رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعيش أطفالنا اليوم في عالم مليء بالتحديات والمغريات، سواء في محيط المدرسة أو خارجها، ومع اتساع دائرة معارفهم واحتكاكهم المستمر بالآخرين، تزداد أهمية دور الأهل في توعيتهم بكيفية التعامل مع الغرباء أو حتى بعض الزملاء الذين قد يتصرفون بطرق غير مألوفة، إن حماية الأبناء لا تتوقف عند تزويدهم بالعلم، بل تشمل أيضًا تزويدهم بالوعي اللازم لحماية أنفسهم من أي مخاطر قد تهدد سلامتهم الجسدية أو النفسية. من المهم أن يشرح الأهل لأبنائهم بهدوء وبأسلوب يتناسب مع أعمارهم أن قبول الحلويات أو المشروبات أو الأدوية من الغرباء أو حتى من بعض الزملاء ليس أمرًا آمنًا، فقد تحتوي هذه المواد على ما يضر بصحتهم أو يستخدم كوسيلة للإيقاع بهم، كذلك ينبغي تحذيرهم من مشاركة ألعاب غريبة أو بالونات للنفخ لا يعرفون مصدرها، إذ قد تكون ضارة أو تحتوي على ما يضرهم. ومع انتشار استخدام الهواتف والأجهزة اللوحية، أصبح من الضروري تربية الأبناء على عدم مشاركة صورهم الخاصة أو بياناتهم الشخصية مع أي شخص، سواء عبر الإنترنت أو بشكل مباشر، هذه المعلومات قد تُستغل ضدهم، أو تُعرّضهم لمواقف محرجة أو حتى ابتزاز. على الأهل أن يزرعوا في نفوس أبنائهم قاعدة ذهبية: لا يذهب الطفل مع أي شخص لم يسبق أن وافق عليه الوالدان، حتى وإن بدا هذا الشخص ودودًا أو ادّعى أنه صديق للعائلة، وينبغي تدريب الطفل على قول «لا» بثقة والانسحاب فورًا في حال شعر بعدم الارتياح. من أبرز وسائل الحماية أن يشعر الطفل بالثقة الكاملة ليتحدث مع والديه أو طاقم المدرسة عن أي موقف غريب يتعرض له، على الأهل أن يؤكدوا لأبنائهم أنهم لن يوبخوهم أو يلوموهم إذا تحدثوا عن أمور أزعجتهم، بل إنهم سيكونون الملجأ الأول للحماية والدعم، هذه المصارحة المبكرة تساعد على التصدي لأي مشكلة قبل أن تتفاقم. كما أنه ينبغي للأهل أن يكونوا قدوة في التعامل الحذر مع الآخرين أمام أطفالهم، وأن يغرسوا فيهم مهارة التمييز بين المواقف الطبيعية والمريبة، كما أن تخصيص وقت يومي للحوار مع الأبناء حول تفاصيل يومهم في المدرسة أو أثناء اللعب يتيح فرصة لاكتشاف أي أمر غير مألوف بسرعة. • إن حماية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، لكن الدور الأكبر يبدأ من البيت، فمن خلال التوعية المستمرة، والحوار المفتوح، وبناء الثقة مع الأبناء، يستطيع الأهل أن يضعوا الأسس المتينة التي تحمي أطفالهم من المخاطر، وعلينا أن نتذكر أن طفلًا واعيًا ومدركًا لقيم الأمان هو طفل أكثر قدرة على مواجهة الحياة بثقة وطمأنينة.
411
| 31 أغسطس 2025
شهدت الفترة الأخيرة تزايدًا لافتًا في حملات مقاطعة المشاهير على منصات التواصل الاجتماعي، وهي حملات لم تأتِ من فراغ، بل من وعي متنامٍ لدى فئات واسعة من المجتمع تجاه التأثير السلبي الذي يمارسه هؤلاء على النشء والشباب، فالكثير من المشاهير لا يقدمون محتوى هادفًا أو ملهمًا، بل يركّزون على استعراض حياتهم المترفة بما تحمله من مظاهر بذخ ورفاهية مفرطة، الأمر الذي يزرع في عقول المراهقين صورة مشوهة عن النجاح والسعادة، ويعزز لديهم نزعة الاستهلاك والمقارنات غير العادلة. إن ثقافة "الاستعراض" التي يتبناها كثير من هؤلاء المشاهير تدفع الشباب إلى الاعتقاد بأن السعادة الحقيقية تكمن في اقتناء الماركات العالمية، والسفر المستمر، والسيارات الفارهة، متناسين أن خلف هذه الصورة اللامعة قد تختبئ قضايا غير أخلاقية أو حتى شبهات قانونية، كما أن غيابهم عن القضايا القومية والإنسانية الكبرى، وعلى رأسها قضية فلسطين، يجعلهم في نظر الكثيرين مجرد شخصيات سطحية لا تحمل أي مسؤولية اجتماعية أو إنسانية، بل همهم الأول والأخير هو تضخيم ثرواتهم وزيادة شهرتهم. من أخطر الآثار المترتبة على متابعة هؤلاء المشاهير أن المراهقين، الذين يمرون بمرحلة بناء الشخصية والهوية، يجدون أنفسهم محاصرين بمقاييس غير واقعية للنجاح، وهذا قد يؤدي إلى الإحباط والشعور بالنقص، بل وحتى الانسياق وراء سلوكيات غير أخلاقية بحثًا عن طريق مختصر للشهرة والثراء، لذلك، فإن مقاطعتهم ليست مجرد ردة فعل عاطفية، بل خطوة واعية تهدف إلى حماية المجتمع من هذا التلوث الفكري والثقافي. ولكي تكون هذه الحملات أكثر تأثيرًا وفعالية، لا بد من مرافقتها بخطط توعوية تستهدف المراهقين والأهالي على حد سواء، يجب توضيح أن ما يُعرض على هذه المنصات ليس الحياة الطبيعية ولا النموذج المثالي، بل مجرد مشاهد مُنتقاة بعناية لخدمة صورة زائفة، كما ينبغي تعزيز قيم القناعة والرضا بما قسمه الله، وغرس مفهوم أن السعادة الحقيقية لا تُشترى بالمال، بل تُبنى بالرضا الداخلي والعمل الجاد والإسهام في خدمة المجتمع. إلى جانب ذلك، على المؤسسات التعليمية والإعلامية أن تقدم بدائل إيجابية، مثل قصص ملهمة لأشخاص حققوا النجاح بالعلم والاجتهاد، أو نماذج شبابية ساهمت في خدمة القضايا الإنسانية والوطنية، فالمجتمع بحاجة إلى قدوات حقيقية، لا إلى “نجوم” يبيعون الوهم. إن مقاطعة المشاهير الذين يسيئون استخدام منصات التواصل ليست غاية في ذاتها، بل وسيلة لإعادة تصحيح البوصلة القيمية داخل المجتمع، فكلما أدرك المراهق أن هذه الحياة المبهرة ما هي إلا قناع هش، كلما زاد اقتناعه بأن القناعة كنز لا يفنى، وأن الرضا بقضاء الله هو الطريق الأصدق للراحة النفسية والسعادة الحقيقية. وبذلك تتحول هذه الحملات من مجرد رد فعل جماعي إلى رسالة قوية بأن المجتمع لم يعد يقبل التزييف، وأنه ماضٍ نحو بناء وعي جديد يضع القيم والأخلاق فوق الاستعراض والترف الزائف.
519
| 24 أغسطس 2025
مع اقتراب العام الدراسي الجديد، يتهيأ الطلاب والطالبات لمرحلة جديدة مليئة بالتحديات والطموحات. فالعودة إلى المدارس ليست مجرد عودة إلى الصفوف والكتب، بل هي عودة إلى طريق بناء المستقبل، ورسم الأحلام، وتحقيق الأهداف، إنّها فرصة ذهبية لكل طالب ليبدأ صفحة جديدة يملؤها بالجد والاجتهاد والإنجاز. إنّ الدراسة ليست مجرد واجب يومي، بل هي مفتاح يفتح أبواب العلم والمعرفة، ومن ثمّ أبواب المستقبل، وكل ساعة يقضيها الطالب في طلب العلم هي استثمار حقيقي في نفسه وفي وطنه، لذا، من المهم أن يدرك الطلاب أن الاجتهاد اليوم هو طريق التميز غدًا، وأن النجاح لا يُهدى لمن يتكاسل، بل لمن يبذل جهدًا، ويتحدى الصعوبات، ويصبر على المشقة. ولا يخفى علينا الدور الكبير للمعلمين والمعلمات، فهم حجر الأساس في بناء الأجيال، وصنّاع العقول الذين يضيئون دروب المعرفة، المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو قدوة، وملهم، وموجّه يزرع القيم قبل أن يزرع المعارف، ومن هنا، يجب أن يظل المجتمع ممتنًا لجهودهم، وأن نحرص جميعًا على دعمهم وتشجيعهم، لأنهم يقدّمون رسالة عظيمة لا تقل أهمية عن أي رسالة أخرى في الحياة. وفي الوقت نفسه، لا يمكن أن نغفل دور الأهل في تهيئة البيئة المناسبة للتعلم، فالمنزل هو المدرسة الأولى التي يتعلّم منها الأبناء قيم الانضباط والمسؤولية، من المهم أن يوفّر الوالدان أجواءً تساعد أبناءهم على التركيز، بعيدًا عن الملهيات، وأن يتابعوا تقدمهم الدراسي باهتمام وحب. كما أنّ تشجيع الأبناء بكلمات إيجابية، ومكافأتهم على اجتهادهم، يعزز من ثقتهم بأنفسهم ويدفعهم إلى الاستمرار في طريق النجاح. ولعلّ العودة للمدارس هي أيضًا مناسبة لغرس قيم التعاون بين الطالب وزملائه، وبين البيت والمدرسة، لأن العملية التعليمية لا تكتمل إلا بتكاتف الجميع، الطالب يحتاج إلى الدعم النفسي والتشجيع، والمعلم يحتاج إلى الاحترام والتقدير، والأهل يحتاجون إلى الصبر والحكمة في التعامل مع متطلبات العام الدراسي. إنّ بناء المستقبل يبدأ من مقاعد الدراسة، وكل جهد يبذله الطالب اليوم سيؤتي ثماره غدًا، لذلك، لنستقبل العام الدراسي بروح إيجابية، وبعزيمة لا تعرف الكلل، ولنضع نصب أعيننا أن النجاح ليس نهاية الطريق، بل بداية لرحلة أكبر من الإنجازات. • فلنجعل العودة إلى المدارس نقطة انطلاق نحو التميز، ولنُدرك جميعًا – طلابًا ومعلمين وأهلاً – أنّ العلم هو أعظم سلاح نواجه به تحديات الحياة، وأجمل هدية نقدمها لأنفسنا ولأوطاننا.
435
| 17 أغسطس 2025
في السنوات الأخيرة، أصبحت ألعاب الفيديو الحديثة جزءًا أساسيًا من حياة الأطفال والمراهقين، حيث يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات مندمجين في عوالم افتراضية مليئة بالإثارة، ورغم أن هذه الألعاب يمكن أن توفر الترفيه وتنمّي بعض المهارات، إلا أن هناك جانبًا مظلمًا لها، خاصة تلك التي تتضمن مشاهد عنف أو محادثات غير لائقة أو رسائل خفية يمكن أن تؤثر على الصحة النفسية والسلوك. وتكرار التعرض لمشاهد العنف داخل الألعاب يمكن أن يؤدي إلى انخفاض حساسية الطفل تجاه العنف في الواقع، وزيادة ميله إلى السلوك العدواني، كما أن بعض الألعاب تتيح خاصية المحادثة المباشرة (Chat) مع لاعبين مجهولين، وهو ما قد يفتح الباب أمام التنمّر الإلكتروني أو استدراج القُصّر من قبل أشخاص ذوي نوايا سيئة، هذا النوع من التجارب قد يولّد لدى الطفل مشاعر القلق، العزلة، والاكتئاب. في بعض الحالات، يصبح الطفل أو المراهق أكثر تأثرًا بالرسائل السلبية أو الإيحاءات الخطيرة التي قد يتلقاها أثناء اللعب، بعض الألعاب أو المجموعات السرية المرتبطة بها قد تحث اللاعبين على القيام بتحديات خطيرة، مثل إيذاء النفس أو الانتحار، على غرار «تحدي الحوت الأزرق” الذي أودى بحياة عدد من المراهقين حول العالم، كذلك، يمكن أن تتسلل أفكار سلبية إلى عقل المراهق إذا كان يعيش ظروفًا أسرية أو اجتماعية صعبة، فتكون اللعبة بيئة محفّزة لزيادة تلك الأفكار. وطالعتنا الأخبار بعدة قصص لحوادث مرتبطة بالألعاب فمثلاً: في عدة دول سُجلت حالات انتحار بين المراهقين بعد مشاركتهم في تحديات إلكترونية خطيرة عبر ألعاب أو منصات دردشة داخل الألعاب، كما عُرضت تقارير إعلامية وثّقت أطفالاً أصيبوا بجروح بسبب تنفيذ أوامر أو تحديات تلقوها من لاعبين آخرين مجهولين، بالإضافة إلى زيادة حالات التنمّر الإلكتروني أثناء اللعب والتب دفعّت بعض المراهقين للدخول في نوبات إكتئاب حادة. ولهذا على الأهل أن يكونوا أكثر وعياً للتعامل مع أطفالهم والمراهقين في السماح لهم باللعب في ألعاب الفيديو مع مراقبة لنوعية الألعاب ومحتواها، وقراءة التقييمات والمراجعات لمعرفة محتواها، تحديد الوقت المسموح، ووضع حدود زمنية للعب لتجنب الإدمان وتأثيره على النوم والدراسة، المشاركة في اللعب، محاولة تجربة اللعبة مع الطفل لفهم طبيعتها ومحتواها، التوعية بالمخاطر، مناقشة الطفل بوضوح حول مخاطر العنف الإلكتروني والتحديات الخطيرة، استخدام أدوات الرقابة، تفعيل ميزات الحماية الأبوية لمنع الوصول إلى محتوى غير مناسب، الدعم النفسي، ملاحظة أي تغيّر في سلوك الطفل أو مزاجه، وعدم التردد في طلب المساعدة من مختصين نفسيين إذا لزم الأمر، فذلك أفضل من أن تُفجع الأسرة بفقدان أطفالها، * تبقى ألعاب الفيديو أداة ترفيهية مؤثرة في حياة الجيل الجديد، لكن دور الأهل في التوجيه والمراقبة ضروري لحماية الأبناء من مخاطر العنف والإيحاءات السلبية التي قد تؤدي إلى إيذاء النفس أو الانتحار، الوعي والمشاركة الأسرية هما خط الدفاع الأول أمام هذه التحديات الرقمية.
354
| 10 أغسطس 2025
يُعد المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان (الأمل) في قطر من أبرز المؤسسات الطبية المتخصصة في المنطقة، وقد تأسس ليكون مركزاً متكاملاً يقدم خدمات تشخيصية وعلاجية وبحثية متقدمة في مجال السرطان، ويواكب التطورات العالمية في هذا المجال الحساس، يقع المركز تحت مظلة مؤسسة حمد الطبية، ويتميز بجودة خدماته وتفاني طاقمه الطبي والتمريضي في رعاية المرضى واحتضانهم إنسانياً ونفسياً. يستقبل المركز آلاف المرضى سنوياً من داخل قطر وخارجها، ويقدم مجموعة شاملة من العلاجات المتقدمة مثل العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، والعلاج المناعي، والعلاج الموجه، والجراحة الدقيقة، إلى جانب خدمات الدعم النفسي والاجتماعي والتأهيلي، كما يضم المركز أحدث الأجهزة الطبية والتقنيات المستخدمة عالمياً، مما يجعله منافساً لكبرى مراكز علاج السرطان في دول مثل ألمانيا والولايات المتحدة. من أهم ما يميز مركز الأمل هو الكوادر الطبية المؤهلة ذات الخبرة العالية، والتي تضم نخبة من الأطباء الاستشاريين في مختلف تخصصات الأورام، يعملون ضمن فرق متعددة التخصصات لضمان تقديم خطة علاج شاملة ومتكاملة لكل مريض. أما الطاقم التمريضي، فقد تم تدريبه بعناية فائقة ليتقن ليس فقط المهارات الطبية، بل أيضاً فن التعامل الإنساني مع المرضى الذين يعيشون ظروفاً نفسية صعبة، يتمتع الممرضون والممرضات بروح الرحمة والدعم والتفهم، مما يُسهم في تعزيز الراحة النفسية للمريض، وهو عامل جوهري في رحلته العلاجية. يُعد المركز الوطني مركزاً تعليمياً أيضاً، حيث يُجري أبحاثاً متقدمة في مجال الأورام، ويسعى لتطوير علاجات أكثر فاعلية وتقليل الأعراض الجانبية، وهذا يؤكد مكانته كبنية تحتية وطنية مهمة في قطاع الرعاية الصحية المتقدمة. ومع هذه النجاحات الطبية والإنسانية، تظل بيئة المركز من الجوانب التي تحتاج إلى تطوير، فمن المهم أن تتماشى تصميمات المباني والألوان والأثاث مع الأجواء النفسية التي يحتاجها مريض السرطان، إذ أن الألوان المشرقة، والإضاءة الطبيعية، والتصاميم الهادئة تُساهم بشكل كبير في تحسين مزاج المريض، ورفع معنوياته، كما أن تحديث بعض المرافق وتجديد الأثاث سيعزز من الشعور بالراحة والانتماء، خاصة أن المريض يقضي فترات طويلة في المركز. • يبقى مركز الأمل مفخرة وطنية في مجال الرعاية الصحية المتخصصة، إلا أن تعزيز التجربة العلاجية لا يقتصر فقط على الأجهزة والعلاجات المتقدمة، بل يشمل أيضاً البيئة العامة والاهتمام بجوانب الرفاه النفسي،الاستثمار في تجديد المساحات وتحسين تصميم المركز وتجديد أثاث الغرف ودهان ألوانها بما يُعزز من الإيجابية والطمأنينة، هو استثمار في شفاء الإنسان قبل المرض. • تحية لكل القائمين والعاملين في المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان لما يقدمونه من خدمات إنسانية جليلة للمرضى.
345
| 03 أغسطس 2025
حين يمرّ أحد أعز الناس على قلوبنا بمرض أو همٍّ شديد، يشعر القلب وكأنه قد فُجع، وتغمر النفس مشاعر الحزن والعجز، ويبدو كل شيء حولنا باهتًا، فمن أصعب ما يواجهه الإنسان في حياته، أن يرى من يحب يتألم، ولا يستطيع أن يخفف عنه أو يداوي جراحه، هذا الشعور بالعجز يُنهك الروح، ويجعلنا نعيد التفكير في كل تفاصيل الحياة. الحزن في هذه اللحظات ليس مجرد دمعة تسقط، بل هو صمت طويل، ونظرة ممتلئة بالقلق، ودعاء خافت نرفعه إلى السماء، نحاول أن نتماسك، لكن أحيانًا نبكي بعيدًا عن الأنظار، لأننا نريد أن نظهر أقوياء أمام من نحب، نحاول أن نرسم ابتسامة على وجهنا كي لا نزيد من ألمه، لكن بداخلنا تنهار جدران الصبر. قد نشعر بالضيق من أنفسنا، ونلومها لأننا لا نملك القدرة على الشفاء أو الحل، وقد يتسلل إلينا الإحباط، خاصة عندما يطول البلاء. وهنا تتجلى حقيقة الإيمان، ويتضح الفرق بين من ينهار تحت وقع الابتلاء، ومن يزداد صلابة وتعلقًا بالله. الإيمان لا يعني أن نخفي حزننا، بل يعني أن نوجه هذا الحزن إلى الله، أن نبوح له بكل شيء، أن نقول له بقلوب منكسرة: “يا رب، لا حول لنا ولا قوة إلا بك”، فالله وحده يعلم ما في القلوب، ويقدر على شفاء الأجساد والصدور، وهو القائل: “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”. في مواجهة هذه المشاعر، لا بد أن نسمح لأنفسنا بالشعور، بالبكاء، بالحزن، ولكن دون أن نستسلم، علينا أن نستمد من إيماننا طاقة الصبر، وأن نُذكر أنفسنا بأن البلاء مهما طال، فإنه مؤقت، وأن الله أرحم بنا وبأحبتنا من أنفسنا. ومن الواجب علينا في مثل هذه الظروف أن نكون بجانب من نحب، لا فقط جسدًا، بل دعمًا روحيًا وعاطفيًا، كلمة طيبة، لمسة حنان، دعاء صادق، قد تصنع في قلبه ما لا تفعله أقوى العلاجات. علينا أن نُذكر أنفسنا بأن المرض، أو الهم، قد يكون ابتلاءً فيه رحمة، وتطهيرًا للذنوب، ورفعة للدرجات، وإذا أحب الله عبدًا ابتلاه، فربما كانت هذه الشدة بابًا من أبواب رحمته، لا عقوبة. وفي النهاية، لا بد أن نُسلم الأمر كله لله، أن نثق بأنه لن يضيع دموعنا، ولا دعاءنا، ولا صبرنا، وأن الليل مهما طال، فلا بد أن يعقبه فجر، وأن الله مع الصابرين. • اللهم اشفِ من نحب، وداوِ قلوبنا التي لا تحتمل رؤيتهم يتألمون، وقرّ أعيننا بفرحٍ ينسينا كل هذا الوجع.
297
| 27 يوليو 2025
يُعد الذكاء الاصطناعي (AI) من أبرز الابتكارات التقنية التي أحدثت ثورة في عالم الأعمال خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت قدراته تتجاوز ما كان يُعتقد ممكنًا، من تحليل البيانات الضخمة بدقة عالية إلى تنفيذ المهام الروتينية بكفاءة وسرعة تفوق الإنسان، ومع هذا التقدم، بدأ الذكاء الاصطناعي يؤثر بشكل واضح على سوق العمل، مثيرًا مخاوف وتساؤلات حول مستقبل الوظائف التقليدية ومصير الموظفين. أحد أبرز التأثيرات المباشرة للذكاء الاصطناعي هو استبدال بعض الوظائف التي تعتمد على المهام المتكررة أو الحسابية الدقيقة، مثل موظفي إدخال البيانات، وخدمة العملاء، والمحاسبة الأساسية، وحتى بعض المهن في القطاع القانوني والإعلامي، فبفضل تقنيات مثل الروبوتات البرمجية والتعلم الآلي، أصبحت الشركات قادرة على تنفيذ هذه المهام بتكلفة أقل وبدقة أعلى وبدون الحاجة إلى تدخل بشري مستمر. هذا التوجه يطرح سؤالًا جوهريًا: ما مصير الموظفين إذا ما لجأت الشركات إلى الاستغناء عن البشر؟ الواقع أن بعض الوظائف قد تُلغى بالفعل، مما يفرض على الموظفين المتأثرين التحول نحو مجالات جديدة تتطلب مهارات فكرية أو إبداعية أو إنسانية لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدها بسهولة، مثل القيادة، الابتكار، التحليل الاستراتيجي، والرعاية الإنسانية. لكن هل يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يُغني عن البشر كليًا؟ الإجابة ببساطة: لا. فعلى الرغم من تفوق الذكاء الاصطناعي في مجالات معينة، إلا أنه يظل أداة تعتمد على الإنسان لتوجيهه، تدريبه، ومراقبته، لا يمتلك الذكاء الاصطناعي وعيًا ذاتيًا أو مشاعر، ولا يستطيع اتخاذ قرارات أخلاقية أو التعامل مع التعقيدات الاجتماعية والثقافية بنفس فاعلية البشر، لذا فإن دوره هو الدعم والمساندة، لا الإحلال الكامل. في المقابل، يمكن للموظفين الاستفادة من مميزات الذكاء الاصطناعي لتطوير أعمالهم وتعزيز كفاءاتهم، فبدلًا من مقاومته، يُنصح بتعلم كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل أنظمة التنبؤ، تحليل البيانات، والمساعدين الذكيين، على سبيل المثال، يمكن لموظفي التسويق استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستهلكين وتخصيص الحملات الإعلانية، بينما يمكن للمهندسين استخدامه في تحسين التصميمات واختبار النماذج. كما أن تطوير المهارات الشخصية والمهنية، مثل التفكير النقدي، الإبداع، والذكاء العاطفي، يظل من أهم السبل للتميّز في سوق العمل المستقبلي، حيث تظل هذه القدرات غير قابلة للاستبدال بالذكاء الاصطناعي. * يمثل الذكاء الاصطناعي تحديًا حقيقيًا وفرصة في الوقت ذاته، من يتعامل معه بخوف سيفوته الركب، ومن يراه أداة تطوير سيجد فيه حليفًا قويًا للنجاح في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.
684
| 20 يوليو 2025
في عصر طغت فيه السرعة على التأمل، وأصبح التفاعل اللحظي معيارًا للنجاح، يواجه صانعو المحتوى والمؤسسات الإعلامية تحديًا كبيرًا، كيف يمكن تحقيق الانتشار الواسع دون التفريط بالمصداقية؟ فمنصات التواصل الاجتماعي أوجدت بيئة خصبة لانتشار المحتوى، لكنها في الوقت ذاته فتحت الباب أمام المعلومات المضللة والمحتوى السطحي الذي يسعى وراء الإعجابات والمشاهدات أكثر من سعيه وراء الحقيقة. المصداقية ليست عائقًا، بل ركيزة للانتشار الذكي والمستدام، فالجمهور اليوم، وإن بدا منجذبًا إلى العناوين المثيرة والمحتوى السريع، إلا أنه سرعان ما يميز بين المحتوى الهادف والمحتوى المُضلل، المستخدمون باتوا أكثر وعيًا، وأكثر حرصًا على متابعة من يلتزم بالموضوعية والشفافية والاحترام لعقولهم. ولكي يجمع صانع المحتوى بين المصداقية والانتشار، يجب أن يبدأ ذلك من احترام القيم الأساسية في الإعلام، وأولها الدقة والصدق، المحتوى الموثوق، المدعوم بالمصادر، والمبني على معرفة حقيقية، قد لا يحصد أرقامًا فورية ضخمة، لكنه يؤسس لثقة طويلة الأمد، وهذه الثقة هي ما يحفظ للمحتوى انتشاره وفعاليته مع الوقت. والجمهور لا يتفاعل فقط مع الحقيقة، بل مع الطريقة التي تُقدَّم بها، هنا تأتي أهمية التقديم الإبداعي: استخدام عناصر بصرية جذابة، عناوين مشوقة (دون تضليل)، فيديوهات قصيرة ولكن ثرية، واستثمار القصص الواقعية والمؤثرة، الجمع بين الصدق والإبداع هو ما يصنع الفارق. كما أن التفاعل مع الجمهور عنصر جوهري في تعزيز المصداقية والانتشار معًا، عندما يردّ صانع المحتوى على التعليقات، ويعترف بالأخطاء إن وُجدت، ويوضح الأمور الغامضة بشفافية، فإن هذا يعزز من مكانته ويزيد من انتشاره، فوسائل التواصل لم تعد وسيلة لبث الرسائل فقط، بل أصبحت مساحة حوارية تشاركية تتطلب الحضور الإنساني الدائم. ولكي يُحافظ على مصداقيته، يحتاج صانع المحتوى إلى أن يُبني هويته الرقمية على الوضوح والثبات في الموقف، فلا يتلون حسب الجمهور أو الترند، هذا الثبات يجعله مرجعًا للمتابعين، ويعزز انتشاره بوصفه “صوتًا موثوقًا” وسط ضجيج المنصات. وعلى المؤسسات الإعلامية والمؤثرين أن يدركوا أن المصداقية والانتشار لا يتناقضان، بل إن الانتشار الحقيقي والمستدام لا يُبنى إلا على قاعدة من المصداقية، وكلما التزموا بهذه القاعدة، ازداد تأثيرهم، واتسعت دائرة متابعيهم، وارتفعت مكانتهم في وعي الجمهور.
183
| 13 يوليو 2025
انتهت الامتحانات، وبدأ الصيف، وها هي الأسئلة الكبرى تتسرب إلى عقول الخريجين: ماذا أريد أن أكون؟ ماذا أدرس؟ وما هو التخصص الذي يناسبني؟أسئلة ثقيلة، لكنها مفتاح المستقبل، في زمن السرعة والمنافسة، لم يعد اختيار التخصص الجامعي قرارًا روتينيًا، بل هو أول خطوة في طريق الحياة المهنية، لكن قبل أن يختار الطلبة من الجنسين تخصصاتهم، عليهم أن يعرفوا ما هو شغفهم؟ فالشغف ليس رفاهية، بل هو الطاقة التي تدفع الإنسان ليُبدع، ويصبر، ويتميّز في مجاله. والسؤال الذي قد يتبادر للذهن، كيف نكتشف الشغف! الخطوة الأولى هي الفضول: جرّب، اقرأ، تطوّع، شارك في ورش عمل، شاهد تجارب الآخرين، قد تكتشف أنك تعشق التصوير، أو أن ريادة الأعمال تشعل فكرك، أو أن عالم البرمجة يفتح أمامك آفاقًا غير محدودة، الشغف لا يأتي في رسالة، بل يُكتشف بالتجربة. الخطوة الثانية: فهم الذات، ما الذي تستمتع به؟ ما المهارات التي تملكها وتحب تطويرها؟ ما نوع العمل الذي تحب أن تمارسه يوميًا دون ملل؟ التخصص ليس مجرد شهادة على الحائط، بل نمط حياة، وتحقيق للطموح. ثم تأتي المرحلة الأهم: التوفيق بين الشغف وسوق العمل، صحيح أن الشغف أساسي، لكن لا يكفي وحده، من الذكاء أن يسأل الشاب: هل هناك مستقبل مهني في هذا المجال؟ هل أستطيع أن أطور نفسي فيه وأحقق الاستقرار؟ فهناك تخصصات رائعة، لكنها تحتاج إلى تطوير ذاتي مستمر حتى لا تتقادم. هنا، يأتي دور الإرشاد المهني في المدارس والجامعات، وحتى عبر المنصات الرقمية، يجب أن نوجه الشباب نحو مصادر تساعدهم في استكشاف ميولهم، ومعرفة احتياجات سوق العمل محليًا وعالميًا، وفتح الأبواب أمامهم لاكتساب مهارات القرن الحادي والعشرين: الإبداع، التفكير النقدي، والعمل الجماعي. والنصيحة المُقدمة للأهل، هي تَفّهم رغبات ابنائهم وعدم قتل أحلامهم وطموحاتهم فيما يودون دراسته والعمل فيه بعد التخرج، فهم من سيعيشون حياتهم، ويجب أن يحبوا ما يدرسونه ويعملون به، فلا تفرضوا عليهم تخصصات لمجرد أنها مضمونة أو محترمة أو حلمكم القديم، قد ينجح فيها ظاهريًا، لكنه يتآكل من الداخل، إن أسعد الناس هم أولئك الذين يعملون في ما يحبون، فامنحوا أبناءكم الثقة، واسمعوا لهم أكثر مما تملون عليهم. •لكل الشباب من الجنسين لا تستعجلوا القرار اقرأوا أنفسكم بصدق، ولا تخافوا من تغيير الطريق إن اكتشفتم أنه لا يناسبكم، فالحياة ليست سباقًا، بل رحلة تستحق أن تعيشوها بشغف.
216
| 06 يوليو 2025
حطّت بي طائرة الخطوط القطرية في أرض الدوحة الساعة السادسة مساء، ووصلني مسج إغلاق الأجواء القطرية وإيقاف حركة الملاحة الجوية ورحلات الطيران، وبمجرد وصولي البيت دوت أصوات انفجارات متتالية أصابتنا بالرعب، فخرجت لأرى الصواريخ تتوالى في سماء الدوحة، عاش الشعب القطري لحظات قاسية لم يسبق له أن مر بها، حين تعرضت قاعدة العديد الجوية في قطر لهجوم صاروخي إيراني، ضمن تداعيات التصعيد العسكري الجاري بين إيران وإسرائيل، ورداً على قصف أمريكي استهدف مواقع إيرانية في المنطقة. ورغم أن الهجوم لم يُسفر عن خسائر بشرية أو أضرار مادية تُذكر، إلا أن وقعه النفسي كان عميقًا ومفاجئًا، نظراً لأن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها قطر مثل هذا التوتر الأمني داخل أراضيها. الحدث الذي أرعب سكان الدوحة والمنطقة بأسرها، لم يكن مجرد قصف عابر، بل هز شعور الأمان الذي تنعم به البلاد منذ عقود، خاصة أن قطر تُعرف بعلاقاتها المتوازنة مع الجميع، بما في ذلك إيران، وقد حافظت الدوحة دومًا على سياسة الحياد الإيجابي والسعي إلى خفض التصعيد في الإقليم، وحثها المستمر للحلول الدبلوماسية والمفاوضات التي أشتهرت ونجحت بها بامتياز، لذا، كان من الصعب على كثير من المواطنين والمقيمين استيعاب أن الأراضي القطرية باتت فجأة ساحة لصراع خارجي لا ناقة لها فيه ولا جمل. ومع تصاعد المشاعر بالقلق والذهول، ساد في الوقت نفسه شعور بالفخر والثقة، بعد أن أثبتت أنظمة الدفاع الجوي القطرية جاهزيتها العالية، وتمكنت من التصدي للصواريخ التي حاولت اختراق أجواء الدوحة. إذ تعاملت القوات الجوية بكل كفاءة مع الموقف الطارئ، ودون وقوع خسائر مما أعاد بعض الطمأنينة إلى قلوب الناس، وأكد أن المنظومة الأمنية في قطر ليست فقط متطورة تقنياً، بل يقظة ومستعدة لأية تهديدات خارجية، مهما كانت مفاجئة أو غير متوقعة. لكن رغم نجاح الرد الدفاعي العسكري، يبقى وقع الحدث صعباً على الذاكرة القطرية، لما يحمله من دلالات خطيرة بشأن هشاشة الاستقرار في منطقة الخليج، وتزايد احتمالات توريط أطراف غير معنية في نزاعات دولية تتجاوز حدودها، كما أعاد الحادث التذكير بضرورة مضاعفة الجهود الدبلوماسية لإبعاد منطقة الخليج عن بؤر التوتر الإقليمي، وتجنيب شعوبها ويلات الحروب غير المعلنة. وفي ظل هذه الظروف، ارتفعت الدعوات في قطر والمنطقة بأسرها للسلام والأمن والاستقرار، وتعالت الأصوات التي تُناشد العقلاء في العالم بوقف هذا التصعيد المجنون الذي لا يخدم إلا مزيداً من الدمار وسفك الدماء، فالشعوب ليست وقوداً لصراعات سياسية وعسكرية، والدوحة – التي لطالما احتضنت مبادرات السلام ووساطات الحل – تستحق أن تبقى واحة آمنة لكل من يعيش على أرضها. إن ما جرى يوم 23 يونيو كان جرس إنذار، بأن النار إذا اشتعلت في الجوار لا بد أن تطال الجميع، ولو بشكل غير مباشر، لكن في المقابل، أثبت الشعب القطري تماسكه، وأكدت مؤسساته الأمنية جدارتها، لتبقى قطر عنواناً للثبات والعقلانية، في محيط يتقلب على صفيح ساخن. • اللهم دم علينا الأمن الآمان وأحفظ قطر وأميرها وحكومتها وشعبها من كل شر.
390
| 29 يونيو 2025
الإنسانية ليست مجرد كلمة تُتداول في الخُطب أو تُكتب في المعاجم، بل هي جوهر الوجود الإنساني وروح القيم التي تميز البشر عن سائر الكائنات، إنها تعني التعاطف، الرحمة، الإحساس بآلام الآخرين، وتقديم العون دون انتظار مقابل، الإنسانية هي ما يجعلنا ننظر إلى الآخر، مهما كان مختلفًا عنا، بعين المساواة والمحبة. تتجلى أهمية الإنسانية في تفاصيل حياتنا اليومية. فهي تظهر في طريقة تعاملنا مع كبار السن، في عطفنا على الأطفال، في مساعدتنا لمن يحتاج، وفي إحساسنا بالآخر حتى وإن لم نعرفه شخصيًا، نمارسها مع الجار، مع الزميل، مع الغريب، بل حتى مع الحيوان والبيئة من حولنا، الإنسانية لا تُحدّ بحدود الجغرافيا أو الدين أو العرق، بل تتخطى الحواجز لتُؤكد أن جميع البشر يستحقون الكرامة والاحترام. الإنسان الرحيم هو من يمتلك قلبًا حيًا، يشعر بالحزن حين يرى المظلوم، ويفرح لفرح الآخرين، ويعمل على تخفيف الألم متى استطاع، من صفاته: اللين، والتواضع، والإيثار، والصدق، والقدرة على احتواء الضعفاء دون تجبر أو تعالٍ، هو الذي يرى في كل موقف فرصة لزرع بذور الخير، وفي كل إنسان شريكًا في الإنسانية. لكن هذه القيم تُختبر بشدة في أوقات الحروب والأزمات السياسية، حيث تطغى المصالح والقوة على المشاعر، ويُهمّش الضعفاء وتُرتكب المآسي، في مثل هذه الظروف، تتعرض الإنسانية للخذلان، وتُرتكب الجرائم باسم السيادة أو العقيدة أو الثأر، ومع ذلك، تبرز نماذج مضيئة لأشخاص ومنظمات اختاروا التمسك بإنسانيتهم، فسعوا لإنقاذ الأرواح، وإيواء اللاجئين، وتضميد الجراح، رافضين أن تنكسر قلوبهم أمام آلة الحرب. في عالم يتجه نحو الفردية والأنانية، ويعج بالمادية والصراعات، يصبح الحفاظ على إنسانيتنا تحديًا حقيقيًا، ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى إعادة إحياء الضمير، وتعليم الأطفال قيم التعاطف، وتقدير دور الرحمة في المجتمع، علينا أن نكون يقظين في مواجهة مظاهر القسوة، سواء في الإعلام أو السياسات أو حتى في تفاصيل حياتنا البسيطة. • الإنسانية ليست ضعفًا، بل هي أعظم قوة يمتلكها الإنسان، إنها اللغة الوحيدة التي يفهمها القلب، والطريق الوحيد لبناء عالم أكثر سلامًا وعدالة، وفي زمن الوحشية، من يتمسك بإنسانيته هو البطل الحقيقي.
309
| 15 يونيو 2025
يُعد عيد الأضحى من أعظم المناسبات الدينية عند المسلمين، ويحل في العاشر من ذي الحجة بعد أداء ركن الحج الأعظم، وهو الوقوف بعرفة، هذا العيد يحمل في جوهره معاني الإيمان العميق والطاعة الخالصة، إذ يستحضر المسلمون فيه قصة نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وتجسيدًا لقيم التضحية والامتثال لأمر الله. يمثّل العيد فرصة روحية عظيمة لتجديد العهد مع الله، ولتطهير النفس من الأحقاد والضغائن، إذ تنبع فيه مشاعر الفرح من أعماق الإيمان، ففي هذه الأيام المباركة، تفيض القلوب بالمحبة وتُفتح الأبواب للتسامح، حيث يسارع الناس إلى الصفح والمصالحة، ويغتنمون اللحظة لتصفية ما علق بالنفوس من خلافات. عيد الأضحى أيضاً مناسبة لتعزيز صلة الرحم، وهي من أعظم ما حَثَّ عليها الإسلام، فيزور الناس أقاربهم، ويتبادلون التهاني، ويجتمعون على موائد الطعام، فتتقارب القلوب، وتلين النفوس، وتتجدد المحبة بين أفراد العائلة الواحدة، هذا التواصل العائلي يعيد بناء الروابط الاجتماعية التي قد تضعف مع مشاغل الحياة، ويذكّر الجميع بأهمية العائلة والدفء الأسري. أما مشهد الأضحية، فيضفي على العيد روحًا من التكافل والتآلف، إذ يتقاسم الناس لحوم الأضاحي مع الفقراء والمحتاجين، فيشعر الجميع بأنهم شركاء في الفرح والرزق، وهو تذكير عملي بأن السعادة لا تكتمل إلا حين تُشارك، وأن نعمة الله ينبغي أن تُبذل في الخير. في عيد الأضحى، تتعالى التكبيرات وتسمو الأرواح، وتتحوّل المدن إلى لوحات من الفرح الممزوج بالإيمان. الأطفال يفرحون بالهدايا والملابس الجديدة، والكبار يغمرهم شعور بالرضا والسكينة، إنه عيد تتجلّى فيه الوحدة الإسلامية، حيث يحتفل به المسلمون في كل بقاع الأرض في وقت واحد، موحِّدين قلوبهم ودعاءهم. إن أهمية هذا العيد لا تكمن فقط في مظاهره، بل في رسالته العميقة: دعوة دائمة للعودة إلى الله، للتسامح مع الناس، للتراحم مع الأقارب، ولتعزيز قيم التضحية والعطاء، ولغرس الإيمان في النفوس والتي تكتمل بالحب والتسامح.
351
| 08 يونيو 2025
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4014
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1728
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1569
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1059
| 07 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
885
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
549
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل