رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تداعيات كثيرة تلقي بظلالها الكئيبة على الاقتصاد نتيجة لاستمرار الحوادث المتفرقة التي تتعرض لها السفن والشاحنات أثناء مرورها من باب المندب إلى البحر الأحمر تحت مسميات وأسباب وأهداف متباينة منها المعلن وغير المعلن، ومنها استهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من إسرائيل أو إليها، تضامنا مع قطاع غزة، وذلك في إطار التوترات الجيوسياسية في أماكن جغرافية مختلفة على خريطة العالم منها الطرق البحرية ولعل أهمها في المنطقة العربية مضيق باب المندب مدخل البحر الأحمر إلى قناة السويس، وتهديد التجارة العالمية، والسؤال الحائر هو حول مقصد ودوافع جماعة الحوثي الحقيقية من هذه الهجمات وهل هي تساعد في القضية الفلسطينية فعلا وعلى أرض الواقع وتضُر بإسرائيل أم أن لها دوافع وضغوطا اقتصادية على بعض الدول ؟ وبإيعاز من أطراف إقليمية ودولية تستثمرها في تحقيق مصالحها الخاصة وتسهم في تركيز التواجد العسكري للقوات الأجنبية في المنطقة تحت شعار « حارس الازدهار»، التي أغفلت أو تغافلت عن تقليم أظافر جماعة الحوثي – وهى قادرة على ذلك - باستثناء بعض الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية لم تؤثر على القدرات العسكرية للحوثيين. وقد واكبت الهجمات المتصاعدة على السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023 تفاقم الاضطرابات الموجودة بالفعل في البحر الأسود بسبب الحرب في أوكرانيا، وتحويل المفوضية الأوروبية 1.5 مليار يورو من الأرباح من استثمار الأصول الروسية المجمدة لشراء الأسلحة لأوكرانيا لمحاربة الدولة صاحبة هذه الأموال ما يعني المساهمة والمساعدة في تأجيج الصراع في تلك المنطقة الذي يؤثر على سلاسل إمداد المواد الغذائية الرئيسية ومكونات الصناعات التحويلية وزيادة أسعار الشحن التي قفزت بنحو 200 % وتكاليف التأمين، وترجمة ذلك مباشرة في زيادة الأعباء المالية على ميزانيات الدول والأفراد والمعاناة من عشوائية الأسعار التي تبدو جلية في ظاهرة الغلاء خاصة في الدول التي تعمد على الاستيراد من الخارج تضطر الحكومات والشركات إلى نقل التكاليف إلى العملاء، الذي يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع التضخم بشكل تصاعدي، في الوقت الذي تؤكد فيه التقارير الدولية تُكبد اقتصاد مصر- أكبر المتضررين - خسائر بسبب تهديد الملاحة في البحر الأحمر بنحو 508 ملايين دولار من إيرادات قناة السويس بسبب التهديدات المستمرة لحركة الملاحة من قبل الحوثيين وتراجع العائدات بنسبة 44% في شهر يناير الماضي بعد أن قامت أكبر شركات الشحن العالمية بتحول مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح وهو المسار الأبعد حول القارة الأفريقية، لتجنب هجمات الحوثيين المتكررة وغير المتوقعة، وتحمل رفع تكلفة الوقود وعدد أيام المرور. ومن هنا فإن الاقتصاد المصري في موقف لا يحسد عليه بعد أن أصيب بضربات متتالية بعضها من نيران صديقة وبعضها من تأثيرات خارجية ألقت بظلالها السلبية، على مختلف القطاعات الخدمية والإنتاجية والسياحية، التي من المتوقع أن تتراجع إيراداتها بشكل كبير، خاصة إذا ظلت مخرجات النظام الاقتصادي غير قادرة على معالجة انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، في ظل رهن بعض مؤسسات التمويل الدولية تقديم القروض الجديدة لمصر مقابل إصلاحات سياسية واقتصادية تعتبرها ضرورية. وبعد أن أصبح الوضع الراهن في منطقة البحر الأحمر معقدًا للغاية ويفرض مزيدًا من المخاوف الأمنية حول سلامة الطواقم والبحارة والسفن العابرة في ظل تعرض بعض السفن للهجوم خلال مرورها من بحر العرب وخليج عدن إلى باب المندب. لذلك توقعت شركة الشحن العالمية «ميرسك»، بأن تحويل مسار سفنها بعيدا عن مضيق باب المندب يمكن أن يستمر حتى نهاية العام الحالي، فيما أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة «إم إس سي»، استعداد المجموعة للعودة مرة أخرى للعبور من قناة السويس فور استقرار الأوضاع الأمنية في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، بعد تعليق جميع عملياتها في البحر الأحمر منذ 26 يناير الماضي، لذلك فرضت الأزمة الراهنة مزيدًا من التحديات على سلاسل الإمداد العالمية وحركة التجارة العابرة لقناة السويس وعلى موانئ البحر الأحمر بما فيها ميناء إيلات الإسرائيلي وميناء الحديدة اول المتضررين والذي نتجت عنه تأثرات سلبية على الاقتصاد والمواطن اليمني أيضا، وما يزيد من التوتر العالمي هي المخاوف القائمة من توسع دائرة الصراع على الجبهة السورية اللبنانية كما لم تسلم اقتصادات الدول الأوروبية من التأثيرات السلبية لهذه الأزمة، حيث أدت ارتفاعات أسعار الشحن إلى نقص بعض المنتجات في عدد من بلدان أوروبا.
930
| 01 أغسطس 2024
تعثرت الكثير من الشركات وتوقفت المصانع التي سرحت العمال مع توالي الأزمات الاقتصادية بداية من زمن الكورونا اللعين التي توقف فيه الأنشطة الاقتصادية الرئيسية والإنتاجية بالقطاع الخاص في معظم دول العالم وتوقفت الصادرات وحركة السياحة وأصيبت قطاعات السفر والطيران والمؤسسات الفندقية والمنشآت السياحية بالشلل الذي ضرب هذه القطاعات في مقتل وانعكست آثارها السلبية على الاقتصاد فهل القطاع الخاص هو المسؤول؟ أو تقع المسؤولية على الحكومات.. أم أنها مسؤولية مشتركة؟ بعد أن تفاقمت هذه المشاكل والأزمات في ظل الحرب بين روسيا والغرب ممثلا في أوكرانيا التي هي في جوهرها حرب اقتصادية، في ظل الصراع السياسي القائم الذي يخشى من التمدد الاقتصادي الصيني وتحالفه مع القضب الروسي الذي يسعى للظهور كقوة عظمى اقتصادية وسياسية غابت لسنوات عن المسرح العالمي. ومن هنا تفاقمت بشدة المشاكل الاقتصادية المستترة والكامنة التي عانت منها الاقتصاديات الضعيفة والهشة التي وجدت في أزمة كورونا شماعة لتبرر فشلها في تحقيق التنمية والنهوض بالمجتمعات، بعد أن عجزت الحكومات بامتياز في إدارة هذه الأزمة. وظهر ذلك جليا في معاناة الاقتصاديات النامية والقطاع الخاص تحديدا من ازدياد حالات إفلاس الشركات وهروب الاستثمارات وضعف وسوء الممارسات، التي نتج عنها العجز في الإنتاج وتوقف الصادرات والتعثر في سداد القروض أو في الوفاء بالالتزامات تجاه مستحقات البنوك ومؤسسات التمويل، حيث تتعقد الأمور أكثر عندما يتم ذلك تحت غطاء من الفساد المالي والإداري الذي تتميز به الاقتصادات الضعيفة والمنهكة، والتي نراها في صعوبة حصول المستثمر على تراخيص المشروعات بداية من تراخيص الأراضي الصناعية وفرض الرسوم والضرائب المتنوعة التي لا يقابلها تقديم منافع وخدمات، والروتين والبيروقراطية العقيمة وتعدد جهات التعامل، وعدم استقرار أو ثبات القوانين والتشريعات، وتوغل ومنافسة الشركات الحكومية في مشروعات القطاع الخاص بل احتكار بعض الأنشطة الأساسية ذات الربحية العالية وحرمان القطاع الخاص منها، حيث تكبدت شركات القطاع الخاص خسـائر فادحة في رأس المال، وسوف تزداد وتتفاقم تبعا للتوترات الجيوسياسية المتعاقبة التي آخرها حتى الآن طوفان الأقصى وتبعاته وقد حذرت من ذلك رئيسة منظمة التجارة العالمية من أن استمرار الصراع العربي الإسرائيلي واتساع نطاقه سيؤثر على تدفقات التجارة العالمية كما ذهب صندوق النقد الدولي في توقعاته لأداء النمو الاقتصادي العالمي بتقريره «آفاق الاقتصاد العالمي» إلى أن النمو الاقتصادي العالمي الحالي هش، ولن يتعدى 2.9 % فقط في عام 2024. ومن المؤسف حقيقة أن ذلك يواكب التردي الواضح في إدارة القطاع الخاص من خلال دور غرف التجارة والصناعة الضعيف والهش في معظم الدول النامية، حتى قبل هذه الأزمات، نظرا لافتقار البعض للخبرات الإدارية القادرة على إدارة التنمية الاقتصادية وافتقادها إلى الرؤية التي تمكنها من قيادة وتوجيه دفة الاقتصاد في القطاع الخاص بشكل علمي واقتصادي، بعد أن ألقت قيادات غرف التجارة بنفسها في أحضان الحكومات مستسلمة للسيطرة عليها حتى أصبح دورها هامشيا وغير مؤثر، لأنها لا تملك المبادرات والابتكارات الجديدة، التي تثري أداء استثمارات وأصول شركات ومؤسسات القطاع الخاص، القادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية، باعتبار أن دور غرف التجارة والصناعة يُعد رمانة الميزان في الاقتصاد لأنه ليس من المنطق أن يظل أداء غرف التجارة والصناعة تقليديا ومقتصرا على السفريات والزيارات الخارجية واستقبال الوفود، والتصريحات الخاوية من المضمون، وتثمين الإجراءات الحكومية حتى ولو لم يتوافق بعضها مع متطلبات واحتياجات ومصالح القطاع الخاص. ولا شك أن عدم تطوير نشاط غرف التجارة والصناعة وزيادة فاعليتها يعوق القطاع الخاص الذي يعد قاطرة التنمية، والمنفذ الحقيقي لتوفير فرص العمل الجديدة التي تستوعب جحافل الخريجين والباحثين عن العمل، بعد أن عجزت الحكومات عن توفير فرص العمل الجديدة أو مواجهة معدلات البطالة المتزايدة والتي تتراكم سنويا. لذلك نؤكد على أن مسؤولية القطاع الخاص وبمشاركة الحكومة في العمل على تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة لتعطي الفرصة للأيدي العاملة لإكسابها المهارات الفنية لتكوين قاعدة للصناعات الصغيرة التي تغذي الصناعات الكبيرة وتغطي احتياجات السوق المحلي وتصدير الفائض للخارج، على أن توفر لها الحكومة قنوات التمويل المناسبة ووسائل التسويق والترويج لمنتجاتها في الداخل والخارج، لضمان تواجدها حتى تضع قدمها في الأسواق العالمية والإقليمية، على أن تستفيد من العلاقات القائمة مع غرف التجارة العربية والأجنبية المشتركة في جذب الاستثمارات وترويج الصادرات والتعاون في المشروعات المشتركة، وتبادل المعلومات والبيانات والتقارير والدراسات التي تخدم القطاع الخاص وتمكنه من التواجد كعنصر إيجابي وفاعل وهام من عناصر التنمية الاقتصادية ونواة للمجتمع الصناعي الذي يصنع الدولة المتقدمة. mohmeedosman@yahoo.comمحمد محمود عثمان تعثرت الكثير من الشركات وتوقفت المصانع التي سرحت العمال مع توالي الأزمات الاقتصادية بداية من زمن الكورونا اللعين التي توقف فيه الأنشطة الاقتصادية الرئيسية والإنتاجية بالقطاع الخاص في معظم دول العالم وتوقفت الصادرات وحركة السياحة وأصيبت قطاعات السفر والطيران والمؤسسات الفندقية والمنشآت السياحية بالشلل الذي ضرب هذه القطاعات في مقتل وانعكست آثارها السلبية على الاقتصاد فهل القطاع الخاص هو المسؤول؟ أو تقع المسؤولية على الحكومات.. أم أنها مسؤولية مشتركة؟ بعد أن تفاقمت هذه المشاكل والأزمات في ظل الحرب بين روسيا والغرب ممثلا في أوكرانيا التي هي في جوهرها حرب اقتصادية، في ظل الصراع السياسي القائم الذي يخشى من التمدد الاقتصادي الصيني وتحالفه مع القضب الروسي الذي يسعى للظهور كقوة عظمى اقتصادية وسياسية غابت لسنوات عن المسرح العالمي. ومن هنا تفاقمت بشدة المشاكل الاقتصادية المستترة والكامنة التي عانت منها الاقتصاديات الضعيفة والهشة التي وجدت في أزمة كورونا شماعة لتبرر فشلها في تحقيق التنمية والنهوض بالمجتمعات، بعد أن عجزت الحكومات بامتياز في إدارة هذه الأزمة. وظهر ذلك جليا في معاناة الاقتصاديات النامية والقطاع الخاص تحديدا من ازدياد حالات إفلاس الشركات وهروب الاستثمارات وضعف وسوء الممارسات، التي نتج عنها العجز في الإنتاج وتوقف الصادرات والتعثر في سداد القروض أو في الوفاء بالالتزامات تجاه مستحقات البنوك ومؤسسات التمويل، حيث تتعقد الأمور أكثر عندما يتم ذلك تحت غطاء من الفساد المالي والإداري الذي تتميز به الاقتصادات الضعيفة والمنهكة، والتي نراها في صعوبة حصول المستثمر على تراخيص المشروعات بداية من تراخيص الأراضي الصناعية وفرض الرسوم والضرائب المتنوعة التي لا يقابلها تقديم منافع وخدمات، والروتين والبيروقراطية العقيمة وتعدد جهات التعامل، وعدم استقرار أو ثبات القوانين والتشريعات، وتوغل ومنافسة الشركات الحكومية في مشروعات القطاع الخاص بل احتكار بعض الأنشطة الأساسية ذات الربحية العالية وحرمان القطاع الخاص منها، حيث تكبدت شركات القطاع الخاص خسـائر فادحة في رأس المال، وسوف تزداد وتتفاقم تبعا للتوترات الجيوسياسية المتعاقبة التي آخرها حتى الآن طوفان الأقصى وتبعاته وقد حذرت من ذلك رئيسة منظمة التجارة العالمية من أن استمرار الصراع العربي الإسرائيلي واتساع نطاقه سيؤثر على تدفقات التجارة العالمية كما ذهب صندوق النقد الدولي في توقعاته لأداء النمو الاقتصادي العالمي بتقريره "آفاق الاقتصاد العالمي" إلى أن النمو الاقتصادي العالمي الحالي هش، ولن يتعدى 2.9 % فقط في عام 2024. ومن المؤسف حقيقة أن ذلك يواكب التردي الواضح في إدارة القطاع الخاص من خلال دور غرف التجارة والصناعة الضعيف والهش في معظم الدول النامية، حتى قبل هذه الأزمات، نظرا لافتقار البعض للخبرات الإدارية القادرة على إدارة التنمية الاقتصادية وافتقادها إلى الرؤية التي تمكنها من قيادة وتوجيه دفة الاقتصاد في القطاع الخاص بشكل علمي واقتصادي، بعد أن ألقت قيادات غرف التجارة بنفسها في أحضان الحكومات مستسلمة للسيطرة عليها حتى أصبح دورها هامشيا وغير مؤثر، لأنها لا تملك المبادرات والابتكارات الجديدة، التي تثري أداء استثمارات وأصول شركات ومؤسسات القطاع الخاص، القادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية، باعتبار أن دور غرف التجارة والصناعة يُعد رمانة الميزان في الاقتصاد لأنه ليس من المنطق أن يظل أداء غرف التجارة والصناعة تقليديا ومقتصرا على السفريات والزيارات الخارجية واستقبال الوفود، والتصريحات الخاوية من المضمون، وتثمين الإجراءات الحكومية حتى ولو لم يتوافق بعضها مع متطلبات واحتياجات ومصالح القطاع الخاص. ولا شك أن عدم تطوير نشاط غرف التجارة والصناعة وزيادة فاعليتها يعوق القطاع الخاص الذي يعد قاطرة التنمية، والمنفذ الحقيقي لتوفير فرص العمل الجديدة التي تستوعب جحافل الخريجين والباحثين عن العمل، بعد أن عجزت الحكومات عن توفير فرص العمل الجديدة أو مواجهة معدلات البطالة المتزايدة والتي تتراكم سنويا. لذلك نؤكد على أن مسؤولية القطاع الخاص وبمشاركة الحكومة في العمل على تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة لتعطي الفرصة للأيدي العاملة لإكسابها المهارات الفنية لتكوين قاعدة للصناعات الصغيرة التي تغذي الصناعات الكبيرة وتغطي احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض للخارج، على أن توفر لها الحكومة قنوات التمويل المناسبة ووسائل التسويق والترويج لمنتجاتها في الداخل والخارج، لضمان تواجدها حتى تضع قدمها في الأسواق العالمية والإقليمية، على أن تستفيد من العلاقات القائمة مع غرف التجارة العربية والأجنبية المشتركة في جذب الاستثمارات وترويج الصادرات والتعاون في المشروعات المشتركة، وتبادل المعلومات والبيانات والتقارير والدراسات التي تخدم القطاع الخاص وتمكنه من التواجد كعنصر إيجابي وفاعل وهام من عناصر التنمية الاقتصادية ونواة للمجتمع الصناعي الذي يصنع الدولة المتقدمة.
435
| 25 يوليو 2024
واجب الحكومات هو رعاية مصالح الوطن والمواطنين من خلال التكليفات التي تسند إليها من قبل القيادة السياسية لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية المتعلقة بالمرحلة الآنية والمستقبلية، وفي ذلك تأتي طموحات المواطنين خاصة إذا كانت معاناتهم الاقتصادية مستمرة وتٌرحل منذ عدة سنوات كما هي من حكومة إلى أخرى، ما يتسبب في تراكم المشاكل والتبعات، ومن ثم زيادة الضغوط والاحتقان لدى المواطن المغلوب على أمره، ولا يملك سوى الصبر والاحتساب عند رب العباد، أملا في أن تنجح كل حكومة جديدة في خفض الأسعار والتضخم والضرائب والرسوم على الخدمات وزيادة الموارد وانعكاس ذلك على الرواتب والأجور، وخلق وظائف جديدة لتستوعب جحافل الخريجين التي تتراكم في ملف البطالة المُتخم والمُكتظ منذ سنوات، التي تمثل طاقات الموارد البشرية المهدرة، وتشكل قنابل موقوتة قد تنفجر بدون توقيت مسبق، ومن هنا فإن المنطلق الأساسي للحكومة - أي حكومة – هو الإعلان عن خطط متفائلة لرفع المعاناة عن المواطنين وتبشرهم بزيادة الإنتاج وخفض الضرائب والأسعار على المنتجات والخدمات وفق خريطة طريق محددة البداية والنهاية وواضحة المعالم حول المستهدف من كل وزارة بدقة، حتى يمكن متابعة ما تحقق منها على أرض الواقع بعيدا عن التغني دائما بالأطر والسياسات العامة المطاطة والهلامية والتي لا تحقق طموحات الوطن وآمال المواطن وتضُر بمصالح الدولة على المدى البعيد. ولذلك فإن خطط الإصلاح الناجحة تقوم على أساس زيادة الموارد في الموازنة العامة للدولة من خلال الآتي: تعظيم الإنتاج للصناعات القائمة، وإضافة مصانع جديدة تركز على صناعات تتمتع بميزة نسبية تتفوق من خلالها إقليميا وعالميا، باعتبار أن تقدم الأمم يقاس بتقدمها في الصناعة المتطورة الحديثة التي تغزو الأسواق، وبما تمثله من قيمة مضافة تدعم الاقتصاد في إطار التنافسية العالمية. الاهتمام بزيادة الصادرات كما وكيفا والتركيز على الجودة وفقا للمقاييس والمواصفات الدولية. زيادة الإنتاج الزراعي بالتوسعات الرأسية والأفقية والاستثمار في تصنيعه بدلا من تصديره كمواد خام أولية حتى تتضاعف الفائدة وتعود على الناتج المحلي الإجمالي. تطوير المنتج السياحي وتحديث البنية الأساسية وتنميتها، وتنظيم استضافة الفعاليات العالمية في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية والصحية والرياضية والفنية والترفيهية، التي تحقق زيادة الدخل السياحي. ترشيد الإنفاق وخفض حجم الدين الخارجي والداخلي، واستخدام القروض في المشروعات الإنتاجية حتى يمكن سداد خدمة الدين من عائداتها. الحفاظ على ثبات سعر العملة المحلية حتى لا تعاني المزيد من التدهور أمام العملات الأجنبية والعمل على زيادة قوتها الشرائية، في مواجهة الأزمات الاقتصادية المتتالية. تشجيع القطاع الخاص المحلي على الانخراط بجدية في العمليات الإنتاجية الصناعية والزراعية والسياحية وحمايته من اخطبوط الروتين وتوغل الفساد الإداري الذي يعوق مسيرته. التسهيل في الإجراءات وتقديم الحوافز الضريبية والجمركية لجذب وجلب الاستثمارات المحلية والأجنبية بكل أنواعها، وتوظيفها في المشروعات التنموية الجديدة. العمل على تحقيق طموحات المواطنين في الرفاهة تجنبا للإحباطات التي تصيبهم إذا اقتصر دور الحكومات على الجباية من جيوب المواطنين والإعلان عن برنامج لزيادة أسعار الكهرباء والوقود بالتدريج، مع تحريك أسعار الأدوية، ما يؤدي إلى تضخم التضخم، لتعبر بذلك عن العجز والإخفاق في تحقيق طموحات المواطنين وزيادة مشاعر الإحباط لديهم. أو عن طريق فرض أنواع مختلفة من الضرائب، أو رفع الأسعار العشوائي لمنتجات الغذاء والدواء وأسعار الخدمات، في ظل مستوى الدخل المتدني للأفراد، لأن ذلك يدل على الفشل في تحقيق التنمية الاقتصادية عن طريق العمل والإنتاج واللجوء إلى السياسات المالية التقليدية التي تعتمد على استنزاف دخل المواطن الذي يكتوي بنار الأسعار التي ترتفع على مدار الساعة بلا ضوابط، في ظل غياب الرقابة على الأسواق. وجود منظومة إعلامية قوية تتسم بالصدق والموضوعية والشجاعة في معالجة القصور في الأداء الوزاري لتصحيح المسار الذي يشذ عن المسيرة أو الخطط المستهدفة.
489
| 17 يوليو 2024
تحديات أكيدة وآمال عريضة مع الوزارة المصرية الجديدة، بعد معاناة اقتصادية لم يشهدها المجتمع منذ عصور بعيدة، فقد تسلمت الوزارة ملفات شديدة السخونة في وقت شديد الحرارة، وأبرزها الملف الاقتصادي الشائك التي رحلته الوزارة السابقة ليسلمها بيديه للوزارة الجديدة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء القديم -الجديد بكل أحمالها وخطاياها حتى تخفيف الأحمال الكهربائية المستمرة وآثارها على الاقتصاد والسياحة وحياة المواطنين والانطباعات السلبية التي تتركها لدى المستثمرين، وتأثر القرار الاستثماري والوجهة السياحية تجاه مصر، تحت مظلة حرب الأسعار المشتعلة التي تخطت أي سقف في الوزارات السابقة، وتلهب بنارها المواطنين قبل المُصنعين الذين توقفت مصانعهم أو تعثرت في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والوقود ومُدخلات الإنتاج التي يُستورد معظمها إن لم يكن جميعها من الخارج. لتجد الوزارة الجديدة نفسها على الرغم ما تميزت به من عناصر شابة والحرص على وجود نواب للوزراء والمحافظين -لإعدادهم كصف ثان كنا نفتقده - أمام معضلات اقتصادية جمة أولاها: الأوضاع الاقتصادية المتردية محليا وعالميا وتباطؤ النمو وزيادة التضخم. ثانيا: تفاقم الصراعات الإقليمية والدولية، والحروب التي تحاصر الخريطة الجغرافية المصرية، وتأثر دخل قناة السويس من جراء مخاطر الملاحة في البحر الأحمر، وزيادة الإنفاق على الأسلحة تحوطا من حروب غير متوقعة قد تفرض عليها، وتمثل أعباء إضافية تُحول موارد الدولة إلى اقتصاد الحرب ثالثا: سقف طموحات المواطن الذي يأمل في زيادة الدخل السياحي وتحسين مستوى الخدمات وتعزيز الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص ومشاركته في جميع الأنشطة وقيادته للاقتصاد والتنمية في أكبر الأسواق العربية استهلاكا للسلع والمنتجات المُستوردة، بعد أن بلغت الواردات نحو 83.2 مليار دولار، تقابلها صادرات محدودة بلغت 12 مليار دولار، خلال الربع الأول من عام 2024 رابعا: غياب رؤية الأحزاب للإصلاح الاقتصادي لتعبر عن احتياجات وتطلعات الشارع التي يمكن أن تستفيد منها الحكومة. خامسا: كثرة ملفات الفساد المالي والإداري المستشري منذ سنوات والذي ينخُر في عضد الاقتصاد، ويحتاج إلى الرقابة والمتابعة في ظل الصحافة ووسائل الإعلام التي لا ترى أو تسمع سوى أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان. سادسا: عدم القدرة على الاستفادة من الموارد البشرية والطبيعية أو استغلالها بكفاءة لزيادة الإنتاج والصادرات ورفع الإنتاجية، وخفض حجم الديون المتراكمة، وزيادة المشروعات الجديدة والصناعات الاستراتيجية التي تستوعب البطالة وجحافل الخريجين والباحثين عن عمل، وتُوفر العملات الأجنبية وتكبح جماح الأسعار، كما أن النجاح في إدارة كل الموارد يضمن عدم تخفيف الأحمال أو انقطاع الكهرباء أو نقص الغاز والدواء. سابعا وأخيرا: مفاجآت التعديل الوزاري الذي ضم وجوها جديدة بعضها قد ينقصها المؤهلات والخبرات التي تطلبها المرحلة وتؤهلهم للانطلاق بالاقتصاد إلى آفاق أرحب تليق بمكانة وقوة مصر الاقتصادية بمواردها الطبيعية والبشرية، الأمر الذي يجعلنا نسأل عن أسس ومعايير اختيار الوزراء أو أسباب إعفائهم بعيدا عن القناعات الشخصية أو منظومة أهل الثقة، التي قد لا تخلو من الأهواء والأخطاء، خاصة عند اختيار المعنيين بالحقائب الاقتصادية حتى لا نجعل من القطاع الاقتصادي حقلا للتجارب. وفي هذا الإطار لماذا لا نُؤسس لآليات علمية معلنة لأساليب الاختيار أو الاستغناء عن أصحاب المناصب الكبرى والوزراء والمحافظين تعتمد على القياس المستمر للأداء، ورصد للإنجازات السنوية وماذا تحقق من الخطط والمشروعات الاقتصادية التي وضعتها الحكومة في خططها القومية، لتمثل البرنامج المطلوب الالتزام بتنفيذه كخريطة طريق، على ألا يخلو ذلك من ضوابط الثواب والعقاب عند الإجادة أو الإخفاق، وحتى لا يأتي الوزير الجديد ليهدم ما فعله السابقون ويبدأ من الصفر، بل ليستكمل الخطط الموضوعة سلفا وتطويرها لتواكب المتغيرات والمستجدات العالمية، حتى يكتمل البُنيان الذي قال فيه قديما الشاعر بشار بن برد: متى يبلغ البُنيان يوما تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدمُ
1260
| 10 يوليو 2024
لا ننكر أن معظم الاقتصادات في الدول النامية، ومنها الدول العربية أو معظمها تعاني من الضعف والهشاشة، ومن ثم عدم القدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية المتكررة والتي قد تُصدر إليها من الخارج، بالإضافة إلى ما تعانيه في الأساس من مشاكل متنوعة ومتجذرة منذ سنوات والتي يصاحبها ضروب من الفساد المالي والإداري في مستويات مختلفة تنعكس جميعها على الأداء الاقتصادي، ما يزيد من معاناة المجتمع بكل طوائفه وفئاته، خاصة أن الأزمات الاقتصادية تتوالى كانعكاس للتوترات السياسية والنزاعات والصراعات الداخلية والدولية التي أثرت مباشرة على سلاسل الإمداد على مستوى العالم ومن ثم النقص الحاد في المواد الغذائية والطاقة ومكونات الصناعات المحلية، وهبوط أسعار الأصول المالية، مع تجاوز معدلات التضخم للمستويات العالمية المسجلة منذ عدة عقود وتفاقم أعباء تكلفة المعيشة، وتأثر الأنشطة الاستثمارية بعد ارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض، وزيادة أقساط التأمين وتكلفة الشحن وزيادة مخاطر الملاحة البحرية، وتعثر الشركات وتسريح الأيدي العاملة وتفاقم أعداد البطالة، وقد ظهر ذلك جليا بداية من جائحة كوفيد - 19 ثم مع الحرب في أوكرانيا وأخيرا طوفان الأقصى، ويكفي أنه منذ حرب روسيا وأوكرانيا فقط، تكبد الاقتصاد العالمي خسائر تصل إلى 2.8 تريليون دولار في عام 2023، مع تراجع النمو الاقتصادي إلى 2.2 % وفي ظل هذه الحالة نجد الإشكالية الأكبر وهى كيف تتعامل الدول النامية مع هذا الوضع وكيف تواجه هذه الأزمات بدلا من الاستسلام لها ؟ بعد أن اعتمدت لسنوات طويلة على الاستيراد من الخارج، واستسلمت لذلك بدون الاهتمام بمواردها الطبيعية والبشرية من خلال التركيز على العمل والإنتاج والإنتاجية كعناصر حماية من التداعيات غير المتوقعة، فضلا عن أنها السبيل الوحيد إلى التقدم، حيث أصبح المقياس في ذلك هو العمل وارتفاع الإنتاجية التي تدفع الاقتصاد إلى الصمود وتحدي الأزمات وتخطي آثارها السلبية ومن ثم التفوق عليها، وقد نجحت الدول الكبرى في ذلك بعد أن تركت خلفها كل الكوارث التي حلت بها والأزمات التي تعرضت لها، وركزت على بناء الفرد لتحسين إنتاجيته حتى يُمكن للمنشأة إنتاج قدر من السلع أو المنتجات والخدمات بذات الجودة أو أفضل بوحدات أقل من عوامل الإنتاج المتاحة في ذات الفترة الزمنية أو أقل مع توفير الوقت والجهد وتقليص الأخطاء والمحافظة على الآلات والمعدات وتوفير أو ترشيد الخامات ومدخلات الإنتاج وخفض التكاليف والنفقات، التي تزيد من القدرات التنافسية في الوحدات الخدمية أو الإنتاجية، باعتبار أن الإنتاجية هي محصلة العلاقة الإيجابية التفاعلية مع مفردات ووحدات العملية الإنتاجية لذلك جاءت أهمية تجويد الإنتاجية في كل المجالات وتحسينها في الدول الصناعية المتقدمة وكانت من أهم دعائم التقدم، لارتباطها الوثيق بُحسن استغلال وإدارة الموارد للحصول على أكبر عائد أو أفضل خدمة، ويبدو العكس جليا في الدول النامية التي لم تهتم جيدا بهذه المقاييس على مستويات متعددة مثل العامل الذي تنعكس إنتاجيته على العمل الذي يؤديه مباشرة، من خلال ما يعطيه من جهد وعلم وخبرة ومهارة. وكذلك تجويد الإنتاجية للمؤسسات أو الشركات لأنها تعبر عن كفاءة الإدارة في الاستغلال الأمثل للموارد والإمكانات المتاحة، للحصول على أحسن وأفضل النتائج الممكنة. ومن جهة فلأن الإنتاجية هي انعكاس لأداء كافة الأجهزة على الاقتصاد القومي، من خلال قياس متوسط أدائها الذي يلقي بظلاله إيجابا أو سلبا على رفاهية المجتمع والمواطنين لذلك فإن المجتمعات التي تحاول النهوض والتقدم وتحقيق رفاهية شعوبها عليها التدقيق في اختيار العوامل المؤثرة على الإنتاجية من النواحي الفنية والتكنولوجيا، إلى جانب العوامل التنظيمية والإدارية، والعوامل الإنسانية، والسيكولوجية وحقوق العمال والتشريعات المنظمة لسوق العمل وفض المنازعات والتحكيم والاهتمام بالدراسات والأبحاث العلمية في مجال رفع الإنتاجية، والتخطيط والرقابة، وتحليل التكاليف كأسلوب لتلافي الإهدار أو الفقد والضياع في المال العام، وكذلك الحرص على ضمان الرعاية النفسية والصحية والحياة الكريمة للعمال وأسرهم قبل وبعد تقاعدهم وحرية التعبير والعمل النقابي، وكلها محفزات لدافعية العمل والإنتاج والإتقان. لذلك علينا أن ندرك أهمية التركيز على الاستفادة من مقومات التقدم الذي يبدأ من نجاح إدارة الموارد المتاحة في إنشاء قاعد صناعية متطورة، تعتمد أولا وأخيرا على تحسين الإنتاجية، للأيدي العاملة التي تمثل رأس المال البشري وهو المحور الأهم والأساسي في قيام وبناء الحضارات وتقدم الأمم.
747
| 03 يوليو 2024
تسعى الإدارة المالية وكذلك أصحاب القرار الاقتصادي في مصر لوضع ضوابط وقواعد للحد من عمليات الاستيراد من الخارج وتوفير العملات الصعبة من النقد الأجنبي ومواجهة تدني سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأخرى، ومحاولة توفير الدولار وحل أزمة المصانع والمستوردين، ولا بأس في أن تجتهد في ذلك، إلا أن إصدار القرارات المالية والتنظيمية في فترات زمنية قصيرة وبدون دراسات متأنية، ومع تغيير بعض المناصب مثل محافظ البنك المركزي أو حتى المجموعة الوزارية الاقتصادية يضر بالاقتصاد ومدى المصداقية والثقة فيه، لأن سوق المال والاستثمار يتطلب استقرارا وثبات النظم والقوانين التي تنظم التعاملات المالية والاقتصادية ويتعامل من خلالها الجميع بشفافية عالية، وألا تكون معرضة للتغيير والتبديل المفاجئ، لأن ذلك يصف السوق بعدم الاستقرار والتخبط المستمر وما يتبع ذلك من سلبيات على التصنيف الائتماني وعلى المستثمرين في الداخل والخارج، إلا إذا كنت هذه القرارات قوية ومفيدة ومدروسة جيدا وتعالج نواحي الخلل التي أضرت بالاقتصاد على مر سنوات طويلة، وتستهدف كما نقول الحكومة تقليص فاتورة الواردات بقيمة 20 مليار دولار بما يعادل %25 من إجمالي قيمة الواردات، ومن ثم فإن هذه القرارات والإجراءات لا تحتمل الإلغاء أو التعديل في فترات زمنية متقاربة، حتى لا يتسبب ذلك في إرباك السوق، خاصة إذا لم يتم التشاور مع أصحاب الشأن في الغرف التجارية أو شعب المصنعين وجمعيات المصدرين والمستثمرين، حيث إن بعض هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تأثر الأنشطة الاقتصادية والتجارية وحركة البيع والشراء، حتى وإن كان بعضها يتم تطبيقا للتشريعات الدولية لحماية الصناعة الوطنية دون الإخلال بشروط الاتفاقات والمعاهدات التي وقعتها مصر مع مختلف دول العالم، ومع منظمة التجارة العالمية، خاصة أن المنافذ الجمركية قد بدأت في تطبيق التعريفة الجمركية الجديدة والتي دخلت حيز التنفيذ طبقا للقرارات التي تتضمن زيادة الفئات الجمركية على عدد من السلع التي لها مثيل محلى أو تلك التي تعد سلعا غير ضرورية، بهدف منع أي ممارسات ضارة قد تؤثر على القدرة التنافسية لهذه السلع في مواجهة المنتجات المستوردة سواء في السوق المحلية أو الخارجية، ويرى البعض أن هذه الإجراءات سوف تسهم في جذب وتشجيع الاستثمارات الأجنبية لأنه سوف يحقق للمستثمر التوازن المناسب وسيجعله يصنع وينتج ويصدر، وينافس في الداخل والخارج، بما يمكن الصناعة المحلية من منافسة المستورد. ويمنع تدفق المنتجات منخفضة التكلفة المصنوعة في الصين على السوق المصري في السنوات الأخيرة، من بينها الأقمشة والإلكترونيات وأدوات المطبخ ولعب الأطفال وفوانيس الأعياد والمناسبات، وقطع البسكويت، ولا سيما إذا لم تكن هناك زيادات في أسعار المدخلات من المواد الخام آو الأولية آو الوسيطة، كما أن هذا القرار من وجهة نظرهم سيخفف الضغط على العملة الأجنبية، ولكن إذا كانت القرارات خاطئة فإنها ستقف أمام تعافي الاقتصاد المصري وتتسبب في تفاقم أسعار السلع في السوق، والتي لا يمكن أن تعود للخلف مرة أخرى، لأن قرار رفع الجمارك على مجموعة كبيرة من السلع سيسهم في ممارسات احتكارية بالسوق، والإضرار بالصالح العام، وإن كانت ستمنع تتدفق المنتجات منخفضة التكلفة المصنوعة في الصين على السوق المصري في السنوات الأخيرة، من بينها الأقمشة والإلكترونيات وأدوات المطبخ ولعب الأطفال وفوانيس الأعياد وقطع البسكويت، لأن ذلك سيؤدي تلقائيا إلى زيادة أسعار السلع بشكل كبير يتحمل عبئها المستهلك، خاصة محدودي الدخل، لأن أسعار هذه السلع سترتفع نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه بجانب ارتفاع تكلفة الاستيراد بعد الزيادة الجمركية، ولا سيما أن القرارات الحكومية المتسرعة تكرس الاحتكار وتجعل التعامل على الماركات العالمية، الأمر الذي يصعب على أصحاب المصري البسيط الحصول عليه نظرًا لأن أسعار الماركات العالمية أعلى من قدرة المواطن الشرائية، خاصة أن الفشل في حل أزمة نقص الدولار في السوق لعدة سنوات، هو الذي دفع الحكومة لفرض قيود على عملية الاستيراد التي سيكون المتضرر الأول منها هو المستهلك الذي يتحمل فشل السياسات الحكومية، لأن التجار في كل الأحوال سيحافظون على هامش الربح الذي يفرضونه، وسيحملون المواطنين الزيادة التي حدثت على جمارك السلع التي أصبح معظمها ضروريا في حياة المصريين خاصة مع ردائة مواصفات معظم المنتجات المصرية، لأن القرار اتخذ بالاتفاق مع الحكومة والبنك المركزي واتحاد الصناعات الذي ضغط على الحكومة لوقف الاستيراد لتحقيق مصالح خاصة ما يتسبب في رفع الأسعار بنسبة %25.
1350
| 03 فبراير 2016
إشكاليات الاحتياطي النقدي المصري متعددة على الرغم من التعافي البطيء في الربع الأخير من العام الماضي، وعلى الرغم من انتزاع موافقتين من البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية لتوفير قروض قيمتها 4.5 مليار دولار، وتوقيع الاتفاقات النهائية الخاصة بالقرضين بأسعار فائدة ضئيلة وفترة سداد تقلل من ضغوط سداد الديون على الدولة.وهي تعزز من فرص تعافي الاحتياطي النقدي الذي بلغت قيمته بنهاية العام الماضي 16.4 مليار دولار، ويغطى 3 أشهر فقط لتمويل الواردات السلعية، فهل سيساهم ذلك في الضغط على السوق السوداء للعملة، وإعادة قدر ولو قليل من التوازن الذي افتقده الاقتصاد بشدة في الفترات الماضية، خاصة أن هذه التمويلات توفر سيولة بالنقد الأجنبي تساهم في إنعاش الاحتياطي النقدي، في ظل التزام الحكومة بسداد ديون خارجية خلال يناير الجاري بقيمة تصل إلى 1.7 مليار دولار.وإن كانت قيمة القروض ستضخ على مراحل بنحو ملياري دولار من مؤسسات التمويل الدولية المختلفة، وهو ما يعزز من القدرة على سداد الالتزامات الأجنبية بدون تأثير في الاحتياطي النقدي، ولكن ذلك لا يساعد على إعادة البناء القوي للاحتياطي الأجنبي، بدون اتخاذ إجراءات قوية لدعم التصدير وحل مشكلات المصدرين، والترويج لتنشيط السياحة بشكل مكثف، والتركيز على الجانب الأمني، من أجل زيادة إيرادات النقد الأجنبي، إلى جانب وقف استيراد بعض السلع الاستفزازية كما يقال عن استيراد "جمبري" بقيمة 400 مليون دولار، أو أغذية للكلاب التي تكلف ميزانية الدولة ما لا يطاق، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، والعجز عن تدبير الأمن الغذائي محليا، حيث تستورد مصر ربما 70% أو أكثر من وارداتها الغذائية، نتيجة لعدم قدرة الإنتاج المحلي على الوفاء باحتياجات السوق، والعمل على زيادة الإنتاج، واستغلال قدرات الدولة ومواردها الطبيعية وثرواتها الاستغلال الأمثل، ولاسيما أن اللجوء إلى الاقتراض من الخارج قد يكون مسكّنا في الوقت الراهن، وله آثاره السلبية المدمرة على الاقتصاد في المستقبل القريب وعلى الأجيال القادمة على المدى الطويل، ومن هنا لابد من إدراك أن الحل الأساسي لمشكلة تراجع الاحتياطي النقدي هو الاهتمام بالقطاعات المدرة للعملة الأجنبية، وعلى رأسها التصدير الذي يدر ما يربو على 30 مليار دولار، والسياحة التي من المفترض أن ترتفع إيراداتها إلى 15 مليار دولار سنويا، يضاف ذلك إلى تنمية مصادر الدخل الأجنبي من إيرادات قناة السويس، خاصة بعد عمليات التطوير التي لحقتها مؤخرا، وأيضا الاهتمام بمشكلات العاملين بالخارج وتحفيزهم للاشتراك في المزيد من الاستثمارات وزيادة التحويلات الخارجية، وضرورة حل مشكلات المستوردين والمستثمرين، الذين واجهوا كثيرا من المتاعب لعدم توافر الدولار بالشكل المناسب، ويحتاجون إلى حلول سريعة لأزمة السيولة بالنقد الأجنبي، خاصة أن رجال الأعمال قد رفضوا عددًا من الإجراءات منها تحديد سقف الإيداع الدولاري، وهذا يفرض على الحكومة التوصل إلى حل يرضي كل الأطراف وينهي حالة الاحتقان، ويقلل من الآثار السلبية لاتخاذ القرارات غير المدروسة والمنفردة من طرف واحد، واختيار كفاءات وخبرات جيدة لم تلوث بالفساد لتتولى ملفات السياسة النقدية، وعمليات التفاوض مع المؤسسات الدولية، حتى يتمكنوا من إيجاد جذري لأزمة الدولار المتفاقمة، والتي تؤثر في مكونات الاحتياطي النقدي، وعلى عملية إعادة بنائه على أسس اقتصادية سليمة تسفر عن استقرار السوق، وتوفير كافة احتياجاته التمويلية من كافة العملات، ولا شك أن ذلك يمكن أن يدفع تجاه استقرار السوق على المدى القصير، حتى يمكن حل لغز المعادلة النقدية التي تتطلب حلولًا جذرية على المدى الطويل، من خلال التركيز على سبل غير تقليدية لإنعاش الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
492
| 27 يناير 2016
لم تشهد أسواق النفط هذا الانهيار منذ أكثر من 12 عاما، أي منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بعد أن هوت أسعار خام برنت لتصل إلى حاجز أقل من 30 دولارا للبرميل، في حين تراجع سعر سلة أوبك إلى 25 دولاراً للبرميل، خاصة أن المعروض العالمي من النفط الذي فاق 2.1 مليون برميل يوميا خلال عام 2014، بسبب ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة بـ1.6 مليون برميل يومياً، وهذه أول مرة يزيد فيها بلد إنتاجه النفطي بأكثر من مليون برميل في اليوم، ومما يزيد الأزمة تعقيدا بشكل أو بآخر الإعلان عن رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران على خلفية برنامجها النووي، ومن ثم عودة النفط الإيراني بمعدل 500 ألف برميل إضافي في السوق، وتمسك أوبك التي تنتج ثلثي النفط العالمي بالمحافظة على سقف الإنتاج الحالي بمعدلات إنتاج عالية للمحافظة على الحصص السوقية للتصدي للمنتجين غير التقليديين من أصحاب النفط الصخري، وكذلك في مواجهة دخول إيران التي تبحث عن حصتها في السوق التي حرمت منها طوال سنوات العقوبات، إلى جانب عوامل أخرى تسببت في هذا الهبوط الحاد إلى المستويات القياسية أهمها: ضعف الطلب لأكثر من عام ونصف، وتخمة المعروض حيث تفيض أسواق النفط بالمعروض منذ أكثر من عام ونصف العام وهو عمر بدء حرب النفط بين المنتجين التقليديين والمنتجين الجدد، الأمر الذي يهدد إمكانية إعادة التوازن السريع إلى سوق النفط، مما يفتح الباب أمام تراجعات مستقبلية للأسعار في ظل الظروف القائمة، التي يصعب معها ارتفاع مستوى الأسعار ليحقق ولو إلى درجة قريبة من نقطة التعادل المناسبة لكل الأطراف من المنتجين التقليديين والصخريين والمستهلكين لأنها تشكل بذلك معادلة صعبة، بعد زيادة إنتاج النفط الصخري وسماح الكونجرس الأمريكي للشركات الأمريكية بتصدير النفط للخارج، لأن هذه النقطة هي الأمل الذي يتطلع إليه الجميع للخروج من أزمة الأسعار وحرب النفط القائمة حاليا والتي يمكن أن تكسر عظام الجميع، مما يجعل الاقتصاد العالمي يئن تحت وطأة التباطؤ وتراجع النمو إلى فترة أطول، وهذه العوامل تلقي بتبعاتها وظلالها السلبية على التجارة والاقتصاد في العديد من دول العالم، مع استمرار ضعف النمو في الاقتصادات الصاعدة نتيجة انخفاض الطلب على صادراتها خصوصا الصين الذي قاد سريعا إلى هبوط وارداتها من السلع الأساسية والنفط تحديدا، وهي مؤشرات خطيرة على أسواق النفط لأن زيادة المعروض سينعكس حتما على الأسعار العالمية، وسيكون المتضرر الأكبر من ذلك هو الدول التي تعتمد على النفط كمصدر أساسي للدخل، وبالتالي ستشهد سوق النفط تراجعات في الأسعار في ظل استمرار الظروف الحالية، لأن الاقتصاد العالمي سيقبل على أزمة اقتصادية عالمية، ولا يوجد أدنى شك أن حرب النفط ستكون هي المحور الرئيسي لهذه الأزمة، ولاسيَّما مع اشتعال الصراع داخل أسواق النفط وزيادة المنافسة بين المنتجين، التي يدعمها بقوة بعض العوامل السياسية الحاضرة بقوة في المشهد القائم، التي تعتمد على حسابات خاصة بالعلاقات بين بعض الدول،على الرغم من أن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على الأوضاع المالية للدول المنتجة للنفط، التي بدأت تتحول من تحقيق فوائد وعوائد مرتفعة إلى أن تسجل لأول مرة عجزا في ميزانيتها، سينعكس حتما على أنماط الحياة الاجتماعية وحياة الرفاهية التي تعودت عليها بعض المجتمعات، والخطير أن يستمر ذلك لعدة سنوات قادمة، إذا لم تسع دول الأوبك في وقت عاجل إلى إنهاء حرب الأسعار بتخفيض الإنتاج، سعيا إلى العودة إلى أسعار تناسب المنتجين الذين فقدوا حتى القدرة على زيادة الاستثمارات في تطوير حقول النفط التي سوف تتأثر سلبا لعدة سنوات قادمة، حيث تفقد قدرتها الإنتاجية ومن ثم لا يمكنها مواجهة زيادة الطلب على المدى الطويل إلا بتوسيع طاقتها الإنتاجية، ولاسيَّما أن الدول النفطية قد خسرت نحو 500 مليار دولار في حرب الأسعار خلال عام ونصف العام فقط، والمنتجون الأصغر في أوبك هم الأكثر تضررا، وإذا لم يتم تدارك الأزمة بسرعة، فقد تتفاقم الأوضاع إلى حدود لا يمكن التنبؤ بنتائجها، وفضلا عن أنها قد تتسبب في فتح أبواب جديدة للصراع تجر العالم إلى مزيد من الأزمات والانتكاسات.
463
| 20 يناير 2016
وداعا عام 2015 بكل سلبياته وتأثيراته السلبية على الاقتصاد العالمي بعد أن تهاوت أسعار النفط إلى أكثر من %60، والتي اهتزت معها اقتصادات كبريات الدول حتى الغنية بالنفط، التي عانت من بطء الاقتصاد العالمي. ومن إخفاق أموال مؤسسات الإقراض الدولية في زيادة الطلب على الاستثمار، في ظل زيادة إنفاق المستهلكين حول العالم، فهل ستنتقل العدوى من 2015 إلى العام الجديد 2016؟، وهذا يثير الشك حول مستقبل الاقتصاد العالمي في عام 2016، مما يجعلنا نتساءل عن السيناريوهات المتوقعة بكل صورها الإيجابية والسلبية والجيدة والسيئة أو حتى الأكثر سوءا، فهل سنعاني من استمرار النمو البطيء، بسبب تراكم الديون؟ لأن ارتفاع مستويات الدين يدفع إلى زيادة النمو الاقتصادي في المدى القصير، بينما يصبح عامل تثبيط على المدى الطويل، لأن دفعات تسديد هذه الديون تستنفذ الأموال المتاحة للإنفاق في مجالات أخرى، لأنه عندما ينتشر النمو البطيء في مجموعة من الدول، فإنه ينتقل بسهولة إلى بقية دول العالم عبر التجارة الدولية، والخطورة في ذلك أن استمرار النمو الاقتصادي البطيء قد يقود العالم إلى ركود اقتصادي، لأنه سوف يطال بالتأكيد الاقتصاد الأمريكي الذي يواجه ارتفاعاً في أسعار الفوائد، كما يمكن أن يصيب الكساد الاقتصادي الصين واليابان- ثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم على التوالي، مما سينعكس على الأسواق العالمية، ومعاناة الشركات متعددة الجنسيات من انخفاض في الأرباح، وكذلك ستعاني مؤسسات الإقراض ذات العوائد المرتفعة من الركود في النمو، ولا شك أن ذلك سيؤدي إلى زيادة أعداد الشركات التي ستعجز عن الوفاء بالتزاماتها، وهذا يدفعنا قسرا إلى السيناريو الأسوأ وهو حدوث الكساد العالمي التام، على غرار الأزمة العالمية الكبرى في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما عانت شعوب العالم من تخفيض قيمة العملات لإنعاش الصادرات، وهذا الذي لا نتمناه لأنه سيكون أمرا كارثيا للاقتصاد العالمي، لذلك نأمل أن تتحقق توقعات خبراء الاقتصاد في أن يكون عام 2016 أفضل نوعا ما، مقارنة بالعام الماضي، ولاسيَّما أن توقعات صندوق النقد الدولي هذا العام تسجيل نمو بنسبة 3.6% بعد نسبة 3.1 % التي سجلها خلال عام 2015، ولذلك من الضروري لإبعاد هذا السيناريو أن تركز البلدان النامية على بناء قدرتها على الصمود في وجه ضعف البيئة الاقتصادية بحيث تعوض الاقتصادات الأكبر حجما عن آثار بطء النمو، لأن تحسُّن النمو يعتمد في المستقبل على استمرار زخم النشاط في البلدان مرتفعة الدخل، وعلى استقرار أسعار السلع الأولية، خاصة مع احتمالات أن النمو سينتعش في البلدان المُصدرة للنفط أيضا، على افتراض أن أسعار النفط يمكن أن تستقر رغم وجود مخاطر شديدة في منطقة الشرق الوسط من جراء احتمال تصاعد الصراعات وتزايد التوترات، واستمرار تراجع أسعار النفط، والفشل في تحسين الظروف المعيشية، الأمر الذي قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة وإثارة الاضطرابات الاجتماعية في المنطقة، خاصة مع دخول إيران إلى سوق النفط بعد رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وبدء الولايات المتحدة منذ بداية عام 2016 بتصدير أول شحنة نفط بعد إلغاء حظر دام أربعين عاما، منذ فرض حظر تصدير النفط في عام 1975، بعد أزمة الطاقة الناجمة عن النزاع في الشرق الأوسط وحرب أكتوبر عام 1973، لأن قرار رفع الحظر ستكون له نتائج إيجابية على الاقتصاد الأمريكي، في ظل ظروف نمو إنتاج النفط الحالية التي فقدت الكثير من الاستثمارات، وإن كانت التقديرات تشير إلى أن معدل النمو في اقتصادات اليورو العام الحالي سيكون شبيهاً بعام 2015 أي حوالي 1.5%، مستفيداً من انخفاض أسعار النفط، وانخفاض أسعار الفائدة، وضعف العملة الذي يعطي دفعة للصادرات، كما أن النمو في الصين طبقا لظروفها الاقتصادية سيسجل مزيدا من التراجع، أمَّا في روسيا والبرازيل فمن المتوقع أن تستمر حالة الكساد في عام 2016، مما سيكون له انعكاسات سلبية كبيرة على الاقتصاد العالمي ككل، باعتبار أن المشاكل الاقتصادية الأخطر التي عرفها العالم في السنوات الماضية كان مصدرها دول الغرب.
2504
| 13 يناير 2016
مستقبل أسعار النفط العالمية خلال الفترة القادمة، مازال مجهولا في ظل ارتفاع الفائض في الأسواق العالمية، رغم تراجع الإنفاق على الاستثمارات النفطية في كثير من دول العالم في العام الماضي، لكن التساؤل هو، هل ستظل الأسعار تتجه نحو سقف جديد أدنى من 25 دولاراً للبرميل، خاصة أن توقعات نمو الطلب لا تشير إلى أي علامة إيجابية توحي بانتعاش أسعار النفط، أم أن مستويات الأسعار خلال عام 2016 سوف تشهد انعكاسات ومتغيرات، خاصة مع سخونة الأحداث في الأسبوع الأول من العام وتوتر العلاقات الخليجية الإيرانية، وفي الشرق الأوسط، وتوقع صدمات جيوسياسية أو تعطل مفاجئ في الإمدادات من الدول الرئيسية المُنتجة، الأمر الذي يزيد من احتمالات اتجاه الأسعار للصعود ولو الطفيف، إلى جانب موافقة الكونجرس عن رفع الحظر عن تصدير النفط الأمريكي - والذي تم فرضه منذ عام 1973 - بأغلبية على مشروع قانون للإنفاق بقيمة 1.1 تريليون دولار لتمويل الوكالات الحكومية حتى سبتمبر 2016، ورفع الحظر المفروض منذ 40 عاماً على صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام مما يعني زيادة المخاوف من استمرار إمدادات النفط الأمريكية، رغم انخفاض عدد مصافي النفط، والتي من شأنها أن تشكل خطراً للمزيد من الهبوط للأسعار خلال العام الحالي، في ظل انخفاض أسعار الخام الأمريكي وخام برنت بنحو 68% بالمقارنة مع مستويات الأسعار في شهر يونيو 2014، وكذلك فقدت الأسعار 36% من قيمتها منذ بداية عام 2015، وهي انخفاضات حادة سيكون لها تأثير سلبي كبير على الدول الرئيسية المنتجة للنفط، وبخاصة دول الخليج، مع استمرار زيادة إنتاج النفط العالمي وتفوق العرض على الطلب، وتمسك أوبك بعدم تخفيض سقف إنتاجها حيث ضخت نحو 31.6 مليون برميل يومياً خلال شهر أكتوبر 2015، بالقرب من المستويات القياسية، بزيادة مقدارها 1.5 مليون برميل يومياً رغم ضعف أساسيات السوق، كما أن المنتجين الرئيسيين بقيادة المملكة العربية السعودية يركزون على الدفاع عن حصتهم في السوق والحفاظ عليها من خلال التمسك بأعلى مستوى إنتاج، في ضوء استمرار طفرة النفط الصخري، بالإضافة إلى المصادر غير التقليدية للإنتاج النفطي من الرمال النفطية في كندا، وإنتاج الوقود الحيوي المستخرج من بعض النباتات، كما أن هناك توقعات بارتفاع الإمدادات داخل الدول الأعضاء في أوبك، وهذا يؤدي إلى مزيد من المعروض النفطي، خاصة حين تبدأ إيران بتعزيز إنتاجها من النفط الخام مع رفع العقوبات الدولية عنها، بعد الاتفاق النووي الذي تم في يوليو 2015 مع القوى الغربية الكبرى وأمريكا، وبعد أن قامت إيران استقطاع 900 مليون دولار من صندوق التنمية الوطني، وتخصيصها للبنى التحتية اللازمة حتى تتمكن من رفع مستوى إنتاج النفط بواقع 500 ألف برميل يوميا، بعد رفع الحظر مباشرة، تعقبها زيادة مماثلة بعد أشهر لاستعادة مستوى تصديرها قبل فرض الحظر الغربي عليها، حيث تسعى إيران إلى مضاعفة صادراتها النفطية إلى 2.3 مليون برميل يومياً بحلول منتصف عام 2016، مما يضيف المزيد من المعروض من النفط والذي دفع بالفعل بالأسعار للتراجع في العام الماضي، ولا شك أن كل هذه العوامل أثرت بصورة مُباشرة أو غير مُباشرة على السوق النفطية، كما يمكن أن تدعم بصورة كبيرة استمرار الاتجاه الهبوطي للأسعار خلال العام الحالي 2016، بل ومن المتوقع استمرار انخفاض الأسعار على المدى المتوسط طالماً استمرت دول الأوبك، في اتباع سياسة رفع الإنتاج للحفاظ على حصتها الإنتاجية في الأسواق العالمية، خاصة أن وكالة الطاقة الدولية أكدت على أن إمدادات النفط العالمية قد تجاوزت 97 مليون برميل يومياً في أكتوبر 2015، لتزيد مليوني برميل عن مستواها قبل عام، مع تعافي الإنتاج من خارج «أوبك» عن مستوياته المتدنية التي سجلها في شهر ديسمبر الماضي، مع توقع أن يتراجع نمو الطلب العالمي على النفط إلى 1.21 مليون برميل يومياً في 2016 عن مستواه المرتفع البالغ 1.82 مليون برميل يوميا هذا العام، لذلك فإن المخاوف ستظل مستمرة بشأن ضعف صحة الاقتصاد العالمي، وذلك سيضع أسعار النفط تحت ضغط إضافي، ومما يؤجج المخاوف أن وفرة الإمدادات العالمية قد تبقى عند تلك المستويات لفترة أطول مما كان متوقعاً، وأمام هذه الفرضيات، ومن ثم على الدول أن تتخذ قرارات وإصلاحات على المدى البعيد، أقلها ترشيد استهلاكها المحلي من النفط، والتركيز على تطوير قطاعي التكرير والتسويق العالمي، وعدم الاعتماد على مورد واحد والتوجه بقوة نحو تنويع الاقتصادات حتى في دول منظمة الأوبك، ثم استيعاب كل ما هو جديد ومبتكر في مجال واستخراج النفط والغاز، لمواجهة كل الظروف والتحديات الاقتصادية، ولاسيَّما أن تقارير منظّمة التعاون والتنمية الاقتصاديّة تشير إلى أنّ الأرقام التي يسجّلها نموّ الاقتصاد هي أقرب ما تكون إلى الأرقام المرتبطة بالركود لعالمي.
428
| 06 يناير 2016
الاقتصاد المصري يواجهه تحديات جمة منذ سنوات وتتزايد المخاوف مع عام 2016، مابين أقلية من المتفائلين وأغلبية من المتشائمين، ولاسيَّما أن الاقتصاد العالمي يشهد استمرار التراجع في أسعار النفط وانعكاساتها السلبية على كل الدول حتى غير المنتجة للنفط والتي لها علاقات اقتصادية مع الدول النفطية أو حتى التي على صلة ببرامج المساعدات الاقتصادية والتنموية التي تضخها سنويا، وبالتالي ومنطقيا سوف تتأثر تلك الدول سلبا ومنها مصر، خاصة أن الإحصاءات تشير إلى أن معدلات البطالة بلغت في 2015 نسبة 12.9%، فيما ارتفع معدل التضخم إلى 11%، أما العجز في الميزانية فبلغ 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعرض اقتصادها للخطر، في ظل الثوابت التي تعاني منها وتمثل تحديات كبيرة في العام الجديد، بسبب المشكلات والأزمات الاقتصادية المتفاقمة مثل تراجع نمو الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة، ومعدلات الفقر وارتفاع معدلات التضخم وارتفاع مستوى الأسعار وضعف برامج وسياسيات الدعم الحكومي في مساعدة الفئات الأكثر فقراً، وتقهقر القطاع السياحي أحد أهم الركائز في الاقتصاد المصري والتي شكلت 11% من حجم الناتج المحلي الإجمالي، ومع تراجع تدفق السياح، وتأثر عائدات السياحة التي شهدت تراجعا حادا بعد سنوات من الاضطرابات السياسية التي عصفت بالاقتصاد، خاصة أنه وفق تصريحات وزير السياحة المصري هشام زعزوع فإن مصر تخسر 2.2 مليار جنيه (281 مليون دولار) شهريا جراء قرار بريطانيا وروسيا تعليق الرحلات الجوية إليها بعد تحطم طائرة الركاب الروسية في شبه جزيرة سيناء، ومن ثم أدت إلى الانخفاض في الاستثمارات الأجنبية، وتوقع انخفاض تحويلات العمالة المصرية في الدول النفطية، خاصة أن بعض الدول الخليجية قد بدأت في تنفيذ خطط لتسريح أعداد من القوى العاملة الوطنية والأجنبية، إلى جانب ضعف الإنتاج والإنتاجية وتعثر مئات الشركات والمصانع وزيادة الواردات وتقلص الصادرات وتأثير ذلك على حجم الاحتياطات من النقد الأجنبي، بالإضافة إلى أهم التحديات وهو ملفات الفساد المالي والإداري وهي الأخطر لأنه لا يمكن أن يتقدم أي اقتصاد خاصة في الدول النامية، إذا استشرى فيها سوس الفساد الذي يظل ينخر في عضد الدولة حتى تنهار دعائمها الاقتصادية والمالية والقيمية أيضا، وقد أوضحت مستندات البنك المركز للمحاسبات مؤخرا وجود فساد مالي في عدة وزارات، منها الزراعة والمالية والاتصالات والنقل والري والداخلية، والتي شهدت العدد الأكبر من الوقائع، بعد أن أعلن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رسميا عن تسبب ذلك في إهدار أكثر من600 مليار جنيه، في موازنة مكبلة بالعجز المتراكم منذ سنوات، وفي دولة تسعى للحصول على القروض من الشرق والغرب، كما أن البنك المركزي ربما يستعد لخفض في قيمة العملة نظرا للضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار، مع التزامه بتوفير موارد جديدة للعملة الأجنبية بحلول 2016، حيث سجل الميزان التجاري عجزا يقدر بـ 29.6 مليار دولار. كما بلغ الدين الداخلي لمصر وبحسب البنك المركزي المصري 2.016 تريليون جنيه، في حين بلغ الدين الخارجي 39.853 مليار دولار، ويأتي ذلك بالتزامن مع تدني أسعار السلع الأولية وتقلص المساعدات من الدول الخليجية وهروب المستثمرين بشكل عام من الأسواق الناشئة خاصة التي تعاني من الإرهاب أو الافتقار إلى الأمن والاستقرار، ولا شك أنها تحديات صعبة خاصة أن نتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي وافتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس لم تؤت ثمارها بعد، وأن تعافي الاقتصاد المصري يعتمد بشكل أساسي على تحسن مستوى الأمن والاستقرار السياسي وزيادة الإنتاج والصادرات وتوفير فرص عمل جديدة وحقيقية للباحثين عن عمل، مع المزيد من الإصلاحات وتشجيع الاستثمارات الخارجية وتحفيزها، وضرورة إلغاء القيود المفروضة على حركة النقد الأجنبي والتي تحد من النشاط الاقتصادي، وذلك حتى يمكن أن يسود الإحساس بالتفاؤل، لأن ذلك يسهم في تثبيت دعائم الاقتصاد المصري.
2558
| 30 ديسمبر 2015
الحصول على القروض من الوسائل السهلة التي تلجأ إليها الدول لتعويض عجز الموازنة العامة أو لتمويل الاستثمارات، ولكن هناك ضوابط بألا تزيد نسبتها على 60 % من الناتج المحلي الإجمالي وألا يتجاوز الدين المحلي والأجنبي هذه النسبة وهي الحد المسموح به وفق المعايير الدولية، إلا أن المخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري إلى جانب الديون هو فشل الحكومات المتعاقبة في تبني برنامج زمني لسداد تلك الديون، وهذا يدق ناقوس الخطر من الدخول في دوامة القروض الدولية، وهي فخ كبير لا يمكن الفكاك منه بسهولة، حتى وإن كانت هناك تطمينات من الإدارة المصرية بأن ديون مصر ما زالت في حدودها الآمنة، ومن ثم بدأت بخطوات جديدة على طريق الاقتراض من المؤسسات الدولية، وتحديدا من البنك الدولي بمبلغ مليار دولار، لتمويل عجز الموازنة ضمن البرنامج الشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، المقترح تنفيذه مع البنك على مدار 3 سنوات، بإجمالي 3 مليارات دولار، وإذا كان في ذلك شهادة من البنك الدولي على الثقة في الاقتصاد والقدرة على السداد وقد سبقه قرض البنك الأفريقي للتنمية، بمبلغ 1.5 مليار دولار، على مدار 3 سنوات، وفي ذات الوقت الذي تجري فيه الاتصالات مع ممثلي صناديق تمويلية عربية، على رأسها الصندوقان السعودي، والكويتي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي، وصناديق ومؤسسات إماراتية لدعم التنمية في مصر، وهو اتجاه للتوسع في الاقتراض الخارجي، بعد اضطرار الحكومة للاقتراض من المؤسسات الدولية، نظرا لتراجع الدعم الخليجي، وهذا يدعونا إلى التخوف من الانزلاق إلى مصير اليونان، على الرغم من أن مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني ثبّتت تصنيف مصر عند مستوى «بي»، مع منح الاقتصاد نظرة مستقبلية مستقرة، لذلك فإن الصورة تبدو قاتمة، وإن كان رغم هذه القروض المتوقعة أو التي سيتم الاتفاق عليها، إلا أنها لا تكفي لسد حجم العجز المطلوب تعويضه مقارنة بحجم الفجوة التمويلية في الموازنة العامة للدولة التي تقدر بنحو عشرين مليار دولار على مدار العامين المقبلين، والتي يرى البعض أنها قد تصل إلى نحو ثلاثين مليار دولار سنويا، في ضوء قيمة العجز بالموازنة، والذي يصل في أقل التقديرات لنحو 240 مليار جنيه، أي بحدود ثلاثين مليار دولار، في ظل تراجع موارد النقد الأجنبي إلى الحدود الدنيا، وتوجه الحكومة لتمويل مشروعات محطات الكهرباء، وزيادة معدلات الإنفاق على التسليح، وتراجع الدعمين الخليجي والدولي، مما يفتح المجال واسعا للاقتراض من مصادر دولية وإقليمية أخرى، حيث توضح بيانات البنك المركزي المصري أن الدين الخارجي قفز من 35 مليار دولار في يونيو 2011 إلى 48 مليار دولار في نفس الشهر في 2015، وبذلك تكون قيمة الزيادة على مدار السنوات الأربع الماضية 13 مليار دولار تمثل نسبة زيادة قدرها 37%، لتصل قيمة الدين الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 15%، ومن الخطورة استمراء عملية الاقتراض تحت وطأة الحاجة للإنفاق الجاري، وليس الإنفاق الاستثماري، وقد تقوم الحكومة بالاقتراض لسداد ديون قديمة حل أجلها، ثم تضيف جزءا من الديون لتمويل احتياجات آنية، وبذلك يظل منحنى الدين العام في تصاعد مستمر، حتى تجاوز الدين الأمر الذي يجعل من القروض الخارجية إضافة جديدة لأعباء الدين، إذ إن الاقتراض لن يخلق فرص عمل جديدة، ولن يساهم في إنتاج سلع وخدمات جديدة، لكنه سيستخدم لسداد أعباء خدمة الدين، سواء لشركات النفط الأجنبية أو ديون الموازنة العامة للدولة. ومن هنا فإن قضية الدين العام مرشحة لمزيد من التفاقم، فظلالها شديدة السلبية اقتصاديا واجتماعيا على واقع المجتمع المصري في ظل عدم توجيه الإيرادات العامة نحو الاستثمار وتمويل قطاعات الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وبنية أساسية. وهذا يتطلب وجود هيئات رقابية قوية يمكنها محاسبة الأداء الحكومي بالنسبة لاستخدامات القروض ومدى الاستفادة منها، والجهات التي يتم الإنفاق عليها من تلك القروض، وهل كانت هناك دواعٍ وأسباب للاقتراض أم لا؟ لأن الاقتصاد المصري إذا استمر على هذا النهج سوف يدفع ثمنا باهظا مقابل هذه الديون وسوف يتحمل الأبناء والأجيال القادمة أعباء هذه الديون، ويتحمل المجتمع أيضا التداعيات السلبية اقتصاديا واجتماعيا، لأنه من الصعب الوصول إلى حل لمشكلة الاقتراض الخارجي من دون السعي إلى العمل وزيادة الإنتاج والبدء بالإصلاح الداخلي ومحاربة الفساد، لأن التوسع في الدين الخارجي وإهمال الإصلاح فلن تكون له نهاية سوى الإفلاس، وما الحالة اليونانية منا ببعيدة.
606
| 23 ديسمبر 2015
مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6093
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5067
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3723
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2811
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2406
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1542
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1368
| 23 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1077
| 20 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
990
| 21 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
984
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
897
| 24 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
864
| 20 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية