رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يبدو أن «إسرائيل» تستغلّ الفرص القريبة والبعيدة لتوسعة كيانها على حساب الدول العربية المحيطة بها تنفيذا لسياساتها التوسّعية الاستيطانية. وبعد الأحداث المتسارعة في الاراضي السورية وسقوط نظام بشار الأسد قبل شهر تقريبا، تَوغّل الجيش «الإسرائيلي» عدّة كيلومترات داخل الجولان السوري، وسيطر على موقع «جبل الشيخ» السوري بعد أن غادرته قوات النظام، وفقا لصحيفة «معاريف الإسرائيلية»! وقد صادقت حكومة بنيامين نتنياهو، بالإجماع منتصف كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، على خطّة قدّمها نتنياهو، لتعزيز «النموّ السكاني» في مستوطنات الجولان المحتلّ، وبتكلفة تزيد على (11) مليون دولار! وقد أعلن الجيش «الإسرائيلي» مواصلة الاجتياح داخل الأراضي السورية، عند الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والقنيطرة جنوبي غرب سوريا، وهي منطقة محاذية لهضبة الجولان التي تُسيطر عليها «إسرائيل»، وذلك بعد ساعات معدودة من الإطاحة بنظام الأسد. والمنطقة العازلة بين الطرفين «الإسرائيلي» والسوري تقع تحت سيطرة قوة حفظ النظام التابعة للأمم المتحدة، التي تُعرف باسم «يوندوف»، والتي تُنفّذ دوريات متواصلة في المنطقة العازلة بين المنطقتين الخاضعتين للسيطرة «الإسرائيلية» والسورية. والغريب أن قوّة حفظ النظام بقيّت بالمنطقة الفاصلة رغم الخروقات «الإسرائيلية» ولا ندري ما دورها إن لم تتمكّن من منع «إسرائيل» من اقتحام الأراضي السورية؟ وهل سينتهي عملها في المنطقة لحين نهاية تخويلها السابق يوم 31 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وفقا لتخويل الأمم المتّحدة، أم أن المنظّمة الدولية ستُجدّد عملها الذي يُصوّت عليه كل ستّة أشهر؟ والتوغّل الصهيوني أثار سلسلة من الإدانات الأمميّة والدوليّة بسبب انتهاك «إسرائيل» اتّفاق فكّ الاشتباك الموقّع في العام 1974 مع سوريا! ورغم الادانات العربية والغربية للتغلغل «الإسرائيلي» إلا أن حكومة نتنياهو تجاهلت كافّة المناشدات والقرارات الدوليّة واستمرّت في تنفيذ مخطّطاتها الهادفة لتوسيع رقعة الكيان الصهيوني واستغلال الأوضاع الحالية في سوريا! ولم تكتف «إسرائيل» بتعزيز انتشار جيشها في المنطقة العازلة بل شنّ طيرانها عشرات الهجمات الجّوّيّة على أهداف حيوية ودقيقة في عموم المدن السورية! وتهدف «إسرائيل» وفقا لتصريحات مسؤوليها ولبياناتها الرسمية من وراء هذا الاختراق والضربات الى تحقيق جملة أهداف، ربما، من أبرزها: تطبيق خطّة طوارئ لمنع الفصائل المسيطرة على مجريات الأمور السورية من استهداف «إسرائيل» والتجمّعات السكنية في الجولان مستقبلا. توسيع نفوذ «إسرائيل» واحتلالها للمزيد من الأراضي السورية. تحجيم القدرات العسكرية للحكومة السورية الجديدة. منع ظهور جبهة جديدة قد تؤثّر على الحرب في غزة. تشجيع النموّ الديمغرافي في المستوطنات، ومضاعفة عدد السكّان «الإسرائيليين» في المنطقة. السيطرة على موقع «جبل الشيخ» الاستراتيجي، والذي يشرف على لبنان وسوريا والأردن، بارتفاع أكثر من 2800 متر، واستخدامه للمراقبة والردع! جعل المنطقة منزوعة السلاح عبر مطالبة «إسرائيل» الأهالي بتسليم أيّ سلاح لديهم، وكذلك تفجيرها، قبل أيام، لكافّة أنواع الأسلحة التي تركها الجيش السوري بعد انسحابه من المنطقة المحاذية، وغيرها من المكاسب العسكرية والاستخباراتية «الإسرائيلية»! وقد نقل عن نتنياهو قوله بأن «مرتفعات الجولان ستبقى جزءاً من إسرائيل إلى الأبد»! سوريا، قالت الحكومة المؤقتة بزعامة أحمد الشرع بأن «إسرائيل» تستخدم ذرائع واهية لتبرير هجماتها على سوريا، وأن بلاده غير مهتمّة «بالانخراط في صراعات جديدة»، وتركيزهم «على إعادة الإعمار». وللتاريخ نؤكّد بأن المزاعم «الإسرائيلية» بأن هذه «التحركات مؤقتة» هي فخّ وتخدير ومحاولة لخداع الرأي العام العالمي والعربي، وذلك لأن التجارب الماضية أثبتت بأن «إسرائيل» لا تنسحب من أي مكان تُهيمن عليه إلا في حالة الضغوطات العسكرية القاتلة!
963
| 27 ديسمبر 2024
تذكر كتب التاريخ القديم والحديث العديد من السجون المرعبة ومنها سجن الباستيل الفرنسي، وسجن جيتاراما الرواندي، وغوانتانامو الأمريكي، وسجن «أبو غريب الأمريكي» غربي بغداد، وبلاك دولفين الروسي، ولكنها، ورغم بشاعتها، لا تُقارن بسجن «صيدنايا» السوري! وبعد نهاية نظام بشار الأسد، قبل ثلاثة أسابيع تقريبا، تكشفت العديد من الوقائع والحقائق، ولكن الحقيقة المرّة الأكبر تمثّلت بالتفاصيل المخيفة لسجن «صيدنايا» العسكري، الذي بني في العام 1987 على تلّة عند بداية سهل صيدنايا، وعلى بعد (30) كيلومترا شمالي دمشق! والسجن بُني ليكون مجزرة بشرية سرّيّة، ويحتوي على بوابات شبه مخفية، ويتكوّن من بناءين: الأحمر (القديم)، وهو مخصّص لمعارضي النظام السياسيين والأمنيين! والجزء الثاني من السجن هو البناء الأبيض (الجديد)، وهنالك ربط بين البنايتين عبر عدّة بوابات وأنفاق يصعب الوصول إليها إلا بواسطة بوابات مَخفية في الجدران، وبعض الغرف مشفّرة بأرقام سرّيّة لا تُفتح إلا لمَن يمتلكون هذه «الشيفرات السّرّيّة»! وبعض غرف السجن فيها (20) مشنقة، فيما تحوي غرف أخرى على (10) مشانق، وكأننا أمام مقاطع لأفلام رعب صُمّمت بعناية فائقة ولا يمكن حدوثها في الواقع الإنساني! والمذهل أن المحكوم عليهم بالإعدام يُعذّبون لأكثر من ساعتين قبل التنفيذ وكأنهم يستكثرون عليهم الهروب من العذاب عبر بوابات الموت! وهنالك ما تُعرف بغرف الملح الذي يُرش على جثث الموتى الذين قضوا نتيجة التعذيب والإهمال والجوع للحفاظ عليها من التعفن، وذلك لكثرة أعدادهم وافتقار السجن لبرادات كبيرة تستوعب أعداد القتلى، وهم بالعشرات أسبوعيا ! ويعتبر حرق الجثث من الطرق الأخرى المستخدمة للتخلّص من جثث المعدومين وفقا لوثائق استخباراتية أمريكية رُفعت عنها السّرّيّة في مايو/ أيّار 2017! والوحشية التي تملأ أركان السجن المخيف دفعت «منظمة العفو الدولية» لإطلاق وصف «المسلخ البشري»، على «صيدنايا» قبل سنوات، ووصفه بأنه السجن الذي «تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء»! وتابع العالم، ولأكثر من (72) ساعة، عمليات البحث عن مداخل السجن لإنقاذ (400) سجين يمكن رؤيتهم عبر كاميرات المراقبة ولكن لا أحد يعرف كيف يمكن الدخول إلى غرف الاحتجاز السّرّيّة، وقال الدفاع المدني السوري بعدها بأنه تَمكّن، وبعد عناء طويل، من تحرير كافة المعتقلين! وقد رأينا الكثير من السجناء شبه مجانين حينما يتحدّثون، وبعضهم بالكاد يعرف اسمه، ولا يعرف أيّ اسم آخر من عائلته، ولا مدينته. ونسبة، ليست قليلة، منهم يعانون من فقدان للذاكرة، وخوف من الناس نتيجة الرعب والجحيم الذي عاشوه لسنوات لا أحد يعرف عددها ومأساتها إلا من عاشها لحظة بلحظة! والغريب أن المئات من عوائل السجناء قد أُبلغوا من قبل السلطات بأن ذويهم قد ماتوا ودفنوا ولكنهم ظهروا أحياء في السجون المنتشرة في غالبية المدن! وكشف «فضل عبد الغني» مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بأن غالبية المعتقلين المختفين قسرياً في سجون النظام متوفون، وفقا لبيانات دوائر النفوس! هكذا هي الأنظمة الدكتاتورية تتفن في بناء السجون، وتهمل المرافق الخدمية والإنسانية الضرورية لحماية الناس وصحتهم وأمنهم! الحديث عن هذا المعتقل السيئ الصيت يحتاج لدراسات مكثّفة وبحوث عميقة، وأفلام وثائقية وسينمائية وذلك لبشاعة وهول الاجرام والوحشية والهمجية والشراسة والبشاعة والبربرية والقسوة التي مُورست على السجناء! مآسي نظام «الأسد» ستُنقش في الذاكرة الإنسانية، وهي تؤكّد أن محن سجن «صيدنايا» دليل على همجية النظام، ولكنها، ورغم بشاعتها، هُزِمت وبقيت إرادة الشعوب أقوى، وهي التي وقفت على التلّ لتقول للعالم إن الشرّ، مهما علا وتطاول، فإنه سيُهزم أمام الخير وإن بدا ضعيفا وهشّا في مرحلة ما!
708
| 20 ديسمبر 2024
تُعد المنتديات السياسية والفكرية والثقافية منصات علمية وأدبية لمواجهة التحديات، وتلاقح الأفكار والآراء، وتشجيع سياسات التناصح، وتبادل الرؤى والتجارب الإنسانية لمواجهة الصعوبات المركبة التي تحيط بالإنسان والدول. وتبرز مكانة المنتديات في تصميمها لسياسات الحاضر ورسمها لمخططات المستقبل، وطرحها للحلول العملية لغالبية المشاكل الدولية وتعزيز الترابط بين الدول، والسعي لبناء الإنسان، ومحاربة الحروب والفقر وسياسات تخريب الوعي الإنساني! وتعتبر المنتديات، ومنها «منتدى الدوحة» الذي تأسس في العام 2000، ميادين وواحات ومنابر للقاء كبار قادة العالم من السياسيين والمفكرين والمثقفين، ولقراءة الأحداث الدولية والتفاهم والعمل لخير الإنسانية عبر سياسات قائمة على العدل والسلام والمحبة! وبناءً على ذلك، وتحت شعار «حتمية التغيير» افتتح صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يوم 7/12/2024، أعمال «منتدى الدوحة» في نسخته الـ22، وبحضور مميز ولافت لعدد من الرؤساء والمسؤولين العرب والأجانب. وقد تزامنت أعمال المنتدى مع جملة أحداث محورية وهامة، حيث إنه عقد بعد أسبوع من انتهاء قمة مجلس التعاون الخليجي، وبعد عام وشهرين تقريبا من المعارك المستمرة في غزة، وكذلك بالتزامن مع الأحداث المتسارعة والمفاجئة في سوريا، وسيطرة الفصائل المسلحة على غالبية مفاصل الدولة، حين انعقاد المنتدى، عدا العاصمة دمشق! ومَن يتابع الأوضاع الإقليمية سيتيقن بأن الشرق الأوسط عموما، ومنطقتنا بالأخص في مواجهة حالة مخاض قد تكون مليئة بالمفاجآت الجوهرية والتحولات العالية! ومنتدى الدوحة، الذي استمر ليومين، يُعدّ أرضية متينة لخفض التوتر الإقليمي والعالمي في ظل المخاوف الدولية من احتمالية تطور الصراع الروسي الأوكراني إلى حرب كونية ثالثة! وكانت كلمة معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية خلال افتتاح المنتدى واضحة ومفصلية حيث أكد أن ما تشهده غزة هو دوامة عنيفة وأزمة إنسانية غير مسبوقة، وينبغي «ابتكار أساليب جديدة لإنهاء العنف والتأسيس لسلام مستدام»! وكشف بأن الخلافات بين «إسرائيل» وحركة (حماس) ليست جوهرية، وأن «قطر تتعاون مع الإدارة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة». إن «حتمية التغيير» ضرورة ملحة وخصوصا مع استمرار دوامة العنف في غزة، وتداعياتها التي وصلت إلى لبنان وسوريا، وربما، ستصل لبلدان أخرى! ولذلك التقى، وعلى هامش أعمال المنتدى، وزراء خارجية دول مسار أستانا (روسيا وتركيا وإيران)، ومصر والسعودية وقطر والعراق والأردن لمناقشة التطورات السورية. وشدد بيانهم الختامي على أن استمرار الأزمة السورية تطور خطير على البلاد والأمن الإقليمي والدولي، وتستوجب السعي لحلّ سياسي يوقف العمليات العسكرية تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جامعة! وتوافق المجتمعون على «حفظ وحدة سوريا، وحمايتها من الفوضى والإرهاب». ونسخة «منتدى الدوحة» لهذا العام، وبحسب «مها الكواري» مديرة المنتدى، شهدت مشاركة أكثر من (300) متحدث، بينهم سبعة رؤساء دول، و(15) وزير خارجية، وسبعة رؤساء حكومات، من بين (4500) مشارك من أكثر من (150) دولة. إن زراعة روح التفاهم، وفتح الآفاق السلمية بعيدا عن الحروب تُعتبر من أهم منطلقات الوصول إلى الحلول العادلة والجذرية للمشاكل بين الدول بعيدا عن التسلط والهمجية القائمة على منطق القوة والترهيب! وحتمية التغيير تأتي من النوايا الصافية، والمصداقية في التعامل السياسي، والعمل الجاد لتحقيق المصالح الإنسانية، والابتعاد عن سياسات التسلط والقتل والدم والإرهاب والاستخفاف بالإنسان وحاضره ومستقبله! «منتدى الدوحة» واحة إنسانية شامخة لتأسيس «شرق أوسط» آمن ومطمئن، وقائم على الأعراف والقوانين الدولية واحترام سيادة الدول والابتعاد عن التدخل في شؤونها، والحفاظ على الإنسان والبيئة، والعيش المشترك على أرض خالية من القلق والإرهاب.
639
| 13 ديسمبر 2024
ليس غريباً ارتباط اسم غزة بالصراعات الكبرى والحروب العالمية، حيث كانت قلعة للصمود خلال المعارك الضارية ضد القوات البريطانية نهاية آذار/مارس 1917، ومثّلت حينها فشلا ذريعا لقوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. وهذا التاريخ الفلسطيني المشرِّف العريق يُكتب ثانية في أرض غزة المباركة، ونحاول هنا بيان الترابط بين غزة والحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945). يتمثّل التشابه بين طوفان غزة (الأقصى) والحرب العالمية الثانية بسحق الإنسان، وتدمير الحياة، وكمية المتفجرات المستخدمة في كلتا الحربين، رغم أن الأولى معركة كونية كبرى والثانية إقليمية محدودة. ومنذ عام وخمسة أسابيع تتوالى معارك المقاومة الفلسطينية في غزة، وهذه الصور الملحمية تتجاوز الحسابات العسكرية العالمية لندرتها وقدرتها على الصمود رغم الصعوبات الميدانية!. وقد كشف تقرير لسلطة جودة البيئة الفلسطينية بداية تشرين الثاني/نوفمبر 2024 عن أن الجيش «الإسرائيلي» أسقط أكثر من (85) ألف طنّ من القنابل، بما فيها قنابل الفوسفور الأبيض، على غزة منذ أكتوبر 2023، وهذه القنابل «تتجاوز ما تمّ إسقاطه خلال الحرب العالمية الثانية»!. وبعدها بأسبوع أكد خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن قطاع غزة يعيش أقسى أزمة إنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبح أرضاً قاحلة مملوءة بالأنقاض والأشلاء البشرية!. وفي اليوم الأخير من العام 2023 شَبَّهت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، دمار غزة بما حدث في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. وقال مُقرِّر الأمم المتحدة المعني «بالحق في السكن اللائق»، بالاكريشنان راجاجوبال، في الخامس من آذار/مارس 2024 إن حجم وشدّة الدمار في غزة «أسوأ بكثير ممّا حدث في حلب وماريوبول وروتردام خلال الحرب العالمية الثانية»!. وهذه الحقائق المؤلمة أكدت بعضها صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، بداية كانون الأول/ديسمبر 2023، حيث بيَّنت أن نسبة 60 % من مناطق شمالي غزة الحضرية دُمّرت بالكامل، وبما يفوق، ربما، حجم الدمار الذي شهدته مدن أوروبية كبرى إبان الحرب العالمية الثانية!. فيما وصف مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، يوم 11/11/2023، الدمار في غزة بأنه أكبر نسبيا ممّا شهدته ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية، وهذا الجانب المرعب أكده السيناتور الأمريكي الجمهوري بيرني ساندرز، منتصف كانون الثاني/ يناير 2024، حيث قال إن أزمة غزة الإنسانية «أسوأ» ممّا حدث في مدينة دريسدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية. وأكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة الفلسطينيين، الأونروا، يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 أن غزة تشهد منذ أكتوبر 2023، أعنف قصف واستهداف للمدنيين منذ الحرب العالمية الثانية!. وهذه دلائل قطعية ومن مصادر أجنبية تؤكد حجم الدمار الذي لحق بغزة وأهلها!. وهكذا يبدو أن غزة قررت الصمود رغم ارتفاع فاتورة تضحياتها إلى 44 ألفا و330 شهيدا، و104 آلاف و933 مصابا! وبهذا يتضح بعض المعاناة المريرة لأهالي غزة في صمودهم وسط النيران والحصار الاقتصادي المستمر على شمالي القطاع منذ أكثر من شهرين، وهذه براهين جازمة على أنها حرب إبادة مقصودة ومرفوضة ومخالفة للقوانين الدولية الإنسانية!. حقيقة من المذهل أن نرى هذا الصمود الأسطوري. فكيف يمكن لبضعة مئات من المقاتلين الغزّيين الصبر والصمود ومواصلة القتال أمام جيش يمتلك قدرات موازية لقدرات دول عظمى، ورغم ذلك لم ترفع المقاومة «الراية البيضاء»، وهي صابرة وعاملة في الميدان بأساليب مُتجددة، وبقدرات محلية بسيطة ولكنها صلبة برجالها وعدالة قضيتها. يبدو أن قَدَر «غزة هاشم» قد رَبط اسمها بالعديد من المعاني النبيلة ومنها المقاومة والصبر والتلاحم والتكاتف وتحدي الصعاب والهلع والمخاوف. رغم النوازل نقول: هنيئا لغزة صمودها النادر والأصيل.
1161
| 06 ديسمبر 2024
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية يوم 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت!. وكشفت المحكمة عن أن هناك «أسبابا منطقية» للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، وأنهما «أشرفا على هجمات على السكان المدنيين»، وأن تلك الجرائم تشمل «القتل والاضطهاد وغيرهما واستخدام التجويع سلاح حرب»!. وسبق لوزارة الصحة في قطاع غزة المحاصر أن كشفت عن أن حصيلة الحرب «الإسرائيلية» على القطاع ارتفعت إلى (44056) قتيلا، وأن عدد الجرحى ارتفع إلى (104268) منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى الآن. دبلوماسيا أعلنت العديد من الدول ترحيبها بقرار الاعتقال واستعدادها لتنفيذ مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو، وأبرز هذه الدول هي الصين وأيرلندا، سلوفينيا، وإيطاليا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وهولندا، وسويسرا، وقبرص، وبلجيكا، وإسبانيا، والنرويج وغيرها. وكشفت هيئة البث «الإسرائيلية»، أن أكثر من (120) دولة عضواً في المحكمة الجنائية الدولية لن يتمكن نتنياهو وغالانت من زيارتها. والعجيب أن المواقف الأمريكية من مذكرة اعتقال نتنياهو والمذكرات السابقة للمحكمة الدولية ظهرت متناقضة لدرجة مخجلة، حيث أكدت واشنطن على وجوب احترام قرارات المحكمة وتنفيذها حينما تعلق الأمر بالرئيس السوداني عمر البشير، وكذلك رحبت بالقرار ودعمته حينما تعلق بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أما بخصوص نتنياهو فقد أكدت واشنطن أنها ترفض «القرار رفضا قاطعا، والمحكمة لا تتمتع بولاية قضائية والتحقيق الجنائي شابته أخطاء مقلقة»! ورغم بعض المواقف المنحازة «لإسرائيل» فإن هذه المذكرة هي من أقوى الضربات القانونية والدبلوماسية والسياسية لرفض الإرهاب الصهيوني النتنياهو، والذي وصل لدرجات لا يَلتفت فيها نتنياهو لأدنى درجات التعامل الإنساني والقانوني في انتقامه من المدنيين العزل في غزة!. وقد اعتبر جوليان بورغر، كبير مراسلي صحيفة الغارديان البريطانية للشؤون الدولية، مذكرة التوقيف بأنها «زلزال» هزّ الساحات القانونية العالمية، «إذ إنها المرة الأولى التي توجه فيها هيئة قضائية دولية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لحليف غربي من دولة ديمقراطية حديثة»! وداخليا جاء في مقال نشرته صحيفة هآرتس «الإسرائيلية» بأنه على نتنياهو ألا يلوم إلا نفسه على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الدولية بحقه هو ووزير الدفاع السابق غالانت، ولكن «مثلما كان متوقعا، أخذ رجل المبادئ يلوم معاداة السامية ويتذرع بها لتجنب مسؤولية أفعاله»! نتنياهو المطارد قضائيا والمطرود دبلوماسيا يعاني حاليا من عشرات النكبات ليس في الميادين الفلسطينية واللبنانية بل في الداخل «الإسرائيلي». وهنالك الآن جملة من المشاكل الداخلية المعقدة، وأبرزها تظاهرات عوائل الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، ومشاكله المعقدة مع اليهود «الحريديم» والمسيحيين والمعارضة السياسية والعسكرية التي ستطيح بحكومته في أقرب الفرص، وكذلك المشاكل الاجتماعية، ومنها تنامي العنصرية وجرائم المخدرات والاغتصاب وغير ذلك من المعضلات!. وهكذا أعتقد أن أرواح الشهداء لم تذهب هباء، وها هي اليوم تحاصر نتنياهو في الأرجاء، وكأنها تخنقه وتفترسه من هول الجرائم التي ارتكبها. فهل سيبقى نتنياهو يكابر أم أن مصيره الزوال والبقاء في دهاليز الخوف والرعب من الملاحقات القانونية الخارجية والداخلية؟ هذه الخطوة القانونية التاريخية لا تتعلق بقبول، أو رفض نتنياهو للقرار لأنه يحاول، رغم الصدمة الكبرى بالقرار، التعالي على الواقع والقوانين الدولية والإنسانية وكأنه «القائد الذي لا يقهر»!. إن الترحيب الدولي والعربي بالقرار يؤكد الرفض العالمي للجرائم الصهيونية في غزة، ودليل قاطع على حق الشعب الفلسطيني في الأرض والحرية والحياة. القرار بداية لمرحلة العزلة الصهيونية العالمية، وبالمقابل هو البداية الصلبة لدعم القضية الفلسطينية المشروعة وإنصافها.
447
| 29 نوفمبر 2024
هنالك العديد من أنواع القنابل الكبيرة والصغيرة، والمسموح بها في الحروب والمحرمة دوليا، وهنالك كذلك القنابل السياسية والشعبية، التي يفوق مفعولها القنابل التقليدية المعروفة للجميع! وخلال الأسبوع الماضي، وبعد (13) شهرا من «طوفان الأقصى»، كان العالم، وخصوصا الشرق الأوسط، في حالة غليان سياسي وعسكري! وتعاني أجزاء واسعة من الشرق الأوسط من انتشار نيران حرب إقليمية مصغرة بين «إسرائيل» من جهة وغزة، وحزب الله اللبناني، وإيران، والفصائل المسلحة في العراق وسوريا واليمن من جهة أخرى! ومع الترقب الصهيوني، منذ أسابيع، للرد الإيراني، والترقب الإيراني، بالمقابل، لضربات «إسرائيلية» استباقية جديدة عليها، وأيضا احتمالية توجيه ضربات «أمريكية – إسرائيلية» ضد الفصائل المسلحة العراقية التي توجه ضربات شبه يومية لأهداف صهيونية، وكذلك عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية في الخامس من الشهر الحالي فُجِّرَت قنبلة كبيرة في الكابينة الوزارية الصهيونية وذلك بإقالة بنيامين نتنياهو لوزير دفاعه «يوآف غالانت» لخلافاتهما القديمة ولفقدان الثقة بينهما! وهذه الخطوة جاءت بعد ساعات من تسريب وثائق ومستندات تتعلق بالمؤسستين الأمنية والسياسية الصهيونية لبعض وسائل الإعلام! وتعتبر اقالة «غالانت» ضربة كبيرة ليس فقط لنتنياهو بل لعموم المؤسسة العسكرية «الإسرائيلية»! والظاهر أن الخلافات الحكومية مركبة، وبالذات فيما يخص معارضة «غالانت» لبقاء الجيش الصهيوني داخل غزة، وضرورة حسم ملف الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية وأخيرا قضية إيقاف نتنياهو لتجنيد أكثر من سبعة آلاف متدين يهودي من «الحريديم»، وخصوصا مع أزمة التجنيد الخانقة نتيجة للخسائر الفادحة، المسكوت عن غالبيتها إعلاميا، في غزة ولبنان! وعَيّن نتنياهو وزير خارجيته «يسرائيل كاتس» البعيد عن المؤسسة العسكرية بمنصب وزير الدفاع، وقد أشاد نتنياهو «بحزمه ووضوح قراراته»، واصفا إياه بـ «البلدوزر»! وقال «كاتس» بإن من أهم أهدافه «تدمير حماس»! فكيف يريدون «تدمير حماس»، فيما أكد العديد من القادة الصهاينة مرارا بأنهم دمروها، وحاليا هُم يتفاوضون مع قادتها، ولو بطريقة غير مباشرة؟ إن اقالة الرجل الثاني في الحكومة، والضابط الذي تدرج في المناصب، دليل كبير على عمق الخلافات في كيفية التعامل مع الملفات الميدانية والسياسية والتفاوضية مع غزة، وبالذات بعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات مع «حماس» والمتعلقة بالأسرى وإدارة غزة بعد الحرب! قرار اقالة «غالانت» وجد معارضة في الداخل الصهيوني، وبالذات من عوائل الأسرى الصهاينة، كونهم اعتبروا هذه الخطوة بداية النهاية لحلمهم بعودة أبنائهم من الأسر، وبالذات في ظل الإصرار الصهيوني على سياسة حرق أرض غزة بكافة القدرات الجوية والصاروخية! ويواجه «نتنياهو» مجددا بوادر لربيع «إسرائيلي» ضد سياسات حكومته الهمجية، ولهذا اضطرت قوات الأمن لمواجهة الاحتجاجات بعموم المدن المحتلة بالنيران والاعتقالات! المؤكد حاليا بأن نتنياهو تورط بإقالة وزير دفاعه، وربما، قراره يُعَد نقطة الصعود نحو ربيع شعبي داخل «إسرائيل»، وكذلك نقطة الانحدار نحو هاوية نهاية نتنياهو، وحكومته! هذه الربكة الداخلية فضلا عن معضلات تكلفة الحرب في غزة ولبنان والخسائر الاقتصادية الباهظة وتوقف الملاحة الجوية مرارا، وآخرها توقف مطار بن غوريون لسقوط صاروخ بداخله، وكذلك النقمة السياسية الخارجية جميعها قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة! الكيان «الإسرائيلي» مقبل على مرحلة حاسمة بسبب وحشية نتياهو، قد تمهد طريق «غالانت» لتشكيل الحكومة المقبلة! «إسرائيل» تترقب انفجار القنابل الموقوتة وانطلاق البلدوزرات الشعبية التي ستغير الكثير الوقائع والقرارات في الأراضي المحتلة وخارجها! وجميع هذه القنابل داخل الكابينة الحكومية الصهيونية وخارجها جزء من ثمار «طوفان الأقصى» الذي أدخل الرعب في قلوب المجرمين، والفرقة في عقول السياسيين!
693
| 10 نوفمبر 2024
هنالك الكثير من الأشخاص الذين اقترن ذكرهم بالبطولة والتحدي، وهذا الكلام في عصرنا الحالي يتمثل بالمهاتما غاندي، والأمير عبد القادر الجزائري، والشهيد عمر المختار، والقائد جيفارا، والمجاهد عبد القادر الحسيني، والشهيد أحمد ياسين وغيرهم. وبعد طوفان الأقصى اقترن اسم الشهيد يحيى السنوار بالطوفان، والتحدي، والاستخفاف بالعدو حتى اللحظات الأخيرة، وفي أحرج الظروف والمواقف! والسنوار صار أيقونة عالمية ولم يعد «مجرد» رمز فلسطيني، بل هو اليوم مثالا لتحدي الكراهية والخراب والاحتلال، وربما، هو من أكثر الأسماء بحثا في الشبكة العنكبوتية! ولد السنوار في عام 1962 واستشهد صامدا متحديا في عام 2024، بعد أن تسنم رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس منذ 6 آب/ أغسطس 2024 وبعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية! مَنْ كان يتصوّر أن السنوار المحكوم في العام 1989م بأربعة أحكام بالسجن مدى الحياة، و(25) عاما أخرى، سيكون هو الضارب لكيان الصهاينة وحكومة نتنياهو، والزارع للخوف في أرجاء الأراضي المحتلة؟ بقي السنوار أسيرا لأكثر من (22) عاما في السجون الصهيونية، وخلال صفقة إطلاق سراح الجندي الصهيوني جلعاد شاليط المحتجز لدى المقاومة الفلسطينية، في العام 2011، أُطلق سراحه بتلك الصفقة التي شملت أكثر من ألف أسير! وتجربة السجن المريرة كانت متنوعة ومثمرة بالنسبة للسنوار، فقد كان صديقا لجميع الأسرى، ورفيقا صادقا لرفاق الخارج، ولم ينس نصيبه من القراءة وتطوير الذات! والسنوار كان قائدا وأديبا، وكتب روايته «الشوك والقرنفل» خلف قضبان الاحتلال! ويقول معلق الشؤون العربية في إذاعة الجيش الصهيوني «جاكي خوجي» بمقال في صحيفة موقع «معاريف» بان «السنوار، وخلال 22 عاما في الأسر، ألَّف ثلاثة كتب». والذي يعنينا رواية «الشوك والقرنفل»، التي كتبها في ظروف استثنائية، وهي من الأدب المصوِّر للواقع، والهادف لزرع الأمل واستمرار التحدي للمحتل! والرواية يصنفها بعض النقاد بأنها من كتابات السيرة الذاتية، وهي تصوّر عائلة فلسطينية عاشت (35) عاما في مخيم الشاطئ بالقطاع، وربما، هي عائلة السنوار، أو إشارة لأي بيت فلسطيني في ظل الظروف المتشابهة وقساوة الاحتلال والضياع! وتُظْهِر الرواية، عبر الشباب الخمسة داخل تلك العائلة، التنوع الفكري للفلسطينيين! ويُبين «الأم» بأنها الخيمة والمدبرة لشؤون العائلة، بعد أن فُقِدَ الأب في حرب عام 1967! وهذه دلالة واضحة على مكانة الأم الفلسطينية التي وقفت وضحت وناضلت، منذ عقود، لبناء الإنسان، وعمارة البيوت رغم الاحتلال وهمجيته وعدوانيته! ونحن هنا لا نريد نقد الرواية ولكن نسلط الضوء على السنوار الإنسان، والقائد المليء بالصبر والصمود والتحدي، والأمل رغم الظروف المليئة بالظلم والاضطهاد وراء القضبان! ثم لماذا هذا العنوان: «الشوك والقرنفل»؟ والشوك في قواميس اللغة هو «ما يَخْرُجُ من الشَّجَر، أو النَّباتِ دقيقًا صُلْبًا محدَّد الرَّأْس كالإبر». وهنالك العديد من الكلمات المرادفة لكلمة «شوك» ومنها: البَأْس، والشَكِيمَة، والشِدَّة، والصَرِيمة، والقُدْرَة، والقُوَّة، والمَنَعَة، والمُكْنَة! فهل كان يقصد «بالشوك» الصمود والثبات بوجه الاحتلال، أم أراد أن يكشف همجية الاحتلال ومآسيه بحق الفلسطينيين داخل المعتقلات وخارجها؟ ولفظة قَرَنْفُل، مفرد قَرَنْفُلَة: جنس أزهار مشهورة، وأنواعه عديدة، وجميعها زراعيّة تزيينية، وأزهارها جميلة الشَّكل تاجيّة الارتكاز عطرية. ومرادفات كلمة (قرنفل)، ربما، كل ما يتعلق بالورود والأزهار والأمل والحب والحياة والحرية والنور والسلام! وحتما أراد السنوار الجمع بين المتناقضات: الحرية والأسر، والتحرير والاحتلال، والسلام والحرب، والبداية والنهاية، والنور والظلام، والسعادة والتعاسة، والحياة والموت، والشوك والقرنفل! رحم الله السنوار الشهيد والمجاهد والمناضل ورمز البطولة والأديب والإنسان النقي، والذي سيبقى اسمه منقوشا في ذاكرة الأعداء قبل الأصدقاء!
1008
| 01 نوفمبر 2024
تؤكد العديد من المؤسسات العربية المتخصصة بالطفولة أن مرحلة الطفولة هي المرحلة التي يمرّ بها الكائن البشري منذ ميلاده وحتى سن الثانية عشرة. وتعدّ الطفولة من أهم مراحل الحياة الإنسانية، حيث يكتسب فيها الأطفال العادات والمهارات العقلية والاجتماعية والعرفية التي تلازمهم طيلة حياتهم. والأطفال هم ربيع الأرض، وزهور المجتمع، ومطر البساتين، وينابيع الفرح والسرور، وهم الأرض الخصبة للسعادة والفرح والبهجة، وهم في ذات الوقت أضعف المخلوقات الإنسانية، وبالذات في أوقات الأزمات ومنها الحروب والتهجير والفيضانات وغير ذلك. وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» أنه يحق لجميع الأطفال أن يتمتعوا بالحماية من العنف، ويفترض العمل من أجل حمايتهم في الحروب. ومع هذه التناقضات الإنسانية والقانونية على كوكبنا نحاول تسليط بعض الضوء على واقع أطفال غزة بعد عام من الحرب الانتقامية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد أهالي غزة عموما والأطفال خصوصا!. فبينما ينعم أطفال غالبية دول العالم بالدفء والحنان والتعليم يصارع أطفال غزة الحياة، وهم يعانون من قساوة البرد، وفقدان حنان الأمهات وسط غياب تام للقطاع التعليمي والصحي والخدمي!. إن براءة الأطفال القائمة على الحب والصفاء وفطرة الوفاء والضحك واللعب جميعها نُحِرت في غزة، ويحاول نتنياهو بالمقابل أن يتباكى بسبب بضعة صواريخ سقطت على بعض المقاطعات المحتلة وكأن أطفال الصهاينة من جنس بشري نادر، وأطفال غزة ليسوا من البشر!. وخلال العام الماضي ارتكبت «إسرائيل» مئات عمليات القنص والإعدام لأطفال غزة وكأنهم جنود في ميادين القتال!. وسبق لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن قالت في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 بأن (65) من العاملين الصحيين الأمريكيين الذين يعملون في غزة زوّدوا الصحيفة بأكثر من (160) صورة وفيديو، وشرحوا أوضاع الأطفال الذين أصيبوا بطلقات نارية في رؤوسهم أو صدورهم. وبداية شهر شباط/ فبراير 2024 قالت صحيفة هآرتس الصهيونية إن (11) ألفا و(500) طفل قتلوا في غزة!. وأعلن الجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء، في الرابع من نيسان/ أبريل 2024 أن القوات «الإسرائيلية» تقتل نحو أربعة أطفال كل ساعة في غزة!. فيما كشف «فيليب لازاريني»، المفوض العام لوكالة «غوث»، عن أن عدد الأطفال الذين قتلوا بسبب الحرب المستمرة في غزة يفوق عددهم المسجل على مدى أربعة أعوام من النزاعات في العالم!. وأظهرت الأمم المتحدة أن (12) ألفا و(193) طفلا قتلوا في نزاعات حول العالم بين العامين 2019 و2022!. وخلال (11) شهرا من الحرب، ارتفع عدد ضحايا الهجمات «الإسرائيلية» من الأطفال إلى (16) ألفا و(456) قتيلا، وآلاف المصابين، بحسب حكومة غزة. وهكذا تستمر مأساة أطفال غزة، ولا أحد يعرف على وجه التحديد كم هي أعداد الضحايا من الأطفال بعد عام من الهجمات الصهيونية الانتقامية على غزة. وحاليا ترتكب «إسرائيل» أكبر جريمة تهجير في التاريخ الحديث من شمال غزة نحو المجهول وقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، الأسبوع الماضي، بمقطع يظهر طفلة غزّية نازحة وهي تحمل شقيقتها المصابة لأكثر من كيلومترين لتلتحق بعائلتهما وهي حافية القدمين وتحت أشعة الشمس الحارقة!. فأين الضمير الإنساني مما يجري لأطفال غزة أم أن العالم الغربي لا يسمع ولا يرى حينما يتعلق الأمر بجرائم «إسرائيل»؟ ومن الفقرات المهمة المتعلقة بالمجرمين أكدت منظمة « اليونيسيف» على ضرورة «إخضاع مرتكبي الجرائم ضد الأطفال للمساءلة»؛ وعليه ينبغي على المجتمع الدولي تقديم نتنياهو لمحكمة دولية لارتكابه مئات الجرائم بحق الفلسطينيين عموما، وأطفال غزة خصوصا! فمتى سيحاكم نتنياهو وكيانه لتحقيق بعض العدالة على الأرض؟
537
| 27 أكتوبر 2024
يقال بأن الشجاعة هي الجرأة، والبسالة، والجراءة، والبأس، والإقدام، والثبات، وجميعها مفردات تؤكد الصمود والقوة. ويقال بأنها ثبات القلب عند النَّوَازل، واستقراره عند المخاوف. ومَن يتابع جريمة اغتيال يحيى السنوار، الشهيد السعيد، والقائد الميداني والسياسي لحركة المقاومة الفلسطينية «حماس» سيبقى مبهورا ومندهشا من الموقف. أيُعقل أن هذا الرجل ليس مثل بقية الناس؟! ضُرِبت البناية التي يتحصن بها بقذيفة دبابة، وقطعت يده اليمنى، وعادت قوة صهيونية أخرى لمهاجمته وقاومهم بالقنابل اليدوية، وأصاب أحد الجنود اصابة خطيرة، واضطرهم للانسحاب والاستعانة بطائرة مسيّرة لتستكشف مَن هذه «القوة الضخمة» الموجودة داخل البناية، والتي هزمت عشرات الصهاينة؟ المذهل أن الطائرة الصهيونية اكتشفت أن هذه المقاومة كانت من رجل واحد وجريح، وصَوّرته وهو جالس بهدوء المؤمنين، وثبات الأبطال، وتحمل الجبال رغم البتر الذي في يده اليمنى والجروح الأخرى المتنوعة، ومع هذه الآلام، التي كنا نشعر بها ولا يشعر بها السنوار، يحمل السنوار بيده اليسرى عصا ويحاول اسقاط الطائرة المسيّرة!. أيعقل ما رأيناه أم هي لقطات من فيلم عالمي لا علاقة لها بالواقع؟ وهنا نتساءل مَن اغتال مَن؟ هل «إسرائيل» اغتالت السنوار أم السنوار هو الذي اغتال «إسرائيل»؟ وقبل الرد على هذه الفرضية نُذكّر بأن «إسرائيل»، ومنذ طوفان الأقصى، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولا نريد أن نقول قبل هذا التاريخ، وهي تبحث عن السنوار حيّا أو ميّتا، وقد حاولت «إسرائيل» مرارا محاربة المقاومة الفلسطينية نفسيا ببث أنباء كاذبة عن مقتل واعتقال السنوار، لأنها تعرف ثقل الرجل في الميادين العسكرية والسياسية. وحقيقة هنالك عشرات الأدلة على أن السنوار اغتال «إسرائيل»، ومنها ثناء «حنان غيفن» قائد الوحدة 8200 الاستخبارية «الإسرائيلية» سابقا على السنوار، وعلى قدرته على تضليل «إسرائيل» وضمان سرية هجوم السابع من أكتوبر. وتصريح «دفير كريب»، المسؤول السابق بجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) الصهيوني، بأن على «إسرائيل التفكير جيدا، لا الفرح، بعد مقتل السنوار»!. وكذلك التصريح الخطير والجريء لمحرر الشؤون الفلسطينية لقناة «كان» العبرية «أليئور ليفي» بأن السنوار «أصبح أسطورة، واغتياله لن يغيّر من ذلك شيئاً، ونحن كإسرائيليين نجد صعوبة في فهم حماس»!. وبينت صحيفة الغارديان البريطانية «بأنه، ورغم كل التكنولوجيا الإسرائيلية، قضى السنوار في اشتباك مباشر»!، وذكر الممثل الأمريكي «دان بيلزيريان» في منشور على منصة إكس: كل مَن يقاتل الإرهابيين «الإسرائيليين» بطل، السنوار بطل ومقاتل من أجل الحرية، «ارقد بسلام يا السنوار إرثك باق يا صديقنا». وأدى «إريك وارسو»، وهو جندي أمريكي سابق وصانع محتوى، التحية العسكرية للسنوار أثنى عليه ثناءً بديعاً يستحقه القادة الأبطال. وقد صدقت حماس في نعيها للسنوار: «ارتقى بطلاً شهيداً، مقبلاً غير مُدبر، مُمْتَشقاً سلاحه، مشتبكاً ومواجهاً لجيش الاحتلال، يتنقل بين كل المواقع القتالية صامداً مرابطاً ثابتاً على الأرض». ولا يفوتنا هنا أن نقف بإجلال واحترام وفخر أمام صورة السنوار الشهيد بعد أن حمل أربعة من الجنود الصهاينة، رغما عنهم، جثمانه على أكتافهم، وكأن الأقدار تريد أن تنحت هذه الصورة لشهيد نادر في ذاكرة الأجيال. وهكذا يبدو أن السنوار هو الذي اغتال «إسرائيل» عسكريا ومعنويا، وستبقى صورته خالدة وهو يقاوم الطائرة المسيّرة بالعصا مثلما خلد التاريخ بطولات عبد القادر الحسيني، وعمر المختار، وأحمد ياسين وغيرهم من رجال البطولة والمقاومة والسلام. رحمة الله عليك يا أيها السنوار المغوار، وهنيئا لك الشجاعة والثبات، وهذه الحقيقة نقلها الصهاينة قبل غيرهم، وقد أثبتوا للعالم شجاعتك وجهادك حتى الرمق الأخير.
1830
| 21 أكتوبر 2024
«المقاومة» كلمة لها نصيب من اسمها، فهي تملأ النفس بالتحدي والثبات والقدرة على مواجهة الصعاب وتغافل الخوف والتردد والتضحيات. وهنالك الكثير من المفردات المرادفة لكلمة «المقاومة» ومنها النضال، والكفاح، والمعارضة، والممانعة، والمجابهة، والمدافعة، والمنافحة والجهاد، والقتال، والصراع وغيرها. وجميعها تعني الوقوف بوجه القوى المحتلة والظالمة والغاشمة السارقة للأوطان، والقاتلة للإنسان، والساحقة للحقوق. وكلمة المقاومة، وأخواتها، مفردة ملاصقة للحياة والموت في ذات الوقت، وهي سبيل للتحرير من المحتل والقوى الشريرة وبهذا فهي خطوة، أو ضرورة لترتيب الحياة، وربما تكون بداية للغدر والقتل والموت على يد القوى المحتلة الخبيثة. ومن يقرأ تاريخ المقاومة العربية الحديث سيقف طويلا أمام بطولات ومواقف ناصعة، سطر فيها الرجال والنساء عشرات المواقف الصلبة القاهرة للمحتل. ولا يمكن تغافل المقاومة الجزائرية التي ضحت بمليون شهيد في نضالها ضد المحتل الفرنسي، والمقاومة الليبية التي وقفت ببسالة ضد الهمجية السقيمة للمحتل الإيطالي. وذات الموقف سطره الشعب المصري بوجه الاحتلال البريطاني، والشعب العراقي في مقارعة المحتل البريطاني أيضا. ولاحقا صرنا أمام مقاومة يصعب وصفها لأنها صدقا مقاومة نادرة وهي التي تقارع المحتل منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى الساعة، وهي المقاومة الفلسطينية النادرة. وتلتها المقاومة العراقية التي وقفت بوجه الاحتلال الأمريكي في عام 2003 وأرغمته على توقيع اتفاقية الانسحاب نهاية عام 2011. والانتصار ثمرة لعملية تنظيمية دقيقة ومخطط لها بعناية، قائمة على اكتساب العلوم العسكرية والتكنولوجية والمدعومة بتحركات سياسية داخلية وخارجية، والأهم من كل ذلك توعية شعبية بضرورة وأهمية المقاومة وصولا للأهداف المرجوة والنصر على القوى المريضة المحتلة والظالمة. وهذه جميعها لا تكون إلا بإعلام رصين ودقيق قادر على توعية الشعوب، وإضاءة الطريق في داخل مدن المقاومة وخارجها. ولا يمكن تجاهل دور المثقفين والبنى الثقافية والأدوات الإعلامية في دعم المقاومة وانتصارها، وكذلك ربما مساهمتهم المسمومة في كسر المقاومة وخذلانها. وينبغي التحذير هنا من عوامل الخلل الذاتية الكامنة في بعض الكيانات المقاومة وضرورة معالجتها، وبالذات أمراض النفوس، ونشر الوسواس السياسي والميداني في الأرجاء وغيرها من الأمراض التي قد تهزم المقاومة من داخلها. إن المقاومين اختاروا لأنفسهم طريق الأرواح المليئة بالأمل، والخالية من القنوط، وطريق العاملين الأقوياء والخالي من القاعدين الضعفاء، وطريق الصارخين بالحق والرجولة، والخالي من الصامتين الخانعين وهذه جميعها قيم ومبادئ رصينة لتصميم النصر وتحقيقه وتعمير الأوطان والعيش في أرض حرة كريمة. ونحن هنا لا نتكلم بالعاطفة حينما نصف المعارك الرجولية في غزة، بل نكتب بمداد دمائنا وقلوبنا وأنفسنا الخجلة من تضحيات الفلسطينيين والغزيين على وجه الخصوص. فهل هنالك شعب على وجه المعمورة، وخصوصا في زمن الميوعة والتراخي والتنعم بالخيرات، يمكن أن يصبر مثلما صبر أهالي غزة؟ وهل أهل غزة يعيشون معنا على هذا الكوكب المليء بالخنوع والرعب والخوف، أم أنهم من كوكب آخر، وبالذات ونحن نتابع الأخبار عبر المحطات التلفزيونية الناقلة لتضحياتهم الخيالية، وصبرهم المذهل، رغم حجم الخسائر وقسوة العدو، وكأننا نتابع أخبار مدينة من كوكب آخر، وكأن بيننا وبينها مئات الأميال؟. غزة شبه المدمرة حاليا، وقد شرد أكثر من مليون ونصف المليون من سكانها، واستشهد أكثر من 42 ألفا، وقدمت عشرات آلاف الجرحى، ولكنها ترفض الاستسلام. هي المقاومة الفلسطينية التي يحق لنا أن نفتخر بها، وبصمود أهلها، وأرى أن أهل غزة وحدهم مَن يملكون الحق في تقييم قيادة مقاومتهم لأنهم ارتضوا لأنفسهم السير معها إما في طريق الحياة والتحرير أو الشهادة والتحرير.
1068
| 14 أكتوبر 2024
هنالك مفردات مركبة حديثة نحتت في الذاكرة الإنسانية ولا يمكن نسيانها بسهولة، وبمجرد أن تذكر يذهب العقل مباشرة لتفاصيلها وأحداثها. ومن هذه المفردات: حرب الخليج الأولى، والغزو العراقي للكويت، والحادي عشر من سبتمبر، وحرب الخليج الثالثة، والثورة السورية، وطوفان الأقصى، وغيرها من المفردات التي لا يسع المجال لذكرها في العالم ودولنا العربية على وجه التحديد. والطوفان، كما في القواميس العربية، يقال: «حطُوفَانٌ - [ط و ف]. «غَمَرَ الطُّوفَانُ كُلَّ البِقَاعِ»: الفَيَضَانُ العَظِيمُ. وجاء في موسوعة المصطلحات الإسلامية «ويطلق الطوفان على كل ما كان عظيما كثيرا يحيط بالأشياء ويشملها، من ذلك: الموت العام؛ لما فيه من إهلاك للجميع، ويطلق مصطلح (الطوفان) أيضا في باب الإيمان بالرسل ويراد به طوفان نوح عليه السلام وهو: (فيضان عظيم حصل بسبب طغيان قومه وفسادهم في الأرض). وعسكريا حينما تذكر اليوم مفردة «طوفان الأقصى» يذهب الفكر إلى عملية «طوفان الأقصى»، وهي عملية رجولية فلسطينية انطلقت من قطاع غزة، واستهدفت البلدات الصهيونية الملاصقة للقطاع! وامتازت تلك العملية بالدقة العالية، والتوقيت المدروس، والجرأة النادرة، والسرعة الفائقة، والتنظيم العملياتي، والثبات بعد الاقتحام! وقد وقعت العملية في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ولهذا هنالك من يسميها عملية السابع من أكتوبر، وبالمقابل، وللتغطية على فشلها الأمني يسميها الصهاينة «عملية السيوف الحديدية»! والعملية نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر، وكانت بقيادة كتائب عز الدين القسام، المعروفة إعلاميا باسم كتاب القسام، وشارك معها العديد من حركات المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حركة الجهاد، والجبهة الديمقراطية، والجبهة الشعبية وغيرها من المنظمات والحركات فضلا عن عموم أهالي غزة الأخيار! ونحن لا نريد أن ندخل في سردية الخسائر الصهيونية في معركة الطوفان لأنها وبموجب ميزان القوى لا يمكن أن تكون متكافئة مع تضحيات المقاومة الفلسطينية! ولكن الثابت أن الكيان الصهيوني غير الشرعي كيان زرع في قلب الأمة العربية ومدعوم حتى اليوم من الولايات المتحدة وغالبية الدول الأوروبية، ومع ذلك، ورغم كل الدعم والسعي لكسر المقاومة الفلسطينية، سياسيا وإعلاميا ومعنويا، صمدت واستمر صمودها لأكثر من عام! اليوم، ونحن نعيش في السابع من أكتوبر 2024 يحق لنا أن نحتفل بمرور عام من الصبر والبطولة والتضحيات والقدرة على المطاولة في الميدان! اليوم وبعد عام من الضربات الصهيونية التي ارتكب فيها العدو مئات المجازر بحق المدنيين نجد أن كتائب القسام تدك تل أبيب بصواريخها، وأجبرت صفارات الإنذار الصهيوني على أن تدوي في المستعمرات الصهيونية! وفي كل ساعة من أشهر المقاومة تعلن سرايا القدس عن عملية جديدة في المواجهات مع العدو، وآخر تلك العمليات استهدافهم بقذيفة «تاندوم دبابة ميركافا الإسرائيلية» وسط مخيم جباليا شمالي غزة. وبعد عام من الطوفان ذكر موقع «والا الإسرائيلي» بأن تقديرات أجهزة الأمن «الإسرائيلية» تؤكد أن «حماس» لا تزال تمتلك مئات الصواريخ وتسعى لترميم خطوط التصنيع. عام من التكتيك الذي أذهل العدو وتمكن خلاله رجال المقاومة من تضييع أثر العشرات من الأسرى الصهاينة تحت الأرض في ملحمة الأنفاق التي أذهلت دول العالم من حيث التنظيم والتخطيط تحت الأرض! «طوفان الأقصى» زرع الثقة بالنفس في قدرتها على مواجهة آلة الحرب الصهيونية! «طوفان الأقصى» أعاد للأمة هيبتها! «طوفان الأقصى» أظهر الأنقياء والخبثاء، وفرز الصديق ونقى الصفوف من الخونة والعملاء! «طوفان الأقصى» أثبت بأن الرجولة تحقق المستحيل رغم الترسانات العسكرية! تحية لرجال الأقصى ولأهل فلسطين وغزة ولكل من ناصرهم ولو بالكلمة! لنحتفل بغزة وبطولاتها!
444
| 08 أكتوبر 2024
يبدو أن الأجواء «البوليسية والدكتاتورية» في غالبية الدول والمؤسسات والكيانات السياسية والشرعية والإنسانية دفعت بعض الأصدقاء والكرام ليؤكدوا بأن المقال الأخير «لنتقبل الانتقاد!»، والذي نشر في صحيفة الشرق القطرية الغراء الأسبوع الماضي، كان مهما وواقعيا جدا. والتفاعل مع المقالات، وبالذات من النخب السياسية والعلمية والثقافية الحقيقية، من أهم دواعي الغبطة والسرور لأي كاتب. وبخصوص مقالي الأخير فقد وصلتني ملاحظة قيمة من أستاذين جليلين تشير إلى الفرق بين «النقد والانتقاد». ونحن لا نريد أن نركب موجة الدكتاتورية المؤسساتية والرسمية والشخصية بل سنتعامل بأريحية وقبول للرأي الآخر، ونحاول تسليط الضوء على مفردتي «النقد والانتقاد» بشكل مختصر وشفاف. يبدو أن سبب الخلط أو اللبس القائم بين «النقد والانتقاد» يعود لتشاركهما في جذر الكلمة. وبخصوص الفعل (نَقَدَ): «النون، والقاف، والدال» أصل صحيح يدل على إبراز شيء وبُروزه. وجاء في المعجم الوسيط: نَقَدَ الشيءَ نَقْدًا: نقره ليميّز جَيِّده من رديئه. ويُقال: نقَد الشِّعْرَ: أَظهر ما فيه من عيْب أَو حُسْن، وبهذا فإن النقد يذكر العيوب والمحاسن معا. أما الانْتِقَاد فهو من الجذر (نقد) أيضا، ويقال: انتقَدَ الشِّعْر: أَظهرَ عَيْبَه، ولكن جاء في المعجم الوسيط: «فلانٌ ينقُد النَّاسَ: يعيبُهم ويغتابُهم»، «والنقد» بهذا المعنى مشابه لمعنى «الانتقاد». وجاء في «المنجد في اللغة العربية المعاصرة»: «انتقادي: الذي يكون هدفُه التَّمْييز بين المَحاسِن والمَساوِئ في مُؤلف أَدبي أو فني». وبهذا فإن «النقد والانتقاد» يشيران لذات المعنى في بعض القواميس، ولذلك جاء الخلط بينهما. ومع ذلك يبدو أن الأدق، وفقا لبعض القواميس والدارج هو أن «النقد» يُرَكّز على الإيجابيات والسلبيات، بحيادية، بينما «الانتقاد» فعل يقتنص الأخطاء ونقاط الخلل دون محاولة النصح والتصويب. وبهذا يظهر الفرق والتلاحم بين «النقد والانتقاد». وفي كل الأحوال ينبغي التركيز على الغاية من «النقد والانتقاد» بعيدا عن الاختلاف في القواميس العربية، وهي العمل على تقويم الاعوجاج، والتحذير من الآفات والأفكار السقيمة. ثم مَن يملك حق النقد؟ وهل النقد قضية مزاجية وعشوائية وفوضوية، أم مسألة علمية ومنظمة ومرتبة؟ أرى أن النقد «حق» لأصحاب الرأي الرصين، والعقل الفهيم، والنضال الأصيل، والتضحيات الواضحة، ويكون ممَن يُسْمع كلامهم، وبأسلوب محترم، بعيدا عن السب والشتم والتجريح والطعن بالأعراض والأنساب، وتناسي النضال والمواقف السابقة، وبشرط أن يهدف «النقد» لتحقيق غايات عامة، وليس لمصالح شخصية ضيقة. ويفترض بالمُنْتَقدين ألا ينقادوا وراء شهوة الانتقام، والسعي لمجرد «النقد» دون العمل للتصحيح، ولبناء أرضية مشتركة خالية من أسباب التشرذم والاختلاف، والتناحر، والحسد وغيرها من أمراض المؤسسات والنفوس البشرية. عموما فإن المراد من المقال ليس تصيد الأخطاء والبحث عن الهفوات، وهذه من الأخلاق المعيبة التي يفترض الابتعاد عنها من جميع الناس فضلا عن العاملين في السياسة والإعلام، بل الغاية الجوهرية النصح والتقويم. وهنا نقول إن الأخطاء جزء من مسيرة أي عمل بشري، ولا يمكن تَصوّر جهد إنساني خاليا من العيوب والهفوات، وبالتالي نحن نتحدث عن ضرورة تقبل النقد البناء، الهادف لتقويم عمل الحكومات والمؤسسات والمنظمات وصولا لمرحلة تحقيق الأهداف المرجوة خدمة للمجتمع والدولة. إن تقبل النقد ضروري جدا في استمرار العمل السليم لبناء الدولة وترشيد الجهود بمختلف القطاعات الإنسانية والسياسية، ومَن يظن أن النقد حالة مرضية فهو فيه «خيط من الدكتاتورية». هي دعوة نقية وصافية لكل المسؤولين بأن يتقبلوا التشاور والنصح والنقد، وألا يركبوا مركب الدكتاتورية القاتل لأن التجارب أثبتت أن القيادات الدكتاتورية، الرسمية والشعبية، مصيرها الذبول والضياع.
1542
| 01 أكتوبر 2024
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4095
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1734
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1587
| 02 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1410
| 06 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
1272
| 07 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1158
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1149
| 03 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
891
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
651
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
606
| 04 ديسمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
555
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية