رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع بزوغ فجر هذا اليوم الأغر يحتفي المسلمون في جميع قارات العالم المعولم بعيد الفطر المبارك، وألسنتهم تلهج بالدعاء والابتهال لله العلي القدير أن يعيده عليهم، والأمة الإسلامية تنعم بالاستقرار المستدام، والطمأنينة الوادعة، والسلام الوارف الذي يتفيأ ظلاله الطفل الغرير، والشيخ الوقور، والمواطن الغريب، والمغترب البعيد. الأمة الإسلامية التي سرى في حناياها الصدام والخصام وتربص بها اللئام بحاجة إلى مثل هذا الدعاء والابتهال والتبتل لكي ترتقي سلم المجد الذي فقدته منذ عصور خلت. الأمة الإسلامية بحاجة ماسة إلى صياغة استراتيجية جديدة توحد كياناتها التي ابحرت في غفلة من الزمن في الحجج الهيولية التي افقدتها عزتها وكرامتها وسيادتها التي سادت بشموخ ووقار في سلم المجد الدولي، وسطعت نجومها في الفضاء الدولي الشاسع. ونظرة عجلى على حال الأمة الإسلامية وما تعانيه من فرقة وانقسام وتشرذم واحتراب وفصام وانفصام عن الذات والهوية، حتى كادت كالهباء المنثور الذي تعبث به رياح العبث السياسي، والتيه الاخلاقي، والتشظي الديني غير محمود العواقب والعقبات. حقاً إنها أمة ضحكت من جهالتها وفرقتها الأمم: فسودان المليون ميل مربع اضحى بلد المليون أزمة، والمليون مشرد، يصارعون الموج العتي، والرياح الهوجاء التي كادت تفتت ما تبقى من قُطْر لا يدري في أي الاتجاهات يسير، ومتى يقف أو يتوقف عن العويل والنحيب وضرب الخدود وشق الجيوب لما يعانيه من ويلات وبؤس ويأس. ومصر أم الدنيا هب بنوها خفافاً وثقالاً واسقطوا نظام مبارك، ولما تتنزل عليهم بركات الاستقرار السياسي بعد.. فمازالت الساحة المصرية تفور وتمور دون أن تحصد تمور وثمار الانتفاضة الشعبية التي طغت حتى على اساطير الأولين. وتونس وليبيا لايزال الصراع فيهما محتدماً حول مآلات ونهايات الثورتين اللتين عصفتا بأكثر المستبدين طراً في الساحة العربية والإفريقية. واليمن لايزال يئن من براثن "القاعدة" وقواعد الفلول، صالح الذي لم يصلح إبان حكمه، ولا يريد لرحمة الاستقرار أن تتنزل على بلاده برداً وسلاماً مستداماً بعد رحيله الرمزي!! والعراق لايزال يتعرق دماً وينزف دمعاً هتونا من جراء الصراع على السلطة بين من اتوا على ظهر الدبابة الأمريكية، ومن استبد بهم اليأس فاستعانوا بجارتهم التي جردتهم من هويتهم وهواياتهم. وسوريا في طريقها إلى أن تصبح دولة فاشلة مثل اليمن وذلك من أجل الحفاظ على التيجان والصولجان، ومحنة المسلمين في ميانمار احدثت جرحاً غائراً في افئدة المسلمين من جراء حرب الابادة التي يتعرضون لها آناء الليل وأطراف النهار. آن لنا أن نتخذ من عيد الفطر المبارك محطة للتأمل والعبر.. وتدبر حال المسلمين في جميع أنحاء العالم، وننطلق إلى ساحات رحيبة" يتبادل فيها السني والشيعي التهاني والآمال ويمتشق فيها الإخوان السيوف للدفاع عن الضعفاء والمقهورين.. وتتراجع فيها القاعدة عن غلوائها وعن عقيدتها المدمرة.. ويحضرني في هذا السياق ما قاله الشاعر: عمر بهاء الدين الأميري من واقع حال الأمة: يقولون لي: عيد سعيد وإنه ليوم حساب لو نحس ونشعر أعيد سعيد!! يا لها من سعادة.. وأوطاننا فيها الشقاء يزمجر
1916
| 19 أغسطس 2012
لو استقرأ الرئيس الأسد المتشبث بالحكم التاريخ لما تمادى واستمرأ حالات الفوضى واستمرار تدهور الأوضاع في بلاده التي اضحت- بلا منازع- مأوى للقهر والفزع والقتل والترويع وابادة المواطنين الآمنين، وضياع الأمل وسيادة الألم المحض، والمضي في حالات التيه والانكار والاستكبار. ولو ادرك المجتمع الدولي المراوغ والمخادع معاناة المواطن السوري من فداحة المجازر اليومية، والمذابح المتكررة في حمص وحلب ودمشق وإدلب ودير الزور وغيرها من المدن والارياف الباسلة.. لما استمرت حالات الكيل بمكيالين، واتاحة الفرص للرئيس السوري للاستمرار في جبروته، التي احدثت جروحاً غائرة في سوريا مهد الحضارة الإنسانية، وتحويلها إلى مختبر تجارب جارف لا يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة هي تحنط الفكر، واقامة سرادقات حزن وعزاء وعذاب للإنسانية. حقاً لقد اتاح المجتمع الدولي للرئيس السوري المضي في طريق الاغراق في بحيرات الدم وجعل البلد الآمن انقاضاً تنعق فوقها طيور البوم التي تبث الشؤم والدم والدمامة والدمع الهتون الذي سال كالانهار على خدود الارامل والثكالى والايتام، وبلل الصدور، والنحور، وحتى الارجل، التي لم تعد قادرة على الوقوف والمشي. وبدلا من اتخاذ خطوات جادة توقف الدم، وتجفف الدمع، أخذ المجتمع الدولي يتبارى في تكوين فرق المراقبين، ولجان وقف اطلاق النار.. رأينا ورأى غيرنا كيف سارت مسارات اللجان التي ترأسها: الفريق السوداني الدابي الذي دب اليأس في جوانحه. وكوفي عنان الذي اعياه العناد من استنكاف الأسد من مغادرة العرين والعرش المضفور بأمواج الجموح والاستكبار! وبشار الأسد "المصور" لم يرف له جفن لما جرى ويجري في بلاده التي اضحت بين غمضة عين وانتباهتها إلى اطلال لا يمسها الطل والندى بل تربع على عرشها غول ناعم لا يكف عن الخطاب الرنان: تطهير البلاد من العناصر الارهابية.. الاسد المسكون برهاب الارهاب ظل منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية الشاملة يمطر الساحة بما اسماه الاجراءات الاصلاحية التي فرخت انتخابات خيبت أمل المتابعين.. ولم يعبأ الاسد بالاستقالات العديدة لرموز نظامه الاشاوس، كما لم يكترث بانشاقات قادة الجيش من رتب مختلفة وانضمامهم للجيش الحر الذي اصبح الذراع الاقوى للمعارضة السورية الجديدة التي وجدت سندا من المجتمع الدولي الحر وقطاعات ودول عديدة لم تقو على الصبر على الجبروت الذي يمارسه من تبقى من شبكة النظام الآسن. ولو طالع الرئيس بشار الاسد قصيدة "ها هو ذا القبر رفات الامراء ذو الكبرياء للشاعر الانجليزي بروس شيلي لتنحى عن سدة الحكم اليوم، وليس غداً.. يقول شيلي: هنا ترقد جماجم انمحت نظراتها وكانت من قبل اصناما في عوالمها وكانت تحمل للإنسانية الرعب والفزع، لأن ايماءاتها كانت تعني الحياة أو الموت وتعفنت اليد والتوت العظام تحتها وكثيرا ما كانت بجرة قلم باردة تصيب الحكيم الذي يرفع صوته عند العرش وتزجه في الاغلال الغلاظ
683
| 12 أغسطس 2012
في رونق صباح يوم الجمعة الماضي خصت وزيرة الخارجية الأمريكية جنوب السودان بزيارة خاطفة استمرت لثلاث ساعات، ضمن جولتها الإفريقية التي تشمل: السنغال وجنوب السودان وأوغندا وكينيا وملاوي وجنوب إفريقيا وغانا. والسؤال: هل تسهم جولة كلينتون الإفريقية في دعم الانجازات الديمقراطية وتعزيز الانجازات الاقتصادية وتوسيع الشراكة الأمنية، وحقوق الإنسان كما أعلن ذلك رسميا، أم أنها تجيء في سياق السباق المحموم بين أمريكا والصين في القارة السمراء التي عجزت عن النهوض والتقدم والاستقرار؟ زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية تعد الأولى من نوعها لمسؤول أمريكي منذ أن نالت الدولة الوليدة انفصالها العام الماضي، وتعقد الإدارة الأمريكية آمالاً عراضا على زيارة كلينتون لجنوب السودان في القضاء على مظاهر التوتر والاحتراب المنقطع واستمرار تدفق نفط الجنوب، وتحقيق الاستقرار بين الدولتين الجارتين. ولم ترشح – حتى الآن- معلومات عن اللقاء الذي عقدته الوزيرة الأمريكية مع سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب الذي استمر لساعة كاملة. غير أن كلينتون حثت الدولتين على إنهاء النزاع النفطي الذي جعل البلدين على شفا حرب، واشارت في هذا السياق إلى انه يتوجب على الدولتين التوصل إلى اتفاق بشأن النفط كخطوة أولى نحو إنهاء النزاع والعداء الذي نجم عن إيقاف جوبا انتاج نفطها في يناير الماضي. وقبل زيارة كلينتون لجنوب السودان بيوم واحد، كشف السفير برنستون ليمان، المبعوث الأمريكي للسودان عن سياسة بلاده الجديدة تجاه الحكومة السودانية بالقول انه من المستحيل التطبيع مع الخرطوم في ظل انتهاكات الحكومة السودانية "الخطيرة" لحقوق الإنسان وقوانين الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وفي سياق ذي صلة، فإن حث الوزيرة الأمريكية للدولتين للتوصل إلى تسوية الخلافات بينهما في اسرع فرصة، بالتنسيق مع خريطة الطريق التي رسمها المجتمع الدولي بحل خلافاتهما في الأمد الذي انتهى قبل ساعات من زيارة كلينتون للمنطقة. وتتضافر جميع هذه المعطيات مع الضغوط المرئية وغير المرئية التي تمارسها الإدارة الأمريكية على الدولتين وبشكل خاص على السودان الذي يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، وتوترات في جنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق، إضافة إلى الاضطرابات الداخلية الناجمة عن الاحتجاجات والانتفاضة الشبابية والشعبية التي اجتاحت معظم مدن البلاد، وراح ضحيتها عدد من المواطنين وخاصة في دارفور. جولة كلينتون الإفريقية، وخاصة زيارتها لجنوب السودان تجيء في إطار توجه جامح لكبح جماح الاستثمارات الصينية في المنطقة. ولك أن تقارن، فقد بلغت قيمة التجارة بين الصين وإفريقيا نحو عشرة مليارات دولار، في حين بلغت قيمة التجارة بين الصين وإفريقيا عام 2010، 114 مليار دولار، وبالمقابل فإن حجم التبادل التجاري الأمريكي مع إفريقيا بلغ 38 مليار دولار عام 2000، و113 مليار دولار عام 2010.. مما يعني أن حجم التبادل التجاري الصيني الإفريقي يأتي في المقدمة. الإدارة الأمريكية في غاية الغيظ والغضب من النفوذ الصيني المتصاعد في إفريقيا وفي السودان على وجه الخصوص، كما أنها في غاية القلق من تنامي التيار والمد الإسلامي في إفريقيا والذي جعل القارة بحسب رؤيتها موطناً لتفريخ الإرهاب والقلاقل والاضطرابات والنزاعات والحروب وعدم الاستقرار. جولة كلينتون الإفريقية لا يرتجي منها أن تضع حداً على مظاهر الجنون والفتون والندوب في القارة الإفريقية في الأمد المنظور.. وعطفاً على جورج سانتيانا "إننا نعيش في كون مطرز بالجمال ولكنه يحتاج إلى العين التي تبصره". وأنا اقول نحن نعيش في كون منضد ومطرز بالفتن، وجنون السياسة وفنون الدبلوماسية فمن ذا الذي يراه غير ذلك؟!
706
| 11 أغسطس 2012
اطلت "إسرائيل" من جديد بوجهها المتجهم في دولة جنوب السودان.. لتجد لنفسها موطئ قدم للاستثمار في الدولة الوليدة مما يفاقم إختراقها ونفوذها في السودان والدول الإفريقية المجاورة، مع غياب شبه كامل لدعم الدول العربية – على كثرتها- للسودان الصابر على المكائد والمؤامرات والتربص المريع.. يوم الثلاثاء الماضي أبرمت الدولة العبرية ودولة جنوب السودان اتفاقية تعاون حول البنية التحتية للمياه وتطوير التكنولوجيا والزراعة.. وبموجب الاتفاقية العلنية- التي تعد الأولى من نوعها- تقوم إسرائيل بتزويد جنوب السودان بتكنولوجيا تطوير نظام الري في الزراعة وإدخال نظام تنقية وتطهير مياه المجاري.. وزير الطاقة الإسرائيلي الذي كان مزهواً بالاتفاق، قال: نحن نعتبر ذلك شرفاً لنا بأن نصبح أول قطاع في إسرائيل يوقع اتفاقية مع البلد الجديد.. والأهم من ذلك إنه قال، إنه يتابع أوضاع جنوب السودان ونضالاتها منذ أن كان فتى وشاباً.. وأضاف: إنني اعرف أي معاناة تعرضوا لها، فالعرب يتسمون بالقسوة الشديدة إزاء من لا يريدونه في صفوفهم.. والأمر الأكثر أهمية.. أن الإذاعة (الإسرائيلية).. قد اماطت اللثام بأن (إسرائيل وجوبا وقعتا أيضا على اتفاقيات عسكرية عدة يتم بموجبها تصدير هيئة الصناعات العسكرية الإسرائيلية لجنوب السودان أسلحة ومعدات عسكرية بجانب مساعدتها في تنقية المياه ونقلها للدولة العبرية.. ويمثل الاتفاق الصهيوني مع دولة جنوب السودان مهدداً للأمن القومي السوداني كما المصري على حد سواء.. مصر، في عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، نفضت يدها تماما عن العمق الاستراتيجي للعلاقات بين الدولتين الجارتين منذ المحاولة المزعومة لاغتيال الرئيس المصري في أديس أبابا عام 1995. ولم يكن لمصر أي دور فاعل في المباحثات التي افضت في نهاية المطاف إلى انفصال الجنوب.. وحتى بعد الانفصال في يوليو من عام 2011، فقد كانت علاقة مصر مع بوابتها الجنوبية هامشية وإطارية يغذيها الشك وعدم اليقين في مآلات مياه النيل بعد انفصال جنوب السودان. الآن، وبعد أن وقعت الفأس في الرأس من المرجح أن يسارع وزير الري المصري بزيارة للسودان للتباحث حول امتدادات وتداعيات الاتفاق بين اسرائيل ودولة جنوب السودان. الخاسر الأكبر من الاتفاقية الجديدة وما يتبعها من دعم عبري عسكري وتقني ولوجيستي هو السودان الذي لا يزال غارقاً في أمواج القضايا والمشكلات والأزمات العالقة بين الشمال والجنوب.. الدعم "الإسرائيلي" غير المحدود لجنوب السودان، يفسر بما لا يدع مجالاً للشك تنمر جوبا، واستنكافها عن ابداء أي تنازلات مرئية بشأن رسوم نفطها العابر للأراضي السودانية، وترسيم الحدود، وقضية أبيي، والمشكلات الأمنية، وغيرها من القضايا العالقة.. وفي غضون ذلك، لم يجد السودان إلا دعماً رمزياً ومعنويا وماديا من دولة قطر الحنونة.. في حين اصطفت الدول العربية على رصيف الحياد السلبي ترى أختها يمتقع وجهها وتزداد سحنتها سواداً على ما هي عليه، من أسى وبؤس ووجع وتفجع لا يبلغ مداها التعبير..
458
| 31 يوليو 2012
يمر السودان بمنعطف عزاء مريع ومفجع وشامل لقطاعات عديدة من البنية الاقتصادية التي جرفها تيار البؤس والشؤم نحو هاوية سحيقة الأغوار.. ولا يلتمع في الأفق بروز منقذ حازم لتخفيف حدة سرعة الانحدار الماحق. فقد طوقت سرادق العزاء والنعي: الصحف اليومية وجل مصانع الأدوية، والجنيه السوداني الذي تردى وتدنى إلى أدنى مستوياته منذ أن نالت البلاد استقلالها، كما أن الكل يترقب إصدار شهادة وفاة للناقل الوطني "سودانير" ما لم يتخذ خطوات جادة لإنقاذها من المصير المحتوم والمكتوم. دعونا نطوي صفحاً عن كل ذلك، نركز على مآلات ومهددات فناء الصحافة السودانية من الفضاء الإعلامي الشاسع.. خلال الأسبوع الماضي، نعى رؤساء تحرير الصحف الأوضاع الصحفية في البلاد محذرين من توقف الصحف عن الصدور عقب عطلة رمضان بسبب: ارتفاع أسعار الورق ومدخلات الطباعة، والتشغيل والرسوم والضرائب الباهظة على صناعتها. يضاف إلى ذلك، أن عدداً كبيراً من الصحف قد توقفت بالفعل عن الصدور، كما أن صحفاً أخرى قد أوقفتها الجهات الأمنية بحجة أنها تخطت الخطوط الحمراء وأحدثت ثقوباً في السقوف الإعلامية التي حددتها السلطات الرسمية. ومما يزيد الأمر بشاعة وقبحاً أن السلطات الأمنية قد اعتقلت عدداً كبيراً من الصحفيين والمدونين وكتاب الرأي والناشطين الذين اعتبروا مشاغبين أسهموا في تأجيج الاحتجاجات الشبابية والشعبية التي اجتاحت مدن السودان منذ أكثر من أربعة أسابيع. الإجراءات الاستثنائية القاسية التي اتخذتها الحكومة، بإيقاف الصحف، والزج بالصحفيين في السجون والمعتقلات يعد أمراً مشيناً بالصحفيين في السجون والمعتقلات يعد أمراً شائناً وغير مقبول في دولة تعاني أجهزتها من تفشي الفساد، وموجات التمرد، وتربص المتربصين بالسودان وشعبه وتحويله ليس فقط إلى دولة فاشلة، بل استخدام كل السبل والوسائل لكي يختفي السودان من الساحة العربية والإفريقية وسلم الوجود الدولي. هنا تبرز الأهمية لوجود صحافة حرة ومسؤولة تلقي على عاتقها الإسهام في ممارسة سلطتها الرابعة للوعي والتثقيف، والبناء الفعال وكشف المفسدين والمتآمرين على وحدة البلاد، وسيادتها وتحسين صورتها الباهتة والمهترئة على النطاق الدولي. حقاً، لقد فاقمت إجراءات تطبيق الرقابة القبلية على الصحف واعتقال الصحفيين من تراجع أوضاع الصحف السودانية، إضافة إلى اقتصادات الصحافة، وتدني وضمور عائدات الإعلانات، وتراجع عمليات التوزيع. ومن نافلة القول أن كل هذه الإجراءات مجتمعة قد قادت إلى أن تكون جميع الصحف متماثلة في الشكل والمضمون والعناوين مثل طيور البطريق.. وقد أضحت مثل النشرات الرسمية بلا طعم، ولا مغزى، ولا معنى ولا مضمون يجعل القارئ يقبل عليها. وينفر أميالاً من الصحف اليومية ويتجه إلى الإعلام المجتمعي والفضاءات المفتوحة، وحتماً سيجد فيها ما يتوق إليه من أخبار محجوبة، وتقارير محظورة. حالات الموت المفاجئ التي قد تصيب ما تبقى من الصحف، يمكن تداركها باتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير الجديدة والجريئة.. ومن أهمها: - بسط حرية الصحافة على نحو يحقق حرية المواطن والقارئ في تلقي الأنباء والتحليلات الرصينة. - على الصحفيين أنفسهم الالتزام بقواعد السلوك المهني والالتزام بالموضوعية والدقة والحياد والمصداقية. - إيلاء أهمية فائقة لاقتصاديات الصحافة ومدخلاتها الباهظة. - رفع وإزاحة الرقابة القبلية على الصحف. - عدم اللجوء إلى اعتقال الصحفيين "المشاغبين" والاحتكام إلى القضاء والجهات المختصة في مجلس الصحافة والمطبوعات بدلاً من تدخل عسف الجهات الأمنية. - على أصحاب الصحف والناشرين إعادة النظر في كثرة وتكاثر عدد الصحف التي وصل عددها إلى ما يناهز الثلاثين صحيفة.. وأن يتواضع أصحاب الصحف على حلول مرضية من بينها دمج الصحف المتماثلة في الرؤى والأفكار والنهج والتوجه. وعطفاً على تقارير خبراء الإعلام، فإن الصحف الورقية سوف تموت، ويشكل لها متحف خاص بها خلال العشرين سنة القادمة على الأكثر. ونحن لا نستمرئ ولا نطيق أن نرى الصحافة السودانية تموت وتفنى وتندثر، ويقام لها سرادق العزاء قبل أن يأتيها ملك الموت الإلكتروني الحقيقي!
506
| 24 يوليو 2012
لا تزال رهانات إسقاط النظام في السودان – حتى الآن – معقدة ومعلقة على أغصان أشجار الصبار البائسات.. بلا ثمار ولا رحيق ولا عبق فواح. فالاحتجاجات الشبابية التي توهجت بعد تطبيق الإجراءات التقشفية لا يتوقع لها أن تتراجع القهقرى ويتلاشى وميضها وألقها الآخذ في الانتشار والاتساع.. كما لا يمكن التنبؤ بمآلاتها وصيروراتها بأنها سوف تؤدي إلى انهيار سريع للنظام، مثلما حدث في تونس ومصر وحتى في اليمن.. وذلك نسبة لحالات التعقيد التي تكتنف الحالة السودانية.. لقد شكل انطلاق الهبة الشبابية في السابع عشر من يونيو الماضي بعداً جديداً في منازلة حكومة الإنقاذ منذ اعتلائها خشبة المسرح السياسي في الثلاثين من يونيو عام 1989. كما مثلت الهبة الشبابية التي اجتاحت العاصمة المثلثة: الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، ومعظم عواصم الولايات صرخة مدوية لم يعترف بحجمها وعنفوانها بل على العكس من ذلك بادر الناطقون الرسميون باسم النظام – وما أكثرهم – للتقليل من حجمها ورددوها على الدوام ونعتها ونعت من قاموا بها بأنهم : - قلة، وجماعات محدودة. - شذاذ آفاق. - عملاء لجهات أجنبية. - عمليات مستحيلة أشبه بلحس الكوع. - شماشة. - معدل دخل الفرد السوداني (180 دولارا). لقد تفهم الشعب السوداني وأدرك أن الإجراءات والسياسات التقشفية التي أقدمت عليها الحكومة السودانية كانت السبب الرئيسي وراء غلاء الأسعار، مما جعل المواطن يعاني الأمرين من شظف العيش، وانعدام الضروريات التي يحتاجها في حياته اليومية.. غير أنه – أي الشعب السوداني – لا يفهم ولا يدرك، ولا يستمرئ حالات الفساد والإفساد التي انتظمت كل دواوين الدولة: - الاعتداء على المال العام وحالات الاختلاس غير المسبوقة التي كانت إحدى الشرارات المحرقة التي أشعلت فتيل الأزمة. - من الجائز بل من الممكن أن يتفهم الشعب السوداني انتشار بؤر الفساد، إذا كانت الدولة مدنية، علمانية، لكنه لا يطيق أن تتم استمالته بالقوة للفهم بأن يتم ذلك في دولة ترتدي عباءة الإسلام وتتوشح بدثار الإسلام النقي والسمح والعادل. حقاً ما يجري في الساحة السودانية الآن معقد للغاية ويزيده تعقيداً إصرار الجهات الأمنية على قمع المظاهرات بالضرب والتعذيب وإطلاق الغاز المسيل للدموع والمفضي إلى الإغماء إضافة إلى الاعتقال والحبس وانتهاك كرامة الإنسان الذي كرمه الله تعالت عظمته وثناؤه. ويفاقم تعقيد الحالة السودانية مظاهر التشظي والخلاف والاختلاف التي تكتنف قطاعات المعارضة.. التي لا تمتلك – حتى الآن – رؤية موحدة يتم الاتفاق عليها من كل الأقطاب. كما أن وثيقة "البديل" هي الأخرى لا تزال محل جدل وحجاج! لا يمكن في ظل هذا الانعطاف الخطير الذي يتدحرج إليه السودان – أن يتم احتواء الأزمة، أو إخماد الثورة بالشتائم والسباب بالألقاب مثل – عُملاء، شُذاذ آفاق، ويتم شواؤهم.. لأنه لا يمكن في ظل هذه الظروف تسكين الروع بالصراخ والملاسنات. رضينا أم أبينا.. اتفقنا أم لم نتفق.. لقد أضحى للأنظمة الديكتاتورية متحف خاص. قريباً وقريباً جداً ستجد تلك الأنظمة مكانها ضمن المتحف ويا له من متحف!
406
| 15 يوليو 2012
هل يستجيب الرئيس عمر البشير لنداءات خطباء المساجد، وتحذيرات الإعلاميين بعدم الذهاب إلى جوبا وعقد قمة مع غريمه التاريخي سلفاكير؟ أم أن نظرية المؤامرة غير مطروحة على الطاولة في الوقت الراهن؟ فقد رحب الرئيس السوداني عمر البشير بدعوة نظيره الجنوبي سلفاكير إلى زيارة جوبا عاصمة الدولة الوليدة وعقد قمة ثنائية في الثالث من الشهر المقبل.. الدعوة لزيارة جوبا تم تقديمها عبر وفد رفيع المستوى برئاسة باقان أموم الشخصية المثيرة للجدل بمواقفها المناهضة للسودان، والمعروفة بتصريحاتها النارية التي يتطاير منها الشرر نسبة لأحقاد وضغائن ومرارات قديمة. وبعد مضي أقل من يوم على ترحيب الرئيس البشير بموافقته وترحيبه بالزيارة، انهالت النداءات والدعوات من أئمة المساجد في خطبة الجمعة محذرين ومنددين بالحركة الشعبية –الحزب الحاكم في دولة الجنوب – وبمواقفها المتصلبة، ومؤكدين أن الدعوة لزيارة جوبا تأتي في سياق تآمري، وأن قادة الحركة الشعبية يمثلون أدوات ومخالب قطط شرسة لتنفيذ أجندة الغرب والصهيونية العالمية. واعتبر بعض الأئمة أن دعوة الرئيس البشير لزيارة جوبا جاءت ضمن مخطط رسم بعناية فائقة لتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية إنفاذاً لاتفاق سابق مع الدولة الوليدة ودعمها حال تحقيق ذلك. أئمة المساجد ليسوا وحدهم في الساحة الذين حذروا من مغبة زيارة الرئيس البشير لجوبا، فقد انبرى إعلاميون ومسؤولون في المؤتمر الوطني – الحزب الحاكم – للتحفظات التي أبداها الكثيرون بشأن نظرية المؤامرة وأن حكومة الجنوب تضمر الشر والخبث واللؤم للسودان، ومطالبين في ذات الوقت بأن حكومة الجنوب مطالبة بتوفير ضمانات قوية لتأمين زيارة الرئيس السوداني وتأكيد عدم توقيفه بموجب محكمة الجنايات الدولية. الذين تسنت لهم مشاهدة الفضائيات العربية اعترتهم الدهشة المعيارية بتحول خطاب الحركة الشعبية وحكومة الجنوب من الهجوم الشرس إلى الوداعة والطيبة والتبسم "ولين العويكة" وسلاسة التفاوض في الملفات الأمنية والعدلية التي ناقشها الوفدان خلال اليومين الماضيين.. التحول المفاجئ في مواقف حكومة الجنوب ينبئ بأحد احتمالين: أولهما: أن الحركة الشعبية أدركت تماماً أنه لا سبيل لها إلى الانطلاق لبناء الدولة الجديدة وإرساء هياكلها وبنياتها التحتية إلا بالتعاون مع السودان وترجيح علاقات حسن الجوار على العداء المستحكم الذي لا يحقق أية فوائد تذكر. وثانيهما: أن دولة الجنوب تظن ظناً آثماً أن السودان برئاسة المشير عمر البشير لا ولم ولن يبدي أية تنازلات في مجال المشكلات العالقة: الأمن، وترسيم الحدود، وقسمة النفط، ومشكلة أبيي المزمنة، ولم يتبق من انعقاد قمة جوبا المرتقبة سوى سبع ليال وثمانية أيام حسوما.. وخلالها يتوجب على الحكومة السودانية تحليل مواقف الحركة السابقة وتوجهاتها الانقلابية الحالية للتوصل إلى يقين بأن القمة تصب في مصلحة الدولتين الجارتين اللتين تربطهما آصرة الجغرافيا وروابط القربى الثقافية والاقتصادية والتجارية. وعطفاً على قانون ميرفي فان: الأمور إذا تركت على عواهنها فإنها سوف تنتقل من سيئ إلى أسوأ.
500
| 25 مارس 2012
وقف التاريخ في لحظة مفصلية ليسجل في أناة وألم وأنين دخول الانتفاضة السورية عامها الثاني، دون أن يترجل الرئيس السوري بشار الأسد ويحقن الدماء التي لونت جل المدن والبلدان السورية، وحولت الديار إلى جحيم لا يطاق. لم يعبأ الرئيس بشار بعدد القتلى الذين ناهز عددهم التسعة آلاف، ولا بعدد النازحين الهاربين من جحيم الحرب والذين ناهز عددهم الثلاثين ألفاً.. ولم يرف له جفن للويلات والبلايا التي خلفتها آلته العسكرية الخرساء التي هشمت أجسام الأطفال الطرية، مثلما لم يذرف دمعة حرى على الشيوخ الذين قضوا تحت الركام، والنساء اللاتي شق عويلهن ونحيبهن عنان السماء.. المبادرات والجهود الدبلوماسية التي اضطلع بها المجتمع الدولي لم تجد نفعاً.. تعاقبت اللجان، اللجنة تلو الأخرى والنتيجة واحدة: مزيد من القتل والترويع وأن المسار السلمي قد تراجع أميالاً في ظل جموح النظام السوري للاستمرار في القتل والقنص الأكثر بشاعة في ربيع الثورات العربية. لقد بدأت تلوح في الأفق مظاهر سيناريو الحل العسكري الذي يهدف إلى تسليح الجيش السوري المنشق والمعارضة السورية في الداخل التي لا تزال تستنجد بالمجتمع الدولي المخادع الذي يتوارى خلف مجلس الأمن العتيد والبليد. المواقف المخزية لروسيا والصين ليست بعيدة عن الأذهان، فالدعم المعنوي الذي حظي به النظام السوري منحه مزيداً من الفرص للاستمرار في القتل والقمع بحجة أن الإرهابيين هم الذين يقودون الثورة ويؤججون زخمها وعنفوانها، اليوم تصل إلى سوريا البعثة المكلفة من المبعوث الدولي كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة السابق، ولا ينتظر أن تحقق البعثة أية نتائج إيجابية في ضوء عناد الرئيس السوري المتشبث بالسلطة إلى الأبد. وسوف تكون نتائج البعثة الأممية كسابقتها: لجنة الجامعة العربية التي قاد فريقها الفريق الدابي، التي أخفقت ثم خفت ضياؤها وأملها المنشود. رئيس النظام السوري يراهن على الموقع السوري المحير الذي يصعب معه تطبيق السيناريو الليبي بحجة أن أي ضربة عسكرية موجهة إلى سوريا من المحتم أن يشمل لهيبها كل المنطقة بما في ذلك إسرائيل، وهذا ما لم يقدم عليه المجتمع الدولي – على الأقل في الوقت الراهن – السيناريو الآخر الذي يراهن عليه النظام السوري هو أن أي تسليح للمعارضة وللجيش السوري الحر ربما يؤدي إلى حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس. عناد وتصلب الرئيس السوري بشار الأسد في عدم الترجل والتنحي عن السلطة ربما يؤدي إلى احتراق سوريا بأسرها. الوضع في سوريا يذكرنا بقصيدة توماس اليوت (نوتون المحترقة) التي يقول في بعض مقاطعها: الثوم والذمرد في الطين في حنايا جذور شجرة الأكسل والدودة التي تزغرد في الدماء وتغنى تحت الندوب القديمة تهيج حروباً عفا عليها النسيان العقرب يصارع الشمس حتى تهبط الشمس والقمر وتبكي النيازك ويطير الأسد صائداً السماء والسهول طائراً في زوبعة ستأخذ العالم إلى تلك النار المحرقة
420
| 18 مارس 2012
تواثبن خفافاً من كل حدب وصوب ويممن وجوههن صوب العاصمة الأمريكية لتسلم جوائزهن باعتبارهن أشجع نساء العالم لعام 2012 تعرضن للظلم والكبت والقمع والحرمان والاعتقال والسجن والعذاب والتعذيب. ??النساء العشر كرمتهن وزيرة الخارجية الأمريكية بحضور السيدة الأمريكية الأولى ميشيل أوباما، أبدين فرحة عارمة لتتويج جهودهن في الدفاع عن أوضاع المرأة المزرية وقضايا حقوق الإنسان المتردية في جنبات العالم المعولم الساهي.. واللاهي.. واللا مبال. ??جاء هذا التكريم اللائق متزامناً مع يوم المرأة العالمي الذي تم تخصيصه لدفع تقوية وتعزيز جهود المرأة في السلام والأمن والحفاظ على بيارق الحريات خفاقة ترفرف في الفضاءات الدولية، وأملاً في إحراز مزيد من النجاحات في سباق بناء عالم يختفي فيه الظلم، وتتلاشى فيه إلى الأبد مظاهر الاضطهاد والعنف غير المبرر والعنت والعبوس. ??وفي الوقت الذي انفرجت فيه أسارير النسوة بنشوة تلقي الجائزة، لقيت القتيلة عوضية عجبنا حتفها ظلماً برصاص شرطي قالت السلطات السودانية إنه مخمور! ??وأضحى سرادق العذاء الذي أقامته أسرة الشهيدة عوضية، مزاراً غير مسبوق لتلقي وتقديم العزاء، حيث هرول المسؤولون السودانيون لتقديم العزاء، بينما سارع أقطاب المعارضة إلى نفس السرادق لتقديم واجب العزاء في القتيلة "الشهيدة" عوضية راجين من المولى القدير تعاظمت آلاؤه ونعمه أن يتغمدها برحمته، وأن ينزل عليها شآبيب المغفرة، وأن يسكنها مع الصديقين والشهداء في جنات النعيم. ??إطلاق الرصاص على عوضية وعلى غيرها يعتبر أمراً غير مقبول وغير مبرر، في وطن يعاني من الحروب والتفتيت، وتراجع الحريات، وانعدام الأمن وتفشي الفساد. ??وعلى إثر هذه الحادثة المؤلمة تعهد وزير العدل السوداني بعدم التواني في تطبيق القانون في حق قتلة عوضية عجبنا التي لقيت مصرعها بحي "الديوم" جنوبي الخرطوم، وقال إن لجنة التحقيق تعمل تحت إشرافه المباشر. عوضية عجبنا ليست الوحيدة التي تعرضت لبطش الأمن واستخدامه للقوة المفرطة في مواجهة القوارير، فقد تعرضت كريمة الإمام الصادق المهدي للضرب المبرح، ولا ولن ينسى العالم الفتاة التي تم جلدها أمام الملأ، وأن الصحفية السودانية لبنى حسين قد تعرضت للذل والإهانة، وتجريح صورتها أمام العالم، كل ذلك لأنها ارتدت بنطالاً! ??قوانين الأمن العام التي تعرض النساء والرجال والأطفال للقتل والتعذيب والاحتقار والاعتقال يتوجب تغييرها لكي تواكب روح الإسلام السمح، وتعانق المتغيرات المتسارعة في العالم المتمدين والمتحضر. حواء عبدالله الدارفورية المنبت والأصل التي حازت جائزة أشجع نساء العالم نتيجة لجهودها في إعلاء رايات الحرية وتعزيز دور المرأة والطفل، لا تزال تتفجع ويعتصرها الألم، كالمنديل المبلل نتيجة لمقتل بنت جنسها ظلماً على يد شرطي مخمور! أهو مخمور فعلاً؟
831
| 18 مارس 2012
هل تتحقق رهانات ممثل الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو في إلقاء القبض على وزير الدفاع السوداني عبالرحيم محمد حسين، فيما فشلت جهوده السابقة – حتى الآن – في القبض على الرئيس السوداني عمر البشير وغيره من السودانيين الذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال. فقد أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية يوم الخميس الماضي أمراً بالقبض على الوزير السوداني في ما يتصل بإحدى وأربعين جريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب يدعى بأنها ارتكبت في إقليم دارفور، وترى الدائرة بأن السيد حسين يتحمل المسؤولية الجنائية عن عشرين جريمة ضد الإنسانية (الاضطهاد، والنقل القسري، والاغتصاب، والأفعال اللاإنسانية، والسجن أو الحرمان الشديد من الحرية والتعذيب)، ليس هذا فحسب وإنما وجهت إليه إحدى وعشرين تهمة جريمة حرب (القتل والهجوم على المدنيين وإتلاف الممتلكات، والاغتصاب، والنهب، والاعتداء على كرامة الأشخاص)، وترى الدائرة أن وزير الدفاع السوداني قد ارتكب هذه الجرائم إبان توليه وزارة الداخلية، ومنصب الممثل الخاص للرئيس السوداني في دارفور. كما ترى الدائرة إضافة إلى ذلك، أن إلقاء القبض عليه يبدو ضرورياً لضمان حضوره أمام المحكمة الجنائية الدولية وضمان عدم قيامه بعرقلة التحقيقات أو تعريضها للخطر. وقد جاء رد السودان متوقعاً إزاء مذكرة الاعتقال، حيث أكدت الحكومة السودانية أنها غير معنية بما تصدره محكمة الجنايات الدولية من قرارات، وأنه خارج نطاق صلاحياتها.. وأن السودان يعتبر هذه المحكمة أداة سياسية وليست كياناً عدلياً يسعى لتحقيق ما هو لصالح الإنسان. فمنذ أن أصدر أوكامبو مذكرات اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير، وأحمد هارون وعلي كوشيب، لا يزال الجدل والحجاج يترى، وأن السودان بوصفه دولة غير موقعة على ميثاق المحكمة فإن قراراتها لا تسري عليه.. والسؤال الآن الأكثر بروزاً هو إذا كان وزير الدفاع السوداني قد ارتكب كل هذه الفظاعات والجرائم، فماذا فعلت الحركات المسلحة في دارفور؟ صحيح أن ما حدث في دارفور يعد أمراً بشعاً تقشعر له الأبدان، ويدمع الأعين، ويدمي القلوب، ويفطر الوجدان، وكان من الطبيعي، ومن المحتم أن تبادر الحكومة السودانية للاستمرار في عمليات التحقيق والتقصي والمحاكمات العدلية الحقة، ومحاكمة كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والنساء الثكالى، واليتامى الذين تفرقت بهم السبل.. والهدف من كل ذلك هو تحقيق العدل الذي يفضي إلى السلام المستدام والاستقرار الذي لم يتحقق حتى اللحظة.. ولما يتحقق.. وسؤال آخر لا يقل أهمية عن الأول، لماذا انحصرت جهود أوكامبو، الأرجنتيني الأصل، في السودان وحده، ألا يرى ما يحدث الآن وحدث عبر السنوات الماضية في فلسطين والجرائم الوحشية البشعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة وغيرها من الأرض الفلسطينية؟ وماذا عما يحدث الآن في سوريا من فظائع مروعة، الذين شاهدوا (4) حلقات من فيلم الرعب المثير "أناكوندا" لا تعجزهم المقارنة المجازية بين ثعبان أناكوندا الضخم الذي يوجد في الغابات المطيرة في استراليا وأمريكا الجنوبية وبين أوكامبو.. ثعبان أناكوندا يقضي على فرائسه بالضم والضغط على الجسم حتى يتفتت عظمها، وتتفجر عروقها وباستطاعة هذا الحيوان بلع رجل كاملا، وعند عثوره على فريسة أخرى ترمي ما في بطنها وتلتهم الفريسة الجديدة.. أليس هذا ما فعله ويفعله أوكامبو اللجوج؟
653
| 04 مارس 2012
منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، أنفقت الإدارة الأمريكية مليارات الدولارات في سعي حثيث ومثابر لتحسين صورتها في العالمين العربي والإسلامي، ورغماً عن تلك الجهود فإن صورة الولايات المتحدة في العالم قاطبة ازدادت سوءاً وقتامة وسواداً. ومنذ يوم الثلاثاء الماضي فإن العاصمة الأفغانية كابول لا تزال تصطخب وتموج بالمظاهرات والمسيرات المناهضة لأمريكا نتيجة لإحراق زمرة من الجنود الأمريكيين المصاحف وإلقائها في القمامة، مما أدى إلى قتل ما يزيد على العشرة أشخاص من بينهم جنديان أمريكيان. الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعث بخطاب إلى الرئيس الأفغاني حامد كرزاي للاعتذار عن عملية الإحراق الشنيعة "غير المتعمدة" للمصاحف في قاعدة باجرام الجوية التابعة لحلف شمال الأطلسي. غير أن الاعتذار لم يخفف من حدة الاحتقان والغضب، مما حدا بحركة طالبان للخروج عن صمتها ودعوتها الأفغان إلى الانتقام من القوات الأجنبية بعد عملية إحراق المصاحف. الإجراءات التي تبنتها ونفذتها الإدارة الأمريكية لتلميع صورتها في المنطقة تتسم بالسطحية والسذاجة.. ومن بين تلك التدابير: * تبني ما أطلق عليه الدبلوماسية الشعبية، ورديفتها دبلوماسية المواطن بأن الشعب الأمريكي وليس الإدارة الإفريقية هو المعني بتصحيح الصورة الذهنية السالبة للولايات المتحدة الأمريكية في العالم.. بمعنى أن المواطن الأمريكي في كل بقعة من بقاع العالم يتوجب عليه أن يكون نموذجاً يحتذى في الترويج للقيم الأمريكية في عشق الحرية، والعدالة، وحقوق الإنسان واحترام أديان وثقافات الشعوب الأخرى. * إنشاء قناة الحرة للتبشير بالمنهج الأمريكي الجديد لبسط الحرية والديمقراطية ومحاربة الإرهاب. * إطلاق راديو "سوا" لاستقطاب الشباب العربي والمسلم وإدراجهم في عمليات الوله والولع بنمط الحياة الأمريكية الجاذب.. غير أن جميع هذه التدابير لم تجد نفعاً في ضوء استمرار الإدارة الأمريكية في النهوج الباعثة على الكراهية للنموذج الأمريكي، والسياسة الأمريكية التي تغالي في ازدواجية المعايير. ومن بين تلك النهوج الباعثة على كراهية شعوب المنطقة لأمريكا ما يلي: - الدعم المطلق لإسرائيل ولسياساتها التوسعية والقمعية. - الإسناد المبالغ فيه للطغاة والساسة المستبدين في ليبيا، واليمن، وتونس وغيرها من بلدان المنطقة. - لم تنس شعوب العالمين العربي والإسلامي احتلال العراق، وأفغانستان وجعلهما ساحة لعبث ولهو الجنود الأمريكيين بمقدرات ومقدسات تلك الشعوب، وقتل الأبرياء بدواعي التسلية ضاربين عرض الحائط بنموذج دبلوماسية المواطن. إحراق الجنود الأمريكيين للمصاحف مثل ويُمثل ازدراءً للمشاعر الإنسانية النبيلة والقيم الدينية الرفيعة التي تحترم كل الأديان وتراعي مشاعر وأحاسيس معتنقيها. إدارة الرئيس أوباما بحاجة ماسة لدبلوماسية جديدة في المنطقة تراعي حرمة الأوطان، ومقدساتها ومقوماتها الحضارية الرفيعة، وإن شذاذ الآفاق مهما فعلوا فإن القرآن يظل في اللوح المحفوظ.. وأن صورة أمريكا سوف تهترئ وتتمزق وتعصف بها المنون مثل شمعة في مهب الرياح.
470
| 26 فبراير 2012
عطفاً على مُنظر الاقتصاد الأشهر آدم سميث: "إن الإنسان بحاجة شبه دائمة إلى مساعدة نظرائه من البشر، ومن غير المجدي انتظار هذه المساعدة بالحسنى دون مقابل". وعلى هذا المنوال، فإن التواطؤ الروسي الصيني البغيض والمقيت مع النظام السوري لم يكن من غير مقابل، فالروس والصينيون لديهم مصالح مشتركة مع النظام السوري الساهي، تأكيداً للمقولة أعطني ما أريد، وسوف أمنحك أكثر مما تريد. الروس يريدون أن تكون يدهم هي العليا في مضمار السياسة الدولية، ومحاربة الإرهاب، والحصول على أسواق لمنتجاتهم المدمرة في المنطقة، كما أن الصينيين يريدون أن تكون لهم مواطئ اقدام في الساحة العربية التي تراجع دور الولايات المتحدة الأمريكية فيها نتيجة للحروب التي خاضتها الإدارة الأمريكية في العراق وأفغانستان. فقد فتح الفيتو الروسي الصيني المزدوج الأبواب على مصاريعها للرئيس بشار الأسد للمضي في حملته المنظمة والممنهجة للاستمرار في عمليات القتل والقصف والقمع والتدمير المروع في جميع جنبات القُطر السوري المضطرب. كما أن الفيتو الروسي الصيني المزدوج قد منح الرئيس بشار نشوة لا يضاهيها العنب المعتق، بأنه لا يقف وحيداً في الساحة السياسية الدولية والدبلوماسية.. وأن ادعاءاته بأن هناك جماعة إرهابية تؤجج العنف قد انطلت - بشكل ما - على المجتمع الدولي الهش والمهترئ.. والمهلهل.. والهالك. وغني عن القول إن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي بأغلبية ساحقة (137 صوتاً) على مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعة العربية بشأن الأوضاع المتردية في سوريا.. لم يحقق للوطن العربي المناهض لعمليات العنف العارم في القُطر السوري أية نتائج إيجابية تذكر، سوى الدعم الرمزي والمعنوي الذي سرعان ما يذهب ادراج الرياح. وإذا ما استمسكنا بالتفاؤل وبصيص الأمل في إيجابيات دعم هيئة الأمم المتحدة للخطة العربية، فإن أمام الجامعة العربية خيارين أساسيين: أولهما: المضي قدماً في الجهد الدبلوماسي وحشد الدعم والتأييد الدولي لأصدقاء سوريا الذين تلتئم اجتماعاتهم قريباً في تونس: المهد الحنون والحالم للثورات العربية، التي غيرت منابع الاستبداد، وبددت أسس الطغيان، وحكم الفرد.. وثانيهما: حشد الدعم السياسي والعسكري لدعم الثوار ونشطاء الحرية وفصائل الجيش الحر الذين أبلوا بلاءً حسناً في السعي لإيجاد حلول عاجلة ونهائية لوقف ازهاق الارواح وتدمير المقومات الحضارية والإنسانية للشعب السوري الباسل، مع التلميح بأن ذلك سوف يدفع بالحرب الأهلية إلى مسارات خطيرة.. واستناداً إلى كل ذلك فإن جميع هذه الجهود سوف تؤدي إلى إطالة امد العنف والنزاع الذي استمر زهاء العام.. ما لم يتنح الرئيس بشار الأسد طواعية عن سدة الحكم، ويتخلى عن جهوده الإصلاحية الهلامية.. الضارة.. والمضللة.. والضبابية التي ستدخل بلاد الشام بأسرها في جحر ضب خرب، واطلال تنعق من فوقها الغربان والبوم، وتعشش فيها البأساء وسلالة إبليس المفسد.
545
| 19 فبراير 2012
مساحة إعلانية
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2328
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
2256
| 10 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1458
| 06 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
1176
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
762
| 10 ديسمبر 2025
هناك ظاهرة متنامية في بعض بيئات العمل تجعل...
663
| 11 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
642
| 08 ديسمبر 2025
يُتهم الإسلام زورًا وبهتانًا بأنه جاء ليهدم الدنيا...
579
| 07 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
570
| 07 ديسمبر 2025
نحن كمجتمع قطري متفقون اليوم على أن هناك...
504
| 11 ديسمبر 2025
مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن...
489
| 10 ديسمبر 2025
أيام قليلة تفصلنا عن واحدٍ من أجمل أيام...
468
| 08 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية