رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تنفست البورصة المصرية الصعداء أخيرا بعد تراجع الحكومة وتجميد الضريبة الرأسمالية وتأجيل التنفيذ لمدة عامين، وهذا يؤكد ما طالبنا به في جريدة "الشرق" في عدة مقالات منذ أن تم تطبيق الضريبة وحتى قبل تطبيقها في يوليو من العام الماضي تحت عنوان "الضريبة على البورصة.. بين المكاسب والخسائر" و"الضرائب وتحديات الاستثمار في البورصة" وإن كانت الاستجابة بطيئة ومتأخرة، نتيجة لعدم فهم واقع البورصات وآليات جذب الاستثمار ونقص الخبرة في إدارة البورصة والتعرف على الأسواق المنافسة، إلا أنه أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي كما يقال، على أن ذلك سمة العقليات البيروقراطية التي تحتاج إلى الدق الشديد والمستمر على رأسها حتى تفيق وتعود إلى صوابها، حيث لم تجد كل التحذيرات التي سقناها لصالح البورصة وجذب الاستثمارات وإنقاذها من التدهور، حتى تم شطب الشركة المصرية للاتصالات من مؤشر"مرجان استانلي الدولي" وأصبحت البورصة مهددة بالشطب من البورصة العالمية إذا تم شطب شركة مصرية أخرى من المؤشر، وقد ثبتت الأضرار التي لحقت بالاستثمارات خلال الفترة التي أصرت فيها الحكومة على تطبيق الضريبة، كما لم تساهم الضريبة بشكل فعال في سد عجز الموازنة العامة للدولة، حيث كانت تتوقع وزارة المالية المصرية حصيلة متوقعة من الضريبة بنحو 10 مليارات جنيه في الموازنة الحالية، ولكن على أرض الواقع لم تحصل سوى نصف مليار جنيه فقط، فأصبحت الخسائر والأضرار أكبر من المكاسب، مما يؤكد خطأ قرار تطبيق الضريبة منذ البداية ثم إصرار الحكومة على الاستمرار في الخطأ، وعدم تقدير الآثار الاقتصادية للضريبة على البورصة والدولة بصورة صحيحة بعد أن صارت طاردة للاستثمار وتسببت في كل هذه الخسائر، التي بدأت معها أزمة البورصة المصرية، في وقت لا تطبق فيه أي من دول المنطقة تلك الضريبة، لأن خضوع التعاملات في البورصة المصرية منفردة على هذه الضريبة إلى تدني قيم التداول أو هروب المستثمرين للأسواق المجاورة وضعف الإقبال أو الشهية الاستثمارية، مما يؤثر سلبيا على سمعة البورصة والمناخ الاستثماري، وكانت الحكومة قد انصاعت لمطالب صندوق النقد الدولي بفرض الضريبة لسد العجز في الموازنة، مما حدا بالصندوق بانتقاد قرار التأجيل والشعور بخيبة الأمل، رغم أن قرارات أو توصيات صندوق النقد ليست دائما صائبة أو تحقق المصالح الوطنية، فقد توصلت مصر إلى اتفاق بشأن قرض البنك الدولي مرتين منذ عام 2011، إلا أنها سحبت الطلبات واستعانت بدعم من دول الخليج، لتلبية احتياجاتها المالية، بدلا عن صندوق النقد الدولي، وقد برر المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء أن إيقاف العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية لمدة عامين، تم بغرض الحفاظ على تنافسية سوق المال المصري والاستثمارات به، وذلك في ظل الجهود المستمرة في الإصلاح الاقتصادي، مع الأخذ بعين الاعتبار كافة الآثار المترتبة على الاقتصاد المصري، ومناخ الاستثمار وقدرته على جذب الاستثمارات، وهذه هي المبررات التي سقناها قبيل إقرار هذه الضريبة وعند تطبيقها، والتي لم تعيها الحكومة وتجاهلتها تماما، حتى بدأت تجني ثمارها السلبية على المستويين المحلي والدولي، حتى هوت وتراجعت مؤشرات البورصة بشكل جماعي، وتأثرت بمبيعات المستثمرين الأجانب، حتى تجاوزت الخسائر أكثر من 30 مليار جنيه مؤخرا وفقدت ثقة المستثمرين، في تقييمهم للاستثمار بسوق المال بصفة عامة، خاصة مع التخبط في إصدار التصريحات التي أكد خلالها وزير المالية عدم إلغاء الضرائب المفروضة قبل يومين فقط من قرار تجميد الضريبة، والخطير في الأمر أن يحدث ذلك في الوقت الذي تنادي فيه الدولة لزيادة الاستثمارات، لتقابله الحكومة بتناقض غريب في الرؤى السياسية والاقتصادية في تطبيق ضريبة تسعى لإفشال البورصة كأداة مهمة لتمويل المشروعات القومية والشركات العاملة بمصر، والأخطر هو ما استجد من مخاوف من جراء التهديد من شطب البورصة المصرية من قائمة مؤشر مؤسسة "مورجان ستانلي" للأسواق الناشئة في المراجعة الدورية المقبلة نهاية ديسمبر المقبل، وهو ما سيكون له مردود سلبي على مستقبل البورصة وسيخلق عمليات بيع مكثفة وتخارج من قبل المؤسسات الدولية من البورصة المصرية وهذه كارثة حقيقة إذا حدثت لأن المستثمرين الأجانب يأخذون من هذا المؤشر بوصلة لتحديد اتجاه استثماراتهم في البورصات العالمية، وهذا يدفع المستثمرين العرب والأجانب للهروب لأسواق أرخص لا تفرض ضرائب، بالإضافة إلى أن ذلك قد يشجع المتعاملين في البورصة للدخول في أوعية استثمارية غير شرعية، بما يؤدي إلى تخفيض الادخار والاستثمار بالتبعية.
293
| 27 مايو 2015
توسعت الدول النامية في إنشاء بنوك التنمية لتأخذ من اسمها دورها التنموي المرتجى باعتبارها بنوكا متخصصة تهدف إلى توفير التمويل متوسط وطويل الأجل للمشروعات التي تعمل في مجالات الإنتاج السلعي والعقاري حيث أنشئ أول بنك صناعي في بلجيكا عام 1822 م وانتشرت بعد ذلك في أوروبا في البداية، لاقتصار دور المصارف التجارية على توفير التمويل قصير الأجل، ومن ثم رأت الحكومات أهمية إنشاء هذه البنوك للاستفادة من ثمار الثورة الصناعية، وبعدها انتشرت هذه البنوك في الدول النامية لتحقيق التنمية ولذلك حصلت بنوك التنمية على دعم من الحكومات ومؤسسات وصناديق التمويل في صور مختلفة مثل منح قروض بشروط ميسرة وبأسعار فائدة مدعمة أو فترات سماح طويلة أو تقديم معونات فنية، كما تختلف نوعية الخدمات المقدمة من هذه البنوك، ومدى جودتها، باختلاف درجة نمو وتقدم كل دولة بما يعكس تطور الجهاز المصرفي بها، لذلك لجأت بنوك التنمية إلى تنويع أنشطتها لتتوافق مع مقررات "بازل" الدولية التي تنظم أنشطة البنوك، ومع تقارير مؤسسات التقييم الدولية الأمر الذي ساعدها على القدرة التنافسية وتعظيم الإيرادات ومعدلات الربحية وهي محددات نجاح البنوك، بما يساعدها على المشاركة الحقيقية في عمليات التنمية الصناعية والسياحية والزراعية، وفق الرؤية الاقتصادية الوطنية التي تسهم في تنويع مصادر الدخل بمعدلات ونسب لها تأثيرها القوي والفاعل في تنشيط الاقتصادات الوطنية. لذلك فإن اقتصار أنشطة بنوك التنمية على تمويل المشروعات الصغيرة التي تشبه إلى حد كبير في قدرتها على التنويع الحقيقي لمصادر الدخل لأنشطة المقاصف أو الجمعيات التعاونية المدرسية، بما يستنزف مواردها وطاقاتها، ويحول دون تمويل المشروعات الاقتصادية الكبرى ذات التأثير القوي في تنويع مصادر الدخل، مما يتطلب بذل المزيد من الجهد لخدمة الزبائن وتبسيط الإجراءات وتوسعة النشاط التسويقي والترويجي على القطاعات التنموية الاقتصادية وتكثيف التواصل مع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بخدمات البنك لحث الممولين والمستثمرين على التفاعل مع أنشطة البنك، حتى يتمكن من القيام بدور أكبر في تعزيز التنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل من خلال تمويل استثمارات القطاع الخاص في القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية ذات القيمة المضافة والتي تتصدر أولويات خط التنمية الاقتصادية، التي تضعها الدول على قائمة اهتماماتها لتوفير فرص عمل جديدة في المشروعات كثيفة العمالة لمواجهة جحافل الباحثين عن عمل التي تتراكم عاما بعد آخر، إلى جانب الصناعات القائمة في المناطق الصناعية والمناطق الحرة، لذلك حاولت بعض الدول العربية تطوير بنوك التنمية وتحويلها إلى بنوك تنمية صناعية، لتوفر التمويل متوسط وطويل الأجل وتقدم المعونة الفنية للقطاع الخاص الصناعي، وهناك أمثلة مثل مساهمة بنك التنمية الصناعي المصري في إنشاء العديد من مشروعات القطاع الخاص الصناعي والتي تطورت وأصبحت تؤدي دورا هاما في الاقتصاد المصري وبعضها أصبح من قلاع المشروعات الصناعية التي تعد القاعدة الصناعية بالدول النامية، ومع تحرير تجارة الخدمات وما ترتب عليه من حرية انتقال رؤوس الأموال وتحرير الخدمات المصرفية العالمية، وتطور دور بنوك التنمية الصناعية في مختلف دول العالم في السنوات الأخيرة فقد تنوعت أنشطة هذه البنوك لتمتد إلى التجزئة المصرفية والتمويل العقاري والزراعي وأصبحت تقدم خدمات مصرفية مماثلة لما تقدمه البنوك التجارية، خاصة مع احتدام المنافسة بين البنوك على تقديم خدمات ومنتجات مصرفية متنوعة حتى تتمكن من تنويع محفظة القروض لديها لتنويع المخاطر والتقليل منها وكذلك لتقديم حزمة من الخدمات المصرفية المبتكرة والمتنوعة، التي تواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، التي تجذب قاعدة عريضة من المتعاملين، وفي ذات الوقت تسهم في زيادة معدلات الربحية، حيث ارتبط تقديم القروض لتمويل المشروعات الصناعية أو الزراعية بمجموعة من خدمات التجزئة المصرفية، وإلى جانب ذلك سوف تتمكن بنوك التنمية الصناعية من تمويل الكثير من الصناعات أو المصانع المتعثرة ومساعدتها على القيام من جديد بدورها في رفد الدخل الإجمالي، وتأدية دورها في تلبية الاحتياجات المحلية من المنتجات الصناعية وتعزيز قدرتها على الصادرات وكذلك في إنشاء وتطوير وتحديث المنشآت الصناعية، والمشاركة في تخفيف العبء عن كاهل الدولة، ولكن ذلك لا يمكن أن يتحقق أو يتم بالصورة الصحيحة إلا بتوافر العديد من المقومات أهمها القدرة التمويلية ورفع سقف التمويل للاستثمارات والملاءة الاقتصادية المناسبة، والخبرات والكوادر الفنية المؤهلة والمدربة، والتشريعات الحديثة والمرنة في ذات الوقت وصياغة سياسة ائتمانية تواكب الطموحات والتطلعات المستقبلية والخطط الاقتصادية والتنموية والائتمانية التي تخدم خطط تنويع مصادر الدخل التي تتبناها الدولة والقطاع الخاص، على أنه يمكن أيضا أن يكون لدى هذه البنوك أقسام مستقلة تقدم خدماتها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتسهيلات ومزايا مرنة تتناسب مع قدراتها وإمكاناته، على ألا يتدخل ذلك مع جهات التمويل الأخرى.
1109
| 20 مايو 2015
تحركت أسعار النفط في الأسواق العالمية بشكل تدريجي وهو أمر طبيعي وفقا لمنطق الأشياء، في أعقاب الأزمة اليمنية وانطلاق عاصفة الحزم ، لأن سخونة الأحداث في مضيق باب المندب المدخل الجنوبي للبحرين الأحمر والأبيض فرضت ذلك، ولاسيما مع انخفاض عدد منصات الحفر في آبار النفط الصخري الأمريكي، والنفط الليبي المهدد بالتوقف، مما أدى إلى انتعاش أسعار النفط مع بداية الربع الثاني من العام الجاري، مع توقع الخبراء بأن الأسعار سوف تحقق نقطة التعادل أو التوازن التي تحقق مصالح المنتجين والمستهلكين، ويتوقع أكثر المتفائلين بألا يرتفع سعر برميل النفط في الأسواق العالمية فوق مستوى 100 دولار، إلا إذا تراجعت إمدادات النفط في الأسواق، مع استمرار الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والأمل في أن تقرر «أوبك» خفض إنتاجها في اجتماعها المقبل، ولكن يتضاءل هذا التفاؤل إذا ظل العرض من النفط عند المستوى الحالي، واستمر الطلب منخفضا، لأنه من الطبيعي أن تنخفض الأسعار أكثر من ذلك، وهذا يتطلب أن تفكر "أوبك "في مواجهة عودة إيران إلى أسواق النفط - بعد اتفاقها مع القوى العالمية – حيث تعد إيران ثاني أكبر مصدر في منظمة البلدان المصدرة للنفط في " أوبك" لأنها سوف تسعى إلى تعزيز صادراتها من النفط الخام سريعا في حالة التوصل إلى اتفاق نهائي مع الدول الست الكبرى بخصوص برنامجها النووي ورفع العقوبات المفروضة عليها، مما قد يتسبب في انهيار الأسعار مرة أخرى ، لأن ذلك سوف يشجع منتجين آخرين على زيادة عرضهم للمحافظة على حصتهم السوقية، خاصة أن التراجع السريع للنفط قد تسبب بمتاعب لبعض صغار منتجي النفط، والدول التي لا زالت تعتمد بصورة أساسية على عائداته كمصدر رئيسي للدخل، وقد أدى ذلك أيضا إلى إجبار أكبر شركات النفط الدولية على تقليص الميزانيات والاستثمارات الجديدة، وكذلك انخفاض عدد منصات الحفر في آبار النفط الصخري الأمريكي، ومع وجود الفجوة الواسعة بين العرض والطلب، فإن أسعار النفط قد تعززت بالفعل في الآونة الأخيرة مدعومة برهانات المضاربين على ارتفاع الأسعار، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يتكهن بأسعار النفط الفعلية ، أو يتيقن من تحقيق نقطة التوازن لأن استمرار ارتفاع إمدادات النفط العالمية يثير الشكوك حول إمكانية إعادة التوازن لأسواق النفط في النصف الثاني من عام 2015. هذا من شأنه تعقيد المشهد أكثر، خاصة إذا ما أضافت إيران المزيد من النفط إلى الأسواق، فإن إعادة التوازن سوف تتأخر إلى عام 2016، أو ربما بعد ذلك ، على الرغم من أن "أوبك" قدرت حجم العرض في الربع الأول من 2015 بحوالي 94,5 مليون برميل في اليوم، تنتج منه رسميا 30 مليون برميل في اليوم، لكنه بلغ في مارس 31,02 مليون برميل في اليوم بعد قرار السعودية "رفع إنتاجها إلى مستويات قياسية"، فيما بلغ الطلب معدل 93 مليون برميل في اليوم، مقتربا من نقطة التعادل بين العرض والطلب، ولكن ذلك يحتاج إلى مرونة طلب عالية تستجيب لانخفاض الأسعار حتى يتحقق التوازن للسوق النفطي في أسرع وقت، خاصة أن مستوى الطلب معقد ومتذبذب، في ظل الظروف الجيوسياسية التي تشهدها معظم مناطق الشرق الأوسط الأكثر تأثيرا وتأثرا من المتغيرات السياسية والتوتر القائم، وفي ظل تزايد الضغوط العالمية لاستخدام بدائل النفط ، الأمر الذي من شأنه أن يكبح جماح الطلب على النفط، في مواجهة زيادة العرض بنحو مليون برميل في اليوم، إلى جانب ما يضخ من المنتجين خارج "أوبك"مما يزيد من الفجوة بين العرض والطلب، خاصة إذا لم تستقر الأسعار ، لأنها المؤشر الأساسي الذي يقود السوق للتوازن ، والذي لا يمكن أن يتحقق بدون التنسيق والتعاون بين منتجي النفط في "أوبك" وخارجها من أجل تحقيق الاستقرار بالأسواق ، حتى لا تؤدي التخمة في المعروض مع ضعف الطلب العالمي إلى استمرار هبوط أسعار النفط في النصف الثاني من العام الحالي، ولكن ترى وكالة الطاقة الدولية أن الطلب العالمي على النفط سوف يرتفع بنحو 90 ألف برميل في اليوم، وأن استمرار قوة الإمدادات من خارج دول "أوبك" في ظل انخفاض أسعار النفط يعقد المشهد أكثر، حيث أن الأسعار لن ترتفع كثيرا طالما استمر تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما يجعل التوقعات أكثر غموضا ولا سيما إذا ما توصلت إيران إلى اتفاق نهائي مع القوى العالمية ، بخصوص برنامجها النووي ، ودخولها السوق بكامل قوتها، لأنه يفسح المجال أمام رفع الحظر الأمريكي والأوروبي على صادرات المحروقات الإيرانية، لأنها قادرة نظريا على إنتاج ما لا يقل عن 3,4 إلى 3,6 مليون برميل في اليوم ، بعد أشهر قليلة من موعد رفع العقوبات ، ولا سيما أنها احتفظت بمخزون كبير يقدر بحوالي 30 مليون برميل على الأقل، يمكن أن يصب في الأسواق بسرعة أكبر.
481
| 13 مايو 2015
تراجعت الصادرات المصرية خلال الربع الأول من العام الجاري 2015 بنسبة 16%، حيث بلغت قيمة التراجع بالجنية المصري 2 مليون و404 آلاف جنيه - مقارنة بذات الفترة من العام الماضي – وبلغ حجم الانخفاض ما يعادل 488 ألف دولار، طبقا للتقرير الصادر عن هيئة الرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة المصرية، بعد أن وضعت الحكومة ضمن خططها وصول الصادرات غير البترولية إلى 28 مليار دولار خلال العام الجاري، وذلك مقارنة بصادرات العام الماضي البالغة 22.242 مليار دولار، مما يثير تساؤلات حول مدى نجاح مصر في استعادة العصر الذهبي للعلاقات مع روسيا خاصة التجارية والاقتصادية، ولاسيَّما بعد أن أعلنت روسيا استعدادها لاستيراد منتجات مصرية، وقرار السلطات الروسية بحظر استيراد منتجات من الحاصلات الزراعية والموالح من دول أوروبا الغربية وكندا والولايات المتحدة الأمريكية واستبدالها بمصر والمغرب، وتعد هذه فرصة ذهبية أن تحتضن الأسواق الروسية للمنتجات المصرية منذ إعلان ذلك في شهر أغسطس من العام الماضي.وقد كشفت لجنة التصدير والاستيراد والتجارة الداخلية بجمعية رجال الأعمال المصريين أن حجم الصادرات المصرية إلى روسيا الاتحادية ارتفع خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر من عام 2014 بنسبة 25% مقارنة بنفس الفترة من عام 2013، وبالتالي ارتفعت قيمة الصادرات خلال الفترة من عام 2014 إلى 507.2 مليون دولار أمريكي، وهي تعد أكبر قيمة صادرات مصرية خلال عام 2013، وهي نسبة ضئيلة ولا تتواكب مع الطموحات، لأن إعلان السلطات الروسية استعدادها لاستيراد منتجات غذائية من مصر فرصة جيدة للسوق المصري حتى تفتح مجالاً جيداً لا لتصدير منتجات زراعية فحسب بل وصناعية أيضا، وعلينا أن نعض على هذه الفرصة بالنواجذ، خاصة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سيقوم بزيارة إلى العاصمة الروسية موسكو للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ70 لانتصار روسيا على ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ومن ثم فإن الأمر يتطلب إعداد دراسات سوق لمعرفة ما يمكن تصديره إلى روسيا، فهل قام جهاز التمثيل التجاري المصري بدوره في إجراء الدراسات الخاصة بالسوق الروسية وطاقتها الاستيعابية للتعرف على مدى احتياجاته من الحاصلات الزراعية وغير الزراعية التي تعتمد عليها السلطات والشركات المصرية في تقديم العروض التصديرية لروسيا، لتعويض احتياجاتها من الصادرات الزراعية الأوروبية التي تصل إلى 11% ممن حجم التبادل التجاري بينها، فهل استثمرت مصر هذه الفرصة الذهبية لترويج المنتجات المصرية؟ والتخطيط لزيادة الصادرات المصرية إلى روسيا، لإنعاش الاقتصاد المتردي ومحاولة تصحيح الميزان التجاري بين البلدين، ودفع حركة التجارة البينية وتنشيطها بعد حالة الركود والجمود التي سيطرت على العلاقات في السنوات الأخيرة خاصة منذ حرب 1973 وطرد الخبراء الروس من مصر، وانكماش الدور الروسي في الشرق الأوسط وابتعادها عن المياه الدافئة باستثناء علاقتها مع سوريا، حيث تعتبر القيادة الروسية أن مصر هي بوابة لإفريقيا، حتى رغم الأوضاع غير المستقرة التي شهدتها في السنوات الأخيرة، لذلك أعلن الرئيس بوتن إنه سيعطي الأوامر للجهات الروسية المعنية لتبسيط وتسهيل دخول المنتجات الزراعية المصرية إلى السوق الروسية، بما يمكن أن يحقق طفرة في الصادرات المصرية، خاصة من الحاصلات الزراعية، باعتبار أن مصر أيضا سوق ضخمة ومتوسطة بين الشرق والغرب، خاصة أن المنتج المصري يستطيع أن ينافس بقوة في السوق العالمي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 5 مليارات دولار وسوف ترتفع من خلال إقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين، وما تقدمه روسيا من نطاقات ومجالات ضخمة وواسعة للاستثمار في الاقتصاد المصري خاصة في البنية التحتية للتكنولوجيا العالية، ولا شك أن ذلك يستدعي في المقابل تقدير حجم السلع القابلة للتصدير وأنواعها ومواسمها، وتقدير المساحات المتاحة لذلك، للتعرف على الطاقة الحقيقية للتصدير، والمساحات المطلوبة للتوسع في الإنتاج لمقابلة احتياجات التصدير الحالية والمستقبلية، خاصة إذا نجحت التجربة، واستطاعت مصر أن تسد الفراغ الأوروبي في السوق الروسي الذي يقدر بنسبة 30%، الأمر الذي يتطلب أيضا دراسة الأسواق المنافسة ومتطلباتها، والعمل على توقيع اتفاقيات جديدة للتصدير في الأسواق الأوروبية، وكذلك العمل على تطوير المنتجات المصرية في مواجهة الآخرين، واستخدام التكنولوجيا الحديثة والميكنة الزراعية الجيدة والأساليب الحديثة في مكافحة الآفات لزيادة الإنتاجية، والحرص على التأكد من مدى مطابقتها للمواصفات التصديرية الأوروبية، وأيضا توفير المخازن المجهزة للتصدير، مع وسائل وآليات الشحن والنقل والتفريغ المتطورة التي تحافظ على حفظ الصادرات والمنتجات من التلف وتقليل حجم الفاقد.
1307
| 06 مايو 2015
لابد من الوقوف على الوضع الاقتصادي المصري بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي استهدف وضع مصر على خريطة الاستثمار العالمي وإعادة الثقة للمستثمر الأجنبي، وماذا يقول صندوق النقد الدولي ومؤسسات التصنيف الائتماني العالمية؟ حتى لا يظل الاقتصاد بعيدا عن المسار الصحيح، خاصة أن صندوق النقد الدولي قد رسم صورة قاتمة للوضع الاقتصادي في مصر في عام 2012 واعتبر أن النمو الاقتصادي قد توقف فيها، حتى أن مدير العلاقات الخارجية في صندوق النقد الدولي "جيري رايس" قال إن الوضع الاقتصادي في مصر يبقى صعبا إذا ظل النمو متوقفا، وكانت مصر في ذاك الوقت تتفاوض للحصول على قرض بقيمة 3.2 مليار دولار يتم صرفه لمصر على مدى ثلاثة أعوام والبنك يضع الشروط والعقبات والعراقيل أمام المفاوضات التي كانت تعتبرها مصر هامة وضرورية لأن نجاح المفوضات يعطي رسالة إلى المجتمع الدولي والمؤسسات المالية والائتمانية بأن الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح، ومن ثم عودة الثقة في الاقتصاد وفي المناخ الاستثماري، ولاشك أنها كانت أوقات عصيبة، حتى جاءت الانفراجة مع المؤتمر الاقتصادي في مارس الماضي بشرم الشيخ والإعلان عن ضخ 12.5 مليار دولار من الدول الخليجية، التي دعمت الاحتياطي النقدي للدولة، وغيرت بالتالي تصنيفات المؤسسات المالية الدولية، حيث أعلنت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني، رفع التصنيف طويل الأجل لمصر من B- إلى B بالعملتين المحلية والأجنبية، كما أبقت على نظرة مستقبلية "مستقرة" للاقتصاد المصري، وقد أحدث ذلك تغيرات كبيرة في مواقف الدول الأوروبية المانحة والمقرضة وحتى الدول العربية التي تريد أن ترى خطوات على أرض الواقع لتقديم ما وعدت به، الأمر الذي يستوجب على الإدارة المصرية الشفافية والإفصاح من خلال الإعلان عن الإصلاحات الاقتصادية والتحولات الإيجابية أو السلبية على الأداء وبالبيانات وبالأرقام لأنها هي اللغة الوحيدة القادرة على الفهم والإقناع، والتي يمكن الرجوع إليها والمقارنة بينها للتعرف على الواقع، وهل السياسات الاقتصادية في مصر تسير في الاتجاه الصحيح، وهل تعكس مؤشرات أداء الاقتصاد صورة جيدة تتوافق مع التصنيفات الائتمانية الدولية؟ ولاسيَّما أن غرفة التجارة الأمريكية أعلنت تفاؤلها بمناخ الاستثمار في مصر عن أي وقت مضى، ورغبة رجال الأعمال في زيادة محافظهم الاستثمارية في مصر في ظل الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتعلقة بقوانين الاستثمار والشركات، التي ستساعد الشركات الأجنبية ومن بينها الأمريكية العاملة في مصر- على توسيع نطاق تواجدها في السوق المصرية، خاصة بعد إشادة صندوق النقد الدولي بالبرنامج الاقتصادي وتأكيده على قدرته في تحقيق أهداف الحكومة في المدى المتوسط، وكذلك تقارير العديد من المؤسسات الدولية مثل "فيتش" و"ستاندر آند بور" و"موديز" التي تؤكد نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي والسير على نهج سليم وتطبيق أفضل السياسات، وكذلك التأكيد على تضاؤل معدل المخاطر مع التحسن في الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، ولأن ذلك يعد بمثابة شهادة ثقة في سلامة السياسات الاقتصادية وخطوة حقيقية وأساسية نحو وضع مصر في المكانة التي تليق بها على الخريطة الاقتصادية الدولية، إلا أن ذلك قد يصطدم مع أداء الجهاز الإداري الذي يعد عقبة كؤودا في طريق الاستثمار، لأنه جهاز مشبع بالبيروقراطية والخوف والأيدي المرتعشة التي تهدر مليارات الجنيهات، وتعوق المسيرة وربما تجرها للخلف، نتيجة لتضارب القرارات بين الهيئات والجهات الإدارية وأصحاب الاختصاصات، إلى جانب العديد من التحديات الأخرى المتمثلة في انتشار الفساد الإداري وافتقاد ثقافة العمل ورفض قبول الآخر، وافتقار ثقافة الاستثمار القائم على أسس ومعايير اقتصادية واضحة تهتم بالقطاعات الدافعة للنمو كالصناعات التحويلية والاتصالات والتشييد والبناء والمشروعات التكنولوجية، وتحرص على تهيئة المناخ الاستثماري، ودعم مشاركة القطاع الخاص في تحقيق التنمية لخلق فرص عمل جديدة تساعد على خفض نسب البطالة، وكلها ضد المحاور الرئيسية التي تستهدف انضمام الاقتصاد المصري إلى أكبر 30 اقتصادا عالميا من خلال مصر 2030، رغم أن الاقتصاد المصري يواجه مرحلة صعبة على صعيد التنمية.
605
| 29 أبريل 2015
لا شك أنه في ظل ثورة المعلومات المتدفقة والمعطيات السياسية التي شهدها العالم العربي خلال هذا العام وفي ظل ما يعانيه التعليم من مشكلات في العالم العربي ومشكلات الباحثين عن العمل والذين يقدرون بالملايين من الشباب العربي، فإن العديد من الدول قد تنبهت وفي وقت مبكر إلى أن التعليم التقني القائم على المهارات والحلول المبتكرة في عالم المعرفة هو أحد الحلول المهمة نحو انطلاق الجيل الجديد، ليس فقط لبناء الذات نحو مستقبل مشرق، بل يعد ذلك أداة حقيقية نحو بناء اقتصاد المعرفة وهو اقتصاد المستقبل والذي نراه عمليا في العديد من البلدان حتى في مرحلة ما بعد الطفرة التقنية والاقتصادية في اليابان ومن هنا فإن التعليم التقني وتنمية المهارات الأساسية هما المنطلق نحو إعداد الأجيال الجديدة للمشاركة الحقيقية في البناء والتنمية، حيث بات واضحا أن مشكلة التعليم في العالم العربي تحتاج إلى تشخيص دقيق، لأن ذلك ألحق ضررا باقتصاديات الدول وجعل التنمية فيها تشهد إخفاقات واضحة، حيث إن مخرجات التعليم في معظم الدول العربية هي مخرجات ضعيفة لا تستند إلى معطيات علمية ومهارات متقدمة، وبالتالي ينضم الآلاف كل عام من الشباب إلى قوافل الباحثين عن العمل وفي ظل نقص المهارات والتسلح بالتقنية، فإن القطاع الخاص والذي يعد قاطرة أي اقتصاد يحجم عن الاستعانة بتلك القدرات والتي تعد ضحية لذلك التعليم التقليدي والذي يعتمد معظمه على التلقين والأساليب التي لم تعد مواكبة مع الطفرة التعليمية والتي تشهدها دول مثل سنغافورة على سبيل المثال، لذلك فإن التعليم التقني المرتبط بالتكنولوجيا واللغة والمهارات هو السبيل نحو خلق جيل يستطيع أن يتماشى ثقافيا وعلميا مع متغيرات العصر بكل ما فيها من تقلبات وقد أسهمت التقنية في نجاح ثورات في العديد من الدول العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكيف كان للمهارة في التقنية دور مؤثر في حياة الشعوب.وبات علينا أن نعترف بأن منظومة التعليم بشكل عام في العالم العربي تحتاج إلى تصحيح جذري حتى يمكن أن ينعكس على الرفاه الاجتماعي والنمو الاقتصادي، فالموارد البشرية وتطويرها علميا يعدان المدخل الصحيح نحو بناء القدرات البشرية وهذا يعني أن التطور المنشود في كل مجالات الحياة هو التعليم المبني على الجودة خاصة التعليم التقني الذي أوصل اليابان إلى مرحلة كبيرة من التصنيع والاقتصاد والطفرة التكنولوجية التي جعلت اليابان واحدة من الاقتصاديات المتقدمة في العالم بفضل التعليم الراقي والذي أنتج تلك الثورة المعلوماتية وأصبحت اليابان البلد الذي يشار إليه بالبنان عند الحديث عن الجهد البشري المنظم الذي استثمر التقنيات في عمليات التقدم. فالتجربة العربية في مجال التعليم خلال الخمسين عاما الأخيرة كانت تجربة مخيبة للآمال بدليل أن المتغيرات السياسية وما حدث من زلزال سياسي في العديد من الدول العربية سببه الأساسي هو فشل التعليم وبالتالي ضياع حلم ملايين الشباب في العيش بكرامة والنهوض بالأوطان في كل المجالات.وعلينا في المرحلة الحالية سرعة المراجعة الشاملة لموضوع التعليم والاهتمام بالتعليم التقني حتى يمكن أن ننطلق نحو تحقيق المزيد من التقدم وأن يكون لمواردنا البشرية الدور الفعال نحو ترسيخ مجتمع المعرفة والتقنية لأن التطورات التي يشهدها العالم تدعونا إلى تقييم أوضاعنا التعليمية حتى نواكب المستجدات وتوفير قاعدة قوية للاستفادة من طاقات الشباب والاستغناء عن الأيدي العاملة غير العربية، ومن الضروري الاعتماد على الأيدي العاملة العربية والوطنية في بناء بلادنا حتى تجد لنفسها مكانا لائقا بين شعوب العالم المتقدم.
625
| 22 أبريل 2015
تعرض الكثير من المصانع المصرية للتعثر أو التوقف في السنوات الأخيرة بعد أن أهملتها الحكومات المتوالية عمدا، نظرا لعدم قدرتها على توفير التمويل اللازم لاستيراد مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من الخارج نتيجة لنقص الاحتياطي من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى العجز في السيولة المحلية، وأيضا مستوى أداء العمال ونقص التدريب والتأهيل الذي أدى إلى هبوط كفاءة الأيد العاملة، وتدني الإنتاجية والإنتاج، وكذلك هروب الأيدي العاملة الماهرة وهجرتها للخارج. ومن هنا فإن المشاكل الخاصة بتعثر المصانع تتمثل في التعثر الكلي أو الجزئي، وهي مسؤولية وزارات الصناعة والتجارة والاستثمار والمالية واتحاد الصناعات المصرية واتحاد جمعيات المستثمرين التي لم تنتبه إلى أن أسباب ذلك تعود في 90% منها إلى سوء الإدارة وفشلها، إلى جانب الأسباب المالية والفنية والتسويقية، خاصة إذا كان أصحاب هذه المصانع ليس لهم خبرة كافية بالإدارة، بما يمكنهم من تحقيق أهدافهم، ومن ثم تفاقمت مشاكل القطاع الصناعي المصري، حيث توقفت آلاف المصانع التي بلغ عددها حوالي ٢٥٠٠ مصنع شركة وفق بعض الإحصاءات، وأصيبت ماكيناتها بالشلل التام ولم يعد يسمع دويها، حتى تعرض بعضها للمخاطر الأمنية وتكرار عمليات السطو والسرقة، وساعد على ذلك تردي الأحوال الأمنية والاقتصادية إلى مستويات غير مسبوقة في تلك الفترة، وانخفاض معدلات التنمية وزيادة العجز في الموازنة، وتراجع قيمة الجنيه المصري، مما كبد الاقتصاد المصري خسائر غير منظورة الآن ولكن ستظهر آثارها في المدى القريب، ولا شك أنها تمثل مخاطر تهدد سلامة الكيان الاقتصادي المصري على المدى البعيد، إذا لم تسرع الحكومة بمواجهة حاسمة لإنقاذ هذه المصانع، لأن عودة التعافي سوف تحتاج إلى سنوات طوال، سوف يتحملها أصحاب هذه المصانع المتعثرة وكذلك المواطن البسيط صاحب الدخل المحدود.ومع ذلك فإنه إن تبدأ متأخرا خيرا من ألا تبدأ، لأن الصحوة المتأخرة للحكومة المصرية تعد خطوة هامة على طريق هيكلة المصانع والشركات المتعثرة بعد أن فقد أصحابها الأمل في الإصلاح، رغم أن هذه المصانع جزء من المكونات الأساسية التي يعتمد عليها قطاع الصناعة في الدخل القومي، ولكن المخاوف شديدة من عدم الالتزام كما حدث في مبادرات سابقة أطلقتها الحكومة منذ عام ولم تتحقق، رغم أن الصناعة تعد من الأعمدة الرئيسة للاقتصاد ومصادر الدخل وتشغيل الأيدي العاملة المتعطلة والباحثة عن العمل، لذلك هي من المقومات الضرورية لنجاح الخطط الاقتصادية ودفع قطار التنمية قدما للأمام، لذلك كان من الضروري أن تحظى المصانع المتعثرة بنصيب وافر من حجم الاستثمارات التي طرحت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، إذا كانت الحكومة قد استعدت جيدا لذلك بعرض ملف المصانع والشركات المتعثرة على المستثمرين العرب والأجانب في إطار دراسات الجدوى الخاصة بها والتي توضح أهميتها وإمكانية تعويمها ووضعها على المسار الصحيح، ولذلك لابد من بذل الجهود لفهم طبيعة المرحلة ومتطلباتها، من خلال الإدارة الحديثة التي تستطيع إحداث نقلة نوعية متميزة، التي يصاحبها العمل الجاد في مقاومة الفساد الإداري والمالي الذي استشرى منذ زمن طويل وكانت له سلبياته على الاقتصاد والتنمية والتي أنهكت المجتمع، مما يحتم على الحكومة أن تضع خططا واضحة، لمعالجة الأزمة والمشاكل القائمة والمحتملة في المدى القصير لتعويض الخسائر التي مني بها الاقتصاد المصري الذي يمتلك الكثير من الإمكانات التي تجعله قادرا على التعويض، إذا أحسنت الاستفادة من القطاع الصناعي، لأن الاستمرار في إهمالها يعني توقف قطار التنمية وما يتبع ذلك من خروج الاقتصاد عن المسار الصحيح، وزيادة المصانع المتوقفة والمتعثرة، وانعكاس الآثار السلبية لذلك على المجتمع بكل طوائفه وطبقاته دون استثناء لسنوات طويلة قادمة، خاصة إذا ظلت الأسباب التي أدت إلى ذلك قائمة، ولذلك مطلوب وضع خطة للتغلب على المشاكل التنظيمية والإدارية، تضمن تسوية ديون المصانع والشركات المتوقفة أو المتعثرة لسرعة عودة تشغيلها، وإيجاد حل عملي لعملية التمويل، أو أن تتحمل الدولة تكاليف إعادة تشغيل المصانع المتوقفة، أو تتعهد بتقديم ضمانات للأجهزة المصرفية التي تقدم التمويل المناسب، الذي يمكن المصانع من تجديد وإحلال الماكينات، وإعادة تأهيل وتدريب العمال لمعالجة النقص في التدريب والهبوط في أداء الأيدي العاملة حتى تتمكن المصانع من أن تعمل بأقصى طاقتها الإنتاجية، وأن تحفظ حقوق العمال وتحميهم، بدلا من الاستغناء عنهم، بما يتسبب في زيادة وتفاقم المشاكل الاجتماعية والإضرابات العمالية التي عانت منها المصانع والشركات في السنوات الثلاثة الماضية، لأن إنقاذ قطاع الصناعة في مصر يحتاج إلى إرادة جادة من الدولة تحمي المنتج الوطني وترفع قدرته التنافسية.
553
| 15 أبريل 2015
لابد أن تنعكس الآثار الإيجابية لمؤتمر "دعم وتنمية الاقتصاد المصري- مصر المستقبل" على كل القطاعات الاقتصادية، ومجالات الاستثمار التي تستقطب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة ومنها البورصة التي تعبر عن الحالة الاقتصادية، حيث ركز المؤتمر الاقتصادي على الاستثمار المباشر في مشروعات طويلة ومتوسطة الأجل، لاسيَّما مشروعات الطاقة، دون وجود دور فعال للبورصة المصرية، وكان سقف التوقعات كبيرا في انتعاش البورصة وسوق المال بعد الإعلان عن حجم الدعم والاستثمارات والمشروعات التي تم الاتفاق عليها مع الدول العربية والأجنبية، ومن ثم فإنه من غير المعقول نجاح المؤتمر بدون أن ينعكس على الأداء الاقتصادي عامة وعلى البورصة وأنشطتها خاصة، إلا أن البورصة المصرية تأثرت سلبا بأكثر مما هو متوقع، لأن التفاؤل الذي كان يتوقعه الخبراء ويتمناه المستثمرون قد تحول إلى غضب نتيجة للغط حول التعديلات الأخيرة التي أقرتها الحكومة بشأن فرض ضرائب على تعاملات البورصة، وعلى الأرباح والتوزيعات النقدية، والذي أدى إلى إلحاق الضرر والخسائر بالمستثمرين، ولاسيَّما مع عدم وجود اللائحة التنفيذية للقانون التي تنظم ذلك، رغم تطبيق القانون، في الوقت الذي مازال فيه هناك خلل في هيكل المؤشر الرئيسي للبورصة، وزيادة الوزن النسبي لبعض الأسهم، وقدرتها على التحكم في المؤشر الرئيسي، كما أن هناك تحديات تواجه المستثمرين، تعوقهم عن نقل أموالهم إلى خارج مصر، وكذلك عدم تنفيذ بعض الأحكام القضائية التي تقضي بإرجاع الأموال إليهم وتعويضهم عن ذلك، رغم التفاؤل بعد المؤتمر الاقتصادي، إلا أن عدم الوضوح أو الغموض بشأن مصير استثماراتهم العالقة ما زال مستمرا.ولا شك أن الأمور إذا استمرت هكذا، وخاصة ضريبة التعاملات على البورصة المتهم الأول والأساسي في الدولة، لاسيَّما أنه ربما بدون قصد اعتبر البعض أن تخفيض الدولة للضرائب على الدخل وإلغاء الضريبة الاستثنائية على الأثرياء بمناسبة المؤتمر الاقتصادي وتمسكها بالضريبة على الأرباح الرأسمالية يعطي رسالة سلبية بأن الدولة تشجع الاستثمار في كل شيء ماعدا سوق الأوراق المالية، وتكمن خطورة ذلك بتمسك الحكومة باستمرار الضريبة على تعاملات البورصة من منطق الجباية لزيادة موارد الدولة وفقا لسياسة الجباية المتبعة بدون النظر إلى العواقب السلبية التي تنعكس على وضع البورصة، في ظل عدم الاستقرار السياسي الذي يعد من أهم الأسباب وراء التراجع في البورصة وبالأخص تضارب الآراء حول الموعد الحقيقي للانتخابات البرلمانية التي تعد مؤشرا على الاستقرار السياسي في أي دولة، مع انعدام أي محفزات جديدة لصعود السوق، مما دعا المشاركين في المؤتمر الأول لتحديات صناعة سوق المال في مصر "واقع.. حلول" للمطالبة بأن تكون الدولة أكثر اهتماماً بسوق المال باعتباره بوابة الاستثمار غير المباشر لمصر، لاسيَّما دوره الكبير في التمويل والتنمية، مع ضرورة إيجاد حلول عاجلة لمشاكل تحويلات المستثمرين الأجانب والعرب التي أسهمت بشكل كبير في تقليص استثمارات هذه الشريحة في البورصة، التي طردت الكثير من المستثمرين العرب خارج سوق المال المصري لعجزهم عن تحويل أموالهم، وعدم وجود آلية سريعة تضمن معالجة القصور القانوني والتنظيمي، في مواجهة عمليات بيع من قبل بعض المضاربين للضغط على إدارة البورصة للتراجع عن فرض الضريبة، الذي أصبح مطلبا ضروريا، خاصة في هذا الوقت، حتى يعود للبورصة توازنها وقوتها، وتعود إليها ثقة المتعاملين والمستثمرين العرب والأجانب، من خلال وضع خطة استثمارية طويلة الأجل، متوافقة مع أولويات السوق وتحدد خريطة الاستثمارات المستقبلية وتعمل على تشجيع المستثمر الأجنبي في مصر، واتخاذ عدة إجراءات غير تقليدية لإصلاح منظومة البورصة، كإصلاح المؤشر وزيادة قواعد الإفصاح والشفافية وتنظيم حلقات عمل تحت مظلة البورصة لمعالجة المشكلات القائمة، ومناقشة البدائل المطروحة، حتى لا تصنع القوانين التي نضعها قيدا أو عقبة أمام الاستثمارات في مصر، وتسببت في خروج أموال كثيرة للمستثمرين، خاصة العرب، لأن المشكلات التطبيقية يشوبها العديد من شبهة الازدواج الضريبي بما لا يسمح بتطبيق أي مقترح يخص مثل هذا الاتجاه في ضوء الأوضاع الحالية، إلى جانب المشاكل المتمثلة في عدم توافر العملة الصعبة في البنوك وما ترتب على ذلك من آثار استثمارية سلبية بالقطاع، للاستفادة من المميزات في السوق المصري التي يجب استغلالها وأن يتم تيسير الإجراءات بدلا من تعقيدها.
1146
| 08 أبريل 2015
تحديات اقتصادية كبيرة تواجه العمل العربي مع نهاية القمة العربية السادسة والعشرين بشرم الشيخ التي تفرض تحركا مكثفا وسريعا من خلال الملفات الاقتصادية التي تعد الوجه الآخر للملفات السياسية الساخنة التي فرضتها الأحداث الراهنة على الساحة العربية والإقليمية، بل وفرضت نفسها على أعمال القمة، مما يخرج القرار العربي من حالة الركود أو رد الفعل، حيث إن قوة الدفاع العربي المشترك المزمع تكوينها إذا تكونت، لا يجب أن تكون لها مهام عسكرية فقط في الدفاع والأمن والردع، بل يجب أن تشمل مساحة أوسع وأشمل للتنمية، التي لا يمكن أن تتحقق بدون قوة اقتصادية تمثل التماسك القوي للجسد العربي الذي ترهل لفترات طويلة، حتى كادت أن تودي بالأمة العربية التي تتكالب عليها الأمم والشعوب الآن، ليس لقلتهم أو لنقص في عددهم، بل لتفرقهم وتشتتهم رغم ثرواتهم المتناثرة شرقا وغربا، حيث إن البلاد العربية تقع تحث حصار عدة محاور تمثل أطماع إيران في عودة الإمبراطورية الفارسية، وقد نجحت إيران في الهيمنة على أربع عواصم عربية، وأحلام تركيا بعودة الخلافة العثمانية ومخططات إسرائيل الكبرى للسيطرة والهيمنة من النيل إلى الفرات بعد التخلص من القضية الفلسطينية، ثم محاولات أمريكية في فرض الخريطة الشرق أوسطية. وهذا يدعونا إلى اليقظة والحذر من المخاطر المحدقة التي تتعرض لها دول المنطقة، وهي توجهات معلنة، ولا يمكن أن نعتبرها مؤامرات في الخفاء، وعلينا أن نتعامل مع ذلك بوضوح، ولعل التوافق الذي لمسناه من خلال قمة شرم الشيخ والموافقة على تشكيل "قوة دفاع عربية" اختياريا لمن يرغب في ذلك من أعضاء جامعة الدول العربية، لأنه ينطلق من نظرة واقعية جديدة تمثل حجر الأساس للوحدة العربية، والاستقرار العربي، ويثبت أن لدى العالم العربي القدرة على مواجهة التحديات في الإقليم من خلال بدائل وحلول عربية – عربية، إذ إن قوة الدفاع العربية المقترحة، لابد أن يقابلها وعلى التوازي، تكوين قوة دفع اقتصادية، تحقق الأمن الاقتصادي القومي، لأن الأمن القومي العربي ليس عسكريا فقط، ومن ثم لابد من البحث عن مكامن القوة والتميز العربي وتعظيمها، وتفعيل منظومة السوق العربية المشتركة المتعثرة، وزيادة حجم التجارة البينية، وضرورة الاهتمام بعودة التصنيع العسكري العربي الموحد، حتى تقع قوة الدفاع العربي تحت فك الحاجة للتسليح من الغرب أو الشرق، الذي لا يمكن أن يستمر في إمداد هذه القوة بالسلاح والذخائر وقطع الغيار والتكنولوجيا العسكرية الحديثة، لأنه من المنطقي أن تفرض هذه الدول حصارا وشروطا على هذه الإمدادات وعلى أي صفقات عسكرية للعرب، وإذا نجحت في ذلك فإنها تسحب البساط من تحت قوة الدفاع العربية المشتركة وتجعل من أسلحتها وعتادها مجرد قطع من الحديد الخردة، ولا شك أن التحوط من ذلك أمر محمود، خاصة إذا نجحت الدول العربية في تركيز فوائضها المالية في استثمارات في هذه المشروعات الحيوية والإستراتيجية التي تخلفنا فيها كثيرا، باعتبار أن من لا يملك سلاحه، لا يملك قوته أو حريته، تماما كما ينطبق ذلك على من لا يملك غذاءه الذي يخضع لابتزاز الآخرين الذين يمدونه بالغذاء أو السلاح، لذلك لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، وإذا كانا يسيران في خط متواز، فإنهما يدفعان الاقتصادات العربية لتصبح من الكيانات القوية القادرة على التفاعل مع الاقتصادات الكبرى والاستفادة منها، ولاسيَّما أن الخريطة العربية تتنوع على أرضها مصادر المواد الأولية والطاقة بأنواعها، مما يعطي فرصة للتوسع في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة، التي تنعكس على مستوى معيشة المواطن العربي، بالإضافة إلى أن التكامل الاقتصادي العربي سوف يسهم في توطيد العلاقات بين الدول والشراكة في العديد من المجالات، التي تمكن من التعاون لمواجهة قضايا التنمية ببعدها الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، ولاسيَّما أن إشكاليات كثيرة مازالت تقف في وجه الاتحاد الجمركي العربي، الذي لا يزال يواجه جملة من الإشكالات والتعقيدات التي تُعطل تنفيذه، وكذلك تحديات تنفيذ متطلبات إتمام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، مثل قواعد المنشأ والمنافسة، ومراقبة الاحتكارات، وتحرير تجارة الخدمات، وإزالة القيود غير الجمركية، ومنح أولوية للمنتج العربي في جميع المشتريات الحكومية للدول العربية.
496
| 01 أبريل 2015
لابد أن نقر بأن السياحة المصرية تضرب في مقتل ومن نيران صديقة، نتيجة لانعدام التنسيق وغياب دور المجلس الأعلى للسياحة المصري، أو ربما أنه في بيات شتوي طويل، إذ كيف تصدر قرارات بهذه الخطورة بدون تنسيق مسبق، ومن خلف غرفة السياحة والممثلين للقطاع الخاص بما لديهم من خبرات طويلة في هذا المجال لأن التأشيرات السياحية أو تأشيرات الدخول إلى مصر لا تهم وزارة الخارجية وحدها، ومهما كان لديها من مبررات أمنية أو تنظيمية، فإن هذا القرار لا يمكن أن يتخذ من قبل وزارة الخارجية بمعزل عن الجهات الأخرى، خاصة الأمنية والاقتصادية، ولاسيَّما بعد أن شهد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي انفتاحا لا محدودا مع كل دول العالم، ثم قبل أن يمضي أقل من أسبوع على القرارات الانفتاحية في المؤتمر الاقتصادي، تصدر قرارات انغلاقية، بعد القرارات الأخيرة بقصر منح تأشيرات دخول الأراضي المصرية للسياحة الفردية على الاستخراج المسبق للتأشيرة من البعثات الدبلوماسية المصرية، والتوقف عن منح التأشيرات السياحية الفردية بمنافذ الوصول المصرية اعتبارًا من 15 مايو 2015، واقتصار منح التأشيرة على الأفواج السياحية.لقد كنت أتوق إلى المزيد من الانفتاح على العالم بعد نجاح مؤتمر شرم الشيخ في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، والسياح الأجانب وتقديم التسهيلات التي تمكنهم، وإذا واكبت المؤتمر بعض الإصلاحات الاقتصادية الإيجابية، ولكن الفرحة لم تكتمل، مع فرض البنك المركزي قيودا جديدة على تحركات وتعاملات الدولار في السوق وتطالب بالتراجع عنه، حتى يتمكن المستثمر من سرعة تحويل أرباحه أو حتى رأسماله كله، أو أن يخرج من السوق في اللحظة التي يريدها أو يقررها، وأدى إلى عودة الشعور بالقلق من القيود التي وضعها البنك المركزي على إيداع وسحب العملة الأجنبية، الأمر الذي يمثل قيودا على الاستثمارات الأجنبية، ويلقي ظلالا وانعكاسات سلبية على الاقتصاد. والغريب أيضا أنه حتى قبل أن تغادر بعض الوفود المشاركة في المؤتمر الاقتصادي أرض شرم الشيخ، أصدرت الحكومة قيودا جديدة على حركة السياحة، وقد تكون لديها أبعاد أمنية، وإن كان هناك تنسيق دائم مع الجهات الأمنية وشركات السياحة المصرية، ويتم إخطارها بكافة تحركات الوفود السياحية في مصر، وهنا سنجد معادلة صعبة بين الأمن والسياحة، وهل هذا القرار سيمنع يقينا تسلل العناصر الإرهابية من خلال المجموعات السياحية، وهل لا يؤثر على الحركة السياحية الوافدة إلى مصر؟ مع عدم استخدام التأشيرة الإلكترونية غير المتوفرة، خاصة في السفارات والقنصليات بالخارج، وهي عقبة أخرى أمام السائح الفرد، خاصة مع تباعد المسافات في بعض الدول الأوروبية التي لا يمكن أن يتوفر بها أكثر من قنصلية، ولاسيَّما أن القطاع السياحي الأكثر اتصالا وارتباطا بالعالم الخارجي، بعد أن فرضت قيود على السياحة الفردية، بإلزام السائحين الأفراد بالحصول على تأشيرات مسبقة من السفارات المصرية بالخارج، قبل الدخول إلى البلاد، بدلا من الحصول عليها لدى الوصول إلى المطارات والموانئ المصرية، مما يعد ضربة قاصمة للسياحة، من شأنها التأثير سلبا على الحركة السياحية الوافدة خلال الفترة المقبلة، لأن حركة السياحة لا يمكن أن تنفصل عن حركة المستثمرين التي تتطلب سرعة الحركة والتنقل بيسر وسلاسة، وهي ترتيبات ضرورية لمتابعة الاستثمارات المزمع إقامتها في مصر من خلال المؤتمر الاقتصادي، لذلك فإن هذه الإجراءات ستؤدي حتما إلى تراجع الحركة السياحية إلى مصر، وتقلل من فرص انتعاش السياحة التي كنا نتطلع إليها عقب المؤتمر الاقتصادي الذي شهدته شرم الشيخ منذ أيام، ولاسيَّما أن سياحة الأفراد تمثل نحو 15% من حجم السياحة الوافدة إلى مصر، التي رفعت أسعار تأشيرة الدخول من 15 إلى 25 دولارا للتأشيرة في شهر مايو الماضي، وتتميز هذه النوعية من السائحين بارتفاع معدلات إنفاقها عن القادمين في مجموعات، خاصة في ظل المنافسة الشرسة من الدول المجاورة في المنطقة التي تعطي تسهيلات أكثر لجذب أعداد أكبر من السائحين، في الوقت الذي تشدد فيه الجهات المعنية في مصر بمثل هذه الإجراءات، مما يقلل من فرص مصر الحقيقية في المنافسة السياحية، ولاسيَّما أنه في الوقت الذي تسعى فيه الشركات السياحية لفتح أسواق جديدة لجذب السائحين، تصدر الدولة قرارات من شأنها عرقلة تلك المساعي، وهذا يعطي نتائج عكسية لا تتسق مع تصريحات سابقة لوزير السياحة من أن مصر تستهدف زيادة الحركة السياحية الوافدة إليها بنسبة تتراوح بين 15 إلى %20 سنويا، للوصول بأعداد السائحين إلى 20 مليون سائح بنهاية عام 2020، خاصة أن هذه الإجراءات تمثل إعاقة جديدة تضاف إلى التعقيدات الروتينية أمام حركة المستثمرين الأجانب الراغبين في السفر إلى مصر، الأمر الذي من شأنه التأثير على كافة مناحي الأنشطة الاقتصادية في مصر.
408
| 25 مارس 2015
فرض البنك المركزي قيودا جديدة على تحركات وتعاملات الدولار في السوق المصري وارتفعت الأصوات التي تنتقد القرار، بسبب توقيت صدوره لصعوبة الحصول على الدولار من البنوك، في محاولة للضغط على البنك للتراجع عن القرار، في حين يرى البعض أن القرار تاريخي، وأن الاستقرار في سوق الصرف، سوف يبدأ من هذا التاريخ، الذي سيؤدي إلى مزيد من تحسن التصنيف الائتماني لمصر، وجذب الاستثمارات، خاصة مع انعقاد المؤتمر الاقتصادي لدعم الاقتصاد المصري، الذي يمر بأصعب لحظاته، وسط تحديات أصعب، ومافيا تحاول السيطرة على سوق الصرف، وتحقيق أرباح خيالية، مستغلة شح الموارد من النقد الأجنبي، والحاجة إلى 60 مليار دولار لتغطية الواردات والاستيراد، التي تأتي من السياحة والتصدير وقناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج التي يتم سحبها من البنوك في شكل نقدية ويستغلها تجار العُملة، الذين يجمعون الدولارات لبيعها للشركات والمصانع لتغطية متطلبات عمليات الاستيراد الضرورية، وهذا أكبر خلل في السوق، - والذي لا نجده في أي من دول العالم – ولذلك قرر البنك المركزي وضع حد أقصى لإيداع الدولار في البنوك المصرية بقيمة 10 آلاف دولار يوميًا فقط، بحد أقصى 50 ألف دولار شهريًا، لوقف السيولة المتداولة في السوق السوداء، وإجبار المستثمرين على التعامل مع البنوك والشراء والبيع بالسعر الرسمي الذي يحدده البنك، في الوقت الذي يرى فيه محافظ البنك المركزي أن هذا القرار يصب في صالح الاقتصاد المصري، ولا علاقة له بالمؤتمر الاقتصادي، حيث سيتم توفير الدولار لجميع المستثمرين، مع تحديد الأولويات في صرف العملة الأجنبية، ولاسيَّما أن جميع التحويلات الرسمية متاحة وتخضع لرقابة الدولة، ومن ثم فهذا القرار سيقضي على السوق السوداء بشكل نهائي وسيحافظ على تداول العملة الأجنبية داخل مصر وفق ضوابط محددة، حيث إن البنوك ستقبل المبالغ الكبيرة في حالة شرائها فقط وليس للإيداع أو التحويل البنكي الخارجي، لذلك فإن المؤيدين يرون أن القرار حقق مزايا كثيرة، أهمها القضاء على السوق الموازي والسوق السوداء، الذي تسبب في وجود سعرين للدولار، بالإضافة إلى أن القرار يتبع المعايير العالمية الخاصة بغسل الأموال، الأمر الذي يرفع من درجة التصنيف الائتماني للاقتصادي المصري، مما يشجع على جذب المستثمرين، الذين لا يقبلون على العمل في سوق لديه سعران للدولار، وباعتبار أن القرار يصب في مصلحة الجميع، خاصة المصنع والمستورد، لأن توافر الدولار في البنوك لن تكون عليه مضاربة، كما يحدث في السوق السوداء. ومن هنا اعتبر الاقتصاديون أن القرار هام جدا وسيكون له تأثير قوي في تنظيم تعاملات سوق الصرف الأجنبي وإحكام السيطرة على السوق السوداء للعملة خلال الفترة المقبلة، وهذا من شأنه تكبيل يد شركات الصرافة وغيرها من الشركات التي تتعامل في السوق السوداء، حيث كانت شركات الصرافة تشتري الدولار من العملاء بأسعار أعلى من السوق الرسمي وتضعه في حساباتها داخل البنوك لحين بيعه مرة أخرى للمتعاملين مع السوق السوداء، بينما في ظل السقف الجديد للإيداع النقدي بالدولار لن يكون بمقدورها القيام بذلك لأنها لن تستطيع وضع ما تجمعه من دولارات بالأسعار غير الرسمية في حساباتها داخل البنوك وبالتالي ستعزف عن شراء العملة الأمريكية وسيضطر حائزوها من الأفراد والشركات إلى بيعها عبر القنوات الرسمية ممثلة في البنوك، كذلك لن تستطيع الشركات التي تلجأ للحصول على الدولار عبر السوق السوداء وضعه في حساباتها داخل البنوك والاستفادة به في تمويل احتياجاتها من الخارج، وبالتالي ستضطر أيضا إلى الاعتماد على البنوك في الحصول على كل احتياجاتها من العملة الصعبة، وهذا على عكس البعض الذين يرون أن قرار البنك المركزي سوف يساهم في انتشار السوق السوداء، وسوف يدفع العملاء لفتح أكثر من حساب، مما يزيد من معدل الإنفاق، لأن البنك المركزي لم يتناول في قراره لبَّ المشكلة التي تتمثل أساسا في نقص العملة الأجنبية، وكان ينبغي أن يعمل على زيادة الاحتياطي من الدولار، بدلا من وضع سقف للإيداع، حتى يتمكن المستثمر من سرعة تحويل أرباحه أو حتى رأسماله كله، في اللحظة التي يريد أن يخرج فيها من السوق، وهذا أدى إلى الشعور بالقلق من القيود التي وضعها البنك المركزي على إيداع وسحب العملة الأجنبية، مما يعتبرها البعض قيودا على الاستثمارات الأجنبية، ومن ثم لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد.
1036
| 18 مارس 2015
انتظرنا طويلا قانون الاستثمار الموحد كجزء من حزمة الإجراءات والقوانين التي تجذب الاستثمار والمستثمرين في محاولة لإنقاذ الاقتصاد المصري من عثراته، ووضعه في الطريق الصحيح، خاصة قبيل انعقاد المؤتمر الاقتصادي الدولي - بمنتجع شرم الشيخ السياحي - الذي يعتبر خطوة هامة لوضع مصر على خريطة الاستثمار العالمي وجذب مزيد من الأموال والاستثمارات لضخها في شرايين الاقتصاد لتحقيق التنمية الاقتصادية وتحقيق معدلات تنمية عالية، ووفق ما تم نشره عن بنود القانون فإنه في حاجة إلى ترميم وإضافات تلبي متطلبات المستثمرين وضوابط الاستثمار العالمية ومعايير العمل الدولية، وكيفية توفير الأيدي العاملة المدربة الماهرة وضوابط انتقالها، رغم أن القانون لم يخل من الإيجابيات الكثيرة التي تميزه وتجعله الأقرب ليكون بوابة الاقتصاد المصري للخروج من كبوته الراهنة، خاصة فيما يتعلق بالتزام الدولة باحترام ونفاذ العقود المبرمة معها، وعدم حماية الفساد والمشروعات التي قامت على النصب والاحتيال أو الغش والتدليس، أو التي صدرت ضدها أحكام قضائية بالإدانة، وإعطاء المشروعات الاستثمارية الحق في استيراد احتياجاتها دون ضرورة القيد في سجل المستوردين، وعدم جواز التأميم أو فرض الحراسة أو الحجز الإداري على الشركات إلا بأمر أو حكم قضائي، وتنظيم عمليات نزع الملكية إلا للمنفعة العامة، ومقابل التعويض المادي العادل الذي لا يقل عن القيمة السوقية، وكذلك توفير البيانات والإحصاءات والمعلومات عن المشروعات الاستثمارية، وإلزام الهيئة العامة للاستثمار بإنشاء قاعدة بيانات كاملة بخرائط تفصيلية على مستوى الجمهورية لكافة العقارات والأراضي المتاحة للاستثمار يوضح بها الموقع والمساحة والسعر التقديري والأنشطة الاستثمارية الملائمة لطبيعتها، وأيضا تمتع جميع الاستثمارات المقامة في مصر بالمعاملة العادلة والمنصفة التي تضمن المساواة بين كافة المستثمرين المحليين والأجانب، والحق في إنشاء وتملك المشروعات وتحويل الأرباح دون قيود، إلا أن القانون الذي يطلق عليه اسم " قانون الاستثمار الموحد لم يحقق مبدأ توحيد قوانين الاستثمار في قانون واحد، حيث استبعد المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة من الخضوع لذلك القانون، ومن أخطر العيوب التي لحقت بالقانون هو عدم جواز رفع الدعوى الجنائية أو التحقيق في الجرائم التي ترتكب من المستثمر بصفته أو بشخصه أو التي اشترك في ارتكابها، إلا بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، ومخالفة ذلك للدستور، بما يفتح المجال لإقامة دعاوى قضائية بعدم الدستورية، لأن ذلك قد يساعد على حماية المجرمين من العقاب، إذ لا يحق للنائب العام والنيابة رفع أي دعوى ضد المستثمر إلا بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، وكذلك وجود تداخل بين السلطات، حيث يقر القانون إنشاء لجنة وزارية بمجلس الوزراء لفض منازعات المستثمرين، وهذا يؤدي إلى تضارب في الاختصاصات، وزيادة للبيروقراطية والروتين الذي يعوق سرعة حل المشكلات والمنازعات، حيث توجد فعلا لجنة وزارية بمجلس الوزراء "لفض منازعات عقود الاستثمار"، وكذلك فإن جعل تبعية الهيئة العامة للاستثمار لوزير الاستثمار قد تكون عائقا أمام أداء دورها كاملا، نظرا لصلاحياتها المحدودة، إذا قورن ذلك بتبعيتها لرئاسة الوزراء ذات الصلاحيات الكاملة، والتي ستكون أكثر إيجابية وتنسيقا، في الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء المصري، على أن قانون الاستثمار الجديد هو مصري ولكن بمفهوم عالمي، حيث استند إلى دراسة لكل قوانين الاستثمار في العالم، مثل الإمارات وماليزيا، والاستعانة بأساتذة وقانونيين في مختلف الجامعات المصرية، ثم اللجوء إلى رجال الأعمال المصريين، وعقد ندوات للمناقشة والاستماع، حتى تلائم الإجراءات للبيئة المصرية برؤية عالمية، ولذلك من الضروري سرعة التأكيد على ما تم الإعلان عنه من تيسيرات جديدة في إجراءات منظومة الجمارك والتصدير والاستيراد، تشمل الإفراج عن البضائع الواردة من الخارج عند أول نقطة وصول للبلاد، وذلك لتسهيل حركة التجارة وإحكام السيطرة على المتلاعبين والمهربين، وكذلك سرعة تأسيس الكيان الرسمي المعلن عنه لتيسير إجراءات الربط الإلكتروني بين الجهات المعنية بعمليات الاستيراد والتصدير بداية من الجمارك إلى الجهات الرقابية كالهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات والبنوك، ومكاتب خدمات التخليص الجمركي والشحن، والمصدرين والمستوردين، وذلك في خطوة للاستغناء عن المستندات الورقية المعقدة والقضاء على الفجوة الرقمية وتبسيط إجراءات التصدير والاستيراد، حتى يكون المؤتمر الاقتصادي لدعم مصر منصة جيدة لعرض المشروعات والفرص الاستثمارية المتاحة، سواء كانت من الحكومة أو من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين.
455
| 11 مارس 2015
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4890
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3645
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2745
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2361
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1488
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1071
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
978
| 21 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
882
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
837
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
816
| 17 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
804
| 23 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
774
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية