رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في محاولة لإلقاء الضوء على بعض النصوص الواردة في الدستور الدائم لدولة قطر والتي قد تخل بالتوازن النسبي المطلوب بين السلطات العامة في الدولة، تناولنا في الأسبوعين الماضيين الإطار المالي والإطار السياسي والتشريعي لمسودة يمكن دراستها ومراجعتها تحقيقاً لمبدأ جوهري أكد عليه الدستور ويتمثل في أن “ الشعب مصدر السلطات” واليوم نكمل ما بدأناه في الأسبوع الماضي بشأن الإطار التشريعي وذلك ببيان هذه العناصر: أولاً: يقرر الدستور الدائم لأعضاء مجلس الشورى حق اقتراح القوانين، على خلاف ما ذهب إليه النظام الأساسي المؤقت المعدل الذي كان يقصر هذا الحق على مجلس الوزراء، فله وحده حق اقتراح القوانين. وحسناً فعل الدستور الدائم بتبنيه هذا الأمر، فسن التشريعات في الأساس من أهم اختصاصات البرلمان، ومن غير ذلك يحرم هذا الأخير من آلية المبادرة في سن القوانين. ورغم ذلك نجد المادة (105) من الدستور بعد أن أكدت هذا الحق لمجلس الشورى فرضت وصاية غريبة على الاقتراحات المقدمة من أعضاء مجلس الشورى! إذ اشترطت أحالتها إلى الحكومة لتقوم بدراستها وإعادتها ثانية للمجلس في ذات دور الانعقاد أو في الدور الذي يليه، وهذا أمر فيه من التطويل ما فيه، وتجعل آلية سن التشريع إذا جاء من طرف مجلس الشورى بطيئاً، لذا يقترح إلغاء هذا الإجراء، فالسلطة التنفيذية ينبغي أن يقتصر دورها بشأن القوانين في التصديق والإصدار والنشر في الجريدة الرسمية. ثانياً: لم يحدد الدستور القطري فترة معينة ينبغي خلالها للسلطة التنفيذية أن تصدق على القانون وأن تصدره بعد رفع مشروعه إليها من مقبل مجلس الشورى، على خلاف العديد من الدساتير التي تحدد فترة زمنية لذلك كأن يكون ثلاثين يوماً على سبيل المثال، فإذا لم يصدر اعتبر القانون حكماً قد صدق عليه وصدر. لذا يقترح إضافة العبارة المحددة لفترة زمنية معينة يصدر خلالها القانون بعد رفع مشروعه إلى الأمير، فالقول بغير ذلك يجعل مشروع القانون الذي وافق عليه الشعب من خلال ممثليه في المجلس في مهب النسيان أو التناسي. ثالثاً: تجيز المادة (106) من الدستور الدائم لسمو الأمير إيقاف العمل بالقانون الذي وافق على مشروعه مجلس الشورى بأغلبية ثلثي أعضائه بعد رده إليه في المرة الأولى. وهو أمر خطير للغاية إذ يجعل دور مجلس الشورى بشأن سن التشريعات شكلي للغاية، وغير فعال، فما قيمة القانون الذي وافق الشعب على مشروعه من خلال ممثليه في البرلمان، وأصر عليه ثانية بأغلبية كبيرة تتمثل بثلثي أعضاء المجلس، إذا كان بإمكان السلطة التنفيذية إيقافه لضرورة تقدرها هي، دون تحديد لمفهوم الضرورة، كما أن المدة التي يوقف بها العمل بالقانون غير محددة، إذ يمكن أن يوقف العمل به إلى مالا نهاية. لذا ينبغي أن يلغى هذا النص أساساً من الدستور. رابعاً: عالجت المادة (70) من الدستور القطري مشكلة عدم انعقاد مجلس الشورى وكانت هناك حاجة لإصدار قانون ما، إذ أتاحت لسمو الأمير في الأحوال الاستثنائية التي لا تحتمل التأخير ولا تحتمل الانتظار إلى حين عودة مجلس الشورى، أن يصدر مراسيم لها قوة القانون على أن تعرض هذه المراسيم بقوانين على مجلس الشورى صاحب الاختصاص الأصيل في سن التشريعات عندما ينعقد ثانية في أول اجتماع له. والمادة (70) رغم إدراكها أن مجلس الشورى هو صاحب الاختصاص الجوهري بشأن سن القوانين إلا أنها للأسف أضعفت من هذا الدور، ولنا في ذلك عدة ملاحظات: 1- لم ترتب المادة أي جزاء بشأن هذه المراسيم بقوانين إذا لم تعرض على المجلس أو تعمد عدم عرضها في أول اجتماع، بأن تعتبر كأن لم تكن مثلاً في حال عدم عرضها من قبل الحكومة. 2- اشترطت المادة أغلبية صعبة التحقيق في حالة رفض المجلس لهذه المراسيم بقوانين، وهي أغلبية ثلثي الأعضاء! فالقانون أساساً يتم المرافقة على مشروعه أو رفضه بأغلبية بسيطة هي أغلبية الأعضاء الحاضرين، فكيف يشترط الدستور بشأن المرسوم بقانون أغلبية أكبر، فكأنه بذلك أعطى المراسيم بقوانين قوة أكبر من القوانين، رغم تأكيده بأن لها ذات القوة، وكأننا وقعنا في تناقض هنا! 3- افترضت المادة أنه في حال مرور أربعين يوماً على عرض هذه المراسيم بقوانين على مجلس الشورى دون أن يبدي رأياً فيها، بأن ذلك موافقة ضمنية من طرفه، فكأن الدستور في هذا الأمر اتبع أسلوبين مختلفين لإبداء الرأي في المراسيم بقوانين، فإذا كان رأي المجلس يذهب إلى الموافقة على ما شرّعته السلطة التنفيذية في فترة غيابه فيكتفي بمجرد الصمت، أي حتى الأغلبية البسيطة وهي أغلبية الأعضاء الحاضرين لا تمارس هنا، من أجل إبقاء هذا التشريع، بينما إذا ذهب رأيه إلى رفض المرسوم بقانون أو طلب تعديله فإن الأغلبية تختلف وتصبح أكثر شدة وهي أغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. خامساً: جعلت المادة (104) من الدستور اختصاص سن التشريعات في فترة حل مجلس الشورى لسمو الأمير بمعاونة مجلس الوزراء، وفترة حل البرلمان وفقاً لهذه المادة قد تطول لتصل إلى ستة أشهر وربما أطول. هذا الأمر يحتاج إلى إعادة النظر فيه، ذلك أن حل البرلمان يعد في الواقع من ضمن فترات عدم انعقاد المجلس الذي يفترض أن تسري بشأنه الأحكام الخاصة بالمراسيم بقوانين، أي يفترض أن تعرض هذه التشريعات كذلك على مجلس الشورى في أول اجتماع له بعد أن يشكل من جديد ثانية، ليقول رأيه فيها، ولكن المادة (104) للأسف أخرجت حالة حل المجلس من نطاق تلك الأحكام، وجعلت الاختصاص بأكمله للسلطة التنفيذية. وفي الختام، ينبغي التأكيد بأن السلطة التي تملك سن القانون هي السلطة الأقوى، وأن الدستور القطري حاول أن يوزع اختصاص سن التشريع بين مجلس الشورى والسلطة التنفيذية، إلا أن الدارس لتلك المواد الدستورية يرى بوضوح رجحان كفة السلطة التنفيذية في ذلك مما يعد إخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات الذي يعتبر تحقيق التوازن النسبي بينها من أهم أركانه. ونضيف بأن عدم وجود برلمان منتخب إلى الآن، وعدم تفعيل المحكمة الدستورية تجعل اختصاص سن التشريع بأكمله، نظرياً وعملياً، للسلطة التنفيذية، أي تجعلها تنفرد بالقوة جميعها. halsayed@qu.edu.qa
925
| 22 مارس 2011
في الأسبوع الماضي تطرقنا إلى بعض العناصر التي قد تساهم في المحافظة على المال العام من الهدر أو السرقة أو الضياع، وهي عناصر لم يتعرض لها الدستور القطري الحالي رغم أهميتها في فرض الحماية للمال العام، وفي التأكيد على أن المال "مال الدولة" وليس مال الحاكم أو الحكومة، لذا فإن الصرف والمنح والهبة والعطاء لا يكون إلا "بقانون" و"وفقاً للقانون" الذي هو في أساسه أداة تشريعية يشترك مجلس الشورى في صنعه، وتتوافر فيه الشفافية حيث يناقش تحت قبته، ثم ينشر في الجريدة الرسمية فيعرف الجميع ما هي مخصصات الوزير وما هي مرتبات "الخفير"، وأين تستثمر أموال الدولة أو مع من، ولماذا!، ويُراقب الصرف والإنفاق، ويشترك الشعب في الموافقة على المعاهدات التي تتعلق بأراض الدولة أو التجارة أو التي تُحمل الدولة نفقات لم ترد في الموازنة العامة. ويثق الجميع بأن أملاك الدولة لا يتم التلاعب بها، وأن الأراضي ذات المواقع الإستراتيجية كمنطقة الأبراج، أو على الشواطئ الآخذة أو بين الرياض والواحات أو بعيداً كشقق في العواصم المستقبلة للاستثمارات، لا تذهب كعطايا أو هبات للأقربين أو المقربين. واليوم أرى بأن الإطار المالي ذو العناصر العشرة الذي ذكرناه سابقاً لا يحقق أهدافه إلا إذا أحيط بإطارين مكملين له، أحدهما سياسي والآخر تشريعي، وهذان الإطاران يتمثلان في عناصر أرى كذلك بأنها تحتاج إلى مراجعة، لذلك أطلقت عليها (المسودة)، آخذاً بعين الاعتبار أيضاً بأن الدستور القطري لا يمكن اقتراح تعديل مواده إلا بعد مضي عشر سنوات من تاريخ العمل به. وتتمثل هذه العناصر فيما يلي: أولاً: يقرر الدستور الحالي أغلبية صعبة التحقيق في الواقع العملي لاتخاذ بعض القرارات المهمة من قبل مجلس الشورى كقرار سحب الثقة من الوزير، أو قرار فرض مشروع القانون في حال رفض التصديق عليه!، وهذه الصعوبة تنجم بسبب طريقة تشكيل مجلس الشورى حيث تنص المادة (77) من الدستور الحالي بأن عدد أعضاء مجلس الشورى هو 45 عضواً، يتم اختيار ثلاثين منهم عن طريق الشعب في انتخابات عامة ومباشرة وسرية، أما الخمسة عشر الآخرين فيعينهم الأمير، وهو من يملك إعفاءهم كذلك. فعندما يشترط الدستور لاتخاذ مثل تلك القرارات موافقة ثلثي أعضاء المجلس، فإنه من الصعوبة أن لم يكن من الاستحالة الوصول إلى هذه الأغلبية بسبب إغراق المجلس بالأعضاء المعينين، فخمسة عشر عضواً معيناً في مجلس يتآلف من خمسة وأربعين أمر غير مقبول إذا أردنا تفعيل دوره، واشتراط تلك الأغلبية يجعل دور المجلس شكلي لصعوبة تمكنه من فرض أي قرار لا ينسجم مع إرادة الحكومة، فالثلث المعين مرتبط أدبياً بمن له الفضل في تعينه ومن يملك إعفاءه وتسريحه، لذا يتضامن معه إما تأدباً أو طمعاً في الاستمرار في "برستيج العضوية"، لذا أرى بأن تعدل هذه المادة اما بتقرير أغلبية أبسط كأن تتخذ القرارات بأغلبية أعضاء المجلس، أي (51 %) عوضاً عن الثلثين، أو بزيادة عدد المنتخبين، وتقليص عدد المعينين. ثانياً: أن يعاد النظر في تبعية بعض المؤسسات والهيئات العامة، التي وفقاً لوضعها الحالي ستكون بعيدة عن الرقابة السياسية لكون الدستور لا يقرر لمجلس الشورى إلا مساءلة الوزراء دون غيرهم، لذا يفترض أن تلحق المؤسسات والهيئات العامة بوزراء يمكن مساءلتهم سياسياً عن أعمال هذه الجهات. ومن جانب آخر، لا يجوز إلحاق أي مؤسسة أو جهة بسمو الأمير مباشرة، عدا تلك التي تعينه بالرأي، لأن ذاته مصونة لا تمس، ولأن تبعية هذه الجهات بسموه يجعلها محصنة عن الرقابة السياسية. وهذا الأمر يفترض أن يسري كذلك على سمو ولي العهد، لكونه أمير المستقبل، ولكونه ينوب عن الأمير في فترة غيابه. وأن يعاد النظر كذلك في قانون المؤسسات الخاصة ذات النفع العام، بحيث تدرج المؤسسات التي نشأت وفقاً لقواعده، تحت رقابة وزير الشؤون الاجتماعية، ويسأل هذا الأخير سياسياً عنها أمام مجلس الشورى. ثالثاً: إعادة النظر في المادة (118) من الدستور لكونه يجيز لرئيس مجلس الوزراء علاوة على القيام بمهام منصبه تقلد مهام إحدى الوزارات الأخرى، أي أن يكون رئيساً للمجلس ووزير في ذات الوقت. فهذا الأمر يحتمل اتجاهين، كلاهما غير مقبول دستورياً، أما القول بإمكانية استجواب رئيس مجلس الوزراء كوزير وعدم إمكانية استجوابه كرئيس مجلس الوزراء، وهو أمر فيه من التناقض ما فيه، إذ يجعل الشخص يستمر في عمله كرئيس لمجلس الوزراء، رغم عدم استمراره كوزير في حال سحب الثقة منه، فمن لم يمنح الثقة للأدنى، لا يصلح لمنح الثقة للأعلى!، أو القول بعدم إمكانية توجيه الاستجواب له كرئيس مجلس الوزراء وكوزير أيضاً وهنا تصبح الوزارة التي يتقلد مهامها محصنة من الرقابة السياسية. رابعاً: إعادة النظر في المادة (81) من الدستور الدائم التي تجيز التمديد للفصل التشريعي في "حالة الضرورة" لمدة قد تصل إلى فصل تشريعي، أي أربع سنوات أخرى، بتعبير آخر تتيح هذه المادة عندما تقرر الحكومة أن هناك حالة ضرورة إبقاء نفس أعضاء مجلس الشورى رغم انتهاء الفصل التشريعي وحلول موعد انتخابات المجلس الجديد. وتتمثل خطورة هذا الأمر في جانبين، أولهما هو إمكانية استغلال هذا الأمر لإبقاء أعضاء المجلس أطول وقت ممكن عندما يكون هؤلاء أكثر قرباً للحكومة أو لسياستها أو موالين لها، والجانب الآخر في كونه يصادر حق المواطنين في إعادة النظر في ممثليهم في المجلس وانتخاب غيرهم. ويمكن معالجة هذا الأمر بتحديد حالات معينة واضحة للتمديد للفصل التشريعي وعدم تركها لمصطلحات، مثل "المصلحة العامة" أو "الضرورة" ومن جانب آخر ألا يتجاوز التمديد في أي حال من الأحوال سنة واحدة، وليست أربع سنوات كما يقرره الدستور الحالي. وللحديث بقية إن شاء الله، في عرض عناصر الإطارين السياسي والتشريعي. halsayed@qu.edu.qa
821
| 15 مارس 2011
تنص المادة (55) من الدستور الدائم لدولة قطر على أن "للأموال العامة حرمة، وحمايتها واجبة على الجميع، وفقاً للقانون". وبالاطلاع على مواد الدستور ذات العلاقة ومقارنتها بغيرها من الدساتير، نجد أن بعض هذه المواد بحاجة إلى إعادة نظر، وأن هناك بعض الثغرات يمكن أن تسد حتى تتحقق الحماية للمال العام. ويمكن رسم إطار عام يشتمل على عشرة عناصر تحقق المراد، ولكن قد تحتاج إلى مراجعة، لذلك أطلقت عليها (المسودة)، أخذاً بعين الاعتبار بأن الدستور القطري لا يمكن اقتراح تعديل مواده إلا بعد مضي عشر سنوات من تاريخ العمل به. وتتمثل هذه العناصر فيما يلي: أولاً: عدم اقتصار دور مجلس الشورى على إقرار الموازنة العامة كما جاء في المادة (107) من الدستور الدائم، بل يمتد اختصاصه ليشمل كذلك إقرار الموازنات المستقلة والملحقة، والتي يجب أن تنظم ابتداء بقانون. كما يجب التأكيد على أن أية مصروفات غير واردة في الموازنة العامة أو زائدة على التقديرات الواردة فيها يجب أن تقر من قبل مجلس الشورى، علاوة على إقرار هذا الأخير لأي نقل من باب إلى آخر من أبواب الموازنة. ثانياً: يجب أن يضاف إلى اختصاصات مجلس الشورى إقرار الحساب الختامي لإدارة مالية الدولة، يقدم له من قبل الحكومة خلال أربعة أشهر من انتهاء السنة المالية. ثالثاً: يجب أن تقدم الحكومة إلى مجلس الشورى بياناً عن الحالة المالية للدولة مرة على الأقل في كل دورة انعقاد له. رابعاً: كل التزام باستثمار مورد من موارد الثروات الطبيعية أو مرفق من المرافق العامة لا يكون إلا بقانون، ولفترة معينة. خامساً: يجب أن يضاف إلى المعاهدات التي تصدر بقانون ويكون لمجلس الشورى دور في مناقشتها وإقرارها وتنشر في الجريدة الرسمية، علاوة على ما ورد في المادة (68): المعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة والثروات الطبيعية، والتجارة والملاحة، والتي تحمّل الدولة نفقات غير واردة في الموازنة العامة. سادساً: إعادة النظر في اختصاصات ديوان المحاسبة بحيث تكون أكثر شمولية، وإعادة النظر كذلك في تبعيته بحيث يلحق بمجلس الشورى ويقدم له تقارير عن أعماله وملاحظاته. سابعاً: يجب أن تحدد مخصصات سمو الأمير بقانون، كما يجب أن يفعل نص المادة (124) من الدستور بشأن مخصصات الوزراء، حيث أكدت المادة بأن تحديدها يكون بقانون، ولكن ما يحصل في الواقع العملي الآن هو صدورها بقرار أميري، لا ينشر فعلياً في الجريدة الرسمية. ثامناً: عدم تقديم أية إعانات مالية أو عينية أو أراض لأية جهة من الجهات أو مؤسسة من المؤسسات داخلياً أو خارجياً إلا بقانون. تاسعاً: تقنين وتنظيم المنح والهبات والمساعدات التي تقدم للمواطنين بما يحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. عاشراً: عدم تقديم أية أراض كمنح أو هبات شخصية إلا وفقاً للقانون. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
651
| 08 مارس 2011
مضى أكثر من سنتين ونصف على صدور قانون إنشاء المحكمة الدستورية رقم (12) لسنة 2008، وتعيين رئيس لها، دون أن يبدأ العمل بالقانون أو أن تشكل المحكمة فعلياً، أو تمارس صلاحيتها في النظر في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح. نعرف أن هناك وزراء بلا وزارة أو وزراء دولة، ولكن أن يكون هناك رئيس محكمة بلا محكمة فهذا أمر جديد ومستغرب.! لا أعرف سبب تأخر تفعيل هذه المحكمة، ولكنه بلا شك ليس ما كشفت عنه وكالة الأنباء القطرية مؤخراً بشأن تأخر الدعوة إلى انتخابات مجلس الشورى، والمتمثل في عدم اكتمال التشريعات، فقانون المحكمة الدستورية العليا موجود وصادر ومكتمل منذ زمن، بل لدينا في تاريخ دولة قطر قانونين صدرا في زمن قريب وغير متباعد لتفعيل الرقابة الدستورية! هما قانون رقم (6) لسنة 2007 بشأن الفصل بالمنازعات الدستورية، والذي ألغي في يوم وليلة، قبل أن تفعل مواده ويحل محله القانون الحالي والذي بقيت مواده كذلك حبيسة الأوراق التي كتبت عليها ولم تر النور. إذن عدم اكتمال التشريعات المتعلقة بالمحكمة الدستورية العليا ليس السبب وراء التأخر في ممارستها لاختصاصاتها. وقبل أن أبين مجتهداً تصوري عن السبب الحقيقي وراء غيبة المحكمة، أتمنى من الله ألا تتعادى هذه الأخيرة من مجلس الشورى المنتخب الذي وعِدنا به منذ النظام الأساس المؤقت في 1970 أي قبل أكثر من أربعين عاماً، فلا نرى المحكمة، مثلما لم نر المجلس المنتخب، رغم تأكيدات المسؤولين بأنه آت، آت لا محالة.! وعن تصوري بشأن سبب تأخر تفعيل المحكمة الدستورية، أرى بأن الدولة عندما تمارس اختصاصاتها لابد أن يكون ذلك ضمن غطاء قانوني والذي يتمثل علاوة على الدستور في القوانين. وفيما عدا اللوائح التي تنفرد بها السلطة التنفيذية والتي يجب أن تتقيد بأحكام كل من الدستور والقانون دون أن تخرج عنها أو تخالفها، فإن القوانين أدوات ينبغي أن تشترك كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية في وضعها وفقاً للدستور الدائم. فالقانون أداة تشريعية يحق لأعضاء مجلس الشورى اقتراح فكرته، ثم مناقشة مشروعه والتصويت عليه قبل رفعه للأمير للتصديق عليه وإصداره. كما أن الاتفاقيات التي تبرمها الدولة والتي تتعلق بالصلح أو بإقليم الدولة أو بحقوق السيادة، أو بحقوق المواطنين العامة أو الخاصة أو تتضمن تعديلاً لقوانين الدولة، لا بد أن تعرض على مجلس الشورى لكي تصدر بقانون. ومشاركة مجلس الشورى في وضع القوانين أو اعتماد الاتفاقيات المذكورة نص عليها الدستور الدائم، الذي لن تفعل مواده بشأن مجلس الشورى المنتخب! لذا فإن ما يحدث الآن في عدم الدعوة للمجلس المنتخب يخدم انفراد السلطة التنفيذية في وضع هذه الأدوات التشريعية دون مشاركة حقيقية وفعلية من مجلس الشورى. ولكن هل يكفي السلطة التنفيذية مجرد تأخير الدعوة للمجلس المنتخب كي تنفرد في وضع هذه الأدوات التشريعية، أو اعتماد تلك الاتفاقيات؟، الإجابة حتماً لا!، فهناك مشكلة أخرى تتمثل أولاً في رقابة المحكمة الدستورية لهذه الأدوات، فنصوص ومواد هذه الأخيرة يجب أن تنسجم وتخضع لأحكام الدستور، وإلا سوف توصم بعدم الدستورية وتبطل عندما ترى المحكمة ذلك. علاوة على أن الاتفاقيات التي تبرمها الدولة والتي إما أن تصدر بقانون أو بمرسوم له قوة القانون لا تخرج عن رقابة المحكمة الدستورية العليا إن خالفت نصاً من الدستور، ولما كانت المحكمة هي من تختص بذلك، فإن تعطيلها سوف يخدم كذلك انفراد السلطة التنفيذية في وضع ما تشاء من أدوات تشريعية أو اعتماد ما تشاء من اتفاقيات دون رقابة من أية سلطة أخرى. هذا مجرد تصور، ولاشك بأننا نحسن الظن في السلطة التنفيذية، ولكن تكرار التمديد لمجلس الشورى المعين دون ذكر الأسباب الحقيقية المقنعة للمواطنين صراحة في مراسيم التمديد، وغياب الشفافية في ذكر الأسباب الحقيقة من غيبة المحكمة الدستورية العليا، تؤدي إلى هذه النتيجة، وهي باختصار أن الحكومة تريد الانفراد في اتخاذ القرار، ولا ترغب بوجود حقيقي للسلطة التشريعية المتمثلة في المجلس المنتخب، أو في رقابة السلطة القضائية المتمثلة في المحكمة الدستورية العليا، وكأننا "توهقنا" بالدستور بعد أن وضعناه. والسؤال الذي يمكن أن يطرح أخيراً، هل يمكن أن تبنى دولة المؤسسات، في غيبة مجلس تشريعي منتخب، ومحكمة دستورية؟ هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
567
| 01 مارس 2011
المؤسسات الخاصة ذات النفع العام؛ وهي تلك التي يؤسسها شخص أو أكثر من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين لتحقيق النفع العام دون أن يكون هدفها تحقيق الربح المادي، كانت قبل عام 2006 تخضع لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم (8) لسنة 1998، والذي ألغى وحل محله قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم (12) لسنة 2004. وكانت مالية هذه المؤسسات تخضع للمواد الواردة في الفصل الثاني من هذا القانون، ومن أهمها المادة (40) التي تؤكد على أن "تعتمد المؤسسة الخاصة في ممارسة نشاطها على التمويل الذاتي، ولا يجوز منحها إعانات حكومية.."، كما كانت هذه المؤسسات تخضع في أعمالها لإشراف وزارة الخدمة المدنية ورقابتها، التي كانت تملك عزل المديرين إذا ثبت استعمالهم أموال المؤسسة فيما لا يتفق مع أغراضها، وكان بإمكان الوزارة كذلك الاطلاع على دفاتر المؤسسة وسجلاتها ووثائقها، ومطالبتها بتقديم أية مستندات أو معلومات أو بيانات. بل كان القانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة كل من باشر نشاطاً يخالف الغرض الذي أنشئت المؤسسة من أجله، أو أنفق أموالها فيما لا يحقق هذا الغرض أو دخل بأموالها في مضاربات. وبإمعان النظر في تلك المواد يتضح هدف المشرع في تلك الفترة ورغبته في وضع القواعد والضوابط القانونية لكل من يرغب من الوجهاء أو الأعيان أو غيرهم في رد الجميل لهذا الوطن الغالي من خلال إنشاء مؤسسة خاصة "أي تمول من أموالهم الخاصة"، وهدفها تحقيق نفع عام، أي يعود خيرها على أفراد المجتمع وعلى الوطن. لذا نرى المشرع يذهب إلى حد التأكيد على "عدم منحها إعانات" من أموال الدولة ويؤكد على أن المؤسس مسؤول وحده عن ما يستلزمه نشأتها من نفقات. كما يذهب إلى حد المعاقبة الجنائية لكل من أهدر أموال المؤسسة بانفاقه إياها فيما لا يحقق غرض إنشائها. فعلى الرغم من كون هذه الأموال أموالا خاصة، إلا أن المشرع أدرك أهمية فرض حمايته عليها، لكونها بعد تأسيس المؤسسة أصبحت مخصصة للنفع العام. ولكن ماذا حصل في عام 2006؟ في هذا العام صدر مرسوم بقانون بشأن المؤسسات الخاصة ذات النفع العام رقم (21) لسنة 2006، والذي أخرج هذا النوع من المؤسسات من نطاق قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة. تاركاً هذا الأخير ليعيق فقط "كل من لا ظهر له" كالجمعيات المهنية أو الاجتماعية أو الثقافية، بقواعده القاسية غير الدستورية، ابتداء من شروط وإجراءات الحصول على الترخيص والتسجيل والشهر، مروراً بالرسوم السنوية الباهضة وانتهاء بقواعد الأشراف والمراقبة والمعاقبة، ليكتب لها الفشل منذ البداية، على الرغم من أن تكوين هذه الجمعيات هو من يفترض أن تُبسط القواعد القانونية ليفعل ممارسته كحق كفله الدستور!. أما في الجانب الآخر فنجد المؤسسات الخاصة ذات النفع العام قد خرجت من نطاق ذلك القانون وأصبحت تنظم بقواعد جديدة معاكسة تماماً لتلك التي تخضع لها الجمعيات المهنية أو غيرها أو تلك التي كانت هي ذاتها تخضع لها قبل عام 2006! فإنشاؤها أصبح لا يستدعي سوى التسجيل في الجهة المختصة بتوثيق المحررات بوزارة العدل، وخلافاً لما مضى يمكن منحها إعانات مالية ضخمة أو فلكية ومزايا عينية وأراضي شاسعة وواسعة، علاوة على إعفاءات من الضرائب والرسوم، ولها أن تبرم ما تشاء من عقود واتفاقيات وأن تنشئ ما تشاء من فروع، بل أصبح القانون لا يخضعها للمحاسبة أو المراقبة أو يبسط عليها الحماية لمنع كل من تسول له نفسه هدر مالها المخصص للنفع العام أو الإسراف فيه. كما أن بعضها أصبح يفسر غرض نشأتها بالمفهوم الواسع بحيث يشمل كل ما يرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بغرض نشأتها، حتى يتبادر إلى الذهن أنها دولة في دولة. وفي عام 2007 خطى المشرع بهذا القانون منحى أسوأ للأسف الشديد عندما أفرغه من معناه فأجاز أن تنشأ هذه المؤسسات بما يخالف أحكامها المنصوص عليها في القانون، أي عدم الالتزام حتى بتلك القواعد المعيبة التي لا تساهم في حماية المال العام. والسؤال الذي يثار هو: لمصلحة من يتهافت القانون من مستواه الذي كان يساهم حتى ولو بشكل متواضع في الرقابة وتفعيل مفهوم المؤسساتية إلى التخلص منها والتوجه نحو الانفرادية في اتخاذ القرارات وفي الصرف والتعاقد. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
1773
| 22 فبراير 2011
قد ينتهي العمل بالدستور في أي بلد من بلاد العالم بطريقة عادية طبيعية، وقد يكون إنهاؤه بطريقة استثنائية. فالأولى تتم عندما ترى الأمة بأن الدستور القائم يقف عائقاً أمام تطورها، وأن التعديل الجزئي لبعض مواده لا يخدم رؤيتها، لذا تضع دستوراً جديداً من خلال تشكيل لجنة أو جمعية منتخبة تعده فيصبح نافذا مباشرة، أو تعد مشروعه ولا يصبح نافذاً إلا بعد عرضه على الشعب في استفتاء، فإن رضا الأغلبية به ينتهي العمل بالدستور السابق. وقد يكون انتهاء العمل بالدستور بطريقة غير عادية، تتمثل بالانقلاب أو الثورة. ويميز بعض الفقهاء بين الانقلاب والثورة في أن مصدر هذه الأخيرة هو الشعب، في حين يصدر الانقلاب من شخص كقائد الجيش أو أحد أفراد الأسرة الحاكمة مثلاً، أو من فئة معينة تدعم هذا أو ذاك مثلاً. ويميز آخرون بينهما كذلك من خلال النظر إلى أهداف كل منهما، فإن كانت مجرد إحلال حكومة أو شخص محل آخر، أي مجرد الاستئثار بالسلطة، فنكون أمام انقلاب، أما إذا كان الهدف اشمل وأوسع بحيث يقيم نظاماً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً مغايراً للنظام السابق فنكون أمام ثورة. هذا وقد أثار نجاح الثورة الشبابية المباركة في مصر تساؤلاً لدى البعض يتمثل في مدى سقوط الدستور بسقوط النظام السابق. بتعبير آخر، هل نجاح الثورة في بلد ما يؤدي إلى سقوط الدستور مباشرة؟ أم أن الأمر يقتضي إعلاناً صريحاً بإنهاء العمل به من قبل من تقلد زمام الأمر في تلك البلد؟ هذا التساؤل في الحقيقة ليس جديداً بل قد ناقشه بعض أساتذة القانون الدستوري في مؤلفاتهم، حيث ذهب البعض إلى سقوط الدستور فور نجاح الثورة وأنه حتى لو أعلن قادة الثورة بعد ذلك صراحة سقوطه فإن إعلانهم لم يأت ليخلق وضعاً قانونياً جديداً بل جاء ليكشف واقعة سبق أن حدثت. بينما يذهب آخرون وهذا ما نفضله إلى أن نجاح الثورة لا يؤدي مباشرة إلى سقوط الدستور، وإن إنهاء العمل بهذا الأخير يحتاج في حقيقة الأمر إلى إعلان صريح بذلك ممن تولى الأمر في البلاد بعد نجاح الثورة. فقد يرى بأن الدستور جيد وديمقراطي ولا يتعارض مع أفكار الثورة، وأنه يؤكد على الحقوق والحريات العامة ويكفلها، ويضمن تداول السلطة، إلا أن نصوصه لم تكن تلامس الواقع في عهد النظام البائد الذي تعمد حبسها في أطار الأوراق التي كتبت عليها، فمجيء الثورة إذن كان ليصحح الواقع ويفعل مبادئ وأحكام الدستور فترى النور وتمارس الحريات. كما قد يرى رجال الثورة بأن الأمر لا يستدعي إلغاء الدستور كلياً بل مجرد إجراء تعديلات محدودة لبعض مواده، فلا يعدل إلا ما يخالف الأهداف التي قامت الثورة من أجلها، أو للتأكيد على بعض الضمانات أو توضيحها بدقة أكثر. ومن الفائدة التأكيد أخيراً، بأن إنهاء العمل بالدستور إثر قيام الثورة لا يؤدي إلى إنهاء العمل بالقوانين العادية كالقانون المدني أو الجنائي أو التجاري أو قانون الأسرة، بل تبقى هذه سارية المفعول، فالدولة لا يمكن أن تعيش في فراغ قانوني، كما أن مضمون هذه القوانين لا يتعلق مباشرة بموضوعات دستورية. ومع ذلك فقد يتم تعديل بعض نصوص هذه القوانين إن كانت أفكار الثورة تتعارض معها. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
7088
| 15 فبراير 2011
أكد رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق في أكثر من مقابلة له؛ في معرض إبرازه للخطوات الجادة “وفقاً لوجهة نظره” التي يتخذها النظام في مجال الإصلاح السياسي، بعد زلزال الغضب الشعبي الذي هدد ولا يزال يهدد بإسقاط النظام؛ ورداً منه على من يقلل من أهمية التغيير الوزاري الذي جاء جزئياً لاحتواء الحكومة على وزراء سابقين؛ “بأن الحكومة الجديدة التي يترأسها لا تغلب على أعضائها سمة رجال الأعمال كما كان حال الحكومة المستقيلة، وأن الوزير الوحيد الذي يجمع بين هاتين الصفتين، أي (وزير ورجل أعمال) موجود بشكل استثنائي”، مبيناً أن “الوزارة تحتاج إليه في الوقت الراهن وبعد ذلك سيدرس أمر استبعاده”. تأكيدات أحمد شفيق رئيس الحكومة المصرية الجديد على عدم ضم حكومته إلا على وزير واحد تبين مدى أهمية إبعاد رجال الأعمال، عن العمل الحكومي، في عملية الإصلاح السياسي، وتعد بلا ريب اعترافاً ضمنياً بفساد أولئك الوزراء التجار في حكومة سلفه المستقيلة. وبغض النظر عما قيل في تبرير ممارسة الوزراء للتجارة، ومنها: الرغبة في عدم حرمان الأداء الحكومي من قيادات أكسبها العمل في القطاع الخاص رؤية أوسع وإدراك أشمل وفاعلية مرنة يمكنها التمرد على الجمود البيروقراطي ويمكنها إنجاح خطط الدولة التنموية، فإن هذه المزايا ستصطدم بلا ريب بالطبيعة البشرية التي أدركها المنطق السليم منذ القِدم، مما جعل المشرع في أغلب الدول يقرر حظر الجمع بين المسؤولية العامة وممارسة التجارة، حفاظاً على المال العام، وتجنباً لشبهة استغلال النفوذ التي تشدخ الثقة العامة بالنظام وتنتهك مبدأ المساواة. وفي دولة قطر نجد أن النظام الأساسي المؤقت المعدل “الدستور السابق” كان يدرك أهمية ذلك فأكد عليه في صلبه حيث نصت المادة (38) منه، على أنه “لا يجوز للوزراء أثناء توليهم مناصبهم، أن يزاولوا أي عمل مهني أو تجاري أو أن يدخلوا في معاملة تجارية مع الدولة. ويجب أن يستهدف سلوكهم جميعاً إعلاء كلمة الصالح العام وإنكار المصالح الذاتية إنكاراً كلياً. ويمتنع عليهم أن يستغلوا مراكزهم الرسمية بأي صورة كانت لفائدتهم أو لفائدة من تصلهم به علاقة خاصة..”.. ولكن للأسف هذا الأمر لم يدركه المشرع العادي الذي أجاز في المادة (11) من قانون رقم (21) لسنة 2004 بشأن الوزراء إمكانية ممارسة الوزير للنشاط التجاري إذا كان غير متعارض مع طبيعة العمل الذي يقوم به! ولا أفهم متى يمكن تكون طبيعة عمل الوزير غير متعارضة مع النشاط التجاري التي تبرر ممارسته لها، ومدى حقيقة اقتصار شبهة استغلال النفوذ على هذه الحالة فقط دون غيرها! وبمقارنة ما جاء في النظام الأساسي المؤقت المعدل بالدستور الدائم، نجد هذا الأخير قد أهمل ما كان مقرراً، مكتفياً بالنص فقط على “أن يستهدف الوزراء في سلوكهم مصالح الوطن وألا يستغلوا مناصبهم الرسمية بأي صورة كانت لفائدتهم أو لفائدة من تصله بهم علاقة خاصة”. ولا أدعو هنا إلى إصدار قانون “من أين لك هذا”، ذلك أن النصوص التشريعية سوف تبقى مجرد نصوص صماء لا فائدة منها إذا لم تتوافر لها آليات وأدوات التنفيذ في الواقع العملي. وأرى أنه من أهم هذه الآليات: هو وجود برلمان حقيقي منتخب يمارس دوره الرقابي ويتصدى لأي شبهة استغلال للنفوذ أو تعارض للمصالح، وأن يمنح ديوان المحاسبة استقلالاً مالياً وإدارياً عن الجسم الحكومي وأن تمتد اختصاصاته لتشمل كل قطاع أو مؤسسة تمول من المال العام دون استثناء، وأن يعاد النظر في قانون الجمعيات بحيث تصيب كبد حقيقة منظمات المجتمع المدني، ناهيك عن أحياء جسد الإعلام والصحافة بنفخ الحرية فيه. halsayed@qu.edu.qa
646
| 08 فبراير 2011
لا يكاد يخلو يوم من أيام شهر يناير الذي انصرم بالأمس من مظاهرة في الوطن العربي، ولدت شرارتها بإيقاد "بوعزيزي" النار في نفسه لتحرِق المستبدين وينتفض الشعب، ويسقط النظام، وتولد الحرية والعدالة، وتنبعث رائحة الياسمين. هذه النار انتشرت في الهشيم لتهدد كل نظام ظالم. فشهدت أغلب دول العالم مظاهرات ومسيرات وتجمعات، بعضها مطالبة بالتغيير والإصلاح، وبعضها محتجة على رفع أسعار السلع الأساسية، أو رداءة البنى التحتية، أو الفساد، وبعضها مؤيدة ومباركة لرغبة الشعب التونسي وانتصاره ومتمنية أن يعتبر النظام لديها، ويفهم الطغاةُ الشعوبَ قبل أن يفوت الأوان، وبعضها مؤيد لانتفاضة الشباب المصري. ويمكننا أن نكتفي هنا بضرب أمثلة لمظاهرات شهدها فقط الأسبوع الأخير من شهر يناير: ففي 25 يناير اندفعت مظاهرات الغضب في مصر وهي مستمرة إلى اليوم، وفي 27 يناير تجددت مظاهرات اليمن مطالبة برحيل صالح ونظامه ورفض التوريث، وفي 28 يناير شهدت الأردن مظاهرات في مدن متفرقة احتجاجاً على غلاء المعيشة، كما شهدت جدة مظاهرة في ذات اليوم، وفي 29 يناير تظاهر آلاف الجزائريين مطالبين بتغير جذري، وفي 30 يناير عرفت السودان مظاهرات طلابية منددة بالحكومة ومطالبة باستقالتها. وقد دفعتني هذه الأحداث إلى مراجعة القانون القطري رقم (18) لسنة 2004 بشأن الاجتماعات العامة والمسيرات، والذي يفترض ألا تخرج أحكامه وقواعده عن كفالة الدستور لحق التجمع، حيث نصت المادة (44) من الدستور الدائم لدولة قطر على أن "حق المواطنين في التجمع مكفول وفقاً لأحكام القانون". وقد عرّف القانون القطري المسيرة بأنها "كل موكب يسير أو تجمع يقام، في الطرق والميادين العامة، ويشارك أو يتوقع أن يشارك فيه أكثر من عشرين شخصاً، سواء كان صامتاً أو مصحوباً بهتاف أو صياح". وقد اشترط القانون لتسيير المسيرة أو تنظيمها أو الدعوة إليها أو الإعلان عنها أو إذاعة أنباء بشأنها أن يتم ذلك بعد الحصول على ترخيص من مدير عام الأمن العام، بناء على طلب كتابي يقدم إليه موقعاً من عدد لا يقل عن ثلاثة ممن لهم علاقة بالمسيرة، موضحاً الزمان والمكان وخط السير. على أن يقدم هذا الطلب قبل الموعد المحدد للمسيرة بسبعة أيام على الأقل، ويعتبر الطلب مرفوضاً إذا لم يرد عليه قبل الموعد المحدد بثلاثة أيام. ووضع القانون بعض القواعد المتعلقة بالمسيرة إذ لا يجوز أن تبدأ قبل الثامنة صباحاً، ولا يجوز أن تستمر بعد غروب الشمس إلا بإذن من وزير الداخلية أو ممن ينوب عنه. كما لا يجوز أن يحمل أي شخص يشارك في المسيرة سلاحاً حتى وإن كان مرخصاً، ويجب ألا يسيء التجمع إلى سمعة الدولة أو الدول الأخرى. كما يجوز للشرطة أن تعدل من خط سير المسيرة أو مكان التجمع إذا تبين لها أن من شأنه الإخلال بالأمن والنظام العام أو تعطيل حركة المرور. ثم يسرد القانون سلسلة من المواد التي تعاقب بالحبس والغرامة تحل بمن يخالف القواعد والشروط المنظمة لهذا الحق. ولنا على هذه القواعد والشروط التي وردت في القانون بعض الملاحظات، أولاً: أن المشرع عندما ينظم التجمع يجب ألا يغيب عن مفهومه أنه حق للمواطنين قبل كل شيء، وأن الدستور كفله، وأن التنظيم لا يعني بأي حال من الأحوال تفريغ الحق من معناه، ويجب أن يقتصر دور القانون على تحقيق التوازن بين أمرين: إتاحة ممارسة هذا الحق للمواطنين من جانب، وتحقيق مصلحة المجتمع لا النظام من جانب آخر، ومصلحة المجتمع تتمثل، في عدم الاعتداء على الممتلكات الخاصة أو العامة أو ثوابت المجتمع أو حقوق الآخرين أو إثارة الشغب أو العنف أو الفوضى. إذن طالما ستسير المظاهرة في إطارها السلمي دون أن تتجاوز غرضها، فلا يحق للحكومة أن ترفض إقامتها أو تمنع استمرارها. ثانياً: بما أن التجمع حق كفله الدستور، فلا أرى مناسباً أن يكون بناء على ترخيص أو طلب إذن لإقامته، وإنما ينبغي أن يقتصر الأمر على "إخطار" أو "إبلاغ" الجهة المختصة بموعد اقامته ومكانه وخط سيره. ويمكن حصول المنظمين للمسيرة على إيصال من الجهة المعنية للتدليل أو الإثبات بأنهم قاموا بإخطارها. ثالثاً: ان الفترة الزمنية التي اشترطها القانون القطري لطلب الترخيص للمسيرة وهي سبعة أيام على الأقل قبل الموعد المحدد لإقامتها فيها تطويل قد يفوت على المواطنين الهدف من ممارسة حقهم، لا سيما وأن ممارسة هذا الحق هو وليد الظروف أو الأحداث المسببة له، لذا أرى تقليص فترة إبلاغ السلطة أو إخطارها، ليكون من الجائز القيام بالإخطار في فترة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة عن موعد إقامة التجمع أو المسيرة، وهي فترة كافية لتهيئ السلطة نفسها حمايةً وتنظيماً وليس إخماداً وكبتاً. رابعاً: إن افتراض المشرع عدم رد الجهة المعنية على طلب الترخيص قبل ثلاثة أيام من موعد إقامة المسيرة رفضاً ضمنياً، لا ينسجم مع كون التجمع والمسيرة حقا، إذ ينبغي تعديل هذه المادة لكي تعني "العكس"، بمعنى إذا لم ترد الجهة المختصة فإن ذلك يعني عدم ممانعتها لإقامة المظاهرة. خامساً: في حالة ممانعة أو رفض الجهة المختصة إقامة المسيرة أو التجمع أن يكون هذا الرفض مسبباً، ولأسباب واضحة وحقيقية، ويمكن للمنظمين التظلم بشأنه ثم التقاضي. سادساً: أن المشرع وضع عقوبات مختلفة لمن يخالف القواعد والشروط المنظمة لحق التجمع، ومنها على سبيل المثال: عقوبات لمن يبدأ بالمسيرة قبل الساعة الثامنة صباحاً أو يبقى بها بعد غروب الشمس، أو من يعلن عن مسيرة غير مرخصة بأية وسيلة من وسائل النشر (تدخل ضمنها الوسائل الإلكترونية مواقع، منتديات، فيس بوك، إيميلات، مسجات، إلخ...)، أو يشترك فيها، ونرى بأن من الإجحاف معاقبة المواطن على ممارسة حقه، لاسيما إذا سلمنا بأن هذا الحق لا يحتاج إلى ترخيص لممارسته، بل مجرد إخطار تفرضه مصلحة المجتمع في تنظيم المظاهرة وعدم خروجها عن أهدافها السلمية. هذا، والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
695
| 01 فبراير 2011
تنطلق اليوم الثلاثاء أنشطة وفعاليات الدورة السابعة لمنتدى المستقبل. هذا المنتدى الذي أنشئ عام 2004 بمبادرة من دول مجموعة الثماني ودول شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط الكبير وتعهدت به دول المجموعة على تشجيع الإصلاح في المنطقة. ويسعى هذا المنتدى، الذي تستضيفه قطر، وتشارك فيه دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومجوعة الثماني، وشركاء دوليون، وثمانية وثلاثون وزيراً وأكثر من 250 مشاركا من منظمات المجتمع المدني وممثلون عن قطاع الأعمال، إلى تهيئة الإطار لحوار مرن صريح وشامل حول تعزيز الديمقراطية ومشاركة المجتمع المدني وتنمية الكفاءات التدريبية وتطويرها. ويبحث المنتدى، كما نقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا)، في قضايا ومحاور تتعلق بالإصلاح في مجالات الديمقراطية والحوكمة والانتخابات ودور منظمات المجتمع المدني في مسار الديمقراطية والإصلاح. ومن المقرر أن تعرض كل دولة مشاركة في المنتدى الجهود التي قامت بها لدعم الأمن والاستقرار والتنمية والإصلاح السياسي. وفي الإطار ذاته افتتحت في الدوحة بالأمس ورشة دولية أطلق عليها "من أجل مشروع ديمقراطي عربي" والتي تنظمها المؤسسة العربية للديمقراطية" وهي منظمة أنشئت عام 2007 بمبادرة من دعاة الديمقراطية العرب، وأصبحت الدوحة مقراً لها، وقد ناقش المشتركون في هذه الورشة إشكالات المسار الديمقراطي في المنطقة وكيفية الخروج بتوصيات سيتم رفعها ومناقشتها مع الحكومات المعنية من أجل حثها على التحرك والعمل بجدية نحو تجسيد طموح الانتقال الديمقراطي. ومن جانب آخر استعرض سعادة السيد محمد عبدالله الرميحي، مساعد وزير الخارجية القطري لشؤون المتابعة الذي شارك في الورشة، الجهود القطرية في دعم الديمقراطية، مبيناً أن قطر ترأست مؤتمر السادس للديمقراطيات الحديثة والمستعادة، كما ترأست مجموعة حركات الديمقراطيات الحديثة والمستعادة في الأمم المتحدة لمدة ثلاث سنوات:. السؤال البدهي الذي يمكن أن يطرح بعد سلسلة الأخبار هذه، هل نحن مؤمنون فعلاً بالديمقراطية؟ وإن كنا بالفعل مؤمنين بها، فلماذا تأخرنا عن الدعوة إلى انتخابات مجلس الشورى، ولماذا عطلنا مواد الدستور الدائم الخاصة بهذا المجلس ودوره في سن القوانين ومراقبة الحكومة، وفي مناقشة وإقرار كل بنود الموازنة العامة. هذا الدستور الذي استُفتيَ الشعب بشأنه عام 2003، أي قبل نشأة منتدى المستقبل الذي تستضيفه الدولة اليوم، وقبل تأسيس مؤسسة الديمقراطية العربية في قطر، وقبل ترأس قطر لمجموعة حركة الديمقراطيات. وإن كنا غير مؤمنين بالديمقراطية!، فلماذا إذن ننشئ مؤسسة للديمقراطية ونستضيف هذا الكم من المؤتمرات التي تدور محاورها حول الديمقراطية والانتخابات ومنظمات المجتمع المدني؟ إن نواة المستقبل وضعها سمو الأمير قبل نشأة منتدى المستقبل بكثير، عندما أكد في خطابه الموجه لمجلس الشورى عام 1998 على نيته في وضع دستور دائم للبلاد، "تكون بنوده الأساسية تشكيل برلمان منتخب عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر، لتتويج سعيه نحو تكريس المشاركة الشعبية كأساس للحكم."... واليوم وقد مر على هذه النواة ثلاث عشرة سنة! هلا نجعل منتدى المستقبل مناسبة لإحيائها وقطف ثمارها، ومفاجأة موطنينا بإطلاق الدعوة إلى انتخابات مجلس الشورى؟ هذا والله من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
595
| 11 يناير 2011
نقلت وكالات الأنباء هذا الأسبوع؛ وهو الأسبوع الأول من السنة الميلادية الجديدة؛ أربعة أخبار متفرقة، ولكنها مرتبطة معاً من حيث الموضوع، يجدر بنا التوقف أمامها. الخبر الأول يتعلق بتسلم رئيسة البرازيل الجديدة "ديلما روسيف" مهام منصبها كرئيسة لبلادها. وأما الخبر الثاني فهو موافقة البرلمان اليمني على مبدأ إجراء تعديلات دستورية تمهد للرئيس الحكم مدى الحياة، أما الخبر الثالث فهو ما كشفه موقع "ويكيليكس" عن السفيرة الأمريكية في القاهرة "مارغريت سكوبي" أن الرئيس حسني مبارك سيخوض حتماً الانتخابات في نهاية هذا العام ويبقى في الرئاسة إلى أن يموت"، وأخيراً يتمثل الخبر الرابع في تولي رئيس جديد في جزر القمر خلفاً للرئيس السابق أحمد سامبي. وبالعودة إلى الخبر الأول فإن ما يستدعي الوقوف أمامه ليس فقط ماضي رئيسة البرازيل الجديدة المشرف ومشاركتها في الكفاح ضد الدكتاتورية العسكرية في البرازيل (1964 – 1985)، وسجنها لمدة ثلاث سنوات وتعرضها للتعذيب فحسب، بل ما يستدعي التأمل، احترام الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" للدستور الذي لا يجيز الترشح للرئاسة لولاية ثالثة، رغم شعبيته التي كشفت عنها الاستطلاعات بأنها وصلت إلى (87%) ومغادرته السلطة وقصر "بلانالتو" وعودته إلى منزله في إحدى ضواحي "ساو باو لو" العمالية، وقوله أمام حشود من الناس: "أعود إلى منزلي مرفوع الرأس وقد أتممت المهمة التي أوكلت لي". الخبر السابق لا شك بأنه يتفارق مع الخبر الثاني المتعلق بموافقة البرلمان اليمني على مبدأ إجراء تعديلات دستورية تمهد للرئيس الحكم مدى الحياة. فالدستور اليمني ينص في المادة (112) منه على أن "مدة رئيس الجمهورية سبع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ أداء اليمين الدستورية، ولا يجوز لأي شخص تولي منصب الرئيس لأكثر من دورتين مدة كل منها سبع سنوات". وعلى فكرة، هذه ليست المرة الأولى التي يطال فيها التعديل هذه المادة، والقاسم المشترك بين كل التعديلات هو، بلا شك، الانفرادية والبقاء مدة أطول في الحكم. فالرئيس هو ذاته منذ توليه زمام الحكم في اليمن في يوليو 1978، بعد اغتيالات نالت كلاً من الرئيس السابق أحمد الغشمي الذي حكم أقل من سنة، والرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي الذي سجل اغتياله ضد مجهول. وبإجراء مقارنة بسيطة بين عدد من ترأس البرازيل منذ 1978 إلى اليوم، في مقابل انفراد الرئيس صالح بحكم اليمن منذ ذلك التاريخ، نجدهم تسعة رؤساء هم: "ايمستو جيسل" الذي انتهت ولايته في 1979، و "جيو فيقاردو" من 1979 إلى 1985، و "تانكريدو نفيس" الذي لم يستلم منصبه، و "جيوس سامي" من 1985 إلى 1990، و "فبماندو كولور" من 1990 إلى 1992، و "أتمار فرانكو" من 1992 إلى 1995، و "فيماندو هيرك" من 1995 إلى 2003، والرئيس "لولا دا سيلفا" السابق من 2003 إلى 2011، والرئيسة الجديدة "ديلما" التي تولت مهام منصبها قبل يومين. هذه القائمة الطويلة من رؤساء البرازيل، والتي أسردناها بهدف المقارنة، سوف تطول أكثر لكون البرلمان اليمني لم يكتف بأن يحكم صالح ثلاثا وثلاثين سنة، رغم كون اليمن جمهورية، بل وافق من حيث المبدأ على إجراء تعديلات تمهد للرئيس صالح الحكم مدى الحياة. أما الخبر الثالث، فليس مفاجأة وليس كشفاً عظيماً لموقع "ويكيليكس"، ولكن تمكن مقارنته بالبرازيل وتخلي الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" عن منصبه ولم يتجاوز 65 سنة من عمره، في حين أن الرئيس مبارك قد تجاوز الثانية والثمانين من عمره ولا يزال متمسكاً بالحكم الذي تولى زمامه قبل ثلاثين سنة في 1981. وبذلك كذّب الشاعر زهير بن أبي سُلمى حين قال: سئمت تكاليف الحياة ومن يعشْ ثمـانينَ حــــولاً لا أبا لك يســأم وعلى النقيض يبعث الخبر الرابع الأمل، حيث تولى "إكليل ظنين" رئاسة جزر القمر خلفاً لسلفه الرئيس سامبي، وهو مفارقة لم نعتد عليها في الدول العربية ذات النظم الجمهورية والتي لا تعرف منها غير الاسم، لبقاء الرؤساء لمدد لا يعلمها إلا الله، بل توريث الحكم لأبنائهم من بعدهم. أتمنى أن يستمر الالتزام بالدستور القمري، ويستمر تداول السلطة فيها، ولا تصيب جمهورية جزر القمر العدوى من الدول العربية بعد انضمامها لها. والله من وراء القصد halsayed@qu.edu.qa
615
| 04 يناير 2011
في معرض الإجابة على سؤال وجه إلى رئيس مجلس الوزراء عند افتتاح المبنى الجديد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بينَ معاليه بأن السبب في تأخر الانتخابات التشريعية في دولة قطر يعود إلى "تكملة كل سلسلة القوانين المرتبطة بعملية الدستور....وأن ثلاثة أرباع هذه القوانين تمت، وأن العمل جار الآن لتكملة باقي القوانين"! وربما كان المقصود "التشريعات المرتبطة بالعملية الانتخابية"!، فإن كان هذا القصد فإن التشريعات التي لها ارتباط بانتخابات مجلس الشورى تتمثل فيما يأتي: 1- الدستور وهو أبو التشريعات وهو الذي وضع الملامح الأساسية لانتخابات مجلس الشورى، لاسيَّما المادة (77) منه التي تبين بأن الأعضاء المنتخبين يتم اختيارهم "بالاقتراع العام السري المباشر"، والمادة (80) منه التي تبين الشروط الواجب توافرها في عضو المجلس. 2- قانون الجنسية القطرية، لاسيَّما المادة (15) و(16) منه واللتان بينتا من له حق الترشح والانتخاب في الهيئة التشريعية. 3- قانون الفصل في المنازعات الإدارية، والذي جعلت للدائرة الإدارية الاستئنافية اختصاص النظر في الطعون الخاصة بانتخابات مجلس الشورى. 4- قانون بنظام انتخاب أعضاء مجلس الشورى. وباستثناء التشريع الأخير فإن جميع التشريعات الثلاثة السابقة قد صدرت. فهل كان معالي رئيس مجلس الوزراء يعني بالربع المتبقي من التشريعات هو قانون الانتخاب؟ على كل حال، فإن العودة إلى الوراء قليلاً، تكشف بأن الحكومة قد خطت في عام 2008 خطوة مهمة نحو تفعيل مجلس الشورى المنتخب، وذلك بإعداد مشروع قانون نظام الانتخاب، حيث أحيل هذا المشروع إلى مجلس الشورى، وتمت دراسته في إحدى لجانه، ثم عرض على المجلس للمناقشة، الذي وافق عليه وأعاده للحكومة، حتى يأخذ مجراه من حيث مراحل التشريع الأخرى كالتصديق والإصدار والنشر. إلا أن مشروع القانون هذا، اختفى!، ولا ندري أين هو؟!، غاية ما نعرفه أن الصحافة التي حضرت تلك الجلسة نقلت بأن هناك سؤالاً أثير في مجلس الشورى حول المقصود بـ"مسقط رأس قبيلته" الذي حُدد كموطن انتخابي للشخص!، وإن الإجابة كانت بأن أي ناخب أو مرشح لا يمكنه وفقاً لذلك أن يمارس حقه السياسي إلا في نطاق دائرة انتخابية تحدد لقبيلته كمسقط رأسها، وأن الجهات المعنية في الدولة سوف تتكبد عناء تحديد مسقط رأس قبيلة كل مواطن تتوافر فيه شروط الناخب أو المرشح! أثار هذا الأمر عدد من الكتاب بين حامد وناقد، وكنت ممن أنتقده وأبان عيوبه وعدم فاعليته، إلا أن هذه الإثارة وللأسف الشديد عوضاً عن أن تكون سبباً في تعديل الجزء الخاص بالموطن الانتخابي من مشروع القانون، كانت "علثة" لوقف مشروع القانون بأكمله والتمديد للمجلس المعين لمدة سنتين (تنتهي في 2010)، ثم لمدة ثلاث سنوات (تنتهي في 2013). فهل يستدعي إصدار قانون نظام الانتخاب كل هذا الوقت منذ 2008. كانت حجة الحكومة، التي أبداها بعض الكتاب في ذلك الوقت، من وراء تحديد مسقط رأس القبيلة كموطن انتخابي تتمثل في تحقيق العدالة في التمثيل في مجلس الشورى بين مختلف القبائل والعوائل القطرية، وعدم سيطرة قبيلة معينة على عدد كبير من كراسي المجلس بسبب كثرة عدد أفرادها! في حين أن العوائل والأسر الأخرى سوف تظلم، بسبب قلة عددها، رغم قِدم تواجدها واستقرارها وتاريخها المجيد في بناء الدولة. وكانت حجتي عند نقد هذا المنحى، تتمثل في أن تحديد الموطن الانتخابي على أساس مسقط رأس القبيلة سوف يبني العملية الانتخابية على أساس قبلي وليس على أساس المواطنة، ويركنها إلى أصول الشخص عوضاً عن فكره وتوجهاته ومدى كفاءته ووطنيته، ناهيك عن العوائق المادية التي تواجه المرشح أثناء حملته الانتخابية إذ يضطر مؤقتاً إلى ترك مكان إقامته الفعلية كالدوحة مثلاً والعودة إلى مسقط رأس قبيلته التي قد تكون في الشمال أو الجنوب، كما أن هذا الأساس في تحديد الموطن الانتخابي سوف يشجع بروز بعض الآفات الانتخابية كالانتخابات الفرعية بين القبائل، علاوة على ما يسببه من عدم مساواة وظلم للمرأة، إذ من غير المتصور واقعياً أن ترضى القبيلة أن يكون من يمثلها امرأة، وإن ارتضت فيكون حظها من الفوز معدوماً. أقول: لو كان العجز عن إيجاد آلية تشريعية مناسبة تحقق العدالة في فرص التمثيل في المجلس أمام مختلف قبائل وعوائل قطر هو السبب الحقيقي وراء تعطيل المجلس المنتخب، فإنني أقدم الاقتراح التالي والذي سوف يحقق هذا الهدف، وفي الوقت ذاته يجنبنا الكثير من العيوب التي قد يسببها مسقط رأس القبيلة لو اتخذ معياراً لتحديد الموطن الانتخابي. الاقتراح يتمثل في اعتماد كل ما يأتي: 1- جعل دولة قطر كلها دائرة انتخابية واحدة. 2- يكون لكل ناخب صوت واحد فقط يختار من خلاله مرشحاً واحداً فقط. 3- سوف يفوز بكراسي المجلس المرشحون الثلاثون الذين حصلوا على أكثر أصوات الناخبين. لأن عدد أعضاء مجلس الشورى المنتخبين وفقاً للمادة (77) من الدستور هم ثلاثون عضواً. 4- لا يجوز أن يفوز بمقاعد المجلس أكثر من أربعة أشخاص من ذات القبيلة. ورقم أربعة تم اختياره لكونه سوف يشتت أصوات القبيلة الكبيرة بين هؤلاء ويمنع التحالفات لتحويل الفائض من القوة الانتخابية لقبيلة ما إلى قبيلة أخرى تحالفت معها. كما يساعد على التشتيت المحمود، ومنع هذه التحالفات كون الناخب لا يملك وفقاً لهذا الاقتراح إلا صوتاً واحداً. في هذا المقترح نفترض أنه قد فاز أكثر من أربعة من ذات القبيلة، ففي هذه الحالة يستبعد بقية الفائزين من نفس القبيلة ويبقى فقط الأربعة الذين حصلوا على أكثر الأصوات منهم، ويحل محل أولئك الذين استبعدوا، المرشحين الذين يلونهم في الترتيب فيما بعد الثلاثين. هذا المقترح الذي أقدمه ليس ابتداعاً، بل تطبقه بعض الأنظمة لمنح الأقليات فرصة في التمثيل في المجالس النيابية. مجرد اقتراح، والله أعلم. وهو من وراء القصد. halsayed@qu.edu.qa
1015
| 28 ديسمبر 2010
مجلس الشورى الحالي " المعين " أنشئ وفقاً للمادة (40) من النظام الأساسي المؤقت المعدل (الدستور السابق) ، قبل ثمانية وثلاثين عاماً ، وخلال هذه السنوات الطوال لم يمس النصوص الدستورية المنظمة للمجلس أي تعديل إلا في مرات محدودة جداً كان أبرزها تعديل عام 1975، وهو وإن كان متواضعاً إلا أنه مهم ، إذ يعد تطويراً لأداء المجلس لأمس الاختصاص والفاعلية. فعلاوة على الاختصاصات المقررة له سابقاً ، كمناقشة مشروعات القوانين ومناقشة موازنة المشروعات الرئيسة العامة ، صار بإمكان المجلس أيضاً مناقشة شؤون الدولة في المجالات الاجتماعية والثقافية مباشرة ، ودون أن تقتصر مناقشته على ما تعرضه الحكومة عليه من موضوعات فقط. كما منح أعضاء مجلس الشورى مع هذا التعديل حصانة موضوعية تقتضي عدم مساء لتهم بحال من الأحوال عما يبدونه في المجلس أو لجانه من آراء وأقوال بالنسبة للأمور الداخلة في اختصاصاتهم . إضافة إلى منح كل عضو من أعضاء مجلس الشورى الحق في أن يوجه إلى الوزير المختص سؤالاً بقصد استيضاح أمر معين من الأمور المعروضة على المجلس. وفيما عدا هذا التطوير الذي جاء به تعديل 1975 ، اقتصرت التعديلات الأخرى على زيادة عدد أعضاء مجلس الشورى . نقول: لو استمرت دولة قطر على هذا النهج منذ 1975 بحيث يمنح مجلس الشورى المزيد من الصلاحيات مع كل فترة زمنية يقطعها ، لأصبحنا اليوم أمام مجلس يمارس صلاحيات برلمانية حقيقية ، ولتحققت سنة التطور والتدرج، التي كانت لسنوات طويلة " الشماعة " لحرمان المواطنين من المشاركة السياسية، ومن تأليف مجلس منتخب يمثل الشعب. ولكن هل يمكن أن نلوم الحكومة على عدم إتاحة فرصة التدرج ، إذا كان الشعب ذاته لم يشعر يوماً بأهمية الحياة الديمقراطية ، وأهمية المشاركة السياسية وأهمية عدم انفراد سلطة واحدة بالأمر والنهي وإدارة واستثمار وصرف وتوزيع المال العام ؟ بل هل نلوم الحكومة إذا كانت أية خطوة نحو الديمقراطية تأتي دائماً منها كعطية وهبة ، دون أن تخرج من رحم الشعب أو نضاله أو كفاحه ؟ أم هل نلوم الحكومة بعدم منح المزيد من الصلاحيات لمجلس الشورى إذا كان الحد الأقصى من هذه الصلاحيات لم تمارس فعلياً من قبل أعضاء المجلس ولم يصل هؤلاء إلى السقف الأعلى مما هو متاح لهم قانوناً، ولم يطالبوا يوماً بالمزيد منها. أو هل نلوم الحكومة إذا الشعب لم يسألها يوماً عن مشاركته إياها في اتخاذ القرار السياسي ولم يحرك ساكناً عندما فرضت عليه سلسلة التمديدات للمجلس المعين منذ 1972 إلى اليوم. ولكن، في الجانب الآخر، هل نلوم الشعب لعدم مطالبته بالديمقراطية وهو مجرد قطرات قليلة في أمواج متلاطمة من السكان الأجانب الذين لم ولن يرتبط مصيرهم بالحياة الديمقراطية في الدولة؟ أم هل نلوم الشعب على ذلك، وهو لم يغدو رقماً مهماً ولم تعد الحكومة بحاجة إليه ويمكن الاستعاضة عنه بالأجانب لإدارة أية صغيرة أو كبيرة من شؤون البلاد ؟ بل هل نلوم الشعب واستمرار معيشة كل فرد من أفراده موظفين كانوا أم تجاراً مرتبط برضى الحكومة عن صاحبها ؟ معادلة صعبة جداً.! على كل حال، صدر الدستور الدائم كمبادرة كذلك من سمو الأمير، والذي يعد تطويراً لمجلس الشورى، وأصبح يمثل السلطة التشريعية وأصبح ثلثي أعضائه منتخبين، وصارت له اختصاصات متطورة شيئاً ما عن المجلس المعين. هذا والله من وراء القصد. * كاتب وأكاديمي قطري halsayed@qu.edu.qa
886
| 21 ديسمبر 2010
مساحة إعلانية
نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...
6546
| 27 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه التكنولوجيا وتتصارع فيه المفاهيم،...
6429
| 24 أكتوبر 2025
تُخلّف بعض اللحظات أثرًا لا يُمحى، لأنها تزرع...
3144
| 23 أكتوبر 2025
المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...
2127
| 28 أكتوبر 2025
القضية ليست مجرد غرامات رادعة، بل وعيٌ يُبنى،...
1872
| 23 أكتوبر 2025
جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...
1677
| 26 أكتوبر 2025
على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...
1275
| 27 أكتوبر 2025
النّهضة هي مرحلة تحوّل فكري وثقافي كبير وتمتاز...
1029
| 24 أكتوبر 2025
في زمنٍ تاهت فيه الحدود بين ما يُقال...
999
| 24 أكتوبر 2025
لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...
948
| 27 أكتوبر 2025
يشهد قطاع الرعاية الصحية في قطر ثورة رقمية...
906
| 23 أكتوبر 2025
“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...
879
| 27 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
- أستاذ القانون العام بجامعة قطر
halsayed@qu.edu.qa
عدد المقالات 74
عدد المشاهدات 105136
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل