رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تقاليد

من الأشياء المصاحبة لتقليد كتابة المراجعات قبل النشر في الغرب، استضافة الكاتب في حوار، لصحيفة أو مجلة، تتبنى الترويج الكتابي. في حوار كهذا لا يسأل الكاتب عن علاقة الطب بالأدب مثلا، لا يسأل عن تأثره بالكاتب الفلاني أو عدم تأثره به، ولا يوضع في امتحان، كله سدود وإحباطات عليه اجتيازها، كما يحدث في حوارات كثيرة عربية. الذي يحدث أن الكاتب يسأل عن عوالم كتابه، والمحطات التي يراها جيدة فيه ويود لو يتوقف الناس عندها قليلا، وإن كان هذا الكتاب إضافة واعية لتجربته، أم مجرد إضافة فقط؟في حوار كهذا، سيبدو الكاتب غاية في الانشراح وهو يتحدث عن عوالم، هو من صاغها، وسيبدو نزيها حين يقرر نوعية الإضافة التي أتى بها الكتاب، لأنه إن لم يكن نزيها، كشفته المراجعات التي ستنشر بجانب حواره، أو التي ستأتي لاحقا.لا أنكر أن هناك من يكتبون المراجعات في بلادنا أيضا، لكنهم يكتبون مراجعات القراء العادية، أي تلك التي تأتي بعد أن يكون الكتاب قد صدر، بزمن طويل، وأحيانا عن كتب لم تعد موجودة أو متداولة، في هذا الزمن، وغالبا حصل عليها القارئ على رف مغبر في مكتبة تركها والده، مثل كتب النظرات، والعبرات للمنفلوطي وغيرها من الكتب الكلاسيكية. لقد تحدثت كثيرا عن هذه المراجعات، وأظنني بحثت في آلية كتابتها، وبدت لي في غالبها، ناتجة من المحبة لكتاب ما، أو عدم المحبة تجاه كتاب آخرين، وقلت إنها شبيهة بآلية تشجيع فرق كرة القدم، المبنية إما على الحماس المتنشنج، أو الفتور القاتل، لكنها تبقى في النهاية، نشاطا معقولا، يستحق الإشادة به، وتشجيعه، ولا بأس من انتقاء قراء موهوبين، ليوظفوا قراء سابقين للكتب، يطالعونها قبل صدورها ويكتبون آراءهم.أعتقد شخصيا، أن الكاتب كبيرا كان أو صغيرا، بقراء كثيرين أو محدود القراء، لا يريد ثروة أو جاها، من وراء مشاريع اللوثة هذه التي تسمى مؤلفات، والتي يضيع فيها وقت طويل مقتطع من أوقات الأسرة، والأصدقاء، ومقتطع من العمر الذي لا يحس به المصاب بلوثة الكتابة إلا حين يقترب من النهاية.

381

| 24 أبريل 2017

بعض الاستطلاعات

بالنسبة للثقافة، أو الكتابة، ومن الأسئلة التي تحتل مكانا مميزا في استطلاعات الرأي، مسألة الجوائز الأدبية، فهذا الاستطلاع، طرح ويطرح باستمرار، في أي وقت تعلن فيه نتيجة مسابقة، أو تخرج قائمة من القوائم، كما أنه، أي موضوع الجوائز عندنا في السنوات الأخيرة، بات محورا للمقالات الثقافية والتقارير الإخبارية التي يصيغها المحررون، وينشرونها في صحف ربما تكلفهم، أو لا تكلفهم بتلك التقارير، وحقيقة لا أود التقليل من شأن استطلاع للرأي يسأل مثلا عن أهمية جائزة البوكر للأدب العربي؟ وهل تبدو قيمتها المالية مناسبة؟ والسؤال نفسه عن جائزة كتارا، وجائزة العويس، وجائزة الشيخ زايد، وكل تلك الجوائز التي يبدو بعضها مزركشا ولامعا، وبعضها لا نعرف عنه أي شيء، ونفاجأ حين يكتب أحدهم في موقع للتواصل: باركوا لي، حصلت على جائزة كذا.قلت إنني لا أريد التقليل من شأن استطلاع كهذا، لكن أيضا الإجابة أو الإجابات المستخلصة من كثيرين، يتم سؤالهم، لن تجدي شيئا، فلن تتغير تفاصيل تلك الجوائز، إن مدحناها بسخاء أو أسهبنا في وصف سلبيات لها، لن تصبح البوكر مثلا، مسكينة، وتنقاد لحالمين يودون الحصول عليها، لأننا قلنا، إنها لا تحقق طموح الكثيرين، ولن تسهل العويس قليلا من آليات الترشح لها، بحيث تمنح لمبدع عن أعمال معروفة قدمها، بدلا من شحن عشرات الكتب إلى عنوانها. الحديث إذن بلا جدوى، ويصبح مجرد حديث فقط.أيضا وبمناسبة العام الجديد، يأتي استطلاع سنوي عن أفضل الكتب التي قرأها أحدهم في عامه الماضي، وهذا استطلاع جيد، إن أخذ بجدية لأنه يلفت الأنظار لكتب ربما كانت فعلا جيدة، ولم ينتبه إليها كثيرون، وأزعم أن قراءات بعض الزملاء، التي عثرت عليها في استطلاعات هذا العام، لفتت نظري إلى أعمال، لم تكن من ضمن خطة قراءاتي، وكانت أعمالا جيدة. فقط يصبح هذا الاستطلاع أيضا بلا جدوى حين نتحدث عن أعمال الأصدقاء بحب، لأنهم أصدقاء، ولا نأتي بذكر أعمال من هم بعيدون عنا، رغم ما تستحقه.

470

| 17 أبريل 2017

تعليقات

في أحد المقالات، كنت تحدثت عن عالمية النصوص وكتابها، وكيف نخلط في العادة بين النص المترجم للغة أخرى غير لغته، أو حتى لغات عدة، والنص الذي يعتبر عالميا. قلت إن الترجمة في حد ذاتها، ليست طريقا عالميا تسلكه الكتابة بجواز سفر معبأ بتأشيرات الدخول لأي مكان، وإنما وقفة قصيرة أو طويلة، أمام جوازات الإبداع، قد يحصل بموجبها على تأشيرة دخول وقد لا يحصل، بينما النص العالمي، هو ذلك يعبر ببساطة إلى التذوق بعد ترجمته. ذلك أنه أثار موضوعا عاما تتناقله البلاد كافة، أو تحدث عن مرض يصيب الناس في زيمبابوي ومونتريال على حد سواء، مثل الفيروسات، أو تنبأ بكارثة ستحدث في بقعة معينة، وحدثت تلك الكارثة، وثمة نصوص كثيرة، كتبت في بلاد العرب وفي الهند والصين انطبقت عليها صفة العالمية وأصبحت عالمية بالفعل. بخصوص كتابتي تلك، علق قارئ، وكان يعتقد أن العالمية أيضا سلوك للكاتب بقدر ما هي سلوك للنص، أي أن الكاتب العالمي ينبغي أن يشبه نصه في ارتداء المعرفة، والاستعداد لنشرها. وقد اعتبرت ذلك التعليق حيويا جدا، وبالفعل، كلما كان المؤلف أنيقا في سلوكه، وحضاريا، وممتلئا بالمعرفة، وله خبرات واسعة في مجالات المعرفة المتعددة، ويستطيع أن يملأ قاعات المحاضرات هنا وهناك برصانته، كان النص سريع العبور، ويتم تذوقه، والتنويه له في محافل عدة. أيضا كتبت عن المكتبات المنزلية، وشبهتها بالعنابر المملوءة بأرواح كثيرة، هي أرواح الكتب التي تتحاوم في بيوتنا، وتسعدنا بوجودها وقد لا نحس بها، لأننا نغفل شيئا هاما، هو تخيل ما قبل خلق تلك الكتب، وفي أي حالة من حالات النشوة أو الجنون كان كتابها حين صاغوها. وأيضا يجد بعض القراء نوافذ مشرعة في الموضوع ليلجوا عبره، ويؤكد بعض منهم أنهم فعلا ابتدأوا يتخيلون تلك الأرواح الموجودة في مكتباتهم، ويتصفحون الكتب تلمسا لها، وبالفعل عثر بعضهم على ذكريات له مع الكتب، حين اشتراها أو حين كان يقرأها، وهناك من تذكر تاريخ الشراء، وحتى من أين تم.

356

| 03 أبريل 2017

شهادة

اعتدت من حين لآخر، وأثناء كتابتي للمقال، أن أستشهد ببعض مفاصل تجربتي في الكتابة، ليس بإطرائي لتلك التجربة التي ولدت ومضى عليها الزمن بخيرها وشرها قطعا، وعثرت على الذين ساندوها منذ البدايات، والذين تفهوا من أمرها وما يزالون حتى الآن، وهذا شيء طبيعي، وغير محبط بالتأكيد، ولكن لأن الكاتب أو الشاعر أو أي شخص عالق في هم مرهق مثل هذا، حين يكتب، لا بد أن يستشهد بتجربة هو يعرفها أكثر، وأصبحت من مواد الخبرة التي يستقي منها أحيانا.ولا أجد شخصيا أي مشكلة في ذلك، ما دام الكاتب حياديا تجاه تجربته، وليس مفتتناً بها، أو يروج لها بطريقة مخلة، فقط قد يتحدث عن مناسبة كتابة عمل ما، ومن أين استوحى مفرداته، أو يجيب عن أسئلة ربما تعلق في أذهان القراء الحقيقيين، أي الذين يهضمون التجارب ويسعون لترسيخها في أذهانهم أكثر، وليس أولئك الذين لم يألفوا القراءة أصلا، ولا كانت هما من همومهم في يوم من الأيام، ولذلك لا يعرفون علاقة الكاتب بتجربته، وعلاقة تلك التجربة بالقارئ والمجتمع.وفي كل الندوات التي كنت حاضرا فيها، استمعت إلى تجارب متعددة، يرويها أدباء من مختلف الجنسيات، ومختلف مدارس الكتابة، وكلها تستقي من التجربة الشخصية للأديب، كيف عثر على موهبته أولا، وفي أي وقت من أوقات حياته كان ذلك؟، كيف فرح، وترجم إحساسه إلى لغة في الورق، ثم كيف كتب النصوص الكبيرة بعد ذلك وصنف كاتبا أو شاعرا، سيضيف إلى سكة الكتابة أعمالا جديدة بعد ذلك.هذا السرد الذي ذكرته، يسمى الشهادة الإبداعية، وهي سكة مشروعة من سكك الكتابة، في أي مكان، ومن حق كل كاتب أن يكتب شهادته في الكتابة، ويلقيها في أي مناسبة تحتم إلقاءه شهادة، أو ينشرها في صحيفة أو كتاب بعد ذلك، بغض النظر عن جودة أعمال ذلك الكاتب من عدمها، وبغض النظر أيضا إن كان كاتبا محبوبا ويملك جماهير مساندة، أو كاتبا أخفقت أعماله في الوصول حتى لآخر الشارع الذي يقطن فيه.

277

| 27 مارس 2017

سؤال

دائما ما أسأل نفسي حين تواجهني الأسئلة الدقيقة عن خفايا كتابتي، ماذا يستفيد القارئ إذا عرف شيئا عن خفايا الكاتب؟بصفتي قارئا أجبت عن هذا السؤال بكل بساطة، ولطالما كنت في قمة الفضول- ولدرجة الهوس- لمعرفة تلك الأدوات المطبخية التي يستخدمها كتابي المفضلون في إنتاج أعمالهم، ولا أعني هنا الثقافة أو موهبة الكتابة، ولكن أشياء مثل الممارسات اليومية ساعة الكتابة: في أي وقت يكتبون، كم ساعة يقضونها في ألم الكتابة ومتعتها يوميا، وكم كلمة يخرجون بها من عراكهم اليومي؟المسألة ليست ضرورة ملحة بقدر ما هي جزء من المحبة التي يكنها القارئ لكاتب ما، ولطالما أحببت غابرييل ماركيز وأنطونيو غالا وأورهان باموق، وعددا آخر من كتاب العالم والعرب، قرأت أعمالهم عدة مرات، وسعيت لقراءة ما كتبوه عن خفاياهم، وخرجت بِرِيٍّ جيد للفضول دعّم من محبتي لهم وتطلعي لقراءة المزيد من الأعمال للذين ما زالوا أحياء وينتجون، وإعادة قراءة ما أعرفه عن إنتاج الذين رحلوا منهم.في كتاب "ألوان أخرى" لأورهان باموق كثير من الرؤى الجيدة والملامح الجميلة لعالم مترف الجمال، وإسطنبول مدينة وهبت الإيحاء لمعظم الكتاب الأتراك قديما وحديثا، وما زالت تهبه للعديد من الذين يكتبون هذه الأيام.إسطنبول مدينة ساحرة فعلا، فهي عروس مزركشة محاطة بالورد في أماكن، وامرأة مسنة تحتضر في أماكن أخرى، فيها لعب جغرافي، وزخم تاريخي، وموارد من الحنين إليها للذين يزورونها ويغادرونها، ويستطيعون كتابتها في روايات، وأعتقد أنها من أكثر المدن التي عُقدت بينها وبين الروايات مصالحة ما.باموق في كتابه تحدث كثيرا عن المدينة، وهي جزء كبير من عالمه، كما تحدث أيضا عن طقوسه في كتابة الروايات، وذكر مناسبات معينة أوحت له بكتابة بعض أعماله، وذكر أبحاثه التي أجراها من أجل أن يكتب نتائجه التي خلص إليها، وكيف كوّن شخوصا وألغى آخرين، وكيف أنجز في النهاية كتابا مثل "اسمي أحمر" الذي أعتبره أحد أفضل أعماله.

318

| 06 مارس 2017

حوارات

لقد كتب لي عدد من القراء في مناسبات عديدة، أنهم يبدون استغرابهم من الحوار الذي يدور بالفصحى داخل نصوصي، بين شخصيات بسيطة وقد لا تكون متعلمة لتتحدث بهذه الطلاقة، وكانوا يضربون مثلا في الغالب بشخصية مثل: على جرجار في “العطر الفرنسي”، أو آدم نظر وجبروتي في “مهر الصياح”، وشخصية أبو زيد زيتون، الصحراوي البسيط الذي تبرع للمغني بكليته، في رواية “زحف النمل”..كان القراء يقولون إنهم يفضلون لو كنت استنطقت تلك الشخصيات بطبيعتها، وجعلتها تتحدث باللغة المحكية التي تستخدمها في أماكنها بشكل يومي، ولن تكون ثمة لهجة غيرها، حتى لو نقلت إلى نصوص فنية.أتفق مع أولئك القراء أن الأمر يبدو فعلا خارجا عن المألوف، وفي الواقع لا يمكن أن يتحدث “زيتون” أو غيره من تلك الشخصيات هكذا، لكنها ضرورات الكتابة كما ذكرت، وأن النص ليظل نصا منتشرا وقابلا لقراءته في المغرب والجزائر مثلا، يجب أن يكون هكذا.. بالمقابل كقارئ، أستطيع التفاعل مع نصوص المغرب والجزائر أكثر، لو كتبت بطريقة وسيطة، أستطيع فهمها.كل صاحب لهجة محلية غير مستخدمة على نطاق واسع، يعي صعوبتها على غيره، ولذلك نرى الأفلام المغاربية، التي يتحدث أبطالها بلهجاتهم، توجد عليها ترجمة بالفصحى، هنا ليس ثمة غرابة في الأمر، ولكن مساعدة من صناع الفيلم في إدخال المشاهد الغريب، في جوه، وأيضا مساهمة في انتشاره، لأنه لم يصنع أصلا ليشاهده المغرب العربي فقط، وإنما جميع من يعشق السينما ويستمتع بما تنتجه.بالنسبة لتجربتي الكتابية، فمن حسن الحظ أنني أكتب سردا في الغالب، ولا ترد الحوارات كثيرا، وإن وردت، فهي مقاطع قصيرة فقط، لتبيين موقف ما، لا يمكن كتابته سرديا.على أنني أستخدم العامية أحيانا، وذلك حين أكتب قصائد تراثية داخل الروايات، أو أغنيات يرددها الجميع في مناسبات متعددة، وقمت بكتابة أغنيات المغني أحمد ذهب كلها بـاللهجة العامية، في زحف النمل.

425

| 06 فبراير 2017

سؤال الشعر والرواية

هناك سؤال قديم يطرح عليّ دائما وبشكل متكرر من قبل المحاورين، وبعض القراء الذين ألتقيهم أحيانا في ندوات أدبية، ويمكن أن يسأل فيه كل من بدأ سكة الكتابة شاعرا ثم اتجه بعد ذلك لكتابة الرواية: ما الذي يمكن أن تقدمه الرواية، ويعجز الشعر عن تقديمه؟في الحقيقة يبدو السؤال لي مجحفا في صياغته، وهو يقارن بين ما يمكن أن يقدمه صنف من الإبداع على حساب صنف آخر، فالشعر والقصة والرواية والموسيقى والنحت كلها أصناف من الإبداع اكتشفها الإنسان ويعبر بها عن حياته بخيرها وشرها، فالموسيقى تعبر والرسم يعبر والنحت وكذلك الأدوات الأخرى.لذلك لن نقول إن الرسم بألوان الزيت أفضل من الرسم بألوان الماء، ويفوق النحت في التعبير، وسنتذوق كلا من هذه الفنون على حسب طبيعته، وننبهر به بحسب دفقات الانبهار التي يرسلها.إجابتي على سؤال الشعر والرواية إذن من المفترض أيضا أن لا تقدّم صنفا على صنف، فالشعر له ميزة ابتكار الصور الفنية العالية الجودة، والسمو بالمفردات العادية لجعلها تحلق بعيدا، وهو أساس نبش الخيال وإعادة إنتاجه، وهو إيضا ركيزة في فن الغناء الذي نعشقه جميعا.فحين تقرأ قصيدة مثل "مديح الظل العالي" لمحمود درويش، أو"أعشاب صالحة للمضغ" لمحمد سليمان، أو أي قصيدة أخرى لأحد الشعراء المجيدين، تحسّ بتلك الأجنحة التي ارتدتها المفردات وحلقت بها، وتحس أيضا بأن لديك جناحين تشارك بهما في التحليق.وبالرغم من أن محاولات عديدة وكثيفة جرت لتخريب الشعر في السنوات الأخيرة وأفقدته الكثير من هيبته القديمة، وتشرد كثير من متذوقيه، فإن وقع القصيدة الحقيقية يبقى، وما زال ثمة شعراء يكتبون تلك القصيدة الواعية، وتوزع كتبهم أفضل من الكتب السردية.أيضا هناك مواضيع هامة يمكن أن يلخصها الشعر في ومضة، بينما تحتاج لرسم مجتمع وشخصيات وحوادث من أجل الحديث عنها في الرواية.

1237

| 30 يناير 2017

رأي

يقول الممثل الأمريكي المعروف ويل سميث، في حوار معه: إن السينما بما فيها من قصص جيدة، وتفاعل جماهيري عريض، يمكنها أن تغير الناس وأفكارهم إلى الأفضل، ويقول بعض المبدعين الذين ما زالوا يؤمنون بدور الكاتب والكتابة، في التنوير: إن الكتابة تغير الأمزجة للأفضل، وكذا يقول المسرحيون، ويقول كل من مشى في درب فني، أو إبداعي، إن دربه يمكن أن يساهم في تغيير العالم.حقيقة لا يمكن إغفال دور الفن في إحداث التغيير الذي يقصده سميث وغيره من مبدعي السينما، ولأن السينما هي في النهاية، حقل مرئي، ويشد الناس أكثر من أي حقل فني آخر، فمن الممكن جدا أن تغرس فيه القصص الفاضلة، والأفلام التي تتحرر من العنف والرذيلة، والتي فيها جمال في الصور وجمال في المغزى، أو تلك التي تصور حالات إنسانية رائعة مثل فيلم «تايتنك» الشهير، حين صور لحظات الموت لأشخاص كانوا يعشقون الحياة، وأفلام سيدني بواتييه التي شاهدناها كلنا، في فترة ما، وويل سميث نفسه له أفلام جيدة ومتحررة من العنف وتحارب العنصرية بالفن.وكثير من النجوم العالميين امتلكوا ذلك الحس الإنساني العميق في تفاعلهم مع المآسي والكوارث، حيث يشاركون بالدعم المادي والمعنوي، في إفريقيا المحتاجة دائما لمثل ذلك الدعم، ومنهم من يرعى أطفال العالم الثالث الفقراء، ومن يتبناهم، كما نرى عند الجميلة: أنجلينا جولي، وهكذا تبدو السينما ومن يؤدي أدوارها من الفنانين الجيدين، أداة كبرى للتغير، وأعتقد أن العنف الذي نشهده الآن في كل مكان، حيث يموت الأبرياء بلا ذنب، وبلا أي شعور من القاتل أنه قتل أحدا، يمكن أن يحارب بقصص إنسانية، وحضور إنساني طاغ، ومحطات إنسانية، تغرس في كل مكان، ليدلي كل من أراد بدلوه.بالنسبة لدرب الإبداع المكتوب، في شكل قصة أو شعر، وهو أقل جذبا للناس كما هو معروف، لا ينبغي أن يستسلم سالكوه للوهن وشح القراء والمتفاعلين، وأعتقد أن الصبر والمواظبة على كتابة القصص المرتبطة بالإنسانية، وتجسيد المعاناة مثل قصص الحروب الظالمة، والديكتاتوريات البغيضة، وقصص التشرد واللجوء لأوطان بديلة، يمكن أن يثمر في النهاية شيئا.

352

| 16 يناير 2017

وصف

كان ثوبك أسود بنقوش حمراء، لعلها كانت مشاريع أزهار ستنبت، لكن المصمم ألغاها بحنكة، لاستحالة أن تنبت أزهار أخرى، على جسد زهرة، لعلها كانت بذور نجوم، ستزين سماء الثوب لو تركت، وألغيت أيضًا لأن كوكبًا أشد بريقًا، احتل السماء المعتمة، وأضاءها.لم أميز أي إضافات خادعة على الوجه، ولا شبهة استعارة على الشعر الذي تمدد حتى الكتفين، والعطر الذي رجني حقيقة، لم يكن مثل عطري السائد، الذي لا يرج حتى شعرة دم واحدة. في البداية تأملتك في حذر، وخيل لي للحظة، أنني سأظل ممسكًا بالحذر حتى أبلغ مقعدي، وأنتظر تقدم الليل وأمضي إلى بيتي، كما خططت، لكن الحذر ما لبث أن سقط صريعًا في المسافة بيني وبينك، وفتحت عيني على اتساعهما، جعلتهما مغرفتين شديدتي الظمأ، تغرفان ما استطاعتا. أظنك لم تنتبهي إليّ في تلك اللحظة، ولا في أي لحظة أخرى من لحظات تقدم العشق داخلي، لأنك لم تشاركيني إياها، ولو كنت قد انتبهت، لربما ظننت أن الذي كان يرتعد أمامك، محمومًا في نوبة من نوبات الملاريا، وبحاجة إلى إسعاف، وحقيقة كنت في حمى، وبحاجة إلى إسعاف، ظللت أتمنى قدومه حتى يومي الأخير، وأنا حي الشعور، قبل أن أرحل رحيلي المعنوي.شاهدتك تصعدين إلى المسرح الملون، تقدمين التهنئة للعروسين، مادة يدًا خلتها من حرير، وتنزلين، تصعدين مرة أخرى بعد أن اشتعلت أنغام فرقة اللهب من جديد، وجاء مغن آخر، أشد صعلكة، وأعلى صوتًا، وردد أغنية راقصة، شاركت فيها برقصة متزنة ونزلت، تابعتك وأنت تمشين، رصدت مشيتك بوله، وأنت تجلسين على مقعد بجوار نساء أخريات يعرفنك، وغرست عيني فيك، سمعتك تتحدثين، ولم أسمعك جيدًا، لأن ثمة مسافة كانت بيني وبينك، وفي اللحظة التي هممت فيها باقتناص ابتسامة زاهية، بدأت شفتاك تنسجانها، تحية لواحدة حيتك، من أجل أن أستعيدها في خلوتي، أو خلواتي التي ستطول كما بدا لي، داهمني أحد تلاميذي الأشقياء بغتة، خاطبني بلقب الأستاذ، وأعادني بلا أي خيار مني ولا رغبة، إلى مختبر الكيمياء، معلمًا صارمًا، كما كنت طوال حياتي، وحين مضى، وعدت إليك من جديد، لم تكوني موجودة في أي مكان من أمكنة ذلك الأثر الطلياني، لا على المسرح ولا على المقاعد، ولا بين النساء المشتتات حول الأمسية، بشتى ألوانهن وأزيائهن، واللائي تبعثرت وسطهن كالمجنون باحثًا عنك. لقد ذهبت يا أسماء، ذهبت، ولم تتركي عنوانًا أو موعدًا، أو شبعًا راسخًا، يتجشأ به الجائع في ما تبقى من ذلك الليل المختلف.

634

| 09 يناير 2017

سخاء الأفكار

في أحد الأيام كنت أشاهد فيلما سينمائيا، نسيت اسمه، وكان عن شاب طيب يعمل موظفا في بنك، والتحق مصادفة بدورة تدريبية يقدمها رجل ملتح، وكانت بعنوان: قل نعم. إنها ببساطة فكرة أن لا تكون فظا ومعقدا، وتعقّد الأمور باستمرار، لدى من يطلب المساعدة، سواء كان ذلك في البيت أو العمل أو الطريق العام. "نعم" المطلوبة، هي رمز للتسامح وتقبّل الآخر والسعي معه لحل مشكلته إن كانت مادية أو معنوية. و"نعم"، هي أيضا رمز لازدهار صنعتك إن كانت لديك صنعة ولاستقرار عائلتك إن كانت لديك عائلة. هكذا فهم موظف البنك الشاب، ماذا تعني: نعم، وكيف سيقول نعم إن واجهه خيار أن يقولها أو يقول لا التي هي عكسها. امرأة شبه عمياء، تطلب مساعدته لعبور شارع خطر.. "نعم".. ويمسك بيدها، بكل لطف، إلى الجانب الآخر.. جار يطلب منه المساعدة في دفع سيارته القديمة المعطلة، فلا يتأفف.. "نعم"، وتدور عربة الجار، وفي قسم القروض في البنك الذي كان يديره بجفاف وقسوة وحسابات تجارية محضة، لسنوات، وتبدو "لا" الرفض حاضرة في أي وقت، و"نعم".. القبول بلا هوية، تقريبا، يجلس ساعات يفكر، ثم يقوم بتوظيف نعم الإيجابية، نعم الطيبة في كل الطلبات المؤجلة، وفي غضون وقت قليل ازدحم البنك بالعملاء، وازدهرت أعماله، ونال صاحب النعم الإيجابية، ترقية ومكافأة.هذه كانت الفكرة الرمز، وأظنني وجدتها فكرة عظيمة، لأنها جلست في ذهني سنوات، كما يبدو، وذات يوم كتبت شخصية: قسم السيد محارب، الرجل الطيب حامل النعم الإيجابية، التي يوزعها حتى للقطط والكلاب الضالة، وواجه بسببها مآزق كثيرة. هو هنا حارس أمن في فندق كبير، ولا علاقة له بالبنوك، وبيئة السودان وإفريقيا لا تشبه بيئة أمريكا بالطبع، ورواية تعاطف التي كان بطلا لها، لا تمت للفيلم السينمائي بصلة، فقط فكرة كبرى كانت جيدة، ويمكن استثمارها عشرات المرات، كما أعتقد.

480

| 02 يناير 2017

كتب

بعد أن أصبت بداء السفر، والمشاركة في الملتقيات المتعددة، هنا وهناك، ولقاء الأصدقاء من الكتاب، وأيضا لقاء كتاب شباب، يهمهم أن أقرأهم، أصبحت أتلقى هداياي من الكتب، بعضها مباشرة من أيدي من ألتقيهم، وبعضها مرسل بواسطة آخرين، وأحيانا أجد كتبا ملقاة أمام غرفتي حيث أقيم، وعليها إهداءات، وبلغ في إحدى زياراتي لدولة عربية أن وصلني سبعون كتابا تتراوح بين الشعر والرواية والمسرح والخواطر، سهرت في تقليبها ليلة سفري لبلدي، ولم أعرف كيف أحملها، وأيضا كان من الصعب تركها، وكان أن وضعتها في حقيبة إضافية، وحملتها معي، بما يشكل وزنا زائدا لحقائب السفر، وعبئا على الذهن أن يفكر حتى في إمكانية قراءة كل ذلك.أعتقد أن الكتاب هو بطاقة الكاتب التعريفية، وبها يمكنه أن يكتسب معارف وأصدقاء، وأيضا يمكنه أن يقدم نفسه لدور النشر التي لا تعرفه، وللمستشرقين الأجانب حين يزورون بلده، طمعا في ترجمة. الكاتب المبتدئ أو الشاب، أكثر حاجة لبطاقته التعريفية، ودائما ثمة عشم في كتاب كبار ومخضرمين أن يطلعوا على نتاجه ويقيموه، وأعرف شخصيا من ذكريات البداية، أن الكتاب المطبوع لكاتب شاب، لم يظهر هكذا في المكتبات أو في يد صاحبه، بمعجزة، لكنه ظهر بعد خوض كثيف وطويل في وحل غير ضروري أبدا، وصيره الطموح المرافق لجرثومة الكتابة، وحلا ضروريا. الشاب يتعب كثيرا، ويطرق أبواب النشر، ويوفر من ماله، ويدفع، ويفرح حين يرى الكتاب، ويود أن يفرح حين يخبره الكبار بأنهم قرأوه وأحبوه، ولا أكثر من إحباط حين ينتهي كتابه بعد هذه الرحلة الطويلة، إلى طاولة في غرفة فندق، أو سوق تباع فيها الكتب المستعملة، من دون أن يكون الكتاب قد استعمل. وفي الوقت نفسه كما قلت، يكون الكاتب القديم المقصود بالهدية، والمؤمل أن يقرأ التجربة ويقيمها، مثقلا بأعباء لا تسمح له بالتحرك بوصة بعيدا عنها، وبذلك يكون الإحباط مضاعفا، عند من أنتج بمرارة، ومن لا يستطيع تقييم الإنتاج، بمرارة أيضا.

334

| 26 ديسمبر 2016

مدينة

الزيارة التي قمت بها مؤخرا لمدينة بورتسودان، على شاطئ البحر الأحمر، حيث عشت الطفولة والصبا، وإشارات الكتابة الأولى ولملمت ما استطعت من جمر لأكتب به بعد ذلك، لم تكن زيارة عادية. كانت في الواقع زيارة لاستكشاف ما كنت اكتشفته سابقا، وضاعت معظم علاماته أثناء الاغتراب الطويل، لكن لحسن الحظ، تبدو الذاكرة أحيانا عنيدة جدا، بحيث لا تفلت أشياء مهمة عالقة بها، وتبرزها عند الضرورة.مدينة بورتسودان، أو المدينة الساحلية كما أسميها في النصوص، هي المدينة التي ترد إلى ذهني بمجرد أن أبدأ كتابة نص معاصر، تماما مثلما ترد نيويورك إلى ذهن بول أوستر، والإسكندرية إلى ذهن إدوار الخراط، والقدس إلى أذهان كتاب فلسطينيين عديدين. وهكذا، ما أسميه سطوة المدن، واختيارها المتقن لكتابها الذين سيكتبون لها تاريخا وجغرافيا، ربما لن تتوفر بلا كتاب إبداعيين. كانت بورتسودان ترد إلى ذهني بمعالمها القديمة بكل تأكيد، طرقها المغبرة الموحلة، بيوتها التي كانت واسعة، في فناءاتها وضيقة في الغرف، خاصة البيوت التي كان يسكنها موظفو الدولة الصغار، حتى يكبروا وينتقلوا لبيوت أكثر رحابة، وفيها حدائق، وربما أحواض للسباحة. مستشفاها القديم الذي يحاكي القصور المهجورة، في قصص لأجاثا كريستي، ويحتل مساحة كبيرة في وسط المدينة، السينما التي كانت ملاصقة لبيتنا، حدائق الترفيه، مثل حديقة عبود، وحديقة البلدية، حيث يتنزه الناس ويقضون أوقاتا طيبة، وحين أتقدم بذاكرتي سنوات إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي، حيث كنت كبرت، وأعمل في ذلك المستشفى العتيق، ولي عيادة في حي طرفي، عشوائي، لا تأتي بالمال ولكن بالحكايات، أجزم أن المدينة كانت تترنح بثقل الهجرات المكثفة التي طالتها من دول الجوار التي ابتليت بالحروب، ومن بعيد أيضا حيث يأتي الناس من الشمال والغرب، آملين في رزق وفير، سمعوا بتوفره في ميناء البلاد الرئيسية، والآن، وبعد سنوات أخرى ممتدة منذ زمن التسعينيات، أرى لمدينة نصوصي الظاهرة بطعمها القديم، وطعمها الذي أضيف بعد ذلك، طعما جديدا تماما، إنه طعم الهوية المشتركة مع كثير من مدن العالم.

272

| 19 ديسمبر 2016

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2292

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

1200

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

792

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

690

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

669

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة

أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام...

597

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...

585

| 12 ديسمبر 2025

alsharq
تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...

546

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
معنى أن تكون مواطنا..

• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...

531

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
الوطن.. حكاية شعور لا يذبل

يوم الوطن ذكرى تجدد كل عام .. معها...

507

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مسيرة تعكس قيم المؤسس ونهضة الدولة

مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...

498

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
موعد مع السعادة

السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...

480

| 14 ديسمبر 2025

أخبار محلية