رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

فلسطين: الشعب أنهى الانقسام

من رحم الثورات العربية الحبلى بآمال التغيير والإصلاح، واستجابة لنداءات وهتافات الشباب الفلسطيني المطالبة بإنهاء الانقسام، تم توقيع اتفاقية المصالحة بين حركة "فتح" وحركة "حماس"، بالأحرف الأولى يوم الأربعاء الماضي في القاهرة برعاية مصرية، صارمة لا تمتطى صهوة التماطل، أو التطويل، أو التأجيل. وإذا سارت الأحداث على ما هي عليه الآن، ومع ثبات العوامل، وتوافر النيات الصادقة والثقة المتبادلة بين جميع الأقطاب، فإن يوم الأربعاء القادم سيشهد توقيع الاتفاق النهائي.. الذي سيبرمه محمود عباس أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.. القاهرة التي رعت مباحثات إنهاء الانقسام لأكثر من عام ونصف العام، لم تستطع في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك أن تتقدم خطوة إلى الأمام في سبيل التوسط بين الفرقاء لاعتبارات تتعلق بالظروف الإقليمية والدولية.. وبدا جلياً أن الدور المصري الإقليمي في الريادة والقيادة ووضع بصمات مرئية في الساحة السياسية بدأ في البروز التدريجي.. ويزيد هذا الدور نصوعاً التصريحات المصرية التي تؤكد إنهاء الحصار من جانب مصر، والخاص بفتح معبر رفح قريباً لينهي بذلك فترة عصيبة عاشها مواطنو قطاع غزة من الحرمان من ضرورات الحياة الأساسية.. ومن العزلة من ذوي القربى في الجارة الودودة مصر.. الخصام والانقسام الذي استمر زهاء السنوات الخمس أدى بشكل ملحوظ إلى انقسام الجسد الواحد، وأدى إلى تداعيات استقطاب حاد جنى ثماره المرة أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع.. كما أدى إلى التراشق بالألفاظ النابية، وأحياناً أخرى إلى التراشق بالرصاص، والسجن، والاعتقال، واتهامات التخوين والعمالة التي طالت الصغير والكبير، والسائر والعابر.. وليس سراً أن اتفاق المصالحة سوف يؤدي إلى إغضاب إسرائيل التي جن جنونها، وبدأت تطلق التصريحات النارية لإثناء أبو مازن عن العدول عن إبرام الاتفاق. فقد بدأت إسرائيل حملة لحث دول الاتحاد الأوروبي "بعدم الاعتراف بأي حكومة فلسطينية تكون حماس جزءا منها مادامت الحركة لم تعلن التزامها بشروط الرباعية، الثلاثة: الاعتراف بإسرائيل، وقبول الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية، ونبذ الإرهاب وكل أشكال العنف". يتضح جلياً أن إسرائيل لا تريد السلام بدليل استمرارها في عدم تنفيذ القرارات الدولية، ومضيها في سياسة الاستيطان والإقصاء والقتل والتدمير. المرحلة الحالية تتطلب من جميع الفرقاء الفلسطينيين المضي قدماً في مساير توقيع الاتفاقية يوم الأربعاء القادم، والتأهب لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.. أمام الحركات والفصائل الفلسطينية مهام عاجلة لا تتطلب التسويف أو الإغراق في التفاصيل.. لأن إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس يشكل باعثا وحافزا للاصطفاف والاستفادة من المتغيرات الإقليمية والدولية التي تبعث على الأمل النضير بتحقيق الحلم المشروع الذي طال أمده ومداه.

501

| 01 مايو 2011

سورية.. أنفاس لاهثة

صور القتلى المروعة والبشعة الذين سقطوا بنيران قوات الأمن السورية التي بثها موقع "يوتيوب" على شبكة الإنترنت، جعلت القلوب تتفطر ألما، والأعين تذرف دماً، والوجدان الشعبي ينشطر حزنا، من هول مظاهر القمع المنظم الذي تعرضت له جحافل المتظاهرين السوريين الذين جابوا المدن السورية بهتافاتهم المدوية التي ارتقت إلى عنان السماء متنادية بالإصلاح، ومقتضيات الصحوة السلمية. الجمعة العظيمة، أو جمعة الآلام، سطرت بأحرف من دم توق الشعب السوري للحرية والإصلاح السياسي ومحاربة الفساد والاستبداد. تباطؤ النظام في الاستجابة للمطالب الشعبية أدت بصورة أكثر وضوحاً إلى رفع سقف مطالب الشباب من الدعوة إلى إصلاح النظام، إلى الإلحاح الحاسم بالهتاف الأسطوري: "الشعب يريد إسقاط النظام". ظن الرئيس السوري الأسد وسدنة نظامه العتيق خطأ، أن المراسيم الدستورية التي أصدرها مؤخراً سوف تكبح جماح الثورة الشعبية وتؤدي تبعاً لذلك إلى استقرار النظام المتشبث بسدة الحكم. لقد اشتملت تلك المراسيم الدستورية إلى إلغاء قانون الطوارئ التليد، وإقالة الحكومة، وتشكيل لجان تعنى بإصلاح منظومات النظام وانساق العمل السياسي العام. ففي الوقت الذي ظن النظام أن هذه المراسيم الدستورية وما تبعها من خطوات تعد كافية لاستتباب الأمن، واختفاء شبح المظاهرات من الشوارع، فإن الشباب السوري رأى في تلك المراسم مجرد مسكنات أولية، وجراحا تقبيحية للمطالب، وأنها في مطلق الأحوال لم تستجب للنداءات والمطالب الحقيقية التي تحقق في نهاية المطاف: إعلاء الحرية، وإطلاق بيارق الديمقراطية، ورفع المعاناة عن الأهل الصامدين والصابرين. الإعلام الرسمي السوري اقتفى آثار النظام بالترويج لنظرية المؤامرة التي عزا فيها النظام إطلاقه للرصاص ليس للشعب السوري، وإنما أرادوا بذر بذور الفتنة والشقاق بين الشعب السوري وقادته "الأوفياء" الذي يدعو للحيرة والتساؤل المشروع هو: لماذا لم تقدم أية دولة، أو جهة، أو حتى الجامعة العربية لتقديم مبادرة للتوفيق بين الثوار ونظام الرئيس الأسد؟ لقد حدثت حتى الآن سلسلة من المبادرات للوساطة بين الرئيس الليبي والثوار، وبين الرئيس اليمني والثوار اليمنيين الأشاوس.. وظل الوطن العربي بقادته وجامعته العربية يقف في حافة المنحى ويتفرج بتفجع على ما يجري في الساحة السورية.. وما لم يستجب النظام السوري للمطالب الشعبية المشروعة، وما لم تطف على السطح السياسي مبادرة جادة، من أي نوع كان أو يكون.. فإن مظاهرات "الجمعات" سوف تستمر في القُطر السوري.. ويخشى الجميع من أن تتحول سورية، السمحة إلى حمام دم تفوق بشاعته عن ذلك الذي حدث يوم الجمعة العظيمة.. وعندها يخشى من تدخل حلفاء الأسد للانضمام إلى إبادة الشعب الثائر، والقضاء على الثورة.. ويتحول المشهد برمته إلى أنفاس لاهثة!

444

| 24 أبريل 2011

إنهم يشوهون الثورات العربية

الثورات العربية المجيدة التي اجتاحت معظم الدول العربية تعرضت للتشوهات وتشويهات ونتوءات قسرية ومتعمدة حاولت جاهدة نزع شرعيتها المطالبة بإسقاط الأنظمة أو إصلاحها لإقامة منظومات حكم رشيدة وفاعلة تحقق الحريات، وتقيم أنظمة حكم ديمقراطية مفعمة بالمشاركة الشعبية، على أنقاض الاستبداد والفساد التي رانت على الساحة العربية ردحاً من الفرص. لقد نبعت مظاهر التشويه من الأنظمة العتيقة ومن جهات أخرى أرادت أن تصطاد في المياه العكرة علها تستطيع أن تسرق وميض الثورات المشع بالضياء والأمل وإليك بعض النماذج: لقد دفع العقيد القذافي مروجي الثورة بأنهم ثلة من المهلوسين، ومتعاطي المخدرات، وفلول القاعدة، التي تعرض الأمن العربي والدولي للخطر الأكيد.. وقد اقتفى ابنه سيف الإسلام نفس المسار البائس. أما ابنة العقيد القذافي المسماه "عائشة" فقد قالت مؤخراً لدى مهاجمتها المجتمع الدولي والوطن العربي المشارك في حملة إزاحة والدها من سدة الحكم: "إن الدعوات التي يطلقها الغرب لرحيل والدها تعتبر إهانة لكل الشعب الليبي.. ومن لا يريد القذافي لا يستحق الحياة". الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي اقترفت قواته مجاذر قتل بشعة ضد شعبه، فقد وصف المعارضة بأنهم "قطاع طرق" وأن الاختلاط في الساحات التي اكتظت بالثوار "حرام شرعاً". وفي سورية، فإن أشرطة الفيديو التي بثتها قنوات فضائية عديدة تدعو للأسى والألم المحض من جراء مظاهر التعذيب التي تعرض لها المتظاهرون، فقد أظهرت تلك الأشرطة أن أفراد أمن سوريين يضربون بالعصى محتجين محتجزين في مدينة البيضا الساحلية ويركلونهم بالأقدام في الوجوه وفي الأجسام المسجاة على الأرض.. وأيديهم مقيدة بالأصفاد. ورداً على ذلك فقد عزا الرئيس الأسد ذلك إلى أن "سورية مستهدفة بمؤامرة خارجية لإشعال الفتنة". وفي الأردن تبدو الصورة مختلفة نوعاً ما.. فقد تواترت الأنباء أن 83 رجل أمن أردنيا قد أصيبوا طعنا بالسلاح الأبيض والسيوف خلال مواجهات مع مجموعات من التيار السلفي اعتصموا في مدينة الزرقاء أمس الأول مطالبين بـ"إقامة الخلافة الإسلامية وتحكيم الشرع والإفراج عن الأسرى في السجون". المجموعة السلفية في غزة أقدمت على قتل ناشط سلام إيطاليا بعد خطفه.. مما يعد تشويها شائنا للثورة الفلسطينية التي سعت وتسعى لتحرير الأرض من الاحتلال البغيض، وكسب تأييد الرأي العام العالمي للقضية الفلسطينية العادلة. الناشط الإيطالي المقتول هو فيتوريو اريغوني "36 عاما" يعد من الداعمين والمساندين للقضية الفلسطينية منذ ما يزيد على العامين أمضاها في غزة مؤيدا وداعما لحرية الشعب الفلسطيني. أساليب القمع والتشويه الذي تتعرض له الثورات العربية العارمة لا يمثل إلا عجزاً وضعفاً من الأنظمة السياسية القائمة، التي تعوزها الحكمة والحنكة في إيجاد خريطة طريق لحل الأزمات والمشكلات السياسية الماثلة حاليا.. وعوضاً عن البحث عن كبش فداء، أو شماعات تعلق عليها أنظمة الحكم القصور والخلل.. عليها أن تبحث عن حلول جديدة وجادة وجديدة بأن تعيد للأوطان مجدها، وللمواطنين كرامتهم الإنسانية وعشقهم للحرية، والعدالة الاجتماعية الحقة.

574

| 17 أبريل 2011

غارة بورتسودان وخيانة الداخل

إذا صحت المعلومات التي اتهمت فيها الحكومة السودانية عملاء من جنوب السودان بتقديم معلومات استخباراتية لمساعدة إسرائيل في تنفيذ قصفها الجوي على عربة في مدينة بورتسودان يوم الثلاثاء الماضي فإن السودان يواجه في المستقبل دولة جارة خؤونة لا يؤتمن جوارها، وتمثل بؤرة للتوتر، وساحة لتأجيج استهداف السودان من الدولة العبرية، وغيرها من الدول التي تضمر الشر للبلاد بأسرها. لقد فجرت الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل مزيدا من الجدل والحجج حول جملة من التداعيات: فقد أكدت الحكومة السودانية أن الضربة الصاروخية القاتلة قد أودت بحياة مواطنين سودانيين هما: عيسى أحمد هداب، أحد مواطني مدينة بورتسودان، وسائقه الشخصي أحمد جبريل.. خلافاً لما ذكرته الصحف الإسرائيلية بأن المستهدف من العملية هو: عبداللطيف الأشقر وريث محمود المبحوح الذي اغتاله الكيان الإسرائيلي في وقت سابق. الغارة الجوية التي استهدفت وقف تهريب الأسلحة إلى حركة حماس وفقاً لادعاءات إسرائيل، لم تكن الأولى، فقد شنت إسرائيل غارة جوية استهدفت قافلة من الشاحنات عام 2009، ووفقاً للمزاعم الإسرائيلية فإن القافلة كانت محملة بالسلاح والمواد القتالية التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة. ومن حق السودانيين أن يجأروا بالشكوى والسؤال والعجب.. كيف تسنى لإسرائيل أن تشن غارتين على السودان دون تحفز من الدفاعات الجوية السودانية لردها وردعها؟ ولماذا صمت المجتمع الدولي إزاء تدخل إسرائيل في أجواء السودان وانتهاك سيادته؟ ورداً على السؤال الأول فإن نواباً من البرلمان السوداني قد طالبوا باستدعاء وزيري الدفاع والداخلية، ومسؤول جهاز الأمن والمخابرات، لاستجوابهم، كما طالبت المعارضة السودانية بإقالة وزير الدفاع ومساءلة الحكومة لفشلها في حماية السيادة الوطنية. أما عن صمت وتجاهل وتناسي المجتمع الدولي لما حدث في بورتسودان، فإن المجتمع الدولي الذي تقود دفته الولايات المتحدة الأمريكية فإنه ليتسم بالمكر والخداع والتضليل وازدواجية المعايير. فالولايات المتحدة الأمريكية لديها تاريخ مديد في حماية إسرائيل ودعمها ماديا وعسكريا ولوجستيا، فقد أوقفت الإدارة الأمريكية أكثر من 40 قراراً ضد العدوان الإسرائيلي على فلسطين باستخدام حق النقض "الفيتو" كما أنها تسعى حاليا حثيثا لدفن تقرير غولدستون الذي ترأس لجنة التحقيق الدولية في العدوان الإسرائيلي على غزة.. وخلال الأيام الثلاثة الماضية شنت إسرائيل عددا من الغارات الجوية والمدفعية التي أودت – حتى الآن – ما يقرب من العشرين شهيدا، دون أن يتحرك المجتمع الدولي ساكنا. والآن تطالعنا الأخبار بأن الحكومة السودانية بصدد اتخاذ إجراءات عاجلة لتقديم شكوى لمجلس الأمن ضد العدوان الإسرائيلي الغاشم على مدينة بورتسودان. وفي انتظار رفع الشكوى لمجلس الأمن، وإجراء التحقيقات اللازمة من قبل الحكومة السودانية لكشف ملابسات الغارة الجوية، فإن واقع الحال يحتم على الحكومة كشف المتورطين من جنوب السودان ممن أسمتهم العملاء.. الشعب السوداني يريد أن يعرف هوية العملاء، وأماكن وجودهم، وقدرتهم الفائقة على إحداث هذا الثقب الكبير في جدار السيادة السودانية التي يتوجب أن يخضع منفذوها للمساءلة والمحاكمة.

961

| 10 أبريل 2011

الشعب يريد حرية الأنام

الشعب العربي المتفجع في مأساته المتكررة والدائمة ليس في حاجة إلى القوت أو السلاح، لكنه في حاجة ماسة وملحة إلى بسط الحريات التي تحقق إحقاق الحق، وإبطال الباطل، وإزاحة القهر والكبت والحرمان والظلم، من جميع الفضاءات والساحات العربية التي بدأت تثور وتنتفض نشداناً لحرية التفكير والتعبير والاقتراع والترشيح لجميع المناصب والمشاركة السياسية الفاعلة.. لقد أدى فقدان الحرية إلى بروز جملة من المشكلات والتداعيات التي برزت مؤخراً على نحو لا يمكن تجاهله أو اختزاله.. وإليك بعض النماذج: لو كانت هناك حرية لما تربع معظم الرؤساء في مقاعد الحكم الوثيرة.. والمثيرة عقودا من الزمن.. دون أن تتاح الفرص للتداول السلمي للسلطة. ولو بسط هؤلاء الحرية وتوأمها الشفافية لتمكن الشعب وأجهزته العدلية الحرة من اجتثاث الفساد، ومحاكمة المفسدين الذين عبثوا بثروات الشعب وقوته وقواته،ولأصبحت الأوطان مهداً للفضائل، والمجد الأثيل، والشرف النبيل. ولو لم يتجه أولئك إلى تجهيز أقطاب منظمات المجتمع المدني، وحظر حركتهم وتحركاتهم وحركاتهم، وجعلهم يلفون ويدورون في ركاب الحزب الواحد المهين على السلطة ونوافذها وأبوابها، لما تحركت جموعهم للانقضاض على الأنظمة واقتلاع جذورها الرثة والبالية.. ترى لماذا لم تسمح تلك الأنظمة بقيام نقابات وجمعيات حرة تسعى بكل طاقاتها للارتقاء بالوطن والمواطنين في سياق المنظمات المنضوية تحت لوائها؟ فحتى نقابات العمال وجمعيات المهنيين من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات لا يسعهم التعبير عن آرائهم ومقترحاتهم البناءة إلا في إطار بصيص الضوء الذي يسمح به النظام.. اعتقال الصحفيين والزج بهم في السجون المقفرة، والمجالس الموحشة يمثل مثالا صارخا لتلك الأنظمة السياسية التي ترى في الرأي الآخر خروجاً على النظام والمجتمع، كما يرى بعضها أن حرية الفكر تعني الكفر.. بمعنى آخر لو كانت لدى الشعوب العربية حرية معتبرة لما لجأت الأنظمة الحاكمة إلى تشويه الحقائق عمداً. وإليك بعض الأمثلة.. * في معركة الجمل الشهيرة خلال الثورة المصرية عزا النظام ما حدث نتيجة لـ"بلطجية" لا ينتمون إلى النظام. * وأثناء وبعد الجمعة الدامية التي لقي فيها أكثر من 52 من اليمنيين حتفهم من أجهزة الأمن ومن لف لفهم، عزا النظام تلك المجزرة إلى جماعة إرهابية مسلحة. * وبالأمس فقد عزا النظام السوري الأحداث التي أودت بحياة أكثر من عشرة أشخاص إلى جماعات مسلحة تسعى للفتنة. * والأدهى من ذلك أن العقيد القذافي فسر الانتفاضة الليبية بأن وراءها "المهلوسين" وفلول تنظيم القاعدة.. إن الوطن العربي في مسيس الحاجة إلى إطلاق الحريات: حريات التفكير والتعبير، والإعلام، والانتخاب، والترشيح، استقلال القضاء، وحريات تكوين وإدارة منظمات المجتمع المدني. وينبع الاشمئزاز الشعبي الحالي من فقدان الحرية، وأن تفجر ينابيع الحرية سوف يقضي على مظاهر البؤس والشقاء والتفجع التي رانت على مجتمعاتنا العربية ردحاً من الزمن.. ويا له من زمن: إنه زمن ترنح الأنظمة المستبدة.. إنه زمن الشعب يريد حرية الأنام.

771

| 03 أبريل 2011

السودان: تأجيل إسقاط النظام!

اجتاحت الانتفاضات الجامحة – حتى الآن – عشر دول على نطاق الوطن العربي الكبير.. ففي الوقت الذي نجحت فيه ثورتان بإزاحة رئيس تونس ومصر، لا تزال أصداء انتفاضات ليبيا، واليمن، والبحرين والأردن وسوريا تدوى في الآفاق، وربما تؤدي نتائجها إلى حلول مخشوشنة تسفك فيها الدماء وتنقطع فيها أوصال الوطن إرباً إرباً. والسؤال الأكثر إلحاحاً الآن هو: لماذا تأخر شباب السودان عن رصفائه في المنطقة العربية عن اقتفاء أثر الثورتين المصرية والتونسية؟ وهل يعد التوقيت ملائماً للقيام بانتفاضة مماثلة؟ لقد خرجت قطاعات الشباب، "والمعارضة" بمحاولات عديدة للثورة ضد الحكومة السودانية، وقد باءت جميع تلك المحاولات بالإخفاق.. نتيجة لتصدي النظام الأمني يقمع تلك المظاهرات والمحاولات وزج بعدد غير يسير من المتظاهرين في السجون والمعتقلات.. كما تعرض بعضهم لضرب بالهراوات والعصي. والآن، لم يتسرب اليأس والقنوط إلى نفوس الشباب السوداني من الاستمرار في محاولات الانتفاضة والثورة ضد حكومة الرئيس البشير. وقد دعا شباب السودان في موقعهم على صفحاتهم في موقع (الفيس بوك) ما يلي: "نحن شباب السودان ندعو لانتفاضة شعبية تبدأ يوم 30 يناير لأننا نريد التغيير، نريد الحرية، ونريد إزالة الفساد والمحسوبية، والبطالة والجوع والقهر والظلم، نريد حكومة انتقالية تقيم انتخابات حرة ونزيهة". الدعاوى التي ساقها الشباب السوداني للثورة ضد النظام لها ما يبررها في أرض الواقع.. غير أن الانتفاضة في ظل التوقيت الراهن يتوجب أن تدعو للتأني والأناة والصبر.. وذلك لاعتبارين أساسيين هما: * إن السودان المنقسم على نفسه.. بعد أن انفصل جنوب القُطر وفي ظل التجاذب الحاد، والاستقطاب المريع، والاحتقان المزدوج ربما يؤدي إلى مزيد من الفوضى والتشرذم. * إن أزمة دارفور لا تزال تتأرجح وتنزلق من طاولة مفاوضات إلى أخرى، ومن دولة إلى أخرى.. فتعنت الحركات الدارفورية المسلحة ورفع سقف مفاوضاتها إلى سماوات غير مرئية، كما أن عدم مرونة الحكومة السودانية.. قد أدت جميع هذه الاعتبارات إلى تأخر حل أزمة دارفور.. وعند قيام الانتفاضة – أي انتفاضة – في ظل الظروف الحالية سوف تؤدي إلى اختلاط الحابل بالنابل، مما يؤدي إلى تدخل المجتمع الدولي المتأهب أصلاً إلى التدخل في السودان.. وتدخل المجتمع الدولي في الجارة ليبيا ليس ببعيد. إننا ندعو شباب السودان إلى تأجيل الانتفاضة - المرتقبة التي تمت الدعوة إليها إلى ما بعد التاسع من يوليو القادم – وهو الموعد المضروب لانفصال الدولتين شمال السودان وجنوبه. دعوتنا إلى تأجيل الانتفاضة ليس خوفاً من بطش النظام، وقدرة الفائقة، وعدم مبالاته في قمع التظاهرات.. وإنما حرصاً على وحدة الوطن – أو على الأقل – ما تبقى منه. إننا حقاً أمام لحظة تاريخية حرجة وحاسمة تتطلب مزيداً من الصبر والمثابرة على اتخاذ خطوات استباقية من جانب النظام للوفاء بمطالب الشعب ومتطلبات المرحلة الحالية التي تتسم بنفحات الهلاك.

326

| 27 مارس 2011

عندما يقتلون شعوبهم

التدخل الأممي الذي بدأ مساء الأمس لوضع حد لطغيان وجبروت الرئيس "الأممي" القذافي يمثل بُعداً جديداً أملته ضرورات حماية المدنيين من بطش النظام المراوغ، والمخادع، الذي أباد سكان مدينة الزاوية وقتل الناس في معظم المدن والبلدات في شرق البلاد. الخشية الأساسية، والقلق المتعاظم الذي يساور الشعوب العربية هو أن يقوي هذا البعد إلى تدخل جديد في دول أخرى، تقتل شعوبها وتروعهم على مشهد ومرأى من جميع سكان المعمورة الذين يشاهدون مظاهر المذابح، والقتل بدم بارد للمتظاهرين سلمياً في الميدان والساحات العامة. فاليمن السعيد، قد تحول بفعل سياسات الرئيس علي صالح إلى يمن كئيب وحزين وبائس، للمجزرة التي ارتكبها ونفذها جنود وقوات أمن الرئيس اليمن التي أدت إلى مصرع ما يزيد على الخمسين شخصاً تنبئ بمستقبل قاتم، ومخيف مع إصدار الرئيس اليمني عدم التنحي وإفساح المجال للشعب لحكم نفسه بدلاً من فظاعة القتل وبشاعة الاستهداف.. الدم القاني الذي رقط ساحة التغيير في صنعاء والمعلا وغيرها من المدن اليمنية يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الرئيس اليمني لا يرى، ولا يسمع، ولا يفهم معنى الثورة وحقوق الشعوب للتعبير عن آرائها برفض الظلم والكبت والقهر وسفك الدماء بلا مبرر إنساني مقبول، هذا ما جرى في تلك الدول، ونرى أن البحرين، وسوريا، والأردن، والسودان ليست استثناء.. فقد أقدمت منظومات الأمن فيها على قمع التظاهرات والمسيرات الشعبية مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى. كان من المأمول أن يتخذ رئيسا ليبيا واليمن خطوات استباقية باحتواء الأزمات والاستجابة لرغبات وأماني وتطلعات الشعوب ويتنحيا استجابة للمد الثوري الجارف. وعوضاً عن ذلك فقد اتخذ الرئيس الليبي استراتيجيات وأساليب المراوغة والخداع وتضليل المجتمع الدولي بيانات متناقضة.. ففي البيان الأول طالعنا النظام الليبي بأنه يقبل قرار وقف إطلاق النار الصادر من مجلس الأمن الدولي، وفي بيان آخر أشار نفس النظام بالأمس بأن ليبيا لا تعترف ببيان مجلس الأمن الدولي وتعتبره "باطلا". أما الرئيس علي صالح فلا يزال يحاول كسب الزمن الآخذ في النفاذ.. رغما عن انضمام المعارضة للمحتجين، واستقالة عدد غير محدود من وزرائه، وسفرائه، والتحام الصحفيين مع قوافل المعارضة وحشود المحتجين. التدخل الدولي في ليبيا والذي تقوده فرنسا، لا تُعرف حتى نتائجه أو مآلاته في مستقبل خريطة الاحتجاجات في الوطن العربي. إننا نأمل أن يؤدي هذا التدخل إلى حماية المدنيين من النظام الليبي المتغطرس الذي يفتك بشعبه ويسفك دماءهم كأنهم كلاب ضالة.. أو جرذان ضارة.

525

| 20 مارس 2011

ماذا تنتظر الجامعة العربية؟

ألم يحن الوقت لجامعة الدول العربية أن تتخذ خطوات شجاعة، وقرارات جريئة موشحة بالشرعية لوضع حد فاصل لطغيان وجبروت النظام الليبي الذي غالى واشتط في قمع مواطنيه، وقصفهم بالدبابات والبوارج والطائرات براً وبحراً وجواً؟ الشعب الليبي الذي تسامق كالجبال الشم، وهتف ضد شطط الشمولية، وشظف العيش، وشياطين العقيد وأنجاله، يستحق من الجامعة العربية أكثر من عبارات الشجب والتنديد بالمذابح العديدة والممنهجة، التي نظمها العقيد وأنجاله، وشراذم المرتزقة، وفلول المنتفعين من نظامه الكئيب الذي جثم على صدر الليبيين الصبورين وأذاقهم الأمرين. لماذا تأخرت جامعة الدول العربية عن الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الذي شكلته المعارضة الليبية وأضحى الممثل لها ولجميع الثوار الذين أشعلوا شرارة الثورة؟ لقد بادرت فرنسا مبكراً بالاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، وتبعها مجلس الاتحاد الأوروبي في اجتماعه بالأمس الذي دعا الرئيس الليبي للرحيل، وعزز قراره بالاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي باعتباره محاوراً رئيسياً، أما الولايات المتحدة الأمريكية التي كان يفترض أن تقود الحراك الدولي للشعوب التواقة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد وجدت نفسها مكبلة بقيود وأوصاد الأوضاع التي أدخلت نفسها فيها في العراق وأفغانستان، واكتفت بدعوة العقيد القذافي للرحيل بعد أن فقد الشرعية والتأييد الشعبي.. ويتفهم المرء الأوضاع والظروف العصبية التي ربما تترب على اعتراف الجامعة العربية بالمجلس الوطني الانتقالي.. كما يتفهم الجميع إحجام الجامعة العربية – حتى الآن – عن توفير غطاء للمجتمع الدولي بإقامة حظر جوي في ليبيا، لأن قراراً مثل هذا ربما يفتح الأبواب على مصاريعها لاتخاذ قرارات مماثلة لأوضاع مشابهة في اليمن والبحرين مثلاً.. وقريباً في دول أخرى مثل السعودية وغيرها من الدول العربية.. صحيح أننا مثل غيرنا من الحادبين على حاضر ومستقبل الدول العربية نرفض التدخل الأجنبي المباشر في ليبيا وغيرها من الدول العربية لأن التدخل الأجنبي سوف يقوض السيادة، ويستبعد الأهليين، ويضع مسوغاً للاستعمار المباشر وغير المباشر.. كما يوجد حالات لعدم الاستقرار والفوضى المنظمة التي لا تحمد عقباها. حري بالجامعة العربية أن تتخذ قرارات فورية حفاظاً على الدماء التي تسفك بلا مبرر.. وحفاظاً أيضاً على هيبتها وهيبة العرب الذين سبهم نجل العقيد المهووس بالسلطة وازدراء الآخرين حين قال عبارته النابية: "طظ في العرب وفي جامعتهم". قدر لهذا المقال أن يكتب قبل أن يلتئم المجلس الوزاري للجامعة بالأمس.. ومع ذلك فإننا نتوقع أن يصدر المجلس قرارات جادة وقابلة للتنفيذ والتطبيق الفوري.. أقل ما يتوقعه المواطن العربي من جامعته العتيقة أن توافق على إقامة منطقة حظر جوي تمهد المسار للمجتمع الدولي أن يتخذ خطوات جادة توقف جنون العقيد وأنجاله وتمسح دموع الثكالى والأيتام، وتزيل العار الذي ألحقه العقيد بشعبه الشهم، وشبابه الثائر والمناضل.

380

| 13 مارس 2011

السودان: لا للتدخل الأجنبي

هل ينتفض الشعب السوداني مثلما فعل رصفاؤه في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وغيرها من الدول العربية التي تعالت صيحاتها وملأت الآفاق بالشعار السحري المدوي "الشعب يريد إسقاط النظام"؟ وإذا ما أقدم الشعب السوداني على هذه الخطوة الجريئة فما التداعيات التي ترسمها مثل تلك الثورة في الساحة السودانية؟ لقد شعرت الشعوب العربية بنشوة عارمة بنجاح الثورتين التونسية والمصرية، بل أصبحت الثورتان بمناسبة محفز لشعوب أخرى للانتفاض والثورة للقضاء على مظاهر الظلم الاجتماعي، والعزلة السياسية، والفقر، والبطالة، وتردي الخدمات وغيرها من مظاهر الإخفاق والقصور التي أصبحت معالم بارزة لتلك الأنظمة التي هيمنت على السلطة، وحجبت المشاركة الشعبية الفاعلة.. وخلال الأسابيع الماضية بدأت بوادر الانتفاضة في العاصمة وبعض أقاليم السودان المترامية الأطراف.. وسارعت السلطات الأمنية بقمع تلك المبادرات الشجاعة مما ترتب عليه اعتقال مجموعة من المتظاهرين، وقمع بعضهم وإغلاق بعض الجامعات. وقد صاحب تلك التظاهرات وأساليب القمع خطاب تحد من بعض الفاعلين النافذين في المؤتمر الوطني مفعم بالوعيد والتهديد والازدراء لكل من تسول له نفسه التظاهر في الشارع، أو الاعتصام، أو الخروج على النظام الأمني المعلومة عواقبه الصارمة. وعطفاً على صحيفة "الرأي العام" السودانية في عددها الصادر أول أمس الجمعة فإن: "الحركة الشعبية تعتزم بمساندة بعض قوى المعارضة تنفيذ مخطط تخريبي يستهدف العاصمة الخرطوم، بتمويل أجنبي أعطى الحركة "5" ملايين دولار كدفعة أولى سترفع بعد نجاح المخطط، وأكدت قيادات بارزة للحركة أن المخطط التخريبي سينطلق من مقر الحركة بالمقرن ليستهدف بعض المواقع الاستراتيجية يوم غد الإثنين، وأشاروا إلى أن الحركة ستنظم ندوة يشارك فيها أكثر من "3" آلاف من عضويتها ليخرجوا بعدها في مسيرة تهاجم مواقع محددة ومهمة، فيما ستقوم عناصرها المسلحة والمندسة باغتيال بعض المتظاهرين ليتم نسبها للأجهزة الحكومية، خاصة الشرطة، وأجهزة الأمن. مسيرة الغد إذا قدر لها أن تتم سوف تضع السودان على المحك.. وتعتبر بما لا يدع أي مجال للشك مسوغاً للتدخل الأجنبي المباشر في السودان المنقسم على نفسه أصلاً وفعلاً. فقد تم انفصال جنوب السودان، وأزمة دارفور لا تزال في مربعها الأول، ومناطق جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، تنذر بشر مستطير. ومنطقة أبيي تعرضت للنسيان والتناسي من خلال أحداث الانتفاضات العربية التي ملأت الفضاءات الإعلامية.. فالقتلى بالمئات.. والجرحى بالآلاف، من غير أن يلتفت إليهم المجتمع الدولي المسكون بالقضايا الكبيرة والمناطق الأكثر سخونة. لم يتدخل المجتمع الدولي عسكرياً حتى الآن في انتفاضات تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، غير أن كل الدلائل تشير إلى أنه إذا حدثت أية ثورات أو انتفاضات في السودان وإذا ما تم قمعها، فإن الجيش العرمرم سوف يغزو البلاد من كل حدب وصوب.. وعندها ينقسم السودان أو يتقسم إلى "مائة ألف حتة".

900

| 06 مارس 2011

فنون ميكيافيلي وجنون القذافي

العقيد القذافي الذي وصل إلى سدة الحكم عن طريق الخسة والنذالة، وحافظ على حكمه بالبطش والتنكيل والتعذيب على مدى أكثر من أربعين عاماً، لم يشأ أن يتنحى – كما فعل بن علي ومبارك – ليحافظ على ما تبقى له من نخوة عربية أو كرامة إنسانية، بل مضى سادراً في خطبه الهزلية وعباراته المحشوة بالهلوسة والهذيان والتهديد والوعيد بإحراق ليبيا عن بكرة أبيها لكي تتحول إلى أنهار من الدماء، ورمال الرمضاء وركام من الجمر المحرق. العقيد البلدي، لم يستفد من عبر التاريخ التليد وعظات الزمن الغابر، التي أجبرت الجبابرة والطغاة على الإصغاء لصوت العقل، والامتثال لأصوات الشعب الصبور، وصرخات الثكالى، ونواح الأطفال الذين قتلهم ومزق أجسادهم الطرية، وصفى ذويهم بدم بارد، مع سبق الإصرار والترصد والاستمرار اليائس في تعقب ثوار الحرية الذين انتفضوا وثاروا في كل مكان للتخلص من نظام حكمه البائس. العقيد المفتون بجنون العظمة والكبرياء الزائف لا يزال يستمرئ إذلال شعبه الشجاع ووصفه بالقطط والجرذان والكلاب الضالة. ترى من الذي ضل الطريق؟ ومن الذي فقد بوصلة القيادة؟ ومن ذاك الذي أخذ يتخبط كما تلبسه شيطان أخرس وأصم وأبكم؟ إنه العقيد القذافي الذي وقف وحشد وجيش المرتزقة للانقضاض على أفراد شعبه، وقتلهم، وقصفهم بالطائرات واستهدفهم بالدبابات والرشاشات التي لا تميز بين شيخ وطفل، أو بين امرأة وفتاة يانعة. العقيد، بتلك الأفعال الشنيعة لم يستقرئ التاريخ، ولم يقلب صفحات كتاب "الأمير" الذي ذبحه نيقولو ميكيافيلي، إذ يقول الكاتب: "إن القوات المسلحة التي يعتمد عليها الأمير إلى الحاكم" في الدفاع عن ممتلكاته، إما أن تكون خاصة به أو مرتزقة، أو رديفاً أو مزيجاً، والمرتزقة والرديف قوات غير مجدية، بل ينطوي وجودها على الخطورة، وإذا اعتمد عليها أحد الأمراء في دعم دولته فلن يشعر قط بالاستقرار والطمأنينة، لأن هذه القوات تكون مجزأة وطموحة ولا تعرف النظام، ولا تحفظ العهود والمواثيق، تتظاهر بالشجاعة أمام الأصدقاء، وتتصف بالجبن أمام الأعداء..". وقد رأينا ورأى الجميع كيف استطاع الشعب الليبي الباسل أن يقهر المرتزقة، وأسر بعضهم، وهام الآخرون على وجوههم وفروا من الميدان. الآن وبعد أن اصطف الليبيون في صف واحد ضد العقيد المستبد، وبعد أن توالت استقالات الوزراء والدبلوماسيين من مناصبهم تاركين العقيد يهذي في باب العزيزية، يخشى الكثيرون بأن العقيد ربما يقوم على خطوة طائشة يخوض فيها معركته الأخيرة الخاسرة بالأقدام على حرق ليبيا، كيف يتسنى له ذلك؟ المجتمع الدولي بالمرصاد.. والشعب الليبي قادر على رد الصاع صاعين، والعقابة على الظالمين، والقذافي أولهم ومن خلفه فلول الخاسئين، وأبناؤه الطائشون.

466

| 27 فبراير 2011

القذافي والمرايا المقعرة

إلى متى يظل العقيد القذافي سادراً في غيه يقمع التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المطالبة بتنحيه عن السلطة؟ أو لم يحن الوقت لكي يتنحى عن السلطة طوعاً بدلاً من أن تجبره الجماهير الهادرة على الهروب من البلاد. أو ليست المشاهد الفريدة للشعب الليبي وهو يحطم مجسم الكتاب الأخضر، ويضرم النيران في صور العقيد القذافي في بنغازي وأكثر من عشر مدن ليبية أخرى كافية لأن يسلم السلطة للشعب الحقيقي، وليس للجانه الشعبية التي أوجدها وسلحها ومنحها فرص إذلال الشعب؟ الاشمئزاز الشعبي الليبي الذي تبدى خلال الثلاثة أيام الماضية لن يتوقف، وأن الهبة الشعبية سوف تزداد حجماً وزخماً.. رغماً عن محاولات القمع والكبت، وإيقاف شبكة الإنترنت.. والخروج بتظاهرات مناوءة للاحتجاجات الشعبية. لقد تربع العقيد القذافي في عرش السلطة أكثر من أربعة عقود، جادت قرائحه بالكتاب الأخضر بمثابة دستور يمثل بديلاً للنظامين الشيوعي والرأسمالي، وابتداع فكرة اللجان الشعبية الثورية باعتبارها بديلاً للنظام الديمقراطي. الرئيس الليبي، الذي يحلو له بأن يلقب بملك الملوك اتسمت سياساته بالتناقض، فعلى الصعيد الخارجي تقلب مثل الحرباء.. فطوراً دعا ويدعو للوحدة العربية وفي أطوار أخرى دعا إلى الوحدة الإفريقية وأجبر القادة الأفارقة إلى تغيير مسمى "منظمة الوحدة الإفريقية" إلى "الاتحاد الإفريقي" وسعى إلى دعم حركات التحرر في معظم دول العالم بمواطنيه في الداخل، حجب حريات النشر والتعبير، وزج بمواطنيه في السجون المقفرة، وأضحت البلاد بلا قانون، ولا دستور، ولا فصل للسلطات، وأن جميع السلطات منحت للجان الثورية ويا لها من لجان. ولا ينسى الليبيون أحداث سجن "بو سليم" عام 1996 الذي أقدمت فيه قوات وشرطة العقيد بإبادة 1200 سجين عن طريق الرشاشات والقنابل اليدوية. ولا ينسى العالم أحداث طائرة لوكربي عام 1988 التي أدت إلى مقتل 259 شخصاً، والتي أدان القضاء فيها النظام الليبي بالتداعيات المعروفة بما فيها فرض الحظر على ليبيا لأكثر من سبع سنوات، وبلغت خسائر ليبيا فيها إلى أكثر من 24 مليار دولار. كما لا ينسى السوادنيون حادثة أم درمان التي اجتاحت فيها حركة العدل والمساواة الدارفورية المسلحة أم درمان والعاصمة السودانية وقتلت العشرات، وروعت الأهلين.. ورغماً عن ذلك فإن رد الحكومة السودانية على اهتمام العقيد القذافي تهديد الاجتياح كان على حياء. الثورة العربية التي انبجست من ضمير الشباب العربي هي ثورة وهبة وانتفاضة ضد الظلم الاجتماعي والكبت والقهر.. والتوق إلى التداول السلمي للسلطة وإطلاق الحريات. لقد آن للعقيد القذافي أن يحطم مرآة الجنون المقعرة التي يرى فيها شعبه مجموعة من الأقزام وفاقدي البصيرة.. ولن تجديه نفعاً فلول المرتزقة التي قتلت حتى الآن ما يزيد على الثمانين مواطناً. ثورة الشباب الليبي لاقتلاع العقيد المعمر في الحكم لن تتوقف إلا إذا توقفت ماكينة القذافي التي فقدت الصلاحية.

441

| 20 فبراير 2011

انتفاضات الغضب وانسداد الاستبداد

في عالمنا المعولم اليوم ثورتان: ثورة فجرتها وتفجرها شبكات التواصل الاجتماعي، وأخرى توجهها الجماهير الكاظمة الغيظ الصامدة والصابرة والمثابرة، وما لم تتخذ الأنظمة العربية تدابير عاجلة وحاسمة وشاملة للتعاطي مع هاتين الثورتين الجامحتين، ورد المظالم إلى أهلها الصابرين والصامدين، في إجراء تصحيح شامل لأسس المشاركة في الحكم، وإرساء نظام ديمقراطي فاعل، والتمتع بالحريات الأساسية، وبسط العدل والمساواة فإن عاليها سينقلب سافلها.. لقد اندلعت ثورة الجماهير الغاضبة في هبات غير مسبوقة نتيجة حتمية لمظاهر الظلم، والكرب، والكبت، والقحط الاجتماعي والفقر الممنهج، والاستبداد السالب للإرادة الشعبية، واحتمالات توريث الحكم، وبروز طبقة جديدة من سارقي أموال الدولة، وحقوق المسحوقين من العيش الكريم والرفاهية التي اقتصرت ظلالها الوارفة على بطانة وسدنة الأنظمة المنتفعين، وسارقي الأحلام وآمال وأماني وتطلعات الشعوب المكلومة. ??لقد بزغ فجر جديد للتواصل الاجتماعي بشبكاته الأكثر تأثيراً على الشباب وعامة الجماهير بديلاً لأجهزة الإعلام الرسمية المهترئة الفاشلة، وانحسار مركزيتها التي قوضتها مواقع الفيسبوك، والتوتير وحلقات النقاش العامة وغيرها. ??فحتى عهد قريباً ظل الإعلام الرسمي في الحكومات العربية مهيمناً على الساحات والفضاءات على نحو مهين لكرامة الإنسان ومذل لعصر الانفتاح، ومشين لجموح الاتصال الرقمي ووسائله النابضة. ??فالإعلام الرسمي العربي استمرأ التعبير الكاذب عن إرادة الشعوب العربية: ويعمل ضمن آليات واستراتيجيات عفا عليها الزمن: فهو يعمل على تجميل القبيح، ويستهزئ بالأفكار النيرة والآراء الناصعة، وأخمد جذوة المجتمع المدني، واحتوى بعضها طبقاً لموجهات تلك الأنظمة القمعية تحت مسميات مختلفة تستظل جميعها بظلال الأحزاب أحادية الاتجاه، في ظلال ذات ثلاث شعب لا ظليل ولا تغني من لهب الجماهير المتصاعد.. والغاضب. لقد أدت الانتفاضات الشعبية الغاضبة حتى الآن إلى: ??* إزاحة نظام بن علي من سدة الحكم في تونس التي اندلعت منها الشرارة الأولى والملهمة لبقية الجماهير. ??* تمزيق نياط قلوب وأفئدة النظام المصري الذي يحاول بلا جدوى إخماد صوت الشباب المتصاعد إلى الأعالي.. من خلال حجب الإنترنت والهواتف الجوالة، لمنع الفتيان والفتيات من مواصلة هبتهم نحو التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ??* رسالات الغضب التي أرسلتها الجماهير إلى كل العالم أدت - ولو بشكل ضئيل حتى الآن –إلى تغير الإدارة الأمريكية إلى سياستها واستراتيجيتها الداعمة للأنظمة الاستبدادية التي احتضنت نظام بن علي ووفرت له الدعم للبقاء في السلطة سنين عددا.. وساندت الرئيس مبارك سعياً لتنفيذ سياساتها في المنطقة ووفرت الدعم العسكري واللوجستي لنظام الرئيس علي عبدالله صالح في اليمن بحجة مكافحة الإرهاب، ووفرت الدعم، ورفعت عصا التخويف لحزب المؤتمر الوطني في السودان لتنفيذ سياستها الرامية إلى فصل الجنوب عن الشمال. ??* طوفان البشر الذي اجتاح المدن المصرية عقب صلاة الجمعة.. يؤكد ضمن ما يؤكد أن شريان الاستبداد والتسلط سوف يصاب "بالتجلط" وأن الاستبداد يزول ولا يأتي.. وأن اليمن لم تعد محصنة وأن السودان ليس معصوماً من الهبة الشعبية ولو بعد حين من الدهر.. إنه عصر الشعوب الثائرة والمنتفضة وعصر الميديا النابضة التي يستعصي حجبها، أو منعها، أو حراسة بواباتها.. لأن البوابات قد انهارت.

709

| 20 فبراير 2011

alsharq
إليون ماسك.. بلا ماسك

لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...

816

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
النهايات السوداء!

تمتاز المراحل الإنسانية الضبابية والغامضة، سواء على مستوى...

657

| 12 ديسمبر 2025

alsharq
موعد مع السعادة

السعادة، تلك اللمسة الغامضة التي يراها الكثيرون بعيدة...

642

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
قطر في كأس العرب.. تتفرد من جديد

يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...

636

| 15 ديسمبر 2025

alsharq
التمويل الحلال الآمن لبناء الثروة

في عالمٍ تتسارع فيه الأرقام وتتناثر فيه الفرص...

585

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
عمق الروابط

يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...

528

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
إنجازات على الدرب تستحق الاحتفال باليوم الوطني

إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...

474

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
قطر لن تدفع فاتورة إعمار ما دمرته إسرائيل

-إعمار غزة بين التصريح الصريح والموقف الصحيح -...

420

| 14 ديسمبر 2025

alsharq
لمن ستكون الغلبة اليوم؟

يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...

420

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
من أسر الفكر إلى براح التفكُّر

من الجميل أن يُدرك المرء أنه يمكن أن...

414

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
اقتصاد قطر 2025 عام تعزيز القدرات المحلية والتكامل الإقليمي

بينما تعيش دولة قطر أجواء الاحتفال بذكرى يومها...

411

| 15 ديسمبر 2025

alsharq
كأس العرب من منظور علم الاجتماع

يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة...

393

| 15 ديسمبر 2025

أخبار محلية