رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هل ما زال في مناهج اللغة المدرسية ما كان يعرف في زماننا بالقراءة الصامتة؟ على كل حال فمن حكايات المطالعة والقراءة في المرحلة الابتدائية التي مازالت ذاكرتي تختزنها، حكاية الرجل الذي كان مطالباً بجلب شعرة من شارب أسد، (لا أذكر هل كان ذلك للنجاة من عقوبة أم كشرط للزواج ببنت السلطان) وشاء حظه أن يجد أسداً يعرج لأن شوكة انغرزت في قدمه، واقترب الرجل من الأسد وانتزع الشوكة وجلس يمرر يده فوق وبر الأسد الذي استسلم له، فانتزع الشوكة من قدمه، ثم – والأسد مستسلم ومسترخ، نزع الشعرة المطلوبة من شاربه وعاد بها، وكان عنوان تلك القطعة "الحسنة معطت شارب الأسد" (معط يمعط مستخدمة في العامية السودانية بمعناها الفصيح "نتف ينتف" ينتزع ويقال عن الشخص الذي لا شعر في جسمه أنه "معطٌ"). وقفزت هذه الحكاية من أرشيف ذاكرتي إلى خطوطها الأمامية بعد أن قرأت في صحيفة كويتية، حكاية ولدين حدثين من العاصمة الإيرانية طهران، عانيا من البطالة وقلة المال، فقررا اقتحام شقة سكنية كانا يعرفان أنها مملوكة لزوج وزوجة من الأغنياء، وكانا يعرفان ايضاً أن الزوج غير موجود في البيت في اللحظة المحددة للاقتحام، وطرقا باب البيت فأتتهما ربة البيت فزعما أنهما من رجال البريد، وسرعان ما استل أحدهما سكيناً ووضعها على عنق المرأة مطالباً إياها بتسليم كل ما في البيت من نقود ومجوهرات، ولكن المرأة لم تكن من فصيلة: أبي أمي، أبي أبوي، أبي زوجي، ولا من الشاكلة التي تصيح: يا لهوي.. ولا من النوع الذي يغمى عليه في المواقف الصعبة! وفي الوقت نفسه فإنها لم تكن بطلة كاراتيه أو ذات لياقة بدنية عالية!! كانت فقط رابطة الجأش، وقالت للولدين ما معناه: لن أعطيكما ولا نصف تومان (ريال) ما لم تكونا مهذبين وتسمعان ما سأقوله لكما!! هنا صاح أحد الولدين: يا ولية نحن حرامية، ولازم نأخذ ما عندك برضاك أو غير رضاك ونخرج بسرعة!! ولكن الولية قالت له: خلي عندك أدب لما تتكلم مع واحدة في مقام أمك... انكتم وأقعد اسمع الكلام! ولأنهما كانا صغيرين دون خبرة سابقة في الإجرام، فقد جلسا و"انكتما" وطفقت سيدة البيت تحكي لهما قصة حياتها وكيف عانت في طفولتها من الحرمان واليتم وكيف أساء إليها أقاربها وعاملوها بخشونة وفظاظة: ضربوني بيد الهاون وقصوا شعري حتى سال الدم من فروة رأسي كلما طالبت بالطعام أو الذهاب إلى المدرسة، وتحملت الكثير، و... لم تستطع مواصلة الحديث لأن الحراميين انفجرا باكيين من فرط التأثر بما سمعاه، وبذلت السيدة جهداً كبيراً لكفكفة دموع الحراميين الخائبين، وأبلغتهما أن لحكايتها نهاية سعيدة وأنها نجحت بالعناد في مواصلة تعليمها، وأن الله قيض لها زوجاً طيباً وثريا، ثم دخلت غرفة النوم وعادت حاملة رزمة من الأوراق المالية وقدمتها لهما، ولكن الولدين رفضا تسلم النقود وطالباها بأن تتصل بالشرطة لتبلغ عنهما، فحسبت أنهما يقولان ذلك من باب البكش، ولكنهما قالا لها إنهما يستحقان السجن وإنهما لن يخرجا من بيتها إلا إلى مخفر الشرطة، فحاولت طمأنتهما وأقسمت أنها لا تعتزم الإبلاغ عن الحادث، ولكن احد الولدين استخدم هاتف البيت واتصل بالشرطة مبلغاً عن اقتحام لصوص للبيت رقم كذا وكذا، في شارع كذا وكذا، ولما أتت الشرطة فوجئت بأن البلاغ حقيقي، واصطحبت الولدين إلى المخفر ولكن ربة البيت رفضت تسجيل بلاغ ضدهما فأفرجت الشرطة عنهما. وللحكاية نهاية أكثر "جمالا"، ففور خروج الصبيين قادهما صاحب البيت الذي اقتحماه الى مصنعه ونظم لهما دورة تدريبية، وهما الآن عاملان ماهران عنده يكسبان الرزق الحلال، فانظر واعتبر ولزلات الآخرين اغفر، فالخير الكامن في النفوس أقوى من الشر، ولكنه يحتاج عند البعض الى التحفيز، فالكلمة والمعاملة الطيبة تعودان في أحيان كثيرة بنتائج أفضل من تلك التي تعود بها العقوبات، وكم من شخص ارتكب هفوة بسيطة ودخل السجن ثم خرج منه مجرما محترفا. راجت لحين من الدهر في العالم العربي روايات عن لص اسمه ارسين لوبين كان يلقب باللص الشريف وها هي الوقائع تأتي بلصين شريفين حقيقيين.
2754
| 11 أكتوبر 2022
أحسب أن جيلنا كان أسعد حظاً من جيل الشباب الذي فتح عينه على الدنيا ليجد كل شيء من حوله في حالة تفكك أو انهيار أو على حافة "المزلقان". جيلنا شهد أشياء مبهجة: ثورة الجزائر وانتصاراتها.. ثورة اليمن وانتصارها، وحرب السويس.. وبسالة التوانسة ضد الاستعمار في بنزرت، وكانت هناك إذاعة صوت العرب التي كانت تؤكد لنا أن العتبة قزاز والسلم نيلو في نايلو، بمعنى أن كل شيء يسير حسب الخطة و "إن غداً لناظره قريب"، ولم يكن هناك فيديو كليب ولا ميشو ولا شوشو، وكان المذيعون والمغنون ذوي انتماءات واضحة، فتستطيع أن تعرف أن هذا رجل وأن تلك امرأة دون الاستعانة بـ "صديق"، وحتى بعد أن لطمتنا هزيمة يونيو 1967 كنا نستبشر خيراً بانتصارات شعب فيتنام وشعوب أنجولا وموزمبيق وكمبوديا وانتصار إرادات شعوب رفضت الهيمنة الأمريكية. وكانت المخترعات الحديثة تدخل البهجة في نفوسنا وتحدث تغييراً "إيجابياً" في أساليب حياتنا، ومن ثم كان لها طعم خاص، فقد كنا نهزم الظلام بمصابيح الكاز أو الجاز أو الكيروسين، ثم جاءت الكهرباء وجعلت لمسة خفيفة على زر صغير المصباح ذاك في خبر كان، ثم انتقلنا من عصر وعاء الماء الفخاري إلى عصر الثلاجة، ولم تعد بنا حاجة إلى تناول وجبة شائطة وذات رائحة "خايسة" ومنفرة في العشاء هي بقية ما تناولناه بالنهار، وقبلها كنا قد اكتشفنا الثلج وصرنا نشتريه بالكيلو والقطعة ونلفه في قطع من الخيش كي لا يذوب بسرعة، ثم انتهى عصر الحمير والجمال وصرنا نسافر بالشاحنات التي تسمى الواحدة منها "اللوري"، وهي كلمة إنجليزية تطلق على جميع أنواع الشاحنات، وفي بادئ الأمر كان البشر يجلسون في اللوري فوق البضائع، ولكن سرعان ما ظهرت لواري مزودة بمقاعد تسبب البواسير، ولكنها كانت في ذلك الزمان تمثل طفرة طبقية لشعوب بأكملها في المنطقة العربية (هل سمعت طرفة السباق بين الحمير والخيل لدى الجماعة المشهورين بالغباء؟ هل تعرف لماذا فازت الحمير بالسباق؟ لأنها كانت تلعب على أرضها وبين جمهورها!!)، ثم عرفنا الحافلات المكندشة، وحضرنا عصر الطائرات النفاثة. وفي كل قرية وبلدة لم يكن هناك أكثر من شخص واحد يملك جهاز راديو.. وكان الناس يجلسون في أدب وصمت أمام الراديو لأنهم كانوا يعرفون أن "الحكومة" تتكلم من خلاله، وكانت الحكومة كائناً خرافياً نسمع به ولا نراه. هي في حالها ونحن في حالنا.. لا شرطة ولا توقيعات ولا أختام.. العمدة هو ممثل الحكومة وهو منا وفينا ونستطيع أن نرفع صوتنا عليه ونخالف كلامه إذا كان به شطط، فتبدأ الوساطات لتسوية المسائل. وكانت أكبر طفرة عرفتها موائدنا هي اكتشافنا للكستر (الكسترد)، وكان ذلك أول عهدنا بتحلية الفم بعد وجبة الغداء، وكنا نخلط الكسترد بالرز كي تطول متعة أكله بازدياد كميته. وكانت تلك بداية نكبة غذائية إذ سرعان ما ظهر الجيلي والكريم كراميل والمكرونة بالباشميل وتصدرت الحلويات الاصطناعية الموائد!! وبالمقابل فإن جيل الشباب وجد كل شيء جاهزاً وفقد القدرة على الدهشة والفرح بالجديد، حتى الطباعة في أيامنا كانت تتطلب مهارة فائقة كي يخرج النص صحيحاً ودقيقاً ومن ثم فإن الضاربين على الآلة الكاتبة كانوا بالضرورة يجيدون اللغات التي يطبعون نصوصها. أما اليوم فإن الكمبيوتر يتولى دور المصحح، وياما ورط الكمبيوتر الكثيرين في أخطاء إملائية ولغوية بشعة لأنهم صدقوه والتزموا بالتصحيحات التي أوردها مع أنه كثيراً ما يمارس التخبيص والهذيان خاصة في النصوص العربية. (حاول ان تكتب كلمة "لو" في رسالة على هاتف آيفون، وسيقوم المصحح الآلي بتحويلها الى "أو"، فهل يعرف ذلك الهاتف ان لو تفتح عمل الشيطان؟) وسبحان الله فما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي عبر الهواتف والكمبيوتر هدمت وهزمت التواصل في واقع الأمر، فقد صار كثيرون "يستخسرون" حتى تبادل الرسائل النصية المجانية عبر تلك الأجهزة، ويكتفون بإرسال رسومات من قائمة ما يعرف ب"إيموجي": وجه زعلان، أو وردة أو الإصبع الإبهام مرفوعا إلى أعلى، أو يدان تصفقان، وهكذا وبعد ان كنا نغني "الأرض ب تتكلم عربي"، صارت الأرض "تتبكم" Jafabbas19@gmail.com
1923
| 04 أكتوبر 2022
أقول بكل تواضع زائف، إنني كنت نابغة وسبقت زماني بدليل أنني أكملت دراستي الجامعية وعمري 24 سنة، ولهذا فإنني شديد الاحتفاء بالنوابغ، ومن ثم أريد أن أحدثكم اليوم عن شو يانو، واطمئنوا، فـ "شو" هذا اسم علم (ابن آدم)، وبالتالي ليس للاسم هذا علاقة بالـ "شو" أي عالم الاستعراض والرقص والغناء، بل هو دكتور طبيب... وشاطر وماهر!! ستقول إن هناك آلاف الأطباء الشطار المهرة الحاذقين، ولكنني أقول لك بقلب جامد إنه ليس بينهم من يضاهي شو يانو، ومع هذا فإنني ما كنت سأقبل أن يعالجني هذا الطبيب الشاطر، لسبب بسيط وهو أن عمره 12 سنة، وهي نفس السن التي كانت أمي ترغمني فيها على الوقوف داخل طشت في وسط الحوش وجاراتها يتبادلن الحديث معها، وتغسل جسمي بصابون أظن أنه كان يصنع من الفحم الحجري، فأصرخ إذا تسللت رغوة الصابون الشحيحة إلى عيوني الجربانة أصلاً!! (إنصافا لأمي رحمها الله، فقد كانت تقوم بمهمة غسل جسمي وشعري، في فناء البيت وعلى المكشوف، ليس لإذلالي علناً، وليس لأنني كنت صبيا مدللا، ولكن لأنه لو لم تقم بالمهمة لما فكرت في الاستحمام حتى في العيدين). إمعاناً في استفزازي فإن يانو هذا، نال درجة الدكتوراه في الطب في عمر 14 سنة من جامعة شيكاغو، وبداهة فإن يانو هذا فلتة فمعدل ذكائه (آي. كيو) مئتان، وفوق هذا فإنه موسيقي بارع (معدل ذكاء ستيفن هوكنغ/ أشهر عالم فيزياء في عالمنا المعاصر 154، وأعلى معامل ذكاء على الإطلاق أي أذكى شخص في التاريخ هو الطبيب المخترع وليام جيمس سيديس الذي سجل معامل ذكاء 270 حيث التحق بجامعة هارفارد عام 1909 وعمره 11 سنة بعد أن رفضت نفس الجامعة طلب انضمامه وعمره 8 سنوات بسبب صغر سنه). وعندما أقول إن يانو موسيقي بارع، فإنني لا أتكلم هنا عن موسيقى من شاكلة ما نسمعه من شعبولا وهيفولا، ولا حتى بيونسيه نولز، بل السيمفونيات المعقدة لشوبان وموزارت وبيتهوفن ورصفائهم!! وأكثر ما أعجبني في حكاية الولد الدكتور يانو هو أن أمه كيونغ يانو وهي كورية الأصل، أستاذة جامعية في تاريخ الفنون تركت عملها وتفرغت لتصبح "سائق" لدى ولدها العبقري: في الصباح تُحضر له السندوتشات، وتوصله إلى جامعة شيكاغو ثم تعيده إلى البيت أو تنقله إلى المكتبة التي يود زيارتها!! ولأنه صغير السن فإنهم لم يسمحوا له بمعالجة المرضى فور التخرج والتأهل، مما أعطاه الفرصة ليركز على المزيد من التحصيل الأكاديمي بحيث سيكون بدرجة بروفيسور في الطب (يريد أن يتخصص في أبحاث السرطان) وعمره 17 سنة، وعلى الرغم من أننا نعتبر التلفزيون الأمريكي قمة المتعة، فإن يانو هذا الذي عاش ما بين ولاية كاليفورنيا ومدينة شيكاغو في الولايات المتحدة يقول إنه لا يجد قط برنامجاً تلفزيونياً يشده ويجذبه، بل يفضل أن يمضي وقته في القراءة، ولا تحسب أنه يقرأ فقط في الطب وعلم الجينات، لا، بل قرأ جميع أعمال الأختين برونتي وجين اوستن وأشعار ازرا باوند وروايات كونراد ومقالات جعفر عباس (معليش... أقصد أنه يقرأ أي شيء يصادفه... فالمهم عنده هو أن يقرأ!). وبالتأكيد فإن في الوطن العربي عيالا يماثلون شو يانو هذا ذكاء، ولكن بالتأكيد فإنهم يعاملون كمرضى نفسانيين: الولد مو طبيعي، مسكر الغرفة على روحه ليل نهار ويطالع في الكتب... أكيد زنوبة سوت له عمل... قلبها أسود... الله أكبر عليها!! وهناك الآباء الفحول الذين يعتبرون مكوث الولد في البيت طويلاً نوعاً من الخيبة: يا ولد أطلع بره العب مع ربعك... خلك حركي وملحلح!! أما إذا كانت المسألة تتعلق ببنت نابهة وذكية وتحب الكتب والاطلاع، فيا ويلها وظلام ليلها: خلي الكتب تعطيك عريس يا مخبولة.. يا اللي ما تشبهين البنات... لا كحل لا مسكارا... بس كتب ومسخرة!! شقيقة يانو الصغرى اسمها سايوري وستدخل الجامعة وعمرها 9 سنوات... وأمها غير مشغولة بأمر تزويجها! بقي أن أقول إن والد شو يانو من اليابان، وكما أسلفت فأمه كورية جنوبية الأصل، أي ينتميان إلى بلدين تشجعان العلم والتعلم وصارت تنجب خيرة علماء عالمنا المعاصر. Jafabbas19@gmail.com
1971
| 28 سبتمبر 2022
كان مقالي هنا يوم الثلاثاء الماضي عن الإحساس العام بالنقصان رغم ان المخترعات الحديثة جعلت الكثير من أمور الحياة ميسّرة، وعن كيف اننا محرومون من راحة البال والطمأنينة رغم أن الواحد منا قد يكون ناجحا في إنجاز أمور كثيرة، والشكوى لغير الله مذلة ولكن الفضفضة تمنع الاضطرابات والعقد النفسية، وأنا يا جماهير أمتنا الباسلة (سابقاً) أعاني الأمرين مع كل وجبة بعد أن أصبحت زوجتي حجة ومرجعاً في شؤون السعرات الحرارية، وعناصر التغذية في كل صنف من الطعام، فبزعم أنها تريد لنا أن نكون أصحاء فرضت علينا العلف المغلي الذي تسميه شوربة خضار، وما إن ألقي عليها نظرة متأنية حتى يخيل إليّ أنها صنعتها من مخلفات وجبات سابقة انتهت صلاحيتها، فالشوربة المزعومة تتألف من سائل قبيح المنظر به قطع بشعة الشكل تتقافز وكأنها ذات روح، وخيوط وأنسجة دقيقة لا شك عندي أنها نتجت عن طبخ الحبال والقطن. وليس ذلك مستغرباً على زوجتي التي أصبحت مهووسة بالألياف والفيتامينات والتي باتت لا تشتري لنا سوى العصير الخالي من السعرات الحرارية ويخلو بالتالي من أي طعم أو نكهة، لا أدري ماذا دهاها وقد كانت حتى عهد قريب بنت ناس وعاقلة، تضع أمامنا تلالا من اللحوم والحلويات وتقضي يومها كله تقلب كتب وكتالوجات الطبخ وكان يحلو لها أحياناً أن تنهض في منتصف الليل لتجرب نوعاً من المعجنات قرأت عنه مؤخراً، وكنا سعداء بذلك، ولكنها قررت فجأة أن تفقد بضعة كيلوجرامات اكتسبتها من حر مالي واشترت لهذا الغرض (بفلوسي) جهازا للرياضة وضعته داخل غرفة النوم وما أن أستلقي على سريري بعد عناء يوم عمل سخيف (وكل أيام العمل سخيفة وخاصة الأحد والثلاثاء والأربعاء) حتى يبدأ الجهاز اللعين في الأنين والصرير بينما تعلو وجهها ابتسامة وكأنها تعتقد أن السعرات الحرارية إسرائيلية الانتماء، وأن القضاء عليها قضاء على الطاعون الصهيوني، قلت لها: يا بنت الناس أنا راض بما قسم الله لي ولن يغير اكتسابك عشرين كيلوجراماً أو فقدانك لجزء منها من أمر زواجنا شيئا، وأنا على استعداد لكتابة تعهد بعدم الزواج بغيرك، حتى لو نقلوك إلى غوانتنامو بعد اكتشاف نزعاتك الإرهابية، فقط تبرعي بهذا الجهاز لضحايا المجاعة في هولندا، فقد صرنا نشتاق إلى عصر القطائف واللطائف واللحم المحمر والمكرونة، ولكنها مثل معظم النساء تعقد أنها وحدها تعرف مصلحة أفراد أسرتها، وربما زادها عناداً أن قوانين الأحوال الشخصية في جميع الدول العاربة والمستعربة، صارت تسمح للمرأة بالخلع. طول عمري وأنا آكل كل ما يوضع أمامي، ولا أعيب طعاماً مهما كان سيئ الإعداد، الاستثناء الوحيد هو الكوسا فأنا لا أجامل فيها بل ولا أسمح لشخص أن يتعاطاها أمام ناظري، وقد تعلمت زوجتي الحلاقة (الطبخ) على رأسي أنا المسكين، ولم أكن أشكو أو (أتململ) إيثاراً للسلامة (أحياناً)، في الفترة التي كان كل شيء تطبخه يتحول الى "عصيدة"، فقد كنا وقبل أن ننجب العيال ننفق على الطعام شهريا ما يكفي ستة أشخاص، لأن معظم طبخاتها كان مصيرها الإعدام، ثم صارت ماهرة في الطبخ، بدرجة أن عيالي كانوا يفضلون ما تطبخه من طعام على ذلك المعروض في المطاعم، ولكن عفريت الرشاقة الذي سكن عقلها وعقول النساء في الآونة الأخيرة حول الطعام من متعة إلى عذاب، وجاء في استطلاع نشرته صحف خليجية أن 66% من طالبات الجامعات الخليجيات يعانين من سوء التغذية، ولم يحدث هذا بسبب شح الطعام في بيوتهن ولكن لأن ليدي غاغا ونور التركية وتلك العجرمية أصبحن المثل الأعلى لبناتنا مع أنك لو عجنت ثلاثتهن فلن تخرج بامرأة مُقنِعة (بكسر النون)! لقد قلتها مرارا وأقولها مجددا: لم يتغزل شاعر باي لغة بكلاكيع المحبوبة، فشكل العظام الناتئة لا يسر، ولكن عزائي أن هوس الرشاقة "شدة وتزول"، فصلاحية الرشاقة عند الجنسين في العالم العربي تنتهي عند سن الثالثة والأربعين.
2484
| 20 سبتمبر 2022
منذ ظهور الإنترنت وبدافع حب الاستطلاع ظللت أقوم بزيارة مواقع غريبة مثل تلك التي تخص الجهات التي تقدم شهادات مزورة، وأزور بين الحين والآخر موقع جهاز المخابرات المركزية الأمريكية، الـ «سي آي. إيه»، من باب الفضول أيضا، وأحرص على الاطلاع على محتويات صفحة الوظائف الشاغرة، وقد راسلتهم عدة مرات مبدياً رغبتي في أن أصبح عميلاً لهم، ولكنهم لم يتكبدوا حتى مجرد عناء إرسال كتاب اعتذار لي، ولا أفهم لماذا يرفضون توظيفي، على الرغم من أنني أوضحت لهم أننا لن نختلف حول الراتب، لأنني سأقبل بأي مبلغ يعطونه لي إذ يكفيني «شرفاً» أن أكون عميلاً لأكبر جهاز مخابرات في العالم، بحيث يتسنى لي إذا تشاجرت مع شخص ما لأنه لم يسمح لسيارتي بتجاوزه من ناحية اليمين، أو عندما يحتج شخص لأنني تجاوزت الصف في صيدلية مستشفى أن أقول له: يبدو أنك لا تعرفني! فيرد علي: لا أتشرف بمعرفة أمثالك!! هنا ابتسم في ثقة وأخرج له بطاقة السي آي إيه فيصاب بنزلة معوية حادة ويطلب مني «السماح»، وربما تنازل لي عن سيارته الوقحة أو وصفته الطبية التي حاولت التطاول علي!. وأذهب إلى مكتب طيران في بداية موسم العطلات، وقد يرددون أمامي الموال المعتاد بأن جميع المقاعد محجوزة، وكلنا يعرف أنه وفي مواسم السفر تجد في بعض الطائرات العربية نحو 15 مقعداً تبقى محجوزة «دون أن يحجزها أحد»، يعني هي فعلياً خالية ولكن الجماعة يبقون عليها كذلك من باب الاحتياط، عسى أن يأتيهم شخص «تقيل» فيوفرون له المقعد أو المقاعد المطلوبة!، والله حدث كثيرا أن طلبت في المطار مقعدا محددا في موقع محدد، فيقولون لي إن الطائرة «فُل» ولا مكان فيها لدبوس، واصعد الى الطائرة ثم تطير الطائرة واكتشف ان هناك العديد من المقاعد الخالية (يكون هذا عادة في شركات الطيران الهزيلة). إذا صرت عميلا للمخابرات المركزية الأمريكية ورفض موظف في مكتب طيران ان يستجيب لمطلبي، أميل إلى أذن موظف الحجز وأهمس: سي آي إيه وأخرج قلم بيرو أبو نُص دولار من جيبي وأقول له: هذا مسدس صامت وإن كنت تريد العودة إلى أهلك كتلة واحدة فأحجز لي مقعداً على الدرجة الأولى بسعر الدرجة السياحية!! وقد تكون المقاعد كلها محجوزة بالفعل ولكن مثل ذلك التهديد سيقنع الموظف بإلغاء مقعد قائد الطائرة ليضمن لي الجلوس في مقدمة الطائرة!! (هل انتبهتم إلى أن معظم أماكن العمل التي تتطلب الكتابة على الورق تستخدم أقلام بيرو أو صنفا آخر رخيصا؟ يفعلون ذلك لأنهم «عمليون» ووظيفة القلم هي أن يكتب، ويستطيع قلم بنصف دولار أن يكتب بنفس كفاءة آخر بمائتي دولار). وأستطيع أن أفعل نفس الشيء في البلدية مطالباً بمنحي قطعة الأرض المقام عليها حديقة عامة «لأن لدي أدلة قاطعة بأن الحديقة صارت مقراً لنشاطات هدامة تهدد أمن الولايات المتحدة»! وتقبل الجامعة ولدي في كلية التجارة مثلاً بحجة أن مجموع درجاته لا يؤهله لغيرها من الكليات، فأرفع سماعة الهاتف وأتصل بمدير الجامعة: معك جعفر عباس العميل السري للسي آي إيه في الشرق الأوسط وضواحيه،.. أنقل الولد لكلية الطب... الصف الثالث بالتحديد.. إذا لم تكن تريد أن تختفي جامعتك بقنبلة ذكية، لأن لدي معلومات بأن مختبر العلوم عندكم فيه جراثيم و»كل شيقن انكشفن وبان»! هنا سيصرخ المدير: نخليه عميد الكلية يا أستاذ، ويشق طريقه بالمقلوب، أي يتدرج من بروفيسور الى دكتور ثم مساعد تدريس إلى أن يحصل على بكالريوس الطب!. آخر إعلان وظائف خالية نشرته السي آي إيه يتعلق بفنيين في صناعة الأقفال، يعني بالعربي حرامي من أصحاب السوابق يعرف كيفية فتح الأقفال ومن ثم فعلى كل واحد أن يحافظ على «لغاليغه»!! فهمت؟ طبعا لا!! معناه أن الجماعة يحصلون على الأسرار بكسر أقفال الخزانات والخزائن، وعلى كل حال رفضوا جميع طلباتي فأرسلت إليهم رسائل إلكترونية اتهمهم فيها بالعنصرية والغباء، وقلت لهم إنهم ضيعوا على أنفسهم فرصة الحصول على عميل «لقطة»، عندئذ فقط أرسلوا إلي رداً مفاده أنهم ليسوا بحاجة إلى عملاء «جدد» في العالم العربي! هل فهمت معنى هذا الكلام؟ عنك ما فهمت.
2315
| 06 سبتمبر 2022
يعاني الكثيرون منا من التلوث السمعي، ففي كافة مدننا الكبيرة، قد يكون المسجد على بعد خمسين متراً من بيتك، ولكنك لا تعرف مواعيد الصلاة أو إفطار رمضان إلا من التلفزيون، والسبب في ذلك هو الضجيج الذي لا ينقطع في الشوارع والحواري، ولا أقصد بذلك فقط هدير محركات السيارات بل الصراخ المتواصل الصادر من بني البشر، فنحن من أكثر أهل الأرض صراخا وصخبا حتى ونحن نتأنس ونسولف ونتونس. (هل كان المفكر السعودي الراحل عبد الله القصيمي على حق عندما قال إن "العرب ظاهرة صوتية"؟)، ولا تعرف في كثير من الأحيان، ما إذا كان الشخصان اللذان يتحاوران على مقربة منك يتشاجران أو "يتغشمران" أي يتداعبان وأعترف بأنني "ومَا أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ... غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ" ومن ثم لا أستطيع التحدث بصوت منخفض، خلال تبادل الحديث مع الأصدقاء والأهل، وبالتالي فإن معظم مكالماتي الهاتفية تكون مسموعة لمن حولي، ولكن وبعد ظهور الهاتف النقال صار بمقدوري الابتعاد عن الناس لإكمال المحادثة الهاتفية، ولكن، أحياناً تكون زوجتي وقريباتها أو صديقاتها في جزء قصي من البيت ولكن أصواتهن تتناهى إلى مسامعي فأحسب أن الإذاعة تقوم بنقل حي/ مباشر لمظاهرة سلمية، وحتى لو حملتك نفسك على التنصت لما يقلنه، فإنك لن تنجح في التقاط جملة واحدة لأنهن يتكلمن في نفس الوقت، كما هو الحال في البورصات وأسواق الأوراق المالية حيث يقف عدد من الموظفين وسط آلاف الناس ويصيحون بمفردات عجيبة ويرفعون أصابعهم بإشارات تماثل لغة الصم والبكم، ولابد ان النساء يتمتعن بقدرات التقاط عالية تماثل قدراتهن على "الارسال"، فرغم أنه في حالة وجود نحو سبع منهن في مكان واحد وقيامهن جميعا بالكلام في تزامن (بدون عبارة "بدون قطع كلامك" السخيفة، فإن كل واحدة منهن تستطيع أن تسمع كل ما تقوله كل واحدة من الأخريات) وإذا كنت تعيش في قلب المدينة فإنك لن تستطيع الاستماع جيداً لا إلى المكالمات الهاتفية أو البث الإذاعي أو التلفزيوني لأن العويل الصادر عن آلاف البشر والسيارات يغطي على كل الأصوات، وفي الدول المتقدمة يكون قلب المدينة مركزاً تجارياً/ ماليا، أما في مدننا فإن السكن فيها يكون "دليلاً" على المركز الاجتماعي المرموق! كان جيل آبائنا ينجب العيال بالدستة أو الدرزن، ليس فقط لأنهم كانوا لا يأكلون البيرجر أو أي نوع آخر من السندويتشات السكند هاند (وكل الوجبات السريعة سكند هاند لأنها تأتي في غالب الأحوال جاهزة ومجمدة من الشركات الأم)، ولكن لأنهم كانوا يلزمون بيوتهم مبكراً ولم يكونوا يعانون من تلَّوث الضوضاء، ومن ثم كانوا أهل مروءة: ما هذا الصوت الصادر من بيت الجار السابع: الله يستر،.. فالحاج هاشم ظل يعاني من مرض مزمن... وربما داهم الطلق نفيسة التي انتفخ بطنها مؤخراً (ولم تكن النساء وقتها مهووسات بحساب مدة الحمل).. فالمولود سيأتي عندما يريد الله له أن يأتي.. وليس كما هو الحال الآن: بروح أسوي تلفزيون منشأن أعرف ولد وللا بنت!! بالمناسبة ما قيمة أو معنى أن تعرف الأم أو الأب ان المولود الآتي ولد أو بنت؟ هل هناك طريقة لتحويل جنس المولود حسب الطلب بعد أن يتشكل؟ أم لشراء المونوكير والأحمر والفيونكات والبودرة إذا كانت بنتاً؟ والدراجة والزلاجات إذا كان ولداً؟) المهم أنه من الثابت علمياً اليوم أن العيش في بيئة كلها ضجيج يسبب – ليس فقط التوتر العصبي والنفسي – بل يفقد الرجال خصوبتهم، فقد أتضح أن العاملين في مصانع ذات هدير مرتفع، تتدنى خصوبتهم بوتيرة سريعة، وينطبق نفس الشيء على سكان المدن المزدحمة التي يعتبر سكانها بوق السيارة آلة موسيقية شعبية! وطالما أننا في طليعة الدول المنتجة للضوضاء فمعنى ذلك أننا معرضون للانقراض، وربما أدركت أمريكا هذه الحقيقة فصارت تبدي حرصاً على "سلامتنا"! jafabbas19@gmail.com
1141
| 30 أغسطس 2022
نحمد الله كثيرا، فقد صار عندنا خبراء في كل شيء: أطباء ومهندسون وباحثون اجتماعيون وعلماء نفس ومختصون في إدارة الوقت والعلاقات الأسرية، واحتفى السودان قبل بضعة أعوام بصبي سوداني يحمل الجنسية الأمريكية، بحكم الميلاد في الأراضي الأمريكية، لأنه اخترع ساعة، واستقبله الرئيس المخلوع عمر البشير ومنحه ميدالية، وكنت من فرط جهلي أعتقد أن اختراع الساعة بشكلها الحديث تم قبل أكثر من قرنين. ثم صارت هناك برامج تلفزيونية تشرح "أصول وضوابط" العلاقة بين الزوج والزوجة، وأخرى تقول إنه يتعين علينا أن نربي عيالنا حسب الكتالوج: لا تنهر الطفل ولا تزجره، بل اعمل على تحفيزه وتشجيعه، تجنب الزواجر والنواهي، فالطفل يولد حراً والأوامر تحد من نموه الفكري والعقلي!! أما ضرب الطفل ولو بطرف الإصبع، فسيجعله مجرما عندما يكبر، والنتيجة: شباب لا يحسون بأي قدر من المسؤولية تجاه الآخرين والمجتمع، فقد صار الواحد منا يعرف عن تامر حسني وكاظم الساهر وليدي غاغا، أكثر مما يعرف عن أبناء عمومته وبنات خالاته. هناك شبان وشابات يتحلون بأنانية مفرطة ونهم عجيب للاستفراد بكل ما هو جديد وبديع!! بغض النظر عن منافعه ومضاره، وكما نقول، فإن الشباب "مرحلة وتعدي"، ولكن أنظر إلى حالنا كأزواج وزوجات، وستجد العلاقة بيننا تقوم بنفس شروط الشركة المساهمة، وكل طرف يحرص على مصالحه ويتحسب من الغدر والكيد، حتى بلغت بنا الأمور مرحلة الهجر الطوعي في المضاجع بعد أن انتشرت موضة غرفة نوم منفصلة لكل من الزوج والزوجة، وقد تتطور الأمور إلى درجة وضع قوات لفض الاشتباك بين الطرفين إذا شكا أحدهما من أن الآخر تحرش به!! صرنا نتعامل مع مقولة إن الزواج يقوم ويقع بالحب وكأنها حديث قدسي، رغم أن الحب عاطفة إيجابية ولا تسبب الدمار والخراب عادة، والشاهد هو أنه لم يعد هناك مجال للتكافل والتعاضد في الحلو والمر على مستوى المجتمع، ولا مجال لعلاقات زوجية تقوم على الاحترام الذي لا يقل أهمية عن الحب، وقد نتمدن ونتحضر ونتعولم ونتفرنج ونصل إلى ما توصل إليه الغربيون بأنه طالما أن هناك حباً بين الطرفين فإنه لا معنى لوجود وثيقة الزواج! كنا فيما مضى نرث القيم الدينية والإيجابي من القيم الاجتماعية والثقافية عن أجدادنا وآبائنا، ونملك حصيلة من الحكم والأمثال الشعبية التي نحتكم إليها للتفريق بين الصحيح والخطأ، ولكن لم يعد هناك مجال للحكمة، بل التعويل فقط على الخبراء الذين صاروا يفتون في كل شيء، إلى درجة أن بعض كبار السن منا والذين يفترض أنهم منابع ومناهل الحكمة، صاروا بريالة ومهووسين بإخفاء علامات التقدم في السن بالمساحيق وعمليات التجميل والجزع عند أي مرض، بل صار الناس يعتبرون كبار السن من أصحاب الإعاقات، بينما صار كبار السن يحسبون أنهم بتناول هذا العقار أو ذاك الكريم والدهان قادرون على تأجيل الموت إلى أجل غير مسمى، وكل ذلك بسبب فقدان الحكمة والحكماء والاحتكام إلى العقل والضابط / الرادع الديني والموروث الثقافي، واستسهال الاستعانة بالخبراء، فالخبرة تشتريها بفلوسك ولكن الحكمة تتطلب الجلد والكفاح والتعلم والوقوع في الخطأ ثم تصحيح الخطأ! ولهذا تجد في زماننا هذا جانحين فوق الأربعين لم يتخلصوا من النزق الشبابي. والمصاب الأكبر هو أن الماضي كله صار مداناً والموروث كله صار موضة قديمة، ولهذا لم يعد عندنا "كبير"، ولا احترام للسلطة، ولا أتحدث هنا عن سلطة الحكومة، رغم أن احترامها واجب في الكثير من شؤون الحياة، بل سلطة الأبوين وكبار العائلة والمجتمع بما يعنيه من ضوابط وواجبات وحقوق... ومن يبصق على ماضيه فإنه يبصق على نفسه! jafabbas19@gmail.com
1989
| 23 أغسطس 2022
كفاعل خير ينتمي إلى أمة (ناموا ولا تستيقظوا/ ما فاز إلا النُوَّمُ) أنصح القراء بتوفير مبلغ ألف دولار ليكونوا جاهزين بعد بضعة أشهر لشراء يوميمي كوبو، ذلك الجهاز الذي سيغير حياة المواطن العربي ويضع حداً للكوابيس التي يعاني منها، ولابد أن بعضكم سمع بأن ذلك الجهاز الذي أنتجته شركة تاكارا اليابانية يجعل البرمجة المسبقة للأحلام ممكنة، فكل ما هو مطلوب منك قبل النوم، هو أن تجلس أمام الجهاز وتضع عليه الصور والأصوات والعطور التي تحبها، وتؤلف مسار القصة التي تريد أن تحلم بها، وكما في أجهزة الفيديو والدي. في. دي، يمكنك أن تحدد توقيت الحلم بحيث يأتي في وقت تكون فيه قد دخلت في نومة عميقة، وأنصح القراء بالتكالب لشراء هذا الجهاز لأن السلطات الأمنية العربية في عدد من بلداننا الديمقراطية جدا، ستحظر تداوله، لأنها تعتقد أن منح المواطن حرية اختيار وتحديد أحلامه "سيهدد الاستقرار والوحدة الوطنية ويزعزع ثوابتنا" – أموت وأعرف ثوابتنا هذه!! تلك السلطات لا يهمها أمر من سيبرمجون يوميمي كوبو بأحلام تتعلق بهند رستم ومريم فخر الدين (هؤلاء من دفعتنا) وفيفي عبده ونانسي عجرم وبريتني سبيرز وبيونسيه نولز، فهؤلاء من "الثوابت" الحميدة، بل هناك من يعتبرهن من أدوات لم الشمل العربي، والسلام العالمي، لأن الإعجاب بهن يتخطى الحواجز القُطرية والحدود السياسية والجغرافية!! السلطات ستخاف – ومعها حق – من أحلام شخص كأبي الجعافر الذي يعتبر أجمل الأحلام عنده تلك التي تتعلق بزلازل وبراكين وراجمات صواريخ وقاذفات لهب وحبال من مسد وكي لا يروح القارئ ومعه أبو الجعافر في داهية تودي ولا تجيب، فإنني سأقترح عليكم إطاراً عاماً للأحلام "اللي هي": اجلس أمام الجهاز ومعك صورة نتنياهو مثلا (باعتبار أنه الطوفة الهبيطة بالخليجي والحيطة القصيرة بالمصري والسوداني)، ثم أدخل الصورة في مزرعة ليس فيها سوى الكوسة، وعدد من التيوس التي ناهز عمرها الثلاث سنوات، تشرب من وعاء فيه بقايا فاصوليا مطبوخة تم التخلص منها قبل أسبوع (إذا لم تكن من بيئة ريفية فاعلم أن الجلوس قرب التيس البالغ لا يختلف كثيراً عن الجلوس قرب مقلب قمامة فيه بقايا فسيخ في حي شعبي، ومن ثم لم يفرغ عمال النظافة محتويات المقلب طوال أسبوع كامل، والفاصوليا البيضاء من أسلحة الدمار الشامل للجيوب الأنفية حتى وهي طازجة) المهم أن تفعل كل ذلك خلال العطلة المدرسية الطويلة، (أي في الصيف) التي يتخذها كثيرون ذريعة لترك أعمالهم والسفر إلى نصف الكرة الشمالي حيث الطراوة وحيث التكنولوجيا البشرية! أو شرقا للتلاحم مع الصنف الآسيوي. المهم نعود إلى نتنياهو ومزرعة الكوسة والتيوس وبواقي الفاصوليا، ونكمل برمجة "الحلم العربي"... أضف إلى الخلطة موسيقى أغنية عربية من شاكلة "الطشت قال لي يا حلوة يللي قومي استحمي".. ثم أدخل صورة لنادية الجندي بتكشيرتها المنفرة التي تحسبها قمة في الإغراء! سيكون نتنياهو محتاراً في أمره لبعض الوقت، وعليك أن تفاجئه بإدخال جنود أمريكان عليه.. وكلفهم باصطياد التيوس متعللا بأنها تسبب الضيق والقرف لنتنياهو حبيب العيون.. سترتفع معنويات الحبيب... ولكن لا تحزن، فبمجرد أن يبدأ الجنود الأمريكان في استخدام أسلحتهم سيروح نتنياهو فيها! كيف؟ أنا أشرح لك كيف: النيران الصديقة!! فالعساكر أمريكان يجيدون اصطياد من يقف إلى جانبهم وقتلوا من الجنود البريطانيين خلال الحرب الأخيرة على العراق (2003) أكثر مما قتل صناديد الحرس الجمهوري الخاص. ولم يكن يمر يوم دون أن يقتلوا عدداً من رجال الشرطة العراقية الذين اختاروهم ودربوهم بعناية لمطاردة المقاومة العراقية! ثم ارتد كيدهم إلى نحورهم في أفغانستان وقتلوا بعضهم البعض بالجملة، وكان عدد الهالكين منهم بالنيران الصديقة أعلى ممن قتلتهم حركة طالبان، فتركوا الجمل الأفغاني بما حمل وخرجوا. ولضمان أن يروح نتنياهو فيها، برمج الجهاز بحيث تثور عاصفة ترابية تختلط فيها رائحة التيوس بنكهة الكوسة وعطر الفاصوليا، وصرخات نادية الجندي ذات الصوت الصفيحي! بذمتك هل يجوز تفويت فرصة اقتناء جهاز كهذا؟ خاصة وأنه بإمكانك وضع من تشاء مكان نتنياهو؟ jafabbas19@gmail.com
1049
| 16 أغسطس 2022
أقر وأعترف بأنني وعندما كنت شاباً "جداً" بمعنى أنني شاب الآن ولكن لست "شابا جدا"، كنت أمارس التمرد "على خفيف"، وأذكر أنني حتى خلال عملي مدرساً في ثانوية حكومية، فشل مدير المدرسة في إرغام الطلاب على قص شعورهم، فكلما زُجر طالباً لأن شعره طويل وصاح فيه: مش عايز أشوفك بالشعر ده! رد عليه الطالب: أحلق شعري لما يحلق أستاذ جعفر، فقد كنت طويل الشعر، ليس بالضرورة مجاراة لموضة الخنفسة (آفرو) التي كانت سائدة وقتها، ولكن غالباً لأنني كنت وما زلت وكما أخاف من كرسي الأسنان، أكره الجلوس تحت رحمة الحلاق، خاصة أنه حدث لي مرتين أن رأيت مجموعة من القمل تمشي على فوطة الحلاقة الملتفة حول رقبتي، وخرجت في الحالتين من دكان الحلاقة وشعر رأسي "زقزاق" ومطبات اصطناعية لعدم اكتمال الحلاقة، (كان ذلك بالطبع لأنني كنت أرتاد صالونات تقص الشعر بسعر التكلفة). وحاول مدير المدرسة مراراً إقناعي بضرورة تقصير شعر رأسي، حتى يتسنى له إرغام الطلاب على قص شعورهم، ولكنني كنت أقول له إنني أحترم اللوائح، وإنه ليس فيها نص يرغم المدرس على قص شعره، وقد أعطاني المسكين أكثر من مرة جنيهاً كاملاً، في زمن كان فيه الجنيه السوداني يساوي أكثر من دولارين، كي أقصّ شعري، فكنت أقصه على خفيف بعشرة قروش وأوفر تسعين قرشاً، أقيم بها وليمة للمدرسين (وكان ذلك المبلغ كافياً لوليمة إفطار مدرسية فاخرة)، وكلما شكرني المدرسون "زملائي" همهم المدير بما معناه "مسوي حالك فنجري وكريم بفلوسي يا بربري"! والكلمة الأخيرة صفة تطلق علينا نحن النوبيين في السودان ومصر، وكما هو واضح من لفظها ومعناها فإنها تنم عن التعالي العرقي، ولا بأس في ذلك لأن ذلك يؤهلنا لطلب الحماية الأمريكية! ولبست فينا تهمة البربرة باعتبار أن ألسنتنا تبربر بكلام يعتبره من يحسبون أنفسهم عربا في السودان أنه غير مفهوم. ثم – سبحان الله – دارت عجلة الزمان، وغادرت الشباب وغادرني جزئيا، وأصبحت أباً، ديمقراطياً متحضرا، ولهذا لم أسمح لأحد من عيالي بمجرد التفكير في قص الشعر حسب الموضات البلهاء (في نظري) السائدة هذه الأيام... تقترب من عبودي ابن صديقك حمزة وتقول له: سلامتك... فشكله يحنن قلب الكافر... رأسه ملساء من جهة... وبها تناتيف من الجهة الأخرى وتتوسط كل ذلك كتلة من الشعر، لا تتحرك وكأنها مثبتة بالجبس... لابد أنه أصيب بجرح في رأسه استوجب العبث بشعر رأسه لتنظيف الجرح وخياطته! وربما كان مصاباً بمرض جلدي... ولكن عبودي ينظر إليك بمزيج من الدهشة والاستنكار والاستخفاف، وكأنك ديناصور تم استنساخه، ويبلغك أن تلك القَصَّة كلفته نحو أربعين دولاراً! أما إذا رأيتُ رجلاً يعقص شعره بالطريقة المسماة ذيل الحصان، فتنتابني نزعات شريرة، وأود لو أسحبه من ذيله ذاك وأظل أجره حتى يتبادل وجهه وقفاه المواقع! وأحياناً أجد نفسي في مدن تحرص فيها بعض البنات على الكشف عن بطونهن، ولو مرت بك بنات من هذا الصنف، ومن باب الحياء، لم تدقق في الوجوه، بل اكتفيت بالنظرة الأولى إلى المنطقة الوسطى من الجسم، سترى أن كثيرات منهن يضعن حلقات معدنية حول السُّرَّة، وقد تكون تلك الحلقات أقراطا أو خواتم! هذا، بصراحة، فساد ذوق محض (دعك من أنه أشياء أخرى لا تأبه لها تلك الفصيلة من الكائنات)... أولاً السُّرَّة تشبه تجويف الأُذن وفتحة الأنف، ومن ثم فهي أبعد ما تكون عن "الجمال"، هل سمعتم شعراً يمجد فتحتي أنف أو أُذن الحبيبة: منخارها ماسورة رائعة البهاء... يا ليتني قطعة شمع ذائبة/ في أذنها الطرشاء! هل من حق جيل الشباب المعاصر أن يتمرد كما تمردت أنا بإطالة شعري؟ سؤال سخيف، فشعري الآفرو لم يكن يندرج في بند العورة، بينما كثير مما يفعله بعض الشباب المعاصر ليس من قبيل التمرد الملازم لمرحلة الشباب، بل نتاج ثقافة التغريب والضباب! jafabbas19@gmail.com
1055
| 09 أغسطس 2022
كنت في صغري وصباي وشبابي الباكر (حالياً في مرحلة الشباب المتأخر بعد أن قررت هيئة الصحة العالمية تمديد سن الشباب إلى نحو الستين) أحب لحم الدجاج حباً غير عادي، لسبب بديهي وهو أنه لم يكن متوفراً، فعلى الرغم من أن أمي كانت تحرص على تربية الدجاج، إلا أنها لم تكن تذبح دجاجة إلا بعد أن تتوقف عن الإرسال، أي تبلغ سن اليأس، ويصبح لحمها غير قابل للهرس والمضغ، وبعد أن دخلت الحياة العملية كنت أحرص شهرياً على الذهاب إلى مطعم الأندلس المجاور للسينما الوطنية في الخرطوم بحري، لأتناول نصف فرخة وأنا أدعو الله ألا يغشى المطعم أحد أصدقائي ليشاركني نصف فرختي، ويسلب كل فرحتي، وكان حجم الدجاج في ذلك الوقت لا يسمح باشتراك شخصين في أكل فرخة كاملة دعك من نصف فرخة. ثم فتحها الله عليّ، وصرت آكل الدجاج كلما رغبت في ذلك دون خوف من مداهمة أو مشاركة صديق، ثم قرفت من الدجاج في أول زيارة لي إلى بريطانيا، حيث اكتشفت دجاج كنتاكي وفرحت به ورقصت طرباً لتناوله، ولجأت إليه تفادياً للحم الخنزير، وتجنبت حتى البيض بعد أن قيل لي إن خنازير الإنجليز تبيض، وشيئاً فشيئا أصبحت رائحتي زفرة، خاصة أنني لم أكن أستحم بل لم أستحم إلا بعد 12 يوماً من وصولي إلى لندن، لأن الحمامات في بيت الطلاب الذي كنت أقيم فيه كانت مثل الوطن العربي، "وكالة من دون بواب"، وحال الجميع مكشوف، بل وكان الطلاب الذين يستخدمون تلك الحمامات ينزلون من غرفهم "ربي كما خلقتني"، مما فرض علي وزملائي السودانيين المقيمين معي في بيت الطلاب ذاك حظر التجول، خشية وقوع أعيننا على قليلي الحياء أولئك. وبعدها بسنوات اكتشفت أن الدجاج يذبح بعد أسبوعين من خروجه من البيض لأنه يتغذى بالمضادات الحيوية والهرمونات والكورتيزن فيصبح خطراً على الإنسان، وصحيح أن الأطباء ينصحوننا بالإكثار من اللحم الأبيض، ويعنون بذلك السمك والدجاج (وليس الجري وراء النساء الأوروبيات والأمريكيات)، ولكنهم قطعاً لا ينصحوننا بتناول لحم أو خضار ملوث، وبعد الكلام الذي قرأته في صحف بريطانيا أخيراً أقول وداعاً للدجاج بل إنني على استعداد للتوقيع على معاهدة عدم اعتداء وصلح وتعايش سلمي مع أي ديك أو دجاجة. في ذروة الاستعداد لغزو العراق للإطاحة بحكم صدام حسين في عام 2003، استقدم الأسطول البريطاني في منطقة الخليج اثنين من أسود البحر المدربة للاستعانة بهما في رصد أية تحركات "كده أو كده" في مياه الخليج... "ماكو مشكلة.. نو بروبليم، تيكا؟"، ومنكم نستفيد، وبدلا من إهدار البلايين في شراء غواصات، نأتي بتلك الكائنات المائية (أسود البحر) لتحرس شواطئ بلداننا. ولكن قادة الأسطول البريطاني كشفوا النقاب مؤخرا، عن أنهم يستخدمون الدجاج لرصد التسربات الكيميائية والجرثومية خلال العمليات البرية، حيث يتم وضع عدد من الدجاج في مقدمة كل دبابة وسيارة مصفحة، فإذا مات الدجاج يكون العدو "عملها"، ويصبح من حق بريطانيا والولايات المتحدة ضرب هذه الجهة أو تلك بالسلاح النووي التكتيكي، ويقول الخبراء إنهم استنتجوا خلال حرب الخليج الثانية (الأولى كانت لتحرير الكويت، والثانية كانت لإسقاط حكم صدام حسين في العراق)، المهم أنهم استنتجوا بعد أن قام جماعة صدام حسين بإشعال النيران في حقول النفط الكويتية، أن الغازات المنبعثة من آبار النفط المحترقة تعوق وظائف أجهزة رصد الانبعاثات الجرثومية والكيماوية الضارة، وبالتجربة اكتشفوا أن الدجاج يصلح كقرون استشعار لكشف المواد السامة، بأن يكون هلاكه في موقع ما دليلا على تلوث ذلك الموقع. والخلاصة هي أن الدجاج صار يفتدي بني البشر، وبما أنه أصلا تتم تربيته للذبح، فما فيها شيء أن يموت في أراضي المعارك فداء للجنود، "شفت شلون البريطانيين في منتهى الحنيَّة والرقة؟) أقصد كان بإمكانهم استخدامنا كدواجن أو فئران تجارب فنحن "من يدهم هذي ليدهم تلك"، ولكنهم قرروا الاستعانة بالدجاج، ربما وفّرونا لـ "لساعة عوزة"، أي لأمر أكبر؟. ما لفت انتباهي هو أنهم يستخدمون في كل المناطق المشتعلة، بما فيها تلك التي تدور فيها معارك ضد داعش، دجاجاً أوروبياً، أي أن القوات الغربية في سوريا والعراق حالياً، تأتي بالدجاج من أوروبا ولا تشتريه من الأسواق المحلية، هل لأن دجاجنا غير موثوق به لكونه إرهابي النزعات بالميلاد، أم لأنه ملوث أصلاً ولا "يفرق" معه سلاح كيماوي أو بيولوجي؟. Jafabbas19@gmail.com
1313
| 02 أغسطس 2022
كان السودان يتباهى بكونه أكبر بلد في أفريقيا والعالم العربي مساحة، ثم انفصل شطره الجنوبي، وصار هناك سودان شمالي وآخر جنوبي وثالث بالبشاميل، ولكن خير ربنا كثير وما زالت لدينا مساحات تكفي لقيام كذا دولة، تفصل بين كل منها «شولة»، وتذكرت كل ذلك وأنا أخطط للسفر رفقة أم العيال بعد طول انحباس بسبب الكورونا، وبعد طويل تفكير قررت المطالبة بتقرير المصير، فقد انتبهت الى أنه وفي كل سفرة تكون حصتي من الأمتعة شنطة واحدة بينما نصيبها اربع حقائب، كل واحدة منها تطقطق، في تزامن مع قرقرة في بطني ذكرتني بأنه وأياً كانت محتويات حقائبها فهي بـ «فلوسي». وبصراحة وبدون زعل فالنساء مفتريات، فالرجل الذي عنده عشرين جلبابا او قميصا يقابلها عند زوجته 120 بلوزة و80 تي شيرت ومثلها «سكيرت»، وأتحدى اي زوج يعرف عدد أحذية زوجته، وقد كتبت في أكثر من مقال إنني وكلما أحسست بأنني أغضبت زوجتي فإنني أدخل عليها بـ «الجزمة»/ الحذاء، وكي لا يصيح إخوتي الرجال: برافو أبو الجعافر يا سيد الرجالة.. هكذا يكون الحسم!! أقول إنني أقصد أنني أدخل عليها حاملا جزمة جديدة لاسترضائها.. لو دخلت عليها بباقة ورد لصاحت: بلاش هبالة.. ارمي البتاع ده في الزبالة، ولو أتيتها بسلسل من الذهب لقالت بكل بياخة: عندي مثله، وغشوك وباعوا لك سلسل عيار 6 قيراط. والشاهد هو أن الجزمة- كما ذكرت الرجال والرياييل مرارا- وحدها تطيب خاطر الزوجة، فما من امرأة تصمد أمام إغراء حذاء جديد، وإذا كنت عزيزي القارئ تعيش قصة حب مع خطيبة نقناقة، فعليك بالجزمة: اشتر لها جزمة كل عيد وفي الويك إند، ولكن وبعد الزواج خذ العظة من صاحبنا المصري الذي دخل مع زوجته محلا لبيع الأحذية وقال للبائع: هات جوز جزم بدون كعب، ولكن الزوجة صاحت: لا أنا عايزاها بكعب عالي، فتجاهلها الزوج وقال للبائع: بدون كعب عالي، فما كان من البائع الحشري إلا أن قال للزوج: خليها تختار على ذوقها يا استاذ، وتشتري كعب عالي هو أنت حتلبسه؟ فجاء رد الزوج: هو انت اللي حتنضرب بيه؟ وبائعو الألبسة النسائية والمجوهرات من «أخس» خلق الله، فما أن تختار امرأة ما سلعة سعرها زهيد حتى يتكرم الواحد منهم بملاحظة من نوع: هذه ليست من مستواك، فتحس المرأة بالامتنان نحوه لأنه أدرك أنها من الناس الـ»هاي»!! وما انأ تختار شيئا غالي الثمن ولكن في منتهى البشاعة حتى يصيح: سبحان الله كأنه صنع خصيصا لأجلك. لايق عليك مائة في المائة. تذكرت ذلك الرجل المسكين ابن الناس الذي أبلغ زوجته أنه فكر بالزواج بأخرى: وانت تدللي وطلباتك أوامر!! فطلبت منه ان يأخذها الى متجر للذهب وهناك طلبت الزوجة من البائع أن يأتيها بأغلى عقد من الذهب عنده، فما كان من الأخير إلا أن انحنى ورفع عقدا متعدد الطبقات فصاحت الزوجة: خلاص ابغي هذا، ووضعه البائع على الميزان وكان وزن العقد كيلوغراما. نعم الف غرام، والتفتت الزوجة نحو بعلها وطلبت منه ان «يدفع»، ولكنه كان قد دخل في غيبوبة، فرشت عليه بخة عطر فاسترد وعيه وبدلا من أن يخرج محفظة نقوده خلع حذاءه وأراد ان يعتدي على البائع، ولكن الزوجة «فرملته» وقالت له بكل برود: احترم كلمتك ونفسك واعط الرجل قيمة العقد، وكان مع الرجل 30 ألف ريال لأنه كان يعتقد أنه ومهما اشتطت زوجته في الانتقام منه بسبب رغبته في الحصول على زوجة جديدة من الوكالة فلن يتجاوز ما تشتريه ذلك المبلغ. المهم دفع الثلاثين الف ريال، ثم عاد في اليوم التالي ودفع بقية المبلغ ولكن بعد ان أشبع بائع الذهب شتما: إخص .. يا انتهازي.. يا عديم الضمير. وأقول: لو أخر صاحبنا تبليغ الزوجة الأولى بنواياه التعددية، إلى حين نشر هذا المقال، لكان قد نال رضاها بعشرة أزواج من الأحذية قيمتها مجتمعة 15 الف.. قول 30 ألف ريال.. دون ان يخرج عن وقاره.
1657
| 26 يوليو 2022
عندما واجهت والدتي، رحمها الله، بأنها قصّرت كثيرا في تنشئتي حسب الأصول المنصوص عليها في البروتوكولات الطبية، وخالفت توجيهات دبليو. إتش. أو. WHO اسكتتني كعادتها بأن قالت إنني "شيوعي"! ولما قلت لها إن تلك الحروف الثلاثة ترمز لمنظمة الصحة العالمية، اعتبرت ذلك تأكيدا لأنني عميل، وولائي لجهة "عالمية". وقد حصلت على أدلة دامغة تؤكد أن أمي ارتكبت مخالفات جسيمة في تنشئتي، وحصلت على الأدلة من مصادر ألمانية، وبالتحديد من الجمعية الألمانية لطب الأطفال، التي قالت إن حليب الماعز غير مناسب للأطفال الرُّضَّع، لأنه يصيبهم بحساسية شديدة، كما أنه فقير في فيتامين "د" و"ب12"، والفوليت والحديد، (لا أعرف ما هو الفوليت، ولكن لو كان من مشتقات الفول فعندي منه فائض للتصدير). المهم أنه من الثابت تاريخياً أن أمي كانت امرأة أرستقراطية، وبما أنني كنت شرها نهما لا أشبع، فقد استعانت خلال سنوات طفولتي الأولى بمرضعة، أتذكر جيدا أنها كانت ذات شعر جميل، وحلوة التقاطيع وناهدة الثديين، وكي لا تتهمني بأنني كنت قليل أدب منذ سنوات الطفولة الأولى، أقول لك إن تلك المرضعة كانت عنزة/ معزة، وقد تم منحها تفرغا كي تلازمني خاصة في الأمسيات، حيث كانت تربط على رجل السرير الذي كنت أنام فيه، ويتم تزوديها بالعلف وهي على تلك الحال، وإذا تأخروا في تقديم الطعام لها، هجمت على الهلاهيل التي كنت أتمدد فوقها وتأكل جانبا منها، وعندما كبرت قليلا كنت أتغذى من حليبها بطريقة "ضرع – فم"، على وزن "أرض – جو"، وقد أدركت لاحقاً أن لبن تلك المعزة لم يكن مبستراً، ولم يكن ضرعها مغسولا بالديتول أو الكلوروكس، وكنت، حتى بعد الفطام، أكنُّ مودة خاصة لتلك المعزة طوال مرحلة الطفولة، وأعامل صغارها كإخوة في الرضاع، أحملهم على ذراعي وأجتهد في تعليمهم أكل الحشائش، وكان ذلك من باب رد الجميل لأنهم قاسموني لبن أمهم!! والآن فقط أدرك الأسباب التاريخية لالتهاب القولون الذي أعاني منه، فبعد إصابة قولوني بالتصحر حتى بات محتاجاً إلى بطانة اصطناعية، اكتشف الأطباء أنني أعاني من حساسية تجاه الألبان ومشتقاتها، وبالتحديد من سكر الحليب (لاكتوز)، وهكذا حرمت من مباهج الحياة المتمثلة في الآيسكريم وحلوى الكراميل، والآن فقط فهمت لماذا أصبت بقصر النظر، لأن حليب الماعز يفتقر إلى عناصر غذائية رئيسية وفقير في مواد كثيرة، وإذا أضفنا إلى كل ذلك أن جدي والد أمي يدعى رسميا "فقير"، اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن عجزي عن "تكوين نفسي" يعود إلى عوامل وراثية من جهة الأم. وقد غفرت لأمي أنها لم تحصّني ضد البلل بالبامبرز، وأنها لم تطعمني سريلاك وفارليز، ولم تسمح لي بمشاهدة أفلام ديزني، ورفضت تزويدي بـ "آيباد"، ولكن أن تعهد برعايتي إلى عنزة، بدلاً من مربية فلبينية، فهذا ما لم أستطع السكوت عليه، وقد فكرت في أن أرفع عليها دعوى أطالبها فيها بالتعويض، ولكنني صرفت النظر عن ذلك الأمر لأنها كانت سترغمني على دفع مبلغ التعويض من جيبي الخاص، وكان رد الفعل الوحيد المتاح لي هو حرمانها لنحو ستة أشهر من الراتب، ولكن كانت عاقبة ذلك أن تحرمني بدورها من "العفو" الشامل الذي سبق أن منحته لي والذي ظلت تجدده كلما خاطبتها هاتفياً! وهكذا أصدرت عفواً عاماً شاملاً عنها كي لا أضحي بـ "عفوها"، وتفاديت الخطأ في حق عيالي بأن أنقذتهم من لبن معيزها وربيتهم – دون فخر – على "حليب نيدو الذي تضمنه نستله" والمستخلص من ألبان ماعز خواجاتي أوروبي مما يعينهم على مواكبة العولمة. ثم انتصر خبراء التغذية لأمي عندما قالوا مؤخرا إن لبن الماعز أفضل قيمة لجسم الشخص الراشد من لبن البقر، ولهذا فإن الأجبان المصنوعة من لبن الماعز أعلى سعرا من الأجبان البقرية، ولكن الجبن المصنوع من لبن الحمير يعلو ولا يعلى عليه في فرنسا.
1178
| 19 يوليو 2022
مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6165
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5067
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3741
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2850
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2439
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1548
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1437
| 23 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1077
| 20 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
990
| 21 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
984
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
951
| 24 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
864
| 20 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل