رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أحسست بمزيج من الحيرة والقلق معا إزاء مستقبل الثورة في مصر وأنا أطالع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، والتي يبشر فيها بحرب وشيكة بين الجيش المصري والإخوان المسلمين، حيث توقع كيسنجر أن يكون هناك صراع سياسي حتمي بينهما. ففي الأسبوع الثاني من هذا الشهر وخلال المؤتمر السنوي لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في نيويورك، قال كيسنجر: "كان على الولايات المتحدة أن تعامل مبارك باحترام أكثر مما فعلت، فلم تكن هناك ضرورة تدعو الإدارة الأمريكية إلى أن توجه دعوات علنية لمبارك بالرحيل من خلال شاشات التلفزيون". إن لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق دلائل كثيرة وخطيرة، وسوف تتسبب بكارثة في المنطقة في حال حدوثها، لأن مكانة مصر في الوطن العربي هي بمثابة موضع القلب في الجسد، فإن مرض القلب مرض الجسد كله، فالصراع الحالي في مصر يقودنا إلى النهاية التي يتوقعها هنري كيسنجر، وهو ما يعني حالة من عدم الاستقرار، ليس فقط في مصر، بل ستستمر الاضطرابات وتتصاعد في المنطقة بمجملها، فما يحدث اليوم في دول الربيع العربي بشكل عام وفي مصر بصفة خاصة إنما هو صراع على السلطة ظلت تدور في فلكه كافة القوى والأحزاب السياسية حتى أفقد الثورات بريقها في عيون الشعوب العربية التي كانت تتطلع إلى الديمقراطية الحقيقية، حتى تستطيع من خلالها المشاركة في بناء مجتمع يستظل بظلال الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. فعندما يتحدث هنري كيسنجر، أحد ألمع السياسيين الأمريكيين، ومهندس السياسة الخارجية الأمريكية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، عدا عن كونه مستشاراً في السياسة الخارجية في إدارة كل من الرئيسين كينيدي وجونسون، فإنه لا بد لنا أن نتوقف ونتمعن في تصريحات هذا العجوز المحنك الذي تمرس بفعل الخبرة في إدارة المصالح الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية لفترة طويلة، ففي حال تطورت الأمور وحدثت هذه المواجهة المفترضة، فإن مصر سوف تدخل في أتون حرب أهلية تنهار معها جميع مؤسسات الدولة وتعم الفوضى وتتشكل معها كافة ألوان طيف المجموعات المسلحة المختلفة، وستتم لبنتها على غرار الحرب الأهلية في لبنان، وفي هذه الحالة لن يستطيع الجيش ولا الإخوان السيطرة على مقاليد الأوضاع في جميع تراب الأرض المصرية، لاسيَّما وأن سيناء تعيش وضعا بالغ التعقيد، ومشكلة الأنفاق بين غزة ومصر مشكلة موجودة ومستمرة، وفي النهاية فإن إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير من حالة عدم الاستقرار في مصر، وحتى أمريكا نفسها سوف تكون عاجزة عن مساندة أي من الطرفين، فزيارة وزير الخارجية جون كيري للمنطقة في الشهر الماضي وتصريحات إدارته قبل الزيارة، إنما هو دليل على مخاوفها من تحول الصراع إلى أزمة متفجرة يصعب حلها. أما الوجه الآخر لتصريحات كيسنجر فهو ينبئ عن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية مع الحكومات المستبدة في الشرق الأوسط، ويبرهن على مدى ضعف وتردد سياسة حكومة الرئيس أوباما الخارجية في إدارة الوضع إبان الربيع العربي في مصر. فعلى الحكومة المصرية والعقلاء من الساسة وعامة الشعب أن يعوا جيدا ما قد تؤول إليه الأمور في مصر من مخاطر محتملة الحدوث إذا ما استمرت الخلافات السياسية على هذا النحو، وعليهم أن يتمعنوا في تصريحات هنري كيسنجر حتى لا نصل إلى تلك النهاية المأساوية، لأننا كشعوب عربية نرى في مصر القوة الحقيقية الدافعة لنا، وأننا كلما دار الحديث عن مصر فإنه يدور بخلدنا: وطني حبيبي وطني الأكبر، وطني يا مالك حبك قلبي، وطني يا وطن الشعب العربي.
471
| 23 مارس 2013
منذ أن فازت قطر بتنظيم مونديال كأس العالم 2022 ظلت قطر محط أنظار العالم أجمع، وكثر الحديث عن هذا البلد الصغير في مساحته والكبير في طموحاته، ثم اندلعت ثورات الربيع العربي، ووقفت قطر منذ اندلاعها موقفا واضحا بجانب الشعوب العربية ودعمتها تحت إشراف المنظمات الدولية والإقليمية. ولكن يبدو أن البعض لم يرقه نجاح الدولة المستمر في العديد من المجالات، فأبت نفوسهم إلا أن تطلق على قطر وابلاً من الهمز وسيلاً من الاتهامات، حيث ظلت بعض وسائل الإعلام الدولية والعربية تشن هجومها على قطر بسبب مواقفها الداعمة للشعوب العربية، وقطر لديها إيمان راسخ بأن الوطن العربي الكبير يمثل في الحقيقة عمقها الإستراتيجي، فمنذ أن تولى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم في البلاد عمل بعد توفيق من الله على تطوير البلاد وتقويتها اقتصاديا والتركيز على التنمية في كافة مجالاتها، فكانت سياسة قطر الخارجية واضحة وضوح الشمس، حيث اتسمت بالواقعية استنادا إلى حكمها على الأمور وتقديرها لمعطيات الواقع، كما اتسمت بالعلنية والشفافية بحيث لا تخفي شيئا لأنه ليس لديها ما تخفيه أصلاً، على عكس ما تتبعه بعض الدول في سياستها الخارجية. فعندما أعلنت اليمن الوحدة في بداية التسعينيات، وقفت قطر إلى جانب إرادة الشعب اليمني في الوحدة لدرجة أن البعض اتهم قطر بأنها تغرد خارج السرب، واليوم وبعد مرور أكثر من عشرين عاما ظهرت بعض الأقلام والأصوات لتعيد نفس أسطوانة الاتهامات القديمة لقطر بتغريدها خارج السرب، حتى إن وزير الدولة للشؤون الخارجية سعادة الدكتور خالد العطية قد أشار مؤخرا في منتدى الجزيرة السابع إلى أن قطر منفتحة على كل القوى الصاعدة بالمنطقة العربية، وأنها لا تنحاز لأي قوة على حساب أخرى، وأن سياسة قطر مع جيرانها ومحيطها تقوم على مبدأ "صفر مشاكل"، ورفض الدكتور خالد العطية اتهام قطر بأنها تغرد خارج السرب في مجلس التعاون الخليجي، مؤكدا أن جميع الدول الخليجية تدعم الثورة السورية، وتنسق فيما بينها بهذا الشأن. ربما تكمن المشكلة الحقيقية في حقيقة الأمر أننا في قطر لا يوجد لدينا إعلام قطري عالمي يتماشى مع سياستنا الخارجية حتى يستطيع أن يجاري ما يكتب وما يبث عن قطر، فقناة الجزيرة لا تستطيع أن تقوم بهذا العبء لعدة أسباب يأتي في مقدمتها أن الجزيرة ليست محلية التوجه من حيث محتوى المادة الإعلامية، وأنها أيضا متهمة من قبل البعض بعدم الحيادية من خلال دعمها لبعض الأيديولوجيات المحددة، حتى إن سعادة وزير الإعلام المصري، السيد صلاح عبد المقصود، كان قد أشار في لقاء مع جريدة الشرق هذا الأسبوع إلى أن الهجوم على قطر هو امتداد لأزمات افتعلتها الأنظمة الساقطة مع الدوحة بسبب قناة الجزيرة. ولقد تحدثت في السابق، وفي أكثر من مقال، عن شبكة الجزيرة مبينا أن على قناة الجزيرة مراجعة سياستها التحريرية حتى لا تتهم في حياديتها ودعمها لطرف على حساب طرف آخر، فلقد وصلت القناة إلى قمة النجاح وتربعت على عرش الإعلام العربي المرئي مع بداية انطلاق ثورات الربيع العربي عبر تغطيتها وتحليلها لتلك الأحداث، ولكن ربما تأثر هذا النجاح كثيرا بعد مرور عامين على الربيع العربي لأسباب مختلفة، منها على سبيل المثال وليس الحصر تغير الانطباع لدى المشاهد العربي وارتفاع هامش الحرية الإعلامية في دول الربيع العربي. ومن هذا المنطلق فإنه لابد من أن تتكاتف جهودنا جميعا من أجل إنشاء إعلام عالمي يتماشى مع دور قطر السياسي في المحافل الدولية والإقليمية، ويستطيع من خلال كوادر قطرية مؤهلة ومتميزة أن يدافع عن مبادئ الدولة الراسخة وسياساتها وقيمها وآرائها، وعلينا أن نشرع من الآن في بناء جيل إعلامي قطري عالمي يستطيع أن يقتحم مجال السياسة والإعلام بكل جدارة واقتدار، جيل إعلامي مواكب يتحدث بنبرة وطنية عالية ويكتب بأحرف إنسانية مضيئة، يشق طريقه من خلال نظرة محلية ورؤية عالمية.
836
| 22 مارس 2013
أثار خطاب الدكتور سلمان العودة هذا الأسبوع ردود أفعال واسعة ومتضاربة ما بين مؤيدة ومعارضة في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام والسعودية بشكل خاص، حتى إن بعض الكتاب شنوا هجوماً على خطاب العودة واصفين إياه بأنه قد بالغ في الحديث عن السعودية للدرجة التي بدا فيها وكأنه يتحدث عن بلد آخر. ففي الخطاب المفتوح طالب الدكتور العودة بالإصلاح وحذر في الوقت ذاته من الاحتقان، وكتب قائلاً: "الناس هنا مثل الناس في العالم، لهم أشواق ومطالب وحقوق، ولن يسكتوا إلى الأبد عن مصادرتها كلياً أو جزئياً"، وحذر من أسباب الاحتقان التي لخصها في "الفساد المالي والإداري – البطالة – السكن – الفقر – ضعف الصحة والتعليم – غياب أفق الإصلاح السياسي"، وأشار الشيخ العودة إلى تناقص هيبة السلطة وقرب أفول بريقها وتبدُد تلك الغمامة التي كانت تظلل الحكام حتى وقت قريب، وأكد على أن "تصاعد الغضب يفقد الرموز الشرعية والسياسية والاجتماعية قيمتها، وتصبح القيادة بيد الشارع"، وهنا ربما أراد الشيخ العودة أن يشير إلى ثورات غضب الربيع العربي العارمة عندما خرجت الشعوب على الطغاة والحكومات المستبدة. صحيح أن خطاب الدكتور سلمان غلب عليه طابع النصح والخوف من المستقبل، والدليل على هذا هو إشارته إلى أن "صديقك من صدقك، والعاقل يثمن الكلمة الصادقة أيا كان مصدرها، وهو حديث عن وطن نشترك في حبه والخوف على مستقبله"، وأن "السمع والطاعة بالمعروف في العسر واليسر، هو الذي أوجب قول كلمة الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم". وكذلك تأكيده في خاتمة خطابه على أن "الله يعلم أن قلبي لا ينطوي على غش لأحد، وأي إساءة وجهت لي من أي كان فمحلها الصفح، وأني لا أحب لهذا البلد حاكمه ومحكومه إلا الخير". إلا أنه حينما ينصح داعية إسلامي في مقام الدكتور سلمان والذي يحظى بشعبية واسعة محليا وإقليميا، في خطابه السلطة، فالواضح أن نصحه ليس موجها فقط للمملكة، ولكن لدول أخرى أيضا وإن كانت بطريقة غير مباشرة، فالخطاب تم التعامل إزاءه بكثير من الحساسية المفرطة وانتشر بصورة واسعة النطاق، ربما لأنه صادر من شخصية سعودية وخليجية لها مكانة دعوية مرموقة، ويعلم الجميع أن دول الخليج العربي تحت المجهر من قبل جميع وسائل الإعلام العالمية والمنظمات الدولية. حتى إن كثيرا من مواقع التواصل الاجتماعي في دول الخليج العربي تداولت الخطاب وناقشت فحواه من قبل العامة والمثقفين، ولكن جاءت بعض ردود الأفعال المستغربة من قبل بعض الإسلاميين والليبراليين الذين ما زالوا يرون في الخطاب الكثير والمثير من التناقضات لدرجة أن البعض وصفه بالخطاب المفضوح، وذهب بعض الكُتاب إلى أكثر من مجرد التركيز على فحوى ومضمون الخطاب قافزين لحواجز المنطق إلى انتقاد الدكتور العودة شخصيا من خلال حديثهم عن بعض أفكار وأطروحات الدكتور السابقة إزاء مواضيع أخرى مختلفة، فعندما نقوم بتحليل خطاب موجه لسلطة ما أو لشعب ما في بلد ما، فإنه ينبغي علينا أن نتمعن في مسار ومرتكزات ومضامين ومدلولات الرسالة الموجهة قبل أن نبادر بالحكم وإصدار التهم والتشبث بنظرية المؤامرة عبر تعرية وكشف السلبيات. ربما لا يتفق الكثيرون مع بعض ما قاله الدكتور سلمان، أو حتى مع مجمله، إلا أن الخطاب جاء مسهبا بطريقة أفقدته التركيز، رغم تسليطه الضوء على عدد من القضايا والمحاور الهامة كمسألة السجون والسجناء وحقوقهم ومسألة حرية الإعلام، وأعتقد أن تناول الدكتور العودة لكل هذا الكم من الحديث في خطابه قد أصاب الكثير من المحللين بالتخمة، وكان يمكنه أن يستعيض عن كل ذلك بثلاث كلمات تمثل خلاصة ما كانت تصدح به حناجر شعوب دول الربيع العربي: "حرية، عدالة، كرامة إنسانية".
1316
| 21 مارس 2013
في الأسبوع الماضي وافقت حكومة المالكي على تزويد مصر بحوالي 4 ملايين برميل شهريا من نفط خام البصرة بعد زيارة لرئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل للعراق، والتي تعتبر أول زيارة لمسؤول مصري رفيع المستوى لبغداد منذ ثلاثين عاما. وتم من خلال الزيارة الاتفاق على تزويد مصر بالنفط الخام عبر الأنبوب العراقي - الأردني الذي ينتهي في ميناء العقبة حيث ينقل النفط إلى المصافي المصرية ليتم تكريره، حيث إن مصر ظلت تعاني من أزمة اقتصادية منذ ثورات الربيع العربي ومن شح في الوقود تطلب إبرام هذه الصفقة مع العراق من أجل توفير حوالي 4 آلاف طن سولار لسد جزء من الفجوة بين إنتاج مصر من السولار والذي يبلغ 22 ألف طن يوميا، وحجم الاستهلاك الذي يصل إلى 35 ألف طن. كما قرر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الإفراج عن جميع السجناء المصريين الجنائيين بالعراق وعددهم 33 سجينا والسماح لهم بمغادرة العراق، كذلك تم الاتفاق بين الجانبين على دراسة ملف إنهاء الديون المصرية، واستخدام الأيدي العاملة المصرية للعمل في العراق، حيث تجتهد الحكومة العراقية برئاسة المالكي في فتح صفحة جديدة مع حكومة الإخوان المسلمين في مصر وطي صفحات الماضي منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مرورا بحقبة السادات إلى فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك والغزو العراقي للكويت وعملية اغتيال السفير المصري إيهاب الشريف ببغداد في عام 2005. ويسعى المالكي من خلال كل ذلك إلى استقطاب سلطة الإخوان في مصر ومحاولة سحبها لمؤازرة موقفه من الربيع العربي، خاصة فيما يتعلق بموضوع سوريا، وذلك من أجل إيجاد موطئ قدم وحشد تأييد أطراف عربية لمبادرته التي تسعى لخلق أرضية للحوار بين بشار الأسد والمعارضة، والمؤيدة للموقف الإيراني الذي يرفض الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث ظلت حكومة المالكي منذ انطلاق الربيع العربي في سوريا، وبمباركة إيرانية، تعمل جاهدة في فتح الحدود أمام الجماعات الشيعية المتطرفة للقتال إلى جانب قوات النظام السوري، وكذلك السماح بمرور الجسر الجوي الإيراني لمساعدة النظام السوري بحسب ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية. وترى كل من العراق ومصر في هذا التقارب مصلحة متبادلة ذات أهمية بالغة، فحكومة الإخوان المسلمين في مصر ترغب في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وربما رأت مصر أن استخدامها للمحور الإيراني – السوري من خلال العراق، سيشكل ورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع من خلالها الحصول على قرض مالي من صندوق النقد، وفي ذات الوقت فإن المالكي يرغب من خلال هذا التقارب في الحصول على تأييد مصري يضمن به الحفاظ على مصالح نظام بشار الأسد وحل المشكلة السورية عبر الزاوية الإيرانية. لا شك أن لمصر قدرة هائلة على تحديد أولويات مصالحها المشتركة مع العديد من الدول، ففي سبيل تحقيق مصلحتها الاقتصادية في المقام الأول، فإنه ليس من المستغرب أن يتطابق موقفها السياسي مع موقف الحكومة العراقية حول قضايا المنطقة وبخاصة الأزمة السورية، ولكن لننتظر ونرى ما سيحمله لنا مقبل الأيام، والتي ستبين لنا مدى قوة هذا التقارب ومواقف كل من مصر والعراق في قمة جامعة الدول العربية القادمة في الدوحة، خاصة فيما يتعلق بمنح مقعد سوريا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ورفع علم الثورة.
388
| 14 مارس 2013
لقد كانت فلسطين دوما في قلب الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر، وما زالت كلماته القوية في رسالته التي وجهها لوزير الحربية المصري آنذاك إبان عملية إحراق المسجد الأقصى الآثمة في أغسطس من العام 1969، راسخة في الأذهان وستظل كذلك على مر الأجيال، حيث كتب الزعيم جمال عبد الناصر في رسالته ضمن ما كتب: "إن أنظارنا تتطلع الآن إلى المسجد الأقصى في القدس، وهو يعاني من قوة الشر والظلام ما يعاني، ولسنا نجد أن هناك فائدة في اللوم والاستنكار، وفي النهاية فإنني لم أجد غير تأكيد جديد للمعاني التي كانت واضحة أمامنا جميعا، منذ اليوم الأول لتجربتنا القاسية، وذلك أنه لا بديل، ولا أمل، ولا طريق إلا القوة العربية..".. ولقد قصدنا أن نقتبس عنوان هذا المقال من نهاية رسالته تلك لنستلهم بها بداية الحراك العربي اتجاه فلسطين والمقدسات الإسلامية والعربية في مدينة القدس، والذي لاحت بشائره باستضافة الدوحة للمؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي انطلقت أعماله الأحد الماضي هنا بالدوحة. لقد بدأ الزعيم جمال عبد الناصر المسيرة الطويلة نحو القدس قائلا: "سوف نعود إلى القدس وسوف تعود القدس إلينا"، وها هو صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يكمل المسيرة بقوله ضمن خطابه في المؤتمر: "إن العودة إلى القدس لا تتم بالشعارات والخطابات والمؤتمرات، بل بالقيام بواجبنا للدفاع عنها وحمايتها من التهويد والتشويه". إن مواقف القيادة القطرية من القضايا العربية والإسلامية، والترجمة العملية لرؤيتها لمسارات العمل العربي في تشخيص الواقع، وصفت ما عليه الحال في الوقت الراهن، دون محاولة إلقاء التبعات على الآخرين، عندما قال صاحب السمو: "وأستميحكم عذرا في القول إننا جميعا حكام مقصرون في معركة الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للقدس"، وأضاف سموه: "إنني من هذا المنبر أعلن أن عروبة القدس في خطر داهم وأنها تذوب وتتلاشى، لذا يتحتم علينا التحرك السريع من أجل وقف تهويد القدس ومن أجل ذلك فإنني أتقدم من مؤتمركم هذا باقتراح يرمي إلى التوجه إلى مجلس الأمن بغرض استصدار قرار يقضي بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ احتلال عام 1967 في القدس العربية بقصد طمس معالمها الإسلامية والعربية". ويذكرنا هذا بقول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في رسالته: "إن هناك نتيجة واحدة، يجب أن نستخلصها لأنفسنا، ويتحتم أن نفرض احترامها مهما كلفنا ذلك، ألا وهو أن العدو لا ينبغي له، ولا يحق له أن يبقى حيث هو الآن". وفي هذا السياق أوضح صاحب السمو أنه ينبغي على الحكومات والدول في الغرب والشرق أن تدرك أن رأيا عاما عربيا قد نهض حاليا وأنه لا يقبل بالعجز جوابا على قضايا الأمة التي تؤرقها منذ أكثر من نصف قرن. وليس غريبا أن يلتقي القائدان في العبارات، لأن العروبة هي هدفهما السامي، كما هي هدف الجميع من الخليج إلى المحيط. وإذا كانت مصر (ناصر) قد سخرت نفسها في الماضي خادمة لقضايا الوطن العربي، فإن قطر (حمد) هي حامية لملف القدس. إن المخاطر التي تواجه الهوية العربية للقدس تستدعي تضافر الجهود العربية والأممية بحسبان القدس مدينة تقبع تحت الاحتلال وتنطبق عليها كافة الأحكام والأعراف الدولية التي تحكم المناطق المحتلة، ونشدد على أهمية أن توجه الدول العربية والإسلامية خطاباتها للرأي العام العالمي كي يقف مع هذه القضية العادلة ووقف ممارسات سلطات الاحتلال في الاعتداء على حرمات القدس، ولا بد لنا أن نؤكد على أن الوضع العربي الحالي لن يستمر وأن الأمة العربية والإسلامية إذا أفاقت من سباتها سيكون لها دور كبير ومسؤولية أكبر، ليس تجاه المدينة المقدسة وما تتعرض له من تحديات ومخاطر جمة فحسب، بل تجاه كل قضايا العالم. ودعا صاحب السمو إلى وحدة الصف الداخلي الفلسطيني باعتباره المدخل الطبيعي لاستعادة الحقوق، "فالنصر المطلوب يأتي بالأيادي المتماسكة"، كما جدد دعوته للقيادة الفلسطينية إلى إنفاذ المصالحة قائلا: "لا معنى ولا جدوى لأي خلاف والقدس الشريف ترزح تحت نير الاحتلال البغيض". إن أهمية المصالحة الفلسطينية الفلسطينية كمقدمة لاستقطاب الدعم العربي والدولي لقضية القدس خاصة والقضية الفلسطينية بصفة عامة، وضرورة تنفيذ كافة بنود اتفاقية الدوحة الموقعة بين السلطة وحماس، إنما يصبان في هدف وحدة الفلسطينيين التي ستؤدي حتما لنيلهم كافة حقوقهم المشروعة المنشودة. ولأن القضية الفلسطينية هي القضية المصيرية لكل العرب وليست قضية الفلسطينيين فحسب، فالمطلوب من أهل الديار الفلسطينية عدم خذلان العرب في جهودهم الرامية لاستعادة الحق الفلسطيني، وذلك بحسم الصراع الداخلي الفلسطيني والعمل بتناغم تام من أجل تحقيق الأهداف، والانتباه والحذر والوقف الفوري والحاسم لمسلسل الخيانة والعمالة والفساد الذي ظل ينهش في الجسد الفلسطيني والذي كاد أن يتسبب في انتكاسة عظيمة ويردي بهذه القضية إلى هوة سحيقة، ولا يخفى على الجميع قضايا الفساد التي طفت على السطح مؤخرا. ويجب على الشعوب العربية أن تدعم الأردن باعتبارها الدولة الوحيدة التي ترعى المقدسات الإسلامية في القدس، حسب اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل، والتي أعطت الأردن حق الإشراف على المقدسات الإسلامية ممثلة بالأوقاف الإسلامية في القدس. وألا ننسَ ما قدمه ويقدمه الأردن لأجل القدس طيلة السنوات الماضية، وأن الأردن ما زال يقف صامدا في مواجهة ما تتعرض له مدينة القدس من عمليات تهويد والمقدسات الإسلامية من انتهاكات واعتداءات. وفي ظل دعوتنا للدول العربية بأن تدعم صمود المدينة المقدسة، فإنه حري بنا دعوة الزعماء العرب لتنفيذ ما قررته مؤتمرات القمة العربية الأخيرة من إنشاء صندوق لدعم القدس بمبلغ نصف مليار دولار، والذي لم يتم تحصيل سوى نحو 37 مليون فقط منه. وأن عمليات الهدم البربرية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس ما هي إلا هجمة استيطانية شرسة، وتحديات خطيرة تواجه المواطن المقدسي ومخططات تهويدية استعمارية لطمس هوية مدينة القدس العربية، وما تزال الاعتداءات على حرمة المسجد الأقصى المبارك تجري على قدم وساق، فلقد شرع الاحتلال في عمل جسر جديد فوق مسار طريق باب المغاربة بهدف توسيع ساحة الصلاة لليهود على حساب باب المغاربة الذي يعتبر أحد أقدس أبواب المسجد الأقصى ويقع في حائط البراق الذي ربط به سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) دابته ليلة الإسراء والمعراج. كذلك هدمت الجرافات الإسرائيلية العام الماضي بيت ومقر الحاج أمين الحسيني المسمى "فندق شبرد" بحي الشيخ جراح في وسط مدينة القدس بهدف إقامة عشرين وحدة استيطانية لإسكان عائلات يهودية مكان الفندق، كمرحلة أولى من مخطط لبناء ثمانين وحدة استيطانية في المنطقة. إن عمليات الهدم هذه ليست سوى إجراء سياسي لعزل القدس وتغيير الأمر الواقع فيها واستهدافا منظما ومخططا له لمحو قيمة المقاومة التي كان يحملها شخص الحاج أمين الحسيني من ذاكرة المقدسيين. إن إنقاذ هوية القدس، في ظل أوضاع الربيع العربي التي شهدت صعود قيادات جديدة في عدد من الدول العربية تعبر عن تطلعات الشعوب بعيدا عن القيادات التي كبلت الأمة بارتباطاتها الدولية والارتهان لأجندة خارجية غايتها المحافظة على كراسي الحكم وتكريس مصالحها الضيقة. وأوضاع اليوم أشبه بسنوات الستينيات التي استطاع خلالها الزعيم جمال عبد الناصر قيادة الأمة تحت زعامته الكاريزمية ورؤيته القومية، ويذكر تاريخنا العربي القريب كيف نجح الزعيم الراحل في إلهاب مشاعر الشعوب العربية وتوحيد كلمتها. وما أجدر بكلمات صاحب السمو أن تجد آذانا صاغية من الخليج إلى المحيط بعد أن تحررت الشعوب العربية على وقع ثورات الربيع العربي وشعاراتها التي جاءت تعبيرا صادقا عن أحلام وتطلعات هذه الشعوب، وهذا ما أكده صاحب السمو في خطابه حينما قال: "هل يعقل أن الشعوب التي لم تعد تصبر على الضيم في داخلها سوف تقبل بظلم الاحتلال؟". رئيس تحرير جريدة البننسولا khalid@pen.com.qa
2224
| 01 مارس 2013
يبدأ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الرابع والعشرين من فبراير الحالي أولى جولاته الخارجية بعد توليه منصبه الجديد، وذلك بزيارة تسع دول تتوزع في أوروبا والشرق الأوسط، وتشمل جولته أربع دول عربية، وهي مصر والسعودية والإمارات وقطر. ولن تشمل جولة كيري زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية على اعتبار أنه سوف يرافق الرئيس باراك أوباما في زيارته المقررة لإسرائيل الشهر المقبل. ونقلت وسائل الإعلام عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، أن من بين الموضوعات المهمة التي سوف يناقشها كيري خلال الرحلة "مواجهة التحدي الذي يشكله المتطرفون الساعون إلى خطف بعض ثورات الربيع العربي" مما يعني ضمنا أن المحادثات التي سيجريها مع الزعماء السياسيين وقادة المجتمع المدني في مصر ومع القادة الخليجيين ستتمحور حول الإخوان المسلمين والسلفيين، حيث كان جون كيري قد أعلن قبل توليه لمنصب وزير الخارجية في جلسة استماع لأعضاء مجلس الشيوخ، أن جماعة الإخوان المسلمين تحتاج لأن تكون قادرة على احترام التنوع في مصر، وهو ما لم يحدث بالطريقة التي تريدها الولايات المتحدة، وأوضح كذلك في تلك الجلسة أنه كان أول أمريكي يجتمع مع مرسي قبل أن يصبح رئيسا لمصر بل حتى دون أن يعلم أنه كان مرشحا أصلا للرئاسة، وتحدث معه عن رؤية الولايات المتحدة بشأن التوجه الديمقراطي لجماعة الإخوان المسلمين. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وجود أرضية مشتركة للتحاور بين هذه الدول العربية الأربع تتمثل في قضية الحراك السياسي الناتج عن ثورات الربيع العربي، وأن الأمر لا يرتبط فقط بالشأن السوري ولكن أيضا موضوع جماعات الإسلام السياسي التي سببت انقساما في أوساط الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص، وهناك قلق متنامٍ في بعض الدول من برامج هذه الجماعات الإسلامية، إذ يتخوف البعض من أن تؤدي هذه الجماعات إلى توسيع هوة الخلافات بين الدول العربية بدلا من توحيدها، ولا ينبع تخوف هؤلاء من ازدياد وتيرة التوتر بين بعض الدول العربية فحسب، ولكن حتى على مستوى الدولة الواحدة كما في حالة مصر، بعدما بدا واضحا أن هناك خلافا عميقا بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين من أجل الاستحواذ على أكبر قطاع من الشارع المصري. حيث تعتبر السعودية المهد الحنين لجماعة السلفيين، ومصر المعقل الحصين للإخوان، وقطر الداعمة للشعوب العربية، والإمارات المتخوفة من تنامي نفوذ الجماعات الإسلامية - وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين - على أراضيها، وسبق أن أشار وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في مؤتمر صحفي في شهر أكتوبر من العام الماضي، أن بعض الجماعات الإسلامية تستغل نفوذها وقدراتها على التأثير لانتهاك سيادة الدول وقوانينها وأنظمة حكمها. وحيث إن كثيرا من المحللين والمختصين لا يؤمنون بنظرية المؤامرة من خلال الدور الذي لعبته أمريكا في الربيع العربي وعلاقتها بالأنظمة الجديدة، إلا أنه لا بد من التنقيب والبحث عن الدور الأمريكي في رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط، ومن هنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل يستطيع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حل هذا الانقسام بين الأنظمة العربية بخصوص الجماعات الإسلامية؟
409
| 22 فبراير 2013
إذا كان ثمة مجموعة واحدة اعتلت سلم الشهرة وسرقت الأضواء من بقية الأحداث والظواهر في أعقاب الربيع العربي، فإنها الجماعات الإسلامية التي سيطرت الآن على مقاليد الحكم في غالبية دول الربيع العربي بعدما كانت محظورة في يوم من الأيام من قبل الحكومات الديكتاتورية، بعد فوزها بالأغلبية في كل من تونس ومصر. وتباينت آراء الناس في العالم العربي حول سيطرة الجماعات الإسلامية في دول الربيع العربي بين مؤيد ومتحفظ، فهناك من يتوجس خيفة من أجندة الجماعات الإسلامية ويشكك في تطبيق هذه الجماعات الإسلامية لمبدأ الديمقراطية. وفي الجانب الآخر نجد من يرحب بظهور الجماعات الإسلامية إلى السطح السياسي كدرع واقي للفوضى التي سادت في أعقاب ثورات الربيع العربي، أو كما يعتقد البعض بأنهم يخافون الله أكثر من غيرهم. وتعيش دول الربيع العربي هذه الأيام حالة من الحراك السياسي أدى إلى سجال محتدم بين علمنة الدولة وتطبيق الشريعة الإسلامية، وفي الحقيقة هذا يعتبر صراعا سياسيا وصراع على السلطة أكثر من كونه خلافا أيديولوجيا فكريا وفلسفيا، وأصبح هذا السجال يتعمق يوما بعد يوم بين مختلف الأطياف، وصارت هذه الصراعات هي الهم الشاغل الآن بدلا من البحث عن رؤية واضحة ترسم ملامح المستقبل الجديد في العالم العربي بعد الثورات التي أطاحت بالأنظمة الديكتاتورية، ومما فاقم هذا الصراع انخراط بعض الجماعات الإسلامية في مستنقع السياسة أكثر من اهتمامها بتغيير حركة المجتمع الفكرية وتفعيل دورها المجتمعي الإيجابي، فدخول هذه الجماعات الإسلامية بقوة في خضم الصراعات السياسية لتطبيق منظومة الأفكار والأهداف الخاصة بالإسلام السياسي يمكن أن يقود إلى نهاية عدد غير قليل من هذه الجماعات، بالإضافة إلى أن إخضاع الإسلام إلى متطلبات السياسة والمصالح الضيقة والصراعات الممقوتة هي التي تزيد من حدة الصراعات السياسية بين جميع فئات المجتمع. ولا ندري ما هو جدوى الصراع والسجال الدائر بين فكر الدولة الدينية والدولة المدنية، "فالدولة في الإسلام مدنية، ككل الدول المدنية، لا يميزها عن غيرها سوى أن مرجعيتها الشريعة الإسلامية"، كما قال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه (الدين والسياسة)، وأكبر دليل على مدنية الدولة ما حدث في المدينة المنورة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وميثاق المدينة، فالدولة المدنية هي التي تضمن تعزيز قيم السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات وتحافظ على المجتمع وتحمي أعضاءه، وتصون حقوق جميع المواطنين باعتبارها دولة القانون والمواطنة، والدولة المدنية لا تعادي الدين أو ترفضه، بل على العكس، فالدين يظل في الدولة المدنية عاملا أساسيا في بناء الأخلاق وخلق الطاقة للعمل والإنجاز والتقدم، ولكن ما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية، فذلك يتنافى مع مبدأ التعدد الذي تقوم عليه الدولة المدنية، فالإسلام أسمى من أن يتحول في عالم السياسة إلى مجرد موضوع خلافي وجدلي وتفسيري، وهو أنقى من أن يختلط بالمقاصد السياسية والمصالح الدنيوية الضيقة. ولكن البعض ينادي بالدولة الدينية حتى يستطيع أن يصدر الأحكام ويتحكم في الناس باسم الله، حيث لا حكم إلا لله، وحتى تكون هناك ذريعة لقمع أي خلاف سياسي بين أطراف المجتمع باعتباره خلافا مع الله، مما سيعود بالناس إلى الدولة الدينية كما كانت في العصور الوسطى في أوروبا، وإذا ما وصل الأمر إلى ما آلت له أوروبا في العصور الوسطى، فإن ذلك سوف يقود إلى ثورة أخرى، ولكن هذه المرة سوف تكون ثورة على الدين ستأتي أُكُلها لصالح أطراف خارجية. إن الدولة العباسية والأموية وبقية الدول التي انتشرت في المنطقة العربية لم تكن دولا دينية، بل كانت شريعتها الإسلام، علما بأن تلك العصور كانت من العصور الذهبية للأمة الإسلامية والعربية، حيث انتشر فيها العلم والفن وهندسة البناء والعمارة الإسلامية، ولكن ما يحدث اليوم من قبل بعض المتشددين وأفكارهم الاستبدادية التي ينوون تعميمها وتطبيقها على كافة أطياف المجتمع لهو دليل على فهم خاطئ للدين وللسياسة، أصبح معه هؤلاء القلة ميكافيليين لدرجة الاستبداد والقتل، فالإسلام دين وثقافة للأمة العربية، فهو دين للمسلمين وثقافة لغيرهم، ولم تأمرنا مبادئنا الدينية الإسلامية الحنيفة أن نقوم نحن كشعوب عربية وإسلامية بإبادة ثقافات الشعوب الأخرى باسم الإسلام أو تحت غطائه.
336
| 21 فبراير 2013
طالب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب الأسبوع الماضي في مداخلة مع قناة الجزيرة الفضائية النظام السوري باتخاذ موقف واضح من موضوع الحوار لحل الأزمة في سوريا وإيجاد حل لمصلحة الشعب السوري، وقال الخطيب: "نحن سنمد يدينا لأجل مصلحة الشعب ولأجل أن نساعد النظام على الرحيل بسلام، المبادرة الآن عند النظام إما أن يقول نعم أو لا". وأضاف الخطيب: "إذا أراد النظام إخراج الشعب من هذه الأزمة، سنتساعد كلنا لمصلحة الشعب ورحيل النظام بشكل يضمن أقل خسائر ممكنة في الأرواح والخراب والتدمير". ولكن المجلس الوطني السوري، أحد أبرز مكونات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، شن - في بيان أصدره عقب المبادرة - حملة شعواء وهجوما عنيفا على رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب بسبب مبادرته التي طرحها باستعداده للجلوس والتحاور مع ممثلين عن النظام السوري لحقن دماء الشعب السوري، رافضين الدخول في أي حوار أو تفاوض مع نظام الرئيس بشار الأسد، ووصفوا مبادرته بأنها قرار فردي لم يتم اتخاذه ضمن مؤسسات الائتلاف الوطني ولم يجر التشاور بشأنها، وبأنها تتناقض مع وثيقة تأسيس الائتلاف التي نصت على هدف إسقاط النظام القائم برموزه وحل أجهزته الأمنية ومحاسبة المسؤولين عن سفك دماء الشعب السوري وعدم الدخول في مفاوضات مع النظام القائم. لقد جاء نداء الخطيب الإنساني والعاطفي لبشار الأسد بسب استمرار القتل والتعذيب والتشريد الذي ظل وما زال يعانيه الشعب السوري، حيث ذكرت الأمم المتحدة أن أكثر من 60 ألف شخص قتلوا خلال الصراع الذي تفجر قبل 22 شهرا احتجاجا على حكم الرئيس بشار الأسد، كذلك تؤكد تقارير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين السوريين المسجلين بلغ 714,118 لاجئا في الشهر الماضي في كل من تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. حيث قوبلت كل الاقتراحات والسيناريوهات من جانب المنظمات العربية والدولية، كجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، من أجل وضع حد لإراقة الدماء في سوريا بالرفض من قبل نظام الأسد بسب انقسام المجتمع الدولي حيال الأزمة السورية بين الداعمين للثورة والداعمين للنظام، حتى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما رفض في العام الماضي تسليح المعارضين السوريين لضمان عدم وقوع السلاح في أيدي من يمكن أن يهددوا أمن الولايات المتحدة أو إسرائيل، لذلك فإنه منذ قرابة العامين والأزمة السورية ما زالت تراوح مكانها، فلا المعارضة استطاعت الإطاحة بالنظام ولا النظام استطاع القضاء على الثوار، وأصبح المواطن السوري المغلوب على أمره هو ضحية الصراع، حيث ما زال المدنيون الأبرياء يقتلون في ظل حرب بات شبحها يهدد مصير كل الشعب السوري. ومن هذا المنطلق جاءت صرخة الخطيب الوطنية المؤلمة للنظام السوري وللمعارضة من أجل إيجاد حل للأزمة قبل أن يفنى الشعب السوري عن بكرة أبيه وقبل أن يتحول الصراع إلى حرب طائفية لا تبقي ولا تذر، وقبل أن تخوض سوريا في حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس. ولكن يبدو أن المعارضين للخطيب داخل المجلس الوطني السوري، قد حاولوا استغلال مبادرته الإنسانية هذه للإطاحة به، في ظل عدم ارتياحهم لوجود الخطيب على رأس الائتلاف أصلا، حيث يرى البعض المجلس الوطني التنظيم الأكثر تمثيلا للمعارضة السورية وربما الأحق بقيادة الائتلاف، ونخشى أن المعارضة السورية قد تمر بفتنة كبرى لا يحمد عقباها، وأن يتم استغلالها من قبل قوى وجهات لا ترغب في تعزيز الأمن والاستقرار في سوريا. إن بيان المجلس الوطني السوري والذي لم يحتوِ على شيء سوى الهجوم الشرس على مبادرة الخطيب إنما يسبب ضعفا واختلالا وربما انهيارا للائتلاف الوطني، ولا يجعل الأمور تسير إلا إلى الأسوأ، ولا يزيد سوى معاناة الشعب السوري، واستمراء النظام الحالي في أن يكون أشد قسوة وبطشا وتنكيلا في تقتيل المزيد من آلاف الأرواح البريئة.
999
| 16 فبراير 2013
في هذا الأسبوع طلبت الحكومة اليمنية رسميا من إيران، تقديم تفسير حول السفينة "جيهان" التي تمت السيطرة عليها في المياه الإقليمية اليمنية وهي قادمة من إيران وعلى متنها أربعون طناً من الأسلحة مرسلة إلى اليمن. وهذه ليست المرة الأولى التي تشير فيها أصابع الاتهام إلى تورط إيران في محاولة زعزعة أمن واستقرار اليمن منذ اندلاع الربيع العربي في اليمن وتنحي علي عبد الله صالح عن السلطة، ففي العام الماضي طالب الرئيس عبد ربه منصور هادي الحكومة الإيرانية بعدم التدخل في شؤون بلاده الداخلية مؤكداً أنها ستدفع الثمن إذا ما استمرت في التدخل، وأكدت الولايات المتحدة في العام الماضي أن إيران تدعم المتمردين الحوثيين الشيعة في شمال اليمن وأيضا الحركة الانفصالية في الجنوب والمعروفة باسم الحراك الجنوبي، في خطوة لبسط قاعدة نفوذها في دول شبه الجزيرة العربية. وترى إيران في اليمن قاعدة انطلاق لتحقيق طموحها في الشرق الأوسط وما سواه، ولتميز موقعه الإستراتيجي الواقع أسفل المملكة العربية السعودية - أكبر المنافسين لإيران في الخليج - وأحد المسيطرين على الممرات الملاحية الرئيسة في ساحل البحر الأحمر. حيث تسعى إيران جاهدة لتعميق نفوذها في الشرق الأوسط وإفريقيا لتصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى جميع أنحاء العالم. وفي أعقاب الربيع العربي، تحولت المنطقة إلى ساحة تجاذبات لقوى إقليمية وعالمية مما شكل انقسامات جديدة على حساب القوى التقليدية، وبسيطرة الإسلاميين (السنة) على حكومات دول الربيع العربي، تحاول إيران التدخل لدعم المعارضين أو فرض نفوذها على كل من لبنان والعراق والبحرين واليمن وسوريا من أجل سيطرة الشيعة في تلك الدول، وقد اتهم الملك عبدالله الثاني في تصريح سابق لصحيفة (الواشنطن بوست) إيران بالتدخل في العراق محذرا من سعيها لتشكيل هلال شيعي يضم العراق وسوريا ولبنان، ما قد يؤثر على استقرار دول الخليج العربي. وربما هناك توجه لتشكيل منطقة الشرق الأوسط في قالب ديني أيديولوجي بين هلالين إسلامي سني وإسلامي شيعي ونجمة داود في فلسطين، حتى تعيش المنطقة في صراع ديني وطائفي مستمر من أجل بقاء واستمرار الدولة اليهودية. أو ما يعرف بـ (الفوضى الخلاقة) الذي جاء على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس في حديث لها مع صحيفة (الواشنطن بوست) على أن يتم تقسيم الشرق الأوسط على أساس عرقي وديني. وعلى خلفية العودة القوية للدين في الحراك السياسي الذي تشهده كثير من المناطق في العالم في السنوات الأخيرة وبطرق مختلفة من خلال الإعلام والإنترنت والجامعات والمؤسسات والهيئات وقيام أحزاب سياسية ذات طابع ديني، جاء دور تحول بعض الدول إلى دول دينية أو أنظمة حكومية وفق قوالب دينية مغلفة بقشرة الهوية القومية من أجل الاستمرار في السلطة. وهو ما ذكره المفكر الأمريكي (نيكولاس ويد) في كتابه (غريزة الإيمان)، حيث أكد أن محاولات المحافظة على الجماعة الدينية وتماسكها هي أساس الصراع من أجل البقاء، وهو ما نلاحظه في معظم الصراعات السياسية القائمة حاليا في كل أنحاء العالم.
316
| 15 فبراير 2013
ما يحدث في دول الربيع العربي أمر جد محير ودائما ما يثير لدينا العديد من التساؤلات، لماذا هذا القتل والسحل للمواطنين؟ وهل ما يحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن هي الفوضى بعينها وليست ثورات اندلعت من أجل الحرية والكرامة الإنسانية؟ والغريب في الأمر أن جميع الثورات - ما عدا الثورة في ليبيا - كانت سلمية، من تونس مهد ثورة الياسمين إلى اليمن التي استطاعت من خلال المفاوضات الوصول إلى حل مُرضٍ، وبعد مرور عامين على الثورات العربية استطاعت هذه الدول إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية من المفترض أنها ستقود تلك الدول إلى حالة من الاستقرار المنشود. إلا أن حادثة اغتيال شكري بلعيد في تونس قلبت معايير المنطق رأسا على عقب وشكلت صدمة للجميع في العالم العربي، وكان فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد استنكر اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد، وأن الاغتيال السياسي أسلوب مرفوض، حيث من حق المعارض أن يبدي رأيه بكل حرية، وطالب فضيلته الحكومة التونسية بالعمل على كشف الجناة وتقديمهم للعدالة، مشددا على حرمة دماء المسلمين سواء كانوا مؤيدين أم معارضين. والغريب أيضا أن تأتينا أخبار الربيع العربي بفتوى أصدرها البعض بمصر بإباحة وإهدار دم عدد من قادة جبهة الإنقاذ المعارضة، والمثير للاستغراب أيضا هو أن تصدر هذه التصرفات من قبل بعض الجماعات الإسلامية المتشددة التي كانت في الماضي تواجه أنظمة دكتاتورية، وكانوا مغيبين في السجون طوال العقود الماضية بسبب ظلم الأنظمة وقهرها، وبعد أن أصبح للإسلاميين حضورهم في دول الربيع العربي الذي أتاح لهم السيطرة على حكومات تلك الدول، حتى استغل البعض منهم منابر المساجد والفضائيات لتكفير من يعارضهم من المثقفين والفنانين والإعلاميين والشباب وقيادات الأحزاب السياسية. كل من الحكومة وقيادة الداخلية اليوم في يد المعارضة الإسلامية التي كانت مرفوضة في زمن الأنظمة المستبدة، مما يعني أن قضية الأمن والاستقرار هي واجبهم، فلا يحق لهم سحل المواطنين وتعريتهم وتعذيبهم بنفس الأدوات التي كانت تستخدم في الماضي، لمجرد خروج هؤلاء المواطنين المستضعفين للاحتجاج، ودون أن نسمع من بعض القادة الجدد كلمة لوم أو إدانة، وفي ذات الوقت يُسمح للمتشددين منهم بإصدار مبررات للقتل والسحل، متناسين مبادئ الدين الحنيف والرسالة المحمدية الخالدة، وأن الإسلام هو دين التراحم والتلاحم، يقول تعالى في سورة النساء: "وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيما" صدق الله العظيم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق" (رواه ابن ماجة). إن ما يحدث اليوم من انفلات وفوضى في دول الربيع العربي يعد انتكاسة للمبادئ التي انطلق من أجلها الربيع العربي، وسوف ينشر مناخا غير صحي تسوده الكراهية في المجتمع الواحد ويمزق النسيج الوطني. وعلى علماء المسلمين والأزهر الشريف استنكار ما يحدث بصورة مباشرة وواضحة، كما عليهم نشر ثقافة الشراكة الوطنية في المجتمع من أجل الوصول إلى وفاق وطني ديمقراطي وتلاحم بين جميع فئات المجتمع، فلا يعقل أن ندندن في الماضي بأنغام العدالة والحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية، ثم نأتي اليوم بسبب انتشار الصراع الفكري والقتل والسحل، نتغنى بتلك الأيام والسنوات الخوالي بحثا عن حالة من الأمن والاستقرار.
792
| 14 فبراير 2013
إن الثورات العربية ليست عبارة عن صفقة آنية تحدث مرة واحدة، إنما هي ديناميكية سوف تستمر غالبا لعدة سنوات وربما لعدة عقود قبل أن يشعر الفرد بنتائجها الملموسة وآثارها الإيجابية على الدولة والمجتمع، فالثورات العربية ما هي إلا الفصل الأول من كتاب نحو دول ديمقراطية. ولعل أحد أهم الأمثلة على ذلك هو مثال الثورة الفرنسية التي اندلعت في أواخر القرن السابع عشر، حيث استمرت عدة سنوات حتى أنجز الشعب قيام جمهورية دستورية، ورغم أن تأثير الثورة الفرنسية قد امتد في أوروبا والعالم أجمع من خلال نشوء الجمهوريات والديمقراطيات في العديد من الدول الغربية، إلا أنه كان لابد لفرنسا من أن تخوض تجربة المخاض العسير وتمر بفترة من عدم الاستقرار حتى تصل إلى وضعها الحالي. فلكل دولة طبيعتها الخاصة من مواطن القوة والضعف، وما يصلح تطبيقه في دولة ليس بالضرورة أن يصلح لنسخه بحذافيره في دولة أخرى، لذا يجب على الشعب أن يقرر في أي اتجاه يريد السير، والبحث في المعوقات والعقبات المحتملة التي قد تقف حائلا في طريق تحقيق ذلك. لا تأتي الثورات بعصا موسى للشعوب، ولا تحدث التغيرات في المجتمع في لحظة، فالناس يحتاجون لعامل الوقت حتى يصلوا لمرحلة النضج وبالتالي يصبحون مواطنين مسؤولين يستطيعون تقديم المصالح الوطنية أولا قبل مصالحهم الشخصية والحزبية، حينها فقط يمكن للشعوب الانتقال من مرحلة الآلام إلى مرحلة الآمال. ويعتقد معظم الناس بأنه عقب الإطاحة بنظام حاكم مستبد متفرد بالسلطة، فإن التغيير المطلوب سوف يحدث مباشرة، إلا أن تاريخ وفقه الثورات يحدثاننا بأن الوضع في أغلب الأحيان لا يكون كذلك، فقد يزاح الرجل القوي من على هرم السلطة ولكن يبقى النظام الذي عمل على بقائه قائما، وذلك بسبب غياب الرؤية الواضحة المتفق عليها في حراك الثورات، أضف إلى ذلك أن الخلافات سرعان ما تدب بين شركاء الثورة الذين اجتمعوا ليقاتلوا عدوا مشتركا وهو في هذه الحالة ذلك الديكتاتور المستبد الجاثم على صدورهم، ولكن فجأة لا تجد هذه المجموعات سببا يوحدها بل تكتشف أن ما يفرقها بعد الثورة أكبر بكثير مما كان يجمعها قبل الثورة، مما يخلق النزاعات فيما بينها حيث تنشغل جميعها بكيفية الاستحواذ على أكبر قطعة من كعكة السلطة والنفوذ، بدلا من وضع أسس الدولة الديمقراطية الوليدة والطريقة المثلى لإدارتها. وإذا كانت هذه الجماعات تريد بالفعل إقامة الدولة الديمقراطية على أسس سليمة، فإنه لابد لها من أن تبحر عبر الماضي لتستشرف من خلاله آفاق المستقبل، وذلك من خلال كشف النقاب عن جميع حقائق وأسرار الحقب السابقة وتمليكها للشعب حتى يكون على دراية بما كان خافيا عليه من فساد وتبعية وغيرها، فالغريب في ثورات الربيع العربي أنها لم تكشف من حقائق الماضي إلا الجزء اليسير منها وهو الفساد المالي. ومن حقنا كشعوب عربية أن نعرف ما كانت تقوم به الأنظمة الاستبدادية السابقة وعلاقاتها مع بقية الأنظمة العربية وتبعيتها للغرب وعلاقتها بالصراعات والاختلافات التي كانت موجودة أو مازالت. وما نراه اليوم من تكتم شديد من قبل حكومات دول الربيع العربي ومصالحاتها مع الأنظمة السابقة وعدم كشفها لجميع الحقائق لمن يهمهم الأمر، يجعل الشكوك تساورنا بأنه ربما كانت هناك مصالح معينة أو أسباب خفية لدى هذه الحكومات الجديدة تمنعهم من نشر هذه الحقائق، أو ربما لا يريدون إطلاق تلك الأسرار والحقائق ونشرها للعلن كي لا تتمكن شعوبهم من المقارنة بين أنظمة ما قبل الثورة وما بعدها، حيث إن تمكين الشعب من هذه الحقائق كاملة ربما يكون بمثابة مقاييس لمدى الفساد والاستبداد يستطيع من خلاله الشعب تحديد من هو السيئ ومن الأسوأ، أو ربما تكون هناك ضغوط وإملاءات من قبل بعض القوى الدولية، وربما يرى هؤلاء القادة الجدد أن المواطن همه الشاغل الآن هو توفير أولويات مطالب الثورة (بغض النظر عن الترتيب) الأمن والخبز وتعزيز كرامته الإنسانية التي كانت مستلبة في الماضي، وهو ليس في وضع يسمح له حاليا بالبحث عن أمور أخرى. لم تكشف الثورات العربية عن الكثير من الأسرار والحقائق التي حدثت في الماضي من قبل الحكومات المستبدة في دول الربيع العربي، ولكن الأيام وحدها كفيلة بأن تكشف للشعوب العربية عن هول ما كان يجري ويدور في دهاليز وأروقة الحقب الدكتاتورية السابقة من استغفال لشعوب تلك الدول، أو علاقة الأنظمة الجديدة بكل شيء قديم، أو عملية القياس من هو الأسوأ. لاشك أن السنوات القادمة سوف تكون حبلى بالكثير والمثير من حقائق وأسرار الماضي والحاضر في دول الربيع العربي، وستهب علينا عواصف من الأخبار والأحداث غير المسبوقة، ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود.
357
| 09 فبراير 2013
في نهاية شهر يناير الماضي تم تعيين جون كيري وزيرا للخارجية الأمريكية خلفا لهيلاري كلينتون التي غادرت الحكومة بعد أن قضت فيها بضع سنوات شهد خلالها الوطن العربي تغييرات وتحولات عديدة على المسار السياسي، وكان أوباما قد أشاد بجون كيري عقب إعلان تعيينه، حيث قال: "قلة من الأشخاص يعرفون مثل كيري كل هذا العدد من الرؤساء أو رؤساء الوزراء ولديهم ما لديه من دراية بالسياسة الخارجية وهذا يجعل منه مرشحا مناسبا لقيادة الدبلوماسية الأمريكية في السنوات القادمة". وكان انزعاج إسرائيل وقلقها عقب الإعلان عن جون كيري في هذا المنصب الشديد الأهمية – والذي يطلق عليه بعض المحللين منصب رئيس الوزراء الأمريكي - واضحاً لا يخفى على أحد، باعتبار أن كيري لديه مواقف تتعارض مع السياسة الإسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية، خاصة قضية الاستيطان في القدس والضفة الغربية، فجون كيري له علاقات جيدة مع الدول العربية من خلال زياراته المتكررة خلال العامين الماضيين في فترة اندلاع الثورات العربية، حيث نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تصريحات لبعض المسؤولين الإسرائيليين حول كيري، جاء من بينها: "صحيح أن كيري يعتبر صديقا لإسرائيل، لكنه ليس كغيره من الأمريكيين الذين يظهرون مواقفهم الداعمة والمتضامنة مع إسرائيل في مجلس الشيوخ، إذ أن مواقفه حيال القضية الفلسطينية واضحة ضد السياسة الإسرائيلية فيما انتقاداته للاستيطان حادة جداً". ولعل مرد القلق الإسرائيلي نابع من خشية الإسرائيليين من أن تسير أولى خطوات كيري في المنطقة في اتجاه دعمه للقضية الفلسطينية وعملية السلام، وربما الضغط على إسرائيل بهدف تحريكها. وتفيد التوقعات من زيارة وزير الخارجية الأمريكي الجديد لفلسطين وإسرائيل خلال هذا الشهر بعد أن قام بإجراء اتصالات خلال هذا الأسبوع مع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنسيق من أجل استئناف المفاوضات المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وكانت حركة حماس قد رحبت بالزيارة التي قام بها جون كيري إلى غزة في العام 2009 لتفقد بعض المناطق التي تعرضت للدمار جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع، كذلك فإن موقف كيري تجاه الإخوان المسلمين في مصر ولقائه مع الجماعة أكثر من مرة في القاهرة، قد أثار حفيظة الإسرائيليين مما دعا موقع (جويش برس) الإسرائيلي لوصف جون كيري بأنه "مبعوث أوباما لحماس والإخوان المسلمين". وحينما تم عقد اتفاق التهدئة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل لوقف الحرب على قطاع غزة في شهر نوفمبر 2012، عملت كل من مصر بقيادة الدكتور محمد مرسي والولايات المتحدة الأمريكية جهودهما المكثفة من أجل الوصول إلى الهدنة، لذلك فإن تقديرات المراقبين تشير إلى أنه من المتوقع أن يقوم كيري في الفترة القادمة بالضغط على حماس من خلال حكومة الدكتور مرسي في مصر، وبالتعاون مع السيد خالد مشعل، لتغيير سياستها ودعم استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وليس من المستبعد أن نسمع وقع خطوات مسرعة وحثيثة في الفترة القليلة القادمة لرأب الصدع الفلسطيني – الفلسطيني، ليس فقط من أجل الفلسطينيين بالطبع بل الهدف في النهاية هو أمن إسرائيل. علينا ألا نكثر من التفاؤل حيال الدور الذي سوف يلعبه جون كيري بشأن القضية الفلسطينية، وذلك لسبب وجيه هو أن الخارجية الأمريكية لا تستطيع أن تكون متحررة من تأثير اللوبي الصهيوني الكاتم على أنفاس السياسة الخارجية الأمريكية، ورغم ذلك فإن البعض قد يرى أن الدور الذي لعبه كيري عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس وعلاقته مع جميع أطياف المعارضة في دول الربيع العربي وبالتحديد علاقته مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ربما يمكّن الخارجية الأمريكية في الفترة المقبلة من أن تضع بصمتها في خارطة المنطقة بهدف تحقيق الاستتباب الأمني والهدوء والاستقرار.
823
| 08 فبراير 2013
مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
17346
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...
9417
| 10 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
9330
| 13 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
8112
| 11 نوفمبر 2025
على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...
3669
| 11 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
3558
| 11 نوفمبر 2025
تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...
2118
| 10 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1653
| 11 نوفمبر 2025
عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...
1188
| 09 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1113
| 12 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم...
1038
| 14 نوفمبر 2025
شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...
1035
| 09 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية