رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

نحن من يزرع السعادة

السعادة مفتاح الحياة الجميلة، حيث قال فيها غاندي: تتوقف السعادة على ما تستطيع إعطاءه، لا على ما تستطيع الحصول عليه، وقال هادي المدرسي: أنت لا تحتاج إلى البحث عن السعادة، فهي ستأتيك حينما تكون 
قد هيأت لها موقعاً في قلبك، فالسعادة تُعتبر حاجة أساسية يبحث عنها الجميع، ويتمنى تحقيقها في مختلف المجالات، وكل إنسان له نوع خاص من السعادة وحسب ما يريدها وكما يراها. فالسعادة لا تهبط عليك من السماء، بل أنت من يزرعها في الأرض وأفضل حالات السعادة، هي ما تنسجم مع عقلك وقلبك وجوارحك، وهي المحاولة وليست في محطة الوصول، فلننظر إلى من هو أقل منا في النعم وأكثر منا في البلاء، وبذلك ننعم بالسعادة والهناء.وتحضرني قصة لأحد علماء الأنثروبولوجيا حين قام بعرض لعبة على أطفال أحد القبائل الإفريقية البدائية، وضع سلة من الفواكه اللذيذة قرب جذع شجرة، وقال لهم: إن أول طفل يصل إلى الشجرة سيحصل على السلة بما فيها، وعندما أعطاهم إشارة البدء، تفاجأ بهم يسيرون سوياً ممسكين بأيدي بعضهم حتى وصلوا الشجرة وتقاسموا الفاكهة اللذيذة، عندما سألهم لماذا فعلوا ذلك فيما كل واحد بينهم كان بإمكانه الحصول على السلة له فقط، أجابوه بتعجب، كيف يستطيع أحدنا أن يكون سعيداً فيما الباقون تُعساء؟ تلك القبيلة البدائية تعرف سر السعادة الذي ضاع من نفوسٍ ترى نفسها فوق غيرها، لذلك السعادة سر لا تعرفه إلا النفوس المتسامحة المتواضعة التي شعارها "نحن وليس أنا".فكل شيءٍ ينقص إذا قسمته على اثنين إلا السعادة فإنها تزيد إذا تقاسمتها مع الآخرين، فروعة الإنسان ليس بما يملكه، بل بما يمنحه.

2661

| 01 نوفمبر 2016

هل هو الود أم الاعتذار المتأخر؟

البعض قد يطول سفره بدول المهجر تاركاً وراءه والديه لسنين طويلة إلى أن يأتي أجل أحدهما فيأتي مسرعاً للعزاء، وكان الأفضل عدم الإنقطاع عنهما مهما كلف الأمر، حيث لا قيمة للحضور بعد ذلك، ففي حياتنا الكثير من الأشياء تأتينا وتُتاح لنا، لكن برغم هذا تكون لا قيمة لها، فقط لأنها جاءت متأخرة، فعندما نسقي زهرة ميتة، فالماء لا يحييها، والإعتذار عموماً دَينٌ يجب سداده والتحلي به، ولكنه لا يجدي نفعاً إن جاء متأخراً. رجع الملك إلى قصره في ليلة شديدة البرودة، ورأى حارسًا عجوزًا واقفًا بملابس رقيقة، فاقترب منه الملك وسأله: ألا تشعر بالبرد؟ ردَ الحارس: بلى أشعر بالبرد، ولكني لا أملك لباساً دافئاً، فقال له الملك: سأدخل القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بلباسٍ دافئ، فرح الحارس بوعد الملك، ولكن ما إن دخل الملك قصره حتى نسي وعده، وفي الصباح كان الحارس العجوز قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتب عليها بخط مرتجف: (أيها الملك، كنت أتحمَل البرد في كل ليلةٍ وأنا صامد، ولكن وعدك لي بالملابس الدافئة سلب مني قوتي وقتلني). في المقابل يبقى بعض الناس في الدنيا كرصيف مهمل، لا يلتفت إليه أحد، فإذا مات أحدٌ من هؤلاء، فاضت المحابر والحناجر بالود المتأخر، فبعض الود والإعتذار المتأخر فاقد لنصف قيمته، كقهوةٍ باردة لا فائدة منها، إنها خدمات بعد الموت، وقد يكون الميت لا وجود له بين مجتمعه عندما كان حياً، خصوصاً إن كان فقيراً أو مسكيناً أو لكونه غير متعلم ولا رأي له، يهمله الناس ولا يسألون عنه، فيتذكرونه فقط بعد موته، وقد يندمون كثيراً لإنقطاعهم عنه، ولكن لا ينفع الندم بعد ذلك، فالموت هادم اللذات، وقد نغضب على أحد في حياته ولا نوليه اهتماماً، ونرضى عنه بعد موته، وكأن الموت شرط الرضا.أحد الأخوة يقول : كنت أذهب مع أخي الأكبر إلى المدرسة، وأنا طالب في المرحلة الثانوية، كنت لا أحب سماع الأغاني وأخي يسمعها دائماً، وفي كل صباح كنا نمر بالقرب من مقبرة ، وكان يغلق الصوت عند مرورنا بها، وفي أحد الأيام سألته : لماذا تغلق الأغاني عند مرورنا بالمقبرة؟ فقال: (نحترم الأموات)، قلت: والحي الذي بجانبك لماذا لا تحترمه، أليس الأجدر أن تترحم عليهم وتقرأ لهم شيئاً من القرآن بدلاً من توقف الأغاني فقط؟ علمت ان الناس تحترم الأموات ولو لم تعرفهم، ولا تحترم بعض الأحياء وهي تعرفهم، لا أدري إن كان لزاماً أن يحتاج الناس للموت ليخرج الذين من حوله، سخِر من ذلك أحد المفكرين فحكى تلك المقولة المشهورة: مات جاري أمس من الجوع وفي عزائه ذبحوا الخراف، وردة واحدة أيها الأحياء لإنسان على قيد الحياة ، أزهى وأنبل من باقةٍ كاملة على قبره، وكما تذكرون محاسن موتاكم، فلا تنسوا أن للأحياء محاسنا تُذكر وتُشكر، فتحدثوا إليهم وعبروا لهم عن مشاعركم الآن قبل فوات الأوان، ولنكن كشجرةِ الياسمين التي لا تتعِب أحداً في البحث عنها، لأن عبيرها العَطِر يدل عليها، كذلك بعض البشر، يعرفهم الناس بما يفوح من عظمة مواقفهم وطيب أفعالهم وجميل عباراتهم، فالأيادي التي تمتد بالخير للآخرين لا تبيت أبداً فارغة، والكتاب الذي تقرأه لأول مرة وتتفاجأ بما فيه رغم أنك أنت مؤلفه، هو كتابك يوم القيامة فأحسن تأليفه.

3824

| 19 أكتوبر 2016

عندما نحسن تجارتنا مع الله

الأعمال الصالحة كثيرة والتجارة مع الله لا حدود لها، ولطالما أننا على قيد الحياة، علينا باغتنام الفرصة قبل أن يوافينا الأجل، ولكننا نظن أن العمر طويل وان الوقت مازال متاحا، فالموت يأتي بغتةً. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (ألم) حرف ، لكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطَت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر)، فهل هناك أيسر من ذلك حتى تغفر ذنوبك فى أقل من ثلاث دقائق كل يوم؟ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من توضأ فأحسن الوضوء فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فُتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها يشاء). يمكننا أن نغرس نخلةً في الجنة بقول: سبحان الله العظيم وبحمده، بمشيئة الله تعالى، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آيه الكرسي دُبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت)، وهناك عيادة المريض واتباع الجنازة إيماناً واحتساباً، وزيارة الأقارب والإحسان إلى الجار، والأعمال الصالحة كثيرة، وكلها تؤدي إلى سعادة في الدنيا والإعداد لسفرٍ طويل. وتحضرني قصة رجل مريض بالقلب ويعاني من الشريان التاجي، وقبل العملية طلب من الطبيب أن يرجع إلى بلده ليرتب حاله، وفي أثناء زيارته لأهله شاهد إمرأةً عجوز تجمع بقايا اللحم الساقط لكونها لا تملك مالا،ً ولم تذق طعم اللحم منذ زمنٍ طويل، فلما سألها وعرف الحقيقة، أمر الجزار بإعطائها لحما مرة في كل إسبوع، وأعطاه المبلغ مقدماً لمدة سنة كاملة ، فدعت له هذه العجوز، فشعر بنشاطٍ بعد رجوعه إلى منزله، وكأنه شفي تماماً، وبعد رجوعه للطبيب اتضحت أنَ فحوصاته سليمة وقلبه سليم، وشريانه بعد أن كان ضيقاً، صار متسعاً، فسأله الطبيب: ماذا عملت؟ فقال له تاجرتُ مع الله فشافني، فلنتاجر مع الله في الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل وطلاب العلم المعدمين وغيرهم من المحتاجين.د.عبدالله إبراهيم علي

551

| 12 أكتوبر 2016

عندما نرفع من معنويات المريض

خلقنا الله لعبادته، كما خلقنا ليمتحننا ويبتلينا أثناء البقاء على وجه الأرض لكوننا على قيد الحياة، حتى يقيس صبرنا وانتظار رحمته بثقةٍ في الله، لذلك علينا ألاَ نتكَدَر ونتضايق حين تحل بنا المصائب، فالفرج قريب بمشيئة الله تعالى، فسواد السحب بعده المطر والخير الوفير، وظلام الليل بعده الفجر، لذلك يجب ألاَ نحزن، فالمرض بعده شفاء بإذنه تعالى والمعصية لها توبة والهم له فرحة والإكتئاب له راحة وبعد الضيق سعادة، وكل شيء له حل ما دام الله موجودا، فمنعُ الله عطاء وكل شيء له أجل، يمنعك الله لطفاً لا بخلاً وهو الذي يعلم بالغيب، فعندما نحزن لشيءٍ ما، نيأس من حياةٍ أبكت قلوبنا، ولكن الحزن يرحل بسجدة والفرح يأتي بدعوة. أما في حالة زيارة المرض، علينا بقول الكلام الطيب المفعم بالمعنويات ليعظُم الرجاء في الله، وعلينا بتشجيع المريض وبث الأمل فيه وتبشيره بالشفاء، وننفس عليه برغم أن هذا لا يرد من قضاء الله شيئاً ،لكن يطيب نفس المريض، بدلاً من عبارات أن مرضك خطير وهو نفس المرض الذي مات بسببه أبي أو أمي، فيزيد من حزنه.وتحضرني قصة مريض عمل عملية في لندن، وقبل العملية بساعتين دخلت عليه ممرضة وهي تنسق الأزهار ويبدو أن مهمتها تنسيق الأزهار، وأثناء عملها ووجهها نحو الأزهار، قالت له: من طبيبك الذي سيُجري لك العملية؟ قال لها: جبسون، فقالت له بدهشة: معقول! هل رضي أن يعمل العملية، فقال: طبعاً، قالت له: هذا طبيب يزدحم عنده المرضى لأنه متمكن وأنه أرقى طبيب في العالم، حيث عمل أكثر من عشرةِ آلاف عملية، وكلها ناجحة، وليس لديه وقت، فكيف أعطاك موعدا؟ أنت محظوظ لكونك تجد موعداً معه.بعد أن انتهت العملية ونجحت والمريض كان حياً يُرزق، وجد على الفاتورة مكتوب (ألفين جنيه رفع معنويات). هذه الممرضة كانت عالمة نفس وليست ممرضة عادية، ومهمتها ترفع معنويات المرضى لكن بشكلٍ ذكيٍ جداً، وهي تنسق الأزهار تسأل المريض من طبيبك؟ وهكذا...فليس هذا الطبيب أفضل طبيب في العالم ولا يوجد عنده خطأ، إنما عملت هذه الاختصاصية على التيسير على المريض ورفعت من معنوياته، والآن ثبت في العلم أنه كلما كان المريض معنوياته عالية، استطاع أن يتغلب على العامل الممرض بمشيئة الله تعالى، وهذا هو الفرق بين مريض معنوياته منهارة لا تنجح عمليته، وبين مريض معنوياته عالية تنجح عمليته.هذه حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في حديث للترمذي وابن ماجة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأجَلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَرُدُّ شَيْئًا وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ الْمَرِيضِ).أخيراً العامل النفسي للمريض مهم في تجهيزه واعداده للعملية الجراحية، كما نجد العامل النفسي أيضاً يلعب دوراً مهماً حين الذهاب إلى الطبيب، فبمجرد مقابلة الطبيب وانتهاء الفحص يرتاح المريض ويقل عنده هاجس المرض والضيق لكونه ارتاح نفسياً، وأبلغ من ذلك، إذا طمأن الطبيب مريضه بكلماتٍ طيبات فيها لين ولطف، يقود ذلك إلى رفع معنويات المريض، فيشعر بالراحة لهذه المقابلة، فيتماثل للشفاء، بمشيئة الله وبفضله، ثم بفضل الطبيب صبوح الابتسامة الذي يعرف جيداً كيف يتعامل مع مريضه، ولا بأس أن يروي الطبيب للمريض بعض الحالات التي كتب الله لها الشفاء بعد أن ظن الأطباء أنه لا رجاء من شفائها.

14677

| 05 أكتوبر 2016

التعلم بتجربة الأفكار

الواجبات المدرسية عبارة عن عمل يُكلف الطالب بأدائه خارج الصف الدراسي، لتثبيت المعلومات التي تم شرحها في الصف، وكذلك ربط المنزل بالمدرسة من خلال إشراف ولي أمر الطالب على واجبات ابنه، خصوصاً مع طلبة المرحلة الابتدائية، في المقابل كثرة الواجبات المنزلية بشكلٍ يومي، تزرع الملل في نفس الطالب وتزيد من إحباطه فيهمله، لذلك فإن التبسيط في الواجبات المنزلية للطالب يزيد من دافعيته لأن ينجزها بسرعة، وهنا يجب على المعلمين فيما بينهم تنسيق الواجبات المنزلية، حتى لا تكون ثقيلة على الطلاب وتأخذ جُلَ وقتهم في البيت، مع ضرورة تجنب الأفكار المكررة فيها، وتنوعها بأن تكون بعيدة عن الروتين الثابت الذي يمثل العامل الرئيسي في ترك الطالب للواجب المنزلي، والأهم من ذلك كله، مراعاة عدم استخدام الواجب المنزلي لأبنائنا كعقاب، لأن ذلك يؤدي إلى نتيجة عكسية غير مرغوب فيها. والواجب الفعَال هو الذي يراعي الحاجات الفردية لكل طالب كماً وكيفاً، فليس بالضرورة ان يكون لكل درس واجب، فهناك بعض الدروس لا تتطلب تعيين واجب لها، كما يمكن للواجب الصفي أن يكون بديلاً عن الواجب المنزلي تخفيفاً على الطالب والأسرة، ولأنَ كثرة الواجبات المنزلية قد تُعدُ هاجساً للأسرة، فنجد بعض أولياء الأمور يقومون بحل الواجبات بأنفسهم لكسب الوقت لأخذ قسط من الراحة والخاسر الأكبر هم الأبناء.لذلك في تقديري لنعمل على تبسيط الواجبات المنزلية رحمة بأولياء الأمور والطلاب، حتى نزيد من دافعيتهم ويلتفتوا إلى أداء واجباتهم بأنفسهم عن قناعة، فمثلاً بدلاً من إعطاء الطالب خمسة تمارين في الرياضيات من نفس النوع، يمكن إعطاؤه تمرينين فقط مختلفين ويركز فيهما.وفي دراسة أجراها التربوي النيوزيلاندي جون هاتي لمجموعة من العوامل التي تؤدي لإنجاح العملية التعليمية، تذيلت الواجبات المدرسية، فجاءت في ذيل القائمة، ورأى أنها تساعد التلميذ في العملية التعليمية بنسبة ضئيلة، ويرى البعض أن الواجبات المدرسية تتحول في بعض الأحيان إلى عبء على التلميذ خاصة إذا لم ينجزها في الوقت المتاح، أو عندما تتحول لوقت غير مفيد لا يركز فيه التلميذ على الواجب المدرسي وإنما على أمور أخرى.قديماً كانت فنلندا الأسوأ في التعليم عندما تم تقييم طلابها بين دول العالم، ولكنها نهجت طريقة غريبة في طريقة التعلم بتجربة أفكار جديدة مع الطلاب لتقفز في وقت وجيز إلى القمة، وصارت الأولى عالمياً في التعليم، هذه الطريقة هي تبسيط الواجبات المدرسية واستقصاء ما لدى الطالب من أفكار، وفسح المجال للطلاب لتعلم المهارات وضروب العلم العملي الميداني وتقليل الواجبات، ليعيش الطلاب طفولتهم بالطريقة التي يجدون فيها أنفسهم على حسب رغباتهم ليكونوا نجوماً شابة ويتمتعوا بالحياة، أما الواجبات المدرسية عندهم، فهي من عشر دقائق إلى عشرين دقيقة، حيث انهم يرون كثرة الواجبات المدرسية عفا عليها الدهر، وبدلاً منها يمكنهم ممارسة الهوايات خارج البيئة الصفية وتسلق الأشجار واكتشاف الحشرات المختلفة، ويأتون صباحاً للمدرسة لذكر ما تعلموه، كما يرون أن عقول الطلاب تحتاج راحة لبعض الوقت، وللفنلنديين أقصر يوم دراسي وأقصر سنة دراسية في العالم الغربي، فكل المدارس في فنلندا متساوية، والطلاب يمارسون مهاراتهم الفنية ويخبزون الخبز ويقومون بكل الأعمال اليدوية، والنظام الفنلندي يتمحور حول الطالب بعكس النظام الأمريكي الذي يتمحور حول العمل التجاري، وعند تأهيلهم للملاعب يحضر المهندسون ليتحدثوا إلى الطلاب لمعرفة آرائهم وأفكارهم فيما يريدونه، حينها سيدرك الطلاب أن في الحياة ما هو أكثر من المدرسة.

1510

| 28 سبتمبر 2016

أهمية المشاهدة الصفية في التقييم

الزيارة الصفية أو المشاهدة الصفية هي زيارة المشرف التربوي للمعلم في قاعة الصف أثناء قيامه بنشاط التدريس بهدف رصد الأنشطة التعليمية، وملاحظة التفاعل الصفي من الطلاب، وتقييم أداء المعلم والوقوف على أثر التدريس على الطلاب، كما أنها عملية تحليلية توجيهية تقويمية تعاونية بين المشرف التربوي والمعلم، وتعمل على تزويد المعلم بتغذية راجعة عن أدائه بغرض التحسين، والتغذية الراجعة نفسها هي مجموعة مهارات ومعارف يتم إعطاؤها للمعلم المزار توضح له أخطاءه التي وقع فيها أثناء سير الحصة الدراسية، ومقدار تقدمه ومدى ملائمة أداء المعلم للهدف الذي ينبغي الوصول إليه، كما أنها صورة تقويم للمعلم، وهذا كله يصب في مصلحة العملية التعليمية وينعكس إيجاباً على التعليم والتعلم. في المقابل يمكن أن تكون الزيارة الصفية من قبل معلم لمعلم آخر لتبادل الخبرات واكتساب المهارات، حيث تبادل الزيارات بين الزملاء في نفس المدرسة وبين الزملاء من مدارس أخرى لها عظيم الأهمية في تلاقح المعارف للمعلمين انفسهم، كما يمكن للمدير زيارة المعلمين بالصفوف الدارسية للوقوف على أدائهم والتأكد من تفاعل الطلاب معهم، أيضاً حصص المعايشة التي يحضرها أولياء الأمور داخل الصفوف الدراسية مع أبنائهم والجلوس مع المعلم لإعطاء تغذية راجعة عن انطباعهم عن الحصة الدراسية وإثراء روح النقاش يسهم في تقييم أداء المعلم ومشاركة الطلاب، لذلك الهدف الرئيسي من المشاهدات الصفية هو ملاحظة الموقف التعليمي والفعاليات التربوية داخل الصف الدراسي الواحد، كما تتم عبرها معرفة استراتيجيات التدريس وأساليب التعلم، والوسائل التعليمية ومناسبتها للدرس، أيضاً المشاهدات الصفية تُمَكِن الزائر من الوقوف على اساليب التقييم، بنائي وختامي وغيره من أنواع التقييم، وهناك الزيارات المحورية والزيارات المفاجئة والزيارات المنظمة، وكلها تدخل في تقييم الطالب والمعلم معاً، والمشاهدة الصفية يجب أن تكون حصة دراسية كاملة، من خطوة التمهيد للدرس إلى غلق الدرس، وفقط يجب أن تكون المشاهدة الصفية جزئية في حالة الزيارة المحورية بقضاء وقتٍ معين في مرحلة معينة من خطة الدرس.وهناك محاور يقوم المقيم بتقييمها عند المشاهدة الصفية من خلال خطة الدرس التي تشمل: التخطيط للدرس ما إن كانت الخطة شاملة وواضحة، والتزام المعلم بها وعدم الخروج منها.. أما عن تنفيذ الدرس، فيؤخذ في الحسبان طرق التدريس، فكلما كان هناك تنوع في استراتيجيات التدريس والأنشطة الصفية، كلما كان هناك تحفيز واضح للمتعلم، ومن ثم زيادة التحصيل العلمي، والفروق الفردية بين الطلاب تُعدُ هاجساً يؤرق الطلاب والمعلمين، فيصعب لمعظم المعلمين التعامل مع هذه الفئات بالطريقة السليمة، كما أن لمراعاة الضبط الزمني للحصة بالغ الأثر، حيث إن البعض من المعلمين ينقضي زمن حصته ولا يكمل درسه، فيجب التوافق الزمني بين حجم الدرس وأنشطته وبين زمن الحصة المحدد، يجب أن يتوافقا مع بعض، وهناك استخدام التكنولوجيا وتعزيزها في فهم الطلاب للدرس، فقد لا يتم استخدامها جيداً، وقد تكون موجودة بالصفوف الدراسية، ولكنها غير مُفعَلَة بالصورة المرضية.أيضاً تتم مشاهدة تقييم الطلاب لفهم للدرس، فكلما كانت أساليب التقييم مختلفة نجح المعلم وزادت دافعية الطلاب، كما أن التقييم عبر الأسئلة الشفهية والكتابية واستخدام المهارات الأربع في الحصة الدراسية الواحدة لها بالغ الأهمية ويتم رصدها من قبل الموجه أو المشرف التربوي أو مسئول التقييم، والمعلم الماهر يجب أن يتدرج في طريقة طرحه للأسئلة، بأن تكون موضوعية ومتدرجة ومثيرة للتفكير في نفس الوقت، أيضاً يتم تقييم البيئة الصفية وقياس تعلم الطلاب وسلوكهم وانضباطهم.

30759

| 21 سبتمبر 2016

لننظر لما نملكه وليس لما نفقده

قد يسأل أحدٌ زميله: أين تشتغل؟: فيقول له: بالمحل الفلاني، وكم راتبك؟ فيقول له كذا، فيستنكر ويقول له: هذا المبلغ بسيط ولا يكفيك، وإن صاحب العمل لا يستحق جهدك ولا يستاهله، فتصبح كارهاً للعمل وتتركه، وتصبح بلا عمل، وقد تسأل أحداهنّ زوجةً من الزوجات: ماذا أعطاك زوجك حين أتاك مولوداً؟ فتقول لها: لا شيء، فترد عليها: لماذا؟، أليس عندك قيمة عنده؟ وعندما يحضر زوجها تناقشه بغضب، لكونه لم يهدِها شيئاً حين ولدت، فيتشاجران وتسوء العلاقة بينهما وبعدها طلاقاً عاطفياً ثم طلاقاً أبدياً، وقد يتدخل آخر مع أبٍ مرتاح البال فيقول له: لماذا لا يزورك ابنك كثيراً؟ وكيف تصدق أن ظروفه لا تسمح؟ فيتعكر صفو قلب الوالد، ليبدأ الجفاء مع الابن، أو لماذا لا تشتري كذا ولماذا لا تملك كذا، وكلها أسئلة نسألها ربما جهلاً أو فضولاً، وقد تبدو بريئة في حياتنا اليومية، ولكننا لا نعلم ما قد تبثه هذه الأسئلة في نفس سامعها، لندخل البيوت كالأعمى ولنخرج منها كالأبكم، فالنقد المستمر يميت لذة الشيء، لذا فإن الشجرة لو تعرضت لرياحٍ دائمة، لأصبحت عارية من أوراقها وثمارها، كذلك الشخص، إن تعرض للنقد المستمر، فسيفقد جزءاً من ثقته بذاته وقدراته، ولتحول هذا النقد إلى شرارة تقضي على الأخضر واليابس، وتفكك المجتمعات وتفرق الأهل والأصحاب. ويحضرني الحديث الذي رواه الترمذي: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، وتحضرني خاطرة: أنّ أحد الأصدقاء، لم يعد يدخل في نقاشات جدلية (على غير عادته) فسألته: ما الذي تغير؟ قال: أيقنت أنّ راحة بالي أهم من إثبات وجهة نظري. عندما تسوء الألفاظ، وتتغير النوايا، وتعتقد أن الجدل لن يجدي، توقف! شخصٌ ينتظر الصباح كي يأخذ الكيماوي للسرطان، وشخصٌ ينتظر الصباح كي يغسل كليتيه، وشخص يصبح تحت قصف الطائرات والدبابات، وشخصٌ لا يجد طعاماً يأكله، عندما نعرف هذه المعاناة فسنفهم الحديث: "من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"، والله تعالى يقول: "وقليل من عبادي الشكور"، أيضاً تحضرني قصة طبيب متخصص يعمل معه أطباء آخرون من النواب، وأطباء الامتياز، ودائماً يشتكون له ضعف المرتبات وصعوبة المعيشة وسوء الحال، فكان يقول لهم هذا الاستشاري: احمدوا ربكم حمداً كثيراً، وكفاية عليكم أنتم بخير وصحة وعافية، لكونكم تأكلون الطعام ولم تجوعوا مرة واحدة، ولا أحدٌ منكم اشتكى من عدم وجود طعامٍ يأكله، والرسول صلى الله عليه وسلم ـ نفسه ـ كثيراً ما كان يعاني من الجوع، ولم يجد شيئاً يأكله ومع ذلك كان يصبر، وأثناء مرورهم على مريض عجوز يعاني من سرطان المريء ولا يستطيع البلع، وحتى اللعاب إذا دخل على المريء يؤذيه ويؤلمه، لكون المريء مقفولاً لا يسمح بمرور أي شيء، وإن دخل شيءٌ من لعابه، تراكم وتجمع وسبب له عشرقة، لذلك كان هذا المريض يضع علبة مفتوحة يبصق فيها هذا اللعاب طول الليل، ولا يقدر على النوم، وإن نام قليلاً انخنق بواسطة ريقه المتراكم، فقال الدكتور للمريض: إيه تتمنى يا حاج؟ فقال له: أتمنى (أبلع ريقي)، فقط يتمني أن يبلع ريقه، فأين نحن من هذا؟ اللهم إنَّا نعوذ بك من زوالِ نعمتك، وفجاءة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك. أخيراً إذا خاننا التعبير، فلا يخوننا التفسير، ولنرتقِ بالتفكير لننعم بالحياة.

754

| 31 أغسطس 2016

عندما نستهزئ بالآخرين

تعني السخرية الاحتقار بالغير، خصوصاً عندما نذكر عيوبهم ونقائصهم، فهذا هو المعنى الأساسي للسخرية وقد تكون عن طريق المحاكاة والتقليد في الفعل والقول، فقد يسخر الموظف من زميله لكونه لا يتقن العمل مثله، أو سخرية المعلم بزميله لكونه أقل تأهيلاً منه، أو الطبيب بزميله الطبيب لأنه لم يتخصص مثله أو لأنه لا يجيد التشخيص جيدا أو لأن شعبيته وشهرته أقل منه، كما أن البعض يسخر من الآخرين بسبب لونهم أو جنسيتهم أو لأنهم بسطاء وفقراء لا يملكون شيئاً، فيشمتون فيهم ويحتقرونهم بالنظرة الدونية، وقد يسخر الرجل الغني من الفقير، ويسخر القوي من الضعيف، والرجل السوي من الذي يعاني من عاهة معينة، وقد يسخر الذكي الماهر أو ذو الأولاد من العقيم، وذو العصبية من اليتيم، وقد تسخر الجميلة من القبيحة، والشابة من العجوز، كما يسخر البعض من الآخرين حين يصيبهم بلاء، وهنا يقول الله سبحانه وتعالى "لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكن خير من هن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون"، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يُلقِي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفاَ، فقد يحتقر الشخص قريبه أو زميله أو جاره أو يحتقر بلدا كاملا بشعبه وبما فيه، بأن يقول مثلا الشعب الفلاني كذا، أو البلد الفلاني كذا، ويظل يسخر ويهزأ بهم، فيكون بذلك قد ظلمهم، فيحبط عمله ويرتكب ذنبا، ويقول عليه الصلاة والسلام: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، حين قال لا تغتابوا المسلمين ولا تؤذوهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف بيته"، وحين قالت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "يا رسول الله حسبك من صفية أنها كذا وكذا، تقصد أنها قصيرة"، فقط بحكم غيرة النساء، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجت بماء البحر لمزجته"، والبعض يسكت على هذا الاستهزاء ليس لأنه راض عن هذه السخرية، ولكنه ربما أنه غير راض من داخله أو لا يريد الخوض في هذا النقاش، لأنك قد تزيد في الكيل عليه بالسخرية والاستهزاء، أو لأنه يحترمك فلا يريد أن يرد على سخريتك، أو لأنه يعرف بأن الرد سوف يكون أقوى فلزم الصمت، وأهم بواعث التحقير والتقليل من شأن الغير هو التكبر، ولقد روى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، فمن أسباب احتقار الآخرين هي الأسرة نفسها، فقد يكون شأنها احتقار الآخرين والاعتداء على حرماتهم أو الاغترار بالنعمة، والأسباب كثيرة ففي الشدة يقاس الصبر، وفي النقاش يقاس العقل، وفي المواقف يقاس البشر، فهنيئا لمن يحرص ألا يظلم أحداً، ولا يغتاب أحداً، ولا يجرح أحداً، ولا يرى نفسه فوق أحد. أخيراً الطيور تأكل النمل وعندما تموت فإن النمل يأكلها والظروف قد تتغير فلا تقلل من شأن أحد، وعلينا الشعور بالآخرين لأنه حاسة سادسة لا يمتلكها إلا أنقياء القلوب، ولا تحتقر غيرك فقد يكون عند الله أفضل منك.

7732

| 24 أغسطس 2016

نحن فقط لا نريد الانتظار

الانتظار مؤلم كما النسيان كذلك، ولكن معرفة أيهما نفعل أصعب أنواع المعاناة، وتحضرني مقولة عائض القرني، حين قال: لأهل السنة عند المصائب ثلاثة فنون؛ هي الصبر والدعاء وانتظار الفرج، وفي تقديري انتظار الفرج عبادة وثقة بالله عندما نبعد عن أنفسنا النزعة التشاؤمية، كما يجب ألّا نضيع ما هو ممكن في انتظار ما هو مستحيل، وهناك الانتظار والأمل، والانتظار هو قمة اللذة، كما أنه قمة الألم، وحرقة الانتظار تغطي كل تفسيرات الوصول، وحياتنا نفسها عبارة عن انتظار مؤجل في محطةٍ من المحطات، وسوف يأتي قطارنا ليأخذنا، فلنعدَّ العدة لذلك اليوم الذي لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم، أما الصدفة فإنها خالية من الانتظار، وتحضرني مقولة لنجيب محفوظ، حين قال: الانتظار شعور مؤرِّق، ولا شفاء منه إلا ببلسم الخلود. معظم الناس مستعجلة لقضاء حوائجها بالسرعة الممكنة دون انتظار، ومتى كان هناك انتظار تملل البعض وتضايق لكونه منتظراً، فقد يكون محتاجُ ينتظر الغيث أو مريضٌ ينتظر الشفاء، أو عديم ينتظر الفرج أو حزين ينتظر السعادة، كما أنَّ هناك فئةٌ لا تريد الانتظار في طابورٍ، حتى يأتي دورهم لقضاء معاملاتهم على سبيل المثال، وحين يقودون سياراتهم تراهم مستعجلين لا يريدون انتظاراً أو تمهلاً في الطريق، فقد يتعدى السرعة القانونية، أو يتجاوز مخالفاً.. وفي النهاية نلحق به عند إشارات المرور لأنها حمراء، وحين يشترون شيئاً كذلك في المحلات التجارية، نرى كرههم للانتظار ونفاد صبرهم لمجرد دقيقة أو دقيقتين، وحتى الزيارات صارت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدلاً من الذهاب هناك والانتظار لمقابلة من نحب، ففي العجلة الندامة وفي التأني السلامة، فقد تكون مرارة الانتظار قاسية أحياناً، فعندما ننتظر نصبح صامتين، وفي القلب ألف حكاية، ولكن بعدها شمسٌ مشرقة بمشيئة الله تعالى، تزيل كآبة الأشياء فينا، ويبقى الصمت الأعظم هو صمتك كي ترتقي بنفسك وصبرك بعد انتظارٍ طويل، فتسعد بعده، فتكون لك عينٌُ ترى الأجمل، وعقلٌ يفكر بالأفضل، وروح يملؤها الأمل، فكل شيء بمقدار وبأوانه، وحتماً ستزهر حياتنا من جديد بعد هذا الانتظار. عندما يطول الانتظار تستمر معه المعاناة ويمر الوقت بطيئاً بلا طعم ولا مذاق، ويبقى الأشد مرارة هو الحيرة ما بين الانتظار والنسيان، وإذا خفنا من شيءٍ ننتظره أصابنا، فالذي يخاف من الحسد والعين نجده محسوداً كالذي يخاف من الامتحان وفعلاً لا ينجح، إذن لماذا نفكر بطريقةٍ سلبية؟ يقول الله في الحديث القدسي: أنا عند حسن ظن عبدي بي، وهنا على نياتنا يأتينا الرزق، هذا من حسن الظن بالله، فالخير من الله، والشر من أنفسنا، وماذا عن انتظار موتك أو موت من تحبه؟ هل أعددنا أنفسنا لذلك اليوم، حتى نتضياق من صغائر الأمور في الدنيا؟ إذن لا داعي لهذا الضيق في حياتنا ما دام اعتقادنا راسخاً بأنَّ هناك رباً ينتظرنا ويحمينا متى لجأنا إليه. وما دمنا تحت قيد الانتظار، يعني ذلك أننا مكبلون بسلاسل الأمل، ومتشبثون بخيوطه، والأمل لا يأتي عن فراغ، ولا يُولدُ من العدم، فهناك قيمة إيمانية عميقة هي: التوكل على الله، فلنزرعها فينا، ولنرسم الأمل، ثم نبتسم، فليس هناك ما نخسره، فالله هو الرب المغني، ورزقنا مكتوب، وعمرنا محدود، هو الله الكريم، كرمه لا يتأخر، إنما يأتي في الوقت المناسب، نحن فقط لا نحب الانتظار، ونريد الفرج في لحظته، ولا ندرك أننا على الصبرِ نُؤجر.

4363

| 17 أغسطس 2016

لا حزن يدوم ولا سرور

قد نبكي عندما نحزن كما نبكي عندما نفرح أيضاً، وهناك بكاء من الوجع والشكر والبكاء من خشية الله، وغالباً ما يكون البكاء دائماً حزناً، حيث ارتبط البكاء بمشاعر الإنسان، وهو شائع في مختلف الأعمار والأجناس والبيئات، ومن الأخطاء الشائعة اعتبار البكاء دليلاً على ضعف الإنسان، فهو عملية طبيعية يجب ألا نخجل منها، فهو استجابة طبيعية لانفعالاتنا الداخلية، والإنسان الذي يبكي هو الذي يمزق كل الأقنعة وكل الاعتبارات وكل الأدوار الاجتماعية، وينصح العلماء بالتعبير والإفصاح عن الأفعال وعدم كبتها، حيث وجدوا أن البكاءَ يُرِيح الإنسان من الضغوط والانفعالات. وقد أثبتت الإحصائيات أن البكاء يختلف باختلاف المجتمعات، فهناك شعوب لا تبكي كثيراً مثل الشعب الفرنسي الذي لا يبكي إلا 8% فقط والسبب هو الحب، يقول الحق سبحانه وتعالى: (وأنه هو أضحك وأبكى)، حيث الانفعال الطبيعي الذي يأتي من الله، وهكذا تنزل أحياناً الرحمات من الله فتفيض العيون بالدموع، كما أن هناك مجتمعات لا تحترم الشخص الذي يبكي وتعلم أبناءها منذ الصغر أن البكاء للأطفال والضعفاء فقط، وعكس ذلك هناك مجتمعات أخرى تعبر عن انفعالاتها بشكل ملحوظ ولا تستطيع السيطرة على مشاعرها أو التحكم في دموعها. ويعتقد البعض الآخر أن التعبير عن الألم يظهر نقص الإيمان بالله تعالى، وهو اعتقاد خاطئ فالعكس صحيح، لأن البكاء عند سماع الموعظة أو عند التأثر بموقف معين هو صميم الإيمان بالله تعالى. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة: (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ألا يجدوا ما ينفقون)، ويقول أيضاً في سورة مريم: (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبُكيًّا)، وكذلك هناك حديث مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما حزن على وفاة ابنه إبراهيم، فقال: (إن العينَ لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون). هذه المقدمة تقودنا إلى الحزن، فعندما نحزن نختفي عن الأنظار ونداري الدموع ونتكتم العبرات ونكره أن نحكي ما بنا ولو لأعز الناس إلينا، لأننا لن نحتمل نظرة الشفقة من أعينهم، أو لربما لأننا لا نريد أن نكدر صفو حياة الآخرين بالهموم. فالبعض منا يحزن عندما يفقد عزيزاً أو وظيفةً له أو بالاستغناء عن خدماته، فيحزن ناسياً أن هذه الأقدار وهذه سُنة الحياة، فلا حزنٌ يدوم فيها ولا سرورُ، فمهما كانت حاجة الناس للشمس، فهي تغيب كل يوم، دون أن يبكي أحدٌ على فراقها، لأننا نعلم بأنها ستعود، هذه هي الثقة، وهنا نحن نثق في عودة الشمس ولا نثق في قول الله تعالى: (إن مع العسر يسرا)، حتماً سيفرجها الله علينا طالما نحن واثقون من وعده. لن يكون عمرك كله ربيعاً، ستتناوب عليك الفصول الأربعة، تلفحك حرارة الخيبات، وتتجمد في صقيع الوحدة، تتساقط أحلامك اليابسة، لكن حياتك ستزهر من جديد، كثيرون ماتوا بالأمس ونحن لم نمت، وكثيرون لم يقوموا هذا الصباح ونحن قمنا، هذه ليست قوة فينا أو رغبة منا، ولكن هذه نعمة الله علينا، والحمد لله الإنسان في هذه الحياة مثل قلم الرصاص، تبريه العثرات ليكتب بخط أجمل، وهكذا حتى يفنى القلم، فلا يبقى له إلا جميل ما كتب، هذه حال الدنيا. وتحضرني قصة السيدة هاجر حين كانت تسعى وتطرق أبواباً للرزق في جهةٍ، والله كتب لها رزقاً في جهةٍ أخرى لا يخطر على بالها، كانت تريد أن تروي عطش رضيعها، فأعطاها الله بئر زمزم.

5530

| 10 أغسطس 2016

عندما يتغير الخطاب بتغير المصالح

لا يستطيع الإنسان مهما كان، الاستغناء عن الآخرين، سواء من أجل تبادل المصالح المشتركة، أم من أجل الحب المطلق في الله، ومن أسمى هذه العلاقات، هي الصداقة التي يُبنى سمو تعاملها عبر الأيام والسنوات بالاحترام والوفاء، فهناك من يستغل ارتباطه بشخص معين لمصلحة شخصية، وما أن تنتهي هذه المصلحة، ينتهي معها كل شيء، وهو ما يعكس سوء نوايا بعض الأفراد. وللصداقة شروط، أهمها التوافق الفكري والنفسي والاحترام المتبادل، وكذلك تشابه الميول والاتجاهات، وربما الأخلاق الحسنة التي تفعل مفعول السحر في الاحترام المتبادل بين الأفراد والجماعات، كما يكون الأجمل في العلاقة، إنْ كانت بعيدة عن المصالح الشخصية، ولكن الذي نراه الآن، أنه قلَ ما توجد صداقة، بل مصالح متبادلة، وبمجرد أن تنتهي المصلحة تنتهي العلاقة، وتتغير المعاملة، إلا أن الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فرضت علينا نوعية معينة من العلاقات لم تكن موجودة في الماضي، حتى بعض العلاقات الزوجية وقعت تحت وطأة المصالح والمنافع، فالعلاقات الحقيقية البعيدة عن المصالح الشخصية، تسمو بأهلها. من أكثر الأساليب المستخدمة لدى البعض للوصول إلى الغاية المرجوة هذه الأيام هو التودد إلى الشخص المستهدف، وهذا الوداد قد يكون شخصياً، كبنت يحبها شخص، ويريد أن يتزوجها من أجل مالها فقط، أو لأن والدها ذو مال وأملاك، أو بأن تستهدف العلاقة شخص معين لمصلحة منه وبعدها يرفسه، ويُمسي كأنه لا يعرفه، فما هي هذه الحياة وما قيمتها من دون علاقات بين البشر؟ ولكن أليس في بعض العلاقات شوائب أو طمع؟ في الحقيقة أصبحت أغلب العلاقات البشرية والارتباطات، محكومة بالمصالح المتبادلة التي باتت هي الأساس لاستمرار العلاقة، والمؤسف أيضاً حتى الحب، بات يخضع لهذه المعضلة، بحيث أصبح الرجل يحسب ألف حساب قبل اختيار شريكة مستقبله التي يريدها من أجل مساعدته في مصاريف تكاليف المعيشة، قد يكون للظروف الحالية دور في أنها باتت تتطلب مشاركة المرأة والرجل وتعاونهما من أجل بناء عائلة ومنزل، وهنا في تقديري، المشاركة بين الزوجين ليست عيباً، وهذا ليس بالمصلحة، لاعتبارات ظروف الحياة. إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في (مصلحة) الرجل المطلقة في العلاقة والحب، وهو ما يدفعه إلى استغلال الفتاة واللعب على عواطفها ومشاعرها، لأجل مالها، والمصالح كثيرة، فيكون التودد في البداية، ولكن بعد أن تتحقق المصلحة، تتغير الأساليب والألفاظ وطريقة الخطاب. أحياناً المصلحة تغلب على الصداقة خاصةً في هذه الأيام، ولنا في إخوة يوسف عليه السلام دليل حين كانت لهم مصلحة مع أبيهم فقالوا: أخانا، (فأرسل معنا أخانا)، وعندما انتهت المصلحة قالوا: (ابنك)، (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ)، فعند الكثيرين يتغير الخطاب بتغير المصالح، وحين يمرض من نحبه، نقول: (ابتلاء)، وحين يمرض من لا نحبه، نقول: (عقوبة)، وحين يصاب من نحب بمصيبة، نقول: (لأنه طيب)، وحين يُصاب بمن لا نحبه، نقول: (لأنه ظلم الناس). لنحذر من توزيع أقدار الله على هوانا، فكلنا حاملون للعيوب، ولولا رداء من الله اسمه الستر، لانحنت أعناقنا من شدة الخجل، وهنا تحضرني عبارات للشيخ الشعرواي حين قال: عندما تكون نقياً من الداخل يمنحك الله نوراً من حيث لا تعلم، ويحبك الناس من حيث لا تعلم، وتأتيك مطالبك من حيث لا تعلم، فصاحب النية الطيبة هو الذي يريد الخير للجميع، وسعادة الآخرين لم تأخذ من سعادتك شيئاً، وغناهم لن ينقص من رزقك شيئاً، وصحتهم لن تزيد من مرضك.

10135

| 03 أغسطس 2016

لحظات أصبحت مفقودة

لا شك أن الإنسان يعمل لدنياه ولآخرته، ولنعلم أننا سنترك الدنيا يوماً ما، فلنحسن بناءَها، سنمكث تحت الأرض زمناً لا يعلم مداه إلا الله، ولن نتمكن فيه من أداء أي عمل ننتفع به ولو تسبيحة، فلنأخذ من حياتنا لموتنا. وتحضرني عبارات للشيخ صالح المغامسي حين قال: هناك أناس بسطاء يعيشون معنا على الأرض، لا مال لهم ولا جاه ولا منصب لهم في هذه الدنيا ولا نصيب، ولكن أملاكهم في السماء عظيمة، قصورهم تُبنى وبساتينهم تُزرع، فلنكثر من خبايا العمل الصالح، فالحياة قاسية ولكن تلينها الأخوة والمحبة وصفاء النفوس، فبعض الأشخاص وطن، يجعلوننا نكتفي بهم، وهناك أشخاص عندما نلتقي بهم، نفرح ونسعد، وثروة الإنسان هي حب الآخرين.أتذكر حين كنا صغاراً يسامح بعضنا البعض في وقتها عندما نختلف في أمر من الأمور، فلا شحناء ولا بغضاء، أيام مضت ليتها تعود ولكن هيهات، أيام يطلب فيها الجيران أبسط مقومات الحياة من بصل وملح وطماطم، والآن تُعد طلبات الجيران عيبا وقلة ذوق، وقد يتهم الجار جاره بالجنون حين يطلب طماطم، وقد يرى الكثيرون أنه عيب ندق الباب ونطلب من الجيران، يا لجمال البساطة والمحبة النبيلة، فالأسرة قديماً تتفقد الجار وتساعده إن كان محتاجاً، غير أن هذه العلاقة فقدت طعمها ودفئها هذه الأيام، فلم يعد للحياة طعم بعد الاستغناء عن طماطم وبصل الجيران، وعندما نعطي الصغير طلبه لأسرته، سرعان ما يأتينا بشيء من عندهم، أيام ليتها تعود لزمن لم يعرف فيه الجار جاره، أما ما نلاحظه الآن قول البعض، إذا أعطاني هدية سأعطيه، وإذا اتصل بي سأتصل عليه، وإذا حضر عزيمتي أحضر عزيمته، حتى في العزاء إذا عزاني أعزيه، بمعنى: هذه بتلك، وتلك هي "الثقافة البائسة"، ويقول الطنطاوي: لا تعامل الناس في العواطف والهدايا بمقياس البيع والشراء واجعل من يراك يكون مثلك، فمن تعطر بأخلاقه لن يجف عطره حتى لو كان تحت التراب.وفي الأخذ والعطاء تحضرني قصة الليث بن سعد حين كان يتاجر في العسل، فأتته سيدة عجوز تحمل وعاء صغيراً تريد عسلاً، فأعطاها برميلاً كاملاً وقال: إنها تطلب على قدر حالها وأنا أعطيها على قدري، لو علم المعطي أن صدقته تقع في يد الله قبل يد الفقير، لكانت لذة المعطي أكبر من لذة الأخذ، نعم يد واحدة تساعدك عند تعثرك خير من ألف يد تصافحك عند الوصول.زمن ينتهي فيه الحب والإخلاص وتختفي فيه ابتسامة الطفل البريء، حتى الزيارات صارت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد لا نعرف عن جارنا شبعان أم جائع، مريض أم هو بصحة وعافية.لنسامح من ظلمنا ونصل من قطعنا، نريده زمناً يزيل كآبة الأشياء فينا، فربما لا تمر علينا هذه الساعة مرة أخرى، حيث يأتي الصباح وأنت لا زلت على قيد الحياة، ليخبرك أن هناك متسعاً للحياة، للتوبة وللذكر وللعفو ولأشياء كثيرة تفيدنا قبل أن نفارق هذه الحياة.والآن تنقضي الساعات وتمضي السنين وبقي لنا أن نراجع أنفسنا ونحسن النوايا والمقاصد، فلا تطلبوا من السنوات أن تكون أفضل، كونوا أنتم الأفضل فيها، فنحن من يتغير أما هي فتزداد أرقاماً فقط، أخيراً يقول جلال الدين الرومي:أتدري لماذا يصبح الديك صائحاً، يردد لحن النوح في غرة الفجر؟.يقول: لقد مرت من العمر ليلة، وها أنت لم تشعر بذاك ولم تدر.

751

| 27 يوليو 2016

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6441

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من يُعلن حالة الطوارئ المجتمعية؟

في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...

6390

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
النعش قبل الخبز

لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...

3849

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
غياب الروح القتالية

تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...

3000

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
نموذج قطر في مكافحة المنشطات

يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...

2859

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
النظام المروري.. قوانين متقدمة وتحديات قائمة

القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...

1860

| 23 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1650

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
أين ربات البيوت القطريات من القانون؟

واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...

1575

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1026

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
مستقبل الاتصال ينطلق من قطر

فيما يبحث قطاع التكنولوجيا العالمي عن أسواق جديدة...

996

| 21 أكتوبر 2025

alsharq
كريمٌ يُميت السر.. فيُحيي المروءة

في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...

993

| 24 أكتوبر 2025

alsharq
منْ ملأ ليله بالمزاح فلا ينتظر الصّباح

النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...

990

| 24 أكتوبر 2025

أخبار محلية