رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أهم المشاكل البطالة و الزيادات السكانية وضعف النمو يخطئ من يعتقد أن وراء الانتفاضات العربية أسبابا سياسية فقط مرتبطة بمصالح وتحديات قوى الداخل والخارج. فالحريات والديمقراطية وحقوق الشعب هي في غاية الأهمية لكنها ناقصة أو غائبة عربيا منذ زمن طويل. طبعا، وجع الشعوب زاد مع الوقت وطال الانتظار لتطبيق الإصلاحات الموعودة التي بقيت في معظم الأحيان حبرا على ورق. هنالك أنظمة عربية عديدة وضعت نفسها خطأ في زاوية قاتل أو مقتول، وهذا عجيب وغير منطقي إذ في السياسة ليس بالضرورة أن يكون هنالك دائما خاسرا ورابحا. يمكن للأنظمة العربية أن تصل إلى حلول وسطى بالتعاون والحوار مع المعارضة برعاية إقليمية أو دولية. لا يمكن لأي حكم في عالمنا اليوم، مع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، أن يستمر طويلا عبر القمع والعنف. ما هي لذة الحكم والحكومة بل جدواهما إذا ارتكزا على جثث الشعب والقمع؟ فمن يحكمون؟ ما هي أهداف هذا الحكم؟ وحدهما الحوار والتعاون يوصلان إلى النتائج الفضلى. الحوار ليس سهلا وهو عملية مستمرة في كل المجتمعات ويتطلب الصبر وحسن النية والكثير الكثير من الأفكار الجيدة الخيرة. من الناحية الخارجية، طبعا هنالك مصالح دولية وإقليمية تريد إحداث التوتر بل المشاكل في العالم العربي. إلا أنها لا يمكن أن تنجح لولا وجود ظلم مزمن، وبالتالي نعود إلى ضرورة حل المشكلة الداخلية بحيث يفشل الخارج عندها في التحريض على الفوضى. هنالك خلل سياسي كبير وأكيد في عالمنا العربي، وهذا الخلل ربما هو الأعلى والأخطر حاليا عالميا. أيضا، لم نستطع كمجتمعات عربية أن نعالج القضايا الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية رغم وجود ثروات كبرى في المنطقة وطاقات بشرية لم يحسن استغلالها وتوظيفها في العديد من الأحيان. بقي العالم العربي عموما متخلفا في معظم المؤشرات الاجتماعية والإنسانية وهذا غير مقبول. في مؤشرات التنمية الإنسانية وضمن الدول الخمسين الأولى، هنالك 4 دول عربية فقط هي الكويت والبحرين وقطر والإمارات وجميعها تملك قدرات مالية متفوقة. هنالك هجرة أدمغة مزمنة تفقد الدول أفضل ما عندها، ولا يستفيد الداخل منها إلا قليلا عبر التحويلات والتقاعد. فالأزمة المالية العالمية وإن لم تضرب الاقتصادات النامية والناشئة مباشرة بما فيها العربية، أثرت على مستقبلها وتطورها ليس فقط في أسواق المواد الأولية والنفط وإنما في كل القطاعات. لذا فالتأثير مؤكد في نسب النمو وعلى الموازنات وتطور القطاعات المالية. حتى في المؤشرات المالية البديهية التي تبتعد كثيرا عن السياسة، لم يتطور العالم العربي كغيره من المناطق. في عدد الفروع المصرفية لكل مائة ألف بالغ يصل المؤشر إلى 14.3 في العالم العربي مقابل 15.8 في أمريكا اللاتينية و33.4 في الدول الغربية. في مؤشر عدد حسابات الودائع المصرفية لكل مئة ألف راشد، يصل الرقم إلى 744 عربيا مقابل 1395 في أوروبا الوسطى والشرقية و1117 في دول شرق أسيا والمحيط الهادئ و2383 في الدول الصناعية الغربية. بالنسبة لعدد حسابات القروض المصرفية لكل مائة ألف راشد، يصل الرقم إلى 213 عربيا و367 في أمريكا اللاتينية و702 في العالم الغربي. لا يمكن أن ننكر وجود تقدم مع الوقت، ومن أهمه اقتناع المصارف العربية أكثر فأكثر بأن إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة مربح رغم ضعف الشفافية والهيكلية المالية وهو يقارب 8% من المجموع. في قطاع التأمين الذي يلعب دورا كبيرا في التطور المالي والاقتصادي ويشير إلى نضج الأسواق والرأي العام ومدى تقييمه للمخاطر التي تواجه الإنسان في حياته وصحته وأملاكه، يبقى متأخرا عربيا خاصة في قطاع الحياة. في نسب أقساط التأمين على الحياة من الناتج المحلي الإجمالي، تصل إلى 0.37% في مصر و0.07 في السعودية و0.98 في لبنان ومعدل 0.28% لكل المنطقة العربية مقارنة ب 1.6% لدول شرق آسيا و0.7 لأمريكا اللاتينية و4% للدول الصناعية. في أقساط التأمين على مجموع الأمور الأخرى بما فيها الآليات والإنشاءات والنقل، تصل النسبة من الناتج إلى 2.18% في لبنان و0.67% في قطر و 1.38% في تونس و1.34% في الإمارات ومعدل 0.97% للمنطقة العربية (منها 45% للآليات) مقارنة ب 1.7% في أوروبا و1.3% في أمريكا اللاتينية و2.3% في الدول الغربية. في عدد شركات التأمين، هنالك 36 في البحرين و26 في السعودية و54 في لبنان و57 في الإمارات أي معدل 25 شركة في العالم العربي (منها 4 فقط متخصصة في التأمين على الحياة) مقارنة بمعدل 179 شركة في الدول الغربية (منها 106 متخصصة في التأمين على الحياة). أهم مشاكل العالم العربي هي البطالة النابعة من الزيادات السكانية وضعف النمو لاستيعابها، كما لغياب السياسات المحفزة على العمل. في نسب الزيادة السكانية السنوية، يأتي الأردن في المرتبة التاسعة عالميا واليمن في ال 13 وسوريا في ال 26 والسودان في ال 35 وجميعها تعاني من المشاكل الاجتماعية الخطيرة. ليس المطلوب فقط تخفيض الزيادة السكانية عبر التوعية، وإنما وضع السياسات المناسبة لاستيعابها ولتوظيف اليد العاملة إيجابا في المجتمع والاقتصاد. ليس المطلوب فقط تطوير الضمانات الاجتماعية من صحية وغذائية للعاطلين عن العمل، وإنما إيجاد الحوافز والفرص لانتقال الشباب والشابات إلى الإنتاج. لا يمكن للإنسان أن يكون مسرورا أو مكتفيا إذا تؤمن له فقط الأكل والشرب والمسكن، بل يريد أيضا المساهمة في نهضة اقتصاد بلده ومساعدة الأجيال القادمة على تأمين موارد الرزق بحرية. لذا تنبع مشاكل العالم العربي أيضا من محتوى ومستوى التعليم الذي ينعكس سؤ توزع للمتخرجين مما يخلق جيشا عاطلا عن العمل وبالتالي متذمرا وناقما وغاضبا من الأوضاع والمسؤولين عنها. يؤدي سوء التوزيع التعليمي إلى ضعف الإنتاج العلمي والأدبي وهو الذي يضع أي دولة في خريطة العالم المتطور والمتقدم. لا يكفي أن ننفق كثيرا على التعليم وهذا يصل إلى مستويات عالية في بعض الدول العربية كتونس والسعودية واليمن، وإنما يجب إعادة النظر دوريا بالمحتوى للتأكد مع اقتباسه للتقدم التكنولوجي والثقافي الحاصل عالميا وليس فقط إقليميا. في الأنفاق على الغذاء والصحة تكمن نفس المشكلة أي إنفاق كبير نسبة للناتج ومؤشرات صحية دون المستوى المناسب مما يدعو إلى البحث في وجود فساد كبير أو سوء إنفاق أو هدر. في الإنفاق على البحث والتطوير ومن ضمن الدول الخمسين الأولى نسبة للناتج، تأتي إسرائيل في المرتبة الأولى وأمريكا في السادسة وألمانيا في العاشرة والصين في المرتبة 25 والأردن في المرتبة 35، مما يعني أن على الدول العربية الاستثمار أكثر في المستقبل أي مستقبل الأجيال القادمة. ينعكس هذا الواقع على عدد براءات الاختراع المسجلة كما على إنتاج السلع والخدمات الجديدة أي على الاستثمار في المستقبل. في المؤشرات التقنية أي عدد الحواسب ومشتركي الإنترنت وشبكات الخليوي تأتي بعض الدول العربية في الطليعة العالمية، إلا أن السؤال يكمن في استعمال هذه التقنيات أي هل تستعمل في الإنتاج والتواصل العلمي والأدبي أم في الاستهلاك والتسلية والاجتماعيات؟ في المسابقات الرياضية، ورغم وجود أشخاص ذو كفاءة عالية في العديد من الألعاب إلا أننا لم نصل بعد إلى المستويات العالمية بسبب غياب الاستمرارية في التدريب والإنفاق الكافي على التحضير للمنافسة العالمية الجدية. أخيرا هنالك تشابه عربي في التعاطي الرسمي مع الأمور الشعبية الأساسية من اقتصادية واجتماعية وإنسانية تساهم مع الوقت في خلق طبقات شعبية رافضة غاضبة لا يمكن مواجهتها بالقمع، بل بمعالجة مطالبها المحقة وفتح صفحات جديدة من الشفافية والحوكمة وحسن الأداء. هذا إذا أردنا عربيا أن ننتقل إلى مصاف الدول الديمقراطية المتطورة التي تضع مطالب المواطنين في أولوية الأولويات ضمن السجون الصغيرة كما الكبيرة.
571
| 07 سبتمبر 2011
تسقط الأسواق المالية العالمية بسرعة كبيرة ويكاد لا يسلم منها أي سوق أو حتى أي سهم من الشركات الأساسية. هل يوجد خلل في النظام الرأسمالي العالمي؟ في مبادئه وتطبيقه؟ ما الذي يحصل فعلا وهل له أي علاقة بأزمة 2007 \\ 2008 وما تبعها؟ هل أن تصنيف شركة "ستاندرد أند بورز" هو السبب؟ لماذا كل هذا الخوف أو القلق الذي يظهره المستثمرون في الأسواق الأمريكية والدولية؟ ما هي علاقة الاقتصاد الحقيقي بالمالي وهل التأثير بالاتجاهين؟ ما هي السياسات الاقتصادية التي يمكن أن تطبق في هذه الظروف وما هو مدى فعاليتها؟ ما هي الوسائل الأكثر فعالية للتأثير على الأسواق؟ أولا: عند سقوط حائط برلين في سنة 1989، تبين للجميع أن الرأسمالية انتصرت على الأنظمة الأخرى وفي مقدمها الشيوعية. أما اليوم فالنظام الرأسمالي يتعذب ويتألم، وهنالك عدة أسباب له. من أهمها أن النظام أصبح معقدا أكثر فأكثر بمؤسساته وقوانينه وأدواته وخصائصه، وبالتالي أصبح صعبا ضبط إيقاعه رغم محاولات الجميع عبر صندوق النقد والدول السبع أو العشرين الكبرى. يحتاج النظام الرأسمالي إلى منافس كي يستمر صحيا، وهذا ما فقده عندما زالت الشيوعية الاقتصادية. يعاني النظام الرأسمالي اليوم كثيرا من اتساع الشرخ بين الأغنياء والفقراء بعد أن تأثرت سلبا أوضاع الطبقات الوسطى في كل الدول. لمواجهة هذا الخلل أو المأزق، لا بد مع الوقت من خلق نظام ليبيرالي جديد إنساني يعتمد مبادئ المنافسة الحرة لكنه يحترم حقوق الضعفاء. ثانيا: الأزمة الحالية مختلفة جدا عن أزمة 2008 التي كانت مصادرها مصرفية وإقراضية عبر أسعار العقارات. أما الأزمة الحالية، فتنبع من تراكم حجم الديون العامة في الولايات المتحدة أولا وأوروبا ثانيا وبقية العالم ثالثا. الأزمة الأولى خلقت الكثير من القلق والخوف عند المستثمرين وبالتالي تراكمت المشاكل التي لم تجد حلولا لها. عندما عجزت الدول عن إيجاد الحلول للدين العام آخرها مهزلة الصراع على المصالح بين الإدارة الأميركية والكونغرس، لم يعد للمستثمر ما يأمله من السياسيين الذين أظهروا عجزا في تحمل المسؤولية. يمكن أن يطيح هذا الواقع بحظوظ الرئيس أوباما في التجديد السنة المقبلة. ثالثا: تأثرت صدقية "ستاندرد أند بورز" سلبا بأزمة 2008 كغيرها من شركات التصنيف التي أعطت علامات عالية لمصارف أفلست بعد أيام وأسابيع. لذا لا يمكن للتصنيف الأخير أن يحدث أزمة في الأسواق، بل إن تراكم المشاكل وسوء المعالجة مع تصنيف سلبي أو غير سلبي كان سيؤدي بطريقة أو أخرى في وقت أو آخر للنتائج نفسها. كان تصنيف الشركة انذارا، بل تنبيها لما يمكن أن يحصل إذا لم تتم المعالجات بالشكل الصحيح. ما المطلوب؟ تخفيض الإنفاق وزيادة الإيرادات أي الضرائب وليس الأول فقط كما حصل عبر اتفاقية واشنطن في 1\\8\\2011. رابعا: هنالك واقع جديد وهو أن الأسواق المالية تنهار بينما الاقتصاد الحقيقي ينمو، وما مؤشرات البطالة في الولايات المتحدة إلا لتؤكد على حسن سير الأمور. تحصل الأزمة المالية الحالية رغم إيجابيات السوق الحقيقية، وهذا خطير إذ يشير إلى الفسخ الكامل بين القطاعين. لذا المطلوب إصلاحات في العمق لم تحصل بعد، بسبب المصالح والفساد وسوء الرؤية، تؤدي إلى عودة القطاع المالي إلى لعب الدور الذي خلق من أجله وهو الوسيط بين صاحب المال أي المدخر والمستثمر. لا حياة لسوق مالية تعمل من تلقاء نفسها ولا تخدم فعلا وواقعا الاقتصاد الحقيقي. يجب إزالة صفة "الكازينو" عن الأسواق المالية الدولية الحالية والعودة إلى منطق العلاقة الصحية بين المال والقطاعات الإنتاجية. خامسا: المؤسف في الظروف الحالية هو عدم استطاعة السياسات الاقتصادية العادية معالجة المشاكل. فالسياسة المالية مقيدة بسبب العجز وتراكم الديون. أما السياسة النقدية، فاستنزفت وسائلها، إذ أن الفوائد متدنية جدا كما تعمل المصارف المركزية على شراء السندات في الأسواق لزيادة حجم الكتلة النقدية. هنالك قيود واقعية بالنسبة لقدرة وزارات المال والمصارف المركزية على معالجة الأزمة بل مواجهتها. سادسا: ما هي الحلول الممكنة؟ رغم سقوط الأسواق المالية، هنالك طلب على سندات الخزينة الأمريكية كما على الذهب وبعض العملات كالفرنك السويسري. فالثقة في مستقبل أمريكا وقدرتها على تسديد ديونها ما زالت إذا موجودة. فالمستثمر يريد الوقاية وحماية نفسه من المخاطر الكبيرة، وهنا يكمن دور الذهب. المطلوب أن يطمئن المستثمر ويعود إلى السوق وهذا يفرض على السلطات الرسمية من سياسية أولا واقتصادية ثانيا أن تقوم بدورها المسؤول في معالجة الأزمات وليس تأجيلها. فهل من يسمع أو يهتم؟
943
| 17 أغسطس 2011
فرحنا جدا ونحن نسمع مناقشات النواب للبيان الوزاري وبالتالي إعطاء الحكومة الجديدة الثقة أو حجبها عنها. لم نفرح بسبب مستوى الخطاب أو محتواه، وإنما بسبب شعورنا بأن الديمقراطية البرلمانية عادت فذكرتنا بأيام السبعينيات وما قبل حيث كانت قوة المعارضة توازي قوة الموالاة وبالتالي تنتقل السلطة دوريا من فريق إلى آخر. نأمل أننا انتهينا من بدعة حكومات الوحدة الوطنية أو ما شابه والتي تضرب أسس النظام الديمقراطي البرلماني المرتكز على فصل السلطات وبالتالي مبدأ المحاسبة، خاصة محاسبة السلطة التنفيذية من قبل التشريعية. إذا فشلت هذه الحكومة في أدائها ووعودها المرتكزة على العمل والإصلاح والتغيير، فسيحجب المواطن ثقته عن أركانها في الانتخابات النيابية القادمة وتعود معارضة اليوم إلى الحكم. أما العكس، أي أن نجاحها سيعطيها أكثرية كبيرة تسمح لها بالحكم بسهولة لسنوات قادمة. فالمواطن اللبناني وإن لم يحاسب سابقا، يشعر اليوم بأن الفرص ضاقت أمامه وبالتالي سيكون قاسيا في محاسبته بعد الوعود التي أعطيت له على مدى السنوات السابقة. فالبيان الوزاري، أي بيان، لا يمكن أن يكون كاملا إلا أن بيان هذه الحكومة كان تحديدا ناقصا من نواح عدة أهمها شؤون البطالة والعمال والمنافسة وجودة السلع والخدمات والإنفاق على البحث والتطوير. لم يتناول البيان موضوع دخول لبنان إلى منظمة التجارة العالمية، إذ يتطلب قبولنا تعديل أو إلغاء قوانين قديمة مبنية على الاحتكار والجشع وإهمال حقوق المستهلك. اقتصاد اليوم يرتكز على قوة المستهلك خاصة أن الاستهلاك في لبنان يشكل حوالي %80 من الاقتصاد. لم يحتو البيان الوزاري على أفكار جديدة بالنسبة لتطور القطاعين الزراعي والصناعي وأتى خاليا من أي تواريخ بحيث تصعب المحاسبة من قبل النواب أو الشعب أو المعارضة تحديدا. فالبيانات الوزارية الجدية تحتوي على أولويات عشرة يتم تفصيلها ووضع الإمكانات المادية والبشرية لتحقيقها ضمن مهل زمنية محددة، وهي جميعها غائبة في هذا البيان الوزاري. فالكهرباء العاجزة موضوعة مثلا في البند 29 رغم أنها قضية القضايا ولا يمكن تعزيز الاستهلاك والإنتاج والنمو والتنمية من دون كهرباء. المطلوب من الحكومة الاهتمام بمصالح المواطن المباشرة وليس فقط بالقضايا السياسية الأساسية رغم أهميتها. فالديمقراطية أساس النمو، والدراسات العلمية الاقتصادية المؤكدة لهذه العلاقة الفاضلة عديدة. لكن الديمقراطية وحدها لا تكفي لإحداث نمو قوي نوعي ومتواصل. هنالك 3 اتجاهات تصف اقتصاد اليوم وهي أولا الارتكاز على المعرفة في الإنتاج وتوزعه بين الدول بحيث تعتمد السلعة النهائية على مكونات مصنوعة في أماكن أو دول عدة. ثانيا يرتفع التبادل التجاري كثيرا فيما بين دول الجنوب وبالتالي لم تعد التجارة الدولية محصورة فقط بما بين دول الشمال أو بينها وبين دول الجنوب. يرتكز الاقتصاد الدولي اليوم على قوة الدول النامية خاصة الناشئة أي تحديدا الصين والهند والبرازيل وروسيا. في سنة 2009 وخلال الأزمة العالمية وبينما كان الاقتصاد الغربي يعاني من الركود والبطالة، كانت دول شرق آسيا تنمو بمعدل 7% وجنوب آسيا بمعدل 5.7% ودول المنطقة العربية بمعدل 2.9%. ثالثا، يرتكز اقتصاد اليوم على التطور التكنولوجي في المعلومات والمعلوماتية والاتصالات والعلوم بحيث لم تعد الخدمات العادية كافية ولا يمكن لأي اقتصاد حديث أن يبنى عليها وحدها. تضع الاتجاهات الثلاثة ركائز لاقتصادات حديثة مبنية على التكنولوجيا اقتباسا وتطويرا كما على التجدد والخلق والإبداع في كل القطاعات. في عدد براءات الاختراع نسبة لعدد الباحثين، تأتي الولايات المتحدة في الطليعة ثم اليابان وكوريا وهولندا وألمانيا. تنفق هذه الدول كثيرا على البحث والتطوير والاختبارات التي تشكل ركيزة الاقتصاد الحديث الذي نطمح إليه في لبنان وفي الدول العربية. لابد من القول هنا إن إسرائيل تجذب الاختراعات بفضل سهولة التمويل وتشجيع الدولة وهي الثانية دوليا بعد الولايات المتحدة في عدد الشركات الجديدة. بسبب الأزمة العالمية انخفضت الاستثمارات المباشرة في الاقتصاد الإسرائيلي من 11 مليار دولار في سنة 2008 إلى 4 مليارات في سنة 2009 ومن المتوقع أن ترتفع مجددا. ما هي الأسباب الأساسية لارتفاع قوة الدول الناشئة والتي يمكن اقتباس بعض دروسها للبنان؟ هنالك 4 حقائق نوجزها كما يلي: أولا: تحسن المناخ الاقتصادي العام من نواحي المالية العامة والاحتياطي النقدي كما من نواحي التضخم والبطالة والنمو. إذا تميزنا في لبنان باحتياطي نقدي كبير يوازي من دون الذهب الناتج المحلي الإجمالي، لا يمكننا أن نقبل بأوضاع المالية العامة التي تحتاج إلى ضبط في الإنفاق وإلى دراسة قواعدها وأصولها. لا يمكن أن نقبل بواقعي التضخم والبطالة اللذين يؤشران إلى أوضاع اقتصادية قادمة صعبة. أما النمو لسنة 2011، فتقوم كل المؤسسات بتخفيضه من أسبوع إلى آخر بسبب الأوضاع الداخلية والخارجية. ما زالت دولرة الاقتصاد اللبناني كبيرة في الودائع المصرفية والقروض والتبادلين التجاري والمالي، ولا بد من إعادة الدور لليرة بحيث يفرض التعامل بها على الأقل في الاستهلاك الداخلي العادي. التبادل بالليرة هو ليس فقط موضوعا ماليا ونقديا، لكنه سيادي بالدرجة الأولى ولا بد من معالجته على هذا الأساس. فالخروج من الدولرة صعب ويأخذ وقتا طويلا كما تدل عليه تجارب بوليفيا والباراغواي والبيرو واليوروغواي. يجب أن يقتنع الرأي العام بفوائد العودة إلى الليرة وأن تبنى الثقة مجددا في المؤسسات العامة والنقد ولا يمكن النجاح في هذا الانتقال إذا بقي المواطن قلقا على المستقبل. ثانيا: تطوير أسواق العمل بتقنياتها وقوانينها ومؤسساتها بحيث يتم ربط طالب العمل بالعارض مما يسهل وصول الطرفين إلى أهدافهما. لا يكفي أن تقوم الشركات الخاصة بهذا العمل بل يجب على الدولة أن تساعد عبر وزارة العمل والمؤسسات التابعة لها. لا بد من تحسين أوضاع العمال عبر رفع الأجور دوريا تبعا لغلاء المعيشة ضمن إمكانات الشركات الحقيقية، وذلك تحسينا لمستوى المعيشة ورفعا لإنتاجية العامل. عندما تصله حقوقه يعمل الإنسان بإنتاجية أعلى، وهذه هي حال كل عمال العالم وعلى جميع المستويات. إن غياب أي غطاء اجتماعي بالنسبة للعاطلين عن العمل مقلق للبنانيين. نحتاج إلى أنظمة متخصصة بما فيها ضمان الشيخوخة الذي يجري الكلام عنه منذ سنوات دون نتيجة. ثالثا: رفع مستوى المؤشرات الإنسانية المبنية على التعليم والصحة والغذاء ومحاربة الفقر الذي أصبح داء عالميا نعاني منه في لبنان كما في بقية الدول العربية. هنالك دور كبير للمرأة في رفع مستوى هذه المؤشرات إذ تنبع أصلا من المنزل قبل المدرسة والجامعة. لا شك أن الدور الاقتصادي الذي تلعبه المرأة اللبنانية كما العربية ما زال دون مستوى إمكانات وقدرات نصف المجتمع على أقل تقدير. لا شك أن لبنان تقدم كثيرا في هذه المؤشرات، إلا أن الطريق ما زالت طويلة حتى نصل إلى المستويات الغربية وحتى المجتمعات الناشئة. لقد أهدرنا الكثير من الوقت على المواضيع السياسية، ولا بد من العودة إلى الاهتمام بالشؤون الإنسانية والاجتماعية. رابعا: تطوير القطاعات الاقتصادية الأساسية التي أهملت في العديد من الدول النامية والناشئة وفي مقدمتها الزراعة ثم الصناعة. لا يمكن تطوير الزراعة من دون تأمين المدرسة والمستشفى والكهرباء والطرق والمياه إلى المناطق. لا يمكن تعزيز الزراعة من دون الإرشاد والتأمين والتمويل بحيث ترتفع الإنتاجية وتتحسن نوعية السلع. لم تتطور أي زراعة في العالم من دون مشاركة المرأة الريفية في الإنتاج والتسويق وهنالك برامج متخصصة لا بد من تطويرها وتعميمها. إهمال الزراعة أدى إلى نزوح آلاف اللبنانيين إلى المدن، مما سبب ضغطا هائلا على الخدمات أضرت بالجميع ولا بد من الاهتمام مجددا بالتنمية البيئية والريفية.
370
| 13 يوليو 2011
نقاش حاد حول السياسات التي يتبعها الصندوق تجاه الدول المقترضة لا يكفي المجتمع الدولي ما يعانيه من جراء البطالة والركود وتقلبات النقد، حتى أتت قضية "دومينيك ستراوس كان" لتزيد من حدة الخلافات الرسمية والشعبية بالنسبة لصندوق النقد وإدارته ودوره المستقبلي. هل المقبول اليوم أن يستمر الغربيون وبالتحديد الأوروبيون في قيادة الصندوق بعد أن ارتفع دور وثقل الدول النامية والناشئة في الاقتصاد الدولي؟ هل ما زالت محاصصة "بريتون وودز" مقبولة، أي أن يتولى أمريكي الجنسية رئاسة البنك الدولي وأوروبي قيادة صندوق النقد بالإضافة إلى وجود فرنسي على رأس منظمة التجارة العالمية؟ كان هذا ربما مقبولا في أربعينات القرن الماضي، إنما أصبح اليوم غير منطقي وربما مضر بالتعاون الاقتصادي الدولي. تكمن أهمية قضية "ستراوس كان" ليس فقط في وضعه النزاع الاقتصادي الدولي في الواجهة، وإنما أيضا ينبه المجتمع الدولي إلى دور الأخلاق في ممارسة الوظيفة والعمل المؤسساتي على كافة المستويات. كيف يمكن لمسؤول دولي كبير أن ينبه الدول النامية والناشئة إلى مساوئ الفساد إذا كان هو فاسدا؟ لا تكمن المشكلة فقط في جنسية المدير العام وإنما في اهتماماته وفي دفع الصندوق في اتجاهات جديدة معينة. هنالك نقاش دولي حاد يدور حول جدوى السياسات التي يتبعها الصندوق تجاه الدول المقترضة بسبب الأزمة المالية وحتى قبلها. توسع مقترضو الصندوق اليوم باتجاه الدول الصناعية بعد أن كان مقتصرا على الدول النامية والناشئة. هل يكون لمدير عام من دولة ناشئة قلب أكبر وبالتالي يراعي ظروف الدول النامية والناشئة بشكل أفضل دون أن يغض النظر طبعا عن المشاكل الأساسية؟ عندما يرتكز الاقتصاد الدولي اليوم على حيوية اقتصاديات الدول النامية والناشئة، لابد عندها من تعديل دورها في إدارة المؤسسات المالية الدولية الأساسية. إن تغير ثقل المناطق اقتصاديا وسكانيا في الاقتصاد الدولي أي باتجاه آسيا وأمريكا اللاتينية لابد وأن يفرض على المجتمع الدولي دورا أكبر لها. من ينكر اليوم الدور الدولي المتصاعد الذي تلعبه روسيا والبرازيل والصين والهند وغيرها من أعضاء مجموعة العشرين الناهضة؟ اجتماع "دوفيل" الأخير أعاد بعض الوهج إلى اجتماعات وقرارات مجموعة العشرين بعد أشهر من الانزواء بسبب مشاكلها الداخلية. في عدد السكان وتوقعات الأمم المتحدة لسنة 2100، من المرجح أن يتعدى عدد سكان العالم الـ 10 مليارات شخص بينهم 22.3% من عمر 65 وما فوق مقارنة بـ 7.6% اليوم. يرتفع عدد سكان القارة الإفريقية من مليار شخص اليوم إلى 3.6 مليار نسمة في سنة 2100. في سنة 1950، كان 32% من سكان العالم يعيش في الدول الغنية مقارنة بمتوقع قدره 13% في سنة 2100. من المقدر أن يبلغ عدد سكان الهند 1551 مليون نسمة في سنة 2100 أي الأعلى في العالم تليها الصين (941 مليون) وثم نيجيريا والولايات المتحدة وتنزانيا وباكستان وإندونيسيا والكونو والفيليبين والبرازيل مما يشير إلى زلزال سكاني دولي كبير سينعكس دون شك على توازنات القوة والنفوذ الدوليين. لذا ستحتاج الدول الصناعية أكثر فأكثر إلى استيراد العمالة والأدمغة من الدول النامية والناشئة لتسيير اقتصادها ودفع نموها، لابد إذا من مراجعة سياسات الهجرة التي ضاقت بسبب الخوف من نمو اليمين المتطرف في معظم الدول الغربية. يجب النظر إلى سياسات الهجرة كمفيدة للجانبين وبالتالي مطلوبة دوليا. في نسبة حجم ميزان الحساب الجاري من الناتج المحلي الدولي، يتبين لنا الثقل الكبير للمجتمع العربي حيث يتفوق في المجموع على الصين واليابان. نعي أن سبب القوة المالية العربية هو النفط وعندما ترتفع أسعاره، يزيد الاحتياطي النقدي للدول المعنية. في الصين، ترتفع نسبة الادخار إلى أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي وهي مدهشة خاصة وأن الناتج الفردي الحقيقي لا يزال في حدود 3500 دولار أي عشر متوسط الدول الغربية، ترتفع نسب الادخار خاصة عند الأسر وثم الشركات وأخيرا القطاع العام علما أن جميعها إيجابية باستمرار. أما الفائض الياباني، فيعتمد على الصادرات المبنية على صناعة ممتازة ورائدة وصفت بها الدولة منذ عقود، تستقطب هذه الدول وغيرها الأموال الهاربة خاصة من إفريقيا، بسبب ضعف الثقة وخوف قطاع الأعمال من التأميم أو المصادرة أو المنع. بلغت قيمة هذه الأموال حوالي 7% من ناتج المجموعة الإفريقية التي تحتاج اقتصادياتها إليها للاستثمار الداخلي وتطوير قطاعات البنية التحتية والاجتماعية، في الأرقام وللمقارنة، تبلغ نسبة الادخار من الناتج 54% في الصين، 34% في الهند، 19% في فرنسا، 26% في ألمانيا و12% فقط في الولايات المتحدة. الادخار الداخلي مهم جدا لتمويل الاستثمارات بأدنى تكلفة ممكنة. إن تطور البورصات لا يحمي الاقتصاديات بالضرورة. في مؤشر قيمة تبادلات الأسهم من الناتج المحلي الإجمالي، نرى أنها تصل الى310% في الولايات المتحدة و372% في بريطانيا وهما الدولتان الأكثر تضررا بالأزمة المالية العالمية. تصل النسبة إلى 230% في الصين، علما أن المعدل الدولي هو 185% ولا تحقق دول المنطقة العربية إلا مستوى 19% من ناتجها وهي الأدنى دوليا مما يشير إلى بدائية القطاع في قوانينه وشفافيته وأدواته. يمكن القول إن ضعف العمق المالي حمى المنطقة العربية خلال الأزمة، إلا أن الصحيح أيضا هو أنها تخسر العديد من الفرص الاستثمارية بسبب هذا الواقع، في القيمة السوقية للبورصة من الناتج، تصل إلى 145% في الولايات المتحدة و139% في بريطانيا علما أن المعدل الدولي لا يتعدى 120% وفي المنطقة العربية هو 56% فقط مقارنة بـ 80% للبرازيل و119% للتشيلي و156% لماليزيا و281% لدولة إفريقيا الجنوبية. تطوير البورصات ضروري للتمويل، إذ يزيد من عدد مصادر الاقتراض ويخفف من تكلفته. في تاريخ الدول الصناعية، حصلت أزمات نقدية في حالات ثلاث: أولها: عندما ارتفعت نسبة التضخم وثم: عندما انخفض الطلب العام على السلع والخدمات وارتفعت نسبة البطالة، وثالثا: عندما تحقق هروب كبير لرؤوس الأموال وعجز مزمن في ميزان الحساب الجاري. هنالك بذور في الاقتصاديات الغربية لهذه المشكلات الثلاث مما يؤكد على ضعف بنيتها الحالية وعدم الاتفاق على سياسات ناجحة للإصلاح والتطور. في ظل هذه الوقائع، تتقلب أسعار النقد دون أن تشير إلى نمط أو اتجاه معين حتى على المدى القصير. بسبب الأزمات الأوروبية في اليونان وإسبانيا وغيرهما، كان من الممكن توقع سقوط اليورو تجاه الدولار لو كانت أوضاع أمريكا أفضل. إلا أن الحقيقة غير ذلك وبالتالي تتساوى الاقتصاديات الغربية في مشاكلها وضعف بنيتها النقدية وسوء سياساتها بعد عقود من العمل الشاق. إن أهم ما في المأزق الغربي هو اضطرار الدول إلى تصحيح واقعها المالي في ظروف ركود وبطالة مما يعيق نهضتها المستقبلية. كيف يمكن حماية الاقتصاد والنقد ضمن موازنات عاجزة ودين عام يتراكم بسرعة ليصل من الناتج الوطني إلى 204% في اليابان، 100% في الولايات المتحدة، 89% في بريطانيا، 133% في إيطاليا و97% في فرنسا. ماذا تشير هذه الأرقام بالنسبة إلى نوعية الإدارات المالية للدول الغربية الكبيرة مقارنة بالناشئة وحتى النامية؟ تحتاج الدول الغربية إلى مراجعة جدية لموازناتها تعتمد على ترشيد الإنفاق وتوزيع الإيرادات بشكل أفضل بالإضافة إلى تخفيف الفساد وتضارب المصالح. هل هنالك من مبررات منطقية وعلمية بعد للمحافظة على توازن "بريتون وودز" الذي حل مشكلة في وقتها لكنه شاخ وحان الوقت للخروج منه وتعيين مدير عام من دولة ناشئة أساسية أحسنت إدارة ملفاتها المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية وهي عديدة دون شك.
2525
| 26 يونيو 2011
في هذه الأوقات من كل سنة، تزداد هموم الناس من ناحية إيجاد فرص عمل للشباب والشابات المتخرجين من المدارس المهنية والتقنية كما من الجامعات. تخرج معاهد وجامعات العالم ملايين الأشخاص حاملين أهم الشهادات في مختلف الاختصاصات. تكمن المشكلة اليوم في صعوبة إيجاد فرص عمل لهؤلاء الشباب بالرغم من الكفاءات العالية التي يتميزون بها. تكمن الصعوبة في الأوضاع الاقتصادية المتعثرة دوليا، إذ ليست هنالك دولة واحدة لا تعاني من مشاكل معقدة نتيجة الإهمال والفساد وعدم الاهتمام بمصالح الشعوب وخاصة الأجيال الجديدة. هنالك عودة إلى بعض النمو في العديد من الدول، إلا أن هذا لم ينعكس بعد ارتفاعا في عدد الوظائف أو انخفاضا واضحا في مؤشرات البطالة. تشير الوقائع الحالية إلى انفصال تام بين النمو والبطالة، وهذا جديد ويدل على وجود هيكليات جديدة يتمتع بها الاقتصاد الدولي ليست بالضرورة لمصلحة الشباب. لبنان هو أحد المجتمعات التي ستعاني أكثر من ندرة فرص العمل الجديدة ليس فقط بسبب الاقتصاد العالمي المتعثر وإنما أيضا بسبب أوضاع المنطقة بالإضافة إلى أوضاع الداخل المرتبطة بملف تشكيل الحكومة والفساد والإهمال المتراكم. ما هي واجبات الدولة أي دولة في ظروف دولية ومحلية قاتمة لمساعدة الشباب والشابات على إيجاد فرص عمل كافية ونوعية؟ ليس المهم فقط إيجاد فرصة العمل وإنما مستوى الأجر وهيكلية المنافع والأنظمة والحقوق بالإضافة إلى تحديد الواجبات العادلة والمناسبة. في دولة لا يجد الشباب وظيفة لهم، يصبح الجو العام قاتما ويغيب التفاؤل ويرتفع مستوى القلق على المستقبل. في دولة لا تجد الأجيال الجديدة فرصة عمل لها فيها، لا يكون هنالك مستقبل واعد لها بل يجب أن تطرح أسئلة حول مصادر المشكلة أهي اقتصادية أم تربوية أم اجتماعية أم هيكلية أم غيرها؟ هل تقف الدولة مكتوفة اليدين أمام هذه التحديات أم يكون لها دور رائد في إيجاد الحلول التي تسمح للعرض والطلب بأن يلتقيا على مؤشرات واعدة وخيرة. طبعا المطلوب تنشيط عمل القطاع الخاص كي يستوعب العمالة الجديدة، إذ إن القطاع العام لا يمكن أن يحل المشكلة بشكل مباشر وإنما عبر قطاع الأعمال. في الولايات المتحدة مثلا، عاد النمو بعد غيابه نتيجة الأزمة المالية العالمية أمريكية المصدر. عاد الناتج المحلي الإجمالي إلى مستوى سنة 2007 لكن مع 7 ملايين فرصة عمل ناقصة. بسبب التقدم التكنولوجي وارتفاع إنتاجية العامل، تمكن الاقتصاد الأمريكي في سنة 2010 من إنتاج نفس كمية سلع وخدمات سنة 2007 لكن مع عدد عمالة أقل بكثير. لاستيعاب العاطلين عن العمل والقادمين الجدد إلى السوق لا يكفي أن يحقق الاقتصاد بعض النمو، لكن عليه أن يحقق نموا قويا متواصلا لسنوات قادمة. في أمريكا تضاعف عدد العاطلين عن العمل منذ سنة 2007، إلا أن عددهم بدأ بالتناقص مؤخرا نتيجة النمو الحديث لكن ببطء. قال الكاتب اللامع الأمريكي والهندي الأصل " فريد زكريا " في مقال له في مجلة " التايم ": إن معظم الوظائف الجديدة هي لدوام جزئي وبالتالي ذات دخل جزئي أيضا. يقدر " زكريا " معدل الدخل السنوي لهذه الوظائف بـ 19 ألف دولار أي أقل من نصف الأجر الوسطي الأمريكي. لا شك أن أزمة العالم اليوم هي أزمة فرص عمل تنعكس سلبا على كل المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وحتى السياسية. كيف تمكن مواجهة أزمة من هذا النوع وما هي الخطوات المحددة التي يجب اتخاذها من قبل القطاع العام والمؤسسات الخاصة والعامة ليس في لبنان فقط وإنما في جميع الدول؟ أولا: الاهتمام بشؤون الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تبقى ركيزة التطور والتجدد في كل الاقتصادات بما فيها الكبيرة. في الولايات المتحدة مثلا، بين 60 و80% من فرص العمل الجديدة الصافية تنبع من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تكون 70% من الادخار الوطني العام. في لبنان، تقريبا جميع فرص العمل تخلق في هذه الشركات التي تكون عمليا كل الاقتصاد. عندما تفهم الدول والحكومات تحديدا كيف يفكر قطاع الأعمال، يمكن لها أن تساعده في النجاح والتطور وبالتالي في تخفيف البطالة. ماذا يريد قطاع الأعمال؟ حكما الاستقرار السياسي والاجتماعي والقانوني والمؤسساتي أي مناخ مناسب للاستثمارات والتجارة والتمويل. كيف يمكن لقطاع أعمال أن يزدهر في مجتمع لا يستطيع تغيير حكومة ولا يحترم مؤسساته وقوانينه ولا يملأ المراكز الشاغرة الأساسية في الدولة؟ ثانيا: تطوير الصناعة حتى في أعرق الاقتصادات وأقدمها. تشكل الصناعة حوالي 22% من الاقتصاد الأمريكي و28% من الألماني و47% من الصيني وفقط 8% من حجم الاقتصاد اللبناني. تكمن أهمية الصناعة في استيعابها الكبير لكل تطور تكنولوجي مما يرفع من إنتاجيتها ويخفض من تكلفة الإنتاج وبالتالي تتوسع أسواقها ويزداد حجمها. فالصناعة تحتاج إلى عدد من العوامل التي لا يمكن أن تعيش من دونها كالكهرباء واليد العاملة المتخصصة والمنتجة. كي تبنى هذه العمالة المناسبة لا بد من تطوير معاهد التكنولوجيا أو التخصص المهني الذي يهيئ قاعدة الإنتاج التي تبقى إنسانية قبل كل شيء. ثالثا: تمويل التدريب عبر القطاعين العام والخاص. بسبب التطور العلمي والتكنولوجي، لا يمكن استيعاب العاطلين عن العمل من دون تهيئتهم وتدريبهم على الجديد بحيث يستطيعون المنافسة في سوق العمل. فالتدريب لا يقتصر فقط على العاطلين عن العمل وإنما أيضا على العاملين الذين يجب أن يتطوروا مع تقدم العلوم والتكنولوجيا بحيث ترتفع إنتاجيتهم ويستمرون في عملهم. إذا لم تكن الشركات الصغيرة والمتوسطة قادرة على تمويل هذا التدريب المفيد ليس فقط لها وإنما للاقتصاد العام، من واجب الحكومة أن تساعدها مباشرة أو عبر تحفيزات ضرائبية مركزة وسخية. رابعا: تحديد قطاعات النمو وتحفيزها. في كل اقتصاد هنالك قطاعات واعدة يجب على القطاع العام أن يساعدها ليس بالضرورة ماليا وإنما عبر توسيع الأسواق والإرشاد. هنالك اقتصادات تنجح في التكنولوجيا العالية وأخرى في الخدمات وبعضها في الزراعة كالصين التي يشكل القطاع الأولي 10% من ناتجها. في لبنان، هنالك قطاعات واعدة في الزراعة والصناعة والخدمات منها صناعة المجوهرات وألبسة المصممين المنفردين الذين ينافسون أكبر صانعي الألبسة في العالم. هنالك صناعة المأكولات وتجميع المعدات الكهربائية والصناعية بالإضافة إلى الخدمات المميزة التي اشتهر بها لبنان كالمصرفية والتعليمية والاستشفائية وغيرها. عندما تتضح صورة القطاعات الواعدة، يسهل عندها تحديد السياسات المناسبة. هذا لا يعني أن يتوقف العمل لتنشيط القطاعات الأخرى، إنما هنالك دائما أولويات في كل مجتمع تنبع من التاريخ والإنسان والقانون والمجتمع والإمكانات. خامسا: إيجاد فرص عمل سريعة لتخفيف الأوجاع عبر وصل العارض بالطالب ليس فقط عبر الشركات الخاصة وإنما عبر الدولة. من السهل التنظير في موضوع البطالة إذ إن الإجراءات الفاعلة تأخذ الوقت الطويل كي تكون مؤثرة على المؤشرات. المطلوب بالإضافة إلى ما سبق، معالجة سريعة لأوضاع العاطلين عن العمل بانتظار أن تجدي الوسائل الأخرى. من هذه المعالجات، بالإضافة إلى التعويضات وتمويل التدريب، تشجيع الشركات على التوظيف عبر التحفيزات الضرائبية والتمويلية والتسويقية. لا يمكن للحكومة أي حكومة أن تتفرج على أوجاع العاطلين عن العمل، بل عليها إراحتهم ماديا ونفسيا بانتظار تحسن الأوضاع العامة وهذا يتطلب قيادات واعية مسؤولة تحسن اختيار السياسات المناسبة لمصلحة الأجيال الجديدة. هل تتوافر هذه القيادات في لبنان؟
2429
| 19 يونيو 2011
شكلت سنة 1975 مفترقا كبيرا في التاريخ اللبناني الحديث ليس فقط في السياسة , وإنما في الاقتصاد والمال والاجتماع خاصة. قبل سنة 1975 كان الاقتصاد اللبناني يعتمد على النظام الحر "التقليدي" كاستثناء في منطقة عربية اعتمدت النماذج الاشتراكية في معظمها وأن يكون بأشكال مختلفة. كان لبنان "سويسرا الشرق الأوسط" وبيروت سميت باريس الشرق، وكان النمو قويا والتضخم ضعيفا. اعتمدت سياسات اقتصادية هدفت إلى تعزيز القطاع المصرفي والمالي عبر قانون النقد والتسليف الذي حمى سرية الودائع وأسهم في جذب الأموال العربية إلى لبنان. نجحت السياسات الليبرالية اقتصاديا لكنها فشلت اجتماعيا، إذ أنتجت سوء عدالة خطيرة من ناحيتي الدخل والثروة. شكلت هذه الفوارق الاجتماعية الكبيرة الأسس التي بنيت عليها النزاعات السياسية التي أصبحت أمنية فيما بعد. بين سنتي 1960 و1970، نما الاقتصاد اللبناني عبر الناتج المحلي الفردي بمعدل سنوي قدره 5% ولم يصل مؤشر التضخم إلى أعلى من 1.5%. في مؤشرات المؤسسات الدولية، وضع لبنان في أعلى مستويات الدخل الفردي لمجموعة الدول ذات الدخل المتوسط أي مباشرة قبل مجموعة الدول الصناعية. هذه نتائج ممتازة ليس فقط بالمعايير العربية وإنما أيضا دوليا. نمت الزراعة سنويا ب 6.3% وكل من الصناعة والخدمات ب 5%. كانت هنالك توازنات اقتصادية خيرة أسهمت في خلق حيوية في كل القطاعات. لذا توزع الناتج المحلي الإجمالي على 12% للقطاع الزراعي و68% للخدمات والبقية للقطاعات المرتبطة بالصناعة. 38% من السكان كانوا يعملون في الزراعة و39% في الخدمات والباقي في الصناعة. لم يشكل سكان المدن إلا 44% من المجموع، فبقي الريف حيويا في السكن والعمل والإنتاج ووصلت إليه الخدمات الاجتماعية الأساسية. نمت الصادرات سنويا بمعدل 14.5% كما ارتفعت الواردات فقط ب 5.1% , مما أسهم في تحسن أوضاع الميزان التجاري. لم يستفد الريف اللبناني من التطور إلا في تلك الفترة، لكن ما استثمر في ذلك الوقت لم يعد كافيا اليوم ليس كميا فقط وإنما من ناحيتي التكنولوجيا والتقدم والتنوع والانتشار. كانت سنة 1973 مفصلا مهما بسبب أزمة النفط وارتفاع سعر البرميل إلى حدود غير مسبوقة. أتت الأموال إلى المصارف اللبنانية وخرج اللبنانيون للعمل في دول الخليج المستثمرة في اقتصاداتها خاصة في البنية التحتية. حصلت في وقتها أيضا مشاكل سياسية واقتصادية في العديد من الدول العربية , مما سبب نزوحا للأغنياء إلى لبنان، فاستثمروا ووضعوا ودائعهم في مصارفنا. المشاكل السياسية معروفة، إلا أن الاقتصادية ارتكزت على التأميم مما دفع بالمواطنين العرب إلى اللجوء إلى لبنان. كان لعمل اللبنانيين في الخليج وما زال تأثير كبير على الأوضاع الداخلية إذ أسهمت التحويلات في تطوير الاقتصاد ورفع مستوى المعيشة في أوقات ضيق وتحديات صعبة. في هذا الوقت كانت الحكومات اللبنانية جدية في عملها المسؤول لمصلحة المواطنين، فوضعت برامج خماسية أولها لفترة 1964 – 1968 أسهمت في خلق مؤسسات عامة متعددة رقابية وغيرها وفي فهم دقيق لحاجات وإمكانات الاقتصاد. كان الاقتصاد اللبناني صحيا في نموه وتوزعه لكن بذور المشكلة الاجتماعية بدأت تظهر. لا بد وأن نذكر هنا أن الحد الأدنى للأجور كان 95 دولارا في سنة 1970 وكان مدروسا على عكس ما يحصل اليوم. كانت الحرب اللبنانية وكان الاحتلال الإسرائيلي في سنة 1982 وكان سقوط الليرة في فترة 1984-1985 كنتيجة ودافع للسقوط النهائي للدولة حتى توقيع اتفاق الطائف الذي أعطى فرصة للخلاص لم نستفد منها كليا بعد. لم يكن حل الطائف فاضلا لكنه أوقف الحرب وهذا مهم إلا أنه نقل الخلل السياسي والمؤسساتي من أمكنة إلى أخرى. مشكلة "الطائف" هو عدم قدرتنا كلبنانيين على تعديل مكامن الخلل فيه حتى ولو بدت ظاهرة في العديد من بنوده. في سنة 1987 وكنتيجة لسقوط النقد تدولر الاقتصاد اللبناني وما وزلنا غير قادرين على الخروج من هذا المأزق المضر الذي يتعمق أكثر فأكثر في عاداتنا وتصرفاتنا. في فترة 1970-1981 بلغ مؤشر التضخم السنوي حوالي 14.6% وانحدر الناتج المحلي الفردي بنسبة سنوية قدرها 5.5%. وصل مؤشر التضخم إلى 120% في سنة 1992 مما سبب ربط الليرة بالدولار، أي عمليا نعتمد منذ ذلك الحين السياسة النقدية الأمريكية في اقتصادنا اللبناني.ارتفعت الكتلة النقدية بمعدل سنوي قدره 17% في فترة 1974-1982 وإلى 339% سنويا في فترة 1983-1986. حصل زلزال اقتصادي خطير ميز فترة ما قبل 1975 مع ما بعدها ولا بد من تحديد المسؤوليات في المستقبل ليس فقط للمحاسبة , وإنما خاصة للتعلم من أخطاء الماضي وتجاربه. نمت الصادرات بنسبة سنوية قدرها 2% في فترة 1970-1981 والواردات ب 3.3% مما سبب انحدارا كبيرا متواصلا في الميزان التجاري اللبناني بعد سنوات من التغير الإيجابي. انحدرت نسبة العاملين في الزراعة إلى 11% من السكان بسبب الأمن وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية في الأرياف. ارتفعت نسبة العاملين في الخدمات إلى 62% مما سبب بداية الخلل السكاني الاقتصادي الذي ما زلنا نعاني منه حتى اليوم. انتقل السكان من الريف إلى المدن حيث بلغت نسبتهم 77% مقارنة ب 44% في سنة 1960 كما ذكرنا. في الأمور المصرفية والمالية وبسبب الأوضاع المتدهورة تدريجيا ارتفعت الودائع 3.5 مليار دولار فقط في سنة 1987 مقارنة ب 12 مليارا في سنة 1982. انحدر الناتج المحلي الإجمالي فوصل إلى 2.5 مليار دولار في سنة 1988 أو 714 دولارا للفرد الواحد مقارنة ب ألفي دولار في سنة 1975. في الوقت نفسه تدنى سعر صرف الليرة من 4.5 للدولار إلى 500 ليرة في سنة 1988 أي وصل الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولارا مما أسهم في دولرة الاقتصاد حتى تثبيت سعر الصرف في بداية التسعينات. ما زال الخلل الهيكلي للاقتصاد مستمرا حتى اليوم إذ أن النزاع السياسي يمنع عمليا تحقيق الإصلاحات الحقيقية. نحتاج إلى حكومة جديدة ليس فقط للقيام بالتعيينات الإدارية ولاتخاذ القرارات العادية، إنما نريدها أن تساهم في تصحيح هيكلية الاقتصاد عبر تنشيط الزراعة والصناعة كما عبر تطوير الريف لوقف النزوح السكاني وربما العودة إلى المناطق. تصحيح الخلل ممكن في ظل حكومات متجانسة وفاعلة تتخذ قراراتها بسرعة بالتعاون مع مجلس نيابي يقر التشريعات والموازنات كي تصبح الدولة دولة. هل نقبل في لبنان مثلا أن يشكل الاستهلاك الخاص حوالي %80 الناتج أي نتفوق على الولايات المتحدة وهي الدولة الاستهلاكية بامتياز من دون أن تكون هنالك قوانين لحماية حقوق المستهلك نتيجة المنافسة الفوضوية وعدم رقابة الجودة حتى في الأدوية والسلع الغذائية. المجتمع اللبناني سيبقى استهلاكيا إذ هذه هي طبيعة اللبناني الراغب في العيش الهنيء، إلا أن المطلوب زيادة القدرات الإنتاجية ليس فقط في الخدمات وإنما خاصة في الصناعة والزراعة بحيث نخفف من الاستيراد ونستهلك السلع الداخلية. في مستوى الناتج الحالي أي 35 مليار دولار، يسير اقتصادنا في الاتجاه الخاطئ. هل من الممكن تطوير الإنتاج في غياب التوفير الداخلي الكافي الذي تبتلعه الموازنات العاجزة؟ الحلول مترابطة، إذ أن بقاء عجز القطاع العام كبيرا يمنع تمويل القطاع الخاص بتكلفة تنافسية مقبولة. الأسواق المالية ما زالت غير متطورة، وبالتالي ما زلنا تقليديين في تمويلنا.لا يمكن تطوير الاقتصاد من دون تعزيز أوضاع الشركات الصغيرة التي تميز الاقتصاد اللبناني وتشكل القسم الأكبر من قطاعه الخاص. فالحلول للأوضاع الهيكلية تعتمد على وضع السياسات الاقتصادية التي تغير التوازنات الداخلية ليس إلى ما كانت عليه في السبعينات وهذا مستحيل وربما لا جدوى فيه، وإنما تصحح الخلل نحو أفضل الممكن.
2761
| 03 يونيو 2011
الاستثمارات في البنية التحتية ضرورية للنمو والتنمية كما لرفع مستويات الإنتاجية والتنافسية، فهي أحد أسباب النمو القوي السنوي للصين والمتوقع أن يكون 9 .2% وللهند 7 .9% حتى سنة 2012، بينما لا يتعدى المعدل العالمي نسبة 4 .8%، تقسم البنية التحتية إلى أجزاء عدة منها البناء والاتصالات والكهرباء والمياه والطرق وشبكات الري والنقل وغيرها، لبنان للأسف مقصر بها جميعها، ليس فقط بسبب التمويل وإنما خاصة بسبب سوء أوضاع الإدارة العامة والفساد كما الخلاف على الخصخصة رغم وجود جهاز عام لها منذ سنوات، من لا يتقدم يتراجع، وهذا هو وضعنا اللبناني في كل هذه القطاعات الحيوية للنمو والنهوض والتقدم ضمن الاقتصاد الدولي التنافسي. من أهم مصادر النمو القوي هي الإنشاءات الجديدة وهو حال الدول النامية والناشئة، وليس عمليات التحديث والصيانة كما هو الواقع في الدول الصناعية، في الولايات المتحدة مثلا، تبلغ قيمة مبيعات قطاع الإنشاء أو البناء سنويا حوالي 1 .3 مليار دولار أي تشكل حوالي 10 % من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف ما يقارب الـ 7 ملايين شخص، أكثرية الشركات الأمريكية في القطاع والبالغ عددها 700 ألف تعتبر صغيرة أي 62% منها توظف 4 أشخاص أو أقل وتخضع للعديد من القيود والإجراءات الرقابية التي تختلف من ولاية إلى أخرى وحتى بين المدن، هنالك قوة نقابية هائلة في القطاع بحيث يقدر عدد النقابات بـ 15 على المستوى الوطني الأمريكي وحوالي 7 آلاف على المستوى المحلي، في لبنان، قدرت مساهمة قطاع البناء بحوالي 6090 مليار ليرة في سنة 2008 و7012 مليار ليرة في سنة 2009 أي حوالي 13 .5% من الناتج المحلي الإجمالي في كل من السنتين ومن المتوقع أن تتراجع هذه السنة بسبب انخفاض الطلب على العقارات المبنية. هنالك مثل شائع يقول إنه عندما يتعزز قطاع البناء، يزدهر الاقتصاد وذلك لترابطه القوي بمختلف القطاعات الأخرى في السلع والخدمات، في قيمة الاستثمارات في قطاع البناء، تقدر سنويا بـ 1250 مليار دولار في الولايات المتحدة أو حوالي 25 % من المجموع العالمي تليها اليابان وثم الصين وألمانيا وفرنسا، أما في نسب نمو القطاع التي تبلغ عالميا حوالي 2 .3% سنويا، تأتي آسيا في الطليعة مع نسبة 7% تليها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (3،5%) وأمريكا الجنوبية (3 .2%) بينما تنخفض سنويا بنسبة 0 .5% في أوروبا الغربية، أما في الدول وتبعا لنسب النمو، تأتي الصين أولا وثم أستراليا وإندونيسيا والهند وبنغلاديش فقطر التي تعرف نموا مدهشا أسهم في رفع قيمة الدخل الفردي إلى أعلى مستوى في العالم، رغم تأثر القطاع الكبير بالأزمة المالية العالمية، هنالك مؤشرات نهوض جديدة تدعو للتفاؤل لكن المشكلة تكمن في كثرة العرض وعدم تجاوب الطلب الحالي معه. أما قطاع النقل المحلي والإقليمي، فدوره في النمو معروف وقوي، يتأثر كثيرا بمختلف جوانبه بالتقدم التكنولوجي المخفف للتلوث والتكلفة والفاعل من ناحيتي السرعة والآمان والخدمة الجيدة، المطلوب أن تكون في كل دولة سياسة نقل تهدف إلى خلق شبكات آمنة وفاعلة تحترم البيئة ويمكن للمواطن استخدامها بأسعار مقبولة تعكس "التكلفة الحدية"، وهو مبدأ مالي متعارف عليه دوليا، ترتكز سياسة النقل على توافر الإنشاءات والاستثمارات والخدمات في المطارات والطرق وسكك الحديد وعبر المعابر المائية، نجحت أوروبا مثلا في وضع سياسات نقل فاعلة تعبر الدول وصديقة للبيئة ومتوافرة بأسعار عادلة بمتناول المواطن العادي، في قطاع الطرق مثلا، من واجب الدولة تأمين الأموال للصيانة بالإضافة إلى إنشاء الجديد وذلك لوصل المناطق كما الدول بعضها ببعض، فالتقصير في الإنفاق ينتج حوادث سير كبيرة يمكن أن تكون قاتلة، فسلامة الطرق أساسية جدا للنقل وتخضع لمعايير الفعالية والسلامة، يمكن تمويل هذا الإنفاق عبر ضرائب مخصصة لها كما هو حال "الميكانيك" وضرائب المحروقات وتعريفات العبور على الجسور وعبر الأنفاق وعلى الطرق الدولية الكبيرة، لا توجد في لبنان سياسة للنقل، إذ هنالك ضياع كبير وضعف في التنسيق مما يحدث أزمات سير خانقة بالإضافة إلى التعريفات المرتفعة في الطيران، فالنقل العام في لبنان غير مرض ويفرض على الأسر شراء السيارات للأولاد مما يشكل هدرا كبيرا وثقلا مجحفا بحق الطبقات الوسطى وما دون، أحوال الطرق غير مرضية وما يتم من إنشاء أو تحديث أو صيانة يكلف كثيرا ويأخذ الوقت الطويل، هذا إذا تحقق، لا شك أن اللبنانيين يعانون الأمرين من النقل الداخلي كما الخارجي المرتكز على وضع المطار وتكلفة السفر. يعتبر قطاع الاتصالات ركيزة الاقتصاد الجديد ويرتبط بشكل عضوي بالتطور التكنولوجي الذي يربط المناطق والدول بشبكات سريعة أرضية أو خليوية، يخضع القطاع لثورتين كبيرتين أولها التكنولوجيا المتطورة دائما والمكلفة في العديد من الأحيان، وثانيا المنافسة في كل أقسامه بعد أن كان فقط جزءا من القطاع العام منذ أقل من عقدين من الزمن، أسهمت الثورتان في رفع إنتاجية القطاع وتخفيض التكلفة كما في تخفيض السعر الذي فرضته المنافسة القوية، كي تكون لشبكات القطاع الجدوى الاقتصادية الفضلى، يجب أن يربط بها أكبر عدد ممكن من المواطنين والأسر والشركات، عندها يستفيد الجميع من الخدمات مما يسمح للمستثمر بالقيام بعمليات الصيانة والتحديث والتوسيع والتكبير الضرورية للنهوض والاستمرار، نجحت جميع تجارب فتح الاستثمارات أمام القطاع الخاص المحلي والدولي في الاتصالات، مما أسهم في تحسين الخدمة وتخفيض التكلفة وتوفيرها في المدن والريف دعما للتربية والتعليم والبحوث عبر الإنترنت، لا شك أن لبنان مقصر هنا أيضا، وهنالك مشاريع استثمار ما زالت على الورق ونأمل في أن تنفذ في أسرع وقت وذلك لتأثير التطور ليس فقط على الاقتصاد وإنما أيضا على التعليم والتربية والبحوث، تخضع قطاعات البنية التحتية العامة الأخرى إلى نفس المبادئ والمعايير من نواحي الفعالية والآمان والتكلفة، في العديد من الأحيان، عجز القطاع العام عن تأمين هذه الاستثمارات والخدمات من ناحيتي التكلفة والجودة.
449
| 17 أبريل 2011
تنحدر حصة الزراعة في الاقتصاد اللبناني من سنة إلى أخرى حتى بلغت حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي تبعا للحسابات الوطنية لسنة 2009، ومن المرجح أن تنقرض إذا استمرت السياسات الاقتصادية المنحازة لقطاع الخدمات، لم نسمع أي من المسؤولين ينبه إلى خطورة الوضع، إذ إن الانشغال في توزيع الحصص الحكومية هي أهم بكثير وبالتالي لماذا يضيعون أوقاتهم في معالجة الوضع الزراعي المتدهور، هنالك من يعتقد في لبنان ألا أمل للزراعة فيه، وبالتالي يتناسى حيوية القطاع التي كانت ظاهرة جدا حتى بداية الحرب اللبنانية، من لا يؤمن بالزراعة اللبنانية يرغب عن قصد أو من دون قصد بتهجير سكان الريف إلى المدن وهذا ما يحصل في لبنان منذ أكثر من 20 سنة. يعتقد البعض أن هدف الزراعة يكمن فقط في إنتاج السلع الغذائية، إنما الحقيقة هي غير ذلك، إذ هدفها يكمن في خلق مجموعة سكانية ذات صحة ممتازة وتعتمد برامج غذائية سخية ومدروسة، للزراعة إذن علاقة قوية بالصحة والغذاء والبيئة والتنمية والتوزع السكاني والفقر وغيرها. يربط "آدم سميث" مؤسس العلوم الاقتصادية التطور الزراعي بالثروة الوطنية، قال إن الزراعة تخلق الثروة وبالتالي يجب التنبه لها والعناية بها، فالاقتصاد الحر، الذي وصفه سميث في كتابه "ثروات الأمم" والصادر في سنة 1776، لا يعني أبدا تطوير الخدمات على حساب القطاعين الأولين المهملين في لبنان، لذا تسعى الحكومات الجدية إلى مساعدة المزارعين على زيادة إنتاجيتهم ليس فقط للمنافع الاقتصادية البديهية، وإنما خاصة للتأثيرات الاجتماعية التي تنتج عن الزراعة. في فترة 1980 – 1997، ارتفعت إنتاجية العامل الزراعي سنويا 4% في اليابان و7% في كوريا الجنوبية و2.3% في الهند و3.7% في ماليزيا و2.3% في تايلاندا و3.9% في تايوان الصينية نتيجة وعي الحكومات لأهمية الزراعة ودورها، لا شك أن إنتاجية المزارع اللبناني انحدرت نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسات المتهورة. من الضروري أن يستمع المسؤولون اللبنانيون إلى ما قاله منذ أسابيع الرئيس أوباما وهو يعرض برنامجه الاقتصادي للسنوات المقبلة، قال إنه يأمل في أن تتضاعف الصادرات الزراعية الأمريكية مرتين قبل سنة 2014 علما أن هذه الصادرات ارتفعت من 114.8 مليار دولار في سنة 2008 إلى 115.8 مليار دولار في سنة 2010 وهي زيادة محترمة جدا في فترة أزمة مالية حادة كالتي تعيشها أمريكا، كانت الصين المستورد الأول (17.5 مليار دولار) تبعتها كندا (16.9 مليار). كلما زادت الصادرات مليار دولار، كلما خلقت حوالي 8 آلاف وظيفة جديدة، هذا يعني أن مجموع الصادرات الزراعية الحالية سمحت بخلق حوالي مليون فرصة عمل، في فترة 1980-1997، ارتفعت إنتاجية العامل الزراعي الأمريكي سنويا حوالي 3.2% مما أسهم في زيادة الإنتاج حتى لو لم يرتفع عدد العمالة في القطاع. استفادت الزراعة من التطور التكنولوجي والعلمي الهائل في القطاع، أينما نحن مقارنة باهتمامات المسؤولين تجاه اقتصاد بلدهم ومصالح شعبهم؟ أما في فرنسا، الأرض الزراعية الخيرة والتي يعبر المسؤولون فيها دائما وعمليا عن أهمية الزراعة، يفتتح الرئيس الفرنسي سنويا المعرض الزراعي الغني جدا بمحتوياته وإنتاجه وتقنياته مما يشير إلى اهتمام الرئاسة الفرنسية بهذا القطاع الكبير، ترتفع إنتاجية العامل الزراعي الفرنسي سنويا بنسبة 5.5% وهي من الأعلى عالميا وتعود إلى السياسات الزراعية الجيدة المعتمدة منذ عهد الرئيس ديغول، أما أوروبا عموما، فتعبر عن اهتمامها الزراعي عبر السياسة الزراعية المشتركة التي تتكون من مجموعة تدخلات ودعم مدروسة وذات أهداف مركزة. يبلغ الدعم الزراعي الأوروبي حوالي 100 مليار دولار سنويا مقابل 95 مليار في الولايات المتحدة و60 مليار دولار في اليابان، لذا نتيجة للسياسات الزراعية الوطنية والإقليمية، ترتفع إنتاجية العامل الزراعي الإيطالي حوالي 5.2% سنويا والبريطاني 3.4% وبنسب مماثلة لدول المجموعة الأوروبية الـ 27. ارتفاع أسعار المواد الغذائية هذه السنة نبه العالم إلى خطورة الإهمال الزراعي الدولي، سبب هذا الارتفاع زيادة في عدد الفقراء أي أن هنالك دوليا 13% من سكان العالم لا يحصلون على الغذاء المنوع والمناسب، كما أثر ارتفاع الأسعار سلبا على موازنات كل الدول، النامية منها خاصة، صحيح أن الاقتصاد الدولي يتوجه أكثر فأكثر نحو الخدمات، لكننا في لبنان تخطينا الخطوط الحمر المعروفة تبعا للتجارب الدولية والإقليمية، من المؤشرات السلبية التي كانت تحصل هو توجه الطلاب بكثافة إلى درس العلوم المالية والنقدية على حساب الصناعة والزراعة بسبب الأرباح المرتفعة المتوقعة والتي تحققت من التبادلات في البورصات العالمية حتى سنة 2007، بعد هذا التاريخ، تغير الواقع وعادت الصناعة والزراعة تهم الطلاب أكثر من السابق بسبب فرص العمل المتوافرة والأرباح المحتملة. يشعر المجتمع الدولي اليوم بضرورة زيادة العرض الزراعي حتى تنخفض الأسعار وبالتالي يتوافر حل لمشكلة الفقر التي تضرب ليس فقط الدول النامية وإنما المجتمع الدولي بأسره. ما هي الخطوات التي علينا اعتمادها في لبنان من قبل القطاع الخاص والدولة حتى نعوض بعض ما فاتنا ونحاول تحقيق أداء أفضل في المستقبل؟ أولا: يجب إيصال مقومات التنمية أكثر فأكثر وتدريجيا نحو المناطق البعيدة منها خاصة، نقصد هنا البنيتين التحتية من كهرباء واتصالات ومياه وطرق، والفوقية من مدارس ومستشفيات وغيرها، لا يمكن لأي زراعة في العالم أن تتطور من دون شبكات مياه للري ومن دون كهرباء مؤمنة بأسعار مقبولة وضمن إمكانات المزارع. ثانيا: يجب مساعدة المزارعين على رفع إنتاجيتهم تماما كما حصل في الدول الناجحة زراعيا في أوروبا وآسيا وبالتالي تأمين الاستشارة التقنية المجانية لهم، يجب توجيه المزارع نحو السلع التي من مصلحته زراعتها تبعا للتربة والطقس وهذا مهم جدا، إذا لم تكن الخبرات متوافرة في الدولة اللبنانية يجب طلب المساعدة من الخارج وفي مقدمها منظمة التغذية FAO. ثالثا: تقديم الأدوية والبذور والأسمدة الكيماوية الضرورية للمزارع لتحقيق إنتاج جيد سليم ومتنوع، من الأسباب التي تعيق التصدير الزراعي هي ضعف النوعية في بعض الأحيان كما أن تكلفة الإنتاج المرتفعة تعيق عملية المنافسة في الأسواق الدولية. رابعا: يجب التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمزارعين نتيجة الطقس السيئ والعواصف وغضب الطبيعة لأنها لم تأت من عامل السوق بل من عوامل خارجية لا سلطة له عليها. هذا واجب كل دولة مسؤولة. خامسا: العودة إلى برنامج دعم الصادرات الزراعية X+ الذي أدارته مؤسسة "إيدال" والذي نجح، لكنه توقف لأسباب سياسية ومادية، يجب على الدولة أن تمول عملية البحث الزراعي العلمي في المؤسسات العامة الموجودة كما في الكليات الجامعية القليلة المتخصصة. سادسا: يجب على الدولة اللبنانية أن تساعد المزارعين على إيجاد أسواق خارجية جديدة لسلعهم إذ إن المنافسة الدولية كبيرة ومكلفة وليس من السهل على المزارع العادي مواجهة المزارعين الدوليين المدعومين جدا من قبل دولهم. تفرض هذه الحلول أن تعيد الدولة النظر في هيكلية موازنتها بحيث تعزز الزراعة، يمكن للدولة أن تحصل على قروض ومساعدات لهذا الغرض شرط أن تنفقها في المكان المناسب، الإنفاق على الزراعة هو إنفاق في مستقبل لبنان واستمرارية الريف بحيث تخف الهجرة إذا لم يكن بالإمكان وقفها في الظروف الحالية.
2463
| 20 مارس 2011
للديمقراطية فوائد اقتصادية كبيرة إذ ترتبط مباشرة بالحريات واحترام حقوق الإنسان. فالديمقراطية تعني واقعيا التغيير الذي من المفترض أن يؤدي إلى احترام حقوق الإنسان وحرياته. تعاني المنطقة العربية من ضعف التنمية الإنسانية التي هي أساس التطور والتقدم. هنالك عدة أسباب تبرر ضرورة تطوير التنمية الإنسانية، وهي أولا أنها تضع الإنسان في صلب اهتمامات الحكومة والدولة وثانيا تساهم في رفع إنتاجية المواطن والعامل تحديدا. فالإنسان المنتج هو الذي يتمتع بكافة حقوقه الاجتماعية، وما الأمثلة القليلة المعاكسة إلا مؤقتة حكما. فالصين مثلا أصبحت تعي هذا الواقع، وها هي تبدأ بالاهتمام أكثر بمواطنيها حتى لو أدى ذلك إلى خسارة بعض من نموها السنوي القوي. تخشى الصين الهند التي تتطور بسرعة ضمن هوامش التنمية الإنسانية الحقيقية المرتكزة على التعليم والديمقراطية. من المتوقع أن تحصل الهند قريبا على المركز الاقتصادي الدولي الثالث، فتسبق اليابان المنكوبة أكثر فأكثر بكوارثها الطبيعية المؤلمة. تؤدي التنمية أيضا إلى توعية الإنسان على حقوقه وواجباته ومستقبله وبالتالي تساهم في تخفيض نسب الإنجاب، تماما كما حصل منذ قرون في المجتمعات الغربية. تؤدي التنمية الإنسانية إلى المحافظة على البيئة والسعي إلى تخفيض نسب الفقر والاهتمام بالفقراء. تساهم في إنشاء مجتمع مدني حيوي يساعد في تثبيت الاستقرار الاجتماعي الضروري للاستقرار السياسي. فالحكومات الواعية هي التي تهتم بمؤشرات التنمية الإنسانية التي أسهم الاقتصادي الهندي “أمارتيا سن” Sen في وضعها منذ عقود ونال بسببها جائزة نوبل للاقتصاد لسنة 1998. تنبه تقارير التنمية الإنسانية للدول العربية التي تصدر عن برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة إلى ضرورة احترام حقوق وحريات الإنسان وتعطي الحلول والتوصيات. قال تقرير سنة 2002 إن هنالك 3 أسباب أساسية لانتشار الفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهي الافتقار إلى الديمقراطية، تدني مستويات التعليم وعدم المساواة بين الجنسين. السبب الأول واضح جدا ويرتبط بقدرة المواطن على اختيار المسؤولين عنه وتبديلهم دوريا إذ شاء. أما التعليم، فيحتاج إلى الكثير من التطوير في الآداب والعلوم والتكنولوجيا واللغات وهو مفتاح التطور في كل العالم. للمقارنة مع الصين مثلا، 38% من النمو في فترة 1997 – 2007 سببه الرأس المال الإنساني حيث تضاعف عدد الطلاب في الجامعات 5 مرات. هنالك تحسن واضح في العدد خاصة في النوعية التي هي مصدر الإنتاجية. أما المرأة العربية وهي نصف المجتمع أو أكثر، فما زالت مهمشة اقتصاديا وبالتالي لا تساهم في النمو والتنمية كما تستطيع وكما ترغب. فالمرأة العربية لن تصل بسرعة في إنتاجها الاقتصادي إلى المستويات الغربية، لكن بإمكانها الوصول إلى المستويات الآسيوية والأمريكية اللاتينية. يربط تقرير سنة 2004 بين النقص في الحريات والضعف في التنمية العربية وبالتالي يؤكد أنه لا مجال لحصول التنمية الحقيقية من دون احترام الحريات ومن دون تحقيق الديمقراطية. أن ما يحصل اليوم في العديد من دول المنطقة يؤهل الاقتصادات إلى تحقيق الكثير من التنمية في السنوات القليلة القادمة. هنالك من كان يعتقد بأنه لو خير المواطن العربي بين الخبز لنفسه وعائلته وبين حرية الاقتراع يختار الأولى إلا أن الوقائع الأخيرة تشير إلى عكس ذلك، فلا شيء يتقدم على الحقوق والحريات. لا شك أن التقدم التكنولوجي سمح للانتفاضات العربية بالنجاح. عالميا، تضاعف عدد مستعملي الإنترنت مرتين بين سنتي 2005 و2010 حيث بلغ عددهم ملياري شخص. أما توزعهم فما زال غير متساو بين الدول الغنية والفقيرة، إذ تبلغ النسبة في الأولى 71% وفي الثانية 21% مما يشير إلى استمرار الفجوة التكنولوجية. فالمنتفضون واعون للعلاقة الإيجابية بين الديمقراطية وحقوق الإنسان من جهة وبين محاربة الفقر من جهة أخرى. فالفقر لا يمكن أن يكون ماديا فقط، بل هو معنوي ونفسي أيضا إذ يمنع الإنسان من تحقيق رغباته وطموحاته وأمنه الاجتماعي. يعي المنتفضون أيضا للعلاقة بين التعددية السياسية والتطور الاجتماعي الاقتصادي في دولهم. هنالك مطلب عربي جامع هو الشفافية والمحاسبة، إذ أثبتت التطورات الأخيرة بأن الشعوب العربية متعلقة بها كغيرها من شعوب العالم. تشير كل الدراسات والوقائع إلى ارتباط الديمقراطية والحريات بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية في الاتجاهين، وها هي العلاقة الفاضلة تبدأ بالظهور جليا في المنطقة. هنالك ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والنفط ناتج عن عمليات العرض والطلب كما عن المضاربة التي تحصل في ظروف متقلبة كالتي نعيشها.
602
| 16 مارس 2011
تمر المنطقة العربية اليوم في مرحلة انتقالية صعبة ستقتصر ليس فقط على تغيير وجوه وقيادات، وإنما خاصة على استحداث أنظمة جديدة مبنية على الديمقراطية واحترام حقوق المواطن وقطاع الأعمال ضمن شروط المنافسة. لا شك أن الخسائر البشرية والمادية الحاصلة هائلة، لكن المكاسب المحتملة أهم من ذلك بكثير. أمريكا اللاتينية مرت قبلنا في هذه الظروف ونجحت، وها هي البرازيل مثلا تعتبر مضرب مثل في التطور والنمو وحتى التنمية. كذلك فعلت دول إفريقيا السوداء حيث انتقلت 19 دولة حديثا إلى النظام الديمقراطي البرلماني. حتى لو لم تكن الانتخابات في هذه الدول النامية والناشئة مثالية، إلا أنها تحصل بفعالية والخاسر يهنئ الناجح في معظم الأحيان وهذا مهم. في كل حال، من كان يحلم بحصول تغييرات بهذا الحجم في العالم العربي وبهذا الامتداد حتى منذ 3 أشهر؟ العالم العربي يتغير وينتقل من فترة سوداء إلى أخرى تعم بالأمل شرط أن تتخلص الشعوب من الأنظمة السياسية والاقتصادية التي أسهمت في إفقارها. يجب أن يرتكز أي نظام جديد على أسس ومبادئ الديمقراطية مما يساهم في إلغاء السياسات التي أعاقت التقدم والنمو وتستبدل بأخرى جديدة تنقذ الأوضاع. إن أي تغيير جذري يحمل في طياته مخاطر كبيرة وهذا ما يحصل عربيا اليوم. لكن التغيير في العالم العربي لا يمكن إلا أن يكون مفيدا وإيجابيا، بحيث تتخلص الشعوب من سياسات القمع ليس فقط السياسية وإنما أيضا الاقتصادية والمالية والاجتماعية. فهذه السياسات التي تمارس منذ عقود أسهمت في تهميش العالم العربي بالنسبة للخريطة الاقتصادية العالمية. يمكن تقييم الأحداث الحالية كأنها استثمار في مستقبل الدول والمنطقة بحيث تخف الهجرة وترتفع نسب النمو ويخف هروب الأموال للاستثمار خارجها كما تتعزز ثقة الشعوب بواقع ومستقبل المنطقة ذات التاريخ القديم والغني. فمنطقتنا، ورغم الثروات الكبيرة التي تحتوي عليها أي نفط ومعادن وموارد بشرية ومادية، بقيت بعيدة عن التغيرات الرئيسة التي تحققت بشجاعة كبيرة في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا. لم يعد هنالك أي نظام ديكتاتوري في أمريكا الجنوبية إذ أن الديمقراطية هي النظام المطبق والفاعل. إن منطقتنا بحاجة إلى إعادة هيكلة نفسها من أجل متابعة التطورات التكنولوجية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية الكبرى والاستفادة منها في الداخل. سيتأثر لبنان كثيرا بما يحدث خارجه إذ أن الاقتصاد منفتح منذ نشأته. نوجز أهم التأثيرات كما يلي: أولا: ارتفاع أسعار النفط ليس بسبب تغيرات عوامل العرض والطلب وإنما بسبب القلق أو الخوف من انقطاع الإنتاج أو أقله النقل. سوف تبقى الأسعار مرتفعة على المدى القصير وبالتالي على المجتمع الدولي أن يتعايش مع هذه الظروف غير المساعدة. تؤثر أسعار النفط سلبا على التضخم أي تزيد من مخاطره مما يستدعي استبدال السياسات المالية والنقدية الحالية بأخرى تقشفية منعا لتفاقم الأسعار. لا بد لأسعار النفط من أن تنخفض مستقبلا عندما تستقر الأوضاع السياسية والأمنية وهذا يمكن أن يأخذ وقتا ليس بالقصير. في لبنان ولمواجهة هذه التغيرات من المفضل أن نثبت سعر صحيفة البنزين على 35 ألف ليرة لمدة 3 أشهر بحيث نراجع القرار تبعا للتطورات في المنطقة وفي أسواق النفط خاصة. لا يمكن أن نترك المواطن عرضة لتغيرات أسواق النفط الدولية في ظروف صعبة كالتي نعيشها اليوم. فالذي يتغير من أسبوع إلى آخر هو قيمة الضريبة التي تحصلها الدولة والتي تشكل الفارق بين ال 35 ألف ليرة وتكلفة شراء السلعة ونقلها وتأمينها حتى وصولها إلى المستهلك. ثانيا: ستتأثر الاستثمارات سلبا في المدى القصير. لا يمكن للبنان أن يكون جاذبا للاستثمارات النوعية الكبيرة عندما تكون أوضاع المنطقة مضطربة كما هي عليه اليوم. ارتباط لبنان القوي بالاقتصاد العربي يجعله معتمدا عليه ليس فقط في التجارة وإنما في التبادلات المالية. ثالثا: ستتأثر السياحة سلبا إذ أن هذا النشاط لا يمكن إلا أن يكون إقليميا. فالسائح الأجنبي يأتي إلى لبنان لزيارة المنطقة أيضا وبالتالي يختار مناطق أخرى في حال وجود تقلبات أمنية جدية. هذا يعني أننا لن ننعم بموسم سياحي مزدهر طالما بقيت أوضاع المنطقة على ما هي عليه. هنالك تكامل كبير بين دول المنطقة ولا يمكن لأي منها أن تستفيد على حساب الأخرى. لمواجهة هذه التحديات الكبيرة لا بد من تشكيل حكومة منسجمة تأخذ القرارات الشجاعة والمناسبة كما تقوم بالتعيينات الضرورية في الإدارة والسلك الدبلوماسي وكافة المواقع الأمنية والمالية والنقدية. يجب على الحكومة الجديدة أن تأخذ القرارات المناسبة التي تحتاج إليها كل القطاعات. لا يحتمل لبنان حكومة مشلولة منذ بدايتها تنقل خلافات الأطراف إلى داخلها وتعطل أداءها وتسيء إلى مصالح اللبنانيين.
668
| 09 مارس 2011
إن تتابع صدور الحسابات الوطنية السنوية جيد وإن أتى متأخرا بسبب الأوضاع العامة، ولا بد من التنويه بالجهود الكبيرة التي بذلت وتبذل من قبل أجهزة الدولة اللبنانية لإصدارها. لا بد من تقوية مؤسسة الإحصاء الوطني بشريا وماديا وإعطائها الاستقلالية تجاه السياسيين كما في الدول الغربية حتى تقوم بأعمالها بشكل أفضل. نأمل أن تصدر الحسابات النهائية لسنة 2010 في الفصل الأول من 2011 لنعود كما كنا منذ عقود، أي سباقين في إصدار هذه الأرقام المهمة التي لا يمكن إجراء أي تحليل اقتصادي ومالي جدي من دونها. هنالك جوانب إيجابية لحسابات 2009 أهمها وصول نسبة النمو العام الحقيقي إلى 8.5% وتراجع نسبة التضخم من 10.3% في سنة 2008 إلى 1.2% السنة الماضية. ما يقلق هو تدني نسبة القطاعين الأولين من الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود 12.5% (منها أقل من 5% للزراعة) مما يؤكد مرة جديدة على ضعف التنويع الاقتصادي وعلى اعتماد لبنان على القطاع الخدماتي وحده لتحقيق نمو عام. هنالك في كل حال اتجاه انحداري للقطاعين الأولين أي للزراعة من 6% من الناتج في سنة 2008 إلى 5% في سنة 2009. أما الصناعة، فانخفضت حصتها في الاقتصاد من أقل من 8% في سنة 2008 إلى 7.5% في سنة 2009. أهمية الزراعة والصناعة هو توزعهما على كل الأراضي اللبنانية وتحديدا وجودهما في المناطق البعيدة التي لا تستفيد من النمو العام الخدماتي كما يجب. هنالك مخاطر كبرى لوصول القطاع الخدماتي إلى حدود 88% من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة قل وجودها حتى في أعرق الدول تطورا ونضجا في الاقتصاد. في الولايات المتحدة تصل حصة الخدمات إلى %80 من الناتج وفي فرنسا إلى 76% وفي سويسرا دولة الخدمات النوعية بامتياز إلى 73%. تكمن المخاطر في أن القطاع الخدماتي يتأثر سلبا بسرعة بأي خضة سياسية وأمنية يمكن أن تحصل ، أما القطاعان الآخران فيصمدان أكثر بكثير ولا بد من الاتعاظ هنا من تجربة حرب 2006 حيث خرج السواح والزائرون وتوقفت الخدمات وانهار النمو الاقتصادي الذي كان قويا في النصف الأول من السنة. إذا استمررنا في هذه الاتجاهات، ستتدنى أكثر حصة الزراعة والصناعة في الاقتصاد العام وسيكون لها تأثيرات سلبية كبرى على التوزع السكاني والتنمية والرفاهية الاجتماعية والفقر تفوق تصور السياسيين القصير الأمد عموما. إذا قارنا نمو الزراعة والصناعة بالاقتصاد العام بين سنتي 2008 و 2009 ، نرى أنها تدنت في الزراعة بينما ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة أقل من النمو العام مما يشير إلى اتجاهات غير متوازنة لتطور الاقتصاد اللبناني . هنا تكمن ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية اللبنانية كي لا نخسر ما تبقى من زراعة وصناعة. المطلوب معروف ويطالب به الصناعيون والمزارعون منذ عقود. يجب التعويض على المزارعين لتغطية الخسائر التي منيوا بها نتيجة العاصفة التي ضربت لبنان والمناطق الزراعية تحديدا منذ أيام. هذا لا يعتبر دعما، إذ إن الخسائر لم تنتج عن عوامل السوق بل عن غضب الطبيعة مما يحتم على الحكومة التدخل للتعويض عبر الموازنة أم عبر التبرعات والقروض أو غيرها من الموارد المالية. كذلك الأمر فيما يخص الصناعة عندما تأتي الخسائر ليس من السوق وإنما من السياسات العامة المسيئة لتطور الصناعة. مطالب الصناعيين معروفة منذ عقود ، فكيف لصناعة أن تحيى من دون كهرباء وكيف لزراعة أن تستمر من دون مياه وري وإرشاد متخصص وتسهيلات تسويقية وضرائبية وتمويلية. فالولايات المتحدة وأوروبا تتدخلان لمساعدة قطاعي الصناعة والزراعة ، فكيف في لبنان حيث مناعة القطاعين أضعف ليس نتيجة عوامل السوق وإنما نتيجة السياسات العامة غير المدروسة والإهمال المتراكم. مراجعة السياسات الاقتصادية لا تقتصر على لبنان طبعا وإنما هي واجب كل الدول خاصة تلك التي سببت الأزمة المالية العالمية وفي مقدمها الولايات المتحدة . لا يمكن تجاهل الموضوع بعد التجارب المرة التي لحقت بالاقتصاد الدولي حتى في الدول التي لم تصب مباشرة بشظايا الأزمة كمجموعة الدول النامية والناشئة. من أسوأ مؤشرات الأزمة هو ارتفاع نسبة البطالة الشبابية الدولية ( أي بين 15 و24 سنة ) من 11.9% في سنة 2007 إلى 13% في سنة 2009. تبعا لمنظمة العمل الدولية " ILO" ، هنالك 81 مليون شاب وشابة لا يعملون بسبب غياب الفرص ، مما يشير إلى ضياع إنتاج أجيال بكاملها. المطلوب ليس فقط المراجعة ، وإنما التنسيق فيما بين الدول المعنية لتقوية فرص الإنقاذ وبالتالي العودة إلى نسب نمو ما قبل الأزمة . ليس ضروريا تعديل آليات السياسة النقدية لأن أسباب الأزمة لا تعود إليها بل إلى سوء تطبيق الإجراءات القانونية بالإضافة إلى حاجة السلطات إلى أدوات جديدة للرقابة أكثر فعالية. من ناحية أخرى، هنالك مأخذ أساسي على المصارف المركزية الغربية وفي مقدمها الأمريكي الذي لو رفع الفوائد بشكل أسرع في بداية الألفية الثانية لجنب الاقتصاد الغربي الأزمة العقارية التي امتدت إلى كافة جوانب الاقتصادين المالي والحقيقي. أما السياسة المالية ، فقد ساعد الضخ على تجنب حدوث ركود أكبر أي بطالة مرتفعة تؤثر سلبا على الأوضاع الاجتماعية . في كل حال من الأفضل معالجة الفقاعات المالية عبر السياسة المالية وبالتحديد الضرائبية بدل تغيير الفوائد لأن مستوى الأخيرة منخفض ولا يمكن تخفيضه أكثر، كما أن للسياسة المالية تأثيرا إيجابيا مباشرا على الاقتصاد ككل وليس بصورة غير مباشرة كما هو حال الفوائد. نعلم جميعا وهذه دروس "كينز" إن تأثير زيادة الإنفاق على الاقتصاد أكبر بكثير من تخفيض الضرائب بسبب اختلاف قيمة "العامل المضاعف" بين الحالتين. أن توافر ادخار دولي كبير أسهم في تخفيض الفوائد في بداية الألفية الحالية مما شجع على الاقتراض والمخاطرة في الاستثمارات لتحقيق أرباح كبيرة. ارتفعت نسبة الادخار الخاص الدولي أي الناتج عن أعمال الأفراد والشركات من 29% من الناتج في سنة 2007 إلى 33% في سنة 2010. أن وجود خلل في الاقتصاد الدولي مرتكز على فائض ادخاري هائل في الصين وآسيا عموما بالتزامن مع عجز في ميزان الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية لا يمكن أن يستمر دون إحداث تقلبات نقدية من فترة إلى أخرى. تؤكد توقعات صندوق النقد على انخفاض العجز المالي في الدول الغربية في فترة 2011 – 2015 نتيجة تخفيض أو توقف الضخ المالي الحاصل منذ سنة 2008. رغم هذا التخفيض المتوقع، سترتفع نسبة الدين العام في الدول الصناعية من 91% من الناتج اليوم إلى 110% في سنة 2015. ارتفاعها بعشرين نقطة يؤدي إلى انخفاض النمو السنوي ب 0.3 نقطة، وهي تكلفة باهظة لدول تنمو أصلا بنسب ضعيفة. يقول الاقتصاديان "راينهارت" و"روغوف" إنه عندما تتعدى نسبة الدين العام من الناتج مستوى آل %90 يصبح الخوف مزدوجا، أي انخفاض نسبة النمو وارتفاع المخاطر المالية التي يمكن أن تؤدي إلى الإفلاس. يقول الاقتصادي "بول كروغمان" إن من واجب الدول تخفيض عجز الموازنة لأن بقاءه مرتفعا يؤدي عاجلا أو آجلا إلى التضخم. العالم ينسى اليوم غضب التضخم الغائب منذ بداية الأزمة، لكنه ربما يعود في فترات ليست بالبعيدة. لن ينخفض العجز المالي إلا إذا عادت الشركات إلى الاستثمار والمواطنون إلى الإنفاق بحيث تتوسع رقعة الاقتصاد ويرتفع التحصيل الضرائبي العام. المطلوب في رأي "كروغمان" عودة الصحة إلى الاقتصادات الوطنية أي تبقى متوازنة في الداخل والخارج كي تصمد أمام العواصف المالية والاقتصادية الآتية من الخارج. هنالك قلق دولي بشأن الدروس التي اقتبست فعلا من الأزمة والخوف من أن نعود إليها كل عشر سنوات، فتتحقق الخسائر الكبرى التي يدفع ثمنها المواطن العادي الذي لم يكن مسببا لها.
1139
| 22 ديسمبر 2010
مساحة إعلانية
 
        نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6627
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6492
| 24 أكتوبر 2025
 
        المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2676
| 28 أكتوبر 2025
 
        كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2013
| 30 أكتوبر 2025
 
        جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1698
| 26 أكتوبر 2025
 
        على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1506
| 27 أكتوبر 2025
 
        النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1062
| 24 أكتوبر 2025
 
        لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1014
| 27 أكتوبر 2025
 
        في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
1011
| 24 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1008
| 29 أكتوبر 2025
 
        “أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
942
| 27 أكتوبر 2025
 
        عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...
852
| 26 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
