رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حصد التحالف الوطني للإصلاح، وعموده الفقري حزب جبهة العمل الإسلامي، 15 مقعدا من بين 130 في الانتخابات البرلمانية التي جرت الأسبوع الماضي، ولم تعلن نتائجها الرسمية بعد، وبذلك استطاعت جماعة الإخوان المسلمين الأردنية كسر الحصار المفروض عليها، وتوفير ممر آمن للعودة إلى صدارة المشهد السياسي، وإثبات أنها رقم يصعب تجاوزه في الحياة السياسية الأردنية. الإخوان المسلمون الأردنيون أجادوا اللعب باستخدام قواعد اللعبة التي فرضتها الحكومة، من خلال قانون "القائمة المفتوحة"، الذي لا يسمح إطلاقا، بتشكيل أي كتلة برلمانية قوية، فقد صمم لمنع أي فوز كبير لأي تكتل سياسي مهما كانت قوته في الشارع، لكن الإخوان المسلمين استغلوا هذا القانون عبر "لعبة الفك والتجميع" من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المقاعد، وهو ما حدث فعلا، ما منحهم 15 مقعدا برلمانيا، تشكل 12% من البرلمان.هذا الفوز للإخوان المسلمين يأتي بعد إنهاء مقاطعتهم للانتخابات، بسبب فرض الحكومة لقانون "الصوت الواحد"، الذي صمم لمنع فوز أي أغلبية إسلامية أو أغلبية أردنية من أصول فلسطينية، إلى قانون القائمة المفتوحة، وهو قانون لا مثيل له في العالم، فالنظم الانتخابية النسبية التي تعتمد القوائم، تكون مغلقة دائما، وبحد أدنى من الأصوات يطلق عليها "العتبة"، وهي 10% في تركيا، و5% في إيطاليا، وذلك من أجل ضمان فوز قوى سياسية جدية، وعدم تفرق الأصوات وتفتتها وتشتتها بطريقة تمنع وجود حكومة قوية ومستقرة، وبالفعل فإن البرلمان التركي يتقاسمه 4 أحزاب فقط.ولكن ورغم ذلك يبقى القانون الحالي أفضل قليلا من حيث الشكل على الأقل من القانون السابق "صوت واحد.. ناخب واحد"، وهو ما خلق حالة سيولة منعت تشكيل أي مجلس على أساس سياسي أو حزبي قوي. وأفرز دائما برلمانات ضعيفة، ونواب يعتمدون على الولاءات القبلية والعشائرية والجهوية والمالية والخدمية "نواب خدمات" بالدرجة الأولى، أو حتى بالدرجة الوحيدة.هذه المرة دخل الإخوان المسلمون الانتخابات، رغم عدم قناعتهم بعدالة قانون الانتخاب، من خلال "التحالف الوطني للإصلاح" الذي ضم مرشحين إسلاميين وغير إسلاميين ومسيحيين ونساء وشيشان وشركس، يمثلون الفسيفساء الأردنية بمختلف ألوان، الأمر الذي دشن خروج الإخوان المسلمين من دائرة "الأيديولوجيا" إلى دائرة "المصالح السياسية" التي كان على التوافق وليس التماثل.الحقيقة أن انفتاح الإخوان المسلمين على القوى السياسية الأخرى والمسيحيين والشيشان والشركس ليس جديدا، ولكنه جاء على قاعدة الشراكة الكاملة على البرنامج السياسي، وليس الإلحاق فقط، وهي نقلة نوعية عند الإخوان المسلمين إذا استمرت وأثبت الإخوان أن هذا التحالف "كيان إستراتيجي" وليس مجرد حركة تكتيكية عابرة.هناك العديد من الرسائل في فوز الإخوان المسلمين بهذا العدد من المقاعد، الذي يجعل منهم أكبر كتلة سياسية متماسكة داخل مجلس النواب، على رأسها؛ أن إقصاءهم من المشهد السياسي عملية مستحيلة، وأن محاولات كسر جماعة الإخوان المسلمين من خلال الانشقاقات فشلت، وأن البديل الذي رعته الحكومات مات سريريا وعمليا، والمقصود "جمعية الإخوان المسلمين" التي أسسها منشقون عن الجماعة، وأن الحصار المالي وتجميد أموال جماعة الإخوان المسلمين فشل بدوره في "تجفيف الموارد المالية".المهم في الأمر أن الإخوان المسلمون عادوا إلى البرلمان الأردني تحت لافتة "التحالف الوطني للإصلاح"، صحيح أن عددهم قليل، لكنهم يشكلون نواة صلبة في مجلس النواب، سوف يقلق أي حكومة مقبلة، بما يوفر للصحافة الأردنية، مادة خصبة وقوية ربما تسهم بزيادة مبيعاتها.الإخوان المسلمون "عفاريت" سياسيين، فهم قادرون على الدخول من الشقوق، حتى وإن أغلقت دونهم الأبواب والشبابيك.
853
| 25 سبتمبر 2016
كيف "طبخت" مبادرة "مصر .. وطن للجميع" او ما اطلق عليه الاعلاميون والناشطون "مبادرة واشنطن"، وهل للادارة الامريكية اي دور بهذه "الطبخة"؟ وكيف تورطت فيها اسماء لامعة مثل الدكتور سيف الدين عبد الفتاح؟ وهل تؤسس لحالة من التغيير في مصر يطيح بالانقلابي عبد الفتاح السيسي على اسس جديدة. القصة بدأت في باريس في يناير- كانون أول الماضي، عندما تم توجيه الدعوة لبعض النشطاء المصريين من اجل مناقشة "الربيع العربي"، ويقول مصدر، فضّل عدم ذكر إسمه، إنه شارك في اجتماع باريس من اجل مناقشة الاوضاع في مصر والعالم العربي في ضوء ثورة البوعزيزي في تونس وثورة يناير في مصر والثورات الاخرى في ليبيا واليمن وسوريا، وتم الحديث للمرة الاولى عن مؤتمر او ورشة عمل في امريكا لمناقشة الاوضاع في مصر.وبحسب المصدر، فإن ناشطاً في "حركة غربة" هو السيد احمد اسماعيل وجه لها الدعوة للمشاركة في هذه الورشة، و"حركة غربة" تضم عددا من الناشطين في امريكا من بينهم محمد شبير. ويضيف: تلقيت الدعوة بصدر رحب لانهم قالوا لي ان "الورشة" مفتوحة لكل الاطراف لمناقشة كل الاوضاع المتعلقة بمصر، وانه لن يتم استثناء اي تيار من التيار، وعلى هذا الاساس "وافقت على الاشتراك في الورشة لانني مع اي جهد ينحاز للناس وضد الانقلاب"، لكنني اعتذرت لهم عن السفر الى واشنطن، فتم الاتفاق على ان تكون المشاركة عبر "سكايب". وتابع (المصدر) "طلبت ان اتحدث عن الاختفاء القصري، لان هذه الظاهرة تحولت الى كارثة حقيقية في مصر".وكشف المزيد من التفاصيل ويقول: "ما فهمته انهم كانوا يريدون تجميع الصفوف وانشاء مظلة ضد الانقلاب، ولذلك قلت لهم ان اي جهد ضد الانقلاب نحن نباركه"، الا ان الامور بعد ذلك اخذت بعدا اخر لم اتوقعه، واعتبرت ان صدور وثيقة عن "الورشة" هو جهد يلقي حجرا في المياه الراكدة، واعتقد ان الموضوع اخذ اكبر من حجمه بسبب المكان لان الورشة عقدت في امريكا، فتخيل بعض الناس ان الامريكيين سيزيحون السيسي ويضعون هذه المجموعة مكانه". وعما اذا استغل منظمو الورشة واستخدموهم بطريقة ملتوية قال المصدر:" حدثت بعض الاشياء دفعتني للقلق، ما جعلني اضع علامات استفهام واثار عندي هواجس حتى قبل ان تصدر الوثيقة" وقلت " في شي مش مزبوط". واضاف: "لم يكن مطروحا ان نتحدث عن الهوية، فنحن اتفقنا ان نتحدث عن الوضع العام، وعن القواسم التي تجمعنا وعن الملفات الشائكة محل نظر، مثل ملف المعتقلين، ولم يكن هناك اي كلام عن "الهوية"، ولم يكن من المفروض ان نتحدث في اي شيء سوى كيف نتخلص من الانقلاب، فليس الوقت مناسيا لكي اناقش "صراع الهوية، فهذا ليس وقته، وقلت "ايه الكلام الفارغ ده اللي بيحصل". ويؤكد:" لم تصلني مسودة وثيقة المبادرة قبل ان اعلانها ولم تعرض علي، ولا اعرف لماذا اضافوا اسمي"، بل لم اتعرف على كل المشاركين في الورشة.ووجّه المصدر سهام نقده وقال بلهجة لاذعة: "محاولة الزج بالصراع على الهوية "والكلام الفارغ ده" ليست قصتي، انا من حزب الوسط، حزب مدني ذو خلفية حضارية اسلامية مثل ملايين المصريين والعرب، وليس لدي مشكلة مع الهوية والثقافة الاسلامية فهي جزء من مكوني ولا استطيع ان اتبرأ منه مهما كان. الثقافة الاسلامية متغلغلة في تكويني كعنصر موجود اتعايش معها واعيشها من زمان ولا مشكلة لي مع الهوية الاسلامية لانها جزء من مكوني كانسان". وقال "صراعي الوحيد مع الدكتاتورية العسكرية التي تحكمنا ويحكمنا الغرب من خلالها، وهذا لب الاستعمار الذي يحكمنا داخليا وخارجيا والتبعية للدول الكبيرة". المصدر المشار إليه، والذي استشاط غضبا مما جرى قال "قصتي قصة اخرى، اما ان يطرحوا صراع الهوية فهذا يجعل عندي هاجس معين ان "الناس دي لا تتحرك بعشوائية وهناك غرض لتفتيت الصف وليس تجميعه.. ليس لدي مشكلة هوية وليس لدي مشكلة مع كياني العربي وكياني الاسلامي وهذا ليس مجال صراع بل مجال اتفاق، هذه قناعاتي، الشغل ده شغل مخابراتي"، ويؤكد:"هذه المبادرة لا تمثل ولا تعبر إلا الأشخاص الموقعين عليها فقط، وانا لست من بينهم".ورشة أمريكا التي انبثقت عنها "مبادرة واشنطن" تحولت الى ازمة بدل ان تحل الازمة، وفرقت الصفوف بدل ان تلم شمل الجميع في مواجهة العسكر، واعطت الانقلابيين ذخيرة لم يكونوا يحلموا بها ضد معارضيهم.
347
| 23 سبتمبر 2016
أشعلت "مبادرة مصر.. وطن للجميع" أو ما سمي "مبادرة واشنطن" عاصفة من الانتقادات، وشن عدد كبير من المصريين هجمات شرسة على المبادرة وأصحابها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى درجة دفعت القائمين عليها لإنكارها أولا باعتبارها تسريبا غير صحيح، أو "تسريب فيه مغالطات"، ثم الإعلان رسميا عن المبادرة بعد إجراء تعديلات عليها. هذه المبادرة التي تضمنت 10 بنود، تحولت إلى تسونامي لأنها مست الهوية العربية والإسلامية للشعب المصري، وعمدت إلى "تشليح" مصر من عروبتها وإسلامها، فقد نصت المسودة المسربة من المبادرة في بندها الثاني أن "الهوية المصرية الجامعة بطبقاتها المتنوعة هي العامل المشترك الموحد لعناصر الشعب المصري" فيما نصت البنود الثالثة اللاحقة من الثالث وحتى الخامس على أن "السيادة والسلطة والشرعية من الشعب وللشعب وحده، ويحكم العلاقة بين قواه المختلفة دستور مدني والمساواة التامة بين كل المواطنين"، كما جاء في البند الثالث، ودعت في البند الرابع إلى "صياغة دستور مدني ينص صراحة على عدم تدخل الدولة في المؤسسات الدينية أو العكس"، أما البند الخامس فقد كان الأكثر تفجرا إذ نص على أن "الدولة لا هوية ولا مرجعية لها إلا مدنيتها. ولا مؤسسات دينية تابعة لها، بحيث لا يتدخل الدين في الدولة ولا تتدخل الدولة في الدين".بعد ذلك جاء الإعلان الرسمي عن المبادرة مع تعديلات ليست جوهرية بالطبع أبقت على البنود الثاني والثالث والرابع كما هي، مع تعديل البند الخامس ليصبح:"عدم تدخل الدولة في الدين وعدم تدخل المؤسسات والمنظمات الدينية في الدولة، سواء كانت مثل هذه المؤسسات والمنظمات رسمية أو غير رسمية، مع تجريم استغلال الدين بغرض الحصول على أي مكاسب سياسية أو حزبية، ولا تتدخل الدولة في حق الفرد في حرية العبادة وتقف على مسافة واحدة من جميع الأديان".هذه المبادرة حتى بعد التعديل الطفيف هي إعلان حرب على مصر والمصريين لأنها تنزع هوية مصر العربية الإسلامية وتلقيها في سرداب "هوية هلامية" غامضة، وهي أخطر من كل ما قاله الانقلابي عبد الفتاح السيسي، الذي لم يتجرأ، حتى الآن على الأقل، على إلغاء الهوية العربية والإسلامية لمصر، رغم أنه يفعل ذلك بدون إعلان طبعا.مبادرة "إلغاء الهوية العربية والإسلامية لمصر" لم تنبت في الفراغ فقد أعلن مصدر مقرب من القائمين على مشروع "مبادرة مصر.. وطن للجميع" إن ورشة "واشنطن" ضمن مجموعة من الورش والاجتماعات التي عُقدت في بعض الدول المختلفة، منها تركيا وأمريكا وقطر وبلدان بأوروبا، خلال الفترة الأخيرة شارك فيها عدد كبير من القوى والشخصيات الوطنية. وأن بعض القوى المدنية المصرية دعت إلى تكرار تجربة حركة النهضة التونسية، بفصل الدين عن الدولة".الأسئلة الهامة هي: كيف تم طبخ "مبادرة واشنطن"، ومن يقف وراءها؟ وما اللقاءات التي تمت في باريس وعواصم أخرى ومهدت للسفر إلى واشنطن؟ وهل ترتبط "ورشة واشنطن" التي صدرت عنها المبادرة ترتبط بجهات أمريكية، وهل تعامل بعض المشاركين على أن الولايات المتحدة تعد سيناريو جديدا لتغيير الأوضاع في القاهرة على غرار اجتماعات البرادعي وآخرين في واشنطن قبل انقلاب 30 يوليو 2013؟ وهل تورط بعض المشاركين في لعبة ليسوا طرفا فيها ولم يكونوا جزءا منها في الأصل؟ وهل تم خداع بعض المشاركين الذين لم يعلموا شيئا عن حقيقة ما يجري؟هذه الأسئلة وغيرها أجيب عنها بإذن الله في الجزء الثاني من المقال، وبمعلومات حصلت عليها من بعض المشاركين في "الورشة" التي أسفرت عن مبادرة تقول لا لهوية مصر العربية الإسلامية.
488
| 20 سبتمبر 2016
لطالما كانت الأشياء نسبية في الحياة، فكل ما على الأرض يحتمل الصواب والخطأ، وكل فكرة على وجاهتها حمالة أوجه، وهذا ما يجعل للكلمات معاني وتفسيرات، ويجعل للأفكار طرائق من الفهم، يختلف البشر عليها أو يتفقوا. بين هذه الثنائيات الكثيرة، يتسيد الأبيض والأسود، والخير والشر، والحرية والعبودية، والحقيقة والخيال، والحقيقي والمتخيل، إلى جانب ثنائيات أخرى لا تعد ولا تحصى، ولكن الثنائية الأكثر أهمية وانتشارا وتأثيرا تبقى ثنائية الكفر والإيمان، وهي ثنائية صبغت حياتنا البشرية منذ قديم الزمان، وكانت البشرية في حالة من الصراع بين الخير والشر، على اختلاف البشر في تعريف ما هو الخير وما هو الشر.وبعد ذلك انتقلت هذه الحالة إلى مرحلة جديدة هي، الصراع بين الكفر والإيمان، وبين الكفار والمؤمنين، واندلعت حروب طاحنة بين الطرفين، لا تزال تدور رحاها حتى الآن، وهي باقية إلى ما شاء الله.هذه الصورة المصغرة والمكثفة لواقع شديد التعقيد، تنقلنا إلى السؤال البدهي عن المرجعيات التي تحكم تعريف الأشياء، وعن الكيفية التي تمت بها بناء هذه الأشياء وتحويلها إلى واقع ملموس، أو مرئيات لا يمكن تجاوزها، يتصارع عليها البشر إلى درجة الإفناء في بعض الأحيان، ما يجعل منها محددات حقيقية لحقائق أو أوهام، تكلف البشرية الكثير من الأرواح والدماء والزمن، ما يدفعنا إلى محاولة البحث عن تعريف للأشياء أو تعاريف للمفاهيم، التي تستوطن الحالة الإنسانية جمعاء، أي إلى "البحث عن الحقيقة"، وهذا ما جعل الناس ينقسمون إلى ثلاثة أصناف بين من يرى الحقيقة في الفلسفة، ومن يراها في العلم، وآخرون، وهم الغالبية العظمى، يرونها في الدين.لقد فشلت الفلسفة تاريخيا بتقديم إجابات شافية على الأسئلة الوجودية للإنسان، واحتار العلماء في كيفية "تجريب ما لا يجرب"، ولم يبق غير الدين الذي قدم إجابات شافية للأسئلة الوجودية. إذا كان لكل إنسان معياره في الحكم، فإن علينا جميعا أن نتفق على معيار موحد، يقيم الحجة علينا جميعا، وهذا يدفعنا إلى البحث عن وحدة معيارية للأفكار، نقيس بها جودتها، وصحتها أو خطاها، وقد نجحت البشرية في اختراع قواعد للحكم على بعض الأشياء، مثل النصوص الأدبية، أو القصائد، والنثر والبلاغة، وغيرها من الفنون غير القابلة للقياس التجريبي في المختبر، كما نجحت البشرية في سن قوانين لتطبيق "ما يسمى العدالة" على الناس وبين الناس. وهي محاولات أفادت البشرية كثيرا. لكنها رغم ذلك بقيت موضع خلاف بينهم.لقد كانت هذه القواعد مجرد عمليات توافق بين البشر على "مفاهيم" معينة للعدالة والإبداع والجودة، وهي ليست بالمطلق صحيحة، بل ربما تكون صحيحة، وربما لا تكون على الإطلاق، ولكن البشرية، أو فئات منها اتفقت على اعتمادها مرجعيةً للاحتكام إليها، لفك الاشتباك بين ما هو مقبول وما هو مرفوض، وبين ما يعتبر خيرا وما يعتبر شرا، إلى آخر ما هنالك من تمايزات ثنائية.من يختار هذه القواعد المرجعية؟ ومن يفرضها؟ ومن يجعل منها قواعد مقبولة بين الناس، أو ما يطلق عليه "مجتمع"؟ هل هي النخبة أم العامة؟ الأكثرية أم الأقلية؟ الأقوى أم الأضعف؟ من يملك السلطة أم "الشعب"؟هنا يبدأ الاختلاف والاحتراب والقتل، وهنا تسيل الدماء أنهارا، لإثبات وجهات النظر، وهنا تتحول هذه الأفكار إلى ألغام متفجرة، لا تنتج إلا القتل والدمار، مرة باسم السماء، ومرة أخرى باسم العداء للسماء، الأمر الذي يشرع الأبواب أمام تساؤلات لا نهائية عن "المخبولين"، الذين يقودون العالم والإنسان، إلى الدمار الروحي والنفسي والأخلاقي والمادي.
408
| 18 سبتمبر 2016
واحدة من أخطر توصيات "مؤسسة راند" المرتبطة بوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، هي المطالبة بإقصاء الإسلام "المتطرف" من المناهج الدراسية في الدول العربية والإسلامية والاستعاضة عنه بــ "إسلام وسطي"، بشر به مؤتمر الجفري في الشيشان، ونزع "الألغام" الدينية من دروس اللغة العربية، وإلغاء "الآيات القرآنية" التي تحث على "الجهاد والكراهية" من مناهج التربية الإسلامية. بمعنى آخر المطلوب هو "تنظيف" العقل العربي من "التطرف" و"التطرف المحتمل"، وكل ما يؤدي إلى هذا التطرف.الحقيقة أن عددا من الدول العربية بدأت بتطبيق توصيات "راند" وغيرها من المؤسسات الغربية، بنشاط تحسد عليه، وكانت البداية من مصر التي عملت على تنظيف كل المناهج من التطرف ومن "الآيات القرآنية" غير المرغوب بها، وصولا إلى إلغاء مادة التربية الإسلامية بالكامل من المناهج الدراسية. يعني بدل استبدال آية هنا وحديث نبوي شريف هناك، "أخذوا الأمر من قصيره" وألغوا كل منهج الدين في الدراسة.في الأردن، هناك عاصفة كبيرة جدا حاليا على عمليات "التطهير" التي تتم في المناهج الدراسية، وهي عاصفة كبيرة أجبرت وزير التربية والتعليم، على تشكيل لجنة لدراسة الموضوع، بعد أن ثار الناس، بمن فيهم وزراء ونواب سابقون على العبث في المناهج الدراسية وتنظيفها من المفاهيم الإسلامية وإلغاء الحجاب في الدروس والاستعاضة عنه بصور نساء سافرات. هذا الأمر دفع الوزير والنائب السابق بسام العموش إلى الكتابة على صفحته على الفيس بوك: "نقول لكل من يحارب بالسلاح أو الفكر مجموعة إسلامية الساحة بينكم وبينهم. أما إذا كنتم تحاربون الإسلام نفسه فاعلموا أننا جميعا لكم بالمرصاد بأرواحنا ودمائنا وسيوفنا وأموالنا وأولادنا لأننا من دون الإسلام لسنا بشيء".وبادر حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني إلى الهجوم على التلاعب بالمناهج الدراسية من قبل الحكومة الأردنية. واعتبر الحزب هذه التغييرات "مساسا واضحا بتراثنا وقيمنا يقصد منه إبعاد الأجيال القادمة عن دينها وعروبتها وأصالتها وتاريخها وعاداتها وتقاليدها.. وإن مثل هذا التوجه مستنكَر ومرفوض".الجديد في القصة أنه نقل عن وزير التربية والتعليم الأردني محمد الذنيبات قوله: "إن التاريخ لن يرحمني إن لم أتخذ إجراءات تعيد الثقافة العربية الإسلامية إلى المناهج". وسارع إلى تشكيل لجنة لإعادة الأمور إلى نصابها قبل نهاية الشهر الجاري، وتعهد الذنيبات بتصحيح الأخطاء التي حصلت، وإعادة التوازن إلى المناهج على أسس عربية إسلامية تتوافق مع مجتمعنا الإسلام". قصة إقصاء الإسلام من المناهج الدراسية الأردنية أثارت الشعب الأردني كله، وأجبرت الحكومة على التراجع السريع أمام الهجوم الجاد. وسواء كان تراجع وزير التربية الأردني أمام هذه العاصفة الشعبية، حقيقيا أو تكتيكيا لامتصاص الهجمة، خاصة مع موسم الانتخابات النيابية، وتحول المناهج الدراسية إلى قضية انتخابية بامتياز، فإن هذا الأمر يكشف أن الضغوط الشعبية قادرة على عكس اتجاه الحكومات، وأنها غير قادرة على تنفيذ الأجندات الغربية التي يتبناها "قلة من العلمانيين" الذين يعملون كوكلاء محليين. لكن ما يجري في مصر والأردن وغيرهما من البلدان يكشف أن الهجمة على الإسلام مستمرة، وأن الإسلام هو المستهدف وليس شيء آخر، وهو ما يحتاج إلى تكاتف الجهود للتصدي له بكل قوة وصلابة وعزيمة وإرادة، فلا خير في الأمة إذا لم تدافع عن دينها.
375
| 16 سبتمبر 2016
قرار السلطة الفلسطينية وقف إجراء الانتخابات المحلية مؤقتا، يوجه صفعة كبيرة للحالة السياسية الفلسطينية، ويكرس حالة العبث التي تسود الوضع الفلسطيني بشكل عام، بعد أن تحول إلى معلب لعدد كبير من القوى الإقليمية والدولية. هذه الانتخابات التي كانت ستجري في الثامن من شهر أكتوبر المقبل في الضفة الغربية وقطاع غزة أوقفتها محكمة العدل العليا الفلسطينية بحجة أن القدس غير مشمولة في الانتخابات، وأن تشكل محاكم الاعتراضات والطعون في قطاع غزة لم يتم حسب الأصول.قرار وقف الانتخابات المحلية ليس قضائيا بل سياسي بامتياز، فهذه المحكمة التي قررت وقف الانتخابات مؤقتا هي نفسها التي ألزمت حكومة سلام فياض بإجراء الانتخابات عام ألفين واثني عشر في نفس الظروف السائدة حاليا في قطاع غزة والقدس، وبالتالي لا وجود لأي متغيرات سياسية أو ميدانية في المنطقتين، وهذا ما دفع حركة حماس إلى وصف القرار بأنه "مسيس" ويهدف لإنقاذ حركة فتح بعد سقوط عدد من قوائمها أمام لجنة الانتخابات والمحاكم الفلسطينية.لكن الأهم من موقف حماس هو ما نقل على لسان مصدر فتحاوي رفيع المستوى من أن "الإنذارات العربية المتتالية من الأردن ومصر والسعودية والإمارات للرئيس محمود عباس، بأن الانتخابات المحلية ستقود حماس مرة ثانية للسيطرة على الضفة الغربية، سيزيد الوضع الفلسطيني سوءًا وسيعمّق الانقسام، ويضعف فتح أكثر".إذن المسالة واضحة وهي أن هذه الدول العربية لا تريد انتخابات أخرى تفوز فيها حماس، لأن كل المؤشرات تدل على أن حماس هي الأقرب بالفوز بغالبية البلديات، أو بعدد كبير منها، في ظل عدم وجود منافسة حقيقية بسبب الصراعات التي تخيم على حركة فتح بين محمود عباس ومحمد دحلان، إضافة إلى الصراعات بين التيارات "المصلحية" المختلفة في الحركة.إجراء الانتخابات كان من شأنه توضيح صورة موازين القوى الشعبية على الأرض بين الفصائل المختلفة، وربما قاد إلى فتح طريق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، لكن ذلك لم يحدث ما يعكس حال الفشل السياسي الفلسطيني ويؤكد ارتهان الفلسطينيين حاليا لقوى خارجية، تحول دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الطبيعية في وطنه، وحق في الحرية والاستقلال وإقامة دولة مستقلة.باختصار إقدام سلطة محمود عباس على تأجيل الانتخابات المحلية الفلسطينية يعمل على تسميم الوضع الفلسطيني المسموم أصلا، ويعمق الصراع الفلسطيني – الفلسطيني ويفتح الباب للاحتراب الداخلي، ويمنع ضخ أكسجين ديمقراطي ضروري لإنعاش الحالة الفلسطينية.لقد تعامل الفلسطينيون بحماس كبير من هذه الانتخابات فقد تقدمت 874 قائمة للتنافس في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل منها 867 قائمة منها 87 قائمة في قطاع غزة، تتنافس لشغل 3818 مقعدًا في 416 مجلسًا بلديًا في مدن وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة.تخريب اللعبة الانتخابية هي الإستراتيجية التي اعتمدتها السلطة بعدما أيقنت أنها ستخسر الانتخابات في مواجهة حماس، وهي إستراتيجية للهروب من الاستحقاقات الداخلية والخارجية لسلطة رام الله وحركة فتح في الوقت نفسه، ودفع الحالة الفلسطينية كلها إلى الأسوأ من أجل التغطية على حالة الاهتراء التي تعيشها حركة فتح وسلطة رام الله وعجزها عن الحصول على الشرعية الشعبية الفلسطينية والاتكاء إلى شرعية مزيفة بفضل الاعتماد على قوى عربية ودولية، ما يعكس الوضع المأساوي الذي وصلت إليه سلطة عباس وحركة فتح.
308
| 11 سبتمبر 2016
العملاء فضيحة فهم لا يبقون شيئا إلا فضحوه إذا وقعوا، وهم لا أمان لهم في لحظة من اللحظات، إذا ضاقت الأنشوطة حول رقابهم، وهذا بالضبط ما فعله فاسيلي ميتروخين عميل جهاز المخابرات السوفيتي، اللاجئ في الغرب، الذي كشف عن معلومات ذات مصداقية، لعملاء للاتحاد السوفيتي السابق من بينهم محمود عباس، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة فتح، وكان لقبه "كروتوف" أي الخلند. المعلومات بثتها "القناة الأولى" الإسرائيلية، عن "ميتروخين" قوله: "إن عباس الذي كان عضو اللجنة التنفيذية في فتح عام 1983 ومركزه دمشق، قد تعامل مع الكي جي بي"، وجاء في تقرير القناة "أن وثائق ميتروخين يعتبرها مسؤولو الأجهزة الأمنية الغربية ذات مصداقية وأنها ساعدت في الكشف عن مئات العملاء في الغرب".بالطبع لا أثق بالقناة الأولى الإسرائيلية، ولا أثق بالإعلام الإسرائيلي كله، واعتبره إعلاما مغرضا وكذابا وجزءا من المنظومة الصهيونية وأداة من أدوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو إعلام العدو، وليس أي شيء آخر. وفي مقابل ذلك فإن كل المعلومات التي كشفها العميل السوفيتي السابق ثبتت صحتها، وتم التأكد من صدقية الأسماء التي سبق وأن كشف عنها في الغرب، وهو يقود بالتالي إلى صدقية المعلومات المتعلقة بمحمود عباس.ولكن بعيدا عن المخابرات والعملاء والجواسيس وخفافيش الظلام وأبناء الليل، وغير ذلك من المسميات، فإن ما قام به محمود عباس في خدمة الكيان الإسرائيلي، يوجب على هذا الكيان نحت نصب له في تل أبيب، فقد تنازل عن الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني، وتنازل عن حقه في أرضه التاريخية، وتنازل عن حق عودة الشعب الفلسطيني إلى فلسطين، وتنازل عن الكفاح المسلح، وتحول إلى منسق أمني للاحتلال الإسرائيلي، وشتم المقاومة الفلسطينية وعمل ضدها بكل جد، وتحالف مع الأنظمة العربية الدكتاتورية المعادية للثورات التي تنادي بالحرية والعدالة، ووصف المقاومين الفلسطينيين بالإرهاب، وأخطر من ذلك أنه تنازل عن الرواية الفلسطينية عندما قبل "بيهودية إسرائيل"، وهذا القبول يعني أن الشعب الفلسطيني محتل لأرض "إسرائيل" وأن الفلسطينيين "معتدون وإرهابيون"، وعليهم بالتالي الخروج من "أرض اليهود"، وتعويض اليهود الصهاينة عن "الاحتلال الفلسطيني الطويل لفلسطين".ادعاءات أن محمود عباس ميرزا عميلا لجهاز المخابرات السوفيتية "كي جي بي"، يجب أن تخضع للتحقيق، ويجب دراسة كل الوثائق، حول تورطه بالعمل لجهاز مخابرات أجنبي، وهي قضية كبيرة جدا.ولكن رغم خطورة اتهام عباس بالعمالة لجهاز مخابرات أجنبي، فإن ما قام ويقوم به على الأرض أخطر بكثير، لأن ما يقوم في فلسطين حاليا، يدمر الجغرافيا والديمغرافيا والوجود الفلسطيني نفسه، يدمر الحاضر والماضي والمستقبل، هو يعمل تماما مثل "الخلند" الذي يحفر تحت الأرض.. وهذا ما يجعل من "كروتوف" خطرا وجوديا على الشعب الفلسطيني لا بد من التصدي له.
1914
| 09 سبتمبر 2016
ألقى "مؤتمر الشيشان" صخرة كبيرة في بركة راكدة من الأفكار والعقائد والأيديولوجيات، لأن العنوان العريض لهذا المؤتمر هو تعريف من هو المسلم تحت عنوان "من هم أهل السنة؟"، وهو سؤال كبير وخطير، وإذا ترك فربما يحدث انشقاقا تاريخيا كبيرا يماثل الانشقاق الذي حدث بين ما يسمى "السنة والشيعة". أريد أن أقرر منذ البداية أنني ضد استخدام مصطلح "السنة"، لأنني لا أعتقد أن هناك مسلما سنيا ومسلما غير سني، فالمسلم هو المسلم، وكل مسلم يقر بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأي شخص لا يقر بالسنة النبوية لا يمكن اعتباره مسلما.مصطلح "سني"، ليس أكثر من مصطلح سياسي، استخدم في إطار الصراعات السياسية التي تم استخدام الدين الإسلامي فيها ببراعة وخبث منقطع النظير، وهو مصطلح لم يستخدمه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا خليفته أبو بكر الصديق ولا أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، ولا الخليفة الراشد عثمان بن عفان، رضي الله عنهم أجمعين، فالرسول الكريم قال "تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنة نبيه"، ومن هنا فإن التمسك بأقوال وأفعال الرسول وما أقر عليه أهل بيته، يعتبر جزءا لا يتجزأ من العمود الفقري للإسلام، وما عدا ذلك زيغ وضلال، والأمر لا يحتاج إلى فلسفة ولا تنظير، لأنه واضح وضوح الشمس، وعلى هذا الأساس، فإن كل من ينفي أو ينكر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو "كافر" لا مراء في ذلك.لن أدخل في لعبة التكفير، فهذا أمر لا يعنيني، وما يعنيني هو ضبط المصطلح، وإلا لأصبحنا مثل اليهود الذين نحوا التوراة جانبا واعتمدوا "التلمود" الذي كتبه أحبارهم، وبالتالي تحولت اليهودية من "التوراة" إلى "التلمود"، ومن موسى عليه السلام إلى الحاخامات، ضلوا وأضلوا وزاغوا عن الطريق وعبدوا العجل، بدل أن يعبدوا الله.مؤتمر الضرار في الشيشان لا يخرج عن هذا المضمار، فقد عمد المشاركون فيه منح أنفسهم حق تعريف "من هو المسلم"، ووضعوا تعريفا يخرج أهل الإسلام من الإسلام، وهو ضلال ما بعده ضلال، وهو أسسوا لحالة تعطينا الحق أن نعيد تعريف من هم المسلم، بنفس المعايير والمقاييس التي استخدموها لنخرجهم من دائرة الإسلام، وهو أمر سهل وميسور، من الناحية النظرية الأكاديمية، ومن الناحية العملية التطبيقية.لعبة "مؤتمر الشيشان" خطرة لأنها تشعل نارا ربما تدوم ألف عام، كما هو الحال بين المسلمين والشيعة، وهي على أي حال "لعبة سياسية" أكثر منها دينية، تندرج في إطار النزاعات القائمة حاليا، بين الفرقاء المختلفين، ولعبة التكفير والإخراج من الملة إذا بدأت فلن تتوقف أبدا، وستتدحرج مثل كرة النار، وستأكل الأخضر واليابس.لن أعود إلى التاريخ وكيف ركب العباسيون "الدعوة الشيعية" من أجل الإطاحة بـ"الدولة الأموية"، ولا كيف بنيت الدولة الأموية إثر صراع للثأر لمقتل عثمان رضي الله عنه، وكيف ركب الأمويون على "مطالبات" استخدمت استخداما سياسيا خطرا من أجل السيطرة على السلطة، وعلى أي حال التاريخ طويل وممتد وفيه الكثير من العبر والنظر أيضا.مؤتمر الضرار في الشيشان، يؤسس لحالة من الصراع المرير الذي سينفجر في لحظة من اللحظات، وأعتقد أن من نظم هذا المؤتمر المشؤوم يعي تماما هذا النهايات، ويعي أن الانفجار العقائدي إن حصل فإنه أشبه ما يكون بالقيامة الصغرى.ردود الفعل على مؤتمر الضرار في الشيشان حتى الآن "ساذجة وتبسيطية"، وهي تماثل ردود الفعل التاريخية التي أدت إلى انتشار التشيع بل وأديان أخرى، وصلت إلى درجة حكم نصف العالم الإسلامي.لابد من اجتثاث مؤتمر الضرار في الشيشان تماما، كما اجتث الرسول صلى الله عليه وسلم معبد الضرار الخاص بالمنافقين والذين أطلقوا عليه اسم "مسجد"، ولولا ذلك لأسس المنافقون بؤرة لتخريب الإسلام والعقيدة الإسلامية، وهو ما ينطبق على "مؤتمر الشيشان" جملة وتفصيلا.
462
| 07 سبتمبر 2016
انتقل الهجوم على الإسلام من الخفاء إلى العلن، ومن الرمزية إلى الوضوح، من التستر وراء الكلمات إلى التعبير المباشر الفج، وانتقل الهجوم إلى العقيدة الإسلامية نفسها من الخارج إلى الداخل، لإعادة تعريف من هو المسلم. هذا الوصف ينطبق تماما على المؤتمر الذي عقد في العاصمة الشيشانية جروزني من 25-27 من أغسطس الماضي، تحت عنوان: "من هم أهل السنة والجماعة؟ بيان وتوصيف لمنهج أهل السنة والجماعة اعتقادًا وفقهًا وسلوكًا، وأثر الانحراف عنه على الواقع"، والذي نظمته ورعته ومولته "مؤسسة طابة" التي يقودها الحبيب الجفري، ومقرها في أبو ظبي، ومؤسسة دعم الثقافة الإسلامية والعلم والتعليم، بالتعاون مع صندوق أحمد قديروف، الرئيس الشيشاني الذي عينه الرئيس بوتن، وجرى اغتياله فيما بعد، وهو والد الرئيس الحالي رمضان قديروف، الذي ترأس المؤتمر وشارك فيه 200 رجل دين من أنحاء العالم على رأسهم شيخ الأزهر أحمد الطيب.لن ألجأ للاجتهاد الشخصي، بل سأورد فقرات من البيان الختامي، الذي وافق عليه جميع الحاضرين، بما فيهم شيخ الأزهر نفسه. يقول البيان الختامي ما نصه: " في الوقت الذي تشتد فيه فتن كثيرة تعصف بالأمّة وفي ظل محاولات اختطاف لقب "أهل السنة والجماعة" من قبل طوائف من خوارج العصر والمارقين والعابثين بالشريعة المطهّرة الذين تُسْتَغل ممارساتهم الخاطئة لتشويه صورة الدين الإسلامي، خَلُص المؤتمر إلى أن "أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية ومنهم أهل الحديث المفوضة" في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علمًا وأخلاقًا وتزكيةً على مسلك الإمام الجنيد وأمثاله من أئمة الهدى، وهو المنهج الذي يحترم دوائر العلوم الخادمة للوحي".ويتابع البيان الختامي: "تكرر عبر التاريخ هبوب أمواج من الفكر المضطرب والمنحرف، الذي يدعي الانتساب إلى الوحي الشريف، ويتمرد على المنهج العلمي الصحيح ويروم تدميره، ويزعزع أمن الناس واستقرارهم، وكانت أولى تلك الموجات الضالة الضارة، الخوارج قديما، وصولا إلى خوارج العصر الحديث من أدعياء السلفية التكفيرية، وداعش ومن سار على نهجهم من التيارات المتطرفة والتنظيمات المُسيَّسة التي يعتبر القاسم المشترك بينها هو التحريف الغالي والانتحال المبطل، والتأويل الجاهل للدين، ما ولَّدَ عشرات من المفاهيم المضطربة المغلوطة، والتأويلات الباطلة التي تناسل منها التكفير والتدمير، وإراقة الدماء والتخريب، وتشويه اسم الإسلام، والتسبب في محاربته والعدوان عليه".ثم يقرر بيان الشيشان الهدف من المؤتمر ويقول: "يأتي هذا المؤتمر ليكون بإذن الله نقطة تحول مباركة لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم "أهل السنة والجماعة" إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصرِه على أنفسهم، وإخراج أهله منه، وذلك من خلال تفعيل المنهج العلمي الرصين الأصيل الذي تبنته مدارسنا الكبرى التي تمثل صِمَام الأمان في تفكيك أطروحات التكفير والتطرف"، ويدعو إلى نشر "العلم الآمن"، عن طريق إنشاء قناة تلفزيونية في روسيا توصل صورة الإسلام المعتدل، وتحارب التطرّف والإرهاب. والاهتمام بقنوات التواصل الاجتماعي، وتأسيس مركز لرصد ودراسة الفرق المعاصرة، وإنشاء قاعدة بيانات لتنفيد الفكر المتطرف وتشريع قوات تفرض "الإسلام الوسطي"، وتجرم التحريض على الفتنة والاحتراب الداخلي والتعدي على المؤسسات". هذا هو النص كما ورد في بيان مؤتمر الشيشان، وهو يحمل دعوات خطيرة جدا، بل من أخطر الهجمات التي تعادي العقيدة الإسلامية الصافية السمحاء، وهي دعوة تخرج غالبية المسلمين من الإسلام، ولا تبقي إلا على أتباع أصحاب المدارس الفكرية أو الفقهية كما هو واضح في نص البيان الخطير، والذي يشكل "خطرا وجوديا" على العقيدة الإسلامية، التي تمثل الإسلام، والتي ندين بها.المؤتمرون في الشيشان، كما يقول بيانهم: "يريدون إنقاذ العقيدة من المنحرفين الذين اختطفوا "الإسلام والعقيدة الإسلامية"، وإنقاذ الوحي من المتمردين على المنهج الصحيح الذين يزعزعون امن الناس واستقرارهم "خوارج العصر الحديث من أدعياء السلفية التكفيرية"، ومن سار على نهجهم، لأنهم محرفون وغلاة ومبطلون ومنتحلون وجاهلون بتأويل الدين.هذا الهجوم الخطير على العقيدة الإسلامية تحت يافطة الهجوم على "أدعياء السلفية" يجب ألا يمر مرور الكرام، ورغم تبرؤ الأزهر فيما بعد من بيان الشيشان، فإن ذلك لا يغني شيئا، فهذا المؤتمر كشف المؤامرة الكبرى ضد الإسلام والعقيدة الإسلامية وكشف المتآمرين، وعلى رأسهم الحبيب الجفري الذي أعلن أن "الخطوة القادمة بعد مؤتمر أهل السنة في الشيشان هي مؤتمر منطلقات التكفير السبعة التي بُني عليها فكر القطبيين ومن تفرع عنهم من القاعدة وداعش". وهذا يعني أن مؤتمر الشيشان هو سهم من السهام الموجهة إلى الإسلام وأهله، وهو ما ينبغي مواجهته بعزم وإصرار وصلابة دفاعا عن العقيدة الإسلامية الصافية التي بعث بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
3789
| 04 سبتمبر 2016
نجح قائد تنظيم الدولة الإسلامية، أبوبكر البغدادي بإخراج زعيم تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري عن طوره، ودفعه إلى استخدام لغة غير مسبوقة، وهاجم قائد تنظيم الدولة بضراوة، ونعته بالكذاب والغادر والمفتري ومثير الفتن والناكث للعهد، وبأنه لا يصلح للولاية الشرعية، وبأنه قائد لزمرة من "الخوارج الجدد"، وبأن تنظيمه خنجر في ظهور المجاهدين. بل ذهب الظواهري أبعد من ذلك عندما شكك بالبغدادي وارتباطاته المشبوهة وقال:"إن تنظيم الدولة عطل زحف المجاهدين نحو دمشق، وساعد نظام الأسد على استعادة بعض المناطق التي خسرها لصالح المجاهدين". لم نعتد على مثل هذا الغضب العارم من قبل الدكتور الظواهري، وهو المعروف بصبره وهدوئه، وعدم استخدامه لهذه اللغة ضد أي فصيل إسلامي، وهذا يعني أنه وصل إلى "مرحلة المفاصلة الكاملة"، ورفع الغطاء بشكل كامل عن البغدادي الذي وصفه بأنه يقود زمرة من "الخوارج الجديد"، واعتبر أن ما أحدثه إبراهيم البدري، وهو الاسم الحقيقي للبغدادي وزمرته جرمية مضاعفة، و"كشف كل ما في قلبه فكفر قيادة القاعدة وجبهة النصرة، بل وكل من يقاتلهم وكأنهم أنبياء يكفر من يقاتلهم، وأعطى جنوده إجازة مفتوحة بالإفساد، فكل من يتصدى لعدوانهم فهو كافر". واتهمه بالتآمرقائلا :"كان البدري وزمرته خنجرا في ظهر المجاهدين فأخروا جهادهم في الشام ومكنوا بفتنتهم أعداء الإسلام من استعادة بعض ما فقدوه وعطلوا زحف المجاهدين نحو دمشق".. واتهم الظواهري البغدادي بالغدر قائلا: "اليوم تبيع أمريكا وحليفاتها عراق الخلافة للصفويين الروافض الذين يستولون على مناطق أهل السنة وإخوانهم في الشام لا يستطيعون أن يمدوا لهم يد العون لأنهم يخشون من غدر خوارج البدري الجدد وإجرامهم"، وقال:" كنا نناصحهم في السر وكان ما يقلقنا في العراق لا نستطيع التأكد منه ولكن لما حصلت فتنتهم في الشام انكشفت لنا الحقيقة البشعة المخيفة، فقد جاءتنا الشهادات المتواترة من إخواننا الذين أرسلناهم للشام ومن إخواننا الثقات القدامى ومن غيرهم". ووصف تكفير البغدادي لقيادة القاعدة بأنه تكفير "سياسي انتفاعي مصلحي للاستئثار بالسلطة والاستفراد بالملك على مذهب "كفر لتفجر لتستأثر".. وكشف الظواهري أن البغدادي طلب منه النزول عند رأيه، وأن تأخره عن ذلك "سيؤدي لسكب المزيد من الدماء". بالعودة إلى الجذور، نجد أن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ظهر إلى الوجود في التاسع من أبريل 2013، وأعلن خلالها البغدادي دمج "جبهة النصرة في سوريا مع الدولة الإسلامية في العراق، الأمر الذي رفضته "جبهة النصرة"، التي أعلنت ولاءها لزعيم تنظيم القاعدة، على لسان أميرها محمد الجولاني، وبعد شهرين، وتحديدا في 9 يونيو 2013، أعلن زعيم الظواهري حلّ "دولة العراق والشام الإسلامية" مع بقاء كل من "جبهة النصرة" في سوريا، و"دولة العراق الإسلامية" في العراق، إلا أن البغدادي رفض ذلك واتهم "الظواهري" بأنه من "القاعدين والمتخاذلين وأصحاب الهواء العاجزة أبصارهم". حاليا لم يبق أي غطاء إسلامي لتنظيم الدولة الإسلامية، أو البغدادي، فالظواهري طرده تماما من حظيرة القاعدة، وصنفه عدوا للإسلام والمسلمين عندما نعته بالخيانة والغدر، وبأنه من "الخوارج الجدد"، وهذا المصطلح يخرج "تنظيم الدولة" من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر. لا شك أن الضربة التي وجهها زعيم تنظيم القاعدة للبغدادي وتنظيمه تعتبر الأشد فتكا، فهي طعنة نجلاء في مقتل، وتأتي في أعقاب آراء مشابهة لكل من منظر التيار الجهادي أبومحمد المقدسي، والقيادي الجهادي أبوقتادة. البغدادي خسر معركة الشرعية والغطاء الإسلامي، وبات منبوذا من قبل القيادات الجهادية الإسلامية وعلماء المسلمين، وسيضطر تنظيم الدولة المعروف إعلاميا باسم "داعش"، إلى القتال من أجل استرجاع شرعيته الإسلامية التي سحبها منه الظواهري والمقدسي، وهو أمر صعب المنال، إن لم يكن مستحيلا، نظرا لثقل الاتهامات التي كالها الظواهري له ووضعه خلالها في خندق واحد مع نظام الأسد. وعلى ما يبدو فإن الفن الوحيد الذي يتقنه البغدادي هو "صناعة الأعداء" والتورط في حروب عبثية مهلكة للثوار والمجاهدين الذين يقاتلون من أجل الحرية.
1558
| 02 سبتمبر 2016
في سوريا الحديثة التي حكمتها عائلة الأسد، لم تتوقف المجازر يوما، من مجزرة جسر الشغور ومجزرة سجن تدمر ومجزرة حماة التي قتل فيها حافظ الأسد أكثر من 42 ألف سوري خلال 21 يوما فقط، أي أنه كان يقتل 2000 إنسان يوميا في المعدل. بعد ذلك سار بشار الأسد على خطى والده في القتل وسفك الدماء، حتى بلغ عدد القتلى الآن أكثر من مليون إنسان، في واحدة من أكبر المجازر التي عرفتها البشرية، ولم يقف الأمر عند هذه الحد، فقد لجأ نظام الأسد الإرهابي إلى محاصرة المدن والقرى، حصارا خانقا، وقطع الماء والغذاء والدواء عنها وقصفها بالبراميل المتفجرة والصواريخ والقنابل العنقودية والفسفورية والغازات السامة، وتخريب الأراضي الزراعية وحرق المزروعات وقت الحصاد. لقد مارس نظام الأسد الإرهابي، ويمارس، القتل الجماعي من دون محاسبة، ويمارس التجويع حتى الموت كما حدث مع مدينة داريا التي كان يسكنها ربع مليون سوري، ولم يبق فيها سوى 5 آلاف، منهم ألف مقاتل فقط. فرض على داريا الحصار والتجويع منذ عام 2012، وقصفها بكل أنواع الأسلحة، وأمطرها بآلاف البراميل المتفجرة، وفصلها تماما عن المدن المجاورة، خاصة معضمة الشام، وأصر على أن الحل الوحيد هو تهجير أهلها بالكامل، وتفريغها من السكان، وهددهم بالإبادة الكاملة إذا لم يرحلوا. صمدت "داريا" التي يطلق عليها "أيقونة الثورة السورية" 4 أعوام كاملة، وكبدت ميليشيات الأسد والميليشيات العلوية والشيعية وعناصر حزب الله أكثر من 5000 قتيل على مدى 4 سنوات، اعترف نظام الأسد بمقتل 1500 من ميليشياته فقط، إلا أن تدخل الطيران الروسي، وإمطار المدينة المحاصرة، بآلاف الصواريخ، وحرق وهدم كل شيء فيها، أجبر الثوار على قبول المغادرة مع عائلاتهم، وترحيل 4000 من المدنيين إلى مناطق أخرى، لأن نظام الأسد والإيرانيين وحزب الله رفضوا الإبقاء على مدني واحد في المدينة. لقد خذل العالم والعرب سكان داريا التي دمر نظام الأسد وإيران وروسيا وحزب الله أكثر من 80 في المائة من مبانيها، وضربوا بنيتها التحتية ما أدى إلى انعدام جميع مقومات الحياة فيها، ونفذ الغذاء ولم يتبق أي ماء صالح للشرب، ورغم كل ذلك صمدت في وجه الحملات البربرية الأسدية والإيرانية، العلوية الشيعية، حتى أطلق عليها تحالف الشيطان أسماء مثل "مثلث برمودا"، و"الثقب الأسود" و"مقبرة الدبابات". "داريا" التي صمدت في وجه البربرية والوحشية والحقد، مثال على البطولة، ولكنها مثال على الخذلان العربي للأبطال، ومثال على دناءة روسيا ونظام الأسد وحزب الله وإيران الذين ينفذون مخططا لإنشاء كيانا علويا، باسم "سوريا المفيدة" وهو كيان لا يمكن أن يرى النور إلا إذا تم تغيير الوضع الديمجرافي وترحيل "السوريين المسلمين" غير المرغوب بهم، وتوطين العلويين والشيعة فيها، وهو مخطط يجري تنفيذه يوميا في سوريا.
622
| 30 أغسطس 2016
لم يتردد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالقول إن عملية "درع الفرات" في سوريا تهدف إلى إنهاء المشاكل على الحدود التركية، وتستهدف تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والمقاتلين الأكراد، والتأكيد أن "تركيا لن تسمح بفرض أي أمر واقع في سوريا". وكتب وزير خارجيته على حسابه الرسمي على تويتر: "لا نريد مكافحة البعوض، هدفنا هو إزالة المستنقع والقضاء على التهديدات ضد تركيا"، وهو ما رد زعيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري، صالح مسلم، في تغريدة على موقع "تويتر" على هذه التهديدات بقوله: "إن تركيا ستخسر في "مستنقع" سوريا كتنظيم الدولة". تأكيدات الرئيس أردوغان أن بلاده "لن تسمح، لروسيا وأمريكا وإيران، بفرض أي أمر واقع في سوريا"، أثارت عددا كبيرا من ردود الفعل المؤيدة للعملية العسكرية التركية في العواصم الغربيةـ أبرزها مسارعة الجانب الأمريكي، وعلى لسان نائب الرئيس جو بايدن إلى طمأنة أنقرة، أن واشنطن أبلغت الميليشيات الكردية عدم العبور إلى غرب الفرات حيث تقع جرابلس، وأن تنسحب إلى شرق النهر كما دعاها إلى الانسحاب من مدينة منبج، بعد أن كان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد أبلغ نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، قبل ذلك، بأن "وحدات حماية الشعب الكردية السورية تتراجع إلى شرق نهر الفرات". لا شك أن دخول الدبابات التركية إلى شمال سوريا، والسيطرة على مدينة جرابلس الإستراتيجية، والبدء بتوسيع العملية العسكرية لتشمل مدنا أخرى، تبدأ أنقرة برسم خطوط جديدة لتغيير قواعد اللعبة هناك، سواء كان ذلك بالتوافق مع روسيا أو أمريكا أو من دون رضاهما، بعد أن وصل أردوغان إلى نتيجة مفادها أن اللعبة الإقليمية والدولية في سوريا تجري من دون أخذ المصالح التركية بعين الاعتبار، وبطريقة تشكل تهديدا وجوديا للدولة التركية ووحدة أراضيها ونسيجها الاجتماعي. لطالما أرادت أنقرة فرض منطقة آمنة في شمال سوريا، لكن أمريكا والغرب وروسيا عارضوا التوجه التركي، ولم يكن بإمكان الحكومة التركية معاكسة الجميع مرة واحدة، ذلك أن فرض منطقة آمنة من طرف واحد، يعني إمكانية الدخول في صراع مباشر مع أكثر من طرف. فشل هذه المحاولة الانقلابية كان هدية من السماء للرئيس أردوغان، لأنها أطلقت يده من أجل "تطهير" تركيا من الانقلابيين، ومن عناصر جماعة فتح الله جولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، ومكنته من "تنظيف" المؤسسة العسكرية من كل العناصر الانقلابية، وإزاحة الجيش من المشهد السياسي تماما ووضعه تحت إمرته، أي أنه نجح "بقصقصة" أجنحة العسكر الطامحين إلى السلطة دائما، كما أن هذه الهدية السماوية منحته القوة والفرصة لطرد كل العناصر "الجولانية" من المؤسسات والوزارات الحكومية، وبالتالي فقد منحته من السلطة والنفوذ الداخلي، ما لا يستطيع أن يشتريه بكل أموال تركيا. أما على الصعيد الخارجي، فقد اتهم الرئيس أردوغان الغرب، بدعم المحاولة الانقلابية الفاشلة أو التعاطف معها أو السكوت عنها، مما أثار غضبه وغضب كل الأتراك معه، وتوعد في خطاب ألقاه في خضم المحاولة الانقلابية الفاشلة بأن "قواعد اللعبة" ستتغير داخل تركيا وخارجها، وكان يعني بذلك سوريا على وجه التحديد، وهو ما جعل العواصم الغربية في حالة دفاع عن النفس في مواجهة "الرئيس العنيد" كما تصفه، وسارعت هذه العواصم إلى محاولة التخفيف من غضبة أردوغان بتأييد التدخل العسكري التركي في سوريا. المغامرة التركية في سوريا لا تزال في بدايتها، بعد أن قررت أنقرة أن تكون لاعبا على الأرض، وعدم الجلوس على مقاعد المتفرجين، أو الداعمين لهذا الطرف أو ذاك من بعيد.
505
| 26 أغسطس 2016
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6621
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6483
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
3264
| 23 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2616
| 28 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1890
| 23 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
1797
| 30 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1698
| 26 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1500
| 27 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1059
| 24 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1014
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
1005
| 24 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
990
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية