رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تلك الخشبة التي يقف عليها الممثل ليعلن ميلاد عمل مسرحي جديد في كل مرة ليست بالخشبة العادية أو المنصة التي تحمل مواهب الممثلين وإبداعاتهم، بل هي مدرسة تحمل هموما ثقافية فنية اجتماعية اقتصادية سياسية وحتى علمية تطرحها للمجتمع وسط حضور جماهيري يضم كل فئات المجتمع، ولكن هل هذا ما يحدث في مسرحنا؟ أعمالنا المسرحية موجهة فقط للمتخصصين من مخرجين وصحفيين ولجان تحكيم وغيرهم من بقية المنتمين إلى مجال المسرح، نحن مازلنا عاجزين عن إخراج أعمالنا المسرحية إلى عامة الجمهور، مازلنا نفتقد إمكانات وثقافة إيصال الرسالة المسرحية، حيث إن المسرح عندنا رغم نشاطه الدءوب إلا أنه مازال متقوقعا على نفسه بشكل غريب جدا وسط تجاهل مستفز من الوسائل الإعلامية التي تنقل هذه الأنشطة على استحياء متواضع عبر تغطيات لا تتجاوز الخمس دقائق وكأن المسرح لا يعد جزءا حيويا من المجتمع، متجاهلين أن المسرح في تغيير دائم وتطور مستمر ويتأثر بكافة المتغيرات التي طرأت على العالم من كل النواحي، ابتداء بالثقافة السائدة وانتهاء بثورة الاتصالات والثورة المعلوماتية، والمسرح يعيش طوال حياته فترات مستمرة من الصراع بين المتغيرات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية. وقد عكست هذه المتغيرات نفسها في المسرح من حيث القضايا التي يناقشها المسرح، ومن حيث تطور التقنيات المستخدمة على خشبة المسرح. وبالتالى من المفروض أن يبرز المهتمون هذه المتغيرات بشكل واضح ويقدموا في كل مرة مسرحا مختلفا تماما عما مضى. لست هنا لأحكم على المسرح، فالتحكيم في العمل المسرحي عمل يحتاج إلى عقليات متخصصة فنيا وتقنيا وثقافيا. فالمسرح مرآة للمجتمع، ومكان للترفيه، يرى فيه الناس ما يحدث على أرض واقعهم ولكن بشكل مختلف. وهذه المرآة يجب أن نرى أنفسنا فيها قبل أن نحكم عليها بأي شكل من الأشكال، لكنني هنا لأتساءل ما الذي ينقصنا كي نقدم مسرحا يصل إلى الجمهور بسهولة ويسر؟ نحن لدينا أزمة واحدة، هي أزمة متفرجين، وأسباب هذه الأزمة ربما في التسويق وربما في الإعلام. يبقى السؤال مطروحا للمهتمين الذين هم أعلم وأكثر إلماما مني بهذا المجال.أخيراأوجه تحية صادقة لكل كاتب ومخرج وممثل مازال صامدا متمسكا بالقيم المسرحية ورسالتها الفنية في زمن السقوط الفني المرعب.
571
| 05 يناير 2014
هل تعلمون ما الذي يعكس مدى ثقافة الفرد ووعيه وفي الوقت نفسه يعكس مدى جهله وقلة ثقافته ونقص الوعي لديه؟ إنه التعامل مع الأحداث والظروف وطريقته للتواصل مع الحياة بكل لحظاته وتعبيره عن مشاعره سواء في حالة الفرح أو الحزن ولكن ما مناسبة هذا الحديث الآن؟ في الوقت الذي نتذكر فيه أمجاد وطن وتاريخا صنعه رجال الوطن الأوفياء ونستذكر فصلا من فصول العشق الأزلي لهذا الوطن ونسعى بكل الوسائل للتعبير عن هذا الوفاء والانتماء في الوقت نفسه هناك للأسف فئة يبدو أنها لا تستطيع أن تفرق بين اللوحة السامية التي تشرق فيها أفراحنا واحتفالاتنا والتي من المفترض أن نرسمها بأيدينا كأجمل ما يكون الفن والإبداع وبين التعامل مع هذا الاحتفال بشكل يعزز القيم ويرسخ معاني الوطنية في ذاكرة الأجيال لذلك ومع الأسف ظلت هذه الفئة وطوال السنوات الماضية تخربش على هذه اللوحة الجميلة وتشوهها حيث طغت الانفعالات الشخصية لديهم على كل شيء وأصبح محركا لتصرفاتهم الطائشة وغير المسؤولة التي لم يسلم منها أحد فعمدت تلك الفئة إلى إثارة الفوضى والشغب والإزعاج في شوارعنا الهادئة الجميلة بشكل مستفز واسمحوا لي لو قلت أن ذلك لا يعود إلى عدم التنسيق والمراقبة وإنما يعود إلى نقص في الثقافة وسوء التربية وضعف في السلوك وفي الشخصية.. كل دول العالم تحتفل بيومها الوطني وتعتز به ولكن الذي يحصل عندنا وفي معظم دول الخليج من بعض الشباب والمراهقين لا يحصل عند غيرنا من تشويه لصورة الاحتفال والتعمد بإزعاج الآخرين والسبب هو غياب التربية المنزلية وغياب دور الأسرة في توجيه أبنائهم وغرس ثقافة الاحتفال والتعبير عن الفرح فيهم فتصرفاتهم اللامسؤولة شكلت تهديدا لقيم المجتمع وأخلاقياته لأن هذه الفئة للأسف غير مهيأة للخروج والاندماج مع الآخرين وغير جديرة بتلك الثقة التي تسمح لهم بكل حرية التعبير عن مشاعرهم التي ما سببت إلا الفوضى برغم كل الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية مشكورة وكل التنسيق والتنظيم المدهش الذي نراه في كل خطوة وعند كل زاوية ورغم تواجد رجال المرور وحضورهم المكثف للحفاظ على سلامة الجميع لذا لا نريد أن نسمح لأحد أن يشوه هذه اللوحة الجميلة وهذه الجهود المكثفة من رجال الوطن الأوفياء المخلصين.نريد أن نحتفل احتفالا يليق بالمناسبة فمهما تنوعت المناسبات تبقى ثقافة الاحتفال هي الأهم إنها ثقافة احترام الآخرين واحترام الذوق العام والارتكاز على مبادئ وقيم المجتمع ونقل صورة صادقة رائعة مرتبطة بدلالات المناسبة ومفهومها العميق.. والسؤال الذي يقلقني الآن هل نحن بحاجة إلى الوعي لهذا المفهوم؟ أم نغمض عيوننا مكتفين باستعراضات مجنونة قد تخرج عن ثقافة واقعنا الأصيل وتقاليدنا الثابتة؟ عفوا الاحتفال لا يعني الهيجان والاستعراض والرقص والفوضى إلى درجة العبث..الاحتفال يعني الفرح والفرح يحتاج لثقافة عميقة تستطيع أن تعبر عنه بصدق وبحب عميق للوطن ولأهل الوطن.. مع محبتي.
2119
| 10 ديسمبر 2013
أيام قليلة وتظهر أجهزة الإعلام المحلي سواء المرئية أو المسموعة أو المقروءة بثوب مختلف ثوب وطني حيث تحتفل بيوم الوطن وذلك بكل ما يخص الوطن من كلمات وأغنيات وبرامج وفقرات ولقاءات وتقارير وتغطيات هذا ما يحدث كل عام، أرشيف كامل من المواد الوطنية تقدم للمشاهد أو المستمع أو القارئ مرة واحدة وبعدها تختفي فلن نشاهد أو نسمع بعدها الأغنية الوطنية إلا نادرا. ولن يقدم لنا الإعلام قصيدة في حب الوطن بحجة أنه ليس لها مناسبة متناسين أن هذه الأجهزة الإعلامية هي قلب الوطن النابض وصوت الوطن وصورة الوطن وعليها أن تكون كذلك طوال أيام السنة وليس ليوم واحد فقط، أتوقف هنا للحديث عن الأغنية الوطنية التي تعيشنا بأجواء وطنية جميلة مهما كان وقت الاستماع لها أو مشاهدتها فلا يوجد عشق ثابت كعشق الوطن كي نتغنى به كل وقت وكل حين وما من شك أن الناظر في مسيرة الأغنية الوطنية سيلاحظ بالتأكيد أنها مثلت دائما محطة بارزة وقائمة بذاتها في المشهد الغنائي والموسيقي عبر مختلف مراحله.. صحيح أنها منتوج غنائي يبدو غالبا وكأنه مناسباتي في ظهوره وتوقيت بثه عبر مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية ولكن مع ذلك تبقى الأغنية الوطنية تمثل لا فقط تعبيرة فنية غنائية متميزة وذات خصوصية و«نكهة» خاصة وإنما أيضاً ضرورة ثقافية وحضارية وذلك لما لها من دور في تخليد حب الوطن وتاريخ الوطن والأحداث التاريخية المهمة فنيا من جهة وفي العزف على مشاعر الوطنية وحب الوطن وإيقاظها في نفس المستمع وترسيخ الهوية والانتماء من جهة أخرى. إن ما أريد أن أقوله في ختام هذا المقال التي أوحت به إلى قلمي مجموعة رائعة من الأغاني الوطنية التي عشنا على إيقاعها على امتداد العمر من الله يا عمري قطر إلى عيني قطر وحتى فديت ترابج يا قطر والتي نسمعها عبر وسائل الإعلام الوطنية السمعية والمرئية هو أن هذه الأغنية تعتبر لا فقط تعبيرة فنية غنائية موسيقية لها وقعها الخاص على أذن وعقل ووجدان السامع.. وإنما أيضاً هي تمثل ضرورة ثقافية حضارية ربما يكون قد آن الأوان لنخرج بها من حيز المناسباتية على مستوى البث لنصبح نستمع من حين لآخر وليس بالضرورة في المناسبات الوطنية شأنها في ذلك شأن بقية الأصناف من الأغاني.
877
| 03 ديسمبر 2013
السحاب والبرق والمطر. ذلك عالم آخر من عوالم الإبداع الأدبي خاصة عند العرب فالمطر حلم الإنسان العربي والمطر ميلاد آخر والمطر أكثر من حياة وأكثر من عمر، لا شيء يهز وجدان الكاتب العربي كما المطر، لا شيء يزيد حاجته للكتابة كما المطر، لا شيء يثير دهشته كما المطر، ولا شيء يوقظ حنينه للأشياء الجميلة كما المطر. ولا يمكن أن نجد في أي أدب آخر ما نجده في الأدب العربي من وصف للسحاب والبرق والرعد والأمطار وربما من أجمل ما قيل في الأدب العربي المعاصر عن المطر هي أنشودة المطر للشاعر بدر شاكر السياب في قصيدة مزج فيها الشاعر معاناته وحنينه ودموعه بالمطر حيث الحب، حيث المرض، حيث السياسة، وحيث كل الأشياء في قصيدة واحدة يقول مطلعها(عيناك غابتا نخيل ساعة السحر أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر عيناك حين تبسمان تورق الكروم وترقص الأضواء كالأنهار في نهر يرجه المجذاف وهنا ساعة السحر ويستمر في وصفه إلى أن يقول (كأن أقواس السحاب تشرب الغيوم وقطرة فقطرة تذوب في المطر وكركر الأطفال في عرائش الكروم ودغدغت صمت العصافير على الشجر أنشودة المطر. مطر مطر مطر) أما الشاعرة نازك الملائكة فتستمتع بهذا المطر حتى وهي في عمق المعاناة والمأساة حيث تقول (امطري لا ترحمي طيفي في عمق الظلام امطري صبي عليّ السيل يا روح الغمام لا تبالي أن تعيديني على الأرض حطام وأحيليني إذا شئت جليدا أو رخام) إلى أن تقول ما أنا إلا بقايا مطر ملء السماء ترجع الريح إلى الأرض به ذات مساء امطري دوي اغلبي ضجة أحزاني ويأسي اغرقيني فلقد أغرقت الآلام نفسي املأي كأسي أمطارا فقد أفرغت كأسي واحجبي عني دجى أمسي فقد أبغضت نفسي) هذه دعوة للبحث في أعماق الأدب العربي عن قطرات المطر تلك التي شكلت القصائد والأبيات والتي خلدت هذا المطر على مر السنوات سوف تجد المطر في الأدب العربي مطرا آخر هو الحب هو العشق هو العناق هو الميلاد وهو أحيانا الموت سوف تجده شيئا مختلفا، حالات مختلفة، مواسم مختلفة قد يكون هو البكاء وقد يكون هو ابتسامات الأرض توزعها السماء قد يكون هو احتراق الشوق وقد يكون هو لذة اللقاء والمطر لم يكن حاضرا بقوة ومتسيدا في الأدب الفصيح فقط وإنما حتى في الأدب الشعبي وفي الشعر النبطي فكبار الشعراء تغنوا بالمطر ورسموا للمطر أجمل اللوحات الشعرية. ها هي مواسم المطر تأتي من جديد تلك المواسم التي تخلق من الإنسان العادي شاعرا فما بالك بالشاعر الذي يجمع كل إحساس الكون وكل جمال طبيعته.
9519
| 24 نوفمبر 2013
في ظل التطورات والمتغيرات التي يشهدها العالم وبالأخص العالم العربي هنا يلعب التراث دورا بارزا في تعزيز الثقافة الأصيلة لدى الأجيال ويعتمد التراث العربي الشعبي في أساسه على المخزون الثقافي الذي تركته لنا الأجيال السابقة من حكايات، أشعار، أساطير، فنون، ألعاب، حرف، أغاني وأمثال وألغاز والكثير من الطقوس والاحتفالات. وليس هناك نقطة محدودة يمكن لنا أن نتابعها لتحديد تاريخ هذا التراث أو حتى مصدره، بل يصل الأمر أحياناً إلى صعوبة تحديد الموقع الجغرافي الذي شكل أول مكان لظهوره. والدليل على ذلك، التشابه الكبير في الكثير من الحكايات والألعاب والألغاز في عدد من الدول على اختلاف ملامحها، والتنازع الواضح أحياناً حول شخصية من شخصيات هذا التراث، أو أحد ملامح هذا التراث من خلال هذه المقدمة التي يتفق عليها الباحثون في كل مكان فإنني أنادي بضرورة توظيف التراث بشكل أكبر في مختلف النواحي الإبداعية والثقافية ففي الرواية يشكل التراث رافدا مهما يستقي منه الراوي شخصياته وأبطاله ومسرح الزمان والمكان في حكايته كذلك في القصة القصيرة حيث هي بمثابة الرسالة القصيرة الموجهة للأجيال والحاملة للعديد من القيم الاجتماعية والثقافة الشعبية الأصيلة وفي المسرح، يعد التراث الشعبي رافداً مهماً استفاد منه العديد من الكتاب والمخرجين العاملين في هذا المجال فمنهم من قدم التراث بصورته الأصيلة ومنهم من حذف أو أضاف عليه، ومنهم من استل منه قيمة معينة وطورها بحيث أصبحت مواكبة للعصر الذي قدمت فيه. وتقديم الحكايات المستلهمة من التراث الشعبي للأطفال من خلال المسرح يعد من قبيل التعريف بهذا التراث والدعوة إلى التمسك بالتاريخ والأصالة وبث العديد من القيم والسلوكيات التي نود إيصالها لأطفالنا وهذا مالا يختلف عليه أحد، فالحكايات الشعبية عالم ساحر يمتزج فيه الواقع بالخيال في سلب عقل الطفل ويخلق له آفاقـا رحبة ويوسع مداركه ويضيف إلى خياله الكثير من الصور والرؤى، كما أن الرجوع إلى أزمان غابرة يتيح للطفل التعرف على أشكال الحياة في تلك العصور من أفكار ومعتقدات وأزياء وديكورات وأساليب حياة فيشحن قدراته ويزيد من معارفه ومعلوماته. إن أهمية توظيف التراث تتمثل في تحديد جانبيه الإيجابي والسلبي، من خلال استيعاب أبعاده من قبل المخرج أو الكاتب القائم على استلهام هذه الحكاية أو تلك خاصة حين يكون الاستلهام مقدما للأطفال الذين يستمدون الكثير من مخزونهم وقيمهم من مادة يبدو أنها كالسلاح ذو حدين نستطيع أن نوظفها لصالحنا في أكثر الأحيان من هنا تأتي أهمية التراث وتوظيف التراث في مختلف جوانب الحياة كما يأتي توظيف التراث في الفن التشكيلي بطلا من أبطال هذا الفن حيث اللوحة تحكي حكاية زمن مضى بوجوه أشخاصه وبقايا منازله وروعة الحضور الذي يتجسد في اللوحة ذات الأبعاد التراثية الجميلة ورغم دمجنا لكل فعالياتنا وموادنا الإعلامية بالتراث إلا أنني أرى أنه مازال بإمكاننا عمل الكثير من أجل موروثنا وهويتنا من خلال الاستعانة بالمصادر التراثية في الإعداد لبرامج تراثية والاستعانة بكفاءات ذكية من أجل الترويج لهذه البرامج وإيصالها إلى أكبر عدد ممكن سواء داخل أو خارج البلد.
5477
| 17 نوفمبر 2013
قبل أيام احتفلت جريدة الشرق بميلاد جديد وبداية أخرى جديدة في مشوار البدايات الجميلة الزاهرة بالنجاح والإنجازات والتميز والرقي حيث بدأت الشرق بضوئها الباهر، وعام بعد عام أشرقت الشرق وتألقت في عالم الصحافة وقدمت للقارئ نماذج رائعة في الالتزام بالصدق والشفافية والكلمة المسؤولة والارتقاء على سلالم السمو والروعة والجمال إنها الشرق.. نجحت بامتياز لأنها منحت بامتياز.. أشرقت بالنور لأنها فتحت أبوابها وشرعتها للنور والضياء، هي الشرق تميزت فتفردت في عالم العطاء اللامتناهي.. آمنت بالالتزام فالتزمت كأجمل ما يكون الالتزام.. ورسمت في عالم الصحافة لنفسها خطا مميزا فريدا من القيم قلما يلتزم به الآخرون، فنحن الآن في مرحلة أصبحت فيها أغلب المطبوعات تعتمد بشكل أساسي على الإثارة سواء بالصور أو العناوين في جذب القارئ وما أكثر تلك الموضوعات من حولنا إلا أن الشرق أبت إلا أن يكون لها عالمها الملتزم بالمبادئ الصحفية والقيم الفكرية حيث الأخلاق والأدب أساس كل ما يقدم للقارئ بضمير الصحافة الملتزمة المخلصة في رسالتها الصحفية، هكذا ظل الواقع بكل مستجداته محور توجهها سواء كان جميلا أو مظلما. تعيسا أو مدهشا، هي هكذا تأتي صادقة جميلة شفافة فتدخل كل بيت دون تحفظ ودون خوف تفرد صفحاتها بثقة بكل ما تحتويه من صور وأخبار ومواضيع هي هكذا دوما أجمل وأرقى وأسمى.. في صفحاتها حضور استثنائي وحميم لأحاسيس وقيم من الصعب تجاوزها.. ولأنني واحدة من المنضمين لهذه القافلة الباحثة عن المحبة والضوء والعطاء الجميل والاحتضان اللامتناهي في عالم مليء بالتحولات والتناقضات لذا تضاءلت كلماتي ولم أجد ما أعبر به عن شكري وتقديري لما منحتنا جميعا هذه القافلة السائرة في دروب النور والإشراق تأخذ بأيدينا نحو قمم مضيئة لا تعرف للتراجع طريقا.. هي الشرق تسحرنا دوما بحيويتها ومباشرة خطابها الإعلامي والحوار الصادق بين الكاتب والقارئ وحضورها القوي في مختلف المنابر الإعلامية عبر رئيس التحرير الأستاذ جابر الحرمي ذلك المعلم الإنسان الذي يتعامل دوما بصدق وإخلاص مع مختلف وسائلنا الإعلامية ويتجاوب مع الدعوات للحوار مهما كانت الظروف فيشاركنا بفكره ورأيه في مختلف القضايا مسجلا بذلك حضورا رائعا للشرق في كل المنابر.. هي الشرق تبقى دوما المتألقة بتجددها وتنوعها وثقلها والتزامها وإيمانها التام بأن الصحافة تبقى حنجرة المجتمع وضميره وانعكاسا مشرقا لصورته على مرآة الصفحات وهي بالتالي استطاعت أن تمد جذورها في أرض الوطن العربي بكل ما فيها من قيم وتحولات ومستجدات لذلك ظلت الشرق مشرقة طوال سنوات شروقها وظلت متجددة بنبض عطائها الجميل فهنيئا لنا نحن ـ السائرين في قافلة النورـ وهنيئا لكل القادمين إلى عالم الكلمة عبر أبواب الشرق المشرعة دوما للشروق وللنور.
488
| 11 نوفمبر 2013
كان لفتاة في الخامسة والعشرين من العمر ابنة رجل دين بروتستانتي أن تكتب واحدة من أعظم قصص الحب في الوجود، فمرتفعات وذرينغ كما يصفها البعض قصة مستحيلة كان يجب ألا تكتب، فهي رواية جعلتنا نعتقد أن العالم يمكن أن يتصدع مثل لحاء بيضة عندما يتم الضغط عليه بفعل رغبة بشرية لا تقاوم). تلك هي مقدمة لأحد النقاد حيث كتب عن هذه الرواية العالمية العظيمة تحت عنوان الحب في المناخات الباردة. مرتفعات وذرينغ قصة حب اتخذت الفرح المجنون سبيلاً إلى الرغبة، وشقت طريقها إلى نسيج المجتمع كما طالبت بالتضحية بالأوضاع الثابتة والعائلة وبالتالي بالحياة برمتها، لقد أُقحم إيفان كرامازوف في رواية الإخوة كرامازوف، التي يمكن مقارنتها بمرتفعات وذرينغ، في رعب وجودي انبثق من فكرة مفادها إذا ما مات الإيمان فإن كل شيء ممكن. وفي مرتفعات وذرينغ تبدو إيميلي برونتي من خلال حكاية هيثكليف وكاثرين إيرينشو وكأنها تعلن ذلك. قصة الحب الرومانسية العنيفة والخارقة هذه تتحدث عن الرغبة التي هي أقوى من الموت، وهي لا تعترف بالموت على أنه يشكل عائقاً للعاطفة. وإذا كان ثمن رغبة العاشقين هو اللعنة، عندها من الممكن أن يبقى إبليس هو المسؤول عن دفة قيادة سفينة الكون لقد تم إخراج هذا النص الزاخر بالدهشة سينمائيا فكان الفيلم أقرب ما يكون إلى الرعب حيث تم طرح العمل في مزيج من الرومانسية والحب المستحيل والتحدي والخوف حيث صور المخرج أبطال هذه الحكاية كأشباح قادمة من عالم آخر تحاول الاتحاد بعالم العشاق وتعلن أن الموت مستحيل وأن الأشياء لا تنتهي مادام يسكنها عشق مجنون كتبت برونتي هذه الرواية عندما كانت في ريعان الصبا وقبل أن تموت بفترة قصيرة، أتلفت أوراقها الشخصية كلها التي ربما احتوت على رواية أخرى. لقد كان موتها الأغرب والأصعب كما هي صفاتها التي ذكرتها شقيقتاها في الرواية مرتفعات وذرينغ كتبتها امرأة قادرة على أن تفعل كل هذه الأشياء. لربما دفعها موت هيثكليف إلى انتحار متعمد. لكن موته لم يكن صادراً عن إرادة، بقدر ما كان نتيجة لغياب العقل نهائياً. لقد نسي هيثكليف أن يأكل في خضم توقه للوصال مع حبيبته الميتة. نسي، إذا جاز لنا التعبير، أن يعيش، ورغم ذلك فإن كاثرين ميتة وليست بميتة، إنها شبح مؤرق سكن موطن الأرواح، معلقة بين الأرض والسماء بإرادة مشبوبة، ومثلها لم يمت هيثكليف بقدر ما تخلى عن جسده. في هذه الرواية انتصرت العاطفة على الموت في تحد مرعب رغم أن جل الروايات الإنجليزية والأمريكية لم تكن تسمح بذلك لكن الكاتبة إيميلي برونتي قلبت الموازين رأسا على عقب عندما قررت أن تروي معاناتها وقصة حياتها التي اختارتها بحكاية حب لم تكن تعترف بشيء أبدا أبدا فعاشت تلك الحكاية ولم تمت بل ظلت مع الزمن أرواحا تائهة تحلق في المستحيل.
5406
| 10 نوفمبر 2013
لست حاقدة ولست ناقدة أيضاً ولم أدرس المسرح ولم أكتب يوما للمسرح ولكني تعلقت منذ طفولتي بالأعمال المسرحية حين كان المسرح يعيش عصره الذهبي وكنت متابعة وبدقة كل ما كان يقدم إلى درجة أنني كنت أسجل الكثير منها على أشرطة فيديو لأعود إلى مشاهدتها فيما بعد لذلك قد أستطيع أن أميز بين ما كان يقدم وبين ما يقدم الآن .... المسرح أبو الفنون والمسرح رسالة مباشرة ومادة خام لتقديم الواقع والوسيلة الأسرع والأسهل للوصول إلى عقل المتلقي وقلبه دون حواجز ودون قيود والمسرح حديث مباشر بين المؤدي والجمهور على مختلف مستوياته وطبقاته والمسرح مدرسة قد ترتقي بعقلية الجمهور وقد تستهزئ بعقلياتهم وتصل فيما تقدمه إلى حد الإسفاف ونظرا لأهمية هذا الفن ولتعدد مدارسه التي أولى بالمختصين أن يقدموها للجمهور على خشبة المسرح لذا رأيت أن أتوقف في مقالي عند هذه المحطة عبر سلسة خاصة بالمسرح. ((المشهد الأول)) بدأ عندنا مسرح الطفل بقوة وعبر أقلام قطرية متميزة وبحضور وجوه فنية عملاقة في عالم الفن ثم تحول مسرح الطفل إلى مسرح تجاري خال من المضمون يستعين بعناوين مأخوذة من عالم الكرتون بهدف جذب الجمهور من الأطفال وبهدف الترويج الفارغ لما يقدمون ثم انتهى مسرح الطفل بالاستعانة بأعمال قادمة من خارج البلد ونصوص غير محلية ووجوه غير محلية فهل كان مسرح الطفل عندنا نجما فهوى؟ ((المشهد الثاني)) المسرح الشبابي لم يرتق حتى الآن إلى تقديم ما يعبر عن الواقع العربي في قوالب ساخرة أو حتى تراجيدية فما زال ما يقدم عبر مسرح الشباب بعيدا كل البعد عن واقع الأمة وأوجاعها وجراحها رغم أننا نعيش عصر الانفتاح الإعلامي بقوة ورغم أننا نحن أصبحنا مرآة الإعلام في العالم كله وليس العالم العربي فحسب لا أعرف لماذا يصرون على البقاء في مكان واحد حتى الآن ويرفضون الصعود على سلم التطور حتى لو درجة واحدة. ((المشهد الثالث)) الكوادر المسرحية لدينا عديدة يملكون كافة مقومات الإبداع ويتميزون بثقافة مسرحية عالية أقصد الممثلين كتاب المسرح أما الممثلون فهم الرائعون الذين غابوا عن الشاشة بعد أن حفروا في الذاكرة أسماءهم عبر مسلسلات وأعمال في قمة الروعة لم نعرف حتى الآن أسباب غيابهم عن الشاشة ولكن هل هي نفس الأسباب التي جعلتهم يغيبون أيضاً عن خشبة المسرح؟ ((المشهد الأخير)) في ((دوحة المواهب)) المسرحية التي تم عرضها أيام عيد الأضحى المبارك شاهدنا واقعا مؤلما نقلته لنا المسرحية بكل وضوح وصدق بل وبقسوة .. دفن المواهب والإبداعات وقتلها بإتقان لتحل محلها أسماء لا ناقة لها ولا جمل بمجال التخصص فقط لأن هناك من يدعمها ويساعدها على الظهور ويفرضها فرضا على الناس وهذا ما يحدث للأسف ليس في عالم الفن والغناء فقط بل في كل المجالات لذا أوجه تحية لكل الأسماء التي شاركت في هذا العرض على رأسهم أستاذي الكاتب تيسير عبدالله بصراحة ما قصرتوا.
2684
| 05 نوفمبر 2013
لا نختلف على أن شبكة الإنترنت تغلغلت في مختلف مجالات حياتنا وتركت آثارا على أنظمتنا التربوية والاجتماعية، إذ قضت ثقافة الإنترنت على ثقافة التأمل وعمق المفهوم الثقافي ومحاولة الإبداع وتذوق الكلمة والمعنى وحلت محلها ثقافة مسطحة ومتواضعة، فلم يعد الشخص بحاجة إلى المعرفة واكتساب المعلومات والتميز عن أقرانه، فأي معلومة يبحث عنها تجده يتجه فورا إلى الإنترنت للحصول عليها دون التأكد من صحتها، لقد أسرف الأغلبية من أبنائنا في سوء استخدام هذه الثقافة رغم أن لها جوانب إيجابية ومضيئة وفرت علينا عناء أشياء كثيرة ما كان لنصل إليها بسهولة، من هنا فإن شبكة الإنترنت أثرت على المتلقي وصارت وسيلة متقدمة من وسائل التأثير والتلقي والدعم بالمعلومة والخبر وطبيعة الإنترنت المشتقة من طبيعة الحاسب هي السرعة والآنية، حيث تجد الجواب الشافي لكل سؤال والجواب هنا محدد بعكس البحث عن ذلك خارج مجال الإنترنت، فحالما يطلب الباحث معلومة معينة ويبحث عنها بالطرق التقليدية بالرجوع للمصادر والمراجع وبطون الكتب ويضني نفسه تعبا في الوصول للمعلومة المقصودة من خلال كل ذلك هو يمر بكثير من المعلومات ويتأمل فيها وتغذي معلوماته وتشبعه وتقوي أساسه من المواد والمعلومات والثقافة المتنوعة التي تعطيه مساحة للتأمل والفكر وترتيب الأمور وجدولتها وإعادة بنائها، لكن الحاصل مع الجيل الحالي الآن في البحث عن المعلومات عبر محركات البحث بالنسبة للإنترنت أو عبر برامج الحاسب المخزنة على الأقراص وأسطوانات الفيديو ذات السعات الكبيرة التي تسع مئات الآلاف من الكتب وكل المطلوب من الباحث هو إدخال بعض الكلمات ليصل لنقطة معينة، فلا شك أن الباحث سيجني الوصول السريع للمعلومة، لكنه سيخسر الحصيلة الكبيرة من المعلومات التي سيطالعها ويتثقف بها حال ما استخدم الطرق التقليدية من مصادر التلقي والتعلم نعم هذا هو الفرق لمن ينادون بالسرعة، فالسرعة هنا ليست ميزة، بل هي دفن لأشياء كثيرة تعتبر هي الرافد الأساسي لثقافة الإنسان، ومن ناحية أخرى أثرت الإنترنت على سوق النشر والمكتبات والصحف اليومية في الخارج لكن لم يلحظ لها أثر حتى الآن على سوق الصحف اليومية بالوطن العربي بشكل عام، وأثرت على المجلات والنشر عموما بما فيه الكتب وأثرت حتى على وسائل ترفيهية وأوعية تعليمية مثل التلفاز والفيديو والفضائيات وألعاب الفيديو وغيرها من وسائل الترفيه وقد تكون القراءة تأثرت من ناحية الكتب، لكن في الجانب الآخر انفتحت القراءة للكتب الإلكترونية المتوفرة والتي تشهد في مبيعاتها ارتفاعا وتزايدا وكذلك يتزايد تحميل الكتب المجانية على الإنترنت، بل زاد اقتناء أجهزة قراءة الكتب الإلكترونية المحمولة، فهي قراءة كتب لكن ليست ورقية بل إلكترونية، فالكتاب المطبوع والبحوث والدراسات لم يعد يفضل كثير من أفراد هذا الجيل متابعتها والاهتمام بها، نتيجة رغبة هؤلاء بالمعلومة السريعة والتحول إلى ثقافة الصورة وأساليب وطرق تبادل المعلومات التي كانت تسير باتجاه واحد أو من خلال انتقال المعلومات على مرحلتين بحيث أصبحت تتجه نحو المشاركة والتفاعل وربما المكافأة في تقديم المعلومات، لذا فإن من غير الممكن أن يتم الحكم على هذا الجيل من خلال كوة التاريخ الشخصي للجهد التربوي الذي عاشه الفرد قبل ذلك، علما بأن معطيات التقنية وتغير أساليب الحياة جعلت الشباب بل الأطفال يتقنون استخدام وسائل التقنية بشكل لا يتقن استخدامه نحن ورغم كل ذلك يبقى أن نعترف في النهاية أن ثقافة الإنترنت قضت على ثقافة التأمل وعمق المفهوم الثقافي وحلت محلها ثقافة مسطحة.. ثقافة معلومات تقدم من دون مسؤولية ويتلقاها الشخص كحقيقة لا جدال فيها، نحن بحاجة ماسة إلى إعادة تعميق مفهوم هذه الثقافة في ذهن الأجيال القادمة، وإلا فنحن على موعد مع عصر آخر لا يحمل جيله أي ثقافة وأي روح للإبداع.
6131
| 03 نوفمبر 2013
ذلك الفن الأدبي الأصيل الذي كاد أن يختفي بل واختفى تماماً على ما يبدو بعد أن كان من أجمل الألوان الأدبية فيما مضى حيث الرسائل المتبادلة بين الشعراء والأدباء كان ولا يزال رافدا مهما وثريا من روافد الأدب العربي تلك الرسائل احتلت منزلة رفيعة عند الناس بمختلف مستوياتهم الثقافية والفكرية لما امتازت به هذه الرسائل من خصائص فنية أدبية جعلتها رمزا أدبيا مستقلا بذاته ولذلك شدت الرسائل الأدبية اهتمام المهتمين الذي نشطوا في جمعها وتوثيقها خوفا عليها من الاندثار.هذا ما يجعل الكثير من الرسائل الخاصة ترى النور وتخرج إلى عالم النشر ليطلع عليها الجميع بالرغم من خصوصيتها والأسلوب الشخصي والمباشر فيها إلا أنها كانت تمتلك عنصر الإبهار والدهشة حيث الكلمات بعيدة عن التصنع والتعقيد أما الآن وللأسف لم تعد للرسائل تلك الأهمية ولا تلك المنزلة الرفيعة فقد دمرت التكنولوجيا الحديثة حس الإبداع والتذوق عند الأغلبية ففي عصرنا الحاضر صار العالم قرية صغيرة واحدة تصل فيها الرسالة بسرعة البرق وباختصار وبكلمات خاوية من المشاعر والإبداع وحتى من الصدق والصراحة والفضفضة الجميلة ما أدى إلى سقوط أدبي وسقوط الذوق العام والحس الأدبي في كل حرف نسطره بل نطبعه على الشاشات المضيئة انطفأت شعلة البيان والإبداع وبردت العلاقات الإنسانية التي كانت تقوى بالتعبير والبوح الجميل والشكوى بين الأخوة والأحبة وقد كتب أحد الأدباء في ذلك يقول عن الرسائل بين زمنين: لقد كانتِ الرسائلُ فيما مَضى فَضاءً رَحبًا للإنسان، يُعبِّر بها عن هَمَساتِ رُوحِه، وما يَعتَلِجُ في صَدرِه من مَشاعِرَ وأحاسِيس، ويَتبادلُ الأفكارَ والرُّؤى معَ مُراسِليه، وتتعانَقُ على صَفحاتِها المُهَجُ والأرواح. أجل لقد كانت مَيدانًا فَسيحًا لأبٍ يَمحَضُ النُّصحَ وَلَدَه النائي عنهُ في دِيارِ الغُربَة، ولأمٍّ مُشتاقَةٍ مُلتاعَةٍ إلى فِلذَةِ الفُؤاد، وقد أطالَ الغَيبَةَ والبِعاد، ولزَوجٍ يَحِنُّ إلى شَقيقَةِ جَنانِه ودِفْء قَلبِه، ولصَديقٍ يَتوقُ إلى أَخْدانِ صِباه ورُفَقاءِ دَربِه. ودَع عنكَ رسائلَ المحبِّينَ والعُشَّاق فهيَ جَمَراتُ أشواقٍ تكادُ تَضْطَرِم. ومن هُنا أن قال الشاعرُ المِهجَريُّ جورج صَيدَح حين تلقَّى رسالةً من صَديقٍ عزيزٍ:قَبَّلتُ في هَوَسٍ حُروفَ كِتابِهِ إنَّ الحُروفَ لها شِفاهٌ تُشتَهى.هذا ما كانَتهُ الرسائلُ دَهرًا؛ فإذا بها اليومَ تُختَزَلُ في كُلَمات تُخَطُّ على عَجَل بضَغطِ أزرارِ الجَوَّال، أو لوحَةِ مَفاتيحِ الحاسوب، وتُرسَلُ إلى الآخَرينَ، بارِدَةً (باهِتةً) لا رُوحَ فيها ولا حَياة! لقد ألجَأَ عَصرُ التِّقْنِيَّةِ أهلَه إلى المُضِيِّ في مِضمارِه والسَّيرِ بسَيرِه؛ راضِينَ أو كارِهين، فخَلَتِ الرسائلُ من ألوانِ الإبداعِ والفَن، وغَدَت عِباراتٍ مَألوفةً مَكرورَة، تَلفِظُها الأَجهِزَةُ إلى مُستَقبِليها كما هيَ؛ كلماتٍ بلا طَعمٍ ولا لَون! أما عن اللغة والمضمون فلم تتخلف رسائلُ عَصرِ التِّقنية في جَمال التعبيرِ وحُسنِ العَرضِ فحَسب ولكنَّها تعَدَّت ذلكَ إلى تَخَلُّفِ الفَحوى والمضمون، بَل إلى ما هُوَ أخطَرُ وأخطَر، إلى ما يَمَسُّ هُوِيَّةَ الأُمَّة، ويَفُتُّ في عَضُدِ أحدِ أَعمِدَة كِيانِها. ألا وهيَ اللغَةُ العربية التي تبدو يوما بعد يوم بحالة يرثى لها رَكيكَةِ التراكيب، مُفَكَّكةِ الأُسلوب، يتجلى فيها اللحنُ وأنواعُ الغَلَط، من لغَويٍّ، ونَحوِيٍّ، وإملائِيٍّ، وطِباعِيٍّ!في وَقتٍ أحوجُ ما نكونُ فيه إلى الارتقاءِ بأنفُسِنا وأبنائِنا في إتقانِ لغَتِهِم القَومِيَّةِ التي هي لغَةُ دينهِم وشَريعَتهِم ودُستورِ مَعيشَتِهم. في وقت نحن فيه بأمس الحاجة للتمسك بالهوية العربية التي تتجلى في اللغة العربية تلك التي باتت شيئا لا يذكر ومع الأيام ستختفي تماماً إن لم ننقذ المراكب الغارقة إلى أعماق الجهل.
10399
| 20 أكتوبر 2013
عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى ام لأمر فيك تجديد مطلع قصيدة رائعة موغلة في القدم خلدها بإبداعه شاعر الفروسية والفخر ابو الطيب المتنبي حيث صدح بقصيدته منذ الف عام وربما أكثر ولا زلنا نردد وراءه هذه الكلمات حتى يومنا هذا كلما جاء العيد فلم نعد نحمل لاستقباله سوى هذا المطلع الحزين المتسائل في ذهول وحديثي هنا ليس عودة العيد بأحزان اكثر وهموم أعمق وتطورات ابشع إنما حديثي عن سر خلود هذه الأبيات التي صدح بها صاحبها وهو غارق في قاع الهم والحزن حين جاءه العيد وهو في السجن بعيدا عن الأحبة في غير البلاط الذي أبدعت فيه قريحته الشعرية أفضل قصائده. وبعيدا عن الوطن الذي احتضن إحساسه الشعري في نسيمه وهوائه وأرضه وسمائه وعلى الرغم من ان هذه القصيدة تشرح جرحا ذاتيا وتنبع من وجدان متألم متحسر لأسباب ذاتية؛ فإن هذا المطلع بالذات من قصيدته انتشر بشكل مذهل وخلد في ذاكرة الأدب العربي حيث تناقلته أفواه المهتمين بشعر المتنبي في عصره وتسيد على أزمنة الثقافة العربية وها هو إلى اليوم نراه حاضرا في مخيلة الكتاب والمثقفين يستلهمون منه، ويفتتحون به مقالاتهم كلما جاء العيد ويكتبون إحزانهم التي تأتي في غير وقتها دائماً اضافة الى انتشاره بشكل كبير في كل المستويات الأدبية الثقافية والفكرية وتلك هي آيات خلود شعر المتنبي خاصة حين قال عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى ام لأمر فيك تجديد هو ليس فقط بيت من الشعر قيل منذ حوالي الف عام بل هو رمز وشعار يفتتح به الأديب العربي خزانة أوجاعه وهمومه حين يستحضرها في العيد واستغرب كيف لقصيدة عمرها الف عام و لازالت تنزف بغزارة كلما جاء العيد.. عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بيداً دونَها بيدُ لَولا العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها وَجناءُ حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ وَكانَ أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً أَشباهُ رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ لَم يَترُكِ الدَهرُ مِن قَلبي وَلا كَبِدي شَيءً تُتَيِّمُهُ عَينٌ وَلا جيدُ يا ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما أَم في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ أَصَخرَةٌ أَنا مالي لا تُحَرِّكُني هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ إِذا أَرَدتُ كُمَيتَ اللَونِ صافِيَةً وَجَدتُها وَحَبيبُ النَفسِ مَفقودُ ماذا لَقيتُ مِنَ الدُنيا وَأَعجَبُهُ أَنّي بِما أَنا باكٍ مِنهُ مَحسودُ أَمسَيتُ أَروَحَ مُثرٍ خازِناً وَيَداً أَنا الغَنِيُّ وَأَموالي المَواعيدُ إِنّي نَزَلتُ بِكَذّابينَ ضَيفُهُمُ عَنِ القِرى وَعَنِ التَرحالِ مَحدودُ جودُ الرِجالِ مِنَ الأَيدي وَجودُهُمُ مِنَ اللِسانِ فَلا كانوا وَلا الجودُ ما يَقبِضُ المَوتُ نَفساً مِن نُفوسِهِمُ إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ بلا شك في مثل هذا الوضع المأساوي الذي يخيم على الأمة العربية والإسلامية وفي سياق من الهموم والآلام يرزح تحت وطأتها وجدان الأمة العربية الإسلامية وهي ترى يوميّاً أسلحة الظلم تقتل الشعوب وتبيد الأطفال وتحرق المنازل وعلى رغم والتحركات العربية و العالمية لإيجاد حلول مناسبة فإن الأمر باق على ما هو عليه حتى يوم العيد. لذا لم نجد ولن نجد ابلغ ولا اصدق من مطلع هذه القصيدة التي رسمت أحزان الشاعر في لحظة حزن وغربة لتمتد هذه الأحزان وتظل تنبض تحت وطأة الواقع الأليم الذي جعل الشعراء والمثقفين لازالت يتساءلون كلما جاءهم العيد ،بأي حال عدت؟
2167
| 13 أكتوبر 2013
الحديث عن التراث الشعبي وإرثه الثقافي حديث لا ينتهي كونه الثقافة الراسخة الخالدة لسكان البلد الأصليين في أي بقاع من بقاع العالم وفي هذا المجال الشاسع الكبير المفتوح آفاقه على مختلف الروايات والأفكار والعقائد والأساطير يأتي التراث الشفاهي كجزء أساسي مهم من هذا العالم وهذا المجال والذي ربما لم يعطه المهتمون حقه كما أعطوه لبقية محاور التراث كالفنون الشعبية وغيرها ربما لم يعرف الأغلبية حتى الآن أهمية التراث الشفاهي في استعماله كمصدر تاريخي تستند إليه تقريبا كل البحوث والدراسات وربما ينظر الأغلبية إلى ذلك التراث نظرة غير جدية ويجهلون علاقة التراث الشفاهي بالتاريخ، وأهمية المصادر الشفاهية وضرورة تحويل الرواية الشفاهية إلى تاريخ مدونّ، وأعتقد بأن هناك الكثير من التسجيلات الموثقة لمراحل مختلفة من الزمن سواء في التسجيلات واللقاءات الإذاعية أو التلفزيونية أو تلك التي تحتفظ بها الجهات المختصة كوزارة الثقافة والفنون والتراث ومن المهم جداً وجود جهة أو لجنة تتبنى إصدار هذا التراث وتدوينه وتوثيقه في مطبوعات ومجلدات كون التراث الشفاهي وثيق الصلة بالتاريخ؛ حيث يعدٌّ مرآة المرحلة الحضارية التي يعيشها الناس، وهو يُعبّر عن أفكارهم وعواطفهم، كما أنه يصور ويفصل جزءا كبيرا وعميقا من النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة، بل إن بعض الباحثين يعتقد أن التاريخ المدونّ ولد في أحضان التراث الشفاهي حيث إن عناصر هذا التراث هي مكونات التراث الشعبي من مثل: الحكايات، والقصص، والسير الشعبية، والأمثال والحكم، والغناء، والشعر. إن الثقافات المعروفة والمدونة كانت في الأصل ثقافات شفاهية، فالإلياذة والأوديسة وغيرها من آثار اليونان كانت في الأصل شفاهية، وكان هوميروس أول مؤرخ شفهي وصلتنا أعماله مدونة، وجاء بعده هيرودتس وتوكيديدس وهما أول من جمع بين الرواية الشفاهية والمدونة. وكان الأول يقوم برحلات عديدة في آسيا الصغرى والشرق الأدنى بجمع القصص والحكايات حول تاريخ البلاد التي يزورها وفي العصور الوسطى الأوروبية لم يكن أمام المؤرخين إلاّ الروايات الشفاهية مصدرًا لتواريخهم. وكان كل اعتمادهم عليها وعلى مذكراتهم الشخصية أو على شهود عيان. ومثل ذلك الأغنية الشعبية القصصية والشعر الإنجليزي القديم والوسيط، ونشيد رونالد كلها آداب شفاهية. كما استخدم المؤرخون العرب والمسلمون المادة الشفاهية بشكل واسع، بل إن قدرًا من التراث العربي المدّون، في ميادين علمية عديدة، كان تراثًا شفاهيًا، وهناك إجماع على أن المحدثين والمؤرخين والإخباريين والأدباء والشعراء الأوائل قد استفادوا من المصادر الشفاهية أكثر من أي مصدر آخر ويرجع الفضل إلى علماء المسلمين الذين قننوا قواعد علمية للاستفادة من الروايات الشفاهية. أصبحت تلك القواعد فيما بعد علومًا مستقلة مثل علم الإسناد فالمقابلة الشخصية، أو ما يُسميه بعضهم بالتاريخ الحي لأجل تسجيل النص الشفاهي توضح أبعادًا نفسية وإنسانية لا يمكن الوصول إليها من خلال النص المكتوب. فالمؤرخ في هذه الحالة يتعايش مع سرد الأحداث التاريخية التي يدرسها وله إمكانية الحوار المباشر معهم واستيضاحهم جوانب كثيرة عن الماضي. لذا فمن المهم جداً أن نلتفت لهذا الجزء الثمين من تراثنا الشعبي وتستغل كل لحظة في تدوينه وحفظه من النسيان والاندثار فالثقافة الشعبية ليست محصورة فقط في الغناء والأزياء والألعاب والأطباق إنما هو فكر وفلسفة عميقة يشرحهما حديث صادق محمل بالحنين لذلك الزمن الجميل.
2171
| 06 أكتوبر 2013
مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...
1122
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...
945
| 16 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...
672
| 18 ديسمبر 2025
يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...
651
| 19 ديسمبر 2025
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...
645
| 18 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
609
| 21 ديسمبر 2025
هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...
582
| 19 ديسمبر 2025
يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...
555
| 16 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
519
| 22 ديسمبر 2025
لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...
519
| 18 ديسمبر 2025
في اليوم الوطني، كثيرًا ما نتوقف عند ما...
432
| 18 ديسمبر 2025
من الجميل أن يُدرك المرء أنه يمكن أن...
426
| 16 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية