رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نهاية الفيلم التسجيلي: سقوط صنعاء، لم تكتب بعد، والقادم سيكون أشد درامية ويمكن القول مأساوية، ويخطئ كل من يعتقد أن ما تصوره المخرج للنهاية كان صحيحا أو هو النهاية الحقيقية، وقد سبق أن أخرج الأمريكيون فيلم سقوط بغداد في ساحة الفردوس، وظهر للجميع من بعد، أن نهاية الفيلم كما تصورها الأمريكان، كانت نهاية ساذجة، وأن ما تصوروه نهاية لفيلم سقوط بغداد، لم يكن إلا بداية لأحداث أشد مأساوية لهم على يد المقاومة وللعراق وسلطة الاحتلال التي عينوها، وهاهم يعودون الآن بعد مرور 11 عاما على نهاية الفيلم، للقتال والقتل في العراق.لقد تميز مخرج فيلم سقوط صنعاء بالقدرة الفائقة على متابعة سير الأحداث الحية المحددة، وفي ذلك كان يفترض أن يقدم نموذجا من تلفزيون الواقع، إلا أنه حقق سبقا حقيقيا حين تمكن من تحويل تلفزيون الواقع إلى فيلم تسجيلي. كان السيناريو محددا ومعروفا سلفا- إذ كان المحللون والمتابعون يقولون قبل بداية الأحداث أن الحوثيين ذاهبون للسيطرة على مقدرات الحكم في صنعاء - وما يقال عن المفاجأة والمباغتة والانهيار غير المتوقع للجيش والأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة اليمنية ليس إلا نمطا من التشويق الذي أدخله المخرج على الدعاية الإعلانية للفيلم، ذلك أن كل من تابع معارك عمران وحجة، ومن رأى ردود الفعل الرسمية – العسكرية والأمنية-على حصار صنعاء وإغلاق مداخلها وانتشار المسلحين الحوثيين حول مقرات الحكم في العاصمة -وكأنهم في مزرعة صحراوية -كان يعلم أن الحوثيين قد سيطروا على العاصمة وأن الدولة لن تتحرك، بل هي تركتهم حتى يتمكنوا مكتفية بمتابعة حركتهم، وكان هناك من كانت لديه الخطة التي يسير عليها الحوثيون خطوة بخطوة ويكتفي بمراجعة مراحل الحركة ومدى التزامهم بما اتفق عليه دون خروج عن النص.رصد الفيلم وتابع معركة سيطرة إيران على عاصمة دولة عربية جديدة، لحظة بلحظة، وظهر البطل الحوثي على طريقة الأفلام الأمريكية – منقذا وبطلا منتصرا للخير لا يستطيع أحد أن يواجهه – وهكذا كانت له الكلمة الأخيرة على الأرض خلال أحداث الفيلم وفي بيانه السياسي الذي اختار أن يعلنه بعد أن تحدث الرئيس اليمني، ليظهر الحوثي في موقع الأعلى من الرئيس.وكان لافتا أن حرص المخرج على قيام الممثل الأممي جمال بن عمر -ممثل الوصاية الدولية على اليمن –بدور الشاهد على كل ما كان يجري من أعمال عسكرية للحوثيين الذين زحفوا 250 كيلومترا من صعدة إلى صنعاء ليحاصروها ويقتحموها.ظهر ابن عمر مشاركا في الأزمة وتداعياتها، وحين كان يمر من خلال نقاط السيطرة الحوثية التي أطبقت على العاصمة وفي داخلها، بدا وكأنه مجرد فاعل خير كان مارا بصنعاء فوجد الناس في أزمة مع بعضهم البعض، فتوسط بينهم. لم يتحرك لا ابن عمر ولا مجلس الأمن الذي سبق أن فرض الوصاية الدولية على اليمن ووضعه تحت البند السابع الذي يجيز الفعل العسكري ضد من يخرج على مقررات الحوار أو يحمل السلاح خارج نطاق الدولة. أما الرئيس اليمني فقد حرص المخرج على أن يبدو في وضع المغلوب على أمره طوال أيام الأحداث وأن آخر ما يمكنه فعله هو التوقيع على إعلان انهيار الدولة وانتصار الحوثيين.لكن النهاية لم تكتب بعد. والنهاية التي اختارها مخرجو الحدث الكبير، ليست إلا نهاية حدث من أحداث الفيلم. إذ يمكن القول، بأن معركة تحديد مصير اليمن قد بدأت لتوها، وأن ما رواه الفيلم لم يكن إلا الجانب الأبسط، إذ القادم مأساوي. ويمكن القول بأن الحوثيين قد صنعوا توسعا وحققوا هزيمة لخصومهم بنفس الإستراتيجية التي اعتمدتها إسرائيل حين أنزلت الهزيمة بخصومها في عام 67، لكنها –ومثلها الحوثيون- قد توسعت على الأرض بأقصى مما تستطيع المحافظة عليه، فبدأت نهايتها بأيديها. وكذلك الحوثيون. سار كل شيء وكأننا في فيلم تسجيلي. أنهت الوصاية الدولية مهمتها وسلمت صنعاء للحوثيين، الذين حملوا غنائمهم من السلاح - الذي سرقوه من مقرات الجيش وأرسلوه إلى مقره الأصلي في صعدة. الجيش لم يقاوم أو يواجه واكتفى بالمشاهدة وكان ما يجري هو مجرد لعبة كرة قدم.لكن الحوثيين سيجدون أنفسهم في مواجهة المجتمع اليمني. وتلك بداية نهاية الحوثيين. وسنرى.
2364
| 25 سبتمبر 2014
لم تدع دولتان في الإقليم للمشاركة رسميا في التحالف الدولي الإقليمي العربي للحرب على دولة الخلافة الإسلامية – داعش سابقا، هما إيران وإسرائيل . والأغلب أن الولايات المتحدة كانت صاحبة هذا القرار باستبعاد الدولتين، لكن باتفاق مسبق مع كليهما، قياسا على قرار سابق للولايات المتحدة باستبعاد نفس الدولتين - بالاتفاق مع قيادتيهما- خلال العدوان على أفغانستان ومن بعد على العراق (2001 و2003). وفي ذلك يبدو لافتا أن الولايات المتحدة، استبعدت وللمرة الثانية أكثر الدولتين استفادة من حروبها في الإقليم . لقد خشيت الولايات المتحدة أن تدعو إيران رسميا إلى تحالفها الراهن، وتلك الحرب الجارية، حتى لا تبدو أمام الرأي العام العربي والإسلامي وعلى الصعيد الأمريكي والأوروبي، في وضع المتحالف عسكريا مع تلك الدولة التي ما تزال - الولايات المتحدة- تتحدث عنها بلغة عدائية بطريقة أو بأخرى وبشكل خاص بسبب الخلافات حول برنامجها النووي ومساندتها لنظام بشار. كما خشيت الولايات المتحدة من تأثير دعوتها لإيران على مواقف بعض الدول العربية القلقة أصلا من التحالف والتنسيق غير المعلن بين أمريكا وإيران، خاصة دول الخليج. فضلا عن أن مشاركة إيران في تلك الحرب، سيكون إعلانا بحشد المواطنين السنة في الإقليم ضد التحالف الذي سيبدو طائفيا وموجها ضد السنة، في ظل الأجواء المعادية لإيران، بسبب ممارساتها الإجرامية في ذات الدولتين اللتين تشهدان أعمال القصف (العراق وسوريا). وقد قيل إن القوات الجوية صارت في خدمة الأعمال البرية التي تقوم بها الميلشيات التابعة لإيران.وخشيت الولايات المتحدة إشراك إسرائيل في هذا التحالف الدولي الإقليمي العربي للحرب على دولة الخلافة لنفس الأسباب التي جعلتها ترفض مشاركة إسرائيل رسميا في الحرب على العراق وأفغانستان خلال تحالف زمن جورج بوش .فإشراك إسرائيل في تحالف رسمي مع دول عربية أمر يحرج قياداتها أمام أعين مواطنيها الذين يعتبرون إسرائيل دولة مغتصبة لأرض عربية –فلسطين، أو لأن الرأي العام العربي والإسلامي سيرفض مثل هذا التحالف قبل أن يبدأ وسينظر للدولة الإسلامية على أنها تحارب عدو الأمة الذي يقتل أبناءها -إسرائيل..الخ.غير أن التجربة السابقة لتشكيل تحالف الحرب على الإرهاب في زمن بوش، أثبتت أن إيران وإسرائيل –المستبعدين من المشاركة في تحالف الحرب رسميا-لم تكونا فقط المستفيدتين من تلك الحرب، بل كانتا مشاركتين فيها أيضاً .لقد انتهت الحرب على أفغانستان والعراق بفائزين هما إيران وإسرائيل دون غيرهما من الدول – بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها- إذ كانت الضربة التي تعرض لها الجيش العراقي بمثابة النصر المحقق لكليهما دون أن يطلق جنودهما طلقة واحدة . انفتح الطريق لتعاظم دور ونفوذ وسيطرة إيران في الإقليم، فضلا عن سيطرتها على العراق الذي "حررته " لها القوات الأميركية، وانتهى أمر الجيش الوطني العراقي الذي كان مصدر قلق دائم لإسرائيل في توازنات القوى مع العرب، كما تثبت التقارير أن الطرفين الإسرائيلي والإيراني قد تقاسما الأدوار والمصالح في زمن ما بعد الاحتلال في داخل العراق دون صراع يذكر، مكافأة لهما على المشاركة غير المعلنة في تلك الحروب (على الأقل اعترفت إيران رسميا بمشاركتها في الحرب).وفي الحرب الحالية، تبدو الأمور نفسها، وإن تغير حرف هنا أو هناك في لغة التعبير عن الحرج، وإذا كان هناك من متغير فهو أن الحرب على "الإرهاب" تجري مباشرة في الإقليم، وتستهدف رأس كل المقاومة الوطنية السنية، وبهذا المعنى فإسرائيل وإيران في قلب المعركة بصورة أكثر شمولا. فإيران شديدة العداء لتنظيم الدولة ولكل المقاومة الوطنية السنية، وهي في حرب فعلية ضدها –في العراق وسوريا هى تقتل طائفيا بلا مواربة-وهى متدخلة بالفعل ولا تنتظر التحالف، كما لن يوقفها عدم الانضمام رسميا للتحالف بل الأفضل لها أن تعمل سرا معه وفي العلن تمارس لعبة تنظيف ملابسها من التحالف مع أميركا وإسرائيل. وإسرائيل هى الأخرى في موضع الصراع ليس ضد داعش فقط-وقد حاولت الربط بين داعش وحماس- بل هي في حرب تاريخية ضد السنة العرب.
2276
| 19 سبتمبر 2014
ليس تحالفا دوليا للحرب على الإرهاب، فالعرب والمسلمون يتعرضون منذ سنوات لأشنع أنواع الإرهاب على يد ذات الدولة الداعية لتشكيل هذا التحالف.. بل هي إستراتيجية أمريكية وغربية هدفها الضغط لتحقيق السيطرة الكاملة على قرار الدول والقوى العربية والإسلامية وتحقيق مزيد من اختراقها وتقسيمها أكثر وأكثر، ودفعها للاقتتال مع بعضها البعض، لتكون الحرب سنية – سنية، بعدما فشلت إيران –رغم الدفع والدعم الأمريكي – في إحداث الفتنة الشاملة وتحقيق الخضوع الكامل للإقليم، إذ كانت الثورة العراقية وانتهاء الجيش الطائفي للمالكي إعلانا باندحار الطائفية وإبرازا لقوة المجتمعات على المواجهة وإلحاق الهزيمة بلعبة وفتنة إيران.. هدف الخطة: الحرب على المقاومة.. لا الإرهاب.وإذ يجري الحشد الدولي ضد داعش في صورة حرب دولية أو كونية، فمن يتابع ما يجري يجد العالم في أجواء وأوضاع تشبه ما كان عليه خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية من إعادة رسم خرائط الدول وعوامل ومرتكزات القوة، مع فارق وحيد هو أن الكل محتشد ومنخرط في حرب عسكرية واستخبارية ودبلوماسية وإعلامية ضد طرف واحد ليس لديه كيان دولة، ولا قوات مسلحة حقيقية، أو هو بالكاد لا يملك إلا سيارات رباعية الدفع.. تلك حرب وتحالفات مريبة من أولها إلى آخرها، إذ أمتنا هي من تعانى من إرهاب من جاء يحدثها عن الإرهاب.وإذ تتولى الولايات المتحدة وأوروبا عملية الحشد وقيادة هذا التحالف الدولي للحرب، فذلك يعيدنا إلى أجواء وأعمال الحشد التي قام بها جورج بوش تحت زعم مكافحة الإرهاب أو محاربة تنظيم القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وهو حشد انتهى وتلك حرب انتهت، إلى احتلال أمريكا لأفغانستان ثم العراق دون مواجهة ولا قضاء على تلك القوة التي جرى الحشد ضدها (القاعدة).. الحشد والحرب الحالية بمثابة إعلان بفشل الأولى، إذ القوى التي استهدفتها حرب جورج بوش، توسع دورها ونشاطها ومناطق انتشارها، والفشل وإعادة نفس الأسطوانة هو تأكيد على وجود أهداف أخرى وراء الحرب السابقة والحالية.في كلتا الحربين "بوش أو أوباما"، لا يصدق أحد ما يعلن من أهداف، ليس فقط لأن حشد بوش أدى إلى ارتكاب جرائم إرهابية هي الأخطر والأشد دموية في التاريخ الإنساني ضد الأمة الإسلامية، وإلى احتلال أفغانستان والعراق وباكستان والصومال –على الأقل- ولكن أيضاً لأن هناك إرهابيين واضحين لا لبس في إرهابهم، لا يقترب منهم أحد لا بالتوصيف ولا بالملاحقة.. ففي العراق الآن أكثر من 30 ميلشيا إرهابية تمارس القتل والإعدامات علنا منذ سنوات في العراق وسوريا دون أن يقترب منها أحد، وفي فلسطين جيش إسرائيلي يقتل الآلاف ويعتقل أكثر منهم، دون تحرك دولي ولو حتى بالإدانة الخجولة لذر الرماد في العيون... إلخ.وفي الحشد الغربي على شماعة داعش، عاد أوباما إلى نفس إطار وخطة وإستراتيجية سلفه جورج بوش.. عاد إلى مقولة من ليس معنا فهو ضدنا، لكن بلغة ناعمة تناسب عدم تكرار نفس الألفاظ، فها هو يعلن ويشدد على ضرورة اتخاذ جميع دول العالم موقفا ضد داعش، والأهم أنه يتحرك لأجل حشد عربي وإسلامي بالدرجة الأولى في عمليات القتال الجارية والتي يجري الإعداد والاستعداد للقادم منها.وتلك هي النقطة الأهم والمحور الذي تدور حوله تلك الإستراتيجية.. لسنا أمام حرب عالمية على الإرهاب، بل الغرب يستهدف تعميق اختراق صفوف وأرض العرب ودفع الجميع لقتال الجميع.. أوباما يسعى لحرب سنية – سنية، بعد أن تمكن السنة من إنجاز خطوات كبيرة نحو حسم حالة الصراع مع المكونات الميليشياوية الشيعية على أراضيهم من العراق إلى سوريا إلى اليمن حاليا.. تهزم الفتنة الشيعية – أو تكاد- فيعود أوباما إلى إستراتيجية الحرب السنية-السنية، التي اعتمدها بوش في العراق من خلال "الصحوات في المناطق السنية".لقد هزم العراقيون تلك الإستراتيجية التي اعتمدها جورج بوش في العراق وفي سوريا وفي الإقليم، ولاح أن الدور الذي صنعته أمريكا لإيران بكسر العراق وحل جيشه قد قارب النهاية، وأن المقاومة الحقيقية العاقلة صاحبة المشروع الإنساني صارت تتقدم في فلسطين وسوريا والعراق، فعاد أوباما ليحدث تطويرا لإستراتيجية تشكيل الصحوات العراقية من جديد ولكن على صعيد الإقليم والصحوات ليست في العراق وحده، بل في كثير من دول المنطقة بل هي في معظم دول المنطقة.. ما يجري في فكرة التحالف الدولي والإقليمي ليس إلا إمدادا بالسلاح وتحريرا للمال من جهات باتجاه أخرى في داخل الإقليم، لصناعة التقسيم والحرب داخل السنة العرب.. الهدف هو إنهاء كل عوامل قوة المقاومة السنية في كل مكان.. ولذلك قال وزير الخارجية الأمريكي إن التحالف ضد داعش قد يستمر أعواما.. انتظروا النتائج، وعلى رأسها دخول إسرائيل ضمن إطار التحالف مع الصحوات.. ألم تسمعوا تعبير نتنياهو عن دهشته من هذا الدعم العربي الذي لاقته حملته ضد المقاومة في غزة.. هي حرب صناعة منطقة جديدة!
4244
| 12 سبتمبر 2014
أربع قوى أو أربعة تيارات أو أربع جبهات أو أربعة مشروعات، تتصارع في الشرق الأوسط في هذه المرحلة أو تتصارع عليه، لكنها ليست أربع دول، وتلك أحد أوجه مشكلات الوضع الراهن. إذ لو كان الصراع يجري بين أربع دول، لكانت خطوط الصراع واضحة واحتمالات الحل ورادة بطريقة أو بأخرى، لكن الصراع يجري بين جبهات واسعة الطيف، فكل مشروع تتبناه دول وقوى شعبية وتنظيمات وأحزاب على طول العالم العربي وعرضه، بما يجعل احتمالات الحل بالغة التعقيد . وهو الأمر ذاته الذي يجعل الصراع يجرى في شوارع كل البلدان دفعة واحدة، وعلى مختلف الصعد الدبلوماسية والعسكرية والسياسية، بل يمكن القول أن الصراع يجري من بيت إلى بيت بحكم الصراع الإعلامي الضاري الذي نقل الصراع إلى داخل كل منزل .كان المشروع الأول، مشروع الربيع العربي، قد انطلق في عام 2011 . وهو ككل مشروع فتى، أحدث زلزالا في الإقليم بنقله معركة التغيير إلى الشوارع التي تعودت الركود والصمت، وما يزال. وإن بدا للبعض أنه تقهقر أو تراجع فهو لا يزال على حاله، فقط هو ازداد عمقا وإدراكا ونضجا وجذرية . وأهمية هذا المشروع الذي تصطف في داخله قوى إسلامية ووطنية وليبرالية (حقيقية) أنه يحقق تغييرا جذريا ويقفز بالعرب والمسلمين تلك التي حققت لأوروبا نهضتها .وهو حراك ذو نفس طويل ولا يسير على وتيرة واحدة . وإذا ساندت تركيا وقطر تجربة ونمط الربيع الديمقراطي ولا تزال، فقد بلغ الخوف مداه في دول أخرى في الإقليم فاستنفرت وشكلت محورا وجبهة تضم هي الأخرى دولا وقوى اجتماعية وقوى الثورة المضادة الفاعلة على الأرض وصارت تعلن الحرب في الإقليم على المشروع الأول داعمة المشروع الانقلابي الديكتاتوري الذي أصبح أشد شراسة وعدوانية من النظم القديمة .وهنا وفي ظل الصراع بين المشروعين الديمقراطي وذاك الديكتاتوري، ضاعف المشروع الإيراني من نشاطه الهجومي على طريقته، فتوسع في تشكيل وتدعيم ومساندة فيالقه العسكرية القتالية وشكل أحزابا وفضائيات وجماعات طائفية ميلشياوية . طرحت إيران مشروعها الخاص على نقيض وفي مواجهة المشروعين الأول والثاني، فتعقد الصراع أكثر وأكثر، بدخول العامل الطائفي ومشروع الامبراطورية الفارسية التي طورت مشروعها ورأت في الصراع بين المشروعين فرصة لتصعيد دورها، وهي كانت المسؤول الأول عن تحويل الربيع العربي إلى دمار في بعض الدول –خاصة سوريا والعراق -لتقيم مشروعها على أنقاض الدول الأخرى .وفي مواجهة المشروع الشيعي ومحاولات إقامة الامبراطورية الفارسية وفي ظل التصاعد المؤقت للثورات المضادة على حساب المشروع الديمقراطى، حدثت طفرة في نشاط وقوة الحركات الجهادية أو التى تتبنى العنف في مواجهة مشروع الثورة المضادة من جهة وإيران وميلشياتها وفيالقها العسكرية من جهة أخرى .هي اعتبرت أنصار المشروع الديمقراطي ضلوا الطريق.وهكذا تتجابه وتتصارع على المستقبل العربي الإسلامي، تلك المشروعات الأربعة، والكل منغمس في الصراع، دول وجماعات وأحزاب وجيوش ورجال أعمال، وبات الصراع يتحول هنا وهناك إلى شكل الحرب الأهلية المدعومة من أصحاب مشروعات القمع وإيران، فى مواجهة المشروع الديمقراطي التنموي.وفي ظل هذا النمط المعقد المتعدد الجهات، كان طبيعيا أن تجري الأحداث في متواليات مضطربة، تتقاطع المصالح هنا وتتعارض هناك ويعلو مشروع هنا ويضعف هناك . والسؤال المحوري الآن هو مع من تقف أمريكا وأوروبا ؟.والحق أن الطرف الغربي قد ترك القوى الأربع وحاول أن يظهر وكأنه محايد ليبدو في موقع الحكم، فيما هو قابع في غرفة الإدارة .الغرب يظهر تارة وكأنه مع المشروع الديمقراطي، وقد أمطر ساسته وإعلامه المنطقة برسائل الإطراء على سلمية الربيع عند بدايته، ويضبط تارة أخرى في موقع المساند والداعم والمخطط للثورات المضادة، وتارة أخرى باعتباره حليفا أو راغبا في تمدد إيران وبعثها مشروعها الامبراطوري بالصمت المطبق على نشاطها الميلشياوي الطائفي العسكري . ولا يوجد للغرب موقف أشد وضوحا إلا في مواجهة جماعات العنف.من يفوز بين المشروعات الأربعة؟ لا سؤال إلا سؤال الزمن . فالديمقراطية ومشروعها منتصرة اليوم أو غدا . والأمل أن تقل الخسائر والثمن الذي تدفعه الأمة لأجل بناء نظمها ومجتمعاتها على أساس الحرية.
1924
| 05 سبتمبر 2014
تولد الحرب الجديدة من رحم الحرب المنتهية، طالما لم يخضع أحد الطرفين إرادة الطرف الآخر، وحين تظل القضية التي تسببت في الحرب.. دون حل. والحروب السابقة على غزة سببها وجوهرها وجود الاحتلال وطالما بقى، فالحرب تظل قائمة. فالقضية الأصل التي تسببت في اندلاع 7 حروب كبيرة على مدار القرن وكانت جولة العدوان الصهيوني على غزة إحدى أو آخر محطاتها، هي قضية احتلال فلسطين.الحرب ستجري طالما ظلت فلسطين محتلة، ولا شك أن المقاومة تعلم ذلك، وأنها ستبدأ الاستعداد للحرب القادمة من لحظة وقف إطلاق النار، وقد كان خطاب المقاومة في احتفالات النصر واضحا إذ قال الجميع إن نصر غزة يفتح الطريق لتحرير القدس.الحرب قادمة لا شك في ذلك، وإن كان هناك ما يمنع أو يؤخر الحرب القادمة، فهو ذات السبب الذي يدفع القيادة الصهيونية بمحاولة التعجيل بها، وتلك مفارقة جديدة أدخلها نصر غزة على توازنات قرار الحرب.كان أهم ما جرى في الحرب والعدوان الأخير على غزة، أن الكيان الصهيوني قد تلقى ضربة قاسية لم يكن يتوقعها وهو ما سيجعله يفكر كثيرا قبل الولوج إلى حرب قادمة، غير أن هذا النصر الكبير والمهم لغزة، قد فتح طريقا استراتيجيا واسعا لتفكيك الكيان الصهيوني وليس فقط لتغيير التوازنات، وهو ما سيجعل القيادة الصهيونية في وضع الاستعجال لخوض حرب جديدة!انتصار غزة وضع إسرائيل أمام قرار صعب للغاية، فإن صمتت مدافعها وطائراتها ولم تشرع في عدوان جديد على غزة بعد وقت قصير، فهي تخشى أن تستثمر المقاومة الوقت في تطوير قدراتها بمعدلات أعلى من تلك التي حققت بها هذا النصر، وعندها تصبح الحرب القادمة مغامرة خطرة على الكيان ووجوده، خاصة في ظل الهجوم السياسي الفلسطيني المتوقع بعد اتفاق وقف النار، إذ واحدة من أخطر نتائج الحرب أنها أعطت عوامل قوة حقيقية للمفاوض الفلسطيني وأضعفت الخط المساوم على الحقوق.لكن إسرائيل تدرك في ذات الوقت، أن دخولها الحرب قريبا يعني تلقيها هزيمة جديدة،تكون نتيجتها اخطر من الأولى،فهى حرب مرشحه لاحداث حالة اضطراب حقيقي في داخلها وبتعجيل تغيير كل المعادلات والمفاهيم التي قامت عليها وبررت إمكانات استمرار وجودها أمام مواطنيها. وهي تدرك أنها ستخسر علاقاتها الدولية على نحو خطير وستضع من تحالف معها من العرب المتصهينين في مأزق، قد يؤدي لتغييرات لا تحتملها إسرائيل استراتيجيا، فضلا عن أن مثل تلك الحرب القريبة ستفتح الطريق واسعا لحرب عميقة في الضفة –التي تعلمت درس غزة-وربما تذهب الأمور أبعد إلى أوساط عرب 48، إذ واحدة من ملامح الحرب على غزة، أن خاضها الشعب الفلسطيني موحدا مجتمعيا وعلى صعيد قواه السياسية والمقاومة.القيادة الصهيونية القادمة ما بعد نتنياهو –الذي انتهت حياته السياسية -ستكون في وضع المأزق لا الأزمة.الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة، قد وضعت إسرائيل في وضع الخطر الشديد، ويمكن القول بأنها جاءت تعبيرا عن انقلاب منحنى القوة. فهي دولة قام وجودها على هزيمة الآخر، ويحتشد مواطنوها حول القيادة والجيش باعتبارهم منتصرين – إذ لا مكان لاحتمالات الهزيمة فهي دولة إن هزمت ماتت –وجيشها طالما تباهى بأنه أمن الجبهة الداخلية حتى كان المواطنون يتنزهون على البحر فيما العمليات تجري على أرض الخصوم، وهي دولة طالما تفاخرت بأنها صاحبة العقل الأرقى في التخطيط والإعداد للحرب وخوضها، وكل ذلك قد وجهت له ضربة قاسية على يد المقاومة الفلسطينية في غزة. والأخطر أن الإسرائيليين لن يجمعوا على قرار الحرب الجديدة، كما كان الحال من قبل، فمواطنو محيط غلاف غزة سيفضلون مغادرة إسرائيل لا النزوح مجددا في داخل إسرائيل، وهم لم يعودوا على ذات الثقة في إمكانية النصر. ومواطنو إسرائيل في كل من الوسط وعلى شريط المتوسط يدركون أن الحرب القادمة سيكون وضعهم مثل وضع سكان المستوطنات في غلاف غزة بحكم تطور صواريخ المقاومة.قرار الحرب لن يكون سهلا كما كان. ولا شك أن المقاومة ستواصل استعدادها، تراقب وتحلل وتضع خططا جديدة للمواجهة الجديدة.
766
| 29 أغسطس 2014
يستخدم الديكتاتور قوة جيشه ضد شعبه والقوى السياسية المعارضة له، حين يضعف أو حين يكون ضعيفا في بداية حكمه، فاستخدام القوة إعلان رسمي واعتراف بأن الآخرين أقوى في الشارع وأن تأثيرهم على بقاء نظامه أكبر مما يحتمل، لذا يلجأ للسلاح وهو الذي يحرص دوما على أن يظل مخوفا ومهددا به دون استخدام، ذلك أن القوة إن استخدمت وجرى تحديها، انكسر الخوف وفقد الديكتاتور أقوى أسلحته. وديكتاتور العالم، رئيس الولايات المتحدة يستخدم القوة ضد بلد آخر، حين تفشل كل محاولات إخضاع إرادته عبر الحصار السياسي والاقتصادي وحين لا تجدي وسائل الإعلام نفعا مع الناس وتفشل أجهزة الاستخبارات في تدبير الانقلاب في هذا البلد أو قتل رأس النظام وإثارة الاضطراب والتخريب.. يتحول الرئيس الأمريكي لاستخدام القوة تعبيرا عن قوة جيشه واستخدامه أداة لاحتلال بلد آخر أضعف، وكسر إرادته ووقف تنميته الاقتصادية واستنزاف موارده.. لكن هناك من الحالات التي يكون استخدام الرئيس الأمريكي للقوة العسكرية، تعبيرا عن الضعف لا القوة والفشل لا النجاح. والمثال أمامنا الآن.الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش دخل العراق حربا، وهو، يحمل على ظهر دباباته من قبلوا العمل تحت الاحتلال، ليعينهم في مواقع الحكم – بالمناسبة ليس صحيحا ما تشيعه أجهزة الإعلام الأمريكية والمتأمركة عن خديعة الجلبي وغيره- فقد كان حمل هؤلاء على الدبابات وإدخاله العراق جزءا من العملية العسكرية وضمانة لإقامة سلطة توالى المحتل وتعمل تحت إمرته بعد نجاح الغزو. أما الرئيس الأمريكي الحالي، فهو يحمل ذات العملاء على ظهره لا على دباباته، إذ يستخدم القوة العسكرية لمواجهة فشلهم وهزيمتهم على أيدي الثوار. والمقارنة تظهر أن سبب استخدام أمريكا للقوة العسكرية الآن، هو الهزيمة لا الوعد البراق بالنصر الذي سيطر على عقول الإدارة الأمريكية في بداية الغزو.. دخل بوش العراق بزهو الانتصار العسكري، فيما يتدخل أوباما الآن لإنقاذ سلطة الاحتلال من الانهيار. وقبلها، حين وصل بوش للعراق بقواته فقد كان متأكدا من عدم قدرة الجيش العراقي على المواجهة –لأسباب تسليحية وظروف الحصار المدمر-ويعود أوباما ليقصف العراق الآن، وهو واقع تحت تهديد قوة الثوار على أرض العراق، ولا يستطيع النزول على الأرض كما فعل سلفه.أوباما يحمل العملاء على ظهره ولا يستطيع تركهم وحدهم في مواجهة الثورة والثوار.. وقصفه الآن عنوان ضعف لا عنوان قوة.. فعودة أوباما للقصف دفاعا وحماية لشخوص العملية السياسية – وهم من سبق أن ثبتهم بوش بالقوة العسكرية حكاما لنحو 8 سنوات-يعنى أن ما يستغرق الجيش الأمريكي نحو 8 سنوات لسلطة الاحتلال تجهز عليه مقاومة الشعب العراقي في نحو ثلاثة أعوام هي عمر الانسحاب والهروب الأمريكي من العراق. وأوباما يحمل العملاء على ظهره لأن لا مكان آمن بشكل حقيقي لهم في العراق، فإذا كانت الأوضاع على الأرض في منطقة وسط العراق قد خرجت من تحت سيطرة الاحتلال وسلطته، فقد أصيب هو والإيرانيون بالهلع حين جرت تحركات المرجع الشيعي الحسني فواجهوه وأنصاره بالحرب والقتال. وأوباما يحمل العملاء على ظهره بعد ما صارت المنطقة الكردية المحمية بالحديد والنار في وضع الاشتباك.. وبعد أن سرت أنباء عن تهديد الثوار لمطار بغداد من جهة أخرى.إن ما ينطبق على الديكتاتور الداخلي ينطبق على الديكتاتور الدولي.. وإذ استخدم أوباما القوة العسكرية، ويجري تحديها ويتواصل القتال على الأرض وتظل قوات المالكي – العبادي حاليا- في وضعيتها المتدهورة، فذلك عنوان ضعف الديكتاتور الدولي، وفشل خطة غزو واحتلال العراق، خاصة والتوازنات تتغير بشكل مضطرد لمصلحة ثوار العراق.وإذ يستعد كل ديكتاتور داخلي للمغادرة وقت اشتعال الثورة ضده ووصولها إلى قصر رئاسته، فأوباما يستعد ليوم تنهار فيه سلطة الاحتلال تماما.. ويومها سيقذف بعملاء العملية السياسية من فوق ظهره وستحمل طائراته جنوده ورجال سفارته.. سيتكرر مشهد فيتنام.
633
| 22 أغسطس 2014
مضى المالكي، أو هو يتلكأ في الطريق ويناور ليضمن عدم محاكمته على الجرائم المروعة التي ارتكبها ضد الشعب العراقي، وربما يلجأ لاستخدام القوة، أو هو يهدد بها ليرسم لنفسه طريقا للبقاء في داخل العملية السياسية تحت الحماية الإيرانية، وإن تعذر فالأغلب أنه سيمنح حق اللجوء في طهران إذا صدر قرار من المحكمة الاتحادية لغير صالحه، وقد فعلها الصدر من قبله تحت مسمى رحلة الدراسة في قم.وجاء العبادي، ليحل محل المالكي بعد طول مناورات وصراعات ونزاعات، فكان لافتا في تعيينه عدة أمور، أولها، أن نفس الدول التي أتت بالمالكي، هي نفسها التي أتت بالعبادي، وأنها من تتولى حمايته وقد أظهرت العين الحمراء للمالكي، حين هدد باستخدام القوة العسكرية لمقاومة ما اسماه بالانقلاب على الدستور.وثانيها، إن الإعلام والدبلوماسية الأمريكية والإيرانية ومن لف لفها صارت تقدم العبادي وكأنه خيار الشعب العراقي، وكان هذا التغيير سيؤدي لبناء وضع جديد مختلف في العراق. وهو ما يؤكد استمرار التمسك بالعملية السياسية المسخ التي تتحكم بمصير حكم العراق .وثالثها، إن اسطوانات مسجلة جرت إذاعتها في كثير من المحطات الفضائية، تبشر بأن حكومة العبادي ستتشكل من كافة أطياف الشعب العراقي، والقصد أن يجري تحميل المالكي وحده ما جرى ويجري وكأن الآخرين لم يكونوا شركاء!وفي الخلفية ظهرت الحقائق بقصد أو دون قصد، إذ تحدث الرئيس الأمريكي عن استعداد أمريكي للتدخل العسكري– الأشد مما هو حاصل طبعا- إذا اتفق العراقيون، وانتهز الرئيس الفرنسي الباحث في كل مناطق الأزمات عن فرصة لإثبات الوجود، مكررا ذات المقولات سياسيا وعسكريا ..الخ . فهل يختلف العبادي حقا عن المالكي أم أن العبادي هو مالكي جديد لا أكثر ولا أقل، وأن ما يجري ليس إلا غرفا من ذات الدست، كما يقال؟والإجابة واضحة . فالمالكي لم يصبح هكذا، بسبب النوايا العدوانية وهوسه الطائفي فقط، لكنه ارتكب جرائمه طوال السنوات الماضية، تحت عين وبصر الجميع . وهو قتل وعذب وأعدم ومارس أشد السياسات إغراقا في الطائفية والميلشياوية، إنفاذا ورعاية لمصالح المحتلين. هو لم يفعل ذلك لا سرا ولا دون دعم من رعاة سلطة الاحتلال عسكريا وسياسيا وإعلاميا ودبلوماسيا وقانونيا. كان الدعم الأمريكي والإيراني واضحا، والسبب أن المالكي لم يرتكب كل تلك الجرائم إلا تجاه ذات الأطراف التى قاتلتها أمريكا وإيران ولا تزال تقاتلها أو تقتلها.لكن الأهم أن المالكي لم يجبر على ترك مكانه والتنازل عن حلم الولاية الثالثة بمبادرة لا من أمريكا ولا من إيران، وإنما تحت ضربات الثوار، الذين دحروا الجيش الذي شكله الاحتلال وأصبح المالكي قائدا له، وباتوا يهددون العاصمة بالاقتحام وإعادة تشكيل نظام وطني عراقي مناقض للعملية السياسية التي شكلها ويسيطر عليها الاحتلال.ما يجري الآن من تحركات وتصريحات بعد وصول العبادي والصراع مع المالكي ليس إلا محاولة، إعادة تثبيت سلطة الاحتلال التي تهاوت تحت ضربات الثورة الوطنية العراقية، وإعلانات الدعم السياسي والعسكري والديبلوماسي للعبادي، هي إعادة وتكرار لمشهد مساندة ودعم المالكي في مواجهة علاوي الذي فاز في الانتخابات قبل الأخيرة . لقد حول المالكي الحكم والعملية السياسية والجيش إلى حالة شيعية ميليشاوية محضة، على حساب كل الأطراف الأخرى المتعاونة مع الاحتلالين الأمريكي والإيراني - التي تتحدث بتمثيلها لمكونات أخرى في العراق -بما أدى لانصرافها بعد انفراد المالكي بجني المكاسب. المالكي غير قواعد اللعبة التى أسسها الاحتلال وأنهى ما شددت عليه أميركا بضرورة وجود نظام سياسي شكلي يظهر أمام العراقيين وكأنه حكم يمثل كل الطوائف والمكونات السكانية، ويخفى جوهره كحكم موال وخاضع للدول المحتلة. الآن يجرى استعادة ذات المشهد والغرف من نفس "الدست" وبيد المحتلين أنفسهم وبنفس خطة تقاسم المصالح والنفوذ داخل العراق، من قبل المحتلين الذين لم يتحركوا ولم يقصوا المالكي ويأتوا بالعبادي، إلا لأن مشروع احتلال العراق بدا يتلقى ضربات قوية وحاسمة، إذ الثورة تتطور وتتقدم في كافة أنحاء العراق .تلك هي سياسة الاحتلال .وتلك هي العملية السياسية التي شكلوها .وهذا هو نتاجها السابق والقادم. والعبادي هو مالكي جديد وربما محسن!
1707
| 15 أغسطس 2014
انتصرت المقاومة لأن عدوها لم يحقق أهدافه، وما الحديث عن هدف تدمير الأنفاق إلا محاولة لصناعة هدف غائم تخفي إدارة نتنياهو خلفه فشل حملتها وعدم قدرة جيشها وفق الخطة التي حددت للعدوان على تحقيق أهدافه.. وانتصرت المقاومة لأن الشعب الفلسطيني دخل المعركة وهو في وضع الانقسام بين قواه السياسية فضلا عن تبنى كل تيار لنمط وأهداف تختلف عن الآخر، وخرج من المعركة وهو على قلب رجل واحد، بما يمنع تلاعب بعض القوى بوحدة الشعب مجددا.وانتصرت المقاومة لأنها منعت جيش الاحتلال من إنفاذ إستراتيجية الحرب الوقائية والحسم السريع ودفع عدوه إلى دائرة رد الفعل – كما حدث في الحروب السابقة بين هذا الجيش والجيوش العربية- ولأنها حولت العدوان الخاطف إلى حرب ممتدة متواصلة، أكرهت خلالها هذا الجيش على التحول إلى وضعية الدفاع بمفاجآتها الهجومية خلف خطوطه، فضلا عن منعها له من ممارسة هوايته الإستراتيجية الدائمة باحتلال الأرض ثم التفاوض على تركها بمقابل سياسي كبير. وانتصرت المقاومة حين تمكنت باحترافية عسكرية – تخطيطا وإعدادا مسبقا- من شن هجمات مضادة عبورا من تحت الأرض ومن جوف البحر، بما أضعف الروح المعنوية لقادة وجنود الجيش الصهيوني وأربك خططهم ووسع حشدهم للقوات العسكرية على الحدود وفي القتال، بما أتاح فرصة أوسع للمقاومة لقتل عدد أكبر من الجنود.. وانتصرت المقاومة حين أجبرت القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية على تغيير قراراتها بشكل علني، فإذ أصرت إسرائيل والولايات المتحدة خلال مفاوضات الهدنة الأولى -72 ساعة-على استمرار قواتها في أعمال القصف والقتل واستمرار بقائها في تلك الأمتار الخالية التي توغلت فيها، فقد أجبرت وبدون اتفاق ولا إعلان مشترك على سحب قواتها مع بداية سريان الهدنة الأخيرة، إذ لم تبق أي جندي ولم يقصف مدفع واحد ولا طائرة واحدة.. والفضل هنا لتلك العملية التي جرت في رفح قبل بداية الهدنة السابقة التي أعلنت إسرائيل أنها ستجرى مع استمرار احتلال الأرض ومواصلة القصف. بعد عملية رفح، أدرك الإسرائيلي أن المقاومة قادرة على مواصلة القتال وأنها لن تخدع وأنها لن تتركه يحتل شبرا من الأرض يفاوض على الانسحاب منه. وانتصرت المقاومة أخلاقيا وإعلاميا عدة مرات.. فهي لم تقتل إلا جنودا إسرائيليين فيما الجيش المعادى لها لم يقتل بالدرجة الأولى إلا مدنيين، وهي أوقفت العالم على أقدامه وأثبتت أن لا حيلة للجيش العدو أمام قدرتها، حين أعلنت عن موعد قصف تل أبيب، وطلبت من الإعلام العالمي متابعة ما سيجري ونفذت ما وعدت بما هز صورة ومكانة الجيش العدو أمام السكان وهز صورة القيادة السياسية.صاروا عاجزين، فيما المقاومة باتت هي القادرة.. وانتصرت المقاومة حين تمكنت من نقل المعركة السياسية إلى داخل صفوف خصمها وعدوها، إذ كل المحللين الإسرائيليين تحدثوا عن أن لحظة وقف إطلاق النار على غزة، هي ذاتها لحظة إطلاق النار في القدس وتل أبيب بين الفرقاء السياسيين الذين يحملون بعضهم البعض أسباب فشل جيشهم وقيادتهم السياسية.وانتصرت المقاومة حين أربكت خطوط العلاقات الإسرائيلية الأمريكية وأوصلتها إلى درجات التلاسن والهجمات، والهجمات المضادة علنا، بما جعل كيري يكشف عن نصر المقاومة، حين كشف النقاب عن أن نتنياهو هو من طلب منه التدخل لوقف إطلاق النار.. وانتصرت المقاومة بفعل ما حققته من مواقف رسمية دولية وشعبية عالمية تدين إسرائيل وتكشف حقيقة مواقفها وتنهى الصورة المزيفة التي أنفقت على نشرها في كل مكان.وانتصرت المقاومة حين كشفت كل حلفاء الصهاينة، عربيا وإقليميا ودوليا وعرت صورتهم أمام شعوبهم، وهو أمر له ما بعده، بل أن المقاومة نجحت في كشف التحالفات الإقليمية والدولية المستترة وفضحها من خلال صمودها.. وانتصرت المقاومة حين أدى صمودها وقوتها ومفاجآتها العسكرية وقدراتها السياسية على نيل ثقة المواطن الفلسطيني وتعزيز ارتباطه بالمقاومة، وهدف تحرير الأرض عبرها.. كان صمود الشعب في هذه الجولة مرتبطا بكل المعاني التي صمد على أساسها في جولات العدوان السابقة وتحمل خلالها كل الآلام، وزاد عليها في هذه المرة، أن رأى الشعب قدرة المقاومة على منع العدو من الاحتلال وإجبار عدو الشعب الفلسطيني على دفع ثمن باهظ من دماء جنوده، فتحولت المقاومة بحق إلى جيش الشعب الفلسطيني.وبانتصار المقاومة لم تنتصر هي ولا غزة وحدهما، بل انتصر الشعب الفلسطيني.. الشعب الفلسطيني هو من انتصر.. تلك حرب ممتدة منذ قرن من الزمان تتبدل فيها عناوين المقاومة وحركاتها ومناهجها والثابت هو هذا الشعب الذي لم يترك مكانا يتواجد فيه إلا وقاوم منه ومن خلاله، ونضاله هو من أنتج المقاومة ونصرها.
887
| 08 أغسطس 2014
لم ينكسر أهل غزة تحت ضغط إجرام الجيش الأكثر دموية وفتكا بالبشر، على مدار ثلاثة حروب.. احتمل أهل غزة سقوط آلاف الشهداء وتدمير آلاف المباني فوق رؤوس ساكنيها، والحياة بلا مياه ولا كهرباء، وواجهوا بوعيهم أشد آلات الإعلام تزييفا وخداعا، دون أن يتخلوا للحظة واحدة عن المقاومة أو يفقدوا ثقتهم بها.. وبذلك حقق أهل غزة، الانتصار تلو الآخر، فالمقاومة ليست هى من ينتصر بالدرجة الأولى بل أهل غزة- شعبها أو مواطنوها- بصمودهم ودعمهم للمقاومة التي هي جيش الشعب الذي لا يتواجد ولا ينشط إلا بدعم الشعب.ومثلها احتمل أهل الفلوجة والرمادي وبغداد وكابل وقندهار، إجرام الجيش الأكثر عدوانية والأعلى في تكنولوجيا القتل، ودفعوا الثمن تدميرا وقتلا ومذابح وقصفا باليورانيوم المنضب، دون أن تهتز ثقتهم بالمقاومة التي حاربت لتحرير العراق وأفغانستان.وهكذا الحال في كل بقاع الأمة، التي تشهد أقسى مرارات القتل والمذابح العمياء وتقاتل أعتى الجيوش إجرامية بصدور عارية من فلسطين إلى أفغانستان إلى العراق إلى سوريا وليبيا والصومال وإفريقيا الوسطى.لم نسمع عن شعب تبرم أو تهرب من دفع التضحيات عبر تاريخ تلك الأمة . صمدت الشعوب وقدمت الضحايا مثلما قدمت في ظل حكومات وقيادات دول، لم تكن على قدر مستوى تلك التضحيات .وتلك كانت المأساة التي جعلت كل تلك التضحيات تجري بلا مقابل حقيقي طوال سنوات طويلة مضت، حصدت الملايين من شهداء الأمة.لكن الطريق الآن صار مختلفا .الآن لا تكشف الشعوب مجددا عن قدرتها فقط، وإنما هي تسجل في التاريخ أنها تمكنت من تحقيق ما عجزت عن تحقيقه الحكومات والجيوش الرسمية .الشعوب تعيد رسم طريق الانتصار - خطته وهيكل قيادتها - وتعيد صياغة "فكر الاستقلال".تلك رسالة الشعوب إلى الحكام والمثقفين، وتلك رسالة الشعوب الحاسمة إلى الخصوم والأعداء .الآن يعاد رسم وصناعة تاريخ الأمة بفهم جديد مختلف، ويعاد رسم طريقة القيادة في مواجهة الخصوم والأعداء بشكل مختلف عن ذاك الذي كتب وجرى وساد عند تشكيل الدولة الوطنية الحديثة، التي حصلت على مشروعيتها بعد التحرر من حكم الاحتلال المباشر من خلال اعتراف الأمم المتحدة بها وهي منظمة يسيطر عليها ذات المستعمر أو ذات الحكومات والدول التي كانت تحتل الدول الإسلامية.تسجل الشعوب تضحياتها في صفحتها، هي هذه المرة عبر ممثلين جدد لها مختلفين في الفكر والإخلاص عن هؤلاء الذين حضروا أو أحضروا لاستلام السلطات وتشكيل الدول والحكومات بعد الاستقلال السابق.ولذلك تحتدم المعركه بأعنف مما جرى من قبل، إذ كل الخصوم والأعداء يعرفون أن ما يجري هو حالة مختلفة اختلافا كليا عن معارك الاستقلال القديمة وعن المعارك التي جرت بعد الاستقلال.وهذا هو سبب شراسة الإجرام ضد الشعوب وتحالف الخصوم والأعداء والصمت على جرائم يندى لها الجبين الإنساني.كانت معارك السنوات الأخيرة – في الستينات والسبعينات والثمانينات- عمليات مخططة لإخضاع الحكومات التي حكمت بعد الاستقلال لإعادتها إلى الحيز الذي رسم لها – حين تشكلت- بعدما خرجت عن بروازه خلال مرحلة الحرب الباردة بفعل المساحة التي أتاحتها التناقضات الدولية الرئيسية فى تلك المرحلة.. وقد أعيدت وخضعت كلها تقريبا مع نهاية القرن.ولذا، فالأهم فى ملحمة غزة والفلوجة وكل المدن العربية والإسلامية، أنها لا تجري تحت قيادة هذا الصنف من الحكومات والقادة، ولا تجري داخل إطار ومنظومة الوضع الدولي المهيمن عليه من الدول الاستعمارية، بل هي ملاحم تصنع البديل للحكومات والنظم وتمثل بداية إعادة ظهور القطب الإسلامي على الصعيد الدولي .هي معارك تصنع بديلا لتلك النظم التي تشكلت بعد الاستقلال ووصلت لخط النهاية، بعدما استسلمت.الشعوب تثبت قدرتها وتتولى القيادة عبر ممثلين حقيقيين لها وترسم ملامح وعناوين أخرى جديدة للاستقلال الوطني.فالأهم في معركة غزة الراهنة، أن الشعب الفلسطيني – وهو النموذج الأرقى في جهاد الأمة – يصنع تاريخا جديدا،عنوانه الرئيسي ليس فقط تحرير فلسطين على طريقة سايكس بيكو، بل تحقيق الاستقلال الفعلي للأمة عبر إلحاق الهزيمة الكاملة بالمشروع الغربي الصهيوني.. كل معركة تمثل جزءا من معركة كبرى جارية في كافة الأرجاء لتحرير الأمة.
1729
| 01 أغسطس 2014
ظنوا أنها المعركة الختامية، وبعدها ستسيطر إسرائيل على الإقليم وتصبح رئيسا لمجلس إدارته، في ظل انسحاب وضعف الدور الأمريكي وتنامي وظهور أو خروج التحالف بين دول عربية وإسرائيل للعلن، فسارعوا بتقديم أنفسهم بلا خجل أو دون مراعاة لما كانوا يراعونه من قبل.كانت مفاجأة للرأي العام والمثقفين أصحاب المواقف – ولكل البشر الأسوياء - أن صاروا يسمعون في أجهزة إعلام عربية وبلسان عربي دفاعا صريحا عن إسرائيل واتهاما ضاريا لحماس بالإرهاب ومطالبة بإنهاء ظاهرة حماس الإرهابية وتخليص الشعب الفلسطيني في غزة من حكم الإرهاب، وكل ذلك أثناء معركة عسكرية وفي ظل عدوان عسكري يقتل الأطفال والنساء في غزة. ذهل الجميع حين سمعوا "عربيا" يقول إن المقاومة هي سبب موت المواطنين الفلسطينيين، وأن إسرائيل تقدم خدمة للعرب والفلسطينيين بل للإسلام بأعمالها القتالية التي تستهدف رأس حماس، الإرهابية، التي تشوه الإسلام!عقدت المفاجأة أو الصدمة ألسنة البعض، فيما تحرك لسان آخرون وقالوا: إن بعضا في إسرائيل أشد إنسانية من هؤلاء، ففي إسرائيل من يطالبون حكوماتهم بوقف المجازر الجارية، فيما هؤلاء الناطقون بالعربية يدعمون الجرم الإسرائيلي.غير أن الأمر لم يأت فجائيا، فقد كتبت منذ عام 2005 وفي جريدة الشرق ذاتها،عن هؤلاء الذين تجرى عملية إعداد وتدريب لهم، وأطلقت عليهم المتصهينون العرب الجدد أو المارينز الجدد، ووقتها تصور البعض أن الأمر مجرد مبالغة.الآن يوقع هؤلاء رسميا في دفتر الولاء لإسرائيل والصهيونية العالمية، ومن فضل الله أنهم أسفروا عن دورهم ومواقفهم وفق قراءة خاطئة وفي الوقت الخاطئ، إذ تصوروها معركة انتصار إسرائيل وسيادتها على الإقليم العربي ونهاية المقاومة بكل أشكالها، قياسا على التراجعات الجارية في الإقليم.وإذا كان سفور مواقفهم قد فاجأ وأذهل الكثيرين، فقد فاجأت وأذهلت المقاومة الجميع بأعمالها القتالية – أما المتصهينون فقد صعقوا - التي أظهرت أو كشفت مدى "الانحدار" الذي بلغته إسرائيل، لا الحرفية والقوة التي بلغتها المقاومة فقط.أوقع المتصهينون العرب أنفسهم في فخ كبير.قامت قراءتهم على أن الولايات المتحدة تراجع دورها لمصلحة ودور حليفتها الإقليمية، وتصوروا أن إسرائيل ستصبح رئيس مجلس إدارة الإقليم، بعدما جرى للربيع العربي من انتكاسات هنا أو هناك، وأصاب تقديرهم العوار حين تصوروا بأن الألاعيب الإعلامية - التى جربوها وأتقنوها خلال الثورات المضادة - ستنجح هنا أيضاً في تضليل شعب يثور ويقاتل لاسترداد وطنه منذ نحو القرن. ولم يدركوا حجم التغييرات التراكمية التي جرت في الإقليم على صعيد التوازن مع إسرائيل وعلى صعيد بنيانها الداخلي كله، بعد معاركها العديدة مع المقاومة.لم يدركوا كيف أن المقاومة هي من صارت تقيل وتنهي دور قادة الحياة السياسية في إسرائيل من أولمرت إلى إيهود باراك، والآن جاء الدور على نتنياهو. وأن حرفية المقاومة – لا دفاعها عن الحق فقط - صارت أعلى من حرفية الجندي والضابط الصهيوني. فاجأتهم المقاومة بما حققت من شل الحركة الاقتصادية والتجارية والسياحية، ومن هجوم استباقي عبرت فيه حدود غزه لتضرب خلف جنود الاحتلال قبل العدوان البري، وبقدرتها على إيصال صواريخها إلى كل مكان في فلسطين. والأهم أن كشفت المقاومة الدولة والمجتمع الصهيوني أمام النفس وطرحت عليه أسئلة الوجود لا أسئلة الصراع، إذ المجتمع الصهيوني لا يستطيع البقاء في ظل جيش يمكن أن يهزم أو لا يستطيع حسم معاركه في أيام، وقد وصل الخبراء لتلك الخلاصة، إذ جاءت إنجازات وانتصارات المقاومة تراكما في الواقع وعلى الأرض عبر حروب أربعة، جسدت في العقل الإسرائيلي أنه لا بقاء في هذه الأرض.ظهر الجندي والضابط الإسرائيلي خائفا ومترددا بعدما واجه قتالا محترفا من قبل المقاومة. وهكذا ضرب المتصهينون ضربتهم وفق حسابات خاطئة، فانكشفوا أمام الجميع وصاروا يبحثون الآن عن طريق للخروج من المأزق أو عن دعايات إعلامية لمداواة فضيحتهم، فصار بعضهم يظهر حرصا – كاذبا - على دماء الفلسطينيين مزايدا على المقاومة وقادتها، وتحول البعض الآخر للالتفاف على نصر المقاومة بألاعيب صبيانية، كالقول بأن أعداد الشهداء الفلسطينيين أضعاف القتلى الإسرائيليين، فرد عليهم العامة بأن الجزائريين قدموا مليون شهيد والعراقيون قدموا ما يزيد، وأن المقاومة قتلت عسكريين إسرائيليين ولم تقتل مدنيين – بما دلل على قوتها وحرفيتها - وأن لا شعب جرى احتلال أرضه وحررها إلا بالتضحيات الجسام، وهكذا عادوا إلى ممارسة الخداع والتضليل، لكن بعد أن كشفوا أنفسهم وحقيقة ولائهم.
1468
| 25 يوليو 2014
فشلت القيادة الإسرائيلية عسكريا،أو لنقل أن مفاجآت المقاومة، كشفت فشل القيادتين السياسية والعسكرية،والاستخبارية بطبيعة الحال،بما وضع إسرائيل في حالة الهزيمة.هنا جرت تحركات لإنقاذ إسرائيل وفق اللعبة التقليدية –باستخدام ألاعيب التفاوض لتحويل الهزيمة إلى نصر-كان الأبرز فيها تلك المبادرة التي حملت كل المخاطر على هذا النصر الفلسطيني الأول من نوعه في تاريخ الصراع والحرب الفلسطينية الإسرائيلية.وهي حالة تذكر بكل ما جرى خلال حروب إسرائيل ضد المقاومة،وإن غاب عنها الآن التحرك الأمريكي المباشر-في زمن كونداليزا -إذ تبدو إسرائيل نفسها قلقة من فتح مساحة للتدخل الأمريكي –بسبب حالة الضعف الأمريكية-فجرى التحرك عبر الحلفاء الإقليميين،وبعضهم يعتبر أن استمرار قوة إسرائيل أساس للتوازن الإقليمي الذي يضمن بقائهم في سدة الحكم.جرت الحركة الأولى بإعلان الحاجة إلى قوات دولية تحت عنوان توفير الحماية للشعب الفلسطيني.وقد رأى فيها الكثيرون محاولة لإخضاع المقاومة للقوانين الدولية المتحكم فيها أمريكيا،ووضعها في مواجهة قوة عسكرية ستأتي غالبا من أطراف غربية أو من حلف الأطلنطي،وهو طرح سبق أن ظهر خلال الحروب السابقة ضد غزة ورفضته المقاومة.لكن الحركة الأخطر،كانت ما سمي بمبادرة وقف إطلاق النار من طرف واحد هو إسرائيل.وهي مبادرة كان يعلم الجميع أنها مرفوضة،ولذا جرى النظر لها كحالة من حالات الألاعيب السياسية التي تحاول دفع الساحة الفلسطينية للاختلاف وسط آتون المعركة-فتصبح السلطة من جانب والمقاومة من جانب آخر-وأنها عملية تستهدف عزل المقاومة داخل حدود غزة،والإطاحة وإنهاء أو إضعاف،ما حظيت به من غطاء جماهيري حركي وثوري في الضفة وداخل الخط الأخضر وتحقيق هدف إجهاض تجربة الحكومة الفلسطينية التي أنجزها الاتفاق الوطني الفلسطيني،والأخطر أنها جاءت لتشكيل غطاء ومظلة سياسية وإعلامية لبدء الجيش الإسرائيلي الهجوم البري الذي يلوح به شارون الوقت (نتنياهو) الذي يجد نفسه في مهلكة سياسية -أوقع فيها نفسه وأمسكت المقاومة بقرنيه وصارت تديره -تجعله في موقع الخسارة المتصاعدة.نتنياهو بين احتمالين كلاهما مر،فإما أن يرضخ لشروط المقاومة لتحصل المقاومة على نتائج نصرها،أو أن يهرب للأمام فيقوم بأعمال برية لمحاولة تعديل توازنات القوى التي حققتها الصواريخ المقاومة داخل المجتمع الإسرائيلي وعلى صعيد الوضع الإقليمي.هي ألاعيب سياسية ودبلوماسية تشابه ما رأيناه في العدوان على لبنان،لكن المقاومة في غزة والجمهور الفلسطيني ليسا في وضع يقبلون به بوجود قوة يونيفيل جديدة،ولا بوقف أبدى لإطلاق النار يحقق لإسرائيل استقرار ومجانية احتلالها واستمرار الحصار وبقاء الأسرى في السجون.والسبب لا يتعلق بالوعي الفلسطيني ولا بسابق التجربة فقط،بل بطبيعة المقاومة الفلسطينية والصراع الجاري في عمق عظم القضية الفلسطينية،وبأن السلطة الفلسطينية لا يمكن لها أن تقوى بعدما فعله نتنياهو معها خلال السنوات الماضية،على الوقوف في الموقع الوسط –وقد نفى الرجوب أن تكون السلطة جزءا من المبادرة-ولأن الولايات المتحدة وحلفاءها في الإقليم صارت أيديهم مغلولة في هذه المرحلة-وقد قل عددهم- وكذا لأن العالم الإسلامي يشهد نهوضا وزخما في القدرة،إذ لا يمكن الفصل بين الوضع الذي أنتج مارد الثورة العراقية والذي أنتج مارد الثورة والمقاومة الفلسطينية،ولا بين تلك الأوضاع وعدم قدرة الثورة المضادة في ليبيا على تحقيق نصر.الوقت والزمن والعنصر الإنساني وطبيعة الصراع والأزمة ونتيجة المفاوضات مع نتنياهو،تجعل الوضع مختلفا،كما أننا لم نعد أمام مقاومة مربوط قرارها بمصالح إيران وملفات سياساتها الخارجية وبسوريا بشار.المقاومة يدها العليا في الحرب الجارية الآن،وكل المحللين الاستراتيجيين يعلمون أن المقاومة صارت الآن في وضع يسمح لها بترجمة النصر العسكري إلى سياسي وليس العكس،وأن محاولات نتنياهو إيهام نفسه وغيره بأنه قادر عبر الغزو البري بما يقلب المعادلات هي حالة موهومة،ولو كان الأمر كما يقول نتنياهو ما تردد لحظة في بدء الهجوم.
714
| 18 يوليو 2014
تفرض المعركة الفلسطينية – الإسرائيلية الجارية معادلات جديدة للصراع، على صعيد توازن الرعب الذي طالما حاولت إسرائيل إنهاءه وفشلت عبر الحربين السابقتين. والآن لا يفشل الجيش الإسرائيلي فقط، بل تثبت المعارك مدى تصاعد قوة وقدرة المقاومة في غزة على فرض شروطها في مرحلة ما بعد تلك الحرب، وذلك ما يفسر تلك الحالة الجنونية من هدم المنازل فوق رؤوس المواطنين وهدم مباني كل المؤسسات في غزة واستخدام الطائرات الحربية ثابتة الجناح والمدفعية والزوارق الحربية في عمليات ضد مجموعات مقاومة.وتظهر الوقائع أن غزة تتحرك في هذه الحرب وفق خطة سياسية وإستراتيجية أشد وضوحا من كل ما سبق، متخلصة من أخطر نقاط الضعف التي أصابت المقاومة الفلسطينية، واستغلها الجيش الإسرائيلي في صراعه وحروبه ضد المقاومة لسنوات طوال. ويمثل تشكيل غطاء سياسي لمقاومة غزة عبر الحراك الجماهيري والثوري في الضفة الغربية والقدس وداخل الخط الأخضر، تطورا نوعيا مهما في إدارة المعركة، فضلا عن أنه يمثل إعلانا عمليا بفشل كل الخطط والمحاولات التي جرت وبتركيز شديد لعزل غزة عن الشعب الفلسطيني وتحويلها إلى حالة منبوذة فلسطينيا. كانت تلك أحد أهم أهداف القصف والتدمير في الحروب السابقة وللخطط الإعلامية وأساليب الحرب النفسية، وللانقسام الفلسطيني أيضاً . وفي قيام فصائل المقاومة بالتحول إلى الهجوم البري داخل الأرض المحتلة عام 48، سواء ضد قاعدة زبكيم العسكرية أو من تفجير أحد الأنفاق، وبوصول صواريخها إلى تل أبيب وحيفا وإلى منزل قرب مقر سكن نتنياهو، هو بمثابة إعلان مدو ليس فقط باستعدادات المقاومة وعدم قدرة الجيش الإسرائيلي على مفاجأتها بالعدوان، بل هي مؤشرات لحدوث تطور نوعي بالغ الأهمية في قدراتها التخطيطية والتدريبية وعلى صعيد أسلحتها وإدارتها للأعمال القتالية باحتراف، إذ جرى قصف مفاعل ديمونة ومصانع وغيرها من عصب الصناعة الإسرائيلية. وجاءت كلمة خالد مشعل مليئة بالدلالات هي الأخرى، فهي شملت إعلانا بالاستعداد للتفاوض على صعيد دولي وتوجها لكسب الرأي العام العربي والإسلامي والدولي، وجسدت خطة أن المعركة لن تجري على أساس محلي في غزة، بل هي تدار من الداخل والخارج. وفي خطاب مشعل دلالة مهمة يجب أن يلتقطها جميع الداعمين للمقاومة، وهي أنها الفرصة التي تمنحها المقاومة لإعادة ترتيب أولويات الصراعات والملفات والحروب الأهلية في إقليمنا المضطرب، إذ القضية الأصل عند الأمة، هي من تشهد صراعا حربيا الآن.لقد حملت المعارك –على الصعيد الميداني- اعترافا من الجميع بما في ذلك إسرائيل، أن صواريخ المقاومة ليست مجرد "بمب"، وأن تصويبها قد أصبح دقيقا وبعيد المدى، إذ وصلت إلى تل أبيب وأهم مطارات إسرائيل المدنية والحربية، ولم يعد من مكان في الجنوب والوسط لا تطاله الصواريخ، بما في ذلك مفاعل ديمونة النووي الذي جرى الإعلان عن احتمالات حدوث تسريب كيماوي به جراء الصواريخ على الصفحة الرسمية للجيش الإسرائيلي، قبل أن يجري التراجع والنفي والقول بأن الصفحة جرى اختراقها، ولذلك حساسية شديدة على الإسرائيليين وعلى أوضاع الاقتصاد والأمن، إلى درجة هدم استقرار المجتمع الإسرائيلي إلخ . قفزت معادلة توازن الرعب، إذ لا تعلن أجهزة الإعلام الإسرائيلية الآن حجم الإصابات والآثار التدميرية معنويا وماديا، حتى لا تتأثر معنويات الإسرائيليين وتكسب المقاومة زخما فلسطينيا وعربيا وإسلاميا، إذ وسائل الإعلام الإسرائيلية خاضعة لرقابة صارمة من مخابرات الجيش، وبعد نهاية الحرب سيكشف حجم الخسائر والإصابات والقتلى. ومضى الزمن الذي كانت إسرائيل تقصف الفلسطينيين وتقتل وتشرد وتطرد دون ثمن –حين لم يكن للشعب الفلسطيني مقاومة حتى عام 67 –وتطورت قدرة الردع من العمليات الاستشهادية إلى الصواريخ في الحربين السابقتين، والآن تتطور عملية الردع وتصبح أقرب إلى توازن رعب حقيقي –كما ستكشف مجريات ما بعد الحرب .وستفرض غزة شروطها التي لم تعد – وفق مشعل- مقتصرة الآن على ما كانت عليه من قبل، من عدم القيام بأعمال الاغتيال بغزه ووقف القصف والاعتداء عليها، بل صارت تتعلق بكل فلسطيني على الأرض الفلسطينية، من في السجون ومن يتظاهر في الضفة وداخل الخط الأخضر، ومن يعيش في غزة. وإن كان هناك في الإعلام العربي من يساند إسرائيل في المعركة عبر الهجوم الآن على حماس، فكم سيعاني هؤلاء من إحباط ويأس وانكشاف لدورهم ومكانهم وولائهم الحقيقي.
963
| 11 يوليو 2014
مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...
1134
| 18 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...
1062
| 22 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...
693
| 18 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
660
| 21 ديسمبر 2025
يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...
660
| 19 ديسمبر 2025
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...
651
| 18 ديسمبر 2025
هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...
591
| 19 ديسمبر 2025
-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...
525
| 23 ديسمبر 2025
لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...
522
| 18 ديسمبر 2025
انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...
450
| 23 ديسمبر 2025
في اليوم الوطني، كثيرًا ما نتوقف عند ما...
444
| 18 ديسمبر 2025
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...
438
| 24 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية