رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بلغت الأزمة السياسية في الكويت مبلغاً عظيماً، والتي بدأ ارتفاعها تدريجياً منذ ما يزيد على خمس سنوات، وبالتحديد عندما تولى سمو الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم وعهد برئاسة الحكومة إلى الشيخ ناصر المحمد، ولكن هذه الأزمة بين الحكومة والبرلمان تعود إلى ما قبل هذا التاريخ بزمن طويل جداً ومنذ بدايات العمل بالدستور، بل إن لها جذورا ممتدة تصل إلى عقد الثلاثينيات من القرن الماضي، في زمن الشيخ أحمد الجابر والذي شهد أول مجلس نيابي منتخب قيَّد بعض سلطات الحاكم، إلا أن هذا المجلس لم يدم إلا أشهراً معدودة وسقط لصالح الحكم المطلق. ثم جاء المغفور له الشيخ عبدالله السالم، الذي شهد عصره استقلال البلاد ووضع الدستور والعمل النيابي. وإن كان هناك من يمجِّد الشيخ عبدالله السالم ويفخر به لترسيخه المبادئ الجوهرية التي نقلت الدولة من الملكية المطلقة إلى الملكية المقيدة، ويعده رمزاً حقيقياً للديمقراطية في الكويت، فإن هناك من يرى أنه فتح باباً لا يمكن غلقه في وجه الشعب وأن ما فعله ما هو إلا اللعنة التي سوف تُذهب بمُلك الأسرة وسلطانها. منذ وفاة الشيخ عبدالله السالم لم ترض الحكومة بتقييد الدستور لاختصاصاتها ومشاركة الشعب لها في اتخاذ القرار السياسي وتفعيل رقابة الأمة على أعمالها، فزوّرت إرادة الأمة في انتخابات 1967، وحُل المجلس فغابت الحياة النيابية في عام 1976 وعام 1986 ولسنوات طوال، انتهك فيها الدستور الذي يلزم بإجراء انتخابات خلال شهرين من حل المجلس وإلا عاد المجلس السابق، بل ذهب اللعب بالدستور إلى حد استبدال مجلس الأمة ذو الصلاحيات البرلمانية بالمجلس الوطني "مقصص الجناحين" ولولا غزو الكويت الذي وحد الكويتيين حكومة وشعباً وأدركت الأسرة أهمية مساندة الشعب لها فوعدت من منفاها عام 1990 بعودة المجلس لتأخرت عودته طويلاً. إن ما يحصل في الكويت يجب ألا يختزل باقتحام آلاف المتظاهرين بقيادة بعض النواب لمجلس الأمة وهو أمر لا شك بأنه غير مقبول ولكنه مجرد عارض بعيد تماماً عن أصل الأزمة والذي يتمثل باختصار في الصراع بين عقلية الحكم المطلق النادم إلى الآن على صنيعة عبدالله السالم وبين المدافعين عن مكتسبات الشعب الحر التي ترسخت عبر عقود طويلة من الزمان. إن الكثيرين يرون في ديمقراطية الكويت فوضى وتعطيل للتنمية دون دراسة حقيقة لأصل المشكلة وسببها، بل هناك من يستشهد بما يجري في الكويت ليبرر حكم بلاده المطلق المستبد. ولكن الحق أن ما يجري في الكويت من تطاحن سياسي ومبارزات فتاكة وأزمات سياسية أودت بمجلس الأمة عدة مرات وشكلت سبع حكومات في فترة خمس سنوات هي ظاهرة صحية سوف تسفر لا محالة عن الانتقال من الملكية المقيدة التي أرسى قواعدها الشيخ عبدالله السالم، إلى الملكية الدستورية التي سيضع أسسها شباب الكويت الثائر في وجه الفساد السياسي. ولا يمكن تصور العودة إلى الحكم المطلق أبداً. لذا فإن المطالبة الحقيقة اليوم هي بتبني دستور جديد للبلاد، دستور ينادي به الشعب ويضع مشروعه لجنة منتخبة من الشعب، ثم يعرض في استفتاء تأسيسي على الشعب. دستور يكرس مبادئ الملكية الدستورية، ويقرر حكومة منتخبة، ويكفل تكوين الأحزاب السياسية وفقاً للقانون. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
512
| 22 نوفمبر 2011
في مطلع هذا الشهر، وفي خطاب افتتاح دور الانعقاد الأربعين لمجلس الشورى القطري أعلن سمو الأمير من على منصة المجلس بأنه قرر أن تجرى انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من عام 2013. وهذا الحدث له أهمية كبيرة في قطر ليس بسبب اتباع أسلوب الاقتراع العام السري المباشر في اختيار أعضاء المجلس فحسب، بل لأن هذه الانتخابات سوف تفعّل معها ثلث مواد الدستور المؤجلة، والتي تمنح بعض الصلاحيات التشريعية والرقابية للمجلس. فالمادة (150) من الدستور عطلت مؤقتاً هذه المواد، وأجازت استمرار مجلس الشورى المعين الذي أنشئ وفق الدستور السابق (النظام الأساس المؤقت المعدل) إلى أن تجرى انتخابات المجلس المنتخب. وقد حمل الخطاب ثلاثة أسباب وراء تأجيل تطبيق هذه المواد من الدستور، وتتمثل في "تحديات التنمية في البلد"، و"الأوضاع العاصفة في المنطقة"، وأن "بعض البنود يحتاج قوانين لكي ينفذ". ورغم عدم وضوح العلاقة بين هذه الأسباب وتأجيل العمل بالمواد، إلا أن ذكرها رسمياً وفي خطاب موجه للداخل يعد في حد ذاته أمراً مختلفاً عما جرت عليه مبررات التأجيل سابقاً. علاوة على أن التعبير الذي استخدمه سمو الأمير للإعلان عن موعد الانتخابات وذكر المكان الذي أعلن فيه عن هذا الأمر وهو (من على منصة هذا المجلس) وما لهذه المنصة من أهمية أدبية في البرلمانات عادة، دليل على العزم الصادق، وهو أمر كان بعض المواطنين بحاجة إلى الشعور به في أحاديث سابقة للمسؤولين مع الإعلام غير الوطني. إن المقارنة بين مجلس الشورى المعين وفق النظام الأساسي المؤقت، ومجلس الشورى المنتخب وفق الدستور الدائم تُظهر حقيقة أن تفعيل هذا الأخير يعد خطوة نحو الديمقراطية. ذلك أن المجلس المعين وكما بينته المادة (40) من النظام الأساس ما هو إلا جهاز تابع للسلطة التنفيذية "يعين برأيه الأمير ومجلس الوزراء في أداء مهامهما"، ويعبر "عن رأيه في شكل توصيات". أما المجلس المنتخب فهو كما نصت المادة (61) من الدستور الدائم سلطة من السلطات العامة، ويمارس بعض الصلاحيات التشريعية والرقابية. ونرى أنه ورغم أن المجلس المنتخب يفتقد العديد من الصلاحيات البرلمانية، ولا يملك الأدوات الدستورية التي تجعله على قدم المساواة مع السلطة التنفيذية، كما أن اختصاصاته المتواضعة لا تشبع طموحات النخبة الوطنية التي تعاصر الربيع العربي، إلا أنه يعد بلا ريب - مقارنةً بالمجلس المعين - خطوة نحو الأفضل. وهي خطوة نحو الأفضل فعلاً إذا أدركنا واقع المجتمع والرقم الذي يشكله المواطنين لأي تغيير إيجابي، ومدى تأثيرهم في تطوير النظام السياسي. halsayed@qu.edu.qa
492
| 15 نوفمبر 2011
ولد العرب أحراراً فاستعبدهم الطغاة في زمن الظلام، وها هي تونس لم تكتف بتوليد الشرارة الأولى التي أحرقت هؤلاء المستبدين في العالم العربي، بل عادت ثانية كي تُحيي الجسد العربي بعد أن انتزع المتجبرون الحرية منه طويلاً. ففي مطلع هذا الأسبوع عاشت تونس عرساً ديمقراطياً حقيقياً، واخضرت أراضيها ثانية، وجذبت نسمات الحرية المنعشة والعطرة فيها التونسيين نساء ورجالاً إلى صناديق الاقتراع النزيهة، وهم موقنون لأول مرة منذ قيام تلك الجمهورية المزيفة، قبل خمسة وخمسين عاماً، بأن إرادتهم لن تغتصب وأن أصواتهم لن تُسرق، وأن النتيجة غير محسومة مسبقاً وبنسبة 99.99% لصالح المستبد وحزبه. من يتابع الانتخابات التونسية فلن يُعدم معيناً من الثقافة الدستورية، وأتوقف هنا عند خمس نقاط، أولها: أن هذه الانتخابات تهدف إلى اختيار أعضاء مجلسٍ تأسيسي يرسم الملامح الأساسية لدولة المؤسسات والقانون، ومن أسمى أهدافه صياغة دستور جديد للبلاد. دستور يُكتب بأيدي الشعب، ويعبر عن ضمير الشعب، لكي يحقق طموحات الشعب. دستور مختلف عن دساتير بعض الدول العربية الأخرى التي لبست ثياب الديمقراطية المزيّفة على جسد متقرح مريض. أما الثانية فإن هذه الانتخابات تجرى بنظام التمثيل النسبي، مع الأخذ بأكبر البقايا. حيث يحصد المتنافسون المقاعد في المجلس وفقاً لنسبة الأصوات التي فازوا بها، ولا تخرج الأقلية صفر اليدين، بل يضمن وصولها إلى المجلس بمقاعد تساوي نسبة ما حصلت عليه. وهو نظام عادل لاسيَّما لاختيار أعضاء مجلس تأسيسي يضع دستوراً للبلاد، ليشترك الجميع في إعداده. ويختلف نظام التمثيل النسبي عن نظام الأغلبية، ففي هذا الأخير يستأثر بالمقاعد المخصصة لدائرة انتخابية ما من فاز بأغلبية الأصوات. أما الثالثة فإن من تقوم بالإشراف على العملية الانتخابية ليست جهة حكومية تخضع للسلطة ويهيمن عليها فاسدون منتفعون ممن يسبح بحمد الرئيس ويصلي لبقائه، بل هيئة مستقلة يترأسها ناشط حقوقي مستقل هي (الهيئة العليا المستقلة للانتخابات). أما الرابعة فإن الفوز بالانتخابات بعد أن كان في زمن التزييف حليفاً لحزب واحد مهيمناً على البلاد والعباد مع وجود أحزاب مصطنعة في منافسة وهمية للتلميع الخارجي، فإن الأمر غدا اليوم مختلفا، فأكثر من ثمانين حزبا سياسيا حقيقيا مع آخرين مستقلين ومتحالفين يشتركون في المنافسة. أما الخامسة، فإنه لأول مرة في عالمنا العربي يسمح فيه بعدد هائل من الملاحظين والمراقبين الوطنيين والأجانب بينهم رؤساء ثلاث دول سابقين ومبعوثون من الاتحاد الأوروبي ومنظمات مجتمع مدني وطنية ودولية وغيرها بمتابعة ومراقبة جميع مراحل العملية الانتخابية ورصد أية تجاوزات قد تحصل من قبل المتنافسين. فنزاهة الانتخابات وضمان عدم تزييف إرادة الشعب هو هدف جميع التونسيين وهو ما ثاروا من أجله، فلن يرضوا بانتزاع إرادتهم بعد اليوم. هذا، والله من وراء القصد halsayed@qu.edu.qa
441
| 25 أكتوبر 2011
في يوم السبت القادم، 15 أكتوبر، سيتجه نصف مليون عماني إلى صناديق الاقتراع ليختاروا من ضمن 1133 مرشحاً من يمثلهم في مجلس الشورى ذي الأربع والثمانين مقعداً. والمتتبع لأخبار المجلس العماني يلاحظ بكل وضوح مدى التطور الذي أُدخل على أحد جناحيه، وهو الخاص بطريقة اختيار أعضاء المجلس، دون الجناح الآخر وهو صلاحيات هذا المجلس. فقد تطور أسلوب اختيار الأعضاء بشكل ملحوظ من نظام شبيه بالتعيين عام 1991، إلى أسلوب الاقتراع العام السري المباشر عام 2003، وما تخللهما من مرحلة تمكين المرأة لدخول المجلس عام 1997 كأول دولة خليجية تجيز ذلك. علاوة على التطور الذي أصاب عملية الاقتراع من خلال البصمة الإلكترونية التي لا تسمح بأن يدلي الناخب بصوته أكثر من مرة، وغيرها من وسائل التكنولوجيا في العملية الانتخابية. ورغم ذلك فإن الأمر ما زال متواضعاً بشأن صلاحيات المجلس، والتي لا تخرجه من نطاقه الشوري، إذ لم يقرر له المشرع، على سبيل المثال، الوظيفة الرقابية كتوجيه الأسئلة إلى الوزراء في الأعمال الداخلة في اختصاصاتهم، أو استجوابهم، أو طرح الثقة أو سحبها منهم، كما ليس له وظيفة مالية كإقرار الموازنة العامة أو اعتماد الحساب الختامي أو الموافقة على فرض الضرائب، أو قروض الدولة. أما سلطة التشريع فإن أقصى ما يملكه مجلس الشورى العماني منها هو مراجعة مشروعات القوانين المحالة إليه، بل إن دائرة هذا الاختصاص أخرج منها مشروعات القوانين التي يوصي مجلس الوزراء برفعها مباشرة إلى السلطان. ومن المتوقع أن يشهد هذا المجلس تطوراً في مجال الاختصاصات في ظل ما أعلن عن منحه صلاحيات تشريعية ورقابية. وما قيل عن لجنة، قد شُكلت في أعقاب المظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها السلطنة في فبراير الماضي، تدرس إجراء إصلاحات دستورية حقيقية. ومن خلال دراستي للنظام الدستوري العماني أرى ما يمكن تقديمه كمقترحات لتطويره. وأبدأ بالوثيقة الدستورية ذاتها والتي تسمى في عمان "النظام الأساسي للدولة"، فقد وضع بأسلوب المنحة دون مشاركة الشعب في إعداده أو إقراره، وهو أمر لا يمكن تجاوزه إن كان الهدف، حقيقةً، هو الإصلاح الدستوري. علاوة على ذلك فإننا لا نجد في النظام الأساسي الحالي إلا مادة واحدة تتعلق بمجلس الشورى، هي المادة رقم (58) والتي أنشئ استناداً لها "مجلس عمان" بفرعية مجلس الدولة ومجلس الشورى. وقد أحالت المادة المذكورة كل ما يتعلق باختصاصات المجلس ومدته وأدوار انعقاده وطرق اختيار أعضائه للقانون كي يبينها. ورغم أن هذا النظام من الدساتير المرنة والذي يمكن أن تعدل مواده بإرادة السلطان المنفردة، إلا أن معالجة المسائل المتعلقة بمجلس الشورى في صلب الدستور عوضاً عن تركها لقانون عادي أمر قد يبعد العبث بها. لذا فمن المهم أن ينص صراحة في النظام الأساسي على أن يكون اختيار أعضاء مجلس الشورى بالاقتراع العام السري المباشر، وأن ينص فيه على مدة دور الانعقاد ومدة الفصل التشريعي، وعلى أن تجرى انتخابات المجلس الجديد خلال مدة معينة (كثلاثة أشهر قبل انتهاء مدة المجلس)، وألا يمد الفصل إلا في حالة الضرورة التي يجب أن تحدد صراحة وبدقة. ومن الضروري كذلك أن يضمّن النظام الأساسي القواعد المنظمة لحل مجلس الشورى، بتقرير الضمانات التي تكفل عودة الحياة النيابية للبلاد، كأن يكون مرسوم الحل مسبباً، وأن يتضمن الدعوة لإجراء انتخابات المجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز ثلاثة شهور مثلاً، وأن ينص صراحة على أنه "في حالة عدم إجراء انتخابات المجلس الجديد في الفترة المحددة أعلاه، يسترد المجلس المنحل كافة سلطاته الدستورية، ويستمر في عمله إلى أن يتم انتخاب المجلس الجديد". أما بشأن التشريع فمما يمكن اقتراحه، على سبيل المثال: منح أي عضو من أعضاء مجلس الشورى حق اقتراح القانون، وعدم الاكتفاء بما يقرره له "نظام مجلس عمان" حالياً من حق اقتراح تطوير القوانين النافذة فقط. وأن يلغى من "نظام مجلس عمان" ما تقرره الفقرة الأولى من المادة (29) منه من جواز عدم عرض مشروعات القوانين على مجلس الشورى للمصلحة العامة. وأن لا يضّعف دور مجلس الشورى التشريعي بتقرير صلاحيات مماثلة "لمجلس الدولة" المعيّن. أما الرقابة السياسية فيقترح أن يفصل صراحة بين منصب السلطان وبين منصب رئيس مجلس الوزراء، وأن يكون لمجلس الشورى صلاحية توجيه الأسئلة لرئيس مجلس الوزراء والوزراء في الأمور الداخلة في اختصاصاتهم. وأن يكون لمجلس الشورى الأدوات الرقابية الفعالة الأخرى كحق توجيه استجوابات لرئيس مجلس الوزراء أو الوزراء في الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، وحق سحب الثقة من الوزراء، وحق طلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء. أما بالنسبة للوظيفة المالية، أخيراً، فيقترح أن يقرر لمجلس الشورى صراحة اختصاص مناقشة الموازنة العامة والحساب الختامي وإقرارهما وأن يفعّل دور المجلس في ما قررته المادة (57) من النظام الأساسي من موضوعات مالية عديدة تنظم أو تصدر بقانون، وأن ينص صراحة على أن يتم تحديد مرتبات رئيس مجلس الوزراء، ونوابه، والوزراء، وأعضاء مجلس عمان، بقانون. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
886
| 11 أكتوبر 2011
نقلت إلينا الصحف المحلية في الشهر الماضي توقيع دولة قطر والأمم المتحدة على مذكرة تفاهم لإنشاء مكتب يُعنى بدعم جهود مكافحة الفساد في المنطقة العربية، وذلك من خلال مشروع إقليمي متخصص يهدف إلى تقديم المساعدة الفنية المبنية على أفضل المعايير والممارسات الدولية في مكافحة الفساد. وبينت صحفنا بأن هذا المكتب هو الأول من نوعه في المنطقة العربية، وأن هذا الأمر يعد مبادرة مهمة في دفع جهود تعزيز الشفافية والنزاهة وحكم القانون ومكافحة الفساد. ولا شك بأن هذا الخبر يجرنا للحديث عن واقعنا، مؤكدين ابتداءً ما يؤكده الباحثون في هذا المجال من أنه ليس هناك مدينة فاضلة نقيّة، وأن الفساد موجود في كل المجتمعات والدول، إلا أن نسبته تتفاوت من دولة إلى أخرى وفقاً للمتغيرات المرتبطة به، والتي من أهمها طبيعة النظام السياسي، ومستوى النمو الاقتصادي، والثقافة السائدة في المجتمع. فوجود نظام ديمقراطي مستقر، على سبيل المثال، مبني على سيادة القانون والفصل بين السلطات، مع توافر الشفافية والمساءلة تقلل من ممارسات الفساد إلى مستويات متدنية. ولو تمعنّا في الفساد في مجتمعاتنا لوجدناه، كما يقول الباحثون، إما فساداً كبيراً أو فساداً صغيراً. فالأول مستنقع يعيش فيه كبار القادة والمسؤولين السياسيين في الدولة، والثاني مستنقع يعيش فيه المسؤولون الإداريون على مستويات مختلفة. والفساد الكبير يمتد نطاقه ليرتبط بالصفقات الكبرى في عالم المقاولات، وتجارة السلاح، والحصول على توكيلات تجارية لشركات دولية كبرى، ومنح امتيازات لاستغلال موارد أو ثروات طبيعية، ومشاركة كبار التجار في تجارتهم دون المساهمة معهم في رأس المال، وإرساء المناقصات أو العقود الفلكية على شركات أجنبية، وتعيين الأبناء أو الأقارب أو المقربين في المراكز والوظائف العليا، وإضاعة المال العام وهدره واللعب بأملاك الدولة واستثماراتها، وغيرها. أما الفساد الصغير، فقد ينشأ لتذليل العقبات أمام خدمة تقدمها الإدارة، أو للفوز بمناقصة أو صفقة وإبرام عقد، أو تعيين ذوي القربى أو المصلحة غير المؤهلين في بعض الوظائف العامة، أو الانتفاع الشخصي من الإمكانات المخصصة للإدارة، أو استغلال الموظفين لتأدية أعمال خاصة، أو غيرها. وقد يزيد الفساد الصغير أو يقل وفقاً للمتغيرين المتعلقين بمستوى النمو الاقتصادي والثقافة السائدة في المجتمع، لذا نجده في مستويات متدنية في بعض الدول الخليجية رغم غياب الديمقراطية عنها. أما الفساد الكبير فقد ينشأ من شعور المتورطين به أن الدولة ملكية خاصة لهم، فهو مرتبط إلى درجة كبيرة بالمتغير الخاص بطبيعة النظام السياسي. وفي الختام أتمنى أن يحقق مكتب مكافحة الفساد أهدافه وألا يخرجنا من نطاق اهتماماته، كشأن بعض المؤسسات لدينا المعنية بحرية الإعلام والديمقراطية. والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
525
| 04 أكتوبر 2011
آن الأوان للشعوب العربية أن تسعى إلى دولة المؤسسات والعدل والمساواة عاشت الشعوب العربية طويلاً وهي تحلم في كل ليلة خروج ذلك الزعيم المخّلص الذي لم تلوثه الشهوات ولم ينغمس في الملذات وحب الذات، فينشر العدل والمساواة والأمن والخير ويعيد للأمة كرامتها وللعروبة عنفوانها وللإسلام عصره التليد. عشنا طويلا ننتظر ذلك، فثقافتنا زُيفت بأيدي الطغاة، فلم تستوعب أننا كشعوب ولدنا أحراراً أصحاب حقوق. وأن من حقنا أن نحكم أنفسنا بأنفسنا، ومن حقنا أن نختار من يحكمنا، ومن حقنا أن نحاسبه ونقوّمه إن أخطأ، وأن نعزله إن طغى وأفسد وعربد، وأنّ خير الجهاد مواجهة عدو الداخل الظالم الفاسد. عشنا طويلا ونحن مُسلّمون بأننا لسنا أصحاب القرار ولسنا ملاك الدار، وأن علينا السمع والطاعة، وأن غاية ما نملكه هو الدعاء: "بأن يرزق اللهُ حاكمنا وولي أمرنا البطانة الصالحة". ولا أدري متى بالتحديد وضع هذا الدعاء ومن هو أول من دعا به، ولكنه بلا شك جاء بعد أن انُتزع القرار من يد الأمة وتحولت الدولة إلى قيصرية كسروية، وراثية، يُفرض عليها الأمر دون أن تشترك فيه. وهو دعاء يظهر مدى سوء الحال الذي نحن عليه إذ يترك مصير الأمة بأسرها لعقل شخص واحد تؤثر عليه بطانته التي يختارها هو. وكنا عندما يستجيب الله دعاءنا ويتولى زمام أمرنا مَن نظنُ فيه الخير، أمام رجلين: إما أن يسير فينا سيرة حسنة فيعاجله القدر ويأتي بعده من هو الشر كله. أو أن يسير فينا سيرة حسنة ثم ما يلبث حتى ينفرد بالقرار ويستبد ويطغى ويظن أنه هو الصلاح، وأن الخلاص لا يتم إلا به، وأنه زعيم الأمة الخالد فيكون الشر كله. آن الأوان لا لأن ننتظر زعيماً مخلصاً مهدياً منتظراً، بل، آن الأوان لأن نسعى إلى دولة المؤسسات والقانون. دولة تبنى على أسس العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والمسؤولية والمحاسبة والخير والرفاهية والأمن والأمان لكل الشعب. دولة لا تتعلق بشخص واحد إن صلح صلحت الدولة وإن فسد فسدت الدولة. بل تقوم على كل الشعب عبر مؤسسات تعبر عن ضميره، يرسم حدودها واختصاصاتها ويملك تغيير أعضائها عبر التداول السلمي للسلطة. آن الأوان لأن نخُط دستورنا بأيدنا، وأن تكون لنا حكومة منتخبة، وبرلمان منتخب، وقضاء مستقل ومنظمات مجتمع مدني حرة ترصد وتراقب، وإعلام حر، وجهة مستقلة تراقب المال والإيراد والصرف والاستثمار العام. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
469
| 27 سبتمبر 2011
لم أجد لدى العديد من المواطنين والمثقفين طيلة الأسابيع الماضية الحماس للحديث عن انتخابات المجلس البلدي المركزي، رغم اقتراب موعد الاقتراع، ورغم تسليط بعض وسائل الإعلام المحلية الضوء عليه، ومحاولة الصحف اليومية تخصيص صفحات كاملة للتعريف بالمرشحين ونقل برامجهم الانتخابية وطموحاتهم الفتيّة، وآمالهم التي يتمنون تحقيقها إذا فازوا بعضوية هذا المجلس. لاشك أن الظروف التي تمر بها المنطقة العربية من ثورات شعبية شبابية مخلصة، سأمت الطغيان والاستبداد وفساد الحاكمين، وكانت سبباً في صرف انتباه الكثيرين منا عن هذا الحدث المحلي المتواضع، فلم يعد مجرد مجلس ذي صلاحيات محدودة، فقد بريقه خلال التجارب الماضية يلفت الاهتمام، في خضم بحر جارف من أماني الشعوب العربية بالتغيير والإصلاح والمشاركة الحقيقة في اتخاذ القرار السياسي. ورغم صدق كل ما سبق، إلا أنني أتمنى أن يمارس كل مواطن قطري حقه السياسي في اختيار من يمثله في المجلس البلدي، فقد ظلت الانتخابات فترة طويلة جداً تقارب الخمسين عاماً "بعبعاً" تتخوف الجهات التنفيذية منه، فتستبدله بالتأجيل تارة، وبالتعديل التشريعي لتبني أسلوب التعيين، تارة أخرى، ذلك أن المشرع كشف عن رغبته بتبني الانتخاب أسلوباً لاختيار أعضاء المجلس البلدي منذ الخمسينيات من القرن الماضي، إلا أن هذا الأمر لم يتحقق إلا مع انتهاء ذلك القرن. ويعود أحد الأسباب الحقيقية من تخوف بعض الحكومات من أسلوب الانتخاب إلى ما يشكله هذا الأخير من آليةٍ تجعل عضو المجلس النيابي أو التمثيلي ممثلاً عن الشعب ونائباً عنه ومستمداً قوته منه، فهو إن مارس دوره في المجلس مارسه من وحي هذه القوة الشعبية دون خوفٍ أو وجل، ودون أن ترتدي مطالبه ثياب التردد والخجل أو الانكسار والمذلة، فيرتقي عمل المجلس ويفعل دوره وتزاد المطالب بإدخال إصلاحات جديدة عليه وزيادة صلاحياته مع الزمن، أما إن كان أعضاء المجلس معينين من قبل الحاكم، فإنهم بالتالي مرتبطون أدبياً بمن عينهم، فلا يخرجون عن طوعه وتوجيهاته، فله الفضل في تعيينهم وباستطاعته استبدالهم، وإن كانت لهؤلاء مطالب فتقدم من قبلهم إلى صاحب الأمر على استحياء وبمبررات خجولة قد لا تعكس أهميتها، فيبقى دور المجلس كما هو دون إصلاح أو تطوير. لذا فإن ممارسة كل مواطن قطري حقه في انتخاب أعضاء المجلس البلدي رغم محدودية دوره، مطلب مهم لتطويره وزيادة صلاحياته مع الزمن، لكن هذا الأمر، بلا شك، لا يتحقق إلا إذا اقترن بحسن اختيار الناخب لممثله، وأن يبنى الاختيار على أسس موضوعية ومن خلال السؤال عن المرشح وسيرته وما يكشفه برنامجه الانتخابي من صدق. من جانب آخر مرتبط بهذه المناسبة، سعدت كثيرا بصدور أول حكم قضائي يتعلق بانتخابات المجلس البلدي في دولة قطر، والتي تتلخص وقائعه في تقدم أحد المواطنين القطرين الراغبين في ترشيح نفسه لعضوية المجلس البلدي إلى لجنة الناخبين بطلب (قيد مرشح) وذلك باعتباره ناخباً بإحدى الدوائر، إلا أنه فوجئ باستبعاد اسمه من جداول الناخبين بهذه الدائرة! وقد تظلم هذا المواطن للجنة الناخبين من حذف اسمه، إلا أن اللجنة أوردت أن سبب ذلك يرجع لاعتراض أحد الناخبين بزعم عدم وجود محل إقامة له بالدائرة التي رشح نفسه بها، وأنه يقيم مع والده في دائرة أخرى، إذ إن المشرع تطلب صراحة من بين شروط المرشح لعضوية المجلس البلدي المركزي أن يكون مقيداً بجدول الناخبين في الدائرة التي يرشح نفسه فيها وأن يكون مقيماً بها إقامة دائمة، ورأت المحكمة أنه من المقرر في قواعد الإثبات أن البينة على من يدعي خلاف الأصل، وحيث إن القرار الصادر عن لجنة الناخبين قد قام على تحريات خلت من أي دليل ينفي الأصل، وقد قدم المواطن بطاقته الشخصية الثابت بها محل إقامته وعقد إيجار مسكنه الكائن بالدائرة المتقدم لها ومستندات قبض القيمة الإيجارية الدالة على استمرار إقامته الدائمة بهذا المسكن، فضلاً عما قرره مالك المسكن بشهادة محررة منه تفيد استمرار المواطن بذات المسكن، لذا خلصت المحكمة إلى أن قرار لجنة الناخبين غير قائم على سبب صحيح من الواقع والقانون، خليقاً بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها أحقية هذا المواطن في الترشيح لعضوية المجلس البلدي المركزي عن الدائرة المقصودة. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
520
| 03 مايو 2011
لكي تكون الدولة ذات نظام دستوري لا يكفي أن يكون لها وثيقة دستورية تضم مبادئ أساسية تنظم الحكم والسلطات العامة فيها وتؤكد على كفالة الحقوق والحريات لمواطنيها، وتزعم أن نظامها ديموقراطي وأن الشعب مصدر السلطات، وأن المواطنين متساوون في الحقوق والحريات العامة، بل ينبغي أولاً: أن تنبع هذه المبادئ والقواعد من ضمير الشعب، وأن تكتب بأيدي الشعب، وأن تعتمد بموافقة الشعب، وثانياً: أن يؤمن العاملون على تنفيذها بقدسيتها وبوجوب احترامها، بما يضمن تطبيقها في الواقع العملي، ولا خلاف بعد ذلك إن جاءت هذه المبادئ والقواعد في وثيقة رسمية تسمى "الدستور" أو كانت مجرد قواعد عرفية تشكلت عبر الزمان، فدولة كبريطانيا ليست لديها وثيقة رسمية تسمى دستور، ولكن لا ينكر أحد من رجال القانون والسياسة أنها دولة ذات نظام دستوري. أما الدول ذات الأنظمة غير الدستورية، فهي على ثلاث صور: فإما دولة ليست لديها وثيقة دستورية، ولا تعرف إلا الحكم المطلق، أو دولة لديها وثيقة دستورية ولكن هذه الأخيرة وضعت لتكرس الاستبداد والانفراد في الحكم دون مشاركة الشعب في اتخاذ القرار السياسي، أو دولة لديها وثيقة دستورية تحتوي نصوصاً ومبادئ استقت من أفضل الممارسات الديموقراطية في العالم، ولكن هذه النصوص مجرد مواد خاوية، فارغة من معناها، لم يساهم الشعب في وضعها، ولم يؤمن الحاكم بقدسيتها، ولم يدرك أهمية معناها، بل هي نصوص اقتبست من هنا وهناك، وزينت بها صفحات الوثيقة للتجميل الخارجي مع بقاء الداخل سقيماً مريضاً، وعند أول تعارض بين مصالح الحاكم وبين هذه النصوص الدستورية تستبدل أو تعدل أو تهجر أو تعطل. فوجود الوثائق الدستورية في دول الحكم المطلق لا تحول أنظمتها إلى أنظمة دستورية، لذا، وفي خضم الثورات العربية لم يلق المجتمع الدولي ولا الشعوب الثائرة أهميةً لتصريح سيف الإسلام بن القذافي بأن "ليبيا لن تعود كما كانت وأن عصر الجماهيرية الأولى ولّى وأن الدستور الجديد لليبيا جاهز". أو إعلان علي عبد الله صالح "تمسكه بالدستور اليمني للوصول إلى تسوية للأزمة"، أو قبل هذا وذلك بيان مبارك عدم حل مجلس الشعب المصري وأهمية إبقائه لاشتراط الدستور وجوده عند إجراء أي تعديل على مواده. إن إصدار دولة ما وثيقةً دستوريةً لها، أمر مهم وله فوائده، ولكن الأكثر أهمية وفائدة أن يتمتع أفراد الشعب بالمواطنة الحقيقية والتي تقتضي كفالة حقوقهم وحرياتهم على قدم المساواة بينهم جميعاً، وأن يكونوا أصحاب القرار دون وصايةٍ عليهم من أحد، فلم يكونوا يوماً غير مميزين أو قاصرين سياسياً أو ذوي عتهٍ أو جنون لا يصلحون للمساهمة في تصريف شؤون البلاد والحكم. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
905
| 26 أبريل 2011
تنص الفقرة (11) من المادة (121) من الدستور الدائم لدولة قطر على اختصاص مجلس الوزراء بـ"إعداد تقرير في أول كل سنة مالية، يتضمن عرضاً تفصيلياً للأعمال الهامة التي أنجزت داخلياً وخارجياً، مقروناً بخطة ترسم أفضل الوسائل الكفيلة بتحقيق النهضة الشاملة للدولة وتوفير أسباب تقدمها ورخائها، وتثبت أمنها واستقرارها، وفقاً للمبادئ الجوهرية الموجهة لسياسة الدولة المنصوص عليها في هذا الدستور، ويرفع التقرير للأمير لإقراره". ونص هذه الفقرة يتماثل تماماً مع الفقرة (12) من المادة (34) من النظام الأساسي المؤقت المعدل (دستورنا السابق 1972). كما أن لهذا النص أصلا تاريخيا في أول دستور مكتوب للدولة وهو نص الفقرة (9) من المادة (37) من النظام الأساسي المؤقت (1970). وعودة لهذا التقرير، نجد أن مجلس الوزراء يجب أن يقوم بإعداده في أول كل سنة مالية، أي في الأول من أبريل من كل عام، وقد مرت قبل أيام محدودة بداية السنة المالية لدولة قطر، ولا أدري! هل أعد هذا التقرير أو لم يعد؟ كما أنني لا أذكر أني قرأت يوماً في الصحف المحلية خبراً يتعلق بهذا التقرير، لا في هذه السنة ولا في السنوات السابقة، لاسيما وأن هذا النص متوارث عن دساتيرنا السابقة، وليس أمراً مستحدثاً جاء به الدستور الدائم للدولة. وإذا كان هذا النص مفعل فعلاً، فيجب أن يكون لدينا في الأرشيف التاريخي لدولة قطر أكثر من أربعين تقريراً حتى الآن! هذا إن قلنا إن المشرع الدستوري أوجب على مجلس الوزراء بإعداد مثل هذا التقرير منذ عام 1970. ولا أعتقد إن مثل هذا التقرير ينبغي أن يكون سرياً، لا يطلع عليه أحد من المواطنين، بل على العكس يدفعنا كل من: مبدأ الشفافية ومبدأ المصداقية إلى الإعلان عنه ونشره حتى يلاحظ الرأي العام على الأقل مدى سير الحكومة عليه. كما أن تعلق هذا التقرير بالدولة وتحقيق نهضتها الشاملة، وأسباب تقدمها ورخائها يفرض على الحكومة أن تعلن عنه وتكشفه للملأ. فنهضة الدولة وتقدمها أمر يهم الجميع، والمواطنون شركاء حقيقيون، وتفترض الحكمة ألا يستبعدوا حتى تأتي الخطة ثمارها. هذا إلا إذا كان هذا النص مجرد نص لا يترجم مضمونه في الواقع العملي، مثل نصوص عديدة في الدستور، كتبت ولم تفعل إلى الآن!. على أي حال، فبالعودة إلى نص الفقرة (11) من المادة (121) من الدستور، نجد أن هذا التقرير ينقسم إلى قسمين رئيسيين: أحدهما يتعلق بالماضي، ويتمثل في عرض الأعمال الهامة التي أنجزت داخلياً وخارجياً، وهذا العرض يشترط أن يكون تفصيلياً. أما القسم الثاني من التقرير فيتعلق بالمستقبل القريب المحدد بمدة سنة واحدة، ويتضمن هذا القسم الخطة التي ترسم أفضل الوسائل الكفيلة بتحقيق النهضة الشاملة للدولة وتوفير أسباب تقدمها ورخائها وتثبيت أمنها واستقرارها. وهذا القسم من التقرير لا شك بأنه سيكون ماضيا عند إعداد التقرير في السنة اللاحقة، وسوف تشكل المنجزات التي تحققت وفقاً له القسم الأول من التقرير للسنة القادمة، وهكذا، وبتتابع في كل سنة. وأخيراً، يشترط الدستور في الخطة التي توضع في هذا التقرير أن تكون وفقاً "للمبادئ الجوهرية الموجهة لسياسة الدولة المنصوص عليها في هذا الدستور". ولكن بالعودة إلى الدستور الدائم لا نجد أية إشارة لهذه المبادئ الجوهرية، فهذه الأخيرة كانت بالفعل موجودة في النظام الاساسي المؤقت (دستور 1970) ، وفي النظام الأساسي المؤقت المعدل (دستور 1972)، وكانت تأتي في الباب الثاني منهما وتشتمل على: المبادئ السياسية، والمبادئ الاقتصادية، والمبادئ الاجتماعية، والمبادئ الثقافية. أما دستورنا الحالي فأستعيض عنها بباب " المقومات الأساسية للمجتمع"، فهل نقل واضعو دستورنا الحالي هذا النص من النظام الأساسي المؤقت "حرفياً" دون أن يتحملوا حتى عبء إعادة صياغته ليتفق ما يتضمنه الدستور حقيقةً ؟. أم إنه دليل آخر على عدم الجدية في تنفيذ نصوص الدستور؟ هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
676
| 19 أبريل 2011
الدولة الملكية هي التي يتم اختيار رئيس الدولة فيها بأسلوب الوراثة، وبغض النظر عن المسميات، فقد تسمى مملكة، أو سلطنة، أو إمارة، أو إمبراطورية، أو دولة. وكانت أغلب الدول قبل قيام الثورة الفرنسية ذات أنظمة ملكية، وكذلك كانت أغلب الدول العربية قبل موجة انقلابات العسكر في العقود الوسطى من القرن الماضي. وليس للنظام الملكي ارتباط بتقدم الدول أو تأخرها، فقارة كأوروبا مثلا بها اليوم أكثر الدول ذات الأنظمة الملكية في العالم، في حين ليس في إفريقيا إلا دول محدودة. وتتنوع الدولة الملكية إلى ملكية مطلقة وملكية مقيدة وملكية دستورية. +وتصنيف الدولة الملكية وفقاً لإحدى هذه التسميات يعود بالدرجة الأولى إلى مدى تمتع الملك بالسلطة أو حرمانه منها أو مشاركته أبناء شعبه إياها. ففي الملكية المطلقة ينفرد الحاكم بالسلطة، وإليه ترجع الكلمة الأخيرة في اتخاذ القرار ويكون الشعب مستبعداً نهائياً عن شؤون السياسة، فتسن التشريعات دون مشاركته، وتبرم الاتفاقيات دون موافقته، وتمنح الامتيازات دون معرفته، وتقاس وطنية الأفراد بدرجة طاعتهم وانصياعهم لأوامر الحاكم وولائهم له. في هذا النوع من الملكيات يبقى الحاكم رغم اختصاصاته الواسعة ذا قدسية، فذاته مصونة لا تمس، ولا تمكن مساءلته عن أي خطأ سياسي يرتكبه. وتغلب فيها مصلحة الحاكم وأسرته وبطانته، على مصالح العامة، وتنتهك فيها المساواة، وقد يساء فيها استعمال السلطة وينحرف بالقانون ويطوع ويفسر وفقاً للأهواء والمطامع. وتبقى الدولة ذات نظام ملكي مطلق وإن تعددت الأجهزة والسلطات بها، فهذه الأخيرة تكون مجرد أجهزة شكلية من الجانب السياسي، وتقوم بدور إداري وتنظيمي وفقاً لتشريعات انفرد الحاكم بوضعها، ولا يحق لهذه الأجهزة أن تخالف توجيهاته، أو تعمل ضد مصلحته. ولا يوجد في هذا النوع من الملكيات برلمان منتخب، إنما مجلس معين يقدم توصيات غير ملزمة في العادة. أما الحكومة فهي كذلك معينة من الحاكم ومسؤولة أمامه، وهو يملك إقالتها. أما الملكية المقيدة فهي مرحلة تعقب في العادة مرحلة الملكية المطلقة، حيث تتقلص شيئاً ما سلطات الحاكم وتقيد اختصاصاته لصالح الشعب. وتاريخياً نشأت هذه الملكية في بريطانيا عند القضاء على حكم آل ستيوارت (The House of Stuart)، في الثورة المجيدة (Glorious Revolution)، عام 1688، وإقامة حكم أسرة أورانج الذي قيد بوثيقة الحقوق (Bill of Rights)، في عام 1689. في الملكية المقيدة لا يزال الحاكم يتمتع بالكثير من الصلاحيات، فله دور أساسي في سن التشريعات، وفي تعيين الوزراء وإعفائهم من مناصبهم ومسؤولية هؤلاء أمامه، وحقه في حل البرلمان. ولكن بجوار هذه الصلاحيات يوجد برلمان منتخب بالكامل من قبل الشعب، يشترك مع الحاكم في سن التشريعات ويسأل الوزراء ويسحب الثقة منهم ومن الحكومة، ويقر الموازنة العامة ويعتمد الحساب الختامي للدولة. أما الملكية الدستورية (Constitutional Monarky) ففيها تتقلص سلطات الحاكم أكثر فأكثر لصالح الشعب، حتى لا تبقى له إلا اختصاصات شرفية، أما السيادة فتكون للشعب فهو مصدر السلطات يمارسها من خلال برلمان منتخب، ورئيس حكومة منتخب، هو في الغالب زعيم الأغلبية، يكون هو وأعضاء حكومته مسؤولين أما البرلمان. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
721
| 12 أبريل 2011
رغم أن سلطنة عمان قد أنشأت مجلس الشورى في عام 1991، أي بعد عشرين سنة من إنشاء مجلس الشورى القطري، إلا أن المتتبع لمسيرة هذا المجلس يشعر بصدق النية نحو تطويره تدريجياً. إذ لا يكاد ينتهي فصل من عمر المجلس إلا وأدخل على نظامه تعديلاً يهدف إلى تحقيق ذلك. يد التطوير التي لامست مجلس الشورى العماني تتضح بجلاء من خلال إلقاء الضوء على تطور أسلوب اختيار أعضاء المجلس. فمن نظام شبيه بالتعيين يتمثل في اختيار أعضاء المجلس عن طريق ترشيح الشيوخ والأعيان لهم عام 1991، إلى زيادة عدد الأعضاء والعمل بقاعدة عضوين لكل ولاية يزيد عدد مواطنيها على ثلاثين ألف نسمة عام 1994، إلى فتح الباب أمام المرأة للترشيح والانتخاب كأول دولة خليجية تجيز للمرأة ممارسة حقوقها السياسية عام 1997، إلى جعل أصوات الناخبين المعيار الوحيد للفوز بعضوية المجلس عام 2000، إلى الأخذ بأسلوب الانتخاب العام السري المباشر عام 2003. إن أهمية الانتخابات عموماً كأسلوب لاختيار الأعضاء تكمن في ما تبثه في نفوس هؤلاء من قوة وطاقة، وهم يستشعرون بأنهم ممثلو الشعب فينعكس ذلك على أدائهم، ويصبحون شخصيات غير نمطية تسعى إلى الإصلاح وتطالب بالمزيد من الصلاحيات، هذا على خلاف الأعضاء المعينين الذين تنكسر نفوسهم وشخصياتهم أمام من يدينون له بالفضل، فلولاه لما أصبحوا أعضاء في المجلس، واستمرارهم فيه مرتهن برضاه عنهم، فلا تكون لهم مطالبات إصلاحية، وإن كانت لهم، فتقدم على استحياء. وعندما نتكلم عن سمو نفوس الأعضاء المنتخبين هنا، نتكلم عن أولئك الذين يمثلون الإرادة الحقيقية للشعب، وليس من انتهك القانون وباع الأمة قبل وصوله للمجلس، إذ ليس من المستغرب أن يبيعها، هذا، ثانية بعد وصوله إلى أحد مقاعد المجلس. هذه الصورة المشرقة ليد التطوير التي لامست أسلوب اختيار أعضاء مجلس الشورى العماني، للأسف الشديد، لم تجارها اليد الأخرى لتطوير صلاحيات هذا المجلس نحو العمل البرلماني الحقيقي. ورغم ذلك نجد مجالات أخرى للمقارنة بين مجلس الشورى العماني ومجلس الشورى في دولة قطر، قد يفتقدها هذا الأخير. أحدها على سبيل المثال، تخصيص مجلس الوزراء في سلطنة عمان لاجتماع سنوي يحضره رئيس وأعضاء مكتب مجلس الشورى وذلك بغرض متابعة مجالات التنسيق بين الحكومة من جهة والمجلس من جهة أخرى. وثانيها، أن مجلس الشورى العماني وإن كان لا يملك حق اقتراح القوانين ابتداء، إلا أنه يملك تقديم ما يراه بشأن تطوير القوانين النافذة في السلطنة. ثالثها، أن مجلس الشورى يطّلع على كامل مشروع الموازنة العامة قبل اتخاذ إجراءات اعتمادها، وليس فقط موازنة المشروعات الرئيسية. إن هذه المقارنات تؤدي للأسف الشديد إلى تصنيف مجلس الشورى القطري الحالي المعين في درجة أدنى من مجلس الشورى العماني، رغم تواضع دور هذا الأخير، كما أن المقارنة السابقة مع مجلس الشورى السعودي أظهرت تفوق هذا الأخير علينا كذلك، فمتى نفعل المواد المؤجلة من الدستور الدائم؟ ونتجنب قعر القائمة! هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
784
| 05 أبريل 2011
مر مجلس الشورى السعودي بعدة مراحل ابتداء من تأسيسه عام 1924 في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والذي كان يطلق عليه المجلس الأهلي الشوري، ومروراً بعام 1953 السنة التي بدأ بها دور هذا المجلس يضعف ويتقلص بسبب توزيع العديد من اختصاصاته على أول مجلس للوزراء ينشأ في المملكة، وانتقالاً إلى عهد الملك فهد بن عبدالعزيز الذي شهدت عصره عام 1992 قفزة دستورية كبيرة بصدور عدد من الأنظمة الأساسية الهامة ومنها النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الوزراء، ونظام مجلس الشورى. مجلس الشورى السعودي يتألف اليوم من مائة وخمسين عضواً يتم تعيينهم بالكامل من قبل الملك، ويلتزم الملك عند اختيار هؤلاء أن يكونوا من أهل العلم والخبرة والاختصاص. وعلى خلاف مجلس الشورى القطري ذهبت المادة (13) من نظام مجلس الشورى السعودي إلى تأقيت عضوية الأعضاء بمدة أربع سنوات، وحتى لا يتم تعيين ذات الشخصيات نصت المادة بأنه يجب أن يتم تغيير نصف عدد الأعضاء على الأقل عند انتهاء هذه المدة. وبالرغم من كون هذا المجلس غير منتخب، وبالتالي لا يمثل حقيقةً إرادة الشعب، إلا أن مسألة تأقيت العضوية لها اهميتها في ضخ دماء جديدة لهذا الكيان، تأتي بحماس المتقلد لمنصبٍ جديدٍ يريد التغيير ويريد إثبات ذاته. كما أن المادة (9) من نظام المجلس لا تجيز كأصل عام الجمع بين عضوية مجلس الشورى وأي وظيفة حكومية أخرى، أو إدارة أي شركة، وهي تجعل الأعضاء متفرغين لأداء دورهم بفاعلية في المجلس. أما بشأن اختصاصات مجلس الشورى السعودي فإن من أبرزها دوره التشريعي، حيث يؤكد النظام على حق المجلس في اقتراح مشروع أي قانون (نظام) جديد، أو اقتراح تعديل قانون نافذ. وهذا دور للأسف الشديد يفتقده مجلس الشورى القطري الحالي (المعين) إذ أن حق اقتراح مشروعات القوانين يقتصر حالياً على الحكومة في قطر. وجدير بالذكر أن دور مجلس الشورى السعودي بشأن التشريعات يتجاوز قليلاً الاكتفاء بتقديم توصيات غير ملزمة وهو شأن مجلس الشورى القطري المعين، فعلى خلاف ذلك، نجد مناقشة مشروعات القوانين ودراستها في مجلس الشورى السعودي تنتهي بقرارات ترفع إلى مجلس الوزراء، فإذا اتفقت وجهة نظر مجلس الوزراء مع قرارات مجلس الشورى بشأن هذه المشروعات رفعت للملك لتؤخذ التشريعات دورها في التصديق والإصدار، ولكن إن اختلفت وجهتي النظر يلتزم مجلس الوزراء برد مشروع القانون إلى مجلس الشورى ثانية ليبدي ما يراه بشأنه ثم يرفع للملك، الذي يملك الكلمة الأخيرة في هذا الأمر. وهذا الدور وإن كان يجعل القرار الأخير بيد الملك وليس بيد الشعب، إلا أنه أعطى مجلس الشورى قدراً من الاهتمام والأهمية يتمثل في منحه الفرصة لإبداء رأيه ثانية وبيان سبب تمسكه بالمشروع بالرغم من اختلاف مجلس الوزراء معه في الرأي. ومن جانب آخر نجد تقدم مجلس الشورى السعودي كذلك بشأن مشروعات المعاهدات والاتفاقيات الدولية، إذ أن له دورا في دراستها واتخاذ قراره بشأنها، وهو أمر لا يتمتع به مجلس الشورى المعين في دولة قطر، إذ تذهب المادة (24) من النظام الأساسي المؤقت المعين (وهي مادة سارية المفعول في الواقع العملي إلى الآن، بالرغم من مرور ست سنوات على إصدار الدستور الدائم)، تذهب هذه المادة إلى مجرد ابلاغ مجلس الشورى بشأن المعاهدات التي تبرمها الدولة، دون أن يكون له دوراً في دراستها أو مناقشتها. علاوة على ما سبق، يمنح النظام السعودي كذلك مجلس الشورى اختصاص تفسير القوانين، وهو أمر منحه المشرع في دولة قطر للمحكمة الدستورية، التي لم تر النور حتى الآن! بالرغم من فوات أكثر من سنتين على الوقت الذي حدده المشرع لممارسة عملها. لا شك أن مجلس الشورى السعودي ليس المثال الذي نطمح له نحو الديمقراطية والمشاركة الحقيقية للشعب في اتخاذ القرار وإدارة شؤون الحكم، كما أن اختصاصات مجلس الشورى المنتخب الذي نص عليها الدستور الدائم لدولة قطر بالرغم من شكليتها تفوق تلك التي ينص عليها نظام مجلس الشورى السعودي. إلا أن عدم تفعيل هذه المواد من الدستور القطري إلى الآن، وتطوير السعودية لمجلسها بمنحها المزيد من الصلاحيات، يجعلنا نتساءل عن سبب تعثر مسيرتنا نحو الديمقراطية؟ هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
989
| 29 مارس 2011
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6696
| 27 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2763
| 28 أكتوبر 2025
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2442
| 30 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1518
| 27 أكتوبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1464
| 30 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1095
| 29 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
1047
| 27 أكتوبر 2025
“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
981
| 27 أكتوبر 2025
بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على...
906
| 27 أكتوبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
729
| 30 أكتوبر 2025
من الشيق استرجاع حدث سابق تم تحليل واقعه...
678
| 28 أكتوبر 2025
ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...
678
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
- أستاذ القانون العام بجامعة قطر
halsayed@qu.edu.qa
عدد المقالات 74
عدد المشاهدات 105442
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل