رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

كُن قوياً

هل تعاني من ضعف الشخصية؟ إليك بعض الخطوات لحل هذه المشكلة والتي ستساعدك على اكتساب قوة الشخصية بسهولة لتصبح بعدها شخصًا ناجحًا ومتفوقًا. إن صاحب الشخصية القوية يتسم بصفات عديدة تميزه عن غيره، فصاحب الشخصية القوية هو الأنجح في علاقاته الاجتماعية، وهو الأكثر قدرة على تحقيق النجاح والتفوق في حياته، فإذا كان لديك بعض المشاكل في طريقة التعبير عن نفسك أو في القدرة على التفاعل والاختلاط مع مجتمعك فهذا يعني أنك ضعيف الشخصية، ولكن لا تقلق فإن قوة الشخصية يمكن اكتسابها ويمكنك بكل تأكيد أن تُغيّر نفسك إلى الأفضل، وسوف نستعرض معًا بعض الحلول التي تساعدك على اكتساب قوة الشخصية: 1- اخرج من قوقعتك إلى العالم الخارجي فالجلوس في المنزل طوال الوقت يبعدك عن الناس، ويحرمك من الاختلاط معهم، حاول أن تخرج وتلتقي بأصدقائك وتزور أقاربك وتصل رحمك، اخرج مع أصدقائك في نزهة، فإن هذه الأمور ستساعدك على توطيد علاقاتك الاجتماعية مع مجتمعك، وسوف تبني صداقات جديدة، ومن ثم تبني قوة شخصيتك. 2- تعلّم فنون الحوار فربما يكون سبب ضعف شخصيتك هو عدم إتقان إدارة الحوار، ولكي تتجنب هذه المشكلة عليك أن تتدرّب مع مدرب مختص على فنون الحوار، وسوف يعلمك كيف تفتح موضوعًا مع أشخاص تعرفهم لأول مرة وكيف تدير الحوار، وكيف تستمع وتُنصت للآخرين، ومع الوقت ستنجح في التفاعل مع محيطك الاجتماعي وستصبح قوي الشخصية. 3- اقرأ ثم اقرأ في كتب متنوعة فالقراءة توسع مداركك وتقوي شخصيّتك، احرص على قراءة الكتب من مختلف المجالات واطلع على آخر التطورات في مجال العلم، وتابع الأخبار المحلية والإقليمية والدولية، فهذا يجعلك أكثر قدرة على التفاعل والتواصل مع الآخرين ويشعرك بالثقة في النفس وإمكانية إدارة الحوار في أي مجال لأنك قد قرأت واطلعت عليه من قبل. 4- واجه مخاوفك: فالخوف يعيق الإنسان عن التقدم، تخلّص من مشاعر الخوف لكي تتمكن من تحقيق النجاح، يمكنك أن تحصي مخاوفك في قائمة وتقوم بمواجهتها وتستمر على ذلك دون ملل حتى تستطيع في النهاية أن تتجاوزها جميعها، فعندما تتغلب على مخاوفك ستشعر بالفخر والاعتزاز وستصبح أكثر قوة وأكثر ثقة بنفسك. 5- حفّز نفسك بنفسك: من خلال ترديد بعض العبارات الإيجابية مثل: أنا قوي الشخصية، أنا واثق من نفسي، أنا ذكي، أنا أمتلك صفات مميزة، سيُصدّق عقلك الباطن كل هذه العبارات وسيندفع للعمل على أساسها لتصبح في الواقع صاحب شخصية قوية. 6- اعتنِ بمظهرك الخارجي: يجب أن تكون راضيًا عن مظهرك الخارجي، وتسعى لكي تعطي انطباعًا إيجابيًّا عنك أمام الناس، وبهذا تصبح مقبولًا في محيطك الاجتماعي، كما أن المظهر الجيد يُعزز الثقة في النفس. 7- تعلّم مهارات جديدة: لكي تمتلك شخصية قوية يجب أن تصبح مميزًا عن باقي الناس فعلى سبيل المثال: تعلّم هوايات مثل الغطس أو الصيد أو تسلّق الجبال، أو تعلّم أكثر من لغة أجنبية، تعلّم بعض المهارات اليدوية كالتصميم أو النحت، فكل هذه الأمور تدعم قدراتك الإبداعية لتكون محط إعجاب الناس.

2367

| 03 أبريل 2022

الثقة بالنفس

تعددت الآراء حول مفهوم الثقة بالنفس لكن أشهر تعريف لها هو: "اعتقاد الشخص اعتقادًا جازمًا بأنَّ لديه القدرة على إنجاز العديد من الأمور المفيدة". أي أن الثقة بالنفس هي اعتقاد نفسي أو دافع خفي يكمُن في ذهن الشخص يدفعه ويحفزه للنجاح، فيجب على الإنسان أن يؤمن بنفسه وبقدراته واستطاعته على فعل الشيء، لأن الثقة بالنفس هي أولى خطوات النجاح، كما يجب على الإنسان أولًا أن يدرك قيمة نفسه وأنه يستطيع أن يحقق ما يطمح إليه، فنظرة الناس للشخص تعتمد على نظرة الشخص لنفسه، فإذا لم يكن الشخص مقدِّرًا لنفسه فلن يُقدِّره أحد. خطوات بناء الثقة بالنفس: 1- الثقة بالله وأنه يوفق العبد الصالح لتحقيق ما يطمح إليه فالاستعانة بالله والثقة في أنه لا يضيع أجر من أحسن عملًا هو أولى الخطوات لبناء ثقتك بنفسك. 2- ومن أهم النقاط التي تساعد على بناء الثقة بالنفس أن يحيط الشخصُ نفسَه بالناس الإيجابيين الذين يمنحونه الدعم النفسي في كل الأوقات، في الأوقات الصعبة وفي الأوقات السهلة، إذ إن الدعم النفسي الذي نتلقَّاه من الوالدين أو من الإخوة أو من الأصدقاء يكون له أثرٌ كبير جدًّا في بناء ثقة الإنسان بنفسه. 3- كما أن من أهم عوامل بناء الثقة بالنفس أن تبتعد عن جميع الأفكار السلبية، فلن يستطيع أحد منا أن يغير الماضي، وقد لا يستطيع أحد أن يغير معاملة الآخرين له بسهولة، لكنه يستطيع أن يغيِّر درجة تأثير كل هذه الأشياء السلبية عليه، فلا يسمح لها أن تكون سببًا في فشله. 4- يجب أن تدرك أن نجاحك يعتمد بشكل كبير على قدرتك على اتخاذ القرار، لأن الإنسان الذي يخشى من اتخاذ القرارات لا يستطيع تحقيق النجاح؛ لعدم امتلاكه الجرأة الكافية للمحاولة. كما أن عدم الثقة بالنفس أو التردد في اتخاذ القرارات إما أن يؤدي إلى الفشل الحتمي في الحياة أو على أقل تقدير سيؤدي إلى ثبات حال الشخص وعدم تطوره في مجاراة جميع تطورات الحياة وهو في النهاية ما سيؤدي للفشل. 5- يجب أن تضع لنفسك هدفًا تسعى لتحقيقه، وكلما حققت هدفًا تضع أهدافًا أخرى أكبر لكي تستمر دائمًا في مسيرة تحقيق الأهداف وهذا هو النجاح الحقيقي؛ فعدم الثقة بالنفس تعني عدم وجود أهداف لحياة الإنسان مما يعني أنه لن يكون مفيدًا لنفسه أو لأسرته أو لمجتمعه. 6- مشاركة التجارب والاحتكاك مع الناس ومحاولة التواصل معهم تعطيك قدرًا من الثقة. فالشخص الانطوائي لا يمكن أن يتحلى بالثقة بالنفس.

2576

| 02 أبريل 2022

الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي في ذمة الله

في تاريخ 23 من ربيع الأول من عام 1443هـ الموافق 29/10/2021م في يوم الجمعة وقبل صلاة العشاء، خيّم الحزن على مدينة الخور حيث انتقل إلى رحمة الله: الوالد علي بن عبدالعزيز بن عبدالله بن راشد المحري المهندي (بوخالد) رحمه الله عن عمرٍ ناهز الـ 95 عاماً. •المولد والنشأة والتعليم: ولد الوالد علي بن عبد العزيز المحري المهندي في مدينة الخور شمال شرق دولة قطر عام ١٩٢٦م. وتعلم القراءة والكتابة على يد خاله الوالد راشد بن علي بن راشد المحري المهندي رحمه الله، وخاله محمد بن علي بن راشد المحري المهندي رحمه الله، وعلى يد جابر الحرمي رحمه الله، فكانت حياته بين 1926م إلى 2021م. •فترة الغوص: التحق الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي في مرحلة العشر سنوات تقريباً بمرحلة الغوص بدء تبّاب ثم سيب، وركب مع جمعة بن عبدالله المريخي فعاش حياة الغوص بصعوبتها ومرارتها كما عاش رجال قطر الأوائل إلى ان انتهت فترة الغوص في ذلك الوقت. •رحلة البحث عن عمل ما بعد الغوص: ثم تحول الوالد من الغوص إلى العمل كشاب يطمح في أن يكون نافعا لنفسه وأهله ووطنه ودينه، ونظراً لصعوبة توفر الوظائف بعد عصر الغوص توجه الى مدينة الظهران في المملكة العربية السعودية آن ذاك وكان عمره ١٧ عاما مع الوالد راشد بن علي بن راشد المحري المهندي ومع الوالد ناصر بن أحمد بن عيسى المحري المهندي، واستمرت اقامتهم في مدينة الظهران عدة أشهر للعمل في شركة أرامكو السعودية آن ذاك ثم بعد ذلك رجع الى قطر مع جماعته الذين ذهب معهم. •العمل في شركة البترول في دخان: بعد ظهور النفط حيث عمل الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي في حفر آبار البترول وكذلك حفر آبار المياه ثم (تنديل) ثم عمل في اماكن مختلفة في الشركة في دخان لانه يعرف القراءة والكتابة كما عمل اهل قطر كلهم انذاك. •عام فقدان الوالد والخال: 1976م هو عام فقد فيه بوخالد والده عبدالعزيز بن عبدالله بن راشد المحري المهندي، وخاله الوالد راشد بن علي بن راشد المحري المهندي رحمهم الله جميعاً، حيث فقد والدين بينهما ستة أشهر فعم الحزن والألم في مدينة الخور في ذلك العام لفقدان شخصيتين لهما ثقلهما في المجتمع. •الأعمال الحرّة: ثم انتقل إلى مرحلة العمل الخاص في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات إلى أن توفاه الله. حيث عمل في شراء سيارات النقل. وقام بتأسيس شركة سابيكو للتجارة والمقاولات مع الوالد حسن بن شبيب الشقيري. رحمه الله. •تأسيس شركة سابيكو مقاولات: وقام بتأسيس شركة سابيكو للتجارة والمقاولات مع الوالد حسن بن شبيب الشقيري المهندي رحمه الله، وكان تأسيس الشركة في عام 1976م تقريباً، حيث قامت الشركة في بناء نصف مدينة الخور والمناطق المجاورة آنذاك. حيث ذكر لي الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي رحمه الله بأنه تم بناء أكثر من ٥٠٠ وحدة سكنية من البيوت الشعبية والفلل للمواطنين في مدينة الخور وبالذات في فترة سبعينات وثمانينيات القرن الماضي ابتداء من سنة 1976م ثم قامت الدولة في ذلك الوقت بتكليف شركة سابيكو ببناء جامع العز بن عبدالسلام والذي قام بافتتاحه فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رحمه الله قاضي قضاة قطر ورئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية آنذاك حيث قام الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي بتسليم فضيلة الشيخ ابن محمود مفاتيح المسجد إيذاناً بافتتاحه والصلاة فيه وكان ذلك وقت صلاة العصر. ولا زالت شركة سابيكو قائمة إلى يومنا هذا، حيث كانت الشركات قليلة في ذلك الوقت. وكان وجود وجهود الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي معطاءً ومثمراً في المجتمع القطري، وكان سمحاً إذا باع سمحاً إذا اشترى، حيث شهدت أكثر من موقف للوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي رحمه الله يسامح المتعسرين وكان بعضهم يبني البيت ولا يستطيع إكمال المبلغ فيقوم الوالد بوخالد رحمه الله بتأجيل السداد عنهم والتيسير عليهم. •تأسيس محطات البترول الشمالية: قام الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي بعد ذلك بتأسيس محطة البترول الوطنية على خط الشمال؛ وكانت اول محطة بترول في المناطق الشمالية وترأس مجالس إدارتها إلى منتصف التسعينيات. ثم انبثق عن هذه المحطة تأسيس محطتي بترول جديدتين إضافيتين، محطة بترول الأهلية تقع بين مدينتي الخور والذخيرة ومحطة البترول الساحلية حيث لم تكن في المناطق الشمالية محطات بترول في ذلك الوقت ولكن بفضل الله ثم بفضل جهود الحكومة بالتنسيق مع الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي حيث ترأس مجلس ادارة المحطات فترة من الزمن لما يتميز به الوالد بوخالد رحمه الله من خبرة ادارية وميدانية وسهولة وفن التعامل مع الآخرين. •تعيينه في المجلس البلدي: وفي عام 1990م تم تعيينه عضوا في المجلس البلدي عن دائرة الخور عن مدينة الخور. •حبه وولاؤه لقطر وحكامها: عُرِفَ الوالد بوخالد بحبه لدينه وحبه لوطنه وحبه لولاة أمره، حيث عاصر الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي عهدا متسلسلا من حكام قطر منذ ولادته الى وفاته رحمه الله وهو تربطه علاقة وطيدة مع القيادة الرشيدة في دولة قطر، فكان في صباه استفاد وتعلم من الوالد والشاعر والأديب راشد بن علي المحري المهندي والوالد والشاعر الفذّ سعد المسند الملقب بالبنك، لما يتمتع به الشاعر من موهبة عظيمة في الشعر وكناية عن الثروة الشعرية والفكرية من حيث الكم والكيف، وفي عهد الشيخ عبد الله بن جاسم حاكم قطر رحمه الله كان عمر الوالد 10 سنوات ثم في عهد الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني رحمه الله ثم في عهد الشيخ أحمد بن علي آل ثاني رحمه الله وكانت تربطه علاقة وطيدة معهم ويزورهم و يطلب الشفاعة الحسنة لاهل الخور ولمجتمعه ويسعى لحاجة الارامل والمطلقات واليتامى وكبار السن ثم في عهد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني سمو الأمير الأب رحمهم الله جميعاً. وكان يقابلهم عدة مرات لأمور ينفع بها مجتمعه، وأيضا في عهد سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله وواصل الوالد بوخالد علاقته مع الحكام إلى عهد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله أمير دولة قطر. فهذه كانت علاقته بالقيادة الرشيدة. •علاقته مع المجتمع القطري: أما في علاقة الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي مع المجتمع؛ فهو واصل في الجميع، فلا يكون هناك عرس وفرح من أفراح المجتمع القطري سواء في الخور أو باقي المناطق إلاّ كان مشاركاً فيه، ولا مناسبة وطنية إلا كان له حضور مميز فيها. وايضا حتى في العزاء والأحزان يشارك الناس في أحزانهم ويصلهم إلى أماكنهم. وشهد الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي عدة مرات يكرم من قبل الدولة ومن قبل مؤسسات الدولة ومن قبل مؤسسات المجتمع وعرف عن الوالد بوخالد بالبذل والعطاء والمجلس العامر المفتوح في كل وقت وفِي كل حين إلى يومنا هذا يواصل أبناء الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي رحمه الله، هذا العطاء والكرم والتواضع. •أعمال البرّ والتقوى: الوالد بوخالد عاش حياته منذ طفولته إلى وفاته وهو بار بوالديه، مهتماً ومتابعاً لشؤون قبيلته، واصلاً لأرحامه صاحب كلمة طيبة وصاحب شفاعة حسنة يحب الخير للناس، وبنى مسجداً يقع في منطقة (صفا الطوق) شرق مدينة الخور والمسجد اسمه مسجد حسن بن شبيب الشقيري المهندي وعلي بن عبدالعزيز المحري المهندي، ولايزال المسجد موجوداً في الخور ولازال الاسم في كشوفات المساجد بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، وكذلك قام ببناء المساجد في دول أخرى وحفر الآبار وكفل اليتامى وسعى في حاجة المطلقات والأرامل والمساكين، وأكرم الضيف وأعطى المحتاج، وساهم في عون المساكين والمحتاجين. •الوالد بوخالد ومجلسه العامر: كان الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي، صاحب هيبة وحكمة وشموخ وكرم، يسعى لمجلسه العامر الكثير من الناس لقضاء حوائجهم والشفاعة لهم ومساعدتهم كما رأيت كثيراً من الناس يستشيرونه في أمور حياتهم وأمور الأعمال والتجارة، حيث كان يعتبر وسيطاً لكل خير وحلّالاً للمشاكل، وكان من صفاته رحمه الله أنه كان يصلح ذات البين وبعيداً عن الخلافات التي تحدث بين الناس. ومن المآثر له أنه كان يذهب مع الناس إلى الحج وكان وجوده فاعلًا في الحج والعمرة ويذهب مع كبار السن من أهل مدينة الخور ويساعد الكبار ويساعد الناس في تأدية مناسكهم بالتنسيق مع بعثة الحج القطرية، والتي كان يرأسها الشيخ عبدالله بن ابراهيم الانصاري، وبالتنسيق مع الحملات القطرية آنذاك. كما شهدته رحمه الله يرافق بعض المرضى الذين لديهم رحلة علاج في الخارج وليس لديه من يتابع أمورهم يقضي حوائجهم ويساعد في تسهيل إجراءات المستشفيات والسفارات. •الرجل الصالح وذريته الصالحة: رزق الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي من الذرية الصالحة من الأبناء والبنات، ورزقه بر الأبناء كما قام ببر والديه فرزقه الأبناء البرره: خالد بن علي المحري المهندي والدكتور محمد بن علي المحري المهندي، وعبدالله بن علي المحري المهندي، واحمد بن علي المحري المهندي والدكتور عبدالرحمن بن علي المحري المهندي وعبدالعزيز بن علي المحري المهندي، وحمد بن علي المحري المهندي وراشد بن علي المحري المهندي وحسن بن علي المحري المهندي، وقاموا ببره جميعاً كما هو كان بارًا بوالديه، فجاء الأبناء من بعده وهم على خير بارين فيه في حياته، نحسبهم والله حسيبهم ولا نزكيهم على الله. •مرضه ووفاته: مع كبر سن الوالد بوخالد وتعبه ومرضه في آخر حياته، إلاّ أنه كان يهتم بكل من يزوره ويسأل عن أحوال الجميع من الأسرة والأقارب والأرحام، ويتكلم معهم ويسأل عن غائبهم، ثم جاءت فترة مرضه في الأيام الأخيرة والتي صبر وتحمل واحتسب الأجر فيها عند الله، حتى توفاه الله بحضور أبنائه وبناته، في غرفة العناية المركزة بمستشفى الخور العام في يوم الجمعة بتاريخ 23 من ربيع الأول من عام 1443هـ الموافق 29/10/2021م وكانت وفاته بعد صلاة المغرب، في تلك الليلة خيّم الحزن على مدينة الخور وجميع مناطق قطر بوفاة الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي، الذي كانت سمعته وصيته يعرفها القاصي والداني، ونشهد له بأنه على خير باذن الله نحسبه والله حسيبه ولا نزكيه على الله سبحانه. •صلاة الجنازة والدفن والعزاء: بمجرد سماع خبر وفاة الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي، قام الناس كلهم ينشرون خبر وفاته ووقت صلاة الجنازة والدفن من خلال الرسائل السريعة عبر الهواتف النقالة وكذلك في جميع وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمع القطري، فتم تحديد صلاة الجنازة بعد صلاة العصر من يوم السبت، وتسابق الناس من جميع مناطق قطر وتوجهوا إلى مدينة الخور لحضور صلاة الجنازة بالجامع الكبير في مدينة الخور (جامع عثمان بن عفان رضي الله عنه) والذي اكتظ بأعداد المصلين لأداء صلاة الجنازة، وقد قام الدكتور محمد بن علي بن عبدالعزيز المحري المهندي بإمامة المصلين في صلاة الجنازة على والدنا رحمه الله، ثم لحقنا بالجنازة إلى المقبرة وبوجود أعداد كبيرة لحضور الدفن والدعاء لفقيدنا الغالي ووداعه. فكانت إجراءات الجنازة والدفن من أسهل وأيسر الجنائز، حيث تم دفنه في مقبرة الخور رقم قبر الوالد بوخالد رحمة الله (450). ثم توجه الناس إلى مجلس الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي لأداء التعازي لأبناء الفقيد الغالي، حيث تزاحمت السيارات في الساحات الخارجية لفريج المحري في الخور، واكتظ المجلس بالحضور من كبار الشخصيات وأصحاب الفضيلة والعلماء، ومن عامة المواطنين والمقيمين، وجاء كذلك عدد من المحبين للوالد بوخالد وأبنائه من دول الخليج العربي. •علاقتي بالوالد بوخالد: تربطني علاقة قوية جداً بالوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي، فوالدي الشاعر والأديب راشد بن علي المحري المهندي هو خال الوالد علي بن عبدالعزيز (بوخالد)، وهو زوج أختي الغالية صالحة بنت راشد بن علي المحري المهندي (أم خالد) رحمها الله، فلم يكن الوالد راشد بن علي (لأبي خالد) مجرّد خال فقط.. بل كان هو الوالد والمستشار والصديق ورفيق العمر منذ طفولة بوخالد حتى وفاة خاله (والدي) فكانت بينهما الخبرة في الحياة التي أثّرت كثيراً على حياة (بوخالد)، فتوفي الوالد راشد بن علي المحري المهندي رحمه الله؛ وأنا في الثالثة من عمري، فكنت يتيم الأب، وتربيت على يد ثلاثة أشخاص هم: الوالدة شيخة بنت محمد المحري المهندي رحمها الله، وأخي الكبير: الوالد عبدالله بن راشد المحري المهندي رحمه الله، ثم الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي رحمه الله والذي أسكنني في بيته العامر مع الوالدة شيخة بنت محمد، فلقد سكن في بيته المرأة كبيرة السن وكذلك اليتيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا"، إلى أن وصل عمري 8 سنوات ثم انتقلنا إلى مسكن حكومي سعى فيه الوالد بوخالد باسم الوالدة شيخة بنت محمد، وكان بوخالد وأخي الكبير بومحمد والوالدة شيخة رحمهم الله، يهتمون برعايتي حتى انهيت الدراسة وتوظفت، فقام الوالد بوخالد بتزويجي ابنته (أمراشد) وصار أبنائي هم أسباط الوالد علي بن عبدالعزيز المحري المهندي، فاستفدت منه النصيحة الدائمة السماحة والهدوء والتوازن وكيفية التعامل مع الآخرين وكيفية مواجهة المواقف الصعبة وإدارتها بكل اتزان وهدوء وحكمة. لذلك تجدون مشاعر تقف تقديراً وشكراً وعرفاناً لله ثم للوالد بوخالد رحمه الله رحمةً واسعة. •دعاء: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الوالد علي بواسع رحمته ومغفرته، ويوسع عليه قبره وينور عليه قبره، ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويرزقه الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وجميع موتانا وموتى المسلمين، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها، إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنّا على فراقك يابوخالد لمحزونون. burashid282@hotmail.com

5091

| 03 نوفمبر 2021

دع عنك القلق وعِش حياتك

النفس البشرية عُرضة للتقلُّبات المزاجية والاضطرابات والتغيرات المستمرة؛ نظرًا لتأثُّرها بالأحداث التي تدور في الحياة من حولها، ومن أبرز التقلُّبات التي تعتري النفسَ بينَ الحين والآخر هو الشعور بالقلق الذي يُعدُّ جزءًا من حياة الإنسان وبقائه متفاعلًا مع المجتمع من حوله؛ فالقلق الطبيعي هو الحافز لمزيدٍ من الجهد ومواصلة المشوار للوصول إلى الهدف والحلم الذي يتمناه الإنسان، فهذا النوع من القلق وهو ما يُسمى بالقلق العامِّ محمودٌ غير مذموم، وهو جزء من الشعور بالمسؤولية. أما إذا زاد القلق عن الحدِّ الطبيعي فقد أصبح اضطرابًا نفسيًّا ذا أثر سلبي على صحة وحياة الشخص نفسه، وأصبح القلقُ الزائد ظاهرةً واضحةً في عصرنا الحالي تضربُ كلَّ الأعمار في الحقيقة، فلا يُفرِّق القلق بين كبير وصغير؛ وذلك نظرًا للتطورات السريعة في نمط الحياة، والنزاعات والاضطرابات بين الدول، والظواهر الكونية، وانتشار الأمراض الغريبة، وكل هذه الأمور التي جعلت بعض الناس في قلق متواصل، فهناك مَن يقلق على مستقبله ومستقبل أولاده، وهناك مَن يقلق من الإصابة بالأمراض، وهناك مَن يقلق على مسيرته في الحياة والعواقب والصعوبات التي قد تواجهه، وتتعدَّد المخاوف التي تُسبِّب القلق والتوتر وتُزعج النفوس وتُكدِّر القلوب؛ فيجب طرد هذا القلق المدمِّر، وذلك بحُسن الظن بالله، فالمؤمن الحق كلما داهمَتْ قلبَه المخاوف وزاره القلق؛ دفعها بحُسن الظن بربه، فحُسن الظن بالله عبادة، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ". رواه أحمد وأبو داود. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي". ومن أنفع السُّبل في دفع القلق استحضارُ إرادةِ الله ومشيئَتِه، والإيمانُ بالقضاء والقدر خيره وشره، فالأمر له من قبلُ ومن بعدُ، فما شاء سبحانه كان وما لم يشأ لم يكن. وكذلك استشعار علمه وحكمته في كل هذه التطورات والتغيُّرات من حولنا، فلا بد لكل ذلك من حِكَم ربانية لا نعلَمُها نحن البشر، فإذا استشعرنا هذه المعاني كان ذلك من أعظم أسباب الرضا والتسليم بأقدار الله في كونه. يقول الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد22، 23]. وقال سبحانه: { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [التغابن:11] فيجب على المسلم أن يدفع عن نفسه القلق ولا يشغلها بما يُكدِّرها، وأن يهتمَّ بعمل يومه، ويعيشه بكل تفاصيله بسعادة وهدوء، لا تُجدِّد أحزان الماضي لأنها قد وَلَّتْ ولن تعود، ولا تخشَ المستقبل وترهق نفسك في الحسابات له، فهو ما زال في علم الله لم يأتِ بعدُ، ولا ندري ما تحمله لنا الأيام، فقط نستبشر ونتفاءل بالخير وأن القادم أفضل بإذن الله. فيجب أن نقطع الخوف من المستقبل بشكل نهائي، ولكن من الواجب أن يُوطِّن المسلم نفسَه على القناعة بما آتاه الله تعالى، سواء في وقته الحالي أو في المستقبل؛ فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَل مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ". وهذا في النظر إلى الصحة وسعة الرزق وغيرها من عطايا الله لخلقه. وكذلك يجب الحرص على تعزيز الثقة بالنفس حيث إنها تُعدُّ من أهم العوامل التي تساعد على التغلب على القلق والمخاوف. عِشِ الحياةَ ببساطة وسهولة ويُسر، ودَعْ عنك القلقَ الذي يُفقِدك متعة الأشياء الجميلة في حياتك، لا تُعطِ الأمورَ أكثر مما تستحق وأعطِ كلَّ شيء حقَّه وقدْرَه المناسبَ من الاهتمام. لا تهتمَّ بتوافِه الأمور، ولا تجعل صغائرَ المشاكل تهدم سعادتك، ولا تسمح لنفسك بالقلق والانزعاج من أجل أشياء لا تستحق. واحرص دائمًا على تقوية صلتك بالله ومداومتك على ذِكره في كل الأوقات، فذكر الله أصل الطمأنينة في الحياة، والقرب من الله وذكُرِه في كل وقت يُطمئن القلب الذي هو سيد الجوارح، فإذا سكن واطمأنَّ عمَّت الطمأنينة أرجاء الجسد. قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]. وعليك بالحرص على كثرة قراءة القرآن الكريم لأنه من أنجح العلاجات لدفع القلق، فكلام الله يشرح الصدرَ ويُذهِب الهمَّ والغمَّ، ولا سيما إذا اقترنت القراءة بالتدبر في الآيات. وعليك بقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وقصص الأنبياء؛ فستجد كل المواعظ والعِبَر التي تجعلك تتدبر ما أصابهم من هم وغم وصعوبة في الحياة، ولكن بالرغم من ذلك صبروا واحتسبوا وواصلوا نجاحاتهم في الحياة بدون قلق على المستقبل. كما أنصح نفسي وإياكم بمجالسة الصالحين الإيجابيين الناصحين المتفائلين، الذين يرفعون من همتك وعزيمتك نحو الهدف الذي تريد الوصول إليه، وعليك بالابتعاد عن المتشائمين الذين ينظرون لأمور الحياة بسوداوية وظلامية. كما أقترح بالاشتراك في فعاليات اجتماعية تبعدك عن الوحدة والقلق، واشترك وتابع وسائل التواصل الاجتماعي ذات الطابع الإيجابي والمفيد، وابتعد عن مواقع وحسابات أهل الفتنة والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق. دعاء أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الطمأنينة في القلوب، والسعادة في الحياة، وأن يُذهب عنا وعنكم الهم والغم والحزن والقلق، وأن يجعلنا وإياكم وجميع المسلمين والمسلمات من السعداء في الدنيا والآخرة. اللهم آمين. burashid282@hotmail.com

5168

| 12 مارس 2020

الأمن مسؤولية الجميع

الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الدّين القويم ونعمة الأمن والأمان، ونعمة التواصي بالحق مع من نحبهم ويحبوننا في الله، من ولاة الأمر في هذا البلد الطيب، والذين يشاركوننا أفراحنا وأحزاننا ومناسباتنا ونشاركهم كذلك في كل خير، وينصحوننا ويستمعون لنصائحنا التي تصب في خدمة مجتمعنا الطيب، ونتعامل معهم ويتعاملون معنا بدون تكلّف أو حواجز، وتربطنا بهم روابط الدّين والأخلاق وحب الخير والمصلحة العامة التي تخدم البلاد والعباد، وهذه نعمة عظيمة وفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم من تواضع ولاة أمرنا في بلدنا المعطاء، قال تعالى: { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }العصر3. ◄ أهمية الأمن في المجتمع: إن كلمة الأمن خفيفة على اللسان، عميقة في الوجدان، والأمن هو مطلب أساسي لا تستقيم الحياة بدونه، وضعه الله جنباً إلى جنب مع مطلب الغذاء، بل قدّمه عليه تارات لأهميته. والأمن هو غاية المنى التي يسعى كل شخص للاستظلال بظلاله ولا حياة مع الخوف الذي تتحول الدنيا فيه إلى غابة يفترس القوي فيها الضعيف، وتصبح الحياة ظلمات بعضها فوق بعض. إن الأمن الذي يمنّ الله به على الأمم لا يدوم مع جحود نعم الله ونكرانها، بل يبدلها الله به الخوف والجوع، وسوء الحياة، كما قال تعالى:{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } النحل112، ومن الأمم التي امتن الله عليها بالأمن ثم بدّلها به خوفا لكفرانها مشركوا قريش، حيث قال الله مبيّنا حال أمنهم: ( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). فلما أصروا على الكفر ومحاربة الله ورسوله، أبدل أمنهم خوفا، وغناهم فقرا، وشبعهم جوعا، وهو ما حكاه عنهم في آية سورة النحل السابقة. ◄ الأمن مسؤولية الجميع وفي هذا الصدد نذكر الجميع، بأن الأمن مسؤوليتنا جميعاً في هذا المجتمع الآمن بفضل الله ثم جهد المخلصين، ويجب على الجميع المحافظة على الأمن والأمان العقدي للمجتمع، والتوازن مطلوب، لا إفراط ولا تفريط، سددوا وقاربوا، بحيث إنه ليس من مقومات الأمن وحفظ النعم الركض وراء أهواء الدنيا والانشغال بالماديات وترك النواحي المعنوية المهمة مثل المحافظة على الدين والعقيدة وهوية مجتمعنا الإسلامي وسلامته من البدع، والتي تؤثر سلباً بشكل مباشر وغير مباشر على كل أفراد المجتمع. ويجب علينا أيها الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأبناء والبنات أن نسهم جميعاً بالمشاركة في حفظ أمن الوطن ومساعدة الأجهزة الأمنية في كل ما يمس أمن مجتمعنا، ولأن الأمن هو سفينة النجاة التي تجعلنا نواصل مسيرة العطاء بكل راحة واطمئنان في خدمة ديننا الإسلامي السّمح ووطننا الغالي لخير البلاد والعباد. ◄ دعاء : اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم لهداك، واجعل عملهم في رضاك، وهيئ لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه، اللهم أدِم علينا نعمة الأمن والأمان، واحفظ علينا أمننا وأماننا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الفتن ماظهر منها وما بطن .. اللهم آمين. burashid282@hotmail.com

8633

| 05 مارس 2020

أهمية الحوار في حياتنا

يعدُّ الحوار من أرقَى وسائل التواصُل مع الآخرين، وهو فنٌّ من فنون الاتصال الهادف مع الغير، ولا يُحسِن هذا الفنَّ إلا أهلُ الحكمة والخبرة والثقافة العالية. والحوار في أبسط تعريفاته: يُقصَد به النقاش الهادئ بطريقةٍ مباشرةٍ بين شخصين أو مجموعةٍ من الأشخاص الذين يختلفون في وجهات النظر أو التوجهات أو الآراء؛ فيتبادلون أطراف الحديث بطريقة راقية؛ فيحترم فيها كلُّ طرفٍ الطرفَ الآخر دون التعصُّب لرأيه أو منهجه. إذًا فالحوار مهمٌّ في حياتنا جميعًا، فهو السبيل الوحيد للتواصُل والتفاهم بين الناس، وأهم وسائل التعارف والتآلُف بينهم، ومنهج من مناهج الدعوة والإصلاح في المجتمع، ومبدأ ناجح في التربية والتعليم لتنشئة الأجيال القادمة، ويؤدي إلى التقارب والالتقاء فيما بيننا؛ لذا يجب علينا جميعًا الالتزام بآداب الحوار كالتَّحلِّي بالأخلاق الحسنة بإخلاص النية لله في اتباع الصواب، والحديث بعِلْم وحُجَّة قوية وليس بالهوى والانتصار للذات، وضبط النفس، والحلم، والصبر، والرفق واللِّين، والاحترام والتواضع... وغيرها من الأخلاق التي تُزيِّن الحوارَ وتجعلُه مُثمرًا. ولا بد لكلِّ حوار ناجح من شروط، ومن أهمها: استخدامُ اللغة الراقية المُعبِّرة عن رأيِكَ بكل هدوء، فالحوار يهدف إلى إقناع الطرف الآخر بوجهة نظرك أو الاقتناع بوجهة نظره هو، وهذا يحتاج إلى أسلوبٍ مهذَّب وأفكارٍ مرتَّبة ومتسلسلة، واختيار الكلمات التي لها وَقْعٌ في نفوس أطراف الحوار للوصول إلى الهدف المرجو؛ فالأسلوب المناسب والأمثل للحوار يدلُّ على مدى تحضُّر أطراف الحوار، فالحوار باللين والإقناع تكون ثماره طيبة وأثره واضح على الجميع. ولا يمكن إطلاق مصطلح الحوار على النقاشات الحادَّة التي يسودها العنف ومواجهة الأفكار الأخرى بشدة وقساوة والتركيز على الصدِّ وعدم استقبال رأي الطرف الآخر، فهذا يؤدي إلى العداوة والبغضاء بين المتحاورين. • ومن شروط الحوار: 1- احترامُ التخصُّص وفكر المحاور، فمِن غير المقبول التحاوُر بموضوعاتٍ ليس لها علاقة بفكرك واهتماماتك، وليست من صميم تخصصك. 2- المحافظةُ على طلب الحق بعيدًا عن العاطفة، فالغرض من الحوار هو الوصول إلى الحقوالصواب، فهي ليست مسابقةً مَن يفوز في النهاية ويُقنع غيرَه ويؤخَذ برأيه؛ لذلك لا بد من البحث عن الصواب بتجرُّدٍ عن العاطفة تمامًا وأقبله حتى لو كان عند غيري، والابتعاد عن الانفعال الزائد الذي يشوش الأفكار ويؤدي إلى ضياع الحقيقة. 3- التركيز على نقاط الاتفاق فذلك يزيد من نجاح الحوار، وكذلك التركيز على نقاط الاختلاف بهدف الوصول للصواب وتوضيحه. • إيجابيات الحوار في حياتنا: 1-تحقيق التماسك بين أفراد المجتمع الواحد وبناء جسور التعاون؛ فالحوار يولِّد لدى الفرد الراحة، وعدم الشعور بالكبت، ويُشعِره بالاطمئنان لاتباع الصواب. 2-الحوار هو أفضل الطرق لتحقيق العدالة؛ فهناك قضايا لا يمكن اتِّخاذ أي إجراء فيها دون محاورةِ جميع الأطراف من أجل تجميع أكبر قدرٍ من المعلومات للقدرة على اتِّخاذ الإجراء المناسب والصحيح، فغياب الحوار معناه غياب جزء من الحقيقة ومن ثَم عدم اتِّخاذ القرار الصائب على الأغلب. 3-اتباع أسلوب الحوار مع أطفالنا في المراحل الأولى من حياتهم يجعل هذا النمطَ هو السائدَ في حياتهم في المستقبل ممَّا يُنتج لنا جيلًا واعيًا مثقفًا وقادرًا على الاستماع للصوت الآخر واحترامه. 4-يعمل الحوار على تقريب وجهات النظر بين الناس، وكذلك تنمية مهارات فن التواصل مع الناس؛ حيث إنَّ الحوار يعكس رُقِيَّ الأفراد بشكل خاصٍّ، ومن ثَم رُقِي المجتمع، ورقي الأمة بشكل عامٍّ. دعاء: نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الحكمة والحلم والعلم والأناة، وأن نكون موفَّقين لكل خير، وأن يؤلِّف بين قلوبنا ويُصلح ذات بيننا إنه على كل شيء قدير. اللهم آمين. burashid282@hotmail.com

136350

| 27 فبراير 2020

خطورة القسوة على الأبناء

يمثِّل الوالدان الأساسَ الرئيسيَّ في تشكيل وتكوين شخصيات أبنائهم منذ الصغر؛ لذا تؤثر عليهم طريقة التربية بشكل كبير، ولهذا السبب كان الارتباط وثيقًا بين شخصية الآباء وشخصيات وسلوكيات الأبناء؛ فطريقة تربية الآباء لأبنائهم من أهم العوامل التي تؤثر سلبًا أو إيجابًا على شخصياتهم ونفسيتهم في المستقبل. فالآباء الذين ينتهجون القسوة في التربية يُعَدُّون من أكثر الآباء الذين يؤثرون سلبًا على أبنائهم، فالقسوة من أسوأ الأساليب غير التربوية مع الأبناء، ويعتقد الآباء والأمهات الذين يلجؤون إلى القسوة أنهم بذلك حريصون على تربية أبنائهم وتأديبهم، وهذه ليست قسوة وإنما هو الخوف على الأبناء من الانحراف والسلوكيات غير السوية، ولا شك أن هذا الفهمَ خاطئٌ، فالقسوة منهجٌ معوَجٌّ في التربية بشكل عام، لا سيما إذا كانت هذه القسوة في سِنٍّ مبكرة، فتتشكَّل الشخصية مُحمَّلة بكثير من الآلام والعُقَد النفسية، فهؤلاء الآباء بهذا السلوك الذي لا يُقِرُّه شرعٌ ولا عُرف يتسبَّبون في تشويه شخصيات الأبناء واضطراب نفسياتهم. والقسوة لها أشكال متعددة أبرزها العقاب الجسدي بالضرب وذلك لأقل خطأ دون توجيه أو نقاش أو إعطاء فرصة للتعلم من الأخطاء. ومن القسوة الإيذاء النفسي بالإهانة والشتم والسب خاصَّة أمام الآخرين. ومنها المقارنة بينهم وبين الآخرين بشكل فيه تقليل من شأنهم واتهامهم بالغباء والفشل، وغيرها من الأساليب التي تمارس العنف في التربية والتي تؤدي إلى انعكاسات سلبية على الأبناء: أولها: بثُّ روح الكراهية في نفوس الأبناء تجاه الوالدين، وعدم الشعور بالأمان أو الاطمئنان داخل محيط الأسرة والشعور الدائم بالنقص والاحتياج، وكذلك يميلون إلى القسوة مع الآخرين، وتتسم شخصياتهم بالفَظاظة والأنانية، وهذا انعكاس طبيعي لشخصية تربَّت على القسوة. ثانيًا: عدم قدرة الأبناء على دفع الأذى الناتج من قسوة الآباء يجعل شخصياتهم مهزوزة، فاقدين الثقة بأنفسهم فيشعرون بالانكسار والضعف وأنهم ليسوا جديرين بالاحترام. ومن أهم آثار وعواقب التربية القاسية هي اكتساب الأبناء عدوانيةً مفرطةً تجاه بعضهم البعض وتجاه الآخرين، فقد أشارت الدراسات مؤخرًا إلى أن الأبناء الذين تعرَّضوا للضرب والقسوة من الآباء هم أكثر الأشخاص عُرضةً للانحراف السلوكي، إما بالتدخين أو تعاطي المخدرات أو الانحراف في طريق الجريمة والعدوان في الحياة عندما يصبحون بالغين. ثالثًا: تؤدي العقوبات القاسية التي يوقعها الآباء على الأبناء إلى تعوُّد الكذب مخافةَ العقاب، وكذلك الشعور الدائم بفقدان الاحترام للذات. إن قسوة الوالدين أحد أهم أسباب العقوق في المستقبل وكل هذه الآثار السلبية وغيرها الكثير مما تنتجه وتفرزه القسوة على الأبناء، فكيف ينتظر الوالدان البر من الأبناء إذا كان هذا نهجهم في التربية؟!. فهذه المعاناة التي تلازمهم منذ الطفولة وإلى نهاية العمر يصعب علاجها بشكل كبير. ◄ رسالة: فرسالتي إلى الآباء والأمهات لتكون معاييرُ التربية لدينا مُستوحاةً من شريعتنا الغرَّاء التي طالما تحثُّنا على التقدير والرفق والحلم والرحمة بفلذات الأكباد، فهم زينةُ الحياة وبهجتُها وأملنا بعد الله في رفع الدرجات بعد الممات، نريد أن نُخرِج جيلًا بلا رواسب سلبية، ولا عُقَد نفسية حتى يستطيعوا الحياة بيُسر وبساطة، ويكون لديهم إقبالٌ على التفوُّق وإثبات الذات والشعور بالفخر والاعتزاز للوالدين على تضحيتهم من أجل إسعاد الأبناء في مشوار العمر. ◄ دعاء: نسأل اللهَ تعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يرزقنا الرفق والرحمة والرأفة بهم، وأن يبارك في ذرياتنا وذرياتكم ويُوفِّقنا جميعاً لتربيتهم على البر والتقوى يا رب العالمين. burashid282@hotmail.com

43813

| 20 فبراير 2020

الاتصال الفعَّال بين الآباء والأبناء

تُعدُّ الأسرةُ بالنسبة للأبناء هي الوسط الاجتماعي الذي يُمكنهم التفاعُل فيه بحُريَّة وأمان، فيُعبِّرون عن كلِّ ما هو نفسيٌّ وعاطفيٌّ بداخلهم للآباء والأمهات باعتبارهم المصدرَ المعرفيَّ والتربويَّ داخل مجتمع الأسرة. فالأسرة تحتل مركز الصدارة في كل الأزمنة والعصور في تلقين الأبناء أسس الحياة، وترسيخ مبادئ التفاعل، وتعليم قواعد التواصل والحوار؛ فهي التي توضِّح للأبناء كيانَهم الشخصيَّ وتركيبَهم النفسي وسلوكَهم الاجتماعي السليم. وذلك من خلال الاتصال الفعَّال معهم بإشباع رغباتهم العاطفية والاجتماعية والثقافية، والرد على استفساراتهم وتساؤلاتهم وإن كَثُرت، والسماع لحكاياتهم وإن تكرَّرَت وبدَتْ سطحية لا فائدة فيها. فالأسرة المثقفة الواعية هي التي تُعلِّم أبناءها قواعدَ الحوار وآدابَ التواصل، فيُدرك الأبناء حرِّيَّتَهم وحدودَهم ويُميِّزون بين ما لَهم من حقوق وما عليهم من واجبات. وكل هذه المكتسبات لا تتحقق إلا بوجود التواصل؛ فالتواصل المستمرُّ بين الآباء والأبناء جزء رئيسي من أُسس التربية السليمة، وحلقة الوصل بين الحكمة والنضوج المتمثِّلة في الآباء، وبين التهوُّر وحداثة السِّنِّ المتمثِّلة في الأبناء. فالاتصال الفعَّال يبني جسورًا من الثقة والإيمان بأهمية العلاقة الوطيدة بين الطرفين، وهذا الاتصال الفعَّال لا يتحقق إلا بأمرَيْن مهمَّيْن: الأول: ثقة الآباء والأمهات بعقول أولادهم، وتبادل الحوارات الهادفة معهم في شتى الموضوعات. والثاني: ثقة الأولاد بحِكمة الوالدَيْن، وحرصهما الدائم على ما يُصلحهم، وإشفاقهما المستمرِّ رحمةً بهم. وأشكال الاتصال بين الآباء والأبناء كثيرة ومتعددة منها: الحوار والتشاور والتفاهم والإقناع والتوافق والاتفاق والتعاون والتوجيه والمساعدة. ومن أجمل صور الاتصال وجمال الحوار بين الآباء والأبناء حوار لقمان الحكيم مع ابنه في موقفٍ تربويٍّ بديعٍ يجمع بين أسلوبِ النصح والوعظ، وهو أسلوب يتمثَّل في التذكير بوجوه الخير، والزجر المُقترِن بالتخويف من وجوهِ الشَّرِّ بأسلوبٍ رقيقٍ تَغمره الرحمة. فكان الحوار عبارةً عن تِسْع مواعظَ جمعَت في طياتها جميعَ مظاهر التربية. بدأها بالنهي عن الشرك ووجوب التوحيد للخالق، ثم الوصية بالبِرِّ للوالدين، ثم بيان فضلهم على الأبناء، ثم ملازمة الصالحين، ثم التأكيد على مراقبة الله والخشية منه، ثم إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يختم نصحه لابنه بضرورة اتباع الآداب العامة في معاملة الناس وعلاقته بهم، مع ضرورة التواضُع والبُعد عن التكبُّر والغرور، واتباع الأدب في خفض الصوت عند الحديث. فنرى في كل موعظة أصلًا من الأصول التربوية التي يجب أن يَكتسِبَها الأولاد، وإذا أخلَّ الآباء بواحدةٍ منها ولم يَكتسِبها الأبناء؛ اختلَّ ميزان التربية عندهم؛ لذلك أوصيكم أيها الآباء بضرورة الحفاظ على الاتصال الفعَّال والمستمر بالأبناء مهما صغُرَت أعمارهم فلا بدَّ منَ الحوار معهم ومشاركتهم الأفكارَ مهما كانت بسيطةً وسطحيَّة وغريبة. ومن جميل كلام السلف في فنِّ تربية الآباءِ لأبنائهم قولُ الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال: "لا تُربُّوا أبناءكم على ما ربَّاكم عليه آباؤكم فإنَّهم خُلِقوا لزمانٍ غيرِ زمانكم". فيجب على المُربِّين أن ينطلِقوا عندَ تربيةِ أبنائهم والحوار معهم من حقيقة الاختلافِ بين الجيلَيْن حتى تتحقَّق النتائج المرجوَّة؛ لأن ثمرةَ هذا الاتصالِ سيتعوَّد عليها الأبناء وتُربي لديهم أهمية ثقافة التواصل والحوار في المستقبل مع الآخر أيّاً كان، مما سينعكس إيجاباً على المجتمع. • رسالة: إلى الآباء والأمهات، فلنحرص على عدم الانشغال بضغوط العمل وزحمة الحياة والمتطلبات الأسرية ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل يُنسِيكم التواصل مع الأبناء والبنات في كل يومٍ ومتابعة كل تفاصيل حياتهم بدقةٍ ورعاية واهتمام ، حتى يشعروا بالثقة والأمان النفسي ليكون ذلك خير معين لهم بعد الله على استكمال مشوار حياتهم بكل نجاح وتميّز وإبداع في كافة مجالات الحياة. • دعاء: نسأل الله تعالى أن يبارك في الآباء والأمهات، وأن يُصلح الأبناء والبنات، وأن يوفِّقَنا جميعًا لما فيه الخير لنا ولهم، ويُصلح ذرياتنا وذرياتكم أجمعين.. اللهم آمين يا رب العالمين. burashid282@hotmail.com

13539

| 15 فبراير 2020

وقفات مع الأمراض الغريبة في العالم

لقد قدَّر الله تعالى الخير والشرَّ على عباده وذلك حسبما تقتضي حكمته التي لا يعلمها إلا هو، فكلما كان العباد حريصين على طاعة الله وحُسن عبادته؛ أحلَّ الله عليهم رضوانه، وأغدق عليهم نِعَمه، وكلما بَعُد الخلقُ عن مهمتهم الأساسية التي هي عبادة الله وحده لا شريك له؛ يرسل عليهم من العقوبات ما يجعلهم ينتبهون إلى تقصيرهم واستحقاقهم لغضب الخالق سبحانه. ومع ظهور بعض الأمراض الغريبة والتي أصابت العالم كلَّه بالذعر والقلق، نقف وقفاتٍ وجيزةً فيما يلي: - الوقفة الأولى: حيث صدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر: 31]. ويعدُّ انتشار الأوبئة والأمراض المُعدِية الغريبة أمرًا واضحًا في هذا الزمان، وبخاصة في عصر التغيُّرات المناخية والكوارث الطبيعية والانتشار الواسع لاستخدامات الطاقة والفضاء المفتوح والتعامل المُفسِد مع الطبيعة في بعض بقاع الأرض، وكذلك التحدي الواضح الذي تُظهِره القوى الغربية الطاغية لله تعالى يظنون تقدُّمَهم العلمي وتطوُّرَهم يُكسِبهم قوَّةً لا تُقهَر!! ولكن القهار فوق كل ذي علم عليمٌ قادرٌ جبَّارٌ متكبِّر؛ فهذا الفساد الذي انتشر أظهر لنا أوبئة جديدة لم يكن لأحد علم بها من قبلُ، ولكن العلم يؤكد أن الفيروسات لديها القدرة على التطور وتغيير شكلها وكذلك مقاومة الأدوية؛ قال تعالى: { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41]. - الوقفة الثانية: تعامُل المسلم مع ظهور الأوبئة السبيل الوحيد الذي ينبغي أن يَسلُكه المسلمون عند انتشار الأوبئة هو الإيمان بالله -عز وجل- والإذعان بأنه الخالق البارئ المصور المتصرف المدبر، يفعل ما يشاء علت قدرته كل قوي متجبر، لا رادَّ لحكمته، فالله تعالى قدَّر مقادير الأشياء قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فكتب كل ما كان، وما سيكون، إلى يوم القيامة، في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فيبلو سبحانه وتعالى عبادَه من الخير الذي يحبونه، والشر الذي يكرهونه. - الوقفة الثالثة: التضرُّع لله تعالى بالدعاء أن يكشفَ البلاء، قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام: 17]. وكذلك الاستعانة بالهدي النبوي في الوقاية من الأوبئة، وأولها الاستعانة بالدعاء؛ فعن أنسٍ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالجُنُونِ، والجُذَامِ، وسيِّئِ الأَسْقامِ". [رواه أبو داود بإسناد صحيح]. - الوقفة الرابعة: اتباع الهدي النبوي الذي جاء به الإسلام الذي يعدُّ من أكمل الشرائع، فالإسلام يُقدِّم نموذجًا فريدًا للزينة والنظافة والحفاظ على الصحة الخاصة والعامة، وبناء الجسد في أصحِّ قوام وأجمل مظهر وأقوى عمادٍ، ودعا إلى صَوْن البيئة والمجتمع من انتشار الأمراض والأوبئة والملوِّثات. ‏فيحثنا ديننا الحنيف على الحفاظ على طهارة الأعضاء الظاهرة المتعرِّضة للغبار والأتربة والنفايات والجراثيم عدة مرات يوميًّا، وغسل الجسم في أحيانٍ متكررة، ولأسباب عدة كفيلٌ بحماية الإنسان من أي تلوث؛ فقد أثبت الطب الحديث أن أنجح علاج وقائي للأمراض الوبائية هو النظافة. والوقاية خير من العلاج كما نقول دائمًا وأبدًا. وقد امتدح الله تعالى المتطهرين فقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. ◄ دعاء: نسأل الله تعالى أن يصرفَ عنَّا الوباء والبلاء، وأن يحفظ بلادنا وبلاد الإسلام من كل مكروه وسوء، وأن يرزقنا سبحانه العفو والعافية في الدنيا والآخرة إنه على كل شيء قدير، اللهم آمين. burashid282@hotmail.com

4543

| 06 فبراير 2020

التفرقة بين الأبناء والبنات في الأسرة

قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: ٤٩]. فهذه الهبة ينبغي شُكر الله عليها وتنشِئَتُها على مرضاته، فالتمييز وعدمُ المساواة بين الأبناء مشكلة يقع فيها بعض الآباء والأمهات والمُربِّين، سواء بشكل مقصودٍ أو بشكل عفويٍّ. ويسبب هذا التصرفُ الكثيرَ من الآثار السلبية على الأولاد، وقد تمتد معهم في المستقبل، فلا بدَّ أن يعلم الآباء والأمهات أن التفرقة بين الأبناء من الأساليب التربوية الخاطئة التي ستكون لها آثار وعواقب وخيمة على نفسية الأبناء، وقد تُكسِبهم صفات سيئة كالحقد، والغيرة، والأنانية، وتولِّد الكراهيةَ بين الأولاد والبنات، وينتج عنها أبناء غير أسوياء. فأساس الصحة النفسية للأطفال تكون بالمساواة بينهم، دون النظر إلى الجنس‏ أو السن‏، ولا شك أن التمييز بين الأبناء والبنات من بقايا عادات الجاهلية التي نبذها الإسلام؛ حيث كانت المرأة عندهم منزوعةَ القيمة والحقوق، فجاء الإسلام على مبدأ العدل بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات. وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرًا، وأكَّد أن تربية البنات هي الطريق إلى الجنة ومفتاحها. فإن كان الأب والأم يفرحان بالولد لظنهم أنه سيساعدهم في مشوار حياتهم ويكونُ سندًا قويًّا لهم باعتباره رجلًا يمكنه الكسب والإنفاق على الوالدين ورعايتهم في الكِبَر، فهذا لا يعطيهم الحق في زيادة تدليله ومنح الصلاحيات له دون ضوابط والتضييق على البنت بشكلٍ مبالغٍ فيه لكونها أنثى وتقييد حريتها ومراقبة تصرفاتها بدقة! فهذا مخالف بلا شك لتعاليم الإسلام الحنيف؛ فقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراهية البنات؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَا تَكْرَهُوا الْبَنَاتِ، فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ". [رواه أحمد وصححه الألباني]. وكان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يحب ابنتَه فاطمة حبًّا عظيماً، فيستقبلها مبتسمًا ويقول: "مَرْحَبًا بِابْنَتِي". فيُقبِّلها بين عينيها ويُجلِسُها مكانَه ويقول: "هَذِهِ أُمُّ أَبِيهَا". وكان يقول: "فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِي". فالبنات هبات فيهن من الرحمة والرقة والحنان ما يجعلهن زهرات البيوت. ويقول أحد القضاة: "قَلَّ مَن يشتكي العقوقَ من ابنته". وهذا يدل على غَلَبة الصلاح والتقوى والرحمة لدى البنات. فيجب على الأبوين أن يحرصا على العدل بين الأبناء في المعاملة الأسرية، ويحرصا على مشاعر البنات. تعدُّ التفرقة بين الأبناء أحد الأسباب التي تؤدي إلى عقوق الوالدين، وتُولِّد الحقدَ والأنانية والكراهية في الأسرة، ومن ثَم ينعكس ذلك على المجتمع، حيث يحمل أبناء المجتمع سلوكيات سيئة، وتؤدي بهم إلى الانطوائية، وحب العزلة، وإن كان أحد الأبوين في بعض الأحيان يميل إلى ابن أو بنت بدرجةٍ أكبر من الآخر؛ فيجب ألَّا يُظهِر هذا الميلَ بشكل واضح، إذ لا بد من العدل بين الأبناء في المعاملة. ومن الأساليب الخاطئة التي يسلكها بعض الآباء والأمهات عملية المقارنة بين الأبناء، وكثرة الثناء على أحدهم دون أن يكون هناك عمل كبير يستحق هذا الإطراء المبالغ فيه، فهذا الأسلوب يمهِّد لغيرةٍ غير مرغوبة بين الأبناء، وهنا ينبغي للوالدين الحرص التام على عدم وضع أي مقارنةٍ بين الأبناء خاصةً في الذكاء والقدرات العقلية والتفوق الدراسي، فهنا يُشعِر الإخوة الآخرين بالإحباط والغيرة من أخيهم. ويجب أيضًا عدم المقارنة بين البنات في الشكل أو المساعدة للأم في المنزل؛ فهذا الأسلوب يسبب صدمة كبيرة للأخت الأقل جمالًا ويُولِّد لديها انكسارًا وعدم ثقة في النفس. فينبغي علينا جميعًا أن نحرص على الاعتدال في تربية الأبناء، والحرص الدائم على مطالعة الكتب والمراجع التي نتعلم منها أساليب التربية الصحيحة التي تُخرِج لنا الأبناء بشكل ناجح، يتمتعون بصحة نفسية جيدة وسلوك اجتماعي سَوي. • دعاء: أسأل الله تعالى أن يُبارك في ذرياتنا وذرياتكم جميعًا، وأن يُصلِحَهم ويُنبِتَهم نباتًا حسنًا. وأن يوفقنا لحُسن التربية، وأن يرزقنا بِرَّهُم في الحياة وبعد الممات... اللهم آمين. burashid282@hotmail.com

117171

| 30 يناير 2020

تقدير الأسرة وأثره على الأبناء

الأسرة أساس بناء المجتمعات، واللَّبِنة الأولى التي وضعها الله لاستمرار الحياة على وجه الأرض إلى أن تقوم الساعة، ويعدُّ مفهوم الأسرة أو العائلة من الخصائص المميِّزة للإنسان دون سائر المخلوقات على هذا الكوكب الفسيح؛ فالأسرة الصغيرة هي نواة العائلة الكبيرة التي يتكون منها المجتمع بشكل عام، فالأفراد متفرقين لا يُمثِّلون نسيجًا متماسكًا؛ لذا جعل الله تعالى بناءَ العائلة هو الطريق الصحيح لتكاثر بني آدم في الحياة ومن أفضل النعم التي ينبغي الحفاظ عليها. قال تعالى: { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [سورة النحل: 72]. وتقدير الأسرة وإعلاءُ مكانتها له أبعاد كثيرة: •أولها: البُعد الديني: فإذا صلَحَت الأسرة في علاقتها بالله والاهتمام بتعاليم الدين؛ انعكس ذلك على صلاح وانضباط أفرادها بلا شك. ويترتب على صلاح الأفراد صلاح المجتمع بأكمله؛ فالأسرة هي التي يتشرَّب منها أفرادها العقيدةَ والأخلاقَ، والأفكارَ والعادات والتقاليد. فالأصل في هدايتك إلى العقيدة الصحيحة بعد مشيئة الله تعالى هي أسرتك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟)) [متفق عليه]. فالأسرة كلما كانت من أهل الصلاح والتقوى والتدين كانت أصلًا يَفتخر به الفروع في كل زمان ومكان؛ لأنهم يأخذون بأيدي أبنائهم وبناتهم إلى الخير وطريق النجاة. يقول الشاعر في وصف قوة الأسرة والعائلة والأخوة: وما المرء إلَّا بإخوانه ** كما تقبض الكفُّ بالمعصم ولا خير في الكف مقطوعة ** ولا خير في الساعد الأجذم ثانيًا: البُعد التعليمي: في مراحل التعليم المختلفة نجد أهمية النسيج العائلي في حياة الأبناء خصوصًا في مرحلة التعليم والانتقال من مستوى لآخر؛ لذا يجب الحرص على بناء الأسرة على أسس ثابتة وأصول سليمة وقواعد ربانية منذ الصغر حتى تستمر معهم هذه الأصول والثوابت إذا اختلطوا بالمجتمع الخارجي في إطار الدراسة. فقاعدة الأسرة أساسها شرع الله وتعاليم الدين الحنيف كالرحمة والرفق والحب والتعاون واحترام الآخر كبيرًا كان أم صغيرًا؛ فبالرعاية والعناية والدفء التي يحظى بها الأبناء في كنف العائلة، وبالطاعة والبِرِّ اللذَيْن يقدمهما الأبناء للوالدين تستمر البيوت وتظل عامرةً مدى الحياة. كما أن الاهتمام بالعاطفة والهوايات والميول الشخصية للأبناء من أهم الدعائم التي تقدمها العائلة لأبنائها، فالجانب العاطفي في العائلة مهم جدًّا للشباب من الجنسين، ووجود أسرة داعمة لهم في الإخفاق قبل النجاح فربما تعرَّض أحد الأبناء لتعثُّر دراسي في بعض السنوات فيحتاج إلى دعم حتى يخرج من اليأس والإحباط ويواصل مسيرته بتفاؤل، وكذلك تشجيع العائلة لأبنائها والاحتفاء بهم في النجاح والثناء على جهودهم أمر يُشعرهم باستقرار عاطفي واتزان نفسي له عائد على حياتهم الشخصية وينعكس ذلك على صحتهم النفسية، فكلما كانت الأسرة تأخذ برأي الأبناء في أمور الأسرة وتحترم وجهات نظرهم يشعرهم هذا بتحمُّل المسئولية وأهمية رأيهم لدى الآباء، وهكذا تكون قد عزَّزت جانبًا شديد الأهمية من الجوانب الأساسية لاستقرارهم النفسي والسلوكي، ويُعدُّ من احتياجات أي فرد طبيعي، وهو جانب التقدير والاحترام والدعم والمساندة. •ثالثًا: البُعد الوظيفي: فالأسرة التي تحافظ على الثوابت الإسلامية ثم العادات والتقاليد الإيجابية بشكل أساسي في حياتها، ينعكس ذلك على مستقبل أبنائها الوظيفي والمهني؛ فكل أصل طيب يُثمر بإذن الله فرعًا طيبًا يحمل الرسالة التي تعلَّمها وتربَّى وترعرع عليها في كنف عائلته المباركة، فكلما كان الأصل يبحث عن المعالي ويتجنب الرذائل كان هذا مدعاةً للافتخار بين أبنائه، فيسيرون على نهج الأسلاف من عُلوٍّ إلى ارتقاء، فيكون أصلهم الطيب سجِلًّا مشرِّفًا يفتح لهم مجالات العمل المهمة والمؤثرة، ويجعلهم محط اختيار للمناصب المرموقة. وكل ذلك استنادًا لتاريخهم العائلي الطيب. •رابعًا: البُعد الاجتماعي: فالأسرة ذات المكانة المرموقة تدعم أبناءها في محيطهم المجتمعي، بمعنى أن المستوى الاجتماعي لهم في الثقافة والمعرفة والعلم، والمعارف والجيران والأصهار يتكافأ مع طبقتهم، فتكون علاقتهم الاجتماعية بالآخرين متوافقة مع تربيتهم وتعليمهم ومكانة هذه الأسرة بين غيرها من الأُسَر؛ فهذا يدعمك في اختيار أصدقائك وزملائك، وكذلك يدعمك في اختيار المصاهرة والنسب الطيب؛ فالأسرة الطيبة المباركة تُعلِي مكانة أبنائها وتكون مصدرَ فخر واعتزاز لهم على المستوى الاجتماعي؛ لذا يجب على الأبناء المحافظة على تاريخ عائلتهم ومكانتها والاستمرار في الارتقاء باسم الدين الإسلامي السمح، ثم المحافظة على مابناه الآباء والأجداد بشكل يتواكب مع العصر الحديث. •خامسًا: البُعد الإنساني: فتقدير الأسرة لأفرادها، له بُعد إنساني عميق ومهم، فمفهوم التقدير من المفاهيم المهمة بين أفراد العائلة لبعضهم بعضًا وحبهم لدينهم ووطنهم وأمتهم، ويعدُّ من الأمور التي تساعد في زيادة مقدار الحب والامتنان بينهم، حيث تساهم الطريقة الجيدة في الحوار، والتقدير أثناء النقاش، والحديث في أي موضوع، واستعمال كلمات الشكر والثناء، والتعبير عن التقدير في اللقاء كل هذه الأمور من أشكال التقدير التي تسهم في زيادة سعادة الأسر وتماسكها والارتباط بين أفرادها مهما بعُدت بينهم المسافات، ولا شك أن عصرنا الحالي فَقَد الكثير من الترابط الأسري بالشكل الذي كان عليه في الماضي، وذلك نظرًا لتعدُّد وسائل التكنولوجيا الحديثة كالإنترنت والانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت لكل فرد من أفراد الأسرة عالمه الذي يعيش فيه، وأثرت بشكل واضح على الانتماء والترابط الأسري عند بعض الأبناء والبنات. •فلا بد من محاولة الرجوع للجو العائلي كما كان في السابق، حتى ولو بشكل أقل من السابق، فاللقاء الأسري اليومي على مائدة الطعام، وكذلك مجلس الأسرة في نهاية اليوم واللقاء الأسبوعي له أثر عميق في نفوس النشء الصغير، فالحوار الهادف معهم يُثري الفكر والثقافة ويزيد الثقة بالنفس لديهم، والاستماع إليهم يزيد من الترابط والألفة بين أفراد الأسرة، فالمحافظة على ثوابت الدين الإسلامي، ونقل تجارب الكبار للأجيال الشابة يحميهم من الوقوع في مشاكل كثيرة أثناء مشوار عمرهم بإذن الله. فالترابط الأسري يُسهم في نشأة الجيل الحالي بشكل متوازن ومتحمِّل للمسؤولية بشكل كبير تجاه أنفسهم وأهلهم ودينهم ووطنهم وأمتهم بل للإنسانية جمعاء. • دعاء: نسأل الله تعالى أن يحفظنا ويحفظكم، وأن يديم علينا وعليكم الترابط بالطيب والخير والمعروف فيما بيننا، وأن يوفقنا جميعًا للتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين، والسير على نهجهم الطيب المبارك، وأن يجعلنا خير خلف لخير سلف، وأن يبارك في الأبناء والأحفاد والأجيال القادمة.. اللهم آمين. burashid282@hotmail.com

13597

| 23 يناير 2020

شبابنا.. احذروا من الطريق إلى الموت

من أعظم الحقوق الواجبة على الإنسان هو حق نفسه عليه؛ وذلك لأن النفس أشرفُ ما في الإنسان، وجوهر ذاته، وهي المسؤولة عن أفعاله الحسنة أو القبيحة؛ فالنفس باختصار كيان تقوم عليه حياة الإنسان بشتى جوانبها. ولعظيم حق النفس على صاحبها وجب عليه الحرص على إصلاحها، وإسعادها، وصيانتها من الضرر والإفساد، مع إشباع رغباتها الضرورية في الحياة؛ لذا حرَّمَ الإسلام كل ما يضرُّ بها حفاظًا على النفس البشرية من الهلاك والضياع، فأمر الإسلام بالقيام بكل ما بإمكانه أن يُسعِدها ويساعدها على طاعة الله، وحرَّم كل ما يضرُّ بها ويُعرِّضها للمهالك، وشدد على حقوقها، كما جاء في كتاب الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]. وكذلك السنة النبوية أمدتنا بالعديد من الأدلة التي تحثنا على حق النفس، منها ما جاء عن سلمان الفارسي أنه قال لأبي الدرداء رضي الله عنهما: "إِنَّ لِرَبِّكَ عليكَ حَقًّا، وإِنَّ لِنَفْسِكَ عليكَ حَقًّا، ولأهْلِكَ عليكَ حَقًّا؛ فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فأتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي عليه السلام: "صَدَقَ سَلْمَانُ". [أخرجه البخاري] فأقر النبي صلى الله عليه وسلم قول سلمان، بل وصدَّقه؛ فدلَّ ذلك على وجوب حق النفس على صاحبها. وفي معرض حديثنا على حق النفس نتناول بعض الظواهر التي يمارسها بعض الشباب المتهور من الاستعراض والرعونة في قيادة السيارات فيُعرضون أنفسهم للخطر، وكذلك تعريض الآخرين للخطر، فنُفاجَأ باستعراض بعض الشباب بالسيارات في (طعوس الرمال) في مناطق مختلفة، أو ربما في بعض الطرقات والشوارع العامة، فقد يحدث نتيجة لهذه التصرفات غير المسؤولة إزهاق في الأرواح لا قدر الله؛ فيشعرون وقتها بالخسارة والحسرة والندامة، ولكن وقت لا ينفع الندم، تكون الخسارة متعددة لهذا الشاب المتهور وخسارة لأسرته وخسارة لوطنه كذلك، فيجب على شبابنا الحرص على أنفسهم والتوقف عن الاستعراض والتهور في قيادة السيارات؛ فالشباب هم الشريحة الأهم في المجتمع، ننتظر منهم الدراسة الجادة ثم التفوق والتخرج بأعلى الشهادات، ننتظر منهم الارتقاء بأنفسهم في أعمال ووظائف هامة ومؤثرة، ننتظر منهم نفع أسرتهم ورد الجميل لهم على ما بذلوه في مشوار تربية ورعاية الأبناء، ننتظر منهم خدمة دينهم ووطنهم في كل جوانب المجتمع. هذا ما ينبغي أن يكون عليه شبابنا الواعي المتحضر. ولا شك أن هذا السلوك المتهور له عدة أبعاد مهمة: • أولها: البُعد الديني كما وضحتُ في بداية مقالي أن هذه الممارسات التي تضر بالنفس مُحرَّمة بنص الكتاب والسنة، ومن يُعرِّض نفسه للضرر أو يرمى بها في المهلكات مخالفٌ لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف. • ثانيًا: البُعد الأسري، ويترتب على هذا التصرف المتهور - ألا وهو الاستعراض في القيادة - اضطراب في المحيط الأسري، وتوتر وقلق دائم على شبابهم، وخسائر مادية، وربما لا قدَّر الله خسائر في الأرواح، فهذا الأمر الذي يستهين به بعض الشباب قد يكون سببًا في دمار أسرة بأكملها؛ لذا يجب على الأسرة تفعيل دورها في النصح والإرشاد والتوجيه والتوعية لأبنائها من خطورة هذه الممارسات وانعكاساتها السلبية على حياتهم بشكل عام، وتفعيل دور المتابعة والرقابة باستمرار حرصًا على سلامة شبابنا. وتأديةً لدورنا في المسؤولية والرعاية التي أمرنا الله بها تجاه الأبناء نوضح لشبابنا أهمية المرحلة التي يعيشونها الآن، فلديهم مهام كبيرة تنتظرهم كالزواج وبناء أسرة، والالتحاق بوظيفة مرموقة، أو الطموح في الوصول إلى منصب مهم، وغير ذلك من المهام العظيمة التي تنتظر فئة الشباب على وجه الخصوص؛ لما تحمله نفوسهم من الطاقة والحماس والتفاؤل. • ثالثًا: البُعد الاجتماعي لهذه الممارسات الخاطئة ينعكس بشكل سلبي على الفئة العمرية الأصغر من فئة الشباب وانتشار التقليد وتهوين الأمر وهذا بلا شك يبث الخوف والقلق في نفوس الأسر على مصير الأبناء من هذا السلوك المتهور؛ لذا يجب على مؤسسات الدولة المختصة بهذا الشأن كإدارة المرور أخذ التدابير اللازمة حيال هذه الاستعراضات وسن القوانين الرادعة لمن يقوم بها، وكذلك تفعيل رسائل التوجيه والتوعية للأسر والشباب للتحذير من خطورة هذه الاستعراضات وما يلحقهم من الأذى بسببها، ويجب التنسيق مع كافة مؤسسات الدولة ووزاراتها وإعلامها وتكثيف الجهود في وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك تعرُّضهم للمساءلة القانونية، ووقوعهم تحت طائلة القانون. يجب أن نعطي الأمر أهمية أكبر حتى نحدَّ منه ثم يختفي تمامًا من مجتمعنا. - نثق في شبابنا الواعي ألا ينجرف وراء هذه الاستعراضات، ولا يحاول المشاركة فيها أو تأييدها، بل التحذير منها والإبلاغ عنها. - نثق في دور الأسرة أن توجِّه الأبناء وتنصحهم باستمرار بوجوب تجنُّب أماكن الاستعراضات. - نثق في الجهات المعنية أن تكون على دراية تامة ومتابعة جيدة لهذه الاستعراضات ومعرفة أماكنها، وننتظر منهم مزيدًا من التشديدات وسن المخالفات على هذه الاستعراضات على وجه التحديد حتى تختفي من مجتمعنا بشكل نهائي. • دعاء: أسأل الله تعالى أن يحفظ شبابنا من كل مكروه وسوء، وأن يوفِّقهم لما فيه الخير لهم ولدينهم ووطنهم، وأن يُقِرَّ أعيينا جميعًا بصلاحهم وتقواهم.. اللهم آمين يا رب العالمين. burashid282@hotmail.com

3723

| 16 يناير 2020

alsharq
جريمة صامتة.. الاتّجار بالمعرفة

نعم، أصبحنا نعيش زمنًا يُتاجر فيه بالفكر كما...

6651

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
طيورٌ من حديد

المسيرات اليوم تملأ السماء، تحلّق بأجنحةٍ معدنيةٍ تلمع...

2724

| 28 أكتوبر 2025

alsharq
المدرجات تبكي فراق الجماهير

كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...

2250

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة لا غنى عنها عند قادة العالم وصُناع القرار

جاء لقاء حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن...

1707

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
الدوحة عاصمة الرياضة العالمية

على مدى العقد الماضي أثبتت دولة قطر أنها...

1515

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
طال ليلك أيها الحاسد

نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...

1170

| 30 أكتوبر 2025

alsharq
حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...

1041

| 29 أكتوبر 2025

alsharq
التوظيف السياسي للتصوف

لا بد عند الحديث عن التصوف أن نوضح...

1035

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
فاتورة الهواء التي أسقطت «أبو العبد» أرضًا

“أبو العبد” زلمة عصامي ربّى أبناءه الاثني عشر...

969

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
بين العلم والضمير

عندما تحول العلم من وسيلة لخدمة البشرية إلى...

867

| 26 أكتوبر 2025

alsharq
انخفاض معدلات المواليد في قطر

بينت إحصاءات حديثة أن دولة قطر شهدت على...

834

| 27 أكتوبر 2025

alsharq
من المسؤول؟

أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...

684

| 30 أكتوبر 2025

أخبار محلية