رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الاستثمارات الأجنبية في مصر.. والتحديات

تتعدد الفرص الاستثمارية والتحديات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية في مصر، منذ مؤتمر الاقتصاد الدولي الذي عقد في شرم الشيخ ، وبعد افتتاح قناة السويس، فقد تم الإعلان عن مشروعات متنوعة تحتاج إلى استثمارات أجنبية بمليارات الدولارات، وتحتاج إلى وجود برنامج زمني يجسد الرؤية التي طرحت في المؤتمر لمستقبل الاقتصاد المصري في السنوات القادمة.. ولا شك أن ذلك يلقي بظلال كثيفة من الضغوط على الدولة وميزانيتها ومصداقيتها وقدرتها على الالتزام أيضا، حتى ترد على المتشككين في القدرة على إنجاز هذه المشروعات الطموحة وفق الدراسات التي أسست عليها ، باعتبار أن هذه المشروعات أكثر من كونها رؤى ومشروعات على ورق، ولكنها مشروعات حتمية لابد من تنفيذها للنهوض بالاقتصاد، ودفع مصر للخروج من الوادي الضيق والتوسع في تنمية الأراضي التي تفتقر للموارد والاستثمارات والتكنولوجيا والأيدي العاملة ، التي يمكن أن تواجه التحديات القائمة والمتوقعة ، لذلك لابد من توفير المناخ الملائم لذلك، بحيث تكون مصر مشجعة وغير معوقة للاستثمارات وللمستثمرين الأجانب، وعليها أن تستوعب المتغيرات الدولية وتهيئة بيئة صالحة لحماية رؤوس الأموال الأجنبية، مع توفير أكبر قدر من الشفافية فى التعامل معها، ووضع بدائل لحل المنازعات من خلال آليات متطورة وقوانين وتشريعات أكثر تطورا، وقد أحسنت الحكومة مؤخراً في تراجعها بتجميد قرار ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة لمدة سنتين، حفاظاً على تنافسية سوق المال ، وبذلك أعادت الحكومة الروح مرة أخرى لسوق المال، ولاشك أن القرار يبعث رسالة إيجابية بأن الحكومة تشجع الاستثمار بما سينعكس إيجاباً على حجم تداول الأجانب في السوق، وعلى الاستثمار المباشر في مصر عموماً، وزيادة السيولة في السوق مجدداً. وكانت الضريبة التي فرضتها مصر في شهر يوليو 2014 أدت إلى شح السيولة وخـروج الكثير من المستثمرين المصريين والأجانــب من السوق، احتجاجاً على غموض آلية تطبيق الضريبة الجديدة والأعباء الإضافية التي تفرضها عليهم ، خاصة أن البورصة كانت معفاة تماماً في السابق من أي ضرائب على الأرباح المحققة نتيجة المعاملات، أو التي توزع نقداً أو مجاناً على المساهمين في الشركات المقيدة بها، وأصبحت هناك تخوفات من حالة ازدواج ضريبي مع فرض ضريبة على التوزيعات النقدية أو دخولها في أوعية ضريبية أخرى، وفي سبيل ذلك تحتاج الحكومة للاستعانة بكفاءات وخبرات استثمارية عالية التدريب والمهارات في الهيئات المسؤولة عن الاستثمار، كما يجب تشجيع القطاع الخاص المحلي على تحمل المخاطر والأخذ بزمام المبادرة ليكون في صدارة المشهد الاقتصادي في مصر حتى يعطي رسالة ثقة للآخرين ، لأن غياب المستثمرين المحليين، لا يشجع على جلب الكثير من المستثمرين الأجانب ، بعد أن أصبحت الشراكات من الأمور الضرورية في الاقتصاديات الحديثة ، إلى جانب ضرورة توفير الخبرات الفنية القادرة على التعامل مع التكنولوجيا والتقنيات الحديثة ، لأن نقص هذه الكوادر المؤهلة من أهم العوامل السلبية أمام المشروعات الاستثمارية الجديدة ،على الرغم من النسبة الكبيرة من المتعطلين والباحثين عن عمل التي تصل إلى نحو 14أو 16 % وهي نسبة عالية، مما يستوجب خلال الفترة المقبلة قيد شركات حكومية وزيادة رأسمالها من خلال السوق حتى تكون قادرة علىى مواجهة التحديات واستيعاب أكبر عدد من العاطلين عن العمل، لأنه لا يمكن لمصر أن تحقق رؤيتها فى التنمية الاقتصادية بدون الاستثمارات الأجنبية والتمويل والخبرات، التي يمكن أن يستفيد منها الاقتصاد من خلال الشراكات الأجنبية مع دول العالم التي تعد أمرا حتمياً في ظل العولمة، وعلينا أن ندرك أن النوايا الحسنة ،أو مجرد الرغبة العلنية والصادقة لا تكفي لتحقيق نمو شامل واستثمار مستدام، إذا لم يتم تطبيقها على أرض الواقع، لأننا في حاجة إلى تطبيق أفضل الممارسات الاقتصادية لتشجيع الاستثمار والقضاء على البيروقراطية، لتصبح الدولة محفزة للاستثمار بدلاً من أن تكون عقبة في طريقه أو طاردة له ، ولا سيما أن رؤوس الأموال الأجنبية والخبرات والتكنولوجيا تسعى للقدوم إلى مصر واستغلال الفرص الاستثمارية بها، ولكنها تحتاج إلى تشريعات مرنة وشفافية كبيرة، لأن من المخاوف التي تقلق المستثمر الأجنبي هي عدم الثقة والضبابية والبيروقراطية، لذلك إذا كانت مصر تريد حقاً أن تشغل مكانة مرموقة ضمن قائمة الدول متوسطة الدخل بحلول عام 2035 فإنها تستطيع ذلك بالفعل، من خلال حزمة من التشريعات السياسية التي تسهم في الاستقرار، إلى جانب السياسات المالية والنقدية والتشريعات التي تعزز خطط الاستثمار وتسهم في تدفق الاستثمارات الخارجية، وتحتفظ بها لفترات طويلة حتى لا تهرب إلى الأسواق المجاورة التي تنعم بالاستقرار.

297

| 26 أغسطس 2015

القطن المصري.. ضحية تضارب السياسات

القطن المصري عصب الزراعة المصرية يقع ضحية تضارب السياسات والقرارات التي تتبناها الحكومة منذ فترة طويلة، وهو ما يفرز أزمة حقيقية لقطاع عريض من المزارعين الذين يتمسكون بزراعة مساحات كبيرة من القطن باعتباره ذهب مصر الأبيض الذي ذهب بريقه في السنوات الأخيرة، وكذلك أصحاب مصانع النسيج، الأمر الذي أدى إلى إلغاء قرارات وزارية لوزير الزراعة من قبل رئيس الوزراء، وكأن الوزارة تعمل في حكومة أخرى، وهي سوء إدارة، مما يدل على افتقاد التنسيق وتضارب المصالح، - استثناء من تجربة القناة، حيث تكمن المشكلة في القطن الذي اعتلى عرش الأقطان العالمية منذ عصر محمد علي باشا، والصناعات التي ارتبطت به، وتفوقت فيها مصر. وقد بدأت المشاكل بعد أن حظرت وزارة الزراعة الواردات بهدف زيادة الإنتاج المحلي، وقالت الوزارة في إعلانها عن الحظر إنها تحرص على استعادة القطن المصري لمجده على جميع المستويات، وبعد ثمانية أيام فقط يلغي مجلس الوزراء القرار، ولم يعط أسبابا بخلاف أن ذلك في سياق تطوير زراعة القطن ودعم الفلاحين، فهل نصدق رئيس الوزراء أو الوزير، ومن هو صاحب القرار الذي يجب أن ينفذ ونلتزم به؟ الذي يمثل الصالح العام ومصالح المزارعين ولا يضر بأصحاب المصانع، ويحقق التوازن، فقد تسبب قرار وزارة الزراعة، بوقف استيراد القطن، في رفع التكلفة الإنتاجية على شركات الغزل والنسيج الحكومية، بنسبة تصل إلى 6% خلال شهر، رغم تجميد القرار، واتخاذ قرار بالسماح بالاستيراد، وإلغاء قرار وزارة الزراعة، ولكن استمرار المسلسل بالتخبط والتضارب في القرارات، فإن إدارة الحجر الزراعي لم تفتح باب الاستيراد أمام الشركات، مما أثار انتقادات شركات الغزل والنسيج الحكومية والخاصة، التي طالبت بتنفيذ القرار حتى لا تتعرض للخسائر أكثر من ذلك، بعد أن توقف إنتاجها وتضررت مصالحها لاعتمادها كليا على الأقطان المستوردة والتي تتوافق أكثر مع المصانع، ومع معدات الإنتاج الخاصة بها عن الأقطان المصرية، لأن المصانع المصرية تعتمد على القطن المستورد أكثر من القطن المصري الذي لا يمثل نسبة تذكر من حجم الاستهلاك، حيث إن المصانع تستورد نحو %60 من احتياجاتها من الأقطان من الخارج، كما تبلغ قمة التخبط في سيناريو آخر لقيام بعض الجمعيات التعاونية التابعة للاتحاد التعاوني الزراعي، بملاحقة رئيس الوزراء قضائياً بعد إلغاء قراره بإلغاء حظر استيراد القطن لحين الانتهاء من إنتاج الموسم الجاري التي تبلغ مليون قنطار قطن، وإن كان وقف استيراد القطن يضع شركات الغزل في أزمة حقيقية، لأنه كان يجب حظر استيراد الغزول، لأن الشركات لا يوجد لديها المخزون الكافي من الأقطان المستوردة حتى نهاية الموسم، خاصة أن تكنولوجيا صناعة الغزل في مصر متخصصة في الأقطان القصيرة والمتوسطة، ونسبة قليلة من المصانع لديها القدرة على التعامل مع الأقطان الطويلة التيلة، ولاسيَّما أن رؤساء المجالس التصديرية ورئيس اتحاد الغرف التجارية يعترضون عليه، ووصفوه بالكارثي، نظرا لتداعياته السلبية على تعاقداتهم والتزاماتهم تجاه السوقين المحلي والخارجي وهو ما قد يتسبب في توقيع غرامات على هذه المصانع نتيجة عدم الوفاء بهذه الالتزامات، بالإضافة إلى أن ذلك يرسل إشارات سلبية للعالم، ولاسيَّما أن وزارة الخارجية تلقت خطابا من الحكومة اليونانية أبدت خلاله اعتراضها على قرار الحكومة المصرية بمنع استيراد الأقطان، الأمر الذي يؤثر سلباً على صادراتهم إلى مصر، إلى جانب أن هذا التخبط في اتخاذ القرارات يلقي بظلال من الشك على التزام الحكومة بإنعاش هذا القطاع الذي يدعم الصادرات المصرية ولا يزال يشّكل جزءا كبيرا من القطن فائق الجودة الذي يستخدم لنسج الأقمشة الفاخرة في جميع أنحاء العالم. كما أن هذه السياسات غير المنضبطة تجعل من الصعب على المستثمرين التخطيط للمستقبل، وهذا التخبط يؤكد شعار أن الحكومة ضد الحكومة، فهناك في هذا المشهد اختلاف وزيري الصناعة والزراعة، وانقسام بين منتجي النسيج والملابس الجاهزة في القطاعين العام والخاص وتجار القطن أنفسهم، ورئيس الاتحاد العام للغرف التجارية يؤيد إلغاء محلب قرار الحظر، بينما رئيس شعبة تجار القطن بنفس اتحاد الغرف التجارية يؤكد قرار وزير الزراعة، واشتباك المستوردين مع المصدرين، وتصاعد غضب الفلاحين وإعلانهم مقاضاة رئيس الحكومة وإقامة سرادق عزاء القطن المصري، ولتصل أزمة اشتعال القطن إلى ذروتها، مما يتطلب سرعة وضع الإستراتيجيات المتسقة مع بعضها التي تضمن سياسة زراعية على أسس علمية، لا تعوق احتياجات المصانع المحلية، مع الاهتمام بالترويج للقطن على المستوى الدولي، وإنتاج أصناف طويلة التيلة ذات قيمة عالية لاستعادة مكانة القطن المصري عالمياً.

502

| 19 أغسطس 2015

القناة الجديدة.. وتنشيط الحركة الاقتصادية

لا شك أن تدشين القناة الجديدة يمثل نقلة نوعية تستحق الإشادة لأن نجاحها سيحقق طفرة اقتصادية، تخدم الاقتصاد المصري والعالمي، بما تملك من مقومات جاذبة للاستثمار، وبما تتمتع به من موقع إستراتيجي ولوجيستي، وكجسر يربط بين تجارة الشرق والغرب لتنشيط الحركة الاقتصادية. مما يحتم على النظام العالمي التعاون لاستثمارها والاستفادة منها كإضافة حقيقية لدعم التجارة البينية العالمية، خاصة أنها تقع في قلب مناطق الثروات في الشرق الأوسط وإفريقيا، بما يؤهلها لكي تصبح من أبرز المشروعات التنموية في العالم التي أنجزت في زمن قياسي، بما يؤكد القدرة على العمل والإنجاز إذا توافرت الإرادة والإدارة المنضبطة، التي لا تتوافر في باقي المشروعات في مختلف القطاعات التي تعاني من الترهل الإداري والإهمال والفساد بكل أنواعه، ولذلك فكل ما نخشاه، أن نسمع ضجيجا ولا نرى طحينا كما يقال، وألا يتم استثمار ذلك على الوجه الصحيح والسريع الذي يحقق الأمنيات المصرية في التنمية، والآمال التي نرجوها إلى واقع - بعد هذا الافتتاح - في خفض نسب البطالة وتشغيل أكبر عدد من الباحثين عن العمل، وجلب العملات الأجنبية الصعبة، وتوجيه رسالة للعالم بأن مصر بدأت تضع أقدامها على الطريق الصحيح ولن تتخلف بعد ذلك عن تحقيق التنمية الاقتصادية، وزيادة الإيرادات من القناة لتصب في صالح الموازنة العامة وتعمل على خفض جزء من العجز الدائم الذي تعاني منه منذ سنوات، ولاسيما أن هذا أول مشروع مصري يمول ذاتيا بأموال مصرية، لحفر قناة جديدة موازية للمجرى الملاحي الحالي لقناة السويس بطول 72 كيلو مترا، ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يدر هذا المشروع إيرادات قد تصل إلى 100 مليار دولار سنويا – وهي تعادل 20 ضعفا للدخل الحالي الذي يبلغ 5 مليارات دولار سنوياً فقط - تساهم في حل الأزمات التي تعاني منها مصر حاليا بعد إعادة التوزيع العمراني والجغرافي للسكان من خلال مشروعات عمرانية متكاملة تستهدف استصلاح وزراعة نحو 4 ملايين فدان، حيث يهتم مشروع تنمية محور قناة السويس بتطوير المنطقة بالتنمية الشاملة، وتحويل الممر الملاحي إلي مركز أعمال عالمي متكامل يعتمد على خدمات النقل البحري من، إصلاح سفن، وتموين بالوقود، وخدمات القطر والإنقاذ، ودهان، ونظافة السفن، وخدمات شحن وتفريغ، بالإضافة إلى مجمعات صناعية جديدة، ومجمعات للتعبئة والتغليف، ومراكز لوجستية، وموانئ محورية على مدخلي القناة، إلى جانب تنفيذ أنشطة سياحية بإنشاء إسكان سياحي وفندقي، مناطق ترفيهية، مطاعم، مسارح وسينمات، وأنشطة رياضية عالمية، فضلاً عن تنفيذ أنشطة بحرية وإنشاء مركز للبحوث والدراسات البحرية، صناعة القوارب واليخوت، بناء الوحدات العائمة، تسويق المنتجات البحرية، تصنيع منتجات الألومونيوم، وتخريد وتقطيع السفن، وهذه الاستثمارات تقترب من 100 مليار دولار حتى عام 2022، وهذا يسهم في وضع مصر على خريطة سلاسل الإمداد العالمية وجزء من منظومة التجارة العالمية، وبدون أدنى شك فإنها خطط طموحة، ولكن حتى نضمن تحقيقها، فمن الضروري سرعة الإعلان عن خريطة طريق محددة المعالم وبرنامج زمني معلن عن توقيت الانتهاء من تنفيذ هذه الخطط، وإسنادها إلى قيادات إدارية قادرة على الإنجاز ومدربة على التنظيم والتخطيط، ولم تكن ملوثة في الفساد أو متعاونة معه، ولم تتشرب من التسيب والإهمال المستشري في الجهاز الإداري، ومن المهم أيضا النجاح في تدبير الأيد العاملة الماهرة والمدربة من المهندسين والفنيين، التي تستطيع تحمل مسؤولية التنفيذ بالكفاءة والقدرة العالية التي تتوافق مع المعايير الدولية والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، التي يتمسك بها المستثمرون الأجانب، وأيضا مواكبة التشريعات والقوانين مع هذه المتغيرات، مع وضع سياسات نقدية ومالية، تسهم في تحسين التصنيف الائتماني المصرفي، وتحسين الاحتياطي النقدي، بما يعطي رسائل للثقة والاطمئنان للجميع ولمتخلف دول العالم، الذي ينشد تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والعدالة الناجزة، ولأن النجاح في تحقيق ذلك يدعونا إلى البدء في مشروعات قومية جديدة يلتف حولها الجميع بكل توجهاتهم واتجاهاتهم من أجل تنمية مصر، بداية من سيناء باعتبارها مرتبطة بأمن مصر القومي. إننا لابد أن نسابق الزمن لتحقيق التنمية حتى نلحق بركب الحضارة والتقدم لأنه بغير ذلك سوف نظل في وضع محلك سرر، أو ربما نرتد للخلف في الوقت الذي يسرع فيه الآخرون ومن ثم تتسع الفجوة بيننا وبينهم ، ولذلك أتمنى أن يكون افتتاح هذه القناة إعلان رسمي عن بداية مرحلة مصرية جديدة من العمل الجاد والشاق، وأنه غير مسموح أن يعود الأداء إلى التراخي أو الترهل مرة أخرى باعتبارها تدشين حقبة ومرحلة جديدة في بناء مصر الحديثة.

364

| 05 أغسطس 2015

النووي الإيراني.. واقتصادات النفط

تساؤلات ومناقشات وجدل حول الاتفاق النووي بين إيران و(5+1) وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في المنطقة العربية التي تعتمد في مواردها الاقتصادية بشكل كبير على عائدات النفط وتتأثر بأسعاره ارتفاعا أو انخفاضا خاصة دول الخليج، التي تعاني من منتصف العام الماضي من الانخفاض التدريجي في الأسعار إلى أن بلغت في الربع الأول من 2015م نحو 55.8 دولار للبرميل محققةً معدل انخفاض بلغ 50% مقارنةً بشهر يونيو لعام 2014م، ويمكن القول بأن هناك تغيرات ما تشهدها المنطقة اقتصادية وسياسية بعد الاتفاقية النووية، وهذا ما سوف تنبئ عنه الأيام، ومن ثم لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفال التأثيرات الاقتصادية المحتملة. وفي ظل هذا الوضع، فإن إيران بعد توقيع الاتفاق النهائي مع مجموعة 5+1 بشأن البرنامج النووي وما يترتب عليه من رفع العقوبات الدولية المفروضة على تصدير النفط الإيراني وسواء كان هذا الرفع تدريجياً أم مباشراً فإن مثل هذه المستجدات سوف تفسح المجال لضخ المزيد من النفط الإيراني في السوق العالمي ومن ثم مزيد من الضغوط على توجه الأسعار نحو الهبوط، لأنها سوف تتعلق بقوة تأثير عوامل العرض في تشكيل هيكل الأسعار الحالي، وعلى السياسات التي يمكن أن تقوم بها دول الخليج تحت مظلة منظمة الأوبك، وإن كانت إيران ستحتاج ما لا يقل عن عام من أجل عودة إنتاجها النفطي إلى مستويات ما قبل العقوبات، والتي بلغت 3.8 مليون برميل في اليوم الواحد، رغم أن العقوبات الدولية أدت إلى تراكم المخزون النفطي الإيراني بحوالي 20 مليون برميل من النفط الخام. ومن الطبيعي أن تقوم إيران بضخ هذه الكميات في السوق مع رفع العقوبات، لتسهم في نمو المعروض العالمي من النفط الخام ومن ثم تخفيض الأسعار العالمية للنفط واتجاهه نحو تحقيق مزيد من الخسائر،لأن رفع العقوبات الاقتصادية على إيران سيؤدي إلى زيادة العرض في سوق النفط، وإن كانت تنص قوانين وأعراف منظمة الأوبك على تحقيق توازن بين العرض والطلب في أسواق النفط العالمية، ومن ثم على أوبك أن تخفض إنتاجها بقيمة حصة إيران عندما يتم إعادة ضخ إنتاجها من جديد، بعيدا عن أي أجندات سياسية، حتى تحافظ على سقف الإنتاج الذي تلزم به منذ عشر سنوات بحوالي 30 مليون برميل يوميا، وهذا بالتأكيد سوف يقلص من حصص بعض المنتجين في أوبك الذين زادوا من إنتاجهم بسبب العقوبات التي فرضت على إيران، وإن كانت إيران تحتاج إلى مدة طويلة لزيادة إنتاجها بحوالي 0.8-1 مليون برميل يومياً، وهذه عملية ليست عملية سهلة وتحتاج إلى الوقت وإلى الكثير من المعدات والتجهيزات الحديثة التي تفتقرها صناعة البترول الإيرانية في الوقت الحالي ولذلك يتوقع الخبراء عدم قدرة إيران على زيادة إنتاجها بأكثر من نصف مليون برميل باليوم حتى أواخر 2016م، حيث تبلغ طاقتها الإنتاجية حوالي 3.6 مليون برميل يوميا، خاصة أن رفع الحظر سيتم تدريجيا تماشيا مع الالتزامات التدريجية التي ستنفذها إيران بشأن برنامجها النووي. وكذلك فإن إيران سوف تفكر كثيرا قبل زيادة إنتاجها في الوقت الحالي الذي يعاني فيه المنتجون من تدني سعر برميل النفط لأدنى مستوى منذ عدة سنوات، الأمر الذي يجعل من الأسعار الحالية غير اقتصادية بالنسبة لها، ولذلك من المهم تتوافق دول الأوبك ومن بينها إيران على مستوى معين من الإنتاج يحفظ لهم جميعا قدرا معينا من المكاسب ولو من خلال تقليل الخسائر التي تتعرض لهم نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنةً بعوائد المبيعات، لأن أي تخفيضات أخرى في الأسعار ستؤدي إلى خسائر فادحة للجميع بما فيها الشركات الأمريكية المنتجة للنفط الصخري ومن ثم فإنه يمكن أن تقوم دول الخليج بتخفيض الإنتاج وتترك المجال للنفط الإيراني بشكل تدريجي وبحيث يعود لمستواه السابق قبل العقوبات وفي ذات الوقت تحافظ أوبك على سقف الإنتاج التي التزمت به، لأن المنطق والمؤشرات الاقتصادية تؤكد على أن أي خفض في أسعار النفط في العالم سينتج عنه تكبد الدول المنتجة خاصة إيران خسائر فادحة، إذا لم تحدث انهيارات جديدة في الأسعار، قد تلقي ظلال قاتمة على اقتصادات الدول النفطية، التي لا يمكن أن تتحمل انتكاسات سعرية أكثر من ذلك، لأنها كانت تأمل قبل الاتفاق النووي الإيراني في زيادة سعر برميل النفط إلى مستوى 70 دولاراً، ولكن في ظل هذه المشاهد فإن الاقتصاد الإيراني هو أول المستفيدين من هذا الوضع خاصة بعد أن ترفع العقوبات عن الأرصدة الإيرانية المجمّدة والمحتجزة في الكثير من بنوك العالم التي تبلغ نحو مائة وخمسين مليار، سوف تحدث انتعاشاً في القطاعات الاقتصادية المختلفة تنعكس على علاقتها التجارية مع دول الجوار ومع دول الغرب، وهذا يخلق بيئة جديدة جاذبة للاستثمارات الدولية في المنطقة تتميز بضخامة السوق وثبات المؤشرات الاقتصادية مما يسحب بالتأكيد البساط من تحت دول المنطقة الساعية لجذب الاستثمارات الأجنبية مثل مصر والعراق وباكستان وتركيا.

304

| 29 يوليو 2015

الذهب الأبيض .. أزمة جديدة في مصر

قرارات أقل ما يمكن أن توصف به أنها متضاربة أو تفتقد للرؤية الثاقبة، أو التوقيت المناسب مثل قرار تقييد استيراد القطن قصير التيلة، وقرار إلغاء حظر استيراد القطن طويل التيلة الذي سيؤدي إلى إغراق مصر بالأقطان المستوردة - حيث يلغي رئيس الوزراء قرارا لوزير الزراعة - حتى وإن كان بعضها يهدف في ظاهره إلى المصلحة العامة، وبغرض تصريف المخزون الراكد للقطن المصري – الذهب الأبيض - الذي بدأ يفقد بريقه بعد أن كان متربعا على عرش الأقطان العالمية منذ بداية هذا القرن، حيث يرى البعض أن إلغاء رئيس الوزراء لقرار وزارة الزراعة بالحظر المؤقت لاستيراد القطن، جاء استجابة للتجار وأصحاب المصلحة في استيراد القطن، تزرعاً بحماية الصناعة والمستثمرين الأجانب في مجال الغزل والنسيج، بعد أن فقدت صناعة المنسوجات المصرية مكانتها العالمية التي تميزت بها لسنوات طويلة، لأن هذه القرارات تؤدي حتما إلى زيادة التكلفة على المصانع التي تتنافس محلياً مع المنتجات المستوردة من كل بقاع العالم، كما أنها تنافس عالمياً في الأسواق التصديرية الأخرى، حيث إن زيادة هذه التكلفة تقابلها زيادة في الخسائر ومضاعفة في الأعباء على المصانع، بالإضافة إلى الخسائر الأخرى التي تتمثل في خسارتنا للمصانع الناجحة التي تحقق أرباحاً، مع زيادة المصانع المتوقفة والتي سوف تتوقف، وربما حدثت أيضا تأثيرات سلبية على زراعة القطن وقدرته على المنافسة، بعد أن بلغ سعر قنطار القطن بالأسواق 1700 جنيه بعد قرار وقف الاستيراد، ولكن بعد قرار فتح الاستيراد انخفض السعر إلى 500 جنيه، وهو ما يمثل خسارة فادحة للفلاح، باعتبار أن إلغاء وقف الاستيراد يخدم رجال الأعمال، خاصة بعد أن استغل الأمريكان القيام بمشروع بحثي مشترك مع مصر منذ عدة سنوات وسرقوا جين القطن المصري وطوروا به إنتاجهم لينافس الأقطان المصرية، مما يتطلب فهم طبيعة المشكلة ودراسة أبعادها وتأثيراتها على أرض الواقع قبل اتخاذ إجراءات أو قرارات متسرعة.ولا شك أننا قد نجد صعوبة في ذلك، إذا كنا نفتقد في قطاعات الصناعة والزراعة للعقول القادرة على وضع إستراتيجيات وسياسات واضحة لهذه القطاعات والاتفاق عليها والالتزام بها، في إطار من سعة الأفق والقدرة على بناء الرؤية الصحيحة، لفهم متطلبات الصناعة في مصر، حتى لا تكون الرؤية للمسألة الزراعية مختلة أو غير واضحة وهي مرتبطة بخطوط الصناعة، لأن الإشكالية أننا لم نستطع تحقيق التوازن بين استيراد وزراعة القطن في وقت واحد حتى الآن، من منطلق أنه يمكن أن نصدر أقطانا مصرية ممتازة مثل طويلة التيلة، ونستورد أقطاناً قصيرة التيلة أرخص ثمنا، وهذا ليس مستحيلا، خاصة إذا كان ذلك يحقق التوافق بين مصالح الجميع، سواء الصناع والمزارعين أم الاقتصاد القومي، وهذا يفرض ضرورة وضع إستراتيجية لمحصول القطن ترتبط بخطط الصناعة، إلى جانب وضع إستراتيجية موازية للنهوض بالصناعات التي تعتمد على الأقطان المحلية طويلة التيلة، من خلال تشجيع وجذب مصانع الغزول العالمية الكبرى المتخصصة في مجال الأقطان طويلة التيلة على إقامة مصانع لها في مصر، وإعطائها مجموعة من الحوافز التشجيعية، باعتبار أن الصناعة المرتبطة بالقطن ليست هي الملابس فقط، إذ يمكن التركيز على صناعات الغزول الرفيعة وتصديرها، خاصة إذا كان هذا التصور قائما منذ سنوات، وقام بمقتضاه مستثمرون وطنيون وعرب بإنشاء مصانع تعتمد على القطن طويل التيلة وتصدير منتجاتها، لكنها تعاني حالياً بسبب فوضى السياسات وعشوائية القرارات، لأن استمرار السياسات القائمة يدل على عدم وجود رغبة أو خطة حقيقية لدى الدولة للارتقاء بزراعة القطن، أو بإنقاذ صناعة النسيج، التي يعمل بها نحو 620 ألف عامل وأكثر من مليون عامل بطريقة غير مباشرة، يعانون نتيجة تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، مما أدى إلى تهديد مئات المزارعين بالمحافظات التي تزرع القطن بعدم زراعته مرة أخرى، بعد المشاكل التي لحقت بهم من عدم تسويق محصولهم خلال الأعوام السابقة ووقوعهم تحت رحمة مافيا تجارة الأقطان وشراء المحصول بأقل الأسعار، وتجاهل الحكومة لوعودها لتعويض الفلاح عن التكاليف الباهظة التي تنفق على الفدان، والتي تصل لأكثر من 8 آلاف جنيه، مما قد يؤدي إلى تقلص المساحات المنزرعة قطنا والتي تبلغ الآن 247 ألف فدان، بعد أن كانت 2 مليون فدان عقب قيام ثورة 23 يوليو في عام 1952، وهذا سيؤدي حتما إلى تدهور زراعة الذهب الأبيض وتفاقم الأزمة على المدى البعيد وارتباطها بصناعات النسيج المصري، مما حدا بالاتحاد العام للفلاحين إلى تنظيم عزاء في "القطن" أمام مجلس الوزراء، باعتبار أن هذه القرارات بمثابة تنفيذ الإعدام في القطن المصري.

348

| 22 يوليو 2015

مصر .. الدولار إلى أين؟

صعد الدولار أعلى قيمة له مقابل الجنيه المصري منذ إعلان البنك المركزي المصري بعض الإجراءات الاستثنائية وتقييد التعاملات بالدولار، رغم الاستمرار في طرح العطاءات الدولارية الاستثنائية للبنوك الرسمية، وبذلك تتجدد أزمة سوق الصرف،حيث تهاوت العملة المحلية مقابل الدولار بنسب قياسية خلال الأيام الماضية، وهي تعد الأعلى خلال الربع الثاني من العام الجاري، ولكن برغم كل تلك الإجراءات فقد اضطر البنك المركزي لخفض قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي، مما يدل على النقص الواضح للدولار بالأسواق، مما اضطر البنوك لإطالة فترة انتظار العملاء حتى تتمكن من تدبير طلبات الدولارات، وفرض رسوم في شكل نسبة مئوية لتدبير العملة، وقصر الاستجابة لتدبير الدولار على استيراد الغذاء والمواد الخام،مما أدى إلى تخوف البعض من إيداع أموالهم الدولارية بالبنوك، خشية الحصول عليها بالجنيه المصري عند طلبها، في ضوء قيام البنوك بصرف تحويلات المصريين العاملين بالخارج لأسرهم بالجنيه رغم إرسالها بالدولار، الأمر الذي يفقد الثقة في النظام المدرسي، ويقلل من التحويلات والإيداعات بالعملات الأجنبية بالبنوك، مع تسجيل للدولار ارتفاعا تاريخيا في مواجهة الجنيه حيث بلغ الدولار نحو 7.9 في السوق الموازية التي أعلن البنك المركزي القضاء عليها منذ عدة شهور، وهذه الزيادات في قيمة الدولار مقابل الجنيه من الأمور المتوقعة بل وستظل طبيعية إذا ظلت المصانع مغلقة، وإذا ظلت كفاءة المصانع والصناعات الصغيرة منخفضة، وإذا ظل التركيز على استيراد السلع الترفيهية، إلى جانب توقف حركة السياحة، الأمر الذي يتطلب تنشيط الصناعات وعمليات التصدير، والحد من الاستيراد، لأن التصدير سيزيد من قوة الجنيه المصري أمام العملات الأخرى، لأن مصر تستورد نسبه كبيرة من احتياجاتها من الأسواق الأجنبية، مما يزيد حجم الاستيراد وليس التصدير،ومن الضروري التركيز أيضا على زيادة الإنتاج لأنه هو العنصر الوحيد القادر على تحقيق طفرة حقيقية في قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، وهذا يتطلب الاعتماد على قاعدة إنتاجية حقيقية وواسعة حتى يستقر سعر الجنيه عالميا، لأن استمرار حالة عدم قدرة رجال الأعمال على شراء دولارات من تجار العملة غير الرسميين ووضعها في حساباتهم بالبنوك، بعد القوانين الجديدة التي طبُقت العام الجاري التي لا تسمح بإيداع أكثر من 50 ألف دولار أمريكي في البنك، يمثل عقبة حقيقية أمامهم تفاقم من أزمة الدولار، خاصة إذا لم تنجح السياسات الاقتصادية في ضبط سوق العملة، خاصة بعد أن قامت العديد من الشركات الأجنبية في إعادة النظر في استمرار عملها في الظروف الحالية، رغم اقتراض الحكومة مليار ونصف دولار الشهر الماضي، واقتراض بنوك عامة مبالغ أخرى بالعملات الأجنبية، ورفع فائدة شهادات الإيداع الدولارية محليًا بالبنوك لأكثر من 4 %، ولكنها لم تؤثر إيجابيا على حجم العرض الدولاري، ولكن نخشى أن يستمر هذا الوضع لفترة أطول، ولاسيَّما أن شواهد عديدة تؤكد ذلك، مثل تراجع قيمة الصادرات المصرية، ومحدودية الاستثمار الأجنبي المباشر، وعدم تنفيذ مذكرات التفاهم التي تم توقيعها بالمؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، رغم انتهاء مهلة تلك المذكرات والمقدرة بثلاثة أشهر، واتجاه المتعاملين الأجانب للخروج من البورصة بسبب صعوبات تحويل الأرباح، وتداعيات أحداث العنف المتجه للسياحة على فترات متقطعة، وانخفاض المعونات الخليجية، حيث بلغت قيمة المعونات الأجنبية من كل دول العالم خلال الربع الأول من العام الحالي 6 ملايين دولار فقط، كما أوضحت موازنة العام المالي الجديد توقع معونات خلال العام المالي بقيمة 2ر2 مليار جنيه، أي حوالي 285 مليون دولار فقط ليست كلها من الخارج مقابل 96 مليار جنيه للمنح بالموازنة قبل عامين، إلى جانب التآكل السريع لقيمة الاحتياطيات من العملات الأجنبية التي توضح عمق المشكلة،بعد اتجاه هذا الاحتياطي للانخفاض ليصل إلى 15 مليارا و291 مليون دولار، قبل دفعات الودائع الخليجية البالغة ست مليارات من الدولارات مع بداية الربع الثاني من العام الحالي، ليرتفع الاحتياطي إلى 5ر20 مليار دولار، إلى جانب معضلة خدمة الدين المتراكمة التي تستنزف جزءا كبيرا من هذا الاحتياطي،مما يضعنا إلى استقبال موجة جديدة من ارتفاع الأسعار بعد القرار الأخير للبنك المركزي بخفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الذي سيتصاعد من جديد، خاصة أن المصريين يستوردون أكثر من 60% من إجمالي استهلاكهم، سواء فيما يتعلق بالغذاء أم الدواء أم الملابس وجميع أنواع السلع، ولا شك أن هذه المعطيات التي نتابعها على الساحة في مصر تشير لتوقع زيادة المشكلة، مع توقعات بوصول سعر الصرف الرسمي للدولار إلى 8 جنيهات بنهاية العام الحالي، مع صعوبة حل هذه المشكلة خلال الأجل القصير أو المتوسط، لأنه على الأجل القصير لا يتوقع حدوث طفرة سياحة أو استثمارية إذا استمر مسلسل أحداث الانفجارات المتتالية وغير المتوقعة.

609

| 15 يوليو 2015

اليونان .. وسيناريوهات الأزمة

تتعرض منطقة اليورو لأخطر أزمة منذ تأسيسها، مع دخول أزمة الديون اليونانية منعطفاً جديداً، بإعلان أثينا، أنها لن تستطيع أن تدفع الدين المستحق لصندوق النقد الدولي البالغ 1.5 مليار يورو (1.67 مليار دولار) في موعده،وهو يشكل قسطاً من خطط المساعدة المالية الضخمة، التي منحها الصندوق والاتحاد الأوروبي لليونان، ولأن ذلك يعد بمثابة إعلان غير رسمي عن الإفلاس، أو التمهيد لإعلان الإفلاس، ومن ثم بداية سيناريو كارثي بخروج اليونان من منطقة اليورو، يؤدي إلى فترة تدهور وانهيارات مصرفية تؤثر على الشركات، وفي الوقت نفسه سيكلف خروج اليونان منطقة اليورو ما يتراوح بين 350 مليارا و400 مليار دولار أمريكي ولا شك أن ذلك سيهز السوق المالية الدولية بشكل أو بآخر، كما أن مشكلة عدم تسديد الديون سترفع كلفة هذه الديون المقيمة باليورو، لأن الدولة سوف تعتمد على العملة المحلية "الدراخما "كما أن الأزمة سوف تلقي بظلالها على منحنى أسعار اليورو، لأنه في حالة الانخفاض ستكون الآثار إيجابية على دول الخليج التي تصدر النفط بالدولار وتستورد جزءا مهما من السلع والبضائع بالعملة الأوروبية، وفي هذا انعكاس إيجابي على مستويات التضخم بمنطقة الخليج، من خلال تراجع كلفة الواردات، لكنه قد يحمل تداعيات سلبية على توجه السياحة الأوروبية إلى منطقة الخليج، والتي ستتأثر بهبوط اليورو، كما أن هذه الأزمة مهما كان وضع اليونان في داخل أو خارج منطقة اليورو يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الثقة بالاتحاد الأوروبي وبآلياته وجدوى الالتحاق ببنائه والقيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها لأعضائه خصوصا من يمكن وصفهم بالحلقة الأضعف،لأنه من المفترض من منطلق التضامن القائم بين مختلف الأعضاء أن تساند المجموعة اليونان للخروج من أزمتها، وليس على مبدأ الابتزاز والضغوطات، التي تنذر بانفراط عقد الاتحاد أوتفككه على المدى المتوسط والبعيد، لأن حدثا كهذا ستكون له بالتأكيد عواقب على البناء الأوروبي برمته، خاصة أنه لوعدنا للتاريخ فإنه سبق محو 60 % من ديون ألمانيا في عام 1953 لتمكين اقتصادها من النهوض، في حين أن الاتحاد الأوروبي - وعلى رأسه ألمانيا بالذات - يرفض محو ديون أثينا ولو بشكل جزئي ومن هنا فإن بقاء اليونان داخل العملة الموحدة واستمرار خطة إنقاذ الاتحاد الأوروبي، لن يساهم فقط في دفع منطقة اليورو لتصبح اتحادا اقتصاديا وماليا أقوى في ظل تنسيق واستمرارية أفضل، وإنما سيدفع أيضاً المخاطر بعيدا وسيحقق قفزة بطيئة للأسواق المالية ومع ذلك، فمن الصعب التنبؤ بإذا ما كانت اليونان ستتعافى كليا من الكساد أم لا، ولكن تكرار أزمة اليونان مؤشر خطر خفي طويل المدى على منطقة اليورو، مما يضعها في ظل ظروف شديدة الصعوبة، قد تقودها إلى الانكماش لتصبح كتله اقتصادية أصغر، ولذلك فإن الكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي لكون أن الأزمة اليونانية بها جزء سياسي كبير، خاصة بعد رفض اليونانيون الضغوط الأوروبية بقبول سياسة التقشف، التي أثرت سلباً على المستوى المعيشي للمواطنين، ومن ثم فإن الخروج من هذا المأزق أن يكون السيناريو الجديد هو عقد قمة أوروبية لمناقشة مشكلة الديون وإعطاء فرصة أخرى للتفاوض وتقديم المزيد من المقترحات التي يمكن أن تنقذ الموقف تحقيقا لمصالح أوروبا الحقيقية التي تضمن سداد الديون المستحقة على اليونان بطريقة سلسة، لا تمثل ضغوطا شديدة على اليونان، ولكن عبر خطط إنقاذ مقبولة من كل الأطراف، في إطار من المرونة التي يجب أن يبديها الدائنون، سواء من المفوضية الأوروبية أم البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لوضع برنامج للإصلاح الاقتصادي كبديل لبرنامج التقشف، وهي خطط ممكنة وليست صعبة إذا تمت المعالجة بقناعة الأطراف بضرورة إنقاذ اليونان،وحتى لا يتعقد الوضع الاقتصادي اليوناني، ويجعل هناك صعوبة في الحصول على تمويلات جديدة من الأسواق المالية، لأن إنقاذ الاقتصاد اليوناني يعتبر في ذاته إنقاذا للقارة العجوز من مصير مجهول، ولاسيَّما أن اليونان إذا خرجت من اليورو، ستدخل نفقا مظلما من الصعب الخروج منه بسهولة، فضلا عن إمكانية امتداد شظايا أزمتها إلى دول الجوار الأوروبي بدرجات متفاوتة.

377

| 08 يوليو 2015

التكتلات الاقتصادية .. هل تنقذ القارة السوداء؟

تحديات اقتصادية خطيرة تواجه دول القارة السوداء التي تعاني من "لعنة الموارد"، لأن مصدر المآسي في دول القارة أنها لا تتضرر من الحروب الداخلية فقط، بل أيضا هناك عمليات نهب مبرمجة تمارسها الشركات العابرة للجنسيات بالتواطؤ مع بعض الطبقات الحاكمة، وعلى رأس التحديات التراجع الحاد في أسعار النفط والسلع الأساسية، ومع ذلك كان هناك شبه تجاهل في تناول القضايا الاقتصادية الحيوية أثناء لقاءات القمم الإفريقية وآخرها اجتماعات شرم الشيخ، رغم أن إفريقيا تعد أفقر قارات العالم المأهولة بالسكان من حيث نصيب الفرد من إجمالي الإنتاج من السلع والخدمات، حيث تمتلك القارة نحو 12% من سكان العالم، إلا أنها تحصل على أقل من 2% من الدخل العالمي، وتشير تقارير البنك الدولي أن توقعات نمو اقتصاد القارة تتسم بمخاطر ملموسة بسبب انتشار بعض الأمراض، وعمليات التمرد العنيفة التي تشهدها بعض البلدان، وهبوط أسعار السلع الأولية، وتقلب الأوضاع المالية العالمية، رغم أن القارة السوداء تمتلك نحو 12% من احتياطيات النفط في العالم، و40% من الذهب العالمي، وحوالي 90% من خامي البلاتين، والكروم، ومع ذلك تعتبر مستويات مشاركة دول القارة في التجارة الدولية من الأدنى عالميا، حيث تبلغ حصة إفريقيا في التجارة الدولية 3.3%، في حين لم يصل حجم التجارة البينية بين دول القارة 15%، ويمثل التراجع الحاد في أسعار النفط الذي فقد نحو 55% من قيمته منذ شهر يونيو الماضي، أزمة كبيرة بالنسبة لعدد من الدول الإفريقية التي تعتمد بشكل شبه كامل على تصدير الخام، وعلى رأسها نيجيريا، وأدى تراجع أسعار النفط، وارتفاع الدولار الأمريكي إلى هبوط قيمة السلع الأساسية لأقل مستوى لها في نحو 6 أعوام، وهو له تأثيرات سلبية لاقتصادات القارة التي تعتمد على صادرات المواد الخام، كما يؤدي ارتفاع قيمة الدولار إلى خروج استثمارات أجنبية كبيرة من إفريقيا، وهذا يؤثر بالتالي على توقعات البنك الدولي عن آفاق الاقتصادات العالمية،أو ارتفاع النمو الاقتصادي في القارة الإفريقية تدريجيا إلى 5.1% بحلول عام 2017، بسبب الزيادة المتوقعة في الاستثمار في البنية التحتية، وزيادة الإنتاج الزراعي، وقوة الأنشطة الخدمية، لذلك كان من الضروري إعادة النظر في طرق وكيفية زيادة التجارة البينية الإفريقية، ولعل اتفاق التجارة الحرة الذي وقعته 26 دولة في شرق إفريقيا وجنوبها في شرم الشيخ المصرية، يعد لبنة أولى على طريق بناء تكتل اقتصادي ضخم في القارة السوداء، قد يسهم في إنقاذها مما هي فيه من ترد ليس له مبرر، وإن كان مجرد توقيت الاتفاق لا يكفي لإحداث التحول المطلوب، بل المطلوب لنجاح هذا الاتفاق هو الإرادة السياسية للحكام ومدى رغبتهم وجديتهم في تحقيق أهداف هذه الاتفاقية، ولاسيَّما مع اتجاه الاستثمارات الأجنبية الضخمة إلى الدول التي تتمتع باستقرار سياسي نسبي مثل نيجيريا، وكينيا، وأوغندا، في قطاعات الاتصالات والبنوك وغيرها من الصناعات ذات التأثير القوي على الاقتصاد، كما أن القمة الثالثة للتكتلات الإفريقية الاقتصادية الثلاثة: السوق المشتركة لجنوب وشرق إفريقيا "الكوميسا"، وتجمع اتحاد شرق إفريقيا مجموعة "الإياك"، ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقي "السادك"، كان يجب أن تقرب المسافات والتواريخ لتسريع فتح الحدود الإفريقية بين دول هذه التكتلات، وإقرار العملة الإفريقية الموحدة على غرار الوحدة الأوروبية، وإنشاء المناطق التجارية الحرة على المناطق الحدودية التي كان يجب أن تبدأ في عام 2010 لتمثل أكبر منطقة تجارة حرة في إفريقيا لأنها أكثر من 52% من سكان القارة وأكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي لإفريقيا بقيمة تتجاوز 1.2 تريليون دولار، بما يحقق التعاون بين الدول الإفريقية من أجل معالجة تدهور أوضاع البنية التحتية في مجالات الطاقة والنقل وإدارة الموارد المائية والاتصالات، والمشروعات الإقليمية وبما يتيح الفرصة لتكامل الصناعات وللتبادل التجاري وتنشيط التكتلات الاقتصادية التي تمثل 625 مليون نسمة، وكذلك إقرار العملة الموحدة وتحديد موعد لها، بدلا من ترحيل موعدها من عام 2027 إلى 2063، وهي فترة طويلة، لا تحقق مصالح القارة التي تحتاج إلى إنقاذ سريع لينجو بها من المصير أو المخاطر التي تهدد شعوبها ودولها.

682

| 01 يوليو 2015

عجز الموازنة.. وزيادة الاحتياطي النقدي

الاقتصاد المصري يتجه للتعافي من آثار عدة أزمات بين العجز الدائم في ميزان المدفوعات، وتقلص الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بعد الاحتجاجات التي بدأت في يناير 2011، وما زالت تلك الأزمات تلقي بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية، ولكن بنسب متباينة، احتاجت إلى حزم من الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تحتاج أيضا إلى وقت حتى تأتي ثمارها،وتحتاج إلى إدارة واعية وحريصة على أن تنجح في تطبيق الإصلاحات، وأن تقضي على الفساد المالي والإداري، خاصة أن تقارير المؤسسات الدولية المالية ولاسيَّما وكالة بيتش للتصنيفات الائتمانية قد ثبت تصنيفها الائتماني عند مستوى (B) مع نظرة مستقبلية مستقرة، ودفعها إلى ذلك التفاؤل، وجود انخفاض في عجز الموازنة – وإن كان بسيطا - إلا أنه المؤشر إلى نمو الناتج الإجمالي المحلي، والاتجاه النزولي للدين نسبة إلى الناتج المحلي،حيث يقدر العجز في مشروع الموازنة نحو 281 مليار جنيه أو ما يُعادل 9.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 10.8% عجز متوقع للعام المالي الجاري، ومقارنة بعجز بلغ نحو12.8% خلال عام 2013/2014، كما أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أن الاحتياطيات من النقد الأجنبي قفزت مع بداية الربع الثاني من 15.291 مليار دولار إلى 20.525 مليار دولار، بعد تدفق ودائع خليجية بقيمة ستة مليارات دولار من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، حتى أن مصر لم تصر على الاقتراض من صندوق النقد الدولي، الذي أعلن في بادرة جيدة تعطي الثقة في مسار الاقتصاد المصري، بعد أن بذلت الحكومة جهودا لتقليص عجز الميزانية وتنشيط النمو الاقتصادي وإنها تتحرك في الاتجاه الصحيح متوقعا نمو الاقتصاد نحو 4 % هذا العام، أي بما يقرب من ضعف مستوى العام الماضي، كما بلغ إجمالي الإنفاق في الميزانية على الصحة نحو 64 مليار جنيه، بزيادة 11.3 مليار جنيه، أو نحو 21.5 % عن العام السابق، كما زادت مخصصات التعليم الأساسي والجامعي بنحو 9.2 مليار جنيه، بنسبة 8.3% إلى 120 مليار جنيه، وطبقاً للدستور المصري، يتطلب أن يصل معدل الإنفاق على الصحة، والتعليم، والبحث العلمي إلى 10% من الناتج المحلي بحلول عام 2017، وفي ذات الوقت أعلن الصندوق أنه مستعد لإقراض مصر إذا طلبت ذلك، وهذه مؤشرات جيدة،إذا واكبها تشريعات تؤكد جدية الحكومة تجاه التزاماتها لسداد الديون والسندات، والمحافظة على الأسعار وضبط التضخم، والوفاء بالإصلاحات التشريعية والبرلمانية،مع التقييم الموضوعي لنتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، والإفصاح عما تم تحقيقه على الأرض من المشروعات والصفقات التي تم الإعلان عنها من قبل،خاصة مع إطلاق العديد من المشروعات العملاقة التي تستهدف خلق بنية أساسية عصرية تساعد في جذب المزيد من الاستثمارات وفي مقدمتها مشروع قناة السويس، المشروع القومي للطرق، مشروع استصلاح المليون فدان، وغيرها من المشروعات التي يجب الإعلان عن جدول زمني محدد لافتتاحها، حتى يلمس المواطن آثارها الإيجابية المباشرة بعد طول انتظار، خاصة ذلك سيساهم في الحد من البطالة وزيادة فرص العمل الحقيقة، وجذب الاستثمارات وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري على المستويين الداخلي والخارجي، وهي مجموعة من العوامل تساعد في تحقيق مؤشرات اقتصادية أفضل من العام السابق وتعمل على تذليل العقبات لتحسين مناخ الاستثمار، وتدعم سوق المال، في ظل قرار الحكومة تأجيل فرض الضريبة على الأرباح المالية للمتعاملين بالبورصة، وكذلك إلغاء ضريبة الدمغة النسبية وذلك لتوفير السيولة وتحقيق العمق الذي يحتاجه السوق خلال الفترة الحالية، بالإضافة إلى أن الدولة تخصص نسبة كبيرة من الميزانية العامة لنظام الحماية الاجتماعية حتى مع تحرير أسعار الطاقة تدريجيا على فترة تتراوح بين 5 و 10 سنوات،ولكن المخيف أن بعض الاقتصاديين يشككون في أن النشاط الملحوظ للمصريين على المستوى الدولي هو الذي أكسب الاقتصاد ثقة المجتمع الدولي وليس التقدم الحقيقي في القطاعات الاقتصادية المختلفة التي لم تحقق حجم الإنتاج المنشود، التي تقرها التقارير الدولية المتخصصة مثل صندوق النقد والبنك الدولي ومؤسسات الضمان والائتمان، التي تراقب الوضع الاقتصادي عن قرب، ومن ثم لها تأثيرها على المستوى العالمي من خلال توجيه الاستثمارات الأجنبية

294

| 24 يونيو 2015

مؤتمرات منظمة العمل الدولية.. والهجرات العربية

تتفاقم مشاكل العمال العرب خاصة مع زيادة محاولات الهجرة إلى الشمال الأوروبي وموت الآلاف يوميا على شواطئ القارة العجوز ، والتي صاحبت ثورات الربيع العربي وتوابعها المستمرة في ليبيا واليمن وسوريا والعراق ومصر وزيادة أعداد العاطلين عن العمل ، والفشل في إيجاد فرص عمل جديدة في البلاد العربية والإسلامية مهبط الأديان السماوية وأرض الأنبياء ومخزن النفط والغاز ، وهي مقومات تجعل منها مناطق جذب شديدة لمن يبحثون عن الرزق أو ضاقت بهم الحياة أو يشعرون بالظلم أو الخوف على أرض البسيطة ، ولكن الغريب أن تتحول هذه المميزات إلى عوامل طرد إلى بلاد الغرب وأمريكا ، نتيجة للقوانين التي تحول دون ذلك ‘ وخاصة قوانين الهجرة والعمل ، الأمر الذي يجعل العمالة المهاجرة غير الشرعية محاصرة بين المطرقة والسندان ، فخلفها سلسلة من القوانين التي تمثل قيودا حديدية أمام أحلامهم في الحياة الشريفة ، وأمامها في البحر المتوسط وعلى شواطئه سفن حربية ومدنية ومروحيات وغيرها من المعدات والقوات المدججة التي تفقدهم حياتهم أو عودتهم من حيث أتوا ، ومع ذلك تقف منظمة العمل الدولية عاجزة عن حمايتهم ، كما فشلت الدول العربية والإفريقية خاصة المصدرة لهؤلاء في إقناع المنظمة الدولية في التدخل لمواجهة هذه الظاهرة ، الأمر الذي أكد فيه الأمين العام للمنظمة الدولية إلى ضرورة أن تضع الدول الأوروبية خطة مشتركة تتعامل مع جذور المشكلة وتأخذ بعين الاعتبار سلامة المهاجرين واللاجئين، ولكن في تحول إيجابي استطاعت دولة قطر مؤخرا في اجتماعات الدورة الــ 104 لمؤتمر المنظمة السنوي الذي عقد بجنيف هذا الشهر أن تنقل صورة حضارية كأول دولة خليجية تعلن التخلي عن نظام الكفيل العربي الفريد في العالم وتضع أول مسمار في نعش هذا النظام الذي يسيء للدول العربية والإسلامية، والذي تطالب المنظمات الإنسانية والحقوقية العالمية بإلغائه منذ سنوات بدون استجابة حقيقية، وكانت دولة قطر قد أعلنت رسميا تخليها كليا عن نظام الكفالة الحالي، واستبداله بنظام جديد يرتكز على العقود الموقعة بين العامل وصاحبه، مع إلغاء نظام مأذونية الخروج الحالي، والذي يتطلب موافقة صاحب العمل قبل مغادرة الموظف للدولة بنظام آلي جديد يعمل من خلال وزارة الداخلية، مع فرض غرامة في حدود 15 ألف دولار على صاحب العمل الذي يحتجز جواز سفر موظفه في إطار حزمة إصلاحات واسعة النطاق على سوق العمل، من أجل تعزيز حقوق العمال وتحسين ظروف معيشتهم وعملهم في الدولة، تماشيًا مع التزام السلطات برؤية قطر 2030 ، حيث تتضمن هذه الحزمة الإصلاحية إلغاء شهادات عدم الممانعة التي كانت تفرض لتنظيم انتقال الموظفين من مكان عمل إلى آخر، واستبدالها بنظام عقد العمل، والسماح للعامل أن يغير العمل بعد انتهاء مدة العقد محدد المدة في حين يمكن للعامل الانتقال إلى عمل آخر بعد مضي 5 أعوام في حال العقد غير محدد المدة، دون الحاجة لموافقة صاحب العمل، ولاشك أن ذلك يعد تطورا نوعيا وجوهريا في تغيير النظرة إلى الأيدي العاملة الوافدة التي تسهم في عمليات البناء والتطور الاقتصادي في المنطقة، لأنه من متابعة مؤتمرات منظمة العمل الدولية التي تعقد سنويا في العاصمة السويسرية جنيف، نجد أنها تفتقد تماما لأي آليات عملية ومنهجية يمكن أن تتصدى لمعالجة المشاكل العمالية في بلاد العرب والمسلمين لأنها ذات طبيعة خاصة وتختلف عن نوعية المشاكل في البلاد الأوربية، حيث إن بعض أنظمة الكفيل لا تعطي للعامل الوافد حرية السفر بدون موافقة الكفيل، وهو ما تسبب في إثارة شكاوى عالمية جعلت نظام الكفيل يصنف كنوع من العبودية والعمل الجبري الذي لا تقرة حقوق الإنسان أو المعاهدات الدولية لحقوق العمال المهاجرين، وكذلك لم تتبن هذه المؤتمرات الدولية أي قوانين أو توصيات لمعالجة أوضاع المهاجرين العرب غير الشرعيين الذين تطلق عليهم السلطات الأوروبية النار جهارا نهارا لمنعهم حتى من مجرد الوصول إلى شواطئهم، حيث تزايدت أعدادهم خاصة أن أسواق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى الآن بحاجة إلى التعافي من تداعيات حالة عدم الاستقرار السياسي التي بدأت في عام 2011، والتي زاد معها معدل البطالة بها إلى 11,6 % من 10,8 % في العام السابق، ومن المتوقع أن يرتفع قليلاً إلى 11,7 % بنهاية عام 2015، حسب تقرير منظمة العمل الدولية.

508

| 17 يونيو 2015

التكلفة الاقتصادية.. وثمن عدم الاستقرار في المنطقة

هل الاستقرار في الشرق الأوسط سيكون استثناء، وتكون القاعدة هي موجات العنف والاضطرابات بعد ثورات الربيع العربي و ظهور العديد من الحروب التي أثمرت حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، والفتن والتدهور الاقتصادي ، الطائفية العرقية والدينية ، تحت مسميات وغطاءات مختلفة ودعاوى متباينة ، وأصبحت من خلالها الجماعات المتطرفة ربما أكثر قوة من الدول النظامية ، ولا يمكن أن نتوقع أن الأمور يمكن أن تسفر فى النهاية عن قرب استعادة التوازن أو الاستقرار، حيث تشير البيانات الاقتصادية والديموجرافية أن المنطقة مضغوطة، وتعاني من بطء النمو وارتفاع معدلات البطالة ، إلى مستويات غير مسبوقة ستؤدي حتما إلى نقص الدخل وتأثر مستوى معيشة الأفراد، وعدم قدرتهم على تحمل أعباء الحياة ، وتلك المشكلات تتعقد أكثر مع تدفقات اللاجئين من حروب العراق وسوريا وليبيا واليمن، وتراجع أسعار النفط مما يفاقم من الأزمة ، خاصة أن أحدث التوقعات الاقتصادية العالمية التى يصدرها صندوق النقد الدولى تقدم صورة قاتمة عن دول المنطقة، حيث ستصل البطالة إلى 13% في مصر وتونس هذا العام، وتصل لحوالي 12% في الجزائر، ولا ينمو الاقتصاد بشكل سريع بما يكفى لتوفير وظائف كافية للشباب، ومن المتوقع أن يكون النمو هذا العام 1.3% في العراق، و2.5% في لبنان، و2.6% في الجزائر، و3.8% في الأردن، و4% في مصر، على الرغم من أن حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي في مصر، قد تراجع إلى 19.560 مليار دولار بنهاية شهر مايو 2015، مقارنة بـ 20.525 مليار دولار في الشهر السابق ، بتراجع قدره نحو مليار دولار، في حين تراجعت توقعات النمو في السعودية أكثر من 1.5 نقطة لتصل إلى 3% هذا العام، ومن المتوقع أن تواصل التراجع العام المقبل بسبب أسعار النفط ، وكذلك وصف صندوق النقد الدولي لتراجع الميزانية السعودية ، من من أنه قد يكون عجزا جوهريا هذا العام والعام القادم ، وتعاظم خطر تنظيم "داعش" وتأثيرها على أسعار النفط ، وتبعات الصراع في اليمن، وأزمة إيران النووية، وتوقف عملية السلام في الشرق الأوسط ، وتصنيف الاقتصاد الفلسطيني ضمن الأسوأ عالميا، لارتفاع معدلات الفقر والبطالة عند أعلى مستوى، حيث أن معدلات النمو مرهونة بالسلام المتعثر، وحجز إسرائيل للمساعدات والضرائب ، كما جاءت تقديرات معهد التمويل الدولي بأن الخسائر التي تكبدتها مصر والأردن ولبنان وسوريا وإيران والعراق وتونس وليبيا، بنحو 717 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، بسبب الاضطرابات في المنطقة، والقيود والعقوبات التي يفرضها الغرب على بعض هذه الدول، وكذلك قدرت كلفة استضافة الأردن للاجئين السوريين بنحو 2.1 مليار دولار لعام 2013، ونحو 3.2 مليار دولار لعام 2014، فيما قدرت تكلفة نزوح اللاجئين السوريين إلى لبنان، بنحو 7.5 مليار دولار ، حيث أن لدى لبنان أعلى نسبة من اللاجئين في العالم، قياساً إلى عدد السكان، حيث يمثلون حاليا ربع المجموع الكلي لسكان البلاد، وأدى ذلك إلى ارتفاع عجز الموازنات الحكومية، وتوسع العجز في الحساب الجاري، واستنزاف للاحتياطيات النقدية ، بعد أن أدى تباطؤ النشاط الاقتصادي إلى تقليص متحصلات الضرائب ، في ذات الوقت الذي ارتفعت فيه فاتورة الواردات مع صعود معظم الأسعار العالمية ، الأمر الذي أدى إلى التأثير السلبي على الأمن الغذائي، وقد يستمر ذلك نظرا للصراعات والأزمات التي طال أمدها في المنطقة، والتي تغذيها توجهات معينة لها رؤيتها التي تجد في استمرار حالة عدم الاستقرار هدفا استراتيجيا للقوى العالمية لاستنزاف موارد المنطقة والإبقاء على الاضطرابات والعنف الذي يبعدها عن التنمية والتطور، ويشغلها عن مصالحها الحقيقية، وبالتالي عزلها عن العالم المتحضر وعودتها إلى الحياة البدائية بعد أن تفقد بنيتها الأساسية ومقوماتها الاقتصادية وحتى قوتها العسكرية مما يحولها إلى كيانات ضعيفة يسهل الانقضاض عليها، بعد أن تكبدت المنطقة تكلفة هذه الاضطرابات والأحداث بعد الربيع العربي والتي بلغت حوالي 800 مليار دولار أمريكي، بالإضافة إلى أنها ستحتاج إلى مساعدات إنسانية لنحو من 15 إلى 20 مليون شخص في سوريا والعراق والأردن ولبنان واليمن، وذلك وفقا لمركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا.

303

| 10 يونيو 2015

الإنفاق والاستهلاك.. في رمضان

لا شك أن اقتصادات الدول الإسلامية خلال شهر رمضان تتحمل ميزانياتها أعباء إضافية تتفاوت نسبتها من دولة إلى أخرى تبعا لنمط الاستهلاك السائد بها وطبقا للمستوى العام للدخل، وما يسري على الدول يسري على اقتصادات الأسر أيضا، ولكن السمة المشتركة بينهم هي الإنفاق الزائد على الطاقة والاستدانة والاقتراض لتغطية فاتورة الواردات للسلع والمواد الغذائية المستوردة، وكذلك لتغطية فاتورة الإسراف في استخدام المياه والكهرباء، ثم مخالفة ذلك لمبادئ الاقتصاد الإسلامي الذي يحسنا على الوسطية في كل تعاملاتنا ومنها المأكل والمشرب والحد من البذخ والإسراف، فما بالك إذا كنا في شهر صوم وامتناع عن المأكل والمشرب طول النهار، أي خلال نصف اليوم تقريبا، بما معناه بالضرورة الحد من الاستهلاك، لا نقول بمعدل %50 ولكن بأي نسبة كانت، فسوف تكون مرضية لو تحققت، ولكن على مر السنين لم نشهد إلا زيادة في النفقات ومضاعفة في الاستهلاك، في ظل وضع غالبية المجتمعات الإسلامية التي تعاني من أزمة اقتصادية تضطّرها إلى التخلِّي عن الكثير من تطلُّعاتها ورغباتها دوليًّا وإستراتيجيًّا، بل والتخلِّي عن كرامتها في بعض الأحيان للحصول على قروض أو معونات من الدول المانحة أو من المؤسسات المالية العالمية، أو حتى للحصول على إعادة جدولة الديون، وكنت أعتقد أن شهر رمضان سيكون فرصة ذهبية للتحرر من هذه القيود أو من بعض هذه المشاكل، حيث إنها فرصة لتدريب العنصر البشري على ضبط النفس والتوفير والادخار والحد من الإنفاق والاستهلاك، ولتكن البداية من شهر رمضان لتعزيز قدرة الاقتصاد من منطلق ديني، باعتبار أن معظم الدول النامية ومنها الإسلامية تنفق وتستهلك أكثر مما تدخر، فتصل نسبة الادخار لديها إلى 15% والاستهلاك %60، وينطبق ذلك على كل الطبقات، الأغنياء والفقراء على حد سواء، حتى أصبح الاستهلاك المفرط لدى الأسر في رمضان سمة سائدة تهدد الإمكانات الاقتصادية للدولة والأسرة على مدار العام، نظرا لتضخم الديون وعدم القدرة على السداد.وفي المقابل تشير بعض الدراسات التي أجريت عن دول الخليج إلى أن 45% من الوجبات التي يتم إعدادها تذهب إلى صناديق القمامة، كما أن الإحصاءات تؤكد أن الاستهلاك في "شهر الصوم" يرتفع بنسبة تتراوح بين 10 و40% عنه على مدار السنة، ذلك في الوقت الذي تبلغ فيه الفجوة الغذائية في العالم العربي ما قيمته 15 مليار دولار وفق إحصاءات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، وربما ترتفع عن ذلك في الإحصاءات الحديثة.والخطير في الأمر أن وجود هذه الفجوة الغذائية يعني المزيد من الاعتماد على الخارج، واستمراء ذلك، كوننا أمة مستهلكة أكثر منها منتجة. ولم نصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي أو إلى المستوى الذي يمكننا من توفير بعض احتياجاتنا الاستهلاكية اعتمادا على مواردنا وجهودنا الذاتية واستمرار حالة التبعية الغذائية للآخر الذي يمتلك هذه الموارد، ويستطيع أن يتحكم في نوعيتها وجودتها ووقت إرسالها إلينا، مما يهدد أمننا الغذائي، وما ينتج عن ذلك من تبعية وتبعيات تهدد حياتنا الاقتصادية، وتهدد أيضا أمننا الوطني، بل والاستقرار السياسي والاجتماعي، ومن هنا تبدو جوانب التقصير في سلوكياتنا وأنماطنا الاستهلاكية التي تجعل من شهر الاقتصاد والتوفير مجالا للشره والبذخ والتبذير، حيث ينبغي وفقا للمنطق والعقل، وبدون المعادلات أو المسائل الحسابية أن ينخفض الاستهلاك في هذا الشهر إلى الثلث، باعتبار تخفيض عدد الوجبات من ثلاث وجبات في الأيام العادية إلى وجبتين في ذلك الشهر الكريم دون سرف أو إسراف، بما يمثل ميدانا للترشيد على المستوى الفردي والمستوى العام، إذا نجحنا في صياغة نمط استهلاكي رشيد إذا استطعنا من خلاله الاستغناء عن بعض مفرداتنا الغذائية اليومية، مما يؤدي إلى صحة الأبدان والأموال، على ألا ننساق خلف وسائل الدعاية والإعلان والإعلام، المختلفة التي تلح على المستهلكين في ترويج السلع والخدمات، وحثهم على الاستهلاك المفرط في رمضان وإغرائهم على الشراء، سواء كانوا محتاجين إلى السلعة أم لا، وبشتى الطرق، من خلال السحب على المنتجات المُشترَاة، ومن خلال الجوائز اليومية في المسابقات، والجوائز الأسبوعية، والجوائز الكبرى الشهرية وكلها أساليب تشجع على الاستهلاك.

384

| 03 يونيو 2015

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

4890

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3645

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2745

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

2361

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1488

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1071

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

978

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

882

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

837

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

816

| 17 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

804

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يحلّق من جديد

في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...

774

| 17 أكتوبر 2025

أخبار محلية