رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

هل نقف على أعتاب تأسيس إمبراطورية روسية - فارسية؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تمتلك روسيا علاقات وثيقة مع النظامين الإيراني والسوري، لاسيما إذا علمنا أن إيرادات روسيا المالية التي تأتي من خلال مبيعات الأسلحة، تشكلُ حيزًا أكبر ممّا تجنيه من تجارة الطاقة. وتشغل إيران والعراق وسوريا المراتب الثلاثة الأولى في قائمة الدول التي تشتري معظم الأسلحة المنتجة روسيًا. بالإضافة إلى أن تلك الدول تعتبر بوابة روسيا على منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر مركز العالم.لقد كانت روسيا أبرز دولة تنتهك بشكل غير معلن الحظر الذي كان مفروضًا على إيران، محققة بذلك أكبر حجم تبادل تجاري مع ذلك البلد المقاطع عالميًا، لذلك فقد عارضت توقيع اتفاق نووي بين دول (P5 + 1) وإيران، لأن رفع الحظر المفروض على إيران سيضع حدًا ينهي تجارة روسيا المربحة.لقد اتخذ الدعم السياسي والعسكري المعلن الذي قدمته روسيا لنظام الأسد في سوريا، بعدًا مختلفًا، منذ مطلع الأسبوع الماضي. حيث حوَّلت روسيا مطارًا في محافظة طرطوس الساحلية السورية من الاستخدامات المدنية إلى العسكرية، وأهَّلت مطار اللاذقية للاستخدامات العسكرية، ثم بدأت بقصف معاقل قوات المعارضة السورية. لذلك، نستطيع القول إن روسيا دخلت "الحرب السورية" بشكل فعلي، وأعتقد أن "الحرب السورية" سوف تصبح حرب روسيا الجديدة، بعد سلسلة الحروب التي خاضتها في أفغانستان والشيشان وجورجيا وأوكرانيا. ما الذي دفع روسيا نحو اللجوء إلى تنفيذ هذه الخطوة؟1- الأسد وإيران على وشك خسارة المعركة في سوريا.تكبد النظام السوري وإيران خسائر فادحة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة اتحاد قوى المعارضة السورية العاملة على الأرض، ما حدا بكثير من وسائل الإعلام والمثقفين للحديث عن "انهيار وشيك للنظام" نتيجة لتلك الخسائر التي من شأنها تغيير التوازنات في المنطقة. لقد رأت روسيا أن خسارة الأسد للمعركة ستعني خسارتها لسوريا، ومن ثم العراق وإيران. مع الإشارة إلى أن مسألة القاعدة العسكرية الوحيدة التي تملكها روسيا في البحر المتوسط (في طرطوس السورية)، تشكل الهاجس الأكبر بالنسبة للإدارة الروسية. 2- لا تريد خسارة قاعدتها العسكرية في "المياه الدافئة"طالما رغبت روسيا، ومنذ العهد العثماني، بالوصول إلى منطقة البحر المتوسط التي تعرف باسم "المياه الدافئة"، إلا أنها لم تنجح في ذلك، قام النظام السوري بتقديم قاعدة عسكرية في محافظة طرطوس المطلة على البحر المتوسط للروس، ما وفر لهم إمكانية تحقيق ذلك الحلم الذي راودهم على مر التاريخ، والوصول إلى المياه الدافئة، لذا فإن تحقيق قوات المعارضة السورية النصر في معركتها ضد نظام الأسد، سيعني خسارة روسيا قاعدتها العسكرية الوحيدة في البحر المتوسط، وسيعني بالتالي أن تصبح الولايات المتحدة المهيمن الوحيد على المنطقة بأسرها دون منازع، ولمنع هذه التحولات المهمة، دخلت روسيا الحرب بشكل فعلي. 3- الحرب تعني تحقيق مكاسب اقتصاديةلا يعرف على وجه الدقة حجم الأسلحة التي باعتها روسيا لدول إسلامية مثل إيران، والعراق، وسوريا، واليمن، ولبنان، وليبيا. لكن ودون أدنى شك، فإن حجم المبيعات الروسية من السلاح، خاصة لحليفتها إيران الموجودة كعنصر فعال في الحروب التي تدور في البلدان العربية الخمسة آنفة الذكر، كان كبيرًا للغاية. والأنكى من ذلك، هو أن الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا)، هي الدول التي تتخذ جميع القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة أو تنقضها، إلى جانب كونها أكثر البلدان التي تحقق مكاسب عالية من تجارة بيع الأسلحة إلى معظم البلدان الأخرى حول العالم. وانطلاقًا من هذا، نستطيع أن نفهم الأسباب التي أدت لإطالة أمد الحرب في سوريا ومنعت من إيجاد حلول فعالة لتلك الأزمة. 4- روسيا تنتقم لملف العقوبات والملف الأوكرانيشهدت علاقات روسيا تدهورًا مع جميع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، على خلفية موقفها من الأزمة الأوكرانية، حيث شاركت روسيا بشكل فعلي في الحرب الأوكرانية، وقاتلت من أجل القضية الأهم بالنسبة لها، ألا وهي قاعدتها العسكرية في شبه جزيرة القرم، والتي تستطيع من خلال التحكم بمنطقة البحر الأسود. ووجهت السياسات الروسية الساعية لتوسيع السيطرة في تلك المنطقة بعقوبات اقتصادية فرضها الغرب عليها، تزامنت مع هبوط حاد لأسعار النفط، ما جعل الأمور في روسيا تتجه نحو الأسوأ ودفع البلاد نحو أزمة اقتصادية حادّة.تسعى روسيا من خلال دخولها الآن إلى سوريا، للانتقام من الغرب، ورد الصاع صاعين، والسيطرة على المنطقة الممتدة من بحر قزوين إلى البحر المتوسط، بمساعدة من إيران، فيما ستسعى الولايات المتحدة وأوروبا لمنع ذلك، عبر محادثات ستجريها مع روسيا، وستسعى من خلالها إلى إضعاف الدور الروسي عبر التلويح بزيادة العقوبات والتركيز على الرد من خلال الملف الأوكراني.ما هي النتائج المترتبة على التحرك الروسي؟1- قد تخسر المعارضة المعركة وتظفر إيرانلا تعمل روسيا على قصف مواقع تنظيم داعش فقط، بل جميع الأطراف المناهضة للأسد، فيما تستعد قوات عسكرية مشتركة تضم فصائل إيرانية وأخرى تابعة لـ"حزب الله" اللبناني، إضافة لقوات الأسد، لعملية برية واسعة. واستمرار ذلك على هذا النحو سيعني خسارة المعارضين للمعركة، وتحول سوريا إلى عراقٍ آخر، من خلال وقوعها تحت السيطرة الإيرانية، لكن بدعم روسي هذه المرة. 2- هجرة كبيرة تهزّ تركياتبدي تركيا ردود أفعال قوية، مناهضة للتدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية، وتدرس إعادة النظر في كل الأوراق التي تمتلكها، بما في ذلك اتفاقية بناء محطات الطاقة النووية واتفاقات أخرى في مجال الطاقة، في الوقت الذي تسعى فيه جاهدةً لخلق حراك أوروبي أمريكي مشترك ضد روسيا. خاصة أن خسارة المعارضة للمعركة، ستعني ترك تركيا أمام مواجهة موجة لجوء كبيرة، تفوق تلك التي واجهتها خلال سنوات الحرب، فضلًا عن مواجهة معضلة وجود أكثر من 2.5 مليون لاجئين، هم الآن مقيمون على أراضيها. من ناحية أخرى، علينا ألا ننسى ترحيب منظمة "بي كا كا" الإرهابية، بخطوة التدخل العسكري الروسي في سوريا.3- الإمبراطورية الروسية الإيرانيةحتى لو أظهرت الولايات المتحدة اعتقادها، بأن دخول روسيا في الحرب السورية، سيكون مشابهًا لدخولها في المستنقع الأفغاني، إلا أن الأمر لن يكون على هذا النحو. ذلك أن روسيا لن تشارك في المعركة بقوات برية كبيرة، وسيقتصر دورها على تمهيد الطريق أمام قوات الأسد والقوات الموالية له، من خلال توجيه ضربات جوية لمناهضيه. فالمعركة البرية التي ستشهد خسائر كبيرة على صعيد العنصر البشري، تركت للقوات الإيرانية والعراقية واللبنانية والسورية، فضلًا عن المنظمة المحلية.لا أعتقد أن فكرة تأسيس إمبراطورية إيرانية روسية في المنطقة الممتدة من بحر قزوين وحتى البحر المتوسط تشكل ضربًا من ضروب الخيال، فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب، وأتوقع قيام الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة وجودها العسكري في المنطقة، في هذه المرحلة التي أدركت فيها أنها باتت قاب قوسين أو أدنى من خسارة المنطقة، لاسيما وأن حلفاءها الثلاثة الأقوى في المنطقة، (المملكة العربية السعودية وتركيا وقطر) يعبرون دومًا عن حالة عدم الرضا جراء التطورات التي تشهدها الساحة في الوقت الراهن.مجزرة في أنقرةكنت أريد أن أكتب "أرى أن تركيا هي المتضرر الأكبر من كل هذه التطورات"، وأثناء كتابتي لهذه الجملة، وقع هجوم إرهابي في أنقرة، أسفر عن مقتل أكثر من مئة مدني في قلب العاصمة التركية. لم تعلن أي منظمة إرهابية حتى الآن مسؤوليتها عن الهجوم، ولا ينبغي انتظار تلك المنظمة لتعلن عن تبنيها للعملية الإرهابية، لأن الجهة التي تسعى لإعادة أنظمتها إلى الشرق الأوسط، والجهة التي تسعى لنشر الحروب والفوضى، هي نفسها التي تقف وراء المذبحة التي وقعت في أنقرة. وضعت القوى المظلمة كلا من بارزاني في العراق، والملك سلمان بن عبد العزيز في المملكة العربية السعودية، وأردوغان في تركيا، على رأس قائمة أهدافها، ما يشير إلى أننا نقف على أعتاب أيامٍ حبلى بالشدائد.. كان الله في عوننا جميعًا.

335

| 14 أكتوبر 2015

أن تجعل من مخترعٍ "إرهابيًا"

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "أحمد محمد"، هو فتى مولع بالاختراعات الميكانيكية والإلكترونية، وينتمي لعائلة سودانية، تقيم في مدينة "ايرفينغ" بولاية "تكساس" بالولايات المتحدة الأمريكية، في أحد الأيام اخترع أحمد ساعة ميكانيكية مختلفة، وحملها معه إلى المدرسة، ليعرضها على معلمه. تفحّص المعلم الساعة بعيون تملؤها الحيرة، لِما شاهده من تمديدات كهربائية وأجهزة ميكانيكية معقدة. طلب المعلم من أحمد التوجه إلى صفه الدراسي، ووعده بمواصلة الحديث حول الموضوع لاحقًا، غمرت السعادة فؤاد أحمد، الرغب بالحصول على اهتمام معلميه، كأي طفل في هذا العالم.المخترع أصبح "إرهابيًا"!اعتبر معلمو الفتى السوداني المسلم، ذو الـ 14 ربيعًا، أن الاختراع ليس عبارة عن ساعة، بل هو "قنبلة موقوتة"، وتقدموا ببلاغٍ إلى الشرطة حول ذلك. اقتحمت الشرطة المدرسة، واعتقلت الطالب أحمد، الذي كان ينتظر بشوق التقدير من معلميه.. كبَّلت الشرطة يداه على مسمع ومرأى زملائه الطلاب، واقتادته إلى المركز.. وطبعًا تمت مصادرة الساعة أيضًا.خيّم الذهول على أحمد جراء هول المفاجأة، ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل قامت الشرطة باستجواب الطفل، دون أن تسمح أو تمنحه فرصة إبلاغ عائلته أو محاميه، فضلًا عن معاقبته بـ "الإبعاد عن المدرسة لمدة ثلاثة أيام". انتشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي انتشار النار في الهشيم، عقب نشر إحدى الصحف المحلية تفاصيل ما حدث. احتدمت النقاشات التي بدأت بتوجيه انتقادات للشرطة والمعلمين، واتهمتهم بـ "الجهل" لعدم قدرتهم على التمييز بين "الساعة" و "القنبلة الموقوتة"، وامتدت لتتناول مواضيع تمحورت حول "العنصرية" و "الإسلاموفوبيا"، إلى ذلك، أطلق بعض الناشطين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وسمًا بعنوان "أنا مع أحمد". تزايد حجم الدعم المقدم للفتى السوداني، بالتزامن مع تزايد سيل الانتقادات الموجهة للمدرسة والشرطة، فيما بدأت قضية أحمد، تستحوذ على مكانة مهمة، في أجندة كبريات وسائل الإعلام الأمريكية.اعتبرت الشرطة الأمريكية، اختراع الفتى المسلم الأسمر لساعة، بمثابة جريمة تستوجب العقاب، في الوقت الذي لم تعتبر فيه يومًا، قيام الأطفال البيض من غير المسلمين، بالتقاط صورٍ لأنفسهم وهم يحملون أسلحة آلية، على أنه جريمة أو جنحة تستوجب التحقيق والبحث. وجدت الإدارة الأمريكية نفسها مجبرة على التدخل في القضية، سيما أن الشارع الأمريكي لم ينس بعد حادثة مقتل مواطنين سود على يد رجال شرطة عنصريين، كما لم ينس الاحتجاجات التي قام بها السود ومنظمات المجتمع المدني المناهضة للعنصرية في مدينة "فيرغسون" (ميزوري)، احتجاجًا على مقتل شاب أسود على يد الشرطة. عندما تدفن أوروبا اللاجئين في مياه البحرلنعد قليلًا إلى الوراء، لنذهب إلى الدنمارك هذه المرة.قبل أسبوع واحد من غرق الطفل السوري "آلان الكردي" (3 أعوام)، والعثور على جثته الصغيرة، ملقاة على أحد شواطئ بحر إيجة، عثرت السلطات النمساوية على أكثر من 71 جثة، تعود للاجئين غير شرعيين، في شاحنة تُركَت إلى جانب أحد الطرقات، في منطقة قريبة من الحدود مع المجر. وقبل ذلك بفترة وجيزة، غرقت سفينة تحمل لاجئين قبالة السواحل الإيطالية، ما أدى إلى مصرع 400 منهم، حيث عثر على جثث بعضهم ملقاة على السواحل الليبية. إن ما ذكر آنفًا من أعداد لا تشكل سوى نزر يسير من الأعداد الكبيرة للاجئين، الذين في البر وفي البحر، على مدار السنوات الأربع الماضية، وهم يبحثون عن الأمان والحياة الآدمية الكريمة.فيما هزّت صورة الطفل السوري "آلان" مشاعر العالم، كانت الشرطة الدنمركية تتخذ إجراءات صارمة، لمنع تدفق اللاجئين من دول الشرق الأوسط عبر الحدود. أدت تلك الإجراءات وغير من الإجراءات التي اتخذتها بقية الدول الأوروبية إلى تزايد حدّة الانتقادات الموجهة إليها، محملة دول الاتحاد الأوروبي مسؤولية أزمة اللاجئين المستمرة، والتي أدت ولا تزال إلى موت عشرات الآلاف منهم، إما غرقًا في مياه البحر المتوسط أو على الأسلاك الشائكة التي أقيمت لإبعاد اللاجئين عن حدود أوروبا. وفي خضم كل هذه التطورات، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، بصور أظهرت مصورة صحفية مجرية، تعتدي بالضرب على لاجئين، حيث ضربت طفلة وركلت لاجئًا آخر يحمل ابنه، وأوقعتهما أرضًا. كل تلك الأحداث دفعت الدول الأوروبية نحو اتخاذ قرار بالتحرك، ولكن كيف؟دعونا نتوقف هنا، ونعود إلى الولايات المتحدة.أوباما يعرب عن دعمه لـ "أحمد" و "ناسا" تعده بالفضاء شهدت قضية المخترع السوداني أحمد، التي أثارت تصدعات خطيرة في المجتمع الأمريكي (العنصرية والإسلاموفوبيا)، تدخلاً مفاجئًا، حيث نشر الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، رسالة دعم للطفل السوداني قائلًا "ساعة جميلة يا أحمد هل تريد إحضارها إلى البيت الأبيض؟"، وكتب أيضًا "علينا تشجيع المزيد من الأطفال أمثالك ليحبوا العلوم، هذا ما يجعل من الولايات المتحدة عظيمة؟". إلى جانب ذلك، وجهت "هيلاري كلينتون" والعديد من السياسيين رسائل دعم لأحمد، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل لقيت قضية أحمد دعمًا من قبل القائمين على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وشركة "جوجل"، ووكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، ومعهد "ماساتشوستس" للتقنية، حيث قدموا للطفل السوداني دعوة لزيارة مؤسساتهم، أصبح أحمد فجأة محبوب من قبل الجميع. رحب العالم بالدعم الذي لقيه أحمد من البيت الأبيض والمؤسسات الأكثر شعبية في الولايات المتحدة والعالم، في الوقت الذي لا تزال فيه الكثير من المؤسسات تعرب عند دعمها لأحمد، حتى أثناء كتابتي لهذه السطور.دعونا نعود إلى أوروبا.الشرطة الأوروبية ووجهها الإنساني!تعرضت أوروبا لسيلٍ من الانتقادات، على خلفية تصريحات أطلقها زعماء أوروبيون، حول عزمهم إجراء تعديلات على قوانين اللجوء، فيما يخوض اللاجئون غمار مأساة تدمي القلوب وتقض مضاجع الضمائر الحية، وفي خضم النقاشات التي تناولت تلك التصريحات غير المقنعة، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورًا من الدنمارك، لشرطي يجلس على طريق معبّد، ويلاعب طفلة من اللاجئين. بدى الشرطي في الصورة بمظهر مفعم بالإنسانية. انهمرت عليه - بعد انتشار تلك الصور – عروض الزواج، من كل أصقاع الأرض، طبعًا لا نعرف إن كان الشرطي متزوجًا أم لا، أو إن كان يرغب بالزواج أم لا، إلا أننا نعرف بأن الشرطي المشار إليه، قدم للعالم الوجه الإنساني لأوروبا. ما الذي حدث في الولايات المتحدة؟في الواقع، لعبت الأقلية السوداء والمسلمة دورًا كبيرة في إظهار قضية المخترع السوداني "أحمد محمد"، من خلال نشاط مكثف على وسائل التواصل الاجتماعي، ما دفع فريق الاتصالات السياسية المحيط بـ "أوباما"، بكتابة الرسالة التي وجهت لأحمد، كما طلب الفريق نفسه من الشركات الكبرى، بتوجيه رسائل في الإطار ذاته، ذلك لأن الفريق المشار إليه، كان متخوف من ازدياد التصدعات الاجتماعية داخل المجتمع الأمريكي، سيما وأن الشرطة الأمريكية، قتلت في الأشهر الثلاثة الماضية، نحو 300 "أسود" من مواطنيها، إضافة إلى 3 مواطنين آخرين قتلوا برصاص الشرطة الأمريكية، في اليوم الذي وجه فيه "أوباما" رسالة إلى الطفل السوداني. إلا أن حدث مقتل المواطنين الثلاثة المشار إليهم، لم يلق أي صدى ولم يحمل قيمة خبرية في وسائل الإعلام الأمريكية. إلى ذلك، شارك أحمد في أحد البرامج التلفزيونية ولخص قضيته قائلًا: "اسمي أحمد محمد، ولوني أسود، تم اعتقالي من قبل الشرطة الأمريكية لأنني مسلم أسود، لو كان لوني أبيض لما اعتقلتني الشرطة، آمل أن لا يتعرض الآخرون لما تعرضت له". وفي السياق ذاته، قال والد أحمد ومديرو اتحاد مسلمو أمريكا، إن ما تعرض له أحمد من اعتداء ناجم عن الشعور بالكراهية والخوف من المسلمين (الرهاب الإسلامي - إسلاموفوبيا)، ما هو إلا حادثة واحدة من الحوادث اليومية التي يتعرض لها المسلمون في الولايات المتحدة، والتي تبقى طي الكتمان ولا تتناقلها وسائل الإعلام. ما الذي حدث في أوروبا بعد ذلك؟لم يتمكن أحد من معرفة المعلومات الشخصية الخاصة بالشرطي الذي انتشرت صوره في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، ولم يتساءل أحد عن الطريقة التي انتشرت فيها صورة الشرطي بهذه السرعة، وهل فعلاً تلقى عروضًا للزواج. لقد تدخلت الدبلوماسيات العامة في الدول الأوروبية، وضخت العشرات من الصور في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بهدف إظهار مدى إنسانية الشعوب الأوروبيين وحجم تفاعلهم من أزمة اللاجئين. وفي الواقع، فقد أغلقت الدنمارك حدودها بشكل تام، بعد 4 أيام من التقاط صورة الشرطي ونشرها، ولربما عاد الشرطي الذي نشرت صوره، إلى وظيفته الأساسية وشارك في عمليات منع اللاجئين من العبور إلى الدنمارك. إن أنباء اللاجئين الذين تم وضعهم في مخيمات وغرف لا تليق ولا تصلح للاستخدام الآدمي، لتكرس مأساة اللاجئين ومعاناتهم في ظل الجوع والمرض، لم تحمل قيمة خبرية بالنسبة لوسائل الإعلام الأوروبية، بالقدر الذي حملته صورة الشرطي الدنماركي، بل وحتى لم يقم أحد بالتحقيق في الأنباء التي تحدثت عن قيام الشرطة الإيطالية واليونانية، بثقب القوارب المطاطية التي تقل لاجئين، وإغراقها عمدًا. لم يحقق أحد في تلك الأنباء، ولم يشعر أحد بالحاجة للتحقيق في خفاياها.الدبلوماسية العامة في العالم الإسلاميإن الأنشطة التي تجريها الدبلوماسية العامة في الولايات المتحدة وأوروبا، تجعل تلك البلدان بمنأى عن النقد، والإصابة بالصدوع الاجتماعية الخطيرة، فضلًا عن أنها تشكل غطاءً للانتهاكات التي تجري دون توثيق ودون أن يشعر بها أحد. بفضل تلك الأنشطة، بات العالم كله مقتنعًا بأن الحكومات الغربية تشكل نبراسًا لـ "الضمير الإنساني والتراحم!". أنظروا إلى الولايات المتحدة التي حولت مخترعًا إلى "إرهابي"، ثم حولت "الإرهابي" إلى "بطل"، وإلى أوروبا التي عملت على إخفاء قبح سياساتها في التعامل مع اللاجئين وتصنيفاتها التي تخلو من الأخلاق، بستار "الشرطي الحنون"، ثم إنظروا إلى العالم الإسلامي، الذي لا يمتلك القدرة على شرح قضيته والتعريف بالأسباب التي دفعت سكانه لأن يكونوا لاجئين، إلى العالم الإسلامي الذي يقف عاجزًا عن إسماع صوته للعالم. هل ينبغي علينا أن نغضب من الغرب أم علينا أن نتحسر على أنفسنا؟ صدقوني لم أعد أعرف.

412

| 07 أكتوبر 2015

تركيا.. نحو "انتخابات مبكّرة"

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قرر الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" استنادًا إلى الدستور، ذهاب الأحزاب السياسية في البلاد إلى انتخابات مبكرة، بعد عدم تمكن حزب العدالة والتنمية من الحصول على نسبة كافية من الأصوات الانتخابية تخوله تأسيس حكومة بمفرده، خلال الانتخابات العامة التي أجريت في 7 يونيو الماضي، وعدم تمكن الأحزاب السياسية من عقد تحالف فيما بينها لتشكيل حكومة للبلاد. خلال الأسبوع الماضي، أعلنت جميع الأحزاب مجددًا عن أسماء مرشحيها إلى الانتخابات التشريعية (العامة). ليبدأ السباق الانتخابي مرة أخرى. مؤتمر حزب العدالة والتنمية العامبداية، اسمحوا لي أن أتحدث بإيجاز عن المؤتمر العام الذي عقده حزب العدالة والتنمية، لما يكتسبه المؤتمر من أهمية كبيرة على الصعيدين الحزبي والوطني في تركيا. عقد المؤتمر العام قبيل الانتخابات، بناءً على طلب رئيس الوزراء "أحمد داود أوغلو"، الذي قام باختيار فريق جديد لإدارة الحزب. وتزامن انعقاد المؤتمر مع انتشار بعض الشائعات، التي أشارت إلى رغبة وزير النقل السابق "بن علي يلدرم" في الترشح إلى الانتخابات الحزبية، ومنافسة داود أوغلو على رئاسة الحزب، إلا أن ذلك لم يتم، ولم يقدم "يلدرم" ترشحه خلال أعمال المؤتمر العام. كما تحدثت إشاعات أخرى عن وجود تأثير لأردوغان في اختيار الشخصيات الجديدة التي ستدير الحزب، وأن القائمة الجديدة تم اختيارها بالتوافق ما بين أردوغان وداود أوغلو، وأنها تظهر مدى السلطة والنفوذ اللذان مازال يتمتع بهما أردوغان داخل الحزب.النواب الجدد للأحزابدعونا نعود إلى الانتخابات. أعادت الأحزاب الأربعة التي تمكنت من دخول البرلمان التركي - عبر انتخابات 7 يونيو - صياغة قوائمها وأسماء مرشحيها إلى الانتخابات البرلمانية، وقدمت تلك القوائم مرة أخرى للناخبين. لم تدخل أحزاب "الشعب الجمهوري" (ديمقراطي اجتماعي)، و "الحركة القومية"، و "الشعوب الديمقراطي" (قومي كردي) تغييرات جذرية على قوائمها، واقتصرت التغييرات على بعض التعديلات الطفيفة، ما يعني أن تلك الأحزاب ستخوض الانتخابات المبكرة بنفس الفريق الذي خاض انتخابات 7 يونيو. وأبرز التعديلات كانت من نصيب "حزب الحركة القومية"، الذي يضم القوميين الأتراك، حيث لم تحتوِ قائمته هذه المرة، على اسمين يعتبران من أبرز وأهم رموز الحزب، وهما "طغرل توركش" (ابن مؤسس حزب الحركة القومية وزعيمها التاريخي "آلب أرسلان توركش")، و "ميرال آقشنر"، وهو ما جعل مواقف زعيم حزب الحركة القومية "دولت باهجه لي" الشخصية والسلطوية المتصلبة، هدفًا لشريحة واسعة من المجتمع التركي، قبيل الانتخابات. التعديلات في قوائم نواب حزب العدالة والتنميةأجرى حزب العدالة والتنمية، تعديلات كبيرة على قوائم نوابه، مقارنة مع القائمة السابقة، وحرص أثناء إجرائه لتلك التعديلات، أخذ القضايا التي تسببت بتناقص الأصوات الانتخابية الممنوحة له وتراجعه خلال الانتخابات السابقة، بعين الاعتبار.أعاد حزب العدالة والتنمية النظر بشكل جذري، في قوائم مرشحيه إلى الانتخابات البرلمانية عن المناطق الشرقية والجنوب شرقية (ذات الغالبية الكردية)، التي شهدت تراجعًا في الأصوات المؤيدة للعدالة والتنمية وتزايدًا في دعم حزب الشعوب الديمقراطي (معارض غالبية أعضائه من الأكراد). وأجرى تعديلات جوهرية على قوائم مرشحيه "لاستعادة الناخبين الأكراد" الذين صوتوا لصالح "الشعوب الديمقراطي" في الانتخابات السابقة. وخلافًا لما كان عليه الحال خلال الانتخابات السابقة، فضل العدالة والتنمية اختيار مرشحيه من ضمن الشرائح الاجتماعية المشهورة والفاعلة على الصعيد المحلي في تلك المناطق، ومن المرشحين الذين ينتمون إلى الإثنية الكردية.من الواضح أن العدالة والتنمية مصر في هذه الانتخابات، على استرجاع نحو 6 % من الأصوات الانتخابية، التي خسرها لصالح "الشعوب الديمقراطي"، لذا فقد عمد على إدراج بعض المرشحين من أصول كردية، ضمن قوائمه الخاصة بالمدن الكبرى، مثل إسطنبول، إزمير، وغيرها، للتأثير على الناخبين الأكراد القاطنين في تلك المدن. كما لم يدخل حزب العدالة والتنمية أي تعديلات على الأسماء المهمة، التي شغلت مناصب رفيعة وتولت مهام حساسة في الدولة، حيث أجرى خلال مؤتمر العام تعديلًا على نظامه الداخلي، ليفسح المجال لتلك الشخصيات بالترشح للمرة الرابعة، بعد أن كان نظام العدالة والتنمية يحظر على أعضائه الترشح إلى البرلمان لأكثر من 3 دورات. ما وفر لـ 24 شخصية مهمة من أصل 71 شخصية، الترشح مرة أخرى للانتخابات، وشغل مكانة مهمة ضمن القوائم التي طرحت أمام الناخبين. وهكذا، ضمت قوائم الحزب شخصيات معروفة ومحبوبة من قبل المجتمع، فضلًا عن أنها تذكّر أيضًا بالنجاحات التي حققها الحزب لتركيا.ينظر المتابعون إلى قائمة العدالة والتنمية بإيجابية أكثر، مقارنة بالقائمة التي قدمها الحزب في انتخابات 7 يونيو الماضي، كما يعول الحزب على قائمته الجديدة في خوض غمار الانتخابات المقبلة ومطالبة الناخبين بالتصويت لصالحه، في هذه المرحلة التي ستشهد دعاية انتخابية مكثفة تخوضها كافة الأحزاب السياسية، لاقناع الناخبين بالتصويت لها. يهدف العدالة والتنمية، إلى رفع نسبة الأصوات التي حصل عليها خلال الانتخابات السابقة من 41 % إلى 45 %، والعودة إلى السلطة منفردًا، بعيدًا عن أشباح الحكومات الائتلافية، أما بقية الأحزاب، فلا تطمح للوصول إلى السلطة بشكل منفرد، وترى أن ذلك بعيد المنال، إلا أنها تسعى للحفاظ على الأصوات الانتخابية التي حصلت عليها، ولتعزيز فرصة حصولها على موطئ قدم ضمن حكومة ائتلافية محتملة، تتمخض عنها الانتخابات.

284

| 23 سبتمبر 2015

ماذا يحدث جنوبي تركيا؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تشهد الولايات الواقعة على الحدود مع سوريا والعراق، أي شرقي وجنوب شرقي تركيا، منذ نحو شهر حتى الآن، وقوع عمليات إرهابية مكثفة. ومنذ إعلان منظمة "بي كا كا" الإرهابية إنهاءها لوقف إطلاق النار في 11 يوليو 2015، وعودتها مجددًا لتنفيذ عمليات إرهابية مسلحة، قتل عدد كبير من المواطنين بمن في ذلك عناصر في قوات الأمن.وفي خضم هذه الأحداث، أجرى جناح الاتصالات التابع لمنظمة "بي كا كا" أنشطة دعائية واسعة النطاق، داخل تركيا وخارجها، ونظم حملات كبيرة لتوجيه الرأي العام. وهنا، يمكن تلخيص الأحداث الأخيرة التي شهدتها تركيا تحت العناوين التالية:1- هل الحكومة هي الجهة التي أنهت عملية السلام الداخلي؟اتخذت الحكومة التركية خلال فترة عملية السلام الداخلي التي استمرت لمدة عامين، خطوات جادّة وتاريخية، من أجل ضمان حقوق المواطنين الذين ينتمون للإثنية الكردية، وإزالة المشاكل الاجتماعية المتعلقة بهم، وطبقت مجموعة من الإصلاحات، أبرزها رفع القيود التي كانت مفروضة على اللغة الكردية، وإنشاء وسائل إعلام باللغة الكردية، وافتتاح أقسام في الجامعات تدرس بالكردية، وقد تواصلت سلسلة الإصلاحات حتى شملت الاعتراف باللغة الكردية في المؤسسات القضائية وقبول الترافع والدفاع بها في المحاكم التركية، وفي المقابل طلب من منظمة "بي كا كا" ترك السلاح وسحب مقاتليها إلى خارج البلاد. رفضت منظمة "بي كا كا" تلك المطالبات، وعملت خلال تلك الفترة على تكديس الأسلحة والمواد المتفجرة في مخابئها، وتفخيخ الطرقات من أجل تفجيرها لاحقًا. وفي نهاية المطاف، طالبت الحكومة التركية المنظمة بإلقاء السلاح واتخاذ الخطوات اللازمة، فجاء رد المنظمة عبر التلويح باستخدام السلاح، وتنفيذ ذلك بشكل فعلي عقب الانتخابات العامة التي جرت في 7 يونيو الماضي. أعلنت منظمة "بي كا كا" من خلال بيان مكتوب نشرته بعد 4 أيام فقط من انتهاء الانتخابات العامة - أي في 11 يونيو الماضي – عن إنهائها لاتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة التركية. واعتبرت المنظمة أن المشاريع التي قامت بها الحكومة التركية في المناطق الشرقية مثل المطارات والطرق السريعة تشكل تهديدًا عليها، وصنفتها ضمن قائمة الأهداف.تسلل مسلحون من المنظمة الإرهابية في 22 يوليو الماضي، إلى منزل اثنين من رجال الشرطة، وقلوهما عندما كانا نائمين في منزلهما بولاية "شانلي أورفة"، وبلغ عدد عناصر الأمن الذين قتلوا من قبل المنظمة حتى 10 سبتمبر الجاري، 115 رجل أمن، كما لقي 25 مواطنًا مدنيًا مصرعهم على يد مسلحي المنظمة، وفي المقابل، لقي 125 إرهابيًا من عناصر المنظمة مصرعهم، وقصفت الطائرات الحربية التركية مواقع تابعة للمنظمة في شمال العراق. وفي موازاة ذلك، ادعى "حزب الشعوب الديمقراطي" الجناح السياسي لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، أن الهجمات التي تستهدف مواقع المنظمة، تهدف لرفع نسبة الأصوات المؤيدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات الجديدة، محملًا الرئيس رجب طيب أردوغان مسؤولية تصاعد الأحداث.2- هل كانت منظمة "بي كا كا" جادة في عملية السلام، وما الذي فعلته خلال فترة وقف إطلاق النار؟أجرت منظمة "بي كا كا" الإرهابية تغييرات جذرية في خططها خلال مرحلة عملية السلام، حيث قامت بإنزال مقاتليها من الجبال، وتوطينهم في القرى والمدن، مستفيدين من اتفاق وقف إطلاق النار، كما زرع عناصر تابعون للمنظمة ألغامًا تحت الطرقات الموجودة في المناطق التي تديرها بلديات تابعة لحزب "الشعوب الديمقراطي"، تلك الألغام التي يؤدي تفجيرها اليوم لمقتل الكثير من رجال الأمن في المناطق الشرقية. عملت المنظمة مستفيدة من وقف إطلاق النار، على النزول إلى المدن والقرى، والقيام بأنشطة دعائية، وتجنيد مجموعات من الشباب، ونقلهم إلى معسكراتها في سوريا والعراق لتلقي التدريب العسكري، ثم إعادتهم مجددًا إلى مدنهم وقراهم لانتظار ساعة الصفر، من أجل تنفيذ العمليات الإرهابية. خرج أولئك الشباب إلى الطرقات فور دعوة قادة المنظمة لما أسموه بـ"الانتفاضة"، وبدأوا بحفر الخنادق في الشوارع، وزرع الألغام، وإقامة الحواجز على الطرقات، والاشتباك مع قوات الأمن. بعد تلك الأحداث، قال خبراء في مجال الأمن وسياسيون أتراك: إن "الجناح المسلح لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، لم يؤمن يومًا بعملية السلام، وكان يستفيد من كل مرحلة ليعد نفسه دائمًا من أجل الحرب". 3- ما الذي يحدث في منطقة "جزرة"، وهل الدولة تشن عمليات ضد "مدنيين أكراد"؟سعت منظمة "بي كا كا" الإرهابية وفق إستراتيجيتها الجديدة، لخلق "مناطق محررة" من خلال الاستعانة بعناصر مسلحة تقاتل على الأرض، ثم إعلان تلك المناطق "مناطق حكم ذاتي" تمتلك إدارة خاصة بها ولا تخضع لسيطرة الدولة التركية، اختاروا لتنفيذ هذا المشروع بعض المناطق التجريبية، وكانت بلدة "جزرة" التي تعرف أيضًا باسم "جزيرة ابن عمر"، ذات الغالبية الكردية في محافظة "شرناق" جنوب شرقي تركيا واحدة من تلك المناطق. قامت عناصر تابعة للمنظمة بتفخيخ الطرقات، وحفر الخنادق وإقامة الحواجز على الطرقات، وزرع الألغام، ومنع دخول أو خروج قوات الأمن، وقطع التيار الكهربائي وخطوط الهاتف والإنترنت عن المدينة، وإعلانها منطقة محررة. لماذا جزرة؟لأنها تعتبر من المناطق التي تضم ثقل منظمة "بي كا كا" الإرهابية، وتأوي عددًا من القيادات المسلحة للمنظمة. أعلنت القوات الأمنية حظرًا للتجوال في البلدة، بغية ردم الخنادق وتنظيف الشوارع من الألغام والمفخخات، وإعادة الحياة الطبيعية، إلا أنها اشتبكت مع مسلحي المنظمة، الذين عملوا على منع القوات الأمنية من الدخول إلى البلدة، ورغم احتدام الاشتباكات، إلا أن القوات الأمنية اتخذت أقصى درجات الحرص والحيطة، لتجنب وقوع إصابات بين صفوف المدنيين. وفي الوقت نفسه، أطلقت كوادر "حزب الشعوب الديمقراطي" الجناح السياسي للمنظمة الإرهابية، حملة تهدف لإظهار بلدة "جزرة" كما لو أنها تشهد "مذبحة للمدنيين". ومع ذلك، فإن شخصين فقط من المدنيين قتلا خلال تلك الاشتباكات، وكانت وفاتهما ناجمة عن انفجار ألغام، زرعها عناصر المنظمة الإرهابية بين المدنيين في شوارع البلدة.منظمة "بي كا كا" الإرهابية تمنى بخسائر فادحةإن تهاوي مسلحي منظمة "بي كا كا" الإرهابية أمام قوات الأمن، يعد من أحد الأسباب التي دفعت بالجناح السياسي للمنظمة، إلى شن مثل هذه الحملات الإعلامية المضللة. وهذا بالضبط ما نقلته قناة "ميد نوجه" التلفزيونية، التابعة لمنظمة "بي كا كا" يوم 8 سبتمبر الجاري، حيث قال أحد مسلحي المنظمة في "جزرة" للقناة خلال اتصال هاتفي: "إن وجود منظمة "بي كا كا" في جزرة قد شارف على الانتهاء"، مطالبًا بتأمين مساعدات عاجلة لمسلحي المنظمة، ليجهش بعد ذلك بالبكاء، ما دفع القناة إلى قطع بثها. لقد مني مسلحو المنظمة بخسائر فادحة، ليس في "جزرة" فقط في مختلف المناطق التي استهدفت من قبل القوات التركية، لذا تعمل الذراع السياسية للمنظمة على شن حملات إعلامية، تهدف لإيجاد تدخل دولي يحمي عناصر المنظمة. لا شك بأن تركيا تشهد فترة صعبة، حيث تواجه هجمات إرهابية تشنها منظمات من قبيل "بي كا كا"، و"جبهة حزب التحرر الشعبي الثوري"، و"داعش"، في الوقت الذي تتجه فيه رويدًا رويدًا نحو انتخابات برلمانية (تشريعية) جديدة.. تركيا تدرك أن بعض القوى الدولية، تحرص على تقديم الدعم اللازم لمنظمتي "بي كا كا" و"جبهة حزب التحرر الشعبي الثوري" الإرهابيتين، كما تعلم أن حكومتها تواجه حملات إعلامية تشنها وسائل إعلام أجنبية، وبطبيعة الحال، فإنها تدرك أيضًا من هي الدول الصديقة لها، وتنظر باهتمام إلى رسائل الدعم القادمة من تلك البلدان.

292

| 16 سبتمبر 2015

مسؤولية العالم الإسلامي حيال مشكلة اللاجئين

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لقد هزّ جسد "آلان الكردي"، الذي حملته أمواج البحر وتركته جثة هامدة على سواحل تركيا ضمائرنا جميعًا، وحلّ لأول مرة عقدة من لسان أوروبا ودفعها للتحدث عن وجود "مشكلة لاجئين" ينبغي إيجاد حلول لها.. لكن "بعد خراب البصرة". الدول الغربية.. ودموع التماسيحما الفائدة إذا ما ذرف أوباما وميركل وكاميرون الدموع، بعدما تشرد الملايين من البشر وباتوا بلا وطن.. إن الدول الغربية التي تقف نفسها اليوم لتقول "إن صورة الطفل قد آلمتنا"، هي من وقفت ولا تزال موقف المتفرج من أزمات سوريا، والعراق، واليمن، ومصر، وليبيا، وفلسطين، وتغض الطرف عن موت مئات الآلاف من البشر، وتجعل منهم قرابين لمصالحها. لماذا لم يشعروا بالألم عندما قتل عشرات الأطفال في غوطة دمشق بالأسلحة الكيماوية؟ لماذا لم يشعروا بالألم عندما ارتطمت أجساد مئات المهاجرين بالشواطئ الليبية بعدما غرقت مراكبهم في البحر المتوسط؟ لم يعد هنالك بعد اليوم أي معنى لاستجداء الغرب أو انتظار ما سيقوم به، لأنه خسر في امتحان الإنسانية. ألا تتحمل الدول الإسلامية أي مسؤولية؟وفي هذا السياق، هل تقوم الدول الإسلامية بانتقاد ذاتها؟ ألسنا نحن، أي الدول الإسلامية، مسؤولين أيضًا عن جثة الطفل "آلان"؟، أليس حريًا بنا أن نغضب من أنفسنا مثلما نغضب من العالم الغربي؟، ألا يجب أن نكون بصدد الحديث عن أخطائنا؟لسنوات، ونحن نتحدث عن الظلم الذي يقترفه العالم الغربي بحق العالم الإسلامي، لكن.. لماذا لا نتحدث عن الاضطهاد والقهر والظلم الذي نقترفه بحق بعضنا بعضًا؟هناك الملايين من اللاجئين في الشرق الأوسط، كلهم مسلمون، وينتمون لبلدان مسلمة.. إن من جعل هؤلاء الناس يفقدون منازلهم وأوطانهم ليصبحوا لاجئين، هي سياسات البلدان المسلمة الأخرى، إن تلك البلدان تتحمل مسؤولية ما حل بالمسلمين وما آلت إليه أوضاعهم. دعونا نتحدث بصدق، ونناقش مشاكلنا ونحللها، فالشرق الأوسط لا يشهد حربًا بين المسلمين والمسيحيين، كما أن الحرب لا تدور بين دولة مسلمة وأخرى غربية.. الحرب تدور بين أطرافٍ جميعها مسلمة، حنجرة المقتول والقاتل تصدح باسم "الله"، وإسرائيل والغرب يتابعان هذا المشهد بسرور كبير.جميع اللاجئين من المسلمين ويريدون الذهاب إلى الدول الأوروبيةملايين اللاجئين رحلوا عن أرضنا، جميعهم إخواننا وأخواتنا في الدين. أيًا منهم لا يريد العيش في ديارنا، آلاف منهم يكابدون مصاعب جمّة خلال رحلة الذهاب إلى بلد أوروبي. وفي هذه الرحلة توفي "آلان الكردي" وأسرته.. في رحلة الطريق إلى أوروبا. دعونا نتأمل كيف أصبحت أوروبا هي المكان الأمثل لعيش اللاجئين من ديارنا.. أوروبا التي طالما استغلت ثرواتنا، وقامت بإفقارنا، وأدخلت بيننا الفتن، وشجعتنا على أن نتقاتل مع بعضنا البعض. لم تعد البلدان الإسلامية تشكل حيزًا آمنًا بالنسبة لهم، كما أنهم لا يرون فيها مستقبلهم. هذا الوضع يتطلب منا أن نفكر مليًا في منقلبنا، وفيما آلت إليه أحوالنا.هناك عالم إسلامي غير قادر على حل مشاكله، هناك عالم إسلامي يقوم بنفي شعبه، هناك عالم إسلامي يلد لاجئين، هناك عالم إسلامي غير قادر على وضع حد لحروبه وصراعاته. سنحاسب جميعًا على "آلان الكردي"سنحاسب على ما آل بهؤلاء البشر من بؤس بطريقة مؤلمة جدًا، لن يكون الحساب مقتصرًا على السياسيين فحسب، بل يشمل جميع المسلمين، فالبلدان الإسلامية تتحمل مسؤلية وفاة "آلان الكردي"، بنفس القدر الذي تتحمله البلدان الغربية، بل ربما أكثر، إن ذلك الطفل قد رحل إلى عالم الملائكة، ليتركنا خلفه نكابد حياة العار.

253

| 09 سبتمبر 2015

العالم ومأساة اللاجئين

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); هذا ليس عدلًا.. أكثر من نصف سكان العالم، يعيشون حياة لاجئين، وهناك أقلية صغيرة، تستهلك أكثر من نصف الخيرات الموجودة على وجه الأرض. لا يمكن لهذا العالم أن يواصل دورته الطبيعية مع كل هذا الخلل والظلم، إننا بحق نواجه مشكلة كبيرة. إن الظلم في توزيع الدخل، والفقر الخانق المتجذر في الأراضي المستعمرة، والأرواح المتروكة للعوز والضنك، هو المصدر الرئيسي لكل الشرور. كل يوم، يدفن مئات، وآلاف، وعشرات الآلاف من اللاجئين، على أبواب أوروبا، وفي مياه البحر المتوسط، وترحل أرواحهم المعذبة بقتامة الفقر والبؤس، من هذا العالم. مأساة اللجوء هي نتيجة من النتائج التي أفرزها الاستعمار لا أحد يعمل على انتشال السفن الغارقة في قعر البحر، وفي جوفها أجساد آلاف من اللاجئين، ببساطة.. لأن إخراجها يعتبر عملية باهظة الكلفة. أما قوارب المطاطية، فتتعرض لإطلاق النار وسط البحر، وتترك لتلقى غرقًا، أما الزوارق التي يصيبها عطل ما وسط البحر، فتترك لمواجهة الأمواج العاتية.. فيموت اللاجئون. الرصاص ينهمر على الأطفال العالقين بين الأسلاك الشائكة، فيما نحيب الآباء والأمهات يكوي الصدور والأكباد، ويعتصر القلوب ألمًا. تنظر أوروبا إلى مشكلة اللاجئين، كما لو أنها مشكلة موارد بشرية، وتصنف اللاجئين وفق تعريفات من قبيل "قوة عاملة غير مدربة، وموارد بشرية مؤهلة، وفئة بشرية متعلّمة". فيما تدور نقاشات أخرى، تركز على المصطلح الذي يجب أن يطلق على هذه الكتلة البشرية، فمنهم من يفضل أن يطلق عليهم اسم "لاجئين"، فيما يطالب آخرون بتسميتهم "مهاجرين"، لأن لكل تسمية منهما قوانين ومسؤوليات تختلف باختلاف التصانيف، والفرق بينهما يؤثر على "تكاليف الاستقبال والإقامة" وفق رأيهم. إن الدخول في هذه المناقشات بحد ذاته، يظهر لنا مدى ابتعادهم عن الإنسانية، وكيف تحولوا آلة وإلى برنامج يستخدم في أحد الحواسيب. هم لا ينظرون إلى أن أولئك اللاجئين، على أنهم قد أتوا من البلدان التي استعمروها، واستغلوا وأفقروا شعبها، ونهبوا خيراتها، لمئات السنين. لا يفكرون أبداً في أنهم أفقروا ملايين البشر، من خلال نهب ثرواتهم الطبيعية، واستهلاكها بشكل جشع، واغتصاب حق تلك الشعوب في الحياة الكريمة.. وحتى لو فكّروا فإنهم ينظرون إلى المسألة على أنها لا تعنيهم. لا طائل من توجيه نداءات للضمير الغربي لم تعد محاولات إجراء "محاسبة للضمير" تعتبر ذات جدوى، فنحن بتنا نعيش عواقب وشرور الحداثة وتأثيراتها على إنسانيتنا. سيما أن الغرب، لا يتصرف أبداً وفق وازع الضمير، ولا يعرف الحياة أبداً انطلاقا من مفردات الرحمة والعطف والحب. "المصالح الغربية" فوق كل شيء. عندما نقول فوق كل شيء، فإننا نشمل بذلك جميع القيم التي نوليها نحن الشرقيين كل الاحترام والتعظيم. إن قيما مثل الرحمة، والعدل، والاحترام، والعواطف، لا تمتلك أي قيمة حقيقية أمام "الحداثة الغربية"، وأعتقد أنهم يفكرون مثل "نيتشه" (فيلسوف ألماني)، فهم يرون بأن المشاعر والعواطف الإنسانية هي "الجانب السيئ من الإنسان لأنها تزعج السلام الداخلي في نفسه". رغم أن توجيه "نداءات للضمير" تعتبر حاجة إنسانية، إلا أنها باتت تعبر عن مؤشر عجزنا، علينا أن نتوقف عن النحيب وتوجيه نداءات الاستغاثة إلى الضمير الغربي، علينا أن ندرك بأن وضع حد لمأساة اللاجئين المنفيين من ديارنا التي تعرضت للحرق والتخريب، لا يمكن أن يتحقق على هذا النحو، لا يمكننا من خلال تلك النداءات، إنهاء حالات الفوضى والإرهاب والجوع والموت، التي أدمت قلوبنا وجعلت منطقتنا أثرًا بعد عين. هل نطمح نحو نظامٍ عالمي جديد؟ نحن نعارض هذا النظام الظالم، ونطالب بعالم جديد، لكننا لا نعد أي شيء من أجل تحقيق ذلك. نحن نطالب بعالم جديد، لكن لا نمتلك أي فكرة حيال ذلك العالم. نطالب بعالم جديد، لكننا محطمون ومقطعون إربًا إربا. نتمرد على وحشية هذا العالم وطغيانه، لكننا نترك إخوتنا في أدنى درجات البؤس في هذا العالم. إن معادلاتنا مليئة بالتناقضات والأخطاء لا يمكن لهذا العالم مواصلة الدوران في مثل هذا المدار، الذي لم ترسمه العدالة الإلهية، بل رسم من قبل بشر متبجحين لم يدركوا بعد حقيقة ضعفهم وعجزهم أمام العدالة الإلهية. إن هذا المدار هو ملك لحفنة تسحق البشرية، وتدمّر الآخر، حفنة تمتلك القوة والجشع، تسعى لإخراج العالم من المدار الإلهي، جارفة به بشكل غير متوازن نحو طريق مملوء بالنيازك. في يوم من الأيام، سيرتطم أحد النيازك بهذا العالم، إن هذا المسار غير العادل والمفرغ من الضمير يأخذنا نحو ذلك الصوب، سيضربنا ذلك النيزك ليعيدنا مرة أخرى إلى كنف العدالة. تمامًا كما حدث قبل 1400 سنة.

227

| 02 سبتمبر 2015

لماذا لا يبحث العالم الإسلامي عن مخرج؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); دعونا نضع خريطة أمامنا، ننظر من خلالها إلى جغرافيا البلاد الإسلامية.. سنرى كم هي الجروح غائرة في شمال إفريقيا، في ليبيا والجزائر وتونس ومصر. فيما نجا المغرب من تلك الاضطراب في آخر لحظة، إلا أن ذلك لا يعني أنه لم يتعرض إلى هزَّة. لا تحملونا على الذهاب من شمال إفريقيا نحو الصحراء الكبرى، لأن حال الدول الإسلامية الموجودة في تلك المنطقة، كان دائمًا يدعو للحزن والأسف، فدول مثل السودان والصومال ونيجيريا وإثيوبيا وغيرها، عانت كثيرًا من الجوع والإرهاب، فيما تواجه دول جنوب الصحراء تحديات وتعاني من آلام تنوء بحملها الجبال. الشرق الأوسط بات يشكل "حزامًا من نار" دعونا نتجه نحو الشرق الأوسط، هل تعتقدون أن هنالك بلدا ما في المنطقة كان بمنأى عن نار الحرب الدائرة في سوريا؟، العراق، لبنان، اليمن، المملكة العربية السعودية، تركيا، إيران، كل هذه البلدان أصيبت بحروق من الدرجة الأولى. فيما أصيبت الأردن والبحرين وباقي دول الخليج بحروق من الدرجة الثانية. وباختصار، إن الشرق الأوسط تحول إلى رقعة من نار، يحرق كل من يقترب منه. دعونا نذهب نحو آسيا، سنجد أن باكستان وأفغانستان وبنغلاديش يعانون من عدم الاستقرار السياسي والإرهاب والأزمات الاقتصادية. وإلى الشمال، نجد الجمهوريات التركية المسلمة (تركمانستان وكازاخستان وأوزبكستان وقرغيزيا) إضافة إلى طاجيكستان، انطوت أكثر على نفسها، وابتعدت أكثر عن الديمقراطية واحترام الحريات، وارتمت أكثر في أحضان النفوذ الروسي. أما الآلام والمآسي التي تشهدها المناطق الإسلامية في كل من تركمنستان الشرقية وميانمار، فلا أعتقد أنها خافية على أحد، وأعتقد أن ماليزيا وإندونيسيا، اللتين تقفان على مرمى حجر من تلك المناطق المنكوبة، تتصدران قائمة البلاد التي تعاني من القدر الأقل من المشاكل، إلا أنهما وعلى ما يبدو، قد قطعا الأواصر التي تربطهما مع العالم الإسلامي، حيث يعملان على الخروج من الجغرافيا السياسية الآسيوية، وتعميق علاقاتهما مع الولايات المتحدة. كم بلد مسلم من أصل 63 بلدا يعاني من المشاكل؟ أعتقد أن 4 أو 5 بلدان مسلمة من أصل 63 بلدًا، لا تعاني من انتشار الفوضى والمشاكل المزمنة، أما ما تبقى من البلدان، فهي تعاني من مشاكل متجذرة، يأتي على رأسها الحرب والإرهاب وعدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية والجوع. ومن الملاحظ أن الحروب والإرهاب يتفشى بين الدول الإسلامية، فيما لا نلاحظ وجود أي نوع من تلك الحروب أو المشاكل أو الصراعات بين تلك الدول من جهة، والدول الغربية أو المسيحية. وبناء على ذلك، فإن العالم الإسلامي الذي يئن تحت وطأة الجهل والتخلف والفقر، يشهد أيضًا حالة تجذر عميقة للفوضى والاضطرابات والأزمات الاقتصادية، حيث اتسعت الهوة الاقتصادية مع الغرب، حتى بات من الصعب إجراء مقارنة بين الطرفين، ففي الوقت الذي يبلغ فيه حجم دخل الفرد السنوي في بنغلاديش نحو 1300 دولار أمريكي، يتجاوز حجم دخل الفرد السنوي في الولايات المتحدة وألمانيا عتبة الـ 60 ألف دولار، إلا أن المقارنة بين الدول الغربية والإسلامية تصبح أكثر إثارة للخوف، عندما تتناول مجالات التكنولوجيا والتمدن والتطور الحضاري. لماذا لا يتم البحث عن حل؟ سؤالي هو: ما الذي نقوم بفعله من أجل تغيير هذا الوضع الخطير، أو إيقافه، والتخلص من حالة الفوضى العارمة؟، هل هنالك مشاريع يتم العمل عليها على مستوى الدولة؟ هل تعمل منظمة التعاون الإسلامي على مشروع محدد في سبيل ذلك؟، هل تقوم الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، أو أي من المنظمات بالعمل على مشروع منقذ؟. أنا شخصيًا لا أعتقد ذلك، كما أستطيع القول إن العالم الإسلامي يعيش أكبر حالة فوضى شهدها في تاريخه بعد الحرب العالمية الأولى، إلا أن أحدًا لا يقدم على اتخاذ أي خطوة على طريق إجراء حراك مشترك، يهدف لإنقاذ المنطقة من هذا الوضع. الغرب راضٍ عن حالة الفوضى التي نعيشها إن الغرب راضٍ أقسى درجات الرضى عن هذا الوضع الذي نعيشه، فغرق البلدان الإسلامية في أتون الحرب والإرهاب، يعني بيع الغرب للمزيد من السلاح ورفع حجم صادراته في جميع المجالات. نحن نشهد في هذه الأيام أوقاتًا تعيش فيها إسرائيل حياة رغيدةً خاليةً من المتاعب، فيما يواصل الغرب حياته بكل سلاسة وسلام دون أن يشهد أي حوادث إرهابية تذكر، أما الحروب والإرهاب والفوضى والتخبط والمعاناة والألم، فكلها تجري ضمن حدود البلدان الإسلامية، في الوقت الذي لا يرغب فيه الغرب، بوضع حدّ لتلك المآسي، طالما كانت لا تمس أمنه ولا تضر باقتصاده. لكن السؤال يكمن في السبب الذي يدفع الدول الإسلامية نحو لعب دور المتفرج، وعدم بلورة مواقف موحدة ومشاريع عملية تطفئ هذا الحريق، الذي سيلتهمنا جميعًا؟. لماذا لا يقوم أحد باتخاذ أي خطوة إزاء هذا الحريق الذي يتوسع نطاقه في كل يوم أكثر وأكثر، والذي سيلتهم الجميع تاركًا وراءه أكوامًا وأكوامًا من الرماد؟ كأن العالم الإسلامي أيضًا لا يريد أن يجد مخرجًا، فتصرفاته كلها تدعو إلى الاعتقاد بذلك. ولعل هذه الأسئلة تنطبق أيضًا على الدول والحكومات والمؤسسات الدولية، والسياسيين، كذلك يمكن توجيهها للمثقفين والعلماء وقادة الرأي.. وهذا ما سنناقشه في الأسبوع المقبل، إن شاء الله.

331

| 19 أغسطس 2015

تحركات سياسية جديدة في تركيا

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شرعت تركيا بتنفيذ مخطط جاد لمكافحة منظمتي "داعش" و"بي كا كا" الإرهابيتين بشكل خاص، وغيرهما من المنظمات الإرهابية بشكل عام، ما ستترتب عليه آثار سياسية مهمة، على صعيد سياساتها تجاه سوريا، والعراق، وإيران والشرق الأوسط.. فما الذي تعتزم تركيا القيام به في المستقبل؟ الولايات المتحدة وبريطانيا تتخليان عن منظمتي "بي كا كا" و"الاتحاد الديمقراطي". أولاً وقبل كل شيء، أجرت تركيا مناورة دبلوماسية مهمة، إذا يتضح أنها توصلت إلى تفاهم مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فيما يتعلق بمنظمة "بي كا كا" الإرهابية والوضع في شمالي سوريا، حيث وافقت الولايات المتحدة الأمريكية، على اتخاذ موقف واضح من منظمة "بي كا كا" الإرهابية، وامتدادها في سوريا، (منظمة حزب الاتحاد الديمقراطي)، مقابل السماح لها باستخدام قاعدة "إنجرليك" الجوية جنوبي تركيا. وفي 6 أغسطس الجاري، استدعى سفير إحدى الدول الغربية الكبرى لدى أنقرة، حشدًا من الصحفيين الأتراك، مشددًا على أن بلاده لم تكن يومًا حليفة لامتدادات منظمة "بي كا كا" في سوريا، وأنها كانت ولا تزال حليفة لتركيا "في السراء والضراء". كتبت معظم الصحف التي صدرت في تركيا يوم 7 أغسطس ذلك التصريح بالخط العريض، على صدر صفحاتها، دون أن تذكر اسم السفير وبالطبع البلد الذي يمثله.. ورغم ذلك، فقد كان الجميع على علم بأن تلك التصريحات كانت صادرة عن سفير الولايات المتحدة في أنقرة. وفي اليوم نفسه، أعرب السفير البريطاني في تركيا علنًا – دون أن يطلب عدم نشر اسمه – عن اتخاذ بلاده موقفًا معلنًا ضد الأعمال الإرهابية التي ترتكبها منظمة "بي كا كا"، وعن وقوفها إلى جانب تركيا. لقد كان لتلك التصريحات الصادرة عن السفيرين وقع وتأثير مهم على الشارع التركي. ستبدأ الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى من الآن فصاعدًا، شن عملياتها الجوية ضد أهداف تنظيم "داعش"، انطلاقًا من قاعدة "إنجرليك" الجوية، فيما سيقدم الحلفاء كامل الدعم للعمليات التركية ضد معاقل منظمة "بي كا كا" وتنظيم "داعش"، في سوريا والعراق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الدعم السياسي الإعلامي الذي كان يقدَّم لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، وامتداداتها في سوريا المتمثلة بمنظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، لن يكون كما كان عليه الحال في الماضي. "العملية الكبرى" باتت قاب قوسين أو أدنى ستصل قريبًا طائرات الحلفاء الحربية إلى قاعدة "إنجرليك"، خاصة أنه من غير المرجح أن تكون هنالك عملية برية تجري في داخل سوريا، إنما سيتم تشكيل قوة بمشاركة تركيا، حيث ستستهدف تلك القوة معاقل تنظيم "داعش"، فيما ستقوم وحدات من قوات المعارضة السورية المعتدلة وعناصر من مسلحي منظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، بتأمين السيطرة على الأرض، دون أن يسمح لمسلحي منظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي"، بالعبور نحو الضفة الغربية لنهر الفرات، خاصة أن تركيا سبق وأعلنت أن أي عبور من هذا القبيل، سيكون بمثابة "إعلان للحرب". سيتم تسليم مناطق الشمال السوري، التي تم إخلاؤها من مسلحي "داعش"، لقوات المعارضة المعتدلة، وسيتم توطين العرب والأكراد السوريين، الذين أجبرتهم ظروف الحرب على اللجوء نحو تركيا، وهكذا، تكون تركيا قطعت الطريق أمام منظمتي "بي كا كا" و"الاتحاد الديمقراطي"، في بناء منطقة تخضع لسيطرتهما في شمالي سوريا، والتي عرفت باسم مشروع "روجافا". هل من الممكن تشكيل منطقة كردية؟ لا أعتقد أن يتم التخلي بسهولة عن مشروع "روجافا"، الذي يهدف لتشكيل منطقة حكم ذاتي كردية متجانسة عرقيًا شمالي سوريا، فرغم وقوف الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب تركيا، إلا أن دولا أوروبية عديدة على رأسها ألمانيا، تنفق بسخاء وتدعم بحماسة، تشكيل مثل تلك المنطقة، التي تعارض تركيا وجودها بشدّة. ومن المثير للاهتمام، أن بعض الصحفيين والأحزاب السياسية الموجودة في تركيا مثل حزب "الشعوب الديمقراطي"، يدعمون تحقيق مثل هذا المشروع، بكل ما أوتوا من قوة. في الواقع، إن تركيا تمتلك خطّة طويلة الأمد، تستند إلى عدم التسامح قيد أنملة مع المنظمات الإرهابية وعلى رأسها منظمة "بي كا كا" و"داعش".. ستقاوم تركيا مشروع "روجافا"، وستتجه نحو الانتخابات الجديدة وفق هذه المعطيات. إلى ذلك، أود الإشارة إلى أن التوقعات بملف المحادثات الجارية بين الأحزاب السياسية التركية لتشكيل حكومة ائتلافية، لا تشير إلى توصل فرقاء العمل السياسي لنتائج إيجابية، وهذا يعني أن تركيا قد تتجه نحو انتخابات مبكرة، خلال نوفمبر المقبل.

287

| 12 أغسطس 2015

قوانين الحرب وأخلاق الصراعات

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قوانين الحرب، هي أخلاق الصراعات. علينا أن نكافح لنحافظ على إنسانيتنا حتى في أقسى الحروب وأكثر المعارك وحشية، لذا فإن القوانين والأخلاق، هي الرابط الذي يحافظ على بقائنا داخل حدود الإنسانية، في أكثر اللحظات التي يسيطر علينا فيها الانفعال والدوافع المتوحشة. وهنا علينا أن نتذكر دومًا بأن تمكننا من الحفاظ على الحياة الإنسانية خلال المعارك هو الذي يعلي من قدرنا، لا المحافظة على تلك الحياة في زمن السلم فقط. هنالك سلوكيات معينة يجب انعدام تخطي حدودها زمن الحرب، تعرف باسم "قوانين الحرب"، ولعل من أبرزها، عدم قتل الأسرى، وتعريضهم للتعذيب، أو قتل الأطفال، أو اغتصاب النساء، أو ارتكاب مجازر إبادة جماعية منظمة.. وفي حال تم ارتكاب أي نوع من تلك التجاوزات، فإن مرتكبيها يدرجون في قائمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، ويصنفون خارج التصنيفات المتعلقة بالجنس البشري. إن الدين والأخلاق والأعراف، هي عناصر تحد من رغبات القتل والسحق والإزالة من الوجود، التي تكمن داخل البشر ضد أبناء جنسهم، وهي النواة المشكلة للقوانين الناظمة، لذا فإن قوانين الحرب، ولدت من رحم حاجة الإنسان لحماية نفسه من الفظائع التي يرتكبها أبناء جنسه. داسوا على "قوانين الرب بأرجلهم" تطرق الهولندي "هوغو غروتيوس" رائد القانون الدولي الحديث، إلى المشاكل المتعلقة بقانون الحرب، في بحثه الذي خطه عام 1625 فقال: "لقد اتبعت الأمم المسيحية في الحروب، وسائل مريعة لم يتبعها حتى البرابرة، وداست تلك الأمم خلال الحروب، على جميع القوانين سواء تلك التي شرّعها الله، أو التي وضعها الإنسان". (قانون الحرب والسلام، منشورات ساي). ومع الأسف، فإن أوروبا لم تتمكن من إقرار ميثاق مشترك، حول قوانين الحرب، وجرائمها، والجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، إلا بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. لقد بيّن الدين الإسلامي قانون الحرب، قبل أن تقره أوروبا بنحو 1300 سنة. كما نهت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة المسلمين، عن بعض السلوكيات التي يمكن اعتبارها على أنها "جرائم ضد الإنسانية"، وشددت على ضرورة عدم قيام المسلمين بها أثناء الحرب. كما حض الإسلام على تعزيز السلام وخلق أجوائه، ولم يحض على الحروب والأعمال التي تؤدي إلى إزهاق أرواح الأبرياء، وشدد على بعض الحدود، التي يجب على المسلمين احترامها وعدم تجاوزها، حتى في حالة تعرضهم للعدوان، فقال الله تعالى في سورة البقرة (الآية 190) "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ". وأبرز مثال على الأخلاق: الصفح عن "وحشي بن حرب" لقد كانت السنوات الأكثر صعوبة على رسول الله، حيث كان المشركون المتفوقون عدديًا، قاب قوسين أو أدنى من سحق المسلمين، الأقل منهم عددًا وعدّة، وفي هذه الظروف، وقعت معركة أحد، التي استشهد فيها سيدنا حمزة بن عبد المطلب، عم النبي وحميه ومعينه في الشدائد.. استشهد بوحشية على يدي غلام يدعى "وحشي بن حرب"، وقطعت أوصاله، وشق بطنه، وقطِّعَ كبده.. لقد تجرد المشركون من إنسانيتهم في طريقة قتلهم لحمزة، وباتوا كحيوانٍ متوحش. لقد أدى استشهاد حمزة، إلى قلق عميق، ممزوجٍ بالحزن والغضب في نفوس المسلمين، وتوعد بالثأر من العدو، وقتل العشرات من رجاله، وإراقة المزيد من الدماء.. فأنزل الله جل وعلا آية كريمة تؤكّد على ضرورة تحلي النبي والمسلمين بالفضيلة والإنسانية، رغم مقتل عم النبي حمزة بأكثر الوسائل وحشية على يد المشركين، حيث قال جل وعلى في سورية النحل، (آية 125 – 128): "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128)". من الصعب أن يحافظ الإنسان على إنسانيته في أجواء الحرب، لكن من الأصعب أن يحافظ على إسلامه والأخلاق التي حض الإسلام على التحلي بها خلال الحرب، لقد نزلت التوصية الإلهية للنبي المكلوم والمفجوع بسبب مقتل عمه بمنتهى الوحشية، داعية إياه إلى عدم الرد بنفس الوسائل الوحشية، وإلى الصبر.. نعم الصبر وعدم الاندفاع نحو الأخذ بالثأر.. فصفح رسول الله عن "وحشي بن حرب"، ومنع الثأر.. هكذا تكون مكارم الأخلاق، وهكذا يكون الدين الطيب السمح الجميل، وهكذا يكون الإنسان. تخيلوا لو أن عدوًا اعتدى على دياركم، وأحرق مدنكم، وقتل أهلكم، واغتصب نساءكم، فهل ستنحدرون إلى مستواه اللا إنساني في الرد بالمثل وأخذ الثأر؟، يرد عمر المختار قائلًا: "بالطبع لا.. لأنهم ليسوا معلمينا وقدوتنا في هذه الحياة".. ويقول علي عزت بيجوفيتش:"أنا دافعت ومازلت أدافع عن البوسنة في جميع المحافل الأوروبية والعالمية، لأننا لم نقترف شيئًا يدعونا للخجل، أمّا الصرب؟".. وعلاوة على كل هذا وذاك، ففي الحروب لا تستطيعون قتل العلماء والعمال ورجال الدين، ولا تستطيعون إلحاق الأذى بالشجر والمزارع.. أليس هذا ما حضنا عليه الإسلام؟ أولسنا مسلمين؟ نحن الذين حرم علينا حرق أسرى الحروب، أو قطع رؤوسهم بوحشية.. نحن من طلب منا التعامل مع الأسرى بطريقة لا تحط من قدر إنسانيتهم، والإفراج عنهم أحيانًا حتى من غير الحصول على مقابل، وتقاسم زادنا ولباسنا معهم، ذلك أن الإسلام لم ينزل ليبعث بالخوف في نفوس البشرة، بل جاء ليكون رحمة للعالمين. ليس كل شيء مباحا في المعارك! إذا كنّا نخوض معركة من أجل رفع الظلم ونصرة الحق وإحقاق العدل، فإن هذه المعركة محكومة بأخلاق وآداب، يجب عدم الابتعاد عنها.. فليس كل شيء مباحا في المعارك، فنحن مضطرون إلى النضال بأساليب إنسانية، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. إن تعاليم ديننا السمحة تأمرنا أيضًا بعد الدخول في التحالفات القذرة، وعدم الافتراء على الناس، وعدم نشر الأخبار الكاذبة، والابتعاد عن إهانة الناس، وتصغيرهم والحط من قدرهم، كما أن تعاليم ديننا السمحة، تأمرنا بعد التجسس على الناس، والتنصت على حياتهم الخاصة، والابتزاز.. كما لا يمكننا القيام بكل تلك الأعمال حتى لو قام أحدٌ بها ضدنا. إذا كنّا حقيقة نتشرف بحمل نعمة الانتماء إلى الجنس البشري، والمسؤوليات التي يمليها علينا دين الإسلام، فنحن ملزمون باحترام قانون الحرب، والالتزام بأخلاقه، وعدم الإضرار بصورة الإسلام، واحترام وحرمة المسلمين في أنحاء العالم.. علينا التحلي بالمصداقية والوفاء بالوعد والالتزام بالمعاهدات التي أبرمناها، حتى في أصعب وأحلك لحظات الحرب، علينا أن نظهر موثوقيتنا ومصداقيتنا وأن نبرهن عن تمسكنا بها أمام العالم أجمع. إن من يمتلك أخلاقًا في الحرب، يمتلك أخلاقًا في السلم أيضاً. ومن كان عادلًا في الحرب، سيظفر بالاحترام والتبجيل في السلم. إن محافظتنا على إنسانيتنا وعدلنا وأخلاقنا وشرفنا وعفتنا وقدرتنا على الصفح والمسامحة في الحروب والصراعات، يزيد من عزم شكائمنا وقوتنا واحترامنا لأنفسنا، واحترام الآخرين لنا.

4754

| 05 أغسطس 2015

ما الذي تريد تركيا فعله؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بدأ الجيش التركي مؤخراً، عملية عسكرية استهدف من خلالها معاقل منظمة "بي كا كا" وتنظيم "داعش" الإرهابيين، في شمال العراق وسوريا. لقد أثارت هذه العملية موجة من ردود الفعل الدولية، خاصة عقب إعلان رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، أن العملية العسكرية لن تكون موضعية وقصيرة الأجل، بل ستكون طويلة الأجل وواسعة الانتشار. تعتبر هذه المرة، هي الأولى التي تقوم فيها طائرات حربية تركية، بقصف مواقع لتنظيم داعش، والأولى منذ ثلاث سنوات ضدّ منظمة "بي كا كا". وتعتبر عملية التفجير التي نفذها تنظيم داعش في بلدة "سوروج" التابعة لولاية أورفة جنوبي تركيا، والتي أودت بحياة 23 شخصًا، والعمليات شنتها منظمة "بي كا كا" وأدت إلى مقتل العديد من عناصر الأمن والمدنيين في مناطق مختلفة من البلاد، الدافع الحقيقي وراء بدء العملية العسكرية، لاسيما أن مقتل عناصر من الأمن التركي، إضافة إلى مدنيين خلال العمليات التي وقعت داخل تركيا، خلق ردود فعل غاضبة داخل البلاد. والواضح، هو أن تركيا ستبدأ بتطبيق جملة من الإجراءات والعمليات الجديدة، لضمان أمنها واستقرارها الداخلي، الأمر الذي سيترك أثره على التوازنات الداخلية التركية والتوازنات الإقليمية. في الواقع، إن الاتصالات التي أجراها رئيس الجمهورية التركية، رجب طيب أردوغان، مع مجموعة من الزعماء أبرزهم رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، والتي تمخض عنها دعم تلك الدول للموقف التركي، أظهرت مدى خطورة النقطة التي وصلت إليها تطورات الأحداث في المنطقة، لاسيما أن تركيا باتت تدرس كل الاحتمالات الممكنة، بما في ذلك إنشاء منطقة آمنة، لإجهاض جميع التهديدات القادمة عبر سوريا والعراق. كما بدأت قوات الأمن التركية، بعمليات لحفظ الأمن الداخلي، فاعتقلت من خلالها أشخاصا على خلفية انتماءاتهم لمنظمة "بي كا كا"، و"داعش"، و"جبهة - حزب التحرر الشعبي الثوري" اليسارية المتطرفة، كما كثفت قوات الأمن التركية من تدابيرها الأمنية داخليًا وخارجيًا. من الذي انتهك وقف إطلاق النار؟ هل انتهت عملية السلام الداخلي؟ لقد اكتسبت مكافحة تركيا لمنظمة "بي كا كا" في هذه الآونة بعدًا مختلفًا، خاصة أن عملية السلام الداخلي، قد وصلت قبل الانتخابات العامة الأخيرة، على أي حال، إلى طريق مسدود، حيث طلبت الحكومة من المنظمة الإرهابية، إلقاء السلاح وسحب مقاتليها إلى خارج تركيا، إلا أن منظمة "بي كا كا"، لم تفعل ذلك، فيما اتهم الجناح السياسي للمنظمة الإرهابية "حزب الشعوب الديمقراطي" الحكومة التركية بعدم اتخاذ خطوات كافية على صعيد تحقيق عملية السلام الداخلي، متهمًا الحكومة بالسعي لإنهاء وبعثرة عملية السلام. إلا أن المسؤولين الحكوميين، قاموا بنشر قائمة تضم الخطوات التي اتخذتها الحكومة في سبيل تحقيق وإنجاح عملية السلام الداخلي، كنوع من الرد على تلك المزاعم. ما الذي فعلته الحكومة التركية لحل المشكلة الكردية؟ إليكم بعض الأمثلة، عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة التركية حتى الآن، على صعيد إنهاء المشكلة الكردية: تم رفع تطبيق قانون الطوارئ. تمت إلغاء عقوبة الإعدام تمامًا. تمت إزالة جميع العقبات التي تحول دون إعطاء أسماء كردية لأبناء مواطني الجمهورية التركية. تم رفع حظر النشر باللغة الكردية. تم السماح بافتتاح دورات لتعليم اللغة الكردية. تم السماح بتأسيس محطات تلفزيونية وصحف باللغة الكردية. بدأت الدولة بافتتاح محطات تلفزيونية وإذاعية ناطقة باللغة الكردية، فيما بدأت وكالة الأنباء الرسمية ببث أخبارها باللغة الكردية. شهدت الجامعات التركية افتتاح معاهد عليا وأقسام تدرس باللغة الكردية. تم السماح بإطلاق أسماء كردية على المناطق والبلدات في تركيا. سمح باستخدام اللغة الكردية واعتمادها في المحاكم. تم اعتماد قانون خاص في البرلمان لضمان سير عملية السلام الداخلي بشكل سليم. عقب اتخاذها أكثر من 100 إجراء مماثل، يهدف إلى دفع تحقيق عملية السلام الداخلي، ودفعها قدمًا نحو الأمام، طلبت الحكومة من منظمة "بي كا كا" الإرهابية، إلا أن المنظمة رفضت ذلك، ولم تتخذ أي خطوة في سبيل إنجاح عملية السلام الداخلي، سوى الإعلان عن التزام بوقف إطلاق النار، تم خرقه 154 مرة، بشكل فعلي من قبل المنظمة، وذلك خلال الأشهر الـ7 الماضية، من خلال هجمات استهدفت قوات الأمن والمؤسسات الحكومية. بعد 4 أيام فقط من انتهاء الانتخابات العامة (11 يوليو 2015)، أعلنت منظمة "بي كا كا" عن إنهائها لاتفاق وقف إطلاق النار، شرق وجنوب شرقي البلاد، معتبرة أن المشاريع التي تقوم بها الحكومة، مثل السدود وإنشاء الطرق والمخافر والمطارات، تشكل تهديدًا لوجودها في المنطقة، ما يعني بالنتيجة، استئنافًا جديدًا للحرب وإجهاضًا لجميع المساعي التي بذلت من أجل إحلال السلام الداخلي. ثم بدأت المنظمة القيام بعمليات، تسببت بقتل العديد من المدنيين، فكان لابد على الحكومة القيام برد تجاه تلك العمليات الإرهابية. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ ستواصل الحكومة نهجها الصارم والحازم، تجاه جميع المنظمات الإرهابية، وعلى رأس تلك المنظمات، تنظيم "داعش"، و"بي كا كا"، و"جبهة - حزب التحرر الشعبي الثوري" (منظمة يسارية متطرفة)، و"الدولة الموازية"، وستقوم ببذل كل ما ينبغي من أجل مكافحة تلك المنظمات في الداخل والخارج. وفي مقابل ذلك، ستسعى تلك التنظيمات لتنفيذ أعمال إرهابية في تركيا، لذا يمكننا القول باختصار، إن الأيام المقبلة ستكون مليئة بالمصاعب والتحديات. إن ما سبق، سيكسب إيقاعات المساعي التي تبذل من أجل تأسيس حكومة ائتلافية، سرعة أكبر، وسيدفعها قدمًا نحو الأمام، خاصة أن إمكانية انخراط كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري في عملية تشكيل حكومة ائتلافية، قد تعزَّزت في الآونة الأخيرة، فيما ضعفت إمكانات التوجه مجددًا نحو صناديق الاقتراع، في إطار انتخابات مبكرة.

305

| 29 يوليو 2015

(داعش) التنظيم المعجزة!

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أمريكا: خسرت الولايات المتحدة الأمريكية هيبتها في المنطقة، بعد اتباعها أفشل سياسة تنتهجها في منطقة الشرق الأوسط عبر التاريخ، حيث لم تستطع أن توجد حلولًا للأزمات التي ألمت بالمنطقة، خصوصا الأزمة السورية، ما أدى إلى عودة ظهور روسيا مرة أخرى على الساحة. لذلك تعرض أوباما لانتقادات كثيرة. وفي أحد الأيام، ظهر "تنظيم داعش المتخصص بقطع رؤوس البشر بوحشية"، فقام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بإنقاذ الأبرياء في المنطقة من يزيديين وأكراد وعرب ومسيحيين. ما أدى إلى تخلص أوباما من التعرض للانتقاد بسبب سياساته الفاشلة في سوريا والشرق الأوسط، وبزغت أمامه فرصة لبناء منطقة غير محررة بعد، ستكون تابعة له في الشمال السوري. سوريا:تمكن الأسد الذي قتل أكثر من 200 ألف إنسان، وهجّر الملايين داخل وخارج الوطن السوري، من طرح سؤال على الغرب في الوقت الذي كان فيه الغرب يستعد ليقول "كفى": توجه الأسد للغرب سائلًا: "هل ستوافقون على الانقلاب عليَّ، ليصل إلى رأس الحكم في سوريا، داعشيون لن يتوانوا عن تفجير وهدم أهم المعالم التاريخية، وتحويل النساء إلى رقيق جنس، والتباهي بقطع الرؤوس؟"، فعاد الغرب على أعقابه وما عاد بنيته التدخل في سوريا، فيما واصل الأسد لمجازره وانتهاكاته بحق الشعب السوري.أوروبا:بقدر ما تعمّ الفوضى في المنطقة، بما في ذلك سوريا، والعراق، وإيران، ولبنان، ومصر، وليبيا، واليمن، بقدر ما تتمكن الدول الأوروبية من بيع نسبة أكبر من الأسلحة والذخائر والمواد الحربية، وتعزيز اقتصاداتها الوطنية، مرسخةً فكرة أن الدول الإسلامية أرادت محاربة بعضها بعضًا وخسارة قوتها، ورفضت دائمًا إنشاء حضارة بديلة. ومتمكنة من الرد على الانتقادات الموجهة إليها بالقول: "إن كل ما حدث، كان بسبب تنظيم داعش، الذي جعل من الأطفال رقيق جنس، وسكب البنزين على البشر وأحرقهم بلا رحمة ولا هوادة". وبسبب السياسات الغربية تلك، بات المسلمون في أوروبا، هم أكثر شريحة مجتمعية تتعرض لجرائم كراهية وتمييز عنصري، وتفشت ظاهرة "الرهاب الإسلامي" أو "إسلاموفوبيا". ألمانيا:إنها الدولة التي ترى في تركيا منافسًا لها، ولا تريد لها أبدًا، أن تحقق أي تنمية أو أي زيادة لقوتها في المنطقة على الإطلاق. شاركت في التحالف الدولي لمحاربة داعش، ودعمت بشكل علني، ميليشيا ما يسمى بـ"وحدات حماية الشعب" شمالي سوريا، التي هي في الحقيقة امتداد لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، في وجه داعش، ودخلت إلى منطقة شمال العراق، وبدأت بتدريب الوحدات المسلحة التابعة للبشمركة ولـ"وحدات حماية الشعب" واليزيديين، وتزويدهم بالعتاد والذخائر العسكرية اللازمة، بالتزامن مع بدءها تنفيذ أهم العمليات الاستخباراتية وأكثرها فعالية في المنطقة.روسيا والصين:دعمت روسيا والصين نظام الأسد منذ البداية، وأصبحتا من شركائه في اقتراف المجازر ضد الشعب السوري، ولهذه النقطة بالتحديد، وقفت روسيا في مواجهة الولايات المتحدة، ونجحت بمسح ملف استخدام الأسلحة الكيميائية الخاص بـ"الأسد" وإسقاطه من على الأجندة الدولية. إن ظهور داعش، جاء بالتزامن مع ازدياد الضغوط والانتقادات، واستعداد الدول الغربية للتدخل في سوريا. حيث بدأت روسيا، بنشر صور قطع الرؤوس واتهام الولايات المتحدة بالسعي لتنحية الأسد وإحلال تنظيم داعش محله.. وفجأة، خمدت الأصوات.. ولم نعد نسمع أي صوت أي جهة كانت تنتقد روسيا والصين، على دعمهما لنظام الأسد.إيران:أهم دول تشارك بشكل فعلي في الحرب السورية، وترسل قوات عسكرية للمشاركة في والقتال الدائر بسوريا. دعمت نظام الأسد غير آبهة باستنكار "العالم السني"، خسرت خلال حرب سوريا الآلاف من أبنائها والمليارات من دولاراتها. بثت إيران في التلفزيونات التابعة لها بشكل مباشر أو غير مباشر، صور تفجير تنظيم داعش للأضرحة المقدسة لدى الشيعة، ومشاهد قطع الرؤوس، وقال إعلامها: "نحن نقاتل ضد الهمجية، وما نفعله هو من أجل الإنسانية، وليس الدين". العراق:العراق المجزّأ بعد صدام، ازداد تجزّؤا وتقسيمًا، حيث تم تشكيل حكومة شيعية في بغداد تدور في فلك إيران، وعندما بدأت الحكومة بتجريد السنة من حقوقهم ومواردهم وتأثيرهم في دوائر الحكم، احتجزت العشائر السنية، ليظهر تنظيم داعش مثل البرق، ويستولي فجأة على مدينة الموصل، ولتبدأ بعد ذلك مأساة إنسانية عارمة، حيث انتشرت مشاهد قطع رؤوس الناس بشكل وحشي، ودعت الحكومة في بغداد، قوات التحالف الغربي إلى التدخل، التي بدأت بقصف مواقع داعش في الموصل، ما دفع العشائر السنية إلى الصمت وعدم المطالبة بحقوقها، فيما واصل النظام الشيعي في بغداد استمراره بالهيمنة على السلطة، بل وتعززت مكانته من خلال الدعم العسكري الذي تلقاه. جبال قنديل\ منظمة بي كا كا\ وحدات حماية الشعبكانت الأسلحة قاب قوسين أو أدنى من أن تفقد حياتها، مع اكتمال مراحل مشروع السلام الداخلي في تركيا، وفجأة، ظهر تنظيم دعي داعش، اعتبر هذا التنظيم أنه يشكل تهديدًا لمنظمة "بي كا كا"، ولـ "وحدات حماية الشعب". عرض التنظيمان على قوات التحالف (الولايات المتحدة الأمريكية) العون في محاربة داعش وإزالته من شمالي سوريا، وقبلت الولايات المتحدة هذا العون بشرط أن يقتصر على الدعم الجوي واللوجستي، هذا التعاون الذي تطور فيما بعد ليشمل دعمًا بالسلاح، وهكذا جرت معركة "عين العرب" (كوباني)، والتي أسفرت عن تعاون بين التحالف وتلك التنظيمات من أجل إقامة دولة مستقلة في شمالي سوريا وظهر مشروع منطقة (روجافا)، بشرط نقل النفط الكردي عبر تلك المنطقة، وهو ما قبلته تلك التنظيمات. فكانت معركة "تل أبيض"، استكمالًا لوصل الكانتونات التابعة لمنظمة "وحدات حماية الشعب" جغرافيًا. وما أن ولى تنظيم داعش الأدبار، حتى وملأ تنظيم "وحدات حماية الشعب" مكانه، وبدأ بترحيل سكان المنطقة، ممن لا ينتمون إلى الإثنية الكردية.. بحجة "تنظيف المنطقة من داعش". بادية كل شيء:افتتحت وكالة الأناضول للأنباء، في عام 2012، مكتبًا لها في مدينة حلب، شمالي سوريا، وبدأت ببث أخبار المدينة المنكوبة، وتحدث أحد تقارير الوكالة آنذاك، عن فصيل معارض لنظام الأسد، يطلق على نفسه اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، وأشار التقرير إلى أن الفصيل المذكور لا يخوض أي معركة ضد نظام الأسد، إنما يخوض معاركه ضد الفصائل السنية المعارضة، وذكر التقرير وقتها، أن مواقف هذا الفصيل ومنحاه يتسم بالغرابة.بعد نشرنا للتقرير، بدأت المعلومات ذات الصلة بالفصيل تتدفق علينا من مصادر عديدة، وذكر مصدر مهم للأناضول، فضل وقتها عدم نشر اسمه، أن الطريقة التي تم من خلالها تشكل هذا الفصيل، مليئة بالخفايا وهي مظلمة جدًا، مشيراً إلى أن الفصيل يحظى بدعم من العديد من أجهزة الاستخبارات، وأنه يشعر بأن شيئًا ما سيتمخض عن الفصيل المذكور. وقد نشرت الوكالة وقتئذٍ ذلك التقرير، ونشرت تقريرًا تحليلًا آخر في هذا الاتجاه.وهنا أود التذكير بأن عناصر "داعش"، قاموا بعد بثنا لتلك الأخبار، بمداهمة مكتب الوكالة في حلب، وتخريب جميع محتوياته، ما دفع وكالة الأناضول وقتها بالخروج قسريًا من حلب.

381

| 22 يوليو 2015

هل ستتدخل تركيا في سوريا عسكريًا؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); امتد لهيب الأزمة السورية طويلة الأمد إلى جميع دول المنطقة، وتعتبر تركيا واحدة من أكثر البلدان التي تضررت جراء انتشار واستشراء ذلك اللهيب. لقد أثرت الأزمة السورية سلبًا على عملية السلام الداخلي وعلى الديناميات الاجتماعية وجملة من القضايا العرقية والدينية داخل المجتمع التركي، فضلًا عن أزمة اللاجئين، الذين تجاوزت أعدادهم الـ1.7 مليون لاجئ. وتشكل مشاكل من قبيل المشكلة الكردية، ومشكلة العلويين، والتمدد الشيعي، وارتفاع نسبة القوميين في الشارع التركي، والتكاليف الباهظة لاستقبال اللاجئين السوريين التي وصلت إلى مليارات الدولارات، مشاكل خطيرة بالنسبة لتركيا. في الواقع، إن هذه المشاكل والسياسات المتعلقة بها، انعكست على صناديق الاقتراع خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي أضعفت حزب العدالة والتنمية، وأظهرت حدوث ارتفاع في نسبة القوميين الأتراك والأكراد. هل ستدخل تركيا في الحرب؟ إن تركيا، تواجه في هذه الآونة مشاكل خطيرة للغاية، في حين تشهد البلاد نقاشات ساخنة، تتمحور حول الدخول في صراعٍ حامي الوطيس، وتنفيذ عمليات عسكرية خلف الحدود، وإرسال قوات عسكرية إلى سوريا. وأعتقد أن الأمور قد تعدت النقاشات في تلك المواضيع، سيما أن الدافع الرئيسي الذي حرك تلك النقاشات، كان سيطرة مسلحي تنظيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" (الكردي)، الذي يعرف اختصارًا باسم "بي يي دي"، على مناطق الشمال السوري، والمساعي التي يبذلها مسلحو التنظيم من أجل إعلان منطقة مستقلة أو شبه مستقلة، في المناطق التي سيطروا عليها. من جهتها تركيا، ترى بأن خطوة من هذا القبيل، يقدم عليها المسلحون الذين يعتبرون امتدادًا لمنظمة "بي كا كا"، التي حارب الدولة التركية لعدة عقود، ستكون بمثابة خطوة أولى لبناء دولة كردية، وتعتقد تركيا أن الخطوة الثانية، ستكون بانتزاع جزء من أراضيها لصالح تلك الدولة في حال تم إنشاؤها. لقد عمل تنظيم "بي يي دي"، منذ زمن طويل، على تحقيق مشروعه الذي أطلق عليه اسم "روجافا"، ووفقًا لهذا المشروع، فإن التنظيم يطمح للسيطرة على الأراضي السورية الواقعة على امتداد الحدود مع تركيا، بدءًا من الحدود العراقية التي تقع تحت سيطرة البارزاني وحتى شمال اللاذقية المطلة على البحر المتوسط، وهذا سيقطع بشكل تام أي تواصل جغرافي لتركيا مع العرب والتركمان، أي أن تركيا ستصبح دولة تمتلك حدودًا مع منطقة مستقلة أو ذاتية الحكم، تقع تحت سيطرة منظمتي "بي يي دي" و"بي كا كا" الإرهابيتين، اللتين خاضت معهما حروبًا استمرت لسنوات طويلة. منطقة حكم ذاتي للأكراد وانفراط العقد السوري شرع تنظيم "بي يي دي"، الذي عقد تفاهمًا مع مثلث التحالف الأمريكي البريطاني الإسرائيلي، بالتجهيز لمشروعه مع ظهور خطر تنظيم داعش، وعدما بدأ بتلقي الدعم العسكري واللوجستي من التحالف، تمكن من السيطرة على بلدة "تل أبيض" التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش، ووصل المناطق التي تقع تحت سيطرته جغرافيًا، فوحد مناطق "عين العرب" (كوباني) و"الجزيرة" و"تل أبيض"، واضعًا منطقتي بلدة "اعزاز" ومدينة "الرقة" نصب عينيه، وبدأ بتغيير التوازنات المحلية والتركيبة السكانية في تلك المناطق التي وقعت تحت سيطرته، فيما تواردت أنباء تحدثت عن استقدامه للاجئين من أكراد العراق، وإسكانهم في القرى والبلدات التي تم إفراغها من سكانها داخل الحدود السورية، جاء ذلك بالتزامن مع تأكيد العائلات التركمانية والعربية التي لجأت إلى تركيا من "عين العرب" و"تل أبيض" لتلك الأنباء، حيث تحدثت تلك العائلات عن تهجير قصري تعرضت له من قبل مسلحي الـ"بي يي دي"، الذين أرغموا تلك العائلات على ترك منازلها والرحيل نحو تركيا. وباختصار، فإن مسلحي الـ"بي يي دي"، الذين تسلحوا بالدعم المقدم من قبل التحالف، ارتكبوا أعمالًا يمكن وصفها بالخطيرة، وإذا ما تمكنوا من السيطرة على الجزء الشمالي من سوريا، فسيعني هذا ذهاب البلاد نحو التفكك. وهنا أود الإشارة إلى نقطة هامة وخطيرة، حيث إن تمكن مسلحي الـ"بي يي دي" من السيطرة على تلك المناطق، سيعني أيضًا تمكنهم من تصدير النفط الكردي القادم من أربيل إلى مختلف أنحاء العالم، عبر الشمال السوري والبحر المتوسط. أردوغان: سنتدخل مهما كانت التكلفة أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده لن تسمح أبداً بإقامة دولة أو منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا، وأنها ستتدخل للحيلولة دون حدوث ذلك مهما كان الثمن، كما تم مناقشة هذه المسألة وتناولها من كافة الجوانب، خلال الاجتماع الأخير لمجلس الأمن القومي، الذي يعتبر أهم مرجعية لصناعة القرار في تركيا، وعقب ذلك، أصدرت التعليمات من أجل التحضير لكافة الاحتمالات، بما في ذلك التدخل في سوريا عسكريًا، ومنذ ذلك الحين، فإن المنطقة الحدودية مع سوريا، تشهد نشاط عسكريًا مكثفًا للغاية. وقد أعلنت الحكومة التركية بشكل غير رسمي عبر وسائل، أنها ستكون مضطرة للتدخل عسكريًا شمال سوريا، إذا ما تدفقت موجة أخرى من اللاجئين السوريين نحو الأراضي التركية، جراء عبور محتمل لمسلحي الـ"بي يي دي" إلى الضفة الغربية لنهر الفرات، بهدف مهاجمة مدينة "جرابلس". لن ترسل تركيا قوات عسكرية مكثفة إلى داخل الأراضي السورية، ولن تخوض حربًا ساخنة مع تنظيمات "بي يي دي" و"بي كا كا" و"داعش"، خاصة أن حزبي "الشعب الجمهوري" والشعوب الديمقراطي" المعارضين في تركيا، يرفضان تمامًا هذه الفكرة، إضافة إلى أن خوض حرب من هذا القبيل ضد مسلحي الـ"بي يي دي"، سيدفع بأنصار منظمة "بي كا كا" في تركيا، نحو النزول إلى الشارع وإحداث فوضى في البلاد. الخطوة الأولى ستقتصر على تدخل عسكري محدود أعتقد أن احتمال تدخل عسكري في سوريا، سيكون من خلال نشر مدفعيات طويلة المدى على الحدود وشن غارات جوية، حيث ستبذل تركيا قصارى جهدها من أجل منع توحد الكانتونات، التي تقع تحت سيطرة مسلحي الـ"بي يي دي". ومع ذلك، فإن الأيام المقبلة ستكون عصيبة بالنسبة لتركيا، فمن الواضح أن نظام الأسد وإيران والولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل قد أعطوا الضوء الأخضر لتنظيم الـ"بي يي دي"، من أجل إنشاء دولة أو منطقة حكم ذاتي كردية شمالي سوريا، فيما ترفض روسيا تلك الفكرة، فقط لأن تلك المنطقة ستكون حتمًا ضمن حدود السيطرة والهيمنة الأمريكية. إن كل هذه الأحداث تشكل ضغطًا كبيرا على الحكومة التركية، الخارجة لتوها من الانتخابات البرلمانية، والتي لم تتمكن من الوصول إلى اتفاق من أجل تشكيل حكومة جديدة، والتي تسيُّرُ أعمالها تحت ضغوط احتمالات إجراء انتخابات مبكرة.

453

| 08 يوليو 2015

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4194

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

1758

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1752

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1608

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1422

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1158

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

900

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

657

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

615

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
العرب يضيئون سماء الدوحة

شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...

549

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
المقاومة برصاص القلم

ليس بكاتب، إنما مقاوم فلسطيني حر، احترف تصويب...

495

| 03 ديسمبر 2025

أخبار محلية