رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أفضل العطاء

إن امتداد الأسرة في المجتمع الإسلامي له أثره، وإن للروابط الاجتماعية لها ما لها من قوة في بنيان المجتمع وتماسكه، فالأب والأم والأخوة والأخوات والأبناء والأعمام والعمات والأخوال والخالات ثم ما يتفرع من هؤلاء جميعاً، كل أولئك لهم مكان في حيز البيت والأسرة في الإسلام، ومن ثم في المجتمع المسلم، وهذه الصورة كلها تسمى الأرحام منها ما هو واجب صلته كالأم والأب والأبناء والأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وآخرون تندب صلتهم وهم ما تفرع من ذلك وقد تجب في بعض الأحوال. وقد حث الله عز وجل على صلة الرحم وحذر من قطيعتها فقال تباركت أسماؤه (واتقوا الله الذي تتساءلون به والأرحام) وقال (فهل عسيتم إن توليتهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهُم) وقال (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون). وقال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم " الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". وقالت الرحم أيضاً: هذا مقام العائذ بك" ثم إن صلة الرحم تزيد في العمر وذلك بسبب زيادة الركة فيه. وأفضل أنواع الصدقة على الأرحام الصدقة على ذي الرحم الذي يضمر لك العداء لما في ذلك من الانصياع لأمر الشرع بوجوب صلة الرحم ومخالفة هوى النفس الأمارة بالسوء والصدقة على ذي الرحم المصافي الموافق أفضل منها على الأجنبي لأنها صدقة وصلة ولأنه أولى بالمعروف. والصلة لذوي الأرحام في إيصال الممكن مع العون على الحاجة ودفع الممكن من الشر مع طلاقة الوجه والدعاء. وصلة الأم مقدمة على صلة الأب وقد أجمع المسلمون على ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك) فأكد عليه الصلاة والسلام حق الأم بالصلة ثلاث مرات وفي الرابعة ذكر حق الوالد لأن ما تعانيه الأم من حمل وولادة وحضانة لا يمكن أن يبلغه الأب وقد أخبر الله عن الأم فقال (حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً). وقد خص ما يقدم للوالدين من الرعاية والاحترام والإحسان بأمر عظيم جداً وغاية رفيعة لم يصل أحد من بقية الأرحام، فقد أمر عباده بالتعامل مع سائر الخلق بالعدل وأمرهم بالتعامل مع الوالدين بالإحسان فقال (وبالوالدين إحساناً). وصلة الرحم تجب على المسلم لرحمه وإن قطعوه لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها). وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون لي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك). والصلة تحصل حسب الظرف المناسب للحاجة إليها، كالزيارة والمعاونة على قضاء الحوائج والسلام، وجميع أنواع الإحسان. أما الغني فإن صلته لقريبه المحتاج لا تكفي الزيارة فيها ولا السلام ولا المكاتبة أو المهاتفة بالتهنئة والسلام، إذا كان قادراً على بذل المال لقريبه وهو محتاج إليه وقطع الأرحام يكون بالإساءة إليهم بالقول أو الفعل، ويكون بترك الإحسان إليهم، كقطع المكلف ما ألفه قريبه منه من سابق صلة والإحسان لغير عذر شرعي ومنها تكبر الغني القريب على قريبه الفقير. أما نفقة الوالدين والأولاد والجدات والأجداد والأحفاد فإنها واجبة على الوالدين والأولاد كوجوب الصلاة والصيام، أما غيرهم من ذوي الأرحام وهم غير الفروع والأصول فلا تجب لهم نفقة. وصلة الرحم وحسن الجوار وحسن الخلق يعمرون الديار ويباركون في الأعمار، وخير الناس أتقاهم لله وأوصلهم للرحم وأمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر، فكما أن أسرع الناس عقاباً قاطعها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة قطيعة الرحم". اللهم يا واصل المنقطعين أوصلنا إليك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

765

| 23 يوليو 2013

يسب الريح والجدار

إن الشخص الغضوب كثيراً ما يذهب به غضبه مذاهب شتى، فقد يسب الحمار إذا جمح أو نفر كما يسب الجدار وقد يكسر آلة يعجز عن قضاء حاجته بها، بل إن رجلاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نازعته الريح عباءته فلعنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنها فإنها مأمورة، مسخرة وأنه من لعن شيئاً ليس بأهل رجعت اللعنة عليه".  كما لعن رجل ناقته فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم".. وسيئات الغضب كثيرة والنتائج المترتبة عليه كثيرة ولذلك كان ضبط النفس عند الغضب دليل قدرة محمودة وتماسك كريم، فقد روى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وما تعدون الصرعة فيكم قالوا الذي لا تصرعه الرجال قال: ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب"، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغضب أحياناً غير أنه ما تجاوز حدود التكرم والإعفاء ولا يقول إلا حقاً في الرضا والغضب وأنه صلى الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة دين الله فينتقم لله، حتى أن إعرابياً من الذين قال الله فيهم: (الأعراب أشد كفراً ونفاقا وأجدرُ ألا يعلموا حدود ما أنزل الله...) التوبة: 97 قال للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم: اعدل فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد في جوابه على هذا الإعرابي الجلف أن بيَّنَ له ما جهله، ووعظه فقال له: "ويحك فمن يعدل إن لم أعدل؟ خبتُ وخسرتُ إن لم أعدل". فكيف يضيق صدر المعلم الكبير بهذيان هذه النماذج من أمثال هذا الأعرابي وقد أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلم أصحابه هذا الدرس ليعلموه إلى الأجيال اللاحقة إرادة أن يعلمهم الأناة وضبط النفس، فقد روي أيضاً أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه شيئاً: فأعطاه ثم قال له: أحسنتُ إليك؟ قال الأعرابي: لا ولا أجملت، فغضب المسلمون وقاموا إليه ليوقعوا فيه، فأشار إليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن كفوا، ثم قام ودخل منزله فأرسل وزاده شيئاً ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم أحسنتُ إليك؟ قال نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: فإنك قلت ما قلت أنفاً وفي نفس أصحابي من ذلك شيء فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك قال: نعم، فلما كان من الغد جاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه فزعم أنه رضي، أكذلك؟ قال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثلي ومثل هذا كمثل رجل له ناقة شردت عليه فأتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفوراً. فناداهم صاحبها فقال لهم: خلوا بيني وبين ناقتي فإني أرفق بها منكم وأعلم. فتوجه لها بين يديها فأخذ من قمام الأرض فردها حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها واستوى عليها وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقلتموه دخل النار".  إن هذا المعنى يفسر لنا حلم الأنبياء وانظر إلى هود عليه السلام وهو يستمع إلى إجابة قومه بعد ما دعاهم إلى التوحيد لله. قالوا: (إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين (*) قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين (*) أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين) الأعراف 66-67- 68 وقد جاء الإسلام يحد من هذه النزوات ويقيم أركان المجتمع على العدل والرحمة، فإن تعذر العدل فلن تتحقق هذه الغاية إلا إذا هيمن العقل الراشد على غريزة الغضب وأن الكثير من النصائح النبوية المسداة للعرب كانت تتجه إلى هذا الهدف حتى اعتبرت مظاهر الطيش انفلاتاً من الإسلام وانطلاقاً من القيود التي ربط بها الجماعة. استمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لرجل يقال له جابر بن سليم: "لا تسبن أحداً"، يقول جابر: فما سببت بعد حرا ولا عبدا ولا بعيراً ولا شاة، قال: "ولا تحقرن شيئاً من المعروف أن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه". وأن من الناس من لا يسكن عنه الغضب فإذا مسه أحد ارتعش كالمحموم وأخذ يلعن ويطعن وهو محسوب على الإسلام والإسلام بريء من هذه الخلال العكرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء". واللعن من خصال أناس لا يصح انتماؤهم إلى الإسلام فالذي يجب أن يكون عليه المسلم هو أن يتنزه عن لعن غيره ولو أصابه منه الأذى الشديد فقد حرم الإسلام المهارات السفيهة وتبادل السباب بين الخصوم فكم من معارك تبذل فيها الأعراض وتخرج من أفواه المتنازعين الشتائم المحرمة على الحرمات العزيزة وملاك النجاة من هذه المنازعات الحادة تغليب الحلم على الغضب وتغليب العفو على العقاب، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم عيينة بن حصن نزل على ابن أخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر إذ كان القراء أصحاب مجلس أمير المؤمنين عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباباً فقال عينية: يا ابن أخي استأذن لي على أمير المؤمنين فاستأذنت له فلما دخل قال: هيه يا ابن الخطاب فو الله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به فقال الحر: يا أمير المؤمنين إن الله يقول لنبيه: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الأعراف 199 وأن هذا من الجاهلين، فو الله ما جوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافاً عند كتاب الله. اللهم اجعلنا كذلك. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

887

| 21 يوليو 2013

قوم أوثقهم القرآن

أن تاريخ المجتمع الإنسان مع ربه سيء لا تبيض صفحة منه بعمل صالح إلا أسودت صفحات بأعمال رديئة حيث يغلب نداء الشهوة نداء العقل وحب العاجلة حب الآجلة (كلاً بل تحبون العاجلة) القيامة : 20 وقد بين الله سبحانه أنه أوقع بالمجرمين ما يستحقون وما أصاب المتمردين على الله فقال جل في علاه (فكلاً أخذنا بذنبه) العنكبوت :40 وقال : (فما كان الله ليظلمهُم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) الروم : 9 فأخطاء الأولين تتكرر الآن في الحضارة التي تقود العالم مع تكرار لرذائل الترف والبطر والجحود والأثرة وحب الذات مع ذهول عن الله وإخلاد إلى الأرض وعكوف على ملذاتها. ما الفرق بين ما يجري في هوليود وما يجري مثله منذ عشرات القرون في أسواق النخاسة أو مواطن البغاء، أن مخازي الاستعمار لا تقل عن أمثالها أيام جبروت الأباطرة والفراعنة وأن لطفت الأسماء وغيرت العناوين. أن العجب لا ينقضي من موافقة الكنيسة الإنجليزية في انجلترا على إباحة اللواط بشروط وإقرار القوانين التي صدرت عن مجلس العموم واللوردات. ومع هذا فالقوم يزعمون أن لهم كتاباً سماوياً وأنه جاء فيه : إن الله دمر آل لوط مدينتهم وجعل عاليها سافلها للشذوذ الذي اقترفوه ثم يأتي بابا الفاتيكان إلى أفريقيا فيهاجم تعدد الزوجات ويسكت عن تعدد الأزواج في الغرب وعن الفتيات اللواتي تختفي منهن العذرية في الغرب قبل بلوغهن سن الزواج وكذلك يعتب مجرد عتب على من يمارسون اللواط داخل الكنائس. أن الأساس الغالب اليوم هو الإيغال في المعاصي والانكباب عليها دون شعور بقبحها أو الندم على اقترافها، إلا أن ذوي العزم من عباد الله لهن شأن آخر مع الله الذين خلقهم لطاعته وأسجد لهم الملائكة الذين ركبوا من ظلمة التراب فاكتسبت نفوسهم من ظلمته وقرنها بنور روحه وعقله وجعل بين ظلمة النفس ونور الروح برزخاً لا يعرف إلا بالمجاهدة مثله كمثل الشمس والظل لا يرى الخط الفاصل بينهما إلا ذووا الاختصاص. والإنسان مركب من عقل روحاني وهوى. غير أن بين الهوى والهدى برزخ من التوفيق لولا لطائف الإعانة من المولى جل جلاله لم تطلق البشرية المدافعة. لذلك قال الله عز وجل (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين) العنكبوت : 69 وذلك لسابقة وعد منه في علاه حيث قال (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون (*) لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون (*) لا يزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون(*)) الأنبياء (101-103). أن المؤمن قوام على نفسه يحاسب لله عز وجل، أن المؤمن يفجؤة الشيء يعجبه فيقول: والله إني لأشتهيك وأنك لمن حاجتي، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات هيهات حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول : ما أردت إلى هذا، مالي ولهذا والله لا أعود إلى هذا أبداً أن شاء الله؟ تناديه يوم فتح مكة أن هلم إلينا لقد طال العهد بيننا فيجيب إلا يأبى الله والإسلام. أن المؤمنين قوم أوثقهم القرآن وحال بينهم وبين ما يشتهون من هلكاتهم. الإنسان مجادل طويل اللسان مغروس في طبعه الحرص على إقناع المخالف بأحقية معتقدة أو عمله حتى ولو كان هذا العمل أو المعتقد باطلاً في حقيقته لذلك تراه يسوغ شهواته ويبسط حاجاته ويستقل ما بين يديه وأن كثر حتى قيل: أن رجلاً قال له ابن أخيه ناصحاً له (يا عم لماذا لا تخرج زكاة مالك وقد أنعم الله عليك منه بالكثير قال العم: طيب يا بني أحسب كم يجب علي، فلما حسبها الولد خرجت ما يزيد على مائة ألف ريال فقال العم: دعك من هذا تخرج من مالي مائة ألف فماذا يبقى عندي أترك ذلك يا ولدي إنما الزكاة تجب على الهوامير أي الأثرياء وعد نفسه فقيراً، لا تجب عليه الزكاة، ولم يخرج زكاته ظناً منه أنه ليس بهامور وإنما هو فقير. الهوامير فقط الذين يملكون المليارات والبلايين. أن اشتهاء الدنيا بجنون وطغيان يكاد يختلط بدماء الناس ولحومهم ويخرج بهم عن جادة الاعتدال والحكمة. قال الإمام الحسن البصري: إن النفس إذا أطمعت طمعت وإذا فوضت إليها أساءت وإذا حملتها على أمر الله صلحت، وإذا تركت الأمر إليها فسدت فأنزلها منزلة من لا حاجة له فيها ولابدُ له منها وإنما هي أيام تعد وإنما أنتم ركب وقوف ويوشك أن يدعي أحدكم فيجيب فانقلوا بصالح ما بحضرتكم. وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين

647

| 19 يوليو 2013

ختامه مسك

فرض الله عز وجل صوم شهر رمضان على كل مسلم بالغ عاقل أدرك الشهر مقيماً صحيحاً. ومن أجل الحفاظ على جمال الصوم ونقائه من دنس الذنوب والخطايا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب".. ويقول عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".. ولما كانت النفس بفطرتها ميالة إلى اتباع الهوى وأنها تأمر بما لا يرضي الله عز وجل كما أخبر عنها سبحانه بقوله: (إن النفس لأمارة بالسوء) فإنها لا تخلو من مقارفة إثم أو ارتكاب خطيئة في شهر طلب منا الالتزام فيه بأكبر قدر من ضبط النفس ولجمها عن اقتراف الخطايا وعليه فإن الإنسان يكون قد خرج بالصيام عن مغزاه الحقيقي الذي شرع الله من أجله الصيام وجعله أحد أركان الإسلام كما قال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فالحكمة في فرضية صوم شهر رمضان هو "التقوى" ولما كان وجه التقوى الذي يحب الله أهله (إن الله يحب المتقين) قد تغبره آثام ترتكب كالغيبة التي تعد من أفضل فواكه مجالس البطالين وكذا اللغو والرفث فلابد من شيء يزيل هذا "الران" ومن أجل ذلك أيضاً شرعت صدقة الفطر وزكاة الفطر "طهرة للصيام من اللغو والرفث" وهذه الصدقة عرفت في الفقه الإسلامي وعند عامة المسلمين "زكاة الأبدان" خلافاً لزكاة الأموال التي عرفت بأنها " زكاة الأثمان". ولأن زكاة الفطر تشبه كفارة الظهار وكفارة الجماع للصائم في نهار رمضان فإن سبب هذه الكفارات هو البدن وليس المال. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين".. ومعنى زكاة الفطر أي الزكاة التي سببها الفطر من رمضان فقد أوجبها الإسلام بمناسبة الانتهاء من صيام شهر رمضان ودخول عيد الفطر شكراً لله على نعمة التوفيق لأداء ركن من أركانه ونعمة الفرحة بالعيد لأن للصائم فرحتين فرحة عند فطره وهي هذه وفرحة عند لقاء ربه "يوم يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" ومواساة للمحتاجين وإغناء لهم عن المسألة في يوم العيد لأن الأغلبية من الأعمال تتوقف يوم العيد فشرعت صدقة الفطر لإغناء الفقراء عن الحاجة كما قال عليه الصلاة والسلام: "أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة" كذلك لإدخال السرور إلى نفوسهم في يوم يسر فيه المسلمون بقدوم العيد عليهم وإتمامهم أداء أحد أركان الإسلام. كما أنها فرضت جبراً للخلل الواقع في الصوم فهي بمنزلة النوافل وسجود السهو في الصلاة. وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة النبوية في نفس السنة التي فرض فيها صيام شهر رمضان. والأصل في وجوبها السنة والإجماع - أما السنة فما روي عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حرا وعبد ذكراً وأنثى من المسلمين. وأجمع علماء المسلمين من السلف والخلف على أنها واجب لدخولها في عموم قوله تعالى (وآتوا الزكاة) ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها "زكاة" فهي داخلة في أمر الله تعالى بها كما أن أصل فرض في الشرع بمعنى الوجوب. وقد ذكر ابن المنذر الإجماع على وجوبها. وقد ذكرنا في أول الكلام أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في حديثه الذين تجب عليهم وأنها تجب على كل مسلم عبداً وحرا ذكراً وأنثى صغيراً وكبيراً. وهي بذلك تشمل الغني والفقير إذا كان يملك يوم العيد وليلته ما يفضل عن حاجته الأساسية وحاجة من تلزمه إعالته كالزوجة والأولاد ولا يمنع الدين من وجوبها ولو وجب سداده، والأصل في إخراج زكاة الفطر أن تكون من غالب قوت ما يطعمه الإنسان لقوله تعالى (من أوسط ما تطعمون أهليكم...) ويكون بالكيل (صاع) وهو أربع حفنات بالكف المعتدلة ومقدار تلك بالوزن هو ما يساوي 2.5 كيلو. ويجوز إخراج زكاة الفطر من غالب قوت المزكي نفسه وهو ما يقتات به في حالته الاعتيادية لا في حالة الاضطرار، فمن كان غالب قوته اللحم أخرج اللحم ومن كان غالب قوته الأرز أخرج الأرز ومن كان غالب قوته الذرة أخرج ذرة وهكذا ويجوز إخراج القيمة إذا كان ذلك أصلح للفقير لفعل عمر بن عبدالعزيز والحسن البصري رحمها الله تعالى وهو ما قال به الأحناف، ثم لما فيه من التخفيف عن الناس لأنه في الغالب هو الأنفع للفقراء. وقد أجاز بعض العلماء تعجيل زكاة الفطر من بعد منتصف شهر رمضان. بل وأجاز آخرون إخراجها من أول الشهر لأن سبب زكاة الفطر هو الصوم والفطر عنه فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلهما كزكاة المال فإنه يجوز تعجيلها بعد ملك النصاب وإن لم يحل على المال الحول، ولأن في القول بجواز إخراجها بعد منتصف شهر رمضان أيسر على الناس للجباية والتوزيع.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

979

| 18 يوليو 2013

أيام الزينة

لكل أمة من الأمم أعيادها ومناسباتها التي تحقق بها بعض رغبات نفوسها من الترفه بما يناسبها قد تكون هذه الأعياد أعياداً دينية أو مناسبات وطنية، فلكل أمة طريقتها في الاحتفال وفق ديانتها وعاداتها وتقاليدها بل ووفق أساطيرها وخرافاتها التي ورثتها من الأجيال السابقة عبر القرون. فلليهود أعياد وأيام، وللنصارى أعياد وأيام، عيد الفصح وعيد رأس السنة وغير ذلك وللمجوس أعياد وأيام كيوم النوروز أو عيد الربيع وحتى الشيوعيين لهم عيد أطلقوا عليه عيد العمال وما أكثر الأعياد في دنيا الأمم عيد العمال وعيد الربيع وعيد المعلم وعيد الأم وعيد الطفل أو يوم الطفولة وفي بعض البلاد الغربية ابتدعوا أياماً يحتلفون بها فإن لديهم يوم يتراشقون فيه بالطعام ويوماً يختلط الحابل بالنابل وفي سن معينة لقطف العنب أو القطن وفي أسبانيا هناك يوم للثيران تنطح الناس وينطحها الناس لا فرق بين الناطح والمنطوح فالكل يركض والكل يضرب بالأربع والكل يدوس ويداس كيوم فرعون في يوم الزينة يوم يجمع فرعون الناس ويظهرون ما لديهم من خبث الطويه والقدرة على التلاعب بعقول المشاهدين (ذلك يوم مجموع له الناسُ وذلك يوم مشهود) إنها أيام زينة وبهجة أو احدهما يجتمع فيها الناس. وفي حالتنا نحن المسلمين، فقد شرع الله لنا عيدين في كل عام عيد الفطر فرحا وابتهاجاً لأداء ركن من أركان الإسلام ألا وهو صوم رمضان (للصائم فرحتان فرحة عند فطره) لأن هذا اليوم كيوم الاحتفال الذي توزع فيه الجوائز على الجادين في أداء ما أوكل إليهم من أعمال. والفرحة الكبرى وهي:" وفرحة عند لقاء ربه" يوم (ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاهُ منشوراً، اقرأ كتابك) فيقراً بتمعن وينظر ما فيه فإذا هو ملئ بالصالحات فيطير فؤاده فرحاً وسروراً فيقول للأحباب والأصحاب (هاؤم اقرءوا كتابيه. إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه) ثم هذا العيد بعد رحلة قد تكون شاقة على كثير من النفوس فأراد الإسلام إجمامها ببعض اللهو المباح. ثم يأتي بعد مدة ليس بالطويلة عيد الأضحى ليفرح به الحاج والمعتمر في الأرض المقدسة المباركة ويشاركه المسلمون في أنحاء الأرض ابتهاجاً بقيام هذا الركن من أركان الإسلام وإعلان وإعلاء كلمة التوحيد من أول المناسك إلى أخر أدائها. وشرع لنا الإسلام كيفية الاحتفاء والاحتفال بهذين اليومين أو العيدين. إنها أيام أكل وشرب بعد فطام للنفس دام شهراً وأيام فرح وسرور وتواصل بعد شهر من التبتل والانقطاع عما يجرح وجه الطاعة. الحج أشهر معلومات نتعلم فيهن حرمة إتلاف الأشياء الحية فإذا تخرج الطالب (الحاج) فرح بتخرجه فنال شهادة " رجع كيوم ولدته أمه" وفرح إخوانه في العالم بنجاح وفد الرحمن في الامتحان وأدائهم لهذا الركن العظيم. في هذين العيدين نلبس جميل الثياب ونظهر أحلى الحلل ونعطرهما بأذكار المنعم الذي منع وأباح ونحن له طائعون. نصل الأرحام المقطوعة نتهادى بوسائل الحب (تهادوا تحابوا) نرفع شعار الدعاء (يتقبل الله منا ومنكم) دعوة أخ لأخيه ودعاء (حج مبرور وذنب مغفور) نظهر من السرور والبهجة فلم لا نفرح نحن بأعيادنا أن هذه النفوس تكل وإذا كلت عميت فروحوها باللهو المباح، لم لا يتغنى المسلمون بدينهم في غير بذاءة ولا تبذل لم لا يجد المسلمون البديل النظيف بما يتناسب وعقيدتهم عقيدة الجمال والكمال، لماذا نظهر هذه الشريعة كأنها عرجاء لا تعرف للفرح طعماً ولا للابتسامة لوناً؟ إن تبسمك في وجه أخيك صدقة وأين " والله لن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم"؟ ثم من أين تأتي الابتسامة والسلام والمرء مقطب الوجه مكفهر اللون؟ إن في ديننا فسحة بل فسح طرب الحبش بحضرة النبي الكريم ورقصوا بما يناسب الحال فلم لا يطرب الحبش أو العرب أو المسلمون بما يتناسب وأعرافهم وتقاليدهم وآداب دينهم لم نحجر واسعاً ؟ عائشة رضي الله عنها تنظر وتسمع إنها ترى الرجال يلعبون وترى الجويرات يرقصن فلم لا يلعب رجالنا وترقص جويرياتنا قبل أن ترقص لنا أو ترقصنا بنات الليل ورواد الحانات؟ في العالم الغربي والمستغرب معهم يحتلفون بأعيادهم ومناسباتهم على غير هدى فكل شيء عندهم مباح أطلقوا العنان للغرائز بحجة الحرية ثم العيد إن لهم ما يشاؤون أو يختارون فإن لكل قوم عيداً لكن أن تحول أعيادنا بما يمسخ حقيقتها ويغير الوجه الذي جاءت من أجله فهذا مما لا ينبغي للعقلاء فعله قد يفعله المرء مع نفسه إرضاء لهواها أما أن يشيع ذلك في أمته فيفسد عليها دينها وخلقها وآدابها فهذا من دواهي الزمن ثم يزعم هذا الفاعل أنه متحضر مثلاً ألا يعتقد أنه مسخ هويته وألغاها وانتسب إلى غير أصله من غير حاجة أو ضرورة إلا شهوة التقليد والمحاكاة؟ إن صمام الأمان لبلادنا والذي لا زلنا نتفوق به على غيرها هو الأمان وهذا الأمان الذي نعيشه من غير قوة سلطان إنما وفره لنا الدين القويم والأخلاق النبيلة فلا يكن أحدنا أمعة ولا يكن أحدنا ساناً لسنة سيئة يتحمل وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. وليحذر المؤمن أن يصاب بمقت من الله الذي توعد الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في بيئة التوحيد حيث قال (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) فكن مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر والخير معروف بالفطر والشر معروف كذلك نعم إن في ديننا فسخة فاجمعوا هذه النفوس فإنها إذا كلت عميت. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

843

| 17 يوليو 2013

أولو الالباب

العقل : اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب، والعلم باجتناب الخطأ وهو غزيرة وضعها الله عز وجل في أكثر خلقه قال الله تعالى (إنما يتذكر أولوا الألباب) الزمرد 9- الرعد 19 فإذا كان المرء في أول درجته يسمى أديباً ثم أريباً ثم لبيباً. ثم عاقلاً، كما أن الرجل إذا دخل في أول حد الدهاء قيل له شيطان فإذا عتا في الطغيان قيل له مارد فإذا زاد على ذلك قيل له عبقري فإذا جمع إلى خبثه شدة شر قيل له عفريت. وأفضل مواهب المولى جل جلاله العقل ولقد أحسن القائل : وأفضل قسم الله للمرء عقـله فليس من الخيرات شيء يقاربه إذا أكمل الرحمن للمرء عقله  فقـد كملت أخـلاقه ومـأربه والعقل نوعان : مطبوع ومسموع، فالمطبوع منهما كالأرض والمسموع كالبذر والماء، ولا سبيل للعقل المطبوع أن يخلص له عمل محصول دون أن يرد عليه العقل المسموع فينبه من رقدته ويطلقه من مكامنه، يستخرج البذر والماء ما في قعر الأرض من كثرة الري، وقد قال عطاء بن رباح أفضل ما أعطي العبد العقل عن الله، فالواجب على العاقل أن يكون بما أحيا الله عقله من الحكمة أكثر حباً منه لما أحيا من جسده من القوت لأن قوت الأجساد المطاعم وقوت العقل الحكم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب فكذلك العقول تموت إذا فقدت قوتها من الحكمة. وأعلم أن الأسفار والتقلب في الأمصار والاعتبار بخلق الله مما يزيد المرء عقلاً والعقل دواء القلوب ومطية المجتهدين وبذر حراثة الآخرة وتاج المؤمن في الدنيا وعدته في النوائب، ومن عدم العقل لم يزده السلطان عزاً ولا المال رفعة وقدراً أرأيت الذين أخبر الله عز وجل أنهم (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) الملك : 10 هم أنفسهم يقولون (ما أغنى عني ماليه (*) هلك عني سلطانيه) الحاقة 28-29 فلا عقل لمن أغفله عن أخراه ما يجد من لذة دنياه، فكما أن أشد الزمانة الجهل، كذلك أشد الفاقه والفقر عدم العقل، والعاقل يحسم الداء قبل أن يبتلي به ويدفع الأمر قبل أن يقع فيه فإذا وقع فيه رضي وصبر وعقول كل قوم على قدر زمانهم فالعاقل يختار من العمر أحسنه وأن قل فإنه خير من الحياة النكده وأن طالت، والعقل غير المنتفع به كالأرض الطيبة الخراب لأن العقل لا ينفع إلا إذا استعمل، كما لا تنفع الأعوان إلا عند الحاجة والفرصة، ومن لم يكن عقله أغلب خصال الخير خيف عليه أن يكون حتفه في أقرب الأشياء. وقال العلماء: كفى بالعاقل فضلاً وأن عدم المال، بأن تصرف مساوئ أعماله إلى المحاسن عتجعل البلادة منه حلما والمكر عقلا والهذر بلاغة والحدة ذكاء والعي صمتاً، والعقوبة تأديباً، والجرأة عزماً، والجبن تأنياً، والإسراف جوداً، والإمساك تقديراً، ناصحاً للأقران مواتياً للإخوان، لا يتحرش بالأشرار، ولا يبخل في الغنى ولا يشره في الفاقة، ولا ينقاد للهوى ولا يجمع في الغضب ولا يتكلف ما لا يجد، ولا يكتنز إذا وجد، ولا يدخل في دعوى ولا يشارك في مراء ولا يمدح أحداً إلا بما فيه، لأن من مدح رجلاً بما ليس فيه فقد بالغ في هجائه، ومن قبل المدح بما لم يفعله فقد استهدف للسخرية، والعاقل يكرم على غير مال كالأسد يهاب وأن كان رابطاً وأن من العقل التثبت في كل عمل قبل الدخول فيه. وأعلم أخي أن أول خصال الخير للإنسان في الدنيا ان يهبه الله عز وجل عقلاً وهو أفضل ما وهب لعباده، فلا يجب أن يدنس نعمة الله بمجالسة من هو بضدها قائم وإنما عليه أن يعلم ما فرض الله عليه من كتاب الله عز وجل فهو أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله وفريضة كتاب الله عز وجل هي: العمل بحكمه من الأمر والنهي والخوف والرجاء لوعده ووعيده والإيمان بمتشابهه والاعتبار بقصصه وأمثاله لأن هذا القرآن ما أنزل إلا لذلك لأنه (إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم ..) الإسراء : 9 يهدي به الله من أتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه. وإنما يعرف ذلك ويميزه ويرغب فيه من رزقه الله عقلاً يعقل فيه عن الله وهم الذين آمنوا وعملوا بأحكام الشرع الحنيف، وتنزهوا عن الشبهات لأن الحلال بين والحرام بين وبين هذا وذلك أمور متشابهات فأهل العقل والعقل يعرفون الحلال فيعلمون به ويعرفون الحرام فيجتنبوه (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) آل عمران 7 لأن العاقل يتنزه قدر طاقته عن المتشابهات لأن تركها خير من أخذها أذان ذلك أصون للدين وأكمل للمروءة " فمن أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : أرض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس وأجتنب ما حرم الله عليك تكن من أورع الناس وأد ما افترض الله عليك تكن من أعبد الناس. ومن أجل أن يحافظ العاقل على عقله وتنمية مداركه والصاحب ساحب وإياك وجليس السوء فإنه كصاحب الكير أما أن يحرق ثيابك أو أن تجد منه ريحاً خبيثة وعليك بمجالسة أهل الصلاح والفلاح من العقلاء فإنهم لواقح الأفكار وهم كحامل المسك إما أن يعطيك أو أن تجد منه الريح الطيب قال الإمام الحسن البصري: الدنيا ظلمة إلا من مجالس العلماء. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي جلسائنا خير؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من ذكركم بالله رؤيته وزادكم في علمكم منطقه وذكركم بالآخرة عمله وما اقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا جعل الله قلوب المؤمنين تنقاد إليه بالرحمة والمودة وكل عقل لا يصحبه ثلاثة أشياء فهو عقل مكار مخادع يزين لصاحبه الشر خيرا. ومن صفات العقل الصادق: أولاً: إيثار الطاعة على المعصية. ثانياً: إيثار العلم على الجهل. ثالثاً:إيثار الدين على الدنيا. فإن أفضل ما أعطي العباد في هذه الحياة الدنيا العقل وأفضل ما أعطوا في الدار الآخرة رضوان الله عز وجل. فاجعل أخي عقلك دليل إلى الدار الآخرة وأرضى عن ربك ليرضى عنك وأرضي ربك ليرضى عنك (رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه) البينة -8  وأخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين

1959

| 16 يوليو 2013

العفة والخطيئة

إن الشعور بالذنب الذي يرتكبه الإنسان المذنب فطرة فطرة الله الناس عليها وما كان للتهوين من شأن الذنب، ولا للتخفيف من آثاره أن يهدي من روع المذنب، لأنه يعلم أنه ارتكب ذنباً ووقع في خطيئة، لهذا فإن عقدة الشعور بالذنب لا يزيلها من النفس إلى التوبة النصوح التي تتوفر فيها شروط التوبة من إقلاع عن الذنب وندم على فعله وإصرار على عدم العودة إليه مع العزيمة الصادقة القادرة على التغيير، فشعور الإنسان بأن الله عز وجل يقبل توبة التائبين (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) ويمحو بها آثار الخطيئة مما يجعل الإنسان المذنب تعود إليه راحة قلبه وطمأنينة نفسه لأنه يعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب عليه بهذا أخبر النبي الكريم الرحيم وهو ميراث تعلمناه من أبينا أدم (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم). إن عقدة الشعور بالذنب التي تطارد العبد المسلم الذي يقع في الخطيئة هي السبب في التوتر الدائم والقلق المستمر وهي في أخر المطاف تؤدي إلى الكراهية العميقة للمجتمع لأنه يرى فيه شبح الذنب الذي ارتكبه متمثلاً في كل شيء في الناس الذين سهلوا له الوقوع في المعصية وفي كل من كان سبباً في إغرائه وكذلك البيت الذي لم يهتم بتربيته أو توجيهه وينقم حتى على المدرسة التي لم تساهم في تقويمه مع الرغبة الملحة للي إزالة كل ما يذكر بالذنب الذي ارتكبه ولهذا فإنه يحاول أن يترجم ذلك كله بالتدمير وعدم المبالاة بالأخلاق والأعراف الاجتماعية ويتمرد حتى على النظم، ويجعل من ذلك تعبيراً عن المأساة التي يعيشها في تلك المرحلة الشبابية، إلا أن العلاج الوحيد لتلك العقد إن علاج مشكلة المراهقة وتداعياتها يتحقق إذا استطاع الشاب أن يجد الزوجة الموافقة الكريمة المنبت ليحقق من خلالها رجولته دون أن يصاحب ذلك ما يعكر صفو حياته فالزواج الشرعي هو الحل الأمثل والناجع لمشكلة خروج الشباب عن مألوف الشرع والعرف والقانون من أجل ذلك جاء في الأثر أن الولد إذا بلغ وكان بإمكان ولي أمره أن يزوجه فلم يزوجه حتى وقع الشاب- ذكر أو أنثى- في الخطيئة فإن ولي الأمر يحاسبه الله يوم القيامة لأنه كان بإمكانه أن يحول بين الشاب والخيطئة فلم يفعل. وعلى هذا لا يوجد حل أمثل ولا أحسن من إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ألا تفعلوا تكن في الأرض فتنة وفساد كبير لأن سعار الشهوة الذي يطارد الشاب سوف يؤدي إلى حرق كل خلق كريم ينطوي عليه قلب ذلك الشاب. إن الزواج يبعث الثقة نفس الشاب- ذكر أو أنثى- لأنه حينما يلتقي كل زوج بالآخر يلتقيات وفي قرارة نفسيهما أنهما يمارسان حقاً أقره الله وحث عليه وجعله حقاً من حقوقه المشروعة وأجاز الشرع للشاب الذي يريد الزواج للإعفاف أن يطلب من الجهات المسئولة عن الزكاة أن تقوم بمساعدته، وقد كان هذا المبدأ من مذهب عمر بن عبدالعزيز- رحمه الله- حيث أمر منادياً ينادي أن على الشباب من يجد الرغبة في الزواج ولا يجد ما ينفقه فيه فليأتنا نزوجه. وقد عرض عثمان بن عفان رضي الله عنه الزواج على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه بعد وفاة زوجته كما جاء في صحيح البخاري قال: يا أبا عبدالرحمن إن لي إليك حاجة فخليا فقال عثمان لعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: هل لك يا أبا عبد الرحمن في أن نزوجك بكراً تذكرك ما كنت تعهد؟ فلما رأي عبدالله أن ليس له حاجة إلى هذا أشار إلى علقمة- تلميذ عبدالله فجاء إلى عبد الله فقال ابن مسعود لعثمان رضي الله عنهما أما لئن قلت ذلك لقد قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". فهذا عثمان رضي الله عنه يتذكر عبدالله أنه لا زوجة له فلابد له من زوجة يخلوا بها. إن هذا الدين ليس دين مظاهر وطقوس ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر ما لم تكن صادرة عن إخلاص لله وتجرد مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى أثار في القلب تدفع العبد إلى العمل الصالح وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى. كذلك ليس هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة يؤدي الإنسان منها ما يشاء ويدع منها ما يشاء إنما هو منهج متكامل تتعاون فيه عباداته وشعائره وتكاليفه الفردية والاجتماعية حيث تنتهي كلها إلى غاية تعود كلها على البشر. إن من مهام العبادات كالصلاة والزكاة والصوم وقراءة القرآن والأذكار إن من مهامها أن تدفع العبد القائم بها إلى العمل الصالح والخلق النبيل، وقد ذكر الله أن ناساً لم تظهر عليهم نتائج عباداتهم في سلوكهم الاجتماعي مع شريحة اجتماعية لا يخلو منها عصر ولا مصر إنهم الذين فقدوا الصدر الحاني واليد الرحيمة أنهم (الإيتام) فالذين يتعاملون مع الأيتام على غير الحالة اليت ينبغي أن يعاملوا بها أبناءهم من زجراً وعنف في الفعل أو القول هؤلاء لا يعدون في سلك المؤمنين حقاً. وقد سأل جابر بن عبدالله الأنصاري الذي ابتلي بأيتام تركهم أبوه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريقة التي ينبغي أن يعامل بها اليتيم فقال : يا رسول الله مم أضرب منه يتيمي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم مم كنت ضارباً منه ولدك غير ما واق بماله حتى يستغني عنه برشده وبعمله وحسن أدبه. ومن أجل إن كثيراً من الأيتام لا يجدون الرعاية التي ينبغي أن يحظوا بها قال النبي صلى الله عليه وسلم : أنا وكافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة وأشار بالمسبحة والوسطى ترغيباً في رعايتهم وترهيباً من ضياع حقوقهم أو إيصال الأذى المادي أو المعنوي إليهم حتى ولو كان هذا الكفيل جداً أو أما أو أخاً أو ما إلى ذلك من ذوي الأرحام. ومن ثم أصبحت العناية باليتيم تعد من أفضل القربات لنيل أعلى الدرجات فالذي يعمل بمضمون هذا الحديث يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من هذه المنزلة. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أول ما يفتح باب الجنة فإذا امرأة تبادرني فأقول من أنت؟ فتقول أن امرأة تأيمت على أيتام لي" فإن في هذا الحديث سرعة دخول كافل اليتيم مع النبي صلى الله عليه وسلم الجنة وعلو منزلته. وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه أو مال اليتيم. ولأجل ذلك كانت كفالة اليتيم تعد من أعلى درجات الإحسان " والله يحب المحسنين" ومكافأة هذه الكفالة الدنيوية- العاجلة- هي الشعور بالمتعة الروحية والرضا النفسي، أما المكافئة الآخروية فهي عند الله أكبر وأبقى لأن الكافل يتعامل مع مصرف الإحسان والإنفاق فيه ابتغاء وجه الله والنفقة في هذا المصرف تضاعف إلى سبعين ضعفاً ربحاً حلالاً طيباً من رب غفور شكور (كمثلٍ حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبةٍ...). وقد يضاعف الله عز وجل ثواب المحسن الكافل أضعافاً كثيرة حى تصير المئة الواحدة مئات بل ألوفاً لأن (والله يضاعف لمن يشاء) وكافل اليتيم متصدق بماله وجهده وخلقه ووقته وراحته واستقراره لأن الصغار يحتاجون إلى صدراً واسع لأنهم لا قدرة لهم على التمييز بين الخطأ والصواب. لذلك لما كان الكافل محسناً وليس كأي محسن وكلما ذكر الله عز وجل الإحسان في كتابه العزيز وحث عليه ورغب فيه خص اليتيم وذكره على التعيين وأوصى به ونهى عن إيصال الأذى له أو قهره. وجعل من صفات المكذب بيوم القيامة والقرىن والإسلام الذي يقهر اليتيم أو يظلمه أو لا يطعمه ولا يحسن إليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

7894

| 15 يوليو 2013

والله يضاعف لمن يشاء

قد يضاعف الله عز وجل ثواب المحسن الكافل أضعافاً كثيرة حتى تصير المئة الواحدة مئات بل ألوفاً لأن (والله يضاعف لمن يشاء) وكافل اليتيم متصدق بماله وجهده وخلقه ووقته وراحته واستقراره لأن الصغار يحتاجون إلى صدر واسع يحنو عليهم لأنهم لا قدرة لهم على التمييز بين الخطأ والصواب. لذلك لما كان الكافل محسناً وليس كأي محسن وكلما ذكر الله عز وجل الإحسان في كتابه العزيز وحث عليه ورغب فيه خص اليتيم وذكره على التعيين وأوصى به ونهى عن إيصال الأذى له أو قهره. وجعل من صفات المكذب بيوم القيامة والقرآن والإسلام الذي يقهر اليتيم أو يظلمه أو لا يطعمه ولا يحسن إليهم حتى ولو كان هذا الكفيل جداً أو أماً أو أخاً أو ما إلى ذلك من ذوي الأرحام. ومن ثم أصبحت العناية باليتيم تعد من أفضل القربات لنيل أعلى الدرجات فالذي يعمل بمضمون هذا الحديث يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من هذه المنزلة. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أول ما يفتح باب الجنة فإذا امرأة تبادرني فأقول من أنت؟ فتقول أنا امرأة تأيمتُ على أيتام لي) فإن في هذا الحديث سرعة دخول كافل اليتيم مع النبي صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته . وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه أو مال اليتيم، ولأجل ذلك كانت كفالة اليتيم تعد من أعلى درجات الإحسان (والله يحب المحسنين) ومكافأة هذه الكفالة الدنيوية - العاجلة- هي الشعور بالمتعة الروحية والرضا النفسي، أما المكافئة الآخروية فهي عند الله أكبر وأبقى لأن الكافل يتعامل مع مصرف الإحسان والإنفاق فيه ابتغاء وجه الله والنفقة في هذا المصرف تضاعف إلى سبعين ضعفاً ربحاً حلالاً طيباً من رب غفور شكور (كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبة مائة حبة ...) . وإذا كان من يدعوه السلطان- ويخصه بجواره في الدنيا ينال شرفاً رفيعاً ويراها له أعظم مكافأة أفلا يكفي كافل اليتيم- له ولغيره- أن يبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الصحيح أن يكون إلى جنبه في الجنة أو تزاحمه امرأة قامت على أيتام لها دخول باب الجنة؟ أخي إذا لم تستطع أن تكفل يتيماً بنفسك تتولى أنت تربيته والقيام على أمره فساعد من يقوم بالنيابة عنك وأدخل شريكاً في هذه الصفقة الرابحة، (ما عندكم ينفد وماعند الله باقٍ) (ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون). قد تكون اليوم غنياً ولكن هل تضمن أن يدوم عليك غناك فلا فقر يدوم ولا غناء. إن الله أدخل رجلاً الجنة بسقيه كلباً كان عطشاناً وغفر لأمرأة زانية برغيف خبز تصدقت به بعد توبة ألا ترى إطعامك أو كفالتك لإنسان حرية أن تطفي في وجهك حر جهنم يوم القيامة وتدخل على نفسك السرور الدائم كما أدخلت السرور إلى نفس اليتيم؟ ألا تعتقد أنك ستنال (وجوه يومئذٍ ناضرة) كما حولت وجوه أيتام من بأس إلى بسمة وأمل (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً) (وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) (وما تقدموا لأنفسكم من خيرٍ تجدوه عند الله ...). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

621

| 14 يوليو 2013

اضربه مما تضرب منه ولدك

إن هذا الدين دين مظاهر وطقوس ولا تغنى فيه مظاهر العبادات والشعائر ما لم تكن صادرة عن إخلاص لله وتجرد مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى أثار في القلب تدفع العبد إلى العمل الصالح وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى. كذلك ليس هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة يؤدي الإنسان منها ما يشاء ويدع منها ما يشاء إنما هو منهج متكامل تتعاون فيه عباداته وشعائره وتكاليفه الفردية والاجتماعية حيث تنتهي كلها إلى غاية تعود كلها على البشر. إن من مهام العبادات كالصلاة والزكاة والصوم وقراءة القرآن والأذكار إن من مهامها أن تدفع العبد القائم بها إلى العمل الصالح والخلق النبيل، وقد ذكر الله أن ناساً لم تظهر عليهم نتائج عباداتهم في سلوكهم الاجتماعي مع شريحة اجتماعية لا يخلو منها عصر ولا مصر إنهم الذين فقدوا الصدر الحاني واليد الرحيمة إنهم (الأيتام) فالذين يتعاملون مع الأيتام على غير الحالة التي ينبغي أن يعاملوا بها أبناءهم من زجرٍ أو عنف في الفعل أو القول هؤلاء لا يعدون في سلك المؤمنين حقاً. وقد سأل جابر بن عبدالله الأنصاري- رضي الله عنه والذي ابتلي بأيتام تركهم أبوه- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريقة التي ينبغي أن يعامل بها اليتيم فقال: يا رسول الله (مم أضرب منه يتيمي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم مم كنت ضارباً منه ولدك غير ما واق مالك بماله حتى يستغني عنه برشده وبعلمه وحسن أدبه). ومن أجل أن كثيراً من الأيتام لا يجدون الرعاية التي ينبغي أن يحظوا بها قال النبي صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة) وأشار بالمسبحة والوسطى ترغيباً في رعايتهم وترهيباً من ضياع حقوقهم أو إيصال الأذى المادي أو المعنوي إليهم حتى ولو كان هذا الكفيل جداً أو أماً أو أخاً أو ما إلى ذلك من ذوي الأرحام. ومن ثم أصبحت العناية باليتيم من أفضل القربات لنيل أعلى الدرجات فالذي يعمل بمضمون هذا الحديث يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من هذه المنزلة. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما يفتح باب الجنة فإذا امرأة تبادرني فأقول من أنت؟ فتقول أنا امرأة تأيمت على أيتام لي) فإن في هذا الحديث سرعة دخول كافل اليتيم مع النبي صلى الله عليه وسلم الجنة وعلو منزلته. وهذه الفضيلة تحصل لمن كفل اليتيم من مال نفسه أو مال اليتيم. ولأجل ذلك كانت كفالة اليتيم تعد من أعلى درجات الإحسان (والله يحب المحسنين) ومكافأة هذه الكفالة الدنيوية- العاجلة- هي الشعور بالمتعة الروحية والرضا النفسي، أما المكافأة الأخروية فهي عند الله أكبر وأبقى لأن الكافل يتعامل مع مصرف الإحسان والإنفاق فيه ابتغاء وجه الله والنفقة في هذا المصرف تضاعف إلى سبعين ضعفاً ربحاً حلالاً طيباً من رب غفور شكور (كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبة مائة حبةٍ...). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

1515

| 13 يوليو 2013

أخدمها لتخدمني

إذا بحثنا عن الدنيا رأينا هذه الأرض البسيطة التي جعلت قراراً للخلق قال الله عز وجل (أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهاراً...) النمل : 61 وقال (الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً...) غافر : 64 يخرج منها أقواتها قال الله عز وجل (وءاية لهم الأرضُ الميتة أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون (*) وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون (*) ليأكلوا من ثمره وما عملتهُ أيديهم...) يس 33-34-35 أقوات المخلوقات الحية ويدفن فيها الأموات ومثل هذا لا يدم لموضع المصلحة فيه، ورأينا ما عليها من ماء وزرع وحيوان كله لمصالح بني الإنسان.(هُو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) البقرة 29 وفيه حفظ الإنسان لسبب بقائه لأن بقاء هذا الإنسان سبب لمعرفة ربه وطاعته إياه والقيام بين يديه سبحانه (وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون...) الزاريات : 56 وما كان سبباً لبقاء العارف لربه العابد له يمدح ولا يذم فتبين لنا إن الذم إنما هو لأفعال الجاهل بالله أو العاصي في الدنيا فإنه إذا اقتنى المال المباح وأدى ما أوجب الله عليه من زكاة لم يلم، هذا إذا علمنا أن كبار الصحابة والذين هم من العشرة المبشرين بالجنة على وجه الخصوص كانوا من أصحاب رؤوس الأموال مثل الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص والصديق أبوبكر وغيرهم. وقد بلغت صدقة أبي الحصن علي رضي الله عنه أربعين ألف درهم وهو يقول للدنيا :" ويا دنيا غري غيري" وترك ابن مسعود وراءه تسعين ألفاً، وكان فقيه مصر الليث بن سعد يستغل كل سنة عشرين ألفاً. كما كان جمهور الصحابة مكثرين من النساء- فلم أعلم- أن واحداً منهم اكتفى بواحدة فقط. كان للإمام الزاهد علي بن أبي طالب أربع حرائر وسبع عشرة أمة وتزوج ولده الحسن رضي الله عنهم أجمعين نحواً من أربعمائة حرة طلباً لشرف الانتساب إليه أما طلب التزوج للأولاد فهو الغاية في التعبد وما يتبع ذلك فهو من المباح الذي يندرج فيه من التعبد ما لا يحصى، من إعفاف نفسه والمرأة والسعي على الأهل والأولاد. إن استغلال مجموعة من لصوص المال على ثروات الأمة وترك بقيتها تصارع الفقر والجهل والمرض ليعد جريمة ينبغي أن يحاسب العبد نفسه عليها كما ينبغي أن يحاسبه القانون تحت شعار (من أي لك هذا)؟ إن جعل المال دولة بين مجموعة من الناس يؤدي بالضرورة إلى احتكار أقوات الناس وأرزاقهم ومن ثم يعود ذلك على الأمة بأفدح الخسائر على عقائدها وشرائعها ويفقدها احترام العدو والصديق لانشغال أصحاب (الأنا) في ملذاتهم وترك الأمة وحالها، أما كلمة الجهاد فتصبح والحالة هذه كلمة منكرة، أو تعد من هذر الكلام وفضوله لأن كبيرهم الأول قال- كما أخبر الله عنه (لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) المنافقون 7 فهل يرجى للحفيد أن يكون خيراً ممن سبقه في هذا الطريق. فأي جهاد يرتقب من أمة عزلاء فارغة اليد؟ فكيف إذا ضم إلى ذلك فراغ العقل والقلب؟ إن الأمة التي تنحدر إلى أن تصبح الأكثرية عالة تأكل من فتات الأقلية فإنها ولا بد تنحدر إلى الدرك الذي تتحول فيه يقينا للاغتصاب والمهانة والذل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

383

| 12 يوليو 2013

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4200

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1821

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1752

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1608

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1422

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1158

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

903

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

657

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

615

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

549

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
المقاومة برصاص القلم

ليس بكاتب، إنما مقاوم فلسطيني حر، احترف تصويب...

495

| 03 ديسمبر 2025

أخبار محلية