رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

العدوان الإسرائيلي على غزة والربيع العربي القادم

مشهد دماء الشعب الفلسطيني التي تتدفق في غزة يملأ نفوس المسلمين غضبا نبيلا يمكن أن ينفجر قريبا، ليسقط نظما عربية خانعة، لا تعبر عن ارادة الأمة. وحتى الآن مازالت النظم العربية قادرة على التحكم فى حركة الجماهير باستخدام استراتيجية التخويف والقهر، لكن الزمن يمضي، والشعوب تشعر بأن نظمها تهين كرامتها عندما تقيد حريتها وحقها فى الدفاع عن شعب فلسطين. خلال العقد الماضى انكسرت ثورات الربيع العربي، وضاعت معها أحلام الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتم تغييب وعى الشعوب باستخدام الدعاية التى ركزت على الأمن كبديل للحرية، لكن الأحداث أوضحت أن الأمن ضاع مع الحرية، وأن النظم سحقت الكرامة العربية. وفقدت الجماهير العربية الأمل فى التغيير عن طريق الانتخابات، أو حتى التوصل لمصالحة وطنية تضمن الحد الأدنى من حقوق الانسان، وغرقت البلاد فى الديون، وتزايد الفقر والجوع، ولم يعد أمام تلك النظم العاجزة إلا بيع الأصول والأرض والثروات والتبعية للغرب. أوضحت الأحداث للشعوب العربية أن دول الغرب تحافظ على النظم العربية التابعة لها لتقوم بوظيفتها فى حماية أمن اسرائيل، وسيطرتها على المنطقة، واضطهاد الحالمين بتحرير فلسطين وقهرهم وسجنهم ونفيهم وقتلهم بعد ترديد اتهامات كاذبة لهم بالارهاب وعدم الوطنية والعمالة لحماس. وجاءت عملية طوفان الأقصى لتوضح للعالم كله أن الأمة العربية قادرة على الفعل، وأن القوة الغاشمة يمكن أن تقهر أصحاب الحق زمنا، لكنها بالتأكيد ستقف عاجزة أمام ارادة شعب قرر أن يقاوم ويفرض ارادته ويحرر أرضه، ويصنع سلاحه، ويبنى قوته. تلك العملية سوف تشجع الأمة العربية كلها على القيام بانتفاضة شاملة ضد الظلم والاستبداد والاستعمار الثقافي، وربما يكون ذلك من أهم نتائج عملية طوفان الأقصي، والتى سيكون لها تأثيرها على مستقبل المنطقة.. فهل يمكن التحكم فى حركة الجماهير واستعبادها بعد أن رأت الحقيقة واضحة ؛ وهى أن القوة الغاشمة يمكن أن تنهار عندما تقرر الشعوب أن تتحداها وتقاومها. لذلك تستخدم النظم العربية وسائل الإعلام العربية فى تضليل الجماهير ؛ باتهام حماس بأنها كانت السبب فى تدمير غزة، وهذا يعبر عن جبن تلك الأنظمة وعجزها وخوفها من اعلان الحقيقة وهى أن حماس حركة تحرر وطنى تكافح لتحرير أرضها، وأن المقاومة حق مشروع للشعب ضد الاحتلال، وأن الثورة ضد الاحتلال شرف ومجد لا يستحقه إلا الأحرار، وأن الثورة الجزائرية العظيمة قدمت أكثر من مليون شهيد، وبالتأكيد فإن تحرير المسجد الأقصى يستحق أكثر من ذلك. والنظم العربية الخانعة الخاضعة للغرب تحاول أن تكبح حركة شعوبها حتى لا تتطلع للحصول على المجد والشرف والعز والفخر بالمشاركة فى تحرير فلسطين. بذلك أصبحت الجماهير العربية تشعر بأنها فقدت الدنيا ؛ فلم تحصل على أمن أو ديمقراطية أو حرية، وعاشت مسحوقة مقهورة، حتى أصبح الناس يتمنون الموت، ولكن ماذا بعد الموت ؟ وإن كانت الدنيا قد ضاعت، وأصبح الفقر يعض قلوب الناس بأنيابه، فهل يضيع الدين، ويقف المسلمون أمام الله يحاسبهم على خنوعهم وخضوعهم، وقبولهم العبودية لغير الله ؛ فتضيع الآخرة كما ضاعت الدنيا. لذلك لم يعد أمام العرب سوى الثورة على حكامهم التابعين للغرب الخاضعين لإسرائيل، فالثورة تحمل الأمل فى بناء مستقبل أفضل، وفى تحقيق المجد والشرف والمشاركة فى تحرير فلسطين. هذه الثورة أصبحت هى الحل الوحيد لحماية الدنيا والدين، والحرية والحياة، والحق والعدل، وتحرير الأوطان والانسان. هل هناك حل آخر ؟! أما الانتخابات فالجميع يدرك أنها لن تحقق التغيير، وأن السلطات تقوم بتزويرها، ولم يعد هناك سوى المآسى والخراب والدمار والقهر.. لذلك لم يعد أمام الجماهير سوى الثورة، وهى بالتأكيد قادمة، وستهدد نظما تعتقد أنها مستقرة تحت الحماية الغربية، وجيش الاحتلال الاسرائيلى سيدفع العرب للثورة، فلن يتحمل الناس رؤية المزيد من دماء الفلسطينيين، وإبادتهم وتدمير ديارهم وتهجيرهم ؛ فلم يعد أمام الشعوب سوى الثورة فى ربيع عربى جديد.

858

| 29 أكتوبر 2023

طوفان الأقصى يكشف تحيز الإعلام الغربي

ظلت وسائل الاعلام الغربية تقدم لنا دروسا في الموضوعية والحياد والاستقلال والمهنية، وفجأة ظهرت الحقائق واضحة، حيث تحولت هذه الوسائل إلى آلة للدعاية الاسرائيلية، تردد أكاذيب جيش الاحتلال دون نقد، أو بحث عن الحقيقة. كما ظهرت حقيقة مهمة هي تبعية هذه الوسائل للسلطات الغربية ؛ فرددت خطاب هذه السلطات، ونشرت معلومات زائفة، ولم تحاول تلك الوسائل أن تثور لكرامتها بعد أن كذب القادة الغربيون عليها، واستخدموها لإثارة مشاعر الجماهير الغربية بقصص مفبركة تهدف إلى تبرير الجرائم التى يرتكبها جيش الاحتلال الصهيونى ضد الانسانية.من أهم وسائل الاعلام الغربية شبكة ال بى بى سى التى كان يتطلع الصحفيون فى العالم لتغطيتها للأحداث كمثال للالتزام بأدبيات المهنة وأخلاقياتها، والاعتماد على أكثر من مصدر للتأكد من صحة المعلومة، لكنها يبدو أنها تناست كل ذلك فى تغطيتها للعدوان الاسرائيلى على غزة، فعملت على توفير أكبر فرصة لنشر الرواية الاسرائيلية للأحداث وتجاهلت الرواية الأخري، وقامت بنشر الأخبار الزائفة دون أية بذل جهد للتأكد من صحتها. كما قامت بتبرير المجازر التى يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي، ونشرت معلومات مضللة تبرر قصف المستشفيات وقتل المدنيين. أثار ذلك غضب الاعلاميين العرب الذين يعملون فى الشبكة الذين شعروا بأن الجماهير العربية أصبحت تنظر إليهم كمشاركين فى ارتكاب جريمة التضليل، وامتلك الصحفى التونسى بسام بوننى الشجاعة لتقديم استقالته من عمله كمراسل للهيئة فى شمال افريقيا بعد أن شعر أن تغطية شبكة ال بى بى سى يتناقض مع ضميره المهني. لكن لم يقتصر الأمر على هذه الشبكة، فكل وسائل الاعلام البريطانية شاركت فى القيام بحملة تجهيل الجماهير وتضليلها، وعملت لتبرير قيام اسرائيل بتبرير إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم قسريا، حيث تبنت خطاب الحكومة البريطانية المؤيد لإسرائيل. وتكشف تغطية وسائل الاعلام البريطانية عنصرية الغرب، وأنه يتحيز لاسرائيل التى كانت نتيجة للمشروع الاستعماري، لذلك يتعامل الغرب بمعايير مزدوجة، حيث يشارك فى حصار غزة، وحرمان الفلسطينيين من الكهرباء والماء والطعام باعتبارهم كما يرى وزير الدفاع الاسرائيلى « حيوانات بشرية «، ولم تحاول أية وسيلة اعلام بريطانية الاعتراض على ذلك التوصيف العنصري. وكانت قصة « قطع رؤوس الأطفال « من أهم الأكاذيب التى رددتها وسائل الاعلام الغربية ؛ حيث احتل هذا الخبر الكاذب الصفحات الأولى للعديد من الصحف البريطانية، ولم تكلف نفسها نشر نفى تلك القصة، أو الاعتذار عنها بعد أن اتضح زيفها، ولم تتهم بايدن بالكذب على وسائل الاعلام، بعد أن أوضح البيت الأبيض أنه لم يطلع على صور أو مقاطع فيديو، وأنه ردد القصة المفبركة نقلا عن مكتب نتنياهو. وبذلك تصبح الصحافة الغربية شريكا فى عملية تضليل للرأى العام، حيث تقوم بحملة تجهيل للجماهير تهدف لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية التى تكافح لتحرير أرضها. كما أن تلك الوسائل استخدمت حرب المصطلحات ضد الشعب الفلسطيني، وهى حرب لا تقل خطورة عن آلاف الأطنان من المتفجرات التى ألقتها الطائرات الاسرائيلية على غزة. وحرب الكلمات تستهدف السيطرة على العقول، وتوجيه الجماهير لتأييد المذابح التى يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين. وهذه الحرب التى يتم فيها استخدام وسائل الاعلام لفرض المصطلحات تشكل عارا على الصحفيين الذين يتم توظيفهم فى ادارة الصراع، وبذلك يفقدون حريتهم ودورهم فى الوفاء بحق جماهيرهم فى المعرفة. وتوضح حالة تعامل شبكة ال بى بى سى مع السفير الفلسطينى حسام زملط كيف يتم محاصرة الضيوف بأسئلة تهدف لإجبار الضيف على أن يقول ما لا يعتقد صحته، وهذا يتناقض مع أخلاقيات الاعلام، فمن حق الضيف أن يعبر عن رأيه بحرية، ووظيفة المذيع هى أن يسأل ليحصل على الحقيقة ؛ لا ليدفع الضيف لإدانة المقاومة الفلسطينية، واجباره على أن يقول كلاما يتناقض مع ضميره، أو ارهابه باتهامه بأنه يؤيد العنف، لكن خبرة حسام زملط فى التعامل مع وسائل الاعلام جعلته قادرا على رفض الوقوع فى الفخ، وتمكن من تقديم الحقيقة للشعوب الغربية.. لكن هناك الكثير من الضيوف الذين يفتقدون خبرة زملط، ولا يستطيعون التعامل مع وسائل الاعلام.

1455

| 22 أكتوبر 2023

الإعلام الغربي يحارب شعب فلسطين مع الاحتلال الإسرائيلي !

من أهم نتائج عملية طوفان الأقصى أنها كشفت الكثير من الحقائق عن نفاق الدول الغربية، وتحيزها لإسرائيل، لذلك يرى جوناثان كوك، أن دماء أهل غزة على أيدي هذه الدول التي تدعم نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ( الأبارتايد ). يضيف كوك أن الدول الغربية شاركت في حصار غزة، وتحويلها إلى أكبر سجن مفتوح، وفي الجريمة التي ترتكبها دولة الاحتلال الاسرائيلي ضد الانسانية، حيث تشارك هذه الدول في تدمير غزة.. وأن الرئيس بايدن وفر الدعم المالى ( 4 مليارات دولار )، والأسلحة التي يدمر بها جيش الاحتلال غزة، ويقوم بإبادة سكانها، كما وفرت بريطانيا الدعم العسكري والاستخباراتي. الإعلام الغربى يضلل الرأي العام لكن أخطر أنواع الدعم الذى توفره الدول الغربية للاحتلال الصهيونى هو أن الاعلام الغربى لا يوفر للجماهير المعلومات عن المذبحة التي ترتكبها دولة الاحتلال الاسرائيلي، وبذلك يتم تجهيل هذه الجماهير واخفاء الحقائق عن المذبحة، فالدول الغربية تريد أن يموت الفلسطينيون في صمت، ولا يسمع أحد صوتهم. ووسائل الإعلام الغربية تحارب المعركة مع اسرائيل ؛ وتخلت عن الحرية والمهنية والموضوعية وانتهكت أخلاقيات الإعلام، ونشرت الكثير من المعلومات الزائفة والأكاذيب، ومن أهمها اتهام المقاومة الفلسطينية بقتل الأطفال وقطع رؤوسهم، بالرغم من أن جيش الاحتلال قال إنه ليس لديه معلومات تؤكد ذلك، ولم تنشر وسائل الاعلام الغربية هذا النفي ورددت هذا الكذب دون نشر أى مقطع فيديو يؤكد ذلك. بذلك يتضح هدف وسائل الاعلام الغربية وهو التلاعب بعقول الغربيين، وإثارة الكراهية ضد المسلمين، وهذا يكشف دور هذه الوسائل في نشر الاسلاموفوبيا والكراهية ضد المسلمين، وتهيئة الجماهير الغربية لتقبل حرب صليبية جديدة، فبينما تتحرك حاملة الطائرات الأمريكية نحو المنطقة، تشن وسائل الاعلام الحرب الاعلامية، وتشارك في تدمير غزة. هذا التحيز الإعلامي الغربي يوضح لنا أن الحرب العالمية الثالثة بدأت، وأن الدعاية تقوم بدورها لشرعنة هذه الحرب، وتقديم شعب فلسطين كعدو يتم تشويه صورته، والتقليل من أهمية الدماء التي ستتدفق في هذه الحرب. أين الاعلام العربي ! أما الأمة العربية فإنها لا تمتلك قوة اعلامية توضح الحقائق للجماهير وتقدم تغطية للأحداث، فقد أضعفت السلطات الإعلام، وفرضت عليه الكثير من القيود التي جعلته عاجزا عن القيام بدوره في تشكيل رأى عام عربي. وكان ذلك الضعف أخطر نتائج الاستبداد الذى فرضه الغرب علينا، حيث تم حرمان الجماهير العربية من حقها في المعرفة، واستسلم معظم الاعلاميين العرب للعمل في ظل القيود التي فرضتها عليهم السلطات، فلم يقوموا بوظيفتهم في توعية الأمة، وتصوير الأحداث. لذلك جاءت عملية طوفان الأقصى لتشكل لنا فرصة أن نستعيد دورنا، ونقوم بوظيفتنا في توفير المعرفة لجماهيرنا، والثورة ضد القيود التي فرضتها السلطات علينا، والكفاح لتحقيق حرية الاعلام،لنتمكن من بناء القوة الاعلامية لأمتنا. لذلك أدعو الإعلاميين العرب للقيام بوظيفتهم في نقل الحقائق للجماهير عن المذبحة التي ترتكبها دولة الاحتلال الصهيونى ضد شعب فلسطين، وتصوير أشواق الجماهير العربية للحرية وتحرير فلسطين. إن المقاومة الفلسطينية تمثل الأمة كلها، وتقوم نيابة عنها بالكفاح لحماية المسجد الأقصي، وتحريره، ويجب أن نقوم بتقديم صورتها الحقيقية كحركة تحرر وطنى قامت بمهاجمة المنظومة العسكرية والأمنية لدولة الاحتلال، ويجب أن نرفض وصف هذه الحركة بالارهاب، ونوضح للعالم أن الربط بين الاسلام والارهاب هو أكبر عملية ظلم يتعرض لها المسلمون. هذا الدور الذى يمكن أن نقوم به في هذه المرحلة يمكن أن يعيد ثقة جماهيرنا بإعلامنا، ويشكل صورتنا كمناضلين نشكل تجربة جديدة لإعلام الكفاح الوطني. إننا يجب أن ننتفض كإعلاميين لنستعيد دورنا ووظيفتنا الحضارية في الكفاح لبناء وعى الأمة الاسلامية لتكون قادرة على مواجهة أخطر التحديات، فالكفاح الإعلامى لا يقل أهمية عن الكفاح في ميادين العزة والشرف.. لذلك أدعو كل الاعلاميين العرب لانتفاضة شاملة.

807

| 15 أكتوبر 2023

مفهوم جديد للتقدم يرتبط بحرية الإنسان وكرامته

روج الغرب لمفهوم التقدم المادي، وتفاخر بناطحات السحاب، ووسائل المواصلات السريعة، التي تحقق حياة مرفهة لنسبة قليلة من الذين جمعوا الثروة مع السلطة، فأداروا حركة الأموال عبر العالم. وانبهرت الكثير من شعوب العالم بهذا التقدم المادي، ولم تدرك أن المستعمرين والطغاة بنوه بالثروات التي نهبوها من افريقيا وآسيا، وأن ذلك التقدم المادي الغربي كان سببا في بؤس الشعوب وفقرها وعذابها وقهرها. إن التقدم المادي يمكن أن يكون دليلا على جريمة ضد الإنسانية، فباريس التي تبدو مثالا لهذا التقدم، والتي انبهرت بها النخبة العربية المتغربة تم بناؤها بالثروات التي تم نهبها من الجزائر والمغرب ومالي وبلاد افريقيا، إنه تقدم مغموس بالدم، وسوف تحاسب شعوب افريقيا يوما فرنسا على جرائمها. وهذا التقدم المادي يمكن أن يشكل عارا لدولة تبنيه بافقار شعبها، واغراقه في الديون، وانتهاك حقوق الانسان وفرض الديكتاتورية وتقييد الحرية، وعدم احترام الكرامة الانسانية. وهناك الكثير من عمليات التضليل والتجهيل التي تتعرض لها الشعوب، باستخدام تجارب لدول حققت التقدم المادي مثل الصين، فهذا التقدم تحقق بعد أن مات 25 مليونا من الجوع، لكن الحقيقة أن الصين لم تحقق تقدما إلا بعد أن تخلت عن تجربة ماوتسي تونج، وسارت في طريق جديد، وأصلحت نظمها التعليمية لتحفز الناس على انتاج الأفكار الجديدة. وبسبب فقر الفكر وانغلاق العقول وضيق الأفق يتم الاشارة الى تجارب من دول مختلفة، دون تجديد أوابتكار، أو ابداع، ويتم استخدام القوة المادية باعتبارها المقياس الذي يستخدم في تضليل الجماهير. إن التقدم المادي الذي يتمثل في المباني شاحقة الارتفاع لا يصمد أمام زلزال أو اعصار فينهار، ويظل الملايين من الناس يعانون الجوع والفقر، ويملأ السخط قلوبهم على هذا التقدم المادي وعلى من قاموا بانجازه. العالم يحتاج إلى نموذج جديد للتقدم، وإلى مقاييس جديدة للحضارة والقوة والسيادة، والحضارة الاسلامية هي التي يمكن ان تفتح أمام الدول آفاقا جديدة لبناء تقدم حقيقي.. فالاسلام أعلى قيمة الحياة الانسانية، وعمل لحماية عقل الانسان ودينه وعرضه وماله وحرمة جسده وكرامته وحقوقه وحريته، فانطلق المؤمنون في الأرض يبنون حضارة عظيمة، وينتجون أفكارا جديدة لبناء تقدم علمي. في المدينة المنورة – أول عاصمة للحضارة الاسلامية – أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مجتمع معرفة في التاريخ تعلم فيه 120 الفا من أصحاب رسول الله كيف يكسبون العقول والقلوب، وينشرون نور المعرفة في العالم، ويبنون أعظم حضارة عرفتها الانسانية ؛ ثم أقام المسلمون الكثير من العواصم في دمشق وبغداد وغرناطة، فأشرق نور المعرفة على العالم من هذه العواصم التي تجمع فيها العلماء والأدباء والوراقون والناسخون..ووضع المسلمون قواعد وأحكام وأخلاقيات للتجارة، فازدهر الاقتصاد، وتمتع الناس بالثراء، فأقاموا منازل جميلة تحيط بها الحدائق، وتفاخر الناس بالمكتبات، وبالمنتديات العلمية والثقافية التي أقاموها في بيوتهم. وأهم ما ميز الحضارة الاسلامية أن كل انسان كان يشعر بأنه سيد له كل الحقوق في حضارة تحترم حريته ومكانته الاجتماعية، وحقوقه في السفر والاقامة والحصول على العلم،والاتصال بالناس والتعبير عن رأيه،ونقل المعرفة للآخرين. هذا هو التقدم الحقيقي الذي يجب أن تنطلق العقول المؤمنة لتحقيقه في عالم يوشك أن ينهار بسبب الفقر الذي يعاني منه 80 % من البشر. والأمة الاسلامية تستطيع أن تقيم عواصم جديدة على أساس المعرفة، وتكون المدارس والجامعات أهم معالمها، لتنطلق منها أفكار جديدة لتوظيف ثروات الأمة في انتاج صناعي يشكل اقتصاد الغنى والثراء، وفي أرضنا الكثير من الثروات، لكنها تحتاج إلى خيال العلماء الثوار للبحث عنها وتصنيعها. إن بناء الحضارة الاسلامية الجديدة يحتاج إلى دراسة متعمقة للحياة في عاصمتها الأولى المدينة النورة، لنحقق الشورى ونحمي حق الانسان في التعليم والمعرفة، فهذا الحق هو أساس الكرامة الانسانية.

588

| 08 أكتوبر 2023

الإسلام يقود كفاح الأمة ضد الاستعمار الثقافي

الأمة الإسلامية تتعرض لمخاطر تهدد وجودها، لذلك يجب أن يشحذ العلماء المسلمون عقولهم وبصائرهم، للبحث عن مصادر القوة، وأساليب استخدامها لبناء المستقبل.ولكي نكتشف مصادر القوة يجب أن نراجع تاريخنا الحديث، ونقرأ بعمق أسباب الهزائم التي تعرضنا لها، وما نعانيه من ضعف وفرقة وتمزق وخلاف. هذه المراجعة الجادة يمكن أن تكشف لنا الكثير من الحقائق التي نستخدمها في توعية الأمة، وتحفيزها للقيام بدور تاريخي جديد، ولإعادة بناء الحضارة الإسلامية. أهم نتيجة يمكن أن نتوصل لها من دراسة التاريخ الحديث إن الإسلام قام بدور مهم في قيادة حركة الكفاح ضد الاستعمار التقليدي القائم علي الاحتلال العسكري، والحكم الأجنبي المباشر في الكثير من الدول في افريقيا وآسيا منذ الحملة الفرنسية علي مصر 1798، وهو يقوم بدوره حتي الآن في قيادة كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي. لكن المشكلة أن الاستعمار التقليدي عندما رحل ترك نخبة متغربة لتحكم البلاد التي تركها، ووجدت الولايات المتحدة الأمريكية التي قادت الاستعمار الجديد بعد الحرب العالمية الثانية في هذه النخبة أداة للهيمنة والسيطرة علي الشعوب، وتحقيق مصالحها. كان عملاء الاستعمار الثقافي ينقلون من وسائل الاعلام والكتب الغربية دون نقد أو تفكير، فأغلبهم من محدودي المواهب، وضعفاء الشخصية والخيال الذين يعتمدون في حياتهم علي الغرب. وهؤلاء المتغربون احتلوا وسائل الإعلام ووزارات الثقافة بكل أجهزتها والجامعات خاصة الكليات التي تدرس العلوم الإنسانية والاجتماعية. مع ذلك ظهر علماء يتطلعون إلي قيادة كفاح شعوبهم ضد الاستعمار الثقافي والتغريب والتضليل الغربي، وانطلقوا من فهم حقيقي لدور الإسلام في بناء حضارة المستقبل. هؤلاء العلماء امتلكوا خيالا سياسيا واجتماعيا، وانتجوا الكثير من الأفكار الجديدة التي يمكن أن تسهم في تغيير الواقع.. لكنهم تعرضوا للكثير من الاضطهاد والظلم، علي أيدي النخبة المتغربة التابعة للسلطة، والتي تمتلك وسائل السيطرة والتحكم. وقامت السلطات التابعة للغرب بدورها في اضطهاد هؤلاء العلماء، وحرمان الشعوب من عطائهم وفكرهم وعلمهم لأنها تدرك أنهم يمكن أن يكونوا القادة الحقيقيين للشعوب في كفاحها ضد الاستعمار الجديد. هناك الكثير من هؤلاء العلماء الذين يمكن أن يبنوا القوة العلمية والفكرية والثقافية للأمة الإسلامية، ويقودوا الكفاح ضد الاستعمار الثقافي، لكن كيف يمكن أن تحميهم الأمة، وتوفر لهم امكانيات الانطلاق في مرحلة جديدة لإعادة الحضارة الاسلامية التي أصبحت الأمل الوحيد للبشرية. دراسة الواقع توضح أن مشروع التنوير الأوروبي وصل لمرحلة النهاية، وأن منظومة الأفكار الغربية التي تم علي أساسها بناء عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت سببا في انتشار الفقر والعنصرية والحروب المدمرة والاستغلال الرأسمالي للدول الضعيفة. لذلك يحتاج العالم إلي العلماء المسلمين ليستمدوا من الإسلام الأسس التي يمكن بناء المستقبل عليها، وهؤلاء العلماء يمكن أن يقودوا كفاح الشعوب ضد الاستعمار الثقافي الذي حطم قدراتها علي تحقيق الاستقلال الشامل. لكن الأمة الإسلامية يجب أن توفر لعلمائها فرص نشر انتاجهم العلمي والفكري، وحماية حقوقهم في الاتصال بالجمهور وتشكيل الرأي العام، وتأهيل الشباب في الجامعات ليكونوا قادة للمستقبل.. فإلي متي يظل هؤلاء العلماء في السجون والمنافي لأنهم يمتلكون القدرة علي قيادة شعوبهم لتحقيق أهداف عظيمة. هؤلاء العلماء يمكن أن يبنوا المستقبل عندما يسمع العالم صوتهم، ويقرأ الشباب علمهم.

684

| 02 أكتوبر 2023

العالم بين أوهام الاستقرار وحتمية التغيير!

يتمنى الاستقرار كل من يستفيد من الوضع الراهن، ويحرص الذين ينهبون ثروات الشعوب على تزييف وعيها، ومنع انتشار أفكار جديدة تقدم حلولا لأزمات تراكمت ؛ فشكلت مأساة إنسانية عالمية.. لكن السؤال الذي أصبح يطرح نفسه بقوة هو هل يمكن تحقيق الاستقرار ؟! دعنا نسلم جدلا بأن القوة الغاشمة يمكن أن ترغم شعوب العالم على الخضوع والخنوع، فيستمر الطغيان يحكم الجنوب الذي يتزايد فقره وبؤسه، وتنهب الشركات الرأسمالية ثرواته.. فما نتائج ذلك الاستقرار ؟! أهم تلك النتائج أن يتجمد التفكير، وتفقد البشرية قدرتها على مواجهة التحديات، وتتوقف عن الكفاح لتحقيق التقدم وبناء الحضارة، وذلك بداية السقوط والفناء. ومن حسن حظ البشرية أن الاستقرار مستحيل، فالأحداث تشير إلى أن العالم سوف يشهد تغييرا يمكن أن يؤثر على كل جوانب الحياة، وأن الكثير من الدول يمكن أن تفقد قوتها الصلبة، وينهار اقتصادها، وتواجه شعوبها المجاعات والحروب الأهلية، في الوقت الذي يمكن أن تصعد فيه دول ؛ لتبني قوتها باستخدام أفكار جديدة. عالم جديد.. ولكن أين مكاننا فيه ؟! هناك حقيقة يمكن أن يدركها من يتابع الأحداث بعمق هي أن العالم الذي تشكل خلال القرن العشرين لم يعد قابلا للبقاء والاستمرار، مهما حاولت الدول الكبرى التي تسيطر على مجلس الأمن أن تحافظ عليه، والأمم المتحدة تناقص دورها في حفظ السلام العالمي، فلم تعد تستطيع أن توقف حربا عالمية ثالثة توشك أن تشتعل نارها لتحرق المنظومة العالمية بكل ما قامت عليه من ايديولوجيات. هناك أيضا الكثير من الدول التي غرقت في الديون، وستأتي اللحظة التي يدرك الجميع أنها لم تعد قادرة على تسديد الديون، ومع إفلاس هذه الدول ستتزايد حدة الأزمة الاقتصادية العالمية، وينطلق الجائعون ليرجموا مظاهر الرأسمالية بحجارتهم، وحتى الآن يبدو أنه لا مفر من مواجهة ثورة الجياع. أين حقوق الفقراء ؟! هل يمكن أن يستمر عالم تبلغ فيه نسبة الفقراء أكثر من 80 % من سكانه، منهم الملايين في دول نهبت الشركات الرأسمالية ثرواتها ؛ لذلك تزايدت كراهية الشعوب لأمريكا وأوروبا، والمشهد في افريقيا يكشف لنا الحقائق التي تسهم في استشراف المستقبل.هذه الشعوب التي تعاني الفقر والجوع لم تعد حريصة على شكل الدولة، ولا تهتم بالمحافظة على مؤسساتها، بل إنها أصبحت تنظر لهذه المؤسسات باعتبارها وسيلة استخدمها الاستعمار للتحكم في الشعوب وقهرها ؛ لذلك يمكن أن توجه الشعوب حجارتها نحو الأجهزة الأمنية التي استخدمها الطغاة في القهر الذي ارتبط بالفقر. أين الحكمة وقيادة التغيير؟! لذلك يحتاج العالم إلى قيادات جديدة تقدم رؤية لإنقاذ الدول من الركود والجمود والفقر والتخلف والطغيان، وتقود ثورات تغير الواقع، وتفتح المجال للشعوب لتعبر بحرية عن آمالها. وقيادات التغيير تدرك أن القوة الغاشمة تدمر الدول عندما تستخدم في قهر الشعوب، ومنعها من اختيار نوابها وحكامها بحرية، ليحموا حقوقها في الاستقلال الشامل.. لكن الغرب المستكبر المغرور بقوته لا يمكن أن يسمح بوجود هذه القيادات، وسيعمل على اسقاطها. أوضحت الكثير من التجارب أن الغرب فقد العقل والحكمة والخيال السياسي، فقلل فرص النجاح أمام الثورات التي تستخدم الكفاح السلمي والديموقراطية لتحقيق التغيير، لذلك تزايدت الفرص أمام ثورات الفقراء الجياع الذين لا يهمهم الدول ومؤسسساتها، ويمكن أن يدمروا كل شيء. أما الحروب الأهلية فستكون النتيجة الطبيعية لتزايد الكراهية بين فئات الشعب، والرغبة في الاستئصال والنفي وقهر الآخرين. هل مازال هناك فرصة أمام حكماء العالم لحماية الحضارة الإنسانية، يجب أن نحاول البحث عن حلول جديدة، أهمها أن يتخلى الغرب عن غرور القوة، ويترك للشعوب الحرية لبناء تجارب ديموقراطية تختار فيها نوابا يقودون التغيير، وأن تتوحد الحركات الوطنية لتحقق أهدافا عظيمة من أهمها حماية حقوق كل الاتجاهات السياسية في المنافسة الحرة في انتخابات نزيهة. مازالت هناك فرصة لتحكيم العقل والضمير قبل أن تشتعل النيران.

834

| 24 سبتمبر 2023

هل يتطلع العالم للإسلام لبناء حضارة المستقبل؟

البصيرة ترى الشرر يتطاير في كل أنحاء العالم، ويهدد باشعال النار في حضارة بذلت الأجيال جهودا كبيرة في بنائها، ولكن أين الحكماء الذين يحذرون، ويشكلون رأيا عاما لحماية الإنسانية. هناك الكثير من العلماء الذين يمكن أن يقدموا رؤية جديدة لإنقاذ العالم، لكن النظام الإعلامي العالمي لا يتيح فرصا لمناقشة حرة تشكل أساسا للتغيير السلمي الآمن، ولسماع الأصوات العاقلة التي تقود الجماهير لبناء حضارة جديدة يتمتع فيها الناس بالحرية والعدل. يمكنك أن تتحمل عبء متابعة وسائل الإعلام لمدة قصيرة ؛ لتكتشف أنها تقدم وجوها تريد المحافظة على الوضع القائم الذي لا يقدم أملا للناس، وتبرر الاستبداد والفساد واستخدام القوة لقهر الشعوب ؛ فكان من الطبيعي أن تكره الناس هذه الوجوه الكئيبة، ويتزايد اليأس والإحباط والخوف والغضب. الشعوب تحتاج قيادات جديدة ! نقطة الانطلاق لإنقاذ العالم هي الاعتراف بأن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ومن حق الشعوب أن تختار لنفسها قيادات جديدة تقدم رؤية للإصلاح، ولتحرير دول الجنوب من التبعية والاستعمار الجديد، وتقود الشعوب لتحقيق الاستقلال الشامل، واستخدام الثروات لتحقيق تنمية حقيقية. الأحداث في الدول الإفريقية توضح أن الشعوب لم تعد تطيق حياة الذل والقهر والفقر، وأن الضغط على هذه الشعوب سيدفعها للانفجار، وأن هناك ملامح ثورة شاملة في الأفق، وأن استخدام القوة لن يجدي نفعا. وأن هناك حلا وحيدا هو فتح المجال لتغيير سلمي، والاستماع لأصوات جديدة تعبر بكفاءة عن آمال الشعوب، وتكافح لتحقيق الحرية والديموقراطية، وتتيح للجماهير أن تختار نوابها وحكامها في انتخابات حرة نزيهة. الغرب تجمد تفكيره! لكن من الواضح أن الغرب لم يعد قادرا على التفكير خارج صندوق الرأسمالية المتوحشة، وأنه يعمل لتحقيق مصالحه بمساندة الحكام الطغاة الذين يستخدمون قوتهم لقهر شعوبهم، وأن الدول الغربية تتعامل مع قضايا الحرية والديموقراطية بمعايير مزدوجة ضيقة الأفق، وتفتقد الرشد والحكمة. لذلك فقدت الشعوب ثقتها في الانتخابات، وأنها يمكن أن تحقق التغيير السلمي، ولم يعد أمامها سوى الثورة الشاملة التي يمكن أن تستخدم العنف ؛ لأن تلك الثورة تحمل أملا في الحياة والحرية. والدول الغربية مازالت تستبعد هذا الاحتمال، لذلك ستكون المفاجأة قاسية، وستتدفق فيها الكثير من الدماء، ويمكن أن تتعرض أوربا لموجات من الهجرة، وستتحمل المسؤولية الإنسانية عن ضياع الكثير من الأرواح. ضاعت فرصة الربيع العربي لو سمحت الدول الغربية لعلمائها بتقديم رؤية نقدية لمواقفها من ثورات الربيع العربي ؛ لاكتشفت أنها أضاعت فرصة تاريخية كان يمكن أن تشكل تغييرا سلميا آمنا، وأنه كان من الأفضل للعالم كله فتح المجال أمام الشعوب ؛لاختيار قيادات كان يمكن أن تبني مع الغرب علاقات دائمة تقوم على احترام استقلال الدول، وحقها في استثمار ثرواتها لتحقيق التنمية والتقدم. لكن ضعف التفكيرالغربي أدى إلى اشتعال الحروب الأهلية والفقر واليأس وتزايد كراهية الشعوب للغرب الذي حرمها من حقها في الحرية والديموقراطية، والغرب أشعل النار، وسوف يتطاير الشرر قريبا ليحرق غرور القوة والاستكبار العالمي. هناك مؤشرات على أن العالم سيشهد أحداثا خطيرة تهدد وجوده، ويمكن أن تشتعل فجأة نيران حرب عالمية ثالثة، وثورات عنيفة، وحروب أهلية، ومجاعات، ومذابح، ودمار هائل، فهل يتوقف هذا العالم قليلا ليبحث بحكمة عن وسائل للتغيير السلمي ؟!

432

| 17 سبتمبر 2023

هل تشهد أفريقيا ثورة جديدة شاملة ضد الاستعمار ؟

تحليل الأحداث التي تشهدها أفريقيا يحتاج إلى خيال سياسي؛ يمكن أن يرصد العوامل التي تؤدي إلى تغيير الواقع، وتبني عالم جديد. ومشكلة الغرب أنه ظل يتمسك برؤيته الاستعمارية للقارة الأفريقية، ويطور إستراتيجياته لنهب ثروات الشعوب وإفقارها وتجهيلها، لكنه لم يستطع أن يستخدم إمكانياته العلمية المتطورة في قياس الرأي العام. ولو أن صناع القرارات في أوروبا وأمريكا سألوا العلماء في الجامعات لاكتشفوا أن مشاعر الكراهية تتزايد في نفوس الأفارقة الذين أصبحوا يدركون أن الاستعمار الغربي هو الذي شكل مأساتهم وتخلفهم، ومنعهم من استثمار ثرواتهم، وتحقيق التنمية والتقدم. السلام المستحيل والاستقلال الزائف: فرح الأفارقة بالاستقلال الذي حققوه خلال القرن الماضي، وساروا يغنون لبلادهم في مواكب التأييد للسلطات الوطنية التي رفعت شعار الاشتراكية والتنمية، وقدمت الكثير من الوعود لشعوب تشتاق للحرية بعد فترات طويلة من العبودية والقيود الاستعمارية. لكن أفاقت هذه الشعوب بعد عقود على حقيقة واضحة؛ هي أن الاستقلال كان زائفاً، وأن الغرب منعها من فرض إرادتها في انتخابات حرة نزيهة تختار فيها نوابها وحكامها، وأن المستعمر المستكبر لا يريد أن تقوم في أفريقيا تجارب ديمقراطية؛ تشكل أساسا لاستقلال حقيقي. التبعية والاستعمار الجديد: الشعوب الأفريقية أصبحت تدرك أن التبعية للغرب شكلت أساساً لنوع جديد من الاستعمار، وأن حكام هذه الشعوب لم يكونوا مخلصين في قيادة شعوبهم لتحقيق الاستقلال الشامل، وصورت لهم الدول الغربية أنها تستطيع أن تضمن لهم الاستمرار في الحكم مقابل إطلاق يدها في نهب ثروات الشعوب. كما استخدم الغرب النظام الإعلامي العالمي الذي يسيطر عليه في الترويج لخرافة أن الشعوب الأفريقية عاجزة عن استثمار ثرواتها وبناء صناعة متقدمة، وأنها يجب أن تقنع باستخراج تلك الثروات وبيعها بثمن بخس، لكي تقوم دول الغرب بتحويلها إلي منتجات يتم بيعها بأثمان مبالغ فيها. وهكذا ضاع استقلال الدول التي ارتضت التبعية، وغرقت في الديون، وتفرغت نظمها الحاكمة للبطش بالحالمين بالحرية الذين ما زالوا يتطلعون لتحقيق الاستقلال الشامل، وارتبطت التبعية للغرب بانتهاك حقوق الإنسان، وإشعال نيران الحروب الأهلية. ثورة الاتصال تكشف الحقائق!: لكن العالم يتغير بسرعة؛ حيث وفرت ثورة الاتصال وسائل جديدة يمكن أن تكشف للشعوب الأفريقية الكثير من الحقائق؛ عن نهب أمريكا وأوروبا لثرواتها، كما أن هناك قوى جديدة مثل الصين وروسيا تتطلع للحصول على نصيب من ثروات أفريقيا، حيث أدركت تلك الدول أن استثمار 10 % فقط من ثروات أفريقيا يمكن أن يغير الاقتصاد العالمي كله، ويبني نظاما اقتصاديا عالميا جديدا. ولكن لكي تستثمر أفريقيا ثرواتها، وتحقق التنمية والتقدم، وتبني مستقبلها يجب أن تثور شعوبها على قوى الاستعمار القديم والجديد، وأن تحقق الاستقلال الشامل. الثورة هي بداية الحياة والانطلاق والتقدم للشعوب الأفريقية، ولم يعد أمام هذه الشعوب سوى ذلك البديل الذي يمكن أن يحمل لها أملا بالرغم من كل ما يحمله من آلام. الأحداث في أفريقيا؛ تشكل الآن مخاضا عسيرا ومؤلما؛ لثورة شاملة ضد الاستعمار والتبعية والاستبداد والطغيان؛ فالغضب يتجمع في النفوس، وسينفجر قريبا ليتطاير لشرر في كل الاتجاهات. ولو أن دول الغرب تمتلك الحكمة، لسحبت جيوشها، وكفت عن مؤامراتها، وتركت الشعوب تفرض إرادتها، وتقيم نُظمها الديمقراطية التي تحقق لها الحرية والاستقلال.. لكن من الواضح أن الدول الغربية فقدت البصيرة فلم تعد قادرة على رؤية الشرر، وما يمكن أن ينتج عنه من نار تحرق الاستكبار الاستعماري الغربي. السنوات القادمة ستحمل الكثير من المفاجآت التي لن تسر الغرب، وستسبب له انكسارا شاملا، وستدفع أوروبا وأمريكا ثمنا غاليا لغرورها، فالشعوب ستخرج قريبا تحمل حجارتها لترجم بها كل الذين علوا واستكبروا وطغوا وافقروا الناس، ونهبوا الثروات، ولن تفلح القوة الغاشمة في الوقوف أمام غضب الشعوب وثورتها الشاملة، فترقبوا الكثير من الأحداث القادمة.

795

| 10 سبتمبر 2023

هل يتطلع العالم للإسلام لبناء حضارة المستقبل؟

أصبحت الإنسانية تحتاج إلى نوعية جديدة من العلماء والمفكرين يمتلكون الشجاعة لطرح أسئلة جديدة تثير الخيال، وتفتح آفاقا جديدة للتفكير. ومشكلة الغرب أن العلماء فيه فقدوا القدرة على التفكير خارج صندوق الرأسمالية المادية، ومشروع التنوير الغربي الذي كان سببا في المأساة التي تتعرض لها الشعوب. أما في الجنوب الفقير فقد قيدت النظم الاستبدادية حرية التفكير والتعبير والبحث العلمي، وأصبح العلماء يتمتعون بحقهم في الاختيار بين السجن والمنفى. هل نستطيع أن نكرر التجربة التاريخية؟! لذلك سأطرح عليك أنت هذا السؤال: هل يمكن أن يقود الإسلام الشعوب لبناء حضارة جديدة تحقق للناس العدل والحرية والكرامة، ويتم فيها توظيف الثروات الطبيعية والمادية والبشرية لحماية الحق في الحياة، والتمتع بنعم الله سبحانه وتعالي دون إسراف وتبذير أو تقتير أو جباية. قبل أن تجيب سأقدم لك بعض الحقائق التي يمكن أن تضيئ الطريق من أهمها أن المسلمين تمكنوا من بناء حضارة عظيمة تمتع فيها الناس بكل هذه الحقوق طوال قرون عديدة، وفي هذه الحضارة تم حماية كرامة الناس وحريتهم، فانطلقت عقولهم تبتكر وتنتج وتقدم أفكارا جديدة وتطور العلوم، وعاش الناس حياة طيبة. دراسة تاريخ الحضارة الاسلامية بمناهج علمية جديدة، وبرؤية متحررة من التبعية للغرب يمكن أن توضح لنا كيف يمكن أن نبني حضارة المستقبل.. لكن هل يمكن أن تشارك أنت في توعية الشعوب، ومحاربة التزييف والتضليل الغربي؟. بالتأكيد أنت تستطيع عندما تستعيد وعيك بالتجربة العظيمة التي قدمها أجدادك المسلمون للبشرية.. ففي خلال فترة قصيرة من الزمن حطم المسلمون طغيان الامبراطوريتين الفارسية والرومانية، ووفروا للإنسانية المعرفة التي تشكل الأساس للحرية والكرامة والازدهار والغنى والتقدم العلمي والثقافي. لكن لكي نفهم كيف تحققت هذه التجربة يجب أن نعرف الأسس التي قامت عليها هذه الحضارة العظيمة، وما أهداف الذين بنوها وغاياتهم. كان التوحيد هو أهم الأسس الذي قامت عليها هذه الحضارة، لذلك كانت الوظيفة الحضارية للمسلمين هي تحرير الناس من الوثنية والشرك والخضوع للطغيان والعبودية لغير الله ليصبحوا عبادا لله سبحانه وتعالي وحده الذي خلقهم وأنعم عليهم بالكرامة المرتبطة بالمعرفة. لذلك حمل المسلمون القرآن وهو كلام الله ورسالته الخاتمة، ليعلموه للبشرية فاطلق عقولهم وطاقاتهم عندما تعلقت قلوبهم بالله وحده، فأصبحوا كراما يشعرون بالفخر بالانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس. ونحن نستطيع أن نكرر التجربة، ونبني الحضارة الإسلامية في المستقبل عندما نستعيد الوعي بالهوية والوظيفة الحضارية والكرامة والحرية، وندرك أننا عباد لله وحده، ونقرأ القرآن بفهم ووعي لنبني به الحضارة ونقيم مجتمعات معرفية يتمتع فيها كل إنسان بحقه في المعرفة. وهناك الكثير من المؤشرات على أن الواقع سوف يشهد قريبا أحداثا لا يتوقعها العلماء، وأن العالم سوف يتطلع للمسلمين ليقوموا بوظيفتهم في بناء حضارة جديدة. والذين سيقيمون هذه الحضارة هم المؤمنون الذين يربطون حريتهم بإيمانهم، وتقواهم بصلاحهم واصلاحهم للمجتمعات، وعبادتهم لله بكفاحهم لإعمار الأرض، لذلك اقرأ القرآن بوعي وفهم وحب وإيمان لتصبح مشاركا فعالا في بناء حضارة المستقبل، ولتؤهل نفسك لقيادة شعوب تتطلع للتحرر من الاستعمار والاستبداد. المسلمون الذين حرروا البشرية من العبودية، وبنوا الحضارة، واجهوا واقعا أقسى بكثير مما تشاهده الآن، وتمكنوا من تغييره في سنوات قليلة، وأنت كمسلم يؤمن بالله تستطيع أن تغير الواقع وتبني لحضارة المستقبل، فاقرأ معي القرآن، واطلق لخيالك العنان.

3069

| 03 سبتمبر 2023

هل ينقذ الإسلام الحضارة الغربية ؟! إنه سؤال المستقبل

العالم يقف الآن على أبواب مرحلة جديدة في تاريخه، ويحتاج إلى فكر جديد، فعندما يتعرض الإنسان لمخاطر تهدد وجوده، يجب أن يواجه الحقيقة، ويعمل لتحرير عقله من أوهام القوة الزائفة، ومن الخرافات العنصرية الغربية. يمكنك أن تدرك خطورة التغيرات العالمية، إن بذلت قليلا من الجهد في متابعة الأحداث في وسائل الإعلام، فالفقر يعض بأنيابه القاسية أكثر من 80 % من البشر، وحتى الأغنياء يعانون من حالة خوف بسبب الحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة والأزمات الاقتصادية، ليس هناك أمن أو أمان في هذا العالم المضطرب، وكل الناس يعانون من الحزن والبؤس والتعاسة والحسرة على ما فات، والقلق مما هو آت. ومن أهم العوامل التي تهدد هذا العالم، وتنذر بكوارث قادمة أن الكراهية بين الشعوب والأفراد قد تزايدت حدتها بسبب عوامل أيديولوجية وعرقية وطبقية ووطنية، واختفت قيم الحب والود والصداقة والتعاطف. الحزن يملأ القلوب !! بالرغم من التقدم الذي حققته الحضارة الغربية التي أنتجت لنا وسائل تسهل الانتقال والسفر والاتصال بالآخرين والحوار معهم، إلا أنك يمكن أن تلاحظ بوضوح أنك فقدت رغبتك في معرفة الناس، أو الاتصال بهم، فإن كنت تمر بأزمة، فإنك تخشي من أن يقسر أحد اتصالك بأنك تريد منه شيئا، مما يعرض كرامتك للإهانة، وإن كنت قد حققت نجاحا، أو إنجازا فإنك ستراجع نفسك قبل الاتصال بالآخرين حتى لا يتم تفسير ذلك بأنه يقلل من قيمتهم. وهكذا تقطعت الأواصر والعلاقات الأسرية والإنسانية، وأصبح الجميع يعانون مرارة العزلة. في يدك تليفونك المحمول، وتستطيع الاتصال بمن تريد باستخدام التطبيقات المجانية، لكنك تخاف من الاتصال، وتراجع نفسك مرات قبل أن تقرر أن تتصل بصديق قديم جمعتك به ذكريات طيبة. أريد أن أكون إنسانا ! هذه الرفاهية الزائفة أثقلت قلبي بالهموم والأحزان، فالمنزل الجميل الفاخر ليس به حياة، والطعام اللذيذ لم تعد النفس تشتهيه، والأماكن فقدت جاذبيتها، وأصبح كل ما أريده أن أعود إلى البادية التي نشأت فيها، وكنت أتحدث فيها مع الناس، وأسمع القصص عن فرسان العرب الكرماء، وكان الضيوف يأتون إلي بيتنا دون موعد سابق.. باختصار أيها السادة أريد أن أحتفظ بإنسانيتي وحقي في الحياة بحرية. أعتقد أن كل الناس يشعرون الآن مثلي بالحاجة إلى مراجعة حقيقية للكثير من الأفكار التي ملأت عقولنا حول النجاح والانجاز والغنى والملكية والسلطة والنفوذ. الأسس الفكرية للحضارة الغربية ! هذا يوضح أن العالم تشتد حاجته إلى نوعية جديدة من العلماء والمفكرين يقومون بمراجعة الأسس الفكرية التي قامت عليها الحضارة الغربية. الحضارة الغربية قدمت الكثير من الانجازات العلمية والمادية للبشرية، والعالم يحتاج إلى أن يحافظ عليها ويحميها من الانهيار.. ولكن كيف ؟! لكي يتحقق هذا الهدف يجب أن يتخلى الغرب عن خرافاته العنصرية، وعن استكباره وغروره بقوته، وأن يفتح عقله ليعرف ما يمكن أن تقدمه الحضارة الاسلامية للبشرية، وكيف يمكن أن ينقذ الإسلام الحضارة الغربية المادية. أصبح الإنسان الآن يحتاج إلى الإسلام ليعيد له انسانيته، وليكون عبدا لله وحده، وليحقق العدل قبل أن يؤدي الظلم إلى انهيار العالم على رؤوس الجميع. أيها المسلم.. الإنسانية كلها أصبحت تحتاج إلى دورك في هذه المرحلة التاريخية لتنقذها، وتفتح لها آفاقا جديدة للحياة، فلكي يستمتع الإنسان بالإنجازات المادية الحضارية الغربية ؛ فإنه يحتاج إلى الإسلام الذي يربط الحرية بالإيمان والعدل وعبادة الله واعمار الأرض، ويجعل الإنسان يتمتع بنعم الله دون اسراف أو استكبار، ويعمل لتحقيق أهداف عظيمة في حياته القصيرة، فلا يسرف في اشباع احتياجات بطنه وشهواته. ما أشد حاجة الإنسان إلي الإيمان بالله وحده بعد أن تراكمت الخطوب، وأصبحت المصائب ينسي بعضها بعضا، فهناك الكثير من المؤشرات على انهيار العالم كله.. فمن يتقدم لإنقاذه ؟!

915

| 26 أغسطس 2023

خشية الله أهم سمات العلماء.. لماذا ؟!

يغرق الناس في هذا العصر في طوفان المعلومات الزائفة.. وهناك الكثير من الوسائل التي تستخدمها قوى الرأسمالية والاستعمار لتضليلك، وتغييب وعيك،والسيطرة على عقلك وروحك وقلبك لتفقد قدرتك على المقاومة والتحدي فتستسلم، وترضى بالعبودية للغرب، باعتبار أن هذا الغربي المتقدم تمكن من تحقيق المعجزات بالعلم بعد أن ابتعد عن الدين، وأنت تتحمل المسؤولية عن كل ما تعرض نفسك له، وتسمح بدخوله إلى رأسك، فهذا الرأس ثمين يستحق أن تحافظ عليه، وأن تملأه بالمعرفة التي تجعل لحياتك معنى وقيمة وأهمية، وتساعدك في أن تعيش كإنسان كرمه الله. من أهم وسائل التضليل أنهم يصنعون لك نجوما في كل المجالات، يوفر لهم الغرب أسباب الشهرة، ليتزايد تأثيرهم على الناس، ويتبارى النقاد في مدح أفكارهم وتمجيدها، وتنشر وسائل الإعلام إنتاجهم حتى لا يصبح أمامك سوى أن تصدق هذه الأفكار دون مناقشة.. بينما يمكن أن تكشف لك القراءة الواعية الناقدة أنهم مجرد خدم للرأسمالية، وتابعين للغرب يرددون أفكارا منقولة عن المستشرقين، وأنهم لم يقفوا يوما مع الحق، ولم يساهموا في كفاح شعوبهم ضد الطغيان والاستبداد. زيف النظريات العلمية وعنصرية الغرب ! هناك الكثير من العلماء الحقيقيين لكنهم يرفضون قبول شروط الاستبداد والاستعمار، ويقدمون للبشرية نظريات أعظم كثيرا من تلك النظريات الغربية، لكن بسبب اعتزازهم بكرامتهم وتعظيمهم لقيمة العلم، ورفضهم الانبطاح والعبودية، وصدق انتمائهم للإسلام يتم اضطهادهم والتضييق عليهم، وترفض المجلات العلمية الغربية نشر أبحاثهم، فعنصرية الغرب تمنعه من الترويج لنظريات جديدة تتحدى منظومة الأفكار التي يقيم عليها سيطرته على العالم ومنها العلمانية ( الدنيوية ) أو ابعاد الدين عن الحياة. وقد فرض الغرب على جامعاتنا تدريس الكثير من النظريات التي لا يمكن أن تصمد أمام مناقشة عقلية، وتتعارض مع الإسلام، وتستهدف تبرير السيطرة الغربية علينا واستنزاف ثرواتنا واستعبادنا.والتنظير في العلم أصبح يحتكره الغرب، فلا يجوز أن ينتج عربي أو مسلم نظرية جديدة خاصة إذا كانت تمجد الاسلام، وتوفر المعرفة الحقيقية عن دوره في بناء المستقبل. العلم وخشية الله كيف تحمي نفسك من التضليل العلمي خاصة في مجال العلوم الانسانية التي تبني المجتمعات والدول، وتقوم على أساسها الحضارات ؟! الله سبحانه وتعالى أعطانا المقياس الذي يمكن أن نستخدمه في اتخاذ قرارات في تلقي المعرفة من العلماء، وهو النظر إلى خشية العالم لله، فأعظم العلم هو معرفة الله، والذي لا يعرف الله جاهل مهما تبحر في علم الدنيا.. لماذا ؟ العالم الحقيقي صاحب رؤية شاملة وبصيرة وقدرة على الربط بين الظواهر والأحداث، وكلما ازداد علمه اتضحت أمام بصيرته حقيقة هي أن لهذا الكون خالقا عظيما قويا على كل شيء قدير. كما يدرك العالم الحقيقي أنه لم يحصل من العلم إلا على القليل، وأن الله هو الذي وهبه هذا العلم، فيحمد الله على نعمه، ويستخدمه في تحقيق الخير للبشر، وفي الكفاح من أجل تحقيق العدل، وفي حماية كرامة الناس. القرآن مصدر المعرفة لذلك يلجأ العالم الحقيقي للقرآن الذي أنعم الله علينا به لنتعلم كيف نحدد أهدافنا في الحياة ونبني الحضارة ونعرف حقوقنا ومسؤولياتنا، وكلما ازداد العالم علما زادت خشيته لله، لأن قلبه يتعلق به. لذلك انظر إلى سيرة حياة هذا العالم قبل أن تقرر أن تتلقى منه العلم، فإن كان يتقي الله ويخشاه، ويعتز بالاسلام، فلا يحني هامته إلا لله وحده، ويجهر بالحق، فهو عالم حقيقي يستحق أن تستمع له. خشية الله أهم سمات العالم الحقيقي الذي يحترم كرامة العلم، والذي يبحث عن الحقيقة، ويمتلك الشجاعة لإعلانها، وخشية الله تلزم العالم بالعدالة والأخلاق، فهو يرجو الجزاء من الله الكريم، ولا يخاف إلا الله. والبشرية أصبحت في أشد الحاجة لعلماء يخشون الله ليرشدوا مسيرتها.

1635

| 20 أغسطس 2023

عندما يتعلق القلب بالأمل في الله !

من أهم مصادر قوة الإنسان أن يتعلق قلبه بالأمل في الله، لكن ذلك المصدر لا يحدثك عنه خبراء التنمية البشرية والقيادة الذين ينقلون من الكتب الغربية. والإنسان يحتاج دائما إلى الأمل ؛ فبدونه لا يستطيع الإنسان أن يعيش، لذلك يقوم الإنسان بصياغة آماله اعتمادا على قراءته لواقعه وقدراته ومصادر قوته، فإن لم يكن قادرا على فهم الواقع أصبحت الآمال نوعا من أحلام اليقظة التي يمكن أن تدمر الإنسان إذا غرق فيها،وانسحب من المجتمع. لكن هناك الكثير من الناس تكون آمالهم في الحياة محدودة وبسيطة لأنهم أصبحوا عبيدا للواقع لا يستطيعون أن يفكروا خارجه، أو يثوروا عليه، أو يحاولوا تغييره. أما المسلم فإنه لا يغرق في أحلام اليقظة، ويقرأ واقعه بعمق، ويعمل بشكل مستمر لاستخدام مواهبه وتطوير قدراته وتوظيف مصادر قوته، لكنه ليس عبدا للواقع، فهو يعمل لتغييره، ويقوم بوظيفته في اعمار الأرض، فيبحث ويكتشف ويبتكر ويأخذ بالأسباب، ويسعى في دروب الحياة. لكنه وهو يبذل جهده يتعلق قلبه بالله الذي يؤمن أنه القوي القادر على كل شيء، وبذلك يتميز المسلم عن غيره، فآماله دائما ترتبط بإيمانه، وهو يقوم بصياغتها في ضوء رسالة الله الخاتمة للبشرية ( القرآن الكريم )، وسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم وسنته، وتاريخ الاسلام وحضارته ومبادئه وشريعته، وفي ضوء ما يؤمن به المسلم تصبح آماله مشروعة وكريمة وعظيمة وكبيرة. عندما أصبحت آمال الناس قليلة من أهم أسباب ضعف الأمة أن آمال الناس أصبحت محدودة،وقليلة القيمة،وتنحصر في بعض المطالب المادية، فهان الناس على أنفسهم، وهانوا على الدول والعالم، فالذي يكون كل أمله الحصول على المال يمكن أن يبيع نفسه لمن يشتري، ويكون ثمنه قليلا.. والذي يكون أمله الحصول على منصب يبالغ في الانحناء والنفاق، ويتخلى عن كرامته. لذلك تتناسب الآمال العظيمة مع علو الهمة وقوة العزيمة والفخر بالهوية الاسلامية، والايمان بالله. ولكي نتمكن من تفسير التاريخ الاسلامي وصعود الحضارة الاسلامية وانتصار المسلمين على الفرس والروم، يجب أن نقرأ بعمق الدوافع التي تحركهم، والآمال العظيمة التي كانوا يعيشون لتحقيقها. لقد كان أملهم هو ارضاء الله، الذي آمنوا به، وعبدوه ليرضى، فأدهشهم بعطائه، وأنعم عليهم بالنصر والمجد والشرف وقيادة الأمم، فحرروا البشرية من الظلم والقهر والعبودية لغير الله. كان أملهم هو ارضاء الله سبحانه وتعالى، وكانوا يتطلعون إلى الآخرة، فهم يؤمنون أن في الجنة نعيما لا يصل إليه خيال إنسان.. فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وأن السعادة الكاملة تتحقق للمسلم عندما يدخل من باب الجنة. لتحقيق هذا الأمل نعمل ! من أجل تحقيق هذا الأمل يعمل المسلم طوال حياته، وفي الطريق يحقق الكثير من الآمال مجدا وشرفا وعزا ومكانة وجاها، ويصبح قائدا، وينعم الله عليه بخير كثير. ولأنه علم قلبه كيف يتعلق بالله وحده، فإن الدنيا تكون في يده، فينفق من ماله بكرم، ولا يخشى الفقر، ويستخدم مكانته في القيام بحاجات الآخرين وادخال السعادة على نفوسهم، وعندما يفعل ذلك يدرك أن الفضل لله وحده، فهو الذي أنعم عليه بالمال الذي يتصدق به، وبالجاه الذي يستخدمه في خدمة الآخرين، وبالمعرفة التي يعلمها للناس ليضيء بها قلوبهم وعقولهم. لذلك عندما يتعلق القلب بالأمل في رحمة الله وكرمه وفضله وقوته يسعى المسلم مطمئنا في الحياة أن الله سيعطيه أكثر مما يتمنى، وأن رضا الله أعظم غاية يحققها الإنسان في حياته القصيرة. لذلك فإن نقطة الانطلاق لبناء المستقبل أن يتعلق قلبك بالأمل في الله.

2418

| 13 أغسطس 2023

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2328

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

804

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

702

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...

630

| 12 ديسمبر 2025

alsharq
موعد مع السعادة

السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...

600

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
قطر في كأس العرب.. تتفرد من جديد

يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...

594

| 15 ديسمبر 2025

alsharq
تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...

555

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
التمويل الحلال الآمن لبناء الثروة

في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص...

552

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
معنى أن تكون مواطنا..

• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...

531

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
الوطن.. حكاية شعور لا يذبل

يوم الوطن ذكرى تجدد كل عام .. معها...

516

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مسيرة تعكس قيم المؤسس ونهضة الدولة

مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...

504

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
قطر لن تدفع فاتورة إعمار ما دمرته إسرائيل

-إعمار غزة بين التصريح الصريح والموقف الصحيح -...

414

| 14 ديسمبر 2025

أخبار محلية