رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مما أعجبني وأحببت أن أنقله لكم كما قاله أحد الإخوة العرب المقيمين في السويد أنه تم استدعاؤه يوماً للإدلاء بشهادته في قضية في إحدى المحاكم السويدية، وعند الانتهاء من أخذ أقواله في القضية طلب منه موظف بالمحكمة أن يقوم بتعبئة استمارة فيها وقت الحضور والانصراف من المحكمة وكم يبعد بيته عن المحكمة وذلك من أجل تعويضه عن الوقت وكذلك وقود السيارة الذي صرفه من أجل الوصول إلى المحكمة !! يقول صاحبنا: تعجّبت من هذه المعاملة الراقية ومنذ ذلك الوقت وأنا كثيراً ما أذكر هذه القصة لمن أعرف ومن لا أعرف من المسلمين ولا أفوّت فرصة أو مجلساً إلا وذكرت القصة، وذلك انبهاراً بتلك المعاملة واستنقاصاً من شأن المسلمين، حتى جاء اليوم الذي رويت فيه القصة لأحد الأصدقاء الذي كان عنده فقه في الدين، فقال لي: لم يأت أصدقاؤك السويديون بشيء جديد !! وتلا قوله تعالى (وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ) وهي جزء من آية الدّين في سورة البقرة التي فسّرها بعض العلماء بأنه ينبغي على ولاة الأمور جعل جانب من مال بيت المال لرفع مصاريف انتقال الشهود وإقامتهم في غير بلدهم وتعويض ما سينالهم من ذلك الانتقال من خسائر مالية في إضاعة عائلاتهم، إعانة على إقامة العدل بقدر الطاعة والسعة؛ فبُهت صاحبنا ! وهكذا فإن لكل فضيلة لدى الغرب لا بد أن تجد لها أصلاً في الإسلام، بل إن الإسلام سبق كل حضارات الأرض في الدعوة إليها من صدق ونظام وإتقان واحترام وعدل وإنصاف وعلم ومعرفة وغيرها الكثير من القيم. وكم أسعدني وأسعد الكثير من أبناء وطني والمقيمين على أرضها الطيبة تلك البادرة المباركة التي قامت بها اللجنة المنظمة لحفل افتتاح مونديال العرب 2021 في الاستاد المونديالي "استاد البيت"، عندما وجّهت الدعوة لـ 40 شخصية عربية من كبار العلماء والمفكرين والمهندسين والأطباء الذين يعيشون في المهجر لحضور حفل الافتتاح، وتقديراً منها وعرفاناً بالاختراعات والإنجازات التي تم تحقيقها على أيديهم، وإن كانت بفضل من الله أولاً ثم باحتضان الغرب لهم ودعمهم لهم عندما تجاهلتهم ونسيتهم أوطانهم ! ولأننا نُثمن قيمنا الإسلامية ونقدر العلم والعلماء ونحرص على التمسك بقيمنا ومبادئنا العظيمة التي ترسخت ونمّاها فينا قرآننا العظيم وتعاليم ديننا الحنيف، فإنه من المؤلم أن نرى ما يُناقض هذه القيم بأفعال وتصرفات تُرسخ معاني التثبيط والإحباط لاسيما وإن كانت موجهة لشباب طموح يسعى لرفعة وعزة بلاده، فعندما يقوم أحد شبابنا القطري الطموح بتسجيل براءة اختراع وابتكار وينوي فتح مشروع لهذا الاختراع ويصطدم بعراقيل ورفض لدعم مشروعه بدواعي عدم وجود الدعم الكافي من هذه الجهة التي تمولها الحكومة ولا تستشعر مدى الفائدة التي قد تجنيها الدولة من هذا المشروع الرائد فهذا لعمري هو الطامة الكبرى، وهو الأمر الذي أصاب صاحب المشروع بخيبة الأمل ودعاه لأن يمارس اتجاهاً مغايراً لمجال إبداعه وهو الآن صاحب مطعم ومقهى! تخيّلوا لو أن هذا الشاب القطري الطموح اتجه بمشروعه لإحدى الدول الأوروبية أو أمريكا أو كندا، أجزم تماماً بأنها ستقدم له كل الدعم المطلوب وسيلاقي مشروعه النجاح الباهر، للعلم فقط؛ مشروع هذا الشاب بدأه في عام 2013 والآن هنالك طلب متزايد على المادة أو المنتج الذي قام باختراعه، بل إن إحدى أهم وأشهر شركات السيارات تعاني حالياً نقصاً في هذا المُنتج الذي يدخل في تصنيع سياراته !! فاصلة أخيرة رخُص علماؤنا في أعيننا فرَخصنا في عيون العالم !! Jaberalmarri2011@gmail.com
5618
| 14 ديسمبر 2021
"قصص عتيقة" هي عنوان مقالة في مجلة الرائد التي صدرت عن نادي المعلمين الكويتية في الفترة من 1952 حتى 1954، عنونت إحدى مقالاتها بـ "كيف اختير وزير مالية سرنديب؟" والتي تروي أن ملك سرنديب جمع وزراءه وكبار رجال مملكته وأخذ يتداول معهم الأمر، فيمن يحل محلّ وزير المالية المستقيل، فركب كل فناً وقال قولاً وجاء برأي دون الوصول إلى حل مُرضٍ. وأخيراً تكلم حكيم المملكة ومستشار الملك الخاص، فالتمس من الملك أن يأمر بإقامة حفلة رقص ويختار أرشق الراقصين حركة لمنصب وزير المالية، فاستغرب المجتمعون هذا الرأي العجيب، ولكنهم سلموا به ثقة منهم بأن حكيم المملكة ومستشار الملك الخاص لا يقول إلا بالحق والصواب. وهكذا أُقيمت الحفلة وحضرها حشد حاشد من مهرة الراقصين، وكل منهم يأمل أن يفوز بالمسابقة ويصبح وزيراً لمالية سرنديب التي تُضرب بثروتها الأمثال، وكان على الراقصين أن يمرّوا أثناء رقصهم فُرادى ببهو ضيّق قد رُصفت جوانبه بالأحجار الكريمة التي تخطف الأبصار ببريقها اللامع. وجلس الملك وحكيم المملكة والوزراء في زاوية خاصة يستعرضون ألوان الرقص وفنونه، وكان كلما انسلّ أحد الراقصين إلى البهو المظلم وشاهد الجواهر واللآلئ مدّ يده بخفة إلى شيء منها ودسّه في جيبه وخرج وكأنه لم يفعل شيئاً ! وكان الملك والحكيم والوزراء يطالعون كل ما يحدث بانتباه شديد، وأخيراً جاءت نوبة أحد الراقصين فانسلّ إلى البهو وخرج منه دون أن يمد يده إلى شيء منها، فمال الحكيم على الملك وهو يشير إلى الراقص النزيه قائلاً: يا مولاي، هو ذا أحق الراقصين بمنصب وزير المالية. وهكذا اختير وزير مالية سرنديب!! هذه القصة تُشخص أحوال الأمة العربية وما آلت إليه من تحميل الأمانة لغير أهلها ومن لا يفقهون في شؤون الناس وقضاء حوائجهم، ولا يبرعون إلا في الحرص على مجالسة الحكام وعِليَة القوم والسمع والطاعة لهم وفق ما تقتضيه مصالحهم لا مصالح الرعية، دأبوا على النفاق والتملق والتسلق لإتمام غاياتهم وشؤونهم، يمتازون بحلو وعذب الكلام لإقناع الناس بصدقهم وهم كاذبون أفّاكون، ضالون مضلون وزالّون مزلون، قلوبهم دويّة وصحافهم نقيّة ! انظروا إلى دولنا فلن تروا جلّ وزرائها وكبار شخصياتها إلا منهم على هذه الشاكلة، وعلامتهم بارزة، فهم كالحنظلة الخضرة أوراقها المرّ مذاقها، يقولون الكثير ولا يعملون إلا القليل، يدّعون الإصلاح وهم فاسدون مُضلون، متأرجحون يتمايلون على حسب ما تقتضيه مصالحهم الشخصية ! فاصلة أخيرة قال الفاروق عمر: توشك القرى أن تخرب وهي عامرة قيل: وكيف تخرب وهي عامرة؟ قال: إذا علا فجّارها أبرارها، وساد القبيلة منافقوها ! Jaberalmarri2011@gmail.com
7991
| 23 نوفمبر 2021
أعجبتني تلك الخاطرة التي يقول صاحبها: مخطئ من يظن أن الكلام يُقال ويُسمع عبثاً، فإن ما تصنعنا حقاً هي الأحاديث الجميلة والكلمة الطيبة اللطيفة الودودة، وما أجمل أن يُصاحبها المصارحة والعفوية التلقائية والاعتراف بالجميل والمجاملات المفاجئة، إن الإنسان كائن اجتماعي ضعيف هش؛ فكلمة طيبة قادرة أن ترفعه عالياً وكلمة جارحة قادرة على طرحه أرضاً، فلا تجعل كلماتك أشواكاً تُدمي من يسمعك، بل اجعلها رياحين فوّاحة تُنعش كل من يمر بها، فالخالق عز وجل يقول (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِي أَحْسَنُ ۚ )، فلو ضربت طفلاً ضربة خفيفة وأنت توبّخه لبكى ولو ضربته ضربة أقوى منها وأنت تمازحه لضحك، فالألم المعنوي أشد إيذاءً من الألم الجسدي ولا شيء يكسر قلب أخيك إلا "الكلمة الجارحة"، فاتقِ الله في أخيك ولا تكسر قلبه بكلمة جارحة ستبقى عالقة في ذهنه أمداً طويلاً. انتهت الخاطرة. ولا ريب أننا نعيش في زمان ندُر فيه من يُحاسب نفسه على ما يلفظه من كلام وقول، زمان قلّ فيه حياء الناس وأدبهم بابتعادهم عن تعاليم دينهم الحنيف وآدابه وفضائله، زمان يُقدّر فيه السفيه والتافه واللئيم ويُتجاهل فيه الخلوق الكريم حسن الطباع، زمان يسير عكس عقارب الساعة ويشيب له رؤوس الولدان من غرائب ما نراه ونسمعه ونعيش واقعه، فليتها اقتصرت على الكلمة الجارحة ولكنها امتدت لتصل إلى التصرفات والأفعال التي تخدش الحياء وتجرح من لا يزال يملك في قلبه ذرّة من حياءٍ وأخلاق ! ولعلنا ومع عالم مواقع التواصل الاجتماعي نُشاهد ما يُجسد واقع الكلام والفعل الجارح من خلال حياة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وما يوثقونه من توافه حياتهم اليومية الخالية من الروح الحقيقية لإنسانيتهم وخصوصيتهم وعقلياتهم وثقافتهم وحتى عقيدتهم التي استباحوها ونحروها بعرض أجسادهم وأجساد نسائهم وأسرارهم لعامة الناس دون أن يردعهم في ذلك دين ولا خُلق ولا أعراف ! لقد سئمنا واقع مجتمعاتنا التي صار همّ أفرادها الوحيد الطريقة المُثلى لتوسيع قاعدة متابعيهم على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بأي وسيلة كانت ولو دفعهم ذلك لاتباع أرخص وأسفه الطرق، فطالما أن رداء الحياء تم خلعه وحلّ محله رداء السفاهة وقلة الحياء فلا مكان للفُضلاء في حضرة مروجي الانحطاط والفكر الهابط المنحط ! فليت الكلمة الجارحة لوحدها هي الهم الوحيد لمن بقي محافظاً على رباطة جأشه ومتمسكاً بقيمه ومبادئه بل زاحمتها تلك التصرفات الخارجة عن سياق القيم والعادات المحافظة ليكبر بسببها ألف عام ويتألم لها آلاماً لا علاج لها ولا طبيب ! فاصلة أخيرة عجباً لأمر الكثير في مجتمعنا، فمن يتحلّى بالغيرة يسمونه "متزمت – معقد – متشدد"، يقول أحد العلماء: إذا ترحّلت الغيرة من القلب ترحّلت منه المحبة؛ بل ترحّل منه الدين كله. Jaberalmarri2011@gmail.com
7758
| 09 نوفمبر 2021
بنبرة يعتريها حزن عميق وبلهجته الأصيلة العفوية سألني: يا ولدي؛ وإحنا اللي قضينا عمرنا كله في خدمة الوطن في السلك العسكري وحوّلونا لـ "قوة الاحتياط " قبل إنشاء قانون التقاعد، وشهو مصيرنا؟ واحنا من ذاك التاريخ نسمع بأن فيه لجنة تدرس وضعنا وحتى الآن ما صار شي؛ صرنا على قولة صاحب المقولة "لاني بمفكوك ولا مقيّد "، ويُضيف هذا المُحال لـ " قوة الاحتياط " أنه في كل مرّة يتم تعديل رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين، كنت أنا ومنهم مثلي نشعر بالحسرة والأسى لأننا حُرمنا من حقنا لسنوات طويلة ورواتبنا لا تزال أقل من عشرة آلاف ريال، فلكم أن تتخيلوا معاناتنا كأرباب أسر نصرف على عوائل وبيوت ونُكابد كل شهر غلاء المعيشة والحياة، ولا يزال وضعنا على ما هو عليه لا هم لنا سوى التفكير بكيفية تسيير أمورنا المعيشية الصعبة، متناسين منذ سنوات طوال حياة الرفاهية التي من المفترض أن يعيشها كل مواطن تفانى بإخلاص وعطاء لا محدود لخدمة وطنه دون شكوى ومنّة، ويتساءل هذا المواطن؛ أيُعقل أن نكون منسيين طوال هذه السنين ولا يعلم عنّا المسؤولون بأننا منذ إنشاء قانون التقاعد لم يتم زيادة رواتبنا ريالاً واحداً، وبأن المتقاعدين الذين يقعون تحت مظلة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات تم زيادة رواتبهم لأكثر من مرة وصلت لضعفي ما نتقاضاه؟! ألا يستشعر من يتحمل عدم إنصاف المُحالين لـ "قوة الاحتياط " الظلم الذي وقع على هؤلاء العسكريين الذين يحملون الرتب الكبيرة والصغيرة ولا زالوا مرتهنين حتى ساعتنا هذه لجور هذا القانون الذي أجحف في هضم حقوقهم وما يُفترض أن يتقاضوه من رواتب وحقوق أسوة بإخوانهم المتقاعدين العسكريين؟! أسئلة كثيرة تختلج في نفس هذا المواطن الذي يرى بأنه من الظلم عدم النظر في قضيتهم التي لا يرى أفقاً لحلها رغم أنه وغيره سمعوا الكثير من الأقاويل بأنهم سيُنصفون وسيُعطون حقوقهم، وكأنه يطرح سؤاله الكبير: هل سنُعوّض على معاناتنا وآلامنا وحاجاتنا التي عانيناها طوال العشرين عاماً الماضية؟! ولمن ليس لديه إلمام ومعرفة بـ " قوة الاحتياط " التابعة لوزارة الداخلية أو وزارة الدفاع فهي أشبه بما كان يسمى بـ " العمالة الفائضة " في القطاع المدني خلال العقدين الماضيين بيد أن هذا الأخير تم إيجاد حل له بإحالتهم للتقاعد والاستفادة من كل الامتيازات التي شملت كل من يقع تحت مظلة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات، وبالتالي يتم تطبيق تنفيذ القوانين والأنظمة المتعلقة بالتقاعد في قطاعي العمل المدني والعسكري. وبما أن عدد المحالين لقوة الاحتياط قد يصل للمئات فهذا يعني أن المتضررين ليسوا فقط أفراداً بل أُسراً عانوا على مدى عقدين ظلم وإجحاف هذا القانون الذي لم يراعِ الظروف الحياتية والمعيشية المستقبلية لهذه الأسر، بالرغم من أن من أهم أولويات قيادتنا الحكيمة ضمان كفالة الحياة الكريمة للمواطنين وعلى رأسهم المتقاعدون وبذل كافة الجهود من أجل تشريع القوانين التي تصب في مصلحتهم وتُعينهم على مواكبة الحياة وتلبية تطلعاتهم لضمان حياة كريمة تليق بهم. فاصلة أخيرة آن الأوان لإلغاء كل قانون أو مادة عفا عليها الزمان وصارت أشبه بـ "مقبرة" من لا سند له ومغضوب عليه!! Jaberalmarri2011@gmail.com
6370
| 02 نوفمبر 2021
لا شك أن للراعي والرعية حقوقاً وواجبات، وهي من الحقوق الأساسية البشرية المتعارف عليها في جميع المجتمعات، وقد بيّن الإسلام في العديد من نصوصه تلك الحقوق، وجعلها ضرورية لاستمرار حياة المجتمعات وفقاً لأسس العدل والمساواة بين جميع فئات المجتمع، وكذلك من أجل أن يرى الحاكم نفسه مسؤولاً أمام الله بأن يخدم رعيته وشعبه وأن يحكمهم وفق قواعد محددة من الرعاية وطلب العدل وتحقيقه بين الناس. ولعل نبراس العلاقة بين الحاكم والمحكوم بينها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم في حديثه (ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع عن مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته) متفق عليه، فمن حقوق الراعي على رعيته السمع والطاعة في جميع الأمور، ما عدا التي تخالف شرع الله ونواهيه، ومن حقوق الراعي أن يتم نصحه وإرشاده وتقويمه في حالة الوقوع في الخطأ وذلك باللطف واللين، ومن حقوق الرعية على الراعي أن ينشر العدل بينهم، وتلبية جميع الاحتياجات الدينية والدنيوية ومراعاة المصلحة العامة لجميع الرعية دون تفرقة. وأيضاً من حقوق الرعية على الراعي أن يقوم الحاكم أو السلطة الحاكمة بتعيين المسؤولين المناسبين وفقاً للأمانة والكفاءة وحسن التصرف وغيرها من القدرات والمهارات والقيام بالمتابعة والمراقبة الصحيحة على عملهم بشكل مستمر ودائم، ومن حقوق الرعية كذلك أن تقوم السلطات الحاكمة بتقوى الله في الأمر الذي أُسند إليها وعدم الاعتداء على حقوق المواطنين، وأن تحرص على حل قضاياهم وتوفير كل ما يلزمهم من حقوق واحتياجات. ونحن في قطر وبعد اختيار أول مجلس شورى منتخب، يقع على كاهله العمل كمجلس تشريعي يشرّع القوانين التي تنظم سير عمل الدولة وتحقق مصالح شعبها ويتعاون في هذا الأمر مع السلطات التنفيذية ممثلة بالحكومة والسلطة القضائية ممثلة بأجهزتها القضائية، والقطريون يترقبون أول دور انعقاد لأول مجلس منتخب في تاريخ بلادهم في السادس والعشرين من الشهر الجاري، يتطلعون من خلاله إلى أن تتحقق تطلعاتهم وآمالهم عبر ممثليهم في هذا المجلس الذي تقع عليه المسؤولية الكبرى في وضع التشريعات التي تحقق العدل والمساواة بين كافة المواطنين القطريين (دون تفرقة). وعلى النائب الذي وصل بفضل أصوات ناخبيه وأبناء وبنات دائرته أن يضع نفسه مكان هذا المواطن، وعليه أن يسأل نفسه أولاً؛ كيف أكون أميناً وصادقاً مع من منحوني ثقتهم وهو ما يجب أن أعكسه على كل مواطني قطر وليس أبناء دائرتي فقط ؟، المواطن يريد أن تتحقق له متطلباته كمواطن، والارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدم له في كافة المجالات، الصحة والتعليم والإسكان والبيئة والأمن والرفاهية وكل ما يُسهم في تحقيق دولة الرفاه، المواطن يحتاج إلى ضمان مستقبل أبنائه وتحقيق أعلى معايير حياة الرفاهية والاستقرار، المواطن يحتاج إلى أن يشعر بأن هذه الثروة والخيرات التي تنعم بها الدولة هي ملك لهم ولأجيالهم، وذلك بإيجاد الامتيازات واستمراريتها، وعلى رأسها دعم الرواتب وتطبيق التأمين الصحي ورفع أسعار كوبونات التعليم وإيجاد حلول لغلاء المعيشة وغيرها من المتطلبات والامتيازات التي تُشعر المواطن حقيقة بأنه على رأس أولويات المجلس والحكومة. المواطن أيضاً بحاجة إلى معالجة التركيبة السكانية وعمل توازن مدروس يحقق للمجتمع الأمان الاجتماعي وعدم تأثره بعادات وسلوك الآخرين، والعمل على رفع درجة المحافظة على التمسك بشريعتنا السمحاء وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، والمجتمع بحاجة كذلك من المجلس والحكومة لوضع خطط ناجعة لمواجهة تزايد حالات الطلاق والعنوسة وما تعانيه بعض الأسر من تصدع أسري نتيجة الخلافات التي تحدث بعد الطلاق، نحن بحاجة كذلك إلى المحافظة على هويتنا القطرية وألا يتأثر أبناؤنا بأي تأثيرات تتعلق بالتعليم أو حتى التطبع بطبائع تخالف الدين والأعراف كأن تظهر الفتاة بملابس غير محتشمة لا تمثل عاداتنا وتقاليدنا القطرية المحافظة. لدي المجلس ملفات متخمة بالقضايا والهموم والهواجس التي ألقتها الدولة والشعب على كاهلهم، نسأل الله أن يُعينهم على قضائها وأن يجعلهم خير ممثلين لهذا الشعب الطيب الذي يستحق الخير كله. Jaberalmarri2011@gmail.com
5198
| 19 أكتوبر 2021
كشف التقرير الذي صدر حديثاً عن مؤسسة حمد الطبية أن الاكتئاب والقلق أكثر الأمراض والاضطرابات النفسية انتشاراً في دولة قطر بنسبة تُقدّر بـ 17.5%، وتتنوع أغلب حالات القلق والاكتئاب التي تستقبلها عيادات الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية بين حالات بسيطة أو متوسطة يتم علاجها دون اللجوء لأي أدوية طبية، أما الحالات الشديدة والمعقدة فلا تتجاوز نسبتها 20% فقط، وتعد الفئات العمرية الأكثر إصابة بالاكتئاب هي الفئة بين 30 و 40 عاماً. ويؤكد مدير الخدمات النفسية والمجتمعية بمؤسسة حمد الطبية واستشاري أول طب نفسي أن الاضطرابات النفسية خاصة الاكتئاب والقلق باتت من الأمور المألوفة، ويمكن تجاوزها والتعافي منها شأنها شأن بقية الأمراض العضوية، من خلال التشخيص والاكتشاف في المراحل المبكرة، وتقديم كافة أشكال الدعم للمرضى، ودعونا هنا نتوقف قليلاً لنبحث عن الأسباب التي أدت إلى زيادة حالات الإصابة بهذه الاضطرابات النفسية والذي أدى إلى ارتفاع نسبتها بشكل مرتفع، ومع خلو التقرير من تفاصيل مهمة حول هذه الإحصائية المؤلمة وعدم ذكرها الفترة الزمنية التي زادت فيها الحالات حتى يتم معرفة الأسباب والظروف التي نحن متيقنين بأن لها علاقة بالحياة وظروفها إلى جانب الأسباب العضوية التي يفهم لغتها ومسبباتها الأطباء والمتخصصون في الطب النفسي. ولعل إصدار هذا التقرير جاء مواكباً لاحتفال العالم في العاشر من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية والذي جاء هذا العام تحت شعار " الرعاية الصحية النفسية للجميع: لنجعل هذا الشعار واقعاً "، كما أنه يأتي بعد عامين صعبين على العالم كان لجائحة كوفيد -19 أثر فادح على الصحة النفسية للناس، وهنا أنقل ما نشرته منظمة الصحة العالمية التي أوضحت بأن هذا الوباء ألحق الضرر ببعض الفئات من ضمنهم العامل,ن في الرعاية الصحية وفي الخطوط الأمامية، والطلاب والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم وأولئك المصابين بحالات نفسية أصلاً، وفي الوقت ذاته تعطلت بشدة خدمات الصحة النفسية والعصبية وخدمات اضطرابات تعاطي مواد الإدمان. وإذا أردنا أن نتحدث عن الآثار والمسببات التي أدّت إلى تردي حالة الصحة النفسية لدى العديد من البشر فإنها كثيرة ومتعددة ولا مجال لحصرها في مقال، وإنما هنالك دراسات عديدة تناولت كافة ما يتعلق بالصحة النفسية والعوامل المؤثرة فيها، ولعلنا هنا نركز على جزئية في اعتقادي أنها تعد العامل المشترك بين مرضى الاكتئاب والقلق لكثير من شعوب العالم والتي تناولتها منظمة الصحة العالمية بشرح مفصل ودقيق حيث اعتبرت أن هنالك عوامل اجتماعية ونفسية وبيولوجية متعددة تحدّد مستوى صحة الفرد النفسية في مرحلة ما، فمن المعترف به مثلاً أنّ استحكام الضغوط الاجتماعية الاقتصادية من المخاطر التي تحدق بالصحة النفسية للأفراد والمجتمعات المحلية، وتتعلّق أكثر البيّنات وضوحاً في هذا الصدد بمؤشرات الفقر، بما في ذلك انخفاض مستويات التعليم. وهناك علاقة أيضاً بين تدني مستوى الصحة النفسية وعوامل من قبيل التحوّل الاجتماعي السريع، وظروف العمل المجهدة، والتمييز القائم على نوع الجنس، والاستبعاد الاجتماعي، وأنماط الحياة غير الصحية، ومخاطر العنف واعتلال الصحة البدنية، وانتهاكات حقوق الإنسان. كما أنّ هناك عوامل نفسية وعوامل أخرى محدّدة لها صلة بشخصية الفرد تجعل الناس عرضة للاضطرابات النفسية، وهناك أخيراً بعض العوامل البيولوجية التي تسبّب تلك الاضطرابات ومنها العوامل الجينية واختلال توازن المواد الكيميائية في الدماغ. ولا شك أن ديننا الإسلامي الحنيف عالج هذا الأمر منذ أكثر من 14 قرناً، إذ تعد الصحة النفسية من أسمى مقاصد الإسلام، لما لها من دور في إصلاح الفرد وتأهيله لخدمة المجتمع فيما يعود عليه بالنفع العميم، وهكذا قصدت التشريعات إلى تخليص الإنسان من كل ما يمكن أن يجعله فرداً سلبياً غير ذي نفع. وتتحقق الصحة النفسية بعدة أمور متواشجة لا تنفصل، يكمل بعضها بعضاً ممثلة في الإيمان والصلاة والأذكار والصيام والصدقة والتقوى، لذلك تجد المجتمعات المسلمة هي أقل شعوب العالم إصابة بأمراض الاكتئاب والقلق وسائر الأمراض النفسية، ولعل زيادتها في مجتمعاتنا مؤشر انخفاض الوازع الديني ولاسيما بين فئات المراهقين والشباب، لذلك نجد بأن انتشارها لدينا في قطر في الفئة العمرية من 30 حتى 40 عاماً هو دليل ابتعاد شبابنا عن تعاليم دينهم وانشغالهم في حياة يغلب عليها الطابع العملي والمادي وهو الأقرب للمجتمعات الغربية التي تعاني من انتشار حالات الاكتئاب والاضطرابات النفسية والقلق التي أدت إلى تزايد حالات الانتحار لديهم ! فاصلة أخيرة لا بد أن ندق ناقوس الخطر لمجابهة حالات زيادة الاكتئاب والقلق والأمراض النفسية، وهو الأمر الذي في اعتقادي سبّب ازدياد في حالات الطلاق وأيضاً العزوف عن الزواج وما نراه من حالات تفكك أسري، الوضع بحاجة إلى خطة عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يحدث ما لا يُحمد عقباه ! Jaberalmarri2011@gmail.com
8367
| 12 أكتوبر 2021
يُروى أن عالماً من علماء الإسلام ذا مال وجاه حضر في مجلسه تلاميذه وعدد من طلاب العلم، وبينما هم كذلك دخل عليهم رجل غريب لا يعرفونه ولا يبدو على الرجل مظهر طلاب العلم، ولكنه ظهر منذ الوهلة الأولى بمظهر "عزيز قوم ذل"، ودخل وسلم وجلس حيث انتهى به المجلس، وبدأ يستمع للشيخ بأدب وإنصات وفي يده قارورة فيها ما يشبه الماء، لا تفارق الرجل ثم قطع الشيخ حديثه، والتفت للرجل الغريب وتفرَّس في وجهه ثم سأله ألك حاجة نقضيها.. أم أن لك سؤالاً نجيبك عليه؟، فرد عليه: لا هذا ولا ذاك، وإنما أنا تاجر سمعت عن علمك وخلقك فجئتك أبيعك هذه القارورة التي أقسمت ألا أبيعها إلا لمن يقدر قيمتها. فقال له الشيخ: أعطِني إياها، فأعطاه القارورة وأخذ الشيخ يتأملها ويحرك رأسه إعجابًا بها، ثم التفت للرجل، وقال له: بكم تبيعها؟، فقال: بـ 100 دينار، فرد عليه الشيخ وقال: هذا قليل عليها، سوف أعطيك 150 ديناراً، فقال الرجل: بل 100 كاملة لا تزيد ولا تنقص ! فقال الشيخ لابنه: ادخل عند أمك وأحضر مائة دينار من الصندوق، وبالفعل أخذ الرجل المبلغ، ومضى إلى حال سبيله مبتسماً ابتسامة عليها سمت الوقار وانفض المجلس، وخرج الحاضرون من الطلاب والتلاميذ والجميع متعجب من ذلك الماء الذي باعه بمائة دينار، فدخل الشيخ لغرفته للنوم، ولكن الفضول دعا ابنه لفحص القارورة ومعرفة ما فيها وتأكد أنه ماء عادي ودخل الابن إلى والده مندهشاً مسرعاً وقال لأبيه: يا حكيم الحكماء، لقد خدعك الغريب، فقد باعك ماء بـ 100 دينار، أأعجب من دهائه وخبثه أم من تسرعك وطيبتك؟ فضحك الشيخ ثم قال لولده: يا بني فقد نظرت ببصرك فرأيت ماء، ولكني نظرت بنور بصيرتي فرأيت الرجل جاء يحمل في القارورة ماء وجهه الذي أبت عليه عزة نفسه أن يريقه أمام الحاضرين عند السؤال، وكانت له حاجة في مبلغ يقضي به حاجته ولا يريد أكثر منه، والحمد لله الذي وفقني لإجابته، ولو أقسمت ألف مرة أن الذي دفعت فيه قليل ما حنثت بيميني. نستخلص من القصة إخلاص السّاعي في قضاء حوائج الناس، وقصد الله تعالى في العمل، وترك المنّ بها، والأفضل ستر العمل، وإتمامُه، فإتمامه من إتقانه، ومن آدابه وحق من حقوق الناس على قاضي الحاجات، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بفعل هذا العمل الصالح وربط الفلاح به بقوله عز وجل ((وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))، وجاءت الأحاديث في هذا الشأن عديدة والتي تبيّن عِظم هذا العمل، فقد جاء في صحيح الجامع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يكن في حاجة أخيه يكن الله في حاجته)، وقوله عليه أفضل الصلاة والتسليم: (ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجته، أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً)، فأي عمل أعظم من هذه الأعمال التي حث عليها رسولنا الكريم وأجرها عظيم عند المولى عز وجل تتجلى في أن الله يتكفّل بقضاء حاجته، وأنها أفضل من الاعتكاف شهراً في المسجد النبوي، وأنها أفضل الأعمال عند الله تعالى، وأن الله يثبّت قدمي فاعلها على الصراط، وأن الله ييسّر له أموره، ويظله في عرشه يوم لا ظل إلا ظله. ولأنه من المحمود ومما حث عليه ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا وحتى الإنسانية بأن يتفقّد الإنسان من حوله من الناس، أهله، وأصدقاءه، وجيرانه، وأبناء منطقته ومدينته وبلاده، وحتى معاشر المسلمين الذين هم بأمسِّ الحاجة للمساعدة ولقضاء حوائجهم حتى يتحقق التكافل الاجتماعي والتآلف وتسود المؤاخاة والمحبة أو على أقل تقدير دعم كل ما يصل إلى إنسانيته والرحمة التي فطرها الله في قلبه وجعلها من أسمائه الحسنى "الرحيم"، من أجل هذه المعاني السامية لا بد لنا من أن نُساهم في حمل ولو جزءا بسيطا من هموم قد تراكمت على من له حاجة لم يقضها أو أرملة أو مطلقة وقفت الظروف وحالت دون أن تتمكن من قضاء حوائجها وسد نواقصها هي وأبنائها. ونحن ولله الحمد في دولة قطر جُبلنا على عمل الخير حتى فاض الله علينا بأنعمه لتصل للمحتاجين في كافة أنحاء العالم، ولكن لا يزال للأسف من يعيش بيننا ومن أبناء جلدتنا من يشكي سوء أحواله وقلة حيلته من العيش حياة كريمة يشكو مرارتها إما بسبب الديون أو الظروف الأخرى وحالت عفته وحياؤه من أن يمد يده لأهل الخير ويُصر على ذلك، ورغم أن العديد منهم لجأوا للجمعيات الخيرية إلا أنهم إما أن ما يأتيهم لا يكفيهم أو أنهم ينتظرون الفرج في حملات كبيرة كتلك التي تحمل اسم "حملات الغارمين" ويتبقى منهم من لم ينله النصيب في تفريج كُربته. قبل أيام وصلني، كما وصل للكثيرين، مقطع فيديو مؤلم لمواطنة قطرية تشكي أحوالها وأوضاعها وكيف أنها بالكاد تستطيع أن تسد رمق أسرتها التي تعيش في بيت متهالك وبأثاث يتصدق به الناس عليها، وتتحدث والغصة في حلقها وتتساءل: كيف يصل بي الحال إلى ما أنا عليه وأنا أعيش في بلدي بلد الخير، بلد الخيِّرين وأهل الشهامة والمواقف الطيبة؟ ولأن الوطن هو الملجأ الأول بعد الله ونحن على قناعة بأنها ستعمل على ضمان مدّ يد المساعدة لمواطنيها المعوزين وخاصة المتعففين منهم لتحقيق مبدأ العدالة في تحقيق الحياة الكريمة العزيزة لكل من له حق بالمساعدة، إلا أنني أيضاً أوجه نداءً إنسانياً في المقام الأول لرجال الأعمال في قطر ومن له تواصل معهم بأن يهبّوا لنجدة أنفسهم وحصد ما ينفعهم من أجر قبل فوات الأوان، فوالله ليس هناك أعظم من مساعدة من يعيش على هذه الأرض من مواطنين أو مقيمين، وليس مجرد التبرع للجمعيات الخيرية هو بمثابة براءة ذمة لهم حيال كل محتاج ومعوز بل المُنفق المحظوظ هو من يجتهد في البحث عن هؤلاء المعوزين وتسديد ديونهم وتوفير احتياجاتهم، لاسيما وإن كانوا ممن منعهم حياؤهم وتعففهم من البحث عمن يُفرج كرباتهم ويُحيي آمالهم في العيش بكرامة تعبوا وهم يكابدون الحياة من أجلها !! فاصلة أخيرة أمران يرفعان شأن المؤمن: التواضع، وقضاء حوائج الناس؛ وأمران يدفعان البلاء: الصدقة وصلة الرحم. جعلنا الله وإياكم من أهلها، إنه سميع مجيب الدعاء. Jaberalmarri2011@gmail.com
10217
| 21 سبتمبر 2021
لا شك أن شريحة المتقاعدين من الشرائح المهمة في المجتمع، والتي تشكل عامل استقرار وقوة لأي مجتمع ينشد الربط بين الأجيال والاستفادة من خبرات رعيلها الأول، الذي يعد شاهداً على مراحل تطور ونمو هذا الوطن المعطاء، ولأنهم يشكلون عاملاً مهماً فقد أولت الدول المتقدمة اهتماماً ملحوظاً في تقديم الخدمات النوعية لمتقاعديها عبر صناديقها الاستثمارية، التي تُنمي استقطاعات المتقاعدين طوال فترة أداء خدماتهم، وتسعى لوضع الخطط الطموحة لضمان توفير بيئة تقاعد مفعمة بالرفاهية والراحة. ونحن في قطر ودون أدنى شك وضعت التشريعات ضمانات مستقبلية للمتقاعد القطري من خلال قانون التقاعد الجديد، الذي كفل للمتقاعد حياة كريمة من خلال صرف راتب مجزٍ بإضافة علاوة السكن عليه، وهذا الأمر سيحل بكل تأكيد إشكالية تدني الراتب التقاعدي لدى المتقاعد، ولكنه للأسف لا يستطيع أن يواجه غلاء الأسعار الذي لا كابح له ولا مؤشر انخفاض له على المدى القريب فما هو حاله على المدى البعيد؟، لاسيما وأنه يبدو أن الجهات المعنية لم تستطع السيطرة بشكل قاطع على الأسعار في ظل جشع غير مسبوق لبعض التجار الذين يعلمون جيداً أن المستهلكين لا خيار لهم إلا الرضوخ أمام هذا الارتفاع في الأسعار!. ونحن نثمن جهود الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية على جهودها في العمل على توفير امتيازات للمتقاعدين من خلال برنامج الخصومات، الذي اعتمدته مؤخراً والذي تضمن الفنادق والمنتجعات والخدمات الطبية والمحال التجارية والمطاعم والمقاهي والأفراح والمناسبات وغيرها من الخدمات، ولكن من المهم جداً متابعة هذه الجهود والتأكد من ضمان تفعيلها، لأنه وبحسب بعض المتقاعدين أن هذا الخصم ما زال يعتريه بعض القصور من ناحية التطبيق وعدم اعتراف بعض الجهات المعتمدة لدى الهيئة به. من خلال العلاقة التي تربطني بعدد من المتقاعدين، ومنهم الذين يترددون على بعض المقاهي في عدد من المجمعات التجارية في الدولة، يشتكي عدد منهم لعدم وجود مكان يرتادونه كناد أو منتجع أو مركز تتوفر فيه كل الوسائل الترويحية لهم، فما الذي يضير هيئة التقاعد مثلاً لو أنشأت نادياً أو مقراً يتجمع فيه المتقاعدون يمارسون فيه هواياتهم واهتماماتهم في أي وقت، ولا سيما أن الهيئة تمتلك أغلبية أسهم شركة مثل الشركة المتحدة للتنمية الرائدة في مشاريع التطوير العقاري، أتعجز عن بناء نادٍ في موقع مميز على البحر بمرافق حيوية يستفيد منها المتقاعدون الذين يُعدّون الشريك الأساسي في استثماراتهم؟!. ولماذا لا تكون للمتقاعدين جمعية يستطيعون من خلالها المطالبة بتحقيق احتياجاتهم ومطالباتهم بعد عمر حافل قضوه في خدمة وطنهم؟، فالفرصة مواتية جداً لتنفيذ هذا المشروع مع البدء في إنشاء أول مجلس شورى منتخب في البلاد، وبالتأكيد لن يألوا جهداً ليكونوا بمثابة جهة استشارية يستفيد منها مجلس الشورى في تنفيذ رؤيته المستقبلية وكل ما من شأنه أن يخدم هذا الوطن الغالي. فاصلة أخيرة المتقاعدون ثروة وطنية لا يستهان بها، فأكرموهم كما أكرموا الوطن بعطاءاتهم وتضحياتهم. Jaberalmarri2011@gmail.com
5050
| 14 سبتمبر 2021
اعتزل أكثر الصحابة القتال في موقعتي الجمل وصفين في عامي (36 -37 هجرية)، وأبوا أن يخوضوا في دماء المسلمين، فمنهم من اعتزل الفتنة عزلة مطلقة، ومنهم من اعتزلها واجتهد في دعوة الناس إلى اعتزالها، ومنهم من انتسب إلى إحدى الطائفتين المتنازعتين ثم انسحب كلية من الفتنة، ومنهم من اعتزلها في الجمل وصفين ثم انضم إلى علي في حربه للخوارج، ومنهم من حمد الله تعالى على ذهاب بصره قبل أن يراها. فمن الذين اعتزلوا الفتنة مطلقاً سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، وسلمة بن الأكوع، وسعيد بن زيد، وصهيب بن سنان الرومي، وأسامة بن زيد، وأبو هريرة، وهبيب بن مغفل، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح،وسعيد بن العاص، ومعاوية بن حديج الأمير، وزيد بن ثابت، وكعب بن عجرة، وسليمان بن ثمامة بن شراحيل، وعبدالله بن مغفل، وعبد الله بن سلام، وأهبان بن صيفي، والحكم بن عمرو الغفاري - رضي الله عنهم. ومن مواقفهم في اعتزال الفتنة موقف الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، فقد جاء في خبر صحيح الإسناد، عن عبد الرزاق، عن معمر بن راشد، عن أيوب السختياني، وعن محمد بن سيرين، أنه قيل لسعد: ألا تقاتل، فإنك من أهل الشورى، وانت أحق بهذا الأمر من غيرك ؟ قال: (لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان، ولسان وشفتان، يعرف الكافر من المؤمن، وقد جاهدت وأنا أعرف الجهاد، ولا أبخع نفسي إن كان رجل خيرا مني). وورد في رواية أخرى أن أحد أبناء سعد بن أبي وقاص، قال لوالده: نزلت في إبلك وغنمك وتركت الناس يتنازعون الملك، فضرب سعد صدر ولده عمر وقال له: (اسكت سمعتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي). وفي رواية لأحمد بن حنبل أن سعداً قال لابنه عمر: (أي بني أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا، لا والله حتى أعطي سيفاً إن ضربت به مؤمنا نبا عنه، وإن ضربت به كافرا قتلته، وقد سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول: (إن الله عز وجل يحب الغني الخفي التقي). ونحن في قطر ما زالت ترسخ في ذاكرتنا كقطريين تلك الملحمة البطولية التي سطّرها الشعب القطري بكافة فئاته وأطيافه من قبائل وأسر وعوائل التفافهم حول قيادتهم ودولتهم ضد ما كان يُحاك لقطر وشعبها من أطماع ونوايا غادرة، نتذكّر عندما توشح القطريون أثناء الأزمة العلم القطري وتجردوا من أي صفة أو عرق أو قبيلة من أجل توحيد الصفوف والتأكيد أن الجميع تجمعهم قطر انتماءً وأصلاً وفصلاً وماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ومن المستحيل أن يعكر صفوها نعرات قبلية أو عشائرية أو مناطقية لأن الوطن أسمى من أن يُزج به في إشكاليات يُراد منها زرع التفرقة بين مواطنيه وتذكية العنصرية لتشتيت وحدة الصف للوصول إلى غاياتهم الشيطانية!. باءت كل المحاولات التي غرضها زعزعة كيان الدولة بالفشل ولم يتمكن أحد من اختراق وحدة الوطن والمصير والإرادة الشعبية الصادقة الملتفة حول قيادتها رافضة لأي ابتزازات تتعلق بعلاقة المواطن القطري بقبيلته أو عائلته الممتدة خارج حدود الوطن، وأثبت القطريون أنه ما من قوة في الأرض تستطيع أن تسلخهم من وطنهم الذي تعهدوا له بالولاء في السراء والضراء. ولقد حمى الله هذا الوطن منذ قديم الأزل وحافظ على كيانه بفضل من عنده ثم بتكاتف أهله وتعاضدهم ونبذ أي صورة للنعرات العائلية أو القبلية وإيمانهم العميق بأن الوطن هو الأهم والأغلى من أي شيء في الوجود، وكما أن للوطن حقوقا على مواطنيه فإن للوطن حقوقا وواجبات تجاه مواطنيه وعلى رأسها التشريعات والقوانين التي تكفل له متطلباته وحقوقه كمواطن دون أي تفرقة، وهو ما نص عليه الدستور الدائم لدولة قطر من خلال المادة رقم ( 34 ) التي نصت على أن «المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة». ◄ فاصلة أخيرة نقول لكل متربص وحاقد على هذا الوطن: موتوا بغيظم فسنظل شعباً متماسكاً موحداً مهما اختلفنا في الآراء فإننا متفقون بحب هذا الوطن وأميره ونعاهدهم بالطاعة والولاء. Jaberalmarri2011@gmail.com
6910
| 17 أغسطس 2021
قبل وفاته كَتَبَ الكاتب السوري الأصل الألماني الجنسية نائل البلعاوي مقالة يقول فيها: لم أسمع حتى هذه اللحظة من يقول: شكراً للحكومة على هذا الأداء البارع، لا في النمسا ولا في جارتها الكبيرة ألمانيا، على اعتبار أن الجارتين قد حققتا إنجازاً لافتاً خلال الأيام الماضية في الحرب المفتوحة ضد الوباء. لا أحد يقول شكراً لميركل مستشارة ألمانيا، أو سيباستيان كورتز رئيس الحكومة النمساوية، ولا أحد يمدح "القيادة الحكيمة" للمرحلة الحرجة، وأقصى ما يمكن أن يقوله النمساوي أو الألماني تعليقاً على النتائج الجميلة التي تحققت في البلدين: "لقد قامت الحكومة بما عليها أن تقوم به"؛ أو "يبدو أن الإجراءات التي اتخذوها كانت صحيحة". اليوم؛ قلت لصديق نمساوي هاتفياً: أعجبتني الحرفية العالية لحكومة كورتز خلال الأزمة، فأجاب: هذا دورها المنتظر، وإن لم تحققه فعليها أن ترحل، فقلت له: ألا تستحق الشكر على ذلك ؟! فرد علي: لا، ولماذا نشكرها؟ كورتز وأعضاء حكومته يتقاضون أجوراً شهرية عالية للقيام بمثل هذه الأدوار، وفي مثل هذه الأزمات تحديداً؛ لقد وُجدوا في مناصبهم لأجل هذا بالضبط، هم يعملون على خدمتنا يا صديقي، هذا شغلهم! قلت له: أعرف، ولكن "شكراً" صغيرة لا تعني الشيء الكثير. فقال: "شكراً" تعني أن الحكومة قد قدمت هدية من عندها لنا، وهذا غير صحيح، فلو شكرناها فعلينا أن ننحني أمامها غداً ونردد مثل القطيع: شكراً لكم على كل شيء تقومون به أو لا تقومون به. عند نهاية المكالمة أخبرته بأنني سأكتب نصاً عن الكيفية التي تتم عبرها صناعة ثقافة العبودية وتحويل (القادة) إلى آلهة، وأن شكراً الصغيرة هذه هي فاتحة جيدة لقراءة كتاب الاستبداد الكبير والكريه. "انتهت المقالة". وهنا يكمن سر تخلفنا كمجتمعات ودول عربية، فلطالما ردحت وتغنّت الشعوب العربية في أقل حق من حقوقها تقوم بتنفيذه أشرف وأنقى حكومة عربية بمقياس مستوى الحكومات العربية الفاسدة والمستبدة والمتخلفة منذ تأسيس هذه الدول، وليت ردات فعل هذه الشعوب على شكل "شكراً الكبيرة أو الصغيرة"، بل وصل إلى تمجيدها ووصفها بأنها حققت المعجزات للوصول إلى طموح وتطلعات مواطنيها!! خلال الأشهر الماضية حدثت في بلادي قطر عدد من الأخطاء التي لا تُغتفر، كأن يسيء مسؤول كبير لاستخدام سلطاته ويختلس مبالغ خيالية، أو أن يمارس آخر صلاحيات منصبه لينتفع وينفع أبناءه وأقاربه وأصدقاءه، ويقصي ويستبعد من له حق في التوظيف، أو أن يصدر قرار من وزارة سيادية أخرى تمنع من خلاله عودة المواطن لوطنه دون أخذ موافقة مسبقة ومساواته بالأجنبي الزائر، كل هذه التجاوزات تحدث في أقل من 3 شهور دون أن نرى مسؤولاً يتحمل المسؤولية أو يتحلى بالشجاعة ويقدم استقالته احتراماً لوطنه وشعبه!! وطالما أننا شعوبٌ لا تملك ثقافة معرفة الحقوق والواجبات، وما هي الحقوق التي يجب على الحكومة تنفيذها بكل تفاصيلها، فلا ننتظر من هذه الحكومات أن تُخلص في عطائها، وبالتالي فهم لا يعنيهم أن نقول لهم: شكراً الكبيرة ولا الصغيرة!! فاصلة أخيرة نتطلع لمجلس شورى على الأقل يرفع من سقف طموحات وتطلعات المواطن، ويزيل عن أعينهم غشاوة الفكر القديم المتمحور حول المدح والثناء على أمر يتوجّب على الحكومة تنفيذه، نريده مجلساً تحسب له السلطة التنفيذية ألف حساب، على رأس أولياته خدمة المواطن وتحقيق كافة مطالبه وحقوقه!! Jaberalmarri2011@gmail.com
4302
| 27 يوليو 2021
جاءت التوجيهات السامية لسيدي صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بكفالة الحياة الكريمة للمواطنين المتقاعدين، ورفع الحد الأدنى للمعاش التقاعدي لـ 15 ألف ريال تتويجاً لمساعيه وحرصه على إعطاء هذه الفئة حقها في العيش برفاهية، والعيش بكرامة وراحة وتذليل كافة الإشكاليات المتعلقة بظروفهم المعيشية، وهو الأمر الذي بلا شك سينعكس على حياة الكثير من المواطنين المقبلين على مرحلة التقاعد. وكما هو معلوم ومع ما نعيشه من ظروف غلاء فاحش طالت كافة مناحي الحياة ومع ما واكبه من إجراءات تفشي جائحة كورونا وما اعتراها من أزمات اقتصادية أثّرت بشكل طبيعي على دخل الفرد وطبيعة حياته، كل هذه الضغوطات والمشاكل أول من يواجهها ويعاني من تبعاتها المتقاعد وأسرته، نظراً لعدم تمكنه من توفير الحياة المعيشية التي كان يستطيع أن يوفرها قبل مرحلة التقاعد، وبالتالي عندما تراعي الدولة وعلى رأسها القيادة الكريمة هذا الأمر فإنها بذلك تعلم أن معالجتها لدخل المتقاعد سينصب لصالح المجتمع كافة وسيدفع بعجلة التنمية المستدامة للأمام وسيقضي على مشاكل اجتماعية عديدة قد تنجم عن تردي أحوال المتقاعدين. ولعل ما صرّح به معالي رئيس مجلس الوزراء بأن مشروع قانون التقاعد بشكله الجديد سيتضمن العديد من المواد التي تصب في مصلحة المتقاعد وأبرزها إضافة بدل السكن من ضمن العلاوات، وتعديل الأحكام الخاصة بـ "السّلف" لمواكبة أعباء الحياة وتلبية تطلعات المتقاعدين وضمان توفير الحياة الكريمة لهم. ولا شك بأن مشاعر الفرحة والسعادة الغامرة لدى المتقاعدين ليس لها وصف، ويكفيهم الشعور بما توليه قيادتنا الحكيمة من اهتمام وحرص على ضمان توفير أفضل السبل لحياة كريمة يستحقونها بعد سنوات طويلة أمضوها في خدمة وطنهم، فرد الجميل جزاء عادل لهذه الفئة المهمة والغالية على قلوبنا جميعاً، وما من مواطن موظف إلا وسيمر بهذه المرحلة وبالتالي هذه القرارات الحكيمة ستنصب بلا شك لصالح كافة المواطنين في هذا البلد المعطاء. ولعلنا نستذكر جيداً تلك المقولة التي خلدها القطريون في أذهانهم وقلوبهم في بداية الحصار عندما قال صاحب السمو أمير البلاد المفدى في أحد التجمعات لمواطنين قطريين: "أبشروا بالعز والخير"، ومنذ ذلك اليوم ونحن نسير في طريق العز والخير الذي رسمه لنا تميم العز والخير، ونقطف ثماره الذي جاء بفضل من الله ثم بحكمة قائدنا الفذ الذي جعل على رأس أولوياته كرامة وعزة المواطن القطري ورفع سمعته بين شعوب العالم وجعله من أسعد شعوب العالم وأحبها وأخلصها وأكثرها ولاءً لوطنها وأميرها المحبوب. ولا ريب أن الدولة التي تضمن الحياة الكريمة لشعبها وتوفر له أفضل الخدمات النوعية في كافة المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية، وتضمن له الرفاهية وتولي حرصها على المتقاعد ومن هم تحت مظلة الضمان الاجتماعي كالأرملة والمطلقة وغيرهم من الفئات الاجتماعية، كل هذه الحقوق التي تقوم بها الدولة وتحرص على إنجازها باهتمام وحرص تزيد من البركة ويرفع أهلها أكف الضراعة بأن يحفظ الله هذا الوطن وولاة أمره من كل شر وأن يزيدهم من فضله ويبارك لهم في أعمالهم ونواياهم ويُديم عليها نعمة الأمن والأمان والاستقرار. فاصلة أخيرة نأمل ألا تذهب سعادة المتقاعدين سُدى بضمان التحكم في الأسعار، وإلزام الدولة التجار بعدم رفعها وإرهاق جيوب المواطنين الذين يُعانون منذ زمن من ويلات هذا الغلاء الفاحش الذي لم يُراعَ فيه ظروف فئة ذوي الدخل المحدود الذين يُكابدون الحياة وبالكاد يكفيهم دخلهم حتى آخر الشهر !! Jaberalmarri2011@gmail.com
6236
| 22 يونيو 2021
يُخطئ من يظن بأن الفساد المالي أخطر من الفساد الإداري لأن الأخير هو الممهد والمُسهّل لكل فعل فاسد وبالتالي ما من فساد يستشري في دولة أو مؤسسة أو منظمة إلا ويسبقها فساد إداري غذّاها وقوّى شوكتها، وقد ربطته عدة منظمات دولية مع بعضه حيث عرّفته منظمة الشفافية الدولية بأنه "إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص" بينما عرفه صندوق النقد الدولي بأنه "علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استحصال الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو مجموعة ذات علاقة بين الأفراد". ويعرف المتخصصون والفقهاء في هذا المجال أن الفساد المالي والإداري ينجم عندما يأتي الخلل في الأداء نتيجة الخطأ والنسيان واتباع الشهوات والزلل والانحراف عن الطريق المستقيم وبأنه "سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة "، وعُرّف أيضاً الفساد الإداري والمالي بأنه الذي يحتوي على قدر من الانحراف المتعمد في تنفيذ العمل المالي والإداري المناط بالشخص، غير أن ثمة انحرافاً مالياً وإدارياً يتجاوز فيه الموظف القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيئ بسبب الإهمال واللامبالاة، وهذا الانحراف لا يرقى إلى مستوى الفساد المالي والإداري لكنه انحراف يعاقب عليه القانون وقد يؤدي في النهاية إلى استفحاله في حال لم يُعالج! ولعل التقرير الأول للشفافية والنزاهة لعام 2000 أجاد في تفسيره للتعريف الدقيق للفساد الإداري والمالي بأنه "إساءة استغلال السلطة المرتبطة بمنصب معين بهدف تحقيق مصالح شخصية على حساب المصالح العامة ومنها إصدار قرارات مصالح شخصية، التربح، وممارسة السلوك البيروقراطي المنحرف الذي يستهدف تحقيق منافع ذاتية بطريقة غير شرعية وبدون وجه حق" !! ولعلنا سمعنا قصصا عديدة عن ممارسات يقوم بها وزراء ومدراء وحتى رؤساء أقسام أقل ما يُقال عنها بأنها سلوك فعلي للبيروقراطية "المنحرفة " وتستهدف تحقيق منافع ذاتية وتُحرم في نفس الوقت أشخاص من حقها الذي يكفله لها القانون من خلال ممارسة هذا المسؤول لصلاحياته لتحقيق مكاسبه على حساب فئة معينة أو أفراد بعينهم، وآخرها تلك التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمواطنة تشكي مديراً لإدارة الموارد البشرية قام بممارسة صلاحياته وحجب عن ابنتها وظيفتها التي تم ترشيحها لها تحت أعذار وحجج واهية من الواضح أن هذا المسؤول لديه أسبابه غير المقنعة ولا تبرر له تصرفه الغير مسؤول في حرمان هذه المواطنة الشابة من الحصول على فرصتها في الحصول على وظيفة مناسبة لمؤهلاتها وقدراتها. هذا المسؤول للأسف يمثل حالة من حالات الفساد الإداري الذي تُعانيه هذه الوزارة لاسيما وأنه في كل الأحوال سواء بموافقة الإدارات المعنية أو عدم موافقتها فإن قرار التوظيف بيده ومن يملك "ود ورضا " هذا المدير فسيضمن الوظيفة لابنه أو أخيه أو قريبه أو صديقه، وهذه لعمري قمة البيروقراطية وإساءة استخدام السلطة!! وعندما نرى مؤسسة أو هيئة حكومة أو شبه حكومية يُمارس فيها مدراء الموارد البشرية أو أمناؤها العامون أو مساعدو الوزراء ورؤساء الهيئات للشؤون الإدارية والمالية صلاحياتهم في التوظيف، ونراهم يوّظفون أقاربهم وأصدقاءهم في الأماكن التي تزيدهم قوة وتحافظ على بقائهم دون محاسبة أو رقابة فهذا نخرٌ واستفحال للفساد لن يؤدي إلا لفساد أكبر من شأنه أن يُعطل خطط الدولة التي ترمي للإصلاح وتحقيق العدالة في المجتمع! فاصلة أخيرة الأمة التي تُحسن أن تجهر بالحق وتجترئ على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد. عباس العقاد Jaberalmarri2011@gmail.com
4295
| 15 يونيو 2021
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5058
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3693
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
3651
| 24 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2799
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2361
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1506
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1071
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
978
| 21 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
948
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
945
| 23 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
846
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
825
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية