رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

زينة الدهـر (1-2)

ما من عظيم إلا رأيتَ في مسلكه كبوة أو في شمائله جفوة، ولما أراد الله سبحانه أن يمنن على العالم برجل يمسح آلامه، ويخفف أحزانه، ويرثى لخطاياه، ويستميت في هدايته، يناصر الضعيف ويقاتل دون حقه، ويخضد شوكة الظالم حتى يرده إنساناً سوياً، سليم الفطرة، لا يظلم ولا يطغى فأرسل محمداً صلى الله عليه وسلم، وسكب في قلبه من العلم والحلم والرحمة، وفي خلقه من الإيناس والبر وفي طبعه من الرفق واللين.في يده السخاوة والندى مما جعله أزكى عباد الله في كون الله الفسيح وأرحمهم عاطفة وأحناهم صدراً، وقد لازمته هذه الفضائل في أحلك الساعات وأصعبها.إن العصمة الإلهية حصنته فما يخبو له سنى أو يلحق خطوه عَثار.لقد طلع صبح محمد صلى الله عليه وسلم على الكون فأنار به وأوضح ما كان مبهماً أو غامضاً في أرجائه ، أنا أؤمن بأن النبي العربي محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وسلامه أشرف من مشى على الثرى، وأن أمجاد البشرية كلها التقت في شخصه، وأن تراث النبوات من بدء الخلق إلى الآن موجود في كتابه وسنته. وأن تعاليمه نسيج محكم من الوحي الأعلى تزدان الأجيال به وترشد.صحيح أن عباقرة الدنيا دون قدمه، بيد أن بشريته السامية تأهيل مجرد لحمل أمانات الرسالة الخاتمة، وتربية الأجيال التي تبقى عليها أبداً.لقد حاول المشركون في غزوة أحد اغتياله وألجأوه إلى حفرة لينكب فيها، ونظر إلى زهرة أصحابه.فوجدهم مضرجين بالدماء على الثرى ونظر إليه بقية أصحابه فإذا خده قد شق ورباعية أسنانه قد سقطت والدم يسيل على وجهه الشريف، في هذه الأزمة قيل له: يارسول الله ؛ أدع على المشركين، فغلبته رقته وجعلت نفسه العالية تستميح لأعدائه العذر فكان في دعائه يقول « اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون» بعد أن كانوا يقولون فيه (هذا ساحر كذاب) (بل هو شاعر) فقال لهم الله (وماهو بشاعر) إن محمداً نفذ من روحه النقي وفكره الثاقب في مردة الصحراء وظل يصقل معادنهم بجلَد غريب وهم يقاومونه بعناد رهيب حتى نجح في إنشاء جيل كان أصلب عوداً وأضوأ بصيرة من حواريِّي عيسى عليه السلام فقد صنع محمد عليه الصلاة والسلام أمة عجباً.ولا عجب فما التفت قلوب حول بشر كما التف المسلمون حول نبيهم، وما ظفر أحد بإعزاز وحب كما ظفر بذلك صاحب الرسالة الخاتمة.لقد قال عدوهم في وصفهم عندما قاتلهم: إنهم رُهبان بالليل فرسان بالنهار ولقد تميز أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام بأمرين لم يُعرفا في تاريخ النبوات الأولى.لقد نقلوا الوحي السماوي كله فما سقط منه حرف، ونقلوا السنة المطهرة كذلك وبوأ من التابعين من عمل عملهم، فإذا الإسلام يبقى في أصوله النظرية (الكتاب والسنة) مصوناً من كل شائبة.أما الأمر الثاني، فإن الصحابة رضوان الله عليهم هم الذين جعلوا عالمية الرسالة حقيقة واقعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لحق بالرفيق الأعلى ودينه لم يتجاوز حدود جزيرة العرب، وقد علم الأصحاب الكرام عليهم رضوان الواحد الديان- أن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث للعالم كله، (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً). فشرعوا ينساحون في الأرض مبشرين ومنذرين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

329

| 21 يونيو 2015

عاشق الـورد (2-2)

إن الله أعز وأسمى من أن يجعل وجوده قضية تحتمل القيل والقال، وإذا كان في البشر عميان لا يحسون مجده، ولا يشكرون رفده فهم أنزل رتبة من أن يُنصب لهم منبر.(إن الذين كفروا يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير).ترى لماذا يتناسى الناس آثار القدرة العليا وصنع الله الذي أتقن كل شيء ليس بشراً أو ملكا دخل في الإحياء والإماتة والإخصاب والإجداب إلا بإذن الله فليس لشيء في الأرض أو السماء وجود من ذاته، فافتقار العالم حقيقة أزلية كوحدانية الله سبحانه أزلية أبدية.سيبقى الناس ما داموا يتخلقون أجنة في بطون أمهاتهم سيبقون شاخصين لمن صورهم فأحسن صورهم ثم أحياهم، سيبقون شاخصين شخوص العبد لسيده الذي أضفى عليه الحياة ومنحه الوجود (هو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم...)قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابنه: يابني لو كان لربك شريك لأرسل هذا الشريك رسولاً من قبله يعرف به ويبلغ عنه، ما له أبكم لا يتكلم.ليس من المعقول أن يجهل ربنا شؤون ما خلق ومن خلق (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)إن عقيدة التوحيد ليست مبدأ نظرياً زانه الصدق فقط إنه منهج حياة واسعة.إن العقيدة أصل هائل لكل نهضة وإذا أفلح الاستعمار ومن خلفه لتكملة دوره في توهين عقيدة التوحيد مع بقاء العقائد الأخرى تسيرّ أصحابها- بغض النظر عن نصيبها من الحق والبطلان- فمعنى ذلك أنه دوخ نهضتنا وأشل حركتنا لا بل أوقف دولابها وسود مستقبلها.لقد علم الله أن الضلال لا يقف سلبياً جامداً، أنما هو ذو طبيعة شريرة فلابد أن يعتدي ويحاول إضلال المهتدين ويحارب الاستقامة (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) (ودوا ماعنتم) فالوحدانية التي يريدها الإسلام والتي لا مجال فيها لأي انحراف أو لبس هي أن يكون اتجاه الخلائق إلى الله وحده بالعبودية والعبادة، فلا يكون الإنسان عبداً إلا لله ولا يتجه بالعبادة إلا لله، فالربوبية الشاملة هي المطلقة هي إحدى كليات العقيدة الإسلامية فالله هو الرب المتصرف في كونه المخلوق بالإصلاح فيرعاه ويربيه، فالصلة بين الخالق والمخلوق دائمة ممتدة قائمة، ومن ثم كان التوحيد الكامل الخالص المجرد من الأرباب في الأرض أو السماء هو قاعدة التصور التي لا ينفك الإسلام يجلوها في الضمير ويتتبعها في كل هاجسة وكل شائبة حول التوحيد.وقد أعلن عن ذاته سبحانه عن توحيد ألوهيته وربوبيته في أكثر من موطن من كتابه العزيز، وعلى لسان رسله وسائر مخلوقاته فـ (الله أحد) تصريح بتوحيد الألوهية إذ لا معبود في الكون إلا الله (الله الصمد) إعلان بتوحيد الربوبية إذ أن لسان الكون يقول: لا خالق إلا الله وتوحيد القيومية فلا قائم ولا مدبر ولا مؤثر في هذا الوجود إلا الله لذلك جاء في التنزيل الحكيم (وإنْ من شيء إلا يسبح بحمده)اسمع أخي أختي هذه الخاطرة لسعيد النورسي " رحمه الله":لقد انتخب من كل نوع من الأنواع بلبلاً خطيباً يعبر عن طائفته، وفي مقدمة أولئك الخطباء البلبل العاشق للورد الذي يعلن عن حاجات طائفة الحيوانات البالغة حد العشق إزاء قافلة النباتات الآتية من خزينة الرحمة الإلهية والحاملة لأرزاق الحيوانات، تعلنها هذه البلابل بنغماتها الرقيقة على رؤوس أجمل النباتات تعبيراً عن حسن الاستقبال المفعم بالتسبيح والتهليل.فسبحان الله من جعل حديقة أرضه مشهر صنعته ، فحشد خلقته، مظهر قدرته، مدار حكمته، مزهر رحمته، مزرع جنته، ممر المخلوقات، مسيل الموجودات مكيل المصنوعات، مزين الحيوانات، منقش الطيور، مثمر الشجرات، مزهر النباتات معجزات علمه، خوارق صنعه، هدايا جوده، شواهد رحمته.فيا عجباً كيف يعصي الإله أم كيـف يجحده الجاحدولله فـي كـل تحـريكه وفـي كل تسكينة شاهدوفي كـل شيء لـه آية تدل علـى أنـهُ الواحدُوآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

299

| 20 يونيو 2015

عاشق الـورد (1-2)

الدنيا مليئة بالنِّحل المختلفة والحق واحد لا يتعدد هو الصراط المستقيم، هو القرآن الكريم هو الإسلام العظيم، إلَّا أن الباطل انتعش أمره وارتفعت رايته لغفلة أصحاب الحق الواحد.إن الذين يعبدون العقرب لا يظنون أنهم يخطئون والذين يعبدون الحجر كذلك والذين يعبدون البقر والشجر هل يشعرون أنهم ضالون مضلون، إنهم يعتقدون أنهم على صواب وقد نبه المولى عز وجل عنهم في مواطن عدة من كتابه الكريم فقال (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) إنهم لا يتصورون في أنفسهم أنهم ضالون وربما عابوا على من خالفهم ماهم عليه قال الله تعالى (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ...) فمع ضلالهم تراهم متحمسين لضلالتهم مستعدين للتضحية من أجل ما يعبدون من حجر أو بقر أو شجر وحتى حشرات.ليس في الوجود أحد يتجاوز مرتبة العبودية فكل ماعدا الله مخلوق له والله وحده المتفرد بالألوهية في السموات والأرض (وما من إله إلا الله) (وما من إله إلا إله واحد) المتفرد بالألوهية في السموات والأرض فمن قال عن نفسه إنه إله كادعاء فراعنة ونمرود الأمس وفراعنة اليوم كاذب، ومن قال الناس عنه ذلك فهم كذبة (ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم ...) وقد بعث الله الرسل عليهم السلام لتصحيح فكرة الناس عن الألوهية فإنهم وإن عرفوا أن لهم إلها؛ إلا أنهم أخطأوا في الإشراك به والفهْم عنه.والبشر الذين ادعوا الألوهية لم يكلفوا أنفسهم مشقة إدعاء ذلك لأنهم يعلمون أنه ليس لهم في إيجاد شيء من هذا الكون يدُ وأنّ هناك من أوجده وأنه ليس هناك شيء حدث من تلقاء نفسه فلم يبق إلا الله لذلك قال القرآن الكريم (أمْ خُلِقوا من غير شيء أم هم الخالقون، أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون).إن حديث القرآن الكريم عن الله عز في علاه يمزج بين أمرين:الأول : فقر العالم إلى الله وقيامه به واستمداده الوجود منه، إننا نحن البشر كسائر المخلوقات وجدنا بإيجاد الله لنا وبقينا بإمداد الله، ولولا الله لكنا أصفاراً، ولما ظهرنا من العدم فـ (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) أي إنه من المستحيل أن يتخلق شيء في هذا الوجود من غير خالق أو ينتظم من غير منظم (كل يجري لأجل مسمى).الثاني : أن هذا الخالق المدبر واحد لا شريك له، ليس له ند أو ضد، كل شيء هالك إلا وجهه من إنس أو جن من ملك أو مملوك من سيد أو صعلوك كلهم عبيد له يستوي في هذه العبودية حيوان مستخف تحت التراب أو ملك ساجد تحت العرش.(له مافي السموات والأرض ومابينها وما تحت الثرى).إن فالق الحب والنوى في الحقول والحدائق (إنَّ الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميتِ من الحي ذلكم الله فأني تؤفكون، فالق الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم).إنه منشيء الثمرات والنخيل الباسقات، فالق الإصباح وناشر نور الصباح في آفاق السموات والأرض، ودافع الكواكب تلتف حول نفسها (والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) أو تنطلق في فضائها من غير قائد أو سائق أو جناح تسعى له.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

583

| 19 يونيو 2015

الموسم الكبير

إن قطار الزمن يجري بسرعة غريبة، إنه لا يتوقف في محطة أبداً، انه دائب الحركة ليلاً ونهاراً فلا الليل سابق النهار ولا النهار سابق الليل.الإحساس بالزمن غريب لأن الناس يوم يلقون ربهم سيشعرون بأن الأعمار كلها قد أصبحت ماضياً ؛انكمشت وتداخلت أجزاؤها بعضها في البعض الآخر حتى أصبحت كتلة واحدة لا يعرف منها شيئا إلا أنها أصبحت ماضياً ذهب خلف ظهره ولن يعود. لذلك أخبر المولى عز في علاه عن حال الناس حين يرجعون إليه.(قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين) وقال( إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون).إنهم اليوم تحققوا أنهم كانوا في الأرض وأنهم يحسون لقصر مكثهم فيها وضآلة تلك المدة ويأسهم وضيق صدورهم لا يشغلهم عدد الأيام وعدتها لذلك جاء (فاسأل العادين) فهم لم يتذكروا طول المدة التي مكثوها في الأرض فقالوا: اسأل الذين يتذكرون حساب المكث الذين يعرفون ذلك أما نحن فنسيناه لذلك قال من لديه القدرة على رواج الأعذار كما يظن- فهو الأمثل في اختلاق المعاذير إذ قال كما أخبر عنه القرآن (إن لبثتم إلا يوماً...) هكذا تنزوي تلك الأعمار التي يعيشها الإنسان على هذه الأرض وتنطوي ، وتذهب تلك اللذات الحافلة بالمتاع، فما قيمة ليلة أو ليال محدودة وأيام معدودة يقضيها المرء في غير طاعة الله أو في معاصية؟لقد ذهبت تلك السنون وأهلها – فكأنها وكأنهم أحلام ، كنا قبل شهر رمضان نتهيأ لاستقبال هذا الشهر المبارك ثم بعد ذلك نتهيأ لاستقبال شهر آخر، وهكذا تمضي الأعمار، نستقبل شهراً ونودع آخر حتى نلقى ربنا. إن الزمن هو رأس مال الإنسان، وهو هبة الله – عز في علاه- لنا وهذا الزمن إما راحل عنا بخير وذكر حسن وإما راحل عنا بتفريط وتضييع حتى إن لسان حاله يقوله : ضيعك الله كما ضيعتني.إن الإسلام يريد تزكية الإنسان وتطهيره لا تعذيبه، ورفع مستواه عن مستوى الحيوانات المجترة ليطهره تطهيراً فالصوم حبس النفس عن مألوفاتها من الشهوات وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة في دنيا العالم، وتضييق مجاري الشيطان كما أنه رياضة الأبرار المقربين، وهو لرب العالمين (الصوم لي...) من بين سائر العبادات.إنه شهر تدريب الغرائز وتكوين الإرادات لا شهر الموائد والسهرات.فالأمة التي تغلب الشراهة أفرادها في هذين الأمرين البطون والفروج قد تنكب نكبة قاصمة إذا هي لم تحسن تحديد موقفها من كلا الأمرين فالويل لأمة يطلق أفرادها العنان لغرائزهم فما تقف عند حد (كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون) وطبيعة البشر أنهم إذا أحرزوا نصيباً من الشهوة استهانوا بما أحرزوه وطلبوا المزيد، والصيام عبادة وركن من أركان الإسلام قوامها: إن يمتلك الإنسان نفسه وأن تكون لديه العزيمة التي يترك بها ما يشتهي فهو تحرير الإرادة الإنسانية وجعلها خاضعة لأوامر الله- الخالق الرازق- لا لرغائب النفوس وبهذه الإرادة يكون الفرق بين الإنسان العاقل، والحيوان الأعجم الجاهل كما أن الصيام فارق بين من يملك زمام نفسه ومن أتبعها هواها هو فارق بين الناجحين من البشر والفاشلين المسحوقين من قبل الشيطان وحزبه من نفس وهوى. فمن طلب خطيراً خاطر ومن رام العسل تصبر على لسع النحل فمن رام الجنان ومجاورة عباد الرحمن عليه أن يروض هذه النفس ويشارك سواد الأمة فريضتها وأن لا يكون فتنة للذين كفروا إذ يقولون لو كان هذا الدين حقاً لما زهد فيه معتنقوه.إن المسلمين لا يعرفون قدر هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس ولا يعرفون قيمة هذا القرآن الذي أنزل فيه فاحرص أخي المسلم أختي المسلمة على هذه الأيام المباركة قبل أن يغادر الشهر أو أنت فلا تلتقيان إلى يوم الدين.وأخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين

393

| 18 يونيو 2015

من أفواه الأغنياء

قال الأديب الرافعي رحمه الله تعالى: إن الله تعالى أخذ اللذات من أفواه الأغنياء ووضعها في عيون الفقراء.إن من أخلاق الضعة التي رمانا بها الاستعمار قديماً – رمتني بدائها وانسلت – الشره في طلب اللذائذ، والرغبة في الراحة دون عمل، كن فضولياً واركب ساقيك في أي ساعة من ساعات الذروة والسعي في طلب الرزق وسترى العجب في المكاتب والدوائر والمحلات والشوارع، سترى من يبحث عن نيل المغنم القريب من غير مغرم يبذل، وقعود الهمم عن الآمال العراض مع إدمان للشهوات.ذهبت إلى جامعة من الجامعات لتقديم أوراقي لنيل درجة الدكتوراه وكانت الساعة بعد التاسعة صباحاً فلم أجد من أكلمه إلا مدير أو سكرتير مدير مكتب الجامعة فقلت له: أين الموظف المسؤول؟ فرد قائلاً: ذهب للفطور، وانتظرت جالساً أو واقفاً حتى العاشرة والنصف فلم يأتِ الموظف وعندها قلت للسكرتير: اسمح لي بالدخول على المدير، فقال: آسف إن المدير قد خرج! وبقيت على هذا المنوال ثلاثة أيام حسوما لم أستطع فيها مقابلة السيد المدير ولا من ينوب عنه ولم يتصدق علي موظف ويأخذ مني الأوراق، فاضطررت إلى تقديمها في جامعة أخرى وقد لقنت درساً في قيمة الوقت والتفاني في حب العمل فكنت أنتظر حتى الساعة الثالثة عصراً.لم يغادر المحتل بلادنا- عسكرياً - حتى يسر للعام والخاص، الأمي والمثقف، من يقرأ ومن لا يقرأ على السواء، يسر لنا الرتع في الدنايا فانتشرت حانات الخمور في الكثير من بلاد المسلمين، في كل مدينة وحيِّ من أحياء المدن بل قد رأيت في بعض بلاد المسلمين أن في كل زقاق أكثر من حانة وأكثر من دار خنا، فأبيح البغاء وشرعت القوانين لحمايته واحمرت الليالي أكثر أيام السنة بالسهر الماجن والعبث الرخيص وألوان الإثم والبغي التي يفتن فيها الفارغون كل ذلك بعد أن طمس الاحتلال الأجنبي معالم الفضيلة والدين الحق وترك الناس لا سراة لهم يموج بعضهم في بعض وهذا هو الذي كان ولا يزال يبغيه (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) حتى يخلو الجو في البلاد- خلا لك الجو فبيضي واصفري- فينهب من خيرها ما يشاء، لقد أصبحوا عبيداً لشهواتهم أولاً وعبيداً له آخراً.إن معركة الإسلام مع المستعمر لم تبدأ حتى لا نقول لم تنته (وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ) وتوشك أن تدور رحاها، ولن يستطيع المختالون في أزيائهم من الشباب الناعمين ولا المشغوفين بلذاتهم من حمل أعباء حماية الأديان والأوطان. الدين في بلاد المسلمين يعاني حرباً ضروساً من الجاهلين به والكائدين له من أمته المفرِّطة وأعدائه الحاقدين كي يزداد الشباب الحائر حيرة وكي تظل الأجيال موغلة في إضاعة الصلاة واتباع الشهوات.قد يطلب المقاتل وهو ذاهب إلى الموت أن يستمتع بالنساء قدر المستطاع بما يبيحه له دينه لكن الذي لا يفهم هو طلب الاستمتاع من غير وجهه، في الغرب لا سور يحول بينهم وبين ما يشتهون فرغبتهم في الاستجمام والترفيه بعد قد تفهم وإن كانوا قد ضلوا السبيل إليها سبل الحلال.لكن من لديه دين يرشده إلى السبيل الصحيح لماذا يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ يستبدل الخبيث بالطيب.إن المسلم في أرض الإسلام يريد أن يوفر لنفسه من ألوان النعيم وصنوف المشتهيات ما لا نظير له في باريس ولندن ونيويورك، وما لم يطلبه لأنفسهم الرجال الذين فجروا الذرَّة واستعلوا سطح القمر، سبحان الله قاعد عاطل صفر العقل واليدين لاهمة له من الدنيا إلا أن يستجلب اللذائذ ويقتني من العقارات ما لم يحلم آينشتاين وأمثاله ممن أنهكتهم الأفكار والأشغال!إن هذه الحال من عشق الدنيا وزينتها أقوى الذرائع للفتك في كيان أمتنا المريض وهي حال يعزف الاستعمار القديم الجديد على وترها ويشجعها بعقلية اللص الخبيث إنه لا يهمه أن يتعامل مع مغفلين ذوي شهوات جامحة ونفوس نزقة.أمراض الرجولة وإسقاط مستواها وإهاجة الغرائز وتنمية الروح الحيواني الرابض في الدماء وتمريغ الإسلام وإسكات صوته وتجرئ الأجْرَاء من الكتَّاب والإعلاميين على سلقه بألسنة حداد.إن انهيار الرجولة في العالم الإسلامي أمام طوفان اللذات التي يبعث بها الغرب ويسخِّر أدوات لا تحـصى في خـدمتها ونـشـرها،هذا الانهيـار هو تأمين لعودة الاسـتعـمـار من جـديـد – إن هو ذهب – وما لم نستكبر على هذه الرغبات ونتبعفي شأنها تعاليم السماء (قد جاءكم من اللّه نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) إن لم نفعل ذلك فلن تصلح لنا حياة ولا حرية، ولن تسلم لنا كرامة أو عزة.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1762

| 27 يوليو 2014

فراغ القلب

إن طال بالدنيا عمر وظلت الحياة ترقى في مضمار المعرفة على النحو الذي نرى فسوف تزول خرافات كثيرة ، وتنقطع أوهام استحوذت على تاريخ البشرية دهراً لأنك الآن لا ترى أحداً في القارات المتقدمة ينحت صنماً أو يصنع تمثالاً ثم يسجد له ويخشع بين يديه ، دعك من الهند وأمثالها والتي تقدس كل شيء من الفأرة إلى الشجرة مروراً بالبقرة .وقد قيل لآغا خان المدفون في أسوان أحقاً أنك تحمل روح الله في بدنك وأنك لهذا تعبد من دون الله ،ويزنك أتباعك بالذهب ؟ فسكت الرجل قليلاً ثم قال ضاحكاً : أنا أولى بالألوهية من غيري ، إنهم يعبدون البقر وأحسبني أفضل من عجل ! فمع التخلف العقلي تنتشر جهالات شائنة وسيمحو العلم خرافات شتى ويقطع حبالها وسيكفر الناس بالديانات الوثنية كلها .إن الصراع سيبقى بين نقيضين : الإيمان بالله الواحد المنزه عن كل صفات المخلوقين والإلحاد المعطل للألوهية .إن التدين – حقاً كان أو باطلاً- قد يهب معتنقيه راحة نفسية ، وقد يزودهم بطاقة روحية تشد من عزمهم أيام المآسي والآلام .إن الدين هو الاقتناع بالدستور الإلهي الخلقي الذي سنه الله في كتبه المنزلة المتعاقبة فهي أثمن كنز تغترف منه الحقائق الدينية وهي أسمى في مرماها من جميع العلوم الإنسانية ، وقد أوصى الدكتور ( هنري لنك ) في كتابه المترجم إلى العربية واسمه ( العودة إلى الإيمان ) أوصى مرضاه بالذهاب إلى معابدهم لأنه يقول " إن كل من يعتنق ديناً أو يتردد على بيت عبادة يتمتع بشخصية أقوى وأفضل ممن لا دين له ولا يزاول أية عبادة " ؛ لأنه يرى أن المجتمع الأمريكي قد تملكه مس من فراغ القلب وسطوة المادة وعرام الشهوات وفوران الغرائز وعربدتها .لا بد من دين تسكن إليه أفئدة البشرية من هول ما تعانيه من معاول الحضارة الحديثة .إن سلامة القلب الفطرة في عدد من الأطباء والمهندسين وعلماء الكيمياء والفلك وأمثالهم من الراسخين في علومهم والذين يهتفون جميعاً : إن لهذا العالم الفسيح الأرجاء قوة كبرى تشرف عليه وتضبط نظمه هي قوة الإله الأكبر الذي يحسن الخلق بآثاره ويعجزون عن إدراك كنه هذا العالم (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما أحد من بعده إنه كان حليما غفورا).يقول العلامة المعروف ( آينشتاين ) " إن أعظم جائشة من جائشات النفس وأجملها تلك التي تستشعرها النفس عند الوقوف في روعة أمام هذا الخفاء الساري في الكون والظلام المكتنف لمادته، إن الذي لا تجيش نفسه لهذا ولا تتحرك عاطفته ، ليس إلا حياً مثل ميت " .إن كثيراً من الناس تحت مشاغل العيش ووطأة الشهوات لا يحسون إلا بوجودهم المادي القريب حتى إن أحدهم ليقول ( وما أظن الساعة قائمة ) ويقولون كذلك ( إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين ) ، ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) إن الله خلق الناس ليعرفوه غير أنهم (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون).عيب الحضارة الحديثة أنها تكتشف الأسرار العظيمة ، ثم تقف حيث يجب أن تنطلق وتواصل السير لبلوغ مكنون هذا الكون أرضه وسمائه وما بينهما .إنك ترى ميت الأمس وقد شيعه ميت اليوم وكان يحدث صاحبه بجواره فيما يراوده من آمال عراض ويخامر أفكاره من طمع أو جشع غير مستفيد من موكب الموت عبرة، وبغتة تقوم ساعته أو ساعة يوم القيامة أيهما أولاً ، ويخرس صوت الإلحاد ويتبدد صداه في الكون ( واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ) .إن الإنسان بطبعه مجادل ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ) ولكن ما عساه أن يقول أو يفعل وقد وقع ما لم يكن بحسبانه ؟ لقد جفت حلوق الأفاكين ( خاشعة أبصارهم ) فما يقدرون على قول أو لغو أو هذر ، الكل حفاة عراة قيام لرب العالمين ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) وعندها وهي آخر السفرة وآخر المرحلة ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ).إنني أكره الجهل والكبر وأرجو ممن يتعالون على عباد الله أن يتعلموا ويتواضعوا .الكفر : فراغ القلب من الله مع فكر نكر لا قيمة له أمام التمحيص وبصيرة عمياء ( قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) وإنسان هذه حاله لن يكون له عمل (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) فلن يكون له عمل يوضع في موازين الحسنات ( ولا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) ولن يلقى له قبول عند الله ، فأقبل إلى نفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فزت بخيري الدنيا والآخرة .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1444

| 26 يوليو 2014

الحيوان المستأنس

الدين مدرسة لتعليم الكمالات وغرسها في النفوس وحمل الناس عليها حتى تنضج أحوالهم وأقوالهم وأعمالهم.ولا نزعم أن كل معتنق لهذا الدين أو منتمٍ إليه يحوزها ما يراد له من أنصبة الكمال الإنساني، وإنما نؤكد أن هذا الدين الإسلامي يستهدف الكمال النفسي لأتباعه قاطبة وأنه كالمستشفى يدخله كل إنسان ثم يأخذ من العلاجات ما يناسب علته حتى يبرأ من علله، وتتم له الصحة والعافية المنشودة. إلا أن الناس يتفاوتون في حظوظهم من العافية وتمامها، بيد أن من رفض هذا العلاج الموصوف له أو لعلته وأبى إلا البقاء بأدوائه، أخرج من المستشفى وسدت الأبواب في وجهه ومنع من الدخول لأنه عابث. وهكذا العبد يزوده الإسلام بكل ما يصلح علة قلبه فإن رفض ما قدم له من علاجات وأدوية، طرد من باب رضوان الله والوصول إليه.ذلك أن لعباد الله منزلة لا يرقى إليها المفسدون والمحرومون وطلاب الشهوات وعشاق العلو في الأرض والكبر على عباد الله.إن الدين صلة بالله رفعت أصحابها الذين نقَّوا أنفسهم من أدران الشر ونوازع الإثم فزكت أرواحهم وصفت معادنهم.هناك من يظن أن الاكتمال النفسي والصفاء الروحي يتوصل إليه برياضة اليوغا أو بالتأمل من دون إيمان بالله ونظر إلى ملكوته والتدبر لآياته وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.. هؤلاء أناس أدعياء مغرورون لا يجوز أن تكون لهم حرمة ولا أن تحفظ لهم بين عباد الله المتقين مكانة، لأن الدعامة الأولى لكمال الإنسانية والإنسان هي الاعتراف بالله وإن له الخلق والأمر والخضوع له والاستمداد منه والاحتكام لما أنزله من هدي السماء.إن المسلم الحق إنسان مشدود الأواصر بهذا المصحف الشريف وبالنبوة التي طبقت أحكامه وأبرزت أهدافه، وجعلت الحياة العامة والخاصة تستمد وجودها وضياءها من آياته وهداياته.إن الإنسان المسلم شخص لا يخلو ضميره من الله ما دام له قلب ينبض بالحياة، لذا فهو يستيقظ من الفجر ليقف بين يدي الله طالباً هداه راجياً عطاه وهذا قبل أن يخرج من منزله إلى ميدان الحياة كادحاً كاسباً ساعياً في طلب الرزق المبثوث في زوايا الأرض فإذا ما عاد مكدوداً "من أمسى كالاً من عمل يده بات مغفوراً له" عاد مرة أخرى قبل أن يأوي إلى فراشه ليصلي العشاء خاتماً بهذه الصلاة خمسة أوقات وقف فيها بين يدي الله من انفلاق الفجر إلى غبش الليل، هذا هو المسلم وما سوى ذلك فهو لون من ألوان العبث.إن كثيراً ممن خلق الله من البشر أو قل الحيوانات المستأنسة يقول بعضهم: "وما أظن الساعة قائمة"، ويقول الآخر: "إن هي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر"، وقد يقسمون على هذا الهذر ويؤكدون ألا حياة بعد ما يفارقون هذه الدنيا."وأقسموا بالله جهد أيمنهم لا يبعث الله من يموت"، هناك سوقة وملوك وزعماء وصعاليك سيبعثون، ولأنهم لم يعُدُّوا لهذا اليوم عدته سيكونون يوم القيامة والنشور في حالة لا يحسدون عليها، "رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة" إنه يوم تصحيح الأوضاع وفناء الزور وجلاء الحق، لقد شاعت في أيامنا هذه أن الإنسان يقاطع الدين فلا يخضع لأوامره ولكنه يجامله بكلمات باهتة: إن شاء الله، بارك الله فيك، الله يعافيك وأمثالها دون أن يختط لنفسه طريقاً في الحياة إلى المسجد وهو كذلك لا يقيم لمواريث السماء وزناً جملة وتفصيلاً ومع هذا الفقر الروحي وفراغ القلب من الله عز وجل في علاه، يزعم أنه مسلم وأنه استكمل كل أسباب الكرامة واستجمع كل خصال الخير، ان حكمه هذا من عند نفسه وحدها. إذا عرفنا أن إنساناً أنكر جميل إنسان مثله أسداه إليه فإننا نكن له الضيق والاحتقار فكيف بمن جحد جميلاً أسداه إليه الخلاق الرزاق الذي يتقلب في نعمه ظاهره وباطنه من المهد إلى اللحد.الإيمان اعتراف بالله الذي تكلم فأوضح وأبان عن نفسه وعن مراده من خلقه وبعث إلينا من يشرح لنا كيف نعيش وفق هذا المراد من هذه التوصيات العليا "كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ، أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ، وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ، إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"، من أجل هذا كله نحن نحكم بكفران المتمرد على الله وتوجيهاته ويعد فعله هذا خيانة عظمى أقل ما يجب فيها أنه يساق سوقاً وهو في الأغلال "إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون" ثم "إن كتاب الفجار لفي سجين"، "وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل..."وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

517

| 25 يوليو 2014

ليلة الاحتفال

نعم إنها ليلة عظيمة، فهي خير من آلاف الشهور في حياة البشر، لأن حقيقتها تفوق إدراك البشر المحدود، فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل القرآن وإفاضة نوره على الوجود كله وإسباغ السلام الذي فاض من روح الله على الضمير الإنساني والحياة البشرية إنها (سلام هي حتى مطلع الفجر)، إنها تشيع السلام في الأرض والضمير (تنزل الملائكة والروح فيها) إنه جبريل عليه السلام أمين الوحي يقود ركب الملائكة بالسلام الذي نزل في هذه الليلة إنه (بإذن ربهم) إنهم يشيعون هذا القرآن فيما بين السماء والأرض في هذا المهرجان الملائكي الكوني المهيب وللاحتفاء بهذا الدستور والمشاركة للملائكة الكرام بهذا الاحتفال المهيب أمرنا أن نصوم شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن فمن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، وتخص ليلة الاحتفاء والاحتفال والموكب المبارك (ليلة القدر) بمزيد إكرام " من صام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ".القرآن هو كتاب هذه الأمة الخالدة والذي هو آخر منشور من السماء والذي أخرج الأمة من الظلمات إلى النور فأنشأها تنشئة أخرى وأبدلها من بعد الخوف أمنا "ستسير الضعينة من صنعاء إلى بيت الله العتيق لا تخاف إلا الله " أو كما قال عليه الصلاة والسلام.لقد مكّن الله لهذه الأمة في الأرض، ووهبها مقوماتها التي صارت بها أمة ولم تكن قبل ذلك شيئاً، وهي من دون هذه المقومات ليست أمة وليس لها مكان في الأرض ولا لها ذكر في السماء. إن الحديث عن الليلة المباركة الليلة الموعودة المشهودة التي سجلها الوجود كله ومازال اسمها يقرع آذان الزمن مما يزيد على ألف عام لأنها ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى، تلك الليلة التي أنزل فيها القرآن أي التي بدأ فيها نزوله بواسطة أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ليبلغه إلى الناس، حيث بدأ اتصاله بالأرض في (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) ليفتح فيها ذلك الفتح على البشرية والتي يبدأ فيها استقرار هذا المنهج الإلهي في حياة البشرية وعن طريق هذا المنهج اتصل ويتصل الناس بالفوانيس الكونية مترجمة في هذا القرآن ترجمة تستجيب لنواميس الفطرة التي فطر الله الناس – كل الناس – عليها " كل مولود يولد على الفطرة " ويقيم على أساسها عالماً إنسانياً مستقراً على قواعد الفطرة واستجاباتها متناسقاً مع الكون (كل قد علم صلاته وتسبيحه) (وإن من شيء إلا يسبح بحمده).هذه الليلة المباركة سماها القرآن (ليلة القدر) وسماها (ليلة مباركة) وسمى الكتاب الذي أنزل في هذه الليلة المباركة الرفيعة القدر (كتاباً مباركاً)، إنه حدث القرآن والوحي والرسالة وليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الكون.إنها ليلة ولادة أمة وليلة دستور كون، ولذلك كان الاحتفاء والاحتفال من الملأ الأعلى بهذه الليلة عظيمة القدر مباركة النازل والمنزل عليه والمنزل فيه (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) ولعظمة هذه الليلة يفرق فيها بهذا القرآن (كل أمر حكيم) إن الله تعالى لا يحابي أحداً وإنما فضله يؤتيه من يشاء، إن إتاحة العمل لمن يقدر عليه فضل من الله - جل في علاه – (ولولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين) قل بفضل الله ورحمته.أن أمة ما، لا يجوز أن تنتسب إلى الله بمحض الدعوى لأنه لكل حق حقيقة فما حقيقة ماتقول؟ الأمة التي لا تنحني لله الواحد الأحد وتشابه أبي طالب في قوله " لا تعلوا ستي رأسي هذه " الأمة مصيرها كمصير أبي طالب لأنها لاتوحد الله ولا تنحني لوجهه ولا تخضع له، أما الأمة التي تتجه إلى الله الصمد فلا تدعو مع الله أحدا في الشدة والرخاء.الأمة التي تنقاد لله الحكم (إن الحكم إلا لله) فلا تقضي بغير شرعه ولا تحيا إلا وفق أمره.الأمة التي تصبغ باطنها بالتقوى وتملأ أرجاء الأرض بالعدل والإنصاف وتحد مطالبها ومآربها بحقائق الدار الآخرة ويوم العرض على الله.هذه هي الأمة التي يجوز أن تنسب نفسها لله وأنها أسلمت وجهها له.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

710

| 24 يوليو 2014

ليلة الاحتفال

نعم إنها ليلة عظيمة ، فهي خير من آلاف الشهور في حياة البشر، لأن حقيقتها تفوق إدراك البشر المحدودة ، فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل القرآن وإفاضة نوره على الوجود كله وإسباغ السلام الذي فاض من روح الله على الضمير الإنساني والحياة البشرية إنها ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) ، إنها تشيع السلام في الأرض والضمير ( تنزل الملائكة والروح فيها) إنه جبريل عليه السلام أمين الوحي يقود ركب الملائكة بالسلام الذي نزل في هذه الليلة إنه (بإذن ربهم ) إنهم يشيعون هذا القرآن فيما بين السماء والأرض في هذا المهرجان الملائكي الكوني المهيب وللاحتفاء بهذا الدستور والمشاركة للملائكة الكرام بهذا الاحتفال المهيب أمرنا أن نصوم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن فمن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وتخص ليلة الإحتفاء والاحتفال والموكب المبارك (ليلة القدر ) بمزيد إكرام " من صام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " .القرآن هو كتاب هذه الأمة الخالدة والذي هو آخر منشور من السماء والذي أخرج الأمة من الظلمات إلى النور فأنشأها تنشأة أخرى وأبدلها من بعد الخوف أمنا "ستسير الضعينة من صنعاء إلى بيت الله العتيق لا تخاف إلا الله " أو كما قال عليه الصلاة والسلام .لقد مكّن الله لهذه الأمة في الأرض، ووهبها مقوماتها التي صارت بها أمة ولم تكن قبل ذلك شيئاً ، وهي بدون هذه الموقومات ليست أمة وليس لها مكان في الأرض ولا لها ذكر في السماء . إن الحديث عن الليلة المباركة الليلة الموعودة المشهودة التي سجلها الوجود كله ولازال اسمها يقرع أذان الزمن مما يزيد على ألف عام لأنها ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى ، تلك الليلة التي أنزل فيها القرآن أي التي بدأ فيها نزوله بواسطة أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ليبلغه إلى الناس ، حيث بدأ اتصاله بالأرض في ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) ليفتح فيها ذلك الفتح على البشرية والتي يبدأ فيها استقرار هذا المنهج الإلهي في حياة البشرية وعن طريق هذا المنهج اتصل ويتصل الناس بالفوانيس الكونية مترجمة في هذا القران ترجمة تستجيب لنواميس الفطرة التي فطر الله الناس – كل الناس – عليها " كل مولود يولد على الفطرة " ويقيم على أساسها عالماً إنسانياً مستقراً على قواعد الفطرة واستجاباتها متناسقاً مع الكون ( كل قد علم صلاته وتسبيحه ) ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) .هذه الليلة المباركة سماها القرآن ( ليلة القدر ) وسماها ( ليلة مباركة ) وسمى الكتاب الذي أنزل في هذه الليلة المباركة الرفيعة القدر (كتاباً مباركاً ) ، إنه حدث القرآن والوحي والرسالة وليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الكون .إنها ليلة ولادة أمة وليلة دستور كون ، ولذلك كان الاحتفاء والاحتفال من الملأ الأعلى بهذه الليلة عظيمة القدر مباركة النازل والمنزل عليه والمنزل فيه (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) ولعظمة هذه الليلة يفرق فيها بهذا القرآن ( كل أمر حكيم ) إن الله تعالى لا يحابي أحداً وإنما فضله يؤتيه من يشاء ، إن إتاحة العمل لمن يقدر عليه فضل من الله - جل في علاه – ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ) قل بفضل الله ورحمته .أن أمة ما، لا يجوز أن تنتسب إلى الله بحض الدعوى لأنه لكل حق حقيقة فما حقيقة ماتقول ؟ الأمة التي لا تنحني لله الواحد الأحد وتشابه أبي طالب في قوله " لا تعلوا ستي رأسي هذه " الأمة مصيرها كمصير أبي طالب لأنها لاتوحد الله ولا تنحني لوجهه ولا تخضع له ، أما الأمة التي تتجه إلى الله الصمد فلا تدعو مع الله أحد في الشدة والرخاء .الأمة التي تنقاد لله الحكم ( إن الحكم إلا لله ) فلا تقضي بغير شرعه ولا تحيا إلا وفق أمره .الأمة التي تصبغ باطنها بالتقوى وتملأ أرجاء الأرض بالعدل والإنصاف وتحد مطالبها ومآربها بحقائق الدار الآخرة ويوم العرض على الله .هذه هي الأمة التي يجوز أن تنسب نفسها لله وأنها أسلمت وجهها له .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

428

| 23 يوليو 2014

حملة المباخر

إذا ذابت حرية الفرد في سلطان الحكم المطلق ، وشعر جمهور الأمة بالانزواء والانكماش أمام إرادة واحدة مكنتها الأقدار لخلل في الموازين من السيطرة والامتداد ، فالعالم في عصوره الأولى لم يسلم بل لم يخل من أولئك المستبدين الجبارين ، وقد كانت المسيحية كغيرها أو أشد تعرضاً لهذا اللون من الطغيان حتى إن الكنيسة التي تمثل الدين والتدين لم تسلم من هذا الطغيان منذ أن أوقدت النار بالمصلح الإسباني ( سرفتيوس ) بعد أن قرر القضاء ( الشامخ ) إحراقه سنة 1553 ، وتبادل رجال الدين والدنيا التهاني عقب إحراقه ، ولم تنته هذه المآسي وكان آخر هؤلاء الخارجين على سلطان الرب رائد علم الفلك الحديث ( كوبرنيكوس ) فقد وصف بأنه منجم مأفون مصاب بمس وهذا مذهب العاجزين عن الوقوف أمام سطوة الحق وسلطانه، منذ فرعون وحتى خاتم المرسلين إذا قالوا ساحر أو مجنون إما أن يعطى الحق لكل متسلط وأن يفرض على الأمة التي سلط عليها الدين الذي يراه هو ، هذا هو مذهب فرعوني قديم (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ )لكن احذروا أن يكون لكم رب سواي فأنا ربكم الأعلى ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين). حدث في العالم الإسلامي ما حدث في بلاد النصارى إذ أن الفساد السياسي لكي يسوق نفسه عند المسلمين لا بد أن يعتمد على رجال دين باعوا أنفسهم للشيطان( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ) ثم (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ) وتمسحوا بذيل بغلة السلطان وحملوا له المباخر .إن شهوة الملق عند شيخ زائغ أوغل في الفساد من شهوة شرب الخمر وشهوة الزنى عند الشاب الطائش لأن فساد ذلك الزائغ المتمسح بالدين والأكل السحت أشد على الأمة ؛لأن فساد الشاب الطائش على نفسه لغلبة الهوى عليه .إن جنون العظمة وعبادة الذات التي تقود إلى الفرعنة وقسوة القلب يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم وييتم أطفالهم ويهلك الحرث والنسل ( إنه كان من المفسدين ) .إن الاستعباد كان ولا يزال الغول الذي يأكل ويأكل ديننا ودنيانا فهل يأتي اليوم الذي نقتبس فيه بعض الأجزاء النبيلة التي فعلتها الأمم الأخرى عندما ابتليت بمثل مصابنا الذي لا نزال نحن فيه ؟ إن ديننا يقول " لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق ولا يأخذ الضعيف فيها بحقه من القوي غير متعتع " فكيف يمكننا تحويل هذا الكلام الرائع الرائق إلى مواد دستورية ملزمة يقاضي فيها الحمال سعادة الوزير ؟ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) إننا منتمون إلى الإسلام ومنكرون لكثير من مسلماته في وقت واحد منتمون له بالميراث وخارجون عليه بالعمل ، مادياً ودينياً . سلطان عضوض يعمل لنفسه ويعمل لله – يصلي ويصوم – يبدؤك بالسلام يجعل ذلك عطاء يداري به عامة المسلمين ويغطي على نهمته في الجاه والسلطان وسلب أموال العباد .الحق أن المسلمين ابتعدوا عن دينهم مسافات شاسعة وأن المكانة الهون التي انحدروا إليها ماهي إلا نتيجة لازمة لما فعلوا بأنفسهم ورسالتهم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .إن تحريف الكلم عن مواضعه آفة أصابت وتصيب الأديان على امتداد الزمان ولهذا التحريف مظاهر ثلاثة : التأويلات الفاسدة والباطلة للنصوص والتي تحول اللص شريفاً والأمين لصاً والقاتل زعيماً والمقتول خارجياً .تعطيل العمل بعدد من الأوامر والنواهي مع توارث هذا التعطيل جيلاً بعد جيل حتى نشأ خلوف لا يرون الصواب إلا في هذا وكأنه قد نسخ الأمر وباد .التدخل في النص القطعي الإلهي بالزيادة عليه أو النقص منه اتباعاً للهوى وابتداعاً في الدين .إن هؤلاء السدنة وحملة المباخر لن يفلحوا لا عند الله ولا عند الناس فالناس العقلاء يحترمون أصحاب المبادئ والمواقف الحازمة الصحيحة .ماذا ينفع لرجل افاك مبين زين للظالم استبداده وظلمه وبطشه أن يدفن في مقابر الصالحين وقد كان سوطاً مسلطاً فوق رؤوس المستضعفين. ما قيمة أن يدفن الرجل في البقيع أو أن يدفن في مقبرة أحمد بن حنبل والجنيد البغدادي أو السيد الشاذلي وكان أيام حياته يكره الظل الذي يتبعهم .إن ناساً خالطوا الظلمة وباشروا الظلم ثم تراهم يفرحون إذا قيل لهم سنغسل أكفانكم ونغسلكم بماء زمزم وستدفنون في مقابر الصالحين ، إنهم يدفنون على ما ماتوا عليه أما علموا أن مساعد الظالم ظالم ؟ ({قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً (15) لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً (16)إننا نشكو إلى الله من أناس يخذلون الإسلام ويمالؤن أعداءه وقبله نشكو إلى الله أناساً متطفلين على هذا الدين قست قلوبهم على عباد الله وذهبوا بأنفسهم مذهباً مستعلياً فهم يرمون بالكفر والفسق كل من لا يوافق هواه أهواءهم والموعد هناك ( يوم يجمعكم ليوم الجمع ) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1779

| 22 يوليو 2014

لك عهد الله

الأمة الإسلامية أمة عَبَّادة لله ودعوة إلى هذه العبادة وانشغال بتكاليفها في الغدو والآصال وتوكل على الله وارتقاب دائم لفضله ورضاه . و(ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ...) .إن أنواع الكمال كثيرة ، وقد علمنا إنها لاتنشأ ارتجالاً ولكنها تتكون على مكث ،ومع عوامل متوافية ، فإذا كان اكتمال الإنسان يحتاج مثلاً إلى أخلاق الصدق في القول والعمل ، والنظام في الحركة والسكون فإنه لا يظهر جسداً وروحاً إلا بما تغرسه هذه الأخلاق في كيان الإنسان ، فلتربط هذه الأخلاق الصلوات الخمس المكتوبة على كل نفس ليلا ونهاراً .وجه يغسله خمس عشرة مرة كل يوم لم لا يكون وضيئاً ؟إنسان يعرض قلبه على ربه ويقف بين يديه ( طرفي النهار وزلفاً من الليل ) لم لا يكون مخلصاً ؟ مجتمع تصطف فيه المناكب والأقدام ، كما تُصَف الملائكة ، وتطلب لهذه الصفوف مراراً خلال اليوم والليلة لم لا يكون منظماً؟ فإذا أردت الصلاة لله فلا يستطيع أن يحجبك عنه مخلوق صغر أم كبر .أرأيت بلالاً العبد الضعيف الذي قاوم جبروت قريش حتى قال : " افعلوا في هذا الجسد ما شئتم أما قلبي فلا يمكنكم أن تحولوا بينه وبين معبوده- أحد ،أحد - والله لو وجدت كلمة هي أغيظ على قلوبكم منها لقلتها ."فمن حق بلال ومن حقك أن تقف بباب سيدك الذي أوجدك ( من ماء مهين ) دون أن يحول بينك وبينه كبير أو صغير ، ومن حقك أن تسأله وتستغفره دون استصحاب صغير حقير أو كبير جليل فأنت تتصل بفاطر السموات والأرض . بين الحين والحين يشق حجاب الصمت السائد في القرى، لو رأيت ذلك في ماليزيا أو أندونيسيا أو مجاهل إفريقيا أو تركيا ، إذا كنت سائراً في نزهة أو ساكناً في منتجع ريفي وإذا بمنادي التوحيد وكذا تسمعه يغالب دوي الضجيج في أنقره أو أسطنبول أو جاكرتا أو حتى الثكلى في بانكي في وسط أفريقيا . صوت جهير رتيب واضح الكلمات حاد النبرات ، لا صوت ناقوس مبهم مجرد المعنى ولا صوت ناي راعي الغنم أو بقر ، إنه صوت فيه روحانية بلال وعبق التاريخ المشرف ، إنه هتاف يعيد إلى الأذهان والمشاعر الوعي إلى الغافلين بأزكى ما في الحياة من حقائق .إنه يزيح الذهول ويقتحم أسوار المآرب الدنيوية التي حجبت وراءها كل معالم التاريخ العبق ، وقد سئل أحدهم لم تأتِ المسجد قبل الأذان ؟ قال الأذان للغافلين وإني لأرجو أن لا أكون من الغافلين.إنه صوت المؤذن يقول لأهل الأرض جميعاً ( وما أرسلنك إلا كافة للناس ) – الله أكبر الله أكبر من كل شيء ويشهد إن الله كبير متعال . تستمع إليه من خلال حفيف الشجر وسكون الليل . إن الإسلام تضمن جملة من العبادات والفرائض من شأنها أن توقظ القلب الهاجع ، إن غلبته سنة عارضة منها : الدعوة التامة ( الأذان ) .لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسهمُ الإسلام ثمانية وقد خاب من لا سهم له: الإيمان سهم ، والصلاة سهم ، والصيام سهم ، والزكاة سهم ، والحج سهم ، والجهاد سهم ، والأمر بالمعرف سهم والنهي عن المنكر سهم ".إن كثرة المعالم والمنارات التي بثها الإسلام في طريق المسلم ينبغي أن تمنعه من التوهان وأن يذهب مع مطارح أهل الزيغ عن الصراط ، وذلك ما صنعه المسلمون أخيراً وما ظهر جلياً في مسالك الأجيال المتأخرة .ونحن نعلم أن الصلوات الموقوتة – ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ) .ليلاً ونهاراً حقيق بها أن ترد المسلم إلى الله إذا أبعده الشيطان عنه وأن يوجه قلبه إليه إذا صرفته فتنة عارضة ( إن الذين اتقوا إذا أصابهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) نعم ، ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) فلنربط هذه الأخلاق بالصوم وما يوحي به من عفة وتماسك وانضباط .نعم ، إن هناك من يصلي إلا إن صلاته لاتنهاه عن سوء أو فحشاء من القول والعمل ، إن قيمة المصلي الذي يقرأ وراء إمامه حرفاً خرج عن سمت الخشوع ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) .والذي لا يقرأ القرآن وراء إمامه لم يفته إصابة الحق والكل على خير والأمر لا يستحق النزاع ، والمهم إن المصلي يجب أن تنهاه صلاته عن الموبقات فالذي لا يضبط لسانه ولا يضع ميزاناً لأقواله ولأعماله فقد خسر خسراناً مبيناً .المهم أن نجعل هناك سياجاً نضبط به تصرفاتنا ونربط بين الصلاة والصيام وما يوحي به من عفة وتماسك وانضباط وأن نتعلم من الصوم الاقتصاد في الضروريات والمرفهات فإن الاقتصاد نصف المعيشة و( كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) كما كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتوصل العبد بربه وتجعله على اتصال دائم به ومع ذلك فهي لا تزيد على سبع عشرة ركعة في اليوم والليلة ولا يستغرق أداؤها أكثر من نصف ساعة في هذه الأوقات كلها ، والذين يفرطون في هذه الصلوات لا يستحقون من الخالق تقديراً ولا من المخلوق اعترافاً بالفضل ، فليس أولى بالاستهجان ممن ينصرف عن ربه وخالقه ورازقه ومسدي إليه الخير كله ويتشاغل عن أداء ما وجب عليه من حق ." خمس صلوات كتبهن الله على العباد ، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأتي بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة )ومن حافظ عليهن كن له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

395

| 21 يوليو 2014

خاب من لا سهم له

إن كثرة المعالم والمنارات التي بثها الإسلام عن طريق المسلم ينبغي أن تمنعه من التيهان وأن يذهب مع مطارح أهل الزيغ عن الصراط، وذلك ما صنعه المسلمون أخيراً وما ظهر جلياً في مسالك الأجيال المتأخرة.ونحن نعلم أن الصلوات الموقوتة – (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) ليلاً ونهاراً حقيق بها أن ترد المسلم إلى الله إذا أبعده الشيطان عنه وأن يوجه قلبه إليه إذا صرفته فتنة عارضة (والذين إذا أصابهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) نعم، (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، فلنربط هذه الأخلاق بالصوم وما يوحي به من عفة وتماسك وانضباط.نعم، إن هناك من يصلي إلا أن صلاته لا تنهاه عن سوء أو فحشاء من القول والعمل، إن قيمة المصلي الذي يقرأ وراء إمامه حرفاً خرج عن سمت الخشوع (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون).والذي لا يقرأ القرآن وراء إمامه لم يفته إصابة الحق والكل على خير والأمر لا يستحق النزاع، والمهم أن المصلي يجب أن تنهاه صلاته عن الموبقات فالذي لا يضبط لسانه ولا يضع ميزاناً لأقواله ولأعماله فقد خسر خسراناً مبيناً.المهم أن نجعل هناك سياجاً نضبط به تصرفاتنا ونربط بين الصلاة والصيام وما يوحي به من عفة وتماسك وانضباط وأن نتعلم من الصوم الاقتصاد في الضروريات والمرفهات فإن الاقتصاد نصف المعيشة و(كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) كما كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتوصل العبد بربه وتجعله على اتصال دائم به ومع ذلك فهي لا تزيد على سبع عشرة ركعة في اليوم والليلة ولا يستغرق أداؤها أكثر من نصف ساعة في هذه الأوقات كلها، والذين يفرطون في هذه الصلوات لا يستحقون من الخالق تقديراً ولا من المخلوق اعترافاً بالفضل، فليس أولى بالاستهجان ممن ينصرف عن ربه وخالقه ورازقه ومسدي إليه الخير كله ويتشاغل عن أداء ما وجب عليه من حق."خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة"، ومن حافظ عليهن كن له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة.إن الإسلام تضمن جملة من العبادات والفرائض مثل الصلاة توقظ القلب الهاجع، إن غلبته سنة عارضة منها: الدعوة التامة (الأذان).لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسهم الإسلام ثمانية وقد خاب من لا سهم له: الإيمان سهم، والصلاة سهم، والصيام، والزكاة سهم، والحج سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعرف والنهي عن المنكر سهم".وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1448

| 20 يوليو 2014

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4227

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1893

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1770

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1611

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1422

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1161

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

903

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

663

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

633

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

552

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

534

| 09 ديسمبر 2025

أخبار محلية