رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أليس هناك حرية صحافة في تركيا؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في السنوات الأولى من عملنا بمهنة الصحافة، كان هنالك صحفيون وكتاب ننظر إليهم بعين الفخر والاعتزاز، وعندما بدأنا عملنا كمراسلين تلفزيونيين، كنّا نتابع بإعجاب المراسلين المخضرمين في محطات التلفزة التركية، وكنا نعمل على تقليدهم، لنبدأ بعد ذلك بمتابعة الصحف في البلدان الأجنبية، والقنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء في تلك البلدان.. لطالما تلألأت "الصحافة والأقلام الحرة في العالم الغربي الحر" أمام أعيننا، وكأنها حلم مشرق آنذاك. حلم الصحافة الغربية الحرةكلما زاد اطلاعنا على ذاك العالم، وغصنا أكثر في أعماقه، كان ألق الحلم يتلاشى رويدًا رويدا، ويتحول إلى ظلام دامس.. ومرعب أيضًا.. وإذا ما كتب لكم رؤية ما وراء الأسماء المتلألئة والنجوم اللامعة في عالم الإعلام، لرأيتم سيلًا من العلاقات القذرة، ولرأيتم كيف يتم خداع القراء، وكيف تقوم العلاقات المادية باغتصاب الأخلاق الصحفية.عندما ترون كيف تقوم بعض الأوابد الصحفية التي طالما احترمتموها وشعرتم في قريرة أنفسكم بالحاجة للانحناء أمامها تقديرًا وعرفانًا، بقتل جميع القيم السياسية والأخلاقية، فداءً لحفنة من العلاقات المادية والسياسية، تشعرون بأن نسبة احترامكم لهذه المهنة التي تأكلون منها خبزًا قد تناقصت، بعد سقوط رداء الطهر عنها. النظام الإعلامي يشبه آلة صدئة لإنتاج الكذبإن وسائل إعلام مثل الـ"بي بي سي"، و"سي إن إن"، و"رويترز"، و"فرانس برس"، و"نيويورك تايمز"، و"فاينانشال تايمز"، و"لو فيجارو"، و"الغارديان"، وغيرها، مستعدة ومتلهفة دومًا لإعطائكم دروسًا ومواعظ، ولتأليف كتب حول أخلاق وحرية الصحافة. فتعتقدون أن أقلامهم حادّة كالسيوف، ورؤوسهم شامخة، وقلوبهم تملؤها الشجاعة الصحفية.. وبعد فترة يتصل بهم "ولي نعمتهم"، ويقول لهم "عليكم أن لا تروا هذا الحدث أو ذاك"، فيزول السحر وتنجلي الستائر وتتكشّف الحقيقة.إن نظام الإعلام العالمي في الواقع، هو عبارة عن آلة صدئة لإنتاج الكذب، تلطخت بالفساد والقذارة والمصالح. عندما نفذت إسرائيل عدوانها على غزّة، وقتلت أطفالًا أبرياء، تبارت وسائل الإعلام تلك بنقل أخبار العدوان تحت عناوين "الدفاع المشروع عن النفس"، وعندما تنزل دبابات السيسي إلى شوارع القاهرة، وتقتل المدنيين، وتقوم بانقلاب عسكري على حكومة منتخبة، تسارع وسائل الإعلام تلك بمناقشة ما حدث تحت عنوان "هل ما حصل في مصر كان انقلابًا عسكريًا أم لا"، متجاهلًا المدنيين الذين سفكت دماءهم على قارعة الطرقات.. وفي أحد الأيام تقصف مناطق غوطة دمشق بقنابل كيميائية، يقتل جراؤها الكثير من الأطفال الرضع، فتنشغل وسائل الإعلام تلك بمناقشة ما جرى تحت عناوين "من أي وجهة قد تكون انطلقت القنبلة؟"، ويدفن الأطفال بلا كفن، دون أن يراهم أو أن يسمع بهم أحد.. وفي أحد الأيام أيضًا، تقتتل قبائل التوتسي والهوتو وغيرها في أعماق إفريقيا، من أجل مصالح فرنسا، وبلجيكا، وبريطانيا، ويصل أعداد القتلى إلى الملايين، لكننا لا نرى في وسائل الإعلام إلا أخبارًا وتقارير إعلامية، تتناول إحصاءات الإصابة بمرض الإيدز في إفريقيا.إن وسائل الإعلام الغربية بتجاهلها لكل تلك الأحداث لا ترتكب جريمة إنسانية فحسب، بل تعمل على تجيير تلك الوقائع وقلبها لصالح مرتكبي المذابح وأعمال الظلم والاضطهاد، فتضاعف خطاياها وجرائمها.. إن الخطايا التي ترتكبها وسائل الإعلام تخيف حتى زبانية جهنّم. لا يسمح للعاملين بشرفهم حق البقاء على قيد الحياة.وفي خضم هذه الزوبعة، لا تمنح وسائل الإعلام الفاسدة والمتخلية عن أخلاق المهنة مكانًا لأولئك الذين يرغبون في العمل بكرامة. ولا يسمحون لمن يريد مواصلة حمل رسالة هذه المهنة بشرف، أن ينعم بحقه في البقاء على قيد الحياة.. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن محطة الـ"سي إن إن" التي بثت لساعاتٍ أحداث تقسيم بشكل حي ومباشر، وخصصت ساعات أخرى للبرامج الحوارية التي تناولت "عدم وجود حريات صحفية في تركيا"، قامت قبل شهر من الآن، بفصل مذيع ومقدم البرامج المخضرم "جيم كلانسي"، الذي عمل في المهنة زهاء 34 عامًا، فقط لأنه وجه بعض الانتقادات لإسرائيل.. أما نحن وبكل بساطة، لم نسمع أي إدانة أو استنكار لما حدث.. يرجم الملائكة في وسائل إعلام محرروها شياطينليس لأحد أن يحدثنا عن موضوعية وأخلاقيات وسائل الإعلام الغربية، فنحن وقفنا شاهدين على ما صنعته وسائل الإعلام تلك، بالشرق الأوسط الذي لا يراد أن يُشفى من داء الإرهاب، وإفريقيا، التي لا يراد أن تتخلص من آلام القمع والمذابح. الآن، يجلس أباطرة الإعلام على مقاعدهم القذرة والصدئة، ويكتبون مقالات يتساءلون فيها عن أسباب "عدم وجود حرية صحافة في تركيا"، ويقومون بكل بساطة بمساءلتنا أيضًا، إلى جانب سيل من التقارير التي يخطونها للبرلمان الأوروبي، والتي يتحدثون فيها عن "إسكات صوت الصحافة في تركيا"، وعن "إلقاء الصحفيين في غياهب السجون"، وعن "سيطرة وسائل الإعلام الموالية للسلطة على كل شيء". رغم أن 60 في المائة من الصحافة مناهضة للحكومة في تركيا، إلا أنهم يسعون لخلق تصور يظهر أن الصحافة الموالية للسلطة تطغى على الإعلام التركي، لقد تأسس في تركيا صحيفة خاصة، مهمتها إلقاء سيل من الشتائم بشكل يومي على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، بالتزامن مع استمرار توجيه سيول الاتهامات، حول وجود قمع للحريات الصحفية في البلاد، بهدف تخويفنا. لقد حان الوقت لكي نغضب من أنفسناأنا شخصيًا لم أعد غاضبًا من وسائل الإعلام الغربية وسياساتها، لأنها جزء من نضال الغرب لتحقيق أهدافه، أنا في الواقع غاضبٌ من السياسيين والصحفيين، غير القادرين على نقل الواقع والأحداث، والحقائق التي تشهدها بلدانهم بشكل خاص والعالم الإسلامي بشكل عام. أنا في الواقع غاضبٌ من نفسي، ومن أولئك الذين لم يمكنونا حتى الآن، من امتلاك صحيفة أو محطة تلفزيونية أو وكالة أنباء عالمية، ومن أولئك الذين لا يفعلون أي شيء بغية تحقيق ذلك.

354

| 01 يوليو 2015

تركيا تبحث عن حكومتها

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لا أحد، حتى المعارضة، كان يتوقع أن تفضي الانتخابات التركية إلى تشكيل حكومة ائتلافية، لذا فإن الجميع يعيش حالة ذهول، بما في ذلك أحزاب المعارضة، لأن أحدًا لم يفكر أبداً بما الذي ينبغي فعله بعد سقوط حزب العدالة والتنمية.لقد أشارت جميع التوقعات التي سبقت الانتخابات التركية العامة، إلى تضاؤل نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية بين الناخبين الأتراك، وإلى وجود احتمال تقلص عدد المقاعد التي يشغلها الحزب تحت قبة البرلمان، وهذا ما كان الجميع يتوقعه، لكن التوقعات تلك لم تشر البتة إلى إمكانية مغادرته للسلطة. لقد أراد الناخب التركي توجيه "صفعة تحذيريّة" لحزب العدالة والتنمية، إلا أن تلك الصفعة كانت ثقيلة نوعًا ما، بحيث أنها قد تؤدي إلى إزاحة الحزب من السلطة.سقوط حزب العدالة والتنمية لم يكن متوقعًالقد خيمت أجواء ضبابية على الحياة الاقتصادية والإعلامية والسياسية في تركيا، بعد السقوط غير المتوقع لحزب العدالة والتنمية، خاصة أن الكتل والأطياف التركية المعارضة، قد استجمعت قواها وعقدت تحالفًا غير معلن للحد من الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات. لقد ركّز ذلك التحالف على قضية واحدة فقط، وهي خفض عدد الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية للحد من قوته، ولا أعتقد أن هدف ذلك التحالف كان إسقاط العدالة والتنمية عن السلطة، فهو لم يكن يدري أساسًا أنه وصل إلى هذه المرحلة من القوّة، أو أن سقوط حزب العدالة والتنمية من السلطة ستكون بهذه السهولة. لذا، فإن التحالف لم يفكر بما يمكن فعله في حالة غياب العدالة والتنمية. تشهد الساحة السياسية في تركيا خلال هذه الآونة، إنتاجًا محمومًا للمشاريع والأفكار والمقترحات لإنشاء حكومة ائتلافية، حيث تسعى "قوى التحالف السري"، إلى إزالة العدالة والتنمية بشكل تام من الساحة السياسية، من خلال جمع أحزاب المعارضة الثلاثة التي تمكنت من دخول البرلمان تحت سقف حكومة ائتلافية، في الوقت الذي أعرب فيه "كمال قليجدار أوغلو" رئيس حزب الشعب الجمهوري (المعارضة الرئيسية)، عن رغبته بتقديم منصب "رئاسة الحكومة" لزعيم حزب الحركة القومية التركية، في حال قبل الأخير عقد تحالف معه، علمًا بأن ذلك المنصب هو حق الشعب الجمهوري، صاحب أكبر عدد من المقاعد البرلمانية بين أحزاب المعارضة. هذا إلى جانب أن حزب الشعب الجمهوري الذي يسعى لإزاحة العدالة والتنمية عن الحكم حتى لو كان الثمن تنازله عن "رئاسة الحكومة"، قد نال دعم حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يستند بأنشطته السياسية على الهوية الإثنية الكردية. رفض زعيم حزب الحركة القومية التركية، "دولت باهجه لي"، العرض الذي تقدم به "قليجدار أوغلو" بشدة، ملمحًا بأن العرض لم يكن يستند إلى قواعد أخلاق السياسة وأعرافها، مشيراً إلى ضرورة وجود حزب العدالة والتنمية في أي حكومة ائتلافية مقبلة، ومشددًا على استحالة مشاركته بأي حكومة يكون حزب الشعوب الديمقراطي طرفًا فيها. ائتلاف يجمع بين العدالة والتنمية والحركة القوميةلم يكن أحدٌ في تركيا مستعدا لأن يصبح على حياة سياسية من دون العدالة والتنمية، إلا أن البلاد باتت ملزمة الآن بتشكيل حكومة ائتلافية، فيما تؤيد شريحة كبيرة تأسيس حكومة ائتلافية تجمع بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، إلا أن الحركة القومية تضع شرطين أساسيين، يقفان حجر عثرة أمام تشكيل أي حكومة ائتلافية بين الحزبين. حيث تشترط الحركة القومية إنهاء عملية "السلام الداخلي"، التي أطلقها حزب العدالة والتنمية لإيجاد حل نهائي للمشكلة الكردية في البلاد، وترك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقصر الرئاسي الذي بني حديثًا (ويعرف باسم بيش تبه)، وعودته إلى القصر القديم (المعروف باسم جانقايا). إن موافقة العدالة والتنمية على إيقاف عملية "السلام الداخلي"، سيؤدي إلى فقدان الحزب لشعبيته في الأوساط الكردية بشكل تام، وسيجعل من الشعوب الديمقراطي الحزب الوحيد الذي يمثل الأكراد، ما يثير ردود فعل عنصرية في عموم البلاد، لذا فمن الصعب إنهاء "عملية السلام"، كما من الصعب الطلب من أردوغان إخلاء القصر الجمهوري والعودة إلى القصر القديم، فضلًا عن أن أردوغان لن يقبل أصلًا بمثل هذا. في الواقع، إذا ما فشلت جميع السيناريوهات السابقة في تشكيل حكومة ائتلافية، فستجد البلاد نفسها أمام انتخابات مبكرة، ومن المتوقع أن يكون ذلك في نوفمبر المقبل. وبرأيي الشخصي، فإن أي حزب من الأحزاب لا يريد التوجه لانتخابات مبكرة. ولا أعتقد إجراء أيّ انتخابات مبكرة قبل عامين من الآن. قريبا ستشكل حكومة ائتلافية تجمع العدالة والتنمية والحركة القومية، إلا أن ذلك سيكون بداية لمرحلة صعبة ستشهدها تركيا.

276

| 24 يونيو 2015

نتيجة الانتخابات..تحذير لحزب العدالة والتنمية

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أجريت الانتخابات المتوقعة في تركيا وكانت النتائج مفاجئة للجميع، حتى أحزاب المعارضة، لم تكن تتوقع سقوط حزب العدالة والتنمية من السلطة. فيما يواجه حزب العدالة والتنمية صدمة عارمة، وبالنتيجة، أفرزت صناديق الانتخابات وضعًا سياسيًا لا يمكن أيًّا من الأحزاب تشكيل حكومة في البلاد بمفرده، لقد وجه الناخب التركي للجميع رسائل مفاجئة للغاية.تحذير لحزب العدالة والتنميةلقد فقد حزب العدالة والتنمية حوالي 10٪ من الأصوات الانتخابية، مقارنةً مع الانتخابات السابقة، كما أن عدم حصوله على عددٍ كافٍ من النواب في البرلمان، يعني أنه خسر الأغلبية المطلقة وبالتالي السلطة في تركيا. تعتبر هذه الخسارة هي الأولى أمام المعارضة في تاريخ الحزب السياسي، كما أن الخسارة تلك، ستجبره على بناء تحالف سياسي مع أحد أحزاب المعارضة، وهو ما كان محط انتقاد دائم من قبل العدالة والتنمية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن عملية "تحقيق السلام الداخلي" (حل المشكلة الكردية)، تعد من أهم الأسباب التي أسهمت في انخفاض أصوات حزب العدالة والتنمية. لقد رأيت صورة مثيرة للدهشة في زيارتي لعدة مدن تركية خلال الانتخابات، حيث إن أصوات القوميين الأتراك، التي طالما دعمت حزب العدالة والتنمية، قد انسحبت وباتت تصوت لصالح حزب الحركة القومية، ردًا على الخطوات التي قام بها العدالة والتنمية على صعيد حل المشكلة الكردية.وفي المقابل، فإن الناخبين الأكراد أيضًا قاموا بالتصويت لصالح حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يعتبر نفسه ممثلًا للأكراد في تركيا، متهمين العدالة والتنمية بعدم اتخاذ خطواتٍ كافية على طريق حل المشكلة الكردية، وهكذا، فإن الحزب خسر أصوات القوميين الأتراك والأكراد، في الوقت الذي حاول فيه حل المشكلة الكردية، ما يعكس فشلًا سياسيًا للحزب.يرى البعض أن المواقف المتغطرسة لبعض قادة الحزب، واستغلال المعارضة لما يسمى بملف الفساد وقيامها بحملة دعائية في هذا السياق، تعد من أهم الأسباب التي أدت لخسارة العدالة والتنمية الأصوات الانتخابية، وإذا أضفنا حالة الخمول الشديد والارتباك التي أصابت الحزب في الفترة الماضية، فإننا نستطيع القول إن النتائج التي حصل عليها الحزب في هذه الانتخابات كانت مرتفعة نوعًا ما. أفرزت الانتخابات البرلمانية في تركيا، حصول حزب العدالة والتنمية على 41٪ من الأصوات الانتخابية، ما يعني حصوله على 255 نائبًا في البرلمان. ومع أنه تصدر قائمة الأحزاب الفائزة في الانتخابات، إلا أنه لن يتمكن من تشكيل الحكومة بمفرده، لأنه لم يتجاوز العتبة التي تخوله ذلك، وهي الحصول على 275 مقعدًا نيابيًا في البرلمان، وعليه، فإن الناخب التركي لم يحذف حزب العدالة والتنمية تمامًا من قائمة الأحزاب التي يكنُّ لها التعاطف، إلا أنه وجه للحزب تحذيرًا خطيرًا للغاية، مع تركه باب العودة للسلطة مفتوحًا أمام العدالة والتنمية. الأكراد.. نجمة الانتخاباتفي الواقع، إن حزب الشعوب الديمقراطي الذي يتبع سياسات تستند إلى الناخبين الأكراد والهويّة العرقية الكردية، تمكن من الحصول على 13٪ من الأصوات الانتخابية، وفاز بـ 80 مقعدًا تحت قبة البرلمان. وهنا نستطيع القول إن الشعوب الديمقراطي، كان الفائز الأكبر في هذه الانتخابات، لأنه تمكن من الحصول على جميع الأصوات الانتخابية الموجودة في الكتلة التي يتوجه بخطابه إليها، إضافة إلى أصوات شريحة واسعة من اليسار التركي والعلويين الأتراك، الذين كانوا يدلون بأصواتهم في الانتخابات السابقة لصالح حزب الشعب الجمهوري. لقد سعى حزب الشعوب الديمقراطي من أجل تحقيق ذلك، عبر تضمين مرشحي حزبه إلى الانتخابات البرلمانية، بمرشحين من اليسار التركي والعلويين الأتراك لاستقطابهم، كما تمكن الحزب من استقطاب أصوات نحو 6٪ من الناخبين الذين كانوا يصوتون لصالح العدالة والتنمية، لذا فإننا نستطيع القول إن صلاح الدين دميرطاش، رئيس حزب الشعوب الديمقراطي، تمكن من أن يصبح أحد أهم العناصر الفاعلة وأحد نجوم السياسة التركية.حزب المعارضة الرئيسية يخسر أصواتًا انتخابية عادة ما يحرز حزب المعارضة الرئيسية تقدمًا ملحوظًا في الانتخابات، أمام تراجع الحزب الحاكم، إلا أن ذلك لم يحدث في تركيا، حيث لم يتمكن حزب الشعب الجمهوري الذي ينتهج سياسات اشتراكية ديمقراطية يسارية، من زيادة عدد أصواته الانتخابية، التي بلغت 25.3٪، وحصل بالتالي على 132 مقعدًا نيابيًا تحت قبة البرلمان، لا يزال حزب الشعب الجمهوري حزب المعارضة الرئيسية في تركيا، إلا أنه خسر جزءًا لا يستهان به من أصواته الانتخابية لصالح حزب الشعوب الديمقراطي. لم يتمكن حزب الحركة القومية من تحقيق قفزة نوعية كبيرة في هذه الانتخابات، حيث حصل على 16.5٪ من أصوات الشارع التركي، وبالتالي حصل على 82 مقعدًا في البرلمان. أوقات صعبة تلوح في الأفق ولا مفر من حكومة ائتلافيةبات من الواضح، أن الحكومة المزمع تشكيلها في تركيا، ستكون حكومة ائتلافية، أي أنها لن تتمتع بالقوّة السياسية، كما أن المشهد السياسي التركي يظهر أن الأيام القادمة لن تكون أيّامًا ورديّة، وأن انتخابات مبكرة قد بدأت تلوح في أفق السياسة التركية. وهنا أود الإشارة إلى مسألة هامة أخرى، هي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيكون في الأيام المقبلة هدفًا لانتقادات شتّى، عقب التراجع الذي سجله العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية.

328

| 10 يونيو 2015

قبل أربعة أيامٍ من الانتخابات البرلمانية في تركيا

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); دخلت الانتخابات البرلمانية المهمة في تركيا مرحلتها الأخيرة، وتشير استطلاعات الرأي والدراسات التي أجريت، إلى انخفاض أعداد الناخبين الذين لم يقرروا بعد لأي حزبٍ سيمنحون أصواتهم، وأن شريحة الناخبين المترددين قد حسمت أمرها وحددت الحزب الذي ستصوت له. حزب العدالة والتنمية يشعر بالصعوبة للمرة الأولى، تابعت جميع الانتخابات التي خاض حزب العدالة والتنمية غمارها، وشاركت كمستشارٍ لدى قادة حزب العدالة والتنمية في جميع الانتخابات باستثناء انتخابات العام 2002، وأستطيع القول إن هذه الانتخابات هي أول انتخابات يشعر فيها حزب العدالة والتنمية بالصعوبة، ولا تكمن الصعوبة هذه في الفوز أو الخسارة، بل في نيل ثقة غالبية الشعب لتأسيس الحكومة منفردًا، علمًا بأن حزب العدالة والتنمية لم يشهد في أي انتخابات مشكلة في تأسيس الحكومة بشكل منفرد، بعيدًا عن الائتلافات الحكومية. ورغم أن استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرًا تشير إلى أن حزب العدالة والتنمية سيتصدر جميع الأحزاب المشاركة في الانتخابات، إلا أنها لم تظهر عدد النواب الذين قد يتمكنون من الوصول إلى البرلمان. توحد جميع تيارات المعارضة في وجه العدالة والتنمية، هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى تشكل مجموعة من الصعوبات بوجه العدالة والتنمية في هذه الانتخابات، ولعل أهمها هو تنظيم جميع معارضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية حملاتٍ انتخابية بنفس الطريقة والأسلوب، وإجراؤهم تحالفات فيما بينهم، حيث ركز 31 حزبًا سياسيًا دخل الانتخابات البرلمانية في حملته الانتخابية على ثلاثة محاور. 1- عدم السماح لرجب طيب أردوغان بأن يصبح رئيسًا ذا صلاحيات.2- وجود فساد وإسراف في المؤسسات الحكومية. 3- مواجهة البلاد لخطر التقسيم. إن الناخب التركي لابد أن يتأثر ويتفاعل مع الحملات الانتخابية التي تنظمها الأحزاب السياسية بنفس السياق، ولم يقتصر تحالف جميع الأحزاب المعارضة في الخطاب العام والدعاية، بل تعدى ذلك إلى توحد بعض الأحزاب بشكل فعلي لخوض غمار الانتخابات البرلمانية، فيما عقدت بعض الأطراف السياسية تحالفات انتخابية في بعض الولايات، وقدمت مرشحين مشتركين، ما سيشكل خسائر وأضرارا انتخابية لحزب العدالة والتنمية.عامل حزب الشعوب الديمقراطيمما لا شك فيه، أن وضع حزب الشعوب الديمقراطي الحالي يلعب دورًا مفصليًا في الانتخابات التركية، حيث إن تمكن الحزب من تجاوز العتبة الانتخابية سيؤثر على فرصة العدالة والتنمية في تشكيل الحكومة المقبلة بمفرده، خاصة أن حزبي العدالة والتنمية والشعوب الديمقراطي يستحوذان على القدر نفسه من أصوات الناخبين في الولايات ذات الكثافة الكردية في تركيا. ويعد التحالف المعقود بين الأحزاب المعارضة للرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية، من الأسباب الرئيسية التي جعلت حزب الشعوب الديمقراطي يستحوذ على هذا القدر من الأهمية في هذه الانتخابات، هذا إلى جانب نيل الشعوب الديمقراطي قدرًا لا بأس به من دعم العلويين الذين يعيشون في أوروبا، والجماعات الراديكالية اليسارية، والديمقراطيين الاجتماعيين، وبعض الكماليين، إضافة إلى أنصار جماعة فتح الله جولن.إضافة إلى ذلك، فقد نال حزب الشعوب الديمقراطي دعم مجموعة "دوغان" الإعلامية، أكبر مجموعة إعلامية في تركيا، وما تضمه من وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة، وجميع وسائل الإعلام والمؤسسات الإعلامية التابعة لجماعة فتح الله جولن، وبطبيعة الحال وسائل الإعلام التابعة للشعوب الديمقراطي. العدالة والتنمية يعود مجددًا إلى السلطةسيظفر حزب العدالة والتنمية مجددًا في هذه الانتخابات، رغم جميع التحالفات التي عقدتها المعارضة، وأعتقد أن ما بين 42-45٪ من الناخبين الأتراك سيصوتون لصالحه في هذه الانتخابات، وبهذا سيتمكن من الحصول على 290 إلى 300 مقعد برلماني، إذا ما تمكن الشعوب الديمقراطي من تجاوز العتبة الانتخابية، ليشكل الحكومة المقبلة بمفرده، دون اللجوء إلى عقد حكومات ائتلافية، أما في حال لم يتمكن الشعوب الديمقراطي من تجاوز العتبة الانتخابية، فإن العدالة والتنمية سيتمكن من الحصول على 33 إلى 345 مقعدًا انتخابيًا، ليتبوَّأ السلطة في تركيا بكل قوّة. أعتقد أن يحصل حزب الشعب الجمهوري على ما بين 25-27٪ من أصوات الشارع التركي، ليواصل مسيرته كـ"حزب المعارضة الرئيسية" في البلاد، فيما أتوقع أن يحصل حزب الحركة القومية التركية على 15-17٪ من أصوات الناخبين الأتراك، وقد يحصل حزب الشعوب الديمقراطي على حوالي 9٪ من الأصوات الانتخابية. تستحوذ هذه الانتخابات على أهمية خاصة، ذلك أن فوز العدالة والتنمية في هذه الانتخابات وتمكنه من تأليف حكومة بمفرده، دون اللجوء إلى تشكيل حكومة ائتلافية، سينعكس على مشروعه في إحداث تغييرات كبيرة، تشمل جميع المجالات الحيوية في البلاد وعلى رأسها الاقتصاد والسياسة الخارجية.

299

| 03 يونيو 2015

حياة أرواحٍ منسية

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم تكن المباني العشوائية أو الشوارع المكتظة بالسكان - الذين يمتلكون وجوهًا رَسَم عليها البؤس والفقر آثاره - أو عدم توفر أدنى من الخدمات الضرورية كالنظافة والصرف الصحي ما جعلتني أشعر بالدهشة، إلا أنني شعرت بالدهشة حقًا عندما رأيت الآلاف من الكوابل التي تمر من فوق رؤوس المارة كشبكة عنكبوت قبيحة تريد الانقضاض على البشر، لقد كانت خطوط الكهرباء والماء والهاتف والإنترنت، كلها متشابكة، وتمر فوق الشوارع بارتفاع توشك فيه على ملامسة رؤوس الناس.. بل الأطفال. فضلًا عن أن منظر تساقط المياه من بعض الخراطيم التالفة (في بعض المواقع) على خطوط الكهرباء والهاتف كانت تجعل الأفئدة تعتصر حزنًا وأسى، ناهيكم عن أن عددا من السكان فارقوا الحياة بسبب صعقات كهربائية ناتجة عن سوء التمديد. نعم، هنا مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت، صبرا، شاتيلا، برج البراجنة، تلك الأسماء التي طالما سمعت بها ورغبت بزيارتها ولقاء أهلها الذين شهدوا أفظع النكبات والمآسي في تاريخ أمتنا، تلك الأماكن التي أصبحت مركز تجمع للاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من بلادهم بشكل قسري وممنهج على يد الاحتلال الإسرائيلي ما بين 1948 - 1967، نعم، هذا هو حال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت. نعم، منذ التهجير وحتى يومنا هذا، يعيش إخواننا الفلسطينيون في منازل أقيمت على عجل، وأكواخ رثّة آيلة للسقوط، ومنذ ذلك الحين توقفت الحياة بالنسبة لهم وكذلك الأحلام والآمال، نحن نتحدث عن أكثر من مائة ألف إنسان باتوا في طي النسيان. مذبحة صبرا وشاتيلاكلما ذكرت الحرب الأهلية في لبنان تبادرت مذبحة صبرا وشاتيلا إلى الأذهان، تلك المذبحة التي قامت بها بعض الميليشيات المسيحية اللبنانية الموالية لإسرائيل، يوم 16 سبتمبر 1982، في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين، لم يعرف عدد القتلى في المذبحة بوضوح، وتتراوح التقديرات بين 750 و3500 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح. جاء تنفيذ الجريمة بإيعاز من جزار بيروت "أرئيل شارون"، حيث كان المخيمان مطوقين بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي الموالي لإسرائيل والجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة أرئيل شارون، الذي أصبح فيما بعد رئيسًا لوزراء إسرائيل. وقتئذٍ، سمع العالم عن وجود مخيم للاجئين الفلسطينيين في بيروت، وتذكر العالم وجود آلافٍ من الفلسطينيين يعيشون فيه بعيدًا عن أراضيهم بعد أن تم تهجيرهم منها على يد القوات الإسرائيلية، وقتئذٍ، شاهد العالم بأسره عشرات الآلاف من البشر الذين يعيشون في أوضاعٍ تخلو من الإنسانية، وبعد أن وضعت الحرب الأهلية في لبنان أوزارها، نسي العالم هؤلاء اللاجئين مرّة أخرى. دخلت إلى إحدى الحدائق الصغيرة في مخيم شاتيلا الذي شهد تنفيذ أسوأ وأكبر مذبحة في تاريخ لبنان، لقد شَهِدَت تلك الحديقة حادثة إعدامات ميدانية نفذت بحق مجموعة من الشبان الفلسطينيين، لقد كان ذلك المكان قبيحًا للغاية، ولم تنبت الأعشاب منذ المجزرة على التراب الذي انهمرت عليه دماء الفلسطينيين، فيما كتب على أحد جدران تلك الحديقة المنسيّة عبارة “Sabra&Shatilla Massacre” (مذبحة صبرا وشاتيلا) التي تثير في النفس رعبًا تدفع الأحشاء إلى الاضطراب. وبحسب ما قاله لنا السكان المحليون، فإن بعض الذين قتلوا في المذبحة، تم دفنهم في هذا المكان.. ولكن لا أثر للقبور في الحديقة حيث تم تسويتها بالأرض. الشوارع التي ازدحمت فيها النعوشإن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الشتات بشكل عام وفي صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة بشكل خاص، هي عبارة عن عشوائيات كبيرة، وليست كما يوحي اسم المخيم المرتبط بالخيام، لقد بنى الفلسطينيون تلك الأحياء الفقيرة بأيديهم وبشق الأنفس، لذا فهي بعيدة كل البعد عن التنظيم، والتمدّن، وتفتقر بشكل كبير للخدمات والبنى التحتية والإمكانات التي توفر فرصة التطور، كما أن معظم خطوط الصرف الصحي المقامة بوسائل بدائية مصابة بالتلف، وتتسرب منها المياه نحو الشوارع والأزقة الضيقة، التي لا تتسع لمرور شخصين من جانب واحد. وقد حدثني "أيوب جوشقن" مراسل وكالة الأناضول للأنباء في بيروت منذ 16 عامًا، والذي رافقني في جولاتي إلى المخيمات، قائلًا: "إن أزقة المخيم لا تتسع لتوابيت الموتى، ما يدفع الأهالي إلى تناقلها من فوق أسطح المنازل، لإيصالها إلى أحد الشوارع الرئيسية ومن ثم المقبرة". اللاجئون الفلسطينيون الجدد القادمون من سوريايعيش نحو 26 ألف لاجئ فلسطيني في برج البراجنة الذي لا تتجاوز مساحته نحو 1 كيلومتر مربع، ويضم هذا المخيم على أرضه أعلى كثافة بشرية في العالم، لا يوجد إحصاءات رسمية حول عدد سكانه وكل الأرقام الموجودة هي عبارة عن تقديرات، وقد تكون أعداد سكان المخيم أكثر من تلك التقديرات، حيث تشير بعض التقديرات إلى وجود نحو مائة ألف نسمة في المخيمات الثلاثة التي سبق الإشارة إليها، وإذا أضفنا إلى هذا الرقم، أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين توافدوا على المخيم من سوريا بسبب الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد، فإننا سنلاحظ أن الرقم قد ارتفع بشكل كبير وتجاوز مرحلة المعقول. وعلى الرغم من الكثافة السكانية الهائلة، فإن المخيمات الفلسطينية تفتقر إلى الحد الأدنى من توفير الوظائف والصحة والتعليم والمأوى اللائق، إضافة إلى كومة كبيرة من المشاكل لعل أبرزها توفير التعليم للأطفال والشباب، ورعاية المسنين، وتأمين معيشة الأسر، وإلى جانب كل هذا وذاك جلب الفقر المدقع مشاكل وأمراضا اجتماعية أخرى، وولد التقاتل والصراعات ووفر بيئة خصبة لبعض الجماعات الإجرامية، ودفع بعض الشباب لتعاطي المخدرات وحبس آخرين في غياهب قائمة طويلة من المشاكل النفسية، خاصة وأن الحكومة اللبنانية لا تمنح اللاجئين الفلسطينيين إذنًا للعمل فيها، ناهيك عن أنها لا توفر لهم أي وظائف أو دعم ما يدفع شباب المخيمات نحو النزول إلى المدينة والعمل في قطاعات غير قانونية. سكان المخيمات الفلسطينية، هم شريحة اجتماعية طوتها صفحات النسيان، وبات العالم لا يتذكرها، ولا يتذكر أن أبناءها هم أولئك الذين أخرجوا قسرًا من أراضيهم وبيوتهم التي اغتصبت. نعم صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة، هي تلك الرقعة من العالم التي بقيت حبيسة في صفحات تاريخ قاتم، والتي طمست لكي لا يستطيع أحد تذكرها.

393

| 27 مايو 2015

سنوات الاكتئاب والفريق الذي نحن بحاجته

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد سنوات، أعتقد أن المؤرخين سيطلقون على المرحلة التي نشهدها اليوم اسم "سنوات الاكتئاب"، ولا أعتقد أن أحدًا يمتلك معلومات دقيقة حيال المدى الذي من الممكن أن يمتد إليه جنون هذه المرحلة، أو موعد انتهائه. لكننا جميعًا نعلم أن المسلمين هم من يعانون من هذا الجنون وتبعاته. إن العالم الإسلامي يعاني من حالة اكتئاب عارمة بفعل الأزمة الكبيرة التي يشهدها، والتي ألقت بظلالها القاتمة حتى على تركيا التي تعتبر من أكثر الدول الإسلامية استقرارًا في المنطقة، ما يعكس في الحقيقة حجم الأزمة وأبعادها. في الواقع، إن العالم الإسلامي يعيش في هذه المرحلة حروبًا طائفية كتلك التي جرت في أوروبا خلال العصور الوسطى، وأزماتٍ اقتصادية وانهيار اجتماعيّ كالذي شهدته الولايات المتحدة الأميركية عام 1930، وحروبا داخلية وحالة فوضى عارمة مماثلة لما شهده المعسكر الشرقي بعد انفراط عقد الاتحاد السوفيتي نهاية عام 1991.تعيش جميع دول العالم الإسلامي باستثناء ماليزيا وإندونيسيا أزمات ومشاكل وحالات عدم استقرار، ولا نمتلك حتى الآن على الأقل إحصائيات دقيقة توضح لنا حجم التكلفة الاقتصادية التي تسببت بها تلك الأزمات متعددة الأبعاد، لكن مما لا شك فيه أن تلك الأزمات تركت تأثيرات عميقة على مختلف مجالات الحياة، حيث أن تلك التأثيرات شملت الاقتصاد والتركيبة السكانية للمنطقة والبنى التحتية والحضرية والحالة النفسية للسكان ومعتقداتهم وغيرها من الجوانب الحيوية. لقد شهدت هذه السنوات تغيراتٍ مهمة جدًا أثرت علينا جميعًا، لكننا لا نستطيع في هذه الآونة إدراكها بكل أبعادها. انعكاس الجنون، مشاكل حادةعندما يتعرض جسدنا لخدش أو نزيف أو كسر يسارع الجسم كله لإيجاد الحلول وإزالة المشكلة، وفي حالة وجود أزمة حادّة تهدد بقاء الجسد، نجد أن الدماغ لا يكترث بحل مشاكل فرعية كآلام الظهر أو الرأس وغيرها، بل يكثف جهوده وقدراته على معالجة المشاكل الحيوية. إن العالم الإسلامي يعاني في الوقت الراهن من مشاكل حادة مثل الاقتتال والصراعات والنفي والتعذيب الجماعي والإرهاب والهجرة والانهيار الاقتصادي ... لذا فإننا لا نجد متسعًا من الوقت في ظل هذه الظروف للتحدث عن انعكاسات تلك الأحداث على عقيدتنا وحياتنا الفكرية والنفسية والاجتماعية، وإذا لم نمعن النظر في تبعات تلك الأحداث ولم نتحدث عن انعكاساتها فإن تجربتنا المريرة معها ستستمر لفترة أطول. في الواقع، إن العالم الإسلامي شهد مرات عديدة عبر التاريخ حروبًا أهلية، لكني لا أعرف إن كان قد شهد حروبًا وحالة من الجنون كتلك التي نشهدها الآن، اليوم هنالك 7 دول تعاني من حرب فعلية، وأكثر من 10 دول تعاني من مشاكل الإرهاب والفوضى، فيما تهيمن حالة عدم الاستقرار والاضطراب على بقية الدول. لذا فإن حالة خيبة الأمل والحالة النفسية السيئة التي تهيمن على الشعوب المسلمة بسبب حالة الاقتتال وإفرازاته، هي التي ستدفع المؤرخين لاحقًا لتسمية هذا المرحلة بـ "سنوات الكتئاب". خاصة وأن المسلمين باتوا يقتلون بعضهم بعضًا بشكل وحشي بل وبمتعة وبتفاخر في ظل حرب عبثيّة لن تبقِي ولن تذر. أكبر الأضرار التي تم توجيهها للإسلامانظروا إلى عشرات الآلاف من المسلمين الذين قضوا تحت سياط التعذيب والجوع في السجون السورية، إن الوحشية التي قتل بها أولئك البشر تظهر حالة الجنون التي تعيشها منطقتنا. إضافة إلى ذلك، ألا تعتقدون أن قيامنا بتسجيل أسماء أولئك الضحايا وتناولهم من قبلنا على أنهم زمرة من المعطيات الإحصائية ثم أرشفة صورهم وأشرطة الفيديو المتعلقة بهم يعبر عن مضمونٍ ووضعٍ غير طبيعي؟ إني أجزم بالقول إن الشخص الذي عدّ ضحايا التعذيب وكتب على أجسادها الأرقام لا يمتلك شخصية سليمة من الناحية النفسية والعقلية. كما أعتقد أن ما يفعله تنظيم داعش، يعتبر مثالاً لسنوات الجنون التي نشهدها، إن الفظائع التي ارتكبت على يد تنظيم داعش سببت أضرارًا للمسلمين لم يستطع أعداؤهم أن يتسببوا بها حتى في أعتى المعارك، إن هذه العقلية التي تقطع الرؤوس أمام عدسات آلات التصوير، وتتعمد إحراق الناس وتصويرهم وهم يحترقون، سببت دمارًا لصورة الإسلام السمحة التي تحض على التسامح والسلام. حالة الجنون تضرب الجماعات في تركياأعتقد أننا نشهد في تركيا أحداثًا لم يسبق لنا أن شهدناها في هذا البلد. حيث أن الأفعال التي تقوم بها جماعة فتح الله غولن، جعلت الكثيرين يشعرون بالصدمة والحزن، وبالرغم من أن تلك الأحداث لم تفرز تأثيرات حادّة ضمن المجتمع، إلا أنها اعتبرت سابقة تتسم بالغرابة، سيما بعد أن رأينا وشهدنا قيام أفراد هذه الجماعة التي تأسست على يد أشخاصٍ متدينين، بالتنصت سرًا علينا، وانتهاك حرمة حياتنا الخاصة وتسجيلها، فضلًا عن عمليات التجسس والسرقة والتهديد والابتزاز، مما لا شك فيه أن ما يجري لا يمكن تصنيفه على أنه أحداث طبيعية. بالإضافة إلى ذلك، فإني لا أعتقد أن الأشخاص الذين استخدموا العنف والإرهاب في أحداث "غزي بارك" و"كوباني" في تركيا، يمتلكون شخصيات مستقرة على الصعيد النفسي. ولا أستطيع القول إن مناصري منظمة "بي كا كا" الإرهابية الذين قتلوا المواطن التركي "ياسين بورو" (17 عامًا)، بوحشيّة لم يستطع حتى تنظيم داعش الوصول إليها، وإن الأشخاص الذين أحرقوا سيارات التبرع بالدم وسيارات الإسعاف والمستشفيات وسط العاصمة التركية أنقرة، يمتلكون بنية سيكولوجية سليمة ومتّزنة. نحن بحاجة لفريق ولفعل شيء ما إن ما نشهده في الوقت الراهن ليس أحداثًا طبيعية. لقد قمنا بفترات مختلفة بذمّ وإقصاء بعضنا بعضًا، وتراشقنا اتهامات الخيانة، وحولنا بعض الأصدقاء لأعداء حقيقيين. ليس طبيعيًا أبدًا ما اقترفناه من أفعال جعلتنا أقطابًا ومعسكرات متباعدة إلى أقصى حد، نستقوي من خلالها على بعضنا بعضًا، وليس طبيعيًا أبدًا أن نقوم بتدمير مبادئنا وقيمنا التي كرّسنا حياتنا من أجل إحيائها وديمومة بقائها. أعتقد أننا عندما ننظر إلى السنوات الراهنة برزانة ورباطة جأشٍ في المستقبل، سنرى بشكل أفضل وسنفهم الأسباب التي جعلتنا على هذا النحو. لكن، على أحد ما في هذه المرحلة الخطيرة، أن يدعو إلى التفكير بحسّ سليم وإلى التروي والهدوء والسكينة والصبر وتمالك النفس عند الغضب. نحن في العالم الإسلامي بحاجة لفكرة ولحركة تطوعيّة تتسم بالحكمة، تدفع عنّا الجنون الذي يخيم على منطقتنا، وتحتضننا جميعًا وتهدئ من روعنا وتعيد تأهيلنا، لكي نتمكن من العودة إلى ركب الحضارة الذي فاتنا وابتعد كثيرًا عنّا.

287

| 20 مايو 2015

هل نشهَدُ تأسيسًا لحزب بعث كردي؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شهدت تركيا خلال الأيام القليلة الماضية ازديادًا في النقاشات السياسية التي تناولت "حزب الشعب الديمقراطي"، ذلك الحزب الذي يدعي تمثيله لأكراد تركيا ويضم في صفوفه أعضاء ًغالبيتهم من أبناء ذلك المكوّن. كما تأتي تلك النقاشات بالتزامن مع اقتراب تركيا من موعد الانتخابات العامة، التي قد تمنح الشعب الديمقراطية قوة تسمح له بأن يصبح حزبًا مؤثرًا في الحياة السياسية، إذا ما تمكن من الحصول على مقاعد كافية في البرلمان، واستطاع تجاوز العتبة الانتخابية التي تبلغ 10بالمائة من أصوات الناخبين. طريق الشعب الديمقراطي ينعطف نحو العلويين في الواقع، هنالك مسألة أخرى مثيرة للجدل، ألا وهي علاقات رئيس حزب الشعب الديمقراطي "صلاح الدين دميرطاش" وخطابه وميوله وعقليته السياسية. إن الخطاب السياسي الذي يطلقه دميرطاش، يُظهِرُ بما لا يدع مجالا للشك وجود رغبة لديه في وضع الحزب على الخط العلوي الديمقراطي الاجتماعي الراديكالي اليساري. وثمة مسألة أخرى مثيرة للجدل، وهي شغل الأعضاء ذوي الخلفيات العلوية مراكز فعالة داخل الحزب، حيث وصل إلى تركيا الشهر الماضي ممثلون عن الجمعيات والاتحادات العلويّة في أوروبا، وعقدوا مع دميرطاش لقاءاتٍ تمحورت حول الانتخابات المقبلة وشروط العلويين مقابل تصويتهم لصالح حزب الشعب الديمقراطي، كما ناقش الطرفان مسألة ترشيح الحزب لعددٍ كبيرٍ من المرشحين العلويين بين مرشحيه للانتخابات العامة التي ستجري مطلع يونيو المقبل، وتصعيد دميرطاش مواقفه المناهضة لرئيس الجمهورية رجب أردوغان. فيما أشارت بعض المصادر إلى أن المُمثّلين اشترطوا على حزب الشعوب الديمقراطي تبني خط أقرب إلى العلويين منه إلى السنّة أو خط متماهٍ مع العلمانية في خطاباته وعقليّته السياسية مقابل حصوله على الدعم العلوي في الانتخابات. دميرطاش.. تصريحات حول الكعبة والقدس تثير الاستغراب على الرغم من أن تفاصيل اللقاء الذي أجراه دميرطاش بممثلي الجمعيات والاتحادات العلوية في أوروبا غير معروف تمامًا، إلا أن دميرطاش قال في أول تصريح له عقب الاجتماع "لن ندع رجب طيب أردوغان يصل إلى سدّة الرئاسة (أي أن يصبح رئيسًا بصلاحيات من خلال تحول تركيا إلى نظامٍ رئاسي) ولن ندخل في أي تحالف مع حزب العدالة والتنمية لتشكيل حكومة ائتلافية في المستقبل". لقد نالت تلك التصريحات استحسان العلويين واليساريين والمناهضين لحزب العدالة والتنمية، حيث استقبلوا تلك التصريحات بكثير من السرور والثناء. في وقت لاحق، أطلق دميرطاش تصريحات أذهلت حتى الشخصيات السياسية داخل حزبه، حيث قال في كلمة ألقاها خلال الاحتفالات التي نظّمت بساحة تقسيم وسط إسطنبول بمناسبة 1 مايو (عيد العمال العالمي) ما يلي:"إن المسلمين يذهبون إلى الكعبة من أجل الحج، واليهود يحجون إلى القدس، وهكذا فإن المعتقدات الدينية تمتلك مراكز ودور عبادة رئيسية، وليس لأتباع تلك المعتقدات أن يؤدوا مناسكهم في أي مكان آخر غير تلك المراكز الرئيسية، وهنا أنا لا أتحدث عن عقيدة دينية ولكنني أقول أن (ميدان) تقسيم هو مكانٌ لا يستطيع العمال الاستغناء عنه، وإن عدم الاحتفال في تقسيم تحديدًا بمناسبة عيد العمال العالمي، يعني أن تركيا لم تحتفل بذكراه في ذلك العام". ولّدت تصريحات دميرطاش جدلًا كبيرًا في تركيا، خاصة وأن تشبيهه لميدان تقسيم بالكعبة المشرفة والقدس، بل ووصفه القدس بالمركز الذي يتوجه صوبه الحجاج اليهود قد جانب الصواب. الشعب الديمقراطي يعتزم إلغاء دروس التربية الدينيةجوبه رئيس حزب الشعب الديمقراطي بسبب تصريحاته حول الكعبة المشرفة والقدس بالكثير من ردود الفعل السلبية من قبل حزب العدالة والتنمية والأوساط السياسية الأخرى ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والاتحادات، وقد سعى دميرطاش لإيجاد مبررات إلا أن ردود الفعل المنددة لم تخمد حتى من داخل حزبه. في الحقيقة، إن ما ذهب إليه دميرطاش من تصريحات لا تندرج ضمن قائمة الأخطاء العابرة أو أشهر زلات اللسان لبعض السياسيين، بل تعبر عن حقيقة ما يخالج نفسه من مشاعر وأفكار، خاصةً أنه كان قد وعد في وقت سابق بإلغاء رئاسة الشؤون الدينية في تركيا بحجة عدم توفيرها مساحة كافية للعلويين، وإلغاء حصص التربية الدينية الإلزامية في المدارس الحكومية، فيما طالب أحد مسؤولي الشعب الديمقراطي رئيس الشؤون الدينية التركية بالتنازل عن سيارته الرسمية لصالح دور عبادة العلويين التي تسمى بـ "بيوت الجمع". هل نقف أمام مشروعٍ يهدف لسلخ الأكراد عن الأمة والدين؟في الواقع، إن حزب الشعب الديمقراطي الذي يحظى بدعم الغرب، لم يؤسس منذ البداية ليكون جزءًا من العالم الإسلامي، بل ليكون بديلًا لحركة البارزاني وغيرها من الحركات الكردية المحافظة، وهو يواصل التقدم باتجاه هيمنة العلويين والأفكار اليسارية على مفاصله. خاصة وأن الإرادة التي أسست الحزب - منظمة بي كا كا الإرهابية – طالما تصرفت بنفس العقلية وانتهجت الأسلوب نفسه.يبدو أن ساسة حزب الشعب الديمقراطي يرغبون بخلق حزب بعث يهيمن عليه العلويون واليساريون في واقع مشابه لسوريا، بدلًا من العمل على دفع الأكراد نحو أن يكونوا جزءًا من العالم الإسلامي. كما يبدو أن رئيس الحزب صلاح الدين دميرطاش مصرٌ على المضي قدمًا وبكل فعالية باتجاه بناء حزبٍ يسيطر فيه العلويون على مقاليد الأمور، وتجد فيه العناصر البعثية ملاذًا آمنًا، وإن كره الكارهون. وكل ما أتمناه أن أكون مخطئًا.

609

| 13 مايو 2015

هل خسر العالم الإسلامي رهانه؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كنّا نحن المسلمين نمتلك رهانا ندافع عنه، كنّا نمثل دينًا أرسل نبيُّه رحمةً للعالمين، وحضارة استلهمت مكنوناتها من ذلك الدين. لقد أوجد أجدادنا حضارة قوية وعظيمة بما يكفي لتنير العالم أجمع، في حين كان الغرب يعيش في ظلمات العصور الوسطى ومحاكم التفتيش. نحن أبناء تلك الأمة التي امتلكت فكرة وقضية تُنقِذُ حضارات الشرق والغرب من الأزمات والمآزق التي تمر بها وتكابد جرّاءها، وقدمت للعالم دينًا وحضارةً مثاليةً توفر للإنسانية السعادة والديمومة في الدنيا والآخرة. هل جلبت الحضارة الغربية السعادة للبشرية؟أقام الغرب حضارته استنادًا إلى فكرة الإصلاح والنهضة، لتكون في مواجهة الحضارة الإسلامية، وأطلق على تلك الحضارة اسم "العالم الحديث". لقد جعل الغرب من "الحداثة" قضية سامية يتمسك بها، وأشاع فكرة أن النظام الجديد الذي طرحه يعتبر ذروة ما قدمته البشرية من أنظمة حضارية من شأنها أن توفر للإنسانية الرخاء والاستقرار. أسس الغرب حضارته من خلال استغلال واحتلال وبناء المستعمرات في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وفي الوقت الذي كان يزيد من إثراء مجتمعاته كان يزيد من حالة الفقر المدقع في المجتمعات التي يستعمرها. أوجد نظام الحداثة حالة من الجشع والوحشية، أدت فيما بعد لقيام حربين عالميتين أحرقتا الأخضر واليابس، وجعلتا العالم يشهد كارثة لم يرَ تاريخ الإنسانية نظيرًا لها قط، كانت البلدان الأوروبية وراء جميع الحروب الكبرى التي وقعت في تاريخ البشرية، إلا أن تأثيرات وأضرار تلك الحروب لم تقتصر على تلك البلدان بل خيّمت بظلالها الثقيلة على جميع أصقاع المعمورة. جلبت الحداثة في البداية كوارث وبؤسًا لجميع الأمم والثقافات التي تدور خارج فلك الغرب والحضارة الغربية، إلا أن الأيام أظهرت أيضًا بأن الحداثة تسبب بحالات مرضية من البؤس وبانهيار اجتماعي في المجتمعات الغربية، حيث انهارت مؤسسات الأسرة، وتعرضت المجتمعات الأوروبية لمعضلة التآكل والتعرية الأخلاقية ما انعكس بشكل مأساوي على تلك المجتمعات. هل يشكل الإسلام بديلًا للحضارة الغربية؟بدأت الأوساط العالمية تعتقد بأن الحداثة لم توفر للإنسانية السعادة التي وعدت بها، وبدأت المساعي تبحث عن البديل، وهكذا ولد تيار "ما بعد الحداثة". وفي خضم تلك النقاشات، بدأت تتبلور فكرة تتمحور حول إمكانية أن يكون الإسلام مجددًا هو الحل البديل للبؤس الذي عاشته الحضارة الغربية والعالم الذي دار في فلكها. وانطلاقًا من أن الإسلام والحضارة المتولدة عنه، سلطا الضوء على الحضارة الإنسانية لمئات السنين وأنتجا مجتمعات صحّية جدًا، بدأت الأفكار وقتئذٍ تدور حول إمكانية أن يكون بديلًا فعّالًا للحضارة الغربية. في الواقع، شهدت الولايات المتحدة وأوروبا مناقشات جادة حول هذا الموضوع، وأجرى مثقفوها ومؤسساتها الفكرية دراسات ناجعة في هذا السياق، وتمت ترجمة مؤلفات هامة في هذا الصدد إلى اللغة الإنكليزية، وغيرها من اللغات الغربية. فيما كتب مثقفونا ومفكرونا وعلماؤنا رسائل قوية، شرحوا من خلالها واقعية أن يكون الإسلام بديلًا لحل الأزمات التي تعاني منها الحضارة الغربية. هل خسر الرهان على الحضارة الإسلامية؟لقد جذب كل ما سبق انتباه المعادين للإسلام أو المتخوفين منه، كان ذلك متوقعًا، لأن قيام الإسلام كبديل مجددًا، من شأنه أن يقوّض النظام الغربي القائم على الاستعمار والاستغلال والمنافع المادّية، ما أدى إلى قيام مجموعة من التكتلات والمنظمات التي سعت لتقويض الرهان على الحضارة الإسلامية وشيطنتها، لإزالة إحتمالية أن تكون بديلًا للحضارة الغربية. هل يواصل العالم الإسلامي رهانه على حضارته لتشكّل بديلًا للحضارة الغربية؟ أقول متحسرًا، لا. لست من الأشخاص الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة ويعتمدون على الإشاعات، ذلك أنّي لا أعتقد أن السبب الذي يقف وراء خسارتنا لرهاننا الحضاري يكمن في الغرب أو ألاعيبه، بل أرى أن السبب يكمن في أننا نحن لم نعد نشكلُ بديلًا.إن مستنقع الحروب والفوضى والإرهاب والصراعات الداخلية الذي سقط فيه العالم الإسلامي، أدى إلى تلاشي كل احتماليات أن نشكل حضارة بديلة. واليوم لم يعد هنالك شخص واحد ممن يعتقدون بجدوى أن تشكل الحضارة الإسلامية بديلًا لحل الأزمات التي تكابدها المجتمعات الغربية، وأنا على يقين من أن المشكلة الحقيقية تكمن في مثقفينا ومفكرينا وعلمائنا، الذين لم يبذلوا جهودًا لإيجاد حلولٍ للمشاكل التي نواجهها والأزمات التي تعصف بنا. إن سؤالي باختصار هو كالتالي: هل تخلى المسلمون عن رهانهم أمام الحضارات الغربية والشرقية وعن تقديم أطروحتهم الحضارية للإنسانية؟.

1030

| 06 مايو 2015

من هو قدوتنا؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أدركنا خلال الأيام القليلة الماضية، الذكرى الـ1445 لمولد النبي، صلى الله عليه وسلم، وشهدت تركيا أنشطة وفعاليات مختلفة على مدار أسبوع كامل، استحضرت خلالها المعاني العطرة لسيرة خير البرية، وأهم القيم التي تذخر بها.وفي الوقت الذي استذكرت فيه تلك القيم السمحة لقدوة المسلمين في مغارب الأرض ومشارقها، كان خاطري يصول ويجول في أصقاع العالم الإسلامي، ويستذكر ماضي المسلمين وحاضرهم ومستقبلهم، فانتاب قلبي حزن وكرب ومرارة. * نحن أمّة مَن، ومَن هو قدوتنا؟لعل سجية الأمانة، هي من أهم سجايا وخصال "محمد الأمين" التي أثرت في نفسي وتركت وقعها في أعماقي ووجداني. لنمعن التفكير في تلك السجية، خاصة إذا ما علمنا أن مشركي مكة، كانوا يودعون أهم ممتلكاتهم كأمانة عند الرسول الكريم، على الرغم من معاداتهم له. كانوا يعلمون علم اليقين، أنه لا ينطق إلا الصدق، ولا يخلف وعدًا ولا عهدًا ولا ميثاقًا البتة. كان عليه السلام، يهز مراكز القوّة وأقطاب السلطات السياسية في مكّة المكرمة، ليبني عالمًا جديدًا تمامًا، لقد قاد ثورة كأعظم مناضل عرفه التاريخ، بالرغم من كل الأهوال والأحداث الجسام التي شهدها، وبالرغم من كل الهجمات التي استهدفت أسرته وأصدقاءه وصحبه الكرام، الذين تعرضوا للقتل والتعذيب والطرد. وعلى الرغم من كل هذا، لم يتخل سيد الخلق أبدًا عن أمرين اثنين: الصدق والعدالة، لم يحد عن دربه حتى عندما استشهد أقوى الداعمين له ورفيق دربه، عمّه حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، لم تتغير خصاله وسجاياه، وعلى رأسها الصدق والعدالة، في أحلك الظروف والشدائد وفي أعتى الحروب وأشد المعارك وتحت الحصار، ولم يكُ لأيّ من أعدائه أن يصفه ولو لمرة بـ"الكاذب" أو "الوحشية"، وحاشى لله أن يوصف. إن ما أريد أن أقوله، هو أننا أبناء أمّة نبي، نال احترامًا وإجلالًا حتى من قِبَل أعدائه، فما الذي اعترى أمتنا في هذا العصر، وما الذي أوصلنا إلى هذا المنقلب؟ * هل نستطيع وصف مسلمي اليوم بـ"الصدق" و"العدالة"؟إن القلوب لا تقوى اليوم على النظر إلى ما آلت إليه أحوالنا، حيث يقتل المسلمون بعضهم بعضًا في سوريا والعراق واليمن والصومال والسودان وليبيا، ويقطع تنظيم مثل داعش رؤوس الآدميين أمام أجهزة التصوير وعدسات الكاميرات، ليلطخ بأفعاله ميراث أمتنا الحضاري الذي ينضح عبقًا، واسم المسلمين الذين ما فتئوا ينشرون السلام والأمان في أصقاع الأرض على مر التاريخ.وإلى جانب كل هذا وذاك، نرى مقصلة الأسد ما برحت تقص أعناق أبناء الشعب السوري، ذلك الشعب الذي كابد الكثير وفقد عشرات الآلاف من أبنائه المسلمين جوعًا وتحت التعذيب في أقبية السجون، وقتلًا أو اختناقًا تحت الركام أو بواسطة الأسلحة الكيماوية، ما انعكس بشكل سلبي على صورة الإسلام.يقتل المئات من البشر بوحشية وبلا رحمة ولا هوادة، على يد التنظيمات الإرهابية التي تطلق على نفسها أسماء إسلامية ولا تعرف جهات ارتباطها، وتُقصَف المساجد ومراكز التسوق ويُختَطفُ الرجال والنساء والأطفال وتُفرضُ الجزى، وتُؤخَذ الرشى وتُضرَبُ الإتاوات، ويغرق العالم الإسلامي في بحر من عدم الاستقرار والفوضى والأزمات.عندما نأخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا عن ماهية التصورات والدلالات الشخصية التي يتم رسمها للإنسان المسلم في جميع أنحاء العالم، وهل شعوب الأرض قد تُقدم على إيداع أرواحها وأموالها أمانة لدينا؟، جميعًا نعلم جيدًا أن هذه المسائل لا تحتاج إلى شرح، خاصة إذا أضفنا على ما سبق، عجزنا أمام الأنشطة المتزايدة للإرهاب الإسلامي (الإسلاموفوبيا) في أوروبا، وقتئذٍ سنرى كم أننا نبتعد مع مرور الأيام عن جوهر أمّة "محمد الصادق الأمين"، صلى الله عليه وسلم. * على منظمة التعاون الإسلامي القيام بدور فاعل، وقمت بإعداد مشروع عام 2007، وقدمته لأكمل الدين إحسان أوغلو عندما انتخبت رئيسًا لمنظمة المؤتمر الإسلامي، لم تكن صورة المسلمين في الغرب وفي مناطق العالم عمومًا، حتى في ذلك الحين، بحالة جيدة، وشددت في مشروعي وقتها على ضرورة قيام منظمة المؤتمر الإسلامي (التي باتت تعرف اليوم باسم منظمة التعاون الإسلامي) بحملة كبيرة تهدف لتغيير الصورة النمطية والسيئة التي تؤجج العداء للمسلمين حول العالم، ذلك أن المنظمة هي المؤسسة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تمتلك القدرة والتأثير الكفيلين بتغيير تلك الصورة، إلا أن ذلك المشروع وللأسف لم ير النور.أما الآن، فلا أعتقد أن تنفيذ مثل تلك الحملة سيساهم في تغيير تلك الصورة أو سيحمل بين ثناياه أي معنى أو قيمة، ولا أعتقد أن هنالك أي جدوى من أي إجراء يمكن أن يتّخذ طالما لم تضع الحروب في العالم الإسلامي أوزارها ولم تنتهِ ظاهرة الإرهاب، لذا فعلى منظمة التعاون الإسلامي القيام بدورها واتخاذ خطوات جادّة وفعّالة من أجل وقف الحروب ووضع حدّ للإرهاب بشكل فوري وعاجل، وإلا فلن نكون تلك الأمة التي تليق بسيد البشر، وبرسول السلام والعدالة والأمانة والصدق والمحبة، محمد صلى الله عليه وسلم.

2938

| 22 أبريل 2015

تركيا نحو الانتخابات العامة

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تستعد تركيا في هذه الآونة لخوض غمار الانتخابات النيابية التي ستجرى في 7 حزيران\ يونيو المقبل، بمشاركة عشرات الأحزاب، إلا أن المنافسة تتركز بين أربعة أحزاب، تمتلك مقاعد في البرلمان، وتلك الأحزاب هي "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، و"حزب الشعب الجمهوري" (المعارضة الرئيسية)، و"حزب الحركة القومية"، الذي يمثل أصوات الشريحة القومية في تركيا، و"حزب الشعوب الديمقراطي"، الذي يعتبر نفسه ممثلًا لأصوات الأكراد. انتهت الأحزاب في تركيا في 7 أبريل، من تحديد أسماء مرشحيها الذين اختارتهم من جميع الولايات التركية، والذين ستراهن عليهم في الانتخابات المقبلة، وسلّم كل حزب قوائمه الانتخابية للمؤسسة الرسمية التي تعنى بمراقبة وإدارة الانتخابات (اللجنة العليا للانتخابات). ما يعني أن السباق الانتخابي قد بدأ في تركيا. ما الذي يريد أن يفعله كل حزب؟بعد تحديد مرشحي الأحزاب السياسية، ستقوم اللجنة العليا للانتخابات بالإعلان عن المرشحين الذين تم قبولهم للترشح في 16 أبريل ، وستقوم الأحزاب بتبديل المرشحين الذين لم يتم قبول ترشحهم بمرشحين آخرين، لتقوم اللجنة بعد ذلك بإعلان القائمة النهائية للمرشحين إلى الانتخابات النيابية. بعد الإعلان النهائي عن المرشحين، يعلن كل حزب سياسي من الأحزاب المشاركة عن برنامجه الانتخابي، وتتضمن برامج الأحزاب الانتخابية، السياسات التي ستتبعها في حال فوزها ووصولها إلى السلطة، وتتناول تلك السياسات جميع مناحي الحياة مثل السياسات الخارجية والاقتصاد والتعليم والصحة وما إلى ذلك. حدد حزب العدالة والتنمية في الانتخابات هدفًا وهو الحصول على 400 مقعد في البرلمان، ذلك الهدف الذي لم يتمكن أي حزب في تركيا من تحقيقه في أي وقت مضى. وليتمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق هذه النسبة، يجب عليه الحصول على ما يقرب من 50 بالمائة من أصوت الناخبين الأتراك، علمًا أن حزب العدالة والتنمية تمكن برئاسة رجب طيب أردوغان خلال الانتخابات العامة التي جرت عام 2011، من الحصول على 46.5 في المائة من الأصوات، وبذلك حصل على 341 مقعدًا في البرلمان، والآن ينبغي على حزب العدالة والتنمية برئاسة البروفيسور الدكتور أحمد داود أوغلو، تخطي عتبة تلك النسبة، للحصول على 400 مقعد. إن حزب العدالة والتنمية، يريد من خلال تحقيق هذه النسبة، إفساح المجال أمام وضع دستورٍ جديدٍ للبلاد دون الحاجة لإجراء استفتاءٍ شعبي، وتحويل النظام في تركيا إلى نظام رئاسي. وقد أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة على أهمية حصول حزب العدالة والتنمية على 400 مقعدٍ في البرلمان، وتأثير ذلك على تمكين تركيا من تحقيق الانتقال إلى نظام رئاسي. الأصوات الكردية في موقف حرجتعد الأصوات الانتخابية التي سيحصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي من بين المواضيع المهمة التي تؤثر على تحقيق حزب العدالة والتنمية لهدفه فيما يخص عدد المقاعد البرلمانية. ذلك أن حزب الشعوب الديمقراطي، يعتبر أبرز الأحزاب الفعالة في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من تركيا، كما أنه يحظى بدعم شريحة واسعة من الناخبين الأكراد. فشل حزب الشعوب الديمقراطي خلال انتخابات 2011، في الحصول على أصوات كافية، تمكنه من تجاوز العتبة الانتخابية، التي تبلغ 10 بالمائة من الأصوات الانتخابية في تركيا، وإذا ما تمكن في هذه الانتخابات من تجاوز تلك العتبة، فإن ذلك سيكون له تأثير مباشر على عدد المقاعد التي سيحصل عليها حزب العدالة والتنمية.سيتمكن حزب الشعوب الديمقراطي من الحصول على 40 مقعدا في البرلمان التركي، إذا ما حصد 10 بالمائة على الأقل من الأصوات الانتخابية، وتأثير ذلك على حزب العدالة والتنمية يكمن في أن معظمهم الأصوات التي قد يحصل عليها حزب الشعوب الديمقراطي، ستكون من الولايات المحسوبة على العدالة والتنمية، حيث أن العدالة والتنمية يمتلك شعبية قوية بين المواطنين الأكراد في المناطق الشرقية والجنوب شرقية، إلا أن العنصر الجديد في هذه الانتخابات هو الدعم الكبير الذي سيحظى به حزب الشعوب الديمقراطي من قبل القوى اليسارية والعلمانية، التي تهدف من خلال دعمها للشعوب الديمقراطي إلى منع تحقيق التحول إلى نظام رئاسي وتوسيع صلاحيات الرئيس أردوغان، وبالتوازي مع ذلك، فقد أدخل حزب الشعوب الديمقراطي تغييرات في خطابه السياسي، فأصبح خطابه غير موجه للشريحة الكردية فحسب، بل للشرائح اليسارية والديمقراطية الاشتراكية، وقدّم مرشحين لعضوية البرلمان من مختلف تلك الشرائح. وفي السياق ذاته، فإن تمكّن حزب الشعوب الديمقراطي من تجاوز العتبة الانتخابية، سيحمل تأثيرات سلبية على حزب المعارضة الرئيسية (حزب الشعب الجمهوري)، فاتجاه أصوات الشريحة اليسارية نحو الشعوب الديمقراطي، ستؤثر بشكل سلبي على نسبة الأصوات الانتخابية التي قد يحصل عليها الشعب الجمهوري، وستحول بينه وبين الوصول إلى الهدف الذي حدده لنفسه، وهو تحقيق 35 بالمئة من معدل الأصوات. لذا فإن الشعب الجمهوري الذي حصل على 20 بالمئة من الأصوات الانتخابية و112 مقعدًا برلمانيًا في انتخابات عام 2011، يقوم بحملات انتخابية مكثّفة، للحيلولة دون تسرّب الأصوات الانتخابية، فضلًا عن أن إعلان زعيم حزب الشعب الجمهوري "كمال قليجدار أوغلو"، عن هدف حزبه المتعلق بتحقيق 35 بالمائة من الأصوات الانتخابية، وضع زعيم الحزب أمام مفترق للطرق، فعدم تمكن حزبه من الحصول على تلك النسبة، قد يدفعه نحو الاستقالة من رئاسة الحزب. أما حزب الحركة القومية، الذي يعتبر مركز جذب لأصوات القوميين من الناخبين الأتراك، فهو لا يهدف في هذه الانتخابات للوصول إلى السلطة، لكنه يريد تحقيق زيادة في نسبة أصواته الانتخابية مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث أنه حصل في انتخابات عام 2011، على 14 بالمائة من الأصوات و71 مقعدًا في البرلمان، ويسعى الحزب من خلال هذه الانتخابات، إلى زيادة أصواته الانتخابية، من خلال التأثير على الدوائر القومية المنزعجة من مسارات عملية السلام الداخلي وحل القضية الكردية الجارية حاليًا في تركيا. ومن المتوقع أن تزداد أعداد الهجمات الإرهابية والمظاهرات والاحتجاجات والحوادث التي من شأنها التأثير على صناديق الاقتراع، كلما اقتربت تركيا من موعد الانتخابات، لذا عملت الحكومة التركية على إصدار حزمة من القوانين، أطلقت عليها اسم "حزمة إصلاحات الأمن الداخلي"، كما اتخذت حزمة من الخطوات والإجراءات اللازمة لضمان سلامة الشارع التركي وصناديق الاقتراع على حد سواء، لكن ذلك لا يغير حقيقة أن تركيا مقبلة على انتخاباتٍ صعبة.

922

| 15 أبريل 2015

العلاقات التركية الإيرانية والحاجة لشرق أوسط جديد

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد شكلت معركة "جالديران"، التي وقعت بين الإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية، عام 1514، منعطفًا تاريخيًّا وحدثًا هامًّا، من أهم الأحداث التاريخيّة في التاريخ الإسلامي، كما حوّلت تلك المعركة التي دارت بين الشاه إسماعيل الصفوي والسلطان سليم الأول مسار التاريخ إلى جهة مختلفة تمامًا، وأبقت العالم الإسلامي تحت تأثيرها لمئات السنين. فلو كتب للشاه إسماعيل الظفر بتلك المعركة، لكنا نعيش اليوم في عالم مختلف تمامًا. لطالما وجهت الإمبراطورية العثمانية وجهها نحو الغرب، محققة فتوحات كبيرة داخل أراضي العالم المسيحي، فيما دأبت إيران على الدخول بحروب مع دول مسلمة مجاورة طيلة تاريخها. وعليه، فقد أوقفت الحرب التي أعلنها الشاه إسماعيل على السلطان سليم الأول، فتوحات العثمانيين وتقدمهم نحو الغرب، وأجبرتهم على التوجه نحو الشرق.سياسة حزب العدالة والتنمية تجاه إيران لقد أصبحت الإمبراطورية العثمانية بعد معركة "جالديران" مركزًا للعالم السنّي، فيما ذُكِرت إيران منذ ذلك الحين، على أنها ممثلٌ للعالم الشيعي، ولم تدخل الدولتان في حرب مرة أخرى بعد ذلك التاريخ، ولم يطرأ أي تبدّل على الحدود المشتركة بينهما، والتي تم ترسيمها وفق معاهدة "قصر شيرين" الموقعة بين البلدين في 17 أيار\ مايو 1639، وبقي البلدان يتشاركان تلك الحدود حتى يومنا هذا، وعلى الرغم من عدم اندلاع أي حرب فعليّة بين البلدين، إلا أنهما كانا في حالة منافسة دائمة داخل العالم الإسلامي والمنطقة. وقد عززت تركيا علاقاتها مع إيران، خلال حكم حزب العدالة والتنمية، حيث شهدت العلاقات التركية الإيرانية تطورات ملحوظة، في إطار سياسة تعزيز العلاقات مع الدول الإسلامية، التي بدأ بها رجب طيب أردوغان، وسادت حالة من الدفء في العلاقات بين البلدين. وكانت تركيا ربما البلد الإسلامي الوحيد، الذي دافع عن إيران، وطالب أن يتم التعامل معها بشكل أكثر عدالة، عندما بدأت السجالات تدور حول ملفها وبرنامجها النووي. ورأت تركيا ضرورة امتلاك إحدى الدول الإسلامية لبرنامج نووي، مقابل امتلاك إسرائيل لبرنامج نووي في المنطقة. لقد استفادت إيران من الأطروحة التركية الموجهة لجميع دول العالم الإسلامي في مفاوضاتها الدولية، ما جعلها تقدم على المفاوضات بقدر عال من الاطمئنان. إضافة إلى أن تركيا، كانت البلد الوحيد الذي قدم دعمه لحزب الله اللبناني، إبان الحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان. سياسة التمدد الشيعي وجهت انتكاسة للعلاقات التركية الإيرانيةشاركت في العديد من اللقاءات والزيارات الرسمية، التي جرت بين الجانبين التركي والإيراني، في الفترة التي كنت فيها مستشارًا لرجب طيب أردوغان، وأستطيع القول إن أسلوب إدارة العلاقات السياسية الذي تنتهجه إيران، سبب لنا مفاجأة كبرى، حتى في تلك الفترة، حيث كان هنالك فرق شاسع بين ما يتم الحديث فيه خلف الأبواب المغلقة وما نشهده من تطورات على الأرض، بل وحتى أن إيران رفضت أن تكون إسطنبول مركزًا ونقطة انطلاقٍ للمفاوضات التي ستجريها حول برنامجها النووي، لكي لا تعطي تركيا التي طالمًا كانت لها عونًا أمام الدول الغربية، فرصة أن تكون بلدًا يمتلك دورًا حيويًا في ذلك الملف، لقد كانت السياسات الإيرانية تنتهج أسلوبًا غريبًا لهذه الدرجة. شهدت العلاقات التركية - الإيرانية، برودًا ملحوظًا، بسبب الأزمة السورية وسياسات التمدد الشيعي التي اعتمدتها إيران في المنطقة، كما لم يرق لتركيا أسلوب "السياسة الفارسية" الذي تنتهجه إيران، فعمدت على تغيير أسلوبها، واتباع سياسات حذرة في التعامل معها. أمّا إيران، فقد سعت خلال تلك الفترة إلى بث مشاعر العداء تجاه تركيا، في سوريا والعراق ولبنان، وتقديم دعم خَفي، لأتباع المذهب الشيعي داخل تركيا، ولكم أن تتخيلوا كيف قام حزب الله، بتوجيه كلمات معادية لتركيا، والسعي لتشويه صورتها في المنطقة، بالرغم من أن تركيا، كانت البلد الوحيد الذي وقف إلى جانبه، خلال حربه مع إسرائيل في لبنان. تركيا تحذّر "إيران الجشعة" لأول مرةإن إيران، ترتكب ثاني أكبر خطأ في تاريخها، وتلقي بالعالم الإسلامي إلى نار الحرب الطائفية، بسبب سياساتها التوسعية، التي تعتمد على المد الشيعي في المنطقة، كما أن السياسات الهجومية والعدوانية التي تنتهجها إيران، إلى جانب سياساتها التوسعية، كانت السبب وراء احتراق سوريا والعراق ولبنان واليمن، بنار الحروب والنزاعات الطائفية.وبعد الحرب الأهلية الأخيرة التي نشبت في اليمن، لم يبقَ بلد إسلامي واحد يقف إلى جانب إيران، ويتحالف معها، باستثناء الدول الواقعة تحت الاحتلال الإيراني، كما وجّهت تركيا، وللمرة الأولى، انتقادات لاذعة للسياسات التوسعية التي تتبعها إيران اعتمادا على التمدد الشيعي في المنطقة، والمواقف العدوانية تجاه دول الشرق الأوسط. ووصف الرئيس أردوغان السياسات التوسعية الإيرانية، ومساعيها لاحتلال عدد من دول المنطقة، بـ "غير المقبولة"، مطالبًا إياها صراحة بتغيير نهجها، والانسحاب فورًا من الدول التي تحتلها. ما الذي تريد إيران فعله؟أعتقد أن هذا السؤال هو السؤال الذي يدور في أذهان الجميع. يبدو أن إيران، وافقت على استعداء جميع دول العالم الإسلامي، مقابل تحقيق سياساتها الطائفية والتوسعية، وبما أنها وافقت أيضًا على خسارة تركيا، الحليف الأكثر أهمية بالنسبة لها، إذًا يجب أن يكون هنالك أسبابٌ مهمة جدًا، تقف وراء ذلك الإصرار على تحقيق تلك السياسات. إن الأوساط المتطرفة في إيران تطلق الآن زغاريد النصر، قائلين أنهم تمكنوا من تأسيس أكبر إمبراطورية شيعية عبر التاريخ، وأن العالم الشيعي بات يمتلك خمس عواصم، فهل هذا حقيقي؟ نعم، إنه حقيقي لكن كحلم عابر.. ذلك أن العملية العسكرية التي بدأت بقيادة المملكة العربية السعودية، واستهدفت مراكز الحوثيين في اليمن، أظهرت أن التأثير الذي تفرضه إيران على دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء اليوم، هو عبارة عن تأثير مؤقت، لا يمتلك جذورًا راسخة في الأرض، وهنا أود الإشارة إلى أن تركيا أعربت عن دعمها وتأييدها للعملية العسكرية التي حملت اسم "عاصفة الحزم". وعليه، فإن "عاصفة الحزم"، تظهر قيام تحالف واسع ضد إيران، لن يقف عند حدود اليمن، بل سيمتد نحو البلدان الأخرى التي تشهد احتلالًا إيرانيًا. إيران من جهتها، ترى أنها تمكنت من تحقيق نصرٍ مؤَزَّر، من خلال "السياسات الفارسية" التي تتبعها، والتي تستمد القوة من روسيا والصين، وإسكات الولايات المتحدة من خلال مجموعة من الحيل والمكائد، ولكن الواقع ليس على ذلك النحو البتة، ذلك أن الدول الداعمة لإيران، هي نفسها الدول التي طالما دأبت على السعي وراء إشعال فتيل الحروب والنزاعات الطائفية، داخل العالم الإسلامي، وقد نجحت أخيرًا في الوصول إلى غايتها، لتبدأ صفحة جديدة من الحروب والنزاعات الطائفية في العالم الإسلامي، وذلك بفضل سياسات إيران الجشعة وتعصبها الطائفي الأعمى. نحتاج لشرق أوسط جديدتحول الشرق الأوسط إلى حمام دم، نتيجة اقتتال المسلمين بين بعضهم البعض، وبتنا بحاجة لشرق أوسط جديد، شرق أوسط جديد يُبنى من قِبلنا، تُحقن فيه دماء المسلمين، ويُوضع فيه حدٌّ للحروب والنزاعات الطائفية، ويَتم السعي فيه من أجل بناء وحدة إسلامية شاملة، تعلي من شأن الأمة وتنهض بها، وإلا فإن أوار ذلك الحريق سيفتك بنا جميعًا.

777

| 01 أبريل 2015

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4200

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1836

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1755

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1608

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1422

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1158

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

903

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

657

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

615

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

549

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
المقاومة برصاص القلم

ليس بكاتب، إنما مقاوم فلسطيني حر، احترف تصويب...

495

| 03 ديسمبر 2025

أخبار محلية