رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

حرق الطفل محمد أبو خضير

الجريمة النكراء التي ارتكبها مستوطنون يهود، 6 من الإسرائيليين بينهم حاخام وابنه، بحق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير في غاية البشاعة والعنصرية، فقد قاموا بصب كمية من البنزين في فم الطفل محمد، ثم حرقه حيا، وقد أثبت التشريح هذه الجريمة الإرهابية النكراء. هذا النوع من الجرائم لا يرتكبها إلا الإسرائيليين بكل ما يختزنون من حقد وكراهية تربوا عليها ورضعوها منذ الصغر، فالحاخامات الذين يقودون هذا الكيان العنصري البغيض يعلمون الاطفال والطلاب أن الفلسطينيين العرب "مجرد فئران وصراصير" لا قيمة لهم إنسانيا وأخلاقيا، وبالتالي فإن قتلهم أمر مطلوب ومرغوب، وبل وفعل يستحق المكافأة. للتدليل على المخزون من العنصرية والكراهية يكفي الاستشهاد بما قاله المستشرق الإسرائيلي الصهيوني اليهودي البرفسور دان شيفطان المحاضر في جامعة تل أبيب في محاضرة أمام عدد من كبار موظفي الدولة وأبرز قادة الجيش والأجهزة الاستخبارية أن" العرب هم أكبر فشل في تاريخ الجنس البشري، ففي الوقت الذي تطلق فيه إسرائيل قمراً صناعياً مطوراً للفضاء، فإن العرب يكتفون بالكشف عن نوع آخر من الحمص". وأضاف " لم تطلع الشمس على مجموعة بشرية أكثر بؤساً من الفلسطينيين، أنهم أكثر الأطراف المنبوذة في الشرق الأوسط، دعونا لا نتكلم عن هذا المرض العضال". هذا الكلام قاله شيفطان في إطار دورة تدريبية نظمها لكبار موظفي الدولة والجيش والموساد حول "العقيدة الأمنية" الإسرائيلية وذلك ضمن الأنشطة التي تنظمها مدرسة "الدبلوماسية والأمن" التي يشرف عليها شيفطان في جامعة تل أبيب. يعني ليس كلاما عابرا أو مجرد "مزحة عنصرية"، بل عقيدة دينية وأمنية وسياسية تدرس لكبار قادة وموظفي كيان الاحتلال الإسرائيلي، فـ"شيفطان" يعد أكثر الأكاديميين الإسرائيليين تأثيراً على دوائر صنع القرار السياسي والعسكري في الدولة، ومتخصص في الإشراف على الدورات التي تنظم لكبار الموظفين والجنرالات والتي تتعلق بطابع العلاقة مع العرب.أما كتيب الإرشادات الصادر عن قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي كتبه الحاخام الرئيسي في هذه القيادة، فقد ورد فيه: "عندما تلتقي قواتنا بمدنيين خلال الحرب أو خلال ملاحقة ساخنة أو غزو، ولم يكن مؤكداً أن أولئك المدنيين غير قادرين على إيذاء قواتنا، فوفق أحكام الهالاخاه، يجب قتلهم... والثقة بعربي غير جائزة في أي ظرف". وتعد تعاليم الحاخام عوفاديا يوسف، كبير حاخامات اسرائيل الراحل إحدى ينابيع الكراهية ضد العرب والفلسطينيين، فقد قال في إحدى إرشاداته الدينية: "إن العرب صراصير وديدان يجب قتلهم وإبادتهم جميعا، وهم أسوأ من الأفاعي السامة. ويجب إبادة العرب ومحوهم عن وجه البسيطة" في خطبة عشية عيد الفصح اليهودي تم بثها بالقمر الاصطناعي إلى الخارج، ككل "إرشادية" يقيمها في الأسبوع. ثم دعا الله بأن "ينتقم "الرب يهوة" من العرب ويبيد ذريّتهم ويسحقهم ويخضعهم ويمحوهم عن وجه البسيطة" وأوصى أتباعه: "لا تشفقوا عليهم. يجب قصفهم بالصواريخ بكثافة وإبادتهم، فهم جاؤوا من اللعنة كأشرار ويتكاثرون في المدينة المقدسة كالنمل" كما قال. وفي خطبة بثتها المحطات الإسرائيلية قال "أن اليهودي عندما يقتل مسلما فكأنما يقتل ثعبانا أو دودة، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فالتخلص من المسلمين طبيعي كالتخلص من الديدان تماما" على حد تعبيره. هذا هو الأساس الأيديولوجي ومخزون الكراهية الذي قاد هؤلاء المجرمين الإرهابيين إلى "سكب البنزين في فم محمد أبو خضير ورئتيه وحرقه حيا.

1152

| 08 يوليو 2014

عام أسود على الانقلاب

مر عام كامل على الانقلاب الأسود، الذي نفذه وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي ضد الدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث، مما قلب الأوضاع في مصر رأسا على عقب، وخلط الأوراق في المنطقة كلها، مع محاولة الانقلابيين إعادة مصر والعالم العربي إلى عصر ما قبل الربيع العربي.هذا الانقلاب الدموي الأسود دفع مصر إلى أتون أزمة طاحنة ومزلزلة، لأنه قاد إلى فقدان التوازن في العالم العربي الذي يعاني من الاختلال أصلا، وأغرق مصر والمنطقة في مستنقع من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار.تظهر جردة حساب أولية لعام من حكم العسكر والانقلابيين الحصاد المر لهذا الانقلاب خلال 12 شهرا فقط، وهو العام الذي أطلقت عليه الوكالات الدولية، ومنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني، "الحقبة الأكثر سوادا في تاريخ مصر الحديث"، فقد قتل الانقلابيون ما يزيد على 6000 مصري بريء، وجرحوا ما يزيد على 20 ألف آخرين، واعتقلوا أكثر من 42 إنسان بريء، وحكموا بالإعدام على 1400 شخص على الأقل، ومات تحت التعذيب عدد غير معروف، وبلغ عدد الأطفال المعتقلين في سجون الانقلابيين نحو 560 طفلا، واعتقلت النساء والطالبات وحرائر مصر، وتم الاعتداء على بعضهن واغتصاب أخريات من قبل العسكر والبلطجية، مثل السيدة ندى أشرف التي اغتصبت داخل مدرعة للجيش، يفترض أن الجيش اشتراها من أموال الشعب من أجل حمايته وليس اغتصاب بناته ونسائه.خلال هذا العام مارس الانقلابيون كل آلافك والظلم، وعاثوا فسادا في مصر، ونشروا الخراب والدماء والدماء والدموع، وقسموا الشعب إلى شعبين، وحطموا قدرات البلاد وأدخلوها في نفق مظلم بلا نهاية، فمصر تعاني من الشلل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ومن العهر الإعلامي والقضائي، وتحولت المؤسسات الإعلامية إلى ذراع للانقلاب، كما تحول القضاء "الشامخ" إلى أداة بيد الانقلابيين من أجل تصفية الخصوم السياسيين، وهو ما أدانته المنظمات الحقوقية الدولية.كثيرة هي أوجه الخراب التي صنعها هذا الانقلاب الأسود، فقد أخرج "الدولة العميقة" من أوكارها وأنفاقها، ودفع بعناصرها إلى الواجهة من جديد، وكشف انحطاط الإعلام في مصر، وترديه بترويجه للكذب وصناعة الصور المزيفة الخادعة، والتي اعترف بها مهندسها خالد يوسف الذي أقر أنه استخدم مؤثرات لزيادة عدد المتظاهرين في 30 يوليو، وكشف الدرك الذي وصل إليه القضاء المصري الذي يصدر أحكاما بالجملة ضد الأبرياء من أنصار الشرعية ومعارضي الانقلاب الأسود، وكشف عن طبقة رجال الأعمال الفاسدة التي مولت الخراب ولا تزال تموله، وهي تمتص خيرات البلد وتفقر أهله. وكشف عن تفاهة وسقوط ونذالة ما يسمى "مثقفون" الذين ساندوا "بيادة العسكر" على حساب الحرية والكرامة والعدالة.بعد عام من الانقلاب خزينة مصر مفلسة، ولا يوجد فيها ما يكفي من المال لدفع رواتب "جيش العاملين في الدولة" والذين يصل عددهم إلى 8 ملايين موظف، مما دفع الانقلابيين إلى الاقتراض من الداخل والخارج، وسحب الأموال من البنوك المحلية، مما ترك البلد بلا سيولة، ودمر قطاع السياحة، وفرض المزيد من الضرائب ورفع أسعار المحروقات والمواد الغذائية، وعلى وشك أن يرفع أسعار الكهرباء، وعقد صفقة لاستيراد الغاز من "الكيان الإسرائيلي المحتل" بعد أن منح نظام مبارك الغاز إلى هذا الكيان مجانا.كيفما أدرت الصورة في مصر فهي سوداء قاتمة بسبب الانقلاب والانقلابيين من تحالف العسكر والفلول والمثقفين والقضاة والإعلاميين الفاسدين، وهي صورة لا يمكن أن تتغير إلا بسقوط الانقلابيين الجاثمين على صدر مصر والأمة العربية من المحيط إلى الخليج باستثناء "الكفلاء الماليين" والرعاة الإقليمين والدوليين.إسقاط الانقلاب ضرورة لازمة، ودحر الانقلابيين في مصر فرض وواجب، والمصريون الشرفاء الذين لم يملوا من التظاهر ضد هذا الانقلاب منذ عام كامل، رغم القتل والسجن والتنكيل يصنعون معجزة، فهم لم يملوا من التظاهر ليلا ونهارا، صيفا وشتاء، في المنشط والمكره، وهم مصرون على دحر الانقلاب مهما كان الثمن، وهم سينتصرون بإذن الله، لأن إرادة الشعوب لا تهزم أبدا.

2188

| 04 يوليو 2014

تداعيات داعش على العالم العربي

مع إعلان قيادة ما يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" والمعروفة إعلاميا باسم "داعش" قيام "الخلافة الإسلامية" وإلغاء اسم التنظيم إلى "الدولة الإسلامية" فقط ومبايعة زعيمه أبو بكر البغدادي بالخلافة، وتنصيبه "خليفة"، يدخل العراق والمنطقة والعالم العربي مرحلة جديدة وكبيرة، يمكن اعتبارها "التطور الأهم في الجهاد الدولي منذ هجمات سبتمبر2011" كما قال محللون أمريكيون.هذه المرحلة الجديدة دشنها المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني مساء الأحد الماضي بإعلانه " قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة دولة المسلمين ومبايعة الشيخ المجاهد أبو بكر البغدادي، فقبل البيعة وصار بذلك إماما وخليفة للمسلمين في كل مكان"، وتابع "هاهي راية الدولة الإسلامية، راية التوحيد عالية خفاقة مرفرفة تضرب بظلالها من حلب إلى ديالى، وقد كسرت الصلبان وهدمت القبور، وقد عين الولاة وكلف القضاة، وأقيمت المحاكم، ولم يبق إلا أمر واحد، حلم يعيش في أعماق كل مسلم، أمل يرفرف له كل مجاهد ألا وهو الخلافة".هذه القوة الجديدة على الساحة العراقية والسورية غامضة ومبهمة وهلامية، فلأول مرة نحن أمام تنظيم "مخابراتي- جهادي"، لأن العديد من أجهزة المخابرات العربية والإقليمية والدولية أسهمت بإنشاء هذا التكوين وتقويته، كل جهاز لأسباب خاصة، إلا أن الهدف المشترك الذي يجمع بين كل هذه الجهات هو اختراق القاعدة والفكر الجهادي، ويمكن تلخيص هذه الأهداف بالتالي:1- تحطيم القاعدة من الداخل عبر خلق بديل وصناعة اقتتال داخلي 2- شرذمة القوى المجاهدة كما حدث مع جبهة النصرة والفصائل الأخرى 3- تغذية الصراع الطائفي والديني في المنطقة عبر استفزاز الشيعة 4- تخويف الشعوب العربية من الأتي عبر خلق مخلوق مرعب للشعوب 5- دفع الشعوب العربية إلى القبول بالأنظمة الاستبدادية كخيار أفضل من داعش 6- إعادة الاصطفاف في المنطقة بحيث تتحالف إيران والسعودية وأمريكا وتركيا 7- خلق تحالف واسع في المنطقة ضد داعش يضم الأنظمة العربية والقوى الإقليمية8- إعادة تأهيل نظام الأسد كخيار أفضل وجزر من التحالف ضد الإرهاب 9- ضم الكيان الإسرائيلي إلى هذا التحالف بشكل علني كجزء من حرب الإرهاب 10- تأهيل نظام السيسي كوكيل لمحاربة الإرهاب في المنطقة وإفريقيا 11- التغاضي عن الانقلاب في مصر وتأهيل السيسي سياسيا ودوليا وإقليميا 12- بدء حركة منظمة مضادة للفكرة الإسلامية والحركات الإسلامية 13- الدفع باتجاه القضاء على ما يسمى "الإسلام السياسي"14- دفع الأنظمة العربية إلى طلب الحماية الأجنبية ضد الشعوب 15- استنزاف ثروات الدول العربية بدفعها إلى زيادة الإنفاق على التسلح 16- إطلاق أيدي أجهزة المخابرات في العالم العربي بوصفها حامية الأنظمة 17- تحول الدول العربية إلى دول بوليسية بحجة محاربة الإرهابلا شك أن العالم العربي يعيش حاليا واحدة من التحولات التاريخية التي ستغير وجه الوطن العربي كلية، هناك مسلمات تنهار، ونحن الآن على أبواب أول انهيارات سايكس – بيكو، وربما الولوج إلى مرحلة غامضة وعنيفة وربما دموية، كل ذلك لأن تطرف الأنظمة العربية الاستبدادية الفاسدة ودكتاتوريتها المدعومة من الغرب والاستعمار قاد إلى تطرف مقابل هو "داعش"، فما يجمع بين بشار الأسد ونوري المالكي وأبو بكر البغدادي، هو التطرف الدموي في اتجاهين مختلفين.لن تعود الأمور إلى الوراء فدولة البغدادي "داعش"، قوية باعتراف الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهي تكنس كل من يقف أمامها لأن الناس المقهورين كفروا بالأنظمة القمعية والفساد والتسلط والإقصاء ويرغبون بالخلاص ولو عن طريق داعش والبغدادي.

1180

| 02 يوليو 2014

عصر داعش

تتدحرج كرة النار بسرعة في العراق ضد المقاومة التي تتشكل من المسلمين العرب العراقيين والتي يقاتل دفاعا عنهم أبناء العشائر وبعض مسلحي الفصائل المسلحة وعلى رأسهم بالطبع مقاتلو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" والمعروفة إعلاميا باسم "داعش".كنت ولازلت أؤمن أن تنظيم "داعش" مبهم وغامض ويثير الشك، وهذا الموقف لا علاقة له بالحب والكراهية، لأنه ينبع من استقراء الواقع والوقائع، حتى بالمقارنة مع تنظيم القاعدة، ففي الوقت الذي لا نعرف فيه شيئا عن "داعش"، فإننا كنا نعرف الكثير عن القاعدة، وكنا نسمع لخطب قادتهم وأنصارهم وقياداتهم الميدانية في المساجد أو من خلال أشرطة الفيديو أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الخاصة بهم، وهذا ما ينقص داعش التي لا نعرف قيادتها ولا استراتيجيتها ولا أهدافها، فهو عبارة عن تنظيم "غريب عجيب" يقاتل ضد المالكي في العراق ويسيطر على الأرض، وفي ذات الوقت يقاتل الثوار في سوريا بدل أن يقاتل النظام.تنظيم "داعش" يثير القلق بنفس القدر الذي تثيره الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية الطائفية التي تعيث في الأرض فسادا، فمن الجنون أن يكون الخيار في العراق، المالكي أو داعش، كما أنه من الجنون أيضاً أن يكون الخيار في سوريا، الأسد أو داعش. فالنظامان اللذان يحكمان العراق وسوريا إرهابيان مجرمان طائفيان ملطخة أيديهما بدماء آلاف الأبرياء، لكن البديل "الداعشي" هو الآخر لا يقل خطورة عن هذه الأنظمة الإجرامية، وهو ما عبر عنه قيادات في تنظيم القاعدة مثل الدكتور ايمن الظواهري ومنظر التيار الجهادي أبو محمد المقدسي وأبو قتادة وغيرهم بل ذهب القيادي أبو قتادة إلى اعتبارهم "خوارج من كلاب أهل النار".الخطير في معركة داعش والمالكي وداعش وثوار سوريا أنها تؤدي إلى نتيجة تدميرية على الشعبين السوري والعراقي، فتنظيم داعش وجه سهاما مسمومة للثورة السورية وأنهك الثوار في قتال جانبي بدل التصدي لنظام الأسد الإرهابي، وهو بلا شك سيصطدم مع القبائل العربية العراقية المسلمة في مرحلة من المراحل، وقدم المبرر لتشكيل التحالف العلني الإيراني الأمريكي ضد المسلمين العرب في العراق وأقنع دولا عربية بالانضمام إلى هذا الحلف ضد القبائل العربية العراقية المسلمة، تحت شعار التصدي "لإرهاب داعش"، وهو ما وضع المسلمين العرب في العراق وحدهم في مواجهة هذا التحالف الذي انضمت إليه روسيا أيضا، بعد أن أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف روسيا لن تقف مكتوفة اليدين أمام الهجوم الذي يشنه تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام، وروسيا لن تبقى مكتوفة اليدين إزاء محاولات جماعات بث الإرهاب في دول المنطقة.. الموضوع خطير للغاية في العراق وخطر على أسس الدولة العراقية". وبهذا يعلن انضمام روسيا رسميا للحرب على "داعش"، الذي يخوضها التحالف الشيعي العراقي مدعوما بقوات من فيلق القدس ضد الثوار العراقيين من المسلمين العرب ودخلت أمريكا على الخط بإرسال مستشارين عسكريين وطائرات من دون طيار قصفت مبنى رئاسة الصحة في الموصل وأوقعت قتلى وجرحى، ولا نعرف حتى الآن ماهية الطريقة التي سينتهجها الروس في حربهم على "داعش" التي تعني الحرب على الثورتين في العراق وسوريا.دائرة الحرب تتسع يوما بعد يوم وهي لن تقف عند أية حدود، والواضح أن الأمور خرجت عن السيطرة تماما وأن انتقال الحرب في العراق إلى الجنوب الشيعي هي مسألة وقت لا أكثر، وأن انتقالها إلى خارج الحدود العراقية محتملة جدا وإن كان البعض يعتبرها مؤجلة...

1199

| 30 يونيو 2014

انهيار الدولة في مصر

الأحكام التي أصدرتها محكمة الجنايات المصرية بحق صحفيي قناة الجزيرة الإنجليزية وزملائهم الآخرين تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة تنهار في مصر، وأن الانقلاب يسير بالبلاد إلى الهاوية ووضعها في مصاف "الدول الفاشلة".منذ وقوع الانقلاب الدامي في الثالث من يوليو الماضي، ومصر تنتقل من أزمة إلى أزمة ومن مأساة إلى مأساة، ومن نفق مظلم إلى نفق أشد ظلاما، من القتل والاعتقال والتعذيب وكبت الحريات والاعتداء على الأبرياء، وانتهاك حقوق الناس، إلا أن أخطر ما أقدمت عليه هذه السلطة الانقلابية بعد عمليات القتل الواسعة التي قامت بها والتي قتل فيها أكثر من 5000 مصري وحرق جثث بعضهم واعتقال ما يزيد على 42 ألف شخص وممارسة شتى أعمال التعذيب في السجون والمعتقلات التي تحولت إلى معسكرات اعتقال حقيقية.. أخطر ما أقدمت عليه، هو مصادرة الحريات وكبتها وإغلاق وسائل الإعلام الحرة وإقفال القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية. وإصدار أكثر من 1300 حكم بالإعدام خلال جلسات "قراقوشية" شملت الحكم بإعدام 683 و529 و183 شخصا في 3 جلسات لم يستغرق بعضها أكثر من 20 دقيقة، وغيرها من الجلسات التي حكم فيها أيضاً بالإعدام على أفراد أو جماعات إلى جانب "المؤبدات"، وكان هذا "القضاء المصري الشامخ" أصيب بالإسهال في إصدار الأحكام التي تتراوح بين الإعدام والمؤبد مدى الحياة.في هذا السياق يأتي الحكم على صحفيي الجزيرة بالسجن المشدد 7 سنوات لكل من الأسترالي بيتر غريست والمصري-الكندي محمد فاضل فهمي، مدير مكتب الجزيرة في القاهرة، قبل حظرها وبحبس المنتج المصري في القناة باهر محمد لمدة 10 سنوات، وهم محبوسون منذ نهاية ديسمبر الماضي.حفلة أحكام "القضاء الشامخ" شملت أيضاً سجن 3 صحفيين أجانب كانوا يحاكمون غيابيا عشر سنوات وهم بريطانيان وهولندية، والسجن 7 سنوات لأربعة طلاب متهمين محبوسين، والسجن 10 سنوات على 8 آخرين تمت محاكمتهم غيابيا.هذه الأحكام تؤكد انهيار المنظومة القضائية في مصر، وأن هذه المنظومة ليست أكثر من "آلة للقمع والإقصاء والبطش" بيد الانقلابيين العسكريين بقيادة الجنرال عبدالفتاح السيسي، وأنها تحولت إلى جزء من الثورة المضادة ضد الشعب المصري وحرياته وكرامته.الأحكام التي صدرت ضد الصحفيين ومنهم صحفيو الجزيرة وجهت "ضربة مزدوجة" للحريات والإعلام، فهي ليست مضادة للحريات الشخصية والجماعية وحق المجتمع أن يعرف، لكنها أيضاً معادية للصحافة والإعلام وحرية التعبير، وهي تعمل على تعتيم الصورة بهدف التدليس على المجتمع، فمن غير المعقول ولا المقبول ولا المنطقي اتهام صحفيين بتكوين "خلية إرهابية" والانتماء إلى تنظيم إرهابي "جماعة الإخوان المسلمين" مع أن أحدهم اسمه "بيتر" يعني غير مسلم أصلا. أفضل وصف لما يجري في مصر جاء من قبل منظمة العفو الدولية بأنه "هجمة شرسة على حرية الإعلام في ظل محاكمات صورية بالكامل، ومشاهد هزلية وصور زائفة للعدالة" واعتبرت الصحفيين الثلاثة سجناء ضمير، وأن حبسهم وإدانتهم ووصفهم بالمجرمين "يوم أسود لحرية الإعلام في مصر"، فالسبب الوحيد لسجن هؤلاء الرجال الثلاثة هو أن السلطات الانقلابية لا يعجبها ما يجب عليهم أن يقولوه، وهم سجناء رأي ويجب الإفراج عنهم فورا ومن دون شروط. النظام الانقلابي في مصر عدو للحرية والإعلام والصحافة، ولا يجوز الصمت على هذا النظام الدموي الغاشم، فهو استولى على بلد بأكمله، وحطم قيمه وتاريخه ويحطم مستقبلة أيضا، فهو يقسم الشعب ويهدم كل ما بناه المصريون على مر العصور، ويحول مصر إلى دولة تقوم على الاستبداد والظلم والاعتقال والتعذيب والقتل ومصادرة الحريات.. باختصار هذا الانقلاب وهؤلاء الانقلابيون يحولون دولة عمرها 7000 سنة إلى دولة فاشلة تحكمها عصابة بلا أخلاق أو ضمير أو قيم.

1393

| 24 يونيو 2014

عباس يسوق الكيان الإسرائيلي

أخطر ما يمارسه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه يلعب لصالح الكيان الإسرائيلي في العالمين العربي والإسلامي، وهو يقود "معركة التطبيع" لصالح هذا الكيان، وهذا ما يجعل منه رجلا عظيم الفائدة بالنسبة للإسرائيليين والأمريكيين والبريطانيين وعلى رأسهم بالطبع "توني بلير"، وهو يؤدي خدمات كبيرة لا يمكن لأي زعيم صهيوني أو غربي أن يصنعها.. كيف ذلك؟عندما يقول محمود عباس أمام ممثلي العالم الإسلامي إن "التنسيق الأمني مع إسرائيل مصلحة فلسطينية" فهو بذلك ينزع أي ذريعة من أي بلد عربي أو إسلامي لمساندة الشعب الفلسطيني، فإذا كان "قائد" الشعب الفلسطيني، يرى أن التعاون الأمني والعسكري مع الاحتلال الإسرائيلي مصلحة لشعبه، فلا يجوز عندها لأي بلد عربي أو إسلامي أن يتدخل ليحتج على الممارسات الإسرائيلية، لأنه "لا يجوز أن تكون ملكيا أكثر من الملك"، ولا يصح أن تكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين، ولذلك شاعت عبارة "نقبل ما يقبله الفلسطينيون" على لسان القادة العرب، لتمرير سياساتهم وعلاقاتهم مع الكيان الإسرائيلي من خلال هذا المقولة، وبالتالي توفر لهم "القيادة الفلسطينية" الحجة والتبرير، لكي يتعاونوا مع هذا الكيان المحتل.لم يقف عباس عن حدود اعتبار هذا التنسيق الأمني "مصلحة" فلسطينية، بل ذهب أبعد من ذلك بقوله إن هذا التعاون "ليس عيبا"، وهنا يعيد تعريف مصطلح "العيب"، ويتحول التعاون الأمني ضد الشعب الفلسطيني إلى "ممارسة مقبولة" لا ينبغي رفضها أخلاقيا، وهنا قلب للمفاهيم التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني باعتبار "التعاون" مع الاحتلال "خيانة وعمالة"، وهذا يسقط بالتالي هذين المصطلحين من القاموس الفلسطيني والعربي، فلا خيانة ولا عمالة ولا عيب في التعاون والتنسيق مع المحتل الذي يسوم الفلسطينيين العذاب، ليل نهار.إسقاط هذه المفاهيم المرتبطة "بالعدو" لأن الخيانة والعمالة لا تكون إلا لعدو، تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى "صديق" و"جار"، لأن التعاون لا يكون إلا بين الأصدقاء والجيران وفي أقل تقدير لا يكون إلا بين من يجمع بينهم "مصالح مشتركة"، فما هذه المصلحة المشتركة التي تجمع عباس مع الاحتلال، بوصفه "صديقا وجارا"؟ يجيب عباس نفسه عن هذه المصلحة بـ"منع اندلاع انتفاضة جديدة" و"عدم العودة إلى العمل المسلح" وهذا ما يحول هذا التعاون إلى "تنسيق أمني مقدس" بحسب كلام عباس نفسه، الذي ترجم هذا المقدس إلى العبارة التالية وهي "أن الجانب الفلسطيني يتفهم المخاوف الإسرائيلية الداخلية في موضوع الأمن، ومستعد للتعامل معها وتلبيتها" وبالتالي فإن أي دعوات لوقف هذا التنسيق ليس أكثر من "مزايدات رخيصة" ويترجم هذا التفهم للمخاوف الإسرائيلية بعدم السماح باندلاع "انتفاضة أخرى" وعدم اللجوء إلى "الكفاح المسلح" و"إعدام" خيار العمل العسكري.ويمكن اعتبار مقاربات عباس لعملية أسر المستوطنين الثلاثة ترجمة عملية للنظرية التي يتبناها، فقد اعتبر أن عملية "خطفهم تدمرنا"، وأن اندلاع "انتفاضة جديدة يدمرنا" دون أن يشير إلى معنى "نا" في التدمير، وهل تعود على الشعب الفلسطيني أم الاحتلال الإسرائيلي أم السلطة التي يترأسها؟ لكن القراءة المتأنية لما يقول أنه يعني تدمير "السلطة التي يقودها" وهي سلطة مرتبطة بالاحتلال، لأنه اتبعها بوصفة المستوطنين الأسرى بأنهم "فتيان" وهم "بشر" لإضفاء صفات البراءة والإنسانية عليهم دون الإشارة إلى أنهم مستوطنون مسلحون حولوا حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى جحيم، وتستمر هذه المقاربة لعباس في كشف خبيئة هذا "القائد الفلسطيني" بقوله: "نحن نبحث عنهم حتى نعيدهم إلى عائلاتهم، وسنحاسب من قام باختطافهم، وأننا ننسق مع إسرائيل من أجل الوصول إليهم".الملاحظ في كل كلام عباس أنه لا يوجد في رأسه إلا "إسرائيل ومخاوفها ومطالبها" وهو ما يسيطر عليه دون الاقتراب من "المخاوف الفلسطينية" ومطالب الشعب الفلسطيني، ودون التطرق إلى كون الفلسطينيين الذين يقودهم "بشر أيضا" لهم حق الحياة والأمان والاستقرار والتحرر من الاحتلال والمستوطنين والحواجز وتحرير أبنائهم من معسكرات الاعتقال الإسرائيلية.. هؤلاء الفلسطينيون "بشر" ولكن لا يراهم محمود عباس ولا يرى معاناتهم ولا حقهم في إطلاق سراح أبنائهم من السجون والمعتقلات الصهيونية.هذا المنطق الذي يتبناه رئيس السلطة ليس أكثر من طريقة أو أداة لتسويق الكيان الإسرائيلي "عربيا وإسلاميا"، وتثبيت أركانها ووجودها وشرعيتها وإلغاء للحقوق الفلسطينية، وهذا المنطق يغيب الفلسطيني إلا بوصفة جزءا من المشهد الإسرائيلي، فالأصل هي "إسرائيل التي تتكون من دولة فيها بشر وفتيان" في مواجهة "الفلسطيني الإرهابي" الذي "يخطف الفتيان الطيبين"، وهذا ينم على لا إنسانية. تحليل منطق عباس الخطير والمهدد للوجود الفلسطيني والمفكك للحالة الفلسطينية يحتاج إلى الكثير من الوقفات، فهو ينزع كل محركات الدعم والتعاطف العربي من الشعب الفلسطيني ويتركه وحيدا في العراء.

1132

| 22 يونيو 2014

رئيس التنسيق المقدس

لا يملك رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من تبني "التنسيق الأمني" مع الاحتلال الإسرائيلي، والاستماتة بالدفاع عنه، وكان آخر "غزواته" للدفاع عن هذا التنسيق أمام وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي في جدة عندما قال: "من مصلحتنا أن يكون هناك تنسيق أمني مع إسرائيل لحمايتنا وهذا ليس عيبا.. أقول بكل صراحة لن نعود إلى انتفاضة أخرى تدمرنا كما حدث في الانتفاضة الثانية". واعتبر "التنسيق مع "إسرائيل" مصلحة للفلسطينيين حتى لا تندلع انتفاضة جديدة"، وقال "إن الفتيان "الإسرائيليين" الثلاثة المختفيين بالضفة "بشر" ونحن نبحث عنهم حتى نعيدهم إلىعائلاتهم، وسنحاسب من قام باختطافهم كائنا من كان"، وأكد أنه ينسق مع "إسرائيل" من أجل الوصول إلى المستوطنين المفقودين، لكن أهم ما سبق وقاله عباس كان "التنسيق الأمني مع إسرائيل "مقدس" وسيستمر" وأن الجانب الفلسطيني يتفهم المخاوف الإسرائيلية الداخلية في موضوع الأمن، ومستعد للتعامل معها وتلبيتها، ووصف دعوات وقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، بأنها "مزايدات رخيصة".هذه بعض الاقتباسات مما قاله عباس أمام ممثلي العالم الإسلامي، وفي مناسبات أخرى، يؤكد فيها جميعها على أن "المقدس الوحيد" عنده هو التنسيق الأمني مع الاحتلال الجاثم على صدور الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والذي يحاصر قطاع غزة.. هذا "المقدس المعلن" لعباس يثير تساؤلات حول هذا الرجل الذي يعمل على تثبيت أركان إسرائيل بدفاعه المستميت عن شرعيتها وحقها في البقاء والوجود وإلغائه للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني واحدا تلو الآخر.يفترض نظريا أن محمود عباس ميرزا " أبو مازن" يمثل آمال وطموحات وأهداف الشعب الفلسطيني، وأنه رأس حربة الدفاع عن حقوقه الوطنية المشروعة وحقه الطبيعي في فلسطين، وهذا يدفعنا للسؤال: ما هو البرنامج الذي يتبناه، وما هي حقوق الشعب الفلسطيني التي يعترف بها عباس، وما هو المشروع الوطني الفلسطيني؟ وما هي الإستراتيجية الفلسطينية؟ وما هو تعريف الفلسطيني؟ ومن هو الفلسطيني؟ وما هو تعريف الاحتلال الإسرائيلي؟ وما هو تعريف فلسطين؟ وما هي الفوائد التي سيجنيها الشعب الفلسطيني من التنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي؟ وهل منع التنسيق الأمني اغتيال وخطف وقتل الفلسطينيين في الضفة؟ وهل أوقف التنسيق الأمني الاستيطان في الضفة؟ وهل أنقذ التنسيق الأمني القدس من التهويد؟ وهل أعاد التنسيق الأمني لاجئا فلسطينيا واحدا إلى فلسطين؟ وهل منع التنسيق الأمني اقتحام المدن والقرى الفلسطينية؟ وهل أوقف التنسيق الأمني المشروع الصهيوني؟ وهل استفاد بإطلاق سراح أسير فلسطيني واحد من سجون الاحتلال الإسرائيلي؟لكي نفهم ما هو التنسيق الأمني أستشهد بما قاله مؤسس فريق التنسيق الأمني وواضع إستراتيجيته وعقله المدبر الجنرال الأمريكي كيث دايتون بما جاء في خطاب ألقاه، في ندوة لمعهد واشنطن: إن التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية منع انتفاضة ثالثة بالتنسيق مع المكتب الأمني في الولايات المتحدة، وقال "عملنا بصورة وثيقة مع الحرس الرئاسي وركزنا على تحويل قوات الأمن الوطني الفلسطينية إلى جندرما فلسطينية (شرطة منظمة)، و"نحن لا نقدم شيئاً للفلسطينيين ما لم يتم التنسيق بشأنه مع دولة إسرائيل وبموافقة إسرائيلية" ويقول: "كانت الفكرة من تشكيل فريق التنسيق الأمني الأمريكي، تهدئة مخاوف الإسرائيليين حول قدرات قوات الأمن الفلسطينية. واستثمرنا أموالاً وعناصر كافية في جعل وزارة الداخلية قائدة للحكومة الفلسطينية ولديها ميزانية كافية، وركزنا على تدريب القادة الكبار، كواحدة من أعظم الفوائد المستدامة".ويتفاخر: "انخرطت العناصر الأمنية الفلسطينية في سلسلة الهجوم الأمني عبر الضفة الغربية، وبمنتهى الدهشة بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، لقد أثاروا اهتمام المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية، بقراراتهم وانضباطهم ودوافعهم والنتائج التي حقوقها. إن أداء هؤلاء العناصر في جنين، حيث كانت أول مكان لانتشارهم، بحيث إنه بعد ستة أشهر لم يسمح الجيش الإسرائيلي فقط بتعزيز قوته في الخليل.

1082

| 20 يونيو 2014

التحالف الإيراني الأمريكي ضد العراق

سريعا جاء الرد الأمريكي على دعوة الرئيس الإيراني حسن روحاني للتعاون في مواجهة "الإرهاب" في العراق، فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "أنه منفتح إزاء تعاون محتمل بين واشنطن وطهران حول العراق"، وأبدى استعداد واشنطن لتوجيه ضربات من طائرات بدون طيار لوقف تقدم الجهاديين، وهذا يعني ترك العمل الميداني والحرب البرية للإيرانيين، بالإضافة إلى تعاون أطراف إقليميين بما في ذلك جميع الدول العربية المجاورة للعراق.الغزل السري بين "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" و"الشيطان الأكبر الأمريكي" ظهر إلى العلن بعد عامين من المفاوضات السرية التي قادها بيل بيرنز بين أمريكا وإيران وسمحت بترطيب الأجواء بين الطرفين لمواجهة العدو المشترك المتمثل بمقاتلي العشائر المسلمة "السنية" وعناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".الآن أصبح العراق ملفا مشتركا تلتقي فيه مصالح واشنطن وطهران، مما يكشف القلق الذي يشعر فيه البلدان من التطورات هناك، والسقوط السريع لجيش المالكي في مواجهة المسلحين الذين وصلوا إلى مشارف بغداد، وصاروا قاب قوسين أو أدنى من دخولها، وهو ما لا يريد البيت الأبيض ولا آيات الله أن يروه، فهو في نظرهم كابوس ينبغي قتله في مرحلة الأحلام قبل أن يتحول إلى واقع لا يمكن التخلص منه لاحقا.القنوان بين الإيرانيين والأمريكيين مفتوحة منذ زمن بعيد، ولا ننسى تصريحات نائب الرئيس الإيراني في عهد خاتمي الذي قال يوما في محاضرة في عاصمة خليجية إنه لولا المساعدات الإيرانية للأمريكيين لما سقطت بغداد وكابل بأيديهم، وهي مساعدات لم تتوقف منذ ذلك الحين، بشكل مباشر أو غير مباشر، رغم "الخصومة العلنية" بين الطرفين.ولكن ما هي الخيارات المتاحة أمام الأمريكيين والإيرانيين في العراق؟ وما هو سيناريو التعاون المقترح؟ الخيارات للطرفين في العراق كثيرة ولكنها معقدة، فإيران لها امتدادات شيعية تستطيع أن تستخدمها في حربها ضد "الزحف الإسلامي السني"، وبالفعل بدأت هذه الامتدادات الشيعية بتكوين "الجيش الشيعي في العراق" والذي يطلق عليه "الجيش الرديف، وانطلقت دعوات التطوع "للجهاد" من قبل المرجع الشيعي السيستاني وغيره من المراجع، وأرسلت إيران حوالي 3000 من عناصر "فيلق القدس" لوقف تقدم المسلحين، وهي بالتالي تمتلك "قدرات برية وبشرية"، أما الجانب الأمريكي فقد أعلن على لسان الرئيس أوباما عن إمكانية توجيه ضربات جوية بطائرات بدون طيار، وتزويد قوات المالكي بالسلاح والعتاد والصور الجوية والخبرات، وهذا ما ينقص الجانب الإيراني. كما أن واشنطن قادرة على الضغط على "حلفائها العرب" من المشاركة في "الحرب على الإرهاب" في العراق.كم هو محظوظ هذا المالكي فهو يتمتع بدعم إيران وأمريكا وجميع الدول العربية المجاورة، وتقف تركيا على الحياد، وهو دعم لم يحصل عليه أحد في المنطقة سابقا، فالجمع بين دعم "الخصوم" مسألة معقدة واحتمالاتها ضعيفة بل شبه مستحيلة، وهذا يعني أن المقاتلين العراقيين المسلمين "السنة" سوف يواجهون حلفا إيرانيا أمريكيا عربيا ضدهم، دون أن يكون هناك من يقدم لهم أي مساعدة، مما يتركهم وحيدين في الميدان في مواجهة هذا "الحلف السري العلني".لكن السؤال هو: ماذا لو تمكن المسلحون الثائرون ضد الهيمنة الطائفية الدكتاتورية لنوري المالكي من الدخول إلى بغداد؟ فماذا يمكن أن يحصل؟ وهل يمكن طرح هذا السؤال أصلا؟ أمريكا ومعها 40 دولة لم تستطع أن تهزم طالبان في أفغانستان، وإيران ومعها أمريكا و"أنظمة عربية" لن تستطيع أن تهزم مسلحي القبائل العربية المسلمة ومقاتلي داعش والكتائب الأخرى، وهذا يعني أننا سنكون أمام حرب دينية دامية طويلة الأمد ستعيد ترتيب الأوراق في العراق وإيران والمنطقة كلها.

2355

| 17 يونيو 2014

سايكس – بيكو يترنح

قواعد اللعبة في المنطقة تتغير، والترتيبات التي نفذها الغرب في العالم العربي تتهاوى، والحدود التي رسمها "سايكس-بيكو" تترنح، مما يعني أننا أمام واقع جديد، فالمسلحون من مقاتلي "داعش"، قاموا وللمرة الأولى في التاريخ العربي الحديث، بإزالة الحدود والأسلاك الشائكة والمعابر بين العراق وسوريا، وتحول اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الذي كان نظريا حتى وقت قريب إلى حقيقة على الأرض، فخارطة عمليات "داعش" تمتد من الفلوجة العراقية وحتى مدينة حلب السورية.بطبيعة الحال من البلاهة اعتبار ما يجري حقائق نهائية، لكنها مجرد إشارات رمزية للتغيرات التي تجتاح العراق وسوريا والمنطقة، وهي تغيرات تدخل المنطقة إلى عصر جديد ما زالت ملامحه غير واضحة، فهناك شبه انهيار لمنظومة ما بعد الحقبة الاستعمارية المباشرة، بما في ذلك، الاحتلال الأمريكي للعراق، فكل ما قامت به أمريكا في العراق ينهار بسرعة البرق، أمام بضعة آلاف من المقاتلين.لا نعرف على وجه التحديد من يقاتل على الأرض، وما هي القوى الضاربة التي تحقق هذه الانتصارات السريعة ضد ما يقرب من مليون جندي في جيش المالكي، فنحن أمام صورة غائمة جدا رغم التركيز على "داعش" وتحويلها إلى قوة عظمى، وهذا فيه الكثير من التجني والتزييف، فهذه الحركة الغامضة التي يبلغ عدد مقاتليها 7 آلاف مقاتل على الأكثر، لا تستطيع أن تحقق كل هذه الانتصارات التي تمتد من الموصل إلى مشارف بغداد وفي غضون أيام قليلة، وهي لا تملك أسلحة ومعدات ووسائل نقل كافية للسيطرة على كل هذه الأرض مرة واحدة، ولو كانت تملك كل هذه القوة فلماذا لم تستطع هزيمة نظام الأسد في سوريا أو الانتصار على قوى الثوار التي تتقاتل معها في دير الزور ومناطق أخرى، وهذا يفند الكذبة الكبرى التي تتحدث عن "داعش" بوصفها إمبراطورية مسلحة لا تغيب عنها الشمس.من قاتل على الأرض هم المسلمون العراقيون من أبناء العشائر والقبائل إلى جانب "داعش" بالطبع، وهم الذين يتصدون لنظام المالكي الشيعي الطائفي الإقصائي بعد أن سد كل السبل في وجه أي حوار أو استجابة لمطالب الأغلبية المسلمة في العراق، فكان من الطبيعي أن يسوق نور المالكي والسيستاني ونظامه الطائفي الأمر على أنه هجوم "إرهابيين" من القاعدة وداعش من أجل استعطاف دول الجوار والقوى العالمية لدعمه وإرسال الجنود لمساعدته على قتال أهل العراق من المسلمين "السنة".لكن خطة المالكي فشلت بدخول المرجع الشيعي السيستاني على الخط وإعلان "الجهاد" لمحاربة الإرهابيين من "الوهابيين والتكفيريين"، وإعلان المالكي تشكيل الجيش الشيعي الرديف، وبداية تدفق المتطوعين الشيعة لمقاتلة "الكفار الوهابيين" والإسناد الذي تلقاه المالكي والسيستاني من الرئيس الإيراني حسن روحاني بالتعهد بمقاتلة "الإرهابيين" في العراق، ودعوته الرئيس أوباما إلى التعاون في العراق للقتال ضد الثائرين على حكم المالكي، ورهن استمرار التعاون الإيراني الأمريكي بدخول واشنطن طرفا في الحرب ضد "الجماعات الإرهابية" في العراق وسوريا وأماكن أخرى. لكن واشنطن ولندن وحلف الناتو أعلنوا بوضوح وبسرعة: "لن نعود إلى المستنقع العراقي ثانية"، نحن سلمناكم العراق على طبق من ذهب وعليكم أن تحافظوا على ما أعطيناكم بأنفسكم.متى تسقط بغداد بيد المسلحين؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يترقب العالم الإجابة عليه، ويبدو أن سقوط بغداد أو تحريرها من حكم المالكي ستكون هي الصورة المعاكسة لاحتلال بغداد من قبل الأمريكيين عام 2003، وهو ما يقلق إيران التي أرسلت حوالي 3000 عنصر من فيلق القدس من أجل وقف انهيار نظام الحكم الشيعي هناك.الغالبية العظمى من الأنظمة العربية المجاورة للعراق تدعم المالكي، وهي تفضل الحكم الشيعي والهيمنة الإيرانية على سيطرة الجماعات الإسلامية على العراق، وهو من يقلب الطاولة مجددا لبناء تحالفات جديدة من أطراف يتم تسويقها على أنهم خصوم أو "أعداء مفترضون".

1346

| 15 يونيو 2014

العراق.. بداية الحرب الشاملة

لم يكن يتخيل أحد أن تنهار قوات المالكي بسرعة، أمام مسلحين، لا نستطيع أن نحدد من هم حتى الآن، فهناك مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" ومسلحو العشائر، وبعض الكتائب المسلحة التي أعيد بناؤها، ومقاتلون من أتباع "الطريقة النقشبندية" بقيادة عزت الدوري، الرجل الثاني في نظام صدام حسين، والمذهل في المشهد العراقي حاليا، هو سرعة هروب القيادات العسكرية والضباط والجنود من ميدان المعركة، تاركين خلفهم أسلحتهم وعتادهم وتجهيزاتهم، أمام من يسميهم نظام المالكي "المجموعات الإرهابية المسلحة" في الموصل وتكريت وبيجي وغيرها.أجريت اتصالات هاتفية مع باحثين عراقيين من مختلف الاتجاهات والمشارب، قبل كتابة هذا المقال يوم أمس، لاقف على آرائهم المختلفة، من مؤيدي ومعارضي المالكي، مما يجري، فوجدت حالة من الضبابية تسود لدى الجميع، لأن الأحداث تتسارع بطريقة كبيرة.الخارطة السياسية تتغير في العراق بطريقة جذرية، فمن المعروف أن العراق خضع للهيمنة الشيعية الكاملة بعد الاحتلال الأمريكي في عام 2003، وتم إقصاء وتهميش المكون الإسلامي "السني"، وتصاعدت عمليات التهميش والإقصاء وتحويل العراق إلى "محمية شيعية" بنفوذ إيراني ضخم، ومع تسلم نوري المالكي رئيسا للوزراء، بدأت عملية ممنهجة لتغيير المشهد في العراق كليا وتحويل المسلمين "السنة" إلى أقلية سياسية واقتصادية ودينية وإقصاؤهم عن الجيش والأمن والوظائف، وإهمال مناطقهم، مما أثار حفيظة المسلمين "السنة" وبدأوا حراكهم من أجل المطالبة بحقوقهم الأمر الذي رفضه المالكي، ورد عليه بالقوة العسكرية ومحاولة الاجتثاث، مما حول الحراك السلمي إلى حالة عنيفة وحرب شاملة، وبدأت العشائر بتشكيل "مجالس عسكرية" في الأنبار والموصل ومناطق أخرى، مع إعلان المالكي عملية "تصفية الحساب" لقتال "الوهابيين التكفيريين الإرهابيين".الوافد الجديد بقوة هو تنظيم "داعش"، المنشق عن القاعدة، يرفض أيمن الظواهري الاعتراف به، وهو تنظيم مخترق من عدد كبير من الأجهزة الاستخباراتية، ويتميز بالغموض والمرجعيات المشبوهة والقيادات غير المعروفة، والمدهش أن هذا التنظيم يحاصر مدينة دير الزور في الوقت الذي تحاصر فيه قوات الأسد أحياء أخرى في المدينة وتقصفها بالطائرات والبراميل المتفجرة، مما يثير الشكوك في طبيعة العلاقة بين داعش ونظام الأسد، ويثير التساؤل عن سبب إعلان المالكي أنه يقاتل داعش، دون أي إشارة لقوات العشائر والكتائب المسلحة للمسلمين السنة.الوضع على الأرض في العراق يتميز بالغموض والسيولة، فقوات المالكي تنهار وتهرب من الموصل وكركوك وبيجي وتعلفر والمسلحون في طريقهم إلى بغداد، وصار سؤال متى تسقط بغداد في أيدي المسلحين هو السؤال الأهم، وعند سقوطها فإن العراق ومنطقة بلاد الشام ستصبح مفتوحة على كل الاحتمالات، فالطريق إلى الأردن سيكون سالكا إذا أراد المسلحون نقل نشاطهم إلى هناك، وستتصل ساحة المعركة في العراق وسوريا، مما سيحولها إلى جبهة واحدة، ومن هناك ستمتد إلى لبنان لقتال حزب الله في عقر داره، وعندها سيمتد هلال النار من العراق إلى سوريا ولبنان.فلسطين بدورها ستكون على موعد مع الانضمام إلى ساحة الحرب، ولكن لأسباب داخلية، فتعثر اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، وتشكل محور "السيسي - عباس – نتنياهو"، للتخلص حماس، بوصفها الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين، بعد هيمنة الانقلابيين بقيادة السيسي على السلطة في مصر، مما يعني اندلاع حرب أهلية فلسطينية ستشمل غزة والضفة الغربية وربما مناطق في فلسطين 48، وهذا ما سيدخل فلسطين في أتون الحرب الطاحنة الممتدة من العراق إلى سيناء، وربما ما هو أبعد من سيناء.الخارطة في المنطقة تتغير بسرعة، وهي تترك لمصيرها، لأنه لا يوجد أي قوى دولية ترغب بالتورط في هذه النار، ومن الواضح أن القوى المسلحة ستكون لاعبا قويا، على غرار طالبان في أفغانستان، مما سيؤجج حالة من عدم الاستقرار، بسبب عدم على السيطرة، وعدم إمكانية الأنظمة القائمة على هزيمتها، مما يجعل من الحرب فعلا يوميا على الطريقة الأفغانية والصومالية.علينا أن ننتظر الأيام المقبلة، فهي حبلى بالكثير من المفاجآت الكبيرة.. وربما تكون بداية لحرب شاملة بشر بها ذات يوم، بشار الأسد وحسن نصر الله وأحمدي نجاد ونوري المالكي.

1121

| 13 يونيو 2014

الدولة العميقة تحكم مصر

الثورة المصرية هزمت بالنقاط في الجولة الأولى من المعركة مع الثورة المضادة التي يقودها أركان الدولة العميقة، وهذه حقيقة لا بد من الإقرار بها، وهو ما عبرت عنه الصحف الانقلابية عناوينها العريضة التي قالت "الدولة عادت سيرتها الأولى"، وهي تعني دول مبارك الذي أطاحت به ثورة 25 يناير. وقد توج انتصار الدولة العميقة بتتويج قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، رئيسا على مصر، في انتخابات قاطعها 92 في المائة من المصريين.في حساب الزمن فإن الرئيس الشرعي المنتخب الذي أنتجته الثورة وهو الدكتور محمد مرسي حكم عاما واحدا، تعرض خلالها لحرب استنزاف شرسة ومتعددة الجبهات، من الفلول والكنيسة القبطية ورجال الأعمال والإعلام والقضاء والعسكر من جيش وشرطة وامن ودول التمويل الخليجية، وقد توجت هذه الحرب الشرسة بانقلاب 3 يوليو بقيادة السيسي وجنرالاته الذين استولوا على الحكم، واطاحوا باول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث.وفي حساب الزمن أيضاً فإن عاما كاملا مر على انقلاب يوليو المشؤوم الذي ادخل مصر في "عصر النحس" اريق خلاله دماء أكثر من 5000 مصري وتعرض 19000 آخرين للإصابة بجروح واعتقل أكثر من 42 الف شخص، وهو وضع لم تعرف له مصر مثيلا منذ منذ نصف قرن، ليس هذا فحسب بل تم تكميم الإعلام، وتحويل الإعلاميين إلى مجرد ابواق للانقلاب واعتقال الإعلاميين والصحفيين المستقلين مثل الزميل عبد الله الشامي الذي يعتقل من دون اتهام أو محاكمة منذ 10 أشهر، والذي يدخل إضرابه عن الطعام يومه 141 دون أي بادرة أمل للإفراج عنه، أو حتى منحه الحد الأدنى من الرعاية الطبية. إضافة إلى مصادرة المساجد والخطب وإقصاء "أهل الله" وتقريب "أهل الانقلاب" في بيوت الله، وهو حصاد لم يسبق السيسي أحد إليه في مصر.في عصر الانقلابي السيسي تحولت مصر إلى دولة مفلسة، وأعلنت السلطات الانقلابية استدانة 65.2 مليار جنيه من البنوك من أجل دفع الرواتب، وتمويل الحكومة ومؤسساتها، وهو مبلغ ضخم، وخسرت البورصة مليارات الدولارات خلال "العام الانقلابي" مما يضع الاقتصاد المصري كله على شفير الهاوية، وباتت مصر تبحث عن دول مانحة لإنقاذها من ورطتها المالية، مما يعني ازدياد معدلات البطالة والفقر في بلاد يطحنها الفقر أصلا ويعيش 40 في المائة من سكانها تحت خط الفقر المدقع حسب الإحصاءات الحكومية الرسمية.في "عام الانقلاب" انتشر الخوف، وبطشت القبضة الأمنية وازداد عنف البلطجية الذين يعيثون فسادا في الأرض، وعادت الدولة البوليسية من جديد لتضرب بكل قوة.. ويكفي الإشارة إلى أن "تتويج السيسي صاحبا لمصر" استدعى استنفار 25 ألف عسكري، ونشر قوات قتالية في قلب القاهرة، وتحويل محيط المحكمة الدستورية وقصري الاتحادية والقبة إلى قلاع أمنية محروسة بالأسلاك الشائكة والكلاب البوليسية والدبابات والمصفحات والمدرعات والمروحيات العسكرية والقناصة، وكان مصر في حالة حرب، وليس في حالة احتفال بتتويج "الرئيس"، وهذا يعبر عن الحال الذي وصلت إليه مصر."الرئيس المتوج بأصوات 8 % من المصريين" هدد "أن لا مصالحة" مع من تلطخت ايديهم بالدماء، وأن أولوياته هو "دحر الإرهاب" واستئصال الإخوان المسلمين ومن يرفض حكمه، وتعهد بإعادة بناء الجهاز الأمني وأعادته إلى سابق عهده، دون أن يقدم أي تعهد أو برنامج لانتشال المصريين من الفقر والبطالة والبؤس.الآن يحمل السيسي كومة الجمر في يده، فهو "رئيس بلا شرعية" يعتقل رئيس مصر الشرعي في السجن، ويرث شعبا مقسما ومنهكا، وخزائن خاوية، يرفض العالم التعامل معه على أنه رئيس "كامل الأوصاف".

2367

| 10 يونيو 2014

رجل أمريكا في ليبيا

لم تكد تخلص ليبيا المنكوبة بالعقداء، من العقيد معمر القذافي حتى طفا على السطح العقيد خليفة حفتر، الذي منح نفسه رتبة لواء، وبدأ بشن حرب من أجل "استئصال المجموعات الإرهابية" بشن غارات جوية على مواقع الثوار في بنغازي.يمكن التأكيد أن حفتر، صناعة أمريكية خالصة، فقد ترعرع في دهاليز المخابرات المركزية الأمريكية، سي أي إيه، وبدايته من "الحلم الأمريكي، كان بالهروب إلى تشاد، عندما كان ضابطا في قوات القذافي، وبدل أن يحارب من أجل استعادة الأرض الليبية التي احتلها التشاديون، هرب إلى العاصمة التشادية، نجمينا، ومن هناك قامت المخابرات الأمريكية، بنقله إلى واشنطن، وكونت له جيشا من أجل مقاتلة العقيد القذافي، وبقي هذا الجيش حبرا على ورق، ولم يستطع أن يفعل أي شيء ضد نظام القذافي، بل كان كل أعضائه يخافون على حياتهم من القتل والاغتيال، حتى وهم على بعد 5 كيلومترات من مقر "سي أي ايه" في فيرجينيا.العقيد حفتر، كان الورقة التي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية اللعب بها في ليبيا، وحاولت دمجه سياسيا وعسكريا في المشهد الليبي، إلا أنها فشلت بسبب رفض الثوار لحفتر الذي يعرفونه حق المعرفة، ويعرفون صلاته المخابراتية بالأمريكيين، وهذا ما دفع حفتر، ورعاته السياسيين والمالين بالطبع، إلى اللجوء إلى "الخطة ب" وهي الانقلاب على الوضع السياسي الهش، ومحاولة فرض واقع بالقوة هناك، تحت شعار "محاربة الإرهاب" وتخليص ليبيا من الإسلاميين، وهو ما يجد هوى عند الممولين الخليجيين والداعمين السياسيين من الجيران وقوى غربية.مشكلة حفتر، مثله مثل عسكر مصر الانقلابيين، أنه لا يستطيع فهم المعادلة القاتلة في ليبيا، وأنه لا يستطيع أن يقوم بانقلاب على "لا دولة"، فليبيا بلد بلا دولة ولا نخبة ولا قيادة ولا سياسة ولا سياسيين، لأن القذافي قام بتصحيرها على مدى 42 عاما، وتركها يبابا خرابا، بلا مؤسسات أو نخبة.أما التصدي لما سماه "المجموعات الإرهابية" فهذه حماقة ما بعدها حماقة لأن هذه "المجموعات الإرهابية" هي التي قاتلت القذافي على الأرض، وهي التي هزمته بمساعدة الطائرات الفرنسية المقاتلة، ولأول مرة في التاريخ الحديث قاتلت "هذه المجموعات الإرهابية" جنبا إلى جنب مع النيتو وعلى رأسه بالطبع فرنسا، ولذلك فهم أقوياء إلى درجة القذافي لم يستطع أن يصمد في وجههم، ومن المنطقي أن حفتر لا يمتلك ما كان يملك القذافي من قوات وعتاد، وهذا يجعل من حربه ضدهم خاسرة بكل المقاييس والمعايير.العقيد حفتر، القادم من مجاهل الغرب الأمريكي، يبدو أنه نسي الخريطة في بلاده، وبات يعتمد خرائط تأتيه من الخليج العربي وبعض الجيران، لخوض حرب عبثية، نتيجتها الوحيدة تدمير ليبيا المدمرة أصلا، وهو في حربه يعتمد على الاصطفافات القبلية التي كانت مؤيدة للقذافي، وعلى فلول القذافي، وعلى بعض القوى المدعومة من هذا الطرف أو ذاك، ونسي أن الاصطفافات القبلية في مواجهته لا تقل قوة وشراسة عن حلفائه، وأن القدرة على استخدام بعض الطائرات الحربية، التي تحتاج إلى عتاد وقطع غيار وتمويل، لا يعني القدرة على حسم الوضع على الأرض، وأن القتال ضد الإسلاميين، سيحول ليبيا إلى بؤرة لاستقطاب الإسلاميين من المغرب العربي ومصر وشمال وإفريقيا، وأن هذه الحرب لن تقف عند حدود ليبيا فقط بل، ستمتد إلى دول الجوار حكما، وهي ما سيحول ليبيا إلى "حريق" كبير لا يمكن إطفاؤه.لقد نجح الإسلاميون في ليبيا بتحييد القاعدة وإبعادها عن الساحة هناك، ولم يقاتل القذافي إلا إسلاميين ليبيين، ثبت أنهم أكثر قوة وعددا وأشد باسا ممن يعتقدون أنهم خبراء بالشأن الليبي، وهم قادرون على استدعاء "إخوتهم في الجهاد" لتحرير ليبيا من جديد، وهذا يعني نقل المعركة من مالي والجزائر والصومال إلى ليبيا، وبدلا من استئصال "المجموعات الإرهابية" ستنتشر الحرب في كل الأنحاء، وعندها لن ينجو أحد منها، لأن الحرب ستكون بين "المجموعات الإرهابية" و"أعداء الإسلام"، وهي حرب مفتوحة لا حدود لها.الحل المطلوب في ليبيا هو إبعاد حفتر إلى أمريكا، والضغط على واشنطن لترحيل "رجلهم من ليبيا، وتحميلها مسؤولية أفعاله، وقطع أيدي داعميه الماليين والسياسيين، وفضح القوى الداخلية والخارجية التي تحاول تدمير ليبيا، ومساعدة الليبيين على تشكيل حكومة توافقية تشارك فيها كل القوى والقبائل بدون استثناء، وغير ذلك فإن الحرب لن تتوقف حتى "استئصال ليبيا" على الطريقة السورية والعراقية.

751

| 08 يونيو 2014

alsharq
حدود العنكبوت

حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...

3858

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر.. وبعض الحلول 2-2

اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...

2211

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
العالم في قطر

8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...

2121

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
حين يصبح النجاح ديكوراً لملتقيات فوضوية

من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...

1308

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
الكفالات البنكية... حماية ضرورية أم عبء؟

تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...

954

| 04 نوفمبر 2025

alsharq
خطاب سمو الأمير خريطة طريق للنهوض بالتنمية العالمية

مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...

951

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
نظرة على عقد إعادة الشراء

أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...

942

| 05 نوفمبر 2025

alsharq
مِن أدوات الصهيونية في هدم الأسرة

ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...

882

| 02 نوفمبر 2025

alsharq
نحو تفويض واضح للقوة الدولية في غزة

تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...

879

| 03 نوفمبر 2025

alsharq
عمدة نيويورك

ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...

822

| 06 نوفمبر 2025

alsharq
الطاعة عز.. والقناعة غنى

الناس في كل زمان ومكان يتطلعون إلى عزة...

816

| 07 نوفمبر 2025

alsharq
المزعجون في الأرض 1-3

وجهات ومرافق عديدة، تتسم بحسن التنظيم وفخامة التجهيز،...

756

| 05 نوفمبر 2025

أخبار محلية