رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الإيجابية مصطلح اشتغل عليه الكثير من الباحثين واعتبره غالبيتهم الأسلوب النفسي الأمثل لتبديد مشاعر الألم واستبدال مواقف أخرى بها، يعيشها المريض، ويحقق بها بعضا من الامتيازات المهنية والاجتماعية والشخصية التي فقدها بسبب إصابته بأحد الأمراض الجسدية التي تصنف طبيا أو علميا بأنها مزمنة أو حادة ومن خلال الملاحظات العيادية اتضح أن الاعتماد على تحفيز المشاعر الإيجابية فقط كأسلوب علاجي مساند لم يحقق النتائج المتوقعة منه، بل إنه أتى بنتائج عكسية مع البعض حيث تعمقت لديهم مشاعر الإحباط والشعور بالخوف. ولعل هذا ما يقودنا للتساؤل كيف يمكن أن تساند إنسانا فقد الكثير من أساسيات حياته، بل واضطر مجبورا لتغيير مسار حياته بما يتناسب مع طبيعة حالته المرضية المستجدة عليه هل التطمين يثير القلق ويحفز الحزن ؟ إن المرض _ مهما اشتدت أعراضه _ مرحلة يعيشها الفرد تختلف نسبيا عن حالة الصحة فى التبعات التي تجبر المريض على انتقاء أسلوب يخدم هذا المرض لينتفع بذلك المريض.. لقد اعتاد الكثيرون على استقبال الألم بالكثير من الرفض والحزن والتذمر والانعزال، والقليل من الرضا والقبول والقدرة على المواجهة.. إنه الاستعداد الاستعداد الذي يتجاهل الكثيرون أهميته في صقل الإنسان نفسيا وروحيا وجسديا للصمود مهما كان حجم العقبات، إن الاستعداد لا يعني فقط القوة في مواجهة المرض، ولكنه كذلك يعني تقبل الضعف ولحظات الانكسار في أوقات ربما يشعر بها الفرد كلحظات تنفيس استثنائية يخفف بها أحيانا من حدة مصابه، وعند التدخل سواء كان مقننا علميا أو اجتهادا شخصيا، فإن حالة من المقاومة الداخلية تنشأ في ذات الفرد ليرفض بسببها رسائل التطمين والتفاؤل التي تتعارض واقعيا مع حجم ومستوى الألم الذي صار مهيمنا على اُسلوب حياته، وعلى اختلاف الثقافات والمجتمعات ينظر الغالبية للحزن على أنه مرادف للضعف، على الرغم من أنه يعد انفعالا طبيعيا يتزامن مع بعض المواقف التي تتصادم فيها حاجات وأمنيات وتوقعات الفرد مع واقع مفاجئ يدفع الفرد لإعادة برمجة حياته بما يتماشى مع عارض غير متوقع وغير محبب، ويتأصل هذا الحزن عند البعض ليصبح حالة مزاجية دائمة تقاوم تقبل الحدث، وبالتالي تجعل الإنسان في دائرة من الخوف والتوتر مما يضعف قدرة الفرد على إدراك الجوانب الصحية الأخرى في حياته ويرى نفسه مجرد أسير لأعراض مرضية يصعب عليه التنصل منها. وتعتبر حالة المقاومة هذه بمثابة قوى تهاجم أي رسالة تحمل معاني تطمينية أو تهدئة، حيث غالبا ما يدركها الشخص على أنها تحايل غير مباشر على ماهية مرضه العضوي الذي فاق ألمه تقبل كلمات التطمين الاعتيادية. إن محاولة إشغال المريض عن حقيقة معاناته الواقعية تدفعه لخوف أكثر يتولد في حسه من خلال حزنه على ذاته وقلقه على مآل حالته الصحية ومساندة الفرد على مواجهة واقعه الجديد هو احترام ضمني وتفهم موضوعي لإبعاد حالته الصحية، وهذا لا يعني أن يتحرك المريض بدافع المرض ولكن بدافع التعايش معه من خلال تهيئته معرفيا وجسديا لمواجهة الواقع المستجد عليه. إن إلمام الشخص بوضعه الصحيح يصحح من نظرته للمرض وبالتالي يجعله أكثر دقة وإنصافا في تقبل التغيير الذي فرض عليه، وبالتالي أكثر نضجا في التعامل مع الإمكانيات المتاحة له للعبور بذاته فكرا وجسدا لأعلى درجات التكيف، ليتحول المرض من عدو غاشم مهاجم إلى واقع يستوجب استعدادا جيدا على جميع المستويات، والحقيقة التي قد تغيب عن الشخص تحت تأثير أعراضه المرضية أن الإنسان لا يفقد كل مهامه لكنه قد يفقد بعضها لتظهر مهام أخرى يجهلها وقد يفقدها إن استسلم واسترسل في الحسرة على ذاته ولوم القدر.
6210
| 20 نوفمبر 2015
تمثل مرحلة اتخاذ القرار عند الكثير المرحلة الأكثر صعوبة، حيث يتزامن معها الكثير من الحيرة والخوف والقلق ولعل الخوف من الاختيار السيئ هو الفكرة السلبية التي تعوق الفرد عن الإقدام العقلاني نحو تحقيق أهدافه. وتتمحور إشكالية البعض في الاندفاع خلف عواطفهم عند البت في اختياراتهم الحياتية مما يجعلهم يعانون الندم وخيبة الأمل بعد فترة زمنية بسيطة.. إن حسن الاختيار لا يقتصر على العمل أو الحياة الزوجية فقط، بل يشمل جميع مجالات الحياة بما فيها الدراسة والأصدقاء وحتى الأماكن التي يرتادها الإنسان للترفيه أو العيش الدائم. وكما ذكرت مسبقا فإن سيادة العواطف، وتجاهل العقلانية عند الإقدام على أي مجال في الحياة يجعل سلوك الفرد يتصف بالهشاشة والتردي والتخبط ويفقده الموضوعية والدقة عند اختياراته الوقتية أو المصيرية.. إن الاختيار أولا وأخيرا هو قرار فردي يخططه الفرد وينفذه ويتحمل تبعاته جملة وتفصيلا، لذلك كان من المهم أن يعي الفرد منطقية قراره واختياره والذي يأتي من التوازن الفعلي بين العقل والعاطفة، والذي يتحقق من الإدراك الشامل لأسباب هذا الاختيار ومدى مناسبته للفرد من حيث القدرة والميول والقبول. إن الإلمام بالسلبيات والإيجابيات قبل أي اختيار يشكل عاملا مهما لضبط اتخاذ القرار قبل تنفيذه كما أن تقدير العواقب وتحديد المكاسب يجعل الاختيار أكثر مناسبة لحياة الفرد ولراحته النفسية. إن إزاحة بعض الاختيارات من حياة الفرد عند اكتشاف عدم مناسبتها أو إزعاجها المؤلم للفرد تعد نوعا من الحكمة في حال عدم التمادي في تكرار الاختيار السيئ.. كما أن البقاء تحت سيطرة اختيار سيئ خوفا من التغيير أو خوفا من النقد يعد جهلا وضعفا في بصيرة الفرد وفي نظرته لنفسه وللآخرين وللحياة عموما. إن الفرد الذي يتمتع بذكاء وجداني يستطيع أن ينتقي لحياته ما يساعده على الارتقاء والوصول لتحقيق أهدافه سواء الأهداف الشخصية أو الأهداف التي قد تُوثر على من حوله. ذلك لأن القدرة على تنظيم الانفعالات وترتيبها وتحسينها وإقصاء السلبي منها تعالج اندفاعات الفرد التي تقوده للاختيارات السيئة.
2121
| 13 نوفمبر 2015
يرى البعض الحياة من خلال ذاته ، و ذاته فقط ويميل للسيطرة على من حوله بالوسائل المختلفة التي تكشف عن مدى تمركزه الأناني حول نفسه.وفى حين يعتبر حب التملك ميلا وغريزة طبيعية تظهر فى الطفولة كسلوك طبيعي إلا أنها قد تتحول لأحد أهم سمات الشخصية المضطربة التي تعجز عن إقامة علاقات جيدة وناجحة مع الآخرين.إن الميل للتملك هو في الأصل حاجة نفسية فالجميع لديه مايملكه من أشياء مادية أو معنوية أو اجتماعية تخصه ولا يحب أن يشاركه غيره بها وبتلك الممتلكات على اختلافها وتنوعها وأهميتها يحقق الإنسان لنفسه معنى الاستقلالية والخصوصية والحريّة، حتى يتصرف كشخص مسؤول فيما ينتمي إلى عالمه الذي اختاره حسب قناعاته.إلا أن البعض يتمادي في حب التملك ليشمل من حوله من البشر كالأصدقاء والأهل والأزواج والأبناء، وهنا يتحول حب التملك من كونه نزعة طبيعية إلى أن يصبح رغبة غير صحية وربما مرضية في بعض الأحيان تتمثل في انتهاك خصوصية الغير والميل للسيطرة على الآخرين والتحكم في تفاصيل حياتهم التي تهمهم وتعنيهم.ويعتبر حب التملك بصورته المرضية وغير المتوازنة عبارة عن عاطفة مندفعة غير ناضجة تحكمها الغيرة أحيانا وأحيانا الأنانية والتمركز حول الذات. وهو رغبة مرفوضة للشعور بالسيادة والتحكم في الآخرين وذلك لضمان حبهم واهتمامهم وعدم فقدهم . والحقيقة أن حب التملك هو المنتج الحقيقي للصراع الذي يعانيه الفرد مع نفسه أولا ثم مع غيره حيث يفشل الفرد في الاستمتاع بعلاقاته التي يفترض سلفا أنها حق خاص له ولا يحق للآخرين المساس بها ، كما يفشل الآخرون في محاولة إرضائه مهما كان وبلغ نوع العطاء وشكله وحجمه ومعناه بالنسبة للشخص ، ذلك لأنه يعتقد جازما أن العطاء حق خاص له فقط والتضحية لابد أن تكون من أجله فقط !! وتعتبر التنشئة الاجتماعية التي تعتمد على التدليل الزائد والحماية المفرطة هي أحد أهم أسباب ظهور حب التملك بصورته المرضية. كما يمثل الإهمال الذي يتعرض له الطفل فى سنوات عمره المبكره سببا آخر يتكون من خلاله الميل المرضي لامتلاك الآخرين والتشديد على عواطفهم والخوف من فقدانها.
27367
| 06 نوفمبر 2015
التحرش على الأطفال هو الاعتداء على جسد الطفل عن طريق الملامسة المغرضة واستخدام جسده في ممارسة جنسية قد تكون كاملة أو سطحية، ولقد أشارت بعض الدراسات النفسية إلى أن ١٨٪ من الحوادث التي يتعرض لها الطفل تتمثل في استغلاله جسديا جنسيا وذلك من قبل مراهقين أو بالغين. كما أشارت بعض الدراسات إلى أن ٧٧٪ من المعتدين هم أشخاص ثقة لا يكون هناك شك في سلوكياتهم، كما أشارت الدراسات إلى أن ٨٠٪ من المعتدين هم من أقارب الطفل.. وتشير هذه الحقائق إلى أن استضعاف الطفل وسهولة الوصول إليه هو من أهم أسباب استغلاله واعتباره صيدا سهلا لانتهاك طفولته وهتك نموه النفسي. ويلجأ المعتدي أحيانا إلى إجبار الطفل على ممارسة الجنس معه أو تعليمه سلوكيات جنسية خارجة عن المألوف لإشباع غرائز مرضية ومنحرفة في ذاته، وقد يلجأ بعض المعتدين إلى إغراء الطفل عن طريق الهدايا والمكافآت وذلك لكسبه وتسهيل عملية الاعتداء عليه في ظروف مناسبة للمعتدي دون أن يلفت الانتباه لديه. ويعتبر التحرش الجنسي من الظواهر المجتمعية التي تعكس انحرافا في سلوكيات المعتدي، ففي حين يعتقد الكثير أن المعتدي هو مختل أو مضطرب نفسيا إلا أن الدلائل الواقعية تؤكد أن ذلك سلوك إجرامي في أغلب الحالات وليس سلوكا مرضيا، وعلى الرغم من أن معظم الدراسات تشير إلى أن المعتدي هو من الأشخاص المقربين للطفل إلا أن المعتدي يمكن أن يكون شخصا غريبا لا يمت للطفل بصلة.ويعتبر أي طفل حالة مستهدفة عند أولئك الأشخاص الذين يعانون من انحرافات جنسية وسلوكية تجعلهم غير قادرين على ضبط رغباتهم وتهذيبها، ولقد أشارت الدراسات إلى أن الطفل المعنف أسريا والمهمل من قبل أسرته عرضة أكثر من غيره للتعرض لمثل هذه الاعتداءات غير الإنسانية. وقد يتقبل الطفل المتحرش العملية الجنسية ويتجاوب معها أحيانا تحت مشاعر الخوف والقلق وأحيانا بدافع المتعة والتعود. وَمِمَّا لا شك فيه، فإن الطفل السليم نفسيا يرفض هذه العملية ويستقذرها وسرعان ما يعلن عنها ويفضح المعتدي، وتظهر علامات التحرش الجنسي على الطفل في الأعراض التالية:مشاعر الحزن التي لم يعتدها الأهل على الطفل. عزوف الطفل عن الأنشطة الاجتماعية. قد يظهر تغير في مشية الطفل وحركته. تأخر في مستوى الطفل الدراسي. مشاعر من الخوف وعدم الثقة في الآخرين.إن الأزمة الحقيقية التي تحيط بظاهرة التحرش الجنسي هي نكران الأهل لوجودها وحماية المعتدي، خاصة إن كان من الأقارب، من عقابه بالوسائل القانونية والشرعية المناسبة. إن تهيئة الطفل وتحذيره بالأساليب التربوية والنفسية المناسبة تحقق له حصانة داخلية تحميه من التعرضات الخارجية التي تستهدف جسده، وتشير الملاحظات الإكلينيكية إلى أن شعور الطفل بالذنب واهتزاز ثقته بنفسه وشعوره بالإهانة وعدم القيمة من أهم الآثار السلبية التي تسيطر عليه في حالة تعرضه للتحرش الجنسي، لذلك فإن غالبية الأطفال يحتاج للتدخل العلاجي النفسي المعرفي السلوكي وذلك لتحسن نموه النفسي واسترجاع ثقته بنفسه وبالآخرين. إن إهمال معالجة الطفل يعني كبت مشاعر الألم والخزي والألم والخوف لديه، مما يجعله عرضة مستقبلا للأمراض النفسية، كالقلق والاكتئاب والخوف والشك وربما الانحرافات السلوكية.أبناؤنا مسؤولية شاملة ولا تقتصر تربيتهم على إشباع حاجاتهم الأولية، بل من كمال التربية حماية الطفل نفسيا وأخلاقيا.
3875
| 22 أكتوبر 2015
تؤكد الدراسات النفسية الخاصة بموضوع الدوافع أن سلوك الفرد تحركه قوى داخلية، وتلك القوى هي التي تعكس حاجاته ورغباته ويتحرك خصيصا لإشباعها ومن ثم يحصل على الراحة التي تضمن له حياة يعيشها كما يريدها وتختلف دوافع الفرد ما بين نفسية وفسيولوجية ولعل الحديث عن الدوافع النفسية...اليوم..ومن المتفق عليه وجود الدافع لديه إلا أن الدوافع تختلف من شخص لآخر حسب طبيعته وتكوينه، فالبعض ينطلق من دوافعه التي تعكس مدى نضجه وإلمامه الصحيح بمعنى الحياة.. بينما على النقيض ينطلق البعض من دوافع تتسم بطابع العدائية وعدم الانضباط وتساهم التنشئة الاجتماعية فى تحفيز دوافع الفرد وإظهارها بصورتها الصحيحة أو على العكس فإن التنشئة الاجتماعية السلبية تجعل الفرد يتمحور حول دوافع غير ناضجة تفقده أساسيات التعامل الإيجابي في الحياة وعلى أن الدوافع قوى داخلية إلا أن الفرد يمتلك القدرة على تحسينها وتعديلها وضبطها من خلال اتزانه الواجداني ومن خلال قدرته على تصحيح معارفه. إن أهمية الدوافع وخطورتها كذلك تأتي من كونها مثيرا أوليا لسلوك الفرد واتجاهاته، وتجاوب الفرد معها يحدد تصرفاته التي قد تكون غير سوية في حالة سيطرة الدوافع غير الصحية كدافع الاعتداء او دافع السيطرة على الآخرين.ويرى علماء النفس أن الدوافع هي الموجه الأساسي لسلوك الفرد لذلك فإن العمل على ضبطها وفهمها يجعل الفرد مدركا للتحكم بها والارتقاء بنوعيتها.. إن الدوافع قوى كامنة تعمل في تكامل وترابط حتى يظهر أداء الفرد بصورته الواقعية فحاجة الإنسان لتحقيق التوافق الاجتماعي خلفها العديد من الدوافع مثل الدافع للانتماء ودافع العواطف كما أن النجاح كحالة يعيشها الفرد ينطلق لها من خلال دافع الاستقلال ودافع الإنجاز والطموح أيضا.
10658
| 16 أكتوبر 2015
أبناؤنا هم الزينة الحقيقية في حياتنا، وهم الهدف العظيم الذي حلمنا به لإشباع عواطفنا واكتمال سرورنا.. وفي العلاقة معهم نحن نتجول بين الحب والخوف وبين الحزم والمرونة وبين العطاء والمنع وبين المكافأة والحرمان وفي كل تلك الأحوال تمثل العاطفة المحرك الأساسي لسلوك الآباء تجاه أبنائهم.ولعل كثرة التحديات في العصر الحالي وظهور الطوائف المتخلفة فكريا وسلوكيا جعل الخوف هو المظلة التي تخيم على العلاقات مع الأبناءوالحقيقة التي يجهلها الكثير أن العاطفة وحدها لا تكفي والخوف بمفرده لا يحمي، إن كنّا لا نمتلك منهجا ورؤية واضحة للتعامل مع جيلنا المحاط بهذه الهالة من التيارات المتطرفة وغير المتزنة..إن حماية هذا الجيل لا تتحقق فقط بالخوف عليه أو عزله عن المجتمع الذي بات مكشوفا بحكم تعدد وسائل التواصل وقدرتها الفائقة على التأثير.. إن جوهر الحماية يتلخص في تهيئة الأبناء أطفالا ومراهقين للمواجهة الثابتة لتلك التيارات، وتزويدهم بالقيم الدينية والإنسانية والفكرية المعتدلة التي تشكل لهم وقاية حقيقية وحصانة ضد الاتباع الأعمى الذي قد يغير مسيرة حياتهم لطرق مضللة وهدامة.ولا شك أن احترام عقلية الأبناء وحوارهم والإجابة على تساؤلاتهم يساهم في توضيح الغموض الذي قد يعانونه عند مشاهدة أحداث العنف وهتك حقوق البشر ، كما أن التوضيح الشامل لحقيقة التطرفات الفكرية يجعلهم أكثر إيمانا واقتناعا بهويتهم الدينية للحفاظ عليها. إن استشعار الأبناء لقلق الآباء وخوفهم غير كاف لحماية فكرهم وثباتهم الانفعالي، لكن استشعارهم لربكة تلك التيارات المخالفة وشذوذ منهجها وتدني مستواها الفكري وتجردها من الإنسانية والعقلانية وأخلاقيات الدين وأدبيات العلاقات هو ما يجعلهم أكثر استبصارا بحقيقة تلك التيارات الهشة والمتخبطة. ولعل إشباع رغبات الأبناء الفكرية والعاطفية بأساليب سامية كالمشاركة في خدمة المجتمع والوطن والمساهمة في الأعمال ذات الطابع الإنساني ينمي في ذواتهم الثبات الانفعالي ويجعلهم أكثر نضجا في التعامل مع ما يدور حولهم من اختلال في الفكر والعقيدة. ولعل معرفة الآباء باهتمامات أبنائهم وإطلاعهم على المواقع التي يرتادونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي يحدد اتجاه الأبناء وبالتالي يمنح الآباء فرصة تصحيح سلوكياتهم واتجاهاتهم لمنع أي أخطار خارجية تهدد حياتهم المستقبلية. ولقد حذّر الخبراء والباحثون في مجال علم النفس من أن سهولة التصفح في مواقع التواصل الاجتماعي قد تغذي عالم الأبناء بالمعلومات والمواقع التي لا تتوافق مع سلامة الفكر والاعتقاد.. لذلك كان لزاما على الآباء مشاركة الأبناء في ما يثير اهتمامهم لتثبيت الحسن ومعالجة السيئ بحكمة وإثراء عالمهم بما يحافظ على معتقداتهم الثابتة والصحيحة.
1178
| 09 أكتوبر 2015
ارتبط مفهوم التقاعد فى كثير من الثقافات بمفهوم النهاية والتوقف عن العمل والعطاء، ولعل ذلك المفهوم المفتعل هو ماجعل تلك المرحلة محاطة بهالة من الحزن والخوف والملل وربما الانطواء والاكتئاب للشخص ومن حوله.وتشير معظم الدراسات النفسية إلى أن هناك آثارا سلبية ترتبط وتتزامن مع هذه المرحلة، وبرؤية نفسية نجد أن تلك الآثار ترتبط بالشخص نفسه ومدى استعداده المسبق لتلك المرحلة سواء الاستعداد المادي أو النفسي أو الاجتماعي، فمرحلة التقاعد لا تمثل مشكلة نفسية بحد ذاتها و وإنما تتمثل المشكلة في الاستعداد غير الكافي وسوء التخطيط المسبق، مما يخلق مشاكل وضغوطا نفسية واجتماعية مركبة مثل الشعور الدائم بفقدان القيمة، الذي يتزامن مع الملل والنظرة الحدية للحياة والجمود الفكري، وكذلك الشعور بالاغتراب العاطفي، الذي يأتي نتجية اصطدام التوقعات من المجتمع وبين ماقد يحصل عليه المتقاعد فعلا من اهتمام وتقدير، تتمثل المشكلة أيضا في العصبية والانفعال السلبي على أبسط الأمور لشعور المتقاعد المستمر بالضجر وعدم الرضا، مما يؤدي إلى الخوف من تقلص العلاقات الاجتماعية ويدفعه للمبادرة بالانزواء حتى لا يجد نفسه مجبورا عليه نهاية المطاف. إن مرحلة التقاعد لا تمثل مرحلة العطاء المحدود وإنما هي مرحلة العطاء المختلف، ذلك لأن حقيقة الإنسان ليس بعدد سنوات عمره وإنما بمدى قدرته على استثمار خبرات حياته وتجاربه فى جميع مراحل حياته ومجالاته، فالتوازن فى نظرة المتقاعد لنفسه وتوقعاته من المجتمع يمنحه فرصة الأداء المتناغم والمنسجم مع تلك المرحلة، بمعنى أن مسؤلية تحديد أدوار المتقاعد الجديدة تقع عليه هو أولا عندما يبدع فى صياغة حياته حسب إمكاناته، وهو بذلك يشارك المجتمع الذي يكتمل بتجاربه التي تمتاز بالعقلانية والشمولية والعملية وقد ينشأ التصادم بين المتقاعد ومن حوله أحيانا عندما يهاب المحيطين تدخلات المتقاعد المتوقعة فى حياتهم التي قد تمس بحرية الأفراد كالزوجة والأبناء حتى الإخوة والأحفاد في بعض الحالات، فأزمة البعض تبدأ عندما يتعمد إقصاء المتقاعد وسلبه حقوقه الإنسانية بحجة جموده الفكري وعدم مناسبة توجهاته للعصر الحالي، تلك النظرة التي تركز على سلبيات المرحلة دون النظر إلى المكاسب التي تضيفها خبرة المتقاعد لحياتهم الاجتماعية والشخصية.
2413
| 20 سبتمبر 2015
إذا أردت أن تصنع لنفسك مجدا فعليك أن لا تتجاهل العقبات ولا الصعوبات ولكن حدد لنفسك أهدافا، وضع لها ما يناسبها من الخطط والتصورات واجعل لك موازين للأمور السلبية والإيجابية ثم انطلق في الحياة بحكمة ودرجة عالية من التفهم والإدراك. البعض يخطئ في حق ذاته عندما يتكاسل عن الدفاع عن حقوقه، والبعض يظن أن الدفاع عن الحقوق لا يأتي إلا بالهجوم.. والصحيح أن الشخص الإيجابي هو الذي لا يتنازل عن حقوقه كمبدأ وليس كردة فعل أو حالة انفعالية عابرة يظن البعض أن في الحياة ليس هناك من يعاني مثله ويتصور نفسه أسوأ الناس حظا وأقلهم سعادة وراحة.. وهو بذلك يسمح لسلسلة من الأفكار السلبية أن تحتكر شعوره بذاته فيفقد حماسه في الحياة.ويتراجع عن صياغة ما يلائم حياته من برامج أو أهداف أو مشاريع تحقق له الرضا عن أسلوب حياته.وهنا ممكن القول إن أزمة البعض تكمن في النظر للحياة نظرة مادية جامدة وغير مرنة. والحقيقة أن الحياة ستتحول إلى لغة ميتة وعالم مخيف إذا تجرد الإنسان من المفاهيم الروحية، حيث يقول الله تعالى (ولقد خلقنا الإنسان في كبد)، ويأتي البشر ليتسأل لم أعاني؟ ويتضجر من النكبات والأزمات ويدركها وكأنها قدر لا يستحقها وحالة لا تليق بإنسانيته والحقيقة أن المجاهدة والمكابدة هي أصل الحياة وهي المحك في الكثير من الأحيان لصمود الإنسان وثبات أفكاره يختبئ البعض خلف مشاعر الآخرين ليداوي ضعفه وعجزه وهو بذلك يجني الكثير من الخسائر بحق ذاته حتى يبقى أسيرا لافتراضات سلبية وهمية لا يحقق معها أي نجاح على المستوى الحقيقي..وهذه أزمة لدى البعض فتجد أنه يعيش النجاح على مقدار ما يقدمه له البعض ويلغي ذاته ودوره فى صنع أسلوبا مميز ومناسبا لحياته بينما يعتبر الشعور بالاستقرار حالة يصل لها الفرد عندما يعترف بهويته الخاصة على مستوى قدراته ثم يعمل بكل جهده دون حدة فكرية أو تعنت شخصي يخالط أهدافه وأعماله.. إن أزمة البعض في ظنونه أن نجاحه مرتبط بفشل الآخرين ! لذلك فهو يستعلي بنقصه ويجعل من ملاحقة الآخرين مهمة تختزل كل قدراته وقد يبرر ذلك بتلميع نيته وربط نقده بمفاهيم تستهدف انفعالات الآخرين كالأمانة والحرص وغيرها من القيم السامية.
1460
| 10 سبتمبر 2015
تصنف الحروب في ظل الظروف الحالية أحد أهم أسباب مصادر الاضطرابات والضغوط النفسية بالنسبة للأطفال، وحسب ما ذكرت بعض الأبحاث الحديثة أن ما يقارب من ٥ ملايين طفل يتعرضون لأزمات نفسية جراء ما يحدث في أوطانهم من حروب تستهدف بعضها الأطفال مباشرة وبعضها يكون الأطفال ضحايا لـ"نكباتها" وما ينتج عنها من مصائب ودماء، لقد بات معظم أطفال بيئة الحرب _ إن جاز لي التعبير _ مابين يتيم أو مشرد أو معاق أو محروم، والحقيقة التي لا يمكن إغفالها أن الحروب ما هي إلا بوابة ملغمة لتشتيت مستقبل الطفل وتدمير صحته النفسية. إن معاصرة الطفل لأجواء الرعب والعنف وانتهاك الأنفس والأعراض بل وحتى المساكن والأموال يخلق في نفس الطفل صدمة تفوق درجة استيعابه تلك الصدمة التي تخلف وراءها من الآثار النفسية والجسدية ما هو كفيل بتشويه معنى العالم من حول الطفل، إضافة إلى افتقاد الطفل للشعور بالأمان، ذلك الشعور الذي يمثل حاجة أساسية لنمو الطفل نفسيا ومعرفيا وَمِمَّا لاشك فيه أن معاناة الطفل ستكون مستمرة خاصة في ظل افتقاد أسرة تعجز عن معالجة أزمة الطفل المركبة وفي ظل غياب الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والصحية والعلاجية المنظمة التي من المفترض أن تتكفل بمعالجة الأطفال المتضررين من الحروب. إن اضطرابات مثل القلق والخوف والاضطرابات السلوكية هي نتيجة حتمية للأطفال الذين عايشوا الحروب كما أن مشاعر مثل الإحباط واليأس والتمرد والعنف قد تتولد في ذات الطفل نتيجة ما يعانيه من فقد وقهر، ولعل الأزمة الأخرى التي تجعل عالم الطفل أكثر تعقيدا هو سلبه حقوقه الأساسية من تعليم وإيواء، تلك الأزمة التي تتسبب في جعل الطفل يفتقد شروط الحياة الأساسية مما يجعله يعيش حالة من الانهيار العلمي نتيجة حالة الرعب التي تهيمن على بيئته، فيفقد استمتاعه بالبيئة التعليمية وربما يرفضه خوفا وقلقا. إن الانتهاكات التي يشاهدها الطفل في حالة الحرب تنعكس على أفكاره ومشاعره وسلوكه ولعل افتقاد الطفل لأسرة قادرة على معالجة مشاعره السلبية أو اضطراباته النفسية يجعل الأمر أكثر تعقيدا، إن عجز الأسرة هنا ناتج ربما من عدم قدرتها وليس عدم رغبتها، ذلك أن حجم خسائر الأسرة يجعلها غير واعية باحتياج الطفل، لذلك فمن وجهة نظري أن وجود جهات مختصة لاحتواء معاناة الطفل هو الاختيار الأصلح والأفضل والأكثر فعالية للطفل. ويحتاج الطفل على أرض الواقع للدعم النفسي الذي يعني تشجيع الطفل على التحدث عما يخفيه مع طرح البدائل التي تناسب معارفه وتحسن من قلقه كما يحتاج الطفل لممارسة هواياته وألعابه ونشاطه لتحويل التوتر والقلق والخوف من مشاعر مرضية إلى سلوكيات منطوقة يمكن ضبطها والتحكم بها يحتاج الطفل كذلك لمشاركة أطفال كانوا أكثر تماسكا أمام ظروف الحرب وذلك لأن الطفل يميل للتقليد ولعله يُجد في ردود أفعالهم ما هو أنسب لمواجهة مواقف نكبات الحرب إن وجود جهات داعمة ومتخصصة تشتمل على معالجين نفسيين واجتماعيين ضرورة لإعادة هيكلة وتنشئة الطفل وجدانياً ومعرفياً.
34145
| 04 سبتمبر 2015
تبدو الحياة أكثر جمالاً واستقراراً وسلامة أمام الطفل عندما نضع أمام يديه الحقائق كما هي دون مثالية زائفة أو صعوبة محبطة. يذهب الطفل للمدرسة وفي ذهنه زحمة من الانطباعات السلبية التي طالما زرعها المحيطون، خاصة الأهل بقصد ومن دون قصد أحياناً، حيث تعني المدرسة في مفهوم الطفل النظام الصارم الذي سيغير مجرى حياته، حيث لا نوم يرغبه ولا لعب يستهويه ولا نشاطات اجتماعية يجد ذاته بها، لذلك فلا تتعجب أيها الأب الفاضل وأنت أيتها الأم الكريمة أن تجد من الصعوبة ما قد يفقدك صوابك في كثير من الأحيان. إن التهيئة السلبية وغير الناضجة تحدد أفكار الطفل حول المدرسة مما يجعله يمثل دور الرافض لقدومها الخائف من هيبتها وضوابطها المفترضة والتي غالبا لا تناسب رغباته وميوله وتطلعاته البريئة وربما المحدودة. ورغم حضور الهدف السامي من المدرسة في ذهن أولياء الأمور، إلا أن غياب هذا الهدف أو بعده عن إدراك الطفل يحول المدرسة في مفهوم الطفل إلى مؤسسة مادية محسوسة قد يجهل أسباب التحاقه بها. من الأصعب أن تصف المدرسة بما مفهومه أنها بيت للرعب ثم تطالب الطفل بحبها واحترامها ومن المستحيل أن تتزامن المدرسة مع فقدان محبوبات الطفل ثم تطالبه بأن يشتاقها ويعمل من أجلها. إن الأزمة التي ربما تصاحب الكثير في حياتهم هي وضع الأمور في غير نصابها الحقيقي. وفي التربية يُجرم الكثير من الآباء عندما يستخدمون الترهيب والتخويف كوسيلة لضبط سلوك الأبناء. إن تغير مفاهيم الطفل حول المدرسة وإعادة تشكيل مفهومها المعنوي وربطها بأهدافها عظيمة يفهمها الطفل ويقدرها، تخفف من رفض الأطفال للمدرسة، سواء كان رفضا علنيا أو ضمنيا. إن حصول الطفل على الدعم المعنوي المناسب عند السلوكيات الحسنة التي يقوم بها من تلقاء نفسه داخل المدرسة ينمي في ذاته الشعور بالمسؤولية ويضيف إلى معارفه اشتراطات محببة بالمدرسة. إن تحقيق الطفل للحاجة الاجتماعية والمشاركة الوجدانية يجعل المدرسة أكبر من كونها مجرد مبنى تعسفي للقرارات الصارمة، فهي في تحقيقها لتلك الحاجة تلبي رغبات الطفل الاجتماعية والترفيهية كذلك، من حيث اللعب والنشاطات اللاصفية المنظمة. المدرسة صرح تعليمي وتربوي واجتماعي يستطيع الطفل من خلال أنظمتها الشاملة تحقيق الإشباع الإيجابي لاحتياجاته.
1212
| 26 أغسطس 2015
نتفق مبدئياً على أن علاج بعض سلبيات الشخصية يجب أن يكون في العيادة، وذلك عندما تكون السمة اضطرابا يعانيه الفرد ويؤثر بشكل مزعج على جوانب حياته المختلفة، ويصعب عليه التحكم في أعراضه مما يجعله يستهلك وقتا وجهدا ربما لا نتائج مطمئنة منه. ولعل علاج الشخصية القلقة عياديا يأتي من خلال تحليل أفكارها ومشاعرها وربطها بردود أفعالها، حتى يتسنى للفرد استبصار أبعاد المشكلة ومسبباتها الحقيقية والواقعية، وهذا ما يعرف في مجال العلاج النفسي بالعلاج المعرفي السلوكي الذي يشمل تصحيح المعتقدات من خلال جداول وبرامج وتجارب تساند الفرد في استبدال وتعديل الأفكار السلبية، وما يتزامن معها من مشاعر وسلوكيات غير صحية، ليصبح الفرد بعد فترة العلاج أكثر قدرة على إدارة أسلوب تفكيره وبالتالي التخفيف من حدة القلق والتوتر. وقد يستخدم المعالج النفسي برنامج الاسترخاء، ذلك الأسلوب العلاجي الذي يساعد الفرد على التحكم في التوترات الجسدية للوصول لحالة من الصفاء الذهني والاستقرار الانفعالي وبالتالي القدرة على اتخاذ قرارات أكثر إيجابية في حياته. ليس كل شخص قلق هو مضطرب ولذلك ففي استطاعة البعض التحكم في سماته القلقة من خلال ما يتم سرده في النقاط التالية. الشخص القلق اعتاد أن ينظر للأمور نظرة سوداوية متشائمة ولذلك فهو يتوقع النتائج السلبية دوما في حياته، مما يجعله يقدم على الأمور بتوجس وحذر، مما يحجب عنه رؤية إمكاناته في إدارة انفعالاته. ويستطيع الفرد التحكم في ذلك من خلال استبصاره الذاتي بأن المشكلة تكمن في نظرته القاصرة، فيتجنب الاسترسال مع تلك الأفكار ويمنع تأثيرها بعدم التجاوب معها. الشخص القلق يضخم الأمور ويعطيها أكبر من حجمها ولذا يستطيع الفرد أن يحلل المشكلة التي يعتقد وجودها قبل الاندفاع خلفها بتوتر وخيفة، مما يمكنه من صياغة المشكلة صياغة جديدة موضوعية داخل حدود المنطق، مما يجعله يستشف قدراته المغيبة تحت سيطرة القلق. أزمة الشخص القلق أنه يرى قوته واستعداده ومهاراته أقل من حجم المشكلة، ولعل تحسين النظرة القاصرة للذات من خلال استحضار إيجابياتها والتركيز على جوانب التفوق والإبداع تمكن الشخص القلق من رؤية ذاته بوضوح ضمن أطر مهاراتها لا مساوئها مما يجعله منطلقا بثقة حين مواجهة الضغوط لا متخاذلا مستضعفا. إن التأمل ومنح العقل فرصة للتفكير في أجواء باعثة للسعادة والرضا هي استثمار لطاقة الفرد الذهنية، وهذه الفرصة يمكن أن يصنعها الفرد لنفسه عندما يؤمن بحقه في الراحة والاستجمام ويستحدث لذاته الأجواء التي تأنس بها وتحقق لها الارتياح على المستوى الجسدي والذهني والنفسي. لا شيء يمكن أن يحقق الراحة للفرد، كالثقة التي تلتحف ذاته ومن هنا تنبت بذور الأمان، والثقة مفهوم واسع يبدأ من ثقة الإنسان بأقدار الله ومن ثم ثقة الإنسان بنفسه وثقته المنضبطة بمن حوله ليجنب نفسه العراك المحتمل في الحياة على بعض الافتراضات الوهمية التي تشكلت من خلال أفكار آلية لا تمت للواقع بصلة. هذه الثقة المطلقة والإيجابية التي تأتي من إيمان الفرد بحقوقه وإيمانه بقدرته على الدفاع عنها وإيمانه بأنه عضو حيوي وكائن فعال لا تستقيم حياته إلا باستقامة نظرته لذاته.
8253
| 19 أغسطس 2015
تتشكل أفكار الإنسان وتتحدد اتجاهاته وردور الأفعال التي تمثله، من خلال ما يحمله معارفه عن نفسه، ومن خلال القيمة التي يضعها لذاته. وعلى الرغم أن الكثير يتصرف تحت تأثير العواطف والأفكار السلبية كانت أو الإيجابية إلا أن البعض يتمهل ويتأنى ليصنع سلوكيات تستحق أن تكون قيما وأدبيات يتعلمها الناس لتصحيح مسارهم وانفعالاتهم من خلالها. وَمِمَّا لا شك فيه بأن تقييم الإنسان لنفسه تقييما إيجابيا يجعله أكثر سخاء معها وأكثر إبداعا مع غيره . فالقيمة الذاتية تتشكل من إحساس الفرد بدوره وبأهميته وبقدرته على توفير احتياجاته دون انتظار العطاء والمبادرة من الآخرين والناضج لا يتصنع حين يصف نفسه، ولا يتكلف حين يحاول إظهار مشاعره أو مفاهيمه، لأنه لا يحتاج لإثبات ذاته أمام الآخرين بقدر ما يحتاج لممارسة حقه فى تنطيق ذاته من خلال المواقف المختلفة . إن القيمة الذاتية تدفع الفرد لتحسين أدائه في الحياة وهي التي تجعله في حالة حيوية دائمة فهو لا يرضى بالقليل ولا يروق له التكرار. والواقع أن القيمة الذاتية هي الرغبة التي يظل الفرد عمره محاولا إيجادها وتحقيقها. فالحياة ليست ساحة للتسلية أو الانجراف خلف الأهواء والشهوات وإنما هي ساحة خصبة لممارسة الإمكانيات الشخصية على اختلافها ليصبح الفرد مسؤولا أمام نفسه وأمام مجتمعه عما يقوم ويفكر به. وتعتبر القيمة الذاتية في علم النفس هي ما تجعل الفرد يستحق الحب والاحترام والإعجاب والتقدير، وانخفاضها أو عدم الشعور الجيد بها ينمي فى داخل الفرد الشعور بعدم الاستحقاق. وبالرغم أن الدراسات النفسية أشارت إلى أن بعض الصفات المزاجية والشخصية هي وراثية إلا أن الإنسان يملك حق انتقاء ما يناسبه ورفض ما لا يوافق حاجاته واتجاهاته. إن ممارسة الإنسان لحقوقه الخاصة تجعله أكثر راحة عند التعامل مع نفسه ومع الآخرين. وتجعله غير مندفع في لوم ذاته أو جلدها أو تعنيفها أو إلغاء متطلباته الهامة لاستكمال مشواره في تحقيق أهدافه . فالأزمات كالتعلق العاطفي والحذر من اتخاذ القرارات المصيرية والخوف من نقد الآخرين وبعدهم، قد تلغى قيمة الإنسان أمام ذاته مما يجعله عرضة للكسل والحزن والشعور باليأس والخمول وفقدان الهمة والأمل. إن حاجة الإنسان لرفض ما لا يناسبه لا تقل أهمية عن حاجاته لقبول ما يواففه ويمثله. كما أن الانسحاب السلبي من الحياة الاجتماعية لتجنب عدم القبول أو الرفض يعزز شعور الفرد بالانكسار وعدم الأهمية. والحقيقة أن القوة التي يطمح لها الفرد لا يمكن أن تأتي إلا من داخله مهما شعر بالحب أو الأمان من الآخرين. فثمة أشياء لا يجدها الإنسان إلا عندما يصنعها هو بنفسه وتلك هي القيمة الذاتية.
12055
| 06 أغسطس 2015
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5058
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3696
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
3681
| 24 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2799
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2361
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1512
| 21 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1071
| 20 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
981
| 23 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
978
| 21 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
951
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
846
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
825
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية