رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حياتنا ليست فوضى بلا حسيب أو رقيب ، لكنها جملة قواعد ونظم وآداب ، وكلما توافقنا مع تلك الآداب والنظم والقواعد سارت حياتنا بالشكل الصحيح المرغوب، وكانت جميلة، فيما العكس صحيح دون أدنى ريب، ذلك أن أن مخالفة تلك القواعد والآداب، لا تأتيك إلا بكل ما هو منغص ومكدر ومحزن لك وربما لمن حولك. من الأخلاق والآداب الجميلة التي دوماً أحرص أن أدعو غيري إليها، أدب أو خُلُق الاعتذار عن الخطأ، فليس أحداً منا معصوم عن الخطأ، وأي أحد معرّض ٌلارتكاب الخطأ والاثنين والألف، فهكذا نحن البشر، وليس هذا هو موضوعنا، بقدر ما هو سرعة الاعتذار عن الخطأ إن وقع منا. إن الاعتذار خُلُق رفيع، بل صفة من صفات وشيم الرجال.. ذلك أن العيب ليس في وقوع الخطأ منك ومني ومنها كما أسلفنا، لكن العيب كل العيب أن يعتبر أحدنا ما وقع من الخطأ ليس شيئاً ذا أهمية أو أنه لا يستحق الالتفات إليه، فنمضي في حال سبيلنا غير آبهين لما يمكن أن يجر ذلك التطنيش للخطأ من مشكلات ويُحدث من آثار وتبعات.. ولعل هذا الشعور اللامسؤول وغير التربوي يعود إلى التنشئة أو التربية التي قام عليها الشخص غير المبالي بما يقوم به من أخطاء. إن من الأخلاق العظيمة الرائعة أن تعود عن الخطأ وأن تعتذر إلى من ارتكبت الخطأ أو الأخطاء بحقه أو بحقهم، ودع عنك ما يقال عن العائد والمعتذر عن الخطأ بأنه ضعيف شخصية، لأن هذا كله مجرد سخف من القول لا يمت للواقع وللحق القويم بشيء. لا تتردد أبداً في أن تتأسف لمن أخطأت في حقه أو حقها، فإن تلك المبادرة تعتبر خطوة أولى نحو إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي وإصلاح ما بدر منك. ثم كخطوة ثانية معبرة، انظر في عيني من ارتكبت في حقه أو حقها الخطأ، وأنت تنطق كلمة الأسف أو الاعتذار له أو لها؛ لأجل أن يقرأها أو تقرأها في عينيك قبل أن يسمعها أو تسمعها أذنهما. إن ما تقوم به وقت الاعتذار إنما هو أدب جم رفيع المستوى، ودلالة على ما تتمتع به من خلق النبل والشجاعة.. وإن الجبن كل الجبن في الترفع عن ذلك المسلك. فكم نحن بحاجة اليوم الى مثل هذه الأخلاقيات النبيلة التي بها تهدأ النفوس وتضيق حلقات التوتر والخلاف والمشكلات، وما أكثرها!
5130
| 16 فبراير 2014
لا أظن أحداً لا يحب الحياة، والله لم يخلقنا لكي يكره أحدنا الحياة ويعيش في يأس وبلا أمل.. ألست معي في هذه الحقيقة؟ قد تعيش لحظات معينة تكره بسببها الحياة وتتمنى لو لم تلدك أمك، لكن بعدها بفترة، سواء طالت أم قصرت، تنسى تلك الأمنية وتعود لإدارة عجلة حياتك! لكن بالمقابل قد تحب الحياة اليوم مثلاً لأنك حققت هدفاً عملت عليه فترة من الزمن، وبدأت تشعر بنتائج النجاح والإنجاز، فترى كل ما حولك بمنظار الناجح المنجز والمتفائل، وبالتالي سيكون طبيعياً جداً أن ذاك الشعور الإيجابي سيؤثر على نظرتك للحياة، من حيث حبك أو كرهك لها.. تبدأ وتكره الحياة حين لا تحقق ما ترجوه أو حين تخفق في أمر ما، وتجد نفسك أيضاً محاصراً أمام العديد من الصعوبات لا تجعلك تتقدم كثيراً في مشروع حياتي ما، فتنعكس تلك المشاعر الكئيبة بالضرورة على نظرتك لحياتك أو للحياة بشكل عام، فتبدأ باستشعار بعض الكراهية لها، وقد تقل أو تزداد بحسب ما حولك من عناصر مادية وبشرية مساعدة.. الأمر الوسطي والمقبول ها هنا، والذي أدعو إليه دوماً في كل مناسبة، هو ألا نكون ضحايا للظروف الحياتية حولنا، بحيث تكون هي المؤثرة في كيفية التفكير وكيفية الاستشعار والنظر إلى الحياة بشكل عام.. لو أنك تدبرت ما حولك وكل ما يحدث لك، لتأكدت أن الأمر كله مرتبط بالكيفية التي تتعامل معها، بحيث يمكنك أن تحب الحياة إن أردت ويحدث العكس كذلك إن أردت. المسألة بالطبع ليست سهلة ولكن أيضاً ليست بالصعوبة التي تجعلك تنظر إلى الحياة بنظرة اليائس المتشائم وفاقد الأمل.. يجب أن تدرك يقيناً أن كل ما يحدث لك في هذه الحياة الدنيا إنما هي اختبارات تتراوح في سهولتها وصعوبتها بحسب يقين وإيمان كل شخص، وأن الهدف الأسمى من كل تلك الاختبارات هو لتحديد موقعك ومركزك للحياة الأخروية الحقيقية، التي نسعى إليها، ولكن دون أن ننسى نصيبنا من هذه الحياة الدنيا أيضاً.. فهل وضحت الصورة؟
1848
| 15 فبراير 2014
تصور معي هذا المشهد .. لو كان كل من على هذه الأرض يعيش حياة هادئة هانئة عنده كل يتمناه ، لا قسوة فيها أو ظلم أو كدر، هل تجده يأتي ليظلم هذا أو يقسو على ذاك أو يضر تلك ؟ ستقول غالباً لا ، إلا من به خلل في تكوينه النفسي أساساً ، وهذا بالطبع ليس قاعدة يمكن أن نبني الأحكام عليها وفق تصرفاته ، لكن الحقيقة والأصل أن الإنسان لا يظلم غيره ما لم يجد الدافع إلى ذلك ، بل لماذا يفعل ذلك ويظلم مثلاً، وهو يعيش تلك الحياة التي نطمح إليها جميعاً ؟ قد تقول : لكن هناك من تتوفر فيهم كل تلك الصفات التي ذكرتها ولكن مع ذلك يتلذذون بتعذيب الآخرين وتكدير صفو حياتهم .. نعم ، هذه قصة طويلة أتفق معك عليها .. فماذا أريد أن أقول ؟ أغلب مآسينا ومشاكلنا ومظالمنا هي نتاج لأمراض نفسية متغلغلة في نفوس البعض الذي يتلذذ بتعذيب الآخرين ، رغم عدم وجود دوافع قوية تؤدي بهم الى ممارسة ذلكم انوع من الفعل مع الآخرين.. إنها أمراض الحقد والحسد والبغضاء واللؤم والغدر وغيرها كثير .. إنها هي الأمراض التي تتسبب في أن يكون هناك ظالم وقاسٍ ومتجبر وفاحش عنيد. ولو أن القلوب صافية لا غل فيها ولا حسد ولا حقد، والعقول متفرغة للتنمية والإنتاج وخير البشر، لم تكن لتجد ضحايا لأولئك الظلمة والمتجبرين والمجرمين. مرة أخرى ، ماذا أريد أن أصل إليه اليوم ؟ أريد أن أصل بكم إلى حقيقة دنيوية أرجو أن نعيها ونستوعبها ، خلاصتها أن هذه الدنيا هي دار كد وكدر، وتعب ونصب، وإعياء وعدم استقرار، وأن حياةً هذه صفاتها ومظاهـرها، فلا عجب أن تجد فيها مرضى قلوب ومرضى عقول، لا همَّ لديهم سوى إلحاق الضرر بالآخرين والانتعاش على حساب كدر الآخرين.. لكن ما يخفف على النفس أن ديننا العظيم يدعونا للصبر والتصابر، فهما العلاج الطبيعي لمثل هذه المشاعر إن كنت أحد الذين يستشعرونها ويحملونها .. فلا تنتظر يوماً أن تكون أو تعيش بلا كدر ولا تعب ولا ألم ، وأن تكون بعيداً عن الكيد والتآمر والتربص .. ولكن كلما صبرت وتصابرت، اشتد إيمانك وقويت إرادتك، وفهمت حقيقة الحياة الدنيا أنها قنطرة لحياة أخروية نتمنى كسب خيرها ونعيمها ، ولمثل تلك الحياة ندعو ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
1952
| 12 فبراير 2014
يحكى أن ملكاً حكم دولة ممتدة الأطراف ، وأراد يوماً القيام برحلة برية طويلة.. وخلال عودته وجد أن أقدامه قد تورمت من المشي في الطرق الوعرة، فأصدر مرسوماً يقضي بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد !! لكن أحد المستشارين حوله أشار عليه برأي آخر أفضل مما ذكره الملك نفسه ، وهو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط ، فكانت تلك الفكرة بداية صناعة الأحذية - أعزكم الله. العبرة من القصة أنه إذا ما أردت أن تعيش سعيداً في هذه الحياة، فلا تحاول تغيير كل الحياة أو كل العالم، بل ابدأ مشروع التغيير في نفسك أولاً، وابذل جهدك عليه ومن ثم حاول تغيير ما حولك أو الحياة أو حتى العالم بقدر ما تستطيع .. هذه حقيقة غاية في الأهمية وقلما ندركها ونحن نسير في مشاريع التغيير المتنوعة هنا وهناك. إن أردت أن يلتزم موظفوك مثلاً بالتعليمات والأنظمة والقوانين، فلتكن أنت من أكثر الناس التزاماً في السر والعلن.. وإن أردت أن تصلح أولادك وتحثهم على فعل الخيرات وترك المنكرات وغيرها من أعمال صالحة راقية نافعة في الدنيا والآخرة، فلتكن أنت ممن اعتادوا عليها ومارسوها قولاً وفعلاً.. وهكذا مع بقية الأمور الحياتية الأخرى. لا يمكن أن تغير الآخرين ما لم تكن أنت نفسك قد تغيرت فعلاً. إنك حين تدعو للتغيير وأنت قد مارسته ونجحت فيه، فإن المصداقية عالية جداً، وثقة الناس تزداد بك، وبالضرورة تكون إرشاداتك وآراؤك محل قبول ثم تنفيذ.. والعكس صحيح لا شك فيه. التغيير يبدأ من الإنسان نفسه ومن ثم ينتقل إلى الآخرين وبكل سهولة ويسر ، لماذا ؟ لأنك تثبت للغير عملياً ما هو التغيير ، ومصداقيتك بسبب ذلك أيضاً سيُشار إليها بالبنان ، وأمر تصديقك وقبول آرائك لاشك أنه سيجد قبولاً وثقة .. جرب الأمر، ثم انظر ماذا ترى.
1533
| 11 فبراير 2014
أغلب مؤسساتنا الحكومية تدار بواسطة فعل الأمر افعل ولا تفعل وعليكم وعليهم وهكذا.. هي مؤسسات مدنية ولكن فعلياً أقرب إلى العسكرية منها الى المدنية. اليوم يتجه العالم المتقدم في تطوير إدارته إلى الحث على التغيير والتطوير لتحل ما يُعرف بالمؤسسات الممكّنة، بدلاً عن مؤسسات التحكم المركزي أو الأوامر العسكرية. هذا التحول في النظرة إلى المؤسسات وطرق إدارتها لم تفرضها الرغبة في التغيير لمجرد التغيير، بل إن الدافع الأكبر هو الشعور المتدفق الآن إلى أن الإنسان هو الأساس في أي مؤسسة، والأهمية الإستراتيجية للعاملين فيها باعتبارهم العصب أو الأساس في إنجاح العمل من عدمه ولأنه صاحب الاحتكاك المباشر بالعمل وتفاصيله، فاقتضى وفق كل ذلك من تغيير نمط إدارته من الأوامر إلى التمكين. التمكين باختصار هو إعطاء كافة الموظفين السلطة والصلاحية الكافية لأن يعملوا براحة واستقلالية دون تدخل من رئيس قسم أو مدير إدارة أو من هم أعلى، فالتمكين يهدف أساساً إلى إشراك الجميع في صنع النجاح للمؤسسة، مثلما أيضاً يتحمل الجميع مسئولية أي فشل أو إخفاق. لو أنك كمدير مسئول وطلبت من موظف عندك أن يحدد العقوبة التي يستحقها جراء خطأ قام به، أو أن يكافئ نفسه على عمل وإنجاز قام به، فاعلم أنه سيشعر على الفور بالمسؤولية، فلا يمكنه أن يستهين مع نفسه في العقوبة أو أن يبالغ في تقدير مكافأته على عكس ما قد تظن. إن مشكلتنا كامنة في إساءة الظن بمن هم تحت إمرتنا وأنهم أقل مما نتوقع وأنهم كذا وكذا. نعم قد يكونون كذلك لو أنهم في مؤسسة الأوامر، فالكل فيها لا تعنيه إلا نفسه وفقط، وإن خربت المؤسسة كلها. فيما العكس هو الصحيح في مؤسسة التمكين. ظني أن نشر ثقافة التمكين تدريجياً، أمر يستحق التطبيق والتجربة، ومن شأن هذا الأسلوب في الإدارة الدفع بالجميع لأن يتشارك في تحمل المسئولية، ويكون الجميع سواء في المغنم والمغرم، أو الفشل والنجاح.. فهل نحن مستعدون لهذا النوع من الإدارة؟
484
| 10 فبراير 2014
النفس البشرية تحب دائماً الثناء والمدح والتقدير، وتكره النقد والبحث عن الأخطاء والعثرات، حتى لو كانت نية الناقد سليمة خاوية من أي أهداف وأغراض سيئة.. لكن هكذا هي النفس الإنسانية. موضوع النقد مهم لأنه عمل حياتي يومي تقريباً وما يحدث الانتقاد إلا بهدف التصحيح والتوجيه والحيلولة دون وقوع أخطاء مرة أخرى، لكن إن كان النقد لمجرد النقد، وحباً في توبيخ الآخرين، لمرض أو أمراض في نفس الناقد، فهذا أمر رغم أنه غير محبذ ولكن يمكن علاجه مع الوقت، على أن موضوع اليوم هو فعل النقد نفسه. كي لا نفقد الأصدقاء يوماً بعد آخر، فلنحاول أولاً أن نقلل من نقدنا لأفعال الآخرين قدر المستطاع ما لم تكن هناك ضرورة وحاجة ماسة للنقد والنصح والتوجيه. ذلك أن المرء حين يخطأ يتنبه إلى الخطأ فيقوم بتصحيحه فوراً أو بعد حين. وإذا ما صادف أن رأى أحدنا خطأً من فرد، ولم تكن هناك ضرورة إلى التوجيه الفوري وإمكانية التريث بعض الوقت، فمن الأفضل هنا ترك الأمر للشخص لأن يتنبه بنفسه إلى الخطأ ليعمل على إزالته وتصحيحه، ولا تحاول أن تسرع كالبرق في توجيه اللوم والتوبيخ أو حتى نقد العمل. فهذا له أثر سلبي على النفس. فإذا طال الوقت، ولم يتنبه الشخص للخطأ، وبدأ بتكراره فهنا يمكن البدء في عملية النقد. ابتعد في عملية النقد عن مس الذات من الأمور الأساسية، فلا يجب لوم الشخص ونعته بصفات غير محبذة أو رفع الصوت عليه، مهما كان وضع هذا الشخص. الانتقاد يجب أن يكون للعمل والفعل وليس الشخص. ثم اهتم بأن يكون نقدك للشخص على انفراد وليس أمام الجميع، وتبدأ تثني عليه أولاً وتعرج من بعد ذلك على الخطأ المرتكب، وتبيّن له أن الصواب يكون كذا وكذا. ولا تعد عليه أخطاء الماضي إن كان الشخص قد ارتكبها في وقت من الأوقات. حاول أخيراً أن تنتهي من الأمر بأن تعيد الثقة في نفس الشخص بكلمات إيجابية تطيب بها خاطره، وتؤكد له أن الأمر بسيط، وكل المطلوب منه أن يحاول منع تكرار الخطأ وبذل الجهد، وإنهاء اللقاء على ذلك.. أنت ها هنا تكون قد كسبت الشخص أولاً ومن ثم سيقوم من لحظته بالتركيز في حديثك لمنع تكرار أي أخطاء مستقبلاً.. وهكذا النقد البناء مع القلوب البشرية. والله من وراء القصد.
850
| 09 فبراير 2014
كل شيء حولنا إلى زوال ، وما من شيء يبدأ حتى ينتهي ويتوقف.. أو هكذا هي قوانين الكون ، ولن يبقى شيء في هذا الكون سوى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .. ولا نتحدث هنا عن شيء جديد غير معروف أو أنه أمرٌ جديد نكتشفه ، فإن ما سبق من القول هو حقائق هذه الحياة .. إن كل شيء إلى زوال لا محالة والمسألة ليست أكثر من مجرد وقت فقط.. طعامك وشرابك ولباسك ومقتنياتك بل صحتك وما تملك وفوق كل ذلك وتلك ، روحك .. كل شيء ينقص الى أن ينتهي ويفنى . علينا أمام هذه الحقيقة الكونية أن ندركها ونعيها ، فنعمل وفق ذلك على استمرارية عجلة الحياة وبإيجابية أكثر، لأن الجلوس والتحسر على ما مضى هو مضيعة للوقت ، فإن الجلوس بحسرة لن يعيد ما انتهى وزال. الأصل أن ندرك أننا في هذه الحياة إنما أشبه بمسافرين في رحلة طويلة حتى لو كانت هناك محطات توقف ، فإن تلك المحطات إنما للراحة والتزود بالطاقة من أجل الاستمرار في سفرنا الطويل ، حتى نعبر هذه الدنيا بأمان قبل الوصول الى محطة أهم هي الآخرة ، وهي الأهم والباقية . إذن لا خلود لشيء في هذه العاجلة ، وهذه حقيقة حياتية نلمسها في كل أمورنا ، بدءاً من أبسطها على شكل حبة عنب مثلاً نأكلها فتنتهي الحبة الى الأبد ، وصولاً الى أعقد الأمور الحياتية المتمثلة في الإنسان نفسه وزواله ، بعد عمر طويل مديد أتمناه للجميع.. وبما أن الحالة كذلك لكل شيء في هذه الدنيا العاجلة ، فالأمر إذن لا يستحق كثير عناء وقتال على الزائلات الفانيات ، والحكمة تقتضي التفكر والعمل للباقيات الخالدات ، وهذه خلاصة حديث اليوم من باب التفاكر وكذلك الذكرى التي تنفع المؤمنين ..
1162
| 08 فبراير 2014
من القصص الجميلة التي تروى عن حياة النبي الكريم موسى عليه السلام، أن صبياً جاءه يوماً يسأله أن يدعو ربه ليكون غنياً، فسأله موسى عليه السلام هل تريد أن يغنيك الله في الثلاثين الأولى من عمرك أم تغنى في الثلاثين الأخيرة؟ احتار الصبي وأخذ يفكر ويحسب ويفاضل بين الخيارين، حتى اطمان قلبه إلى الاختيار الأول، وهو أن يكون غنياً في الثلاثين سنة الولى من عمره، حيث أراد أن يستمتع بالمال والغنى في شبابه، فدعى موسى عليه السلام ربه أن يغني الصبي كما طلب في الثلاثين سنة الأولى من عمره، فاستجاب الله لدعوة نبيه، حيث بدأت أبواب الرزق تُفتح للصبي إلى أن صار غنياً ثرياً فاحش الثراء.. وكلما يتقدم الصبي في عمره كلما ازداد ثراءاً وغنى، وصار مشهوراً بحبه للخير ومساعدة الآخرين، حيث كان مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، يعين الغير على كسب أرزاقهم ويعاونهم في كسب قوتهم ويدعم تجارتهم وأعمالهم إضافة إلى تعاطيه للخير ومعاونة المساكين والفقراء والمحتاجين. مرت الثلاثين الأولى من عمر الصبي، ودخل في الثلاثين الثانية، وموسى عليه السلام ينتظر الأحداث أن تقع ويرى كيف يذهب الثراء عن الصبي تدريجياً، لكن تمضي السنة والثانية والثالثة ولا جديد سوى أن الصبي الذي أصبح شاباً قوياً، يزداد غناً وثراء!! فسأل الله بأن الأعوام الثلاثين الأولى قد انقضت، ودخل الرجل في الثلاثين الأخرى، وهو يزداد ثراء، فما الأمر؟ فأجابه الرزاق الكريم وقال: وجدتُ عبدي يفتح أبواب رزقي لعبادي، فأستحييت أن أقفل باب رزقي إليه. هكذا الخير وهكذا العطاء وهكذا الصدقة والمعروف.. أفعال إيجابية لا تنتج سوى الإيجابية وأحسن منها. وصنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة تطفئ غضب الرب، وما نقص مال عبدٍ من صدقة.. إلى آخر الآيات والأحاديث التي تحث على الخير والجود والإحسان. إنك حين تتعامل مع أكرم الأكرمين عبر تلك الأفعال، فإنك تربح دنياك قبل آخرتك.. أليست هذه غاية كل مؤمن؟
1136
| 07 فبراير 2014
إليك هذا المشهد الحياتي الذي يتكرر مع كثيرين منا.. هو مشهد قصير وفيه مقترح أو نصيحة.. إن واجهت أحداً يتحدث يوماً عن خبر معين أو حادث ما، وتعـرف أن الصواب قد جانبه ، فليس من داع لأن تثبت له براعتك في التصحيح أو علمك بالأصح، بل استمع له إلى النهاية دون أن تقاطعه، بل بدلاً من ذلك تبدأ في طرح ما عندك من معلومات وتحاول التصحيح بصورة متدرجة دون إظهاره بمظهر غير العارف أو أن معلوماته غير دقيقة، كأن تقول مثلاً بأنك سمعت نفس الخبر ولكنك سمعت أنه كذا وكذا، ولست متأكداً أنه صحيح.. وبما أنني سمعته بشكل وأنت بشكل آخر، فمن الأفضل أن نتأكد أكثر. سيدرك صاحبك فوراً أن معلوماته غير دقيقة وسيعمل على تصحيحها فوراً، وسيزداد إعجابه وحبه لك، فأنت لم تحرجه أو تجرحه، ولم تحفز هرمون الأدرينالين في دمه لكي ينتشر وبالتالي يتعنت ويستعد لمقاومتك بكل الصور. إن قام شخص بتخطئة آخر، سواء كان محقاً فيما يقول أم لا، وسواء كان على شكل منفرد أو أمام الغير، إلا أنه موقف صعب ومحرج وغاية في الصعوبة بالنسبة للطرف المجني عليه إن صح التعبير، وما حدث يمكن أن تقع فيه أنت أيها القارئ وأيتها القارئة كذلك. إنه موقف صعب على الإنسان، أي إنسان، أن يتقبله، وخصوصاً أنه موقف خال من الذوق وأدب الحوار والحديث والاستماع.. ولأنه موقف يسبب الكثير من الإحراج ، فتوقع أن يكون رد الفعل قاسياً من الشخص الذي وقع ضحية للإحراج، سواء قام بإظهاره أم كتمه في الصدر إلى وقت قريب والى فرصة سانحة لرد الصاع صاعين أو ربما أكثر! إن معرفة النفس الإنسانية ومعرفة خباياها وخصائصها، مهمة جداً في نجاح العلاقات مع الآخرين، وإن الجهل بها، كثيراً ما يؤدي إلى عواقب ونتائج غير سارة، والأمثلة في حياتنا أكثر من أن تُحصى.
1324
| 06 فبراير 2014
اليأس عدو خطير وخفي للإنسان، يهدم أكثر مما يبني. لا تيأس أبداً، ولا تدع ثغرة يمكن أن ينفذ منها اليأس إلى نفسك، بل حاول المرة تلو الأخرى في تحقيق ما تصبو إليه.. هذه خاتمة موضوع اليوم، ولكن نقولها من البداية، ولكن لا يمنع أن تقرأ تفاصيل الموضوع إن شئت. نوح عليه السلام أبرز مثال بشري على عدم اليأس، وأهمية بذل كل الأسباب الممكنة لتحقيق الهدف النبيل.. فقد جلس نوح عليه السلام يدعـو قومه أكثر من تسعة قرون.. وليس تسعة أيام أو أعوام، ومع ذلك لم يؤمن بدعوته أكثر من خمسة عشر إنساناً طوال تلك الفترة الطويلة! أما رسولنا الكريم عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام، فهو نموذج آخر جميل في هذا الموضوع، فهو صلى الله عليه وسلم لم ييأس من دعوة الناس إلى الإسلام، بعد أن واجهه صناديد وجهابذة القوم في مكة بالعند والسباب والأذى، ولم ييأس وذهب إلى قبيلة هنا وقبيلة هناك، فلعله يجد آذاناً تصغي، وعقولاً تعي، لكنه لم يجد سوى آذاناً صمّا، وقلوباً غلفا.. فهل أصابه اليأس؟ بالطبع لم ييأس، فكان ما كان من أمر الهجرة إلى المدينة، ورزقه الله العون والنصر من بعد تغيير الموقع، وكان على يد الأنصار الكرام. اليأس، لا شك أنه مشكلة كثيرين منا، نتورط معها منذ المحاولات الأولى في أي عمل، وللأسف أن البيئة المحيطة أحياناً كثيرة تساعد على بث روح الإحباط واليأس، حين لا تجد عوناً ومعيناً وباعثاً على الاستمرار، فما أن تفشل في عمل ما، حتى يبدأ يشمت الشامتون، وترتفع أصوات المنافسين الغيورين حتى تكاد تصل إلى أن تكره نفسك، وتكره ما أنت تقوم به أو ما تريد انجازه. إعادة لخلاصة الموضوع أقول: حاول أن تكون أنت من تدعم نفسك وتصر على المضي قدماً في طريق الأنبياء والمرسلين والعظام من البشر.. لا تيأس ولا تركن إلى ايحاءات النفس السلبية أحياناً والداعية إلى الركون والاستسلام في مدرسة الحياة، فلو أن كل الناجحين استسلموا، لما كان هناك دين أو فكرة جميلة أو اختراع صالح للبلاد والعباد.. "ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون".
1014
| 05 فبراير 2014
من التجارب الحياتية التي لا أشك أن أحدكم لم يمر بها في عمره المديد، هي تجربة الوثوق بالآخرين إلى درجة بالغة غير محددة، ثم تتهدم في موقف حياتي معين وما يحدث بعد ذلك من آلام نفسية تستمر حيناً من الدهر غير قصير. الإنسان منا يظل يبني في مشروع الثقة بشخص ما أو بآخرين حوله لسنوات عديدات، ولكن يمكن أن تلك الثقة أو ذاك الجهد في بناء الثقة بشخص ما في ثوان معدودات وبشكل درامي محزن، لخلاف أو حدوث ما هو غير متوقع من الشخص الذي وثقت به سنوات طوال. انظر إلى صعوبة الأمر.. الثقة التي تحتاج منك إلى سنوات عديدة لكي تبنيها وتعززها، يمكن أن تتهدم في ثوان قليلة ولا أقول في أيام معدودة.. فماذا يعني هذا؟ إنه يعني بوضوح وجلاء أهمية الحرص على عدم فقد ثقة الآخرين فينا بأي طريقة ووسيلة ممكنة، لأن الثقة عملية بناء تراكمي، فإن تهدمت فلا يصلح معها إعادة بناء، لأنه حتى لو تمت الإعادة، على سبيل الافتراض، فإن شرخاً دائماً سيكون في ذاك البناء حتى لو لم يظهر للعيان، باعتبار أن شروخات القلوب عظيمة.. هذه تجربة أولى. يوصي المجربون وأصحاب الخبرات الحياتية، ضرورة الاهتمام بخلق العفو أو غض الطرف عن إساءة الآخرين إليك.. هذا الخلق الرفيع لا يتطلب عقلاً كبيرًا وصدراً واسعاً فحسب، بل يتطلب تدريباً شاقاً على كيفية أداء ذلك العفو في وقته، لأن العفو عند المقدرة هو فعل وليس قولًا.. إن العفو، إضافة إلى ما سبق، خلق رفيع راق لا يصل إليه أي أحد بالسهولة التي يمكن أن تتصورها، وهذا درس حياتي ثان عميق نحتاج إلى بحثه ومذاكرته كثيراً وبشكل مستمـر. تجربة ثالثة تدور حول كسب الأصدقاء، حيث يوصي العارفون تجنب تغيير الأصدقاء بين كل حين وآخر خاصة إن وجدناهم قد تغيروا لسبب أو آخر.. لماذا؟ لأن التغيير أمر طبيعي وقانون حياتي وسنة كونية، يخضع له الجميع، أحياءً وجمادات، والتسرع في اتخاذ قرار تغيير الأصدقاء يجب أن يكون من بعد دراسة التغييرات التي هم تعرضوا لها، ومراعاة ذلك وبشكل منصف ومنطقي. إن الدخول في مشروع بناء صداقة مع الغير، شبيه بعملية بناء الثقة، بل إن بينهما صلة كبيرة وتداخل عميق، فالأمر يحتاج إلى فترة طويلة لكي تثق بشخص لكي تتخذه صديقاً، وقرار تغييره ليس سهلاً في غالب الأحوال، والتجربة خير برهان.
7378
| 04 فبراير 2014
شعور لا يوصف، تجده وقد غمرك كاملاً، حين تجد نفسك وقد أسرعت في تقديم الخير، مهما يكن نوعه، قولاً كان أو عملاً طيباً. وما ذاك الشعور الذي يسري بالنفس بعد عمل الخير إلا لأنه توافق مع فطرتك الطيبة المحبة للخير، وما التغيير الذي يطرأ على تلك النفس إلا بسبب بيئة شحيحة بخيلة أو شر محيط يمنع المسارعة بالخيرات. في الحديث، نجد سيد الأولين والآخرين يحثنا على المسارعة إلى فعل الخيرات، قبل أن تشغلنا شواغل الدنيا: "بادروا بالأعمال، فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعـرض من الدنيا". إن المسارعة إلى فعل الخيرات من أخلاق المؤمنين الصادقين ومن طبائعهم، وإن مثل هذه الأعمال إنما دلالة على رجاحة في العقل وسلامة في القلب، فإن إتيان الخير إنما هو نموذج رائع لقيمة العطاء، وغالباً ما يكون العطاء أصعب وأشق على النفس من الأخذ. حين تقوم بالعطاء والمسارعة إلى الخيرات، فإنما تثبت ها هنا أنك مفتاح للخير مغلاق للشر، كما بالحديث: "إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه". إضافة إلى ذلك، فإن المسارعة إلى فعل الخيرات، تدخلك تحت مظلة الآية القرآنية العظيمة: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين". أي مديح أجمل وأفضل من أن تكون من أئمة الخير، تسير وفق أمر الله، فيعطيك المولى عز وجل نتيجة ذلك، وحياً من عنده إلى فعل الخيرات، ما يعني المزيد من الرضا والبركات عليك، ولأنك بفعل الخيرات تلك، تستحق نعمة أخرى من نعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى، هي نعمة الحرص على الصلاة وإيتاء الزكاة، لتدخل بعد ذلك ضمن قائمة العابدين، وما أجملها وأزكاها من قائمة، وهل منا من لا يرضى أن يكون اسمه ضمن تلك القائمة؟
1870
| 03 فبراير 2014
مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
3873
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2235
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
2142
| 04 نوفمبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1317
| 04 نوفمبر 2025
في السودان الجريح، لا تشتعل النيران في أطراف...
1005
| 05 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
969
| 04 نوفمبر 2025
مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...
963
| 05 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
942
| 05 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
891
| 02 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
879
| 03 نوفمبر 2025
ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...
846
| 06 نوفمبر 2025
الناس في كل زمان ومكان يتطلعون إلى عزة...
831
| 07 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية