رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ترويض الجميع!

تجري الأمور هكذا.. في البداية تظهر إحدى المنظمات فجأة، عبر بيان تعلن فيه ارتكاب أول أعمالها التي تختار بدقة، في جانب تأثيرها على عموم الناس – تثير إعجابهم- ليلحقوا على الفور عملية ترويج عبر التخويف منها والتهويل من قوتها، وفي ذلك لا يدرك المتابعون أنهم وقعوا في فخ صناعة الإرهاب وأن ما يجري أمامهم ويخلع قلوبهم ويجعلهم منقسمين بين معارض ومؤيد، ليس إلا تنفيذ لخطط إستراتيجية يجري إنفاذها عبر تقنيات إعلامية ودبلوماسية ومالية واستخباراتية حديثة ومعقدة. وبعد وقت ومع تكرار وتوسع الأعمال –إعلاميا- يصبح هذا التنظيم غولا ضخما مخيفا للجميع وبذلك يجبر الجميع على تبديل وتغيير أولوياتهم. تجري الأمور بسرعة وإتقان وبتناغم دولي وإقليمي، سواء كان الأمر بالاتفاق أو التوافق أو بقراءة الخطط –عن بعد- والبحث عن المصالح في داخلها. والأخطر أن الأمور تتطور، إذ وقعت عملية ترويض للكثير من الحكومات التي تصبح بكل إمكاناتها في موقع المنفذ لتعليمات القيادة الأمريكية المباشرة – بحثا عن مصالحها أو بقائها أو عن دور لها - تحت عنوان الحرب على الإرهاب! وهكذا يجري فرض أشكال وألوان من التنظيمات التي تشوه صورة الأحزاب والتيارات التي تقاوم سياسيا وتلك التي تواجه قوات وسلطات الاحتلال وفق خطط وقواعد ومبادئ محددة، بما يضطر هذه وتلك لتتوارى أو التراجع أينما حل الإرهاب عمليا، وأن تتخوف إعلاميا من لصق تهمة الإرهاب بها، وللأسف يقع البعض منها في مطب وشرك ينصب لها دون أن تدرك أبعاده. تلك هي الحكاية التي تعيشها المنطقة منذ وقوع أحداث 11 سبتمبر وحتى الآن. فمع الهجوم الكاسح على أفغانستان والعراق، جرى تخيير بعض حركات المقاومة السياسية والعسكرية - بين الانخراط في الألاعيب أو العمليات السياسية للاحتلال أو في تلك التي صممها الغرب في الدول غير المحتلة، وطلب أن تتوقف تلك التي تحمل السلاح وأن تحل أجهزتها العسكرية، وأن تنتهج لغة متعاونة مع الغرب، وأن يغير الرافضون والمقاومون السياسيون لغتهم بل وأفكارهم وأن ينبذوا أفكار الهوية الإسلامية أو القومية أو الوطنية. وفي المقابل عرض على هؤلاء أن ينعموا بمغانم المشاركة في السلطة. وكان سيف الاتهام جاهزا وبتارا إن لم يستجيبوا يصبحوا إرهابيين فيطاردوا ويهمشوا ويقتل من يقتل ويقصى من يقصى. وللكثيرين أن يلاحظوا المبادرة الأمريكية التي طرحت للتفاوض في العراق وأفغانستان، واللعبة التي جرت مع حماس بعد فوزها في الانتخابات، وأن يراجعوا الكثير من الممارسات التي جرت بعد ثورات الربيع. كان العنوان والمفاصلة والرسالة واضحة.إما أن تقبلوا بالدخول في دورة الحكم الغربي -والإيراني المروض بعد أن أعيدت برمجته- وتنتهوا من أفكاركم، ونحن نرحب بكم ونفضلكم على غيركم فأنتم أصحاب مشروعية جماهيرية يحتاجها بناء نظم جديدة في الإقليم تحكموا فيها انتم تحت قيادتنا وتوجيهاتنا تحت ظلال الفكر العولمي، وإما سنصنفكم ضمن الإرهابيين، ونضعكم على لائحة الإرهاب وساعتها ستكون حكومات الإقليم بكل طاقاتها وقدراتها مطلقة اليد في التعامل معكم، والعالم كله سيحتشد ضدكم، فإن لم تموتوا تحت القصف تموتوا جراء العزلة والحصار.وهكذا تجري صناعة الإرهاب ورفع تصعيد درجة وحالة العمليات-تنظيمات وأفراد وسمعة وأفلام وقصص وحكايات مرعبة- وجعلها قضية السياسة والإعلام والدبلوماسية والدين والدنيا والطائفية. فكلما قويت تجربة مقاومة أو تجربة انتخابية، تقدم فيها أصحاب الهوية والرؤية المستقلة ومن يعملون لبناء استقلال حضاري واقتصادي ووطن قادر على إطعام نفسه والاكتفاء في الدواء والغذاء والسلاح، جرى اتهامها بالإرهاب ومطاردة قادتها حد القتل، تحت اتهامات تبدأ بدعم الإرهاب أو تبني أفكار الإرهاب، واعتبار كل فعل هو عمل إرهابي حتى لو كان مجرد فتح الفم عند أحد غير طبيب الأسنان –كما يقول د.فيصل القاسم دوما.تلك هي حكاية وقصة المنطقة ولفترة طويلة قادمة. وللأسف وقع البعض من قادة الحركات والأحزاب والتيارات في المطب. البعض خدع باللغة الناعمة التي سمعها خلال التفاوض، بشأن السماح له بالوصول للسلطة، والبعض تصور أن ما يجرى من معارك انتخابية أو سياسية، حالات منفصلة أو منعزلة لا تدار من خلال حالة إقليمية ودولية مشتركة ومتفق على أبعادها الاستراتيجية. والبعض تصور أن بالإمكان الملاينة في المواقف إعلاميا وسياسيا حتى يجري التمكن لتكون المواجهة بعد ذلك!

792

| 04 يوليو 2014

هيبة الدولة أم قهر الدولة؟

يظل الفارق الرئيسي بين هيبة الدولة في ظل النظام الديمقراطي، والادعاء بهيبة الدولة في الحياة تحت سطوة الحكومات أو النظم الديكتاتورية، إن هيبة الدولة في النظم الديمقراطية تتحقق باحترام الدولة والمواطن، كلاهما، للقانون، أما هيبة الدولة في ظل الديكتاتورية فهي لا تتحقق إلا بخروج الدولة على القانون وتقوم على استخدام وسائل القهر لإجبار المواطن على احترام الدولة، عبر الخوف من بطشها الذي يجري خارج إطار القانون، الذي يتحول عن وظيفته في إحقاق الحقوق ليصبح إحدى أدوات قهر الدولة للمواطن، فلا نعود أمام حالة هيبة الدولة بل نعيش تحت سطوة قهر الدولة. في النظم الديكتاتورية لا تعيش الدولة أو لا يستمر النظام أو لا تبقى النخب الممثلة لمصالح القلة الحاكمة، إلا عبر إرهاب المواطن، والأخطر أن تلك السلطات تروج إعلاميا لأفكار تدفع المواطنين لليقين بأنه لا بديل أمامهم إلا الاستسلام للقهر أو الخضوع لتلك السلطة، حتى يحققوا مصالحهم، إذ يقدم لهم القهر –لا النظام ولا القانون –على انه أداة تحقيق الأمن في الشوارع والمساكن ولازدهار النشاط الاقتصادي. ويدفع للاعتقاد بأنه لا بديل عن الخوف لتحقيق الأمن.وهنا يفتح الباب للمواطن لتحقيق حاجاته عبر أبواب الفساد لا عبر الالتزام بالقانون. هذا الأمر يجري بقصد هو الآخر، ووفق خطة مبرمجة. فالدولة الديكتاتورية هي حتما دولة فاسدة، تحمي الفساد وتفتح له الأبواب، وأحد أهدافه دفع المواطنين لاعتماده كطريق للحصول على الحقوق التي لا طريق قانوني للحصول عليها. في تلك الحالة لا يكون هناك بديل لممارسة الحياة واستمرارها- أمام المواطن- إلا بالنفاذ إلى داخل الدولة الظالمة وشراء الذمم بالمال، وهو ما يجعل المواطن متعايشا مع القهر ومتداخلا أو داخلا ضمن دورة الحياة التي يصنعها القهر، وربما تجري الأوهام بأنه عبر الفساد يصبح من الكبار. وكل ذلك مغلف بغلاف هيبة الدولة التي تحقق مصالح الموطنين!وواقع الحال أن أحد أهم الأخطاء التي وقعت فيها ثورات الربيع العربي، أنها لم تشرح نفسها ولم تقدم للناس مفهوما واضحا للحياة العملية بعد الثورة، أو حين تجري الترجمة لشعارات الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية في صورة شاملة، تحقق دولة القانون التي هي أساس هيبة الدولة عبر الالتزام الطوعي بالقانون، وأن دولة القانون هي بديل لدولة القهر. لم تشرح الثورة كيف يتغير حال المواطن الفرد الذي عانى طويلا من القهر والظلم، حتى صار لا يستطيع استيعاب فكرة أن يعيش حرا في ظل احترامه هو والدولة للقانون، إذ تربى على أساس تصور، أن القانون هو الدولة وأن ما تقوله أو تفعله الدولة هو القانون. للأسف لم تشرح الثورة نفسها، ولم تقدم للناس صورة لحياتهم يجري السعي لتحقيقها. لم تدرك الثورة مقولة إن المواطن الفرد لا يلمس الشعارات العامة بيديه لمس المثقفين أو المناضلين الذين تتملكهم الفكرة العامة حتى يكادوا يلمسونها واقعا. هذا الخطأ سمح للدولة الديكتاتورية أن تظل تصدر للناس أنها هي القانون وأن هيبة الدولة وإحلال الأمن والاستقرار لا يمكن تحقيقه إلا بالقهر للمخالفين في الرأي والفكر خارج إطار الدولة ومؤسساتها.هذا الخطأ المريع الذي وقعت فيه الثورات، ترك الناس نهبا لفكرة أن الديمقراطية تجلب الفوضى ولا تحقق الأمن والاستقرار. وجاءت الممارسة العملية في فترات التحضير للثورات المضادة ممهورة بالدماء التي ارتقت بالفوضى إلى مرتبة الخوف الاجتماعي. لمس المواطن الفرد حالة الفوضى متحققة تعصف بحياته، ولم ير القانون ولم يشرح له كيف أن الدولة ليست القانون وأنها لا تصنع القانون وأن القانون فوق الدولة وأن الفرد نفسه والدولة سواء في الخضوع للقانون في ظل الحرية والديمقراطية، بل إن القانون ينظم خضوع الدولة –كأجهزة ومؤسسات –للقانون بهدف تحقيق مصالح وأمان وحياة الأفراد.وللأسف تبدو الثورات في مرحلتها الارتدادية الراهنة، لا تزال واقعة في ذات الخطأ. فحتى الآن، يجري الخطاب الإعلامي مقتصرا على حالة انتقادية وهجومية على الأطراف المنقلبة وممارساتها من بوابة الأخطاء والجرائم أو الانقلاب على الحرية والديمقراطية واختيارات الناس، دون تنوير الناس بالمكان الذي يقف فيه كل طرف في النظم الديمقراطية لتحقيق أمن المجتمعات ودوران عجلة الحياة المستقرة. لم يصل للناس، كيف تختلف حياة المواطنين –لا النخب –حين تأسيس المجتمع الديمقراطي.هذا الخط الإعلامي للفارق بين هيبة الدولة القاهرة ونقيضها النظام الديمقراطي، ليس حالة نخبوية وليس رسالة إعلامية يقصد بها المثقفين، بل هو صلب بناء إدراك لدى المواطن الفرد الإنسان، بأن الثورات ليس هدفها تحقيق الحرية للنخب بل تحقيق الاستقرار والأمن الحقيقي للناس عبر احترام القانون، وأن القهر لا يحقق هيبة للدولة بل يجعل المواطن يعيش حالة الخوف منها، وأن تلك الهيبة المبنية على القهر لا تمكن الإنسان من الحصول على حقوقه القانونية كمواطن – في التعليم والصحة والثروة وقضاء المصالح-وأن الحرية هي بناء لمجتمع يكفل حقوق الناس جميعا ولا يقتصر على كفالة حرية الرأي للنخب، وأن الهدف ليس إحلال نخب محل أخرى في الحكم بطريقة ديمقراطية، إذ تلك مجرد وسيلة لإنهاء الخوف من الدولة أو دولة الخوف وللخلاص من إرهاب الدولة!.

2645

| 27 يونيو 2014

الثورة العراقية!

تلك قراءة للخط الاستراتيجي لبدء وتوسع الثورة العراقية الجارية، وفق ما تخطه الوقائع والرؤى والمؤشرات. جاءت بداية الثورة العراقية في موجتها الراهنة، متزامنة ومترافقة ومرتبطة مع بداية فوران الربيع العربي في موجته الأولى. حينها انطلقت حشود الجماهير العراقية في مناطق وميادين عديدة تحت ظلال شعارات الربيع، فواجهها المالكي بالقوة والقمع. قبلها كانت قد جرت مؤشرات تظهر تململ الشعب العراقي، من استمرار حالة تردي الخدمات واستمرار وقائع لصوصية المال العام دون مواجهة، إذ خرجت تظاهرات عفوية في أكثر من محافظة عراقية، وجاءت الانتخابات البلدية أو المحلية تظهر جانبا آخر من هذا التململ، إذ حصل بعض المرشحين الأفراد على مراكز متقدمة على حساب المؤيدين والمدعومين من الأحزاب والكيانات المشاركة في العملية السياسية.وإزاء قمع حكم المالكي وميلشياته لكل التحركات الجماهيرية، قدم الشعب العراقي إبداعه الخاص حين سجل في التاريخ العراقي تعبير الحراك وشكل وحافظ وتمترس في ساحات العزة والكرامة لحماية هذا النمط من الاحتشاد المتطاول زمنيا. قادة الحراك رفضوا الانجرار للأعمال المسلحة رغم قيام المالكي بأكثر من اعتداء على جمهور تلك الساحات سقط فيها العديد من الشهداء كان أخطرها مجزرة الحويجه. صمد الحراك، وصار يرمم ويلملم حالة المجتمع العراقي الذي كان تعرض للإنهاك الاجتماعي والسياسي والنفسي خلال عملية الاحتلال الأمريكي –الذي حدث خلاله عملية مخططة لإنهاك المجتمع العراقي تحت القصف بأعتى آلة عسكرية وبأقصى درجات تفكيك بنية المجتمع-وما جرى في مواجهتها من مقاومة عراقية قابلتها قوات الاحتلال بأعمال إبادة وحشية أدت إلى لجوء النخب العراقية للخارج. كما كان المجتمع العراقي قد تعرض لإنهاك مروع خلال أحداث فتنة سامراء التي صنعتها إيران -حسب اتهامات الجنرالات الأمريكيين-وبسبب ما قام به نوري المالكي من أعمال تهجير وتطهير طائفي.شكل الحراك رافعة جديدة تمسك بها أهل العراق لإعادة تشكيل المعارضة الوطنية الديمقراطية وإعادة الشعور الجماعي بالتضامن، كما شكل تحفيزا للقدرة على التمسك بالمطالب. قام الحراك بنفس الدور الذي قامت به المقاومة العراقية في مواجهة الاحتلال الأمريكي، إذ كان ردها الفوري والمباشر هو ما أشعل الشعور بالقدرة على المواجهة. لقد وضع الحراك العملية السياسية التي شكلها الاحتلال في مأزق خطير، إذ كان احتشاد العراقيين الرافضين لها وبكل تلك الأعداد الحاشدة، هو الإعلان الأكبر والعملي بعدم مشروعيتها أو عدم تمثيلها للشعب العراقي وهو أظهر في أقل تأثير أن المحافظات الست المنتفضة لا يمثلها أحد في النظام السياسي القائم. وهكذا وجد المالكي ورعاته -من الولايات المتحدة إلى إيران- أنه لا بديل أمامهم سوى خيارين، أولهما التراجع أمام الحراك الذي كان يسير نحو إنهاء منظومة الاحتلال -الدستور وتشريعات الاجتثاث خاصة المادة 4 إرهاب (أو 4 سنة حسب أقوال قادة الحراك) وغيرها-وثانيهما الذي اعتمد، بإنفاذ خطة إستراتيجية تشيطن الحراك وتفتح الطريق لهجوم عسكري إجرامي ينهي الظاهرة ويعيد تفكيك المجتمع العراقي، وهو ما جرى تطبيقه حين اخترع المالكي حكاية وجود القاعدة وسيطرتها على الحراك وصار يلعب لعبة الشيطنة ومن بعدها شن هجماته العسكرية، دون إدراك استراتيجي للتحولات التي أحدثها الحراك في المجتمع العراقي. بوغت المالكي والإيرانيون والأمريكان من خلفه بخطة إستراتيجية يتحول فيها الحراك إلى وضعية الحرب الشعبية وفق خطة ممنهجة مدروسة، إذ صمدت الفلوجة والرمادي خصوصا والأنبار عموما حتى أنهكت قوات المالكي لتبدأ حركة الهجوم الاستراتيجي المتنقلة من ديالى إلى سامراء ثم إلى نينوى بزخم كبير مكن الثوار من تحريرها والانتقال إلى حرب شعبية على مساحة واسعة، ولم تكن المفاجأة تتعلق فقط بوجود الخطة والقدرة على الحركة واعتماد المفاجأة الإستراتيجية بل كان الأخطر أن الثورة كشفت للمالكي وأمريكا وإيران مدى هشاشة الجيش الذي تشكل بعد الاحتلال وأنفقت عليه أموال العراق وجهود الخبراء العسكريين الأمريكيين والإيرانيين. الحراك هو أبو الثورة العراقية الراهنة. والثورة العراقية المسلحة الجارية لم تبدأ فجأة وهي ليست صنيعة مؤامرة ولا ناتج فجائي بل هي امتداد للحراك الذي شكل بوتقة للقاء الإرادات والخبرات لكل من قاوم الاحتلال ولكل من رفض الانخراط في العملية السياسية أو انسحب منها بعد أن اكتشف زيفها.

1561

| 20 يونيو 2014

المالكي يحتضر أم 11 سبتمبر عراقية؟!

بدا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال الأيام الأخيرة وكأنه يتحرك تحت وقع الصدمة المروعة التي أصيب بها جراء اندحار وتفكك وحداته العسكرية، وهروب كبار القادة والجنود من الميدان وارتداء ملابس مدنية لتفادي القبض عليهم أو قتلهم بأيدي ثوار العشائر والمجلس العسكري وبقية المجموعات الوطنية والإسلامية العراقية، التي حررت محافظة نينوى وقلبها الموصل وطهرتها من كل إدارات وقوات جيش وأمن المالكي خلال ساعات قليلة.جاءت الضربة بالغة البأس وسريعة وعاجلة وعلى خلاف تلك الحالة التي رسمها المالكي وقادة جيشه وأجهزته وظهروا عليها خلال المعركة الجارية منذ شهور في الأنبار، وبدت نتائج معركة نينوى غير متوقعة له وأجهزة أمنه واستخباراته وله سياسيا، إذ إن الرجل كان للتو خارجا مما تصور أنه نصر كبير، بعدما نجح في تزوير إرادة الناخبين العراقيين وحقق المركز الأول، متقدما وحزبه (دولة القانون) على الحلفاء من البيت الشيعي وغيرهم.جاءت الضربة العسكرية له وهو كان منغمسا في حصد غنائم نصره الانتخابي عبر مناورات إعادة انتخابه رئيسا لوزراء العراق لدورة ثالثة يشتري هذا أو يضغط على ذاك، فإذا المعركة التي تصور أنها حملته لتحقيق أعلى الأصوات – ضد الأنبار والمحافظات الست المنتفضة- هي ذاتها التي تتوسع وتتلاحق ضرباتها حتى وصل الأمر حد انهيار قطاعات جيشه وإعلانه عن إعادة تشكيل جيش آخر، في تلك المناطق التي حررها الثوار!تلك الأحداث والهزائم المتلاحقة بعد تحقيق المالكي نصرا انتخابيا خلفت حالة من الحيرة والشك لدى الكثيرين ونغصت عليهم حالة الفرح جراء تلك الانتصارات في المعارك العسكرية الجارية.الخوف يسيطر على البعض من أن يكون المالكي يلعب ذات اللعبة والخطة ويعيد تطبيق الدروس والخبرات الأمريكية المعتمدة ما بعد أحداث 11 سبتمبر 2011، حين أعلن جورج بوش خطة أسماها الحرب على الإرهاب، ويرى هؤلاء أن المالكي قد يكون واقفا خلف صناعة خطة 11 سبتمبر عراقية، أو أنه يحاول إدارة دفة الأحداث نحو هذا الاتجاه، وأنه يستهدف تشكيل حكومة طوارئ تمد من عمر رئاسته للحكومة الحالية ستة أشهر على الأقل وتخرجه من مأزق عدم قدرته على تشكيل حكومة عراقية برئاسته بسبب رفض الكتل السياسية الأخرى التعاون معه، وهناك من يرى أن إصداره أمرا بسحب القوات قد يخفي خطة لإعادة ترتيب الحلفاء بالضغط على الأكراد والمجموعات السنية من جهة وإيقاعهم في مأزق وجودي عسكري مع الثوار من جهة أخرى.وعلى الجانب الآخر، فهناك من يرى ما يجري أمرا طبيعيا وأن جيش المالكي لم يكن له أن يستطيع الصمود أكثر من ذلك، في مواجهة خطة المعركة المتحركة المتنقلة بين محافظات العراق التي اعتمدها الثوار، مستندين إلى دعم شعبي جارف، وأن المظالم والجرائم التي ارتكبها نظامه الأمني والقمعي والعمل الثوري والعسكري المتواصل قد أنجز تلك الأوضاع المأساوية له وجيشه، الذي تنبأ له الكثيرون أن يسقط كما سقطت كل الجيوش التي شكلها الاحتلال الأمريكي على عجل قبل انسحابه من البلاد المحتلة.وواقع الحال أن المالكي تحرك منذ بداية إطلاق شعار الحرب على الإرهاب تمهيدا للانتخابات البرلمانية، بنفس الخطة الأمريكية التي اعتمدها جورج بوش، وحاول أن يظهر كم هو والشعب العراقي ضحية للإرهاب وأنه مارس لعبة تخيير الشعب العراقي بين الوقوف مع الإرهاب أو الوقوف مع حكمه هو، وحاول في ذلك إعادة ترتيب التحالفات الداخلية وفي ذلك لا يبدو مستبعدا أن يمارس أخطر ألاعيب السيرك السياسي على حساب أرواح آلاف الضحايا، غير أن الحقيقة المؤكدة هي أن العراق تجري في داخله ثورة شاملة منذ أكثر من عام، وأن ما يجري هو المرحلة الإستراتيجية الثانية من حرب تحرير العراق.لقد أنجز العراقيون ومقاومتهم في المرحلة الأولى، عملية تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي، والآن هم يطيحون بمخلفات الاحتلال وعمليته السياسية وحكمه الذي شكله، ومن يقود المعارك هم المقاومون أنفسهم لا غيرهم، الذين يطيحون بالاحتلال الإيراني الجاثم على صدور العراقيين بممارساته الطائفية البغيضة. الخطر الحقيقي لا يتمثل في وجود لعبة إستراتيجية للمالكي، إذ هو لم تعد لديه القدرة على إدارة إستراتيجية كبرى كتلك التي يخشاها البعض، بل في احتمالات وقوع التقسيم عبر حرب أهلية شاملة طاحنة،وليراقب الجميع معركتي بغداد وديالى مختلطتي السكان، وكلاهما نقطة حسم إستراتيجي للمعارك الجارية الآن.

1598

| 13 يونيو 2014

مخاطر حكومة الوفاق الفلسطيني!

تظهر حماس قدرتها على قراءة الوقائع وإعادة تقدير الموقف وهو ما يعني مراكمة الخبرات لدى قياداتها وتحولها إلى مؤسسة حقيقية، كما تظهر فتح قدرتها على المناورة في كل الظروف والأجواء وهو ما تميزت به تاريخيا، إذ هي تعيد الآن إثبات قدرتها على التحرك مع مختلف الأطراف على خطوط حركه مليئة بالمتناقضات، ونحمد الله أن التقى الطرفان أخيرا على ضرورة إنهاء التقسيم بين الضفة وغزة – وفق آليات الحوار والذهاب من بعد إلى آلية الانتخابات - بعد مرحلة مؤقتة تمارس الحكم فيها حكومة التكنوقراط التي ترضى عنها الحركتان وتحظى بدعمهما بما يمثل تجسيدا لفكرة وحالة القواسم المشتركة ولو مرحليا.وبعيدا عن منغص وزارة الأسرى الذي جسد تبعات وبقايا ما جرى من صراعات سابقة، سار خلالها كلا الطرفين في طريقه وتحالفاته المتناقضة مع الطرف الآخر، فقد التأم شمل جناحي الحركة الوطنية الفلسطينية بعد افتراق وصراع كان في صفحاته إسالة الدماء والانقسام الحكومي والمؤسسي والسيطرة على الأرض بالقوة والذهاب بالتحالفات ضد الطرف الآخر، إلى خارج الإطار الفلسطيني عربيا وإقليميا ودوليا وهو ما استمر لفترة طال زمنها. الآن، ليس لأحد أن يقول إن هذا الطرف تنازل عن ثوابته أو أن أحدهما انتصر على الآخر، إذ الحكومة لا تجسد غلبة لأحدهما على الآخر، والأجواء التي سادت خلال الحوارات وانتهت إلى توقيع الاتفاق على تشكيل الحكومة، بدت إيجابية وواعية بشكل عام بالظروف الجارية والمحيطة ونتائجها على الصعيدين القريب والمتوسط على الأقل.وفي تفسير أسباب الالتقاء فلعلها الحالة التي تمر بها الأمة من انقسام وتشتت على صعيد الجهد العام في مواجهة الآخر – أي آخر - ووقائع الانقسام والاقتتال الطائفي والسياسي التي تعيشها كثير من الدول العربية، والوضع الدولي بالغ التعقيد بمتغيراته، إذ تتغير عوامل قوة الأطراف الدولية دون أن تنتج تغييرا حاسما واضحا يمكن القياس عليه في رسم سياسات طويلة المدى.عودة فتح وحماس إلى الالتقاء، لم تجر وفق قراءة لتغييرات جزئية أو طارئة أو مؤقتة، فالقراءة تشير إلى أن الخطوة بنيت هذه المرة على تغييرات ستحكم المشهد لمدى بعيد. لم يكن بالإمكان استمرار شرذمة الجهد الفلسطيني فيما الجهد العربي المشترك المساند للقضية الفلسطينية، صار في موضع الباحث عمن يسانده هو، كما لا أفق قريبا لتغيير حقيقي أو اختراق لتلك الحالة المأساوية الناتجة عن الاضطرابات والحروب والفتن الداخلية أو للصراعات بين الدول العربية التي صارت ضعيفة إلى درجة اتخاذ مواقف ضد بعضها على أساس علاقاتها مع أطراف إقليمية تقف ضد المصالح العربية، بما يسلب القرار العربي لمصالح تلك الدول الخارجية.ولا شك أن القراءة تأثرت بأحداث مصر وسوريا والعراق وليبيا وغيرها، وكان لها تأثيرها على كلا الطرفين، إذ لا أفق ظاهرا أمام الطرفين الفلسطينيين بأن تخرج تلك الدول من أزماتها ليكون لها جهد ودور – مع هذا الطرف أو ذاك - في وقت قريب.ولا شك أن فتح وحماس قرأ كلاهما الوضع الدولي، وكيف عاد العالم إلى تحيزات وتحالفات متضادة وأن هناك من القضايا المتفجرة في العالم – التي سيطول وقت حسمها - صارت في أولوية اهتمام الأطراف الدولية من تلك القضايا المزمنة مثل فلسطين والعراق خاصة.وربما رأى الطرفان – من جانب آخر - عمق التحولات في المواقف الدولية من إسرائيل، وكيف أن ألاعيب إسرائيل لم تعد تجد ذات الصدى لها في أمريكا وأوروبا لا شعبيا ولا رسميا، كما كان الحال سابقا.إلا أن الأمور تستلزم الحذر، إذ قد يكون خلف تغيير مواقف السلطة رؤية غربية تتصور أن الفرصة حانت لتغيير مواقف حماس عبر جرها إلى لعبة سبق تجربتها – لعبة الحكم - وإن فتح صارت أقرب استراتيجيا للمواقف الغربية بما يجعلها أداة ضغط قوية، وربما يكون هناك رؤية غربية تقول إن الفرصة الحالية عربيا وإقليميا – الضعف العربي وتغيير نمط العلاقات مع إيران بعد الاتفاق النووي - تسمح بمحاولة تمرير اتفاقات سبق أن رفضتها حماس "في زمن قوتها" خلال تصاعد العمل المقاوم. وربما هم يستهدفون "خلع" حماس من السيطرة على غزة منفردة.الاتفاق والحكومة أمر هام، واليقظة مطلوبة في زمن الفتنة العربية الكبرى الراهنة.

1126

| 06 يونيو 2014

الديموقراطية وصناعة العدو!

العدو الطبيعي لا يحتاج للتعريف أو للحشد ضده، فأفعاله تكشف عداءه للشعب أو الدولة،وليس هناك من شعب أو دولة إلا وتعرف أعدائها عبر التاريخ ولا تحتاج لأحد أن يقول لها، هذا عدوك.لكن تطور الخبرات الاستراتيجية والسياسية والعسكرية والإعلامية لدى أجهزة الدول ومؤسساتها،أدخل أمرا جديدا هو تصنيع العدو أو العدو المصنع،بهدف تحقيق المصالح والأهداف الموضوعة لهذا الغرض مسبقا،ووصل الأمر أن اعتمدت تلك الفكرة والخطة وجرى سريانها على الصراعات الداخلية ضد جماعات وأحزاب بل وقطاعات في داخل المجتمع الذي يفترض أن الدولة تعمل لخدمته عبر تحقيق إرادته لا إرادتها هي. أضيفت خطة صناعة العدو الداخلي لتحقيق خطط أجهزة ومؤسسات الدول داخل المجتمعات.وأصبحت خطط صناعة العدو الخارجي والداخلي من أهم الخطط المعتمدة في الصراعات الجارية في عالمنا الآن.هذه الفكرة-الحالة كانت موجودة على صعيد صناعة العدو الخارجي قبل أن ينطق جورج بوش بمصطلح الحرب على الإرهاب،كما كانت حالة صناعة العدو الداخلي وشن الحرب عليه موجودة وفق خبرات كبرى اكتسبت خلال تجربة الحرب على الشيوعيين (المكارثية) التي شهدتها الولايات المتحدة أيضا.لقد شهدت فكرة وخطة تحقيق الأهداف عبر صناعة العدو الخارجي انتشارا وتوسعا واتقانا في خططها منذ نطق جورج بوش بمصطلح الحرب على الإرهاب،إذ جاءت الخطط بمستويات يكاد الشيطان يحتار في قدرة الإنسان على حبكتها.أصبحت فنا استراتيجيا بذاته.أما صناعة العدو الداخلي التي كانت مقتصرة على حالات الثورات،خاصة المسلحة منها،فقد جاءت تجربة المكارثية لتضيف لها بعدا وفكرا سياسيا ولتطرح إمكانية تحقيقها من قبل سلطات الدول ضد جماعات بعينها.والآن تشهد تلك النماذج اندفاعا وتعميما في عالمنا العربي والإسلامي.واللافت هنا أن التجارب العربية جاءت جميعها مستوحية فكرة جورج بوش بالحرب على الإرهاب وجاءت بنفس القدر تطبيقا للمكارثية الأمريكية كنموذج لصناعة العدو الداخلي وإعلان الحرب عليه.وفي شروط صناعة العدو الخارجي فالأمر معقد للغاية،إذ لا تستطيع الدولة الصغرى أن تختار عدوا لها –تصنعه –يكون أقوى منها وإلا أودى الاختيار بالسلطة والدولة ذاتها.في الاختيار يجب أن تتوفر مجموعة من الشروط،منها أن يكون العدو الخارجي أقل قدرة من الدولة،أو مكافئا لقوة الدولة –كما كان الحال بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي-أو أن يكون هلاميا وشاملا ومنتشرا أو يصلح الادعاء بانتشاره،بما يجعله مخيفا للشعب في الداخل،حين يجرى استثماره في تطويع إرادة دول الخارج المستهدفة. في حالة صناعة الخوف من تنظيم القاعدة،اعتمدت ونفذت خطط معقدة شملت أعمالا عسكرية واستخبارية وأنماط من الحرب النفسية والدبلوماسية والإعلامية.وكانت الأهداف موزعة بين الخارج والداخل.في الخارج كانت هناك خطة إخضاع على صعيد كوني عولمي وفي الداخل الأمريكي جرى تطويع إرادة الشعب الرافض للحروب في الخارج.جرت عملية صناعة للخوف في العالم من القاعدة وجرى إظهارها بالعدو الماحق المهول الذي يجب أن يحتشد العالم كله لمواجهته وإلا طاله الإرهاب والعقاب الأمريكي أيضا،باعتبار هذا البلد أصبح راعي الإنسانية وحاميها من الإرهاب.والآن يجرى استنساخ كامل-في العالم العربي- لعناوين وممارسات تلك الخطة وعنوانها –الإرهاب-ووفق تطبيقات المكارثية،التي حصلت على خبرات هائلة بعد احتلال العراق ومطاردة حكامه ورموزه.واللافت في كل ذلك، ليس اختيار العدو والمبالغة فيه ووضع الخطط المسبقة لهزيمته،بل اللافت هو كيف تجتمع الديمقراطية والمطالبة بها على نحو عالمي،وكيف وهي عنوان للحكم في داخل الولايات المتحدة،أن تنتج إدارات تصنع البطش والقتل والدمار،وهي التي جاءت بالتصويت في صناديق زجاجية شفافة.تلك هي اللعبة التي أوحت بها-وربما أمرت بها- الولايات المتحدة،لكثير من حكومات العالم الآخر أو الثالث وصارت نموذجا يطبق في العالم كله.لقد جرى إيجاد علاقة تنهي التعارض بين مشروعية القوة العسكرية ومشروعية الصندوق وجرى تصدير نموذج يجرى اعتماده وفق صياغات محلية.ما نراه الآن هو مزيج من اعتبار القوة العسكرية هي الأصل،وأن الديمقراطية صورة تلفزيونية وليست فلسفة ونظرة للحكم واحترام للشعب.ثمة شيء خطير حدث في العالم المعاصر.لقد أصبحت الدولة هي من يدير إرادة المواطنين ويحددها.صارت إرادة أجهزة الدول أعلى من إرادة الشعب.فإن خرج الشعب عما حددته الدولة،جرى التآمر عليه عبر خطة صناعة العدو،بتحويل من اختاره الشعب إلى عدو.الديمقراطية لم تعد الأقوى بل إرادة أجهزة ومؤسسات الدول!

2160

| 30 مايو 2014

ثورة مضادة لتفكيك ليبيا !

تجري الثورة المضادة في ليبيا بهدف التفكيك والتقسيم. هي لا تستهدف السلطة والسيطرة على الحكم في كامل البلاد، بل تستهدف تعطيل ومنع إقامة دولة –مركزية-ونظام سياسي في ليبيا كاملة، ونقل البلاد إلى وضعية الانقسام والتفكك. وذلك ما يفسر طرقها الغريبة المريبة التي تظهر عليها وتختفي من آن لآخر، ويكشف أبعاد خطتها في صناعة الأزمات، أزمة تلو أخرى، مع تصعيد عبثي للتالية عن السابقة، دون طرح أي بديل وطني.المعركة الجارية في ليبيا منذ إسقاط الطاغية القذافي، لا يمكن الاكتفاء عند حد وصفها عند حد أنها معركة بين فلول القذافي والثوار، إذ هي معركة تجري بين تيارين متعددي الأطراف، وضمن سياق صراع القوى الدولية والإقليمية حول بقاء ليبيا موحدة. هي معركة تجري بين تيارين، أولهما تيار يسعى لبناء دولة ونظام سياسي ديمقراطي لليبيا كاملة، وهذا هو السبب الحقيقي الذي يجعل الإسلاميين –كما كان الحال في مصر-يرفضون ويحجمون عن الانجرار إلى المواجهة والعنف والاقتتال والاحتراب، ويصرون على استكمال بناء الدولة والنظام السياسي بالآليات الديمقراطية، وتفويت الفرصة على خطة الطرف الآخر. هذا التيار قلبه وجوهره الحركة الإسلامية التي تتوفر لها مساحة هائلة من التأييد بحكم طبيعة ثقافة المجتمع الليبي.والتيار الثاني، هو تيار خليط، لا تقوده روح العمى والكراهية للإسلام والإسلاميين فقط، بل تقوده فكرة وخطة تقسيم ليبيا، إذ هو يعلم أنه لن ينجح في السيطرة على ليبيا كاملة، وأن الحركة الإسلامية مختلطة بالحالة القبلية ومنتشرة في مختلف مناطق ليبيا دون استثناء، وهي أيضاً في وضع ميداني لا يمكن هزيمته إلا بحرب طويلة ممتدة، وحتى تلك غير مضمونة النتائج. هو تيار يضم فلول القذافي وكثيرا من القوى العلمانية والليبرالية والقبلية والجهوية، ويستند إلى قوى إقليمية ودولية.بين التيارين يجري الصراع على ليبيا وتنقلب الأدوار، حيث الإسلاميون هم الديمقراطيون وبناة الدولة والنظام السياسي على أساس صندوق الانتخاب، فيما التيارات العلمانية والليبرالية والجهوية –وبقايا فلول القذافي-هي من يسعى للفوز باستخدام أدوات العنف بحكم ضعف جماهيريتهم، ولذا هم يعتمدون على ما تبقى من جيش أو كتائب القذافي. وفى الخلفية وربما بشكل أكثر أهمية في التأثير على مجريات الحدث خططيا، تجري تفاهمات وصراعات دولية وإقليمية، فليبيا مصابة بلعنة النفط، الذي يتحول عند وقوع النزاعات الداخلية، إلى نقمة. الدول الكبرى لا ترى في ليبيا إلا النفط ومساحة الأرض الممتدة إلى داخل إفريقيا، حيث شرايين نفط وثروات أخرى في تشاد ودارفور. تلك الدول تخشى من تشكيل دولة ديمقراطية يقودها إسلاميون في ليبيا، إذ ذلك يمثل نقلة خطيرة للغاية على صعيد الإقليم بل والعالم، إن لم يكن لأن الإسلاميين صاروا يحكمون بلدا عربيا نفطيا، فلأن النفط لن يكون كما كان.تلك حسابات القوى وخطط الأطراف. ولذا لم تكن مصادفة أن تخطو ليبيا خطوات هائلة نحو تشكيل دولة دستورية ديمقراطية بحكم قناعة ودور وضغط الإسلاميين، وأن تترافق كل خطوة في هذا الاتجاه مع أعمال قتل واغتيال وقصف من الطرف والتيار الثاني -وكان آخرها أن تزامن الهجوم الأخير مع بداية الانتخابات البلدية في طرابلس –وأن يكون المؤتمر الوطني المنتخب مكانا للهجمات العسكرية، وأن تصل الهجمات في بني غازي حد استخدام سلاح الطيران.خطة الثورة المضادة في ليبيا تجري عبر إفشال تشكيل أي نمط مستقر للحكم، ولذا جرى تهديد كل رؤساء الوزراء ويجري شل محاولات تشكيل الجيش وأجهزة الدولة عبر أعمال عسكرية، وتجري عبر أعمال إخافة السكان وإثارة الاضطراب في حياتهم اليومية، كما يجري التركيز على إثارة النعرات القبلية والجهوية.والمزعج أن محاولة الانقلاب الأخير جاءت تتويجا لكل أعمال الفوضى، ونجحت في تشكيل حالة من عدم الاستقرار للمواطنين، وتلك أحد أهم مؤشرات نجاح الثورة المضادة، فهل يدفع ذلك الإسلاميين للانتقال من الدفاع الإيجابي إلى الهجوم؟ وهل يستثمرون انكشاف بقايا فلول القذافي داخل الجيش الليبي لحسم خيارات جهاز الدولة؟

1510

| 23 مايو 2014

عواصم المقاومة السنية!

شكلت تلك المدن وما تزال، ثلاثية عواصم الثورة والوعي والإدراك وشق طريق التحرر وتحمل أشد الخسائر البشرية ضراوة ووحشية، لفتح الطريق لزمن وعالم وأفق جديد. ثلاثتهم أكملوا صورة الوعي الحضاري والاستراتيجي الآن، ومن قبل مثلوا القدرة على صياغة نمط من الوعي الاستباقي، ببصيرة نافذة، وقت أن كانت طلائع الأمة تعيش في وادي الغيبوبة.الأولى قادت الوعي والثورة في زمن مبكر ضد الحاكم الطائفي، في وقت كان المثقفون غارقين في التغني بشعاراته التضليلية من قومية ومقاومة وممانعة، والثانية كانت عنوانا للصمود في مواجهة المحتل الغازي في وقت اضطربت فيه العقول وتشتتت فيه النفوس، فكانت عنوانا للحضارة والمقاومة وصناعة المستقبل، والثالثة كانت عنوان الصمود وكشف حقيقة الطائفية والتطهير العرقي الجارية ضد المسلمين السنة. ثلاثتهم شكلوا نقلة جماعية للوعي العام وصاروا في ملتقى واحد وفي معركة تحرير واحدة.كانت حماه هي السباقة. جاءت ثورتها ومقاومتها في زمن كان حافظ الأسد يعيش حالة غطرسة القوة والسطوة السياسية والإعلامية ضامنا الحماية من كل رد فعل دولي أو إقليمي .عاشت حماه ثورتها وقدمت عشرات الآلاف من الشهداء وخطت عنوانا لجرم الأسد وطائفيته. كانت حماه أشد وعيا من كل المثقفين العرب، إذ حددت المعركة الحقيقية في زمن مبكر، كان الكل غارقا فيه في دنيا الشعارات القومية والتحررية التي لم تنجز شيئا، فكشفت حماه أن "الدست" خال من كل شيء إلا الحصى والقنابل والمؤامرات على مستقبل الأمة . أظهرت طائفية حافظ الأسد فيما لم يكن أحد يتصور أن حافظ يقوم بمهمة حفظ السطوة الطائفية ولا شيء أكثر. وجاء دور الفلوجة، التي بدأت المقاومة في مواجهة الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق في عام 2003 . صارت عنوانا للمقاومة أو قل أصبحت علم العراق الخفاق في رفض الاحتلال ومواجهته وإحراز النصر. خاضت حربين ضد جيش الدولة العظمى الوحيدة في العالم - في تلك الأيام- ويال باس رجالها .انتصرت الفلوجة في الأولى وسقت قوات الاحتلال كأس هزيمة لا تصدق عقليا، إذ جاءت خارقه لكل قوانين الحروب وتوازنات القوى وقدرة التكنولوجيا.وجرى اقتحامها وتدميرها في الثانية، لكنها كانت قد وجهت الضربات الأقوى وأنجزت الأساس لهزيمة جيش الاحتلال الذي أجبر على الانسحاب تحت وقع هزيمته وانتهاء هيبته في الفلوجة. وهى الآن عادت لتستعيد دورها حين تغير نوع الاحتلال ودولته . فأصبحت قائدة حرب المقاومة في مواجهة احتلالين أمريكي وإيراني ومن معهما من صحوات عسكرية وسياسية في أوساط السنة.وحان وقت حمص عاصمة الثورة السورية .وقعت حمص في دفتر الاستشهاد،لتجسد ظاهرة عربية تجرى دوما، إذ تقاتل المدن والدول وحيدة بلا غطاء.حمص والفلوجة تقدمان بطولات خارقه الآن دون حديث عنهما كما جرى الحديث والشعر والغناء عن سايجون وليننجراد وغيرها من عناوين الصمود . حمص الآن لا تستسلم فقد وقعت في سجل لا يمحى ولا يقبل التراجع ويضع أساس يبنى عليه، وكذلك لم تستسلم الفلوجة بعد تدميرها في المعركة الثانية . وكما عادت الفلوجة ستعود حمص.تلك عواصم الثورة والوعي .فالثلاثة يخوضون معركة واحدة بدايتها هناك وجوهرها الحقيقي إذكاء روح الصمود والنصر في الأمة .لم تكن معارك حماه والفلوجة وحمص وغيرها من مدن الصمود إلا نوازل في معركة واحدة، وهذا هو سر الموقف الدولي والإقليمي منها .فكل منها لم يحارب أبداً من أجل قضية صغرى، وكل المدن العربية والإسلامية دوائر في سلسلة واحدة في المعركة الأصل هناك في المواجهة مع الغزوة الصهيونية الغربية من جهة وإيران وروسيا من جهة أخرى. وإذا كانت معركة الفلوجة الأولى والثانية واضحة المعالم فهي في مواجهة الجيش الحامي لمحتل فلسطين، فقد جاءت معركتها الثالثة لتكشف الخط العام الذي كشفته حماه وحمص من قبل ومن بعد.

7663

| 16 مايو 2014

حكومة إيران في العراق!

يبدو مؤكداً أن الحكومة القادمة في العراق ستكون حكومة إيرانية بامتياز، الشواهد كثيرة والأسباب أشد وضوحا، وبذلك يكون العراقيون قد خسروا وجودهم الشكلي في الحكومة – أو الرمزي أو المقصود به ذر الرماد في العيون - وكذلك الأمريكان، الذين تترجم حالة ضعفهم وتراجع دورهم في الإقليم الآن وبوضوح، لمصلحة إيران في العراق وسوريا ولبنان.حقيقة تشكيل حكومة إيرانية في العراق أمر لا يتعلق لا بالانتخابات ولا بنسب التصويت التي سيحصل عليها هذا الطرف أو ذاك، بل بموازين القوى التي تشكلت عبر الحروب الجارية في الإقليم، وباتت تسمح بدخول الإستراتيجية الإيرانية للسيطرة والاحتلال ومد النفوذ، إلى مرحلة جديدة،لا تحتاج فيها إلى أنماط من المواربة في إعلان سيطرتها واحتلالها.. ولذا جرى الإعلان عن ضم العراق وسوريا ولبنان داخل الحدود الدفاعية الإيرانية، في المرحلة الجديدة ستذهب عوامل الحرب واستخدام والقوة والتهديد بها عبر نشاط الميلشيات الإيرانية الفاعلة في الدول العربية إلى نطاق استراتيجي جديد ينصب أغلبه باتجاه الأردن ودول الخليج وربما تركيا، بعد إكمال السيطرة والتطهير الديني والعرقي في الدول العربية التي جرت السيطرة عليها، ومن ثم يبدأ مد النفوذ ويجرى القيام بأعمال تخويف وإنهاك لبقية الدول العربية الأخرى في آسيا في المرحلة، الحكومة القادمة في العراق بل وفي سوريا ستكون حكومات إيرانية وحكومات حربية أيضا.المالكي تحدث عن حكومة إيرانية في العراق، حين قال إن القادم هو حكومة أغلبية سياسية ستتشكل من حزبه وحلفائه من داخل البيت الشيعي، وكلام المالكي عن حكومة الأغلبية لا علاقة له بما تحدث عنه بشأن المناكفات وعدم الإنجاز خلال حكومته السابقة، بل هو مرتبط بإستراتيجية من عينوه أصلا في حكم العراق، هو يعلم – وهو جزء من تلك الإستراتيجية - أن إيران لم تعد بحاجة لأن تلعب ذات اللعبة التي لعبتها بعد الانتخابات الماضية، حين اضطرت لبذل الجهد لخداع العراقيين - والسنة والأكراد منهم خاصة - وكذا لم تعد مضطرة للدخول في شراكة مع ممثلي الاحتلال الأمريكي في العملية السياسية في العراق بذات النسبة والوزن الذي اضطرت له سابقا.المالكي يدرك طبيعة التغيير في القدرات الأمريكية في العراق، وتصريحاته تأتي مرتبطة بتصريحات ومواقف وأفعال إيرانية، لقد بدأت حكاية المرحلة الجديدة في الإستراتيجية الإيرانية، بإعلان أحد قادة الحرس الثوري بأن إيران هي من أبقت الأسد في الحكم، وهو ما جاء إعلانا بأن إيران هي من يحكم سوريا باعتبارها من أبقى الأسد على كرسيه ولأنها من يسيطر على الأرض عبر ميلشياتها، وتطور الوضوح في الموقف والإستراتيجية الإيرانية أكثر بحديث رحيم مشائي المستشار العسكري للمرشد خامنئي –قائد الحرس الثوري السابق - عن أن حدود إيران ليست هناك على الحدود العراقية، بل هي ممتدة إلى البحر المتوسط وجنوب لبنان.جاء كلام مشائي إعلانا بعدم وجود دول مستقلة أو ذات سيادة اسمها العراق أو سوريا أو لبنان، وضمن ذات القراءة وعلى خلفيتها أصر أفراد مجموعة المالكي على القول بأنهم قصفوا قافلة تموين للقاعدة كانت تسير على الأراضي السورية في طريقها للعراق.. أصروا على القول بأن القصف جرى في داخل الأراضي السورية ليقولوا إن لم يعد هناك حدود سورية تفصلها عن العراق. ومن ضمن الشواهد أيضا، ما ورد على لسان المالكي من شن للحرب على السعودية وقطر،وهكذا كان منطقيا أن يقوم المالكي بزيارة لإيران لتحديد اسم الحاكم القادم للعراق، وأن يسبقها حديث المالكي عن حكومة أغلبية تتشكل منه وحلفائه.كلام المالكي ليس إلا عنوانا لدخول العراق مرحلة جديدة، يعيش خلالها تحت حكم إيراني دون مواربة، والمالكي يجد نفسه بغير حاجة لإخفاء سيطرة إيران على السلطة والدولة والمجتمع العراقي بشكل مباشر.القادم في العراق حكومة إيرانية واندفاعة حربية باتجاه حصار ما تبقى من الدول العربية في آسيا.

1132

| 09 مايو 2014

حرب القضاء على الأجيال من أكتوبر إلى يناير!

عقب انتهاء حرب أكتوبر 73، وضعت خطط إستراتيجية أمريكية وإسرائيلية، عنوانها تحقيق التسوية أو إحلال السلام، غير أنها لم تستهدف لا هذا ولا ذاك، بل تحقيق نصر استراتيجي حضاري شامل مستديم لعدة أجيال، لإسرائيل والغرب على العرب عبر أدوات التفاوض ووسائل القوة الناعمة، بإنهاء كل العوامل والمقدرات التي مكنت مصر وسوريا والقيادة الفلسطينية–على قاعدة القرار العربي- من الوصول إلى حد شن الحرب الهجومية بقدرة عقول وطنية وإرادة غير مسبوقة، ودحر أسطورة الجيش الذي لا يقهر. كان الجوهر في تلك الخطط هو كيف تفقد مصر وسوريا والعرب هذا الكادر السياسي والعسكري والعلمي والإعلامي والاستخباري الذي مكنها من وضع الخطط وإدارة الحرب على ذاك المستوى، وأن يفقد العرب قدرتهم على القرار المشترك في الحرب. هم يعلمون أن النصر لم يتحقق بالسلاح بل بالإرادة والتخطيط والإدارة والصمود والإيمان بالنصر، وهذا ما يخشونه وليس غيره.في الطريق للاتفاقيات، جرى الفصل بين مصر وسوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما فتحت معركة أخرى في الجناح الشرقي للأمة مع إيران وأصبح الشرق محورا للحروب بديلا لمحور دول الطوق ضد إسرائيل، فجرت عملية استنزاف للقوة والقدرة والقرار الموحد في اتجاه معركة أخرى، حتى جاء قرار غزو العراق للكويت ليبعثر ما بقي من النظام الرسمي العربي الذي أنتج أكتوبر. وحين جرى التوقيع على الاتفاقيات من كامب ديفيد إلى أوسلو إلى وادي عربه، كان الأهم لدى الأمريكان والصهاينة هو إنفاذ خطة القضاء على جيل أكتوبر، الذي كان اخطر ما تشكل في هذه المرحلة، فالكادر البشري هو العامل المحوري في تطور قدرات الأمم والشعوب وهو أهم ما تمتلك الأمم. هذا المخطط هو ذاته الذي رأيناه وتابعناه بعد الاحتلال الأمريكي للعراق. قتل العلماء والطيارين والكوادر العسكرية والسياسية لإخلاء العراق من عناصر القدرة على النهضة. وهو ذاته الذي تابعناه مع أعمال الاغتيال والتشويه التي جرت مع الكادر الفلسطيني خلال التحضير لأوسلو وبعدها.نفس الأمر ووفق نفس الخطة، هو ما تابعناه منذ ثورة يناير وحتى الآن. البعض يغرق نفسه في حديث التسالي على طريقة البرامج الأمريكية المسماة بالتوك شو (أو استعراض الكلام -ربما) دون اطلاع الناس على جوهر ما يجري. لقد جرى استهداف تيارات سياسية، وهناك آلاف الأحداث، كل ذلك صحيح، لكن الأهم بالنسبة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، كان ولا يزال، هو القضاء على الكوادر التي شكلت وتمثل روح الثورة والنهوض والحرية والإيمان بقدرة الوطن على المنافسة والتقدم، باعتبارها نواة جيل جديد خطير على الغرب ومصالحه في الإقليم.لقد جرت عملية مخططة لإعلان وتعيين آباء مزيفين للثورة، جرى نقلهم على عجل من المعامل الغربية إلى أرض الوطن، وكان قد جرى إعدادهم لمثل تلك المواجهة من قبل. وفي المقابل جرى إبعاد أو استبعاد من خاضوا نضالا سياسيا حقيقيا، جعل الناس يثقون بهم باعتبارهم الأقدر على بناء دولة جديدة ومجتمع جديد بحق، كما جرت أعمال مخططة لصناعة حركات بالعشرات لا دور سياسي ولا نضالي ولا تعرف شيئا لا عن السياسة ولا الثورة، فكانت نهبا لنشر ما يجرى إدخاله في أدمغتها، فهم مجرد ببغاوات. وجرى جلب شخصيات لم تحرق كليا خلال النظم القديمة، لا يتعدى فهمهم للسياسة والإعلام تطبيق آليات ومنطق البزنس وكسب المال. جرى ترميم أسمائهم وسمعتهم عبر الفضائيات. وفي المقابل جرى إبعاد وإزاحة وقتل وسجن العناصر صاحبة القدرة على الاستمرار وعلى القيادة وعلى الإبداع في مجالاتها. ولم ينسوا استخدام أسلحة التشويه والاغتيال المعنوي التي هي الأشد فتكا من السجن والقتل.ما حدث هو ملاحقة وقتل وسجن كل هؤلاء الذين كان بإمكانهم تغيير وجه الأمة وصناعة خطط واستراتيجيات وإنتاج ابتكارات علمية وإشاعة ثقافة وفنون حقيقية لا مزيفة، لبناء مجتمع لا يمكن اقتلاع النهوض من داخله. ما حدث هو إنهاء وجود أصحاب الإرادة والرؤية والعقل والعلم والفهم الذين كان وصولهم للسلطة أو بقائهم يتحركون في داخل المجتمع، هو ما يمكن دول الربيع من تحقيق نهضة شاملة.الحرب لإخلاء المجتمعات والدول من الكادر الإنساني الوطني الحقيقي المخلص، الذي هو أغلى ما تملكه الأوطان، هي الحرب الحقيقية من قبل الغرب. هي الحرب على صناعة المستقبل.

1328

| 02 مايو 2014

ما الفرق بين بشار والخمير الحمر؟!

لم نسمع في العالم وعبر تاريخ البشرية المليء بالمآسي -ولا حتى في زمن الفاشية والنازية خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية-عن رئيس يقتل شعبه، أطفالا ونساء وشيوخا وشبابا، بهذه الطريقة المروعة ولهذه المدة الزمنية الطويلة.لم نر أبداً حاكما لا يكتفي بقصف شعبه بالطائرات والدبابات والمدفعية والصواريخ، بل يأمر بتعبئة البراميل بالمتفجرات لتقتل طائراته أكبر عدد ممكن من أبناء وطنه ولتهدم أكبر عدد ممكن من المساكن فوق رؤوس ساكنيها العزل، ثم لا يهرب أو حتى يتوارى خجلا، بل يقدم على ترشيح نفسه لرئاسة الدولة ويطلب من الناخبين انتخابه.قتل بشار ما يزيد على 200 ألف إنسان وهجر الملايين من أبناء الشعب طوال ثلاث سنوات، ولا يزال يقتل ويهجر في السنة الرابعة، ووسط القتل وفيما هو واقف فوق القبور - وكل مكان في سوريا لم يعد يخلو من القبور - وبين المباني المهدمة على من كان فيها من السكان، يظهر مبتسما ليؤكد على ما أعلنه أحد أذنابه من ترشح فخامته لرئاسة شعبه لفترة جديدة.لسان حال البشر والإنسانية كلها يقول له: أمترشح أنت لنيل أصوات الموتى أم المهجرين؟العالم يسجل الآن اختراعين لبشار الأسد، أولهما البراميل المتفجرة لقتل أكبر عدد من البشر، والثاني الترشيح للرئاسة وقوفا وممارسة للدعاية الانتخابية فوق القبور وبين أطلال مساكن المغدورين والمهجرين قسرا وعدوانا بجرائم قواته. وبذلك لا يجوز لأحد من الآن فصاعدا، أن يقول إن العالم العربي لم يتحف البشرية والإنسانية بأسوأ الحكام، وأن ليس لهؤلاء بصمة واضحة في التاريخ الإنساني من بوابة إسالة أكبر قدر من دماء شعوبهم.لقد وصل الغرب لنموذج الحكم الديمقراطي الذي يحتكم لإرادة الناس في الاختيار الحر، أما حكامنا فاخترعوا الحكم بالبراميل المتفجرة. وإذا كان الغرب حدد أن ينال المرشح أصوات الأحياء، فقد دشن حكامنا زمنا يقتل الرئيس الشعب ثم يبقي أسماء المقتولين في جداول الانتخاب ويعلن فوزه وأن الشعب اختاره. وإذا كان الغرب قد جعل الديمقراطية عنوانا للاستقرار، فمن حكامنا من جعل القتل والتشريد أداة للوصول إلى الحكم وتحقيق الاستقرار لنفسه عبر قتل كل من يرفض حكمه. هنا قد يقول البعض مستنكرا: كيف تقول إن العالم لم يعرف كل تلك الجرائم من قبل وكيف القول بأن التاريخ سيسجل لهم قتل شعوبهم، ألم تسمع بهتلر وموسوليني واستالين، ومن بعد ألم ترَ كيف فعل الخمير الحمر في بلادهم وغيرهم وغيرهم من الطغاة. وللأسف فإن ما ارتكبه بشار يفوق ما فعله أي من الطغاة، هتلر لم يقتل شعبه كما فعل بشار وكذلك موسوليني، هتلر وموسوليني زجَّا بلادهما في حروب خاسرة وعنصرية نعم، لكن من قتل شعبيهما بالسلاح مباشرة لم تكن لا قوات هتلر ولا قوات موسوليني.ووقائع القتل المتهم بها الطاغيتان كانت تتعلق باليهود والمحارق وبالشعوب الأخرى، وهي بطبيعة الحال جرائم، إذ لا يقر أحد بقتل الشعوب الأخرى بالطبع، لكن الملاحظة هنا أن بشار لم يفعل ذلك إلا بشعبه هو.وهتلر وموسوليني لم يقتلا الناس ثم يتقدمان – دون أن يزرفا حتى دموع تماسيح- ليقولا لهم انتخبونا، فنحن أصلح الحكام، وإذ تشارك استالين وبشار في قتل مواطنين من شعبهما بقصد القتل، فإن استالين ترك روسيا دولة عظمى منتصرة في الحرب العالمية الثانية، ولم يقبل أن تأتي قوات عسكرية من بلد آخر لتقتل شعبه، لقد دافع استالين عن وطنه وشعبه، لكن بشار لم يكتف بقتل شعبه، بل جلب إيران وميلشيا نصر الله والعصائب وأبو الفضل العباس من خارج الحدود لتحميه هو من شعبه ولتقتل شعبه الثائر ضده.بشار جلب محتلا وقتلة ليقتلوا شعبه، أما القول بأن ما فعله بشار أقرب إلى ما فعله الخمير الحمر بشعبهم في كمبوديا، فتلك المقارنة صحيحة بالفعل، إذ يتشابه بشار والخمير الحمر، إذ إن كلاهما قاتل لشعبه، لكن بشار يظل متفوقا في إجرامه على الخمير الحمر، الذين لم يجلبوا محتلا لأرض وطنهم لكي يقتل شعبهم على أرضهم.تلك وقائع التاريخ، فلم نسمع عن حاكم يقتل شعبه ويجلب آخرين ليشاركوه في قتل شعبه.

1061

| 25 أبريل 2014

بديل انزلاق الثورة إلى الحرب !

تبدو المسافة قصيرة للغاية بين "الثورة" و"الحرب". فكم من حروب أنتجت ثورات! وكم من ثورات انزلقت لتصبح حروبا! حتى ظهرت نظرية حرب اللاعنف لتقف في المسافة الوسطى، فتحقق التغيير الذي تنشده الثورة وترفض الانزلاق نحو الحرب، إذ هي تحشد الشعوب وتجيشها للحراك السلمي المنظم سعيا للتغيير، دون أن تعسكرها، ومع ذلك تعسكرت بعض نماذجها.لقد انقلبت حروب إلى ثورات. وفي روسيا كان النموذج الأشد وضوحا، إذ انقلبت هزيمة روسيا القيصرية في الحرب العالمية الأولى إلى ثورة، استثمر فيها الشيوعيون حالة الهزيمة والاهتراء التي أصيب بها الجيش القيصري، وأشعلوا الثورة التي سرعان ما تحولت بدورها نحو استخدام السلاح. وهزم جيش القيصر وزال نظامه.كما انقلبت ثورات سلمية إلى حروب، والآن يقدم النموذجان السوري والليبي شواهد حاسمة على هذا العبور الاضطراري. لقد بدأت الثورتان بمظاهرات سلمية حاشدة ترفع شعارات التغيير والحرية، فواجهها كل من القذافي وبشار بالقوة الباطشة ولم يكتفيا باستخدام قوة الشرطة رغم أنها أعملت قتلا وتنكيلا بل تحولت فورا لإدخال الجيش والشبيحة والمرتزقة. كان تحويل الثورة إلى حرب هدفا وخطة للقذافي وبشار – وكل طاغية تلك هي خطته-لأنه يستهدف جر الثوار إلى نوعية الصراع التي يصبح فيها متفوقا وجاهزا لإحراز النصر ولأن الجيوش لا تقتل فقط بل تهدم وتبيد، والطاغية لا ينتصر إلا بكسر إرادة الشعب لا الثوار فقط. لكن الثورات مثلها مثل الحروب. ومثلها مثل النشاط الاقتصادي. الحرب تنتج مهاراتها وقواعدها وخبراتها الجديدة من خلال ممارستها، وكل حرب تبدأ بخطط وأسلحة وخبرات قديمة وتنتهي بأخرى جديدة. والاقتصاد يفرض تغييراته خلال نشاطه ويجري الخبراء خلفه طوال الوقت. وكذلك الثورات فالنماذج وأنماط الثورات لا تنتهي. والثوار لا يصيبون النجاح إلا حين يدرسون أوضاع بلادهم الخاصة وينتجون طريقتهم أو إستراتيجيتهم الخاصة، وحين يفهم الثوار أن مهمتهم هي تنظيم العفوية وتطويرها لا صناعة الثورات صنعا.في أوكرانيا رأينا نمطا يجمع بين الفعل اللاعنفي للمتظاهرين والحشود في الميادين ورأينا عنفا مسلحا مخططا بطريقة شديدة التقييد، تمارسه مجموعات قليلة العدد. وإذا كان هدف حشد الجمهور هو تشكيل مظلة تؤكد رفض الشعب للنظام وتأكيد أن مطلب التغيير هو مطلب الشعب لا مطلب النخبة، كما أن التظاهرات تشكل حالة ضغط ونمط حماية للحراك الثوري. ووسط الحراك جرى تشكيل مجموعات مسلحة وفق عملية مخططة لإفشال تحركات الجيش والشرطة وإنهاك قدرتهم النفسية على القتل. كما قصد الثوار ترويع تلك القوات والقادة السياسيين والتنفيذيين أيضا. ودخل النموذج العراقي ليقدم نموذجا يلهث الخبراء خلفه لتبين مداركه وفعالياته ومآلاته. بدأ العراق بالمقاومة العسكرية ضد قوات الاحتلال وحينها لم تشهد البلاد ميلاد أحزاب سياسية تمثل المقاومة العسكرية. ومع تحول قوات الاحتلال لخطة الفتنة والحرب الأهلية عاشت المقاومة في وضع الخطر. أشعل الاحتلال ومن معه فتنة أهلية وحربا طائفية بين السنة والشيعة –عبر أحداث سامراء-وحربا أخرى موازية في داخل السنة حين شكل الصحوات.امتنعت المقاومة عن النشاط حتى لا تنجرف للفتنة. وبعد ظهور مدى الاحتلال والسيطرة الإيرانية، بدأت الموجة الثانية من الثورة العراقية الكبرى حيث احتشد المواطنون في ميادين الحراك وساحات الاعتصام، وظلوا صامدين لما يزيد على العام. هنا تحرك النظام لاعتماد خطط الطغاة وقام باستخدام جيشه الطائفي وأعلن الحرب على المتظاهرين، لتتحول الثورة إلى حرب.وفي كل ذلك، فالأهم في نموذج اللاعنف، هو أن الثورات حين تضطر للانزلاق إلى نمط من المواجهة العسكرية، يجب ألا تنسى أنها ثورة وليست جيشا يخوض معركة حربية، وأن الأصل أنها ثورات سلمية تسعى لبناء الحرية والديمقراطية وتحقيق كرامة الإنسان واستقلال الوطن، وأن اللجوء للسلاح اضطرار يجب أن يكون بالقدر الذي يحقق هدف كسر إرادة هذا الجيش على قتل الشعب المسالم وليس هزيمة الجيش بالقوة العسكرية وأن حدود العمل العسكري لا يتعدى الحرب النفسية والردع، ودفع أغلبية الشعب والجيش لرفض طلب الطاغية، قتل مظاهرات الشعب.

1045

| 18 أبريل 2014

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2325

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

1227

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

798

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

693

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

669

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...

600

| 12 ديسمبر 2025

alsharq
اليوم الوطني.. مسيرة بناء ونهضة

أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام...

597

| 08 ديسمبر 2025

alsharq
موعد مع السعادة

السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...

552

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...

546

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
معنى أن تكون مواطنا..

• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...

531

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
الوطن.. حكاية شعور لا يذبل

يوم الوطن ذكرى تجدد كل عام .. معها...

510

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مسيرة تعكس قيم المؤسس ونهضة الدولة

مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...

498

| 10 ديسمبر 2025

أخبار محلية