رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

كيف تحول أمريكا هزائمها.. إلى نصر!

تذهب الولايات المتحدة للحروب في مختلف أنحاء العالم،مقررة تحقيق النصر دون التزام بأية قيم أو مبادئ أو قوانين دولية أو إنسانية،فيرتكب جيشها أبشع الجرائم في سبيل تحقيق أهداف الحرب،وحين تنتهي الحرب العسكرية العدوانية إلى الهزيمة –وكل تاريخ حروب أمريكا العدوانية على الدول انتهت إلى الهزيمة-تعيد تلميع وجهها وإعادة تقديم نفسها للعالم باعتبارها النموذج الإنساني والحضاري الأرقى وفق خطط حربية،لكن في مجال الإعلام هذه المرة.فأمريكا تخوض كل حرب مرتان مرة بالقوة العسكرية ومرة عبر-أو باستخدام- وسائل الإعلام لكن وفق خطط حربية أيضا.فوسائل الإعلام الأمريكية تمارس دورها من خلال خطط حروب إعلامية،يجري شنها وفق ذات درجة التخطيط والانضباط التي تجرى في الحروب العسكرية.فكلمة الحرب هي كلمة السر في بناء وتشكيل الخطط الأمريكية بالقوة العسكرية أو بالقوة الإعلامية أو حربا وسلما.فإذ تفشل أمريكا أو تهزم في حرب عسكرية عدوانية على أي من الدول،تتحول إلى خطط حرب إعلامية،مستغلة أنها حين تهزم تظل باقية على أرضها في سلم –فهزيمة أمريكا لا تعني انكسار جيشها أو احتلال أرضها فحروبها عدوانية في الخارج-وهي تعتمد على قوة أجهزتها الإعلامية وسيطرتها وسطوتها في مختلف أنحاء العالم وفي داخلها بطبيعة العالم.لقد ذهبت الولايات المتحدة إلى اليابان لترتكب أفظع جريمة عرفها التاريخ،إذ كانت البلد الوحيد في العالم الذي اتخذت قيادته السياسية قرار استخدام السلاح النووي ضد بني البشر.ارتكبت القوة العسكرية الأمريكية الجريمة الأفظع عبر التاريخ –وهو ما يمثل هزيمة أخلاقية وإنسانية لها -لكنها عادت وقدمت نفسها وفق خطة إعلامية محكمة،باعتبارها راعية الديمقراطية وأنها من أسقطت الحكم الفاشي في اليابان وهي أعادت تشكيل الصورة الذهنية عن قواتها المتواجدة في القواعد باليابان بعد استسلام قيادته –أثر العدوان النووي- فتحدثت عنها باعتبارها قوة حماية لليابان من الدول الأخرى،وأنها مثلت القوة الراعية للنهضة الاقتصادية اليابانية!وذهبت القوات العسكرية الأمريكية لشن الحرب في كوريا،تحت عناوين مقاومة الشيوعية وتحرير الكوريين من الاضطهاد والقهر،وخلال الحرب ارتكبت جرائم القصف بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية،وهي لم تتراجع عن تلك الحرب إلا تحت الهزيمة التي تعرضت لها قواتها،لكنها عادت من بعد لتقديم صورة ذهنية جديدة لشطر كوريا الذي ظلت تحتله،فعزفت معزوفة اليابان ذاتها –الديمقراطية والتطور الاقتصادي وكان شعوب تلك الدول غير قادرة على تحقيق نهضتها إلا تحت الاحتلال الأمريكي -وظلت تمارس الحرب الإعلامية على الشطر الآخر،الذي بات متهما بالشر والعدوان والهمجية والتخلف..الخ.وذهبت القوات الأمريكية للعدوان على فيتنام،لترتكب هناك أبشع الجرائم التي ارتدت على البناء النفسي الداخلي لشعبها وجيشها لشدة بشاعتها،وهي تعرضت للهزيمة عسكريا في نهاية المطاف.كانت الهزيمة واضحة المعالم وعلى مرأى ومسمع من كل العالم والرأي العام الداخلي،لكن الولايات المتحدة حولتها إلى معركة داخلية،بين الجمهوريين والديمقراطيين وفجرت بعض الفضائح الداخلية المتتالية،فأعادت تلميع صورتها في العالم وصورة نظام حكمها في الداخل.وفي الحالة العراقية اختصرت كل الجرائم الأمريكية إلى اتهام لبعض الجنود والضباط الذين اتهموا بالتعذيب في سجن أبو غريب.فعبر تلك الفضيحة جرى تقزيم واختصار الجرائم التي ارتكبت في العراق– من قتل لمئات الآلاف وتدمير وطن كامل واحتلاله- في بعض من سلوك التعذيب الإجرامي في أبو غريب الذي كشفته أمريكا بنفسها– عبر وسائل إعلامها هي - وأجرت محاكمات شكلية لتعزيز فكرة أنها دولة قانون واحترام حقوق الإنسان!صارت أمريكا دولة ترفض التعذيب وتحاكم مرتكبيه، طبعا بعد حققت من خلاله أهدافها. والحال كذلك في أفغانستان،إذ جرى الكشف عن الممارسات الإجرامية وأعمال الانتهاك الفظ لآدمية المعتقلين في معتقل جوانتنامو،بعد أسابيع من توقيع أفغانستان على الاتفاقية الأمنية وقبل أقل من شهر من سحب العدد الأكبر من قواتها من أفغانستان،أو بعد أن حققت ما أرادت من التعذيب.لم تعد قضية الاحتلال والتدمير لأفغانستان وباكستان هي القضية،بل صار خطا السي.اي.ايه،هو ما يلخص الحكاية كلها، لتدخل أمريكا في جدل بين الجمهوريين والديمقراطيين، فتنسى الجرائم في أفغانستان ويعاد تلميع صورة أمريكا!تلك هي اللعبة، التي تحول أمريكا هزائمها العسكرية والأخلاقية إلى نصر يعيد تلميع صورتها التي تدعيها!

674

| 19 ديسمبر 2014

قلق غامض في القاهرة !

أكتب عما لا أفهمه، ففهم ما يجري في القاهرة هذه الأيام، أمر متعثر وتواجهه عقبات حقيقة. وإذ الغموض هو التوصيف الأدق، فتلك محاولة للفهم، ليس إلا، إذ ما يجري بالقاهرة بات صعبا فهمه، خلافا لما كان الحال عليه خلال ثورة يناير. في مطلع أيام تلك الثورة وتجلياتها عبر محطاتها المتعددة، لم يكن الغموض ممكنا – رغم جدة هذه التجربة وعدم وجود سوابق لها -حيث جرى الحراك السياسي والشعبي الواسع، كان واضحا أمام أعين الكافة لحضور الإعلام بكل وسائله. كان الإعلام حاضرا دوما وذا سطوة، ولم يكن يتطلب الفهم سوى إعمال أدوات التحليل والقراءة لأبعاد ما يجري، حتى أن ما يقال عن تدبير محكم جرى اعتماده لإحداث تغيير مضاد، لم يكن سوى أمر واضح لا تخطئه العين المتفحصة، ولم يكن يحتاج استنتاجه إلا لقليل من الرصد والمتابعة وإعمال أدوات التحليل للتصريحات والتحركات، والابتعاد قليلا عن الانغماس في تفاصيل المشهد.لكن الأمور جد مختلفة في القاهرة هذه الأيام، فمنذ أحداث 30 يونيو وما تلاها في 3 يوليو 2013، دخلت التحركات والترتيبات إلى دهاليز اتخاذ القرار بعيدا عن الإعلام، الذي انتهى إلى لعبة إخفاء ما يجري وصار يعتمد التضليل المخطط لإخفاء الحقائق، بما جعل قراءة وفهم ما يجري الآن، أمرا صعب المنال.تلك الحالة تحول كثيرا من الأحداث الجارية إلى طلاسم غير مفهومة لدى الكثيرين، والكثيرون هنا لها معنى مختلف هي الأخرى الآن، إذ أهم ما أنجزته ثورة يناير من تغيير، هو أنها دفعت الملايين للاهتمام بالتطورات السياسية، وقد كان أقصى اهتمام للمواطنين في زمن الاستقرار المزيف خلال حكم مبارك، مقتصرا على كرة القدم والعلاوات والمعاشات، الآن تلعب الحرب السوداء أو حرب الشائعات دورا أكبر بحكم توسع اهتمام الناس بما يجري، دون وجود منابر إعلامية كاشفة أو حتى مثيرة للنقاش الجاد.هذا الحال الجديد الغامض بات ظاهرة واضحة المعالم، حين جرت تظاهرات 28 نوفمبر الماضي، إذ لم يفهم قسم كبير من الناس – والقوى السياسية-ما وراء تلك المبادرة التي طرحت الهوية الإسلامية في لحظة كانت تشهد تحشيدا لكل القوى من كافة الأطياف تحت شعار عودة الديمقراطية. وقد تفاقم هذا الشعور بالغموض، وتحول إلى ظاهرة لغز، حين جرت إذاعة ما سمي بتسريبات مكتب وزير الدفاع السابق –الرئيس حاليا-دون معرفة الطرف الذي تمكن من النفاذ الخطير عبر كل الحجب ليصل إليها. وزاد الأمر غموضا في غموض مع مفاجأة بعض سفارات الدول الأجنبية الرأي العام المصري-وربما السلطات الرسمية- بإغلاق أبوابها أمام المصريين أو تعليق نشاطها بالقاهرة تحت دعاوى التهديدات الأمنية.بات المشهد غامضا ومثيرا للاضطراب، بما دفع الناس لإطلاق العنان للتفسيرات والتحليلات والتوقعات ولإطلاق الشائعات، بما أعاد التذكير بحالة الاضطراب والقلق التي عاشتها مصر بعد ثورة يناير خاصة بعد انسحاب أو انفراط عقد الأجهزة الأمنية. والجديد، أن الاضطراب الراهن ظهر كحالة غامضة دون وسائل مساعدة للفهم.وقد تطوع الكثيرون بمحاولة الفهم، فذهب البعض إلى أنها مرحلة تهيئة لاحتمالات بدء تنفيذ إعدامات بحق قيادات أو أعضاء بجماعة الإخوان، مع أن الأحكام بالإعدام لم تصبح نهائية بعد، وذهب بعض آخر يقلب في الأروقة الداخلية للحكم باحثا عن احتمالات التشقق، وهناك من ذهب بعيدا ليعيد تفسير الأمر من بوابة الألاعيب الدولية –الاستخبارية خاصة- في الوضع الداخلي. غير أن أبرز ما يعاند كل محاولات التفسير هو أن الأحداث الحاضرة إلى الحالة الغامضة هي ذاتها غامضة تمتنع عن الفهم والتفسير. فمن سرب التسريبات هو أمر لا يمكن للرأي العام معرفته. ومن دفع السفارات للإغلاق لا يقول شيئا محددا، وقبلها لم يفصح الداعين لمظاهرات الهوية عن سبب تحديد موعد تظاهراتهم قبل الحكم ببراءة مبارك بساعات.وفي كل ذلك، لم ينفك الإعلام المصري عن قسوة هجماته على كل ما يجري منذ ثورة يناير وحتى الآن، بل هو صعد إلى حد وصفها بالمؤامرة التي استهدفت تفكيك الدولة والمجتمع والأرض، بل هو زاد تصعيده فأضاف البرادعي لسويرس لقائمة المتآمرين ومعهم حركة 6 أبريل.ماذا يجري؟ تبدو الإجابة مؤجلة الفهم حتى حلول ذكرى ثورة يناير!

859

| 12 ديسمبر 2014

الثوار المزيفون

كان المشهد مضحكا، رغم سخونة وتوتر جو الاحتشاد والفوران النفسي الذي سيطر على التظاهرة. أحد المتظاهرين الذي كان يحمل على أكتافه من يقود الهتاف والحماس، يجري بسرعة واندفاع بمن على أكتافه ليدخل بين صفوف قوات الأمن ليسلم المسكين الذي وثق فيه، حدثت لحظة صمت مطبق استمرت لثوان كأنها دهر صاحبتها ابتسامة ذهول، انفرط بعدها عقد المتظاهرين. وصارت واقعة يتندر به أبناء هذا الجيل، إذ ذاك الذي قام بعملية تسليم قائد التظاهرة، كان الأشد حماسا والأشد رغبة في خروج المظاهرة من داخل أسوار الجامعة لمواجهة قوات الأمن خارجها، كما كان صبورا وحمولا إلى أقصى حد، إذ أصر على حمل من يتولى الهتاف طوال فترة دوران التظاهرة داخل أسوار الجامعة. لم يفرط في مهمة حمل قائد التظاهرة أبداً – رغم الجهد والتعب- حتى قام بتسليمه.تلك حالة نموذجية للثوري المزيف، الذي تمكن من كسب ثقة المتظاهرين وقائد الهتاف، وهو يضمر أمرا آخر، ويوالي ذات الجهة التي خرجت التظاهرة ضدها. لكنها ليست إلا الشكل الأبسط في مثل تلك الألاعيب الخداعية، إذ حالات فتك الثوار المزيفين بالثورات صارت حالات متقنة في آلياتها وشخوصها ودورها وطريقة صناعتهم، لكي لا يكون دورهم محدودا أو مقتصرا على مجرد فض مظاهرة أو تسليم مطلوب لأجهزة الأمن، بل تقسيم وتفتيت مواقف الجمهور العام والقوى السياسية وإثارة الاضطراب العام وتشويه صورة الثورة في أعين الجمهور العام. لقد تخطى دورهم تلك الحكايات البسيطة وصاروا في موضع القدرة على تحويل العلاقات بين القوى السياسية وفي داخل المجتمع من الوحدة على موقف واحد إلى التفتت والضغينة والاشتباك والاقتتال. بعضهم يتلخص دوره في رفع أقصى الشعارات ثورية أو فوضوية وارتكاب أفعال تشوه الثورة وتدفع المواطنين إلى كره الثورة واليوم الذي اندلعت فيه، لتعود بالحنين إلى الأيام والزمن والحكم السابق. وبعضهم يتولى مهمة حشد قدر من الشباب لتشكيل مجموعات وقيادتها لتؤدي مهمة منع القوى السياسية من الوصول إلى توافقات وإظهارها بمظهر المنقسمة. وهناك من يتولى مهمة القيام بدور مخرات السيول التي تشق مسبقا وتتولى توجيه مياه السيول الجارفة من حشود الجماهير..إلخ. وكل هؤلاء أدوات تهيئة الأوضاع لنجاح الثورة المضادة.وقد شهدت كل ثورات الربيع العربي، نماذج بالغة الوضوح من تلك الألاعيب والخدع، فبعضها شهد تشكيل وقيام جماعات وتيارات تحمل السلاح لتدفع الثورة نحو العسكرة التي تفشلها وتحولها إلى أداة تدمير، وبعض مثل تلك الجماعات تقوم بأعمال قتل مبرمجة ضد أفراد المجتمع تحت أقصى الدعاوى الثورية، بما يغير صورة الثوار وينقلهم من مدافعين عن حقوق الناس إلى قتلة مثلهم مثل النظم، وبعضها الآخر يقوم بأعمال قتل ضد الجيوش وأجهزة الأمن بغرض تصعيد عدوانيتها ضد الشعوب والمظاهرة السلمية، وتصليب وتقوية مواقف أفراد تلك الأجهزة في مواجهة الثورات، إذ يصبح كل فرد فيها في موقع الدفاع عن حياته لا عن النظام.والأمر هنا لا يستنتج من خلال قراءة شواهد الانقسام والتفتيت بين الثوار وبعضهم البعض وبين الثوار والمجتمع، بل من خلال تنقل تنظيمات وأفراد وقيادات من أقصى المواقف إلى أقصاها، ومن خلال تمتع مثل تلك المجموعات –على تنوعها- بدعم إعلامي ظاهر أو مستتر، بعض هؤلاء يجري التركيز الإعلامي عليهم لإكسابهم مشروعية جماهيرية في كل تحركاتهم وأفعالهم عبر التركيز على وصفهم أو دمغهم بالثورية (يظهرونهم ثوريين متحمسين دوما مثل ذاك الذي سلم قائد التظاهرة) لكي يذهب في الوقت المناسب بتك المشروعية المزيفة ليسلمها إلى خصوم وأعداء الثورة. وبعضهم يحتل الشاشات إذ يجري التركيز على أفعالهم الإجرامية مع لزقها بتيارات الثورة الحقيقية..إلخ.تلك الحالات شهدناها ونشهدها على نطاق واسع خلال ثورات الربيع، وهي حالات متبدلة في شعاراتها ومواقفها لكنها قادرة على البقاء –بحكم ما تحظى به من مساندة مستترة وبسبب شيطنة الإعلام للثوار الحقيقيين - والاستمرار في أداء أدوار تؤدي إلى ذات النتيجة. والآن إذ بدأت ثورات الربيع في استعادة بعض من عافيتها وثقة الجمهور العام بها مجددا، فاللافت أن هؤلاء الثوريين المزيفين باتوا يعودون في كثير من بلدان الثورات إلى لعب أدوارهم مجددا، وقد كانوا قد اختفوا من ساحات الفعل الثوري خلال الفترة التي شهدت صعودا للثورات المضادة. وهنا لا بديل عن مواجهة وفضح أدوار تلك العناصر والمجموعات أمام الرأي العام من خلال التذكير بالماضي القريب لهم وإذا كانت عدم المعرفة والخبرة في مطلع وبداية الثورات هي التي أدت إلى هذا الخطأ المريع، في بداية الثورات، فالآن لا عذر لأحد، إذ يكفي لتحديد الموقف الصحيح كتابة الاسم أو التنظيم أو الحركة في موقع البحث وبذل قليل من الوقت لمجرد قراءة عناوين التصريحات والبيانات السابقة.

1111

| 05 ديسمبر 2014

أشعلت أمريكا النار.. ولن تستطيع إطفاءها !

أشعلت الولايات المتحدة النيران في كل مكان بالمنطقة، لكنها لن تستطيع إطفاءها، بل هي لن تستطيع تحقيق السيطرة التي استهدفتها من إشعال النيران، إذ كل الأمور تجري باتجاه توسيع جبهة العداء معها وإنهاكها – وهي ومن بقى متحالفا معها-حتى يمكن القول بأنها تخوض معركتها الأخيرة ما قبل الانزواء والانعزال الذي ستضطر له اضطرارا، هذا إن لم تكن تفكر في الذهاب بعيدا في محاولة استمرار سطوتها وسيطرتها على العالم، بإعلان الدخول في حرب شاملة حتى لو اشتعلت حرب عالمية ثالثة مدمرة، دون مواربة. ولاشك أن إستراتيجييها يعلمون الآن أن تصورهم السابق بأن تفكيك وتقطيع وتقاتل المجتمعات والدول العربية والإسلامية سيصب في مصلحة حليفتها إسرائيل –على اعتبار أنها ستعيش وجوارها أرض محروقة- ثبت فشله إذ هم يدركون الآن، أن إخراج الجيوش الرسمية –عبر الحروب الخارجية والداخلية-وتفكيك وإضعاف أجهزة الدول، لم ينتج عنه إلا إطلاق طاقات المجموعات المسلحة المعادية تصاعديا لإسرائيل، وفتح أوسع المساحات لمواجهتها وإنهاكها بل حتى تفكيكها وتحقيق زوالها.وإذ يرى الكثيرون -ولهم كل الحق- بأن أمريكا ستحول كل شيء إلى رماد وأن إستراتيجيتها صارت هدما لكل شيء حضاري من مصانع إلى مؤسسات إلى مبان إلى الدول والمجتمعات، فالمختلف عن هذا التقدير، هو أن الولايات المتحدة لن تستطيع بالمقابل تحقيق السيطرة على المجتمعات والثروات والموقع الاستراتيجي لأرض العالم الإسلامي، إذ المتابع المدقق لا شك يرى أن الموقف الشعبي من الولايات المتحدة يتصاعد كرها وعداء دون توقف في صعوده، وأن دورة العمل العسكري تأتي كلها باتجاه العداء للولايات المتحدة، وأن النخب في المجتمعات العربية الإسلامية صارت تدفع ثورات الربيع للتحول من تغيير حكامها إلى المواجهة مع الولايات المتحدة، بعد أن اتضح جليا أنها هي من تقف خلف الثورات المضادة، بل هي الفاعل والمدبر لها. وإذ وسعت الولايات المتحدة (ومن يتحالف معها) العداء والحرب، لتشمل كل الحركات والجماعات الإسلامية كافة، فهي لم تفعل سوى تحشيد القوى ضدها، وتقليص الخلافات بين خصومها، وتوحيدهم في مواجهة العدو الأخطر الذي لم يعد إلا هي. وهي إذ اختارت –ومن بعد اضطرت-للميل نحو إيران والتحالف معها في مواجهة الإسلاميين، فهي زادت النار اشتعالا وأعطت مبررات أقوى لمواجهتها، إذ باتت في نظر الجميع حليفة لخصمي وعدوي الإسلاميين، إيران وإسرائيل.لقد كانت طلقة البداية لكل هذا الدمار والتخريب والقتل والتسلح، هي العدوان الأمريكي على أفغانستان واحتلالها، ومن بعد هي تغولت في القتل والدمار والتفكيك والتقسيم والاقتتال الداخلي حين قامت بهدم العراق واحتلاله. وهكذا حين هبت الثورة السورية سلمية لعبت الولايات المتحدة ذات لعبتها المعتادة. فكما أبلغت الرئيس العراقي السابق صدام حسين عدم تحركها ضده، إذا اجتاح الكويت واحتلها، فهي فعلت الأمر نفسه بطريقة أخرى مع بشار، إذ وقفت متفرجة- وهي المدعية بأنها الدولة الحارسة لحقوق الإنسان في العالم –وحين تحركت جاء تحركها ليصب عداء ضدها، فحين لجأ الشعب السوري إلى السلاح دفاعا عن نفسه، لعبت لعبتها وأصدرت فيتو سري-علني بمنع تزويد قوات الثورة بالسلاح وصارت تقترب من النظام وحلفائه تحت عنوان مكافحة الإرهاب، بما جعل الشعب السوري يرى المواجهة معها مثلما هي مع بشار وإيران. وهي من بعد تحولت عبر وكلائها وحلفائها المحليين وعبر تحالف متنامي مع إيران لمواجهة الإسلام بكل تياراته، بما وسع الجبهة ضدها وحلفائها وطرح فكرة التغيير المتوجه بالعداء المسلح لكل نفوذ ودور وتواجد للولايات المتحدة في المنطقة.باختصار شديد. المعركة انقلبت في العالم الإسلامي بعد أن توفر لخصوم وأعداء الولايات المتحدة كل أسباب ووسائل الصراع معها، وعلى رأس تلك العوامل حالة ضعف الدولة القطرية التي أرادتها الولايات المتحدة وسيلة لتطوير نشاط رجالها الأكثر أصالة والأكثر قدرة على إدارة الحرب ضد الحركات والاتجاهات الإسلامية، فانقلبت لتصبح مساحة مفتوحة لحركة ونشاط الاتجاهات الإسلامية بما اضطر الولايات المتحدة للتدخل المباشر، فزادت الولايات المتحدة الطين بله.لقد طالت الحرب الأمريكية وقتا حتى انكشفت كل أبعادها، وهي وسعت جبهة أعدائها وفككت قدرة خصومها واندفعت بتوسيع القوى التي تعتبرها متطرفة فشلت القوى العريضة في المجتمعات، وهذا هو المغزى الاستراتيجي لمقولة: أمريكا لم تعد تمتلك إستراتيجية في المواجهة الجارية. يسيطر التطرف على كل شيء في العالم العربي، كل شيء أصبح تطرفا وكل شيء صار دافعا للتطرف، حتى صار التطرف لغة الصراع والحوار بل حتى لغة الحياة.

1794

| 28 نوفمبر 2014

هل ندعو لـ"كيري" بالنصر؟!

تدخل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بشكل حاسم، فتراجع نتنياهو وحكومته ودخل المصلون من كافة الأعمار إلى المسجد الأقصى وأدوا الصلاة، بلا مضايقات ولا منع ولا تحديد للسن وكذلك لم تحدث أي واقعة اعتداء على المصلين بعد أسابيع كان الرصاص لا قنابل الغاز فقط، هما اللغة الحاضرة طوال الليل والنهار. توقفت الاعتداءات العسكرية على المصلين والمسجد، وتوقف المتطرفون الصهاينة واليهود عن أعمال الاقتحام. كل شيء تغير بعد أن عقد كيري اجتماعه الذي أحضر فيه نتنياهو للقاء ملك الأردن.نجح كيري في أن يوقف كل شيء –أو هو قرر – فعاد المصلون للصلاة بلا منع ولا غاز ولا رصاص. قصد كيري التهدئة ونجح أو هو قرر فنفذ. وفي التفسير، جاء تحرك كيري تخوفا من تفجر ملفات أخرى في الإقليم، فيما الولايات المتحدة لا ترى إلا ملفا واحدا هو داعش والحرب عليها، بل هي تنصح الجميع – والأصح تضغط على الجميع- بأن يحذوا حذوها، فلا يعيرون انتباها لا لمذابح بشار ولا لجرائم الحوثيين ولا استمرار القتل على الهوية في العراق. رأت الولايات المتحدة أن تفجير الملف الفلسطيني –وملف القدس خاصة-سيفضح كل ما يجري، ويكشف حقيقة الموقف الأمريكي –بل والأوروبي- إذ اشتعال الأحداث في هذا الملف بالذات وبهذه الطريقة الإجرامية من الجنود والمستوطنين ونواب الكنيست والساسة الصهاينة، سيجعل الجماهير العريضة في المنطقة في وضع المقارنة بين المواقف الأمريكية والأوروبية من داعش ومن إسرائيل.نشكر الوزير كيري. لكننا لن ندعو له بالنصر على نتنياهو. إذ الرجل لم يفعل إلا كل ما يجدد زرع الشكوك في النفوس، بما فعل. التساؤلات شديدة الآن حول صمت كيري على كل الجرائم الإسرائيلية والذي لم يتحرك إلا الآن. وإذا كان التحرك ولو جاء متأخرا فهو أفضل من أن لا يأتي، فقد كشف كيري دون أن يقصد أن أمريكا لو أرادت، فإسرائيل لا تستطيع أن تقول لا. والأخطر أن الرجل كشف بنفسه أن ما قصده لم يزد على إظهار موقف أمريكي خداعي، حين ترك الساحة بعدها لتعود كما كانت، إذ تجددت مشاهد الاعتداءات والرصاص والغاز. أو هو أوقف الجرائم الصهيونية ليوم أو يومين ليبيض وجه الولايات المتحدة ويظهر أنها ليست موافقة على ما تقوم به المنظمات الصهيونية والجيش، وبذلك عطل تحركات عربية ثم عاد وترك إسرائيل تفعل ما تشاء، ولاذ بالصمت مجددا!تحرك كيري كشف المعادلة الحقيقية، فبديلا عن حكاية سيطرة إسرائيل على قرارات أمريكا، ظهر للناس أن أمريكا هي صاحبة القرار وليس العكس. وتحرك كيري أظهر جانبا من ألاعيب الدبلوماسية الأمريكية التي حولت التعامل مع الملف الفلسطيني إلى لعبة خداعية، تقايضنا فيها الولايات المتحدة ببعض المواقف الجزئية هناك، لتمارس أشد الاعتداءات فتكا بدول أمتنا تحت هذا الغطاء. كانت القضية الفلسطينية هي القضية الكاشفة لكل المواقف الأمريكية وكان الموقف العربي من أمريكا يتعثر تطوره بسبب مساندتها ودعمها لإسرائيل. فجرت لعبة خطرة روج لها الكثيرون قالوا لنا إن أمريكا مسكينة واللوبي الصهيوني يسيطر عليها فلا تستطيع أن تفعل أكثر مما تفعل. برأت أمريكا نفسها عبر هؤلاء، من جرائم إسرائيل وصارت مثلها مثلنا ضحية. نحن ضحايا لإسرائيل وهي ضحية لللوبي الصهيوني في داخلها. وهكذا أظهر تحرك كيري الآن، حقيقة المعادلة، الأخطر أنه كشف كيف استخدمت الضغوط والجرائم الإسرائيلية دوما لإنفاذ سياستها وإستراتيجيتها في الإقليم. حين أرادت قصف واحتلال العراق قالت لنا قايضونا على العراق، نحن نحل لكم القضية الفلسطينية –عبر مؤتمر جنيف-وأنتم تتركون العراق لمصيره، وهكذا جرى الحال من وقتها وحتى الآن في كل اعتداءات أمريكا.كيري تدخل فأظهر المعادلة الحقيقية للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وحدد بجلاء أن أمريكا هي صاحبة القرار، ولذا لن ندعو لكيري بالنصر على نتنياهو!.

904

| 21 نوفمبر 2014

على ماذا تتفاوض أمريكا مع إيران ؟

تتفاوض أمريكا مع إيران الآن وجها لوجه، وبصورة علنية، بعد وقت طويل جرى التفاوض بينهما بعيدا عن الأعين أو عبر وساطات ورسائل لا يكشف النقاب عنها. وقد سبق للتفاوض أن جرى عبر التهديد أيضا، إذ كان الموقف الأمريكي غير الحاسم في رفض التهديدات الإسرائيلية بقصف المفاعلات النووية الإيرانية، جانبا من التفاوض الذي جرى أيضاً تحت ضغط تهديدات أمريكية باستخدام القوة عبر الإعلان عن امتلاك خطط أمريكية لقصف المفاعلات النووية الإيرانية، وإطلاق مقولة "خيار القوة لا يزال على الطاولة".والبادي من متابعة أنباء المفاوضات الأخيرة، أن الملف النووي الإيراني لا يزال هو القضية المختلف حولها بين الطرفين الأمريكي (والأوروبي) والإيراني، غير أن تصدير حكاية الملف النووي وحدها لا تعكس حقيقة ما يجري، كما أن الجاري على الأرض في المنطقة يطرح أسئلة أبعد وأعمق وربما أخطر، من حكاية الملف النووي، إذ الحروب والصراعات الجارية في المنطقة الممتدة من باكستان وأفغانستان وحتى لبنان مرورا باليمن والعراق وسوريا، تظهر أن الملف النووي ليس إلا واحدا من ملفات عديدة وخطيرة. ويبدو الربط بين الملفات أمرا مهما للغاية، ليس فقط لأن إيران اعتمدت إستراتيجية اللعب بالملفات والأوراق المتعددة والمتنوعة في الإقليم الذي يعيش أسوأ حالات صراع الخارج على النفوذ في داخله، بل لأن ثمة استعدادا أمريكيا وأوروبيا - ومن بعض الأطراف العربية- للاعتراف بالنفوذ والدور والمصالح الإيرانية في الإقليم، كبديل لامتلاك إيران للسلاح النووي!لقد جاء الإعلان عن جولة مفاوضات علنية ورسمية في مسقط، تشديدا على انفراد الأمريكيين والأوروبيين بتحديد العلاقات الحالية والمستقبلية مع إيران دون بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي، كما تظهر المفاوضات للعلن مدعومة بأنباء عن رسائل مباشرة بين الرئيس الأمريكي والمرشد الإيراني تحوي تشديدات على المصالح المشتركة بين الدولتين، والأهم أن المفاوضات المباشرة تأتي كاشفة ومفسرة لما يراه الجميع على الأرض من ارتباط عسكري عملياتي بين سلاح الجو الأمريكي والميلشيات والفيالق الإيرانية المقاتلة على الأرض العربية.ويستطيع المتابع القول بأن التركيز على الملف النووي، يعكس سريان توافقات سبق الوصول إليها بين الدولتين –أسست لما بعدها- بدءا من التعاون المشترك خلال العدوان الأمريكي على أفغانستان والعراق، وصولا لما هو جار من غطاء الطيران الأمريكي للحوثيين والميلشيات الإيرانية المقاتلة في العراق..إلخ.وفي كل ذلك يجري الصراع والاتفاق على حساب دول الإقليم، حتى يمكن القول بأن البلدين باتا في خندق واحد في كثير من القضايا التي تشهد حالات اشتباك في الإقليم، أو أن هناك خصوما أقوياء لكل من الولايات المتحدة وإيران، يدفع الطرفين الآن للالتقاء في مواجهة هؤلاء الخصوم. وبمعنى آخر، فان وصول الولايات المتحدة وإيران لحل لخلافاتهما وتنظيم حدود اتفاقاتهما ومصالحهما هو على حساب الأطراف العربية والإسلامية، لا أكثر ولا أقل. وهنا يظهر الخطر في المفاوضات الجارية، إذ لا طرف عربي أو إسلامي مشارك وصاحب قرار بشأن ما يجري التفاوض بشأنه.الولايات المتحدة وأوروبا لا يتفاوضان مع حول الملف النووي الإيراني، إلا من زاوية الحفاظ على الوجود والمصالح الأمريكية الغربية في المنطقة العربية، حيث ما يعني الغرب هو أمن وجوده العسكري واستمرار مصالحه الاقتصادية وعدم وقوعهما تحت تحديد سلاح نووي إيراني. هم لا يتفاوضون حول حق العرب في امتلاك سلاح مكافئ ولا حول المصالح العربية في الدفاع عن النفس، بل يتفاوضون حول تقاسم المصالح الغربية والإيرانية في المنطقة العربية والإسلامية.إيران والغرب يتصارعان ويتفاوضان علنا، حول أجندات مخفية ومتعددة، ونظم الحكم العربية والإسلامية لا تشارك في المفاوضات ولا التسويات إلا عبر ما يصلها سرا، ونتائج التوافقات الجزئية التي جرت في السابق تظهر مخاطر الاتفاقات القادمة إن انتهت المفاوضات إلى الاتفاق الكامل.في السابق دفعنا الثمن، وفي القادم سندفع ثمنا أكبر وأخطر.

1719

| 14 نوفمبر 2014

الربيع العربي بريء من الصوملة !

دخلنا عصر وزمن الميلشيات الأقوى من جيوش الدول، دخلنا عصر الصوملة أو الاقتتال الأهلي، الاقتتال يجري في كثير من الدول العربية بين مليشيات متصارعة صارت أقوى من جيوش الدول، وأصبحت تفرض إرادتها على الدول والجيوش والأخطر أن الاقتتال يجري لتحقيق مصالح واستراتيجيات دول خارجية داعمة ومتحفزة لتلك الحالات من الحرب الأهلية. والصوملة هي تلك الحالة: لا جيش وطني وإن وجد كانت الميلشيات في وضع أقوى منه، تتقاتل هي لتحقيق السيطرة على الأرض والبشر. وإذا كان الاقتتال والتفكك في الصومال قد جرى سابقا على الربيع العربي بأكثر من نحو 20 عاما، فهناك من يلعب لعبة الخداع والتضليل، ويتهم الربيع العربي بالمسؤولية عن حالة الصوملة الجارية الآن في الدول العربية. البعض يحلو له اتهام الربيع العربي وتحميله أسباب هذا الانفلات والتفكك والاقتتال والاحتراب الأهلي الجاري بضراوة في المنطقة العربية. البعض يقول: الربيع العربي انتهى إلى الصوملة.لكن الربيع العربي بريء حقا وحقيقة. لم يكن الربيع العربي هو سبب الصوملة أو الاقتتال الأهلي، إذ وجود الميلشيات كان سابقا على الربيع بسنوات طوال، وقد فشلت نخب الحكم في بناء نظم سياسية ديمقراطية، فالميلشيات التي تتقاتل في العراق شيعية كانت أو كردية، جاء تشكيلها سابقا حتى على احتلال العراق، وكلها كانت في وضع القتال ضد جيش الدولة العراقية لسنوات طوال بدعم من إيران وإسرائيل، وميلشيا الحوثي التي وصلت حد السيطرة بالسلاح على الدولة والأرض في اليمن، تشكلت قبل الربيع بسنوات طوال، بل هي دخلت ستة حروب مع الجيش اليمني قبل موجة الربيع وهي حين تقاتل الآن فقتالها هو عملية انقلابية على الربيع. والحال كذلك في لبنان، الذي شهد تشكل الميلشيات كالفطر خلال الحرب الأهلية، وإذا بقي حزب الله بعد تلك الحرب وحيدا في ساحة امتلاك السلاح، فهو تشكل وخاض حروبه مع إسرائيل وانقلب من بعد ليظهر طائفيته ويشن حربه ضد طوائف أخرى في لبنان قبل انطلاق الربيع بسنوات أيضا.وإن وجدت صلة بين الربيع العربي وتشكل الميلشيات واندلاع الحروب الداخلية والوصول إلى حالة الصوملة، فالحق أن دور هذه الميلشيات يتلخص في الانقلاب على الربيع العربي، أو لنقل إن هناك من طور دور الميلشيات التي شكلها قبل الربيع بسنوات طوال، لتصبح أداته في الانقلاب على الربيع، إذ معظم أعمال الانقلاب على الربيع العربي جرت بالقوة العسكرية وكانت ميلشياوية، كما هو الحال في اليمن وليبيا وسوريا.لقد استخدمت إيران الميلشيات التي شكلتها ودعمتها في سنوات سابقة، لإنقاذ نظام بشار من الربيع العربي وفي ذلك جلبت حزب الله من لبنان وعشرات الميلشيات من العراق، وهي من مولت وحركت وقادت الميلشيات التي ساندت الاحتلال ومن بعده السلطة الطائفية في العراق، بما دفع تلك المنطقة إلى حالة الفوضى المتوسعة والمستديمة، التي هيأت ظروف وجود ونشأة تنظيم الدولة الإسلامية الذي احتاجت دول المنطقة إلى قوة الدولة العظمى الأولى في العالم مضافا إليها قوات من دول غربية وعربية لمواجهتها باعتبارها ميلشيا عابرة للدول، فضلا عن تسبب تلك الحالة في تعميق حاجة بقية المجموعات العراقية للبحث عن الحماية الذاتية المسلحة، فلم تعد الحالة الكردية حالة مجتمعية بل صار لكل من أكراد العراق وسوريا ميلشيات تدافع عنهم، وهو ما توسع باتجاه التدويل بطلب التسليح والحماية الجوية الأمريكية والغربية. والحال نفسه مع ميلشيات الحوثي التي حركتها إيران للانقلاب على ثورة الربيع اليمني وعلى الحوار والوفاق الوطني.كان تشكيل الميلشيات سابقا على الربيع، بل إن الربيع العربي لم ينتج عنه ظهور أي من الميلشيات المتقاتلة الآن، فالثورة العراقية قبل الربيع أنتجت مقاومة وطنية ومظاهرات في ساحة العزة، ولم تنتج ميلشيا، فيما أنتج الاحتلال الميلشيات الشيعية والصحوات وكلها ميلشيات معادية للمقاومة الوطنية. وفي سوريا أنتج الربيع السوري تشكيل الجيش السوري الحر، ولم تذهب الأمور باتجاه المليشياوية إلا بعد دخول الميلشيات الإيرانية. وفي ليبيا وعقب انتصار الثورة ونهاية الحرب الوطنية لتحرير البلاد من حكم القذافي، انصرف الثوار الذين قاتلوا ميلشيات أو كتائب القذافي، ولم يعودوا للسلاح إلا بعد تدخل ميلشيا حفتر.الحق إذن والواقع أن الربيع لم ينتج حالة ميلشياوية ولم يدفع أي من البلاد نحو الاقتتال الأهلي والصوملة، وأن الثورات المضادة هي التي واجهت الربيع العربي بالميليشيات التي كانت قائمة قبل الربيع وجرى تغيير مهامها لإجهاض الثورات.والوقائع تؤكد براءة الربيع العربي كليا، لكن هناك من يحاول البناء على فكرة أن القارئ ذاكرته مثقوبة ويروج لمقولات اتهام للربيع العربي.

989

| 07 نوفمبر 2014

فازت النهضة ولم تخسر

لم تخسر حركة النهضة، بل هي نجحت في التأسيس لنجاح مشروعها. والخطأ كل الخطأ هو ذاك التصور الساذج بأن المشروع الإسلامي التغييري يمكنه أن يزيل ركام مئات من سنوات التخلف والاحتلال في عدة أعوام. كما الأهم في إنجازات الربيع العربي - في مرحلته الأولى خاصة - أن تنتقل المجتمعات من الاستسلام للديكتاتورية والتعايش السلبي معها إلى ترسيخ الديمقراطية في داخل بنية العقل الجمعي حتى لا يجري الانقلاب عليها، وبهذه الطريقة وحدها يمكن للنهضة أن تحكم دون الانقلاب عليها. فازت النهضة حين خطت بالمجتمع التونسي خطوة كبيرة للأمام، بالتوافق على أن الديمقراطية هي أساس قيام النظام السياسي، وحين تمسكت بالديمقراطية على حساب تنظيمها باعتبارها هدف الربيع العربي الأول وبديلها هو العنف والحرب والاقتتال، كما الحال السائد في الإقليم. لم يكن فوزها في الانتخابات الأخيرة هو المهمة الأولى، والأغلب أنها لو فازت لانقلب الأمر على تونس وعلى النهضة وفوق رؤوس الجميع، مشروع النهضة قفز الآن خطوات كبرى ولو فازت في الانتخابات الحالية، لكان قد تعثر، قد يبدو الكلام غريبا، لكنه الواقع الأليم، فلو فازت النهضة لكانت الثورة المضادة، قد عادت بقوة محمولة ومستندة إلى وضع إقليمي ودولي شديد العداء للثورة التونسية والديمقراطية وللنهضة، وربما تحولت تونس من حالة الصراع الديمقراطي إلى وضعية الصراع الحربي والاقتتال الأهلي، مثلها مثل دول أخرى نجح فيها الإسلاميون عبر صناديق الانتخاب وانتهى الأمر إلى انقلاب عليها وعلى إرادة المجتمع، لم يكن متوقعا أبداً حال فوز النهضة أن يقول أحد إن الانتخابات جرت في نزاهة، كنا سنرى كثيرا من الأحزاب وقد أطلقت حناجرها تنديدا بالنهضة واتهاما لها باستخدام الدين لجذب الناس للتصويت لها، وكنا سنسمع أصواتا تتهجم على الثورة بل تتهم الشعب بالجهل، ولمن يشكك في ذلك فلينظر فيما يجري ضد أردوغان رغم سنوات حكمه وإنجازاته. والأصل في التغيير الجاري في الربيع العربي، ليس تغيير النظام السياسي من الديكتاتورية وحكم الفرد إلى حكم الأغلبية، فقط، بل تغيير المجتمع وإعادة تأسيسه على قيم الديمقراطية وتأسيس وحداته وكافة مكوناته والهيئات النقابية والاجتماعية والسياسية على الإيمان بنتائج الصندوق أيا كانت، فالديمقراطية التي تصور البعض أنها نظام سياسي وكفى، تثبت التجربة أنها ديمقراطية هشة يمكن أن تتلاعب بها القوى السياسية واحدة تلو الأخرى. الديمقراطية قالت لنا إن نيلها ممكن لكن الحفاظ عليها دونه صراع مرير، باعتبارها مفقودة حتى في داخل بنية الأحزاب السياسية، وتلك هي القضية الأصل. ويمكن القول بأن الخطأ الذي طغى على عقول النخب التي تحركت في الربيع هو أنها تصورت أن بناء نظام سياسي ديمقراطي هو عملية تتعلق بصراعات النخبة لا بقناعات المجتمع ورضاه وتفاعله معها. فازت النهضة ولم تخسر، ولم يكن متوقعاً من الشعب التونسي أن يعيد منحها صدارة المشهد بعدما رأى كل ما جرى حوله من معضلات سببها فوز الإسلاميين. أدرك العقل الجمعي التونسي أن الثورة لا تبني إنجازاتها بضربة واحدة وأن الثورة تقبل الانتقال التدرجي في هذه الظروف القاسية التي تعيشها الأمة، فقرر أن يمنح النهضة المقعد الثاني لا الأول لتكون صاحبة المقعد الأول حين تترسخ الديمقراطية، فلا يستطيع أحد اقتلاعها، قرر الشعب التونسي اتخاذ نفس القرار الذي اتخذته النهضة حين قررت التخلي طواعية عن الحكم والتفويض الذي منحه الشعب لها عبر صناديق الانتخاب، حتى لا تسقط البلاد في الفخ الذي نصب لها بحرفية وإتقان. فازت النهضة بأن لم تتصدر المشهد الآن، إذ لم يكن بإمكانها أن تجلب الدعم الدولي والإقليمي المطلوب لإنقاذ البلاد من الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه. وفازت لأن غيرها بات عليه أن يتصدى للإرهاب، ولو كانت النهضة في الحكم لاتهمت بلين تعاملها معه، وربما بالعمل كحاضنة له حين تتحدث عن عوامل الديمقراطية والتنمية أساس للمواجهة، وفازت لأنه لم يكن من الممكن لها في هذه اللحظات الانتقالية أن تحقق نصرا مريحا يمكنها من إنجاز برامجها، ونداء تونس في مآزق الآن. لكن شرط فوز النهضة أن تعمل على تعميق الديمقراطية ومواجهة الاستبداد ومحاربة الفساد، حين تختار المشاركة في الحكم أو البقاء في المعارضة.

1452

| 31 أكتوبر 2014

البحث عن بديل للجامعة العربية

إنهار النظام الرسمي العربي، ولم يبق شاهد على وجوده إلا أطلال الجامعة العربية وموظفوها وأمينها العام، وكلهم شهود على زمن مضى، يجري الاحتفاظ بهم ومقرهم بحكم العادة ولحاجه أطراف خارجية- دولية وإقليمية- ترى في وجود تلك الأطلال ضرورة، لكي لا يفتح الطريق للبحث عن بديل حقيقي يحشد طاقات الأمة، ولحاجة تلك الأطراف لتمرير اعتداءاتها على أقطار الأمة تحت غطاء موافقة الجامعة العربية كهيئة متحدثة باسم العرب، فلا تبدو تلك الدول معتدية أمام الرأي العام العربي، بل منسجمة مع آراء الجامعة التي لا رأي لها إلا ما يطلب منها. هذا الحال لا يمكن استمراره، وتصور إمكانية تطوير الجامعة أو أن التغني بالأمجاد يحركها أو يعيدها للحياة- ليس إلا بكاء سياسيا على الأطلال، يفرغ شحنات الألم وقد يريح الضمير بعمل شيء، لكن دون فائدة. يجب البحث عن بديل – بعدما فشلت كل جهود المثقفين وضغوط الرأي العام في إصلاح الجامعة- إن لم يكن لضرورات أن تكون هناك هيئة فاعلة في مواجهة أحداث جسام كالتي تمر بها الأمة، فلمواجهة خطر تنامي روح تفكيكية لدى الجمهور العام تحت الشعور بعدم "جدوى العمل العربي" إذ تسري أفكار تقول إن العمل العربي لا فائدة منه كما تتحرك قطاعات من الجماهير نحو دول في الإقليم بحثا عن مساندتها.. تنامي مثل تلك الروح أخطر من بقاء أطلال الجامعة كرمز لزمن مضى، والأفضل أن يجري تحويلها لمتحف ومزار مع البحث عن بديل، لكن وفق رؤية أخرى. وبالإمكان القول، إن أمر البحث عن بديل للجامعة والنظام الرسمي العربي ليس جديدا – وإن جرى وفق نزعات تراجعية- إذ جرى تشكيل كيانات مناطقية حين سرى شعور بعدم جدوى الجامعة والنظام الرسمي، فظهر مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي ومجلس التعاون العربي (وكان يضم مصر والعراق والأردن واليمن الشمالي) وللأسف جاءت نتائج تلك التجارب قريبة من نتائج تجربة الجامعة. وقد كشف النقاب من بعد عن تشكل بعضها استجابة لطلبات خارجية، وتعرض بعضها للهدم والتحطيم دون الاحتفاظ حتى بمباني أو هياكل وشواهد على قيامه يوما ما. كان فشل الجامعة العربية نتيجة طبيعية، بل كان تحولها إلى حارس لحالة تقسيم الأمة العربية والإسلامية أمرا طبيعيا أيضا، بسبب طبيعة نشأة الجامعة، وبحكم الدور البريطاني في وضع فكرتها والمساعدة في تشكيلها، كأداة تعميق فكر وحالة الانقسام بين العرب والمسلمين وتحقيق وضعية تمكن الخارج من إنهاض روح العداء لدى الأعراق غير العربية..الخ. غير أن تشكيل مظلة تحقق مصالح شعوب هذه المنطقة امتدادا إلى العمق الإسلامي، يبقى ضرورة حالة، وفي مثل ما نمر به من مآس يصبح افتقاد هذا الدور حالة كارثية، إذ يتهدد وجود الدول العربية وفق ما نراه من أعمال تفكيك وتوغل نفوذ ودور دول الإقليم في داخل المجتمعات واختراقها وتفكيك ولاءات المواطنين..الخ. لقد تحول دور الجامعة من الدفاع عن مصالح الأمة إلى تعميق اختراقها، ولذا لم يعد ممكنا إلا إعلان نهايتها، وإطلاق عملية جديدة مخططة لتشكيل كيان مناسب قادر على تحمل تبعات المرحلة الخطرة ويلبي واقع التغيير الذي جرى. مطلوب كيان عربي مختلف.لا يتأسس على فكرة تكريس الانقسام بل يعمل لأجل تعميق الالتقاء. كيان ديمقراطي يسعى لدمج كافة المكونات العرقية والثقافية واللغوية داخل المجتمعات العربية، ممتدا إلى العالم الإسلامي لا متناقضا معه، كيان يعمق فكرة المصالح المشتركة ولا يكرس الانقسام والتقسيم داخل المجتمعات وبين الدول وبعضها البعض..الخ. وتشكيل مثل هذا الكيان يواجه تحديات جمة، أولها تصور وجوب قيامه من رحم العلاقات العربية الرسمية الحالية ونخبها الحاكمة، فيما الأساس أن يمثل آراء المواطنين ويكون الانضمام إليه عملية ديمقراطية تصويتية في داخل كل مجتمع، بل هو يجب أن ينشأ تحت ضغط شعبي حقيقي. وثانيها تصور أن تشكيل مثل هذا الكيان يجب أن ينتظر نجاح التغيير الجاري حاليا باعتبار أزمة الجامعة ناتجة عن أفكار ومصالح النخب الحاكمة، فيما المطلوب العكس، إذ يجب أن يشمل التغيير فكرة العمل العربي والإسلامي ولا يقتصر على القضايا الداخلية في كل مجتمع. وثالث التحديات أن ظهور مثل هذا الكيان لا يعني سوى خوض معركة حقيقية إذ الغرب وبعض دول الإقليم ستفعل كل ما في وسعها لمنع قيامه وستعلنها حرب عليه. وهو ما يتطلب حشدا شعبيا خلف الفكرة. ويتطلب الأمر أن يحمل الفكرة مثقفون وسياسيون يحددون مشروعا واضحا يدفعون به للرأي العام العربي ليكون متطورا ومتحولا إلى مشروع في أرض الواقع، مع انتصار الديمقراطية عبر ثورات الربيع، ومن الدول التي تحسم فيها الثورات وجودها. انتهت الجامعة والبحث عن بديل يبدأ الآن على صعيد الرأي العام.

1027

| 24 أكتوبر 2014

أوروبا: إنقاذ إسرائيل من مصيرها المحتوم

تتسارع خطوات الدول الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطينية "مستقلة". السويد بدأت الحركة بخطوة بدا أنها مفاجئة وجريئة وغير مسبوقة، ثم دعمتها فرنسا على الفور، ودخلت بريطانيا على الخط حين صوت برلمانها بأغلبية ساحقة لمصلحة الاعتراف بتلك الدولة. وكل ذلك خلال أسبوعين، وبذلك انحازت أهم دول أوروبا للفكرة والرؤية التي تنشد حل الدولتين، وهو ما يعني أن كثيرا من الدول الأوروبية الأخرى قادمة على ذات الطريق. وهنا يبدو مهما القول، بأن الأساس الذي تتحرك أوروبا على خطوطه هو أن المفاوضات التي تقودها وتسيطر عليها الولايات المتحدة-منفردة- لنحو 22 عاما لم تفض إلى حل الدولتين المتفق عليه عند انطلاقها، وتلك إشارة أوروبية لفشل الخطة والدور الأمريكي، ومحاولة للسير في مسار آخر بديل تقوده أوروبا. ما الذي يجري؟ هل نحن أمام يقظة ضمير أوروبية تدفع أوروبا لهذا التعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته؟ أم أننا أمام محاولة إنقاذ إسرائيل من نفسها ومن مصيرها المحتوم؟واقع الحال أن قرارات الدول في سياستها الخارجية لا علاقة لها لا بالضمير ولا الأخلاق ولا حتى بالقوانين والمبادئ الدولية أو الإنسانية المدعاة، وإنما هي ترجمة لمصالح الدول ولخططها الإستراتيجية المعتمدة لتحقيق تلك المصالح. كما أننا تعودنا دوما في منطقتنا، على لعبة صارت تقليدية الآن، إذ تطرح مبادرات سياسية غربية تجاه القضية الفلسطينية تحديدا، حال بدء أعمال الحرب ضد أي من الدول العربية، وبعد أن تنتهي الحرب نكتشف أننا عشنا حالة مناورة هدفها التأثير على الرأي العام وإعطاء فرصة للحكومات العربية لتبرير مشاركتها في الحرب على غيرها من العرب تحت غطاء التحرك الغربي لحل القضية الفلسطينية. كان مؤتمر مدريد وعملية أوسلو وكل تبعاتهما، أحد تجليات المبادرات الغربية خلال مرحلة الحرب على العراق –فيما سمي بمسألة الربط بين القضية الفلسطينية والنزاعات والحروب الأخرى –ولذا ليس من المصادفة أن تأتي التطورات الحالية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، مرتبطة بالحرب الشاملة التي تجري الآن في سوريا والعراق تحت مسمى الحرب على الإرهاب. لكن الأمر الآن مختلف حقا، فنحن لسنا أمام الألاعيب الأمريكية التي لا تفضي إلى شيء، بل نحن أمام قرارات وتوجه عملي بالاعتراف بالدولة التي ترفض الولايات المتحدة ميلادها إلا عبر المفاوضات التي لا بدورها لا تنتج شيئا –لمصلحة القضية الفلسطينية بل هي غطاء خداعي يمكن إسرائيل من إنفاذ مخططاتها-وكلما توقفت ضغطت لأجل استمرارها. نحن أمام تطور حقيقي ومهم يظهر مغزاه من ردة الفعل شديدة الغضب في إسرائيل. ونحن أمام قفز على لعبة المفاوضات العبثية، وكذا يبدو التوقيت مهما، إذ تأتي تلك المبادرة الأوروبية بالارتباط مع أعمال التدمير والقتل والإبادة التي جرت في غزة ووضعت الحكومات الغربية في موضع شديد الحرج، خاصة بعدما تصاعد الوعي والغضب لدى الرأي العام الأوروبي بشأن القضية الفلسطينية.لكن كل تلك الأمور لا تشجع أحدا على اعتبارها جوهر أسباب التحول المتنامي في المواقف الأوروبية من القضية الفلسطينية، في ضوء تجارب أمتنا مع أوروبا والغرب عموما، إذ أعمال الاحتلال والقتل والمذابح التي جرت ولا تزال تجري بأيدي جيوشهم في بلاد عربية وإسلامية، دون وازع من ضمير أو احترام القانون الدولي والإنساني، تظهر جوهر السياسة الغربية تجاه كل قضايانا.أوروبا تحاول إنقاذ مشروعها الاستيطاني في فلسطين من الانهيار، إذ التقارير الإستراتيجية الغربية – مراكز الأبحاث والاستخبارات - باتت ترى إسرائيل مهددة بالانهيار والزوال في حال استمرار الوضع الراهن، ولأسباب متعددة، بعضها يعود للانقلاب الديموغرافي المتنامي في فلسطين إذ يزيد عدد السكان العرب داخل الأرض المحتلة على عدد اليهود. وبعضها يعود لتصاعد حالات الهجرة من إسرائيل للخارج رعبا وخوفا. وبعضها يتعلق بنمو التطرف الديني وصعوده بالتدريج لقيادة إسرائيل بما ينبئ بكوارث على أوروبا لا العرب فقط. والأهم أن أوروبا تدرك الآن وأكثر من كل وقت مضى أن المقاومة الفلسطينية قطعت شوطا كبيرا في تهديد قدرة إسرائيل على البقاء.أوروبا تتدخل لإيقاف الولد الإسرائيلي المجنون بهدف إنقاذه من مصير بات محتوما. وأوروبا تحاول استثمار الضعف العربي الراهن لتمرير قيام دويلة فلسطينية مسلوبة القوة والإرادة وتحت الهيمنة الإسرائيلية، لتحقق فصل العرب "الأكثرية" في أضيق مساحة أرض حتى لا ينتج الانقلاب الديموغرافي أنها للمشروع الإسرائيلي. وهي تتطلع إلى حشر المقاومة في فكرة الدولة المعترف بها –على ضالتها –بما يسقط شعاراتها حول التحرير الكامل، وإلا دخلت المقاومة في مواجهة مع النظام الدولي.أوروبا تنقذ إسرائيل، وتنقذ نفسها من عودة اليهود إليها مجددا!

1500

| 17 أكتوبر 2014

للأسف.. ليست زلة لسان من بايدن!

اتهم نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن دولاً عربية وإسلامية بمساندة داعش، وهو من بعد قدم اعتذاراً هنا أو هناك وسط تبريرات تقول إنها مجرد زلة لسان أو إن ما قال فهم خطأ، لكن للأسف هو قصد ما قال ولم يكن الأمر مجرد زلة لسان، إلا إذا افترضنا أن نائب الرئيس الأمريكي رجل لا يعرف ما يقول، وإذا افترضنا، أيضاً، أن بعض الدبلوماسيين الغربيين الذين قالوا نفس الكلام – واعتذروا أيضاً فيما بعد - قد أصابوا بايدن بعدوى عدم الإدراك أو أن الغرب قد أصابته حمى التصريحات المنفلتة فجأة. والجميع يتذكر تجربة أمتنا مع ما قيل بأنه زلة لسان من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، حين قال إن أمريكا تخوض حرباً مقدسة (أي حرباً صليبية) وقيل وقتها إن الرئيس لا يقصد المعنى وأثبتت الأيام أنه كان يقصد ما قال تماما وأن الأمر لم يكن زلة لسان بل كان تعبيرا دقيقا عن حقيقة الفكر والإستراتيجية الأمريكية. وبالمناسبة بايدن من مدرسة جورج بوش وهو من القلائل الذين يفخرون بأنهم من الصهاينة الداعمين لإسرائيل. بايدن للأسف قصد ما قال، وفي الأمر إشارة إلى استمرار التحولات في المواقف الأمريكية نحو إيران التي انتشت وفرحت بهذا التصريح، الذي جاء على غير ما يتردد حول علاقاتها هي بداعش والقاعدة من قبل. بايدن أراد الإشارة لإيران بأنها الحليف الأكثر موثوقية لدى الولايات المتحدة، حتى من المشاركين في الحرب على الإرهاب- وكان لافتا أن شمل اتهام بايدن معظم المشاركين - وقد التقطت إيران الإشارة من فور إطلاق التصريح وبدأت حربا إعلامية وسياسية ودبلوماسية مباشرة على الدول التي أشار إليها بايدن وبذات الاتهام وأكثر، خاصة تركيا التي بات المسؤولون والإعلاميون الإيرانيون يحذرون من مخططات خطيرة لها، وهي لغة ومصطلحات لم تصدر من أي مسؤول إيراني قبل هذا التصريح. هنا لم تكن زلة لسان بل بيان تحريض ودفع للاشتباك بين دول الإقليم. وبايدن قصد التفلت من فكرة مواجهة وإسقاط نظام بشار، التي تصر عليها الدول التي اتهمها بايدن تحديداً بمساعدة داعش أو غض الطرف عنها. من يفتش في التصريحات جيداً يجدها تتحدث عن أن تلك الدول المتهمة في داعش، كانت منشغلة وهمها الأكبر إسقاط نظام بشار – وهو ما اعتبرته التصريحات، السبب الذي سمح بتنامي قوة داعش- وهنا يبدو بايدن في موضع من يرسل رسالة طمأنة لنظام بشار – وإيران وروسيا - بإعلان صريح بأن هناك من ينشغل بإسقاطه ليس من بينهم الولايات المتحدة، وخطورة التصريح هنا أنه يلقي الضوء على تفاهمات ومقايضة بين أوضاع أوكرانيا وسوريا. ومن يقلب في الموقف التركي التالي لتصريحات بايدن يجده صار أكثر وضوحا بل وتشددا، إذ فهم الأتراك مغزى تصريحات بايدن –بل وصداها المقصود داخل تركيا باعتبارها مستهدفة إعادة تأجيج الحركة الانفصالية للأكراد- وأنها ليست زلة لسان بل كشف لكوامن الموقف الأمريكي. ولذا تحرك أردوغان بحسم ضد التصريحات وطالب باعتذار علني. وبايدن، أراد أن يوجه رسالة ضغط وتحذير لمن وجه لهم الاتهام، بأن الولايات المتحدة مصممة على أهدافها هي من حكاية التحالف الحربي، وأن إصرار تلك الدول على ربط مساهمتها في التحالف وتوجيه جهودها، لأجل إسقاط نظام بشار هو أمر لن تقبل به الولايات المتحدة –لحسابات مصالحها هي- وأن دخول تلك الدول للتحالف لأهداف تضمرها هي، أمر لن تقبل به الولايات المتحدة وربما قصد بايدن الإشارة لوجود خيارات أخرى للتحالف في الإقليم. وقد كشف بايدن بتصريحاته، بعدا مهما في أسباب تبنى الولايات المتحدة إستراتيجية غامضة وعدم إفصاحها عن أهدافها الكلية أو الحقيقية. فاتهامه هنا يكشف أن الغموض يمنح الولايات المتحدة فرصة مواجهة أي طرف داخل التحالف أن خرج على ما قررت أو تريد. أما عن الرجل، فهو صانع أخطر القرارات في الشرق الأوسط. ويكفي أنه صاحب مشروع تقسيم العراق في الكونجرس الأمريكي، وأنه لا يزال يعمل لإنفاذه بل هو حقق منه الكثير على الأرض. وتصريحه هنا يصب في ذات الخانة التي يملا فيها منذ إقرار المشروع في الكونجرس. فالاضطراب الذي أحدثه التصريح لاشك قد صب الزيت على النار في العراق، أيضا. بايدن قصد ما قال تماما، والاعتذارات جاءت بقصد تخفيف حدة المواقف التي صدرت لا أكثر ولا أقل.

1702

| 10 أكتوبر 2014

حرب بلا نصر!

تلك الحرب المعلنة من التحالف الدولي- الإقليمي على داعش، هي حرب بلا هدف سياسي محدد – ليس منطقيا أن يكون هدفها مجرد قتل عناصر تنظيم داعش- ولا يعرف معيار النصر فيها أو الهزيمة، ولذا هي الحرب الأولى في التاريخ التي تجري بلا انتظار لنصر سياسي محدد، وبلا معيار محدد للهزيمة أيضا. فالولايات المتحدة التي دعت للحرب والتحالف، يتعمد قادتها وسياسيوها وخبراؤها وإعلاميوها، أن لا يقولوا للعالم، سوى أنها حرب على داعش –الإرهاب- وهو ما يأتي مختلفا تماما وكليا عن حربها في زمن جورج بوش على القاعدة، إذ كان هو والمتحدثون بلسان الحرب، يقولون ليل نهار إنهم يخوضونها لأجل تحرير العراق من الديكتاتورية ولتحقيق الديمقراطية وبناء شرق أوسط جديد..إلخ. فهل تأتي الحرب الراهنة لهدف سلبى، فقط، ولم هذا الغموض والمراوغة الأمريكية؟ نحن أمام مجرد وصف للحرب بأنها حرب على الإرهاب وأمام جهة تبدو غامضة، قيل أن الحرب تشن عليها، الدول تتهم بعضها بعضا بصناعتها. هذا كل شيء، ولا شيء أكثر، وحين يسأل أي مسؤول أمريكي فليس لديه إلا تلك الأسطوانة المسجلة، لا تفاصيل لخطط سياسية ولا إستراتيجية ولا عسكرية. وتلك حالة تذكرنا بالنكتة المصرية التي تروي أن مصريا اشترى سيارة تاكسي (أجرة) ونزل يدور بها في شوارع القاهرة، فيشير له الواقفون في الشوارع ويطلقون صيحتهم على الطريقة المصرية الشهيرة "تاكسىىىيى " فيقلل من سرعته ويقترب من صاحب الصيحة ويقول له "نعم هو تاكسي -أيوة تاكسي- ثم يواصل السير . نعم عرفنا أنها حرب على داعش أو حرب على الإرهاب، لكن الخبراء الأمريكيين الذين ينشطون عادة في الحديث عن الحرب ويقدمون تنظيرات لها، لم يقولوا لأحد شيئا عن هذه الحرب. بما يطرح أسئلة حرجة ومحرجة حولها .هل هي حرب استباقية ؟ أم هي حرب دفاعية ؟ .وهل هي حرب من الحروب الصفرية، هدفها إبادة داعش وكل مقاتليها وفقط، وقد قيل أنها حرب لن يسمح فيها لأحد من مقاتلي داعش بالمغادرة والعودة لبلاده ؟ أم حرب ترويض وتقليص لنفوذ ودور داعش لكي يتواصل وجودها على نحو ما خدمة لمصالح ما ؟ وهل يمكن لتلك الحرب أن تشهد أعمالا تفاوضية، مثلا ؟. وبعد الحرب، هل تنسحب أساطيل الطائرات التي حضرت للمنطقة من كل بلاد الغرب،أم ستظل في قواعدها الحالية، وفقا لقاعدة أن ما يحتل بالقتال وفي أثنائه لا يجري التخلي عنه إلا بالحصول على مكاسب ؟. هل تغادر الطائرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية ...إلخ، القواعد التي تنطلق منها خلال القصف- في أربيل خاصة- أم أنها ستظل في مواقعها تحت دعوى الخشية من عودة داعش للميلاد في زمن آخر ؟ وماذا لو ظهرت تنظيمات أخرى في دول أخرى، هل يقرر التحالف أنها إرهابية، ويحذف اسم داعش ويضع مكانه الاسم الجديد ويتواصل الحال كما هو عليه الآن ؟ ولماذا اختارت الولايات المتحدة حكاية التحالف بديلا لقرارات وتفويض من مجلس الأمن الدولي ؟.وما هي مدة البقاء المتوقعة لخوض تلك الحرب ؟. وإذا كانت الحرب ستستمر نحو 10 أو 15 عاما –حسب تصريحات العسكريين الأمريكيين - فما هو سر كل هذا الوقت الطويل أو ما سبب طول المعركة؟. التقديرات تقول إن مقاتلي داعش نحو 18 ألف مقاتل وفي أقصى تقدير يصل العدد إلى 30 ألفا، فهل يحسب وقت استمرار الحرب بناء على قرار خفي للولايات المتحدة بأن لا تقتل بطائراتها وكل الطيران الغربي الكثيف هذا، سوى فرد واحد من مقاتلي داعش يوميا – مثلا - أم أن طول البقاء يعود إلى ما بات شبه مؤكد – في التحليلات- بأن هدف الحرب هو تقسيم تلك المنطقة وحراسة هذا التقسيم بالقوة المشاركة في الحرب لفترة طويلة أسئلة حرجة أخرى وخطيرة حول تلك الحرب .تتعلق بما بعدها.في العراق مثلا، يتساءل الناس عمن يتسلم الأرض من بعد هزيمة داعش أو القضاء عليها –حسب الهدف المعلن حتى الآن-وهل انكسار داعش بقصف الطيران من أعلى، وبسير وحركة الميلشيات الشيعية والكردية على الأرض،يعنى دخول الميلشيات الشيعية إلى مناطق السنة ؟.هل الحشد الشعبي وبقايا الجيش الطائفي الذي شكله المالكي هم من سيحتلون تلك الأرض؟ وما العمل تجاه ما هو متوقع من مذابح هناك؟ البعض يتخوف من أن يكون هناك من يستهدف وقوع تلك المذابح لتحقيق هدف إعادة هندسة الوجود السكاني وتحقيق التقسيم، تحت الحماية من الطيران الغربي؟. وفي سوريا، ماذا لو قضى على داعش دون سقوط النظام؟ هي حرب بلا نصر محدد ولا هزيمة محددة.

2267

| 03 أكتوبر 2014

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

2334

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
هل نجحت قطر؟

في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...

831

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
النضج المهني

هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...

702

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
إليون ماسك.. بلا ماسك

لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...

651

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...

636

| 12 ديسمبر 2025

alsharq
موعد مع السعادة

السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...

618

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
قطر في كأس العرب.. تتفرد من جديد

يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...

615

| 15 ديسمبر 2025

alsharq
التمويل الحلال الآمن لبناء الثروة

في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص...

570

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
تحديات تشغل المجتمع القطري.. إلى متى؟

نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...

555

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
معنى أن تكون مواطنا..

• في حياة كل إنسان مساحة خاصة في...

531

| 11 ديسمبر 2025

alsharq
الوطن.. حكاية شعور لا يذبل

يوم الوطن ذكرى تجدد كل عام .. معها...

516

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
مسيرة تعكس قيم المؤسس ونهضة الدولة

مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...

504

| 10 ديسمبر 2025

أخبار محلية