رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); 1- تحسس الروح التى في الجوار : وأنت تحاولُ قياسَ منسوبِ إيمانِك، سلْ عن مدَى إحساسِك بالناسِ كي ترى كم أنتَ مؤمنٌ, ؟انْظُر كَم أنتَ محب لسواك.؟. إيمانُك بالله لا مُعولَ عليهِ مالم يُثمِر إيماناً واعترافاً بمن حولك.. مالم يُورِق حُباً لمن حولك جيرانِك وأهلِك والناسِ أجمعين. الإيمانُ إحساسٌ غامرٌ بالوجود , لا يستقيمُ مع بلادَةِ الحسّ وغِلظَةِ الطبع..الإيمانُ لطفٌ ورهافَة, يُجافى الكثافَةَ والقساوةِ.. لا إيمانَ لمن يعيشُ وحدَه, لا إيمانَ لمن لا يرى غيرَ نفسِهِ, لا إيمانَ لمن لا يُحبُّ الآخرين. "لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّه لنفسه"..هكذا حباٌ بالسوية يُجافي الأثَرَةَ والأنانيةَ وحُبَّ الذاتِ الإيمانُ حبٌ ومشاعرُ فياضةٌ وتعبيرٌ عن الإنسانيةِالخالصةِ. وفي ذاتِ السّيَاقِ ينفى المصطفى صلى الله عليه وسلم الإيمانَ عمَّن يبيتُ شبعانا وجارُهُ جائع.. وذلك لكونِ الإيمانِ حالةُ شَبَعٍ روحيّ يصعدُ من الإحساسِ بالآخر ويُضاعِفُ اليَقَظَةَ الوِجدانِيةَ تِجَاهَ المُحيط..الإيمانُ هنا شُعُورٌ حادٌ يتجاوزُ الجُدران والأبوابَ المغلقة..يتحسَّسُ الروحَ التي في الجوار. الإيمانُ حالةُ جُوعٍ حقيقية للحُبّ, وتعبيرٌ صادقٌ وجياش عن التفاعلُ والانفعال , وعن واحديَّةِ الروحِ والجسدِ المسلم .الإيمانُ حالةٌ عامةٌ يتحققُ فيها خلاصُ الفردِ من خِلالِ أخيه الإنسان . دينُنا تعاليمُ أخوَّةٍ، ودُرُوسُ محبةٍ، وخيرٌ لكل الناس 2- نحبُّ المحبةَ. : حينَ تفشلُ كمحبٍ،وتعجز عن الانتصار للمحبةِ, تنتصر الكراهيةُ فلا ترى غير الكُرهِ والكارهين.. إنَّ بُغضَ من يُبغضُك يساويك به, ويُعلي من رصيدِ البغضاء.. تُعلمُنا الأيامُ أن نُشفِقَ على مرضى النُّفوس كما نُشفِقُ على أصحابِ العاهات , ويُحبنا اللهُ حين نحبُّ أكثرْ, وهو يدافعُ عن أحبابِهِ ممّن يُحبون فيهِ لذاتِ الحُّبّ . رهاننا الكبير أن نُحبَّ أكثرَ، وأن نُعَلِّم الناسَ المحبة والتسامي والترفُّعَ عن السُّقُوطِ في الحضيضِ حيثُ تنمو الأحقادُ، وتُبسطُ الكراهيةُ ظِلّها القاتِم على وهَجِ الروح النبيلةِ.. ولنا في المحبة ينابيعَ ثَرَّةٍ دافقةٍ, نعانِقُها آياتٍ بيناتٍ وأحاديثَ سنِيَّة ولنا جَدَاوِلُ ترقرق من ذاتِ الينابيعِ، وإن شئتَ ما يَرويك في هذا المقامِ سيمُدُكَ بديعُ الزمانِ النَّورسيّ ببعض من سلسبيلها الرقراق كلاماً ندياً يفيضُ حكمةً وصدقَ محبة.. "نحنُ فدائيو المحبةِ, نحبُّ المحبةَ, ونُعادي العداوة". تحب المحبةَ ذاتَها,و تعادي العداوةَ ذاتها, تَسقُطُ الشُّخُوصُ ولا يبقى غيرُ المعنى الكريم.
1891
| 25 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في أسفاره الشهيرة يستوقف "ابن بطوطة" في حي ببغداد بكاء طفل ٍكسر للتو آنية فخاركان يحملها لجلب بعض حاجيات أسرته, راح يصرخ بجزع وانكسار خائفا ًمن عقوبة منتظرة, تجمع حوله المارة مهدئين من روعه، مشيرين عليه بالذهاب إلى صاحب وقف الأواني, وهو وقف جعله الخيرون, كما يروي ابن بطوطة جبراً للقلوب, لمعالجة حالات كهذه وتقف في الوقف على أبواب أكثر إدهاشا ً وقفيات منسية قريبة العهد, تؤرخ لأزمنة جميلة رخية سخية , وصل حد طيران روح الكفاية, صوب تحسس وتلمس أسراب الطير الجائعة في سماوات بعيدة.ثمة وقف لإطعام حمام مكة, نعم حمام مكة, الله أي قرابة لي بكن يا بنات حب الأجداد, خواتنا أنتن يا حمام, قريبات أليفات, شعرت برفيفكن داخل القلب صافحت فيكُن ندى آباء ٍكرام, أرواحهم خصب مجنحٌ جاوز الحدود.هناك في أفق البهاء يخفق عطاء أجدادك في حواصل الحمام, فيستثير فيك عاصفا ً من غبار الشجن, هناك حيث طارحٌبهم وحَبهم ذات أزمنة ندية تنطرح أنت مثقلا ً بفاقةً زمنك الشحيح, بين ماض ٍ محلق في السماء وحاضر مهيض الجناح انكسرت فيه روح البلاد السخية, تحت وطأة الفقرالمهين.يا حمام بي شكٌ ينقر القلب, أن وَقف الآباء توقف, كفت البلاد التي كانت تطعم حمائم مكة عن إطعام أبنائها الجائعين, أكل الفساد الحمام والأنام.التهم الحَب والخبء.لم نعد نوقف غير العُدم والبكاء, نحن اليوم واقفون على كل باب, نستعطي بمكة شح الرصيف, نرسل أكبادنا للسؤال.أتوقف هنا وقد قفزت على الوقف مشيرا إلى صور أخرى من وقفياتنا المؤججة بغناها النقمة على واقعنا الفقير, ثمة وقف للنفساء, وآخر لنقاهة المريض, وأبواب غيرها أحصاها أحد الباحثين من موظفي الوقف في بحث مثير للدهشةومع حكم صالح اخذت اليمن في السقوط المريع وبدأ المواطن يسقط بوفرة من كشوف المواطنة إلى كشوف الصدقات يسقط في العدم واليتم والتوسل والعري ومازلنا نغص بحشرجات الخطاب الخيري الفقير الذي يعلو ويشتد مع تزايد الجمعيات الخيرية ,مؤشرا إلى ما وصل إليه فقر الحال والمقال.هذا الخطاب يحتاج إلى كثير من المراجعات بحيث يتحرر من كل ما يسقط كرامة الإنسان ويسيء إلى روحه, من كل ما يكرس ثقافة الشفقة, ويؤبد الفقر, من كل ما يفضي إلى شر أكثر من الخير, من كل مايعمر معدة الجائع ويدمر روحه, من كل ما يضع من قيمة الإنسان.
5067
| 18 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يكتب البعض عن استمرار النخب الشائخة في مواقعها القيادية على مستوى الحكم وداخل الكيانات الحزبية بلغة غالبا ماتكون متهمة لا متفهمة وبأسلوب غاضب متهكم لا يغوص عميقا؛ ليكتشف ديناميات هذه الحالة عموما لماذا يستمر هذا النسق في الحضور والتحكم على هذا النحو الطاغي والمهيمن؟ وكيف، ومن أين يكتسب قوته وديمومته وسطوته؟ هل هي نتاج ممارسة ديكتاتورية مفروضة أو مموهة تقف حائلا دون التشبيب وتعمل على إجهاض محاولات التغيير عموما، بمبررات لا تنقصها الوجاهة، وتتمتع بالقبول والتسليم؟ وإلى أي مدى يمكن القول إن القوة الشابة داخل النسيج العام والنسق النخبوي المؤثر لم تتبلور بعد ولم تنضج ولم تنجز حضورها الفاعل وتنتزع حيزها الخاص، وأنها مازالت خاضعة ومذعنة للتقاليد والمواضعات الأبوية الراسخة بطواعية وامتثال؟؟ وثمة أسئلة أخرى مهمة: هل لهذه الظاهرة امتدادات ضاربة وراسخة في التاريخ والمواريث والثقافة المجتمعية؟ وما هو أهم، هل هذه الحالة خاصية يمنية أم عامة تشمل النخبة السياسية الحاكمة والمعارضة في الوطن العربي والعالم أجمع؟ وأين تكمن المشكلة، في الساسة الكبار أم في شيخوخة المجتمعات والأنظمة حيث يسود الجمود وتتوقف الحركة وتصادر أدوات وإمكانات وشروط التغيير من قبل مراكز النفوذ والقوة الأكثر عراقة وتجربة وخبرة ودراية؟ عيّن أوباما جون كيري 69 سنة- وزيرا للخارجية بدلا عن هيلاري كلينتون -65 سنة- التى قدمت استقالتها على خلفية الهجوم على السفارة الأمريكية ببنغازي. كيري سياسي مخضرم، كان مرشحا للرئاسة في مواجهة بوش الابن في انتخابات 2004م. وكان مسؤول العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الحالي.يجيء أوباما 53 سنة- للرئاسة بعد سلسلة رؤساء كبار سن، ويشكل مع جون كينيدي -٤٦ سنة- حتى يوم اغتياله في 22/11/ 1963م استثناءً من حيث صغر السن. والمتأمل للنخبة السياسية الأكثر حضورا وتصدرا في أمريكا يجدهم من طبقة كبار العُمر انتهاء بترامب ولا يتسع المجال هنا لسرد قائمة عُمرية بهم، وأظنها متاحة للكثيرين وأمريكا مثال يصلح للمعيارية؛ كونها من أكثرالنظم الحديثة ديمقراطية وفتوة وقوة وتقدّما، سيعيينا الجرد لظاهرة تسيّد المسنين للمشهد السياسي واستمرارية تأثيرهم وحضورهم على مستوى الحكومات والأنظمة بتوجهاتها المختلفة؛ ليبرالية وديكتاتورية يمينية ويسارية في العالم أجمع. لا أعتقد بأن المشكلة تكمن في شيخوخة النخبة السياسية، الأمر أعقد من أن يكون قضية عُمرية فقط .
1096
| 11 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الزمنُ عند الله مراتبُ وأفضلياتٌ.. تتباينُ الأوقاتُ في القدر والأجر.. ثمّةَ وقتٌ أفضلَ من وقت..الليلُ مدارجُ، والنهارُ درجات.. {ومن الليلِ فتهجد به نافلةً لك}، {كانوا قليلًا من الليلِ ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون}، {قُمِ الليلَ إلا قليلا}، {واذكر اسمَ ربِّك بُكرةً وأصيلا}، {وقرآن الفجرِ إنّ قرآن الفجرِ كانَ مشهوداً}..كثيرة هي الآيات التي تؤكدُ تمايزالأوقاتِ وتفاوُتِها في القدْرِ والأجر.. أيّامُنا تشبهنا تمامًا.. فيها مِن أرواحِنا الكثيرُ.. بيننا والزمنُ أُخُوةٌ في الخَلْقِ، وللرُّوح حساسيتُها الخاصةُ تجاهَ الأوقات، وهي حساسيةٌ قائمةٌ على التأثيرِ المتبادلِ..هناك وقت للروحِ وروح للوقت. الوقت والروح متلازمان..يستثيرُ الغروبُ مشاعرَ غاربة تستدعي ذكرًا خاصًا مؤنِسًا يُطامِنُ استِيحَاشًاتنا لحظة التبدل تلك حيث ومثله يوقظ الشروق فينا الكثير من الحياة والمشاعر. وللفجرِ أشواقُهُ ودَفْقُهُ النوراني، وللأسحَارِ أسرارُها وقُطوفُها الدانيةٌ لأهلِ القُرب.وللَّيلِ على النَّفسِ سلطانٌ، ولها فيه جَيَشَانُ أُنْسٍ، هدأة، سكونٌ قلق، مواجيد أرق، الليل مجمع رغاب. إهانات مستعادة. هناءة وسُبات. راحةٌ، اطمئنان.. الليلُ موئل الروح، سكن حميم، فيه تعودُ وتأوي إلى مواطن البراءة، وفيه تنزع أقنعةُ النهار، تتخففُ من سطوة النظرات المحدقة والمتلصِّصَة.. الليلُ زمنٌ أثيرٌ يوفِّرُ إمكانيةَ التوحُّدِ والانفراد، يوفِّرُ الاستتار، يوقِظُ فينا الملائكةَ والشياطين، يوفر إمكانية الاختيار بعيدًا عن الرُّقَباء، بين سقوطٍ في الظُّلْمةِ أو الارتفاعِ إلى النورِ، الليلُ رهان كبيرٌ يكتسبُ قيمتَهُ بقدرِ ما يُثيرُ ويستثيرُ من إمكانيةِ الطاعةِ وبواعثَ العصيان..لمَ يُريدُك مولاك في هذِهِ الساعةِ المتأخرةِ، في هذه الأوقات بالذات؟ لِمَ يطلبُكَ الآن؟! لِمَاذا يُعْطِي لهذا الوقتِ أفضلية خاصةً!!. أليس بقدر ما يخلُقُ على مستوى الروح والجسد، بحيث يصير الإقبالُ على الله امتيازَ مُحبٍّ صادق يؤكدُ خصوصيةَ العلاقَةِ، تفَرُّدَها، تَسامِيْها، عُمْقَها، حميميتِها.. هي الأوقاتُ المختارةُ للحب المختار، الوقتُ الخالصُ للمحبةِ الخالصةِ، الوقتُ الغالي للأغلى، الوقتُ الحبيبُ للأحبِّ.. هي إذًا أوقاتٌ خاصةٌ تختبرُ خصوصيةَ علاقتِنا بـالله، ومن ثمَّ بأنفُسنا والوجود.. فيها نكونُ أكثرَ تناغُمًا وتوافقًا، أكثرَ قُرْبًا وتآلفًا، أكثرَ انصبابًا في المُراد.. لكلِّ وقتٍ شجنُهُ ورفيفه،خفْقُهُ، روحُهُ ورائحتُهُ، أسَاهُ وشَجْوُهُ، شاعريّتُهُ.. لكلِّ وقتٍ طاقته واستثارتُه.. درجتُهُ عندَ الله، ولكلٍّ درجاتٌ هي بقدْرِ صعُودِنا في مدارجِ الزَّمان، وقبضِنا على تلك اللحظاتِ الحساسةِ المكتنزةِ بطاقةِ الحياة.
818
| 29 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "الغنى في الغربة وطن".. قالها "أرسطاليس" قديما مختزلا أهم بواعث الاغتراب.لا مقام حيث يقيم الفقر ولا وطن حيث تستوطن الفاقة. الفقر منفى والأرض الفقيرة منفى ودار اغتراب وعذاب. إن أشد أنواع الغربة الغربة الداخلية اغتراب الإنسان داخل وطنه، غربته بين أهله، وحشته وسط مجتمعه.تغدو الأوطان منافي حين تضيق سبل العيش وتتلاشى فرص العمل والكسب، حين تنعدم إمكانية العيش الكريم، حين تتقلص الخيارات وتذوي الأحلام والآمال. تغدو الأوطان منافي أكثر قسوة حين تصير بيئات طاردة أسهل ما فيها الموت وأصعب ما فيها الحياة.أدرك العربي القديم بفطرته السليمة الحرة أهمية عدم الرضوخ للخيارات القاهرة، أدرك أهمية النظر دائما صوب الفضاءات المفتوحة حين ينسد الأفق وتنعدم إمكانات الحياة."وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى... وفيها لمن خاف القلى متعزل"بحسب الشنفرى وهو واحد من الصعاليك العرب الأحرار الوجوديين الأوائل، الذين أغنوا خطاب الخروج على المواضعات السالبة للحرية والكرامة منذ القدم، ويحفل شعرهم بالرحيل والانفلات والتطواف ورفض العيش في أسر الضعة وقيد الحاجة. وقد كان لهم في اليمن امتدادات وأسماء لامعة في عوالم الصعلكة بمعناها الشريف والنبيل المتوارث، على رأسهم فارس همدان وشاعرها الكبير عمرو ابن براقة الهمداني وسواه من المشاهير الذين يمثلون الروح النافرة الشرود المتأبية على الخضوع للمذلة والرضوخ للهوان.لهؤلاء خطاب فلسفي متقدم حول الحرية والمال، وعلاقة الإنسان بالإنسان ومفهوم الوطن الحر الذي تتوفر فيه إمكانات الوجود والتحقق.جاء القران الكريم في أكثر من موضع ليؤكد في تساوق لافت على كثير من قيم الفطرة التي ألح على تأكيدها هؤلاء الذين لا تزال تطاردهم الفهوم القاصرة حتى اليوم قيم الفطرة الإنسانية المجبولة على حب الحرية ونشدان عيش الأحرار والتأبي على اشتراطات القهر والفقر والعبودية هذه القيم.في بيت الشنفرى السالف يلفت النظر إلى الأرض المبسوطة أمام الكريم في حال خاف القلى والهجران والخذلان، ويأتي القران ليؤكد هذا المعنى بالضبط، حيث نجد الأرض خيارا فسيحا أمام كل من ضاقت بهم الخيارات." ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها" كما قال المولى عز وجل، ويحفل القران الكريم بإشارات مماثلة عديدة في أكثر من موضع تعزز هذا النزوع الحر الأصيل.تعلمنا أخلاق الحرية ألا نرهن أنفسنا لخيار وحيد قد يكلفنا كراماتنا وتنازلنا عن إنسانيتنا وأهم مقومات وموجبات الوجود. ثمة فرص كثيرة في انتظارنا فقط علينا أن نركض باتجاهها وأن نتهيأ لالتقاطها. ورغم آلام الغربة وأشجانها، لا يسع المرء إلا أن يغامر أحيانا مستعذبا العذاب في سبيل بقائه حرا عزيزا موفور الكرامة، تهون الغربة وتهون أحزانها ما دامت في سبيل المقام العزيز كما في جواب أبي الصعاليك عروة ابن الورد لامرأته وهي تلح عليه بالقعود بين أهله خائفة من تعرضه للهلكة "لعمرك إني للمقام أطوف"، هكذا يفلسف عروة خروجه بكلمات لم تفقدها الأيام معناها العميق.أحيانا قد لا تكون الغربة في تطلب الغنى المادي فثمة غربة في سبيل الغنى المعنوي، ثمة غربة من أجل العلم والبحث والدراسة وأخرى من أجل السياحة بحثا عن الجديد وتجاوزا للرتابة، قد تكون سفرا للقلب والعقل نحو عوالم أكثر ثراء وخصبا تعود على الروح والجسد بالكثير مما لا توفره الحياة الراكدة."رأيت بقاء المرء في الحي مخلقا لديباجتيه.. فاغترب تتجدد" اليمن بلد الهجرات مذ كان تاريخها أسفارا ممتدة، لها في كل العوالم معالم ولها في كل أفق مقام. لا يزال اليمني مواطنا عالميا بامتياز "جواب عصور وآفاق" موطنه الأرض كل الأرض، ولد مجنحا رحبا مشدودا إلى كل سماء بعيدة "كثير الهوى شتى النوى والمسالك" عصيا على القيود والحدود لا يعرف التقوقع والانكفاء.
8606
| 06 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كانوا قبيحين، ودمامتهم بادية، رغم محاولات التجمل وكنا المتعامين السذج الكبار. لا أراهم جديرين بمشاعر المصدوم هذه وكأن بشاعتهم طارئة ومباغته للجميع وأنهم كانوا أفضل بكثير مما طالعونا به، كل ما هنالك أننا كنا طيبين حد السفه والبلاهة، متورطين في مجاملة الحثالات وتملق الحقارات.تعايشنا طويلا مع القماءة والشرور والخيانات الصارخة ومنحنا الجريمة ملاذات وأستارا ووسعنا لها داخل عقولنا وأرواحنا واخترعنا لها الكثير من مبررات الحضور ومسوغات التصدر. نحن ضحايا خدر وتواطؤات خاصة وعامة أسفرت عن انحطاط عام ظل مرعيا ومحتضنا بعناية من قبل الجميع في صور شتى بالطبع وتحت شعارات ونوايا تجاوزت حدها واحتوت ضدها ببلاهة سافرة. كان الشيطان يعمل بدأب تحت عباءات مختلفة، وكان قبحه أكبر من أن يخفى وكنا أكثر غفلة وأقل انتباها واحتراسا. سارعنا لطرح الفطنة باكرا وقبل اختبارالنوايا. تخلينا عن الكثير من إمكاناتنا الحامية. صرنا أقل ارتيابا وتشككا، أقل تثبتا وتحققا، أكثر تراخيا وفتورا في تفحص الوجوه والوجهات، والتفتيش في الأقوال والأفعال، لا نتوقف كثيرا ولا ندقق. يعنينا أن ننجح في تقبل الآخر والاعتراف به والتعايش معه. والإيمان بحقوقه وحرياته، حتى وصلنا إلى هذا الحد من نكران حقنا في الحياة والوطن وحقنا في الحرية والكرامة واعتبارنا مجرد كائنات قابلة لكل أشكال الهدر والاستبعاد. سيقال أثبتنا أننا أكثر إنسانية وصدقا وانفتاحا وتفوقنا أخلاقيا وبذلنا جهدا في استدعاء إنسانيتهم في حين أخفقوا في الإرتقاء والتسامي والارتفاع وفشلوا في الانتصار على شرورهم وضغائنهم. واختاروا الارتكاس والسقوط، حسنا لكن ووفق منظور أكثر اتساعا ونفاذا للمآلات الكارثية تستطيع إدراك معنى أن ترعى القيمة وأن تحتضن الجريمة. ماحدث كان تساهلا أخرق مع الشر نجم عنه إسقاط للمعيارية وتخديرللحساسية وتمرير للبشاعات ورضوخ عام لمنطق ذرائعي يسوغ الشيطان، ويمنحه القبول التام.ثم ماذا؟ تكاثر الوباء واستمرت مناعة المجتمع في الضعف والعطب. انتعش الزيف وتعاظمت الخيانات، وانفلتت الغيلان الصاهلة والصارخة في كل اتجاه. واستوى الانحطاط انقلابا همجيّا أوردنا الجحيم. هذا الذي دافعنا عن حريته طويلا وانتزعناه من السجن مرارا صار أكبر سجاني البلاد. لم نكن نبصر في عينيه أغلال القرون.ولم يكن حرا بما يكفي كي يكون ابن وطن حر وشريك أحرار. هذا الذي كان يتحدث عن الوطن والمواطنة وعن الديمقراطية والتعددية والعدالة والمساواة، وكنا نؤمن بعده ونصغي إليه باهتمام ونخط تصريحاته بالبنط العريض. هو من يتزعم الآن المسيرة الانقلابية ويحارب بوحشية مطالبا بحقه في الملك بحنين سلاليٍّ لعينٍ مسكونٍ بأمراض الحقب وأدواء العصور.نحن ندفع ثمن عمر من الغفلة وتبادل السخريات والانخراط في تعاقدات مغشوشة أسهمت في مكاثرة الهمج وتنمية الخونةوالسفاحين. الغريب اليوم أن تقترح التسويات المطروحة تناسي كل الفظاعات التي اقترفها حلف الانقلاب وتجاوز بشاعات الحرب وهذي المدن المدمرة والمقابر الممتدة والجراحات المفتوحة وكل هذا الخراب الذي حاق باليمن والبحث عن الحكمة اليمانية تحت الأنقاض وفي الدروب المسكونة بالموت وإعادة إنعاش روح السلام المقصوفة والدخول في تسوية مع الفجور تعيدنا إلى الغي القديم.
631
| 24 نوفمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الوطن ليس طريقاً، ولا ماء، ولا كهرباء، ولا كل ما تحصيه الخطابات الرسمية من أدوات تسبق الإنسان. والذين اُستشهدوا منذ البدء في سبيل الوطن أحبّوه قبل الطريق، وقبل الماء والنور، أحبّوه حراً قبل كل شيء، لأن حريته -بالنسبة إليهم- كانت كل شيء. هي الطريق، هي النور، الارتواء ومجد الكرامة.لم يثوروا لانعدام الخدمات، وإنما ثاروا ضد الاستبداد من أجل الحرية، العدالة، المساواة، من أجل نظام عادل ، من أجل وطن كالحلم يتقاسمه أبناؤه حباً ورخاء.التاريخ صيرورة، سير مظفر نحو الأمام، وكل توجه استبدادي يحاول إيقاف الزمن لا يستطيع النظر أبداً إلى الأمام، لأنه إذ ذاك يفقد صورته، ولا يرى إلا ضياعه، ولذا تجده يتشبث مفتوناً بسكونيته وواقعه الراكد، وينظر إلى الوراء، هناك حيث يمكنه التحقق من وجوده، وتلمس إضافاته الفارقة، من خلال مقارنات لا تؤكد غير اقتران الماضي المستبد بالحاضر الأكثر استبداداً.كان الماضي ينكر الحاضر، ينكر الصيرورة، ومنطق التغيير، يتشبث بمكانه من واقعه الميت، وكانت الثورة جسر الخلاص، والحاضر اليوم -فيما نرى- واقعاً وتوجهاً ومنطقاً ليس إلا تكراراً لذلك الماضي الذي لا يريد أن يبرح! حتى لو حقق الإمام ما حققتموه ما كان آباؤنا "ليعبدوه" لأنهم لم يطلبوا ما ترونه وإنما طلبوا ما هو أسمى من كل ذلك، ولو كانت الثورات وحركات التغيير من أجل الطريق، والماء، والكهرباء، لكان التاريخ مزحة.إن الإساءة ليست ما يكتبه الصحفيون، لكنها ما يحدث بالفعل، نحن لا نتسلى كمترفين بالصيد في أرض الأحزان، لا نتقصد الأسى، لا نسعد بنبش الجراحات، وتقليب الأوجاع، أو ملاحقة البؤس، لا نروج لفضيلتنا الدفينة بطعن الفضيحة، والتشهير بالخطيئة، لا نزكي أنفسنا بإحصاء أوزار الفساد، ولا نتسول الشهرة من عِرض فساد شهير.نحن لا نتقصد الألم والإساءة إنما ندافع عن أنفسنا، عن حياتنا، عن وجودنا المهدد، في واقع مطوق بالأكاذيب.. لا نحقد على أحد، إنما نحقد على الحقد، ونكره الكراهية، لأن الكراهية عقم، وحين تكون صفة حكم تغدو بمثابة جريمة.. نحن ندافع عن بقايانا ضد هذا الانتهاك المحمي المحصن بالقوة، ندافع عن حرياتنا في هذا الأفق المختنق بالقهر، والقمع، والفقر والعنف ، حيث يحيا المرء مشدوداً كقوس بين الغدو والرواح، في حالة استنفار قصوى دائمة، يعاني ألف عسر وعسر، في العقل، والقلب، والمعدة، حيث الحياة رهان يومي على الخسران، وطول البكاء، شد وجه، شد قامة، شد روح، وادّعاء مرهق للتماسك على شفير الهاوية، كفاح قاس لخنق انهيارات الداخل، كدح من أجل الأدنى والأقل، وعراك مهين من أجل التافه والحقير، وجلد يمتحن فيك الحيوان.في هذا الواقع المحكوم بالفوضى حيث لا يمكنك العيش إلا كمحارب أشباح، متوثباً للطعن، جاهزاً للمنازلة، تغدو وتروح في دورة قديمة تتآكلك حتى النخاع! نحن ندافع عن أحلامنا، في وطن يراد تحويله إلى مجرد ندم، وكوابيس مرعبة، إذ لا أحد يدافع عنّا، وعن وجودنا المهدد، وذلك ما لا تقوله الخطابات عالية المستوى، والتي لا تشير إلينا إلا كجاحدين وأصحاب ضلالة!ليحاول كل منكم تخوين ذاكرته الحاقدة، المعطوبة.. ليحاول كل منكم التفتيش عن موقف رسمي مدافع عنكم، عن خطاب يذرف الدمع عليكم، يأسى لمعاناتكم، يعترف بآلامكم، ينتصر للحقائق الصادمة، التي لا يمكن أن تطمرها الأكاذيب، ليبحث كل منكم عن خطاب عزاء، يُشعر المرء أن الوطن أكبر من الفساد الحاكم ما لا نسمعه من الخطابات الرسمية هو "نحن"، "أنتم"، وما لا نراه، هو "نحن"، "أنتم"، ما يسقط أبداً من الخطابات الرسمية المتعالية هو نحن بسطاء هذي البلاد، ما ينقص الخطابات الرسمية الدفاع عن الشعب، عن الوطن، كما يراه الشعب، لا كما تراه تلك الخطابات!كان (ديجول) كثيراً ما يردد أن كل دولة لا تبني أساس شرعيتها على الدفاع عن الأمة فإن مصيرها إلى الزوال.أنا واحد من المتضررين من تلك الخطابات، التي لا تزيد على أن تهددنا، وتتوعدنا، وترمينا بكل نقيصة، تتهمنا بالحقد على الوطن، دون أن ندري أي وطن تقصد، وما هو؟ إن لم يكن كينونة، امتلاء، حياة متجددة، مملوءة بالشغف والرغبة، مفعمة بالحرية والكرامة، رحابة، انطلاق، فرص بقاء، لا تبخس الناس أعمارهم، وأقدراهم، خطابات متوعّدة تتهمنا بالنيل من الوطن، بالإساءة للوطن، في حين لا ترى لنا حقاً يوجب الالتفات، ولا تجد لدينا من المبكيات ما يشفع لنا الصراحة في الغضب، والصدق في القول .نحن مواطنو الواجبات -لا مواطنو الحقوق- الخطابات الرسمية لا تدافع عنّا نحن المدفوعين إلى الهامش، لا تنحاز إلينا على الإطلاق، ولا تدافع إلا عن القتلة والمجرمين إلى حد القفز على كل يقين عام.كم من خطاب سمعناه ملوحاً بملفات فساد هنا أو هناك، مما تشير إليه الصحافة.. كم من قضية عادلة تهم مواطنا ًبسيطاً احتلت ولو هامشاً بسيطاً من تلك الخطابات (على كثرتها)..؟ كم من خطاب طمأن أماً مفجوعة بابن لها مضيّع أو قتيل، كم من خطاب مزبد وجّه للتحقيق في جرائم فاضحة، ومحاسبة رموز متورطين.. كم من اسم بسيط لمواطن متظلم، قفز من تلك الخطابات، حتى ولو ادعاء للبساطة والتواضع.. لاشيء يهم غير الدفاع عن الطبقة ورموز الحكم، عن السياسة وحكمة التوجه، وحنكة الإدارة، ونفاذ الرؤية، وإبهار المنجز!.. لا شيء يهم غير الدفاع عن الوضع المعطوب حتى وإن بلغ اليقين بوصوله الحضيض .لا مكان للاحتفاء بالإنسان كروح وأشواق، لا مكان لأحد في الأجندة الرسمية! لا مكان إلا....ليس مسلياً احتشادنا في مواجهة هذه البشاعة اليومية.. ليست ترفاً نقمتنا حتى على أنفسنا، لم نأت من أجل النقمة، بل جئنا لنحيا ولنسعد بالحياة، ولندافع عن حيواتنا ضد كل قطاع الطرق واللصوص، ضد كل انتهاك يبدأ بسلب الحرية وينتهي بسرقة اللقمة! لنا ما نحبّ ويستحق الدفاع، لنا أحلام مؤجّلة، وحقوق معلّقة، لنا وطن يستحقنا ونستحقه.
4092
| 02 نوفمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الصبرُ من أهم القيم الجوهرية والمركزية في الحياة وله في ديننا حضور أولي وأساسي يرتبط بقضية الخلق وتحديات الوجود ومهام الاستخلاف. وهو القدرة على التماسكِ. والثبات في مواجهة العواصف وتحمل المكاره. الصبر امتلاكُ السيطرةِ على النفسِ وكبحِ جِماحِها من أن تسقطَ في ردّاتِ الفعل.. ضبطٌ للأفكار والخواطر والعواطفِ والأهواءِ.. أوبةٌ إلى الداخلِ. ولملمةٌ للذاتِ المفجوعة والمصدُومة. الصبرُ قدرةُ الروحِ على إخمادِ انتفاضةِ الجسدِ. عودةٌ إلى الرُّشدِ. وإلى حالةِ التوازنِ والانسجامِ والتآلفِ. والاتساق. إعادة بناءٍ للطمأنينةِ والسكينة واليقين الصلب والتصورات الحامية. تكريمٌ للنفسِ من أن تهوي بها لحظةَ انفعالٍ أو أن تُسلم زِمامها لغضبٍ أعمى. أو خسارة طارئة أو مصيبة مباغتة. وهو تكريمٌ للعقلِ من أن يسقطَ في النَّزَقِ والجهَالةِ والطيش. والخفة والتصرفات الساذجة. الصبرُ نفيٌ لغواشي البصرِ والبصيرةِ، انتصارٌ في عالمِ الروحِ وكسبِ في عالمِ القيم. يهوّنُ أعتى الخطوب والحوادث وأكبر الخسارات. الصبر اختبار للإيمان والقناعاتِ الراسخةِ. امتحان للسمو والعظمةِ والأخلاقِ الفاضلةِ. والرُّقِيِّ والاكتمالِ والنُّضج..الصبرُ تسامٍ عن السقوط في العنف والحمق والقصورِ، إثباتٌ للجدارةِ والشجاعةِ في تقبُّلِ الأقدار، وامتصاصِ الصدماتِ وعدم الوقوع فيما يخدُشُ الكرامةَ أو يحُطُ من كرامة وأَنَفَةِ الذات. يا أنت..يصعَقُكَ البلاءُ وتصدُمُكَ الحادِثاتُ. ويأمرُكَ مولاك بالصبرِ، لتعيدَ اكتشافَ ما تختزِنُهُ نفسُكَ من طاقاتٍ وقدراتٍ كامنةٍ وكنوزٍ دفينةٍ. وقوىً هائلةٍ جبارةٍ مُنتصَرةٍ، قادرةٍ على تجاوزِ الكوارثِ والمحنِ والآلامِ والابتلاءاتِ العارضة.. إنهُ الصّبر: تجميعٌ للطاقةِ وتركيزٌ لها. استنفارٌ لعواملِ التحدي والمقاومة.يعَلِمُنا دائمًا معنى الاستعصاءِ وعدمِ الرُّضوخِ والاستسلامِ أو التنازلِ المُهينِ، فتمُرُّ الرزايا والعواصف الهوجاء دونَ أن تجد ما تُرَنِّحُهُ أو تُطِيحُ بهِ أرضًا. وتمرُّ بنا الابتلاءاتُ دونَ أن تجدَ في أعماقِنا ما تُهينُهُ أو تنالَ منهُ أو تضغطَ علينا بِهِ لتُجْبِرَنا على تنازلٍ مُهين. أو نكوص مشين. الصبرُ. مصدرٌ لاكتشافِ عظمةِ الروح. يصقُلُ النفس لتنطلقَ أكثر عزمًا ومُضاءً. يحرِّرُنا من المخاوفِ ويكشفُ لنا أجملَ وأنقَى وأطْهَرَ ما فينا، يرفعُنا إلى المستوى الذي نُبْصِرُ فيه حقيقةَ الابتلاءِ. وننفُذُ إلى جوهرِ الخيرِ والرحمةِ والنعمةِ فيه، حيثُ ندرِكُ ونلمسُ القدرةَ المربِّيةَ والموجِّهة في كل ابتلاء {وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}. ليلتها كان رفقة عائلته في مدينة الملاهي كانت طفلته الصغيرة في حضنه في حلبة السيارات الكهربائية وإذا بابنته الكبرى تعترضهما بسيارة أخرى ليرتطم وجه الصغيرة بالمقود الحديدي الصلب وإذا بخدها ينتفخ فجأة وكأن وجنتها قد كسرت. راحت تبكي بفزع وراح يجمع أهله وينطلق بهم مفجوعا بحثا عن أقرب مشفى. راح يقود بسرعة غير مبال بأحد. وكاد يصطدم بامرأة كبيرة في الطريق. أمطرته بوابل من السباب والدعوات الغاضبة. ولم يقف ليعتذر بل مضى يرد عليها بشتائم بالغة الشناعة. لحظتها دهمه شعور ذابح بالخجل. أدرك أنه فشل في اختبار الصبر. ولاح له ابن عربي مبكتا: "صبرك الثاني لا يعول عليه" وذلك مصداقا لحديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى". وصل المشفى وأكمل الإجراءات الإسعافية. واطمأن على سلامة طفلته في حين شعر أن روحه مليئة بالجراح والكدمات تحتاج إلى كثير من الرعاية والعناية.
1361
| 26 أكتوبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أنت حيٌّ بقدرِ ما تكافحُ الموتَ داخلَكَ وخارِجَكَ.. عليك أن تحرُسَ حياتَك جيدا.. أن لا تسمحَ للموتِ بالتسلُلِ إلى قلبِكَ وعقلِك.. أن لا تدعَهُ يلتهمُك أو يسلُبُك بعضًا منك.. أنت مسؤول عن حياتِك كما أنّك مسؤول عن مواتِك.. من المُهمّ سُؤالُ نفسِك: كمْ أنا حيٌّ وكمْ أنا ميتٌ.. كم مّاتَ مِنِّي اليومَ والليلةَ.؟ كم مَّات منِّي الآن؟ وماذا مات مني؟ كم أنا حيٌّ؟ وكم أُغَالِبُ الموتَ ودواعي الفناء؟بالأمسِ شعرتُ بالموتِ يكثُرُ ويكْبُرُ داخِلي، كما لم أشعُرْ بِهِ من قبلُ.. بالأمسِ رأيتُهُ، تبَيّنْتُ ملامِحَهُ. وقررتُ مطاردتَهُ والإمساكِ بهِ في مَجَاهِلِ الرُّوح.قررتُ استعادةَ حياتي من بينِ أشداقِهِ.. قررتُ الحياة..وجدتُنِي أُصَارِعُ موتًا كثيرًا يُنَازِعُنِي الحياة.. وجدتُ أمامي عملًا إحيائيًا كبيرًا يتطلَّبُ تشمير العزم من أين أبدأ تفحُّصَ نفسي؟ من أين أبدأ جولتي الاستكشافيةَ هذِه، بحثًا عما ذهب ومات فيَّ؟ وما صارَ من حظِّ الموتِ. وما بقي من حظِّ الحياة؟، عمَّا فَسَدَ وتَلَفَ.. عمَّا انطفأ وهَمَدَ.. عمَّا يوشكُ على الذّهاب..؟ثمةَ أفكارٌ ميِّتةٌ يجدُرُ بك نفْيَها بعيدًا، توخيًا للسلامة.. وثمَّةَ أفكارٌ تعيش حالةَ إغماءٍ. وتحتاجُ إلى إعادة إنعاش.. في القلبِ ركامٌ من الموتِ ينتظر التقليبَ. مشاعرُ سوداء نقمة. ضَغائنُ. أحقادٌ، أحزانٌ مقيمةٌ. وهن. سأم. إحباط. بشرٌ بغيضون. عدوانية. كراهية. أدواءَ مُزمنة.. كمْ في القلب من موتٍ يجهزُ على بواعثِ الحياةِ.. كم من الجد والجفاء؟ كمْ مّن الشرورِ؟ كم مّن العُتْمَةِ المُسْتَحْكِمَة؟. يا الله..أعِنِّيْ على كلِّ هذا المواتِ. أحيِنِي بك. أعِدْ وصلِي بمصادِرِ الحياةِ والضياءِ. ومنابِعِ الفرح. الموتُ والحياةُ مخلوقان فينا، يبتلِيانِنا خلقًا وتجديدًا.. هذا للبِلَى وتِلك للجِّدَّةِ والتَّجَدُّدِ والحياةِ.. اختيارٌ يتطلب مجابهتنا اليومية لمِيْتاتِنا المُعتادةِ.. يتطلبُ حساسيةً مفرطةً بالحياة.. نحنُ نموتُ باختيارنا في الحياة. وما المِيتَةُ الأخيرةُ إلا انتقالٌ لحياةِ الأبد.خلقَ الله فينا الموتَ والحياةَ ليبلُوَنَا أيُّنا أحسنُ عملا، ولا يمكن للإنسان أن يكونَ أحسنَ عملًا، إذا لم يحسن العمل داخله. إذا لم يكن أحسنَ عملًا داخل ذاتِهِ. ويلوحُ لي العملُ الأحسنُ اختيارًا ينتمي للحياةِ هو حصادُ عِرَاكِكَ مع الموتِ وأسبابِ الشقاءِ الدَّاعيةِ للانهزامِ والنكوصِ وفسادِ العمل.وإذَن... نحتاج كلَّ آنٍ إلى التأكُّدِ من حجمِ الموتِ... دواخِلِنا إزاءَ منسوبِ الحياةِ. وما أرانا نظفرُ بحياةِ الخلودِ ونحنُ نخلُدُ إلى موتٍ كثير يسكنُ أعماقَنا وأفكارَنا وتصوُّراتِنا. أقوالَنا وأفعالَنا. نهاراتنا وليالينا.. وهل يستوي الأحياءُ والأمواتُ في الحضورِ والغيابِ. هل يستوون عند الحيِّ القيُّوم؟يحتاجُ المرءُ - ربَّما - يوميًا إلى أن يتحوَّلَ إلى بستانيٍّ جيِّدٍ يتعهَّدُ بالسقيا لما ذَوَى وذَبُلَ داخِلَ روحهِ.. يحتاجُ إلى خِبرةِ مهندسٍ زراعيٍّ يعرفُ أمراضَ الزُّرُوعِ والثمارِ.. يحتاج إلى مهارةِ طبيبٍ، بل ربما أطباءَ بتخصصاتٍ متنوعةٍ.. يحتاج إلى مَسَاءَاتِ عِنايةٍ مركزةٍ.. يحتاجُ الإنسانُ لأن يطمئنَّ كلَّ وقتٍ على حياتِهِ وحيويَّتِهِ ليتأكَّدَ من أن خلاياهُ وجوارحَهُ وحواسَّه كلَّها حيةً تضُجُّ بالحياة.. يحتاجُ إلى أنْ يتلمَّسَ روحَهُ وأشواقَهُ. خفقانَ قلبِهِ. آمالَهُ وطموحاتِهِ. رؤاهُ ونظراتِه وخطراتِه.أتُرانا في إدارتِنا الحياة، لا نلتفتُ كثيرًا إلى ما فينا من المواتِ؟! يعيشُ فينا الموتُ ونعيشُ فيه أكثرَ مما نعيشُ الحياة. الفقرُ موتٌ يعودُ إلى فقرِ الرّوحِ وموتُ الإرادة. القهرُ موتٌ يبدأُ من داخلِ الروح.هذا الذي نراهُ في واقعِنا المَقِيْتِ هو بعضُ موتِنا. بعضُ تَعَفُّنِنا وجُبْنِنا وتخاذُلِنا.لهذا من المهمِّ أن نبدأَ البحثَ عن الحياةِ من الداخلِ. فكلُّ ما فقدناه ونَفْقِدُهُ هو نِتاجُ فُقداناتِنا الداخليةِ. مواتُنا العامُ. حصادُ مواتِنا الخاصّ.ثمَّة موتٌ يستوطنُنا ببطءٍ حتى يغدو بعضًا منا، بحيثُ لا نعودُ نراهُ أو نُحِسُّ بهِ. ومن المهمِّ هنا إعادة إحياءِ حساسيتنا ِ بالحياةِ. وتقليب المفاهيمُ والتصوراتُ وإعادة التقييمِ والتأكيدُ على مؤشراتِ الحياةِ الحقةِ كي نُدركَ أين نقِفُ بين الموتِ والحياةِ وكمْ نبْعُدُ وما المطلوبُ كي نعاود الحياة من جديد.إن من أكبرِ الجحود أن يهبك الله الحياة فتنذرها أنت للموتِ وتذروها للفناء والعدم.
7292
| 05 أكتوبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الحجُّ مواقفُ إنسانيةٌ عظيمةٌ. علاماتٌ خالدةٌ دالةٌ على منتهى الامْتثالِ ومُطْلَقِ الخضوعِ لإرادةِ الحقِّ.. استعادة أدائها في الحجِّ تخليدٌ وتمجيدٌ وتكريمٌ واحتفاءٌ بعظمةِ دورِ الإنسانِ ومكابداتِهِ وتضحياته في وِجهتِهِ إلى الله.. إنها من محدداتِ الطريق. علاماتٌ هاديةٌ. ونقاطُ ارتكازٍ، هي المِهَادُ الذي تأسَّسَ عليهِ البناءْ. وهي مواريث النبوة التي ألْهَمَتْ، وما زالت، تُلهمُ البشريةَ حقيقةَ العبوديةَ للهِ. ومعنى إسلامِ الوجهِ والوِجْهَةِ لهُ وحدَه.إن تعظيمَ تلكَ الشعائرِ يتطلبُ حضورًا رُوحيًّا مُدْرِكًا، يستبْطِنُ المعانيَ العميقةَ، متجاوزا المُلامَسةَ الحِسِّيِّةَ والتَّمَسُّحَ الظاهريَّ بِقصدِ البركة.الحجُّ من دون حضورِ الروحِ ونفاذِ الرؤيةِ، والدخولِ في العوالمِ المترابطةِ للشعائرِ والمناسكِ، وبدون الاندماجِ الروحيِّ والوجدانيِّ عند تأديتها، يغدو مجردَ ركضِ أجساد، مجردَ جُهدٍ عضليٍ يقْصُرُ عن بلوغِ كثيرٍ من مقاصدِ الحجّ.بقلبي "مِنَى"لكأني معكُمُ الآنَ. أُبَلّلُ بالدمعِ خَدَّ الطريقِ.. أحتضنُ السماءَ وكلّيْ هُتافٌ حبيبٌ "لبيكَ اللهمَّ لبيكْ".. كمْ تعالى النشيجُ وكم سفح الدمعُ جَذَلًا وهُيامًا.. كانتِ العَبَرَاتُ فاتِحَةَ العُبورِ. كان صوتُ صاحبكم غيرَ صوتِهِ.. كان صوتُ أشجانِهِ وصباباتِهِ. صوتُ محبتِهِ، يتلامع بين السماءِ والأرض.وكلما بلغَ "إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والملكُ. لا شريكَ لكْ" اهتزَّتْ كلُّ جوارحِهِ هِزاتِ امتلاءٍ. وفاض القلبُ بدمعٍ حبيبْ."عَرَفَةُ" و"مُزْدَلِفَةُ" مهرجانُ حُبٍ أبيضٍ خلاءٌ بسيطٌ.. فقيرٌ.. لا شيْءَ، غير جُبيِلٍ أو جُبيِلين.. تتناثرُ الأحجارُ مُعَبِّرَةً عن تساهُلٍ وتواضُعٍ. ونزوعٍ نحوَ التَّفَلُّتِ من السلوكيات الجَبَلِيَّةِ المَعْهودةِ. المُتَّسِمَةِ بالتَّصَلُّبِ والجمودِ والقساوةِ والتعالي، وغِلْظةِ الطبعْ.إنّهُ الجبلُ الدانِيْ، والصحراءُ المتراميةُ القَصِيَّةُ: رمزان رُوحيّانِ متَّصِلانِ، يُفضي كلٌّ منهما إلى الآخرِ بحبٍّ وقُرْبْ.الصحراءُ والجبلُ القريبُ. مَدَىً للروحِ والعقلِ.. مَدَىً محكومٌ، لا يستحيلُ متاهةً. ومرتفعٌ خفيضٌ لا يُغْرِي بالانْعِزَال. ولا يُوهِمُ بملامسةِ السماءَ. ولا يُمَكَّنُ من الطيرانِ بعيدًا عن الترابِ. بيئةِ الكدَحِ والركضِ. أرضيةِ الانْعتاقِ ومنصَّةِ الانطلاق. في هذه المشاعرِ - وهي جمْعُ مِشْعَرْ - ما يُحِيْلُ على عَالَمِ الشعور.. أداءٌ تعبديٌّ مُحَمَّلٌ برمزيَّاتٍ كثيفةٍ. في أمكنةٍ روحانيةٍ خالصةٍ. مسكونةٍ بالسرّ.في هذه الأمكنةِ.. لا مظهرياتٍ ولا شكلياتٍ، لا قشورَ تُفسدُ الرؤيةَ. لا أُبَّهَةَ أو فخامةً تحجبُ الجوهر.. لا شيْءَ مما تراهُ في الأمكنةِ ذات القداساتِ المُخترعةِ. حيثُ الإبهارُ عنصرَ إثارةٍ مهمٍ لتحريكِ الروحِ وتهييجِ الشعورِ. وفرضِ نوعٍ من السطوةِ.. لا شيء من الخارجِ يستحوذُ على العقلِ والقلبِ.. هيِ البساطةُ طريقُنا إلى المعنى الكبير..في "عَرَفَةَ" و"مُزْدَلِفَةَ" تلوحُ عظمةُ المكانِ البسيطِ المُكتفي بروحِهِ ومظهرِهِ.. المكانُ غيرُ المُتَكَلَّفِ. الدالُّ على الكينونةِ. حيثُ عُذْرِيَّةُ الظاهرِ والحفاظُ عليها، هدفٌ أساسي للوصولِ لعُذْرِيَّة الروح. هنا تبدو البدائيةُ والبداوةُ. دوالَّ أساسيةً لحياةِ البدءِ. للانبثاق البدئي. لاستكناهِ البدايات.هنا المكانُ البسيطُ يعبَقُ برائحةٍ أصيلةٍ.. هنا تُوْلَدُ من جديد. من قلبِ مكانِ الولادةِ. هنا تقرأ مسارك، تستنطقُ تاريخِ البشريةِ الطويلِ في طريقها إلى الله.. هنا ترحلُ في ذاتِ الطريقِ. في ذاتِ النهرِ المتدفقِ من بعيد.. هنا أنت بعضُ النهرِ، متفجرًا من ذاتِ النبعِ وعائدًا إليه.. هنا الحجُّ طريقُ القلبِ. لا يحتاجُ إلى بهارجَ.. لا يزال على حالِهِ يَعُجُّ بالرسالاتِ. بالآباءِ، الأنبياءِ، بالأرواحِ الباسلة التي تولتْ بناءَ الإنسانيةِ. وعلمتْنا أن نُواصلَ السيرَ في موكبِ العظمة.يا الله.. كم اعْتَرَتْنِي مشاعر وتخطَّفَتْنِي أفكارٌ وخواطرُ أجَّلْتُهنَّ طويلًا. وهذه مواجيدُ وأشجانٌ. هُنَّ بناتُ هذا الصباحِ. الذي يُشرقُ بكم على صعيدِ "عَرَفَةَ" ويا لَهُ من فجرٍ آخرَ يُشرقُ داخلَ الروحِ. تخرجُ فيه لتجدَ أسرتَكَ الكونيةَ. في مهرجانِ حبٍ أبيضَ بلونٍ واحدٍ. وسمتٍ واحد. وَوَجِيْبٍ واحد. تجدُ روحك في كرنفالِ هيامٍ كبيرٍ. تطيرُ كالفراشةِ. في أُفقٍ من الرَّحَمَاتِ مُخْضَلٍّ بَهِيٍّ. هو يومُ "عَرَفَةَ". استعراضُ محبةٍ في ذاتِ الفضاءِ المسكونِ بِخُطى القُرونِ المُحِبَّة.. تدرِكُ لِمَ كان الحجُّ عرفةَ، ولِمَ استحق الواقفون تلك الحفاوةِ الربانيةِ الغامرة، حيث "يباهي الله ملائكتَهُ عشيةَ عرفةَ بأهلِ عرفَة، فيقولُ: "انظروا إلى عبادي، أتوني شُعْثًا غُبرًا ضاحين من كل فجٍ عميقٍ، أُشهِدكُم أني قد غَفَرتُ لهم"، كما جاء في الحديث الشريف.وفي "مُزْدَلِفَةَ" يَفْتِنُكَ جَيَشَانُ الأرواحِ.. يلوحُ مشهدُ أوْبَةٍ صخَّابٍ، عَرضٌ حَشْرِيٌ يبعثُ الرَّوْعَ والرهبةَ.. تُقَارِبُ فيهِ القيامةَ وأنتَ في أقرب مقامْ.في الحجِّ.. تتلمَّسُ الروحُ مساقِطَ العافيةِ عبرَ الأزلِ.. تستعيدُ حَجَّها إلى الله مُذ كانت.. تُرجِّعُ قصةَ أبيها الكبيرِ إبراهيم، قصتَهُ مع التسليمِ.. صراعَهُ وهو يضعُ قواعدَ البناءِ، يفْتَرِعُ الطريقَ، يُسَمِّيْ الطُّرَّاقَ {ملةَ أبيكم إبراهيمَ هو سمَّاكُمُ المسلمين من قبلُ}. في الحجِّ.. نُعِيدُ محاكاةَ القصةِ، نؤدّي ذاتَ الدورِ. نؤكدُ إسلامنا وتسليمِنا لله وحدَهُ. نستعيدُ الروحَ. نُلملِمُ المعنى، نؤكدُ انتماءَنا لذاتِ المدِّ. نبرأُ من الشركِ والكفرِ والعقوقِ. نرجُمُ الشيطانَ الذي يسكنُ نفوسَنا وحياتنا..يا الله.. ها أنذا أرجُمُ شِقوتي، زَيغي، ضَلالي، وَهَني وهَوَاني، ذِلَّتي لِسواك، ورُكوني لِغيرك. أرجُمُ كل ما يُبعِدني ويحجُبني عنك.. أرجُمُ نكوصي وتخاذُلي عن فِعلِ الحقّ، ونُصران القيمةِ والمعنى.. مع كلِّ حَجَرٍ كانت تنداحُ داخلي، دوائرَ من ضوءٍ، ومساحاتٍ من اخضرار..يا الله.. ها نحن نُضَحي من أجلك.. نذبَحُ شكوكَنا، ظنونَنا. تردُّدَنا، تقاعُسنا، خُذلاننا، نَحْلُق هَوَى النُّفوسِ، والأوهامِ الخادعةِ، نُحدّقُ في جَمالِنا الداخِلي، نُعلِنُ مواصلةَ افتدائِنا للحقّ، نجددُ العهدَ على السَيرِ في ذاتِ الدربِ الممتدّ..كنتُ أتقشَّر.. الطبقاتُ السميكةُ التي تلُفُّ الروح تنصهرُ في الأجواءِ النَّورانيةِ، تتفتت، تسيح تحتَ سيلِ الدَّمعِ الحارِّ.. تسقُطُ الكثافةُ. تشِفّ، تشِفّ. ترِفُّ. تشعُرُ بجوهرك اللطيفِ. تُحسُب الرهافة. ترتفعُ حساسيتك. يتغيرُ إحساسُك. شُعورُك. استجاباتُك. رؤيتُك. سَمْتُك.. يهزُّك الحجُّ. يُزلزلُ كيانك. يُوقِظُ فيك العواصِفَ. يُفجّرُ أشواقَك.. يُعيدُ ترتيبَ فوضى الروحِ والعقلِ.. يُعيدُ صقلك. كي تُواصلَ اللمعان.. يُرمّمُ صُدوعَك. يُجمّعُ أشتاتك. يُعيدُ تسكينَك حيثُ تَعيَّن القدرُ والمصير..يا الله.. ها أنذا خالصًا لك. كل ما فيَ يولدُ من جديد. كلُّ ما فيَّ يُشِعُّ بأنوارِك. يُسبحُ بحمدك. يُثني عليك.. "كل جَارحةٍ عينٌ أراكَ بها، كلّ خَفقٍ للثناءِ فم".
737
| 21 سبتمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الحجُّ أداءاتٌ تعبديَّةٌ جماعِيَّةٌ لِشعائرَ ومناسكَ، هي علاماتٌ ترمزُ بصورةٍ مركَّزةٍ ومُكَثَّفَةٍ إلى وقائِعَ ومواقِفَ ولحظاتٍ فاصلةٍ من تاريخِ الوَحْدَانِيِّةِ. كما تشيرُ للأدوارِ التأسيسيةِ الأولى، التي اضطلع بها أبوالأنبياءِ إبراهيمُ وابْنُه إسماعيلُ وأمُّنا هاجرُ عليهمُ السلامُ، في إرساءِ دعائمِ العقيدةِ وإعادة تسكينِ الدعوةِ وِفْقًا لمُرَادِ الله في المكانِ الذي أوْدَع فيهِ سِرَّهُ في أول بيتٍ بُنِيَ للنَّاسِ بمكةَ. حيثُ أسْنَدَ لإبراهيمَ وإسماعيلَ وهاجرَ عليهم السلامْ. مهمةَ سُكْناهُ وعِمَارَتِهِ وتأهيلِهِ ليكونَ مثابة للناس وأمنا، مركزَ الثقل الروحي للأمةِ الإسلاميةِ حتى يرثَ الله الأرضَ ومَنْ عليها، ضِمْنَ مُخططٍ إلهيٍ ومخاضاتٍ صعبةٍ وقاسيةٍ انتصرَ فيها الإيمان بالخالق وحده، وبلغَ المُكلَّفُونَ ذروةَ التسليمِ، فإذا المكانُ يُفْصِحُ عن خَباياهُ وعطاياهُ، متجاوبًا مع حركةِ الروحِ الهاديةِ بتناغمٍ وتوافقٍ مُعْجِزْ.. من قلبِ الصَّفا الصَّلْدِ انْبَجَسَ نبعٌ حَنُونٌ على وقَعِ خُطى الأُمِّ اللهيفَةِ، وتحت قدميْ طِفْلِها إسماعيلْ، الفادِي العظيمِ، وريثِ النبوة، المنذورِ للقيامِ بأعظمِ المهامِ المرتبطةِ بميلادِ البشرية.وما بين الصفا والمروةِ. تأخذك روحٌ آسرةٌ عذبةٌ. تشعرُ بنداوةٍ مفعمةٍ بشذى الجنان، تُبَلِّلُ القلبَ والجسد.. هي روحُ أمِّنا العظيمةِ هاجَرَ. تسكن المكان الحبيب.. هي ذي وهي تهرول لحظةَ الانقطاعِ والفقدانِ والظمأِ إلى الكَنَفِ والزوجِ. وكلِّ ضروراتِ الحياةِ.. هي ذي تروي عطشَنَا للمعنَى الحقِّ. في كلِّ رشفةِ ماءٍ من العينِ الإلهيةِ الثَّرةِ المُنْبَجِسَةِ من قلبِ الأسرارِ الربانية. خُطاكِ أيتها الأمُّ الجليلةُ. هرولةٌ أبديةٌ نحوَ الله.. بحثٌ دائمٌ عن الارتواء.. بحثٌ عن النَّبعِ الذي يسكُن أعماقَنا.. أشعُرُ بخطاكِ داخِلَ الروحِ تهمسُ في الجداولِ النائمة.. تهتفُ بالنَّداوةِ المطمُورةِ تحت ركامٍ يُثقِلُ الصدرَ ويحجُبُ الضوء.. أشعُرُ بخطاكِ تُقلّبُ عمرًا من اليباسِ والجفافِ والتصحُّر. بحثًا عن النّدى الدَّفين والدَّفْقِ الحبيس.. بحثًا عن زمزمَ الثاوِيةِ خلفَ الضُّلوع..زمزمُ.. آيةٌ دافقةٌ انبثقتْ من يقينٍ متظافرٍ برحمةِ الله وعنايتِهِ وحفظِهِ.. عينٌ جرتْ من قلبِ التسليم. تروي عطشِ الحِقَبِ والعُصورِ بماءِ اليقين..هاجَرُ حاضنةُ النورِ. فرادةُ الشخصيةِ وعظمةُ الموقِفِ واليقينُ الكبير. ولحظةُ تسليمٍ استثنائيةٍ، وقد استحالتْ من شعائرِ الله مستوجبةً التعظيمْ.. هاجَرُ مكانةٌ عاليةٌ، وحضورٌ محوريٌ متقدمٌ، ودور مركزيٌ رائد للمرأة في تاريخنا الديني والروحي، يتجاوزُ الفهومَ المجدِبَةَ، والتصوُّراتِ المتخلفة، يتجاوز الشعارات الجوفاء، يصيرُ شعيرةً ورُكنًا من أركانِ الحَجّ، "إنّ الصفا والمروةَ من شعائر الله فمن حجَّ البيتَ أو اعتمرَ فلا جُناحَ عليهِ أنْ يَطَّوَّفَ بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكرٌ عليم".. هي هاجَرُ الأمُّ التي منحت من روحها أم القرى، كي تتضافرَ الأمومةُ الواهبةُ، أمومةُ الإنسانِ والمكان. ومعَ بعثةِ محمَّدٍ عليه الصلاةُ والسلام، تعلنُ دعوةُ إبراهيمَ وإسماعيلَ عن امتدادها الخاتَمِ: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.. تختتمُ رحلتَها النبوةُ. وتعلِنُ الرسالةُ عن الاكتمال.. تواصلُ مكةَ دورَها الحاضنَ للعقيدة.. يتابِعُ وِجْهَتَهُ النهرُ، مُواصِلًا التدفُّقَ والجريانَ باندفاعٍ ويقينٍ جارفٍ مكتسحٍ، ذاهبًا في كل اتجاهٍ، ناشرًا الحياة..هو ذا الحبيبُ المصطفى يلتحفُ بُرْدَتَهُ وأشجانَ الغُربةِ..هو ذا يخوضُ امتحانَ البداياتِ الصعبةِ في مواجهةِ قُرونٍ من الارتدادِ والانحرافِ والجاهليةِ. قرونٍ من الوثنيةِ والكفرِ والشركِ والضلالاتِ المؤلهة. كانت مكةُ تغرَقُ في الظلامِ الدّامسِ. وكانَتِ الكعبةُ تغصُّ بالأوهامِ وتختنقُ بالأصنامِ..هو ذا في ظِل الكعبةِ. مستندًا إلى السماء ومواريثِ أبيهِ إبراهيمَ، يستصرِخُهُ خَبَّابٌ. لكن عن أي عذابٍ يحكي خَبَّاب؟ما كان جواب المختارِ. إلا قطعًا بالمنشار.. كانت لحظةً فاصلةً. وكان المنشارُ إجابةً قاطعةً تفصلُ بين زمنين: تفصِلُ بين الشكّ واليقين. بين العُتمةِ والنُّور.. بين خيارين: بين أن تكونَ أولا تكونُ.. بين أن تتحمَّلَ كُلْفَةَ الحريةَ كاملةً. أو تبقَى أسيرَ عبودِيَّتِك..لاحَ الوصفُ الصادِمُ لمثالِ التضحيةِ المستَحَقَّةِ جزءًا من الدرسِ.. قطعًا للضعفِ والوهَنِ.. إعلاءً من شأن الروح وتهوينا من جراحاتِ البَدَن.. درسُ النبُوَّةِ من قديمٍ: خوضُ الامتحان حتى منتهاه. الانقذافُ في قلبِ النارِ. على بردٍ راسخٍ من يقينِ النجاة.كانوا قلةً من مهمَّشي مكةَ، مدينةَ السطوةِ والجبروت.. أراد بهمُ الله كسرِ النَّسَقِ المهيمنِ في تصوّرِ القوَّةِ والمَنَعَةِ، ونسفِ كلِّ المُواضَعَاتِ القديمةِ المحدِّدَةِ للكينونةِ والمكانة..خبابُ. وصهيبٌ الروميُّ. وبلالٌ. وياسرُ القادمُ من اليمن وزوجه سُميَّةُ، امرأةٌ من موالي بني مخزومٍ. وعمَّارُ الابنُ..تتكررُ صورةُ الأسرةِ الإبراهيميةِ في آلِ ياسر.. تبرزُ هاجَرُ بوضوحٍ في شخصيةِ سميةَ، الشهيدةِ الأم، أولى الفاديات في طريق الفجر الوليد.. أيُّ امرأةٍ أنتِ أيتها الأم الحبيبة!!. أتشبَّثُ بإهابِكِ كلما ارتَجَفَ القلبُ. وسَرَتْ فِيهِ رِعدَةُ جُبن..أرنُو إلى هامَتِكِ العالية. فينبُتُ لي ألفُ جَناحٍ وجناح.
840
| 14 سبتمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في رِحابِ الكعبةِ الشريفةِ, يلوحُ أبونا إبراهيمُ عليهِ السلامُ, مالئاً الفضاءَ, مواصلاً احتضانَ ذريتِهِ الموحِّدةِ, الهابَّةِ من كُلِّ فَجًّ, مُلبيةً أذانَهُ الأبدِيَّ الحيّ, مُذْ جاءَهُ الأمرُ: {وأذِّنْ في الناسِ بالحجِّ يأتوكَ رِجالاً وعلى كلِّ ضامرٍ يأتِيْنَ من كلِ فجٍ عميقٍ, ليشهدوا منافِعَ لهم, ويذكروا اسمَ اللهِ في أيامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمةِ الأنعامِ, فكلوا منها وأطعموا البائسَ الفقير، ثم ليقضوا تَفَثَهُمْ وليُوفُوا نُذُورَهُمْ ولْيَطَّوَّفُوا بالبيتِ العتيقِ} صدق الله العظيم. كان أبونا إبراهيمُ عليه السلامُ شخصيةً فذَّةً {كانَ أُمَّةً} بصريح القرآن، أمةً بمعناها الواسعِ العريضِ. كان جريئاً، مُقْتَحِماً، شجاعاً، مُواجِهاً.. رجُلَ منطقٍ وصراعٍ. تجاوزَ صراعَهُ مع ذاتِهِ، وشرع في مُقَارَعَةِ أوهامِ واقعه.. وفي بحثِهِ عن اليقينِ، ورحلته إلى الله مبشراً بدعوةِ الإسلام، ظلَّ يخوضُ امتحاناتِهِ حتى منتهاها، مُسلِّماً أمره لله، مجسدا عظمة التسليم. كان التسليمُ جوهرَ الرسالةِ، قصتَهُ الكبرى. انقذافُهُ في النار، بيقينٍ صارخٍ يُخرِسُ ألسنةَ النيران.. وفي لحظةِ الانتصار تلكْ، يأتي المددُ والتأييدُ.. {قلنا يا نارُ كوني برداً وسلاماً على إبراهيم}!!.. ثم تركه لزوجِهِ وولدِهِ بإلهامٍ من ربهِ في وادٍ غير ذي زرع.. ثم امتحانُهُ في رؤيةِ ذبحِ إسماعيلَ ونجاحِهِما معاً في خوضِ هذا البلاءِ المبين {فلمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قالَ يا بُنيَّ إني أرى في المنامِ أنِّي أذبَحُكَ فانظرْ ماذا تَرَى، قالَ يا أبتِ افعَلْ ما تؤمَر،ستجدُني إن شاء اللهُ من الصابرين*فلمّا أسلمَا وتلَّهُ للجبينِ وناديناهُ أنْ يا إبراهيمُ قد صدَّقتَ الرؤيا إنَّا كذلك نجزي المحسنين إنَّ هذا لَهُوَ البلاءُ المبين*وفديناهُ بِذِبحٍ عظيمٍ وتركْنا عليهِ في الآخِرِين، سلامٌ على إبراهيمَ كذلك نجزي المحسنين}..كما يبدو التسليمُ أيةَ هاجَرَ الباهرة إذ تركنُ إلى ثقةٍ باللهِ راسخةٍ تُبدّدُ قلقَ التركِ وهواجسَ الانقطاع.تقرأ في الخطاب الإبراهيمي، كما حكاه القرآن، حضورا مهيمنا لمفردة "الإسلام" باشتقاقاتها المتعددة، ما يدل على أنها جوهر الأمر كله.. "إنَّ الإسلامَ لمْ يأخذِ اسمَهُ من تشريعاتِه ولا نظامِهِ ولا مُحرّماتِهِ، ولا من جُهودِ النفسِ والبَدَنِ التي يُطالبُ الإنسانَ بها..وإنما من شيءٍ يشملُ هذا كلَّهُ ويسمُو عليه.. من لحظةٍ فارقةٍ تنقدِحُ فيها شرارةُ وعيٍ باطنيٍ، من قوَّةِ النفسِ ومواجهةِ محنِ الزمنِ، منَ التهيُّؤِ لاحتمالِ كلِّما يأتي بهِ الوجودُ من أحداث..من حقيقةِ التسليمِ لله..إنه استسلامٌ لله..والاسمُ: إسلام" بحسب علي عزت بيجوفتش في "الإسلام بين الشرق والغرب" هي دروسُ إبراهيمَ العظيمةِ في تأكيدِ معنى التسليمِ تتوالى في المخاضِ الرِّساليّ الطويلِ، تعاوِدُ التجسُّدَ في مكةَ من خلال سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابِهِ الأوائل. مُطلقُ الإيمانِ والتسليمِ, مطلقُ الفداءِ والتضحية. حيثُ يكونُ الحقُّ الأسمى أعلى من الذاتِ, أكبرَ من الحياةِ ومن كل شيء. وحيثُ يكونُ سلبُهُ وحرمانُنا منهُ هو الموتُ عينُه. وفي سبيلِ هذا الحقِّ الناظِمِ للوجودِ تهونُ العذاباتُ.. اللذة حينها تعلُو على كل الآلام.يبدو الخليلُ عليهِ السلامُ في كلِّ الأنحاءِ والأركانْ.. يتدفَّقُ منْ كلِّ صوبٍ, يُضيءُ الحنايا والزوايا, يُشرِقُ في الطَّوافِ والهُتافِ.. يتقدمنا، يدلُنا على أمْكِنَتِنا من البيتِ ومَكانَتِنا من ربِّ البيت.. كلُّ ذرةٍ في رحابِ الكعبةِ تُشيرُ إليهِ بحنانٍ وامتنانْ.. كلُّ شبرٍ يشرق بالجلالِ والمهابةِ، كل مساحة تعبق بالرائحة العطرة.. هو ذا في مقامه الطهورِ صلاةٌ حيةٌ، تعانِقُ روحَهُ مُذ أمَرَنا الله: {واتَّخِذُوْا من مَّقامِ إبراهيمَ مُصلَّى}..وأنتَ في هذا الموجِ الهادرِ في محيطِ الكعبةِ, تتراءى الحركةُ الدائريةُ كما لو أنها حركةُ أجرامٍ وكواكبَ في مدارٍ كونيٍ هائلٍ, تُمثِّلُ الكعبةُ فيهِ مركزَ الجاذبية.. يتخطَّفُك الطوافُ وكلما حدَّقتَ من عُلوٍّ, لاحَ المشهدُ مهيباً جليلاً ساحراً، آسراً للعيونِ والنفوسِ، ترى فيه مقامَ الشهادةِ ومجدَ الشهود..سلامٌ عليك وأنت تستلمُ الركنَ اليمانيَّ بكلِّ جوارحِك.. سلامٌ عليك وأنت تقبّلُ الحَجَرَ الأسودَ بملء عينيك، وبشفتي قلبِك.. إذا استبَدَّ الزّحامُ يشدُّك أثرُ الحُب، لا اعتقاد بتأثير، مُتابِعاً كبارَ المحبين, مردداً بروح عمر بهاء الدين الأميري:(الحَجَرُ الأسودُ قبَّلتُهُ بشفتي قلبي وكلي ولَهٌ .. لا لاعتقادي أنه نافعٌ بل لهُيامي بالذي قبَّلهْ) ..وما بين المقام وحِجرِ إسماعيلْ, تستيقظُ اللحظاتُ الأولى من عمرنا المنساب للبيتِ المعمورِ..هو ذا سيدُنا إبراهيمُ يرفعُ قواعدَ البيتِ, ومعه إسماعيل.. وهذا أنت تهطُلُ من دعائِهِما المرفوعِ لحظةَ التأسيس: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
733
| 12 سبتمبر 2016
مساحة إعلانية
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6192
| 24 أكتوبر 2025
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
5067
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3756
| 21 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2856
| 21 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
2499
| 23 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1554
| 21 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1482
| 23 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1077
| 20 أكتوبر 2025
فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...
990
| 21 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
984
| 21 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
957
| 24 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
864
| 20 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية