رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الاستثمارات .. وفخ القروض

الحصول على القروض من الوسائل السهلة التي تلجأ إليها الدول لتعويض عجز الموازنة العامة أو لتمويل الاستثمارات، ولكن هناك ضوابط بألا تزيد نسبتها على 60 % من الناتج المحلي الإجمالي وألا يتجاوز الدين المحلي والأجنبي هذه النسبة وهي الحد المسموح به وفق المعايير الدولية، إلا أن المخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري إلى جانب الديون هو فشل الحكومات المتعاقبة في تبني برنامج زمني لسداد تلك الديون، وهذا يدق ناقوس الخطر من الدخول في دوامة القروض الدولية، وهي فخ كبير لا يمكن الفكاك منه بسهولة، حتى وإن كانت هناك تطمينات من الإدارة المصرية بأن ديون مصر ما زالت في حدودها الآمنة، ومن ثم بدأت بخطوات جديدة على طريق الاقتراض من المؤسسات الدولية، وتحديدا من البنك الدولي بمبلغ مليار دولار، لتمويل عجز الموازنة ضمن البرنامج الشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، المقترح تنفيذه مع البنك على مدار 3 سنوات، بإجمالي 3 مليارات دولار، وإذا كان في ذلك شهادة من البنك الدولي على الثقة في الاقتصاد والقدرة على السداد وقد سبقه قرض البنك الأفريقي للتنمية، بمبلغ 1.5 مليار دولار، على مدار 3 سنوات، وفي ذات الوقت الذي تجري فيه الاتصالات مع ممثلي صناديق تمويلية عربية، على رأسها الصندوقان السعودي، والكويتي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، وصناديق ومؤسسات إماراتية لدعم التنمية في مصر، وهو اتجاه للتوسع في الاقتراض الخارجي، بعد اضطرار الحكومة للاقتراض من المؤسسات الدولية، نظرا لتراجع الدعم الخليجي، وهذا يدعونا إلى التخوف من الانزلاق إلى مصير اليونان، على الرغم من أن مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني ثبّتت تصنيف مصر عند مستوى «بي»، مع منح الاقتصاد نظرة مستقبلية مستقرة، لذلك فإن الصورة تبدو قاتمة، وإن كان رغم هذه القروض المتوقعة أو التي سيتم الاتفاق عليها، إلا أنها لا تكفي لسد حجم العجز المطلوب تعويضه مقارنة بحجم الفجوة التمويلية في الموازنة العامة للدولة التي تقدر بنحو عشرين مليار دولار على مدار العامين المقبلين، والتي يرى البعض أنها قد تصل إلى نحو ثلاثين مليار دولار سنويا، في ضوء قيمة العجز بالموازنة، والذي يصل في أقل التقديرات لنحو 240 مليار جنيه، أي بحدود ثلاثين مليار دولار، في ظل تراجع موارد النقد الأجنبي إلى الحدود الدنيا، وتوجه الحكومة لتمويل مشروعات محطات الكهرباء، وزيادة معدلات الإنفاق على التسليح، وتراجع الدعمين الخليجي والدولي، مما يفتح المجال واسعا للاقتراض من مصادر دولية وإقليمية أخرى، حيث توضح بيانات البنك المركزي المصري أن الدين الخارجي قفز من 35 مليار دولار في يونيو 2011 إلى 48 مليار دولار في نفس الشهر في 2015، وبذلك تكون قيمة الزيادة على مدار السنوات الأربع الماضية 13 مليار دولار تمثل نسبة زيادة قدرها 37%، لتصل قيمة الدين الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 15%، ومن الخطورة استمراء عملية الاقتراض تحت وطأة الحاجة للإنفاق الجاري، وليس الإنفاق الاستثماري، وقد تقوم الحكومة بالاقتراض لسداد ديون قديمة حل أجلها، ثم تضيف جزءا من الديون لتمويل احتياجات آنية، وبذلك يظل منحنى الدين العام في تصاعد مستمر، حتى تجاوز الدين الأمر الذي يجعل من القروض الخارجية إضافة جديدة لأعباء الدين، إذ إن الاقتراض لن يخلق فرص عمل جديدة، ولن يساهم في إنتاج سلع وخدمات جديدة، لكنه سيستخدم لسداد أعباء خدمة الدين، سواء لشركات النفط الأجنبية أو ديون الموازنة العامة للدولة. ومن هنا فإن قضية الدين العام مرشحة لمزيد من التفاقم، فظلالها شديدة السلبية اقتصاديا واجتماعيا على واقع المجتمع المصري في ظل عدم توجيه الإيرادات العامة نحو الاستثمار وتمويل قطاعات الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وبنية أساسية. وهذا يتطلب وجود هيئات رقابية قوية يمكنها محاسبة الأداء الحكومي بالنسبة لاستخدامات القروض ومدى الاستفادة منها، والجهات التي يتم الإنفاق عليها من تلك القروض، وهل كانت هناك دواعٍ وأسباب للاقتراض أم لا؟ لأن الاقتصاد المصري إذا استمر على هذا النهج سوف يدفع ثمنا باهظا مقابل هذه الديون وسوف يتحمل الأبناء والأجيال القادمة أعباء هذه الديون، ويتحمل المجتمع أيضا التداعيات السلبية اقتصاديا واجتماعيا، لأنه من الصعب الوصول إلى حل لمشكلة الاقتراض الخارجي من دون السعي إلى العمل وزيادة الإنتاج والبدء بالإصلاح الداخلي ومحاربة الفساد، لأن التوسع في الدين الخارجي وإهمال الإصلاح فلن تكون له نهاية سوى الإفلاس، وما الحالة اليونانية منا ببعيدة.

606

| 23 ديسمبر 2015

الديون المصرية.. والمخاطر الاقتصادية

شهد الاقتصاد المصري تطورات سلبية في السنوات الأخيرة كان أخطرها ارتفاع إجمالي الدين العام المحلي ليسجل رقما تاريخيا غير مسبوق في تاريخها، حيث بلغ 1380.1 مليار جنيه، في نهاية شهر ديسمبر 2012، منه 81.6%، مستحقا على الحكومة، و5%، مستحقا على الهيئات العامة الاقتصادية، و13.4% على بنك الاستثمار القومى، وفقًا لما كشفت عنه تقارير رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري، وسجل الدين العام الخارجي زيادة تقدر بنحو 335.4 مليون دولار، بمعدل 1%، نحو 34.7 مليار دولار، في نهاية الربع الأول من العام المالي 2012- 2013، ما يعادل نحو 236 مليار جنيه، وليبلغ إجمالي الديون المستحقة على مصر داخليًا وخارجيًا 1616 مليار جنيه، أي 1.6 تريليون جنيه، وهو أعلى مستوى على الإطلاق من الديون مستحق على مصر، في تاريخها، حيث بلغت إجمالي أرصدة المديونيات المستحقة على مصر، ومن ثم زيادة نصيب المواطن من الديون التي يمكن أن يورثها لأبنائه من الأجيال القادمة وهذا يشكل الكثير من المخاطر الاقتصادية، ولكن هل يعد ما أعلنه البنك المركزي المصري عن انخفاض الدين الخارجي المستحق على مصر بمعدل 4%، ليبلغ 46.1 مليار دولار، في نهاية شهر سبتمبر الماضي مقارنة بـ 48.1 مليار دولار في نهاية يونيو 2015، بتراجع قدره 2 مليار دولار، خطوة للأمام لتخفيف مخاطر هذه الديون رغم انخفاض حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي لمصر إلى 16.33 مليار دولار، بنهاية شهر سبتمبر الماضي، مقارنة بـ18.09 مليار دولار بنهاية شهر أغسطس 2015، بانخفاض قدره 1.76 مليار دولار، وكان البنك المركزي المصرى، قد أعلن منذ بداية الشهر الماضي، بأن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي لمصر انخفض إلى 18.09 مليار دولار بنهاية شهر أغسطس 2015، مقارنة بـ18.5 مليار دولار، بنهاية شهر يوليو 2015، بانخفاض قدره نحو 438 مليون دولار، وهذا بلا شك يؤثر على مدى توفير السلع الأساسية والمواد الخام التي تحتاجها الصناعات المختلفة وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، في الظروف الاستثنائية، خاصة مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة، مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات حيث إن المصادر الأخرى للعملة الصعبة، مثل تحويلات المصريين في الخارج - رغم وصولها إلى مستوى قياسى -، ومع استقرار عائدات قناة السويس، لا يمكن أن تساهم في تعويض نقص الاحتياطي النقدي الأجنبي، خاصة بعد قيام مصر بتسديد نحو 2.4 مليار دولار لكل من قطر ونادي باريس،وهذا يتطلب المزيد من الإصلاحات وتنوع المشروعات القومية الكبرى القادرة على جذب الاستثمارات والمستثمرين من الشرق والغرب ومن آسيا وأمريكا، وتحسين وتهيئة مناخ الاستثمار والعمل، من خلال تغيير التشريعات والقوانين بما يضمن حق المستثمر والعامل والدولة، والتعامل مع البيروقراطية والفساد باعتبارهما أهم معوقات التنمية الاقتصادية، لأن تخفيض حجم الديون يحتم زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر للمساهمة في توفير فرص العمل الجديدة والحد من تفاقم حجم البطالة التي فاقت كل الحدود المسوح بها لأنها تعد قنابل موقوتة تهدد الأمن الاجتماعي والسياسي، لأنها قابلة للانفجار عندما تتزايد عليها للضغوط الحياتية المتنوعة، والعمل على الاستفادة منها في العمل والإنتاج باعتبارها ثروة مهدرة لم يتم الاستفادة منها، ومن النفقات التي أنفقت في مراحل التعليم المختلفة، والعمل في خط مواز على تحسين موارد العملة الصعبة وزيادة الصادرات وتنافسية المنتج المصري عالميًا، والحد من الإنفاق الترفي والاستهلاك الاستفزازي الذي يستنفذ الكثير من العملات الأجنبية، والحد من عمليات الاقتراض التي تعمل على تأجيل الأزمة الاقتصادية الحالية مؤقتا للفترة المقبلة وتتحملها الأجيال القادمة، التي تتحمل مسؤولية وأعباء هذه الديون في المستقبل، لأن كثرة القروض التي تحصل عليها الدولة تؤدي لتفاقم الأزمة؛ حيث تسببت في زيادة المديونية؛ لأن الدولة تحصل عليها من أجل سد عجز الموازنة، وتوفير الاحتياجات الداخلية من رواتب وأجور، حتى لا ينخفض تصنيفها الائتماني، وفي الوقت نفسه لم تؤد لاستثمارات؛ مما يزيد الأمر تعقيدا، إذا لم يتم دعم تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ ومساعدتها ماديا، وبالخبرات الفنية، لأنها عصب اقتصاد الدولة،من ناحية، ومن جهة أخرى توفر أكبر مساحة للوظائف، بعد اكتظاظ الدوائر الحكومية وشركات القطاع الخاص بالعاملين، الذين يمثلون بطالة مقنعة، ومن ثم فإنه لا أمل في تقليل الديون والاستغناء عن القروض إلا من خلال العمل الإنتاج؛ لأن من خلاله سيقل الاستيراد، ومن ثم يقلل الفجوة بينها وبين التصدير، وحل هذه المعادلة تالصعبة، حيث إن مصر تستورد بـ 75 مليار دولار، وتصدر بـ 15 مليار دولار، والفرق بينهما 50 مليار دولار، ومصر لديها عجز بنحو 20 أو 25 مليار دولار، لذلك ستظل الديون قائمة طالما استمرأ الشعب النمط الاستهلاكي غير المنتج.

535

| 09 ديسمبر 2015

أزمة الاقتصاد .. والمحافظ الجديد

أزمات الاقتصاد المصري تمثل تحديات ضخمة أمام محافظ البنك المركزي الجديد، على المستويين الداخلي والخارجي، خاصة بعد التراجعات التي تعرض لها الاحتياطي النقدي وفقد نحو 1.7 مليار دولار في فترة سريعة في ظل تحديات أمنية وسياسية واقتصادية وضغوط داخلية وخارجية من قوى بعينها، وما تخلفه تلك التحديات من آثار وانعكاسات سلبية على معدلات النمو بالتزامن مع تزايد الأعباء علي الحكومة، فالملفات شائكة ومتداخلة بداية من سوق الصرف وسوءه، والتضخم وتضخمه، والاستيراد وزيادته، والصادرات وتناقصها، والقروض وفوائدها، وهي تحديات اقتصادية قديمة - جديدة يمكن تحويلها إلى أهداف ينبغي العمل على تحقيقها خلال الفترة القادمة، ولا أعتقد أن المحافظ الجديد للبنك المركزي سوف يغيب عنه ذلك، فهو يحتاج إلى تجميع مدخرات دولارية لإعادة ضخها واستخدمها في تغطية احتياجات المصنعين والمستوردين من العملات الصعبة، وضبط منظومة سوق الصرف والقضاء على السوق السوداء للعملة، وهذا يتطلب ضبط منظومة الأسعار والعمل على استقرارها، وضرورة التنسيق بين الجهات الاقتصادية، خاصة طرفي السياستين النقدية والمالية ومجلس التنمية الاقتصادية، لتحسين إدارة الاحتياطي من النقد الأجنبي، في ظل تركيبته الحالية التي غالبيتها ودائع من دول خليجية، والتوقف شبه التام للمساعدات الخليجية، وتراجع موارد الاستثمارات والسياحة من 7 مليارات إلى 3.5 مليار دولار،الأمر الذي يتطلب مهارات وخبرات مالية عالية تمكن من إعادة هيكلة مكونات الاحتياطي النقدي من موارد رئيسية مثل الاستثمار الأجنبي والسياحة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج وعائدات قناة السويس وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية والسلطات المالية للدولة، بعد أن تراجع بالفعل إلى نحو 16 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي، ولابد من الاعتماد على الذات، وتنمية موارد البنوك من العملة الصعبة عبر حلول غير نمطية، بعيدا عن الاستعانة بأرصدة البنوك الحكومية في الخارج واحتياطياتها من العملة الصعبة، من خلال زيادة التنافسية في القطاع المصرفي، عبر طرح منتجات وخدمات مصرفية تلبي احتياجات المواطنين وبالتالي زيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك، وتطوير خدمات البنوك عبر تطبيقات الهاتف المحمول والتي تعد تحديات هامة في ظل سباق عالمي كبير نحو تحسين تلك الخدمات، إلى جانب ضبط مستويات التضخم الذي ارتفع لمستوى 5.61% بنهاية شهر أغسطس الماضي ومستويات الأسعار والسيولة النقدية والائتمان، لحماية الجنيه المصري الذي تراجع بنسبة 12% أمام الدولار منذ بداية العام، على أمل تعزيز تنافسية الصادرات، والسياحة، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، ولكن قد يتعرض الجنيه المصري لمزيد من التدهور إذا رفع البنك الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة على الدولار مع بداية العام، والتي سوف تؤثر سلبا على معظم الاقتصادات الناشئة وأسواق المال التي تعرضت لتخفيض عملتها الرئيسية أمام الدولار، لدعم صادراتها وسط مخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وقيام الصين بتخفيض اليوان بمقدار 2% في أغسطس الماضي، نتيجة تراجع قطاع الصناعة وانخفاض الطلب، لأن رفع الفائدة الأمريكية سيرفع تكلفة الديون الخارجية في الدول التي تعتزم طرح سندات أو صكوك دولية لسد العجز المتوقع في ميزانياتها، نظرا لارتفاع نسبة الفائدة على هذه الإصدارات، والذي يصاحبه هروب العديد من المستثمرين من أسواق المال بعد تصفية محافظهم للاستثمار في العملة الأمريكية، خاصة مع استمرار عدم رفع الحد الأقصى للإيداع في البنوك بالنسبة للدولار، الذي فرضه محافظ البنك المركزي السابق بما لا يزيد على 10 آلاف دولار، هو مبلغ زهيد، وأثبت فشله الذريع. وتبقى الإشكالية، هل ينجح المحافظ الجديد للبنك المركزي في تنفيذ مجموعة من الحلول السريعة، التي يجب على الدولة اتباعها، مثل رفع حد الأقصى للإيداع بالنسبة للدولار، واتخاذ التدابير والسياسات الاقتصادية الواضحة من أجل تشجيع المناخ الاستثماري، وجدولة الديون الخارجية، التي سجلت مؤخرا 39.853 مليار دولار، بالإضافة إلى المساعدة في حل أزمة الدين المحلي والذي سجل ما يزيد على 2 تريليون جنيه.

403

| 02 ديسمبر 2015

الاستثمار في النفط .. وتراجع الأسعار

استمرار تراجع أسعار النفط إلى فترات طويلة يهدد الاقتصاد والاستثمار في مجال النفط بما يؤثر بالتأكيد على حجم الإمدادات ونقص العرض، ولاسيَّما مع تفاقم منحنى الانخفاض إلى أقل من 50 دولارا للبرميل، وتمسك منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) منذ منتصف عام 2014 بالدفاع عن الحصة السوقية لأعضائها بدلا من خفض الإنتاج الذي يستخدم بداهة لمواجهة انخفاض الأسعار، ولا ندري هل سوف تستمر في هذا النهج من خلال اجتماعها القادم في بداية شهر ديسمبر المقبل أم لا، ولاسيَّما أن أسعار النفط الحالية لا تشجع المستثمرين، وتؤثر سلبا على التنمية، لأن ضعف الاستثمارات العالمية سيدفع إلى تزايد انخفاض إنتاج النفط، وقد يكون ذلك مفيدا لصالح ارتفاع الأسعار، لأن الاستثمار في صناعة النفط، من خلال الاكتشافات الجديدة، وتطور تقنيات الاكتشاف والإنتاج ضروري لتلبية زيادة الطلب وتحقيق استقرار السوق على المديين القصير والطويل، وهذا يتطلب التعاون بين كافة الدول المنتجة والمصدّرة للنفط، سواء من دول داخل أوبك، أو من خارجها، للحفاظ على استقرار السوق والأسعار، خاصة إذا ظلت الأسعار تبتعد عن حاجز 40 دولاراً للبرميل مع وفرة الإمدادات والمخزونات التي تساعد على استمرار تخمة المعروض في الأسواق، وزيادة المخزونات الأمريكية، ولا شك أن هذا الوضع يهدد المحافظ الاستثمارية في العالم وفي البلدان المصدرة للنفط وما ينتج عنه من انعكاسات داخلية كبيرة وأثر سلبي على أسعار الأصول العالمية ويظهر ذلك جليا، حيث إن كبرى البلدان المصدرة للنفط تشهد حاليا عجوزات في موازناتها لأول مرة منذ سنوات، نتيجة الهبوط الحاد في أسعار النفط، الذي أدى إلى تباطؤ معدلات النمو في أصول صناديقها للثروة السيادية التي كانت تشهد ارتفاعات بمعدلات سريعة ولكن بدأ بعضها في السحب من الاحتياطيات، ولكن تختلف القدرة على تحمل هبوط الأسعار من دولة إلى أخرى، خاصة إذا استمرت أسعار النفط في التراجع، وتحقيق العديد من الشركات العاملة في هذا المجال لخسائر ضخمة، قد تجبرها على صفقات اندماج، مع تشجيع شركات أخرى على عمليات الاستحواذ، وإن كانت الاستثمارات العالمية، قد تراجعت في هذا القطاع منذ أزمة النفط بشكل كبير، كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية انخفاض استثمارات النفط العالمية 20 % في 2015، وتعتبر أن ذلك هو أكبر تراجع لها على الإطلاق، كما يؤكد الأمين العام لمنظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك)على أن الاستثمارات النفطية في الدول المنتجة للنفط تراجعت بنسبة 21 %، حيث تتضرر شركات الطاقة من جراء هبوط أسعار النفط إلى النصف خلال السنة الماضية، كما تأثرت خطط الاستثمار بشركات النفط الكبرى والشركات المحلية وجعلها في مأزق كبير، ومن ثم يتعين عليها إيجاد سبل أخرى للحفاظ على السيولة النقدية، من خلال عملية إعادة الهيكلة، والتركيز على إدارة التكاليف ورفع الكفاءة، والتأقلم مع الهبوط الحاد لأسعار النفط في الأسواق العالمية، والعمل على خفض التكاليف، لتحقيق نتائج إيجابية، وإطلاق مشاريع مشتركة في آسيا وإفريقيا، في ظل تحديات الاقتصاد العالمي، لأن ذلك يجبر الشركات على عدم الإنفاق على عمليات التنقيب والإنتاج، وسوف يؤدي خفض الاستثمارات الآن إلى تأخير تطوير الحقول النفطية القائمة وتوقف عمليات التنقيب، مما يعني أن الإنتاج قد يتباطأ لسنوات مقبلة، إلى جانب أن هناك تراجعاً كبيراً في إنتاج النفط الصخري، بعد انخفاض أسعار النفط الخام، وأن زيادة الإنتاج في النفط الصخري محدودة حالياً، وقد تشهد انخفاضا في عام 2016، والذي سينعكس إيجاباً على الأسعار وعلى «أوبك».

464

| 25 نوفمبر 2015

الدولار الحائر.. والمستثمر الخائف

ظل الدولار في مصر حائرا بين الصعود والهبوط في فترات متباعدة وكأنه دمية في يد محافظي البنك المركزي يحركونها إلى أعلى أو إلى أسفل وفق رؤية ذاتية أو مبنية على دراسات ناقصة لم تقدم أي جديد في صالح الاقتصاد، ففي شهر أكتوبر الماضي تم خفض قيمة الجنيه المصري على مرحلتين، وفي نوفمبر الجاري تم رفعه للمرة الأولى في مواجهة الدولار، بعد عرض 40 مليون دولار على البنوك بالسعر المخفض، وقد أربك ذلك المستثمرين وتجار العملة الذي يحتفظون بكميات كبيرة من الدولار، وزاد تخوفهم وعدم ثقتهم في الاقتصاد، بعد أن ارتفع ارتفاعا كبيرا في الشهور الماضية مقابل الجنيه، ووصل إلى أعلى معدل له، في حين انخفض سعر الجنيه إلى أدنى معدلاته، وإن كان البعض يرى في وعود البنك المركزي بتوفير مليار دولار لتلبية احتياجات القطاع المصرفي تمثل خطوة هامة، لأن الأمر الأهم بالنسبة للمنتجين هو توفير العملة الصعبة، إلا أن إجراء البنك المركزي بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر، إلا أن اتحاد المستثمرين المصريين قد أبدى تخوفه من قرار «المركزي» بخفض الدولار، بواقع 20 قرشا دفعة واحدة، لأول مرة منذ عامين، خاصة أن هذا الإجراء جاء إرضاء لرئيس الدولة الذي طالب بخفض أسعار السلع، وليس بناء على رؤية اقتصادية متكاملة، مما يهدد سوق صرف العملات الأجنبية، بعد أن انخفض سعر الدولار في البنوك، ومن الفروض أن تنعكس هذه الإجراءات على الأسواق، لتشهد تراجعا في أسعار السلع ولو مؤقتا، لأن ذلك مرتبط بمدى قدرة الجنيه على الصمود أمام الدولار، ومواجهة الضغوط الشديدة التي سيتعرض لها، خاصة إذا واكب ذلك تراجعا شديدا في الاحتياطي النقدي، الذي سيتأثر بالدخل السياحي، ومدى تدفق حركة السائحين، وحجم تحويلات العاملين بالخارج ولاسيَّما من يعملون في الدول التي تعتمد موازناتها بصورة أساسية على النفط وتأثرت سلبا من تراجع أسعار النفط، وكذلك إذا تراجعت عائدات قناة السويس لأي سبب من الأسباب، ولاشك أن المواجهة الحقيقية بين الدولار والجنيه سوف تحتدم لهذه الأسباب، وسوف تتصاعد أكثر عندما يهرب المستثمر الأجنبي الذي يشعر الآن بالخوف والقلق من تذبذب أسعار الصرف ويخشى من دخول سوق الاستثمار مما يقلص حجم العملات الأجنبية بصورة كبيرة، لأن إجراء البنك المركزي يعد بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر، وقد تتعرض الاحتياطيات النقدية للاستنزاف، الذي تشكل فيه الودائع الخليجية نسبة أكبر، فضلاً عن تضرر المصدرين بعدما تنخفض تنافسية الصادرات. ولاسيَّما أن قرار البنك المركزي بزيادة سعر صرف الجنيه وبزيادة أسعار الفائدة على بعض الأوعية الادخارية، لجذب المزيد الدولارات التي في السوق بعد استبدالها بالعملة المحلية، يعد بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر، وسوف تكون لذلك توابع سلبية على الاقتصاد في الفترة المقبلة، أبرزها إضافة أعباء جديدة على خدمة الدين العام، مما يعني إضافة خسائر كبيرة للاقتصاد المصري، على اعتبار أن الحكومة هي أكبر مستدين من البنوك، وكذلك فإن هذه القرارات ستعمل على تحجيم الاستثمار الخاص إلى حد كبير وزيادة أعباء خدمة القروض للشركات القائمة، وزيادة مشاكلها التمويلية أي حد كبير، خاصة الشركات المتعثرة أو التي في طريقها للتوقف، وكانت القرارات النقدية للبنك المركزي مفاجئة لها ولم تتم بالتدرج أسوة بكل دول العالم لتجنب الصدمات الفجائية للمجتمع بصفة عامة، وللقطاع المصرفي على وجه الخصوص، وعلينا أن نقدر ذلك وأن نسعى إلى تخفيض الواردات وزيادة الصادرات حتى لا يكون الجنيه ضعيفا أمام غيره من العملات، والعمل على الاستفادة من ذلك في جذب الاستثمار، وإعطاء الثقة للمستثمر الخائف والمتردد من القرارات غير المدروسة، أو غير المتوقعة التي تتسبب في قلق وفزع رجال الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، الأمر الذي يدفعهم إلى البحث على أسواق أكثر أمنا واستقرارا ومن ثم الهجرة إليها.

467

| 18 نوفمبر 2015

قرض البنك الدولي.. والاقتصاد المصري

الاقتصاد المصري في موقف لا يحسد عليه بعد أن أصيب بضربات متتالية بعضها من نيران صديقة وبعضها من تأثيرات خارجية ألقت بظلالها السلبية،على مختلف القطاعات، والصعوبة أنها أتت في أوقات متقاربة، ولولا وجود بنية اقتصادية، ما استطاع الاقتصاد المقاومة حتى الآن ولكن السؤال هو إلى متى؟ خاصة إذا ظلت مخرجات النظام الاقتصادي غير قادرة على معالجة بعض القضايا الجوهرية، كالبطالة، وضعف الاحتياطي الأجنني، وانخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، في ظل رهن بعض مؤسسات التمويل الدولية تقديم القروض الجديدة لمصر، واشتراط الاتحاد الأوروبي استكمال مساعداته المخصصة بقيمة 5 مليارات يورو باستكمال خارطة الطريق السياسي، كما أن حادثة سقوط الطائرة الروسية في صحراء سيناء سوف تترك ظلالا قاتمة على الاقتصاد المصري وتعمق جراحه، لأنها ستؤثر على مناخ الاستثمار، وتراجع الاستثمارت الأجنبية وزيادة القلق على رأسمال الأجنبي وعلى تحويلات الأرباح إلى الخارج، وزيادة تقلب سوق الصرف، وتأثر الاحتياطات من العملة الصعبة، في ظل انخفاض منتظر في أداء قطاع السياحة والطيران بعد اتخاذ بعض الدول قرارات بتعليق رحلاتها السياحة، إلى جانب تراجع شهية المستثمرين واستمرار نزيف الاحتياطات النقدية، رغم أن الاقتصاد في أمس الحاجة لكل دولار يأتي من السياحة خاصة من شرم الشيخ التي لم تتأثر بأية تداعيات تعرضت لها المنطقة في السنوات القليلة الماضية،لأن ضرب السياحة المصرية، ضرب للاقتصاد في مقتل، حيث من المتوقع أن تتراجع إيرادات القطاع السياحي إلى ما دون سبعة مليارات دولار التي سجلت خلال العام الماضي، بسبب تأثر النشاط في مدينتي شرم الشيخ والغردقة اللتين شكلتا آخر معقل للقطاع السياحي، الذي يعد من القطاعات الرئيسة المهمة للاقتصاد، لأنها توفر 15% من عائدات العملات الأجنبية ونحو 12% من إجمالي الناتج المحلي، الأمر الغريب هيئة قناة السويس قدمت بيانات عن تراجع إيرادات القناة من رسوم عبور السفن خلال أغسطس الماضي بنحو 9.4% مقارنة بأغسطس 2014، كما سجلت إيرادات شهر أغسطس الماضي 462.1 مليون دولار، مقابل 510 ملايين بالفترة المقابلة بفارق 47.9 مليون دولار، ومن ثم فإن الاحتياطي الأجنبي وفق تصريحات المسؤولين لا يتجاوز في الوقت الحالي قيمة 16 مليار دولار، وهو يكفي فقط لتغطية 2.7 شهر من الواردات الأساسية من الغذاء والمواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع، الأمر الذي يتطلب ضرورة سرعة دفع عملية التنمية السياسية، حتى تكون الأوضاع اقتصادية أكثر جاذبية، بما سيؤثر على بث الثقة مجددًا من قبل المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، خاصة إذا واكب ذلك حزمة من التشريعات التي تتطلب تعديلات ضرورية من أجل تعزيز مناخ الاستثمار، كقانون ضمانات وحوفز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997،وحل مشكلة عدم توفر العملة الصعبة في السوق، وإزالة القيود على تحويلات الشركات نحوالخارج، ووفقا لمصادر البنك المركزي لم تتلق مصر أية مساعدات جديدة بعد المؤتمر الاقتصادي،حيث تلقت في أبريل الماضي 6 مليارات دولار من السعودية والإمارات والكويت كانت تعهدت بها الدول الثلاث في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي،ويتوقع الخبراء توقف هذه المساعدات نهائيا، بعدما تأثرت ميزانيات معظم دول الخليج بسبب تراجع أسعار النفط، لذلك تركز الإدارة المصرية على إرضاء البنك الدولي للحصول على قرض قيمته 3 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات من أجل دعم الموازنة العام.، رغم أن توسع الحكومة في الاقتراض المحلي والخارجي خلال السنوات الأخيرة تسبب في زيادة أعباء الاقتصاد، وفي تراجع تصنيف مصر الائتماني، مما ينعكس سلبا على تعزيز الثقة بالاقتصاد المصري،إذا لم تسرع في تنفيذ بعض المشروعات كبيرة الحجم،التي تم الإعلان عنها من قبل، كالعاصمة الإدارية الجديدة، ومحور تنمية قناة السويس، والمثلث الذهبي، واستصلاح المليون فدان، لأن ذلك يقي الاقتصاد من التعرض لأزمة عنيفة ؛ بسبب تفاقم مشكلة الدولار في السوق بجانب ارتفاع الديون لمعدلات غير مسبوقة، في الوقت الذي تعرضت فيه الصادرات المصرية لنكسة كبيرة وتحتاج إلى وقت حتى يمكن أن تعود للتعافي.

372

| 11 نوفمبر 2015

الميزانيات الخليجية .. وضغط أسعار النفط

لا شك أن أسعار النفط سوف تظل تلقي بظلالها على اقتصادات الدول النفطية، بل وغير النفطية، في ظل استمرار تراجع الأسعار وعجز منظمة "أوبك" عن السيطرة على السوق أو ضبط الإنتاج ؛لذلك فإن تأخر تعافي سعر النفط سيؤثر سلبا على الوضع الائتماني لدول الخليج، ومن هنا تبدأ المخاوف لتعرض ميزانيات الدول للضغوط النفطية إلى فترات أطول، إذا بقيت أسعار النفط عند مستوياتها المنخفضة لفترة أطول،أو إذا استمرت في الهبوط، لذلك خيم التشاؤم على خبراء صندوق النقد الدولي الذي يحذر من أن التراجع المستمر في سعر النفط منذ منتصف العام الماضي، سوف يكبد دول المنطقة خسائر تقدر بنحو 360 مليار دولار، خلال العام الحالي فقط، وتكمن الخطورة في عدم قراءة التقرير جيدا، نظرا لتأثير ذلك في السنوات القادمة على موازنات الدول النفطية، خاصة أن عدة دول قد أعلنت عن عجز في موازناتها السنوية للعام الجاري، بينما عمدت دول أخرى إلى تعديل موازناتها، إثر تراجع سعر برميل النفط إلى 45 دولارا، بعد أن تجاوز الـ 110 دولارات في العام الماضي، مما دفع بالمملكة العربية السعودية، التي تعد أكبر منتجي النفط في العالم إلى السحب من الاحتياطي وتقليص الاستثمارات الخارجية، لأن السعر الذي يحقق التوازن الاقتصادي بالنسبة لميزانيتها يجب ألا يقل السعر عن 106 دولارات للبرميل، حيث إن الاحتياطات النقدية لديها قد لا تكفي لضمان تحقيق هذا التوازن لفترة لا تتجاوز 5 سنوات، إذا ما ظل سعر النفط عند 50 دولارا للبرميل، وفي ظل استمرار الصراعات الإقليمية،وتفاقم الأوضاع في سوريا واليمن والاضطرابات في العراق، لذلك فإن التقديرات المبدئية للخسائر المتوقعة لدول الخليج العربية خلال السنوات المقبلة قد تتعدى التريليون دولار،وسوف تؤدي إلى وقف النمو عند 2.5 %، وسوف تؤثر هذه التداعيات بشدة أيضا على اقتصادات سوريا والعراق واليمن ، كما لم تسلم كلا من الأردن ولبنان ضغوطا اقتصادية نتيجة لاستضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، ليس ذلك فقط بل سوف تتضرر بصورة أو بأخرى اقتصادات الدول المصدرة للأيدي العاملة مع تسريح العمالة أو خفض الرواتب وأثر ذلك على التحويلات من النقد الأجنبي، وهذا يفرض علينا جميعا التكيف مع الواقع الجديد، من خلال إعادة النظر في الميزانيات،وتقليص النفقات،والبحث جديا عن تنويع مصادر الدخل، لتوسيع قاعدة الإيرادات غير النفطية لضمان استمرارية التدفقات النقدية لتغطية النفقات وتمويل المشروعات بفضل الاحتياطات المالية الكبيرة التي تراكمت خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط، والتي تجعل من الصعوبة البدء في تخفيض دعم السلع والخدمات وفاتورة الرواتب في القطاع العام، وهذا سينعكس أيضا على أداء القطاع الخاص وقدرته على استيعاب الوظائف الجديدة، التي ستبدو أكثر وضوحا في كل من : البحرين وسلطنة عمان لأنهما الأكثر تأثرا بهبوط أسعار النفط نظرا لارتفاع السعر الذي يحقق نقطة التعادل في موازنتهما، ولذلك فإن مواجهة ذلك قد يفرض إجراءات أكثر من خلال رجوع الحكومات على المواطنين لسد عجز الموازنات بالضرائب والرسوم والغرامات المالية ، لمواجهة الاحتياجات التنموية الحقيقية حتى لا تتفاقم الأوضاع الاقتصادية، وإن كانت توقعات صندوق النقد الدولي بقدرة دول الخليج على اتخاذ تدابير التكيف الضرورية بفضل احتياطاتها المالية الكبيرة التي تراكمت خلال السنوات التي ارتفعت فيها أسعار النفط، رغم الجهود الخليجية الرامية لتعزيز الإيرادات غير النفطية محدودة، وغير ممنهجة، لأن الحديث عنها يرتفع ويتكرر فقط مع كل أزمة تتعلق بأسعار النفط وتأثيراتها السلبية المتوقعة، ثم لا تلبث أن تهدأ أو تتلاشى مع تعافي أسعار النفط مرة أخرى، لذلك فإن حجم التحديات المالية الناجمة عن هبوط سعر النفط تختلف من بلد لآخر، لأن الحلول التي تتبناها الدول الأخرى غير المصدرة للنفط تختلف أيضا على مستوى السياسة المالية، وهو أمر يصعب على دول مجلس التعاون الخليجي تنفيذها لأنها تنطوي على العديد من المخاطر، تفرضها طبيعة الحياة ومستوى الدخل. ونمط الرفاهية التي تعود عليها المواطن، التي تحتاج إلى الكثير من الوعي لإدراك أن هناك مشكلة اقتصادية حقيقية نتيجة انخفاض أسعار النفط ، وهذا يتطلب التفاعل الإيجابي من الجميع لتحمل ولو جزء من المسؤولية، حتى تنفرج الأزمة ولو جزئيا.

387

| 28 أكتوبر 2015

الدولار يصعد.. والأسعار ترتفع

السباق المحموم بين صعود الدولار وارتفاع الأسعار حالة مصرية غير مسبوقة تتوج الدولار ملكا على قائمة أسعار الصرف على حساب الجنيه الذي بلغ أكبر انهيار له هذه الأيام على مرأى ومسمع من الحكومة ومن القطاع الخاص ورجال الأعمال الذين يستسلمون ويكتفون برفع القبعة للدولار وقراءة الفاتحة على روح الجنيه، وهو يترنح قبل أن تحدث الكارثة الكبرى وتعلن الحكومة تعويمه أمام سلة العملات الرئيسة، خاصة مع استجابة السلطات لدعوة صندوق النقد الدولي بتحقيق المرونة لسعر الصرف في مصر والذي حذرنا منه في المقال السابق في جريدة "الشرق " تحت عنوان " صندوق النقد يطالب مصر بمرونة سعر الصرف" وقلنا: إن استمرار تنفيذ طلبات صندوق النقد الدولي قد يجر الاقتصاد إلى منحى خطير خاصة ما يتعلق بتحقيق مرونة في سعر صرف الجنيه الذي بلغ أدنى مستواته على الإطلاق بعد أن سجل أكثر من 8 جنيات وعشرين قرشا للدولار الواحد، لأن هذه الدعوة تعني فتح الباب أمام انخفاضات أخرى غير مقننة، تمثل المزيد من الانهيار والنزيف لقوة الاقتصاد، خاصة مع تراجع الاحتياطي الأجنبي إلى 16.3 مليار دولار نهاية سبتمبر الماضي مقابل 18.1 مليار دولار نهاية أغسطس الماضي "، وهذا الذي حدث وسوف يدفع ثمنه الكثير، ومن الصعوبة تحديد أكبر الخاسرين من ذلك، فهل المواطن الذي سيكوى بلهيب الأسعار وهو أول مَن سيدفع الثمن، البورصة لأن زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه ستؤثر على التداولات في البورصة، التي ستكون أسرع مَن سيدفع ثمن تراجع قيمة الجنيه، إلى جانب تقليص دخول الأجانب في الوقت الحالى لشراء أدوات جديدة، انتظارا لإجراءات البنك المركزى المتوقعة عن تخفيضات جديدة، وإذا كان البعض يرى في المقابل،أن هذا التراجع يؤثر بشكل إيجابي على الاستثمار، وانخفاض قيمة العملة والفائدة يساعد على تحفيز الاستثمار، وجلب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في مصر، وسيؤثر على التعاملات بالبورصة المصرية، لأنه سيُحدث ارتفاعات طفيفة في الأسهم، لإعادة التوازن بين قيمة الجنيه وقيمة السهم، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، ولم يتم زيادة الاستثمارات الأجنبية أو العربية، ولم يعلن عن ذلك ولم تظهر أي أرقام رسمية توضح حجم هذه الاستثمارات حتى يستفيد الاقتصاد من هذه التخفيضات، وينطبق ذلك على القطاع السياحي حيث إن تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار يمنح المنتج السياحي المصري ميزة تنافسية، نظراً لرخص سعره في مقابل المنتجات السياحية المنافسة، مع ذلك لم تتأثر حركة السياحة إيجابيا، بل إن تراجع السعر انعكس سلبيا على مؤسسي المشروعات السياحية والفندقية بسبب ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة، الأمر الذي سيرفع الأسعار تلقائيا خاصة للسلع المستوردة والمواد الخام والأدوية، بعد توقف أغلب الشركات الأجنبية الموردة للأدوية المستوردة عن التوريد للسوق المصرية بعد ارتفاع مديونياتها إلى ٣٠٠ مليون دولار، لصعوبة تدبير العملة وتحويل الأموال، خاصة أن المستثمرين الأجانب واجهوا صعوبات منذ بداية العام الحالي في تحويل أموالهم للخارج، بسبب الآلية التي أقرها البنك المركزي في تحويل الأموال في إطار سياسته للحفاظ على مخزون النقد الأجنبى، كما أن ارتفاع سعر الدولار المتواصل أدى إلى زيادات في تكلفة الإنتاج جعلت المنتج المصرى غير منافس عالميا، خاصة أنها تجر وراءها زيادات في ضريبة المبيعات والجمارك وأيضا في أجور العمالة، التي تطالب بزيادة رواتبها لمواجهة زيادات الأسعار في السوق، والأخطر من ذلك أن شركات أجنبية كبرى تدرس الانسحاب من السوق، بسبب تفاقم أزمة الدولار، وتضارب أسعار صرفه مقابل الجنيه في السوق الرسمية والموازية، وأن بعض المصانع بدأت تصفية أعمالها، نتيجة لحالة الكساد التى شهدتها السوق، بسبب زيادة الأسعار، ما أدى لتراجع عمليات الشراء بما يزيد على ٥٠%، إلى جانب تراجع الصادرات بنسبة ٢٢%، ولكن حتى لا نفقد الأمل لابد من الاستفادة من الزيادة الجديدة في سعر صرف الدولار في تحسين موقف الصناعات المصرية، حتى ترفع تنافسيتها في السوق المحلية في مواجهة المستورد، وبما يؤدى إلى زيادة الصادرات، وذلك باتخاذ المزيد من الإجراءات والسياسات المالية والنقدية التي تعمل على سرعة توفير كميات الدولار المطلوبة لتلبية احتياجات القطاعات الصناعية المختلفة، وحتى يمكن تحجيم ارتفاع أسعار السلع.

397

| 21 أكتوبر 2015

صندوق النقد يطالب مصر بمرونة سعر الصرف

طلب صندوق النقد الدولي من عدد من الدول ومنها مصر التي تعاني عجزا كبيرا في حساباتها الجارية بضرورة السماح تدريجياً بمرونة أكبر في سعر الصرف وتحسين آليات تحويل الأموال، لأن الصندوق يتوقع تسارع نمو الاقتصاد المصري بمعدل 4.5 % في 2015، في حين لا تزال معدلات البطالة مرتفعة، لاسيَّما بين الشباب والنساء. على الجانب الآخر، أكد صندوق النقد أن الدول العربية التي تمر بمراحل انتقالية تخوض مسارات متباينة، ما يجعل التوقعات المستقبلية لها "غير مؤكدة"، وإن كان تسارع نمو الاقتصاد، يعكس تعافي الاستثمار ولو نسبيا، بعد إصدارات السندات الدولية، ولكن الصندوق يدس السم في العسل بعد أن رحب بنجاح الحكومة المصرية في خفض عجز الموازنة الأساسي، رغم تراجع المنح الأجنبية، فهو يرجع ذلك لالتزام مصر بتنفيذ توجيهاته بإجراء مجموعة كبيرة من الإصلاحات، التي شملت ملف دعم الطاقة واحتواء فاتورة الأجور، وزيادة الإيرادات الضريبية، ولكنها ضد مصلحة المواطن الفقير أو متوسط الدخل، الذي لا يتحمل المزيد من الإجراءات التقشفية وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت كثيرا من هذه الإجراءات بدليل زيادة عدد الشركات المتعثرة أو التي توقفت وعجزت عن مواجهة ارتفاع فاتورة الطاقة وانخفاض قيمة الجنيه المصري في مواجهة الدولار والعملات الأجنبية الرئيسية، لذلك فإن استمرار تنفيذ طلبات صندوق النقد الدولي قد يجر الاقتصاد إلى منحى خطير خاصة ما يتعلق بتحقيق مرونة في سعر صرف الجنيه الذي بلغ أدنى مستوياته على الإطلاق بعدما سجل أكثر من 8 جنيهات وعشرين قرشا للدولار الواحد، لأن هذه الدعوة تعني فتح الباب أمام انخفاضات أخرى غير مقننة، تمثل المزيد من الانهيار لقوة الاقتصاد، خاصة مع تراجع الاحتياطي الأجنبي إلى 16.3 مليار دولار نهاية سبتمبر الماضي مقابل 18.1 مليار دولار نهاية أغسطس، بما يؤثر سلبا على التصنيف الائتماني للبلاد والذي حددته مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني عند "آ3" مع نظرة مستقبلية مستقرة، ولكنها أشارت إلى أن تراجع الاحتياطي النقدي للشهر الثالث على التوالي منذ يونيو الماضى يؤكد أن ميزان المدفوعات المصري لا يزال يعتمد إلى حد كبير على مساعدات الجهات المانحة ومن ثم التأثير سلبا على التصنيف الائتماني لوضع السيولة النقدية الأجنبية، والمخاطر المالية المحتملة لأن استمرار تراجع احتياطي النقد الأجنبي سيمثل ضغطا متواصلا على وضع مصر الخارجي حتى وإن ظلت ديونها الخارجية عند مستويات منخفضة، إلا أن تباطؤ وتيرة النمو في حجم الودائع بالعملة الأجنبية قد يستمر خلال العام المقبل رغم تعهدات دول الخليج بمنح مساعدات مالية بلغت قيمتها 5. 12 مليار دولار أمريكي خلال المؤتمر الاقتصادي وهذا سيؤدي إلى استمرار تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي، بما يهدد بأزمة في توفير السيولة اللازمة لتلبية احتياجات السوق من السلع والمواد الخام المستوردة المستخدمة في الصناعة، في ظل توقعات الوكالة الائتمانية استمرار العجز في الميزان التجاري المصري الذي ارتفع بنسبة 9. 13 % خلال العام الجاري ليصل إلى 8. 38 مليار دولار أمريكي مقابل 1. 34 مليار دولار العام الماضي نتيجة تراجع الصادرات ولاسيَّما الصادرات النفطية التي تشكل نحو 40 % من إجمالي الصادرات المصرية التي تأثرت بأزمة تدني أسعار المعدن الأسود التي باتت تعصف بكثير من دول العالم خاصة النفطية التي فشلت في تنويع مصادر الدخل واعتمدت على النفط كمصدر وحيد أو أساس للدخل لسنوات طويلة، وعلى ذلك فإن الاستجابة لطلب صندوق النقد الدولي بالسماح بانخفاض سعر صرف الجنيه تحت مظلة ألفاظ مغلفة مثل "مرونة سعر الصرف"، لأن السماح بانخفاض الجنيه يرفع فاتورة مصر من الواردات النفطية والغذائية المرتفعة أصلا. في مقابل إيجابيات محدودة في مجال تعزيز بعض الصادرات أو جذب المزيد من الاستثمارات، وكان البنك المركزي قد سمح في شهر يناير الماضي للبنوك بتداول الدولار في نطاق أعلى أو أقل من السعر الرسمي، بما يصل إلى 0.10 جنيه مع السماح لمكاتب الصرافة بتداول الدولار في نطاق أعلى أو أقل من السعر الرسمي بما يصل إلى 0.15 جنيه، مما أدى إلى ارتفاع الدولار إلى أرقام قياسية، ونخشى أن تنخفض قيمة الجنيه مرة أخرى إلى أكثر من ذلك، وأن تظل قيمة الدولار في صعود مستمر.

388

| 14 أكتوبر 2015

اقتصاديات منطقة اليورو.. بين المساعدات والديون

مخاطر تواجه انتعاش منطقة اليورو بعد الركود الذي أصاب الاقتصاد الفرنسي والنمو الضعيف للاقتصاد الألماني وتدهور الاقتصاد الإيطالي مما أدى إلى تراجع الثقة في اقتصاد المنطقة، لأن العودة للحالة الطبيعية قد تستغرق سنوات حتى يتم إخضاع بنية المنطقة لإصلاحات جوهرية والشعور بالتعافي، لأنه لا يستطيع أي متفائل أن يجزم بأن الأسوأ قد مر بالفعل، وأن سنوات الرخاء قادمة في القريب العاجل، لأن العودة للحالة الطبيعية ستستغرق سنوات ولكنها قادمة، وإن كان ارتفاع عدد العاطلين لفترة مطولة لابد أن يخلف عواقب سلبية جسيمة على نمو الناتج المحلي الإجمالي لسنوات قادمة، خاصة إذا ظل التعافي بالوتيرة الحالية، بما لا يمكن أحد من أن يتوقع العودة إلى الحالة الطبيعية قبل بضع سنوات، وقبل أن يتم إنشاء اتحاد مصرفي حقيقي يتمتع بإشراف مشترك وتأمين مشترك على الودائع وآلية حل مشتركة لأنه من دون ذلك سوف تستمر الأموال في التدفق من البلدان الأضعف إلى البلدان الأقوى، وهذا يتطلب تبني سياسات صناعية تعمل على تمكين البلدان المتعثرة من اللحاق بالركب، مع مراجعة القيود الحالية التي تحول دون هذه السياسات باعتبارها تدخلات غير مقبولة في الأسواق الحرة، مع التخلي عن سياسات التقشف التي تعرقل النمو بسياسات تدعم وتركز على الاستثمار في الموارد البشرية والتكنولوجيا والبنية الأساسية، وذلك للحد من الهجرة من البلدان المتضررة بالأزمة التي تؤدي إلى تفريغ الاقتصادات الأضعف، وقد تفضي أيضا إلى سوء توزيع الأيدي العاملة، ولكن ليس بالضرورة أن يظل الحال بهذا السوء، لأنه من الممكن إنقاذ اليورو - حلم المشروع الأوروبي - بعيدا عن الخطب التي تتغنى بالالتزام بأوروبا، والتخلي في ذات الوقت عن التضامن الذي يحقق نجاح السياسات، لأن الفشل يعني التخلي عن اليورو من أجل إنقاذ المشروع الأوروبي، خاصة أن دولا مثل ألمانيا وبعض بلدان شمال أوروبا أبدت عدم رغبتها في التضامن الأوروبي ولن تقبل أن يطالبها أحد بسداد فاتورة الجيران المسرفين في الجنوب، وإن استمرت ألمانيا وغيرها من بلدان شمال أوروبا في الإصرار على اتباع السياسات الحالية فسوف ينتهي بها الحال هي وجاراتها في الجنوب إلى تكبد ثمن باهظ، بعد أن كان من المفترض أن يعمل اليورو على تحقيق النمو والرخاء وجلب شعور بالوحدة إلى أوروبا، ولكن ما حدث بدلا من ذلك هو أنه جلب الركود وعدم الاستقرار والانقسام، وانتقال تداعيات أزمة اليورو من دول جنوب أوروبا إلى شمالها، بعد أن واصل الاقتصاد اليوناني تراجعه بنسبة 4.6%، وحقق الدين العام معدلا قياسيا بارتفاعه 321.8 مليار يورو مقابل 302.5 مليار قبل عام، كما ارتفع معدل البطالة إلى 27.6% ومن المتوقع تجاوزه 28% العام المقبل، ليسجل حقيقة استمرار عجز بلاد الإغريق عن التعافي والعودة للأسواق المالية. وتمثل إسبانيا، صاحبة رابع اقتصاد أوروبي، استثناءً بين دول اليورو المتأزمة، إذ حصلت على مساعدات بقيمة مائة مليار يورو، كما تنتظر اليونان تحقيق نمو خفيف العام القادم من خلال خطة تقشف جديدة بالمجالين الصحي والاجتماعي لتوفير ثلاثة مليارات يورو، وتشديد الإجراءات الضريبية لجلب ملياري يورو، بعد أن أقر الاتحاد الأوروبي برنامج مساعدات ثالثا لليونان، بقيمة تقدر ما بين 82 و86 مليار يورو على ثلاث سنوات بعدما وصل البلد إلى شفا الخروج من منطقة اليورو، مع إصلاحات جدية ودعم مالي وبذلك تضع أوروبا خارطة طريق وكل شيء يتوقف الآن على تطبيقها بصورة صحيحة، بعد أن بلغت ديون منطقة اليورو المكونة من 19 دولة أكثر من 8.6 تريليون يورو (11 تريليون دولار) أما إجمالي ديون دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 فتزيد أيضاً على 11 تريليون يورو، وتتصدر إسبانيا واليونان وأيرلندا والبرتغال وقبرص الدول الأوروبية الأكثر عجزا في موازناتها، حيث يصل مستوى الديون في عموم منطقة اليورو إلى 90.6 % من إجمالي دخلها القومي، ومن هنا ندرك أهمية التضامن من خلال حزمة المساعدات التي أقرتها المجموعة لإنقاذ دولها من مفرمة الديون الخارجية.

391

| 07 أكتوبر 2015

تهاوي أسعار النفط .. والمشروعات الاستثمارية

بدأت التأثيرات السلبية لتراجع أسعار النفط تلقي بظلالها الكئيبة بقوة على المشاريع النفطية العالمية حيث تشير التقارير الاقتصادية إلى أن مشاريع نفطية عالمية بقيمة 118 مليار دولار تم تأجيلها على خلفية تدهور أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة ،والإعلان عن أن العديد من شركات النفط والغاز الكبرى أعلنت عزمها عن تقديم تخفيضات أخرى في محاولة للبقاء في الصناعة التي تعاني من أزمة أعمق بكثير مما تعرضت له في أي وقت مضى.والأخطر من ذلك اتخاذ شركات عالمية عملاقة خطوات لتسريح نحو 6500 موظف خلال العام الجاري من إجمالي مئة ألف عامل تقريبا بعد هبوط أرباحها بنحو 37 % خلال الربع الثاني من العام 2015 ، كما تفعل شركة (رويال داتش شل) ليس ذلك فقط بل أعلنت أيضا عن خفض استثماراتها الرأسمالية للمرة الثانية خلال العام الجاري لتقلصها بواقع ثلاثة مليارات أخرى في ميزانية 2015 إلى 30 مليار دولار، وبالمثل فقد تراجعت الأرباح الفصلية لشركة (بي بي) البريطانية بأكثر من الثلثين، لتسجل 1.3 مليار دولار مقابل 3.6 مليار دولار خلال الربع الثاني من 2014، كما وضعت الشركة خططا لخفض الإنفاق الرأسمالي للمرة الثانية خلال العام الحالي ليبلغ أقل من 20 مليار دولار، متراجعا من نحو 22 مليار دولار في 2014، وهذا دليل على سوء الأوضاع المالية للشركات الكبرى ،بعد أن سبقتها في ذلك شركات أخرى في بداية عام 2015، بدأت في تقليص الأيد العاملة فضلا عن تقليص عمليات التنقيب عن النفط والغاز، وعلى صعيد دول مجلس التعاون فإن الاقتصاديات الخليجية لم تسلم أيضا من هذه الآثار السلبية، حيث أكدت وكالة "ستاندرد آند بورز" لخدمات التصنيف الائتماني، إن استمرار تراجع أسعار النفط قد يؤدي إلى تأجيل بعض مشاريع البنية التحتية أو إلغائها في دول مجلس التعاون الخليجي ، لأن مؤسسات وشركات البنية التحتية تواجه بيئة تشغيل ضعيفة في الوقت الحالي منذ تراجع أسعار النفط في يونيو عام 2014 ، بالإضافة إلى تعثر تباطؤ بعض المشروعات الاستثمارية، حتى أن بعض الدول باتت تواجه صعوبات في توفير أجور العاملين، إلى الضغوط التي أدت إلى تخفيض الإنفاق في مواجهة تراجع الإيرادات النفطية، إلا أن بعض العوامل خففت قليلا من هذه التبعات أولها الميزانيات العمومية القوية ثم الاحتياطيات المالية، والفوائض المتراكمة في تخفيف آثار انخفاض الأسعار ومساعدة الحكومات لمواصلة جهودها في اتجاه التنويع الاقتصادي بعيداعن النفط، خاصة في الدول التي نجحت على نحو أفضل في إدارة فوائضها الناجمة عن الطفرة النفطية على مدى السنوات العشر الماضية، كما أن الانخفاض الكبير في معدل الديون، وتراكم كثير من الاحتياطيات، سيسمحان لبعض الدول الخليجية مثل قطر والسعودية والإمارات والكويت بالتعامل بسهولة مع العجز الناجم عن الانخفاض في أسعار النفط لفترة أطول من الزمن، وليس هناك أدنى شك في المشاكل التي تواجه الدول التي لم تنجح في تسخير الفوائض النفطية في اتجاه التنويع الاقتصادي لمصادر الدخل وتعزيز المرونة الاستثمارية بدون الاعتماد على النفط، وتوظيفها في قطاعات الصناعة والسياحة والزراعة لتحقيق النمو، وفي ذات الوقت تسعى إلى التخفيف من حدة الطاقة الاستهلاكية وتوفير العملات الأجنبية، وتشجيع الصناعات والمنتجات المحلية حتى تكون قادرة على المنافسة العالمية والإقليمية ، ولا سيما أن قراءة مؤشرات البنك الدولي تؤكد بأنه لا أحد يعرف إلى أين تصل أسعار النفط المستمرة في الانحدار، ولا متى ستصل الأسعار إلى نقطة التعادل التي تحقق مصالح المنتجين والمستهلكين ، في ظل استمرار الوضع الحالي، وتمسك "أوبك" بموقفها ، الذي يزيد الأمور تأزما ، لأن توازن السوق لن يتحقق إلا إذا تناقص الفائض من خارج المنظمة وداخلها ، خاصة بعد ارتفاع إنتاج النفط الأميركي خلال عام 2015 بمقدار 750 ألف برميل يوميا ليصل إلى 3.9 مليون برميل في اليوم، مما يجعل التأثيرات السلبية أكثر وضوحا خلال عام 2016 حيث ستصل الزيادة في الإنتاج إلى أعلى معدلاتها، مما سيؤثر على معدلات الطلب ليصل إلى أدنى مستوياته ، ولا شك أن ذلك يلقي بمخاوف من حدوث أزمة اقتصادية و لكنها لا ترقى لمستوى الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في خريف عام 2008، يغذيها تراجع الاقتصاد الأوروبي وتباطؤ الاقتصاد الصيني وكذلك عودة البترول الإيراني إلى الأسواق، واستمرار مسلسل انخفاض أسعار النفط مما يؤثر على الإيرادات الخليجية، ومن ثم على المواطن الخليجي بشكل أو بآخر، لأن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع مستوى عجز دول الخليج خلال 2016 ، وإن كان انخفاض سعر النفط خلال السنتين أو الثلاث المقبلة قد لا يكون مقلقا بشكل كبير لبعض دول الخليج العربية، وذلك لوجود مخزون نفطي كبير وصناديق سيادية، على الرغم من عدم وضع استراتيجية واضحة للتخلص من الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، عندما تخطى سعر البرميل المائة دولار.

501

| 30 سبتمبر 2015

السياحة المصرية.. والضربات الموجعة

السياحة المصرية تتلقى ضربات موجعة بين الحين والآخر, آخرها مقتل عدد من السياح المكسيكيين وعدد من المصريين بنيران صديقة بالخطأ على يد قوات الأمن أثناء مهاجمة بعض العناصر الإرهابية في منطقة الواحات بالصحراء الغربية ، حيث أخطأت أو أهملت أو تآمرت شركة السياحة بعدم إخطار الجهات الأمنية بخط السير أو بالتحركات، على الرغم من أن ذلك من الأعمال الأساسية لشركات السياحة في تأمين الرحلات السياحية ، مما أدى إلى وقوع هذه الكارثة، لأن هناك طرقًا يمنع السياحة أو المرور بها ، وأيا كانت الأسباب ، فإن الحادث جاء في توقيت غير مناسب للسياحة المصرية ، مما يجدد المخاوف من تأثر حركة السياحة خلال الفترة القادمة ، بالإضافة إلى ما أصابها في السنوات الأخيرة ، واعتبار ذلك ضربة قاسية للاقتصاد وإن كانت السياحة المكسيكية قليلة في مصر، وهذه الأحداث من الممكن أن تحدث في أي مكان بالعالم، كما حدث في تونس ومجلة شارلي إيبدو، التي تسببت في إلغاء أكثر من 15 رحلة طيران كانت قادمة للمنتج السياحي المصري، لذلك فإن الانعكاسات السلبية ليست قليلة ، وترتبط بعدم استقرار الأوضاع الأمنية الداخلية وسوف تؤثر بشكل كبير فى حركة السياحة إلى مصر خلال الفترة المقبلة ، حيث يبحث السائح دائما عن ضمانات الأمن والسلامة، لأن غياب الأمن يقوض فرص تعافي السياحة، لذلك لا نستبعد زيادة المخاوف لدي البعض من تسرع بعض الدول الغربية بإصدار تحذيرات سفر للمنطقة، وخاصة أن الولايات المتحدة بدأت تحذر من السياحة خارج القاهرة والإسكندرية والمقاصد السياحية والأثرية الكبرى، وسيما أن مصر تعول على قطاع السياحة في توفير نحو 20% من العملة الصعبة سنويا، فيما يقدر حجم الاستثمارات بالقطاع بنحو 68 مليار جنيه (9.5 مليار دولار)، حسب بيانات وزارة السياحة، بعد أن تراجع الدخل السياحي خلال العام الماضي إلى 5.9 مليار دولار، بانخفاض 41% ، في ظل تراجع العائدات من السياحة إلى النصف، وانخفاض الصادرات غير البترولية إلى أقل من 5% من الناتج المحلى، وتعرض الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى ضغوط عنيفة منذ يناير 2011، لينخفض من 36 مليار دولار إلى 18.1 مليار دولار في نهاية الشهر الماضي ، وعدم حدوث زيادة مؤثرة فى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، نتيجة تجديد الحديث حول مدى توافر الأمن في ظل بعض الاضطرابات المتكررة منذ عام 2011، الأمرالذي أدى إلى انخفاض الحركة السياحية، خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ ، ولا يمكن أن يصاحب ذلك غياب التوعية والترويج المكثف لمحاولة الإبقاء على المعدلات السابقة وعدم الاتجاه في منحنى هبوطي جديد في أعداد السياح الوافدة، وأن تبذل السفارات والقنصليات في الخارج جهودا إضافية في عملية الترويج للمقصد المصري لتحسين الصورة ومحو ما ينطبع في ذاكرة الأجانب عن تلك السلبيات في أقرب وقت، إلى جانب البحث عن وسائل الجذب غير التقليدية مثل التعامل بالروبل الروسي في القطاع السياحي ، لأن تراجع قيمة الروبل الروسي، انعكس سلبا على الحركة السياحية الروسية الوافدة لمصر، ومن ثم انخفضت نسبة الإشغالات الفندقية فى معظم فنادق شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم، خاصىة تلك التى تتعامل مع السوق الروسي فقط ، باعتبار أن روسيا من أولى الدول المصدرة للسياحة إلى مصر، حيث بلغ عدد السائحين الروس الوافدين الى مصر العام الماضى 3 ملايين سائح بما يمثل نحو 30% من إجمالي السائحين الوافدين، من جميع دول العالم ،مما يجعل من عودة الأمن الذي ينعكس على تحفيز النمو وزيادة الأحتياطي المصري من العملات الأجنبية، لأن الاقتصاد المصري يعاني بشدة من عدم توافر الدولار، ويحتاج إلى مصادر تمويلية سريعة مثل عائدات السياحة لتلبية احتياجات السوق لمواجهة استيراد السلع الأساسية والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج.

328

| 23 سبتمبر 2015

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6528

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6405

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3900

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

3126

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2859

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1866

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1677

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1575

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

1491

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1122

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...

1014

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

999

| 24 أكتوبر 2025

أخبار محلية