رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); دخل أعضاء مجلس شورى حركة حماس قاعة الاجتماع المخصص لانتخاب رئيس مكتب سياسي للحركة، هذا المنصب الذي يوازي في الأحزاب الأخرى القائد أو الرئيس أو الأمين العام. كان ذلك قبل أربعة أعوام، الأجواء كلها كانت مهيّأة للتجديد لرئيس المكتب السياسي الحالي خالد مشعل، فالنظام الداخلي للحركة يتيح التجديد ولاية ثانية، والظروف المحيطة بالحركة لم تكن تسمح بالتغيير، فالعدوان الإسرائيلي على غزة لم يكن بعيداً، والوضع الفلسطيني يعيش حالة من عدم الاتزان، إضافة إلى أن دولاً وشخصيات وازنة صديقة لحماس أبدت تمنياتها بأن يتم التجديد لخالد مشعل، نظراً لكفاءة الرجل ونجاحه في قيادة الحركة في أصعب الظروف، وإتقانه نسج شبكة علاقات واسعة، هذا عدا عن عدم توفر اسم بديل يمكن أن يملأ الفراغ الذي سيتركه مشعل.جرى العرف عند انتهاء ولاية كل مسؤول أن يُعطى الكلمة ليقدم جردة حساب عن ولايته، وهذا ما حصل. فألقى خالد مشعل كلمة كان مُنتظراً أن تلخّص رؤيته للولاية الجديدة، لكن تبين أنها كانت خطبة وداع. ففي ختام كلمته التي تخللتها محطات عاطفية ووجدانية انعكست بدموع اغرورقت بها عينا مشعل، حسم الرجل أمره بعدم رغبته التجديد لنفسه لولاية ثانية. أحدث القرار صدمة لدى سامعيه في القاعة التي تحدث فيها، وكذلك من يستمعون إليه في قيادة الحركة في قطاع غزة والضفة الغربية، فهو بذلك يخلط أوراق الحركة ويضعها أمام المجهول. بعد انتهاء الجلسة بدأت سلسلة اجتماعات ضيقة وموسعة تطلب من مشعل التراجع عن قراره، وتضعه أمام مسؤوليته في الحفاظ على الحركة التي قادها طوال السنوات الماضية. أثمرت الضغوط ورضخ مشعل وتمّ التجديد له لولاية ثانية على رأس أكبر حركة مقاومة في العصر الحديث. اليوم، وبعد مضي أربع سنوات، تتحضّر الأطر التنظيمية لحركة حماس خلال الأسابيع المقبلة لإجراء انتخاباتها الداخلية، والتي ستتوّج في آخر مراحلها بانتخاب قائد جديد للحركة. هذه المرة خالد مشعل لن يكون مرشحاً، فهو استنفد فترتين تنظيميتين ولم يعد بالإمكان التجديد له، علاوة على أن الرجل يعدّ الأيام لتسليم الأمانة لصاحبها الذي سيتم انتخابه. السؤال المطروح هو: ماهو الدور الذي سيقوم به خالد مشعل في المرحلة القادمة، وكيف يمكن استثمار الرمزية والخبرة التراكمية وشبكة العلاقات التي نسجها. فبشهادة الأصدقاء والأعداء شكّل خالد مشعل زعامة استثنائية نادرة، تخطّت الشأن الفلسطيني لتشمل العالم العربي والإسلامي، وصار رمزاً قيادياً يمنح وجوده بارقة أمل في زمن سادت فيه الظلمة، وهو بنجاحه في قيادة أكبر حركات المقاومة قدّم للأمة نموذجاً مضيئاً ليس من السهل تكراره. فما هي الخطوة التالية، وكيف يمكن للأمة أن تستفيد من خالد مشعل بعد انتهاء ولايته على رأس حركة حماس؟ الإجابة ليست عندي، لكن ما أعرفه جيداً هو أن خالد مشعل فارس لم يحن بعد أوان ترجّله، ومسيرته الطويلة في قيادة حماس يجب أن يتم استثمارها في ميادين أخرى جديدة لم تكن متاحة له في السابق وهو على رأس الحركة.
990
| 02 فبراير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); انشغل اللبنانيون في الأيام الماضية بخبر إلقاء القبض على انتحاري قبل لحظات من تفجير نفسه في أحد مقاهي بيروت. التسريبات التي نشرتها وسائل الإعلام حول الانتحاري المُفترض أشارت إلى أنه شاب في مقتبل العمر لبناني الجنسية ينتمي لتنظيم داعش، وأنه كان سينفذ جريمة التفجير بناء لأوامر تلقاها من قيادة التنظيم في منطقة الرقة السورية. ليس مستغرباً نجاح تنظيم داعش باجتذاب شبان عرب إلى صفوفه، لكن هذا الأمر لم يكن يشمل اللبنانيين. فللشعب اللبناني خصوصية تميّزه عن بقية الشعوب العربية، تجعل من الصعب أن تتوفر فيه بيئة حاضنة للتنظيمات المتشددة. فالتنوع الطائفي (18 طائفة) الذي يتميز به لبنان وانفتاحه على الغرب، جعلا غالبية المسلمين في لبنان بعيدين عن أجواء التزمّت والتشدد الديني. فاتساع الحالة الإسلامية بين الشعوب العربية لم تصل أصداؤها للبنان. ومن المألوف أن تجد مسلماً في لبنان لايصلي ولا يصوم وربما يشرب الخمر لكنه في المقابل يرفض أن يتم المساس بزعيم طائفته. هذا الواقع تغيّر في السنوات الماضية، وكشفت الأحداث والمحاكمات القضائية أن التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها داعش نجح في اجتذاب شبان لبنانيين إلى صفوفه واستطاع تجنيدهم لتنفيذ جرائمه في لبنان. فما الذي تغيّر حتى باتت التنظيمات الإرهابية تجد بين اللبنانيين من يستقبل أفكارهم ومستعد لتنفيذ مخططاتهم الدموية، ولماذا تحوّل لبنان إلى بيئة خصبة صالحة لتسلل الفكر الإرهابي إليها؟. في التحقيقات الأولية مع الانتحاري الذي كاد يفجر نفسه في أحد مقاهي بيروت قال إنه غير نادم على مافعل، وأن أمنيته أن تسنح له الفرصة مرة أخرى لتنفيذ عملية انتحارية. فما هي الأسباب التي جعلت هذا الشاب على هذه الدرجة من اليأس والإحباط؟. مبررات كثيرة يمكن تقديمها لتفسير حال هذا الشاب وحال كثيرين غيره. فهؤلاء لايفهمون لماذا تجتهد الدولة اللبنانية في رصد وملاحقة والتضييق على الساحة الإسلامية واعتقال أبنائها والتنكيل بهم في السجون لارتكابهم أتفه المخالفات، في حين أنها تغض الطرف ولاتبذل أي جهد في رصد وملاحقة لبنانيين آخرين. لماذا تصرّ الأجهزة الأمنية والقضائية على ملاحقتهم وتنفيذ القانون بحقهم في حين أن الأجهزة نفسها تدفن رأسها في الرمال وتتجاهل ما يقوم به آخرون. لماذا لايحق لفريق من اللبنانيين أن يناصر ثورة الشعب السوري ويدعمها وربما القتال إلى جانب أبنائها، وإذا فعل فإنه يزج بالسجون بتهمة الانتماء لمنظمات إرهابية، في حين أن لبنانيين آخرين يشاركون على الملأ في قتل الشعب السوري ويرتكبون بحقه أفظع الجرائم، ويعبرون الحدود تحت مرأى ومسمع من السلطة اللبنانية دون أن تحرك ساكناً. أمثلة كثيرة يقدمها هؤلاء للتدليل على الظلم الذي تمارسه الدولة اللبنانية بحقهم، في الوقت الذي يسرح فيه الآخرون ويمرحون.صحيح أن الدولة اللبنانية تحارب المنظمات الإرهابية وتلاحق عناصرها، لكنها من خلال تمييزها في تعاملها بين اللبنانيين والتضييق على فريق منهم وتجاهل الآخرين فإنها تخرّج أجيالاً من الدواعش، وهو ما يجب تداركه والحيلولة دون انتشاره.
817
| 26 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أثارت الأحكام القضائية التي صدرت عن المحكمة العسكرية في لبنان بحق عدد من المتهمين بما بات يُعرف "بأحداث عبرا" تنديداً واستنكاراً من ذوي المحكومين، وهي استدعت تحركاً عاجلاً وغاضباً منهم، فقاموا بزيارة الجهات المعنية بملف أبنائهم ونظموا تجمعات أمام مقر المحكمة العسكرية التي أصدرت الأحكام التي يصفونها "بالجائرة". فالأحكام تراوحت بين السجن المؤبد والأشغال الشاقة لعشر سنوات. منبع الغضب والاستنكار هو أن المحكمة نفسها التي أصدرت أحكامها المشددة هذه المرة، سبق لها في مرات سابقة أن أصدرت أحكاماً مخففة إزاء قضايا مشابهة لكن المتهمين ينتمون لجهات أخرى.من المناسب التذكير بأن "أحداث عبرا" هي عنوان لمواجهات مسلحة شهدتها منطقة عبرا بمدينة صيدا جنوب لبنان قبل ثلاث سنوات ونصف السنة بين الجيش اللبناني والشيخ أحمد الأسير ومناصريه الذين كانوا متواجدين في مسجد بلال بن رباح. سقط جراء هذه المواجهات عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، وأدّت لاعتقال العشرات بينهم الشيخ الأسير نفسه.أهالي من صدرت ضدهم الأحكام المشددة لايطالبون بتبرئة أبنائهم، هم يطالبون بأن تتم معاملة أبنائهم كما يتم التعامل مع غيرهم من المذنبين. فلماذا تتشدد المحكمة وتنزل بأبنائهم أقسى العقوبات، بينما تتساهل وتبحث عن الأسباب التخفيفية في تعاملها مع متهمين آخرين في قضايا مشابهة. على سبيل المثال: كيف يعقل أن تقوم المحكمة بإخلاء سبيل عنصر من حزب الله بعد أشهر من توقيفه بعدما اعترف بقتل ضابط في الجيش اللبناني كان يقوم بدورية مراقبة في منطقة الجنوب، في حين أن الأحكام بالسجن المؤبد والأشغال الشاقة على عشرات الشبان لاتهامهم بالمشاركة في مواجهات مسلحة اختلط فيها الحابل بالنابل. سؤال آخر يطالب ذوو المحكومين بالإجابة عليه: لماذا ترفض المحكمة التحقيق في الإخبار الذي قدمه وكلاء الدفاع عن أبنائهم الذي يشير إلى أن عناصر من حزب الله هم الذين أطلقوا الرصاصة الأولى على حاجز الجيش اللبناني، وهو ما أدى لانفلات الأمور واندلاع الاشتباكات مع المسلحين. لماذا تتجنب المحكمة التحقيق في هذا الإخبار، خاصة أن ثبوت تدخل حزب الله بما حصل يقلب الكثير من الوقائع، ويؤكد الرواية التي تشير إلى أن كل ما حصل كان فخا نصبه حزب الله للشيخ أحمد الأسير ومناصريه للإيقاع بهم وتوريطهم في معركة بمواجهة الجيش اللبناني تمهيداً للتخلص منهم والقضاء على ظاهرة أحمد الأسير وهو ما حصل.أهالي المحكومين في أحداث عبرا يتساءلون هل أبناؤهم يستحقون فعلاً الأحكام الصادرة بحقهم في حين أن المحكمة نفسها أصدرت أحكاماً بغرامات مالية وسجن لعدة أشهر بحق عملاء إسرائيل ممن شاركوا بقتل وتعذيب مواطنين لبنانيين؟ .
442
| 19 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مع زيارة رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون إلى دولة قطر، تُفتح صفحة جديدة في سجل العلاقات الإيجابية بين البلدين. فلطالما اتّسمت العلاقة بين الدوحة وبيروت بالودّ والإيجابية والاحترام المتبادل، وقد كان للأيادي القطرية البيضاء دور أساسي في دفع هذه العلاقة نحو مزيد من التمتين. فالقيادة القطرية حرصت منذ البداية على مدّ جسور العلاقة مع جميع الأطراف، والنأي بنفسها عن الدخول في الاصطفافات السياسية والخلافات بين اللبنانيين. والعلاقة كانت على الدوام ثابتة وراسخة مع الدولة ومؤسساتها أياً كان الطرف الذي تبوّأ سدة الحكم. هذا الواقع شكل جواز عبور أساسي لنجاح قطر في مساعيها لمساعدة اللبنانيين ووأد الفتنة بينهم، فكان الترحيب بهذه المساعي من جميع الأطراف، وهو ما مهّد الطريق للتوصل لاتفاق الدوحة عام 2008 بقيادة وتوجيه سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. هذا الاتفاق الذي أعاد ترتيب البيت اللبناني الداخلي، وأبعد عن اللبنانيين شبح حرب أهلية جديدة لاحت شرارتها من بعيد، وحال دون استيقاظ فتنة مذهبية، خاصة أنه أعقب أحداث 8 مايو حين سيطر حزب الله وحلفاؤه بقوة السلاح على مدينة بيروت وعدد من المناطق. فشكل اتفاق الدوحة مخرجاً للأزمة بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، أعادت الأمن والاستقرار، وشكلت صمّام أمان مازالت مفاعليه سارية حتى يومنا هذا. ولعلّ الكلمات التي قالها رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلسة إعلان اتفاق الدوحة خير معبّر عن الدور الذي قامت به قطر "لم تتسع مساحة لبنان لجمعنا، وفعلت ذلك طائرة قطرية وفندق في الدوحة قائم على بحر يعيدنا إلى بحر وحدتنا وعنفواننا، فشكراً لقطر، وشكراً لأميرها".الأيادي القطرية البيضاء تجاه لبنان لم تكن سياسية فقط، فالعالم كله يشهد على الدور الأساسي الذي قامت به قطر لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، والعالم كله يتذكر حضور سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى الضاحية الجنوبية لبيروت بعد ساعات من وقف القصف الإسرائيلي على المنطقة، في الوقت الذي كان أبناء الضاحية يلملمون جراحهم ويجمعون ما تبقى من حاجياتهم. زيارة سموه -التي كانت أولّ زيارة يقوم بها زعيم عربي- لم تكن فقط لمعاينة الدمار الذي خلّفه العدوان، بل كذلك سبباً لكسر حصار جوي سعت إسرائيل لفرضه على لبنان بعد وقف عدوانها. اللبنانيون لا ينسون كذلك، الزيارة التاريخية التي قام بها سمو الأمير الوالد إلى قرى وبلدات جنوب لبنان عام 2010 لتدشين المشاريع التي موّلتها قطر لإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي بتكلفة زادت عن 300 مليون دولار. لقي سموّه استقبالاً شعبياً وسياسياً حافلاً، تسلّم خلالها مفاتيح عدد من البلدات، وعمّت أرجاء لبنان لافتات الشكر لدولة قطر والترحيب بأميرها.اليد القطرية البيضاء لم تبتعد عن لبنان يوماً، وكانت آخر إسهاماتها في ديسمبر من العام 2015، حين نجحت الوساطة التي قامت بها قطر في إتمام عملية تبادل للأسرى اللبنانيين أدت لتحرير ستة عشر عسكرياً، وبشهادة رئيس الحكومة تمام سلام "كانت الوساطة القطرية عاملاً حاسماً في إنجاح العملية".الزيارة التي يقوم بها العماد ميشال عون إلى قطر هي الثانية منذ انتخابه رئيساً بعد زيارة المملكة العربية السعودية، وهي مؤشر واضح على المسار الإيجابي الذي تخطوه العلاقة بين البلدين، وكذلك العلاقة بين لبنان ودول مجلس التعاون.
639
| 12 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لايختلف اثنان على إدانة واستنكار إطلاق النار الذي شهده الملهى الليلي في مدينة اسطنبول التركية عشية رأس السنة، وأدى لسقوط 39 قتيلاً وعشرات الجرحى. فما حصل هو استهداف إرهابي لمدنيين عزّل وهي جريمة آثمة بكل المقاييس، وليس لأحد التخفيف من دمويتها وبشاعتها.لبنان كانت له حصته مما حصل، فسقط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى اللبنانيين كانوا في الملهى عند حصول إطلاق النار. السلطة اللبنانية بكافة أجهزتها -وعلى غير عادتها- أعلنت حال الاستنفار وتواصلت بشكل عاجل مع السلطات التركية لمتابعة أوضاع رعاياها، وأرسلت طائرة خاصة مجهزة طبياً لاستلام القتلى ومتابعة علاج الجرحى في مستشفيات لبنان، الذين كان في استقبالهم وذويهم في المطار رئيس الحكومة سعد الحريري وعدد كبير من الوزراء. إعلامياً، قطعت قنوات التلفزة برامجها المعتادة ونقلت مباشرة على الهواء استقبال القتلى والجرحى حتى وصولهم إلى المستشفيات، وأفردت المحطات التلفزيونية للموضوع مساحات واسعة من نشراتها الإخبارية، كما هيمن الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الإخبارية. فعاش اللبنانيون على مدى يومين حالة من التضامن والتكاتف عابرة للطوائف والخلافات السياسية لم يشهدوا مثيلها منذ زمن، ووصل الأمر بالتضامن حد توقيف الأجهزة الأمنية أحد المواطنين لأنه سخر في تغريدة له من الضحايا الذي سقطوا في إطلاق النار، وأطلق كلاماً اعتبرته النيابة العامة لايراعي حرمة الضحايا ومشاعر ذويهم.معظم اللبنانيين كانوا معجبين بمبادرة الدولة وأجهزتها المختلفة لرعاية واحتضان ضحايا الحادث والتخفيف عن ذويهم. وهي من المرات القليلة التي يشعر فيها المواطن أن الدولة معه ترعاه وتسانده وتسعى لحمايته والحفاظ على حياته. لكن فريقاً من اللبنانيين، إلى جانب إعجابهم بجهود الدولة، فإنهم شعروا بغصّة في القلب. هذا الفريق لم يستطع كتم تساؤلات جالت في ذهنه: أين كانت جهود المسؤولين في مناسبات أخرى شبيهة وربما أكثر مأساوية؟ لماذا لم يلقَ ضحايا تفجيرات إرهابية كثيرة شهدها لبنان خلال السنوات الماضية اهتماماً مماثلاً لما لقيه ضحايا إسطنبول؟ هل هناك ضحايا بسمنة وضحايا بزيت؟ التساؤلات هذه لم تبقَ معلّقة في الهواء. فأصحابها يضربون أمثلة كثيرة على إهمال الدولة وغياب المسؤولين عن السمع، وعدم إيلاء ضحايا حوادث إرهابية كثيرة أي اهتمام أو رعاية أو احتضان. من المسلّم به أن اللبنانيين ضحايا اسطنبول يستحقون كل الرعاية والاهتمام من جانب الدولة، وهو واجب على عاتق الدولة وليس منّة منها، ولكن ألم يكن ضحايا التفجير الإرهابي الذي شهده مسجدا التقوى والسلام بطرابلس –على سبيل المثال لاالحصر- يستحقون الاهتمام كذلك؟ هل من المنطق أن تهتم الدولة بأبنائها الذي راحوا ضحية عمل إرهابي في ملهى ليلي بتركيا وتهمل أبناءها الذين ذهبوا ضحية عمل إرهابي مشابه في أحد المساجد في لبنان؟!. حضور رئيس الحكومة وعدد من الوزراء لاستقبال ضحايا إسطنبول في المطار واجب مشكور، لكن ألا يجب أن يمتد هذا الواجب ليشمل كل ضحايا الإرهاب أياً كانت طائفتهم أو انتماؤهم أو منطقتهم.كل التحية والتقدير للمسؤولين في السلطة اللبنانية على مابذلوه من جهود للملمة جراح ضحايا اسطنبول وذويهم، على أمل أن يتواصل هذا الجهد ويتطور ليشمل كل أبناء الوطن على امتداد مساحته.
485
| 05 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); نالت الحكومة اللبنانية ثقة المجلس النيابي، ولم يعد هناك أي ذريعة يمكن للطبقة السياسية أن تقدمها للبنانيين لتبرير التأخير في انطلاق عجلة العهد الجديد. وكما كان متوقعاً، ساهم الاتفاق المسبق الذي تمّ بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في تذليل العقبات التي اعترضت طريق تشكيل الحكومة، وحال دون وضع العصي بدواليب صياغة بيانها الوزاري، وهو امتد إلى ساحة النجمة وسط بيروت حيث توالى رفع النواب لأيديهم مانحين ثقتهم للحكومة. وعليه من المنتظر ابتداء من الأسبوع المقبل، بعد انتهاء عطلة الأعياد، أن تشرع الحكومة بدورها الفاعل بشكل رسمي، وأن تبدأ بإقرار البنود المتراكمة على طاولة مجلس الوزراء، والانكباب بشكل جدي لإيجاد مخارج للمشكلات الكثيرة التي تضغط على اللبنانيين، لاسيما المعيشية والاقتصادية.يدرك الجميع أن العمر الافتراضي للحكومة لن يزيد عن أشهر عدة. فبعد إجراء الانتخابات النيابية التي من المفترض أن تجري منتصف العام القادم، تستقيل الحكومة، لتبدأ الحكاية من البداية. فيكلف رئيس الجمهورية رئيس الحكومة الجديد بناء على الاستشارات النيابية، الذي يتولى تشكيل حكومة جديدة، ويشرف على صياغة بيان وزاري جديد تنال بناء عليه ثقة المجلس النيابي. لكن القول بأن عمر الحكومة الحالية لن يكون طويلاً، لايجب أن يدفع للتقليل من أهمية الدور المنوط بها. صحيح أنها أشهر قليلة، لكن بنداً رئيسياً ومفصلياً على طاولة مجلس الوزراء ينبغي منحه الأهمية والأولوية، وأن يتم بحثه والمسارعة بإحالته إلى مجلس النواب لإقراره، ألا وهو التوصل إلى قانون انتخابي جديد. فالاستمرار بالقانون الانتخابي القائم الذي أُطلق عليه اصطلاحاً اسم "قانون الستين" نسبة لعام 1960 الذي أقر فيه، سيشكل صفعة موجعة للعهد الجديد، وضربة لكل الآمال التي وضعها اللبنانيون على هذا العهد بتغير الحال وتحسن الأحوال. شهر العسل الذي شهدناه منذ انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة ليس متوقعاً أن يمتد ليشمل الاتفاق على القانون الانتخابي الجديد، خاصة إذا عرفنا أن أي تغيير في أحجام القوى والكتل السياسية بناء على ما ستفرزه الانتخابات النيابية سينعكس على طريقة التعامل معها وعلى الحصة التي ستنالها في أي قسمة سياسية مقبلة. وعليه، فإن جميع القوى السياسية لن تتساهل في موضوع القانون الانتخابي كما تساهلت في تشكيل الحكومة وبيانها الوزاري، وهي مستعدة لتستأسد على الآخرين وقلب الطاولة عليهم إذا ما توافقوا على قانون انتخابي لايضمن زيادة حجم كتلتها النيابية، أو على الأقل عدم تراجع حجمها. وطالما أن الطبقة السياسية التي تمثلت بالحكومة هي التي تقوم بنسج قانون انتخابي جديد، فإن الأمور لاتدعو لكثير من التفاؤل، بما أن هذه الطبقة لن تسمح بإقرار قانون يعكس تمثيلاً حقيقياً للبنانيين بما يؤدي لتراجع تمثيلها. ليس من المنتظر ولا من المتوقع أن تقوم الحكومة الجديدة بأن "تشيل الزير من البير"، ولا أن تجد حلولاً نهائية للمشكلات السياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية والحياتية الكثيرة التي يعاني منها اللبنانيون، لكن أمراً واحداً الآمال معقودة على هذه الحكومة لإنجازه، وهو إقرار قانون انتخابي عصري ينهي احتكار تمثيلهم، وهو ما اعتادت عليه الطبقة السياسية منذ عهد الوصاية السورية وحتى يومنا هذا.مصداقية رئيس الجمهورية على المحك، وإذا انطلق العهد الرئاسي بقانون انتخابي يفرز الطبقة السياسية نفسها، ويهمش شرائح أساسية في المجتمع اللبناني، فإن تشويهاً كبيراً سيصيب صورة هذا العهد، وسيخيّب آمالاً كثيرة علقت عليه للتغيير.
456
| 29 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مشكلات كثيرة تعصف بأبناء عالمنا العربي والإسلامي. إحدى هذه المشاكل هو التباين الكبير والتفاوت في تقييم الأمور والنظر إليها. فما يعتبره البعض انتصاراً يعتبره آخرون هزيمة، وما يقيّمه البعض على أنه إيجابي يقيّمه البعض الآخر سلبي، ومن يجد في شيء مصلحة ما، يجد فيه آخرون مفسدة وهكذا.. مشكلة قديمة من الواضح أنها لن تجد حلاً لها في المستقبل القريب. ولعلّ الهوّة في النظر للأمور تزداد اتساعاً وتبايناً، وهي مشكلة رغم بساطتها من حيث الشكل، إلا أن لها انعكاسات خطيرة، خاصة أن البعض يصرّ على عدم التفكير بمآلات الأمور وما يمكن أن تؤدي إليه، ويكتفي بالنتائج المباشرة. وقد شكّل اغتيال السفير الروسي أندريه كارلوف في أنقرة مناسبة كشفت حجم التباعد والتناقض في النظر للأمور، وفضحت عجز البعض عن تقييم الأمور والتفريق بين المصلحة والمفسدة.فاغتيال السفير الروسي في أنقرة والصور المروّعة التي تناقلها العالم للحادث اعتبرها انتصاراً مظفّراً يستحق الاحتفال والتهليل والترحيب، وأن ما حصل يصبّ في رصيد الثورة السورية، خاصة أنه تزامن مع الضربة الموجعة التي تلقتها المعارضة بانسحابها من حلب، وخضوعها لشروط النظام وحلفائه، وبالتالي كان طبيعياً –بالنسبة للبعض- أن يشكل اغتيال السفير الروسي في أنقرة مناسبة للاحتفال والاحتفاء، خاصة أن الشخص الذي قتل السفير الروسي أعلن بلغته التركية أن ما قام به هو انتقام لأبناء حلب، وقال بشكل واضح "نحن نموت في حلب وأنت تموت هنا". هي النتيجة المنطقية والمباشرة للحادث، وقد تبنّى كثيرون هذه النظرة القاصرة بإشادتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ببطولة مطلق النار على السفير الروسي ومنحوه أرقى ألقاب البطولة والشجاعة. لكن نظرة من زاوية أخرى تكشف أن اغتيال السفير الروسي إنما هي ضربة موجعة للثورة السورية، وأن آثاره على الثورة وأبنائها لن تكون إلا سلبية، وتبعاً لسياسة الانتقام، فإذا كان اغتيال السفير الروسي انتقاما لحلب، فبإمكان الطائرات الروسية الانتقام لسفيرها بارتكاب المزيد من جرائم القتل والتدمير والتشريد بحق السوريين، والكفّة لن تكون لصالحهم بالتأكيد.الثورة السورية ليست بحاجة للانتقام لها، وأبناء حلب الذين قُتلوا وشُرّدوا لا تكون مساندتهم ودعمهم بقتل وتشريد غيرهم، هم يريدون من يقف إلى جانبهم ويساهم في إنهاء معاناتهم وتثبيتهم في أرضهم، يريدون من يؤمّن لهم سقفاً يعيشون تحته يقيهم برد الشتاء، لا لمن يقتل باسمهم. فقتل السفير الروسي في أنقرة لن يعيد إحياء شهيد، ولن يخفف من وجع جريح، ولن يرحم معتقل من سياط جلاديه، ولن يعيد بناء منزل مهدم، أثره الوحيد هو إطالة أمد معاناة السوريين، واستمرار سياسة القتل والتشريد والتدمير التي ينتهجها النظام وأعوانه، الذين سيجدون في مقتل السفير الروسي مبرراً للمزيد من الإيغال بدماء السوريين وارتكاب المزيد من الجرائم بحقهم. الثورة السورية متضررة كذلك من تأثير مقتل السفير الروسي على العلاقات التركية الروسية التي عادت للحرارة بعدما نجحت في تجاوز قطوع إسقاط تركيا للطائرة الروسية نهاية العام الماضي. فتركيا هي بوابة الثورة إلى الخارج، وما يضر تركيا سينعكس حكماً على قدرتها في تقديم الدعم والمساندة للثورة السورية. لا تنتصر الثورة بالانتقام، بل بالعقل والحكمة، والسعي لتأمين مصلحتها ومصلحة أبنائها.
513
| 22 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يحار المرء وهو يمسك بجهاز التحكم عن بعد لجهاز التلفاز في العثور على وسيلة للهرب من مشاهد القتل والدمار والتشريد التي تعاني منها بلادنا العربية. فنسعى لخفض صوت التلفاز حتى الصمت كي لانسمع معاناة مواطن مقهور أو أنين جريح تؤلمه جراحه أو عتاب ثكلى تناشد من يساعدها أو شكوى طفل اشتاق لحضن والده. نقلّب بين القنوات علّنا نجد خبراً مفرحاً أو برنامجاً ترفيهياً أو حتى فيلماً سينمائياً ينسينا نكبتنا، ليس هرباً من تحمّل المسؤولية، إنما هو شعور العاجز الذي سئم التضامن بأضعف الإيمان وتعب من تعاطفه الأجوف الذي لا يُطعم جائعاً ولا يُفرح طفلاً ولايؤمّن مأوى لعائلة مشردة.حالة العجز واليأس والإحباط التي أصابت الكثيرين دفعت بهم لطرح تساؤل يجده البعض مستهجناً: ترى ألم يكن خيرا للشعوب الثائرة لو أنها لم تثر، فواصلت الخضوع للحاكم وزبانيته، ولم تحرك ساكناً إزاء فسادهم ونهب خيرات بلادهم؟ ألم يكن خيرا للشعب السوري لو أنه لم يغضب ولم يتظاهر ولم يرفع صوته رفضاً لظلم وفساد وإجرام نظام بشار الأسد، ألم يكن ذلك حفظ دماء مئات آلاف السوريين ومنع تشريد الملايين وحفظ أرضهم من الدمار والتخريب الذي أصابها؟ ألم يكن أكثر فائدة للشعب الليبي لو أن معمر القذافي استمر في حكم بلادهم "زنقة زنقة، وبيت بيت"، مع ما رافق هذا الحكم من طغيان وفساد وتسلط، لكنه كان حفظ دماء الليبيين ومنع أطماع الشرق والغرب بأرضهم وخيراتها؟ ألم يكن خيرا للشعب المصري لو أنه أدّى فروض الولاء لحسني مبارك وصفّق لتوريث ابنه جمال رئاسة الجمهورية وسكت على فساد المنتفعين منه، ألم يكن أفضل مما تعانيه مصر اليوم من ظلم وقهر على أيدي ثورة مضادة زجّت بخيرة أبنائها في السجون وتقتل منهم من يرفع الصوت أو يرفض الخضوع؟ ألم تكن ثورة اليمنيين عاملاً مشجعاً لجماعة الحوثي ومعها إيران لتنفيذ مخططاتها التوسعية؟. أليست أسئلة مشروعة تلك التي تسأل عن الفوائد التي حققتها ثورات الشعوب المقهورة بعدما باتت البلاد ممزقة والشعوب مشتتة؟ ألم يكن خيرا لهذه الشعوب لو أنها واصلت خضوعها للظالم المستبد واستمرت في تصفيقها له والتهليل لإذلالها وسلب كرامتها وإفقارها وتجهيلها مما يحصل اليوم؟.هي أسئلة مشروعة، لكن أسئلة مشروعة أخرى يجدر بالشعوب المقهورة أن تطرحها: من منّا كان يتخيل أن تتحول ثورة الشعب السوري على نظامه إلى حرب كونية تتحالف فيها دولة عظمى كروسيا إلى جانب إيران وحزب الله والمليشيات الشيعية حول العالم واجتماعهم لمواجهة الشعب السوري والسعي لسلبه حلمه بالعيش بكرامة. من كان يتصور أن تنمو في بلادنا غدة سرطانية اسمها "داعش" شوّهت وجه الثورات الصادقة، وسرقت نضال الشعوب وكفاحها في سبيل الحرية، ونجحت في تحويل مسار الثورات من سعي لرفع الظلم إلى إرهاب وقتل وتشويه لصورة الإسلام والمسلمين. من كان يخطر في باله أن إيران ستنجح في استغلال ثورات الشعوب لتتسلل إلى منطقتنا وتزرع ميليشاتها تحت عناوين خادعة ومزيفة. من كان يتخيّل كل ذلك؟حين تشتعل الثورات لايفكر أصحابها في مآلها، وليس بالضرورة أن يحصد الثائرون ثمار ثورتهم، فربما تتأخر الثمرة بالنمو فيحصدها أبناؤهم، هي حالة أشبه بالبركان المنتفض الذي حانت ساعة قذف حممه، لكن المؤكد هو أن الله تعالى "لايغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم".
559
| 17 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شكلت مناسبة عيد الاستقلال للبنانيين فرصة لرصد حركات وسكنات وإيماءات الرؤساء والمسؤولين الذين رصدتهم الأعين طوال ساعات، بدءاً من حضور العرض العسكري وصولاً إلى تقبل التهاني في قصر بعبدا. الاحتفال بالاستقلال هذا العام كان مميزاً وفريداً، ليس فقط لأنه جرى بعد غياب ثلاث سنوات هو عمر الشغور الرئاسي، ولا بسبب حضور رئيسيْن للوزراء، أحدهما يقوم بتصريف الأعمال والآخر مكلف بتشكيل حكومة متعثرة، بل لأنها المرة الأولى التي يشهد فيها اللبنانيون ثلاثة عروض عسكرية، أحدها نظمه الجيش اللبناني وحضره رئيس الجمهورية، وآخر نظمه وزير سابق في قريته الجبلية على مرأى ومسمع من السلطة، وآخر نظمه حزب الله في بلدة القصير السورية، استعرض فيه أسلحة ومعدات عسكرية لا يملكها الجيش اللبناني. وعلى ذلك غرّد النائب وليد جنبلاط على حسابه على "تويتر" قائلاً: ثلاثة عروض عسكرية لمناسبة واحدة. لم يكن جنبلاط وحده الذي سخر من الاحتفالات، فأهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى تنظيم الدولة وجّهوا رسالة للسلطة تساءلوا فيها "عن أي استقلال يتحدثون وبأي استقلال يحتفلون وعدد من العسكريين في الجيش مازالوا في الأسر؟!".ليس من اللائق تعكير الأجواء الإيجابية السائدة منذ انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، رغم أن بريق هذه الأجواء بدأ يخفت شيئاً فشيئاً مع بروز العقبات التي تعترض التشكيل. كما أنه ليس من اللائق التركيز على السلبيات التي أحاطت بمناسبة الاستقلال وتجاهل الكثير من الإيجابيات الأخرى، لكن ليس من المنطق كذلك أن نطلق كذبة ونصدقها، وأن يتظاهر اللبنانيون بأن أمورهم في أحسن حال، وتجاهل أمارات ومؤشرات تشير بوضوح إلى أن الاستقلال الذي احتفلت به السلطة يشوبه الكثير من الترهل والاهتراء. من حق اللبنانيين أن يفرحوا بعيد استقلالهم إذا كان الاستقلال يعني فقط خروج الجيوش الأجنبية من أرضهم، خاصة بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من لبنان عام 2000، وخروج الوصاية السورية العسكرية عام 2005. لكن هل الاستقلال هو فقط خروج المحتل من أرض الوطن؟ ألا يعدّ انتقاصاً من الاستقلال هو ذلك الفساد الذي يعشّش في إدارات الدولة ومؤسساتها ورجالها، ولا يكاد يستثني أحداً؟ هل يكون الاستقلال ناجزاً حين يكون الحكم في لبنان قطعة جبن تتناتشها الزعامات والطوائف تحت أنظار اللبنانيين دون خجل، بعيداً عن أي معيار للكفاءة، يتنافسون على الوزارات التي يستطيعون من خلالها توزيع الخدمات والمحسوبيات والتوظيف على مناصريهم؟. ألا يعدّ انتقاصاً من سيادة السلطة اللبنانية وكرامتها حين يكون الجيش اللبناني مضطراً للتنسيق المسبق مع هذا الحزب أو ذاك قبل أن يدخل مناطق نفوذهم لتطبيق القانون أو اعتقال مطلوب؟ ربما يكون عدم تدخل الآخرين في لبنان استقلالاً، لكن ماذا عن تدخل اللبنانيين بالآخرين ألا يعد إخلالاً بالاستقلال؟
419
| 01 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); رغم خطورة دلالات ومؤشرات العرض العسكري الذي نظمه حزب الله في بلدة القصير السورية قبل أيام، إلا أنه لم يحظَ بأي اهتمام رسمي داخلي. فالطبقة السياسية حرصت على انتهاج سياسة النعامة في دفن رأسها وتجاهل ما شاهده اللبنانيون والعالم وكأن شيئاً لم يحصل. حتى البيان الصادر عن قيادة الجيش اللبناني فقد اكتفى بالإشارة إلى أن الأسلحة والآليات العسكرية التي استعرضها الحزب "ليست من مخزون الجيش وغير عائدة له"، وذلك رداً على تساؤلات أميركية حول وصول أسلحتها لأيدي الحزب. حزب الله من جهته أشاع في وسائل الإعلام المقربة منه أن الأسلحة الأمريكية غنمها من ثكنات الجيش الإسرائيلي بعد انسحابه من جنوب لبنان عام 2000. وهنا تُطرح مفارقة عجيبة، فالحزب غنم أسلحة وآليات من إسرائيل، عوض الاستفادة منها في أي مواجهة مقبلة مع إسرائيل ينقلها إلى سوريا لاستخدامها في القصير وحلب وإدلب ودمشق وريفها خلال مواجهة الشعب السوري. من الواضح أن نائب أمين عام حزب الله محق حين اعتبر في كلمة له قبل أيام أن تدخل حزبه في سوريا لم يعد موضوع نقاش داخلي، فالحزب نجح مرة جديدة في فرض ما يريده على الآخرين، كما نجح في السابق في تحييد سلاحه وفَرَضَ على اللبنانيين معادلة غير مسبوقة في العالم تقوم على معادلة هجينة أطلقوا عليها اسم ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، وهي باتت بنداً رئيسياً في بيان الحكومات اللبنانية وبدونها يعرقل الحزب تشكيل الحكومات ولو أدى ذلك لخراب البلد وتعطيله. لم يكن من المتوقع أن يتسبب العرض العسكري الذي نظمه حزب الله باعتكاف رئيس الجمهورية في قصر بعبدا أو أن يبعث برسالة استياء لقيادة الحزب، خاصة أنه يتناقض مع خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية عقب انتخابه، الذي أكد فيه السعي لتحييد لبنان عن أزمات المنطقة. كما لم يكن من المتوقع أن يتسبب العرض العسكري "بحرد" رئيس الحكومة المكلف واشتراطه الانسحاب من سوريا لمواصلة مساعيه لتشكيل الحكومة، كما لم نكن ننتظر أن يتحرك القضاء واعتبار العرض العسكري الذي تداول العالم صوره إخباراً يستدعي تحرك النيابة العامة وملاحقة المسؤولين والمشاركين عن هذا العرض. كل ذلك لم يكن يتوقعه اللبنانيون ولم ينتظروا حصوله. فمن تجاوز عما حصل في 7 مايو 2008، ومن يمتنع عن بذل أي جهد لإلقاء القبض على الذين اتهمتهم المحكمة الدولية باغتيال رفيق الحريري، ومن سكت عن مشاركة آلاف المسلحين في مواجهات مسلحة خارج الأرض اللبنانية، ليس منتظراً منه أي تحرك جدي يحفظ هيبة الوطن والمواطن، ولو "بدها تشتي كانت غيّمت". كان يكفي اللبنانيين تسجيل موقف من السلطة سواء من رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة تحفظ من خلاله ماء وجهها أمام شعبها وأمام العالم، تقول فيه أنها لاتقبل بما حصل ولاترضى عن تدخل حزب الله في سوريا. لكن الزمن هو زمن التسويات، ومن الواضح أن الجميع حريص على تجاهل ماحصل، وعدم تعكير صفو الأجواء تمهيداً لتشكيل حكومة يستميت البعض في سبيل الوصول إليها، ولو كان ذلك على حساب كرامة اللبنانيين وسيادة لبنان.
436
| 24 نوفمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا خلاف في لبنان على وجود حالة إسلامية ملتزمة، الخلاف هو حول حجمها وتأثيرها. ففي حين يحاول البعض التقليل من أهمية هذه الحالة والإيحاء بعدم قدرتها على التأثير والتغيير في بلد متعدد الطوائف ومعقد التركيب، يدرك البعض الآخر أهمية حضور الإسلاميين وتأثيرهم، لكنهم يبذلون ما يستطيعون لمحاصرتهم ومحاولة ضبطهم والسعي لحجبهم عن الحياة السياسية. الملفت أنه رغم الخلافات الكثيرة بين الطبقة السياسية إلا أن الجميع متفق على تحجيم الحالة الإسلامية وعدم السماح لها بالخروج إلى الضوء، سواء كان ذلك من خلال قانون انتخابي يشتت قواهم ويحول دون إيصال من يمثلهم إلى قبة البرلمان، أو من خلال الترغيب والترهيب الذي أفلح في شراء ذمم البعض وتهميش البعض الآخر.اليوم، وفي ظل عهد رئاسي جديد يمثله الرئيس ميشال عون، من مصلحة الحالة الإسلامية التوقف عن نكء جراح الماضي وتجاربه المريرة مع السلطة وأجهزتها المختلفة، ومحاولة نسيان الإساءات ومحاولات التضييق التي مارستها السلطة بحق خيرة أبناء الساحة الإسلامية، والسعي للانخراط في الأجواء الإيجابية السائدة ومشاركة الجميع فتح صفحة جديدة في التعاطي مع الآخرين. نجاح الإسلاميين بذلك مرتبط بنجاحهم في التكيّف مع العهد الجديد، ومحاولة نسج علاقات طيبة مع رئيس الجمهورية وإبداء حسن نية بعيداً عن الانطباعات السلبية المسبقة والاتهام والكيدية. نجاح الإسلاميين مرتبط كذلك بقدرتهم على التعامل باستقلالية مع موقع الرئاسة والفريق المحيط بالرئيس بعيداً عن استغلال الآخرين لهم واستخدام عواطفهم وحميتهم الدينية لتحقيق مآرب ضيقة من خلال الزجّ بهم في معارك لا مصلحة لهم فيها ولا يراد منها سوى تحقيق مصالح السياسيين. واجب ثقيل يقع على عاتق الإسلاميين في لبنان لاسيما عقلاؤهم الذين عليهم حسن التوجيه وتنبيه القواعد الإسلامية من المتصيدين في الماء العكر، الذين لن يناسبهم أن تكون العلاقة واضحة بينهم وبين مؤسسة الرئاسة.الإيجابية في التعاطي والابتعاد عن الصورة النمطية والأحكام المسبقة ليست مطلوبة من الإسلاميين فقط، بل هي مطلوبة كذلك من الرئيس ميشال عون والفريق المحيط به. فعلى الرئيس أن يقابل التعاطي الإيجابي من جانب الإسلاميين بإيجابية أكبر، ليس فقط من باب حسن الخلق والحنكة السياسية بل من باب المصلحة الوطنية والأمن والاستقرار، خاصة أنه حريص على إنجاح عهده ويسعى لترك بصمة في تاريخ لبنان ونفوس اللبنانيين. على الرئيس ميشال عون أن يكون فعلاً لا قولاً "بي الكل" وهو الشعار الذي رفعه مناصروه عند انتخابه، وعليه أن يسعى لتقديم أداء جديد ومختلف في التعاطي مع الحالة الإسلامية مبني على العدالة والمساواة وتطبيق القانون أسوة ببقية اللبنانيين، وألا يحصر علاقته بهم من خلال من يمثلهم في البرلمان وزعمائهم السياسيين. فرئيس الجمهورية يدرك جيداً أن القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات النيابية لا يعكس القوة الحقيقية للشارع، ويدرك كذلك أن أمماً وخلائق كثرا يبحثون عن وسيلة لإيصال صوتهم، وهم لا يجدون في كل الطبقة السياسية التي تتحدث باسمهم من يعبّر عن أفكارهم وتطلعاتهم وينقل مشاكلهم. يشكل العهد الرئاسي الجديد والأجواء الإيجابية المصاحبة له فرصة قد لا تتكرر لإذابة حائط جليدي من الجفاء والسلبية بين رئاسة الجمهورية ومؤسسات السلطة المختلفة وبين الساحة الإسلامية، وعلى المعنيين والعقلاء من الجانبين استغلال الفرصة والاستفادة منها بما يحقق مصلحة الجميع، وبما يحقن دماء اللبنانيين ويريح نفوسهم.
469
| 16 نوفمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كما كان متوقعاً ومتفقاً عليه، مرّ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وتم تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، وحسب الأجواء الإيجابية القائمة فمن المتوقع أن تكون ولادة الحكومة قريبة ودون الحاجة لعملية قيصرية. أياً كان الموقف من الطريقة التي تمّت بها التسوية التي أدت لانتخاب رئيس الجمهورية، وأياً كانت التنازلات التي قُدمت، فإن انتهاء شغور قصر بعبدا بعد قرابة عامين ونصف العام من التعطيل شكّل حدثاً إيجابياً وتحريكاً لمياه راكدة وإعادة لمكانة المنصب الدستوري الأول في الدولة، وشكل حقنة إيجابية في عضل الشعب اللبناني الله أعلم كم سيستمر مفعولها. الآمال المعلقة على جدران القصر الرئاسي ليست كبيرة، فالجميع يدرك تعقيد المشهد اللبناني وتركيبته الطائفية الدقيقة، واللبنانيون لاينتظرون من الرئيس أن يحمل بيده عصا سحرية ويطل من شرفة قصر بعبدا ليلقي بحلوله على المشاكل والأزمات، لكنهم على الأقل ينتظرون أن تبدأ عجلة الحكومة بالحركة، وأن ينعقد مجلس الوزراء بشكل طبيعي، وأن يتم وضع الملفات الأساسية على سكة الحل الجدية.ليس من المتوقع أن تنتهي الخلافات والسجالات الإعلامية، لكن ما ينتظره اللبنانيون أن يتوقف التراشق السياسي وتقاذف الاتهامات، طالما أن القوى الرئيسية ستشارك في حكومة وحدة وطنية. ليس من المتوقع أن ينجح رئيس الجمهورية بأن يكون حيادياً بشكل كامل، لكن على الرئيس أن يبذل ما يستطيع ليكون رئيساً للجميع وهذا لا يكون بالكلام بل بالفعل والممارسة.ليس من المتوقع أن تصبح التغذية بالتيار الكهربائي 24 ساعة في اليوم، لكن المطلوب أن تتحسن ساعات التغذية ولا تتراجع. ليس من المتوقع إيجاد حل نهائي وسريع لأزمة مطامر النفايات، لكن ليس من المقبول أن تتراكم النفايات في الشوارع، وأن يتأخر اعتماد حل علمي ومنطقي لأزمة تزكم أنوف اللبنانيين منذ أكثر من سنة.ليس من المتوقع أن يكون الوضع الأمني في لبنان بعد انتخاب الرئيس شبيهاً بسويسرا، لكن المتوقع والمطلوب هو أن يحظى اللبنانيون بحد أدنى من الاستقرار الأمني، وأن يتخلصوا من أجواء التشنج والتوتر بين السياسيين الذي سرعان ما ينعكس على الشارع اللبناني إشكالات وتوترات وتمترس طائفي ومذهبي وحزبي. ليس من المتوقع أن يُصدر رئيس الجمهورية قراراً بمنع حزب الله من المشاركة في الأزمة السورية واعتقال المسلحين الذين يحاولون اجتياز الحدود، خاصة وأن الحزب هو حليف رئيس الجمهورية وهو الذي رشحه للرئاسة، لكن من المنتظر أن تتم الإشارة إلى استثنائية هذا الوضع وعدم القبول باستمراره، خاصة أن خطاب القسم الذي قدمه العماد ميشال عون بعد انتخابه أمام النواب أكد على تحييد لبنان عن أزمات المنطقة، فكيف يستقيم هذا التحييد في الوقت الذي يغرق فريق من اللبنانيين في الوحول السورية؟!.من الطبيعي أن تصاحب بداية العهد جرعة مفرطة من التفاؤل خاصة أن الجميع يبدي استعداده للتعاون مع الرئيس عون لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن. ومن الطبيعي أيضاً أن تتراجع نسبة التفاؤل مع تقدم الأيام وانكشاف تعقيد المشاكل والأزمات وتراجع البعض عن تعاونهم. لكن ليس من المقبول أبداً أن تعود عجلة الدولة إلى الوراء، وأن يعود الحال إلى ما كانت عليه قبل انتخاب رئيس الجمهورية، من تعطيل وتفاقم الأزمات وتقاذف المسؤوليات التي يكون المواطن ضحيتها الوحيد.
620
| 06 نوفمبر 2016
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6681
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2751
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2385
| 30 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1722
| 26 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1518
| 27 أكتوبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1428
| 30 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1071
| 29 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1047
| 27 أكتوبر 2025
“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
978
| 27 أكتوبر 2025
عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...
876
| 26 أكتوبر 2025
بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على...
870
| 27 أكتوبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
699
| 30 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية