رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الإعلام العربي منذ بزوغ فجره على العالم لم يكن مجرد مصدر للأخبار إنما كان نبعا للثقافة ومدرسة للقيم والمبادئ والمشاعر السامية بكل مجالاته المسموعة والمرئية والمقروءة وكان على مر الأيام رافدا يغذي الفكر قبل العين وشيئا فشيئا اندثرت ثقافة الإعلام العربي لتصبح إما سياسية بحتة وإما غنائية غارقة في إيقاعات الفن الهابط. فمع تسارع وتيرة الأحداث والمتغيرات حولنا صار الإعلام العربي في ركض لاهث إما خلف الأحداث والفوز بالسبق لتغطية الحدث وإما بإغراق الجمهور في بحر من الأغاني والرقص على الجراح على مدار أربع وعشرين ساعة وعندما أقول الأغاني لا أقصد بالطبع أغنيات الزمن الجميل وإنما أقصد الموجة الفنية الهابطة التي اكتسحت الساحة وفرضت نفسها وبقوة تلك البعيدة كل البعد عن آلامنا وهمومنا والتي استطاعت أن تجذب إليها نسبة لا يستهان بها من المتابعين. نحن عندما نطالع القنوات العربية نجدها إما إخبارية أو غنائية هذه هي السمة الغالبة على القنوات فالتخصص أصبح بالنسبة للإعلام عاملا من عوامل النجاح كما يعتقدون وهكذا اختفى التنوع الجميل الذي كان ينقل المشاهد إلى عالم جميل من خلال صندوق الدنيا الذي ما كنا نفتحه إلا ونجد نوافذ نطل من خلالها على العالم الجميل المفعم بالحب والفن والدهشة والبساطة فالقناة الواحدة كانت موجهة للجميع صغارا وكبارا مثقفين وفنانين وسياسيين. المشكلة الأكبر أن قنوات الأطفال والتي توجهت للطفل بشكل خاص هي أيضاً اختارت أن تندرج تحت القنوات الغنائية فاعتمدت على أن توصل الرسالة الإعلامية والتربوية إلى الطفل من خلال الأغاني كل المعلومات والإرشادات صارت مجرد أغان وكأن الطفل لم يعد يفهم إلا لغة الأغاني. غياب التنوع عن هذه القنوات أصاب المشاهد بالملل لدرجة أنه صار يبحث عن بديل آخر بأي لغة كانت. هذا الفتور والجمود انتقل للأسف إلى بقية وسائل الإعلام العربي وتغلغل في عروقها دون أن يلاحظ القائمين عليها ذلك. كم أتمنى أن نجرب فقط لمجرد التجربة العودة إلى المدرسة الإعلامية القديمة. أن نحاول استرجاع ما تبقى من الزمن الجميل. أن يعرض الإعلام إحدى مواده النادرة القديمة بدلا من أن يستورد موادا دخيلة لعرضها. أن ينزل الإعلام العربي ولو قليلاً عند رغبة الجمهور ويحاكي إحساسه ومشاعره ويكون قريبا منه وجزءا من أفراد البيت كما كان.
356
| 25 مارس 2013
رغم قلة النشاط المسرحي الخاص بالطفل وركود الحركة المسرحية في هذا المجال إلا أنه لا أحد يستطيع أن ينكر أن مسرح الطفل يعد من الوسائل التربوية والتعليمية والتوعوية المهمة التي تثري ثقافة الطفل وتسهم في بناء شخصيته وتنمية الطفل والارتقاء بعقله وفكره ولغته وتعابيره، كل ذلك يشكل ثقافة الطفل من خلال شخصيات تتحرك على المسرح في إطار وعي الطفل وإدراكه وهنا أحببت أن أتطرق. لمسرحية "سلوم والرادار" العمل المسرحي الموجه للأطفال والذي عرض على مدى أيام على مسرح درب الساعي وذلك ضمن فعاليات أسبوع المرور الخليجي في الدوحة كانت الفكرة هي توجه مدير المرور سعادة العميد محمد الخرجي إلى توعية الطفل وتثقيفه من الناحية المرورية وزرع القيم والمبادئ الجميلة في الطفل من خلال عمل يحبه الأطفال ويشتاقون إليه ويتهافتون على حضوره ألا وهو المسرح، وقد سجلت بالفعل هذه المسرحية حضورا جماهيريا طاغيا إلى درجة أن فريق العمل اضطر إلى تقديم عرضين في اليوم الواحد وفي نفس الفترة ليتسنى للجميع مشاهدة هذا العمل الذي تفوق بامتياز في مخاطبة الطفل وتوعيته بقوانين وأنظمة الحياة بشكل عام قبل الأنظمة والقوانين المرورية والجميل في هذا العمل هو النص الذي كتبه الإعلامي تيسير عبد الله بلغة محببة قريبة إلى الطفل وذلك باستخدامه المصطلحات العامية الجميلة واللافتة محور هذا العمل شخصيات من واقعنا بعيدا عن التقليد والاستعانة بشخصيات كرتونية معروفة كطريقة لجذب الجمهور فهو استطاع أن يحقق أكبر نسبة مشاهدة وحضور من خلال شخصيات تظهر للمرة الأولى على مسرح الطفل من واقع حياتنا هم شخصية الرادار والذي سماه الكاتب في هذا العمل (بوعيون) وشخصية العدسة والإشارة والوالد والأخت والطفل سلوم المشاغب والمغامر الذي حاول بكل الطرق أن يدمر الرادار لكنه في النهاية توصل إلى أن تفكيره خاطئ وأن الحياة ستصبح فوضى وهموما، بدون هذا النظام في هذا المشهد ينقل الكاتب صورة الشارع للطفل بكل وضوح حيث يقول (بوعيون) وهو الرادار(إحنا نشوف الحادث لما نشوف الناس كلها ملتمة. واحد يندب حظه العاثر. واحد يمشي بثوبه ودمه). فترد الإشارة( وواحد يفقد ابنه وبنته ويعيش الدنيا مع همه. اللحظة ذي لحظة صعبة. لاهي حلم ولا هي كذبة) فتدخل العدسة( لا تلوموني لما اعصب أو لما فيوزي يتكهرب. من اللي أشوفه جنون السرعة. أرواح الناس صارت لعبة. من اللي ما خاف وما خاف ربة) إنه النص المسرحي الموجه للطفل بكل إتقان وبكل مقومات العمل المسرحي الخاص بالطفل حيث تسلية الطفل وإمتاعه وإثراء قاموسه اللغوي واكتسابه القيم الأخلاقية والتربوية والعادات والتقاليد الاجتماعية والقيم السلوكية الجميلة. في هذا النص يخاطب الكاتب عقلية الطفل بلغة محببة تحرك مشاعره وتهذبها على نحو أساسي. أتمنى أن يكون هذا العمل بداية انطلاقة قوية نحو مسرح حقيقي للطفل لدينا.
434
| 18 مارس 2013
تجربتي مع الزميل علي السادة والزميل محمد العمري والزميلة نور النعمة في برنامج الموروث الشعبي إطلالة جديدة كنت أترقبها بشوق، نظرا لعشقي وشغفي بالموروث في كل مجالاته وألوانه.. في إذاعة قطر تجسدت ثقافة الموروث رائعة أتت من حيث يأتي البعد الثقافي والشعبي لوطننا الحبيب. حيث الكل يتشوق لرؤية هذه الثقافة ولرؤية ذلك الموروث العريق الذي تتجلى أشكاله وألوانه وأنواعه في هذه الساعة الإذاعية. ونظرا لإمكانات المخرج المبدع علي السادة في توظيف الموسيقى والأغنية بشكل دقيق ورائع لنقل رسالة الموروث إلى المستمع بسهولة وعذوبة هذا ما جعلني مستمعة دائمة لأحد برامجي للمرة الأولى في حياتي الإذاعية عندما نتحدث عن ثقافة موروثنا الشعبي، فهذا بالطبع يعني ما هو عليه أدبنا الشعبي العريق الذي يضم العديد من الأدوات والأنواع المختلفة لما يحويه، ومن هنا كان لزاماً أن يرى الكل هنا روعة ذلك الموروث الذي يعود بنا إلى ما كان عليه أجدادنا وآباؤنا في زمنهم الجميل الذي يفيض بكل معاني الحب والتلقائية والعذوبة. لذلك حرصت الإذاعة على أن نرى البعد الحقيقي لذلك الموروث وأهميته عبر هذه الحلقات، لأنه جدير بأن يطلع عليه الكل، خصوصا أطفالنا وشبابنا الذين يجب عليهم الاطلاع والتمعن في ذلك الموروث العريق، خصوصا عندما يحكي عن الأجداد والآباء بماضيهم الجميل. وهي ليست التجربة الأولى لإذاعة قطر، فقد قدمت طوال سنوات ما يغذي الثقافة الشعبية لدى المستمع بشكل جذاب وفي إطار جميل من الموسيقى الآتية من الماضي الجميل بأصواته ووجوهه وأغنياته وقد عمل المخرج علي السادة على إخراج حلقات غاية في الروعة من هذا البرنامج لفترة طويلة مع المذيعة أماني كامل. أما الآن فقد منحتنا إدارة الإذاعة الفرصة لاستلام بقية المشوار والإبحار في هذا الموروث الذي نجد فيه عزاءنا الوحيد في زمن طغى عليه كل شيء إلا البساطة والشفافية والجمال، وأتمنى ألا ينتهي هذا الإبحار.
646
| 10 مارس 2013
الرسالة الأولى تليفزيون قطر مازال بحاجة إلى تطوير فالتطوير لا يعني أبداً التطوير والتحديث في الشكل العام إنما في المضمون والمحتوى فمازال هناك الكثير من الأشياء التي يتجاهلها التليفزيون في مادته إضافة إلى استغناء التليفزيون عن الخبرات التي كانت بمثابة الجذور وكانت هي الوجوه التي عرفناها طوال سنوات وارتبطت ملامحها بملامح الشاشة القطرية ليس من المعقول أن يتم إقصاؤها بهذه البساطة. الرسالة الثانية مخيم وزارة الثقافة والفنون والتراث ظاهرة ثقافية اجتماعية ترفيهية رائعة واتجاه جميل من الوزارة لربط الجمهور وعامة الناس بالثقافة والفن من خلال هذا التجمع المميز ولكن المكان بعيد وبعيد جدا على العائلات ولا يستطيع أغلبهم الوصول إلى هناك وكأن هذا المخيم وضع خصيصا لمرتادي منطقة سيلين فقط. أعتقد لو كان هذا المخيم في مكان آخر بحيث يسهل الوصول إليه لكان الوضع يختلف تماما ولكان الوجهة الأساسية للجميع من داخل وخارج الدوحة خاصة أن هذا المخيم يضم جهودا كبيرة تستحق المشاهدة والمتابعة والمشاركة. الرسالة الثالثة أقرأ في الصباح كل الجرائد المحلية بحكم البرنامج الذي أقدمه لكن للأسف وكأنني أقرأ جريدة واحدة وأكررها فالأخبار نفس الأخبار والعناوين نفس العناوين ونفس الصور ونفس المواضيع والفرق الوحيد بينها فقط اسم الجريدة وكتاب المقالات. وهكذا لا شيء يميز جريدة عن الأخرى لا جديد ولا اختلاف رغم أنني على ثقة أن هناك أفكارا ومبادرات من مبدعينا الصحفيين قد تخلق من الصحيفة الواحدة صحيفة مميزة متفردة فما المانع ولماذا لا تكون هناك فرصة لخلق تنافس جميل بين الصحف؟. الرسالة الرابعة مهرجان المسرح المحلي على الأبواب؛ أتمنى لزملائي المسرحيين مؤلفين ومخرجين وممثلين كل التوفيق كما أرجو أن يكون هذا المهرجان كما هو مسمى بالمحلي محليا مئة بالمئة فنحن وصلنا لمرحلة تغنينا عن الاستعانة بكوادر من خارج النطاق المحلي. مع محبتي.
339
| 24 فبراير 2013
الإذاعة هي أكثر الوسائل الإعلامية ارتباطا والتصاقا بالناس وذلك لما تقدمه لهم من فرص للتواصل الإذاعي بأصواتهم عبر مختلف البرامج المباشرة وبأقلامهم عبر مختلف البرامج الثقافية حيث وجد الناس في الإذاعة منذ ظهورها للمرة الأولى رفيقهم الدائم الذي يستمع إليهم ويستمعون إليه ويربطهم بالعالم بشتى الطرق والوسائل، الدليل أن هناك أصواتا منذ أن شاركت مع البرامج الإذاعية رافقتها وأدمنتها وتواصلت معها حتى اللحظة الأخيرة وحتى النفس الأخير وهذا ما يدل على عمق العلاقة بين الإذاعة والمستمع الذي وجد فيها نفسه وصوته وإحساسه وصحبته ورفقته الدائمة.. وقد لفت انتباهي الأسبوع الماضي تحقيق نشرته إحدى الصحف الزميلة عن برامج إذاعة قطر وذلك عبر استفتاء حول أهم البرامج التي لامست هموم المستمعين وقد اتفق الجميع في هذا التحقيق أن برنامج وطني الحبيب صباح الخير هو الوحيد الذي أدى رسالته الإعلامية على أكمل وجه كما اتفقوا على أنهم يعرفون إذاعة قطر من خلال هذا البرنامج فقط وطالبوا ببرامج مماثلة تسلط الضوء على كل ما يشغل المواطن والمقيم مما يخلق تفاعلا إعلاميا بين المستمع والبرامج بشكل عام كل ذلك قرأته فقط في العناوين البارزة على الصفحة ولم يسعفني الوقت لقراءة التفاصيل حيث كنت أحضر لبرنامج "إليكم مع التحية" وكان ذلك قبل البرنامج بدقائق مما جعلني أترك الصفحة جانبا لقراءتها فيما بعد لكنني وكالعادة خلطت بين الأوراق وضاعت مني الصفحة إلا أن العناوين البارزة تجسدت في بالي واستفزتني للكتابة.. من المعروف أن برنامج وطني الحبيب صباح الخير وعبر سنوات منذ انطلاقه شكل عمودا فقريا أساسيا لإذاعة قطر وقد منح هذا البرنامج لمستمعي الإذاعة كل الحرية للتعبير عن آرائهم وطرح ملاحظاتهم على الهواء بكل صدق وشفافية وهذا ما يتعطش له الفرد في كل مكان من العالم (مساحة كافية من الحرية يعبر فيها عن رأيه ووسيلة إعلامية صادقة شفافة يوصل من خلالها صوته للجميع) ذلك ما استطاع برنامج وطني الحبيب أن يحققه للمستمعين من خلال ما توفرت لديه من مساحة الحرية التي يتمتع بها هذا البرنامج ومن خلال هذه المساحة أيضاً استطاع البرنامج أن يتواصل مع الجهات المسؤولة ويجعل منها جزءا لا يتجزأ ليتواصلوا جميعا عبر الأثير حيث أصبح البرنامج حلقة وصل قوية بين المواطن والمسؤول يطرح القضايا ويعالجها على مرأى ومسمع الجميع، إنه الاستغلال الأمثل للحرية الإعلامية الممنوحة لهذا البرنامج فقد عرف العاملون عليه على مر السنوات كيف يستثمرون هذه المساحة من الحرية ليحققوا بها نجاحا منقطع النظير ويجذبوا إليهم أصوات المستمعين وقلوبهم ويكون الملجأ الآمن لهم ولحديثهم وشكواهم.. لذلك كله فمن الطبيعي جدا أن يتفوق هذا البرنامج على البقية لكن تخيلوا لو كانت جميع البرامج تملك هذه المساحة الحرة في طرح قضايا المواطن كما يطالب به المستمعون دوما عبر الصحافة.. لكان كل برنامج يختص بطرح قضية بطريقته الخاصة وربما أبدع كل بطريقته لكن ما لا يعرفه المستمع أن مخطط برامج الإذاعة تعتمد على التنوع لذا فلكل برنامج خط خاص به المطلوب أن يسير عليه دون أن يحيد عنه وكل برنامج يستهدف عقولا وفئات مختلفة من المستمعين عاملا على إرضاء كل المستويات والفئات الثقافية منها والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية وغيرها والخط الذي يسير عليه برنامج وطني الحبيب هو خط مختلف عما تسير عليه بقية البرامج لو كان ذلك الخط هو مطلب الجميع وهو ما يجد فيه المستمعون ضالتهم فما المانع؟ ولا أقصد هنا أن تتغير خطة البرامج لتكون كلها مشابهة لوطني الحبيب ولكن بالإمكان زيادة هذه الجرعة المطلوبة إما بتمديد وقت (وطني الحبيب صباح الخير)أو بجعلها على فترتين صباحية ومسائية وهذه المطالب من المستمعين ما هي إلا دليل واضح على نجاح البرنامج وحاجة الناس إلى مثل هذه المساحة المميزة من الحرية الإعلامية فهم يجدون في ذلك جسرا قويا يوصلهم إلى ما يحاولون الوصول إليه بعد أن تنقطع بهم السبل فلا يجدون ملاذا آمنا غير (وطني الحبيب).
934
| 03 فبراير 2013
يرفع الستار عن ديكور أنيق وثابت، حيث المحطة وحيث يجلس الناس في انتظار صامت وكئيب، لا شيء يتغير سوى تحركاتهم، قادمين ومغادرين على خط شاحب من أفق المسرح الذي كان يفصل بين الوجود والعدم، وجوه مختلفة تحدق في المجهول، ليست لهم أسماء ولا أصوات، لكنهم يمثلون دور البطولة الأهم في المشهد، فهم نموذج واضح للمصير الإنساني المجهول، والأبطال في هذه المسرحية يتحدثون عن حياتهم وكأنها انتهت منذ زمن بعيد أو أنها مهزلة لا تزال قائمة، إنها مسرحية رحلة بحث للكاتب المتميز فهد الحارثي والمخرج المتألق فهد الباكر الذي استطاع أن ينسج توليفة مسرحية رائعة من خلال قدرته المتفردة في جمع أكثر من نص في مسرحية واحدة ليقدمها وكأنها نص مسرحي واحد وحكاية واحدة في مهرجان المسرح الشبابي، كان العرض ممتعا منذ رفع الستار وحتى الثانية الأخيرة، الديكور والألوان والإضاءة والموسيقى نقلت المشاعر إلى الخشبة لتجعل المشاهد يشعر وكأنه أحد أبطال هذا العرض، أما الالتزام باللغة العربية فكان هو العامل الأهم الذي جعلنا وكأننا نشاهد فيلما سينمائيا لإحدى الروايات العالمية الخالدة. العمل لم يكن فقط كما كتب عنه البعض أنه دراما اجتماعية يعالج مشكلة الزواج بدون حب، إنما هو عمل أشمل وأعمق من ذلك بكثير، حيث استطاع المخرج أن يصنع من النصوص الأدبية التي كانت بين يديه تيارا من العبث واللامعقول، ربما لم يكن لهما وجود في النص، فقد كان واضحا أن اللمسات الإخراجية هي التي جرفت النص نحو هذا التيار وهذه موجة فنية انبعثت من أوروبا وأمريكا وشملت نواحي الفن جميعا من أدب ورسم وموسيقى وتجلت بشكل خاص في المسرحيات التي كتبها جيل من الكتاب أمثال جيلبرت وارثر كوبيت في أمريكا وهارولد بينتر في إنجلترا وبيكيت في فرنسا وكان توفيق الحكيم هو الأول في عالم المسرح العربي الذي تجلت ملامح هذه الموجة في مسرحيته "يا طالع الشجرة" ومسرح اللامعقول ظهر ليناقش بصورة عبثية تفسير الحياة وسخرية الأقدار وعقم العلاقات الإنسانية وتفاهة الزمن، وشيء واحد فقط يجمع بين رواد هذه الحركة المسرحية، إنها نظرتهم إلى الحياة وهي في نظرهم عارية عن الغاية والهدف والإنسان في نظرهم مشتت ضائع لا يستطيع تحديد مصيره، غريب بلا جذور، معلق في رحلة عذاب لا يعرف متى تنتهي وأعتقد أن البسطاء أكثر فهما من المثقفين لهذا النوع من المسرح، لأنه يعبر عن المعاناة الإنسانية بطريقة لا يشعر بها سواهم، وأيا كانت قدرة الفرد منا على تذوق هذا النوع من المسرح الفكري وأيا كانت ظروفنا الثقافية، فإن الاطلاع على هذا التيار المسرحي ضرورة فكرية نتمنى أن تتكرر. (رحلة بحث) تطرح الكثير من الأسئلة التي لا جواب لها في عالمنا الزائف وأعتقد أن المخرج أجاب عن هذه الأسئلة دون أن يقول شيئا، حيث انتهى العرض بضحكات ساخرة وقهقهات مخنوقة دامعة لخصت مأساة الإنسان وضياعه في عالم متقلب.
527
| 27 يناير 2013
(سيروا عين الله ترعاكم وبأحلى لعب وللفوز مسراكم وياعيال بلادي القلوب وياكم وياكم وياكم) هكذا تغنى الفنان الراحل بصوته الشجي الموغل في الإحساس والشجن الجميل الفنان فرج عبدالكريم من أجل أبناء بلاده تلك الأغنية التي مازالت تملأ ذاكرتي بذلك الزمن الجميل هي وغيرها من الأغنيات التي كانت من أجل أبناء المنتخب القطري حيث كانوا جميعهم من أبناء الوطن أبنائنا الأحبة الذين أحببناهم ورافقتهم قلوبنا ودعواتنا في حلهم وترحالهم ورافقتهم دعوات الأمهات ودموعهن وفرحة قلوبهن بإنجازاتهم أولئك الذين كانوا يعودون بالفرح حاملين علم الوطن على أكتافهم وفرحة الانتصار تعلو وجوههم أولئك الذين في حال الإخفاق يحتضنون أرض الملعب ويغرقون في البكاء ونبكي معهم حيث الإحساس واحد والهدف واحد والروح واحدة هم أبناء الوطن الذين من أجلهم صفقنا وغنينا مع من غنى إنهم نبض الوطن الذي كنا نرويه بحبنا وعشقنا وآمالنا ذلك الفريق الواحد الموحد بالدم وبالمشاعر وبالإحساس ذلك الذي كان صوت المعلق القدير يوسف سيف يعلو ويبح بعمق وهو يتحدث عنه أثناء اللعب وأثناء إحراز الهدف.. غاب زمنهم الجميل حيث لم نجد بعدهم من يخلفهم ويتسلم الراية ليواصل مشوار الكرة ذلك المشوار الذي كان يجعلنا جميعا نرحل معهم قلبا وقالبا نتابعهم لحظة بلحظة ننتظرهم ونستقبلهم بالأحضان غاب ذلك الزمن ورحل وتوقف نبض القلم عن كتابة القصيدة التي تزرع الحماس في القلوب وتهتف بأساميهم بفخر غابوا وصمت صوت المطرب الذي كان يشدو بأجمل ما لديه من أجلهم وحلت محلهم وجوه لا نعرفها غريبة عنا وعن أبنائنا لا يعرفون لغتنا ولا نعرف لغتهم ولن يفهموا مهما تغنينا من أجلهم هكذا غابت الأغنية الرياضية وبالتحديد أغاني المنتخب واسمحوا لي أن أوجه تحيتي وتقديري لمن تألقوا وأبدعوا في ذلك وقدموا كل المشاعر عبر أصواتهم التي كانت تهز الملاعب وتحرق القلوب الفنان الراحل فرج عبدالكريم الفنان المتألق علي عبدالستار الفنان الزميل والأستاذ عبدالرحمن الماس والفنان المبدع أحمد عبدالرحيم الفنان المميز بصوته الدافي ناصر صالح وغيرهم ممن أسهموا بغنائهم من أجل أبناء الوطن الذين كانوا يركضون خلف الكرة حاملين قطر في عيونهم وفي قلوبهم قطر تلك المعشوقة الغالية التي من أجلها تهون كل الصعاب ويحلو التعب والترحال ترى متى سيعود زمنهم متى سنرى أبناءنا يحملون الغاية والهدف ويرحلون بها ليعودوا بأجمل البطولات. خروج المنتخب القطري من المنافسة في البحرين جدد في قلوبنا الحنين لزمن ننتظره أن يعود ترى هل سيعود؟ مع محبتي
955
| 21 يناير 2013
قبل أيام انتهت أيام المهرجان المسرحي للشباب، تلك الاحتفالية التي حركت عبر سنوات من العطاء الشبابي مشهدا ثقافيا مهما تمثل في بروز العديد من الوجوه الفنية المسرحية على الساحة المحلية ومنها انطلقت إلى الخليجية ثم العربية، لتؤكد للجميع أن قطر تتألق ساحتها بمواهب شابة في قمة العطاء والتألق. وفي الحفل الختامي من هذا المهرجان شهدنا تكريما من نوع خاص، كان هو تكريم أحد أعمدة المسرح وأحد المؤسسين الرواد، ذلك الذي رحل وترك عطاءاته تتحدث عنه، ذلك الذي كان أستاذا لجميع الشباب المشاركين في هذا المهرجان عبر سنوات، ذلك الذي رحل تاركا بصمة مميزة ومضيئة على خشبة المسرح، نراه كلما واجهنا الخشبة ونجد وجهه الهادئ يطل من كل الزوايا ليذكرنا بأنه ذات يوم كان هنا، إنه الأستاذ الراحل حسن حسين الذي كان حاضرا بيننا في الحفل الختامي رغم رحيله والذي تألق اسمه من جديد عبر تكريمه لنصفق له طويلا بلا توقف.. جميل أن تبقى على ذكرى الذين غادرونا بعد أن غمرونا بعطائهم ورحلوا عنا، بعد أن قدموا لنا خلاصة العمر من تجاربهم وخبراتهم، نحن أبناء ذلك الجيل الجميل. وسنبقى نتذكر ونحيي الذكرى طوال العمر، فهم يستحقون الكثير. أما التكريم الآخر فقد جاء رائعا بروعة صاحبته والتي تستحق أكثر من تكريم، تلك الفنانة القطرية التي اعتدنا حضورها الجميل الهادئ عبر الشاشة، تلك التي أهدتنا أجمل حضور فني في أجمل زمن للفن وما زالت في قمة عطائها وتألقها عبر مختلف الأعمال الخليجية، تلك الأم الحنون التي حفظنا صوتها ودعواتها بالخير والسلام في أجمل عمل فني قدمته الشاشة القطرية. إنها أم فايز في مسلسل فايز التوش، الفنانة الرائعة صاحبة الحضور المميز والآسر هدية سعيد، تلك الصديقة والحبيبة التي منذ أن عرفتها لم تحمل على شفاهها سوى الابتسامة ولا تحمل في قلبها سوى المحبة للجميع بلا استثناء، فرحنا كثيرا حين نادوا باسمها، وقفنا جميعا حين صعدت على خشبة المسرح نحييها ولم ينته التصفيق من أجلها إلا بعد وقت طويل، هي تستحق كل التقدير وأروع تكريم، فهي لوحتنا الفنية الجميلة الآتية من الزمن الجميل والقلب النابض بالحنان وبالعطاءات المميزة والحضور المدهش الذي دخل إلى قلوب الناس بسهولة ويسر. أما التكريم الآخر فهو للإعلامي والمسرحي والفنان والمخرج والكاتب الأستاذ محمد بوجسوم، ذلك القلم الذي أثرى الصحافة والساحة الإعلامية بتجربته الفنية الفريدة والمخرج الذي ولدت على يديه أعمال إذاعية مميزة مازالت محفوظة في الذاكرة، ذلك الفنان المميز بحضوره الجميل والقريب إلى القلب والذي اشتقنا لإطلالته الجميلة عبر الشاشة في مسلسلاتنا التي تكاد تختفي تماما من على خارطة الإبداع، ذلك الذي مازالت خشبة المسرح تتحدث عن عطائه وإبداعه. إنه من الأسماء المميزة على الساحة ومن أصحاب الحضور القوي أينما تواجد ونحن مازلنا نصفق وننادي بعودته عبر الأعمال الفنية المحلية التي تألق عبرها تألقا قطريا رائعا.. إلى جانب ذلك لا أنسى وجوها أخرى من الفنانين والأساتذة الذين أسعدني تواجدهم الدائم في عروض المهرجان ومشاركاتهم في الندوات التطبيقية، فهم لم يبخلوا أبدا بخبرتهم المميزة على الشباب، ووجودهم كان دعما حقيقيا لهم، الفنان عبد الله أحمد، الفنان والشاعر علي ميرزا محمود، زميلي الفنان والإعلامي ناصر المؤمن والفنان المتألق دوما عبد العزيز جاسم ولا أنسى الحضور الأجمل لزميلي وأستاذي صالح غريب ودعمه الجميل ونقله هذه الاحتفالية على الهواء مباشرة عبر رسائله الإذاعية المميزة وبأسلوبه الخاص المتميز وأخيرا يستحق كل الشكر زميلي الفنان عبد الواحد محمد الذي عمل على تغطية كواليس المهرجان وعروضه أولا بأول عبر منتداه الخاص (منتدى أهل الفن)، وذلك بوقوفه مع الجميع سواء بالحضور أو بنشر بطاقاتهم الفنية التعريفية عبر المنتدى تحت عنوان وجوه من المهرجان، شكرا لهم جميعا ودام المسرح متألقا بتألق رجاله المميزين.
400
| 06 يناير 2013
لاشك بأن الإذاعة مدرسة متكاملة تبني العقول وتبني ثقافة الأجيال عبر الزمان ولأن الإذاعة تسيدت مكانة مرموقة منذ بدايتها على مر السنوات فقد كان المثقفون والنخبة هم أقرب الناس إليها وأكثرهم التصاقا بها سواء بالمشاركة أو بالمتابعة، وعنوان مقالي هذا ما هو إلا عنوان كتاب من أجمل وأروع الكتب التي قرأتها حتى الآن ((الاذاعة وبناء الإنسان))، ومن خلال ما تم طرحه في هذا الكتاب يعرف القارئ لماذا وكيف تبني الإذاعة الإنسان عبر الأجيال، ولأن مؤلف هذا الكتاب من أبناء الإذاعة وأكثرهم إسهاما فيها، فقد تطرق إلى نقاط مهمة بأسلوب جميل أقرب إلى الرواية أو القصة، فهو يحدثنا في هذا الكتاب عن الإذاعة كبرنامج والإذاعة كمسلسل والإذاعة كأغنية والإذاعة كمدرسة بشكل عام ولأن هذا الكتاب من النوادر حيث كانت آخر طبعة له عام أغسطس عام ألف وتسعمائة وثمانية وسبعين للمؤلف إيهاب الأزهري، لذلك كله اخترت الحديث عنه كمدرسة أخرى في التدريب والتوجيه الإذاعي، حيث يطرح سؤالا مهما، حيث يقول: كيف تدخل عقلا وتعيد تنظيمه؟ ويجيب تحت هذا العنوان فيقول: كان لي حظ الاشتراك في اجتماع الدورة السابعة لاتحاد الإذاعات العربية الذي عقد في قطر عام ألف وتسعمائة وخمسة وسبعين حيث ألقى وزير الإعلام القطري ((آنذاك)) السيد عيسى الكواري في الاجتماع كلمة ترحيب برجال الإعلام الذين يمثلون إذاعات وتلفزيونات العالم العربي كله ووصفهم برجال الإعلام - أعظم وصف وأدقه وأجمله- إذ اعترف لهم بدورهم الحقيقي الخطير في مجتمعهم ووضعهم بهذا الوصف أمام مسؤولياتهم الكبيرة ووصفهم بأنهم ((صائغو الأفكار وموجهو العقول))، فاعترف لهم بأنهم القادرون على أن يفتحوا العقول ويدخلوها ويعيدوا تنظيمها! يستطيع رجل الإعلام أن يفتح العقل برفق ويدخله بهدوء ويعيد تنظيمه تنظيما سليما إذا عرف الأسلوب الصحي والمؤثر ويستطيع أن يضرب الدماغ بعنف ويقتحم العقل ويعيد تنظيمه في ضجة وهو في الغالب يخرج بنتيجة عكسية وإعادة تنظيم العقل تعرضت لتغيرات كبيرة في الأسلوب في التاريخ وتحت ظل الظروف المتغيرة، فأنت تستطيع أن تعيد تنظيم عقل طفل صغير بأن تقول له: لا تفعل كذا، فيقول لك: حاضر، وقد يطيعك في حضورك وفي غيابك وقد يطيعك في حضورك فقط ولا يطيعك في غيابك. يتوقف الأمر على مدى حبه لك ولكن عندما يكبر الصغير وتحاول أن تعيد تنظيم عقله بالطريقة نفسها وتقول له لا تفعل ذلك، فإنه سيقول لك لماذا؟ ويصير لزاما عليك أن تقنعه بأسلوب سهل أو معقد على حسب مستوى ذكائه وإذا أقنعته فسيطيعك في حضورك وفي غيابك أو يطيعك في حضورك ويعصيك في غيابك، يتوقف الأمر على مدى حبه لك أو خوفه منك، وإذا ما زادت ثقافة صاحب العقل الذي ترغب في أن تعيد تنظيم عقله وقلت له افعل كذا ولا تفعل كذا، فإنه سيقول لماذا، وهنا عليك أن تكون بارعا إلى درجة كبيرة عالية لتقنعه وستجد أنه مهما كانت درجة براعتك فله من ثقافته حجج يستطيع أن يناقشك بها، فإذا كنت بارعا بدرجة عالية وكان هو مثقفا بدرجة عالية فإنه سيطيعك إذا أقنعته. هذه حالات ثلاث أساسية في إعادة تنظيم العقل تختلف في أشياء كثيرة ولكنها تجتمع في أن منظم العقل يجب أن يكون محبوبا لكي يكون ناجحا، ومن أوضح حالات تنظيم العقل هي حالات الأديان السماوية وإذا نظرنا إلى أعظم الأديان نجد أن محمدا عليه الصلاة والسلام اكتسب قبل الرسالة حب الناس واحترامهم وتقديرهم وعندما جاءت الرسالة اقتنع به من البسطاء بالحكمة والموعظة الحسنة وهو الأسلوب المباشر في تنظيم العقول ولكنه عليه السلام احتاج من غير البسطاء إلى قدرة كبيرة على الإقناع أدت إلى غزوات ومعارك وهكذا الناس يخاطبون على حسب مستوى عقولهم ومستوى تفكيرهم.. أتوقف عند هذا لأقول إن هذا الحديث هو تمهيد مباشر للدخول في تفاصيل برامج البث المباشر والبرامج التسجيلية ومدى تأثير كل منها وأهميتها ومدى حاجتنا لها من حيث عدد الجرعات في اليوم الواحد.. وللحديث بقية.. مع محبتي
1137
| 30 ديسمبر 2012
أذكر المرة الأولى التي تقدمت فيها بطلب للعمل كمذيعة بإذاعة قطر، كان الاختبار الأول المطلوب مني اجتيازه هو الكتابة في مواضيع مختلفة وكأنني في امتحان أو اختبار الإنشاء، كنت أنا ومجموعة من الزميلات والزملاء المتقدمين لنفس الغرض تم توزيعنا تماما كما في جلسات الامتحان على كراسي وطاولات متباعدة وتم توزيع الأوراق علينا والمطلوب من كل واحد أن يكتب ما لا يقل عن صفحة واحدة في كل موضوع.. هكذا فجأة دون اجتياز أي دورة تدريبية وأخبرونا أن هذا الاختبار هو الذي سيحدد ما إذا كنا مؤهلين للتدريب الإذاعي أم لا، أتذكر أن الموضوعين المطلوبين مني أحدهما موضوع عن الربيع والآخر عن الازدحام المروري، موضوعان في غاية الاختلاف حيث الربيع مجال خصب للإبداع والتعبير بالصور الشعرية والأدبية أما الازدحام فموضوع تقريري بحت لا مجال فيه للتعبير أو حتى الخيال، والهدف أنه من خلال تلك المواضيع يتم الكشف عن القدرات الإبداعية والثقافة العامة للمذيع وقدرته على التعبير وإيصال وجهة نظره إلى الآخرين.. في تلك الأيام لم أكن أعرف مدى أهمية هذا الاختبار ولكن مع الأيام اكتشفت أن الثقافة والقدرة على التعبير من أهم مقومات المذيع بل هي أهم من الصوت والأداء والشكل فالمذيع ليس كالببغاء يكرر ما يجده مكتوبا أمامه لكنه إحساس ومشاعر يشكلان حضوره القوي الذي يمكنه من خلاله احتواء كل وجهات النظر من الجميع على اختلاف مستوياتهم الفكرية ولا يخفى على أحد أن مقدمي البرامج بشكل خاص يفترض أن تتوافر فيهم شروط معينة، وذلك لأهمية المواد التي يقدمونها من جهة ولأنها موجهة إلى شرائح عدة من المجتمع من جهة أخرى ولا شك أن اللباقة في الحديث وسرعة البديهة والتلقائية والثقافة الواسعة وطلاقة اللسان من أهم مقومات مقدم أي برنامج مهما كان نوعه وتخصصه، وبدون هذه المقومات فقد يخرج المذيع بصورة جامدة وبأسلوب متعب ومحاولات يائسة في التصنع وإقناع المشاهد والمستمع بتواجده وحضوره برغم الارتباك الواضح على صوته وعلى ملامح وجهه وبالتالي فإن المشاهد أو المستمع حتما سيعزف عن المتابعة ولاشك أيضاً في أن ثقافة المذيع وسعة اطلاعه تساعده في رفع مستوى البرنامج الذي يقدمه بل تعزز قيمة المادة التي يعرضها وتحقق مصداقيتها للمشاهد أو المستمع وإلى أبعد من ذلك حين تعمل على تقوية خطوط التواصل بينه وبين الجمهور، فتوجيهات المخرج وحده لا تكفي والمادة المعدة وحدها لا تكفي لخلق روح البرنامج والحضور القوي للمذيع المقدم للبرنامج فبقدر ما يكون أسلوب وطريقة المذيع في طرح الموضوع وطرح أسئلة الحوار بالأساس يتحدد شكل الحوار وآليته وتضفي عليه البصمة الخاصة بالمذيع نفسه وبحضوره الذي يجب أن يكون مميزا ومختلفا عن غيره وتعطي انطباعا جيدا لدى الضيف والمتلقي بأنه أمام شخص مثقف ذي رؤية وثقافة مميزة. مقدم البرامج المثقف هو الذي يعي أن دوره ليس فقط طرح الأسئلة كيفما اتفق وتنفيذ تعليمات المخرج حرفيا. وإنما يدرك أنه يعمل بمثابة الوسيط بين المتلقي وضيف اللقاء ونجاحه هو المؤشر والمقياس لنجاح البرنامج بعيدا عن التكلف والتصنع والجمود.
990
| 02 ديسمبر 2012
لازلت أحتفظ في مكتبتي بطبعات قديمة وقديمة جدا من الكتب ذات عناوين مختلفة إضافة إلى العديد من المجلات القديمة جدا , بعض تواريخ الإصدار لهذه المطبوعات تعود إلى سنوات طويلة قبل ولادتي حتى .. لكنها لاتزال تحتفظ بشكلها الأنيق البسيط وبألوانها الهادئة وأوراقها المصفرة كأوراق الخريف التي تصفر وتجف وتتساقط لكن هذه الأوراق لم تتساقط بل ظلت مع مرور الأعوام مشرقة بحروف من نور وأفكار مضيئة وكأنها كتبت لتكون لكل زمان ومكان حيث إني أعود إليها دوما وأغرق في صفحاتها وأشعر بالأسف حين أقارنها بالمطبوعات الحالية التي أصبحت معظمها هشة تافهة لا تحمل أي قيمة فنية أو أدبية فهي أصبحت مجرد ديكور يهتمون فقط بطريقة إخراج الكتاب واختيار صورة للغلاف دون أي اهتمام بالمضمون إلى درجة أن الكتاب في زماننا هذا أصبح شيئا آنيا نقرؤه في نفس اللحظة ونتركه وربما نرميه وقد لانقرؤه حتى وأعترف إنني كلما قررت أن أرتب مكتبتي أو أقدم على جرد للكتب لأستغني عن بعضها أجد نفسي لا شعوريا أستغني عن الكتب الجديدة لأنني أعرف بأنها لن تفيدني بشيء ولم أتذكر يوما أنني استغنيت عن أحد الكتب القديمة والسؤال المطروح لماذا تفقد الكتب قيمتها الأدبية يوما بعد يوم؟ من المسؤول عن ذلك هل هو الكاتب نفسه أم الناشر؟ قال أحمد بن الحسين الملقب بالمتنبي قبل قرون "وخير جليس في الزمان كتاب" وفي زمنه كان الكتاب كتابا وكان الأديب أديبا والكاتب كاتبا حيث ساد الأدباء والمثقفون العالم في كل شيء، وامتدت إمبراطورية الثقافة العربية من إسبانيا غربا، إلى سور الصين شرقا، ولما فقد الكاتب إحساسه بالكلمة، حاصر نفسه واسمه في أشباه كتب, صحيح أن لكل كتاب عنوانه وقضيته لكنهم بالإجماع خرجوا من عالم الفكر الجميل وعالم الكلمة المسؤولة والصانعة للعقول والأفكار فلا كتاب ولا كاتب إلا من رحم ربي، ولم يقتصر ذلك على الكتب فقط بل تعدته إلى كل مناحي الحياة، فعندما اعتبر المتنبي الكتاب خير جليس، كان الكتاب في زمنه سيد الموقف لما يحويه من علم وأدب، وتقديرا من ذلك الجيل للكتاب، فقد خطّوه على ورق يليق بعظمة الكتاب ودوره، بل إنهم جمّلوا أوراقه وغلفوها بالذهب، وهذا ما نشاهده في المكتبات والمتاحف التي تحتوي كتبا من ذلك العصر، ومن هنا جاءت حكمة المتنبي، فالكتاب كنز المعرفة وغذاء العقل، وفي صحبته راحة للنفس، أخبروني أي كتاب من كتب هذا العصر يستحق أن يعرض في المتاحف بعد سنوات من إصداره طبعا ليس في عصرنا هذا حيث الكتاب بلا قيمة ولا مضمون ولا شيء وأغلب الكتب حتى أشكالها غير مريحة ناهيك عن المضمون والمحتوى. للأسف هناك عبثية منفرة في المونتاج، وفي لوحة الغلاف، وفي الطباعة، وفي شكل الورق والصفحات، بحيث إن صحبة الكتاب أصبحت عبئا، ولو بُعث المتنبي نفسه حيّا هذه الأيام لعاد إلى قبره منتحرا لسوء صناعة الكتب التي يحب صحبتها. وما الفرق بين العناية بصناعة الكتاب وإتقانها، وبين تقبيح الكتاب والتنفير منه إلا قليل من الانتباه، والقليل من الإحساس والتعايش مع الكلمة وترابط الأفكار والقيمة الأدبية والفنية في آن واحد .... بالرغم من كل ما ذكرته إلا أن هناك القليل من الكتاب والأدباء الذين لا زالوا يهتمون بما يصدرونه من كتب وكتابات إنهم عقول ذلك الزمن الجميل الذي مضى إلى غير رجعة تلك القناديل المضيئة المعلقة وسط الريح ووسط عواصف هذا الزمن,, أتساءل بخوف ترى كم من الزمن يستطيع هؤلاء الصمود والبقاء على نفس القيم والمبادئ دون الانهيار أمام فوضى الأدب والإصدارات.
356
| 26 نوفمبر 2012
إن المشهد الثقافي يمتلك ديناميكية لوجود القدرات البشرية الكبيرة والإمكانات الممتازة للمبدعين بشكل عام، سيما وهناك اشتغالات جديدة وتجريبية في مختلف المستويات لكن الحياة الثقافية تفتقد إلى التنظيم والبرمجة والدعم المادي والمعنوي من قبل مؤسسات الدولة وقد لاحظنا بقوة أن حدوث التطور والارتقاء من قبل الوزارة لرعاية الثقافة كان عنصراً أساسيا في الارتقاء بمستوى المشهد الثقافي ليكون متفوقا على المشهد الثقافي في العالم العربي والارتقاء بالثقافة يحتاج لتكاتف من قبل جميع مؤسسات الدولة فالثقافة أساس البناء في كل شيء في كل عمل وفي كل إبداع وفي كل مهنة ووظيفة واصل كل ابتكار هو ثقافة فالفكرة منذ بدايتها تنبع عن ثقافة ولكن لازلنا لا نعير موضوع الثقافة اهتماما فاليد الواحدة لا تصفق والوزارة رغم جهودها الجبارة في الارتقاء بالمشهد الثقافي تبقى هي القوة المحركة الوحيدة للعقول والأفكار فلا الإعلام يساير خطواتها كما هو مطلوب ولا أغلب الجهات المهمة التي تلعب دورا أساسيا في بناء الثقافة ومن المستغرب أن يكون الإعلام هو المهمش الأول للثقافة والمثقفين فلنأخذ أبسط مثال على ذلك وهي الصفحات الثقافية التي هي دوما كبش الفداء في الصحافة، حيث إن الصحف لازالت تعتبر الصفحات الثقافية ممرا سهلا للعبور إلى نشر الإعلانات أو أية مستجدات حديثة فما السبب ياترى لماذا لاتكون للثقافة نصيب من الملاحق المرافقة للصحف بشكل يومي لماذا اصبحت المواضيع الأخرى كالموضة والفن وحتى الملاحق الخاصة بعالم الجريمة تجذب القراء أكثر من الثقافة كما يعتقدون لماذا يعتمدون على الإثارة لجذب الأنظار متجاهلين بذلك إبداعات المثقفين وأخبارهم وحديثهم؟ هل هناك قصور في مستوى الصفحات الثقافية أم أن هناك قصورا في تفكير البعض هل الأسلوب الأمثل لجعل الصفحات الثقافية صفحات مؤثرة ولها وزنها وثقلها الصفحي أمرٌ في غاية الصعوبة؟ رغم أننا لو نظرنا للماضي البعيد لوجدنا في تاريخ الصحافة في الوطن العربي أنها تشكلت أساسا من مادة ثقافية سواء الصحف اليومية أو المجلات وكانت تقريبا أغلب مواضيعها تخوض في عالم الثقافة وتقدم للقارئ أرقى نماذج الشعر والمقال والقصة والتحليل الأدبي حيث كانت المطبوعات بمختلف اتجاهاتها تلعب دورا تنويريا وكنا نلاحظ أن المواضيع الأخرى التي تأخذ الحيز الأكبر الآن في الصحافة لم تكن إلا هوامش وفي أغلب الأحيان لم يكن لها وجود أصلا وكأن الصحافة لم تكن تعترف بوجودها كالفن والغناء والإثارة والجريمة وغيرها من المواضيع التي يعتقد بعض الصحفيين بأنها الدجاجة التي تبيض الذهب ويعتمدون عليها اعتمادا كليا معنى ذلك أن الصحافة تشكلت أساسا من المادة الثقافية التي احتضنتها كل الصفحات فماذا حدث الآن؟ حدث العكس تماما أصبحت الثقافة لا تحظى إلا بمساحة بسيطة وعلى استحياء في كل المطبوعات رغم ثراء مادتنا الثقافية إلا أننا للأسف لازلنا نبحث عن صفحات تحتضنها وبشكل دائم وبإحساس بالالتزام كي لا تكون دوما كبش الفداء أمام موجة الإعلانات التجارية فهل من مغيث؟
380
| 28 أكتوبر 2012
مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...
1038
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...
930
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...
696
| 15 ديسمبر 2025
السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...
669
| 14 ديسمبر 2025
يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...
630
| 19 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...
609
| 18 ديسمبر 2025
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...
591
| 18 ديسمبر 2025
في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص...
588
| 14 ديسمبر 2025
يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...
549
| 16 ديسمبر 2025
لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...
501
| 18 ديسمبر 2025
-إعمار غزة بين التصريح الصريح والموقف الصحيح -...
444
| 14 ديسمبر 2025
يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة...
435
| 15 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية