رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أكتوبر 73 بين الانتصارات وتخطي الإحباطات

يأتي الاحتفال بانتصارات حرب أكتوبر 1973 والعالم العربي يعيش حالة من الإحباطات منذ طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وأفخر شخصيا بأن أكون أحد المشاركين في هذا النصر العظيم كأحد الجنود من أول دفعة من المؤهلات العليا الذين تم تجنيدهم للخدمة العسكرية في القوات المسلحة المصرية في أعقاب هزيمة 1967 في إطار التخطيط لبناء القوات المسلحة من جديد وإعدادها للحرب القادمة على أسس فنية ونفسية وعسكرية متقدمة للتدريب على المعدات والأسلحة الجديدة واستيعابها واستخدامها وفق المعدلات الدولية والتي كانت سببا في عبور الساتر الترابي الأقوى في العالم وخط بارليف المؤجج بالنابالم، وتخطي أكبر مانع مائي في التاريخ العسكري وهو قناة السويس، بعد أن حطمت قوات المدفعية والمقاتلات الجوية المصرية تحصينات خط بارليف القوية، التي كونت سلسلة من النقاط الحصينة والطرق والمنشآت الخلفية، التي صنعت الخط الدفاعي الأصعب في تاريخ الحروب، الذي أنفقت عليه إسرائيل أكثر من 300 مليون دولار، والذي امتدت دفاعاته أكثر من 160 كم على طول الشاطئ الشرقي لقناة السويس، مزودا بخط أنابيب النابالم الحارق وسريع الاشتعال لتكون حرب السادس من أكتوبر – العاشر من رمضان التي مضي عليها 52 عاما أول معركة حربية عربية تنتصر فيها الجيوش العربية - منذ هزيمة 1948، على إسرائيل المدعومة غربيا بلا حدود، ولازالت تكتيكات هذه الحرب تُدرس في المعاهد والأكاديميات العسكرية العالمية للآن، وخاصة نجاح خطة الخداع الاستراتيجي التي نفذها الرئيس السادات بنجاح وخدع بها أكبر أجهزة المخابرات العالمية واستخدام سلاح النفط في المعركة، الذي نفتقده الآن لمواجهة التحديات المتعلقة بحاضر ومستقبل الأمة العربية ولكن من المؤلم أن تأتي هذه الذكرى المجيدة في الوقت الذي تعيش فيه الأمتان العربية والإسلامية تحت وطأة أفظع وأقصى درجات الإحباط، ربما في تاريخها مع انتهاك إسرائيل لكل القوانين والمواثيق الدولية وتدمير البشر والحجر والبنية التحتية والمرافق الخدمية في قطاع غزة والتخطيط لالتهام الضفة الغربية وعدم السماح بقيام الدولة الفلسطينية برغم زيادة الاعترافات الدولية بها، إلى جانب عمليات التهجير القسري واستخدام سلاح الجوع كأداة في حرب مُمنهجة مُنتهكة بذلك كل القوانين والمواثيق والعهود الدولية والإنسانية، أمام بصر العالم. ما يمر به العالم العربي الآن يثير العديد من الشكوك حول مخاطر ذلك في المستقبل القريب على أمن وسلامة واستقرار وبقاء دول المنطقة، في ظل التوجهات نحو الشرق الأوسط الجديد وإسرائيل الكبرى وربما تحويل غزة إلى قاعدة عسكرية لامتلاك السيطرة والسيادة العسكرية في المنطقة، ومن هنا علينا أن نعي هذه المخاطر حتى نواجه التحديات ونتخطى كل الإحباطات بروح و فكر وعقل انتصارات أكتوبر1973 والعاشر من رمضان.

255

| 06 أكتوبر 2025

جمارك ترامب.. والحروب التجارية والاقتصادية

الاقتصاد العالمي يشهد توترات وأزمات جديدة تفرضها رسوم ترامب الجمركية المجنونة، التي تنذر بحروب تجارية واقتصادية تضر بالاستقرار والأمن العالمي، وتؤثر على دول العالم وتنعكس بالطبع على الاقتصادات العربية التي تعتمد على الواردات والمنتجات الأجنبية بصورة شبه كاملة، وكانت تصريحات ترامب منذ أن تسلم الحكم بأنه سيفرض رسوما جمركية على الواردات من الخارج تشمل الصين وكندا والمكسيك والصين. وأثار ذلك عدة ردود دولية منددة، بعد أن دخلت حيز التنفيذ وفرض رسوم جمركية نسبتها 10% على الواردات الصينية. ولذلك بدأت بعض الدول في الرد على تهديدات الرئيس الأمريكي في فرض حزم من الإجراءات في مواجهة ذلك. والبداية كانت من الصين أكبر دول العالم تصديرا لمختلف الصناعات المتطورة تكنولوجيا والتي غزت بها حتى السوق الأمريكي أكبر المنافسين في الأسواق العالمية، حيث أعلنت أنها ستفرض رسوما بنسبة 10% على وارداتها من النفط الخام والآلات الزراعية والمركبات الكبيرة والشاحنات الصغيرة من الولايات المتحدة. وقالت إنها ستطعن على الرسوم الجمركية الأمريكية أمام منظمة التجارة العالمية وستتخذ تدابير مضادة أخرى، لكنها تركت الباب مفتوحا للمحادثات. وهي بداية للتوترات التجارية العالمية بعد أن بدأ بالفعل تنفيذ الإجراءات الحمائية التي فرضها ترامب على الواردات الصينية أكبر المصدرين للسوق الأمريكي. وبالطبع سوف ترتفع أسعار المنتجات والصادرات الصينية في أسواق العالم، ليبدأ سيناريو الأزمات الاقتصادية مما يربك سلاسل التوريد العالمية ويلحق الضرر بالاقتصاد العالمي بنسب متفاوتة وأكثرها تضررا الاقتصادات الصغيرة أو الضعيفة. ولذلك توقعت الشركات الاستشارية العالمية أن الإجراءات الانتقامية المحتملة من قبل بكين وبروكسل، قد تكلف اقتصاد الاتحاد الأوروبي 533 مليار دولار حتى 2029، وتكلف الولايات المتحدة 749 مليار دولار، ثم الصين 827 مليار دولار. في حين هدد الاتحاد الأوروبي برد حاسم إذا فرضت أمريكا رسوما على الاتحاد، وكان ترامب قد أعلن أنه سيفرض رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي في «وقت قريب» بدون أن يحدد التاريخ، بدون أن يدري أو يعبأ من التبعات ومن تحذير الخبراء من أن زيادة الجمارك سوف يعاني منها الشعب الأمريكي نفسه الذي سيواجه بالتالي ارتفاع أسعار السلع المستوردة، بالإضافة إلى أنه من الصعب التنبؤ بكيفية تأثير التعريفات الجمركية على العرض والطلب في أسواق النفط وتأثير ذلك على المستهلكين حتى الأمريكيين». وقد أثارت هذ التصريحات القلق والمخاوف في أوروبا من تحركات مشابهة، باعتبار أن السياسات الحمائية مقدمة لبيئة دولية محفزة للاتجاه لحرب عالمية ثالثة. وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي سيرد بحزم على الولايات المتحدة في حال فرضت إدارة ترامب رسوما جمركية إضافية على دوله. وقالت فون دير لاين: إن الاتحاد مستعد لحوار قوي وبنّاء مع الولايات المتحدة، لكنه في الوقت ذاته يدرك التحديات المحتملة في العلاقات مع واشنطن ومستعد لها. واعتبرت أن قرار إدارة ترامب فرض رسوم جمركية جديدة خطوة يزيد تكاليف التشغيل، ويضر بالعمال والمستهلكين، ويتسبب في أضرار غير ضرورية للاقتصادات، كما يؤدي إلى ارتفاع التضخم. بالإضافة إلى الآثار السلبية على قواعد المنافسة وعلى تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر. وعلى المشروعات التنموية المحلية التي تتعثر أو تتوقف في الكثير من الدول حيث تلعب الصادرات الخارجية وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر دورا رئيسا في استدامة النمو الاقتصادي في هذه الاقتصادات، التي تتعرض لاتجاه معاكس في حركة رؤوس الأموال والاستثمارات، إذا تم سحب رؤوس الأموال والاستثمارات وإعادة توجيهها إلى الاقتصادات المنافسة الأكثر قوة ونموا واستقرارا. وتعرض الدول الصغيرة لموجات من تيارات من العنف والإرهاب والتقلبات الاجتماعية والسياسية اذا لم يتم التراجع عن مثل هذه السياسات الاقتصادية الحمائية الأمريكية. وأن إثارة ترامب عملية طرد العمال المهاجرين غير النظاميين على نطاق واسع من أمريكا، من شأنه أن يفاقم مشكلة نقص العمالة في الولايات المتحدة. وقد تؤثر على 8.3 مليون عامل غير مصرح لهم. وأن ذلك يؤدي إلى تراجع النمو ويرفع معدل التضخم ليس في الولايات المتحدة فقط بل وفي أوروبا والصين أيضا، إذا استمر التخبط في السياسات الأمريكية الخارجية والقرارات والإجراءات غير المتوقعة.

831

| 11 فبراير 2025

لا نقول لترامب آمين..

إذا قال ترامب.. هل يقول له العالم آمين ؟.. وهم مكتوفو الأيدي عاجزون حتى عن الرفض باللسان لطرحه تهجير الفلسطينيين وكأنهم ُصُم عُمي بُكم لا ينطقون للوقوف ضد الظلم والتصدي للطغيان، وعودة الاستعمار القديم،ولذلك نطلب من المجتمع الدولي أن يكون منصفا لقواعد العدالة وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والإنساني، ويعمل جادا على تهجير الإسرائيليين من فلسطين المغتصبة إلى موطنهم الأصلي والذي لا زال موجودا حتى الآن في «بيروبيجان» وهي مقاطعة يهودية في شرق روسيا وأول أرض تجـمّع فيـها اليهود مـن جميع أنحاء العالم في عـام 1928م، أي قبل إعلان قيام دولة إسرائيل بـحوالي 20 عامًا، وعلى ضمير العالم المتقدم والمتحضر أن يصحو لتصحيح الوضع وعودة الحق لأصحابه، لأنه منذ وعد بلفور في عام 1917 الذي « أعطى من لا يملك حقا لمن لا يستحق أو يملك «ومنذ هذا التاريخ ومشاكل العرب في العصر الحديث بدأت مع اغتصاب اليهود للأرض العربية في فلسطين وبعد أن زرعتها إنجلترا بإعطائها هذا الوعد وبداية عمليات التهجير للفلسطينيين والاستيطان للإسرائيليين منذ نكبة 1948 وأن ما يُعيده الآن الرئيس الأمريكي ترامب يرسخ لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين كخيار في الخطاب السياسي الغربي- الأمريكي، الأمر الذي يمنح إسرائيل غطاء دوليا،، ليفرض واقعا جديدا على الأرض. ويمثل امتدادا للفكر الاستيطاني الاستعماري القديم الذي يمهد للهيمنة الصهيونية الأمريكية على خريطة منطقة الشرق الأوسط الجديد وتحقيق المصالح الأمريكية في مواجهة المد الصيني وإحياء طريق الحرير، والسيطرة على حقول النفط والغاز، ثم التواجد العسكري الأمريكي على سواحل غزة وموقعها الاستراتيجي في البحر المتوسط من خلال احتلال فلسطين وأراضيها وتفريغها من سكانها الأصليين، لتصفية قضيتهم، بدلاً من اللجوء إلى التسوية العادلة التي تُرضي الطرفين. وهذا يفسر أسباب ما يطرحه الرئيس ترامب الآن استكمالا لسيناريو تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، ليؤكد التوجه الصهيوني منذ المؤتمر الأول للمنظمة الصهيونية، الذي عقد بزعامة تيودور هرتزل في مدينة بازل بسويسرا في عام1897. ليطلب من أغنياء اليهود المساعدة في تمويل مشروع إقامة وطن قومي لليهود ويكون إما في فلسطين، أو الأرجنتين، أو أوغندا وهذا يؤكد عدم وجود استحقاقات تاريخية لليهود في فلسطين كما يدعون، لأنها كانت مجرد مقترح ضمن بدائل في دول أخرى، على الرغم من وجود الموطن الأصلي لليهود، ووصل الأمر الآن إلى أن المغتصب الإسرائيلي هو المتحكم والمسيطر على الأرض الفلسطينية ويعمل وبإصرار على تهجير وطرد أصحاب الأرض وأصبح هو المالك والمتصرف الأوحد وأن أصحاب الأرض يعيشون في التيه والضياع وفي حالة رد الفعل، ولا يقبل المُغتصب حتى بحل الدولتين الذي يتمناه العرب وارتضوا به لحل القضية الفلسطينية وفقا لمبادرة السلام العربية، وإن كان في الواقع هو تنازل من العرب ومن الفلسطينيين عن جزء من أرضهم، ومع ذلك والغريب أن الدول العربية برغم الإمكانيات المادية والبشرية لا زالوا في مدرجات المتفرجين، منذ عام 1948، في ظل الصمت المهين للمجتمع الدولي والعنصرية وازدواجية التعاملات في مواقفهم تجاه القضية الفلسطينية،على عكس مساعداتهم غير المحدودة المعنوية والمادية والعسكرية والإعلامية لإسرائيل وفي المنظمات والمحافل الدولية، مع أن المُغتصب الإسرائيلي يُعربد ويُدمر ويٌقتل ويُشرد أصحاب الأرض بحماية ومساندة أمريكا والدول الغربية المنحازة لهم، والتي تكيل بكيلين بعد أن فقدت بصيرتها الإنسانية والأخلاقية، ولم تفرق بين الضحية والجلاد، وجيشت غواصاتها ومدمراتها وحاملات طائراتها وقواعدها العسكرية الرابضة والمتمركزة للأسف في معظم دولنا العربية، للمساندة في تصفية الفلسطينيين من خلال ثلاثة خيارات فرضت عليهم لا مفر منها وهي «الهجرة أو الموت أو الدمار الشامل باستخدام الأسلحة النووية لإبادة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهذه الخيارات مفروضة على العرب بكل أسف وأسى، وهى من خطوات التنفيذ الدقيق لقرارات المؤتمر الصهيوني الأول بقيادة المفكر اليهودي تيودور هرتزل، والتي نصت على أن «هدف الصهيونية هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ومن النيل إلى الفرات « وهذه الأهداف معلنة ومعروفة للجميع ومع ذلك لم يستعد لها العرب حتى جاءت هزيمة الجيش المصري وكسر شوكة جمال عبد الناصر والإعلان عن نكسة 1976 وبعدها تم القضاء على صدام حسين وتسريح الجيش العراقي بمباركة البعض ثم حرب غزة وتدميرها وهدم بنيتها الأساسية تماما وجعلها غير صالحة للحياة، ولتصبح طاردة لأهلها لعدم قدرتهم على العيش فيها، تمهيدا لنشر المستوطنات والاستيلاء عليها، بعد تأمين الحدود مع لبنان بتصفية حزب الله، ليصبح المشهد أكثر مأساوية بعد القضاء بسهولة وبدون مقاومة على الجيش السوري، لتصبح الأرض ممهدة لتحقيق هدف «من النيل إلى الفرات «، لذلك علينا أن ننتبه إلى ذلك وألا تقف مصر بمفردها ومعها الأردن - إذا صمدت - ضد التهجير ومخطط تصفية القضية الفلسطينية وصفقة القرن، وأن تتحرك جامعة الدول العربية طبقا لمفهوم أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم وأن نكون فاعلين ومؤثرين في المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل حتى تتحول إلى مفعول به وتنشغل بالدفاع عن نفسها وعن وجودها غير الشرعي وغير القانوني، ومن ثم علينا أن نخطط من الآن وفق استراتيجية عربية جديدة واضحة تضعها جامعة الدول العربية لطرحها على الرأي العام الدولي وتتبنى من خلالها رفع دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الوجود الإسرائيلي على أرض فلسطين خاصة أنها لم تلتزم بتنفيذ كل القرارات التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المرتبطة بالقضية الفلسطينية وأصحاب الأرض الأصليين، وذلك بالتنسيق مع مؤتمر منظمة الدول الإسلامية، على أن تلتزم بها الدول الإسلامية والعربية للعمل على نشر فكر وثقافة تهجير الإسرائيليين إلى موطنهم الأصلي.

684

| 07 فبراير 2025

مجموعة بيركس... هل تنجح في مواجهة التكتلات الاقتصادية؟

بيركس تكتل اقتصادي عالمي جديد تأسس في عام 2006، من 5 دول تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي روسيا والهند والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا. وكلمة "بيركس " (BRICS) بالإنجليزية عبارة عن اختصار يضم الحروف الأولى لأسماء هذه الدول، أصبحت مجموعة بيركس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظرا لأرقام النمو المتصاعدة، بعد أن حققت دول هذا التكتل أعلى نمو مع توالي السنوات، مما جعلها محط اهتمام الكثير من الدول، التي ترغب في الانضمام إليها فهل ينجح هذا التكتل الجديد في مواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية الأقدم منها والأكبر لأن هذا هو التحدي؟ وقد أعلن الرؤساء الذين أسسوا هذا التكتل الاقتصادي العالمي أنه من شأنه أن يكسر هيمنة الغرب وينهي نظام القطب الأوحد الذي تتزعمه أمريكا، وذلك من خلال التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي وإصلاح المؤسسات المالية، وكذلك مناقشة الكيفية التي يمكن بها أعضاء بيركس أن يتعاونوا فيما بينهم على نحو أفضل في المستقبل، حيث توقع الخبراء أن هذه الدول ستهيمن مجتمعة على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050 بعد أن تقر عملتها الموحدة الجديدة في مواجهة الدولار، بعد أن وصلت مساهمة مجموعة بيركس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5 %، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع الكبرى عند 30.7 %، بالإضافة إلى أن بيركس تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات الاقتصادية والسياسية والأمنية عبر تعزيز الأمن والسلام على مستوى العالم والتعاون الاقتصادي بين دول المجموعة، ولا شك أنها إذا نجحت في ذلك، فإنها سوف تخلق نظاما اقتصاديا عالميا ثنائي القطبية، قادر على كسر هيمنة الغرب بزعامة أمريكا خلال العقود القادمة، ومن هنا فإن اجتماعات قمة بيركس في روسيا تتجه إليها أنظار العالم، سوف تلعب دورا أساسيا لبداية حقبة جديدة في مواجهة هيمنة الدولار على كل المعاملات التجارية في العالم، حيث توجد مقترحات روسية لإجراء تعديلات على نظام المدفوعات عبر الحدود بين مجموعة "BRICS".. وإنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع الأساسية مثل النفط والغاز الطبيعي والحبوب والذهب، خاصة أن القمة تأتي وسط مناخ سياسي واقتصادي عالمي غاية في التعقيد، وتسعى روسيا لحماية اقتصادها من العقوبات القاسية المفروضة عليها، لذلك تقترح بناء شبكة من البنوك التجارية يمكنها إجراء المعاملات بالعملات المحلية للدول الأعضاء ضمن التحالف، بالإضافة إلى إنشاء روابط مباشرة بين البنوك، بما يساعد على التخلص من هيمنة الدولار، إما من خلال إصدار عملة موحدة لدول التجمع، يمكن الاعتماد عليها في حركة التجارة أو الاعتماد على العملات المحلية للدول الأعضاء، حيث يُؤيد البعض الأخذ بالنظام متعدد العملات الذي يحمي المشاركين فيه من أي ضغوط خارجية مثل العقوبات العابرة للحدود التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على روسيا، إلى جانب استخدام نموذج التسوية بتكنولوجيا السجلات الموزعة للقضاء على مخاطر الائتمان المرتبطة بالنظام المصرفي التقليدي، ويمكن لتكنولوجيا السجلات الموزعة أيضاً تقليل أوقات المعالجة والتكاليف، بحيث يخلو من الكيانات الوسيطة وعدم الامتثال لبعض القوانين، ما سيوفر لدول "بيركس" ما يصل إلى 15 مليار دولار سنوياً إذا استخدمت نصف إجمالي هذه المعاملات عبر الحدود، وإن كانت هذه المقترحات الروسية لا تفيد الكثير من الدول الأعضاء، التي لم تتعرض أو تواجه آثار العقوبات الواقعة على روسيا، ولذلك قد تواجه القمة بعض التحديات في رغبة بعض الأعضاء في عدم رفض التعامل بالدولار، وإنما تسعى لإتمام التبادل التجاري بالعملات المحلية في بعض الأحيان لذلك تحتاج المجموعة للتوافق حتى تتمكن من اتخاذ خطوات جادة نحو وجود عملة موحدة لدول بيركس، بالإضافة إلى تباين وجهات النظر حول الحيادية على الساحة السياسية، أو تحوّل المجموعة إلى مجموعة اقتصادية - سياسية تواجه هيمنة الغرب، بعد النجاح في تأسيس بنك جديد للتنمية الذي تأسس عام 2015 برأسمال قدره 50 مليار دولار، بهدف توفير تمويل أسرع من البنك الدولي، ودون فرض شروط صارمة، وقد استثمر بنك التنمية حتى الآن 33 مليار دولار في 96 مشروعاً داخل بلدان المجموعة، ولكن يحتاج البنك إلى أن يتوسع في التمويلات أسوة بالبنك الدولي وصندوق النقد حتى يحمي الأعضاء من قيود هذه المؤسسات الدولية التي يغلب على أهدافها المصالح السياسية لدول الغرب، ومن هنا نأمل من قمة بيركس عدم الخوض في الصراعات الجيوسياسية حتى تنفذ خططها التنموية للرقي بشعوبها، إلا إذا ما فُرض عليها ذلك للدفاع عن مصالح أعضائها، الأمر الذي يحتم عليها أن تصبح ندا قويا للتكتلات الاقتصادية والسياسية العالمية، وأن تعزز دورها كقوة إقليمية مؤثرة. mohmedosman@yahoo.com

492

| 02 نوفمبر 2024

الفجوة المهاراتية.. في الأسواق العربية

أسواق العمل العربية تعاني من فجوة مهاراتية شديدة تؤثر على القطاع الخاص، الذي يواجه العديد من التحديات المحلية والعالمية، التي نتجت عن الأزمات الاقتصادية والمنافسة التجارية العالمية، الذي يئن من ضغوط الباحثين عن عمل والمسرحين من الخدمة، والداخلين الجدد لسوق العمل في ظل استمرار ضغوط الحكومات على شركات القطاع الخاص بفرض عمليات التوظيف من الأيدي العاملة المحلية اعتمادا على فلسفة الكم على حساب الكيف، التي تنعكس على الإنتاج والإنتاجية بشكل مباشر. في الوقت الذي أصبحت فيه الحكومات عاجزة بشكل شبه تام عن التوظيف في المؤسسات الحكومية والقطاع العام، وفي المقابل نجد عزوف الشركات عن الاستعانة بالأيدي العاملة الوطنية وإن كانت ذات خبرات ومهارات محدودة أو بسيطة بزعم أنها ستحمله تكاليف فوق طاقته وقدراته المالية، بدون أن يدرك النتائج السلبية لذلك على المدى الطويل، من زيادة تكدس أعداد الباحثين عن العمل وتراكم أعدادهم سنويا، لتتفاقم المشكلة وتزداد تعقيدا لأنهم بدون خبرات أو مهارات تمكنهم من تغطية الاحتياجات العصرية للسوق، وسوف تتفاقم ازمة الفجوة المهاراتية إذا لم تنتبه الحكومات لهذه الإشكالية مبكرا وتعمل على معالجتها بأسلوب علمي منظم، من خلال المناهج الدراسية ومراكز التدريب المتقدمة وتغيير ثقافة العمل بين الشباب وأسرهم وبين كل فئات المجتمع، من خلال وسائل الإعلام والفنون والدراما وجمعيات المجتمع المدني ووسائل التواصل الاجتماعي الهادفة، لأنه إذا لم يبذل القطاع الخاص جهدا في عمليات تدريب الشباب حديث التخرج، لإعدادهم لسوق لعمل وفق المستجدات التكنولوجية والتقنية الحديثة، من خلال التدريب على رأس العمل، وإنشاء مدارس التلمذة الصناعية، التي تمد شركات القطاع الخاص باحتياجاتها من الأيدي العاملة المدربة عمليا على الإنتاج، والاستفادة منها في خلق قاعدة عربية من العمالة الماهرة التي يشجع توافرها وبأسعار رخيصة على جذب المستثمر الأجنبي،وسد الفجوة القائمة، لأنها إشكالية كبرى لم تلتفت إليها إدارة القطاع الخاص كثيرا لأنها ببساطة تُفاقم من تراكم حجم العمال غير المدربين والذين يفتقدون الخبرة والمهارة، ومن ثم تزداد كثافة العمالة غير المنتجة في الشركات مع زيادة تكلفتهم الاقتصادية وزيادة خسائر الشركات، وما ينتج عن ذلك من عدم قدرة القطاع الخاص على الصمود وعلى الاستمرار بقوة وثبات، وزيادة كفاءة الاقتصاد، والنهوض بالقدرة التنافسية للشركات محليا وإقليميا. لذلك نشهد يوميا المزيد من الشركات المتعثرة أو التي تعلن الإفلاس، وتفضل الخروج من السوق بأقل الخسائر، مخلفة عمالة مُسرحة، تضاف إلى الأيدي العاملة العاطلة وإلى جحافل الخريجين الداخلين الجدد في سوق العمل سنويا، ومن ثم تتراكم البطالة عاما بعد آخر، مما يدعونا للتساؤل والقلق عن مستقبل مخرجات التعليم في السنوات القادمة، وهل هي قادرة على تغطية احتياجات ومتطلبات المستثمرين وقطاع الأعمال، وهل الدول قادرة على توفير الوظائف وفرص العمل المناسبة لهؤلاء في المدى الطويل؟ أم إنهم سوف يمثلون أعباء إضافية على الحكومات وأسواق العمل؟ وهذه هي المعادلة الصعبة ومتعددة الأطراف، لأن لها تأثيرات على التنمية الاقتصادية وفي خلق وتوليد الوظائف الجديدة القادرة على أن تحدث تغيرا كبيرا في ديناميكية الأسواق وأنشطة شركات القطاع الخاص، وحقها في الحصول على الأيد العاملة المنتجة التي تتمتع بالمهارات الفنية، خاصة أنه قد لا يتمكن البعض من سرعة إصلاح مناهج التعليم وفنيات التدريب وتنمية رأس المال البشرى بشكل عام، مع النقص في الموارد والمخصصات المالية المخصصة لإعادة التأهيل أو إعادة التدريب الجيد، الذي يمكنهم من الحصول على فرصة عمل حقيقية ومناسبة لخبراتهم وطموحاتهم من خلال المنافسة الشريفة مع الأيدي العاملة الأجنبية، خاصة مع عجز الحكومات عن إيجاد فرص العمل الجديدة، مما يلقي بالجزء الأكبر من المسؤولية وتبعاتها على القطاع الخاص. مع وجود حق لشركات القطاع الخاص في الحصول على الأيد العاملة المنتجة والمدربة والماهرة، والمساعدة في تخفيف الأعباء وكذلك حق الباحثين عن عمل في الإعداد والتدريب الجيد الذي يمكنهم من الحصول على فرصة عمل حقيقية ومناسبة لخبراتهم وطموحاتهم من خلال المنافسة الشريفة مع الأيدي العاملة الأجنبية، خاصة مع عجز الحكومات عن إيجاد فرص العمل الجديدة، مما يلقي بالجزء الأكبر من المسؤولية وتبعاتها على القطاع الخاص، إلا أنه يقع على الشباب أيضا مسؤولية الإقدام على التدريب وكسب المهارات والتي تلبي احتياجاته وتتواكب في الوقت ذاته مع التقدم والتطور التكنولوجي المتلاحق، والذي يتدفق علينا من الدول المتقدمة بدون حول لنا ولا قوة، والمسؤول عن ذلك عدة أطراف ولا أكون متجنيا إذا قلت بأن العامل هو أول المسؤولين عن ذلك لأنه لم يجد أو يجتهد في تطوير مهاراته ومعارفه، حتى يتكمن من المنافسة مع الآخرين في أسواق العمل المفتوحة وفق آليات السوق.

447

| 09 أكتوبر 2024

الدور الغائب للبنوك.. في التحفيز الاقتصادي

الاقتصادات القوية تتميز بوجود شبكة من البنوك ومؤسسات التمويل الناجحة، لأن لها دوراً حيوياً في دعم وتعزيز الاقتصاد وتحفيز النمو الاقتصادي. فهي ليست مجرد مراكز لتبادل الأموال وتوفير الخدمات المالية، بل هي عماد النظام المالي الذي يعزز الاستثمار والتنمية الاقتصادية إلى جانب توفير الائتمان المصرفي وحشد موارد المجتمع للتنمية، حيث تلعب البنوك دور الوساطة بين المدخرين والمستثمرين، باعتبار أن الدور التنموي للبنوك قائم على الادخار والاستثمار. ويفشل النظام البنكي إذا أعتبر أن مهمة البنوك تنحصر في تبادل ونقل وحفظ الأموال وتوفير الخدمات المالية مهما كانت، وكذلك البنوك من العناصر الأساسية لتوفير التمويل للشركات والأفراد. مما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحفيز الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية. كما تؤدي البنوك دورًا فاعلا في تحقيق الاستقرار المالي عن طريق الأدوات والمنتجات المالية التي تُسهل إدارة المخاطر وتحمي من تقلبات الأسواق المالية، بالإضافة إلى مساهمة البنوك في تحقيق الشمول المالي وتمكين الفرد العادي من الوصول إلى الخدمات المالية واستخدامها بشكل مستدام وسهل، وهذا لا يلغي هدف البنوك في الحصول على الأرباح والمكاسب والحفاظ على حقوق المساهمين ولا شك أن ذلك يتطلب وجود قيادات مصرفية على مستوى المسؤولية وتتمتع بخبرات وبقدرات فنية وإدارية، قادرة على التعامل والتفاعل الإيجابي مع التكتلات الاقتصادية العملاقة والاستفادة منها، بما يمكنها من الحفاظ أولا على وجودها في السوق المصرفية وثانيا تعزيز قدرتها على المنافسة، وتبني تمويل المشروعات التنموية الوطنية العملاقة، التي تعد عصب الاقتصاد لأن للبنوك دورا في تمويل الاستثمارات، وإدارة الأموال، حتى بعد أن اهتزت كثيرا بعض البنوك العريقة أثناء وبعد جائحة كورونا وتوابعها من ركود وتباطؤ أدى إلى تعثر مئات الشركات وتسريح آلاف العمال. وهنا نجد الدور الغائب للبنوك التجارية في التمويل وفي تنشيط الحياة الاقتصادية ومساعدة الشركات المتعثرة التي أصبحت مؤشرا على الفساد أو سوء الإدارة أو كليهما. بعد أن أصبح اهتمامها الأكبر بالأعمال العادية التقليدية المتمثلة في قبول الودائع ومنح القروض وبرامج المسؤولية الاجتماعية إذا وجدت، ثم التوجه للاستثمارات الخارجية على الرغم من المخاطر، ولا سيما عند حدوث الأزمات الاقتصادية، ولذلك يمكن القول بأن البنوك التجارية في الدول النامية وإن كانت تحتفظ بالكثير من الأموال والودائع ما زالت ضعيفة الأداء وتحتاج إلى مجهود كبير لتطوير أدائها، إذا كانت لديها الرغبة في المنافسة لمواجهة البنوك العالمية في ظل استراتيجيات قطاع البنوك لتتواكب مع المستجدات والمتغيرات التي تفرضها ظاهرة العولمة لأن هناك ضرورة حتمية لمساهمة البنوك في توفير السيولة للمشروعات الصناعية العملاقة والاستثمارات الوطنية، والقيام بكفاءة بتعبئة المدخرات وتوفير الأوعية الادخارية وأدوات الاستثمار المالي، وهذا يفرض على البنوك ضرورة تدعيم وتطوير مراكز البحث العلمي لديها بهدف توفير بيانات ومعلومات ودراسات جدوى حول المشروعات الأكثر ربحية للبنوك او المستثمرين، لتساعد إدارة البنوك التجارية على اتخاذ قراراتها من جهة، وتساعد العملاء والمستثمرين في قراراتهم، والاستفادة من ذلك في خلق صناعات وطنية تلبي احتياجات السوق والمجتمع، وقادرة على المنافسة لتحل محل نظيراتها المستوردة، وتحقق الاكتفاء الذاتي، وتوجيه الفائض للتصدير، وكلها تصب في صالح الاقتصاد الوطني على المدى الطويل، ومن هنا نجد القصور في أداء البنوك التجارية في تمويل عمليات التصدير للخارج من خلال التوسع في الائتمان قصير الأجل، وكذلك في تشجيع التحول التكنولوجي وتوطين الصناعات الحديثة لتواكب التحولات الاقتصادية واحتياجات العملاء والمستثمرين، وكذلك نجد نقص التحفيز من قبل البنوك التجارية في عدم تشجيع وإنشاء الشركات المساهمة التي تسمح للمُدخر الصغير في الاكتتاب على الأسهم، وكذلك في عدم التركيز على تحفيز الاستثمارات ذات الأولوية نظرا لأهميتها في زيادة التكوين الرأسمالي للاقتصاد الذي يؤدي إلى زيادة الطاقة الإنتاجية من خلال المشروعات المدرجة في الخطط العامة للتنمية، والحماية من الآثار السلبية لعدم التخصص في الإنتاج، ومن ثم تدني إنتاجية العامل وانعكاسها على دخل السكان، وذلك لمواجهة الصعوبات التي تعترض الاستثمار خاصة في البلدان النامية، التي تعاني من ضعف الطلب الفعال وضعف القوة الشرائية للمستهلكين في الأسواق الصغيرة، كما أن البنوك التجارية يمكنها الاستفادة من ذلك لزيادة مكاسبها وإيجاد بدائل لزيادة الأرباح بعد إعلان الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة مؤخرا، وهذا يتطلب مرونة السياسات النقدية وتنوعها من البنوك المركزية في تخفيض الاحتياطي القانوني حتى لا تتقلص السيولة النقدية لدى البنوك التجارية بما يعوق قدرتها على الإقراض وحتى تتمكن من تأدية دورها التنموي، لأن نقص السيولة والركود وجهان لعملة واحدة.

612

| 25 سبتمبر 2024

الشركات المتعثرة.. بين تسريح العمال والركود

ارتفعت في السنوات الفائتة أعداد الشركات العالمية المتعثرة على مستوى العالم بنحو 25 %. عما كانت عليه منذ عشر سنوات وصاحبتها موجة تسريح العمال وهي من مؤشرات الركود الاقتصادي، لأن هذا التعثر لا يأتي من فراغ لأنه دليل مُقلق على تعثر الشركات العملاقة وأيضا الدول خاصة الناشئة التي تعثرت أيضا في سداد ديونها، ولم تسلم الدول العربية من ذلك، وسيما التي فشلت في ضخ الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، وفي استثمار الرأس المال البشري، لبناء القدرة على التكيف مع المتطلبات المحلية والمتغيرات العالمية، وأصبحت تعاني من ضعف النمو الاقتصادي وتواجه الإفلاس والتعثر، إذا لم تحصل على مساعدات خارجية، إلى جانب الدعم الدولي من المؤسسات المالية الدولية بكل ما عليها من تحفظات، وسُمعة سيئة تجاه الدول الفقيرة المُقترضة، والتي تشكو من نقص السيولة والتمويل نتيجة للتدخل في سياستها المالية التي تؤثر على حياة المواطنين ومستوى معيشتهم، وما يتبعها من تذمر أو احتقان شعبي، حيث تشير التوقعات لاستمرار عمليات التعثر وتسريح الموظفين، مع زيادة استحقاقات الديون والعجز عن السداد الذي تفاقم منذ جائحة كورونا ومشكلات سلاسل الإمداد مع بداية حرب روسيا وأوكرانيا، والذي صاحبه أسعار الفائدة المرتفعة على الاقتراض، والتي بلغت معدلات قياسية في ظل تراجع احتياطيات العملات الأجنبية وانهيار العملات المحلية، وهي مخاطر تحذر من حدوث أزمة ديون على الدول الناشئة ضعيفة الدخل، بعد ارتفاع تكاليف خدمة الدين التي تفوق الإنفاق على الأنشطة الاقتصادية الأساسية، التي نتج عنها انتشار حمى تسريح العمال حتى من الشركات الكبرى، كمؤشر إلى الركود القائم والقادم، وسط مؤشرات باستمرار هذا المنحى خلال المرحلة المقبلة، لأسباب منها سوء الإدارة وضعف التخطيط وزيادة الخسائر وتراجع الأرباح وآثار التباطؤ الاقتصادي أو التوجه نحو التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وإعادة هيكلة الوظائف، أو كل هذه الأسباب مجتمعة، وهذا يتطلب سرعة وضع الحلول لإنقاذ الشركات المتعثرة، ومراجعة الإنفاق، وزيادة جرعات التدريب واستبعاد المنتجات الخاسرة ومعالجة الفساد الإداري والمالي، وإعادة التوازن لأنشطتها لحماية كيانها الاقتصادي وقدرتها التنافسية وللمحافظة على حقوق العمال، وإن كانت الدول المتقدمة أيضا لم تنج من موجة هذه المخاطر، فقد تصدرت أمريكا قائمة الشركات المتعثرة عن سداد ديونها في 2024، التي بلغت نحو 7.1 مليار دولار، وبنسبة 85% من إجمالي قيمة الفشل في سداد الديون على مستوى العالم، كما تعاني الاقتصاديات الأوروبية القوية من زيادة الشركات المتعثرة حتى ألمانيا أعلنت مؤخرا عن إفلاس 1400 شركة، وتشير التقارير أنه من المتوقع أن تصل الشركات الألمانية المتعثرة هذا العام إلى 20 ألف شركة، فيما أعلنت 3300 شركة نمساوية الإفلاس للمرة الأولى منذ 15عاما، وفي بريطانيا تواجه 47 ألف شركة مخاطر الإفلاس وفي كندا تم تسجيل إفلاس 400 شركة يوميا بداية من النصف الثاني من العام الجاري. كما توجد 10 آلاف شركة يابانية مهددة بالإفلاس، وتشمل لائحة الدول التي في دائرة الخطر إثيوبيا وباكستان وغانا وكينيا وبلاروسيا ونيجيريا، ومصر التي بلغت ديونها الخارجية نحو 160 مليار دولار تستحق على مدى السنوات الخمس المقبلة، وكذلك تواجه تونس خطر التعثر بعد عجز الميزانية الذي بلغ نحو 10%، بخلاف المخاطر التي تمر بها فلسطين ولبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن، في ظل الأوضاع الجيوسياسية والصراعات الإقليمية المتصاعدة في المنطقة والنزيف الاقتصادي المستمر، وزيادة نفقات الحرب والتسليح التي تؤثر على الموارد المالية وحجم الاحتياطي النقدي لدول المنطقة، وانعكاس ذلك أيضا على تكاليف الإنتاج والشحن والتأمين، وكلها تقود الاقتصاد إلى البطء والركود، لأن شركات القطاع الخاص المتعثرة التي فشلت في المحافظة على وضعها المالي أو الوفاء بالتزاماتها لدى الآخرين محليا وخارجيا، زادت بشكل ملحوظ، فيما لم تبذل الحكومات جهدا للتصدي لهذه الظاهرة قبل تفاقمها؛ لأن بعض الشركات يمكن تقويمها، فقد تحتاج إلى التخلص من الإدارات غير المؤهلة التي تفتقر إلى الكفاءة الإدارية والفنية، ثم الترشيد وتحديد الأولويات، وتكثيف التدريب وتحسين الإنتاج والإنتاجية، والتركيز على المنتج القادر على المنافسة، مع استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، لاستعادة القدرة على سداد الديون والوفاء بالالتزامات قبل المجتمع وتجاه الآخرين.

1110

| 10 سبتمبر 2024

القطاع الخاص الناشئ.. وخطط التنمية

الاقتصادات الناشئة تعاني من أثر الضغوط التي تتولد من الأزمات الاقتصادية المتتالية، التي تفرض أنماطا جديدة من التفكير الذي يؤثر على مخرجات القرارات التي قد تتسم بالتسرع أو العشوائية والقرارات غير المدروسة التي يحسبها البعض إيجابية وهى تضر - بدون وعي - بجوانب اقتصادية أخرى خاصة إذا كانت متعلقة بإلغاء أو تعديل التشريعات والقوانين أو فرض ضرائب ورسوم، وتلك هي السمة التي تلازم رجال الإدارة غير المتمرسين ومن غير المتخصصين الذين يتصدرون الآن المشهد في القطاع الخاص الذي يعاني من تراجع النمو بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي واحتكار القطاع العام للأنشطة الفاعلة والمؤثرة في المجالات الاقتصادية الأمر الذي يخلق نوعا من المنافسة غير العادلة، في ظل تناقص الاستثمارات الأجنبية وتقليص النفقات الحكومية، التي تؤثر على السياسات المالية، لذلك افتقد القطاع الخاص للمبادرات التي تعظم من دوره في تنمية المجتمع في إطار الاستراتيجيات الوطنية، لمواجهة مشاكل البطالة وتعطُل القوى البشرية وزيادة أعداد الشركات المتعثرة وتراجع الإنتاج وما ينتج عنه من ضعف في موارد الدولة، والعجز عن تنفيذ المشاريع الضخمة التي تستفيد منها الشركات الصغيرة والمتوسطة، لأن بعض الحكومات قد لا تعرف ماذا تريد من القطاع الخاص تحديدا، بل توجه إليه ترسانة من الإجراءات العقيمة وصنوفا من الروتين والبيروقراطية التي تٌكبل أنشطته واستثماراته، وتستسهل الاقتراض من الداخل والخارج، حتى غرقت في الديون وأعباء خدمة الدين، الأمر الذي قد يدفعها إلى الإفلاس، وعجزت بذلك عن استثمار امكانيات هذا القطاع - حتى ولو كانت محدودة - وتطويعها للانخراط ضمن خطط الدولة وبرامجها، ومساعدته وتحفيزه على ذلك، لأن الأسواق الناشئة هي المحرك الرئيس للاقتصاد العالمي وهي حقل خصب للاستثمارات الجديدة ووجهة رؤوس الأموال والشركات متعددة الجنسيات التي تبحث عن الربح، لذلك هي عنصر أساسي في خطط التنمية في القطاع الخاص الناشئ. ومن هنا تقع على عاتق الحكومات عملية التخطيط الاستراتيجي للأنشطة الاقتصادية ومحاور العمل فيها والأدوار التي ترسمها لمشاركة القطاعات المختلفة في خططها التنموية واستثماراتها طويلة الأمد، من خلال التخطيط المسبق الذي يحدد الاحتياجات والقدرات والإمكانيات طبقا للأولويات الاقتصادية، التي تحتم فتح آفاق التواصل بين رجال الأعمال والمستثمرين من الداخل أو الخارج، حتى تستطيع الاقتصادات الناشئة التفاعل الإيجابي مع المستجدات والمتغيرات الاقتصادية العالمية، لإعطاء الثقة للمستثمرين ورؤوس الأموال للمشاركة بقوة في التنمية، باعتبار أن القطاع الخاص الناشئ غير قادر على المخاطرة، أو أنه لا يتحمل نتائجها حتى يشتد عوده، خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية القائمة، والتي خلفت تبعات واسعة النطاق أضرت بالتنمية الاقتصادية وأسواق العمل، بعد تصفية الكثير من الشركات وتسريح عمالها وإعلان إفلاسها، وبالتالي تؤثر على نجاح أو فشل خطط التنمية، التي تنعكس سلبا ومباشرة على معنويات وحياة المواطنين والبسطاء، في ضوء الارتفاع المُطرد شهريا لأسعار السلع والمنتجات والخدمات وحتى المواد الغذائية الضرورية والأدوية والوقود، وخاصة عندما تُحاصر الاقتصادات الناشئة بسلسلة من الأزمات الاقتصادية والسياسية، التي بدأت مع الحرب الروسية الأوكرانية، ولم تستعد لها جيدا عبر خططها التنموية، لمواجهة الصدمات الاقتصادية غير المتوقعة التي أصابت الدول التي لم تتحوط لتوفير المدخرات والاستثمارات المحلية والموارد الكافية، وإدارتها بكفاءة ورُشد لتحسين آفاق النمو في الأمد المتوسط على الأقل، ضمن أُطر مُتعددة يمكن من خلالها تصحيح تشوهات التنفيذ الخاطئ للخطط التنموية المعتمدة، التي تأثرت منها الاقتصادات الناشئة التي لم تستعد جيدا عبر خططها التنموية لأسوأ الاحتمالات أو الصدمات الاقتصادية غير المتوقعة التي أصابت الدول التي لم تتحوط لتوفير المدخرات والاستثمارات المحلية والموارد الكافية، وإدارتها بكفاءة ورُشد لتحسين آفاق النمو في الأمد المتوسط على الأقل، ضمن أُطر متعددة يمكن من خلالها تصحيح تشوهات التنفيذ الخاطئ للخطط التنموية المعتمدة لضمان اقتصاد آمن ومزدهر، خاصة إذا استطاعت الحفاظ على احتياطات نقدية كافية لاستخدامها وقت الأزمات، وكذلك لمواجهة التحديات التكنولوجية وبرامج الذكاء الاصطناعي التي تفتح قفزات جديدة للتقدم، وظهور شريحة مستفزة من المستهلكين أصحاب الثراء الفاحش، نتيجة للخلل في إدارة الموارد وتوزيع الثروات، ولاسيما مع تفشي ضروب الفساد في الاقتصادات النامية التي تفتقر إلى الشفافية والحوكمة والمراقبة والانضباط.

519

| 04 سبتمبر 2024

السيارات الحديثة وأخطاء التصنيع.. من المسؤول؟

انتشرت منذ سنوات ظاهرة أخطاء التصنيع في السيارات حديثة الصنع وفي الموديلات الجديدة باهظة الثمن والماركات العالمية باهظة التكاليف على المستهلكين وهي عيوب مصنعية لم تكتشف إلا بعد البيع بعدة سنوات، وكان في السابق نادرا حدوثها حتى قبل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة، واليوم مع كل التقدم في عالم الصناعة تتوالى وتتكرر عمليات استدعاء المركبات لظهور أو اكتشاف عيوب مصنعية باستمرار بعد الاستخدام بفترات زمنية بسيطة، على الرغم من أن بعضها من أحدث الموديلات أو لم تجاوز العام أو العامين على تاريخ الصنع أو الاستخدام، كدليل واضح على التقصير والقصور من قبل المُصنعين والجهات ذات الصلة المعنية بالمراقبة والسماح بتصدير السيارات إلى الأسواق الخارجية لعدم اتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة لضمان توافر وسائل الأمن ومواصفات الأمان والسلامة في المنتج النهائي. فقد لا يمر يوم بدون أن تعلن الشركات العالمية الكبرى لصناعة السيارات عن استدعاء مئات بل آلاف المركبات بالمنطقة العربية نظرا لوجود عيوب تصنيعية بمخاطر متباينة، تهدد حياة المستهلكين. وفي السابق كان استدعاء السيارات أمرا نادر الحدوث، قبل أن يصبح ظاهرة في السنوات الأخيرة، الأمر يثير المخاوف التي تتعلق بسلامة المستخدمين، بعد تكرار الحوادث التي تعد الوسيلة الأساسية لاكتشاف عيوب الصنع، قبل أن تكشفها الشركات المُصنعة، حتى أصبح ذلك يمثل ظاهرة عالمية تثير قلق المستخدمين والمسؤولين عن أرواح وسلامة المستهلك، بما في ذلك المخاطر الاقتصادية لتلف المركبات أو تدميرها وهي خارج التغطية التأمينية الكاملة، وبما في ذلك من إهدار لأموال وممتلكات مستخدمي السيارات المعيبة وعلى الرغم من تحمل الشركات المصنعة تكلفة الاستدعاء، لكن ذلك يتطلب أيضا تعويض أصحاب هذه المركبات عما ينفقونه من وقت وجهد وتحمل تكلفة استخدام البدائل لأنهاء أعمالهم ومصالحهم والأضرار المباشرة أو غير المباشرة التي تلحق بهم، وإن كان البعض يرى أن هذه الاستدعاءات في صالح المستهلكين وحفاظا على أرواحهم بدلا من ترك الأخطاء التي تُودي بحياتهم وممتلكاتهم. والسؤال هو على من تقع المسؤولية؟ هل على المُصنعين أو الوكالات والمستوردين والبائعين أو المستهلكين أو على أجهزة المواصفات والمقاييس أو على أجهز ة حماية المستهلك أو أنها مسؤوليتهم جميعا؟ فهناك جوانب التقصير من قبل الجهات ذات الصلة والمعنية بالمراقبة والسماح بدخول السيارات إلى الدولة بعد اتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة في ذلك. لأن معاناة المستهلكين تكبدهم خسائر كبيرة ومبالغ طائلة لشراء السيارات، نتيجة للعيوب المصنعية التي تكتشف في السيارات من الموديلات الحديثة حتى إن بعض السيارات تم عرضها في السوق لمدة عام واحد فقط واختفت لكثرة العيوب من هذه الممارسات المعيبة التي تنوعت بين مختلف التصميمات بدون تمييز، وهو مؤشر على الفساد وعلى سوء إدارة الموارد. والغريب في الأمر هو كيف تسمح الدول المُصنعة المتقدمة في صناعة السيارات بالإهمال أو بوجود هذه العيوب أو كيف تسمح بتصديرها للخارج وهل يحدث ذلك في الصادرات إلى الأسواق العربية فقط وبالأسعار التي تحددها هذه الشركات وتهدد بذلك حياة المستهلكين الذين لا ذنب لهم إلا اقتناء هذه السيارات؟ لذلك قد تكون عمليات الاستدعاء تتعلق بالفحص وإجراء إصلاحات وقائية لتلافي مخاطر آثار التعديلات التي أدخلت على التصميمات التي لم تخضع للاختبار الكافي على أجواء البلدان المختلفة كالحرارة والبرودة والرطوبة. ولكن في النهاية لابد من تقنين هذا الوضع وتحمل وكالات بيع السيارات للخسائر والأضرار التي تلحق بالمستهلكين بسبب عيوب التصنيع وتداعياتها، حتى وإن كانت تعود إلى زيادة مميزاتها التكنولوجية التي تؤدي زيادتها إلى وجود الخلل المصنعي

1710

| 28 أغسطس 2024

المخاوف الاستثمارية.. والقرارات العشوائية

تحديات كبيرة ومخاوف كثيرة تواجه المستثمرين من القرارات العشوائية غير المدروسة التي تؤثر على معنويات السوق، خاصة إذا كانت متعلقة بالأنشطة الاقتصادية والاستثمارية وسوق العمل، لأن أي تعديل أو إلغاء أو حظر للمهن أو الوظائف أو الأنشطة ينعكس مباشرة على تدفق الاستثمارات أو خروجها أو توقفها أو تعثرها، حتى ولو كانت هذه القرارات لا تتعلق مباشرة بالاستثمار وأكثر المخاوف تكمن من الخوف من سيطرة النظم غير الديمقراطية التي قد لا تلزم بالقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية أو الاتفاقيات التجارية، وتخلق بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتشكل عائقا أساسيا في طريق التنمية، بما يضر بالاستثمار والاقتصاد، وتعوق تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وتجبر المستثمر المحلي على الانسحاب من السوق أو الهروب منه قسرا وقهرا، ويحرم الاقتصادات المحلية من عائداتها، وهي من أهم عناصر ومقومات التنمية والتقدم، لأن مخاوف المستثمر دائما من عدم استقرار القوانين والتشريعات خاصة المرتبطة بالاقتصاد والاستثمار تحسبا من فرض ضرائب أو رسوم إضافية أو إلغاء اتفاقيات أو حوافز استثمارية كانت مطبقة، حيث تتسبب في تخبُّط الأسواق واضطرابها، وهيمنة الدولة على الأنشطة الاقتصادية، وعدم حصانة القطاع الخاص ضد الفساد المالي والإداري أو استغلال النفوذ، بالإضافة إلى ما يصاحب ذلك من عدم الاستقرار السياسي والمجتمعي الذي يسبق عمليات الهروب الجماعي لرؤوس الأموال أو الخروج من البورصات، وتحويل مراكزهم المالية إلى عواصم ومناطق أخرى، والتي قد تصاحبها تصريحات متضاربة للمسؤولين لا تخلو من الأخطاء التي تُنفر المستثمرين، كما تساهم في تقلبات السوق ووقف تدفق الاستثمارات، في ظل انتشار الشائعات المغرضة في وسائل التواصل الاجتماعي غير المنضبطة، حتى وإن كانت غير صحيحة إلا أنها تُسبب لغطا كبيرا أمام مُتخذ القرار الاستثماري، الذي يجد أمامه خيارات صعبة مثل المخاطرة بأمواله في الاستثمار أو الهروب عند مقارنة العائد الاستثماري المتوقع بهذه المخاطر، وهذا من أهم ما يثير قلق ومخاوف أصحاب رؤوس الأموال وخاصة الأجانب، باعتبار أن الخوف يُعد من أخطر المشكلات التي تواجه المستثمرين في أي مكان وزمان، لأن المستثمر الخائف يفقد الثقة في قراره وفي السوق ويظل مترددا، ولا سيما أن رأس المال جبان كما يقال في الأوساط الاقتصادية، ومن هنا فإن أُولى الخطوات المحفزة للاقتصاد، التي تنعكس إيجابيا في الأوساط المالية العالمية والإقليمية، هو شعور المستثمر في الداخل والخارج بدرجات عالية من الأمان والثقة، ثم سهولة الإجراءات، بعيدا عن المركزية والروتين والبيروقراطية المتجذرة في الفكر الإداري والاقتصادي العربي، الذي نجح في السنوات الماضية في تفريغ الاقتصاد من قوته وإصابته بالهشاشة، وساعد على ذلك حالة الاضطراب الناتج عن الصراعات العربية – العربية والنزاعات الداخلية والطائفية في معظم الدول العربية وعدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة الناتج عن الوجود الإسرائيلي وتهديداته المستمرة لأمن المنطقة الذي يؤثر على الأسواق وأسعار النفط والصرف وسيولة النقد الأجنبي وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وقدرة المستثمر على تحويل الأرباح مقارنة بعائدات الاستثمار في الخارج، وكذلك زيادة عدد الشركات المتعثرة أو المتوقفة، وإهمال إنقاذها، وعجز البنوك عن التمويل طويل المدى أو القصير، وضعف القدرة الاستهلاكية للسوق وحجم المستهلكين الذي تُؤثر على الناتج القومي الإجمالي وعلى مدخلات الاقتصاد. ومن المخاوف صعوبة الحصول على الموافقات والتراخيص، التي تستنزف الكثير من الجهد والوقت والأموال وصولا للموافقات النهائية، حتى في ظل التشدق بشعارات النافذة الواحدة بما يُعطي انطباعات سيئة، وكلها تُشيع الخوف في نفوس المستثمرين، لأنها تُعد بيئة استثمارية غير مواتية بل وطاردة في الوقت ذاته، فرأس المال يبحث عن أعلى قدر من الربح، ولذلك لا يمكن المغامرة في مشروعات تتعرض إلى الخسائر والفشل في أية لحظة، أو تحكمها القوانين والتشريعات العمالية البالية والمتعارضة مع قوانين منظمتي العمل الدولية والعربية، وهي من الأمور الأساسية التي يهتم بها المستثمر الأجنبي، نظرا لارتباطها بحقوق العمال والرواتب والأجور، ومدى استقرارهم واستمرارهم على رأس العمل، كما تتركز المخاوف الاستثمارية من الافتقار للشفافية والإفصاح والرقابة الصارمة والمرنة، ونقص آليات التحكيم وفض المنازعات وبطئ إجراءات والتقاضي. وفي جانب آخر تبرز المخاوف أيضا من قصور وسطحية وسائل الإعلام غير المتخصص وبُعده عن الموضوعية وعجزه عن التصدي للفساد والبيروقراطية وعدم القدرة على شرح وتبسيط المفاهيم الاقتصادية، وتحليل عوائد الاستثمارات وما تحققه إيجابيا أو سلبيا، حتى تكون منصة يستفيد منها المستثمرون أو رجال الأعمال.

342

| 22 أغسطس 2024

القطاع الخاص.. بين الشراكة والاشتباك

القطاع الخاص قاطرة التنمية والتقدم الاقتصادي ولن نجد دولة متقدمة بدون قطاع خاص قوي ومتجدد ومبتكر يحافظ على استقلاليته في التشريع والتخطيط والتنفيذ لمشروعاته المرتبطة بالخطط التنموية العامة للدولة في ظل الشراكة الحقيقية العادلة بين الجانبين التي تحول بين توغل ومنافسة الشركات الحكومية في مشروعات القطاع الخاص أو احتكار بعض الأنشطة الأساسية ذات الربحية العالية والفاعلة والمؤثرة في المجتمع وحرمان القطاع الخاص منها، والتي تدفع الحكومات إلى فرض سلطتها وقوانينها قسرا على القطاع الخاص، بدون تشاور أو تنسيق مع ممثليه، مما يؤثر سلبا على الأداء، لأن القطاع الخاص يجب أن تكون له استقلاليته في صنع القرارات التي تحكم عمله وأنشطته المختلفة، لأنه الأقدر على تنظيمها من منطلق "أن أهل مكة أدرى بشعابها". ولا سيما أن القطاع الخاص في المنطقة العربية يساهم بنسبة كبيرة تفوق 75 % من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية والبالغ قيمته نحو 4 تريليونات دولار، وهذا لا يعني انفصاله عن السياسات العامة للدولة أو أن يكون بديلا عن الالتزام السياسي بالإصلاحات المرتبطة بإعداد البنية التحتية وفق نهج شامل لدعم بيئة متوافقة وداعمة للشراكات بين القطاعين العام والخاص وفق أسس قائمة على الشفافية والحوكمة وتقاسم المخاطر، حتى لا تتولد حالة من الاشتباك أو التداخل غير الُمقنن مع الحكومات قد تُفضي إلى الفشل او تقاطع المصالح، عند المشاركة في المشروعات الأساسية العملاقة بمشاركة رأس المال الخاص واستثمار موارده وخبراته وكوادره في تعزيز الشراكة بين القطاعين، التي قد تصطدم بالروتين والبيروقراطية العقيمة أو تعدد جهات التعامل، واستخدام موارد الدولة في الاستحواذ على الشركات المنافسة للقطاع الخاص، ما يبعدنا عن مفهوم الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص التي هدفها الأساسي هو بناء الاقتصاد المستدام الذي يعتمد على التكامل وليس التنافس أو الاحتكار، وعلى مد جسور قوية من الثقة المتبادلة وخاصة عندما تحاصرنا الأزمات الاقتصادية والسياسية، وهذا يتطلب في المقام الأول أن يتمسك القطاع الخاص بدور أساسي في وضع وتقنين واستقرار وثبات القوانين والتشريعات، التي تنظم استراتيجية عمل القطاع الخاص وتجعله قادرا على خلق فرص الوظائف الجديدة واستيعاب الداخلين الجُدد إلى سوق العمل، من خلال مشروعاته وبرامجه في القطاعات المختلفة، التي تساعده على فتح آفاق التواصل بين رجال الأعمال والمستثمرين العرب والأجانب، ويزيد حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدان العربية والأجنبية، خاصة بعد تخلى الحكومات عن التوظيف بعد أن أُتخمت مكاتبها بالأيدي العاملة التي تمثل بطالة مقنعة وغير منتجة واعتبارها عبئا ماليا يجب التخلص منه، حيث تواجه الإدارات الحكومية إشكاليات عدة حتى عند مجرد التفكير في تسريح العمالة الزائدة منها القانوني أو الاجتماعي والإنساني، في ظل معدلات البطالة التي بلغت في المنطقة العربية 9.8 % في 2024، بسبب التحديات الجيوسياسية القائم منذ عقود، والتي خلفت تبعات واسعة النطاق على التنمية الاقتصادية وأسواق العمل. وجعلت القطاع الخاص هشا وقابعا تحت عباءة الحكومات التي تُشرع وتُخطط له وتهيمن عليه، على الرغم من أنه اللاعب الرئيسي في عمليات التنمية، لذلك إذا لم يستطع القطاع الخاص طرح وتقديم المبادرات المتجددة التي تلبي احتياجاته التنظيمية المشروعة، وظل عاجزا عن التفاعل الإيجابي مع المستجدات والمتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية بسرعة ومرونة، تساعده على وضع رؤيته المستقبلية لعشر سنوات قادمة على الأقل، لتضمن التوازن بين الشريكين الخاص والعام، لإعطاء الثقة للمستثمرين ورؤوس الأموال المهاجرة للعودة والمشارك بقوة في التنمية، قبل إصابة الاقتصاد بالعُقم والعجز الذي ينعكس مباشرة على مستوى حياة الأفراد والأُسر والمجتمع، لذلك هناك أهمية للعمل على اندماج القطاع الخاص العربي بدرجة أكبر في النظام التجاري متعدد الأطراف لتحقيق احتياجات وطموحات أصحاب الأعمال على المستوى الخارجي، وللاستفادة من نقل الخبرات والتجارب الناجحة للمنظمات الدولية والدول المتقدمة إلى القطاع الخاص العربي، بعد أن عجزت الحكومات عن تخطي هذه المعوقات والإشكاليات التي تحول دون التكامل والتنسيق في مختلف القطاعات، من أجل دعم مسيرة التطوير المستمر، بعيدا عن الاشتباك مع الحكومات التي - تمتلك ترسانة من قوانين الدولة العميقة - التي تُعيق أنشطة القطاع الخاص الذي يجب أن يتميز بالمرونة والسرعة في اتخاذ القرارات.

813

| 13 أغسطس 2024

حرب غزة.. ومخاطر أزمة اقتصادية إقليمية

تتفاقم الأوضاع الاقتصادية في الشرق الأوسط مع اتساع دائرة الصراع في المنطقة خاصة مع استمرار الحرب في غزة التي قد تدفع إلى أزمة اقتصادية إقليمية طاحنة ولم تسلم منها دول المنطقة ولاسيما دول الجوار، ولن يكون الاقتصاد الإسرائيلي بمنأى عن ذلك إلا بفضل الدعم الخارجي الأمريكي والغربي غير المحدود عسكريا وماديا وعلى المستوى الدولي والأممي، خاصة أن الاقتصاد الإسرائيلي أكثر سوءا منذ طوفان الأقصى ولا يتحمل حربا طويلة، فالحرب كلفتها حتى الآن 73 مليار دولار ولا يتحمل اقتصادها تكاليف استدعاء جنود الاحتياط، وزيادة ميزانية الدفاع، بخلاف دول المنطقة ذات الاقتصاد الضعيف الذي يتكبد خسائر فادحة لا يمكن تعويضها لسنوات قادمة وسوف يتحمل أعباءها أجيال المستقبل. وتبدو المخاطر من تحريك أمريكا لسفنها الحربية وحاملات الطائرات والمدمرات والطرادات في البحرين المتوسط والأحمر لحماية إسرائيل والدفاع عنها، بعد أن تلبدت سماء المنطقة بغيوم الحرب، وكأن إسرائيل تجر المنطقة جرا إلى حرب اقتصادية في المقام الأول، وتنبئ بأزمة اقتصادية إقليمية، قد توثر أيضا على الاقتصاد العالمي، تحت وطأة التطورات المختلفة، وعلى رأسها العوامل الجيوسياسية، بدءاً من الحرب في أوكرانيا والاضطرابات الواسعة والتوترات في منطقة البحر الأحمر وبحر العرب وانعكاساتها على حركة التجارة الدولية. وقد رصد صندوق النقد الدولي أثر هذه الصراعات ووصفها بأنها تمثل التحديات الاقتصادية الأكبر التي تؤثر على النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يصاحبها التخفيضات في إنتاج النفط وارتفاع أسعاره، وفشل جهود مكافحة التضخم في معظم اقتصادات دول المنطقة، مع استمرار ضغوط الأسعار، التي أثرت على الإنتاج وزيادة خسائر الشركات بسبب ارتفاع التكاليف، وانعكاس ذلك على حياة السكان في نطاق فلسطين ودول الجوار لبنان وسوريا والأردن ومصر أكبر الدول تأثرا بالأزمة، ومعها قطاعات السياحة والطيران وإلغاء الرحلات الجوية، التي تعكس تحديات كبيرة في عديد من الدول التي تعتمد على السياحة كمصدر أساسي للدخل والعملة الصعبة، والتي سوف تتفاقم آثارها السلبية، مع تطورات الأحداث، ومدى اتساع رقعة الصراع ومدته الزمنية، بعد أن تخرج الأحداث وردود الأفعال عن نطاق السيطرة، خاصة أن منطقة الشرق الأوسط شديدة التعقيد، بما فيها من علاقات وتحالفات ومصالح متضاربة وأطماع سياسية واقتصادية تحكمها الرغبات الدفينة في نهب ثرواتها ومواردها وإضعاف اقتصادها والتحكم في شعوبها، في ظل غياب القدرة الذاتية على الدفاع عن النفس والمحافظة على كياناتها بدون الحماية أو الدعم الأجنبي، حتى أصبحت مرتعا للإرهاب والاغتيالات السياسية التي تهدد الاقتصاد وتعمق جذور الأزمات الاقتصادية في الإقليم، والتي تبدو إرهاصاتها في وهن اقتصاد دول متعددة مثل الصومال والسودان وليبيا ولبنان وسوريا واليمن والعراق ومصر على الرغم من محاولات الإصلاح المتكررة والجهود الدبلوماسية المصرية - القطرية التي تحاول نزع فتيل الأزمة الاقتصادية من خلال تخفيف حدة الصراعات والتوترات القائمة التي تدق طبول الحرب صباح مساء وتجعل من المواجهات العسكرية أمرا محتملا. نظرا لهشاشة الاستقرار والصراعات المستمرة في المنطقة التي تخلق بيئة غير مواتية للاستثمارات تساعد على هروب رؤوس الأموال إلى المناطق الآمنة، بعيدًا عن مناطق النزاع ومحيطها. علاوة على انخفاض قيم العملات الإقليمية، وندرة الفرص الاستثمارية التي تعزز النمو والتنمية، وهذه المؤشرات تطلق إنذارًا حول المخاطر الاقتصادية التي تواجهها الشرق الأوسط بسبب تنامي الصراع واتساع رقعته خارج قطاع غزة، والذي يكبد اقتصاد المنطقة ثمنا باهظا. خاصة أن المنطقة تحولت إلى سوق لتجارة السلاح التي تستنزف موارد وميزانيات شعوب المنطقة لإصلاح الخلل في ميزانيات الدول الكبرى المصدرة للسلاح والتي تحرص دائما على تأجيج بؤر الصراع في الشرق الأوسط، ولا تسعى جديا للتهدئة او إيجاد الحلول الجذرية لمشاكلها التاريخية، لتحول بينها وبين العمل والإنتاج والتقدم لتظل تدور في فلكها العسكري والاقتصادي بعد أن توجه مواردها إلى اقتصاد الحرب، وتعرض بعض الدول للإفلاس بسبب تراكم الديون وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها قبل المقرضين من الدول أو المؤسسات المالية الدولية، لأن حشد الولايات المتحدة قواتها في منطقة الشرق الأوسط، مؤشر واضح على الأزمة الاقتصادية الإقليمية القادمة التي تغذيها حرب غزة برعاية أمريكا التي تجر المنطقة إلى أتون حرب طاحنة، وتضعها على صفيح ساخن ومواجهات مستمرة، وسوف تؤثر على موازين القوى في المنطقة بشكل أو بآخر، وإن كانت حرب إسرائيل على غزة واستمرارها لأكثر من ذلك تزيد من الضغوط على الاقتصاد العالمي وعدم استقرار الأسواق المحلية والعالمية.

825

| 06 أغسطس 2024

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

3138

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3108

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2856

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

2637

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2574

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1407

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1161

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

975

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

948

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

822

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

795

| 17 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يحلّق من جديد

في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...

759

| 17 أكتوبر 2025

أخبار محلية