رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الاقتصاد الأخضر في قطر

كوكبنا الحي الرائع.. وطننا الكبير الذي احتضننا وغيرنا من الكائنات الحية.. وبذل لنا من خيراته الكثير، يئن اليوم ويشتكي من الضرر الذي أحدثه الإنسان وأخل بالتوازن الدقيق لهذا الكوكب الفريد. سوء استخدام موارد الأرض والتلوث والدمار الذي ضرب كوكبنا الرائع في غلافة الجوي وفي مياهه وفي تربته وأعماقه، جعل من غضب الطبيعة أمراً محتماً، فالأعاصير والفيضانات وذوبان الثلوج في القطبين وارتفاع منسوب مياه البحار وارتفاع درجات الحرارة لمعدلات غير مسبوقة وموجات الجفاف والإنجرافات الأرضية وزيادة نسب الغازات السامة في الغلاف الجوي وحتى الزلازل؛ كلها باتت تشكل تهديداً للحياة في الأرض.هذا الواقع المؤلم الذي لا خلاص منه كما يقول العلماء إلا بتحول العالم كله للاقتصاد الأخضر الذي يعني الاقتصاد الذي يقل فيه انبعاث الكربون وتزداد فيه كفاءة استخدام الموارد. ويتأتى ذلك بالاستخدام الكامل لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهذا يعني اعتماد المصانع ومحطات توليد الطاقة ووسائل النقل على الطاقة النظيفة.. ويعني أيضاً إعادة التدوير للمخلفات غير القابلة للتحلل مثل الزجاج والبلاستيك والمنتجات المعدنية، وإدارة المياه بطريقة تقلل من الهدر في استخدامها على مستوى دولي، كما يعني كذلك المحافظة على الغابات وزراعة الملايين من الأشجار حول العالم لمنع إنجراف التربة والمساهمة في إنتاج الأوكسجين والتقليل من ثاني أوكسيد الكربون والملوثات الأخرى. وعن هذا الخطر قال البروفيسور أوثمار ايدنهوفر، بروفيسور اقتصاد التغير المناخي في معهد برلين للتكنولوجيا، والرئيس المشارك لمجموعة العمل التابعة للهيئة الحكومية الدولية "نحن لا نستطيع تحمل إضاعة عقد آخر دون التحرك لمعالجة هذا الوضع المأساوي ).وقد أظهرت أبحاث بروفيسور الهندسة في جامعة ستانفورد مارك جاكوبسون والباحث في الاقتصاد والبيئة بجامعة كاليفورنيا مارك ديلوتشي أن بإمكان البشرية أن تتحول إلى نظام طاقة يعتمد كلياً على مصادر متجددة بحلول عام 2030 إذا اعتمدت دول العالم على تكنولوجيات علمية دقيقة.ومن هنا تبنت قيادتنا الرشيدة في قطر التي تشهد ثورة عمرانية كبرى غير مسبوقة، التحول التدريجي نحو الاقتصاد الأخضر حيث من المخطط أن يكون مونديال قطر 2022 أول مونديال في العالم يساوي صافي انبعاثات الكربون منه صفر، حيث سيتم استخدام الطاقة الشمسية في تبريد الملاعب.وكذلك تبنت القيادة الحكيمة في قطر مشروع الاستثمار في إنتاج الطاقة الشمسية والاعتماد عليها مستقبلاً لتكون مصدر توليد الطاقة الكهربائية في قطر، بل وتصدير هذه الطاقة المتجددة والنظيفة لدول أخرى مما يضمن بدوره عائداً مالياً لقطر ويمثل أحد مصادر التنوع في الدخل، على الرغم من ان دولة قطر دولة مصدرة للبترول والغاز الطبيعي ورغم إن مصالحها الاقتصادية مرتبطة بهذا المورد الحيوي، إلا إن إحساس قيادتها العالي بالمسؤولية تجاه قضايا عالمية وإنسانية كبرى، ومنها قضايا التغير المناخي والبيئة ومستقبل كوكب الأرض، وراء تبنيها لقرار مصيري ومهم كهذا..

1109

| 09 مايو 2014

الملل وحياتنا المعاصرة

كثيرٌ ما نسمع هنا وهناك من نساء ورجال، مسنون ومراهقون، كلمة ملل، هذه الكلمة التي تختصر بحروفها الثلاث الإحساس بالضيق والتذمر من الوقت الضائع الذي لا سبيل لقضائه بما ينفع، والذي يروج من خلاله الشخص الملول لحالة الملل، ويصدرها نحو الآخرين.فالملل إحساس سلبي بإمتياز ينتاب الإنسان الذي يرتضي لنفسه أن يتسرب الوقت من بين أصابعه دون أن يفكر مجرد التفكير بأهمية الدقيقة التي تمرّ من عمره والتي لن تعود أبداً.والمعروف ان الشعور بالملل والضجر تزايد في العقود الأخيرة حيث إكتسحت التكنولوجيا حياتنا وسيطرت على كل تفاصيلها وحيث لم يعد للإنسان الكثير ليفعله، وأخذت الرغبة في الترفيه منحى مهم في حياتنا ولم يعد العمل وحده أو الواجبات اليومية الوسيلة الوحيدة لقضاء الوقت.وتعد أول قصة تتحدث عن الملل تلك القصة المكتوبة على ورقة بردي مصرية وترجع لأربعة آلاف سنة مضت، وتتحدث عن رجل ملّ من الحياة من حوله، فقرر أن يجلس دون عمل أو حركة وينتظر الموت، حتى ظهر له أحد الحكماء وحثه على الإستمرار في الحياة والتمتع بملذاتها والبحث عن سعادتها.وطالما حفل الأدب العربي والعالمي بقصص كان الملل والضجر موضوعها الرئيس، وفي كتاب (الضجر تاريخ حي) لبيتر توهي والذي تناول الموضوع من زوايا عدة صنف الملل الى نوعين البسيط، والذي يشعر به أي منا بسبب طول فترة إنتظار في عيادة طبيب مثلاً أو حضور محاضرة ثقيلة على النفس، والنوع الآخر المعقد والمزمن والذي يمس وجود الإنسان الفرد نفسه والذي أسماه الملل الوجودي وهو الذي تناولته الكثير من الأعمال الأدبية والفنية في روايات ولوحات كثيرة ربما لأنه الأكثر تأثيراً على النفس البشرية.ويذكر بيتر توهي إن الأديب الروسي العالمي أنطون تشيكوف يعد من أكثرالكتّاب ذكراً للضجر وفي روايته (العم فانيا) والتي كتبها في العام 1900، حيث تعبّر بطلة الرواية عن مللها بقولها (أنا أموت من الملل ولا أعرف ماذا أفعل ).وفي أعمال أخرى تناولت بعض الروايات الضجروالملل الوجودي وذلك مثل روايات (مدام بوفاري (للروائي الفرنسي غوستاف فلوبير، و) الغثيان (لجان بول سارتر، و( الغريب) لألبير كامو، و( كتاب اللاطمأنينة) لبيسوا، ورواية (اسطنبول) للكاتب التركي الكبير أورهان باموق، و( الالتماع) لستيفن كينج التي حولت لفيلم شهير من إخراج ستانلي كوبرك، الذي أثار قضية أن يتحول الملل إلى هلع وعنف..ورغم كل ما قيل وُكتب عن الملل، وبالرغم من إن الأيام أحياناً تكون متشابهة وتمر علينا بنفس التفاصيل الحياتية المعتادة، لكن المؤكد إن لكل يوم طعمه الخاص وتفاصيله التي تترك بصمة لا تمحى في مسيرة حياتنا.

2310

| 02 مايو 2014

الأجنحة المُحلقة

طالما راقب الإنسان الطيور وهي تحلق في السماء بدهشة وإعجاب متمنياً في قرارة نفسه لو تمكن مثلها من التحليق نحو الأعلى برشاقة وخفة وحرية...وبين الإنسان والطير علاقة جدلية عمرها من عمر البشرية، فالإعجاب والدهشة وبقية المشاعر المتضاربة والمتناقضة والتي عكسها في علاقة صداقة وتعاون مع بعض الطيور، وعلاقة عداء ونفور مع بعضها الآخر تبعاً لتكوين الطائر الفسيولوجي ومظهره الخارجي وتكوينه النفسي، ومن الطيور ما اجتهد الإنسان طويلاً في تربيتها وتدريبها وتعليمها ليصطاد ويقنص بها طيوراً وحيوانات أخرى. ومنها ما أعطى لنفسه الحق بإعدامها وقتلها دون تردد، مثل تلك التي إعتبرها ضارة به وبمحاصيله الزراعية ومنها الغربان.ومن الطيور ما كانت مصدراً لغذاء الإنسان، فكان تدجينها وتربيتها في المزارع والبيوت أحد إنجازات البشرية في مراحلها الأولى.بينما خص بعض الطيور بدلاله ومحبته لحجمها الصغير وطبيعتها المسالمة أو لصوتها المميز وللون ريشها الجميل الأخضر أو الملون.وبين هذا النوع أو ذاك من الطيور أصناف شتى كان للإنسان معها علاقة تجاهل أو حياد أو مشاعر مختلطة بين العداء والقبول.العلاقة بين الإنسان والطيور لم تكن مجرد علاقة مباشرة بل تجاوزتها لتكوّن منظومة ثقافية ورمزية معقدة، فالطيور كانت جزءاً من الموروث الشعبي لكل شعوب وأمم الأرض دون إستثناء، فالكثير من الأغاني والقصص والأمثال والحكم تكوّن الطيور جزءاَ منها أو محوراَ لها. فأمثال مثل (إن الطيور على أشكالها تقع) و( طارت الطيور بأرزاقها) والأغنية الشهيرة حمامة نودي نودي والتي تبدأ بالحمامة وتنتهي بتسلسل الأحداث الى ان تصل الى أصل الخلق والكون وهو الله سبحانه وتعالى، كلها تدل على إن الطيور مثلت في ثقافاتنا عنصراً محورياً.والرمزية التي أسقطها الإنسان على الطيور في جميع الحضارات الإنسانية والتي تكاد تتفق على مالهذا النوع من الكائنات من أهمية، فالريش الذي يلف رؤوس زعماء الهنود الحمر تعبيراً عن السلطة والقوة، والطيور التي زيّن بها الفراعنة وسكان وادي الرافدين القدماء مقابرهم، والتي رسمها المسيحيون في كنائسهم على الأيقونات المقدسة، وما ُأُكتشف من نماذج للطيور في الصروح التي خلفتها الحضارات المنتشرة في أرجاء العالم الأربعة.كذلك أُعطت معظم الشعوب الطيور قدرات خارقة، تجاوزت القدرات الفعلية لهذا النوع من المخلوقات، فطائر العنقاء الأسطوري لدى الشعوب العربية القديمة الذي يحترق ليخرج من النار أقوى وأجمل، يرمزالى التجدد والخلود، ذلك الهدف الأزلي المستحيل للإنسان.كما يعتبر التشاؤم أو التطيّر نوع من إعطاء القوة الخارقة للطيور، حيث يمكن للطير بإعتقاد المتطير أن يغيّر من واقع ما. وكلمة التطيّر في اللغة العربية أُشُتقت من الطير، ففي الجاهلية اذا خرج الرجل لأمر ما قصد عش طائر فهيجه فإذا طار من جهة اليمين تيمن به ومضى في الأمر ويسمون الطائر (السائح )، وإذا خرج من جهة اليسار تشاءم ورجع عن ما عزم عليه ويسمون هذا الطائر (البارح).ورؤية البوم لدى الكثير من الشعوب تمثل نذير شؤم يتربص بالمكان الذي تنعق به البومة، وربما كان سبب التشاؤم الذي إرتبط بالبوم كونه يستوطن الخرائب والأماكن المهجورة وينشط ليلاً ليطلق صوته الذي يشبه النواح.وفي هذا تقول العربفَلاَةٍ لِصَوْتِ الجِنِّ في مُنْكَرَاتِها هَريرٌ وللأبْوامِ فيها نوائحُومن الطيور الأسطورية التي آمن عرب الجاهلية بوجودها، الهامة وهي نوع من البوم أو طير من طيور الظلام، تخرج من رأس الميت المقتول غدراً ولم يؤخذ بثأره وتدور حول القبر ناعقة (إسقوني من دم قاتلي )، وقد أنكرها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بقوله (لا عدوى ولا طيره ولا هامة).

1181

| 25 أبريل 2014

الطموح القطري

أن تطمح دولة ذات اقتصاد ريعى بحت للتحول لدولة ذات اقتصاد معرفى فهذا طموح ووعى عميق يدل على ان هذه الدولة تشهد تحولات حقيقية كبرى ستجعل منها مستقبلاً احدى الدول التى تحقق تقدماً اقتصادياً وعلمياً ملحوظاً، ويمثل هذا الطموح مستوى لا يماثله أى طموح بين الدول ذات الاقتصاديات الريعية الأخرى والقائمة لعقود على بيع وتسويق سلعة واحدة وهى النفط، وبما أن الدول العربية النفطية معظمها تعتمد اقتصادياتها على بيع وتسويق النفط دون الانتاج والتصنيع أو تنويع مصادر الدخل والاعتماد على الاستيراد فقط لاشباع الحاجة للاستهلاك فهى اذن جميعها اقتصاديات ريعيةوقد عرّف العالم الاقتصادى الانجليزى آدم سميث الريع بانه دخل يحصل عليه الشخص بدون جهد أو مشقة (أى حصاداً دون زراعة).وقد تحدث العلامة العربى الكبير ابن خلدون فى مقدمته الشهيرة عن الاقتصاد الريعى حيث ميز ابن خلدون بين نوعين من الأنشطة الاقتصادية وأطلق على النشاط الأول المعاش الطبيعى المقترن بالكد والجهد والتعب وهو الكسب الذى يستفيد منه البشر نظير أعمالهم وجهودهم وهو أساس العمران والتقدم.والأنشطة الأخرى التى أطلق عليها المعاش غير الطبيعى والذى هو ابتغاء الأموال فحسب (مثل الحصول على المال من الدفائن والكنوز) ومثل هذه الأنشطة والتى هى من مصادر الرزق وليس الكسب والتى لا يعول عليها كثيراً من أجل الارتقاء بالعمران.وطموح قطر وسعيها الجاد فى أن تتحول الى دولة ذات اقتصاد معرفى متطور قائم على البحث العلمى والمعرفى وتوظيف هذا البحث العلمى لتحسين نوعية الحياة بمجالاتها المختلفة والاستغلال الأمثل للتكنولوجيا واستخدام العقل البشرى كرأس للمال وذلك لتحقيق التنمية المستدامة كهدف أعلى بمعناها الواسع.ومن أجل هذا تسعى دولة قطر لتطوير نوعية ومستوى التعليم وانشاء بنية مجتمعية داعمة لعملية التحول الطموح هذه.وبدلاً من يبدأ الطموح القطرى من البداية حيث الاقتصاديات تسلك طريق التقدم الصناعى مثلاً والقائم على انتاج السلع يتحول الانتاج هنا الى انتاج وصناعة الخدمات المعرفية التى تمثل مرحلة عليا من مراتب التطور الاقتصادى.فهذا الطموح والسعى الجاد لمثل هذا التحول الكبير فى الاقتصاد القطرى والذى سيثمر كنتيجة حتمية التغيير الجذري والثوري فى نظم التعليم والنظرة الاجتماعية للعمل كقيمة عليا وما يعنى ذلك من تحول كبير فى المجتمع القطرى نحو الانتاج والابداع وليس الاستهلاك فقط والركون للراحة والسهولة.

1227

| 11 أبريل 2014

التكنولوجيا والحياة

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبالك يسأمهل احتاج شاعر المعلقات الكبير زهير بن أبي سلمى لثمانين سنة حتى يسأم من الحياة وتكاليفها في زمن يجاهد فيه الناس من أجل البقاء، وتوفير أساسيات الاستمرار في الحياة، فالموت العشوائي المسلط عليهم لا يفرق بين شيخ وشاب إذ يصيبهم بسهامه الطائشة أينما حلوا وارتحلوا، فالغزوات والحروب والسبي والأسر مصير يتهدد الجميع، وهوام الصحراء ودوابها بالمرصاد لكل الأحياء، والأمراض والأوبئة والمجاعات تفتك بهم ولا ترحم. وإذا كنا في زمننا هذا نسأم من تكاليف الحياة ولم نبلغ نصف العمر الذي بلغه زهير بن سلمى ونحن نعيش في رفاه لم يتوافر حتى للملوك والأباطرة في ذلك الزمان، وما ذلك إلا لأن الحياة المعاصرة رغم توافر أسباب الراحة والأمان فيها إلا انها أكثر تعقيداً وتطلباً وأصعب مراساً من الأزمنة الخوالي.فالرفاهية التي نتمتع بها لها ثمن باهظ ووسائل الرائحة التي تحف بنا من كل جانب أخذت منا بقدر ما أعطتنا، فحياتنا المعاصرة سلسلة زمنية متواصلة من الجهد المبذول من أجل الحصول على المال، ليتسنى لنا أن ننفق هذا المال لنكون مساوين للآخرين في مستوى الرفاهية إن لم يكن أفضل منهم. فالمزيد من المغريات يعني مزيدا من الجهد المطلوب لتوفير المال اللازم لاقتناء هذه المغريات.وإذا كانت حياة أسلافنا حتى فترة زمنية قريبة تتسم بالمجهود البدني العالي فإن حياتنا المعاصرة على قلة هذا المجهود إلا انها تتميز بكثرة الانشغال الذهني والنفسي وقلة الرضا عن الذات، حتى ابتكرنا الرياضة لنعوض قلة نشاطنا البدني، لكننا لم نوفق بابتكار يخفف من القلق والتوتر الذي يطغى على حياتنا.التقدم التكنولوجي غير حياتنا بشكل جذري وغير من طبيعة علاقاتنا الاجتماعية والإنسانية، بحيث أصبحنا نتفاعل مع آخرين ضمن عالم افتراضي من خلال الفيس بوك والتويتر والانستغرام والواتساب وغيرها أكثر من تفاعلنا مع الأشخاص الحقيقيين الذين يعيشون حولنا، والتقدم التكنولوجي أيضا أعاد تشكيل مظاهر كثيرة على سطح الأرض لتتناسب مع هذه التغيرات، التكنولوجيا بالتالي سيطرت علينا وجعلتنا خاضعين لها.مشكلات ومشكلة التكنولوجيا ان الابتكارات الجديدة دائماً تخلق جديدة وتتطلب بالتالي حلولاً للتعامل معها للتغلب على حالة عدم التوازن الحاصلة.وتتحدث الفيلسوفة الألمانية هانا أرنت عن وضع الإنسان في المجتمعات المعاصرة بقولها (انه في الوقت الذي يزداد فيه شعور الإنسان بالقوة لاعتماده على الاكتشافات التكنولوجية والبحث العلمي، تتضاءل قدراته على التحكم في نتائج أفعاله، مما يعني تراجع وتقلص دوره في حياة المجتمع كما تتضاءل حريته السياسية، وهذه مأساة الإنسان في المجتمع التكنولوجي المعاصر ).كما قال أيضاً عالم البيولوجيا الإسترالي جيريمي جريفث (الإنسان المعاصر يعيش في وهم كبير، إذ يتصور أنه يدرك كل ما يدور حوله بينما هو غائب في حقيقة الأمر عن إدراك ماهية وكنه الأشياء، بما فيها كنه ذاته نتيجة ذلك الانبهار بالتقدم التكنولوجي، الذي يصرفه عن التفتيش في أعماقه الداخلية، لمعرفة حقيقة أبعاد وضعه الإنساني في هذا العالم، واختيار الطريق الذي يوحي به تكوينه الداخلي الخاص ).التكنولوجيا منحتنا الراحة والرفاهية لكنها لم تمنحنا السعادة والرضا عن النفس.

1253

| 04 أبريل 2014

الموسيقى لغة الشعوب

خرير مياه الينابيع، هدير أمواج البحر، حفيف أوراق الشجر، زقزقة العصافير،هديل الحمام وأصوات النوارس وهي تحلق فوق البحر، كلها موسيقى تشدو بها الطبيعة وتترنم، صانعة سيمفونية رائعة بلا مؤلف أو مايسترو، استلهمها منها الإنسان ليخترع موسيقاه الخاصة.الموسيقى نشوة الأوتار المتراقصة وفرحة الانعتاق من أسر المكان والزمان، لتحلق الروح في آفاق رحبة غير مطروقة.وكما تقول الروائية لطفية الدليمي (من لا ينصت للموسيقى لا يعرف غبطة الفردوس الروحي ومعنى انتصار الفن على الحزن والألم ومقاومة الفناء وإمكانية تحقيق التوازن والعدالة، تدفعنا الموسيقى للتحرر من المحددات الأرضية ونستجيب معها إلى نداءات الكون القصية ونصغي إلى همهمة الروح وهي تنعتق من ثقل الجسد لحظة اكتشاف الذات لحقيقتها وكأنها انعكاس في المرايا ).والموسيقى أو ميوزيك الكلمة التي دخلت معظم اللغات العالمية أشتقت من إسم عرائس الإلهام (الميوزات) التي تسمى إحداهن (ميوز) وهن خادمات أبولو إله الشمس والرماية والموسيقى والشعر والفنون في الميثولوجيا الإغريقية.الموسيقى وسيلة الإنسان للتعبير عن مشاعره وحاجاته وآماله وآلامه، وهي لغة مشتركة يفهمها جميع البشر، وهي ليست لغة منطوقة فقط وإنما منغمة أيضاً.. وفي هذا يقول الحكماء بان الموسيقى نشأت من التوازن، ونشأ التوازن من العدالة فحيث لا تكون هناك عدالة لا يوجد توازن، وبالتالي تختفي الموسيقى.ولكل شعب موسيقاه وأدواته الخاصة فحتى الشعوب التي توصف بالبدائية لديها موسيقاها المميزة، وقد استعمل الإنسان البدائي الأدوات التي وجدها جاهزة في الطبيعة ومن ثم قام بتشذيبها وتصنيعها. فمن العظام إلى أعواد الخشب إلى نبات القرع المجفف إلى جذوع الأشجار الفارغة، التي صنع منها الطبول حيث شد عليها جلود الحيوانات، كل هذه الآلات، إضافة إلى حركات الجسم التي شكلت لدى الإنسان لغة يعبر فيها عن سعادته ومشاعره المتباينة وعن اتصاله بمن حوله كانت البدايات الأولى للفن. وكما يقول ول ديورانت في كتابه (قصة الحضارة) في تحليله ورؤيته لبدايات الفنون (أن العزف الموسيقي على الآلات نشأ عن رغبة الإنسان في توقيع الرقص توقيعاً له فواصل تحدده وتصاحبه أصوات … وكانت آلات العزف محدودة المدى والأداء، صنعها من قرون الحيوانات وجلودها وأصدافها وعاجها، ومن النحاس والخيزران والخشب. ثم زخرف الإنسان هذه الآلات بالألوان والنقوش الدقيقة…. ونشأ بين القبائل منشدون محترفون كما نشأ بينهم الراقصون المحترفون. ومن الموسيقى والرقص الهمجي نشأت المسرحيات والأوبرا، ذلك لأن الرقص البدائي كان يحاكي حركات الحيوان والإنسان... ثم أنتقل إلى أداء يحاكي به الأفعال والحوادث … فبغير هؤلاء الهمج وما أنفقوه في مائة ألف عام في التجريب لما كتب للمدنيّة النهوض ).الموسيقى جزء حي ونابض من حياة الشعوب، وهي بوصلة دقيقة لمعرفة إتجاه المجتمع وحالته النفسية والأطوار الإجتماعية التي يمر بها، ففي فترات الهزائم الكبرى والحروب عادةً ما تتهاوى الموسيقى الى مرتبة دنيا وغالباً ما تترافق مع الكلمات التي تخاطب الغرائز، حيث تسود الموسيقى الراقصة المعتمدة على الآلات الإيقاعية مثل الطبول بأنواعها والتي لا يتطلب العزف عليها مهارة كبيرة على خلاف الآلات الوترية. وكما يقول حكيم صيني (موسيقى العصر المضطرب موسيقى صاخبة هائجة، وموسيقى الدولة المنحلة تكون عاطفية حزينة وهذا يعني أن الدولة في خطر ).ويخبرنا (هيرمان هيسه) في روايته الجميلة (لعبة الكريات الزجاجية) ان الموسيقى كانت في الصين القديمة، تلعب دورا قياديا في حياة الدولة والبلاط وكان الناس هناك يقرنون بين ازدهار الموسيقى وازدهار الثقافة والأخلاق بل وازدهار الدولة بكاملها، وكان يتوجب حينها على أساطين الموسيقى ان يسهروا للمحافظة على الأنغام القديمة والإبقاء على نقائها، فإذا تدهورت الموسيقى فإنها علامة أكيدة على تدهور الحكومة والدولة.وقد تحدث الفلاسفة وعلماء الرياضيات الكبار كالفارابي وابن سينا والرازي عن الأثر السحري للموسيقى في النفوس وقدرتها الخلاقة على إحداث تغييرات في الدماغ البشري والجسد، وقد أوصى ابن سينا بالإستماع إلى الموسيقى لأنها تسكن الأوجاع وتريح النفس، فقد ذكر أن مسكنات الأوجاع ثلاث: المشي الطويل، الموسيقى والغناء الطيب، والانشغال بما يُفرح الإنسان.الحياة عندما تخلو من الفن والموسيقى تتحول الى صحراء جدباء لا نبت فيها ولا حياة أو على حد تعبير نيتشه (الحياة بدون موسيقى خطأ فادح).

30784

| 28 مارس 2014

عيد الأم

عيد الأم الذي يصادف اليوم، الحادي والعشرين من مارس الذي غدا مناسبة اجتماعية تحرص الكثير من العائلات على الاحتفال بها، وذلك لإدخال الفرح والسرور الى قلوب أمهاتهم، والهمس بآذانهن بكلمة حب ووفاء، لتشعر الأمهات ربما في يوم واحد من السنة بان كل ما يقدمنه ليس واجباً مسلماً به لا يستحق الشكر والثناء عليه.فالأمومة هي الدور الأصعب والمهمة التي لا تنتهي إلا بانتهاء الحياة فلا تقاعد ولا إجازات ولا نهاية خدمة، لأن الدور المنوط بها هو إنشاء إنسان وتشكيل شخصيته ومده بالقوة والثقة اللازمة لمواجهة الحياة، والمطلوب من الأم أن تكون قوية حتى وهي في أضعف حالاتها الإنسانية، وعليها أيضاً ان تمتص غضب وإحباط وألم كل من حولها، وأن تصمد مثل النخلة في وجه الريح العاتية والشمس الحارقة.ويختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأم من بلد لآخر ففي الدول العربية يحتفى بالأم في الحادي والعشرين من مارس حيث يعد هذا اليوم بداية فصل الربيع، فصل النماء والخصب، بينما تحتفل به دول أخرى في تواريخ مختلفة.ويقال ان أول من اقترح الاحتفال بعيد الأم في الدول العربية هو الصحفي المصري الراحل علي أمين في مقاله بجريدة أخبار اليوم بعد أن وصلته رسالة من إحدى الأمهات تشتكي فيها من انشغال أبنائها وانصرافهم عنها بعد أن كبروا واستقلوا بحياتهم ونسوا تضحياتها عندما ربتهم وحدها بعد وفاة والدهم. لتجد الفكرة قبولاً لدى بعض الشرائح من المجتمع المصري، فأُقيم أول احتفال لتكريم الأم والاحتفاء بدورها العظيم وتضحياتها الكبيرة سنة 1956، لتحتفل به الدول العربية الأخرى في فترات لاحقة.وقد احتفل العالم في شهر مارس الحالي بمناسبة أخرى تخص النساء، وهي يوم المرأة العالمي، وتحصل فيه النساء في بعض الدول على إجازة من العمل، ولم يأت تخصيص يوم للمرأة أيضاً بدون تضحية فقد خرجت آلاف النساء في نيويورك في الثامن من مارس سنة 1908 في تظاهرات سلمية ضد ظروف العمل القاسية التي كن يعملن فيها، وحملن قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود، حيث أطلقن على حركتهن الإحتجاجية شعار (خبز وورود)، وانحصرت مطالبهن بخفض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، وتوالى الاحتفال في أمريكا في نفس اليوم في السنوات اللاحقة لتخليد ذكرى خروج النساء في تلك المظاهرات. وبعد نجاح التجربة الأمريكية تبنت النساء في بعض الدول الأوربية المناسبة الاحتفالية في نفس التاريخ.حتى أصدرت الأمم المتحدة قراراً يدعو دول العالم لاعتماد يوم في السنة للاحتفال بالمرأة فقررت معظم الدول اختيار يوم الثامن من مارس يوماً للمرأة.

1175

| 21 مارس 2014

الشذا المتسامي

الشذا المتضوع الذي يسمو بالروح ويحلق بها نحو الأعالي، أثار على الدوام حواس الإنسان وارتقى بمشاعره البدائية، ليكتشف لأول مرة ان هناك مصدرا للفرح والسرور غير تلبية الحاجات الفطرية.الزهور البرية والأعشاب الزكية الرائحة والأشجار العطرية المتناثرة في الطبيعة، كلها تدعو الإنسان لإطلاق العنان لحاسة الشم لاكتشاف عالم الروائح الجميلة من حوله.العطر الذي تعلم إنسان الحضارات الأولى كيف يستخلصه من الأزهار والورود ومن بعض الحيوانات، والأخشاب العطرية، حيث استخدم إنسان حضارات وادي الرافدين البخور الذي يعد الشّكل الأول للعطر، فقد كان يحرق أنواعاً من الراتنج والأخشاب العطرية المنقوعة بالزيت، ويتبخر بها ثم يقوم بفرك جسده بالخليط، هذا الإكتشاف المثير جعل الإنسان يستخدم العطر في الطقوس الدينية قبل ان يستخدمه لغرض التطيب والتجمل.وتبين الجداريات الفرعونية طرق استخلاص العطور، كما تتحدث الكتابات الهيروغليفية عن أهمية العطور في حياة المصريين القدماء، فقد كانت توضِع الأواني المطلية بالذهب والجرار المصنوعة من الفخار والمزينة بالعقيق الأبيض والمملوءة بالمواد العطرية في قبور الملوك والأمراء، واستخدمت هذه الزيوت العطرية في تحنيط الملك الشاب توت عنخ أمون، وكانت من القوة بحيث انتشر شذاها عندما فُتح قبر الملك بعد وفاته بآلاف السنين.وتتحدث جداريات معبد الملكة حتشبوت عن إنها قادتْ بعثات إستكشافية بحثا عن البخور والزهور والسّلعِ الثّمينةِ الأخرىِ في بلاد بونت، كما أمرت بإنشاء حديقةَ في قصرها مُلئت بأشجار البخور التي تم جلبها في هذه البعثاتِ.وقد سبقت سحابة العطر المنبعثة من الأشرعة المعطرة لسفينة الملكة الفاتنة كليوباترا، سبقت وصولها الى سواحل صقلية حتى فُتن بها مارك أنطونيو القيصر الروماني الجديد وذلك قبل أن يراها.أما الفينيقيون فعدوا التطيب بالعطور دليلاً على المستوى الاجتماعي الرفيع الذي يجلب الإحترام والإجلال. كذلك عشق الأغريق العطر والطيب بأنواعه حتى إعتبروا زهرة البنفسج رمزاً لمدينة أثينا. كما برع الرومان بخلط وصناعة أنواع جديدة من الروائح، وبلغ بهم الأمر من شدة عشقهم للعطور إنهم كانوا يمسحون أرضيات وأسوار القصور به.وللعرب مع العطور قصص عشق لا تنتهي فالورد والياسمين والبنفسج وزهر الليمون وخشب الصندل والمسك والعود والنعناع والخزامى والزنجبيل وغيرها والتي كانت تأتيهم مع القوافل القادمة من الشام واليمن، كلها كانت مصادر لإستخلاص العطر والدواء، حتى إشتهر العرب بماء ودهن الورد بين الأمم، وإزداد العرب عشقاً للعطر والطيب بعد بعثة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) حيث عُد الطيب من سنن الرسول الكريم الذي كان المسك يتضوع في مفارقه.وقد كان للعلماء العرب دور في إكتشاف طرق جديدة لإستخلاص العطور حتى إن إبن سينا نجح في إستخراج العطر من الورد بطريقة التقطير، كما وضع الكندي في كتابه (كيمياء العطور) قائمة لطرق إستخلاص ومزج العطور، التي يدخل في تركيبها المسك والعنبر كعنصر أساسي.وقد اكتشفت أوربا القرون الوسطى العطور من خلال العلاقات التجارية مع المسلمين ومن خلال الحروب الصليبية التي عرف الأوروبيون نتيجة لها الكثير من العلوم والفنون الإسلامية.أما في عصر النهضة الأوروبية فقد نشأت طبقة ماهرة من صناع العطور نجحت في جعل فرنسا تأخذ مكانة عالية في هذه الصناعة، ولعل عشق ملوك فرنسا للعطور أعطى دافعاً لتطور صناعة العطور الفرنسية، فقد كان الملك لويس الخامس عشر عاشقاً للعطور حتى إنه أمر أن تدهن عربته الملكية وأثاث قصره كل صباح بالعطور وكانت ملابسه تنقع بالعطر لعدة أيام، كما أمر بزراعة بعض المزارع بالنباتات العطرية، كذلك عرف عن نابوليون بونابرت أيضاً عشقه للعطور فقد كان يستخدم ستين زجاجة من عطر الياسمين في الشهر.وحتى يومنا هذا يسمو شذا العطر بأرواحنا مثلما كان يفعل باسلافنا في الأزمنة الغابرة.وجمعة معطرة.

1559

| 07 مارس 2014

صور تتحدى النسيان

صور لا تفارق الذاكرة وتتحدى النسيان، تملأ النفس تارةً بالحزن والألم، وتارة أخرى بالرجاء والأمل، صور نجحت في اقتناص لحظات خاصة من الزمن ومنحتها الخلود والبقاء، فللصور تأثيرٌ يتجاوز تأثير آلاف الكلمات. ومن حولنا صور كثيرة تحمل قدرة هائلة على مخاطبة النفوس البشرية، بل إنها قد تتجاوز التأثير العاطفي والوجداني ليصل تأثيرها إلى إمكانية التغيير الشامل لقرارات وسياسات دول. مثل تلك الصورة الشهيرة لمجموعة من الأطفال الفيتناميين وبينهم الطفلة (كيم فوك) ذات التسع سنوات التي اُلتقطت لها وهي تجري عارية وتصرخ من آلام الحروق التي أصابت جسدها كله إثر إلقاء القوات الأمريكية قنابل النابالم الحارقة على قريتها، وكانت السبب في اتخاذ الرئيس الأمريكي نيكسون قرار الانسحاب من فيتنام، بعدما أثارت هذه الصورة وغيرها من صور مؤثرة الرأي العام الأمريكي والعالمي ضد حرب فيتنام الظالمة.وفي وطننا العربي الذي لا تنتهي مآسيه تتوالى الصور المؤثرة أمام ناظرينا بتكرار مؤلم لا تحتمله النفس البشرية مهما أوتيت من قوة ورباطة جأش.فصور شهداء وجرحى وضحايا الثورات والحروب تحكي كل منها قصة، ولعل من أكثرها تأثيراً صورة الطفل محمد الدرة الذي قتله جنود الاحتلال الإسرائيلي وهو في حضن والده، وصور الأطفال الشهداء والمحتضرين والجرحى والمشردين في سوريا اليوم. بالرغم من أن الصور في وطننا العربي قد تأخذ زمنا طويلاً لتحدث تغييراً ما، حيث إن تأثير الرأي العام لدينا لايزيد على التأثير العاطفي الآني الذي سرعان ما يتلاشى.ومن الصور الخالدة التي دقت ناقوس الخطر منبهةً العالم إلى مأساة بشرية منسية هي المجاعة في جنوب السودان والقرن الأفريقي، صورة الطفل المحتضر الذي يتهيأ النسر الجاثم بالقرب منه للانقضاض عليه بعد موته.والصور ليست دائماً توثيقا للمآسي البشرية، فهي أيضاً تخليد للحظات الإنجازات الكبرى والخطوات العظيمة في تاريخ الإنسانية، فصورة الكوكب الأزرق الرائع التي اُلتقطت من الفضاء الخارجي تحكي قصة تحدي الكائن العنيد لكل الحدود والإمكانات. وتأتي صور إقلاع أول طائرة في العالم حيث بدأ بارتفاع أجنحتها عالم جديد أحد ركائزه الرئيسية الطيران. وتتوالى صور الإنجازات الطبية والعلمية والفنية وصور تحدي البشر لظروف الطبيعة القاسية وللاحتلال والعنصرية وغيرها من ظروف لتقول إن لهذا الكائن المميز جانب مشرق وعظيم.فالبشر الذين تعلموا منذ فجر التاريخ كيف يخلّدون لحظاتهم الخاصة بالرسم على جدران الكهوف ثم بالرسم على جدران المباني التي شيدوها ثم لتتطور الرسومات إلى رموز وحروف ولوحات ومنحوتات، حتى توصل العالم المسلم الحسن بن الهيثم وهو في سجنه، إلى ملاحظة سلوك الضوء وإنعكاساته من خلال ثقب في جدار السجن وسقوطه على الجدار المقابل، حاملا معه صورة مقلوبة لشجرة موجودة خارج الزنزانة، هذه الملاحظات التي دونها وأضاف لها الكثير من التجارب مهدت الطريق لظهور الكاميرات، وليبدأ عصر التصوير وجعل الصور متاحة لكل شخص.المصورون الذين التقطوا مثل هذه الصور الخالدة حصل بعضهم على جوائز عالمية ونال شهرة واسعة وبعضهم تأثر بقسوة الصور التي التقطها فقضى حياته متوارياً يحمل وزر ما اقتنصته عدسته، وبعضهم أقدم على الانتحار، لكن صورهم ظلت تحكي حكايات لم يفلح الزمن في طيها ومحوها من ذاكرة البشرية.

709

| 20 فبراير 2014

العصا.. رموز ومعان

العصا ذلك الغصن الجاف الذي تحول الى رمز للسلطة الدينية والدنيوية وللقوة والسيطرة، فهذه الأداة البسيطة التي كانت مجرد غصن شجرة غير مشذب استخدمه الإنسان القديم لنكش الأرض بحثاً عن دودة هنا او حشرة هناك لتكون طعاماً له، في فترة اعتمد فيها على الجمع والالتقاط لسد رمقه وإقامة أوده، ليكتشف فيما بعد إن لهذا الغصن وظائف أخرى، فبواسطته تمكن من صيد الحيوانات بطيئة الحركة والتقاط الثمار العالية، ثم تمكن في مراحل لاحقة من تشذيب الغصن وإعطاء طرفه شكلاً حاداً ليتحول الى رمح يأخذ مدى أطول لتحقيق هدفه، ثم تعلم الإنسان بعد أن اكتشف الزراعة حفر الأرض بالعصا لإلقاء البذور وتغطيتها بالتراب. شعور الإنسان البدائي بالامتنان لهذه الأداة البسيطة استمر حتى بعد أن تجاوز الإنسان مراحل الطفولة الإنسانية الأولى لتتحول العصا لدى إنسان الحضارات الأولى الى رمز ديني ودنيوي كبير حيث لا تجرى الطقوس الدينية في المعابد القديمة بدون العصا المقدسة. وتأتي عصا نبي الله موسى (عليه السلام) كأشهر عصا في التاريخ، والتي كانت ملازمة له في حله وترحاله، وقد كان يحمل عصاه عندما سأله الله (تبارك وتعالى) (ما تلك بيمينك ياموسى، قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى )، النبي موسى ارتبط في كل مراحل دعوته بعصاه التي أصبحت معجزة من معجزات الله، فعصاه التي ألقاها لتتحول الى ثعبان التهم ثعابين سحرة فرعون، وشق بها البحر ليهرب وقومه من بطش فرعون. كما تعد منسأة نبي الله سليمان (عليه السلام) من أشهر العصي التاريخية وهي عصاه التي مات وهو يتوكأ عليها حتى أكلت الأرضة أو دابة الأرض العصا فخر ساقطاً. كذلك تعد العصى الذهبية التي وجدت في مقبرة الملك الفرعوني الشاب توت عنخ أمون احد أشهر العصي التاريخية ونُحت فوقها تمثال للملك الشاب بكامل أبهته الملكية. وتمثل العصا لدى قدماء المصريين رمزاً لشجرة الخلق حيث نقش عليها اسم الإله، إذ تقول الأسطورة ان (الألهة الفرعونية إيزيس) عثرت على جثة زوجها في تابوت مثبّت بداخل شجرة ليظل الفراعنة يتداولون صولجان إيزيس المقدس. ثم تحولت العصى إلى رمز مقدس لا غنىً عنه للسلطة الدينية لدى المسيحيين، حيث لا تكتمل مسؤولية الكهنة والأساقفة دون العصا التي يتسلّمها (الأسقف) من المذبح ليكون مسؤولاً أمام الله، ويسمونها عصا الرعاية (العكّاز) الذي تعلوه حيّتان معدنيتان في إشارة لعصا موسى التي رفعها في البريّة، منذ ضْرِبْ بِعَصَاه الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا. وحمل الأباطرة اليونانيون الأوائل الصولجان وهو عصا طويلة على قمتها حلية معدنية، ثم حمله القضاة والزعماء العسكريون والكهنة. كما أمسك به الأباطرة الرومان والأوروبيون في القرون الوسطى كرمز للملك والسلطة، حتى انه يقدم للامبراطور أثناء تتويجه ليمسك به بعد ذلك طوال فترة حكمه. واعتبر المسلمون العصا سنة الأنبياء وزينة الصلحاء، وقد كان الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) يحمل معه عصا أينما ذهب، وأصبحت العصا ملازمة لخطباء الجمعة في المساجد، وعدت رمزاً لوجاهة الرجل وأناقته لدى بعض الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية ايضاً، كما اشتهر المطوع أو معلم الكتّاب بالعصى حتى أصبحت رديفة له يحملها معه ويضعها بجانبه عند تدريس الصبيان لتأديبهم. والعصا رفيقة الشاوي يهش بها على غنمه ويسيطر الراعي بها على إبله ويحملها البدوي أينما حل وارتحل. وقد كانت العصي على الدوام جزءاً من التراث الشعبي لشعوب كثيرة في أنحاء العالم حيث تظهر إحدى اللوحات الجدارية الفرعونية أشخاصا يرقصون رقصة التحطيب التي ما تزال تمارس في صعيد مصر كرقصة تراثية شهيرة. ويستخدم رجال قبائل الماساي الافريقية عصا كبيرة وقوية للرقص، كما يرقص الرجال في دول الخليج بالعصي في رقصة العيالة والحربية الشهيرة، وتدخل العصي ضمن رقصة العرضة كبديل للسيوف او البنادق. كذلك تعد العصي الأداة الأساسية التي تمارس بها الكثير من الألعاب الرياضية القديمة والحديثة مثل القفز بالزانة والغولف والبولو وغيرها. كما دخلت كلمة العصا للدلالة على أمور كثيرة فيقال ألقى عصا التَّرحال أي استقر وترك السفر، وشقَّ عَصَا الطَّاعة أي خالف وعصى وتمرَّد، وعلى طرْفِ العَصَا أي قريب وحاضر، كما يقال فعل كذا بعصًا سحريَّة أي بطريقة مدهشةٍ وغير متوقَّعة، ويقال قرَع له العصا أي نبَّهه، ويقال لا تدخل بين العَصَا ولحائها أي لا تُفسد بين المتصافين، ولا ترفع عصاك عن أهلك أي لا تخلهم من التَّأديب، ولا يضع العَصَا عن عاتقه أي كثير الأسفار، كما يقال لوت الأيامُ كفَّه على العصا بمعنى هرم وكبر، وكذلك ليِّنُ العَصَا بمعنى رقيقٌ لطيفٌ طائعٌ، وكذلك يقال هو بين العَصَا ولحائها أي موافق لصاحبه لا يخالفه الرأي.

23101

| 14 فبراير 2014

أزهار وشعوب

تشبه شعوب العالم الأزهار ، فكل زهرة لها شكل ولون ورائحة مميزة ، وهكذا هي الشعوب تتميز كل منها بثقافات ومهارات ومنتجات تعكس مالهذه الشعوب من خبرات ومثابرة وإصرار وقدرة على ترويض الطبيعة.فمهارة الأنامل الدقيقة وذكاء العقول النيرة والخبرات التي تراكمت لدى الشعوب لمئات من السنين ليتمكنوا بالنتيجة من صنع منتجات يدوية غاية في الإتقان والجمال وذلك قبل أن يخترع البشر المكائن ويتوصلون الى الإنتاج الآلي بقرون عدة . حيث أشتهر كل شعب بمنتجات مميزة ، فالخزف الصيني والقماش الهندي المطرز بالزري والإبريسم والسجاد الفارسي ذو العقد المتناهية الصغر والسدو الذي تصنعه النساء البدويات والمصنوعات النحاسية المصرية والفخاريات التونسية و التماثيل الخشبية المصنوعة في القرى الأفريقية و الأزهار الهولندية والعطورات الفرنسية والشيكولاته البلجيكية والساعات السويسرية وغيرها الكثير من المنتجات ماتزال منذ قرون تبهر العالم بإتقانها ودقة صناعتها. وحتى ما نظن إنه نتاج لجود الطبيعة وكرمها مثل اللؤلؤ الطبيعي والمحاصيل الزراعية وغيرها ، فإن ما مكن من إستغلالها وتحويلها الى منتج يستفيد منه البشر هو خبرة الإنسان ومهارته وما تراكم لديه من معلومات ، فإستخراج اللؤلؤ من أعماق البحر يعكس قوة وإصرار الإنسان وتحديه للبحر وما يملكه من مهارات وفنون ملاحية ، ويظهر تحدي وعناد البشر جلياً كذلك في زراعة أصناف من المنتجات الزراعية والعناية بها رغم ظروف الطبيعة والمناخ القاسية. فالشاي الذي نبدأ يومنا بشرب فنجان منه يعد أكثر المحاصيل حاجة للعناية والرعاية كما إن مراحل إعداده وتخميره تتطلب ظروف خاصة ومهارة بشرية فائقة. أما أزهار التوليب الفاتنة التي تزين مناسباتنا الباذخة ، فقد شكلت زراعتها تحدياً كبيراً للطبيعة ، فالهولنديين الذين تقع أكثر من نصف بلادهم تحت مستوى سطح البحر جففوا مناطق كبيرة من البحر و استصلحوا أجزاء من الاراضي الساحلية ، وحولوها إلى أراضي زراعية ليزرعوا بها أنواعاً من الورود والأزهار تنتشر اليوم في صالات الأعراس والمناسبات وعلى موائد الأغنياء في جميع أنحاء العالم. جهود اليشر تتكامل وتضيف لبعضها البعض ، فهذا التعاون فتح المجال أمام إبداع الإنسان في تطوير مهاراته العقلية واليدوية وصنع وزراعة وإبتكار أنواع وأصناف من المنتجات الجديدة كل يوم . وقد ظهرالتعاون والتبادل التجاري بين أمم الأرض منذ ما قبل الحضارات الإنسانية الأولى ، وبشكله البدائي من خلال نظام المقايضة ليتطور ويأخل أشكالاً أكثر تطوراً وتعقيداً . وكما قال الكاتب ماكس ليرنر ( إما يتعلم البشر كيف يعيشون كالأخوة أو يموتون كالبهائم ) . وكما قال أيضاً الفيلسوف الإنجليزي الشهير بيرتراند راسل ( الأمر الوحيد الذي سيحرر البشرية هو التعاون ).فحتى وإن إختلفت أشكالنا وألواننا وأدياننا ولغاتنا وتوجهاتنا إلا إننا نشكل عالماً واحداً متكاملاً وثرياً بفرادته وتنوعه.

1192

| 31 يناير 2014

من طبائع الشعوب

الصبر والجلد وقوة التحمل، حب المغامرة والانفتاح على الآخر، صعوبة المراس والتشبث بالرأي والعناد، الميل للمرح واللهو، سهولة المعشر وليونة الطبع.كلها صفات نفسية توسم شخصية صاحبها، يعرف بها ويتعامل معه الآخرون بناء عليها، لكن الأهم من ذلك ان شعوباً ومجموعات بشرية تنتمي لنفس العرق أو المنطقة الجغرافية تتصف بنفس الصفات الشخصية والسيكلوجية، حتى اشتهر سكان كل منطقة من مناطق العالم بصفات معينة تعارف الناس فيما بينهم على اتصافهم بها.فحب أهل البحر للمغامرة وانفتاحهم على الآخرين وقبولهم للغريب بين ظهرانيهم، وجلادة البدو وصبرهم وقدرتهم على التحمل مع التمتع بذكاء متقد وفراسة نادرة، والهدوء الذي يتصف به الفلاحون وأهل الريف والصبر والحرص على التدبير وعلى اتمام الأمر على خير وجه، قوة سكان الجبال البدنية وعنادهم وتشبثهم بآرائهم واعتدادهم بأنفسهم، كلها صفات انسانية مميزة اتسمت واشتهرت بها مجموعات كبيرة من البشر.وقد تحدث ابن خلدون في مقدمته الشهيرة عن علاقة الانسان ببيئته وأثر المناخ في طبائع الشعوب وتأثير الهواء على الوان البشر وأبدانهم، فذكر ابن خلدون أن للبيئة الطبيعية الأثر الأول في تكوين الصفات النفسية للشعوب واكسابها طبائعها وخصائصها، فالأمم تختلف في الوانها ونشاطها وشجاعتها وكثرة عددها أو قلتها، وفي ما فطرت عليه من الطبائع باختلاف مساكنها من وجه الأرض بين جبلٍ وسهلٍ، أو في منطقة باردة أو حارة أو معتدلة، أوفي بقعة خصبة أو قاحلة.وضرب على ذلك أمثالاً شتى، حيث أشار في وصفه الى تأثير حرارة الجو على السكان فوصف سكان المناطق الحارة بالخفة وكثرة الطرب والسبب في ذلك حرارة الجو وارتفاع الرطوبة التي تجعلهم أكثر ميلاً للفرح والسرور على عكس سكان المناطق الباردة.وتوسع ابن خلدون في الحديث عن الاقاليم الجغرافية وتأثيرها في حياة الانسان حيث قسم العالم الى سبعة أقاليم مناخية، تتميز الأقاليم من الثالث والرابع والخامس بالاعتدال الذي يميز طبائع سكانها والوانهم كذلك.. اما الأقاليم غير المعتدلة التي تقع في الاول والثاني والسادس والسابع فسكانها يعدهم ابن خلدون متوحشين وغير مستأنسين. ويعتبر ابن خلدون البدو الذين يطلق عليهم الفاقدين للحبوب والأدم من أهل القفار أحسن حالاً في جسومهم وأخلاقهم من أهل التلول المنغمسين في العيش حيث يصف أبدانهم بأنها أنقى وأشكالهم بانها أتم وأحسن وأخلاقهم أبعد عن الانحراف وأذهانهم أثقب في المعارف والادراكات. كما انه تحدث عن تأثير الغذاء على شخصية الانسان وصحته فاعتبر أن أهل المدن والأمصار لكثرة ما يتناولون من لحوم تغلب على أطباعهم القساوة والغفلة، بينما اعتبر ان تناول البقول أصح للبدن وأنفع للعقل.ولم يكن ابن خلدون الوحيد الذي بحث في تأثير المناخ والتضاريس في شخصية الانسان والتكوين البدني له فقد تناول قبله الفيلسوف الاغريقي الكبير أرسطو في كتابه عن السياسة الفرق بين سكان المناطق الباردة في أوروبا وسكان آسيا.فسكان اوروبا كما وصفهم أرسطو يتميزون بالشجاعة التي كانت أساس حريتهم لكنهم في الوقت نفسه يفتقرون الى المهارة في الادارة والتنظيم وبالتالي يفتقدون امكانية السيطرة او الامساك بزمام الامور.. اما سكان آسيا فلديهم الفكر والمهارة الفنية لكنهم يفتقرون الى الجرأة مما جعلهم محكومين بغيرهم.. لكنه يعتبر قومه الاغريق أمة وسطاً بين آسيا وأوروبا مما جعلهم يجمعون بين مميزات المجموعتين.أما هيبوقراط والملقب بأبي الطب فدون آراءه في كتابه (الجو والماء والأقاليم)، حيث وصف سكان الجبال المعرضين للأمطار والرياح بالشجاعة وطول القامة والطباع الحميدة.

34121

| 24 يناير 2014

alsharq
الكرسي الفارغ

ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...

5058

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3690

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2799

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

2679

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

2361

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1494

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
وجبات الدايت تحت المجهر

لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...

1071

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
وجهان للحيرة والتردد

1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...

978

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

915

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

906

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
القيمة المضافة المحلية (ICV)

القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...

846

| 20 أكتوبر 2025

alsharq
دور معلم الفنون في مدارس قطر

في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...

825

| 17 أكتوبر 2025

أخبار محلية