رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الأمة الإسلامية أمة عبَّادة لله، ودعوة إلى هذه العبادة وانشغال بتكاليفها في الغدو والآصال، وتوكل على الله بره، وارتقاب دائم لفضله ورضاه. (ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل...).إن أنواع الكمال كثيرة، وقد علمنا إنها لا تنشأ ارتجالاً ولكنها تتكون على مكث، ومع عوامل متوافية، فإذا كان اكتمال الإنسان يحتاج مثلاً إلى أخلاق النظافة في القول والعمل والنظام في الحركة والسكون فإنه لا يظهر جسداً وروحاً إلا بما تغرسها هذه الأخلاق في كيان الإنسان، فلتربط هذه الأخلاق الصلوات الخمس المكتوبة على كل نفس ليلا ونهاراً.وجه يغسله خمس عشرة مرة كل يوم لم لا يكون وضيئاً؟ إنسان يعرض قلبه على ربه ويقف بين يديه (طرفي النهار وزلفاً من الليل) لم لا يكون مخلصاً؟ مجتمع تصطف فيه المناكب والأقدام، كما تصف الملائكة، وتطلب لهذه الصفوف مراراً خلال اليوم والليلة لم لا يكون منظماً؟ فإذا أردت الصلاة لله فلا يستطيع أن يحجبك عنه مخلوق صغر أم كبر.أرأيت بلالاً، العبد الضعيف الذي قاوم جبروت قريش حتى قال: "افعلوا في هذا الجسد ما شئتم أما قلبي فلا يمكنكم أن تحولوا بينه وبين معبوده- أحد، أحد - والله لو وجدت كلمة هي أغيظ على قلوبكم منها لقلتها.فمن حق بلال ومن حقك أن تقف بباب سيدك الذي أوجدك (من ماء مهين) دون أن يحول بينك وبينه كبير أو صغير، ومن حقك أن تسأله وتستغفره دون استصحاب صغير حقير أو كبير جليل فأنت تتصل بفاطر السموات والأرض. بين الحين والحين يشق حجاب الصمت السائد في القرى، لو رأيت ذلك في ماليزيا أو إندونيسيا أو مجاهل إفريقيا أو تركيا، إذا كنت سائراً في نزهة أو ساكناً في منتجع ريفي وإذا بمنادي التوحيد وكذا تسمعه يغالب دوي الضجيج في أنقره أو أسطنبول أو جاكرتا أو حتى الثكلى في بانكي في وسط إفريقيا. صوت جهير رتيب واضح الكلمات حاد النبرات، لا صوت ناقوس مبهم مجرد المعنى ولا صوت ناي راعي الغنم أو بقر، إنه صوت فيه روحانية بلال وعبق التاريخ المشرف، إنه هتاف يعيد إلى الأذهان والمشاعر الوعي إلى الغافلين بأزكى ما في الحياة من حقائق.إنه يزيح الذهول ويقتحم أسوار المآرب الدنيوية التي حجبت وراءها كل معالم التاريخ العبق.إنه صوت المؤذن يقول لأهل الأرض جميعاً (وما أرسلنك إلا كافة للناس) – الله أكبر الله أكبر من كل شيء ويشهد أن الله كبير متعال. تستمع إليه من خلال حفيف الشجر وسكون الليل.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
460
| 19 يوليو 2014
الناس بين معارف وأصدقاء في الظاهر وأخوة مباطنين، فعامة الناس اليوم معارف والنادر فيهم صديق في الظاهر، أما الأخوة والمصافاة فتلك عملة نادرة، بل شيء قد كان ثم نُسِخَ، فالمطلوب منك أن تنقل الأخوة إلى خانة الأصدقاء الظاهرة، فإن لم يصلحوا لها فانقلهم إلى جملة المعارف وتعامل معهم معاملة من تعرفه، وعلى العموم فأنا لا أرى - بعد طول تجريب – من تصفو له أخوة، سواء كانت في النسب أو سببا من أخ أو ولد أو زوجة، فدع عنك الطمع في الصفا وخذ الجميع جانباً وعاملهم معاملة المعارف أو الأصدقاء، وإذا اصطفيت صديقاً وخبرته فلا تخبره بكل ما عندك، وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود، فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك، وقد قال الفضيل بن عياض: "إذا أردت أن تصادق صديقاً فأغضبه فإن رأيته كما ينبغي فصادقه"، هذا في زمان الفضيل.أما لو فعل هذا أحد من الناس في زماننا لكان فيه من المخاطرة، لأنك إذا أغضبت أحداً صار لك عدواً في الحال وربما وشى بك إلى من يستطيع أن يؤذيك، فآذاك، ولا تعاتب صديقاً، لأن الصديق الصدوق لا يحوجك إلى العتاب، قال يحيى بن معاذ: "بئس الأخ أخٌ يحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك".أما لو صفا لك بعض الأصدقاء فتعاهده بالإحسان كما تتعاهد الشجرة، فإنها إن كانت جيدة الأصل حسنت ثمرتها بالتعاهد ثم كن معه على حذر، فقد تتغير الأحوال، وأظهر له الجميل حتى عندما تغضب جهدك وتبره ما استطعت حتى تتكسر معاداته – إن كانت – جبلة، لأن النفوس مجبولة على محبة من أحسن إليها، فإن لم تطق فهجر جميل والله المستعان، لا تبين فيه – الهجر – ما يؤذي، ومتى سمعت عنه كلمة فيها تجريح لك أو إساءة، فاجعل ما يقابلها كلمة جميلة، فهي أقوى في كف ما يسوءك.إن من أعظم البلايا والغلط الثقة المطلقة بالناس والاسترسال إلى الأصدقاء، فإن أشد الأعداء وأكثرهم أذى الصديق المنقلب عدواً، لأنه اطلع على خفي السر، قال الشاعر: احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة فلربما انقلب الصديق فكان أولى بالمضرة إن السلف الصالح أحبوا وصادقوا وآخوا بصدق، لأن همتهم كانت الآخرة وحدها، فصفت نياتهم في الأخوة والمخالطة، فكانت ديناً لا دنيا، وأما في أيامنا هذه فقد استولى حب الدنيا على القلوب، فإذا رأيت متديناً فاختبره قبل أن تصحبه ولكل إنسان وسائله في اختبار الناس.إن الكثير من أصدقاء اليوم حساد على النعم وأعداء لا يسترون زلة ولا يعرفون لجليس حقاً ولا يواسون من مالهم صديقاً، فاجعل الخلق كلهم معارف، ليس فيهم صديق إلا من رحم، فلا تظهر سرك لمخلوق منهم ولا تعدن من يصلح لشدة، وهو كما قيل: "صديق صدوق صادق الوعد منصفا".فلا يغرنك صديق أبداً في المنظر حتى تختبره، فإن وقعت يدك على صديق حسن العشرة، إن زغت قومَّك وإن نسيت ذكّرك وألا يفشي لك سراً وهو كما قال الإمام الشافعي: "من صدق في أخوة أخيه قبِلَ علله وسد خلله وعفا عن زلـله"، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "عليك بإخوان الصدق، تعشى في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء وعليك الصدق وإن قتلك الصدق، ولا تصحبن الفاجر فتتعلم فجوره واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله واستشر في أمورك الذين يخشون الله".والعاقل يستخبر أمور إخوانه قبل أن يؤاخيهم وأصح أوقات الاختبار لمن تريد مصاحبته عند وجود حالته بعد هيجان الغضب.قال سفيان الثوري: اصحب من شئت ثم أغضبه ثم دس إليه من يسأله عنك"، فإن لم ينصفك عند غضبه لم تودك أيامه، لأن الصديق عرضه ومروءته، فالتثبت والتلبث أولى من التهاجر والانقطاع بعد الصحبة، واحذر جاهداً معاداة من صافاك، وخير الإخوان من إذا عظّمته صانك ولا يعيب على الزلة، لأنه شريك لك في الطبيعة (المرء على دين خليله)، واحذر أن تكون ثقيلاً على إخوانك، لأن من ثقل على أصدقائه خف على أعدائه.وكن ذا مروءة في سفرك وحضرك، فإذا كنت مسافراً فعليك ببذل الزاد وقلة الخلاف على أصحابك وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله، وإذا كنت في الحضر فأكثر من ارتياد المساجد وزيارة الإخوان في الله والإكثار منهم - إن أصبتهم – وتلاوة القرآن الكريم وحبذا لو كان مع الأصحاب ومن لم يستظهر بالإخوان عضه ناب الزمان.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
2045
| 18 يوليو 2014
إن الإنسان هو الإنسان، قد يختلف في الريف عن المدينة ما بين الثقافة والتحضر ولكنه يبقى إنساناً، أما الاختلاف ففي الوسائل التي توصله إلى هدفه، أما غرائزه فهي في أصلها ثابت في مكانه قلما يصيبها تغيير.إن عرام الشهوات في باريس وهوليوود وبيجين في شرق الأرض وغربها هي نفسها في بقية بلاد العالم منذ عشرات القرون، فبعد أن كانت أسواق النخاسة عامرة استبدلت بالمواخير ومواطن البغاء مع التقدم العلمي، ومخازي الاستعمار لا تقل عن أمثالها مما سبق من الأكاسرة والأباطرة والفراعنة، وإن تغيرت الأسماء ورققت العناوين. وفي الحضارة المعاصرة وهي حضارة أسرفت على نفسها في إرواء الغرائز ويسرت لرعاع الناس من فنون الملذات ما لم تشهده مقامير أولئك الأقدمين، حتى شاعت موبقات بين الناس أتت على الأخضر واليابس من المكارم.والحضارة التي تضلنا قد سبقت سبقاً بعيداً في ميادين العلوم وتضاعفت أرباحها المادية في البر، والبحر، والجو، وهي بلا ريب واحة الصلة بالله ضعيفة الإعداد للقائه، وزهدها في الدين كل الدين، إن رجال الكهنوت من صناع هذه الحضارة غير جديرين بالاتباع، ثم جاء من ينسب إلى العلم من المسلمين، فكان صوتهم خافتا، وعرضهم للإسلام عرض أناس غير ثقات ولا من أهل الحزم والعزم والصدق، تركوا الحضارة لأهلها وانشغلوا في كثير مما لا يسمن ولا يغني، فانطلقت الحضارة – الغربية – وحدها تخدم الأجناس التي حملتها، بما فيها من غث وسمين، تخدم جشع أهل الأهواء ومحبي الكبر والاستعلاء في الأرض، لذلك ترى كثيراً من المتطاولين على عباد الله جمعوا ثرواتهم من سرقة أموال المستضعفين في الأرض الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلا.وقد استطاع الاستعمار بهذه الحضارة أن يبني مدناً كبيرة بعرق أولئك المستضعفين من الزنوج والأموال المغصوبة والمنهوبة من سكان إفريقيا وآسيا، ثم استقر به المقام واستراح من عناء السفر في عواصم مشيدة دون أن يعترفوا لله بحق ولا يذكرون الله بخير، إذا رأيت ناطحات السحاب وهذه المغاني الزاهرة العامرة ألا تتذكر قوله تعالى عز في علاه: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين).إن الأمراض البشرية متشابهة، إن الله استخلف عاداً في الأرض بعدما أهلك قوم نوح بالطوفان، فكانوا أشر خلف لأشر سلف، ولكن الغريب أن عدوى تلك الأمراض انتقلت من أمة إلى أمة ومن جيل إلى جيل ومن قوم إلى قوم، مع الاختلاف الجغرافي والزمني، فقوم هود سكنوا جنوب الجزيرة العربية، أما قوم نوح فكانوا شمالي الجزيرة في وادي الفرات ولم توجد في ذلك العصر وسائل الاتصال المتوفرة اليوم ومع ذلك سرى الداء من جنوب الجزيرة إلى شمالها في أرض الشام والعراق. ولكن القرآن يقول: (كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون، أتواصوا به بل هم قوم طاغون). وعلاج طغيان الطغاة ما جاء في القرآن الكريم على لسان نبي الله هود، حيث قال: (فاتقوا الله وأطيعون، واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون، إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم). ولكن الناس بدل من أن يسمعوا للناصحين ويسارعوا إلى فعل الخيرات إذا بهم يسارعون إلى الشر، ويتغلب عليهم نداء الشهوة، وحب العاجلة ولكن الله لمن سبق ولمن أتى ولمن سيأتي (بالمرصاد).(فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).فأخطاء الأمم الماضية تتكرر الآن في الحضارة التي تقود العالم وتفرض عليه أساليبها أو اعتنقها مختاراً في حياته، الظاهر أن رذائل الماضين والبطر والجحود والأثر انتقل إلى عالم اليوم مع ذهول عن الله وغفلة عن حقه على العباد وإخلاد إلى الأرض وعكوف على ملذاتها، هذا هو ما أعطته الحضارة أو ما أخذناه نحن، أما ديننا فقلما ما يتجاوز المظهر، صلاة لا تنهى عن فحشاء ولا منكر وصوم لا يتحجز عن قول زور وعملٍ به وحج مليء برفث وفسوق وجدال وعراك.إن هذا الإسلام أولاً وآخراً (خلق عظيم) وتوحيد لله، "كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، نعم (وهو معكم أينما كنتم)، (إنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور). (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث)، لأنه لا يصح الصحيح في آخر كل جولة بين الخير والشر، (أما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، فكن من دعاة الخير قبل أن تندم يوم لا ينفع الندم.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
665
| 17 يوليو 2014
لا يخلو الإنسان أن يكون عصى الله أو أطاعه، فأين لذة المعصية وأين تعب الطاعة؟ هيهات رحل كل بما فيها.آه كم من معصية مضت في ساعتها كأنها لم تكن ثم بقيت آثارها، فليت الذنوب لم تكن، ولكن بقيت مرارة الأسى أو ما لا يبوح به من المرارة في الندم بلا مقابل، أما علمنا أن الأمر بعواقبه؟ فلنراقب العواقب نسلم، ولنعلم أن سفينة النجاة تحتاج إلى إحكام، واللمم ( لصغائر الذنوب ) منافذ صغار في ألواحها، والكبائر، هيهات لقد خرقتها بالكبائر، والله شاهد علينا وكل المعاصي قبيحة (إن ربك لبالمرصاد) كل شيء ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )، الجنة ترضى منا بالزهد في الحرام والنار تندفع عنا بترك الذنب، (مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) نعم، إن الجزاء بالمرصاد! إن كانت حسنة أو سيئة، وربما جاءت العقوبة بعد مدة، فثمرة المعصية عقوبة آجلة وفضيحتها عاجلة.إن سبب دخول الناس النار هي المعاصي ولو نظرنا إلى سبب وقوعنا في المعاصي لرأينا أنها حاصلة من طلبنا اللذات التي لا تنتهي، وما اللذات إلا أحلام.فإياك والذنوب فإنها أذلت أباك آدم بعد عز ( اسجدوا لآدم ) وأخرجته من مسكن ( اسكن أنت وزوجك الجنة ) فخرج أولاده العقلاء محزونون وأولاده السبايا أذلة.إن من أعظم المحن الاغترار بالسلامة بعد الذنب فإن العقوبة تتأخر، ومن أعظم العقوبة أن لا يحس الإنسان بها ( يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) وأن تكون سبباً في سلب الدين وطمس القلب وسوء الاختيار للنفس فيكون من آثارها سلامة البدن وبلوغ ما أراد.واعلم أن المعاصي تسد أبواب الرزق، ومن ضيع أمر الله ضيعه الله (مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) فالويل لمن عرف مرارة الجزاء، ثم آثر لذة المعصية، لأن ثمرة المعصية عقوبة آجلة وفضيحة عاجلة، فلا تدنس وجه جاهك الذي زينه الخلاق العليم، بالمعاصي ، فإنه ليس بين الآدمي وبين الله تعالى نسب ولا قرابة و( كلكم لآدم ) ولا رحم ( لم يلد ولم يولد ) وإنما هو قائم بالقسط (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) حاكم بالعدل وإن كان حلمه يسع الذنوب إلا أنه إذا شاء عفا فعفا كل عظيم إلا الشرك، أو كبير من الذنوب.وإذا شاء أخذ باليسير إنه ( فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) و (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ...) فالحذر كل الحذر، وكن أخي الحبيب وأختي الغالية على مراقبة وانظر في العاقبة واعرف عظمة الناهي ولا تنظر إلى المنهي عنه فقط "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" هكذا قال صاحب الشرع واحذر نفخة تحتقر أو شرارة تستصغر، فربما أحرقت بلداً، واعلم أن الذنوب جراحات وربَّ جرح وقع في مقتل.أخي، أختي: لا تقل إذا شبت تبت فقد هلك المسوفون، تعطر بالاستغفار "هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ " فقد فضحتك روائح الذنوب، أحسن الله إلينا أن الخطايا لا تفوح.اكتب بمداد الدمع في الأسحار والخلوات رسائل حسن الظن إلى من يغفر الذنوب جميعاً إلى مولاك الذي خلقك من ماء مهين فسواك فعدلك من غير سابقة فضل ولاحقة منك، فهذه أيام الزرع.فمن سودت الذنوب وجه جاهه ذل بين الأكرمين، ومن ركب ظهر المعاصي أنزلته دار الندامة.السنون مراحل، والشهور فراسخ وأميال، والأنفاس خطوات والطاعات رؤوس أموال، والمعاصي قطاع الطريق، والربح الجنة، والراحة والمستراح تحت شجرة طوبى، والخسران النار، وظل من يحموم لا بارد ولا كريم.لقد حاز الفائزون التائبون العاملون الصادقون ربح الدهر وثمرة فناء العمر فكن في ركب الصالحين خلف محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
1620
| 16 يوليو 2014
إن الإنسان محور النشاط الديني وموضع التكاليف السماوية – لا تستقر له حياة ولا يستقيم له وجود إلا إذا كفلت معاشه وتعاونت ظروف البيئة على ضمانها .أي أنه يوجد أولاً ثم تلاحقه الواجبات ، وهذا الوجود منوط بالكدح سحابة النهار والاستعداد له – بالراحة أثناء الليل ، قال تعالى : (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرًا ) وقال عز وجل : ( وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً ). فلابد للإنسان أن يعمل عملاً ما ترشحه له ملكاته وخصائصه لأن الله يكره أن يرى عبده فارغ اليدين ، وكما قيل إن الله يكره العبد البطال بل وكما جاء في الحديث الشريف " لإن يأخذ أحدكم حبله يحتطب خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه "أو كما قال صلى الله عليه وسلم ، فالمجتمع يلزم الفرد الذي يعيش فيه – وهو كامل القوى – أن يقوم بعمل ما ، ومن لم يصلح لحرفة معينة صلح لغيرها وكلف بالقيام بها .وإن كان الإنسان خليفة الله في أرضه ، وكان تصرفه في عناصرها أثرًا من نفخة الروح الأعلى فيه ، لذلك استحب المولى عز وجل أن يتقن كل ما صدر عنه ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ...) وأن لا يخرج به معيبًا أو شائناً " رحم الله امرءاً عمل عملاً فأتقنه " .إن بعض الناس جهل الحكمة من وجوده فعاش عاطلاً في زحام الحياة وكان ينبغي عليه أن يعمل ويكافح وأن يشق طريقه في هذه الحياة على هدى مستقيم .والإنسان في أصل خلقته وتكوينه الأول لا يساوي حفنة تراب فهو لا يستمد إنسانيته من أصل تخليقه ( التراب ) أو ( من ماء مهين ) وإنما يستمد كرامته من الطور الآخر ( ونفخت فيه من روحي ) فهذه النفخة التي هي من روح الله ( من أمر ربي ) هي التي سرت في كيانه فأكسبته هذه الخصائص التي استحق بها أن يسمو على سائر صنوف المخلوقات الأخرى ، لأن الله – عز وجل – جاء بهذا الإنسان أولاً من العدم ثم رقّاه موجده من أدنى أطوار الوجود حتى أوصله بإنعامه إلى كرسي السيادة الكونية للمخلوقات بعد أن صوره في أحسن تقويم ، فما تخلل بين الإنسان وبين مبدأ التخليق من المنازل الكثيرة كل منها يعد نعمة عليه وفيه ثمرة وصبغة ( صبغة الله ) من كل طور حتى صار هذا الإنسان كقلادة منظمة وعنقود نضيد بحبات النعم من أم الرأس إلى أخمص القدم .فليسأل كل واحد منا نفسه: كيف وصلت إلى هذه النعمة ؟ وبم استحققتها ؟ وهل شكرت من أسدى ذلك لي ؟ وهذا السؤال ينبغي أن يجعله كل إنسان أنه هو المقصود دون سواه من مخلوقات الله لأن الله لا يسأل الحجر لماذا صيره حجرًا ؟ ولا الشجر لماذا صيره شجرًا ؟ ولماذا لم تكن الحجر إنسانًا وكذا الشجر ، وإنما السؤال خاص بك أيها الإنسان ، يا ثمرة الوجود ؛ لأنك موضع التكاليف قال الله تعالى ( فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ) وقال ( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) عليك نعم وفيك وأنت مسؤول عن شكرها .إنك موكول بك خلافة هذا الكون ( وسخر لكم ما في الأرض جميعاً) فالإنسان أشرف مخلوقات الله بشهادة تصرفاته الخارقة مع صغره وضعفه وأنه أوسع الأسباب اختياراً بالبداهة فالواجب عقلاً أن يرسل المبدع إلى من أبدعه من يعرِّفه بالمبدع الأول ويرسل رسولاً من هذا الإنسان إلى الغافلين من بني جنسه ليخبرهم ما يرضى به ويطلبه من المالك ( الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما ...) إن الله تعالى امتَّن على هذا الإنسان بهذه المرتبة الرفيعة ( ونفخت فيه من روحي ) فكما شرفه بالكثير من النعم ، كلفه بالعظيم من الحقوق والواجبات لضمان الخير له في العاجل والآجل ، فخير للناس أن يستبينوا رشدهم في صفحات الكتاب العزيز الذي استوعب هذا الدين القيم واستوعب كل ما يضمن الخير والازدهار للإنسانية .كم يكون الإنسان نازل المرتبة منحط القيمة عندما يجعل وظيفته في الحياة لاتتجاوز بضع عشرات من السنين يقضيها على ظهر هذه الأرض ثم يغادرها دون العودة إليها (إنهم إليها لا يرجعون ) وينتهي بذلك أمره كما تنتهي آجال ذئاب الغاب وشياه الحقول .إن جوهر الإنسان وماهيته عظيمة ، وجنايته كذلك تكون عظيمة ، وطاعته وانقياده مهمة ، فهو لا يشبه سائر الكائنات لذا لا يمكن أن يقاس بالكائنات ولا أن ينتظم معها ولا ينقاد لأوامرها . نعم إنه المرشح الأبدي الأعظم ، فلن يترك سدىً ولا يكون وجوده عبثاً ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون ) .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
511
| 15 يوليو 2014
خطر داهميقول المولى عز وجل "فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ "والفساد في الأرض هو الكفر وما رافقه من المعاصي وهؤلاء المترفون الذين شغلهم ترفهم عن الحق حتى هلكوا جميعاً لأن الظلم لازمهم لأن الله تعالى يمهل الدول الكافرة لعدلها فيمن تقوم عليهم، ولا يمهل أحداً حتى لو كان موحداً على الظلم والجور لذلك سيقوا إلى محكمة العدل الإلهي ( واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين ) وحق على كل مجرم أن ينال جزاءه .إن الأغنياء يكون للفقراء في مالهم نصيب معلوم وذلك لإقامة مجتمع لا يوجد فيه رجل متخم بترفه ورجل بائس محروم وذلك هو مبدأ التعاون التام والاشتراك العام في بناء مجتمع ينتفي منه الترف والسرف والبؤس ويسوده العدل الاجتماعي الشامل .لذلك يرى القرآن الكريم أن وجود الطبقات المترفة جداً إلى حد التخمة خطر داهم يتهدد الحياة الإنسانية ويملأ مستقبلها بالغيوم والرجوم ويرى أن تأمين الشعوب على سعادتها وحقها يتطلب اتخاذ الوسائل الممكنة للحيلولة دون ظهور الترف والمترفين .إن المترفين البعيدين عن الله هم أعداء كل إصلاح وخصوم الحق يتألبون ضده ويكوِّنون أحزاباً للمعارضة التي لا هدف لها إلا كبْتُ حديث الخير والإصلاح مستغلين ثراءهم في كل دنيـِّة والهبوط بطموح الأمة والأحرار إلى حضيض الجوف والمطالب المادية المتعلقة برفاهية ذواتهم ومن يلوذ بهم والجمهور البليد على ذلك .قال المولى عز وجل (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ) حتى أنهم لما أشرق نور الرسالة المحمدية قالوا باستهانة للناس الضعفاء ممن آمن برسالة محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ( لو كان خيراً ما سبقونا إليه )، إنهم ظنوا أنفسهم من دم آخر وأن الأرحام التي حملتهم ليست أرحاماً بشرية ، ومَرَدوا على الترف والغرور والانتفاخ إنهم لا يزالون يتوارثون هذا الجين وكأن بينهم نسباً .إن الطبقات المترفة لا تزال مصدر فساد عريض ومثارا للفتن وأنها لاتزال تهيج جراثيم المرض لأن الطوائف المترفة خطر مرهوب العاقبة على مستقبل الشعوب .إن سبب وأساس التأخر والدمار الذي يصيب الأوطان ويفتك بالإنسان هو من هذه الطبقات . (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) لأن حياة الترف تحول دائماً دون مشاغل العمل وأسباب الكفاح ولا يتسع الميدان فيها إلا للبطالة والعبث ، فكل صيحة تنادي بالإصلاح والعدالة وتتيح لأبناء الأمة أقساطاً متساوية أو حتى متقاربة من الحياة الصحيحة تعتبر في عرف هؤلاء الطغاة صيحة لمنازعتهم سلطانهم ومقاسمتهم لثروتهم انظر إليهم هم وأتباعهم الذين يأكلون على موائدهم ويدافعون عن مبادئهم انظر إليهم جميعاً !(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۚ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ ۖ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ) فيا لها من نهاية بائسة.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
1659
| 14 يوليو 2014
الترف هو السرف في المعيشة وتجاوز الحد في النفقة وإجابة مطالب النفس في المباح وغيره .ولأنهم كانوا معمين أكثر مما توجبه الحياة وكرامة الإنسان ، ذكرهم القرآن في معرض المحكوم عليهم بالإعدام في السجن الأبدي مع استقبالهم استقبالاً يليق بصنيعهم ( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ) فالترف إلف هذه المعيشة الناعمة واستدامة عناصرها ومظاهرها ، والضيق لتخلف شيء منها لأن النِّعم أصبحت عادة مستحكمة .فالمترفون يكاثرون غيرهم بالفضول من النعم التي يجمعونها ، ويتنافسون بينهم في اصطياد المتع ، ويقبلون على الدنيا بنهم لا ينتهي مداه ، وهذا كله يقع على حساب الحق والخير ومطالب الإيمان وحدود ما شرع الله حتى يصل بهم الحد – كشارب ماء البحر كلما ازداد شرباً ازداد ظمأً فترى المترفين يزدرون نعم الله عليهم وتغريهم كثرتها بابتذالها ، وقلة شكرها والعبث بها فيما لا جدوى منه ، والشح بها على من هم من أهلها وبحاجة إليها .والمتأمل في حياة المترفين لشدة حرصهم على ما في أيديهم يغريهم بطلب الزيادة من كل وجه ؛لايهم أمن حلال جاءهم أم من حرام ، المهم أن تستدام هذه المتع وتهيأ أسبابها ولو على حساب البؤساء والمحرومين ، وهم قلما ينهضون إلى نصرة وطن مستضعف أو مبدأ كريم .نعم ، إن هذا المال خَضِر حُلو ، ونعم هو لمن قال فيه هكذا وهكذا ذات اليمين وذات الشمال أزهق به باطلاً منفوشاً ونصر به حقاً مقهوراً وأعطى منه المسكين وابن السبيل والسائل والمحروم أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . فالتصرف الحسن بالمال هو مناط النفع به ، لأن المال – خير – لأنه يصون الأبدان وكرامة الإنسان ويحفظ الأوطان ومروءة الإنسان وعرضه ، وهو عندما يكتسب من حق ويوضع في حق من الوجوه الصحيحة لا يذم أبداً وعندها يكون كسبه عبادة وإنفاقه عبادة " من أمسى كالاً من عمل يده بات مغفوراً له " .إن الإنسان إذا أقبل مسعوراً يجري وراء كل رغبة ويتناول كل ما يتيسر له فيأخذه غير مبال من حل أخذه أو حرام فإنه بذلك يصبح كالدابة التي تستحلي الأكل ، فما تزال تأكل وتأكل حتى تكتظ بطنها بما لا تطيق فتهلك " وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم " .كم في الناس من أهل الأرض من أشباه الدواب ( إن هم إلا كالأنعام ) يجمعون ما لا يحتاجون إليه ويأخذون ما لا يتقون الله في جمعه وتحصيله ، ويركمون من ثرواتهم حولهم فهم يعبثون فيه أبداً حتى تعمى أبصارهم عمن حولهم وذلك من طول ما يبهرها رونقه ويأخذها تألقه .حتى إذا قيل لأحدهم( أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين ) فإذا وجد هذا اللون من الناس ولم يوجد من يأخذ على أيديهم ويدلهم على الصواب في طريقة العيش أخذ الله الجميع خصوصاً إذا اقترن هذا الترف – وهو كذلك دائماً – بظلم المستضعفين من خلق الله .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
484
| 13 يوليو 2014
إن أدب الظواهر عنوان أدب البواطن ، وحركات الجوارح ثمار الخواطر . إن التحبب إلى الناس أسهل ما يكون وجهًا وأظهر ما يكون بشرًا ، وأحسن ما يكون خلقًا ، وأدفع ما يكون أذىً ، وأعظم ما يكون احتمالاً ؛ فالأعمال نتيجة الأخلاق ورشحها حسنها وسيئها ، إن الدين والأخلاق قرناء جميعًا ، فإذا صح الإيمان صحت العبادات التي فرضت معه وازدهرت الفضائل وتعامل الناس بشرف وتراحم وتسامح واستخفى الغدر والخيانة واللؤم والحسد،لقد جاء في الحديث " إن الله ليبغض الفاحش البذيء " .إن خِلال الجِد هي التي تقود الإنسان إلى الجنة . وحسن الخلق : إن تعتدل فيه الخصال الجبلية فتكون بين الإفراط والتفريط فإذا اعتدل فيه بعضها فهو حسن الخلق في العدل والغضب فيما عداهما كالذي يحسِّن بعض أجزاء وجهه ويهمل البعض الآخر .إن السلبية لا تزكي أمة ولا جماعة ولا فرداً ، لأن الأمة التي تدور حول مآربها لا تزيد عن أعدادها من أعداد الدواب في الحقول أو الوحوش في الغابات ، فالجميع يبحث عن مآربه ؛ من طعام وشراب ومنكح ، فماذا زاد من يبحث عن توفير هذه الأشياء الثلاثة عن دواب الأرض ووحوش الغابات ؟ لذلك جاء في الحديث الشريف : " من ضمن لي ما بين لحييه وفخذيه ضمنت له الجنة " إن معالم الخير والمعروف هي من معالم رسالتنا ، إننا مصابون بشلل عضوي في أجهزتنا الخلقية ، ومكانتنا النفسية مما يعوقنا عن الحراك في الوجهة الصحيحة ، فلابد من إصلاح الخلل الذي أصبنا به وعلاج الأعطاب .إن علاج الأعطاب ، وهذا الشلل الشديد منها والخفيف لا يكون بالكلام الطويل أو القصير ، ولا الخطب ولا الوعود ولا بذل المال أو إعداد السجون ، فمنذ نصف قرن أو يزيد ونحن نسمع الكثير ونرى الكثير من ذلك فلابد من إزالة الخلل ومن إعادة الأوضاع إلى فطرتها الأولى .إن أخلاقاً مقبوحة انتشرت بين الناس دون النظر إلى ما تتركه هذه الأخلاق من آثار حتى تحولت هذه القبائح إلى إلف استمرأته كثير من النفوس ، فالاستهانة بقيمة الكلمة وقلة الاكتراث بإتقان العمل وإضاعة الأمانات التي عجزت الجبال والأرض عن حملها، والكذب وتغيير الحقائق ورفع شأن الرويبضة والأفَّاكين وجعل الأمين خائناً والخائن أميناً والكاذب صدوقاً والصدوق كاذباً والمعروف منكراً والمنكر معروفاً .إن الإنسان إذا كان بدون أخلاق مكينة ومسالك مأمونة لم تأمنه على شيء من الحياة فلا الأوطان في مأمن من خيانته ولا الأديان في مأمن من جحوده ولا الإنسان من غدره فهو القادر على ترويض نفسه وهو أدرى بما ينفعه أو يشينه ، وللجماعة في ذلك دخل في إدراك نجاح الإنسان أو فشله .والأخلاق لغة عالمية لأنها جِبلِّية تتفاهم بها الشعوب على اختلافها وتتحاكم إلى منطقها ، ونحن من بين أمم الأرض من يمتلك مفاتيحها في كتاب منزل وسنة معصومة ، قال تعالى : للمبعوث ( رحمة للعالمين ) محمد عليه الصلاة والتسليم ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) وقال في حق من يؤذيه بالقول أو الفعل: ( فاعف عنهم واصفح...) وقال : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .فهذه الأخلاق وأمثالها في الإسلام دين حتى لو اختلفت التقاليد والأحكام والأعراف ؛ تبقى الأخلاق مرتكزة إلى ما أودع الله في الفطر من تحسين الحسن كالصدق والأمانة والعدل والكرم وتقبيح القبيح كالكذب والخيانة والظلم والبخل ، ونحن نعلم إن من نصوص ديننا أن مِن أركان النفاق الكذب في الحديث وخلف الوعد والخيانة للأمانة والغدر في العهود والفجور في المخاصمة والناس كل الناس في مشارق الأرض ومغاربها لا يختلفون في مثل هذه الأشياء ، إن الأخلاق في أرضنا تتصل اتصالًا وثيقاً بالإيمان ، فإن اهتزت العقيدة ظهر الخلل ، ونَجَم الإثم واضطربت موازيين الأمة ، فلابد من عودة الإيمان الصادق إلى أفئدة الناس حتى يعود سلطان الأخلاق إلى عرشه .يجزم أولو الألباب بأن كل الخزايا والرزايا التي تصيبنا أو أصابتنا إنما هي ممن يقوم على أمر هذه الأمة فيجب أن تنتصر الفضائل فلا يحترم الكذوب ولا يقام لدجال ميزان بين الخلق .لنرمق المستقبل بأمل ، وننشط ونتقدم ونزاحم الأمم في مسيرتها في الحياة .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
375
| 12 يوليو 2014
لأمر أراده الله عز وجل في علاه أنزل كتابه الكريم في هذا الشهر العظيم ، ولقد علم الناس أجمعون علماً لا يخالطه شك أن هذا الكتاب العزيز جاء على لسان محمد بن عبد الله بن عبد المطلب – صلوات الله وسلامه عليه - ، الرجل العربي الأمي المولود بمكة في القرن السادس الميلادي ، وهذا القدر لا خلاف فيه بين مؤمن وملحد لأنها شهادة التاريخ المتواتر به لا يماثلها ولا يدانيها شهادة ، لأي كتاب من الكتب التي ظهرت على وجه الأرض ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضاعف من إقباله على هذا الكتاب الكريم ومن مدارسته له ، ويضاعف في شهر رمضان المدارسة مالم يكن في غيره من الشهور يضاعف الدراسة والمدارسة ، وهي غير القراءة أو التلاوة المجردة التي هي أقرب إلى الهذر ، لأن القراءة العابرة نوع من حفظ الحروف ونوع من ترتيل الكلمات لأن روح القرآن في معانيه ويوم تقرع المعاني نفوس الملايين من الموحدين { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد}على وجه هذه الأرض والتي تثمر حروفها كل حرف منه عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف ثم تثمر هذه الحسنات نوراً من أنوار الذكر الحكيم { وأنزلنا إليكم نوراً مبينا } نعم خاطب ربك وخالقك بتلاوة كلامه على كل حال ، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، فهو سبحانه لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً .لكن المشكله ليست في طلب الثواب ، وإنما المراد هو بلوغ روح القرآن والتمعن في معانيه ، يوم تقرع المعاني نفوس التالي أو المستمع عندئذٍ تفتح أقفال القلوب لاستقبال تلك الأنوار { فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا }.إن المسلمين جُل المسلمين لا يعرفون قيمة هذا الكنز – ذلك الكتاب الذي بين أيديهم – والذي شرفوا بنزوله عليهم .يبقى هذا القرآن على جبهة الدهر معجزة خالدة تنطق بالهدى ودين الحق ظاهراً على الدين كله .ومن خلال هذا الوحي المحكم الذي نتلوه ونتدبره عرفنا أن الله واحد وأن كل امرئ رهين بما كسب ، وأن الرسل جميعاً متفقون على تعلم هذه الحقائق السهلة ، وعلمنا يقيناً أن أبرز مظاهر الشرك والوثنية هو تعدد الآلهة والطواغيت ، وتقديم القربان كفارة الخطايا وإسقاط كرامة الأنبياء { ودوا لو تكفرون} لأجل أن لا تكون لنا بهم أسوة حسنة . هذا القرآن الكريم – وهو دستور الأمة الأصيل – الحاوي لسر إجماع كل كتب الأنبياء والموحدبن المختلفين في المشارب والمسالك المتفقة قلوبهم وعقولهم بحقائق كتبهم على تصديق أساسيات القرآن المنور جهاته الست إذ على ظهره سكة الإعجاز وفي باطنه دقائق الإيمان ونخبة براهين الإذعان ، مقبول الملك والإنس والجن ، الصادق بالدلائل العقلية باتفاق العقلاء والمصدق بالفطرة السليمة بشهادة الوجدان .ماذا يريد الناس من كتاب دين يصل المخلوق بالخالق والعالم أجمع بمدبره الأوحد؟ حتى أنك لو نظرت إلى الطاقة التي تدير الآلات وترفع الطائرات لرأيت بعض آثار القدرة التي تدير الكون كله من عرشه إلى فرشه ، فهو الترجمة الأزلية لكتاب الكائنات الكبير والترجمان الأبدي لألسنتها المتنوعة .نعم حسب هذا القرآن أنه يعرفك بالله الواحد الأحد ويعدك للقائه ، ويفهمك أنه بالصلاح والاستقامة – وحدهما – يضع مستقبلك هنا وبين يديه – هنا في الدنيا - { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا}وفي الدار الثانية { فاستقم كما أمرت} { وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم}.لا يعرف التاريخ الإنساني إلا قرآناً واحداً منشور النسخ بين جماهير المسلمين منذ إنزاله في ليلة القدر الأولى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }{ إنا أنزلناه في ليلة مباركة }إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين .إن القرآن الكريم كما نقّى العقائد من لوثات الشرك ، تعهد السلوك الإنساني بما يجعل التوحيد لبابه وغايته ، ولن يكون السلوك صحيحاً إذا كان باطن الإنسان سقيماً .أخي الحبيب ، أختي الغالية نصوص الشريعة مصونة الأصل بخلود القرآن " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي" فاستمسك بما بين يديك من وحي معصوم إنك على صراط مستقيم { اللّه نزّل أحسن الحديث كتاباً...}إنه آخر منشور الحكمة الإلهية ، إنه كلام الله .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
461
| 11 يوليو 2014
إن النفس الإنسانية إذا تقطعت أواصرها وانفرط نظامها الذي يتسق شؤونها أصبحت بلا مشاعر فكان حاملها الذي هي بين جنبيه(من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) قد أصبحت أفكاره وخواطره كحبات منفرطه سائبة لاخير فيها ولا حركه لها . تفقد نفسك في الثلث الأخير من الليل – قبل طلوع الفجر- على أن تستعد لذلك بقلة الطعام والعزم على القيام فان سفر الليل لا يطيقه إلا مضمر المجاعة. تجتمع جنود الكسل على المبطون فتزين له النوم وتزخرف طيب الفراش وفي الشتاء تخوفه برد الماء، فإذا سمعت أذن(هل من سائل فأعطيه ) قام أولو الحزم والعزم ففرشوا الخدود على طريق الجنة كأن النوم حلف على جفا أجفانهم، كانت امرأة حبيب العجمي توقظ زوجها لقيام الليل وتقول: يا أبا محمد قم فإن ركب الصالحين قد سار فيقومان من الليل وأمثال هؤلاء خير الأزواج كما جاء في الحديث "يوقظها وتوقظه فإن أبى أحدهما القيام نضح الآخر في وجهه الماء. تفقد نفسك في الثلث الأخير من الليل (إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلا) وفي الحديث الصحيح إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل وإن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" أي (حتى إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم) ، لذلك لا تقبل توبة من أشرف على الهلاك المحقق كالغرق كما أخبر الله عن فرعون حيث قال فيما أخبر المولى عز وجل عنه قال(آمنت أنه لا إله إلا الله الذي آمنت به بنو إسرائيل .آلآن وقد عصيت قبل...) قد أوضح الإسلام أن الإنسان وحده مسؤول عما تجنيه يداه(كل أمرىء بما كسب رهين) لا ينفعه والد ولا ولد ولا يحمل أوزاره شيخ أو مسؤول، فهو الذي يطهر نفسه من الذنوب، وهو الذي يركسها في الموبقات وهو الذي يصنع مستقبله بيده فإذا زاغ فكر إنسان ولوثته الخطايا فلن يصلحه بشر كائناً من كان ولو اعتذر عنه أهل الأرض جميعا (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) (كل نفس بما كسبت رهينة) وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
516
| 10 يوليو 2014
( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى )ليغبطن من له عمل صالح وقت الحاجة إليه يوم (ونضع الموازين القسط) (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) ، وليفرح من له جواب عند(وقفوهم إنهم مسؤولون) والويل ثم الويل على المفرط لا ينظر في عاقبته ، فتنبهي يا نفس فقد نبهت الدنيا ناسا على أمر الآخرة وبادري موسم الزرع: فالدنيا مزرعة الآخرة واحذري يوم الندم( يوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا وليتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا ، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني) بادري موسم الزرع ما دامت الروح في البدن. الدين ليس أسماء ولا انتماءات ولا ادعاءات ، إن وظيفة الدين بين الناس أن يضبط مسالكهم وعلاقاتهم على أسس من الحق والقسط ،قال الله عز في علاه(لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) حتى يحيوا في هذه الدنيا حياة لا جور فيها ولا جهل ، فيا نفس خذي عبرة ممن مضى (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا) وليغبطن من له عمل صالح وقت الحاجة إليه وليفرحن من له عمل صالح (هاؤم اقرأوا كتابيه إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه...). وجواب صحيح عند السؤال. إن توبة المسلمين تكون من الذنوب التي لا يجمل بمروءتهم وأخلاقهم ارتكابها لأنها تنافي مقتضى الإيمان فما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والآخر على مذهب عبد الله بن رواحه رضي الله عنه " تعالوا نؤمن ساعة" فيرسل نظرات نافذة في جوانبها لئلا تألف السير في الطريق المظلمة فيتعرف على عيوبها وآفاتها وانتهاز اليوم أفضل من انتظار الغد، بل إن كنت في الصباح فلا تنتظر المساء وإن كنت في المساء فلا تنتظر الصباح كما جاء في الحديث (هلك المسوِّفون) .. أخي الحبيب أختي الغالية: لا مكان لتريث لان الزمن كالسيف إن لم تقطعه قطعك كل يوم تضع قاعدة الإنابة ولكن(على جرف هار) كلما صدقت لك في التوبة رغبة حملت عليها جنود الهوى حملة فانهزمت إذا صدق التائب أحببناه وأحييناه ( وجعلنا له نورا يمشي به في الناس) يا معشر المذنبين يا معاشر التائبين ( أوفوا بالعقود) وانظروا لمن عاهدتم يوم( ألست بربكم قالوا بلى) (ولا تنقضوا الأيْمان بعد توكيدها)أنت تستفتح النهار بإطلاق الجوارح في صيد اللهو فهيهات أن يخشع لك قلب وطرفك ما قومته (قل للمؤمنين يغضوا من إبصارهم) (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) وهيهات أن يخشع قلب ما أزعجه تخويف( وهو معكم أينما كنتم )(يعلم السر وأخفى...). لا تعلق حيلتك على أماني يلدها الغيب فتقول إذا سبت تبت فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير (وما يدريك لعل الساعة قريب) ساعتك أنت آخر أيامك فاغتنم فإن الليل والنهار مطايا للسير فأحسنوا السير عليها إلى الآخرة واحذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة ، ولا نغتر بحلم الله علينا فإن الجنة والنار أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، ألا تستحق حياة الإنسان أن يتعهد شؤونها بين الحين والآخر ليرى ما أصابها من وهن وما عراها من اضطراب فيزيله! ألا تستحق النفس بعد كل مرة نقطعها من الحياة إن نعيد النظر فيما أصابها من ربح وخسارة وأن نرجع إليها توازنها على ظهر هذه الأرض في الدنيا المائجة بالعواصف والأمواج العاتيةوأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
449
| 09 يوليو 2014
إن دين الله هو الإسلام ولا شيء غير الإسلام ولم يدع نبي سبق إلا إلى الإسلام والعناوين التي شاعت لتراث بعض الأنبياء هي عناوين مجازية. لأن الإسلام هو الوحي الإلهي إلى رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ؛ صاحب الرسالة الخاتمه وكتاب هذه الرسالة هو(القرآن)وما انضم إليه من سنن ثابتة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم توضح ما طُلب. أما الكتاب فهو ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) والإسلام بهذا الوصف معصوم من الخطأ والوهن والزيغ والضعف وله قداسة وحتى الطاعة المطلقة على المؤمنين به(ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) وما عداه فهو فكر يؤخذ منه ويرد عليه وهو خاضع للتعدد والمخالفة. والمسلم هو من آمن بهذا الإسلام الذي هو من عند الله والذي له الطاعة والقداسة فعليه وجوباً أن يترجم هذا الإسلام للأعقاب من الأولاد والأحفاد والأجيال المتتابعة. أن هذا الدين الإسلام يتكون من سبعين شعبة تطوى في دائرتها الأرض والسماء وتحدد للإنسان علاقته بربه ونفسه وأسرته ومجتمعه كله، ليس للإسلام برنامج حزبي سياسي يتولى السلطة فيفشل أو ينجح،إنه قبل هذا كله وبعده دين ينهض على أصول بينة وصراط مستقيم( صراط الله) يسير الإنسان وهو يعرف كيف يتعامل مع القريب من الناس والبعيد والصديق والعدو وبهذا الوصف سيظل الإسلام - في الجملة - ينطلق مَشرِقا ومغربا بذل ذليل أو عز عزيز وسيظل قادرا على منازلة الوثنية بأشكالها المختلفة وهزيمتها ،وسيظل كذلك قادرا على مواجهة أهل الكتاب وإحباط مؤامراتهم وإزالة كل المعوقات التي يضعونها في طريقة لأنه دين الله الذي ارتضاه للإنسانية. إن هذا الدين المستوحش من أنصاره لا يزال يقتحم على كثير من خلق الله أفئدتهم في كل نواحي الكرة الأرضية، إن الإسلام رحمة للعالمين ونبيه المبعوث رحمة للعالمين لم ينزل الوحي الأعلى ليحكم باسمه أناس دون جدارة حتى ولو أهدروا كل حقوق الأمة. فالإسلام يحمل في كيانه بذرة الخلود ويستمد من قرآنه إمدادات مشعة منعشة ، كلما دخل في معترك نكد، لذلك بقينا وسوف نبقى حتى يرث الله الأرض ومن عليها وأسباب بقائنا تكمن في الرباط الوثيق والاعتصام بالقرآن الكريم والعودة إليه كلما أبعدتنا موجة عاتية .إن الإسلام أعظم مواريث العالم وإن كتابه الحصن الحصين للوحي الإلهي كله من بدء التاريخ إلى قيام الساعة ، إنه (ذلك الكتاب لا ريب فيه) وشرائع الله كلها تسوي بين الناس جميعا في الحقوق والواجبات العامة ليس فيها فرق بين لون ولون أو جنس وجنس. والبشر أمام ربهم الحكم العدل خلائق يمحصهم الامتحان المسلط عليهم من المحيا إلى الممات وسيحشرون في ساحة مبهمة مستوية لا تمايز فيها لأحد ولا شارة فيها لفرد، حفاة عراة خاشعة أصواتهم (لا تسمع إلا همسا) عانية وجوههم لجبار السموات والأرض فمن آمن وعمل صالحا ثم اهتدى نجا ولو كان في الحياة الدنيا لا يساوي قلامة ظفر ولا يؤبه له إن غاب أو حضر، ومن جحد واستكبر وأفسد في الأرض هوى(فأمه هاوية) ولو كان ملكا يزين جبينه التاج وتنساب من بين يديه ومن خلفه المواكب، هذه حقيقة لا يعرف الإسلام غيرها ومن ثم لا يعرف النبيون سواها وإن زاغ أتباعهم فليقولوا ما يقولون (إنما هو إله واحد) وقد جاء الإسلام فرسخ قواعدها وثبت أركانها وأمد رواقها وبينها بالتطبيق العملي الواضح والتعليمات الحاسمة الجازمة ، الكل أمام الإسلام سواء لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود الناس لآدم وآدم من تراب (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) أن الأجناس التي دخلت في الإسلام لم تلق في وجهها أحدا يزعم أنه أولى منهم بالله أو أحق برسوله صلى الله عليه وسلم . لا حظر في الاعتناق لهذا الدين على أحد ولا يفخر أحد على أحد (إنما المؤمنون إخوة)(فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتَوُا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون) المهم(وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) كل ذلك لأن الناس يرون الإسلام سجايا شريفة وخلائق نبيلة وعبادات مثمرة وتقوى ترقب كل سلوك وتضبط كل اتجاه" كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وهو خلق ينبض وحقوق تطلب وعقائد تتنفس وإنسان حي يعرض كل ما يملك من نفس ونفيس في سبيل تشريف رسالاتها. إن الدين الإسلامي كريم الصحبة يعز من لجأ إليه ويستر عيوب من اتصل به مع ما يدخر له من العقبى الأبدية (إن الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون )وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
750
| 08 يوليو 2014
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4242
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1962
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1773
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1428
| 06 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1164
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
906
| 03 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
720
| 09 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
663
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
639
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
570
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
564
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية