رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هو العلامة المشارك سماحة الشيخ أحمد بن حجر بن محمد بن حجر بن أحمد بن حجر بن طامي بن حجر بن سند بن سعدون آل بوطامي البنعلي. ينتسب إلى قبيلة بني سليم، وموطنهم الأصلي هو حرة بني سليم قرب المدينة المنورة. ثم انتقلوا إلى الإحساء ثم دارين، ثم انتشروا في نواح شتى في شبه الجزيرة العربية وإفريقيا والهند. أما آل بوطامي فقد استقروا في منطقة الزبارة بشمال قطر. لا يعرف على وجه التحديد تاريخ ميلاده، ولكن الراجح أنه ولد حوالي سنة 1335 هـ، الموافقة 1915م. ونشأ نشأة دينية محافظة. بدأ الشيخ في دراسة العلوم الشرعية منذ صغره، حيث حفظ القرآن الكريم طفلا، ثم درس الفقه الشافعي والعقيدة السلفية، ثم سافر إلى الإحساء سنة 1931م لاستكمال دراسته للعلوم الشرعية وعمره حينئذ حوالي 15 عاماً. مكث الشيخ في الإحساء أربع سنوات منقطعاً لطلب العلم على أيدي علماء الإحساء. ثم انتقل إلى قطر، ومنها إلى إمارة رأس الخيمة؛ حيث أقام بها مدة ودرس وأفتى وعمل بالقضاء، وتزوج فيها سنة 1938م من ابنة سالم بن هلال المناعي، وأنجب منها ولدين هما د. حجر ويوسف وبنت واحدة. ثم انتقل إلى الرياض سنة 1956م حيث اشتغل بالتدريس في معهد إمام الدعوة. ولي القضاء الرسمي في رأس الخيمة نحو عشرين سنة، حيث بدأ العمل بالقضاء سنة 1937م في عهد الشيخ سلطان بن سالم القاسمي وكان عمره لا يتجاوز 31 عاماً، وفي عام 1951 أمر الشيخ صقر بن محمد القاسمي بتعيينه قاضياً رسمياً للبلاد واستمر في القضاء حتى سنة 1956 وفي تلك السنة تلقى الشيخ دعوة من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي المملكة العربية السعودية آنذاك ليكون مدرسا في معهد إمام الدعوة بالرياض فوافق الشيخ. وفي عام 1958م عرض عليه ان يتولى القضاء في قطر فهاجر إلى قطر واستقر بها وكان عمره 42 عاماً، حتى طلب الإعفاء من القضاء في عام 1991م. حيث تقاعد وتفرغ للتأليف ونشر العلم. مارس الشيخ التدريس إلى جانب ممارسته للقضاء. فقد قام بالتدريس لطلبة العلم في مجلسه في مدينة المعيريض، وكذلك في رأس الخيمة بمدرسة الهداية، والتي ساهم في تأسيسها. في سنة 1954م توجه مع الشيخ حميد بن محمد القاسمي بتكليف رسمي من الشيخ صقر بن محمد حاكم رأس الخيمةآنذاك إلى حكومتي البحرين والكويت لطلب المساعدة في فتح مدارس حديثة في رأس الخيمة، فاستجابت حكومة الكويت، وأرسلت مدرسين وكتباً. وفي سنة 1956م تلقى الشيخ دعوة من مفتي المملكة العربية السعودية آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ للعمل كمدرس في معهد "إمام الدعوة" بالرياض فوافق الشيخ. كما كان يقوم بالتدريس لطلبة العلم في مجلسه في قطر.تلامذتهعدل تتلمذ على يديه العديد من العلماء والدعاة في رأس الخيمة والرياض وقطر، ومنهم: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ: مفتي المملكة العربية السعودية الحالي. تلقى منه في الرياض وكان فضيلة الشيخ خالد بن أحمد الدرهم: ممن تلقوا منه في قطر وكذلك فضيلة الشيخ عبد القادر بن محمد العماري وفضيلة الشيخ خليفة بن أرحمة الكواري و غيرهمكان الشيخ محبا للقراءة واقتناء الكتب، حتى احتوت مكتبته الشخصية حوالي العشرين ألف كتاب. وصنف العديد من الكتب في مختلف العلوم الشرعية الإسلامية، كالتوحيد، والفقه، وقضايا المجتمع الإسلامي. كما كان محباً للشعر العربي، وألف قصائد في المسائل العلمية وخاصة الاعتقادية، بالإضافة إلى ما ألفه في المسائل الاجتماعية، ولكنه لم يرغب في أن يعرف ويشتهر كشاعر، ولذلك فلم يحتفظ من أشعاره إلا بالقليل. بلغت مؤلفاته الثمانية وعشرين مؤلفاً وافته المنية صباح الثلاثاء الخامس من جمادى الأولى سنة 1423 هـ الموافق 14/6/2002 م عن عمر ناهز الثمانية والثمانين عاماً.
3019
| 30 يونيو 2016
عندما رأى الشيخ يعقوب بن يوسف التميمي كثرة الإشاعات والقدح في نقاء وصفاء عقيدته، وسيرته قرر قطع شجرة الفساد والضلال من جذورها، فأرسل رسالة إلى جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود في 9شعبان 1345هـ وشرح له في خطابة للملك مايعانيه من مشاكل ومتاعب، وأعرب عن حبه للملك وإخلاصه له ، فطلب منه الملك عبدالعزيز التوجه للرياض لمقابلة المشايخ ، بناءً على خطاب وجهه -رحمه الله-برقم 286 وتاريخ 29 شعبان 1345هـ مشيراً عليه بمقابلة المشايخ ، جاء فيه: (إن شاء الله بعد رمضان توكل على الله وأقدم إلى الرياض، ولابد أنك تتقابل مع المشايخ، وتبين ماعندك من أمر العقيدة ).في عام 1345هـ توجه إلى الرياض، وقد رافقه في هذه الرحلة صديقه الشيخ مبارك الجناعي(أبن عم المؤرخ الكويتي الشيخ يوسف الجناعي)وذلك لمقابلة المشايخ والعلماء، واجتمع بهم وناظرهم في المسائل والأمور الشرعيه، واستطاع كشف تلك الملابسات وتناقش معهم في تلك الأمور وما يتعلق بأنواع العبادات والشرك وعن التهم التي نسبت له، من المغرضين والمتعصبين الجهله، وبعد وقوفهم على الحقيقه، زالت ولله الحمد الشكوك والشبهات وثبت لهم بما لايدع مجالاً للشك أنه متمسك بالعقيدة الإسلامية التي لا غبار عليها، وأصدروا قراراً شرعياً، بأنهم لم يجدوا أي مأخذ أو طعن في عقيدته، وصدر ذلك القرار عن فضيلة الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ والشيخ سعد بن حمد بن عتيق. وعلى إثر هذا القرار الشرعي الصادر عن أولئك المشايخ والعلماء الأعلام، وجه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل بياناً ، برقم 9 وتاريخ 16 شوال 1345هـ وخلاصته: (من قبل الشيخ يعقوب، وصل إلينا وتقابل مع الشيخ، والحمد الله الذي أظهر من عقيدته إنها عقيدة السلف، والمذكور من أعز طوارفنا ، فيكون إن شاء الله أن جميع طوارفنا يعزونه ويكرمونه). وبذلك سقطت الأقنعة عن تلك الوجوه التي تعمل في الظلام من أجل الفتنة، وزادت مكانة الشيخ يعقوب لدى الملك عبدالعزيز، وارتفعت درجته ومكانته في نفوس رجالات ووجهاء الجبيل من محبيه، فكان مجلسه محطاً ومرجعاً للوعظ والإرشاد والإفتاء لكل زائر، وطالب علم أو مستفيد من علمه الجم.وعندما وصل إلى الجبيل بعد مقابلته للمشايخ والعلماء والأعلام، وما تم من تلك المقابلة الحاسمة، عمت الفرحه قلوب أهله وأصدقائه ومحبيه، واستقبلوه بالحفاوة والتكريم.بعد ذلك بادر برفع خطاب إلى الأمير عبدالله بن جلوي أوضح له به مدى الحفاوة والتكريم الذي قابله به الملك عبدالعزيز، وما تم بعد مقابلة المشايخ وعن القرار الذي صدر في حقه منهم وقد خلف الشيخ مجموعة من المخطوطات قد بلغت بعضها المائتي صفحة ومن أشهرها مخطوطة الفتح المبين في من أوجب تعلم اللغة الأجنبية، وقد توفي الشيخ في عصر يوم الجمعة 20 صفر 1375هـ وقام بتغسيله : راشد الخاطر وحسن البوعينين ودفن بعد صلاة العشاء رحم الله الفقيد رحمة واسعة بعد أن قضى حياته في العلم .
3191
| 29 يونيو 2016
هو العلامة الشيخ يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن حسن بن حسين بن راشد بن مرشد التميمي قاضي مدينة الجبيل ومفتيهم ومعلمهم في زمن الملك عبد العزيز آل سعود رحمهم الله ولد في مدينة الغارية شمال دولة قطر من عام 1297هـ ونشا في حضن الدين والأدب فوالده الشيخ يوسف قد اشتهر بعلمه و إجادته لتلاوة القران الكريم،وكانت قطر في تلك الفترة التي ولد فيها تشهد أوضاعا سياسية وأمنية مضطربة نتيجة الصراع الأنجلو عثماني لبسط النفوذ على سواحل الخليج العربي واستمر هذا الوضع إلى أن انفرد الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني بحكم قطر قرابة عام 1303 هـ. بعثه والده إلى الأحساء وهو ابن اثنتي عشرة سنة لطلب العلم فتتلمذ الشيخ يعقوب في مدرسة الشيخ أبي بكر بن محمد ابن الشيخ عمر الملا وقد كانت الأحساء في ذلك الوقت منارة من منارات العلم والثقافة وبها العديد من المدارس وأهل العلم فأخذ من مدارسها وعلمائها وكانت المدارس تتكفل بمصاريف تلامذتها عن طريق التجار أو بيوت العلم التي كان أهلها من أصحاب العلم والفتوه فيتكفلون بمصاريف الطلاب ابتغاء لوجه الله تعالى ثم واصل رحلته إلى العراق فدرس على يد علماء البصرة ثم رحل إلى بغداد والتحق بمدرسة الشيخ فؤاد الآلوسي وقضى مدة غير قصيرة حتى برع في علم الحديث والتفسير واللغة وتخرج فيها عام 1324هـ ثم انتقل لمصر ودرس في الأزهر الشريف وناضر علماءها وأخذ عنهم ثم واصل رحلته الميمونة إلى تركيا اسطنبول وأخذ إجازة علمية من شيخ الإسلام في تركيا بأن له حق القضاء والإفتاء ثم سافر إلى كردستان في مدينة السليمانية وأجاد اللغة الكردية وقد شرح بعض الكتب باللغة الكردية ثم انتقل لبلاد ما وراء النهرين وبالتحديد إلى بخارى و طاشقند وناضر علماءها وأخذ منهم ثم عاد إلى مسقط رأسه قطر فأصبح بها أستاذا مربيا و مرشدا بجامع الوكرة فعين قاضيا بأمر من الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني وتتلمذ على يده جماعة من أهل العلم منهم الشيخ عبد الله بن صالح الخليفي و صالح بن عبد العزيز الخليفي وقد انبهر به الجميع لسعة علمه وتخصصه في أكثر من مجال سواء في الشريعة أو الأدب أو اللغة وأصبح مرجعا للفتوى في قطر وعمان والكويت وأجزاء من شرق المملكة العربية السعوديةسافر إلى الجبيل مع قبيلة البوعينين فلما استقر في الجبيل أصدر الإمام عبدالعزيز رحمه الله أمره السامي بتقليده شؤون القضاء وحل مشاكل البلد بمشاركة الشيخ الفاضل المرحوم (محمد البواردي) حيث جرى تكليفهما ،بموجب الخطاب رقم 1947 هـ وتاريخ 26 ذو القعدة 1348هـ وقد ورد فيه : (أنتم على مرتبتكم التي جعلناكم بها ،وكذلك البواردي ، على مرتبته التي جعلناه بها ، وان حدثت مشكلة، فتجمعون جميعاً وتنهون ذلك، اعتمدوا ذلك واحرصوا عليه).في 13 شعبان 1356 هـ عين مديراً لأول مدرسة ابتدائيه نظامية تابعة للمعارف افتتحت في الجبيل والتي غرفت باسم مدرسة الجبيل الاميرية، كما تم تعيين الشيخ محمد بن سليمان الشريم معلما بالمدرسة ومن بعدهم الشيخ ثاني بن منصور البوعينين وغيرهم.كما وكانت هناك تعليمات سامية أخرى تتعلق بالمسائل الشرعية والجمارك وشؤون أخرى، فقد ورد في المادة 3 من تلك التعليمات:(اذا كانت المشكلة في أمر البلد فيتجمع الشيخ يعقوب، والشيخ البواردي ،ويحلان المسألة ).في 1366/7/13 هـ رشح لقضاء القطيف والدمام بناء على طلب فضيلة الشيخ محمد بن عبداللطيف قاضي القطيف والدمام بموجب الخطاب الذي وجهه لسمو أمير المنطقة الشرقية سعود بن جلوي رحمه الله رقم 752 وتاريخ 1366/7/13 هــ لكنه اعتذر عن ذلك نظراً لتقدمه في السن وانشغاله في أمور التعليم في الجبيل وفي 1372/7/24هــ أنيطت به مهمة القيام بالوعظ والارشاد في الجبيل.
8595
| 28 يونيو 2016
كان الشيخ إبراهيم بن عبد الله الأنصاري - رحمه الله - كثير التوكل على الله، ذا عقيدة صالحة بأن الله يسهل له ما يقصد، وفعلًا لم يضق به عيش ولله الحمد طيلة حياته. وكثيرًا ما يكون قلقًا بعد صلاة المغرب إذا لم يطرق بابه طارق، ولم يأته ضيف فيؤخر العشاء إلى ما بعد العشاء، فلربما يسوق الله له ولأسرته ضيفًا حتى يهنأوا بعشائهم.وقد عاش كذلك طيلة حياته، ومجلسه مأوى لكل قادم، وعلمه معروض لكل سائل، وما له لا يبخل به فقير أو مستجير، أو عابر سبيل لم يخلف مالًا، وإنما خلف سمعة طيبة طوت الآفاق وعمت الأمصار في شبه الجزيرة، وعرفه أهل البادية والحضر، ووقروه واحترموا رأيه وقراره فيما كان يعرض عليه للقضاء.كان- رحمه الله- طاقة كبيرة في الكرم وحب الناس وسعة الصدر، وطيب القلب، وحسن النية والطوية هكذا كان إلى أن توفاه الله في اليوم الثامن من شعبان عام 1380هـ.. رحمه الله رحمة واسعة".وكان رحمه الله عالمًا بالفقه، يفتي على المذاهب الأربعة، وعالمًا باللغة أيضًا.. والفلك.. وبارعًا شديد البراعة في المواريث، تبهر براعته جميع من عرفه.ويُذْكَرُ أنَّه رحمه الله حلَّ مسألة من مسائل المواريث المعقَّدة، والتي أخذ فيها أحد العلماء يومين في مجلس واحد، وكانت حُملت من فارس إلى الأزهر الشريف لحلها، فراح كل عالم يحيلها على آخر لصعوبتها، ثم أخذها أحدهم وعكف عليها لمدة يومين، وفي طريق عودة حاملها إلى فارس نزل بالشيخ إبراهيم، فلما رأى المسألة حلَّها في مجلس واحد.وقد تولى القضاء لحاكم قطر الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله، ومن بعده ابنه الشيخ عبد الله آل ثاني، فالشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، ثم الشيخ أحمد بن علي آل ثاني، إذ توفي في عهده رحمه الله.وروى لي الوالد علي بن عبد العزيز المهندي أطال الله عمره مواقف عديدة للشيخ الأنصاري - رحمه الله.وبقي الشيخ إبراهيم قاضيًا للناحية الشَّمالية من دولة قطر، طيلة حياته، وكانت له مواقف جلية تبين علاقته الطيبة بالحكام، وصواب آرائه الفقهيَّة على مذاهب أهل العلم لا على مذهبه فقط، ومن ذلك موقفه في قضيَّة الوالد عبد الله القلَّداري رحمه الله، والتي تبيِّن وقوفه على حد الحق للحق، وأنَّ اختلاف آراء العلماء لا يفسد للوداد بينهما أي قضيَّة، وموقفه في قضيَّة الشِّيخ محمد بن قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله، وسماحة الوالد الشَّيخ محمد بن مانع رحمه الله تعالى. فقد كان الوالد القلداري قد سافر في تجارة، وغابت أخباره لمدة خمس سنوات، فحكم سماحة الوالد الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود بجواز تزويجها، وبعد خمس سنوات عاد القلداري، فأبدت زوجته رغبة في العودة إليه، واختار سماحة الوالد الشيخ ابن محمود رأي أهل العلم الذي يبني خمس سنوات من الغيبة، فلما روجع الشيخ إبراهيم في القضيَّة، حكم برجعة الزوجة إلى زوجها الأول إن رغبت، وبنى على رأي الحنبلية في الرجعة والذي يقضي على أنَّه إن رجع المفقود قبل أنْ يبلغ الستين فالزوجة زوجته إن أراد، فلما راجع سماحة الشيخ ابن محمود الجد، قال: "أنا شافعي.. وعندنا يرتقب الرجل حتى يصل التسعين، وقد حكمت على مذهب ولاة الأمر في قطر، مذهب الإمام ابن حنبل"، وأحالهم إلى كتاب كان موجودًا في المجلس في الفقه الحنبلي، وأشار إلى الجزء والصفحة، وهو لم يمسك الكتاب في المجلس.وللشيخ إبراهيم قصائد علمية متعددة، وتصانيف عدة، فمن قصائده قصيدة بديعة في ترتيب سور القرآن، ونظم آخر في ترتيب الطوالع والبروج، وآخر في عمليات حساب موافقات السنين الهجرية للميلادية.ولم يكن للشيخ إبراهيم من الذكور إلا الشيخ عبد الله الأنصاري، وقد كان رحمه الله يقرظ الشعر أيضًا، إلا أن والده نهاه عن ذلك فانتهى عنه، ولكن علاقته بالأدب العربي لم تنتهِ.
4299
| 27 يونيو 2016
سافر الشيخ إبراهيم الأنصاري - رحمه الله - عام 1344 ه من بندر (مغوه) إلى دبي في سفينة كان قصدها دبي، حيث بقي بها ثلاثة أشهر ثم تابع الخان طلب رجوع الشيخ، فرجع إلى لنجة وبقي بها أيامًا يسيرة أوصل فيها أهله إلى جفر مسلم، ثم توجه إلى البحرين وأنا معه وكنت في سن التاسعة آنذاك، ثم توجه بحرًا، ثم إلى قطر.وفي اليوم الثاني ونحن في البحرين، وكان ذلك إبان حكم حياة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة - رحمه الله - وعلم الوالد أنه يجلس في المحكمة، بجوار سوق الخميس يستقبل الناس، فذهب إليه وكنت معه، وسلم وسلمت عليه، وسأل الوالد بعد أن قبلني:هل هذا ابنك؟ فأجابه الوالد - رحمه الله -: نعم، فدعا لي - رحمه الله - بالبركة، وأذكر فيما أذكر أن الشيخ عيسى - رحمه الله كان قصير القامة كث اللحية أبيض اللون مشربًا بحمرة، عليه وقار، يحمل العصى ويلبس البرقاء والشطفة وغترة الشال، وكان معه ابنه حمد - رحمه الله - أطول رجل في آل خليفة، حنظي اللون، يميل إلى السمرة، مهيب في مظهره، طيب في خلقه، يحترم والده، ويمشي خلفه.يقول - رحمه الله - نزلت مع والدي الشيخ من السفينة إلى السوق، وكان مزدحمًا بالناس وأذكر أنني لشدة الزحام انقطعت من الوالد وضعت منه، وبحثت عنه فلم أجده، فرجعت إلى طريقة يسيرة، وهي أن أذهب إلى السفينة ليكون فيها الملتقى، وفعلًا رجعت إليها، وكانت هذه السفينة ملكًا لأحد القطريين من الخور فذهبت إلى السفينة وتلقاني فيها أحد القطريين فأخذ بيدي ووجدني متكدرًا، تكاد العبرات تحنقني وسألني عما بي فأخبرته بأنني تهت وانقطعت عن الوالد، فأجابني: الحمد لله أن وصلت السفينة، فأخبرته بأنني متكدر من أجل الوالد فقال لي: بارك الله فيك هذا الوالد قد وصل وإذا بالوالد - رحمه الله- فيما أن رآني حتى ضحك ضحكة الفرح ونزل إلى السفينة وقبلني، وطال الوقت.وفي المساء سافرنا إلى الخور بنفس السفينة.عدنا إلى الخور، وتلقانا الجماعة بها بالبشر والترحاب، وكانت إقامتنا في مجلس صالح بن أحمد بومطر مدة ثلاثة أشهر، ولعل القارئ يذكر الصلة التي بين الوالد وبينه من الفصل الأول وهو زوج الرضيعة شيخة.ثم تزوج الوالد - رحمه الله - والدة محمد بن عثمان وانتقل إلى البيت الذي تسكنه واشترى هذا البيت وصار ملكًا له.استقام رحمه الله بالخور بعد أن تزوج وكان قاضيًا بها، وكانت الخور آنذاك تعتبر بمثابة العاصمة الثانية بعد الدوحة، وكانت تتبعها قرى وبلدان عديدة عامرة بالناس من مختلف القبائل.كان يعمل قاضيًا شرعيًا، وبدون مقابل، ولم يكن له مرتب من الدولة ولم يطمع في ذلك، وإنما كان عمله تطوعًا منه، تحال إليه القضايا من حاكم البلاد الشيخ قاسم بن ثاني.
4825
| 26 يونيو 2016
في السجن كانت فترة من أعصب فترات حياته، إذ كان الامتحان قاسياً، فما أن وصل إلى السجن حتى أمر الأمير بما يأمر به الظالمون دائماً:قللوا عنه الطعام والشراب..وأنى لهم ينالوا من جبل أشم يستعين بربه..كناطح صخرة يومـاً ليوهنهـافلم يضرها وأوهى قرنـه الوعـلو بدأت المساومات.. ارجع يا شيخ عما قلت.. احكم للأمير تكن من جلسائه والمقربين إليه.. تنال الخير وكل يوجه نصيحته بهذا القول.وكان رحمه الله يضحك، وحدث مرة أن سأله الأمير:كيف تضحك وأنت فيما أنت فيه من الإذلال؟ويجيبه الشيخ: أضحك عجباً، على أمير في مقامك يحاول بالباطل ليدحض به الحق، طلبك هذا مستحيل ولن تناله مني أبداً- وقد شاهدته بعيني بصيري وكنت أبكي وأنا صغيراً آنذاك ولكن لم تلن قناته إلا أنه كان يكثر من قوله حسبنا الله ونعم الوكيل.ولما يئس الأمير منه، أمر بشده بالحبال على الخشب وهو واقف، وهذا هو أسلوب الظالمين في كل زمان ومكان، وكان الشيخ يردد بصوت عال ليسمعه كل من يسمع وهو مشدود بالحبال: اعمل ما تريد.. فوالله لا تجدني راجعاً عن الحم بما أنزل الله، أما أنت فجزاؤك عند الله. إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.وقد بقي في السجن سبعة أيام، وشاع الخبر في القرى والمدن القريبة ولم يقف شقيق الشيخ- رحمهما الله مكتوف الأيدي أمام هذه النازلة، فذهب مع المدعي إلى الخان وقدما شكاية، فاهتم بالأمر وأرسل سبعاً من رجالات الدولة إلى (جفر مسلم) وقد شاع الخبر في الناحية قبل حضور رجال الدولة، فاطلق الأمير سراح الشيخ خوفاً من سطوة الخان.وعند عودة الشيخ إلى البيت نادى زوجته وأمرها يجمع كل الأغراض لفراق هذه البلاد التي يهان فيها المسلم العادل، وةيعتدي فيها على الحرمات..وأرسل صديقاً له يدعى أحمد ملا حسن إلى ميناء (مغوه) ليبحث له عن سفينة يفارق بها هذه البلاد..وفي صبيحة اليوم الثاني أمر بتحميل الأغراض الخفيفة وأبقى ما ثقل حمله عند العم أحمد وقسم البعض على محبيه، وسار الركب إلى (مغوه) وبات الجميع بها..أما ما كان من أمر رجالات الدولة الذين أرسلهم الخان إلى الأمير، فقد وصلوا إلى (جفر مسلم) وبدأ التحقيق، وتنصل الأمير عما فعل، وأخبرهم بأنه قد سجن الشيخ لأنه تطاول عليه وسبّه ، وليس من أجل الحكم. وكان الخان قد وصاهم بتنفيذ الحكم حالما يصلون، فوقفوا على مجرى الماء ونفذوا الحكم على ما حكم به الشيخ، ثم توجهوا إلى (مغوه) ومعهم الأمير وطلبوا من الشيخ الرجوع، ولكنه رفض وأصر على الفراق، وأخبرهم بأنه قد عاهد الله على السفر، ولا يستطيع نقض العهد. وأمام إصرارهم خاطبهم قائلاً: بلغوا الخان خاص تحياتي وجزيل سلامي، وأفهموه انني سوف أحقق عن قريب إكراماً له، أما الآن فلا يمكنني نقض عهدي مع الله..وقد كتبت فيما بعد رسالة إلى الخان، شكره فيها ودعا له بالتوفيق والسداد في إقامته حكم الله وتنفيذ شريعته.وسافر الشيخ إلى حيث عزم.. إلى الجزيرة العربية.
612
| 25 يونيو 2016
أخلاقه كان الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن الأنصاري -رحمه الله- صعب المراس في تمسكه بالحق وله في هذا المجال قصص تروى ..من ذلك ما حدث له مع أمير منطقة (جفر مسلم) حيث حصل خلاف بين أمير المنطقة وأحد الأهالي على مجرى ماء النخيل، وكان صاحب الحق هو الضعيف، فحاول أن يأخذ حقه من الأمير فلم يستطع فشكاه إلى الخان (وهذه وظيفة كان يتبعها أمراء المناطق) فكتب الخان إلى الأمير يبصره بالشكاية التي رفعها له صاحبه بخصوص الشجار على مجرى الماء، وأنه لا بد له (أي الأمير) أن ينطلق هو وصاحبه إلى الشيخ إبراهيم الأنصاري ليحكم بينهما، فأرسل الأمير الخطاب إلى الشيخ إبراهيم، الذي قام فوراً ومعه ثلاثة من المحكمين من كبار أهل البلاد إلى مكان الخلاف وعاينوه على الطبيعة، وتأكد لهم جميعاً أن الأمير غير محقٍ، وأنه متعد على صاحبه، إلا أن الأشخاص الثلاثة اعتذروا عن إبداء رأيهم علناً، خوفاً من سلطة الأمير وسطوته، فكتب الشيخ إبراهيم الحكم وسلمه بيد المدعي الذي حمله بدوره إلى الأمير، وما أن قرأه الأمير حتى طاش غضباً، وأخذته العزة بالإثم، وأرسل بعض جنوده إلى الشيخ إبراهيم، فأتوه وهو يقرأ القرآن وناداه كبيرهم: يا شيخ إبراهيم: الأمير يدعوك.فأجاب: حالاًوأخذ عباءته وتوجه إليه، وما أن وصل مجلسه حتى بادره بالكلاميا شيخ إبراهيم هل أنت الذي حكمت لمدالي (يعني لمحمد علي)؟فأجابه: هذا حكم الله الذي حكم به الشرع، وليس حكمي أنا.قال الأمير: أنت مفتر في حكمكفأجابه: الحكم بيدك، أرسله إلى من شئتقال الأمير: لن أرسله، ولن أنفذ حكمكقال الشيخ: بهذا تكون قد عصيت الله وما كانت معصيتك لشخصي أنا..قال الأمير: لا تكثر الكلام وإلا سجنتكقال الشيخ: إذا تكون قد ارتكبت معصية ثانية وهيي أنك تظلم من نصحك بالحق، وبهذا تكون من الأمراء الجائرين..قال الأمير بعصبية: خذوه إلى السجن..كان الوالد الشيخ وقوراً، مهيباً وكانت هذه الهيبة تدخل قلب كل من رآه ولو لأول مرة،ولذلك تهيب الجنود في تنفيذ أمر الأمير، وتحيروا فانقذهم الشيخ بكلمة قالها:- من يدلني على السجن.. سأذهب إليه وحدي.. لأنني أدرك تمام الإدراك أنه لن ينفذ أحد أمرك هذا.. وبذلك فإنك تثير الفتنة والشر بيني وبين جنودك.. بيدك القوة، ولكن لا تنسى أن الله أقوى منك.وانتفض قائماً فتلقاه أحد الجنود ليمسك يده، فجذب يده منه وكانت بيده مسبحة انفكت وانفرط عقدها وتناثرت حباتها. وقد قيل فيما بعد ذلك أن بعض الحبات وجدت على بعد أربعين متراً من المجلس.يقول- رحمه الله- في هذه الحادثة: هنا قدرة إلهية لاشك. لا أزال أحمد الله عليها.. فقد كان يستطيع أن يأمر الجنود بالقبض عليّ، ويكون ما يكون ولكن الله أدخل في قلبه الخوف والوهن والرعب، فكان أكثر ما ردده: يا حسون ، اذهب معه ودله على السجن.
1319
| 24 يونيو 2016
نواصل ذكر جوانب من حياة العلامة الشيخ إبراهيم الأنصاري ، يقول -رحمه الله- تذكرت والدتي وأخي وعشيرتي وأصدقائي وإخواني، فاشتاقت نفسي لزيارتهم، فعزمت على السفر بعد التوكل على الله، ركبت المركب إلى دبي ومنها توجهت إلى لِنجة، وكانت هذه الرحلة من أعز الرحلات في حياتي، إذ كان بي شوق مفعم لطلب العلم وللقاء عالم جليل هناك ذاع اسمه في الساحل كله وشبه الجزيرة العربية، كان هذا العالم يدعى عبد الرحمن (سلطان العلماء) فما وطأت قدماي أرض بندر لجنة حتى سألت عن صاحبي هذا فأرشدوني إليه، وبقيت عنده شهراً كاملاً، إذ أنساني علمه، وفضله، الأهل، والمقصد الذي من أجله رحلت من الخور، وبعد ذلك استأذنت لزيارة والدتي وأخي وعشيرتي، فأذن لي بذلك بعد أن مد لي يد المساعدة ثم قال: (سوف ترجع إن شاء الله، وتدرك الخير، وأخر الزواج إلى العام المقبل) فشعرت بهذه الكلمة من سيدي وشيخي تشق قلبي وعقلي، إذ كانت تعبيراً صادقاً عن فراسة الإيمان وكرامة الصالحين، لأنني كنت قاصدا الزواج حال وصولي إلى أهلي . وكان ذلك سر لا يعلمه إلا الله تعالى، فما أن سمعت عبارة الشيخ، حتى أيقنت أن النفس لا بد من كسر جماحها عما تشتهي .. وأخيراً سافرت إلى (جفر مسلم) والتقيت بالوالدة والأخ والعشيرة وبقيت هناك عشرة أيام وأشارت الوالدة والأخ والأقارب عليّ بالزواج، ولكنني تريثت قليلاً وقلت لهم: بعد رجوعي إن شاء الله. ... وعدت إلى لنجة، إلى شيخي، وأستاذي .. ومَنَّ الله عليَّ بالفتوح والإدراك .. فأقبلت على العلم ألتهمه التهاماً، ولم تمض شهور قليلة حتى كنت المقدم في الدرس، وسمعت عبارة من الشيخ يقول لأحد طلابه: (إذا أشكل عليكم معنى، فاسألوا الملا الأنصاري).وكانت هذه هدية كبرى من الشيخ لي .. ومكثت في الدراسة بعد ذلك سنة ونصف سنة واستأذنت الشيخ في السفر لزيارة الأهل، فقال لي الشيخ، (إن شاء الله موفق .. وتتزوج بامرأة صالحة، وتنجب منها وتقر به عينك، وتنفعك في الدنيا والآخرة، ويحيى ذكرك). فاعتبرت هذا القول بمثابة الاستخارة. ... ورجعت إلى الوالدة والأهل، حيث مكثت سبعة أيام، ثم خطبت لي والدتي، وكان هذا الزواج من أبرك وأسهل المطالب في حياتي وإليكم السبب:لم يكن عندي ذلك اليوم مهراً أدفعه، ولا مالاً أنفقه ولم أُصلِّ المغرب مساء ذلك اليوم إلا وقد وصلني من جهات متعددة مساعدات أكثر من حاجتي، مساعدات من الطعام والدراهم والثياب، فكانت منة من الله تعالى أسداها إلى عبده الفقير. أوزعني الله شكر نعمته. ثم بقيت أكثر من ثلاثة أشهر رجعت بعدها إلى لنجة، ولكنني لم أستطع التفرّغ للدراسة، فرجعت إلى الأهل بعد أربعة أشهر، وأخذت الكتب معي، لأدرس فيها حيثما أقيم.وكانت فترة من أحسن فترات عمري ما راجعت درساً أو قرأَت كتاباً إلا ورسخ في حفظي وذهني أكثر أحكامه وعباراته.وكان شيخي -رحمه الله- قوي المحافظة، قلما يحتاج إلى مسألة إلا ويقول: انظر في كتاب كذا، وفي باب كذا، بل وربما حدد الصفحة جهة اليمين أو اليسار، من فوق أو من تحت، وكان لهذا أكبر الأثر في نفسي وتعلقي به ـ رحمه الله رحمة واسعة.وقد بقيت في فارس نحواً من ست سنوات، ثم أحال لي أستاذي -رحمه الله- بعض حالات التحكيم للفصل فيها، كما أباح لي الإفتاء في المسائل بالمنطقة التي كنت أسكنها، ثم نُصِّبْتُ لتعليم القرآن فترة من الزمن إلى أن شاء الله أن رحلت بعد ذلك إلى حيث المستقر في أرض قطر ... في الخور.
855
| 23 يونيو 2016
نواصل ذكر جوانب من حياة العلامة الشيخ إبراهيم الأنصاري ، يقول -رحمه الله- تذكرت والدتي وأخي وعشيرتي وأصدقائي وإخواني، فاشتاقت نفسي لزيارتهم، فعزمت على السفر بعد التوكل على الله، ركبت المركب إلى دبي ومنها توجهت إلى لِنجة، وكانت هذه الرحلة من أعز الرحلات في حياتي، إذ كان بي شوق مفعم لطلب العلم وللقاء عالم جليل هناك ذاع اسمه في الساحل كله وشبه الجزيرة العربية، كان هذا العالم يدعى عبد الرحمن (سلطان العلماء) فما وطأت قدماي أرض بندر لجنة حتى سألت عن صاحبي هذا فأرشدوني إليه، وبقيت عنده شهراً كاملاً، إذ أنساني علمه، وفضله، الأهل، والمقصد الذي من أجله رحلت من الخور، وبعد ذلك استأذنت لزيارة والدتي وأخي وعشيرتي، فأذن لي بذلك بعد أن مد لي يد المساعدة ثم قال: (سوف ترجع إن شاء الله، وتدرك الخير، وأخر الزواج إلى العام المقبل) فشعرت بهذه الكلمة من سيدي وشيخي تشق قلبي وعقلي، إذ كانت تعبيراً صادقاً عن فراسة الإيمان وكرامة الصالحين، لأنني كنت قاصدا الزواج حال وصولي إلى أهلي . وكان ذلك سر لا يعلمه إلا الله تعالى، فما أن سمعت عبارة الشيخ، حتى أيقنت أن النفس لا بد من كسر جماحها عما تشتهي .. وأخيراً سافرت إلى (جفر مسلم) والتقيت بالوالدة والأخ والعشيرة وبقيت هناك عشرة أيام وأشارت الوالدة والأخ والأقارب عليّ بالزواج، ولكنني تريثت قليلاً وقلت لهم: بعد رجوعي إن شاء الله. ... وعدت إلى لنجة، إلى شيخي، وأستاذي .. ومَنَّ الله عليَّ بالفتوح والإدراك .. فأقبلت على العلم ألتهمه التهاماً، ولم تمض شهور قليلة حتى كنت المقدم في الدرس، وسمعت عبارة من الشيخ يقول لأحد طلابه: (إذا أشكل عليكم معنى، فاسألوا الملا الأنصاري).وكانت هذه هدية كبرى من الشيخ لي .. ومكثت في الدراسة بعد ذلك سنة ونصف سنة واستأذنت الشيخ في السفر لزيارة الأهل، فقال لي الشيخ، (إن شاء الله موفق .. وتتزوج بامرأة صالحة، وتنجب منها وتقر به عينك، وتنفعك في الدنيا والآخرة، ويحيى ذكرك). فاعتبرت هذا القول بمثابة الاستخارة. ... ورجعت إلى الوالدة والأهل، حيث مكثت سبعة أيام، ثم خطبت لي والدتي، وكان هذا الزواج من أبرك وأسهل المطالب في حياتي وإليكم السبب:لم يكن عندي ذلك اليوم مهراً أدفعه، ولا مالاً أنفقه ولم أُصلِّ المغرب مساء ذلك اليوم إلا وقد وصلني من جهات متعددة مساعدات أكثر من حاجتي، مساعدات من الطعام والدراهم والثياب، فكانت منة من الله تعالى أسداها إلى عبده الفقير. أوزعني الله شكر نعمته. ثم بقيت أكثر من ثلاثة أشهر رجعت بعدها إلى لنجة، ولكنني لم أستطع التفرّغ للدراسة، فرجعت إلى الأهل بعد أربعة أشهر، وأخذت الكتب معي، لأدرس فيها حيثما أقيم.وكانت فترة من أحسن فترات عمري ما راجعت درساً أو قرأَت كتاباً إلا ورسخ في حفظي وذهني أكثر أحكامه وعباراته.وكان شيخي -رحمه الله- قوي المحافظة، قلما يحتاج إلى مسألة إلا ويقول: انظر في كتاب كذا، وفي باب كذا، بل وربما حدد الصفحة جهة اليمين أو اليسار، من فوق أو من تحت، وكان لهذا أكبر الأثر في نفسي وتعلقي به ـ رحمه الله رحمة واسعة.وقد بقيت في فارس نحواً من ست سنوات، ثم أحال لي أستاذي -رحمه الله- بعض حالات التحكيم للفصل فيها، كما أباح لي الإفتاء في المسائل بالمنطقة التي كنت أسكنها، ثم نُصِّبْتُ لتعليم القرآن فترة من الزمن إلى أن شاء الله أن رحلت بعد ذلك إلى حيث المستقر في أرض قطر ... في الخور.
1218
| 22 يونيو 2016
هو العلامة الفرضي الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن علي الأنصاري، ويرجع نسبه إلى التابعي الجليل سعيد بن سيدنا قيس بن سيدنا سعد بن عبادة، فهو ساعدي من بني كعب الخزرجيين، فهو حفيد أحد سادة الأنصار، سيدنا سعد بن عبادة. وقد نزل الشيخ قطر في أوائل حياته وهو شاب لم يبلغ الحلم بعد، قبيل عام (1878م) تقريبًا، وعمره آنذاك أربعة عشر عامًا، وأمَّ الناس للصلاة فيها.. ثم تولى القضاء فيها.. واستقر فيها إلى أنْ توفي رحمه الله. يقول الشيخ عبد الله الأنصاري عنه في كتاب الشَّيخ إبراهيم الموسوم (بإرشاد الحيران لمعرفة آي القُرآن): "مولده وطفولته الأولى ولد المرحوم الشيخ إبراهيم... في اليوم السابع من شهر رجب عام 1298هـ، بقرية تسمى (جفر مسلم) بساحل فارس... وعند ولادته -رحمه الله- كان يتولى هذه القرية المرازيق، وهي فخيدة من العجمان... نشأَ -رحمه الله- وترعرع، وسط هذا الجو الديني الرحب بهذه القرية، وكان له شقيق يدعى أحمد... -رحمه الله-, وقد درس الوالد -رحمه الله- القرآن وهو صغير، وبدا شغوفاً بالعلم من صغره إلى أن بلغ التاسعة من عمره، حيث فجع بوفاة والده رحمه الله.وقد قامت أمه -رحمها الله- بكفالته، وتربيته رغم ما كانت فيه من فقر، إلا أن الله لا ينسى أبداً عباده، فمرت عليه هذه المرحلة من العمر بسهولة ويسر. وكان يجلس أمام بيت والده، فإذا مرّ به أحد من أهل العلم والمعرفة، طلب منه أن يستمع إليه، وقام يقرأ عليه السور التي يحفظها من القرآن الكريم. وقد كانت دراسته الأولى على الشيخ محمد علي مدالي، ولكنه كان نجيباً يسبق ذكاؤه سنه، ولاحظ أن المطوع كان عييّاً، لا ينطق بكثير من الكلمات نطقاً صحيحاً، لذلك استأذن والدته في الرحيل طلباً للعلم، في قرية تسمى (جناح) وهي بلدة مشهورة بحفظة القرآن، فلقي هناك عدداً من الحُفَّاظ، وأم المسجد فوجد حلقات للدرس ذات سعة فمكث هناك أكثر من عام، حيث ختم القرآن الكريم، وحفظ كثيراً من السور، وكان بهذه القرية شيخ مسنٌّ يدعى ملا حسن عبد الله، أخذ يعلمه القراءة والكتابة على طريقة أبجد، فكان يكتب حيناً على ورق، وأحياناً على الخشب أو على الأرض، حيث كان يجلس معه معلمه ويصحح له..هكذا نشأ ـرحمه الله ـ مغرماً بحب العلم، حتى بلغ الرابعة عشرة، فسافر إلى دبي بصحبة عدد من المسافرين، وبقي بها أياماً، ولكنه كان في معزل عن جماعته، لأن بضاعته غير بضاعتهم وطلبه غير مطلبهم، فهم من رجال البحر الباحثين عن المال في قعر البحر بين محارات اللؤلؤ، وهو باحث عن العلم بين أطناب الكتب وأفواه الرجال، وشتان بين مطلبه ومطلبهم ..
1344
| 21 يونيو 2016
كان للشيخ موقف بارز من الانتداب البريطاني الذي فرض في تلك الفترة على المنطقة ، فقد كان الشيخ مترسما عقيدة الولاء والبراء التي تنطلق من قوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين))، فاتخذ الشيخ موقف المقاطعة من كل ما يمت إلى هذا الانتداب بصلة يجاهر بذلك ويدعو الناس إلى مقاطعتهم فيذكر الدكتور عبدالله الطابور أن الشيخ أثناء زيارته للشارقة " كان حين يمر أمام بيت الوكالة لا يعير من فيه أي اهتمام ولا يسلم على أحد من أعضائه" فلذلك قام الإنجليز يبادلونه العداء ويطاردونه بعد أن علموا بنزوحه من الشارقة إلى أم القيوين وجلس ضيفا على الشيخ راشد بن أحمد المعلا فأرسلوا مركبا حربيا إليه وطلب قائد المركب تسليم الشيخ المرزوقي، فرفض شيخ أم القيوين وأصر على ذلك مما حدا بقائد المركب بقصف قلعة أم القيوين وأصابها بأضرار، فما كان من الشيخ المعلا إلا أن أمر بالرد بالمثل فجهزت مدافع القلعة الموجودة لديه من أيام العثمانيين فأصابت المركب بأضرار اضطرت قائد المركب إلى الرضوخ والانسحاب بعد إصلاح مركبه. وأما مؤلفات الشيخ فقد اشتهر للشيخ كتاب أسماه "أربح الفوائد في أرجح المقاصد" قام فيه بجمع مراسلاته مع بعض علماء عصره بالإضافة إلى مجموعة من القصائد في العقيدة والدفاع عنها كما استدل ببعض الكتب والمنظومات الشعرية للأئمة والعلماء، مثل كتاب عقيدة أهل السنة للإمام أحمد ، ونونية القحطاني. وقد قام الشيخ بطبعه في الهند عام 1330هـ.وقد اشتهر كتاب آخر بعنوان " المواعظ السنية في الخطب النجدية" وهو يحوي جمعا لبعض خطب أئمة الدعوة النجدية ، وقد طبعه المللك عبدالعزيز عام 1326هـونظرا لكثرة ترحال الشيخ وعدم استقراره في مكان واحد فقد سكن فترة في الشارقة ثم أم القيوين وانتهى به المقام في جزيرة الحمرا في رأس الخيمة بدولة الإمارات العربية المتحدة حيث توفي بها ودفن رحمه الله رحمة واسعة وجمعنا به وبنبينا ـ عليه أفضل الصلاة والتسليم ـ في جنة و نهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.علما بأن للشيخ إخوة هم عبدالله وأحمد و عبدالرحمن و عبد الرزاق وكان هذا الأخير معروفا ومشتهرا بأنه من شعراء قطر, وقد توفوا جميعا في قطر رحمهم الله, ولم يخلف الشيخ إلا ابنة واحدة اسمها فاطمة وقد تزوجت لكنها لم تعقب وتوفيت في رأس الخيمة في جزيرة الحمرا رحمها الله.وفي الختام هذا ما تيسر جمعه عن حياة هذا الإمام الجهبذ ناصر السنة في عصره وداحر البدعة ، ومع ما ذكرنا فإنا لم نوفه حقه ونسأل الله أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.تم الكلام وربنا محمود وله المكارم والعلا والجودوإن رأيت عيبا فسد الخللا جل من لا عيب فيه وخلا
1872
| 20 يونيو 2016
ممن اهتم بالدفاع عن الشيخ محمد بن حسن المرزوقي وعرض شمائله وفضائله الشيخالمؤرخ إبراهم بن عيسى (اشتهر من تلاميذه الشيخ العلامة المفسر عبدالرحمن بن ناصر السعدي، والشيخ عبدالله بن زاحم رئيس محاكم المدينة المنورة، والشيخ عبدالله بن خلف الدحيان علامة الكويت)، حيث قال في معرض قصيدة طويلة بلغت 169 بيتا: وقولك في الشهم الهمام محمد أبي حسن يا خب قد أشبه الهراكذبت وقد أخطأت يا عادم الحيا فإن الفتى والله قد أشبه النمراأتهجو حنيفا طاهرا ذا تورع يسير على منهاج خير الورى سيراأديبا أريبا متقنا متفننا حسيبا نسيبا صالحا بارعا حرا وأما علاقته بعلماء وحكام عصره فكانت وطيدة يحرص الشيخ على التواصل معهم، إما بالزيارة واللقاء بهم مباشرة أو بالمراسلة بنظم ونثر، وقد كانت تربطه علاقة قوية بالشيخالعلامة سليمان بن سحمان، حيث قرض الشيخ المرزوقي لأحد كتب بن سحمان كما ذكر الشيخ عبدالرحمن بن قاسم في كتابه "الدرر السنية في الأجوبة النجدية":يعزى لفارس ثغر الدين في زمن ابـ ـن لسحمان سامي القدر والبشرشهما نبيلا حوى فهما ومعرفة وشاد برهانه في واضح الخبركم سنة صالح أحيا رسم دارسها فصار يحكي سناها ساطع القمروبدعة درست واندك شامخها والحق يعلو وليل الجهل ذو غيركما جاهل جال في الميدان حل به من مخلب الليث فتكا غير منجبرمن العراق وشام والحجاز إلى نجد القصيم وآل الشوم في هجركما أن الشيخ المرزوقي كان يحرص على نشر مؤلفات العلامة بن سحمان حيث قام بطبع عدد من مؤلفات الشيخ على نفقته الخاصة.ومن العلماء الذين كانت تربطهم بالشيخ علاقة وطيدة السيد محمود شكري الآلوسي فقد أورد الآلوسي بعض مراسلاته مع الشيخ المرزوقي في كتابه "بدائع الإنشاء" (وهو مخطوط) كما حدثني بذلك الشيخ عمر تهاني.كما كانت للشيخ علاقة علمية وطيدة بالعلامة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آلالشيخ ، وأخيه الشيخ العلامة محمد بن عبداللطيف آل الشيخ، حيث كان الشيخيتبادل معهما الآراء حول بعض الإشكالات العلمية ، كما كان يستشهد بآرائهم وفتاواهما ـ رحمهم الله جميعا ، ويتضح ذلك جليا في خلافه العلمي مع الشيخ حسين بنحسن آل الشيخ حول مسألة تكفير الجهمية، فلمكانة الشيخ عبدالله بن عبد اللطيف وأخيه محمد لدى الشيخ المرزوقي فقد قام بمراسلتهما في شأن هذه المسألة وأقام بإيراد فتواهما فيها في كتابه "أربح الفوائد في أرجح المقاصد" .وللشيخ أيضا علاقة وطيدة بالشيخ علي بن محمد المحمود وهو أحد أعلام الشارقة المشهود لهم بالعلم والفضل، فكثيرا ماكان الشيخ يتعمده بالزيارة في مجلسه العامر كلما سنحت له الفرصة لزيارة الشارقة. حيث يقول الدكتو عبدالله الطابور النعيمي وهو يصف مجلس المحمود: "ومن بين هؤلاء العلماء الذين يترددون على مجلس المحمود عالم عرف بثبات العقيدة وقوة الإيمان وكان متشددا في الحق لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ذلكالشيخ هو محمد بن حسن المرزوقي".ومن الحكام الذين كانت تربطهم به علاقة الشيخ راشد بن أحمد المعلا حاكم أم القيوين خلال الفترة من 1904 إلى 1924م ، فقد ذكر الشيخ عبد الله المطوع في ترجمته للشيخ راشد: " أن من مواقفه التي لا تفنى مدى الدهر موقفه الذي سطره التاريخ بمداد من نور في الدفاع عن الشيخ محمد بن حسن المرزوقي، وكان هذا الرجل ـ المرزوقي ـ عالما من علماء السلف مدافعا عن العقيدة معاديا لمن خالفها لا تأخذه في الله لومة لائم ، شديدا على المخالفين وكان الشيخ راشد ـ رحمه الله ـ يحبه وينصره ويقربه يعطيه من الأموال ما يمكنه من طبع كتبه ونشرها.
1822
| 19 يونيو 2016
مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
5589
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5067
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3714
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2811
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2406
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1542
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1083
| 23 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1077
| 20 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
990
| 21 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
984
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
864
| 20 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
774
| 24 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية