفقا لعلاقتها مع النظام الاجتماعي والهرمي. ولا بد أن تكون لهذه العلاقات ملامح داخلية مؤثرة يتضمن الوجه القبلي وغير القبلي، الانفتاح الحضاري وخصوصية المجتمع. كل تلك العوامل لعبت أدواراً مختلفة على مر السنوات في صقل مكانة المرأة وبناء مكانتها الرمزية في دولة قطر على المستوى الثقافي في عدة تصنيفات فنية وثقافية، سواء كانت في الدراما، أو المسرح، والأدب، والشعر، والفنون والسياسة. ولا أشكك في محاولتها المستمرة في تحقيق إنجازاتها، ولكن تظل المرأة كمخرج لمجتمع تقليدي تجاوزته بعراقيل مختلفة، بل ولعبت الدور الأمثل فيه. وبلا شك أن المرأة لم تغب عن المشهد الثقافي اليوم كونها رمزية ثقافية رفيعة المستوى قادرة أن تواكب الفن وتبرزه بأشكاله المتنوعة، كما تظل هي الصورة الثقافية المعبرة على المستوى الأدبي والعلمي. ولكنها تظل مغيبة في الخطاب الثقافي وعن منجزات المرأة في تلك التصنيفات الثقافية وما لها وما تأمل منه في المستقبل. وقد نقع في نفس السياق المتداول عادة حول مأزق الثقافة، عندما يتغنى المخضرمون على الأولين، وينادي الأولون لأسماء الحاضرين للمخضرمين وهلم جرا، إذ نعود مرة أخرى وندور في نفس الدائرة التي تجلب السابقين لإعادة الاسترسال لأمجاد الماضي بسنواته العريقة في المشهد الثقافي خلال المحافل الكبيرة. بينما يغفل عن تلك الدائرة المواكبة العصرية وإدخال عنصر الشباب بما لديه من إنجازات وعقبات في الساحة الثقافية لمناظرة صريحة وحلول واضحة، وهنا تختفي المرأة عن تلك الدائرة التقليدية أيضاً ويختفي معها العنصر الشبابي المواكب. أعتقد أني حاولت أن أعبر عن المرأة بمنظور جديد في المشهد الثقافي ولو كان بشكل محدود، وفي نفس الوقت أفترض أني وددت أن أرى لها حضوراً أكبر كرمزية ثقافية في المشهد الثقافي، وليس حصراً في محفل سنوي كبير، إنما في مشاريع ثقافية مستدامة طوال السنة، تعكس منجزاتها في ذلك المحفل السنوي!. baljanahi86@gmail.com

6608

| 18 يناير 2022

بيجامة العقاد وثقافة البيجامة!

أدرك تماماً مدى استغرابكم من العنوان، ولكن لا تستغربوا من واقعيته، فنحن لا نتكلم عن مجرد مظهر ولن ندخل في الشخصيات لتحليل انفعالاتهم ومشاعرهم، ولكن بالتأكيد لنا وقفات عند آرائهم ومواقفهم. إذ نحن في صدد رؤية الثقافة بالعين المجردة، نريد أن نستشعرها في محيط وفكر وعقل وذائقة، لأننا وصلنا في اعتقادي لمرحلة أحكمنا على العقل لفهم الثقافة ككلمة منزوعة المعنى، بل وأسقطنا عليها كل شيء من دون أن نشعر في ذاتها ومدى انعكاسها على محيط بالكامل. والأهم، كيف نرى هذا الانعكاس في محيطنا يعمل ويفكر ويحرك؟. وبيجامة العقاد ليست إلا طابعا يحمل الإدراك للثقافة أكثر من المفهوم نفسه، بل ويعكس الجاذبية نحو صقل الذات بالنقد والمسارعة بالمقارنة في المعارف في محيط يتسع، من بإمكانه أن يقاوم المظهر ويعبر عن ذاته بصراحة عما هو حوله، فإن اتفقت في الرأي فلك تبريراتك وإن اختلفت فلديك الجرأة في الرد، ولربما المقاومة بدلاً من الاقتناع بسهولة. يهم الوسط الذي ينشأ فيه الإدراك الثقافي، ويهم ما يخرج من ذلك الوسط وما يعود معك وعليك لهذا الوسط أيضاً. فالكم الذي بحوزتك يتطلب المساحة التي ينطلق فيها الرأي، وتستمع لها الأذهان قبل الآذان. وكل تلك الغايات لا تتطلب الشهادات أو الوجاهة أو الطبقية لكي تكون في قمة تنويرها، إنما تظل هذه القاعدة النشأوية التي تخلق الجيل صاحب الرأي وصاحب القضية والساعي للمعرفة والمطلع والمعبر والهاوي والمرح. جيلاً لن يجد في نفسه إلا اللا طبقية عندما يدرك أن الثقافة تجاوزت المكانة وخلقت الروح السوية باختلاف مفكريها المتنافسين ومواهبها المعبرين. فالثقافة ليست استحضاراً في حدث معين، ولن تكون موسماً نتذكره مدة عشرة أيام كي ننساه من جديد، أو يصعب علينا استحضاره في المواسم الأخرى. الثقافة ليست الشريط الأحمر ولا المقص الذهبي ولا هي عرس نحتفل فيه كي نحزن على انفصاله عنا لاحقاً. إذا لم نقدر الثقافة على انها أكثر من كونها شكليات مؤقتة وحشوا إعلاميا، لن نجد للثقافة روحاً ولا منبعاً يظل يعطي ويسيل من خلاله العقل والروح والقلب بلا توقف، فأنت بحاجة إلى من يوحي لك المعنى قبل أن يسايرك في الحدث. أقلامنا تنتعش لفترة ولأسباب إعلامية بشكلياتها المتعددة، وقد تجتاز تبريكات المخضرمين مضموناً وتفشل عند الآخرين تسويقاً. ولكننا نظل نناجي من جديد لأن تحكمنا قلة التعددية في استغلال الوسائل. ما يهم أن يكون الدافع تنشئة الأجيال على الإدراك الثقافي، ولا يتطلب هذا الأمر اللقب ولا المنصب ولا الشهادات العليا ولا البدلة الرسمية، إنما يحتاج إلى الغرس والاكتساب من ذلك الغرس حتى نكون مجددين للجلسات الثقافية المستمرة ذات الروح والحس، والتي تتجاوز الرسمية ولا تنتظرها، حيث نخلق تلك الأبعاد التي تعطي المساحة لصاحب الرأي أن يصقل رأيه بالوسيلة الحديثة، حتى لا تكون الثقافة في نهاية الأمر موسماً. بيجامة العقاد ليست رمزية خالصة لماهية المثقف، ولكنها بالتأكيد تجرد واف يعبر عن الثقافة مضموناً. تظل حاجتنا لمواكبة عصرنا بروح تتشابه مع تواضع العقاد وإدراكه المحوري للثقافة واتساعها كي تكون ثقلاً في محيط يقدمها كنمط حياتي وليس كرسمية ديباجية. baljanahi86@gmail.com

7774

| 11 يناير 2022

مزيد من المال، كثير من التشابه، وقليل من التميز!

على قدر السنوات التي كنا في محيط المدارس، إلا أن تلك السنوات لم تكن بالنسبة لنا إلا الطريق الذي سنكون فيه مثل الجميع. لا تعتبر هذه الجملة مدحاً وليست بدرجة كبيرة ذماً. ولكن إن طرحنا السؤال على أنفسنا من حيث منجزات التعليم علينا كطبقة وسطى ممتدة وتتسع بشكل مستمر، فلم نتلق إلا الأساس الذي يجعلني أتشابه معك في الحساب ومستوى القراءة. بل وتشابه حتى معك في تعاملي الحياتي لما هو أساسي. أما كل شيء أعمق، فهو يعتبر حصيلتك أنت في اكتشاف ذاتك والحفاظ على خصوصيتك التي تميزك عن الآخر، وذلك بحسب حجم الطاقة التي تقدمها لنفسك وتقدمها لمن هم حولك. هنا تختلف. بل ويختلف معك استفرادك عن البقية، كونك سيد نفسك، وقِسْ تلك السيادة على عدة أمور لا تقف عند ماذا تقرأ، بل ماذا تعمل. ولا نختلف في هذه الحال كثيراً على قدر تشابهنا ببعضنا البعض، بل قد نتبع بعضنا في التقليد والتسابق على نفس القدر من التفكير المادي، باختلاف القدرة على التواصل ومستوى السيطرة الجماهرية التي سترفع أحدا على آخر وتعطي أولوية لطرف عن آخر. إذ تصبح القيمة الفعلية للجميع متشابهة، حتى ويصبح عامل النجاح المال أكثر من أي شيء آخر، ويتحول مستوى الشهرة إلى ظهور اجتماعي يحجب التعليم عن الاستهلاك، ويحجب النهضة عن الترفيه. بالتالي، تتشارك الأغلبية بشؤون المعيشة ومستوى الترفيه كأقصى همومها التي لا يستطع تداركها للوصول إلى مشاريع أكبر تضعه هو المحرك بدلاً من أن يكون مجرد وسيط لمشاريع أكبر حيث يكون فيها عاملاً منزوع الحيوية كقوة محركة تشبع رأسمالية ضخمة على حساب طبقة وسطى عرضية حتى تغيب فيها الحرفة إلى الوظيفة، وتتشابه طبيعة الأعمال وتتوحد من خلالها الإنتاجية للثروة لصالح رأس مالية أكبر تخدم أسياداً تفردوا عن المتشابهين. من هنا، وهذا الواقع العام، نجد أن هناك عدة أبعاد خضعت لها العامة وهي موحدة في التأمين على الترفيه والمعيشة. حيث يغيب العمق، وتفقد الحرفة، وتنتعش نظرية التفاهة عبر إخماد الفكر وتغييب الأدب الرفيع، إلى العقل الجمعي الذي يميل ويتفق على فهمه للأدب الشائع. إذ تنتج هذه الظواهر الضخمة الطفيليين على الثقافة ومستهلكي الثروة بشكلها المظهري والاستهلاكي المبالغ فيه. نحن في زمن لا يعتمد فقط على التعليم لتنشئة أجيال منافسة قد تتجاوز مبادئ ونهضة العصر، ولكن ان استمر الانسان أن يخضع للجماعة وتشابهه مع الآخرين، ففي نهاية الأمر سيكون حتماً جزءاً غير مكمل لاستمرارية المبدأ، بل ستظل الوسيط التي يعمل كقوة لتفريغ المبادئ جوهرياً. كما يظل وجوده مستمراً لإشباع حاجته من دون الإدراك العميق لقدراته ومهاراته الخاصة، وحسه الذي من خلاله يستطيع أن يعبر ويستطيع ان يكون الأنا التي تميزه عن الآخر. لا تشبع نظرية التفاهة ولن تقف، طالما ظل الانسان يلحق التوافه من أجل استدامة الترفيه والمظهر الاستهلاكي، ولن يتحرر الإنسان مالم يذق الاختلاف. فكل ما تحتاجه النظرية كي تنتعش مزيداً من المال، كثيراً من التشابه، وقليلاً من التميز! baljanahi86@gmail.com

7398

| 04 يناير 2022

بين الآخر المرغوب والمنبوذ!

أي هوية متماسكة تحد من الآخر الدخيل، على الرغم من قوة التأثير التي تستمر في الولوج بشكل غير مباشر على المجتمعات، هذا باختصار محط الاهتمام نحو فهم الهوية ومدى قدرتها على مقاومة الآخر على انه غريب، خاصة عندما تحدد له خطوطه الحمراء في محيط يصعب من خلاله الترحيب فيه! يحصل أن تتحول الهوية إلى عنصر هش، عندما يتقبل المجتمع المحلي ذاك الغريب بقيمه وأخلاقياته ويتقمص تلك الهوية على انها انفتاح حضاري عليه وعلى الآخر أيضاً، هنا يكمن الفرق الخطير، ومن هنا تتضح الصورة أكثر لمدى الخوف والقلق على الهوية من الانهيار ومدى هشاشتها أمام الغريب الآخر. وهذه نظرة عامة، ولكن أجد أنها صريحة جداً حول مدى وازع وقيم المجتمع في وضعه للخطوط الحمراء أمام الآخر غير المرغوب به، ولو أصبح تقبل الآخر نابتا وسط المجتمع اليوم، وهنا يكمن القلق الفعلي، عندما تحصر الهوية في تعريف وتتعامل معها في محيطك بتعريف آخر، بل عندما تتعايش مع الآخر في أجهزتك وتواصلك الاجتماعي وحياتك الشخصية، وتترفع عنها مع الجماعة على أن الغريب غير مرحب به!. وهذا بحد ذاته يعتبر هوسا جدليا مستمرا لسؤال من نحن في ذروة ثقافية نعيشها ويصعب علينا أحياناً كثيرة التصدي لها، فيبدأ الناس في هذه الحال الاهتمام أكثر بسؤال الماهية خلال ذروة القلق، وحاملين هم التنشئة الاجتماعية بشكلها الجماعي وأثرها على أجيال تبتعد من الآن من مبادئ وأخلاقيات المجتمع وتتقبل الآخر لأنه منفتح، منطلق مبدع ومتجرد، ويضع نفسه المهم أمام كل شيء آخر. نشء ينظر للنواة والوحدوية باختصار على انها انطلاق وحرية وقوة في الشخصية. ولا أستطيع في الحقيقة في هذه الحال أن أضع حملاً على المنزل، الأسرة أو المؤسسة وحدهما لتعزيز الانتماء وتقوية الهوية، إلا إذا كان جهداً يتوحد في المفهوم أولاً والمبادئ التي تبرز من خلالها الرسالة التوعوية، بأهمية الحفاظ على هوية مجتمع تميزه عن الآخر ولا تتشابه معه في منكراته، وما يتوارد الآن في الوسط المجتمعي من دون تعميم هو الخوف على الهوية الظاهرية واستنكارها لأنها تختلف عن ظاهرية المجتمع، وهذا جزء واحد لمنظور هوية يخشى على حدوده من الغريب. وبالنسبة لي، استبق موضوع الهوية جزء آخر أهم منه بكثير! تظل مثل هذه الجدليات الثقافية مستمرة من دون أن تجد لها حلاً واضحاً وجواباً موحداً، خاصة إن ظل مفهوم المواطنة أيضا من دون تعريف موحد يعكس منظور الهوية من خلال تعريف القطري لنفسه، من أنت كقطري وكقطرية، كيف تعرف نفسك على أنك قطري؟ أو كيف يعرفك القطري الآخر على أنك قطري؟ هل يراك الآخر بأنك قطري تتشابه معه في الحقوق والواجبات والمواطنة. إذ يعتبر جزء المواطنة مساراً أعمق من مجرد طرح موضوع الهوية في ذروة القلق والخوف على مجتمع من الخارج. بل من المفترض أن ينبع المفهوم من الداخل وتبرز فيه روح الانتماء بتشابه المواطنة ولو تنوع تاريخها الثقافي الحافل واختلفت أطيافها. فلا غنى عن تلك العناصر التي تصنع الهوية الوطنية وتربط علاقتها الاجتماعية بالجماعة بشكل أعمق وأقوى، إذ إن الوطن والثقافة يعتبران العنصرين اللذين لا غنى عنهما في تشكيل أي هوية في العالم، فمن دونهما لن تكون هناك شخصنة مجتمع، ولن تتشكل القيم التي تختلف من جغرافيا لأخرى. بالتالي، لن تجد الإجابة الواضحة للهوية لتصدي الآخر الظاهري الذي لا ترغب فيه، طالما لا توجد مقاربة مشتركة وموحدة للمواطنة والهوية بنظرة الداخل وتقبله لقطري اليوم وقطري الأمس، إذ نختلف هنا في تقبل الآخر حينما يكون مرغوباً وحينما يكون منبوذاً، ولابد من تقبل الآخر المرغوب ممن يمثل بعلمه، يعكس وطنه، يكرس حياته باسم وطن، وحام لقيمه ومبادئه. فلا بد أن تنظر للآخر من الداخل ولا تخشى منبوذ الخارج عندما يكون طفرة تأتي وتذهب إن ظلت معايير الهوية والمواطنة واحدة، وقاومت المنبوذ بمواطنة تقاومه وتعي قيمها ضده!. ولا شك بأن العولمة لن تترك المجال للخصوصية أن تكون محدودة داخل أسوار المنزل ولا جغرافيا الدول، بل اجتازت الأسوار واخترقت الشبكات كي تكون عند كل فرد في نفس المنزل، وفي كل منزل من نفس المجتمع. بالتالي، يظل التحدي مستمراً في تشكيل وحماية الهوية من الانهيار في ظل موجات خطيرة لها دخول غير مرحب به وبشكل مبطن لعملية تقبل الآخر، ولكن تظل الموازنة مهمة في الوعي بالقيم والوازع الديني والأخلاقي والذي سيظل يقابله الانفتاح على الآخر بشكل مستمر سواء كان جزءاً من تنمية وطنية أم من دخيل عابر!. baljanahi86@gmail.com

6820

| 07 ديسمبر 2021

المراهنة على مجتمع عرفي!

من الصعب أن ينتشل الإنسان من الزمان والمكان الذي كون من خلاله انتماءه، وتخيل عندما تتبنى الجماعة نفس هذا الحس وشعور الأمان بأنه جزء من ذكريات ومكان ظل في الذاكرة ورسخ الزمان الذي خلد له الولاء من ذاك الظرف وذاك المحيط الذي ولد له الحس وكون حوله جماعة ينتمي إليها وتنتمي إليه. ولا يسبق الزمان المكان، على قدر ثبات المكان ليكون طيفاً يعود من خلاله الزمان وتبدأ مرحلة المقارنات بين اليوم والأمس، وتتناقل القصص عما كان أفضل من اليوم وكيف كان المجتمع أقرب للموروث مما هو عليه اليوم. مقدمة قد يتباكى عليها الكثير من جيل سابق يحن لقناعة الماضي وتواضعه، وقد يظل هناك دون أن يدرك بأنه يمر في كل تلك الحقب التي جعلته متغيراً، في حين لم يعد ذاك الزمان وذاك المكان من دون أن تطرأ عليه تغييرات اجتماعية عدة. إذ يصعب عليه في هذه الحال الانتقال، كما يصعب عليه التجرد من موروثاته الفردية ومرجعياته التقليدية، أياً كانت معاييرها وقناعاته حولها. ولن يكون الأمر يسيراً على الجماعة، إن ظلت المرجعيات القديمة في عزلة عن التجديد. وقيس هذا الانتماء المتعصب للماضي لما فيه من مرجعيات تقليدية وأثرها على أجيال شعرت بالخلخلة من تلك المنظومة التقليدية والتي لا رابط لها في تلك الموروثات إلا مفهوم هوية معاصر يحدد مكانته اليوم، أهميته ودوره الفاعل وغير الفاعل حتى لمجرد إنه جزء من وطن!. فالمفاهيم تتغير، ولا تقف عند زمان واحد، حتى لو ظلت الأصالة صامدة في زمانها ومكانها، إلا إنها بلا شك قابلة للتمدن وقادرة على العصرنة كي تواكب العصر وتتماشى مع أجيال جديدة، تتمسك في الماضي لأنه جزء من هوية جماعة يعرف من خلاله نفسه، بينما يستطيع أن يتطلع للمستقبل من دون تبعات قد تجره للوراء مع من واكب ذاك العصر وظل معزولاً فيه. فما يحدث في هذه الحال في الحداثة حتى ولو كانت قائمة يعتبر تشويهاً لما تنتجه بناء على مخرجات غير مستقرة في ماهيتها، أي من المجتمع من الداخل، غير قادرة على الانطلاق في ظل المجتمع التقليدي ولا هي قادرة على البقاء والصمود مع الموروثات الفردية كعقليات جامدة، ولا قادرة بالخروج كي تتجرد منها لتطلعات مستقبلية أقرب إلى الابداع كإجراء توظيفي وتشغيلي لها وعلى مستوى حديث بأقل الأضرار والعراقيل التي تأتي من مرجعيات تقليدية فردية وسلوكيات اجتماعية سابقة. ومن هنا يأتي مفهوم الحداثة أكثر إدراكاً لطرق التعامل مع البعد الأخلاقي والتقليدي عند المجتمع، من حيث قدرة الحداثة على التوسع من ضائقة الموروثات السابقة كسبب منطقي وفكري لانفتاح المجتمع كي يكون أكثر مدنية وبروح وطنية عالية. وقيسها أيضاً على انطلاقة الفرد كعنصر إبداعي يترقب الانطلاق من نفس ذاك المجتمع العرفي. وهذا الشعور والتحول الاجتماعي لن يأتي بشكل سهل إن لم يكن نابعاً من الداخل ومواجهاً لعقبات الحداثة عندما تصبح دخيلة، بل حتى وعقبات الموروث عندما يكون عائقاً. ويصعب علي في حقيقة الأمر أن أراهن على مجتمع متقدم من دون أن أحزن على أعرافه الاجتماعية التي لا يتجرأ أن يبقيها معزولة ولو لوهلة خاصة وعندما نبدأ الحديث عن التنمية والمحاولة للخروج إلى الانتماءات المجتمعية الحديثة التي يشعر من خلالها الفرد بأنه عضو فعال لا يضيق عليه محيطه بسبب مرجعيات تقليدية قد لا تكون إلا عرفاً لا غاية له إلا البقاء في الماضي والاحتماء فيه!. والمشكلة ليست مؤسسية من وجهة نظري في هذا المقال، بل تظل المؤسسة لديها القدرة على إحداث التحولات الاجتماعية المطلوبة وتمكين الإبداع بشكل مركزي أكثر، إلا إن يظل للمجتمع الهيمنة العرفية من خلال قدرته الفردية على فرض رغباته على سياق رجعي أو تقليدي معين، إذ يعمل على اخماد شرارة الإبداع بشكل تلقائي وشرس. ويطرح بعض المفكرين سؤالاً تفكرياً مهماً: ما حاجة المجتمع إلى الجديد عندما يملك ثقافة وتقاليد؟ وفي الحقيقة يظل هذا السؤال عميقاً ولكن الجواب عليه قد يقتصر على جملة بسيطة، بأنها مسألة توجيهية تقاس من خلال آلية تقبل التمدن وتمكين التحولات الاجتماعية المعاصرة من خلال الضرر الأقل على خصخصة مجتمع، بالإضافة إلى القدرة التوجيهية على إتاحة فرصة الابداع من خلال رسم الخطوط الحمراء والخضراء على أبعاد الثقافة وأبعاد التقاليد التي تساهم في الحفاظ على تأصيل المجتمع، وفي نفس الوقت تتيح له الاستمرارية المعاصرة لأبعاد اجتماعية متجددة تواكب الحداثة بينما تظل ماهيتها صلبة وبروح إبداعية محركة. هذا أفضل سيناريو نقيس عليه مسألة التمدن مع أجيال ترغب في تحديد إطارها الوطني بحس ابداعي وبتقليل ضرر العرف الاجتماعي عليها. وفي نهاية الأمر، يظل التحدي قائماً في فهم آلية التنفيذ التنموية ورسم الخطوط الحمراء والخضراء لتغييرات المجتمع وتقاليده في زمن الحداثة بمعناه الفكري والتجريدي لمنظومات اجتماعية سابقة. هل تراهن على مجتمع متقدم عندما ينجرف وراء عرفه بنفسه؟! baljanahi86@gmail.com

7285

| 23 نوفمبر 2021

هيمنة العرف المتربع!

دائماً ما يشغلني المجال الثقافي لأنه دائماً ما يكون محدوداً في دائرة نقاشية أو ظرفية لا يتم استيعابها على سلوكيات تنظيمية أكبر. وفي الحقيقة التي لا تدرك بشكل واضح بأن المجال الثقافي هو أساساً ذلك السلوك الأكبر الذي يسير عليه مجرى حياتي وإداري واجتماعي واقتصادي عام وعلى مستوى دول. فليس من السهل إدراك الأهمية الثقافية، لأن المسألة تركيبية، إذ تتطلب الإدراك التكيفي ما بين محيطين داخلي وخارجي في نفس المكان، وخلق التوازن من حيث تمكين آلية التطويع الثقافية بشكل يساهم في التغيير وليس في التطبيع، وبعيداً عن خلق مناطق الشك وفقدان الثقة، وهذا يعتبر التحدي الأكبر. وبناء على هذه المقدمة الموجزة، يتطلب منا النظر بشكل أعمق في المناظير الإستراتيجية في المؤسسات ومدى قدرتها على مواكبة التغييرات الاجتماعية والاقتصادية من خلال مبدأ الثقافة التسييرية. إذ لابد وأن نضع الثقافة بعين الاعتبار على أنها محرك فاعل وتركيبة معقدة تعمل على التوازن أو تسبب الخلل. بالتالي، عملية دمج المفاهيم الاجتماعية نحو التنمية الاجتماعية قد تكون صعبة ومعقدة في إدراك تبعاتها على المجتمع بشكل واضح، ولكن من المفترض أن ترى في نهاية الأمر الصورة الأكبر ليس للتنمية بالمنظور الإستراتيجي، إنما لهوية سادت على تلك التنمية وحددت مسارها الثقافي على مستوى عام ومؤسسي. وهذا ليس بمدح، خاصة إن ظلت هذه الهوية تسبب التعطيل بدلاً من التكييف. فلنلاحظ في هذه الحال، مدى تمكن العزلة الثقافية في مؤسسة ما وكأنها هيمنة عرفية وإقرار من جماعة. ولا أخص بالثقافة هنا ما يتعلق بالفن والتجريد فقط، إنما العرف الاجتماعي الذي يخلق الوعي المجتمعي من نفس المجتمع ويقوم بمهاجمة نفس المجتمع من خلال نفس الوعي الذي اتفق عليه المجتمع! سبق وذكرت لكم مدى تعقيد هذه العلاقة التي تربط العرف بالتجديد، لأن من الصعب أن نحصر العرف على الحدود الأسرية، خاصة وإذا لم نستيقن أنه ما زال هناك عدة قرارات غير مكتوبة قد تكون نتاجاً لأعراف اجتماعية في المحيطين والتي تضعف عندما تحاول أن تخلق الوعي المضاد للعرف. فلا أحد يمتلك القوة لنكران العرف على قدر امتلاك القوة للتحكم بالقوانين وتشريعاتها. لهذه الدرجة اكتشفت أن للعرف الاجتماعي هيمنة خطيرة، خاصة وعندما ينتج المجتمع العرف الذي يمثل له العائق، من دون الجرأة لمواجهة هذا النتاج العضوي المجتمعي. ولنتخيل نفس هذا المجتمع الذي ينتج تضييقاته بنفسه، هم نفس الجماعة التي تتربع على الكراسي الإدارية في مؤسسات من المفترض أن تواكب التغييرات الاجتماعية والاقتصادية بشكل أكثر إبداعي وسلس، من حيث فهم الخصوصيات وتفكيك القيم التي لا تتلاءم مع عمليات التطوير في نفس الوقت. وكما سبق وذكرت بأن مثل هذه الخطوات قد تعتبر خطوات صارخة لمعايير عرفية خلقتها الجماعة بنفسها لدرجة أنه أصبح لحرية الفعل داخل المؤسسة هوامش تضييقية نحو السلوكيات التنظيمية، حيث تجد مناطق الشك في صيرورة العمل والتي قد تكون رادعاً للتقدم، المواجهة، لدرجة تفقد من خلالها الثقة في اتخاذ القرارات الفرعية والمركزية على مستوى تفقد فيها السيطرة أيضاً على احتواء الكفاءة والتي قد تتحول إلى كفاءة مسيرة، وفاعلية الاتصال والخطط الإستراتيجية الرشيقة. والأهم، مواكبة التقدم بالتوازن مع معايير السلوكيات الأخلاقية والقيم. خلاصة: ما يقابل التغيير المؤسسي ثقافة تلعب الدور المحرك للسلوك التنظيمي، ولا شك بأن القيم والمعايير تظل أساساً خاصاً للجماعة، ولكن يظل التوازن مطلوبا والقدرة على تفكيك القيم بما يتناسب مع الحركة التنموية لمنح أكبر فضاء ممكن للمثاقفة والتبادل. من هذه التركيبة نحن نخلق المرونة في التقدم على المستوى المجتمعي، وتقبل التكيف من خلال منح المنظور الثقافي التسييري القدرة على التجديد، حيث تكون مقاومة للتربع الإداري الهامشي لحرية الفعل من خلال خلق مناطق الشك، على حساب هيمنة سلطة العرف الاجتماعي في المؤسسة. baljanahi86@gmail.com

6219

| 16 نوفمبر 2021

الاستشاري الثقافي: بالعرف الاجتماعي المسير!

لأني أؤمن بأن الحراك الثقافي اليوم لا يكتمل إلا مع الملمين بتغييرات ذلك الحراك وما يحتاجه من أدوات تساهم في زيادة الحركة الثقافية التنموية على المستوى المجتمعي بشكل خاص. وقد يكون هذا الوصف عاماً، ولكن إن تمكنا من التقريب أكثر، فالحراك الثقافي يظل في حاجة إلى تلك الأعمدة التي تعمل على خلق بيئة نشطة دائماً لاستمرارية التقدم وتزويده بكافة الوسائل التي تساهم في دعم التنفيذ قدر المستطاع. ويظل هذا الوصف عاماً، ولكن إذا ما حاولنا أن نحدد الحاجة أكثر، فإننا في هذه الحال نتطلع إلى البعد الثقافي المحلي بشكل أكبر وأكثر فهماً للوسط المحيط. بهذه الطريقة سيتم تلبية احتياجات المفهوم بناء على طبيعة مجتمع، وتدعم طبيعة مجتمع بناء على ما تقدمه له من احتياجات ثقافية موضعية، أي يرى من خلالها الانتماء بدلاً من الابتعاد والتغريب. وهذه التتمة هي بالتحديد المختصر الذي يجب أن تكون التعريف الثابت والمخصخص تحديداً للثقافة باختلاف جغرافيتها. ومن هذه الخصخصة ووضع الثقافة في إطار محدود، تظل الثقافة أسلوب حياة وعنصرا باطنيا عميقا، ولكن لا يمكن أن يكتمل من دون العامل البشري الذي يساهم في انعكاس الباطن والتنفيس عنه من خلال إضافة الحافز اليقظ والإبداعي والتشويقي لهذا المفهوم العريض والواسع. وهنا أحاول أن أقدم للاستشاري الثقافي مكانة خاصة منافسةً مكانته في هذا المجال. ولا أشيد هنا بجانب المدح للاستشاري وهو يتمثل بالثقافة على أنه أهل الاختصاص وصاحب الخبرات التراكمية العريضة والشهادات اللامنتهية. لا يهم العدد، ولا كل تلك الأشياء التي قد تعني شيئاً ولا شيئاً في نفس الوقت، خاصة إن ظل الاستشاري في هذه الحال مسيراً وليس يسيراً على التجديد. بالتأكيد لن أكون الجانب الذي يبرز ديباجية الاستشاري أو أي شخصية أخرى خاصة عندما تكون الصفات الديباجية لبساً مؤقتاً ورونقاً زائفاً، وفي حالة الاستشارة الثقافية سيكون قيمة غير مضافة ولا نافعة ولن تمنع في هذه الحال أي زيف أو تفاخر إن غاب المحتوى وهمش القياس الفعلي والواقعي. ولن أتطرق بعد إلى فهم العلاقات بين الاستشاري الثقافي والعرف الاجتماعي، ولي في هذا الجانب تعبير طويل سأشارككم فيه للممرات القادمة بإذن الله. ولكن بشكل مختصر لفهم هذه العلاقة، فأنا أصنفها بأنها من أكثر العلاقات تعقيداً والتي قد تجعل من الاستشاري شخصية تتبنى واقعا وتخذل الإبداع بشكل سريع كنتيجة متوقعة. لأنه تطبع بالعرف السائد من دون مقاومته. في حين ينتصر العرف على التطلعات المعاصرة وتنفي التجديد. وهذه تركيبة معقدة بحد ذاتها، عندما يكون الاستشاري محايداً ومستقلاً عن آراء غالبية خصخصت طبيعتها بحسب ما قيدته في طابعها وتطبعت بشخوصها. وهذا الدور أجده بطولياً في الحقيقة للاستشاري الثقافي، إن كان بمقدوره أن يفك التركيبة وينافس الجماعات في خلق ما يجعل من أسلوب حياتهم متجددا وليس جديدا. يعتبر هذا المقال لمحة مستقبلية لمواضيع عميقة للعرف الاجتماعي وعلاقاتها بالمحيط التنموي، فهو ليس تفصيلاً بعد! baljanahi86@gmail.com

5775

| 09 نوفمبر 2021

المثقف: صراع البقاء والإقصاء!

من المشكلات التي تتعرض لها الثقافة، بأنها هي المشكلة نفسها! ما واجهته الثقافة من خلال الظروف العالمية أثبتت أولية الإقصاء والتضييق على المجال الثقافي بشكل عام. الجانب الذي يتنفس، وهذا ما أجده في الثقافة، النفس، الحياة والوجدان. بل هو الوهم الذي تحتاجه كي تبتعد قليلاً وتتجرد من واقع مغمور بالضغوط. كما إن الثقافة تعتبر كالمفر الذي يخفف حمل الازمات ويبرز النور ولو كان في أواخر الطريق. بل هو الاهتمام الذي يحافظ على ملكة إنسانية ويبرز قدرات معرفية تراكمية. ولكن، يبقى السؤال الأهم هنا عن سبب الالتفاف نحو الثقافة بشكل عام لعملية الاستبعاد والتنازل عن غيرها من المجالات. يظل هذا السؤال بالنسبة لي أزمة وأحاول أن أجد له إجابات مقنعة. لذلك، قررت أن أحلل الإجابة بمنظوري الموجز هنا، لربما أقنع صانعي القرار ومن هم حولي من المهتمين عبر المنظور التحليلي عن تلك الأبعاد التي ترتقي من خلالها الثقافة المعاصرة بدلاً من تغييبها واستثنائها. أولاً، كي نكون واقعيين أكثر، لابد وأن ننوه عن جذور التاريخ حول رؤية المثقف لنفسه ومدى ارتباطه بالمجتمع وعلاقته بالسلطة أيضاً. ففي عهد الدولة العثمانية، كان الترابط بين المثقف والسلطة يعتبر إخلاصاً أكثر مما هو عملاً. إذ تتحد إطار الأيديولوجيات بين الطرفين على ان الوحدة مؤسسية تجمع ما بين العلماء والسلطة سوياً على أساس الإسلام. وبشكل موجز أكثر، فإن الدولة العثمانية كانت تستمد ثقافتها العثمانية في آلية الحكم من خلال الشرع الإسلامي والقانون العثماني لتسيير شؤون الحياة الإدارية والحياتية. أما بالنسبة للمثقف ككيان مواز للسلطة، فهو يعتبر نفسه مخلصا لله عزوجل، والإخلاص في الدولة العثمانية كان لا يتطلب عائداً مادياً للمثقفين، إذ كان ولاءً لأصحاب السلطة، باعتبار أن ما يقومون به أعمال يؤدونها لوجه الله ويؤجرون عليها في الآخرة، ويظل عمل المثقف أصيلاً أي من حيث إخلاصه للتعليم وتمكينه في بناء ثقافته الإسلامية بمنظومتي العلم والأخلاق باعتبارهما تحصيلاً معرفياً وتكميلاً لعلوم الأنبياء والمرسلين. ومن هذا المنطلق ظلت الثقافة في الدولة العثمانية في سبيل الله، يعتز بها صاحبها بعلمها ولغاتها ورجاحة المنطق فيها، بل وتطورت من خلالها المواهب والملكات الإنسانية، عبر مجالس أدب المثقفين على سبيل المثال. هذا موجز لتاريخ حدد مساره الثقافة في بناء علاقته مع المثقفين. ولو كان هذا المبدأ في تلك الحقبة أصيلاً بحسب رأي العلماء عن الدولة العثمانية بعلاقتها بين السلطة والمثقفين، إلا إننا ندرك تماماً أن المتغيرات تظل العوامل التي تؤثر على عدة أمور، خاصة في أزمنة متغيرة وعصور منفتحة على اتصالات مختلفة وثقافات متنوعة، واعتقد أن ظل العامل الثابت فيما يتعلق بالثقافة بأنها إخلاص لا مادي، ولربما انجرف المسار من هذا الإخلاص إلى الاستغلالية لمكانة المثقف مقارنة في زمن الدولة العثمانية من كونها بلاطاً سلطوياً ورفعة ثقافية، إلى تحولها للمنظور الإداري حيث ينظر للا-مادية على انها غير مهمة. وشتان بين رؤية دولة عثمانية لمكانة المثقف وإخلاصه الديني مقارنة بمكانة المثقف وضياعه الدنيوي المعاصر من خلال النظام الإداري. ودعنا نصر على أن الثقافة ليست استهلاكاً رخيصاً حتى لو تدهورت عبر الزمان. وما يجب الإجماع عليه هو الوجدان الفعلي للمثقف وصراعه للتعبير عن ذلك الوجدان حتى في ظل أزمة تؤثر إدارياً عليه وتقصيه هو أولاً. ولن ألوم أو أحمل العبء على مبادئ قيمية جملت ورفعت من مكانة المثقف اللا-مادية في أزمنة سابقة. إنما أحلل إمكانيات المثقف نفسه وإمكانياته في ان يظل على نفس الرفعة والمكانة التي ارتقى من خلالها في السابق، هل استطاع أن يحافظ على هذه المكانة؟ أم ان غلبت عليه الظروف المعاصرة والأولويات الأخرى التي ضيقت عليه رفعته في زمن أبعاده التنموية أصبحت متشعبة؟!. أعتقد أن المثقف يستمد قوته من مدى ارتباطه بالسلطة على مر الأزمان، أعتقد بأن هذا أفضل تحليل أستطيع أن أقنع فيه نفسي كإجابة على سؤال كبير لا يكفيه تحليل موجز وسبب واحد من خلال عمود صحفي. ولكن، مع ظهور الدولة تأتي الجماعات وترسخ الإيديولوجيات، ليس بالضرورة أن تكون راديكالية، إنما تظل سمة الوحدة بين السلطة والمثقف هي البقاء والاستمرارية والاستدامة لرؤية مثقف معاصر، والأهم بناء وضمان الرابطة بين الدولة والمجتمع لأهداف مشتركة. هل ستكون رؤية المثقف في هذه الحال كما نأملها بتلك الصفات المثالية وتحرره الواسع الفكري والوجداني؟ ليس بالضرورة! إنما يظل المثقف محسوباً على دائرته التي يمشي على حدودها، إما أن يكون محظوظاً ليستمر في الدائرة الإدارية، أو يقصى ويهمل في حال أصبح ضدها أو لا ينتمي لها!. هذه محاولة تحليلية على التغييرات التي تطرأ على الأنظمة على المثقف من كونه مثقفاً ديناً إلى تحوله إلى مثقفاً دنيوياً. ومن الصعب الاختيار بين الاثنين كأفضلية في ظل أزمنة متغيرة!. baljanahi86@gmail.com

5598

| 26 أكتوبر 2021

هانيبال والتنشئة الاجتماعية!

أفضل ما يبقى لدينا من ذاكرة نستخرجها معنا من المكان والزمان وكل الأشياء، هي ما ستكون لنا جوهراً يبرق في ضمائرنا كلما تقدمنا في العمر ومررنا في تجارب لا يسعنا من خلالها إلا أن ننظر لذلك البريق الذي يبقينا يقظين على دورة حياة ودروس نتعلمها في اللحظة ونستيقن عبرتها من بريق ذكريات سابقة. عملية تراكمية ولن تكون حبيسة الموقف، إنما عبرتها ستكون لما بعد ذلك الموقف. وعلى الرغم من أن هذه المقدمة تعتبر رومانسية نوعاً ما، إلا أنها فعلياً كانت مقدمة استحضرت من خلالها مثلا للممثل أنطوني هوبكنس في أحد سلسلة أفلامه هانيبال، عندما كان يؤكد للذي أمامه بأنه لديه عيون ولكنه لا يرى. ولا أستذكر تماماً الموقف الذي عبر من خلاله الممثل عن هذا المثل بالتحديد، إلا أن هذه الجملة أضيفت لذاكرتي وكأنها أصبحت جزءاً من أرشيف داخلي، متيقنة بأني سأعود إليها عندما يستحضرني موقت يتطلب استقدام هذا المثل. ظل المثل يتكرر في كثير من المواقف. فعلياً نحن لا نرى، حتى لو لدينا الحاسة التي تساعدنا على الرؤية. ويحزنني أن أعبر عن هذا المثل اليوم وخاصة لمفهوم التنشئة الاجتماعية الذي لطالما كان موضوعاً عاماً في المؤسسات التعليمية والأسرية، وظل حبيس الدروس العامة ولم يخرج عن السياق الرسمي كي يتبنى طبيعة مجتمع يحتاج إلى التأقلم والتكيف، بل ويحتاج إلى المرونة في النمطية الفكرية والسياق الاجتماعي الذي بات متحجراً وحبيس كبت نفسي متراكم. ووجب أن أنوه على أني لا أعمم حديثي لمجتمع بأكمله من خلال هذا المقال ولا أخصص تعبيري عن أسر معينة. إنما سأحدد المنظور بشكل عام على تبعات التنشئة الاجتماعية الضيقة على جزء من المجتمع نفسه. ولنقف لوهلة حول التعريف العام للتنشئة الاجتماعية، فهي بالتأكيد ستؤشر في الشرح على أن مسؤولية التنشئة لا تكمن في مؤسسة واحدة، ولا تتكل حتى على نواة أسرية واحدة، إنما هي مسؤولية تتطلب من خلالها بناء وتشكيل شخصيات في المجتمع تنعكس على الداخل في الأسرة وستبرز كصورة مثالية للخارج للمجتمع، فهذه عملية تكاملية تتطلب مظلات مؤسسية، مجتمع، وأسرية. فهي سياق يحدد التصرفات والسلوكيات الأخلاقية منها واللا- أخلاقية حتى. هي مسار تتحدد بناءً على تنشئة وفرت آليات الإشباع الذاتي للفرد ودعمه نحو تحقيق احتياجاته الخاصة وطموحاته التي لن تستقر داخل نواة الأسرة، وإنما ستتطلب الظهور والتعبير والانعكاس على الوسط الاجتماعي بشكل عام. وهذا تصور مثالي عام للمفهوم. ولكن ما لا نراه فعلياً عبر هذا التعريف هي مسألة التفرد، وأركز على هذه الكلمة التي من الصعب أن يراها السياق الاجتماعي والعرفي ككلمة تحمل الأخلاق، بل قد يراها المجتمع على أنها اللا-أخلاقيات واللا-سلوكيات والتمرد والغضب والتنمر والهجر والتشتت والانفعال، وكل تلك الأشياء التي لن يراها المجتمع بأنها ضريبة تراكمية من تنشئة اجتماعية كونت هذا الفرد المنفعل. المجتمع لن يرى بأن ضريبة سلوكياته التربوية قد تنعكس بشكل تراكمي لاحقاً على فرد يصارع بين جدران عالية ويصرخ في غرف موصدة. وليس ذلك بالأمر السهل على المجتمع أن يتقبله أو حتى أن يراه بسهولة، بل المجتمع نفسه قد يكون نتيجة صدمات عاطفية سابقة كونت له مفهوماً للتنشئة الاجتماعية بناء على معاناة وليست بناء على تربية يساهم من خلالها في خلق إنسان متوازن وقادر على المشاركة والتعامل بوعي وبنمط سلوكي أخلاقي داخل وخارج المجتمع. أو على الأقل يظن من في هذا المجتمع بالتحديد بأنه خلق وربى إنساناً بهذا المنظور ولا يدرك بأن هذه التربية كانت تباعاً لظروف صعبة وصدمات عاطفية قديمة ونمط التقليدي محدود. والأصح أن لا ننظر لمفهوم التنشئة الاجتماعية العام، وإنما علينا أن نرى العمق في المفهوم والتركيز على الفردية التي تنتظر منها الدور المطلوب من حيث التصالح مع النفس ومع الآخرين، بل أن تكون آلية التنشئة الاجتماعية بقصد التطبيع الاجتماعي وليس بقصد تفويض آليات الثواب والعقاب، أو التقليد حتى الذي قد تنشئ من خلالها فرداً مشتتاً. وليس بمستبعد أن تحدث هذه التبعات نتيجة استنكار حاجة المجتمع ليستيقن قدرات الفرد على العيش من خلال مواجهته للمعوقات تحت مظلات الرعاية والاحتضان والاحتواء والإرشاد والدعم، والعلاج، والتيقن حتى بأن النمطية السلوكية الاجتماعية وتحسين حال الفرد يعتبر جزءا مهماً جداً من عملية التنشئة التي تحمي الفرد من العزلة والانطواء وكل ما سبق من ردود أفعال عشوائية وانفعالية ستكون نتيجة كل ما سبق وما يسبقه من تراكمات اجتماعية قديمة. baljanahi86@gmail.com

4922

| 19 أكتوبر 2021

الأبوية الجديدة وكرسي المرأة في مجلس الشورى!

سنثير النقاش على المستوى الاجتماعي من خلال هذا العمود الموجز ونتحدث عن ظاهرة يستنكرها الرجل لقياس تبعاتها غير الظاهرة بشكل واضح. إذ سنسلط الضوء على النظام الأبوية (البطريركية)، كظاهرة ليست نتاج سنوات قصيرة بشكل عام، ولا هي تحليل قصير المدى لفترة التصويت لمجلس الشورى الأول في دولة قطر بشكل خاص. إنما طالت الفترة كي تكون استمرارية تعكس نظام حياة وتقاليد وأعرافا، لدرجة تبني المجتمعات الظاهرة وانعكاسها على هويتها الخاصة، حتى أصبح محافظاً عليها من التغييرات الجذرية والجندرية. هذه الظاهرة هي نتاج عصور سابقة وتيارات دينية، سياسية واقتصادية وضعت المرأة في زاوية وقيدت أدوارها، وأجازت لها أدواراً أخرى، إلى أن أصبحت المرأة رمزاً ثورياً للتغيير على مدى التاريخ. بالتالي، نجد ان النقلات التي تواكب المرأة ليست إلا محطات حددت الممارسات الاضطهادية في جهة ومدى مرونتها من جهة أخرى على المستوى القانوني، العرفي، السياسي والاجتماعي والتي منحت المرأة أن تكون فيها جزءاً مكملاً في المجتمع، وأن تتساوى بالمواطنة أسوة مع الرجل المواطن أيضاً. هذه لفتة تاريخية سريعة وموجزة حول مفهوم الظاهرة البطريركية. إذ أرجو ألا تنفعل عزيزي الرجل على ظاهرة من الصعب تعديها بشكل جذري من خلال حدث تاريخي واحد!. وعبر تاريخنا المعاصر، لا يشكك أحد بدور المرأة في كل الدوائر، سواء كانت على مستوى الأسرة، وصولاً إلى المجتمع، والأنظمة الدولية. ولا نحتاج أن نعيد دوامة مكانتها وتقلدها للمناصب القيادية، إذ تخطينا هذه التبريرات. نحن نتساوى بالعقل والفكر، ونتنافس بالعقل والفكر أيضاً. فهذا الأمر منتهى منه. ولكن ما ان نستمر في مراقبة غياب المرأة في المشهد السياسي، بالتأكيد سنعيد التبرير، ليس لدور المرأة العظيمة هذه المرة، إنما لتبعات مفهوم البطريركية وتطور سيادة المفهوم في التاريخ المعاصر لتصبح النيو- بطريكية، أي الأبوية المعاصرة أو الأبوية الجديدة. ولهذه الظاهرة بمفهومها المعاصر شقان من وجهة نظري أود تسليط الضوء عليهما من خلال هذا المقال الموجز: أولاً: من الطبيعي أن تكون المشاركة السياسية للجنسين مبنية على الأصوات، وكذلك من الطبيعي أن يكون للمرشح الحق في الترويج عن الحملات الانتخابية واستمرارية توصيل الرسالة التي يرغب في تحقيقها بكافة الطرق، هذه منافسه بحد ذاتها! ولكن مراقبة هذه الظاهرة الانتخابية الأولى في دولة قطر يعني تحليل المشهد الاجتماعي والسياسي من حيث تأثير تبعات المفهوم الأبوي بشكل أكاديمي على التنافسية الجندرية. بمعنى آخر، من المتوقع أن ينعكس النظام الأبوي في التصويت ميولاً للرجل، وإيمانا بالرجل ومكانته في تقلد مناصب سياسية تلعب أدوارا حساسة وهامة. ولكن سيادة النظام الأبوي على حقبة جديدة في دولة قطر مع مجلس شورى منتخب من المفترض أن يكسر هذه الهيكلة الأبوية على المستوى الاجتماعي عبر التصويت. وهذا يعتبر توجها عرفيا من الأساس ساهم في تعزيز السلطوية العرفية من خلال ضعف الفرصة لفوز المرأة بكرسي عبر التصويت في مجلس الشورى، وهذه ظاهرة تقاس بحد ذاتها من خلال هذه الحقبة على انها انعكاس لخضوع المرأة للظاهرة الأبوية وتبعات هذا التأثير هذا النظام العرفي والنوعي عليها في المحافل السياسية. بالتالي يظل التعيين على المستوى السياسي هو الأضمن لمكانة المرأة في المجلس. ثانياً: من الصعب أن نحلل الواقع لنتائج مجلس الشورى الأول بأنها ظاهرة أبوية بحتة ونثير من خلالها المشاعر، لأنه في نهاية الأمر يظل التصويت بيد كلا الجنسين. لذلك المرأة لن تكون بالضرورة نصيرة المرأة في التصويت. ولكن يظل يخبرنا المشهد السياسي والاجتماعي على استمرارية انتاج مجتمع هجين، أي يمكن المرأة من ناحية التقلد بالمناصب الإدارية العليا، ومن الجانب الآخر يظل يحافظ المشهد على بنيته الاجتماعية باعتباره لا يزال مجتمعا تقليديا محافظا. ولن أقول بأن النظام جعل المرأة أدنى منه، فأنا ضد هذا الوصف بحسب بعض المصادر. ولكن ما خلده النظام العرفي هو حماية عرفية له واستقرار نسبي للمرأة في الجانب المهني من خلال النتاج الهجين الذي يعطي المساحة القيادية للمرأة، بينما يظل يحافظ على نمطه الاجتماعي في أولويته للصفوف الأمامية قبل المرأة. أخيراً، قررت استباق التاريخ العام على المشهد الحالي المعاصر، حتى يكون المفهوم أكثر شمولية للاستيعاب بأن الظاهرة ليست إلا تاريخا تراكمياً بتبعاته العرفية على المجتمعات. baljanahi86@gmail.com

4276

| 05 أكتوبر 2021

القضايا الحساسة: ورقة إقناع أم مكسب عاطفي؟!

على الرغم من مراقبتنا للأوضاع الانتخابية، لا شك وأن نصل خلال هذه الفترة لمرحلة الخشية. ولهذا المعنى مفهوم واحد يحصر الكلمة على انها تخوف مما هو مقبل وما هو متوقع بطريقة ما. ونحن اليوم مع الاقبال على نقلة نوعية جديدة في دولة قطر، نخشى. والخشية في هذه الحال من أبعاد كثيرة، كانت موجودة ما قبل مرحلة المجلس وظلت مستمرة خلال حملات البرامج الانتخابية. إذ باتت الخشية من فرضية استغلال المجلس للوجاهة، ورفع سقف التوقعات ما قبل الإعلان عن الكشوف النهائية للمرشحين للإمكانيات الإصلاحية من قبل المرشح. بالإضافة إلى استغلال بعض القضايا الاجتماعية الحساسة وتداولها بين المرشحين لزيادة التعاطف وكسب أكبر قدر من الأصوات، والخشية أيضاً من الدخول في المجلس دون عطاء كاف يحقق من خلاله المرشح برنامجه الرئيسي والذي جمع فيه كافة المجالات وكسب التعاطف من بعضها كورقة اقناع ومادة انتخابية حساسة. فما نلاحظه اليوم بين المرشحين بشكل عام ليس إلا تطلعات إصلاحية متفاوتة بحسب الحاجة وأخرى متشابهة من دون مقاييس واقعية لها أو أهداف تقاس من خلالها نسبة النجاح لعرض القضايا على المجلس وأبعادها المؤسسية المعنية في تلك القضايا. وفي حقيقة الأمر، لن تتشعب المواد الانتخابية بين المرشحين أكثر، لأن المجتمع يدرك قضاياه ويعي همومه، فلن تتفاوت القضايا بين مرشح وآخر. بالتالي، لن تكون القضايا مختلفة بشكلها الجذري، إلا إذا تطرق فعلياً إلى الآلية لحل تلك القضايا عبر التشريع وسن القوانين الجديدة موجهاً إياها إلى الجهة المستهدفة، وإذا تمكن المرشح فعلياً ان يأتي بالخطط الاستراتيجية الزمنية للعمل عليها، وهذا يقاس بناء على تجربته الشخصية السابقة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والعمل على إصلاحها. إذ ان هذا الجانب يجب أن يكون الجزء البارز في حملاته الإعلامية والتي من المفترض ألا تكون جاذباً عاطفياً على قدر كونها منبراً صريحاً وجاداً حول تلك القضايا المعنية، بدلاً من أن تكون واجهة تكنوقراطية يسرد بها سيرته المهنية والتي ستكون صعبة إلى حد ما لمواجهة المؤسسات لاحقاً واستجوابهم لحل تلك القضايا! إذ يظل القصد السامي ما وراء الانضمام لمجلس شورى تكمن في المسؤولية أيضاً من خلال بناء العلاقات وحلقات الوصل مع الجهات الحكومية، والمحافظة على تلك العلاقة على أن تكون تشريعية تنعكس على البرامج الانتخابية والتي لا نأمل ان تكون علاقة استشارية لاحقاً. فالمرشح من المفترض ألا يتوجه للشعب لكسب الأصوات، إلا إذا ثبت بأنه قادر على التنظير على تلك العلاقات لداخل المجلس لتحقيق أهدافه وطرح الحلول التي يترقبها ممن صوت له!. أما من الجانب الآخر من مسألة الخشية، ستكون معنية في الدوائر الانتخابية ومحدوديتها القبلية والعائلية لآلية الانتخاب والتصويت. مما يعني بأن الأصوات ستكون محدودة من نفس الدائرة والتي لن تكون بالضرورة معنية بشكل كبير في تلك القضايا الحساسة، كما يعني بأن مسألة التعاطف تلك لن تمس بالضرورة الشريحة المستهدفة خاصة أنها ليست من ضمن الفئة التي يحق لها التصويت بحسب قانون نظام مجلس الشورى، إذ تقف الأصالة وتحد من عدد المتفاعلين في الآلية الانتخابية لمجلس الشورى. بالتالي، قد تكون العاطفة باباً إعلامياً ومدخلاً للمجلس كاعتراف بالوجود وتأكيداً على أصالة المرشح الوطنية وترسيخاً للهوية المناطقية!. الخشية من التنظير على البرامج الانتخابية من دون أبعاد واقعية تثبت الآلية التي تساهم في تحقيق تلك البرامج. وكل ما سبق يظل خشية، حتى يصلح المجلس نفسه في المستقبل. فلا نتعامل من القضايا الحساسة كورقة إقناع!. baljanahi86@gmail.com

4559

| 28 سبتمبر 2021

مرشح الريع: مراحل تدريجية لمجلس الشورى!

نعيش حالياً فترة شيقة، وجديدة من حيث التناظرات فيها والنسق الاجتماعي الذي يعتلي فيها الفرد للمنصات الاجتماعية ليكن صوتاً للشعب. وبالنسبة لي هي فترة سأعتبرها من أفضل الحقب التاريخية المتجددة والتي سأتمكن من خلالها الدمج ما بين الجانب النظري لمفاهيم المثقف، والجانب الواقعي لحقيقة هذا المثقف، على الأقل بحسب الظرف الزماني والمكاني الحالي. إذ نحن محملون جداً بالمفاهيم العامة والنظرية لعدة مصطلحات ومعانٍ تعكس أبعاد المثقف المثالي والذي نراه في صفحات الكتب، وحبيس التاريخ، وأثره حتى تباعاً لصراعاته السابقة من أجل البشرية والتحولات التي صاحبتها. إنما اليوم، تزامناً مع التعرف على البرامج الانتخابية للمرشحين لمجلس شورى، أعتقد سيكون الموضوع شيقاً لهذا الدمج، وقياس أبعاده على المرشح الحالي، بالإضافة إلى محاولة تحديد مكانة المثقف، والأهم مدى بقائه وصموده تجاه برامجه الانتخابية المقترحة والتي هي برامج من المفترض أن تعتبر إصلاحية دقيقة وليست بأشكالها العامة! وكي أتعمق أكثر في هذه المقاربات، سأشير إلى توقعات ثقافية قد تحدد مسار المرشحين للحقبة الأولى من المجلس. إذ أجد أننا سنكون في رحلة طويلة تحتاج إلى التأقلم وإلى الإمكانيات المتعددة حتى نصل لمرحلة الإصلاح والتطرق للقضايا التي تداولها عدة مرشحين، خاصة وأنه لم يتم حلها من قبل المجلس! كما أجد أننا في المرحلة الأولى التشغيلية للمجلس، التي تتطلب فيها إبراز القدرات البشرية من ناحية الإقناع والقدرة على الخطابة، الإلقاء والجرأة في طرح المواضيع التي يترقبها عامة الناس. إذ أن التعميم على كافة المجالات لا يفي بالغرض، فالدولة لا تزال قائمة في مسيرتها الإستراتيجية التنموية والتي تعتبر إصلاحية من حيث تحسين مستوى الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها، بالتالي نظام الدولة لا يزال قائماً، فبروز عضلات المرشح على كافة المجالات والحديث برؤوس أقلام عن المواضيع العامة لحلها ليس ما يتطلع لسماعه الشعب والذي هو نتيجة نظام قائم وقادر أن يصلح مساره بنفسه، ناهيك عن مدى إلمام المرشح وتمسكه بقضية معينة في السابق، فلا بد وأن يكون التعرف على المرشح بناء على حملات و قضايا كان مهتماً بها، حاملها على عاتقه، بدلاً من سرد لسيرته الذاتية السابقة والشهادات العلمية التراكمية خلال مسيرته العلمية والعملية؛ إذ سأدرك مدى اهتمامه للإصلاح بحسب التزامه وتمسكه بقضية محددة في السابق حتى اليوم. وهذه المسيرة للمرحلة الأولى ستكون دروسا وعبرا للدفعات الأخرى للتهيئة والاستعداد المسبق، والتي من المفترض أن تتضمن حملات توعوية تعكس اهتمامه. أما بالنسبة للمرحلة الثانية، فهي ستكون انسحابات متفرقة من المجلس، قد يستيقنون ثقل وحجم العاتق لحمل القضايا والإلمام بها بكافة السبل والمصادر والوسائل. بالتالي، لن يبقى إلا الكفؤ والقادر على حمل الأمانة بما فيها من تبعات وجهد، فجغرافيا الكلام قد تكون قوة بالنسبة للمشرح في المرحلة الأولى، ولكن ستخذله في المرحلة الثانية والفعلية. ولنكن واقعيين أكثر، يجب أن لا نسقط اللوم على المرشح دائماً ونضع عليه آمالا كثيرة، لأنه يواجه عدة صعوبات حالياً وتنافسات متفاوتة، ناهيك عن مكانته الريعية في مجلس منتخب جديد، إذ يظل عليه عاتق ومهمة التجرد الرأسمالي والطبقي في حال رغب أن يلتفت للآخر ويطالب له بحقوقه أسوة معه! لذلك، يظل الشعب أيضاً حاملاً هذا الهم والمسؤولية في نفس المرحلة، لو ابتعد عن التصويت للوجاهة! أما المرحلة الثالثة والتي سيكون الوصول لها متأخراً، ستكون مرحلة نستخرج من خلالها المصلح، والمتمكن منطقياً وفكرياً، البليغ والحكيم، والجريء في طرحه وملفاته. في هذه المرحلة ستظهر صفات المثقف الذي لا يقدم نفس الدواء لنفس المرض، فهو من سيعبر عن أمراض المجتمع ويكتشف العلاج المعاصر والمناسب. هذه ليست مرحلة مثالية، إنما هي مرحلة تتطلب التصفيات والتعلم من الدروس السابقة، بل وينبغي أن يكون فيها تمكين مسبق للوصول إلى هذه المرحلة بكفاءات عدة وبشرائح اجتماعية أكبر، ولا يكون قياسها مناطقي فقط. ختاماً، على أن المثقف له الدور في تغيير مسارات المجتمع، إلا إنه معروف بأنه من الأوفياء للمبادئ، من الذين يحفظون الترابط واستحضار مواقفهم السياسية؛ لأنهم أصحاب قضية. وهذه المسيرة لن تكون في المرحلة الأولى، هذه المسيرة نتأملها لأجيال تكون صاحبة قضية وصاحبة مبدأ، تخصصية أكثر في ما يلامس المجتمع، وأكثر تحديداً في الطرح للمواضيع المطلوبة للتركيز عليها. إلى حين تلك المرحلة، نأمل بأجيال تتطلع لإصلاح مجلس شورى لعملية إشراكية أكبر وبرامج انتخابية أعمق. baljanahi86@gmail.com

4064

| 21 سبتمبر 2021

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3081

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

3066

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2856

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

2637

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2574

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1407

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1161

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

975

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

945

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

822

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

795

| 17 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يحلّق من جديد

في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...

759

| 17 أكتوبر 2025

أخبار محلية